معجم البلدان - ج ٤

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٤

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠١

مكة طريق يخرجون إليه من واسط فينزلون العيون وهي صماخ وأدم ومشرّجة. والعيون : مدينة بالأندلس من أعمال لبلة يقال لها جبل العيون ، وبالبحرين موضع يقال له العيون ، ينسب إليه شاعر قدم الموصل وأنا بها واسمه علي بن المقرب بن الحسن ابن عزيز بن ضبّار بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم العيوني البحراني ، لقيته بالموصل في سنة ٦١٧ ، وقد مدح بها بدر الدين وغيره من الأعيان ونفق فأرفدوه وأكرموه ، ومن شعره من قصيدة في بدر الدين صاحب الموصل :

حطّوا الرّحال فقد أودت بها الرّحل

ما كلّفت سيرها خيل ولا إبل

بلغتم الغاية القصوى فحسبكم

هذا الذي بعلاه يضرب المثل!

وليست بالطائل عندي.

عَيْهَمٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح الهاء ، والعيهم : الناقة السريعة والبعير الذي أنضاه السير ، شبّهت الدار في دروسها به ، ويقال للفيل الذكر عيهم أيضا : وهو موضع بالغور من تهامة ، قال :

وللشآمين طريق المشيم

وللعراق في ثنايا عيهم

قال ابن الفقيه : عيهم جبل بنجد على طريق اليمامة إلى مكة ، قال جابر بن حنيّ التغلبي :

ألا يا لقومي للجديد المصرّم

وللحلم ، بعد الزّلّة ، المتوهّم

وللمرء يعتاد الصبابة بعد ما

أتى دونها ما فرط حول مجرّم

فيا دار سلمى بالصريمة فاللوى

إلى مدفع القيقاء فالمتثلم

أقامت بها بالصيف ثم تذكرت

منازلها بين الجواء فعيهم

قال ابن السكيت في قول عمرو بن الأهتم :

فنحن كررنا خلفكم إذ كررتم ،

ونحن حملنا كلّكم يوم عيهما

عَيْهُومُ : بالفتح أيضا ، ومعناه معنى الذي قبله ، وقيل : العيهوم الأديم الأملس ، قال أبو دؤاد :

فتعفّت بعد الرباب زمانا

فهي قفر كأنها عيهوم

وهو اسم موضع ، عن العمراني ، والله الموفق للصواب.

١٨١

غ

باب الغين والألف وما يليهما

غابٌ : آخره باء موحدة ، والغاب في اللغة الأجمة : وهو موضع باليمن.

غابر : حصن باليمن أظنه من أعمال صنعاء.

غابَةُ : مثل الذي قبله وزيادة هاء ، قال الهوازني : الغابة الوطأة من الأرض التي دونها شرفة وهو الوهدة ، وقال أبو جابر الأسدي : الغابة الجمع من الناس ، والغابة الشجر الملتفّ الذي ليس بمرتوب لاحتطاب الناس ومنافعهم : وهو موضع قرب المدينة من ناحية الشام فيه أموال لأهل المدينة ، وهو المذكور في حديث السباق : من الغابة إلى موضع كذا ومن أثل الغابة ، وفي تركة الزبير اشتراها بمائة وسبعين ألفا وبيعت في تركته بألف ألف وستمائة ألف ، وقد صحّفه بعضهم فقال الغاية ، وقال الواقدي : الغابة بريد من المدينة على طريق الشام وصنع منبر رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، من طرفاء الغابة ، وروى محمد بن الضحاك عن أبيه قال : كان العباس ابن عبد المطلب يقف على سلع فينادي غلمانه وهم بالغابة فيسمعهم وذاك من آخر الليل ، وبين سلع والغابة ثمانية أميال ، وقال محمد بن موسى الحازمي : من مهاجرة رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، إلى أن غزا الغابة وهي غزاة ذي قرد ووفدت السباع على النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، أن يفرض لها ما تأكل خمس سنين وأربعة أشهر وأربعة أيام.

والغابة أيضا : قرية بالبحرين.

غَادَةُ : بالدال المهملة ، بلفظ الغادة من النساء وهي الناعمة الليّنة : اسم موضع في شعر الهذليين : ....

كأنهم بغادة فتخاء الجناح تحوم

الغَارُ : آخره راء ، نبات طيب الرائحة على الوقود ومنه السوس ، والغار من الفم نطعاه في الحنكين ، والغار مغارة في الجبل كأنه سرب ، والغار : لغة في الغيرة ، والغار : الجماعة من الناس ، والغاران : فم الإنسان وفرجه ، والغار الذي كان النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، يتحنث فيه قبل النبوة : غار في جبل حراء ، وقد مرّ ذكر حراء ، والغار الذي أوى إليه هو وأبو بكر ، رضي الله عنه : في جبل ثور بمكة. وذات الغار : بئر عذبة كثيرة الماء

١٨٢

من ناحية السّوارقية على نحو ثلاثة فراسخ منها ، قال الكندي قال غزيرة بن قطاب السلمي :

لقد رعتموني يوم ذي الغار روعة

بأخبار سوء دونهن مشيبي

وغار الكنز : موضع في جبل أبي قبيس دفن فيه آدم كتبه فيما زعموا. وغار المعرّة : في جبل نساح بأرض اليمامة لبني جشم بن الحارث بن لؤيّ ، عن الحفصي.

الغَاضِرِيّةُ : بعد الألف ضاد معجمة ، منسوبة إلى غاضرة من بني أسد : وهي قرية من نواحي الكوفة قريبة من كربلاء.

غَافِطُ : بعد الألف فاء مكسورة ، وطاء مهملة ، علم مرتجل مهمل الاستعمال في دار العرب : وهو اسم موضع ، عن الأديبي.

غَافٌ : آخره فاء ، قال أبو زيد : الغاف شجرة من العضاه ، الواحدة غافة ، وهي شجرة نحو القرظ شاكة حجازية تنبت في القفاف ، وقال صاحب العين :

الغاف ينبوت عظام كالشجر يكون بعمان ، الواحدة غافة : وهو اسم موضع بعمان سمّي به لكثرته فيه ، قال عبيد الله بن الحرّ :

جعلت قصور الأزد ما بين منبج

إلى الغاف من وادي عمان المصوّب

بلادا نفت عنها العدوّ سيوفنا

وصفرة عنها نازح الدار أجنب

يريد بصفرة أبا المهلّب بن أبي صفرة ، وقال مالك ابن الريب :

من الرمل رمل الحوش أو غاف راسب ،

وعهدي برمل الحوش وهو بعيد

وقال الفرزدق وكان المهلب حجبه :

فان تغلق الأبواب دوني وتحتجب

فما لي من أمّ بغاف ولا أب

ولكنّ أهل القريتين عشيرتي

وليسوا بواد من عمان مصوّب

ولما رأيت الأزد تهفو لحاهم

حوالي مزونيّ لئيم المركّب

مقلّدة بعد القلوس أعنّة

عجبت ومن يسمع بذلك يعجب

وقال في أخرى ذكرت في خارك :

ولو ردّ المهلّب حيث ضمّت

عليه الغاف أرض بني صفار

غَافِرٌ : بطن غافر : موضع ، عن نصر.

غَافِقٌ : الغفق : القدوم من سفر أو الهجوم على الشيء بغتة ، وغافق : حصن بالأندلس من أعمال فحص البلوط ، منها أبو الحسن عليّ بن محمد بن الحبيب بن الشماخ الغافقي ، روى عن أبيه والقاضي أبي عبد الله ابن السباط وغيرهما ، وكان من أهل النبل ، وتولى الأحكام ببلدة غافق مدة طويلة قدر خمس وستين سنة ، ومات سنة ٥٠٣.

غافِل : من الغفلة ، بعد الألف فاء : اسم موضع.

غالِبٌ : موضع بالحجاز ، قال كثير :

فدع عنك سلمى إذ أتى النأي دونها

وحلّت بأكناف الخبيت فغالب

إلى الأبيض الجعد ابن عاتكة الذي

له فضل ملك في البريّة غالب

الغامِرِيّةُ : قرية في أرض بابل قرب حلة بني مزيد ، منها كان أبو الفتح بن جيّاء الكاتب الشاعر.

غامِيَةُ : من قرى حمص ، قال القاضي عبد الصمد بن سعيد في تاريخ حمص : دخل أبو هريرة حمص مجتازا

١٨٣

حتى صار إلى غامية ونزل بها فلم يضيّفوه فارتحل عنهم فقالوا : يا أبا هريرة لم ارتحلت عنّا؟ قال : لأنكم لم تضيفوني ، فقالوا : ما عرفناك ، فقال : إنما تضيفون من تعرفونه! قالوا : نعم ، فارتحل عنهم.

غَانِظٌ : بعد الألف نون ، وآخره ظاء معجمة ، والغنظ الهمّ اللازم والكرب ، وذكر عمر بن عبد العزيز الموت فقال : غنظ ليس كالغنظ وكظّ ليس كالكظّ : وهو اسم موضع في نونيّة لابن مقبل.

غَانْفَر : بعد الألف نون بالتقاء الساكنين ثم فاء مفتوحة ، وآخره راء : وهي محلة كبيرة بسمرقند.

غَانْمَاباذ : كأنه عمارة غانم : قلعة في الجبال في جهة نهاوند.

غَانٌ : إن كان منقولا عن الفعل الماضي من قولهم : غانت نفسه تغين إذا غثت وإلا فلا أدري ما هو : وهو واد باليمن يقال له ذوغان.

غانَةُ : بعد الألف نون ، كلمة عجمية لا أعرف لها مشاركا من العربية : وهي مدينة كبيرة في جنوبي بلاد المغرب متصلة ببلاد السودان يجتمع إليها التجار ومنها يدخل في المفازات إلى بلاد التبر ولولاها لتعذّر الدخول إليهم لأنها في موضع منقطع عن الغرب عند بلاد السودان فمنها يتزوّدون إليها ، وقد ذكرت القصة في ذلك في التبر.

غَاوَةُ : لا أعرف اشتقاقه : وهو اسم جبل ، وقيل : قرية بالشام ، وقال ابن السكيت : قرية قرب حلب ، وقال المتلمّس يخاطب عمرو بن هند :

فإذا حللت ودون بيتي غاوة

فأبرق بأرضك ما بدا لك وارعد

غَائِطُ بني يزيد : نخل وروض باليمامة ، عن ابي حفصة. والغائط : موضع فيه نخل في الرمل لبني نمير.

باب الغين والباء وما يليهما

غَبَاءُ : بالفتح ، والمد : موضع بالشام ، قال عديّ بن الرقاع :

لمن المنازل أقفرت بغباء ،

لو شئت هيّجت الغداة بكائي

الغُبَارَاتُ : جمع غبارة ، وهو القطعة من الغبار : اسم موضع.

الغُبَارَةُ : كأنه اسم للقطعة من الغبار : ماءة لبني عبس ببطن الرّمّة قرب أبانين في موضع يقال له الخيمة ، وفي كتاب نصر : الغبارة ماءة إلى جنب قرن التّوباذ في بلاد محارب.

الغُبَارَى : طلح الغبارى : في الجبلين لبني سنبس ، قال زيد الخيل :

وحلّت سنبس طلح الغبارى

وقد رغبت بنصر بني لبيد

غَبَاغِبُ : جمع غبغب ، وهو الغبب المتدلّي في رقاب البقر والشاء ، وللديك أيضا غبغب : وهي قرية في أول عمل حوران من نواحي دمشق بينهما ستة فراسخ ، قال الحافظ أبو القاسم : عبد الله بن أحمد ابن محمد بن إبراهيم بن الليث بن شعبة بن البحتري ابن إبراهيم بن زياد بن الليث بن شعبة بن فراص بن جالس أبو القاسم ويقال أبو محمد التميمي المعلّم الغباغبي ، حدث عن الحسن بن يزيد القطّان وضرار ابن سهل الضراري ويحيى بن إسحاق بن سافري ، روى عنه عبد الوهاب الكلابي ، وكان كذّابا ، قال أبو الحسن الرازي : أبو القاسم الغباغبي كان معلّما على باب الجابية ، سمعت منه ، ومات سنة ٥٢٥.

١٨٤

غُبٌّ : بالضم ، بلد بحريّ تنسب إليه الثياب الغبّيّة ، وهي خفاف رقاق من قطن ، عن نصر.

غَبَبٌ : يضاف إليه ذو فيقال ذو غبب : من نواحي ذمار. وهجرة ذي غبب : قرية أخرى.

الغَبْرَاء : بالمدّ ، وهي من الأرض الحمراء ، والغبراء : الأرض نفسها ، والوطأة الغبراء : الدارسة ، والغبراء : من قرى اليمامة بها بنو الحارث بن مسلمة بن عبيد لم تدخل في صلح خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، أيام مسيلمة الكذّاب ، قال الشاعر :

يا هل بصوت وبالغبراء من أحد

وقال أبو محمد الأسود : الغبراء أرض لبني امرئ القيس من أرض اليمامة ، قال قيس بن يزيد السعدي :

ألا ابلغ بني الحرّان أن قد حويتم

بغبراء نهبا فيه صمّاء مؤيد

ألم يك بالسّكن الذي صفت ظلّة

وفي الحيّ عنهم بالزّعيقاء مقعد

وغبراء الخبيبة في شعر عبيد بن الأبرص حيث قال :

أمن منزل عاف ومن رسم أطلال

بكيت ، وهل يبكي من الشوق أمثالي؟

ديارهم إذ هم جميع ، فأصبحت

بسابس إلّا الوحش في البلد الخالي

فان يك غبراء الخبيبة أصبحت

خلت منهم واستبدلت غير ابدال

فقدما أرى الحيّ الجميع بغبطة

بها ، والليالي لا تدوم على حال

الغَبَرُ : بفتح أوله وثانيه ثم راء ، والغبر : انتقاض الجرح بعد الالتئام ، ومنه ضمّاء الغبر : الداهية ، والغبر : البقاء ، وقيل : الغبر أن يبرأ ظاهر الجرح وباطنه دو ، والغبر : داء في باطن خفّ البعير ، والغبر : الماء القليل ، والغبر : آخر محالّ سلمى بجانب جبل طيّء وبه نخل ومياه تجري أبدا ، قال بعضهم :

لما بدا ركن الجبيل والغبر

والغمر الموفي على صدّى سفر

غُبَرُ : بوزن زفر ، يجوز أن يكون معدولا عن الغابر وهو الباقي ، والغابر : الماضي ، ووادي غبر : عند حجر ثمود بين المدينة والشام. وغبر أيضا : موضع في بطيحة كبيرة متصلة بالبطائح.

الغَبِرَةُ : بكسر الباء : من قرى عثّر من جهة اليمن.

الغَبْغَبُ : بتكرير الغين المعجمة والباء الموحدة ، وهو لغة في الغبب المتدلي في عنق البقر وغيره ، والغبغب المنحر بمنى : وهو جبيل ، وقيل : كان لمعتب بن قيس بيت يقال له غبغب كانوا يحجّون إليه كما يحجّون إلى البيت الشريف ، وقيل : الغبغب هو الموضع الذي كان ينحر فيه للات والعزّى بالطائف وخزانة ما يهدى إليهما بها ، وقيل : هو بيت كان لمناف وهو صنم كان مستقبل الركن الأسود وله غبغبان أسودان من حجارة تذبح بينهما الذبائح ، والغبغب : حجر ينصب بين يدي الصنم كان لمناف مستقبل ركن الحجر الأسود مثل الحجر الذي ينصب عند الميل ، منه إلى المدينة ثلاثة فراسخ ، قال أبو المنذر : وكان للعزى منحر ينحرون فيه هداياهم يقال له الغبغب ، فله يقول الهذلي يهجو رجلا تزوّج امرأة جميلة يقال لها أسماء :

لقد نكحت أسماء لحي بقيرة

من الأدم أهداها امرؤ من بني غنم

رأى قذعا في عينها ، إذ يسوقها

إلى غبغب العزّى ، فوضّع بالقسم

١٨٥

وكانوا يقسمون لحوم هداياهم فيمن حضرها وكان عندها ، فلغبغب يقول نهيكة الفزاري لعامر بن الطفيل :

يا عام لو قدرت عليك رماحنا ،

والراقصات إلى منى بالغبغب

للمست بالرّصعاء طعنة فاتك

حرّان أو لثويت غير محسّب

وله يقول قيس بن منقذ بن عبيد بن ضاطر بن حبشيّة ابن سلول الخزاعي ولدته امرأة من بني حداد من كنانة ، وناس يجعلونها من حداد محارب ، وهو قيس بن الحدادية الخزاعي :

تكسّا ببيت الله أوّل خلقه

وإلا فأنصاب يسرن بغبغب

يسرن : يرتفعن.

غُبَيْب : لفظ تصغير الغبب الكائن في العنق للبقر وغيره ، وتصغير الغبّ وهو أن تشرب الإبل يوما وتترك يوما ، وغبّ اللحم إذا أنتن ، فان كان منه فهو تصغير الترخيم لأن اللحم غاب ، وغبيب : ناحية باليمامة لها ذكر في شعرهم.

غُبَيرٌ : بلفظ التصغير أيضا ، يجوز أن يكون تصغير الغبار تصغير الترخيم أو تصغير الغابر وهو الماضي والباقي ، دارة غبير : لبني الأضبط من بني كلاب في ديارهم وهو بنجد. والغبير أيضا : ماء لمحارب بن خصفة ، كلاهما عن نصر.

الغَبِيرُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، فعيل من الغبرة أو الغابر : وهو ماء لبني محارب ، قال شبيب بن البرصاء :

ألم تر أنّ الحيّ فرّق بينهم

نوى بين صحراء الغبير لجوج؟

عن العمراني ، ولعلّه الذي قبله.

الغَبِيطان : تثنية الغبيط وهو من مراكب النساء يقتب بشجار ويكون للحرائر دون الإماء ، ويوم الغبيطين : من أيامهم أسر فيه هانئ بن قبيصة الشيباني ، أسره وديعة بن أوس بن مرثد التميمي ، وفيه يقول شاعرهم :

حوت هانئا يوم الغبيطين خيلنا ،

وأدركن بسطاما وهنّ شوازب

هكذا ذكره أبو أحمد العسكري فجعل يوم الغبيطين غير يوم الغبيط ولا أبعد أن يكونا واحدا لأنهم يكثرون في الشعر اسم الموضع بلفظ الاثنين كقولهم رامتان وعمايتان وأمثالهما.

الغَبِيطُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، كأنه فعيل من الغبطة وهو حسن الحال ، أو من الغبط وهو قريب من الحسد عند بعضهم ، وبعضهم فرّق فقال : الحسد أن يتمنى المرء انتقال نعمة المحسود إليه والغبط أن يتمنى أن يكون له مثلها ، والغبيط : من مراكب النساء الحرائر ، والغبيط : اسم واد ، ومنه صحراء الغبيط في كتاب ابن السكيت في قول امرئ القيس :

وألقى بصحراء الغبيط بعاعه :

نزول اليماني ذي العياب المحمّل

قال : الغبيط أرض لبني يربوع ، وسميت الغبيط لأن وسطها منخفض وطرفها مرتفع كهيئة الغبيط وهو الرحل اللطيف ، وفي كتاب نصر : وفي حزن بني يربوع وهو قف غليظ مسيرة ثلاث في مثلها وهو بين الكوفة وفيد أودية منها الغبيط وإياد وذو طلوح وذو كريت ، ويوم الغبيط من أفضل أيامهم ويقال له يوم غبيط المدرة وغبيط الفردوس : وهو في ديار بني يربوع يوم لبني يربوع دون مجاشع ، قال جرير :

١٨٦

ولا شهدت يوم الغبيط مجاشع

ولا نقلان الخيل من قلّتي نسر

وهذا اليوم الذي أسر فيه عتيبة بن الحارث بن شهاب اليربوعي بسطام بن قيس ففدى نفسه بأربعمائة ناقة ثم أطلقه وجزّ ناصيته ، فقال الشاعر :

رجعن بهانىء وأصبن بشرا

وبسطام يعضّ به القيود

وقد ذكر في يوم العظالى ، وقال لبيد بن ربيعة :

فإنّ امرأ يرجو الفلاح ، وقد رأى

سواما وحيّا بالأفاقة ، جاهل

غداة غدوا منها وآزر سربهم

مواكب ، تحدى بالغبيط ، وجامل

غَبْيَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وياء مثناة من تحت مفتوحة ، وهي الدّفعة من المطر ، وغبية التراب : ما سطع منه ، وغبية ذي طريف : موضع.

باب الغين والثاء وما يليهما

الغَثَاةُ : قرية من حوران من أعمال دمشق ، منها عبد الله بن خليفة بن ماجد أبو محمد الغثوي النجار ، سمع أبا الفضل أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن بندار الكرندي ، قال الحافظ أبو القاسم : سمعت منه شيئا يسيرا وكان رجلا مستورا لم يكن الحديث من صنعته ، وكان ملازما لحلقتي فسمع الحديث إلى أن مات ، روى عنه الحافظ وابنه القاسم أيضا.

غُثَثٌ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ثم ثاء أخرى ، وهو جمع غثّة ، يقال : اغتثّت الخيل واغتفّت إذا أصابت شيئا من الربيع ، وهي الغثّة والغفّة ، والغث : الرديء من كلّ شيء ، وذو غثث : ماء لغنيّ ، عن الأصمعي ، وقال أبو بكر بن موسى : ذو غثث جبل بحمى ضرية تخرج سيول التسرير منه ومن نضاد.

باب الغين والجيم وما يليهما

غُجْدُوانُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وضم الدال ، وآخره نون : من قرى بخارى.

غُجْسَاجُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ثم سين مهملة ، وآخره جيم : موضع عجمي لأن الغين والجيم قلّما يجتمعان في كلمة ، قال الخليل : الغين والجيم لا يجتمعان إلا مع اللام والنون والباء والميم ، ثم ذكر خمسة ألفاظ فقط : غلج وغنج وجغب ومغج وغبج.

باب الغين والدال وما يليهما

غَدَامِسُ : بفتح أوله ويضم ، وهي عجمية بربرية فيما أحسب : وهي مدينة بالمغرب ثم في جنوبيّه ضاربة في بلاد السودان بعد بلاد زافون ، تدبغ فيها الجلود الغدامسية وهي من أجود الدباغ لا شيء فوقها في الجودة كأنها ثياب الخز في النعومة والإشراق ، وفي وسطها عين أزليّة وعليها أثر بنيان عجيب روميّ يفيض الماء فيها ويقسمه أهل البلدة بأقساط معلومة لا يقدر أحد أن يأخذ أكثر من حقه وعليه يزرعون ، وأهلها بربر يقال لهم تناوريّة.

غَدَانُ : بالفتح : قرية من قرى نسف بما وراء النهر ، وقيل : من قرى بخارى ، ينسب إليها أحمد بن إسحاق الغداني ، سمع مع أبي كامل الحديث من شيوخه.

غَدَاوَد : بفتح أوله ، وبعد الألف واو مفتوحة ، ودال : محلة من حائط سمرقند على فرسخ.

غَدْرُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره راء ، بلفظ الغدر ضد الوفاء : من قرى الأنبار.

١٨٧

غُدَرُ : بوزن زفر ، يجوز أن يكون معدولا من غادر : من مخاليف اليمن وفيه ناعط ، ويذكر في موضعه ، وهو حصن عجيب ، وهو الكثير الحجارة الصعب المسلك ، وهو من البناء القديم ، ويصحّف بعذر.

غُدَشْفَرْد : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وشين معجمة ساكنة ، وفاء مفتوحة ، وراء ساكنة ، ودال مهملة : من قرى بخارى.

عَدَقٌ : بالتحريك ، وآخره قاف ، بئر غدق : بالمدينة ذكرت في بئر غدق ، وعندها أطم البلويّين الذي يقال له القاع.

غُدَيْرٌ : تصغير الغدر ضد الوفاء ، وتصغير غدير الماء على الترخيم : واد في ديار مضر له ذكر في الشعر.

غَدِيرٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وأصله من غادرت الشيء إذا تركته ، وهو فعيل بمعنى مفعول كأن السيل غادره في موضعه فصار كل ماء غودر من ماء المطر في مستنقع صغيرا كان أو كبيرا غير أنه لا يبقى إلى القيظ سمّي غديرا ، وغدير الأشطاط في شعر ابن قيس الرقيات ذكر في الأشطاط ، وغدير خمّ : بين مكة والمدينة ، بينه وبين الجحفة ميلان ، وقد ذكر خمّ في موضعه ، وقال بعض أهل اللغة : الغدير فعيل من الغدر ، وذاك أن الإنسان يمرّ به وفيه ماء فربما جاء ثانيا طمعا في ذلك الماء فإذا جاءه وجده يابسا فيموت عطشا ، وقد ضربه صديقنا فخر الدولة محمد بن سليمان قطرمش مثلا في شعر له فقال :

إذا ابتدر الرجال ذرى المعالي

مسابقة إلى الشرف الخطير

يفسكل في غبارهم فلان

فلا في العير كان ولا النفير

أجفّ ثرى وأخدع من سراب

لظمآن وأغدر من غدير

والغدير : ماء لجعفر بن كلاب. وغدير الصلب : ماء لبني جذيمة ، قال الأصمعي : والصلب جبل محدّد ، قال مرّة بن عباس :

كأنّ غدير الصلب لم يصح ماؤه

له حاضر في مربع ثم رابع

والغدير : بلد أو قرية على نصف يوم من قلعة بني حمّاد بالمغرب ، ينسب إليها أبو عبد الله الغديري المؤدّب أحد العبّاد ، عن السلفي ، قال أبو زياد : الغدير من مياه الضباب على ثلاث ليال من حمى ضريّة من جهة الجنوب. والغدير الأسفل : لربيعة بن كلاب ، والله الموفق للصواب.

باب الغين والذال وما يليهما

غَذْقَذُونَة : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وقاف مفتوحة ، وذال معجمة مضمومة ، وواو ساكنة ، ونون : هو اسم جامع للثغر الذي منه المصيّصة وطرسوس وغيرهما ويقال له خذقذونة أيضا ، قال الطبراني : حدثني أبو زرعة الدمشقي قال : سمعت أبا مسهر يقول : استخلف يزيد بن معاوية وهو ابن أربع وثلاثين سنة وعاش أربعين سنة إلا قليلا وكان مقيما بدير مرّان فأصاب المسلمين سباء في بلاد الروم فبلغ ذلك يزيد ، فقال :

وما أبالي بما لاقت جموعهم

بالغذقذونة من حمّى ومن موم

إذا اتّكأت على الأنماط مرتفقا

ببطن مرّان عندي أم كلثوم

يعني أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز

١٨٨

زوجته ، فبلغ معاوية ذلك فقال : لا جرم والله ليلحقنّ بهم فيصيبه ما أصابهم وإلا خلعته! فتهيأ يزيد للرحيل وكتب إلى أبيه :

تجنّى لا تزال تعدّ ذنبا

لتقطع حبل وصلك من حبالي

فيوشك أن يريحك من بلائي

نزولي في المهالك وارتحالي

غُذُمٌ : بضم أوله وثانيه ، جمع غذم : وهو نبت ، قال القطامي : في عثعث ينبت الحوذان والغذما وقيل : الغذيمة كل كلإ وشيء يركب بعضه بعضا ، ويقال هي بقلة تنبت بعد مسير الناس من الدار ، وذو غذم : موضع من نواحي المدينة ، قال إبراهيم ابن هرمة :

ما بالديار التي كلّمت من صمم

لو كلّمتك وما بالعهد من قدم

وما سؤالك ربعا لا أنيس به

أيام شوطى ولا أيام ذي غذم

وقال قرواش بن حوط :

نبّئت أن عقال وابن خويلد

بنعاف ذي غذم وأن لا أعلما

ينمي وعيدهما إليّ وبيننا

شمّ فوارع من هضاب يلملما

لا تسأما لي من رسيس عداوة

أبدا فليس بمنّتي أن تسلما

غَذَوَانُ : بالفتح والتحريك ، وآخره نون ، والغذوان : النشيط من الخيل ، وغذا السقاء يغذو غذوانا إذا سال ، والغذوان : المسرع ، قال امرؤ القيس : كتيس ظباء الحلّب الغذوان وغذوان : اسم ماء بين البصرة والمدينة ، عن نصر.

باب الغين والراء وما يليهما

الغَرّاء : بالفتح ، والمد ، وهو تأنيث الأغرّ ، وفرس أغرّ إذا كان ذا غرّة : وهو بياض في مقدم وجهه ، والغر : طيور سود بيض الرءوس من طير الماء ، الواحدة غرّاء ، ذكرا كان أو أنثى ، والأغرّ : الأبيض ، وقد يستعار لكل ممدوح ، وقال الأصمعي : الغرّاء موضع في ديار بني أسد بنجد وهي جريعة في ديار ناصفة ، وناصفة قويرة هناك ، وأنشد :

كأنهم ما بين ألية غدوة

وناصفة الغرّاء هدي محلّل

في أبيات ، وذكر ابن الفقيه في عقيق المدينة قال : ثم ذو الضروبة ثم ذو الغرّاء ، وقال أبو وجزة :

كأنهم يوم ذي الغرّاء حين غدت

نكبا جمالهم للبين فاندفعوا

لم يصبح القوم جيرانا ، فكلّ نوى

بالناس لا صدع فيها سوف تنصدع

الغُرَابات : بلفظ جمع غرابة : موضع في شعر لبيد وهي أمواه لخزاعة أسفل كليّة ، وقال كثير :

أقيدي دما يا أم عمرو هرقته ،

فيكفيك فعل القاتل المتعمّد

ولن يتعدّى ما بلغتم براكب

زورّة أسفار تروح وتغتدي

فظلّت بأكناف الغرابات تبتغي

مظنّتها واستبرأت كل مرتد

وقال الحفصي : الغرابات قرب العرمة من أرض اليمامة ، وأنشد الأصمعي :

١٨٩

لمن الدار تعفّى رسمها

بالغرابات فأعلى العرمه؟

غُرَابٌ : بلفظ واحد الغربان : موضع معروف بدمشق ، قال كثيّر :

فلو لا الله ثم ندى ابن ليلى

وأني في نوالك ذو ارتغاب

وباقي الودّ ما قطعت قلوصي

مسافة بين مصر إلى غراب

ومما يدل على أن غرابا بالشام قول عدي بن الرقاع حيث قال :

كلّما ردّنا شطا عن هوها

شطنت دار ميعة حقباء

بغراب إلى الإلهة حتى

تبعت أمهاتها الأطلاء

فتردّدن بالسماوة حتى

كذبتهنّ غدرها والنّهاء

وكل هذه بالشام ، هكذا ذكر ابن السكيت في شرح شعر كثيّر. وغراب أيضا : جبل قرب المدينة ، قال ابن هشام في غزاة النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، لبني لحيان : خرج من المدينة فسلك على غراب جبل بناحية المدينة على طريقه إلى الشام ، وإياه أراد معن ابن أوس المزني لأنها منازل مزينة :

تأبّد لأي منهم فعقائده

فذو سلم أنشاجه فسواعده

فمندفع الغلّان من جنب منشد

فنعف الغراب خطبه فأساوده

الغُرَابَةُ : باليمامة ، قال الحفصي : هي جبال سود وإنما سميت الغرابة لسوادها ، قال بعض بني عقيل :

يا عامر بن عقيل كيف يكفركم

كعب ومنها إليكم ينتهي الشرف؟

أفنيتم الحرّ من سعد ببارقة

يوم الغرابة ما في برقها خلف

ومما أقطعها النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، مجّاعة بن مرارة الغورة وغرابة والحبل.

الغَرَابَةُ : بالفتح ، بعد الألف باء موحدة ، وهو الشيء الغريب فيما أحسب : موضع في قول الشاعر :

تذكّرت ميتا بالغرابة ثاويا

الغُرَابيّ : من حصون بلاد اليمن ، والغرابي أيضا : رمل معروف بطريق مصر بين قطية والصالحة صعب المسلك.

غُرَارُ : بالضم ، وتكرير الراء ، بوزن غراب ، مرتجل فيما أحسب : اسم جبل بتهامة.

غَرَازُ : بالفتح ، وآخره زاي ، يجوز أن يكون مبنيّا مثل نزال وغراز من الغرز بالإبرة وغيرها : وهو موضع ، عن الزمخشري.

الغَرّافُ : هو فعّال ، بالتشديد ، من الغرف : وهو نهر كبير تحت واسط بينها وبين البصرة ، كأنه يغترف كثيرا لأن فعّالا بالتشديد من أبنية التكثير وإن كان قد جاء منه ما ليس للتكثير ، وهو قوله تعالى : وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ، وقول طرفة :

ولست بحلّال التلاع مخافة ،

ولكن متى يسترفد القوم أرفد

فانه إذا امتنع الكثير وقع القليل ، والله منزّه عن قليل الظلم وكثيره ، وكذلك طرفة لم يرد أنه يحل التلاع قليلا مخافة من الرفد ولكن أراد أن يمتنع عن ذلك بالكلية ، وعلى هذا النهر كورة فيها قرى كثيرة وهي بطائح ، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم.

١٩٠

غُرَاقٌ : مكان يمان فيما يحسب نصر.

الغَرَامِيلُ : جمع غرمول وهو الذكر الضخم ، لا أعرف له معنى غيره : وهي هضاب حمر ، قال الشماخ :

محوّيين ، سنام عن يمينهما ،

وبالشمال مشان فالغراميل

حوّى : عدا.

غُرَانُ : بضم أوله ، وتخفيف ثانيه ، كذا ضبطه أبو منصور وجعل نونه أصلية مثل غراب ، وما أراه إلا علما مرتجلا ، وقال : هو اسم موضع بتهامة ، وأنشد :

بغران أو وادي القرى اضطربت

نكباء بين صبا وبين شمال

وقال كثير عزّة يصف سحابا :

إذا خرّ فيه الرعد عجّ وأرزمت

له عوّذ منها مطافيل عكّف

إذا استدبرته الريح كي تستخفّه

تزاجر ملحاح إلى المكث مرجف

ثقيل الرحى واهي الكفاف دنا له

ببيض الربى ذو هيدب متعصف

رسا بغران واستدارت به الرّحى

كما يستدير الزاحف المتغيّف

فداك سقى أم الحويرث ماؤه

بحيث انتوت واهي الأسرّة مرزف

وقال ابن السكيت : غران واد ضخم بالحجاز بين ساية ومكة ، وقال عرّام بن الأصبغ : وادي رهاط يقال له غران ، وقد ذكر رهاط في موضعه ، وأنشد :

فانّ غرانا بطن واد أجنّه ،

لساكنه عقد عليّ وثيق

قال : وفي غربيه قرية يقال لها الحديبية ، وقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب من خط ابن اليزيدي :

تأمّل خليلي هل ترى من ظعائن

بذي السرح أو وادي غران المصوّب

جزعن غرانا بعد ما متع الضحى

على كل موّار الملاط مدرّب

قال ابن إسحاق في غزاة الرجيع : فسلك رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، على غراب جبل بناحية المدينة على طريقه إلى الشام ثم على مخيض ثم على البتراء ثم صفق ذات اليسار ثم خرج على يين ثم على صخيرات اليمامة ثم استقام به الطريق على المحجّة من طريق مكة ثم استبطن السّيالة فأغذّ السير سريعا حتى نزل على غران وهي منازل بني لحيان ، وغران : واد بين أمج وعسفان إلى بلد يقال له ساية ، قال الكلبي : ولما تفرقت قضاعة عن مأرب بعد تفرّق الأزد انصرفت ضبيعة بن حرام بن جعل بن عمرو بن جشم بن ودم بن ذبيان بن هميم بن ذهل بن هنى بن بليّ في أهله وولده في جماعة من قومه فنزلت أمج وغران ، وهما واديان يأخذان من حرّة بني سليم ويفرغان في البحر ، فجاءهم سيل وهم نيام فذهب بأكثرهم وارتحل من بقي منهم فنزل حول المدينة.

الغَرّانِ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، تثنية الغرّ : وهو الكسر في الجلد من السمن ، والغرّ : زقّ الطائر فرخه ، والغرّ : الشرك في الطريق ، ومنه : اطو الثوب على غرّه ، أي على كسره ، والغر النهر الصغير : اسم موضع في قول مزاحم العقيلي :

أتعرف بالغرّين دارا تأبّدت

من الوحش واستفّت عليها العواصف

١٩١

صبا وشمال نيرج يقتفيهما

أحايين لمّات الجنوب الزفازف

وقفت بها لا قاضيا لي لبانة ،

ولا أنا عنها مستمرّ فصارف

سراة الضّحى حتى ألاذ بخفّها

بقية منقوص من الظلّ ضايف (١)

وقال صحابي بعد طول سماحة :

على أيّ شيء أنت في الدار واقف؟

الغُرَبَاتُ : بالضم ، وبعد الراء باء موحدة ، كأنه جمع غربة ، يجوز أن يكون سمي عدة مواضع كل واحد منها غربة ثم جمعت : وهي اسم موضع قتل فيه بعض بني أسد ، فقال شاعرهم :

ألا يا طال بالغربات ليلي

وما يلقى بنو أسد بهنّه

وقائلة : أسيت ، فقلت : جير

أسيّ إنني من ذاك إنّه

غُرَّبٌ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره باء موحدة ، علم مرتجل لهذا الموضع : اسم جبل دون الشام في ديار بني كلب وعنده عين ماء تسمى غرّبة ، قال المتنبي : عشية شرقيّ الحدالى وغرّب وقال أبو زياد : غرّب ماء بنجد ثم بالشريف من مياه بني نمير ، قال جران العود النميري :

أيا كبدا كادت عشيّة غرّب

من الشوق إثر الظاعنين تصدّع

عشيّة ما في من أقام بغرّب

مقام ، ولا في من مضى متسرّع

قال لبيد :

فأيّ أوان ما تجئني منيّتي

بقصد من المعروف لا أتعجب

فلست بركن من أبان وصاحة

ولا الخالدات من سواج وغرّب

قضيت لبانات وسلّيت حاجة ،

ونفس الفتى رهن بغمزة مؤرب

أي بغمزة ذي إرب ودهي.

غَرْبَنْكي : بالفتح ثم السكون ، وباء موحدة مفتوحة ، ونون ساكنة ، وكاف مكسورة ، البلخ : اثنا عشر نهرا عليها ضياعها ورساتيقها هذا أحدها.

غُرَّبَة : بالضم ، والتشديد ثم باء موحدة : ماء عند جبل غرّب.

غَرَبَةُ : بالتحريك ، كأنه واحدة من شجر الغرب وهو الخلاف : أحد أبواب دار الخلافة المعظمة ببغداد سمي بغربة كانت فيه ، وقال أبو زياد : الغرب والواحدة غربة وهي شجرة ضخمة شاكة خضراء يتخذ منها القطران تكون بالحجاز ، هذا عند العرب ، وأما أهل بغداد فلا يعرفون الغرب إلا شجر الخلاف ، وقد نسب إليها بعض الرواة ، منهم : أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر القارئ الغربي ، سمع أصحاب المحاملي وعمّر حتى رحل إليه أصحاب الحديث وانفرد بالرواية عن جماعة ، منهم : أبو الحسن ابن رزق البزاز وأبو عبد الله عبد الله بن يحيى البيّع وغيرهما ، روى عنه قاضي المارستان وغيره ، ومات سنة ٤٦٤ ، ومولده سنة ٣٩٧ أو ٣٩٨ ، وكان ثقة.

الغَرَّتانِ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وتاء ، تثنية غرّة بلفظ المرة الواحدة من الغرور : وهما أكمتان سوداوان يسرة الطريق إذا خرجت من توّز إلى سميراء.

الغَرْدُ : قال نصر : بسكون الراء ، ولم يزد في إيضاحه ، قال : وهو بناء للمتوكل بسرّمن رأى في دجلة

__________________

(١) ـ في البيت إقواء.

١٩٢

أنفق عليه ألف ألف درهم ، ولم يصحّ لي أنا ضبطه وما أظنه إلا الفرد ، والله أعلم.

الغَرِدُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وكل صائت طرب الصوت غرد : وهو جبل بين ضرية والربذة بشاطئ الجريب الأقصى لبني محارب وفزارة ، وقيل : من شاطئ ذي حسى بأطراف ذي ظلال.

غَرْدِيانُ : بالفتح ثم السكون ، وكسر الدال المهملة ، وياء مثناة من تحت ، وآخره نون : قرية من قرى كسّ بما وراء نهر جيحون.

الغَرّ : بالفتح ثم التشديد ، تقدم اشتقاقه في الغرّان : وهو موضع بينه وبين هجر يومان ، قال الراجز : فالغرّ ترعاه فجنبي جفر قال نصر : وغرّ ماء لبني عقيل بنجد أحد ماءين يقال لهما الغرّان.

غَرْزَةُ : موضع في بلاد هذيل ، قال مالك بن خالد الهذلي :

لميثاء دار كالكتاب بغرزة

قفار وبالمنحاة منها مساكن

الغَرْسُ : بالفتح ثم السكون ، وآخره سين مهملة ، والغرس في لغتهم : الفسيل أو الشجر الذي يغرس لينبت ، والغرس : غرسك الشجر ، وبئر غرس : بالمدينة جاء ذكرها في غير حديث وهي بقباء ، وكان النبيّ ، صلى الله عليه وسلّم ، يستطيب ماءها ويبارك فيه وقال لعليّ ، رضي الله عنه ، حين حضرته الوفاة : إذا أنا متّ فاغسلني من ماء بئر غرس بسبع قرب ، وقد ورد عنه ، عليه الصلاة والسلام ، أنه بصق فيها وقال : إن فيها عينا من عيون الجنة ، وفي حديث ابن عمر قال : قال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، وهو قاعد على شفير غرس : رأيت الليلة كأني جالس على عين من عيون الجنة ، يعني بئر غرس ، وقال الواقدي : كانت منازل بني النضير ناحية الغرس وما والاها مقبرة بني حنظلة. ووادي الغرس : بين معدن النّقرة وفدك.

غُرْسَةُ : بضم الغين ، وسكون الراء ، والسين مهملة : قرية ذات كروم وأشجار عثرية من كورة بين النهرين بين الموصل ونصيبين.

غَرْشِسْتَانُ : بالفتح ثم السكون ، وشين معجمة مكسورة ، وسين مهملة ، وتاء مثناة من فوق ، وآخره نون ، يراد به النسبة إلى غرش معناه موضع الغرش ، ويقال غرشتان : وهي ولاية برأسها ليس لها سلطان ولا لسلطان عليها سبيل ، هراة في غربيها والغور في شرقيها ومرو الروذ عن شماليها وغزنة عن جنوبيها ، وقال البشاري : هي غرج الشار ، والغرج : هي الجبال ، والشار : هو الملك ، فتفسيره جبال الملك ، والعوّام يسمونها غرجستان ، وملوكها إلى اليوم يخاطبون بالشار ، وهي ناحية واسعة كثيرة القرى بها عشرة منابر أجلّها ببشير ، وفيها مستقر الشار ، ولهم نهر وهو نهر مرو الروذ ، قال : وعلى هذه الولاية دروب وأبواب حديد لا يمكن أحدا دخولها إلا بإذن ، وثمّ عدل حقيقي وبقية من عدل العمرين ، وأهلها صالحون وعلى الخير مجبولون ، وقال الإصطخري : غرج الشار لها مدينتان إحداهما تسمّى بشير والأخرى سورمين ، وهما متقاربتان في الكبر وليس بهما مقام للسلطان إنما الشار الذي تنسب إليه المملكة مقيم في قرية في الجبل تسمى بليكان ، ولهاتين المدينتين مياه كثيرة وبساتين ، ويرتفع من بشير أرزّ كثير يحمل إلى البلدان ، ومن سورمين زبيب كثير يحمل إلى البلدان ، ومن بشير إلى

١٩٣

سورمين نحو مرحلة مما يلي الجنوب في الجبل ، وقد نسب البحتري الشاه ابن ميكائيل إلى غرش أو الغور فقال من قصيدة :

لتطلبنّ الشاه عيديّة

تغصّ من مدن بمنّ النّسوع

بالغرش أو بالغور من رهطه

أروم مجد ساندتها الفروع

ليس النّدى فيهم بديعا ولا

ما بدءوه من جميل بديع

غَرْشُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وهو بين الشين المعجمة والجيم على لغة الفرس ، وبعض يقول غرج : وهو الموضع الذي ذكر آنفا فقيل فيه غرجستان ، وهو بين غزنة وكابل وهراة وبلخ ، والغالب على تسميته اليوم على لسان أهل خراسان بالغور.

غَرْفٌ : بالفتح ثم السكون ثم الفاء ، شجر يدبغ به الأديم ، ومنه الأديم الغرفيّ ، وقال العمراني : الغرف موضع ، ولم يزد.

غُرْفَةُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، والفاء ، والغرفة العلّيّة من البناء : وهو اسم قصر باليمن ، قال لبيد :

ولقد جرى لبد فأدرك جريه

ريب المنون ، وكان غير مثقّل

لما رأى لبد النسور تطايرت

رفع القوادم كالعقير الأعزل

من تحته لقمان يرجو نهضه ،

ولقد يرى لقمان ألّا يأتلي

غلب الليالي خلف آل محرّق

وكما فعلن بهرمز وبهرقل

وغلبن أبرهة الذي ألفيته

قد كان خلّد فوق غرفة موكل

وقيل : موكل اسم رجل ، وقال الأسود بن يعفر :

فان يك يومي قد دنا وإخاله

لوارده يوما إلى ظلّ منهل

فقبلي مات الخالدان كلاهما ،

عميد بني جحوان وابن المضلّل

وعمرو بن مسعود وقيس بن خالد

وفارس رأس العين سلمى بن جندل

وأسبابه أهلكن عادا وأنزلت

عزيزا يغنّي فوق غرفة موكل

تغنّيه بحّاء الغناء مجيدة

بصوت رخيم أو سماع مرتّل

وقال نصر : غرفة ، بأوله غين معجمة مفتوحة ثم راء ساكنة بعدها فاء : موضع من اليمن بين جرش وصعدة في طريق مكة ، قلت : والأول أصح وبيت لبيد يشهد له إلا أن يكون هذا موضعا آخر.

الغَرْفِيّ : موضع باليمن ، قال الأفوه الأودي :

جلبنا الخيل من غيدان حتى

وقعناهنّ أيمن من صناف

وبالغرفيّ والعرجاء يوما

وأياما على ماء الطّفاف

غَرْقَدٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وقاف مفتوحة ثم دال ، وهو نبت وهو كبار العوسج وبه سمّي بقيع الغرقد : مقبرة أهل المدينة.

الغَرْقَدَةُ : قال الأصمعي : فوق الثّلبوت من أرض نجد ماءة يقال لها الغرقدة لنفر من بني نمير بن صعصعة ثم من بني هوازن من قيس عيلان ، وقال نصر : لنفر من بني عمير بن نصر بن قعين تحت ماءة الخربة لبني الكذّاب من غنم بن دودان.

١٩٤

غَرْقُ : بالفتح ثم السكون ، وآخره قاف : من قرى مرو ، وهي غير غزق الذي هو بالزاي من قرى مرو أيضا ، فان كان عربيّا فهو اسم أقيم مقام المصدر الحقيقي كقوله تعالى : وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً ، وهو من أغرقت النبل وغرّقته إذا بلغت به غاية المدّ في القوس ، والله أعلم ، وقال أبو سعد السمعاني المروزي : لا أعرف بمرو غزق ، بالزاي ، وإنما أعرف غرق ، بالراء الساكنة ، ولعلّ الأمير أبا نصر بن ماكولا اشتبه عليه فذكرها بالزاي ، وينسب إليها جرموز بن عبد الله الغرقي ، يروي عن أبي نعيم الفضل بن دكين وأبي نميلة ، وهو ضعيف.

غُرَقُ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، بوزن زفر ، كأنه معدول عن غارق من الغرق في الماء ، ويجوز أن يكون من اغترق الفرس الخيل إذا سبقها بعد أن خالطها ، وغرق : مدينة باليمن لهمدان.

غَرْقَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وغرقة : قرية باليمامة ذكرها ذو الرمّة ، قرية ونخل لبني عدي بن حنيفة.

غَرَمَى : بالتحريك ، والقصر ، على وزن بشكى وجمزى ، وأصله من الغرم وهو أداء شيء يلزم فيما أحسب ، هكذا ضبطه الأديبي وقال : هو اسم موضع.

غَرْنَاطَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ثم نون ، وبعد الألف طاء مهملة ، قال أبو بكر بن طرخان بن بجكم : قال لي أبو محمد عفّان الصحيح أغرناطة بالألف في أوله أسقطها العامّة كما أسقطوها من البيت فقالوا لبيرة ، قال ابن بجكم : وقال لي الشيخان أبو الحجّاج يوسف بن على القضاعي وأبو عبد الله محمد بن أحمد ابن سعيد البردي الحيّاني : غرناطة بغير ألف ، قال : ومعنى غرناطة رمّانة بلسان عجم الأندلس سمّي البلد لحسنه بذلك ، قال الأنصاري : وهي أقدم مدن كورة البيرة من أعمال الأندلس وأعظمها وأحسنها وأحصنها يشقّها النهر المعروف بنهر قلزم في القديم ويعرف الآن بنهر حدارّه ، يلقط منه سحالة الذهب الخالص وعليه أرحاء كثيرة في داخل المدينة وقد اقتطع منه ساقية كبيرة تخترق نصف المدينة فتعمّ حمّاماتها وسقاياتها وكثيرا من دور الكبراء ، وله نهر آخر يقال له سنجل واقتطع لها منه ساقية أخرى تخترق النصف الآخر فتعمه مع كثير من الأرباض ، وبينها وبين البيرة أربعة فراسخ ، وبينها وبين قرطبة ثلاثة وثلاثون فرسخا.

الغِرْنِقُ : كذا ضبطه نصر وقال : هو موضع بالحجاز ، وقيل : غرنق ماء بأبلى بين معدن بني سليم والسوارقية.

غَرْنِيطُوف : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ونون مكسورة ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، وطاء مهملة مضمومة ، وواو ساكنة ، وفاء : بلد في أقصى المغرب على ساحل البحر بعد سلا وليس بعده عمارة.

غُرُوبٌ : بالضم ، وآخره باء ، وهو جمع غرب ، وهو التمادي ، ومنه : كفّ غربه ، وغرب كلّ شيء : حده ، وسيف غرب : قاطع ، والغرب : يوم السقي ، والغرب : الدلو الكبير الذي يستقى فيه بالسانية ، وفرس غرب : كثير العدو ، والغروب : الدموع التي تخرج من العين ، والغرب : التنحّي ، والغرب : المغرب ، ويجوز أن يكون جمع غرب ، بالتحريك ، وهو ورم في مآقي العين تسيل منه ، والغرب : الموضع الذي يسيل فيه الماء

١٩٥

بين البئر والحوض ، والغرب : ماء الأسنان الذي يجري عليها ، والغرب : شجر معروف ، والغرب : جام من فضّة ، وأصابه سهم غرب إذا كان لا يدرى من رماه ، وهو مضاف ، وقد يقال غير ذلك ، والغروب : موضع ذكره صاحب كتاب البيان وهو في شعر النابغة الجعدي :

ومسكنها بين الغروب إلى اللّوى

إلى شعب ترعى بهنّ فعيهم

ليالي تصطاد الرجال بفاحم

وأبيض كالإغريض لم يتثلّم

غُرُورٌ : بضم أوله ، وتكرير الراء ، وهي الأباطيل.

كأنه جمع غرّ مصدر غررته غرّا ، وهو أحسن من أن يجعل مصدر غررته غرورا ، لأن المتعدّي من الأفعال لا تكاد تقع مصادرها على فعول إلا شاذّا ، والغرور في قوله تعالى : وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ ، هو ما تقدّم ، وقيل : ما اغترّ به من متاع الدنيا ، وقرئ بالفتح ، وليس كلامنا فيه ، والغرور : جبل بدمخ في ديار عمرو بن كلاب ، وفي كتاب الأصمعي : غرور جبل ماؤه الثلماء ، وقال أبو زياد : الغرورة ماء لبني عمرو بن كلاب وهي حذاء جبل يسمّى غرورا ، وأنشد للسري بن حاتم يقول :

تلبّث عن بهيّة حادياها

قليلا ثم قاما يحدوان

كأنهما وقد طلعا غرورا

جناحا طائر يتقلّبان

والغرور أيضا : ثنية باليمامة وهي ثنية الأحبسى ، ومنها طلع خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، على مسيلمة الكذّاب ، قال امرؤ القيس :

عفا شطب من أهله فغرور

فموبولة ، إنّ الديار تدور

غُرَّةُ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، في الحديث : جعل في الجنين غرّة عبدا أو أمة ، وقال أبو سعيد الضرير : الغرّة عند العرب أنفس شيء يملك وهو العبد والمال والفرس والبعير والفاضل من كل شيء ، وغرّة القوم : سيدهم ، ويقال لثلاث ليال من أول الشهر غرر ، الواحدة غرّة ، وغرّة الفرس : بياض في جبهته ، وفيه غير ذلك ، وغرّة : أطم بالمدينة لبني عمرو بن عوف بني مكانه منارة مسجد قباء.

الغَرْوُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، والواو ، معربة : موضع قرب المدينة ، قال عروة بن الورد :

عفت بعدنا من أمّ حسّان غضور ،

وفي الرّمل منها آية لا تغيّر

وبالغرو والغرّاء منها منازل ،

وحول الصفا وأهلها متدوّر

ليالينا إذ جيبها لك ناصح ،

وإذ ريحها مسك ذكيّ وعنبر

غريان : قلعة باليمن في جبل شطب.

الغَرِيّانِ : تثنية الغريّ ، وهو المطليّ ، الغراء ، ممدود : وهو الغراء الذي يطلى به ، والغريّ فعيل بمعنى مفعول ، والغريّ : الحسن من كلّ شيء ، يقال : رجل غريّ الوجه إذا كان حسنا مليحا ، فيجوز أن يكون الغريّ مأخوذا من كل واحد من هذين ، والغريّ : نصب كان يذبح عليه العتائر ، والغريّان : طربالان وهما بناءان كالصّومعتين بظاهر الكوفة قرب قبر عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال ابن دريد : الطربال قطعة من جبل أو قطعة من حائط تستطيل في السماء وتميل ، وفي الحديث : كان ، عليه الصلاة والسلام ، إذا مرّ بطربال مائل أسرع المشي ، والجمع الطرابيل ،

١٩٦

وقيل : الطربال القطعة العالية من الجدار والصخرة العظيمة المشرفة من الجبل ، وطرابيل الشام : صوامعها.

والغريّان أيضا : خيالان من أخيلة حمى فيد بينهما وبين فيد ستة عشر ميلا يطؤهما طريق الحاجّ ، عن الحازمي ، والخيال : ما نصب في أرض ليعلم أنها حمى فلا تقرب ، وحمى فيد : معروف وله أخيلة ، وفيهما يقول الشاعر فيما أحسب :

وهل أرين بين الغريّين فالرّجا

إلى مدفع الريّان سكنا تجاوره؟

لأن الرجا والريّان قريتان من هذا الموضع ، وقال ابن هرمة :

أتمضي ولم تلمم على الطّلل القفر

لسلمى ورسم بالغريّين كالسطر

عهدنا به البيض المعاريب للصّبا

وفارط أحواض الشباب الذي يقري

وقال السمهري العكلي :

ونبّئت ليلى بالغريّين سلّمت

عليّ ، ودوني طخفة ورجامها

عديد الحصى والأثل من بطن بيشة

وطرفائها ما دام فيها حمامها

قال : فأما الغريّان بالكوفة فحدّث هشام بن محمد الكلبي قال : حدّثني شرقيّ بن القطامي قال : بعثني المنصور إلى بعض الملوك فكنت أحدثه بحديث العرب وأنسابها فلا أراه يرتاح لذلك ولا يعجبه ، قال : فقال لي رجل من أصحابه يا أبا المثنى أي شيء الغريّ في كلام العرب؟ قلت : الغريّ الحسين ، والعرب تقول : هذا رجل غريّ ، وإنما سمّيا الغريين لحسنهما في ذلك الزمان ، وإنما بني الغريان اللذان في الكوفة على مثل غريّين بناهما صاحب مصر وجعل عليهما حرسا فكل من لم يصلّ لهما قتل إلا أنه يخيّره خصلتين ليس فيهما النجاة من القتل ولا الملك ويعطيه ما يتمنى في الحال ثم يقتله ، فغبر بذلك دهرا ، قال : فأقبل قصّار من أهل إفريقية ومعه حمار له وكذين فمرّ بهما فلم يصلّ فأخذه الحرس فقال : ما لي؟ فقالوا : لم تصلّ للغريّين ، فقال : لم أعلم ، فذهبوا به إلى الملك فقالوا : هذا لم يصلّ للغريّين ، فقال له : ما منعك أن تصلي لهما؟ قال : لم أعلم وأنا رجل غريب من أهل إفريقية أحببت أن أكون في جوارك لأغسل ثيابك وثياب خاصتك وأصيب من كنفك خيرا ، ولو علمت لصليت لهما ألف ركعة ، فقال له : تمنّ ، فقال : وما أتمنّى؟ فقال : لا تتمنّ الملك ولا أن تنجّي نفسك من القتل وتمنّ ما شئت ، قال : فأدبر القصّار وأقبل وخضع وتضرع وأقام عذره لغربته فأبى أن يقبل ، فقال : إني أسألك عشرة آلاف درهم ، فقال : عليّ بعشرة آلاف درهم ، قال : وبريدا ، فأتى البريد فسلّم إليه وقال : إذا أتيت إفريقية فسل عن منزل فلان القصّار فادفع هذه العشرة آلاف درهم إلى أهله ، ثم قال له الملك : تمنّ الثانية ، فقال : أضرب كلّ واحد منكم بهذا الكذين ثلاث ضربات واحدة شديدة وأخرى وسطى وأخرى دون ذلك ، قال : فارتاب الملك ومكث طويلا ثم قال لجلسائه : ما ترون؟ قالوا : نرى أن لا تقطع سنّة سنّها آباؤك ، قالوا : فيمن تبدأ؟ قال : أبدأ بالملك ابن الملك الذي سنّ هذا ، قال : فنزل عن سريره ورفع القصّار الكذين فضرب أصل قفاه فسقط على وجهه ، فقال الملك : ليت شعري أيّ الضربات هذه! والله لئن كانت الهينة ثم جاءت الوسطى والشديدة لأموتن! فنظر إلى الحرس وقال : أولاد الزنا ، تزعمون أنه لم يصلّ وأنا والله رأيته حيث صلى ، خلوا سبيله

١٩٧

واهدموا الغريّين! قال : فضحك القصار حتى جعل يفحص برجله من كثرة الضحك ، قلت أنا : فالذي يقع لي ويغلب على ظني أن المنذر لما صنع الغريين بظاهر الكوفة سنّ تلك السنّة ولم يشرط قضاء الحوائج الثلاث التي كان يشرطها ملك مصر ، والله أعلم ، وأن الغريّين بظاهر الكوفة بناهما المنذر بن امرئ القيس ابن ماء السماء ، وكان السبب في ذلك أنه كان له نديمان من بني أسد يقال لأحدهما خالد بن نضلة والآخر عمرو بن مسعود فثملا فراجعا الملك ليلة في بعض كلامه فأمر وهو سكران فحفر لهما حفيرتان في ظهر الكوفة ودفنهما حيّين ، فلما أصبح استدعاهما فأخبر بالذي أمضاه فيهما فغمه ذلك وقصد حفرتهما وأمر ببناء طربالين عليهما وهما صومعتان ، فقال المنذر : ما أنا بملك إن خالف الناس امري ، لا يمرّ أحد من وفود العرب إلا بينهما ، وجعل لهما في السّنة يوم بؤس ويوم نعيم ، يذبح في يوم بؤسه كلّ من يلقاه ويغري بدمه الطربالين ، فان رفعت له الوحش طلبتها الخيل ، وإن رفع طائر أرسل عليه الجوارح حتى يذبح ما يعنّ ويطليان بدمه ، ولبث بذلك برهة من دهره وسمّى أحد اليومين يوم البؤس وهو اليوم الذي يقتل فيه ما ظهر له من إنسان وغيره ، وسمى الآخر يوم النعيم يحسن فيه إلى كلّ من يلقى من الناس ويحملهم ويخلع عليهم ، فخرج يوما من أيام بؤسه إذ طلع عليه عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر وقد جاء ممتدحا ، فلما نظر إليه قال : هلّا كان الذبح لغيرك يا عبيد! فقال عبيد : أتتك بحائن رجلاه ، فأرسلها مثلا ، فقال له المنذر : أو أجل قد بلغ أناه ، فقال رجل ممن كان معه : أبيت اللعن اتركه فاني أظن أن عنده من حسن القريض أفضل مما تريد من قتله فاسمع فان سمعت حسنا فاستزده وإن كان غيره قتلته وأنت قادر عليه ، فأنزل فطعم وشرب ثم دعا به المنذر فقال له : زدنيه ما ترى ، قال : أرى المنايا على الحوايا ، ثم قال له المنذر : أنشدني فقد كان يعجبني شعرك ، فقال عبيد : حال الجريض دون القريض وبلغ الحزام الطبّيين ، فأرسلهما مثلين ، فقال له بعض الحاضرين : أنشد الملك هبلتك أمك! فقال عبيد : وما قول قائل مقتول؟ فأرسلها مثلا أي لا تدخل في همك من لا يهتم بك ، قال المنذر : قد أمللتني فأرحني قبل أن آمر بك ، قال عبيد : من عزّ بزّ ، فأرسلها مثلا ، فقال المنذر : أنشدني قولك :

أقفر من أهله ملحوب

فقال عبيد :

أقفر من أهله عبيد ،

فاليوم لا يبدي ولا يعيد

عنّت له منيّة تكود ،

وحان منها له ورود

فقال له المنذر : أسمعني يا عبيد قولك قبل أن أذبحك ، فقال :

والله إن متّ ما ضرّني ،

وإن عشت ما عشت في واحده

فأبلغ بنيّ وأعمامهم

بأن المنايا هي الواردة

لها مدة فنفوس العباد

إليها ، وإن كرهت ، قاصده

فلا تجزعوا لحمام دنا ،

فللموت ما تلد الوالده

فقال المنذر : ويلك أنشدني! فقال :

هي الخمر بالهزل تكنى الطّلا ،

كما الذئب يكنّى أبا جعدة

١٩٨

فقال المنذر : يا عبيد لا بد من الموت وقد علمت أن النعمان ابني لو عرض لي يوم بؤسي لم أجد بدّا من أن أذبحه ، فأما أن كانت لك وكنت لها فاختر إحدى ثلاث خلال : إن شئت فصدتك من الأكحل وإن شئت من الأبجل وإن شئت من الوريد ، فقال عبيد : أبيت اللعن! ثلاث خلال كساحيات واردها شرّ وارد وحاديها شر حاد ومعاديها شر معاد فلا خير فيها لمرتاد ، إن كنت لا محالة قاتلي فاسقني الخمر حتى إذا ماتت لها مفاصلي وذهلت منها ذواهلي فشأنك وما تريد من مقاتلي ، فاستدعى له المنذر الخمر فشرب فلما أخذت منه وطابت نفسه وقدمه المنذر أنشأ يقول :

وخيّرني ذو البؤس ، في يوم بؤسه ،

خلالا أرى في كلها الموت قد برق

كما خيّرت عاد من الدهر مرة ،

سحائب ما فيها لذي خيرة أنق

سحائب ريح لم توكّل ببلدة

فتتركها إلا كما ليلة الطّلق

ثم أمر به المنذر ففصد حتى نزف دمه فلما مات غرّى بدمه الغريّين ، فلم يزل على ذلك حتى مرّ به في بعض أيام البؤس رجل من طيّء يقال له حنظلة فقرّب ليقتل فقال : أبيت اللعن! إني أتيتك زائرا ولأهلي من بحرك مائرا فلا تجعل ميرتهم ما تورده عليهم من قتلي ، قال له المنذر : لا بد من قتلك فسل حاجتك تقض لك قبل موتك ، فقال : تؤجلني سنة أرجع فيها إلى أهلي فأحكم فيهم بما أريد ثم أسير إليك فينفذ فيّ أمرك ، فقال له المنذر : ومن يكفلك أنك تعود؟ فنظر حنظلة في وجوه جلسائه فعرف شريك بن عمرو ابن شراحيل الشيباني فقال :

يا شريك يا ابن عمرو

هل من الموت محاله؟

يا شريك يا ابن عمرو ،

يا أخا من لا أخا له

يا أخا المنذر فكّ ال

يوم رهنا قد أنى له

يا أخا كل مضاف

وأخا من لا أخا له

إنّ شيبان قبيل

أكرم الناس رجاله

وأبو الخيرات عمرو

وشراحيل الحمالة

رقباك اليوم في المج

د وفي حسن المقاله

فوثب شريك وقال : أبيت اللعن! يدي بيده ودمي بدمه إن لم يعد إلى أجله ، فأطلقه المنذر ، فلما كان من القابل قعد المنذر في مجلسه في يوم بؤسه ينتظر حنظلة فأبطأ عليهم فقدم شريك ليقتل فلم يشعر إلا وراكب قد طلع فإذا هو حنظلة وقد تحنط وتكفّن ومعه نادبته تندبه ، فلما رأى المنذر ذلك عجب من وفائه وقال : ما حملك على قتل نفسك؟ فقال : أيها الملك إن لي دينا يمنعني من الغدر ، قال : وما دينك؟ قال : النصرانية ، فاستحسن ذلك منه وأطلقهما معا وأبطل تلك السّنّة وكان سبب تنصره وتنصر أهل الحيرة فيما زعموا ، وروى الشرقيّ بن القطامي قال : الغريّ الحسن من كل شيء وإنما سميا الغريّين لحسنهما وكان المنذر قد بناهما على صورة غريّين كان بعض ملوك مصر بناهما ، وقرأت على ظهر كتاب شرح سيبويه المبرّد بخط الأديب عثمان بن عمر الصقليّ النحوي الخزرجي ما صورته : وجدت بخط أبي بكر السّرّاج ، رحمه الله ، على ظهر جزء من أجزاء

١٩٩

كتاب سيبويه أخبرني أبو عبد الله اليزيدي قال حدثني ثعلب قال : مرّ معن بن زائدة بالغريين فرأى أحدهما وقد شعّث وهدم فأنشأ يقول :

لو كان شيء له أن لا يبيد على

طول الزمان لما باد الغريّان

ففرّق الدهر والأيام بينهما ،

وكلّ إلف إلى بين وهجران

غُرَيْبٌ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، يجوز أن يكون تصغير غرب لنوع من الشجر ، وقد تقدم معنى الغرب قبل هذا ، أو تصغير غير ذلك مما يطول : وهو واد في ديار كلب ، وجاء في شعر مضافا إلى ضاح.

الغُرَيْرَاء : تصغير الغرّاء تأنيث الأغر : موضع بحوف مصر كانت فيه وقعة موسى بن مصعب والي مصر من قبل المهدي قتل فيها موسى بن مصعب في شوّال سنة ١٦٨.

الغُرَيْزُ : آخره زاي ، هو تصغير غرز بالإبرة أو غيرها ، والغرز : ركاب الرحال أو يكون تصغير الغرز ، بالتحريك ، وهو نبت جاء في حديث عمر حين رأى في روث فرس شعيرا في عام الرّمادة فقال : لئن عشت لأجعلن له من غرز البقيع ما يكفيه ويغنيه عن قوت المسلمين ، والغريز : ماء بضرية في ممتنع العلم يستعذ به الناس لشفاههم لقلّته ، وقيل : هي رديهة عذبة لشفه الناس في بلاد أبي بكر بن كلاب ، والرّدهة : المورد ، والردهة أيضا : صخرة تكون في مستنقع الماء.

الغَرِيضُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء ساكنة ، وضاد معجمة ، والغريض : الطري من كل شيء ، وكل من ورد الماء باكرا فهو غارض ، والماء غريض ، والغريض : موضع ، عن الخوارزمي

غِرْيَفٌ : بالكسر ثم السكون ، وياء مثناة من تحت مفتوحة ثم فاء ، والغريف في كلامهم : شجرة معروفة ، قال : لحا قبّة الشّوع والغريف والغريف : جبل لبني نمير ، قال الخطفي جدّ جرير ابن عطية بن الخطفى الشاعر واسمه حذيفة :

كلفني قلبي ما قد كلّفا

هوازنيّات حللن غريفا

أقمن شهرا بعد ما تصيّفا

حتى إذا ما طرد الهيف السّفا

قرّبن بزلا ودليلا مخشفا

إذا حبا الرمل له تعسّفا

يرفعن بالليل ، إذا ما أسجفا ،

أعناق جنّان وهاما رجّفا

وعنقا بعد الكلال خيطفى

غِرْيَفَةُ : مثل الذي قبله وزيادة هاء : اسم ماء عند غريف الذي قبله في واد يقال له التسرير ، وعمود غريفة : أرض بالحمى لغنيّ بن أعصر ، قال أبو زياد : التسرير واد ، كما ذكرناه في موضعه ، وفيه ماء يقال له غريفة ولها جبل يسمّى غريفا.

الغُرَيْفَةُ : تصغير الغرفة : موضع في قول عديّ بن الرقاع حيث قال :

يا من رأى برقا أرقت لضوئه

أمسى تلألأ في حواركه العلى

لما تلحلح بالبياض عماؤه

حول الغريفة كاد يثوي أو ثوى

الغُرَيْقُ : بلفظ تصغير غرق ، وهو الراسب في الماء : واد لبني سليم.

٢٠٠