معجم البلدان - ج ٤

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٤

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠١

أحد إلا عدم ، وأهل تلك البلاد متفقون على أنه عرش بلقيس.

عَرْشِينُ القُصُور : قرية من قرى الجزر من نواحي حلب ، قال فيها حمدان بن عبد الرحيم :

أسكّان عرشين القصور عليكم

سلامي ما هبّت صبا وقبول

ألا هل إلى حثّ المطيّ إليكم

وشمّ خزامى حربنوش سبيل؟

وهل غفلات العيش في دير مرقس

تعود وظلّ اللهو فيه ظليل؟

إذا ذكرت لذّاتها النفس عندكم

تلاقي عليها زفرة وعويل

بلاد بها أمسى الهوى غير أنني

أميل مع الأقدار حيث تميل

عَرْصَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وصاد مهملة : وهما عرصتان بعقيق المدينة ، قال الأصمعي : كل جوبة متسعة ليس فيها بناء فهي عرصة ، وقال غيره : العرصة ساحة الدار سميت لاعتراص الصبيان فيها أي للعبهم فيها ، وقال : إن تبّعا مرّ بالعرصة وكانت تسمى السليل فقال : هذه عرصة الأرض ، فسميت العرصة كأنه أراد ملعب الأرض أو ساحة الأرض ، والعرصتان : بالعقيق من نواحي المدينة من أفضل بقاعها وأكرم أصقاعها ، ذكر محمد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه أن بني أميّة كانوا يمنعون البناء في العرصة عرصة العقيق ضنّا بها وأن سلطان المدينة لم يكن يقطع بها قطيعة إلا بأمر الخليفة حتى خرج خارجة بن حمزة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن العوّام إلى الوليد بن عبد الملك يسأله أن يقطعه موضع قصر فيها ، فكتب إلى عامله بالمدينة بذلك فأقطعه موضع قصر وألحقه بالسراة أي بالحزم ، فلم يزل في أيديهم حتى صار ليحيى بن عبد الله بن عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنهم ، وقد كان سعيد بن العاصي ابتنى بها قصرا واحتفر بها بئرا وغرس النخل والبساتين ، وكان نخل بستانه أبكر نخل بالمدينة ، وكانت تسمّى عرصة الماء ، وفيها يقول ذؤيب الأسلمي :

قد أقرّ الله عيني

بغزال ، يا ابن عون

طاف من وادي دجيل

بفتى طلق اليدين

بين أعلى عرصة الما

ء إلى قصر وبيني

فقضاني في منامي

كلّ موعود ودين

وفيها يقول أبو الأبيض سهل بن أبي كثير :

قلت : من أنت؟ فقالت :

بكرة من بكرات

ترتعي نبت الخزامى

تحت تلك الشجرات

حبّذا العرصة دارا

في الليالي المقمرات

طاب ذاك العيش عيشا

وحديث الفتيات

ذاك عيش أشتهيه

من فنون ألمات

وفي العرصة الصغرى يقول داود بن سلم :

أبرزتها كالقمر الزاهر ،

في عصفر كالشّرر الطائر

١٠١

بالعرصة الصغرى إلى موعد

بين خليج الواد والظّاهر

قال : وإنما قال العرصة الصغرى لأن العقيق الكبير يتبعها من أحد جانبيها ويتبعها عرصة البقل من الجانب الآخر وتختلط عرصة البقل بالجرف فتتسع ، والخليج الذي ذكره خليج سعيد بن العاصي ، وروى الحسن ابن خالد العدواني أن النبيّ ، صلّى الله عليه وسلّم ، قال : نعم المنزل العرصة لولا كثرة الهوام ، وكتب سعيد بن العاصي بن سليمان المساحقي إلى عبد الأعلى ابن عبد الله ومحمد بن صفوان الجمحي وهما ببغداد يذكّرهما طيب العقيق والعرصتين في أيام الربيع فقال :

ألا قل لعبد الله إمّا لقيته ،

وقل لابن صفوان على القرب والبعد :

ألم تعلما أن المصلّى مكانه ،

وأن العقيق ذو الأراك وذو المرد

وأن رياض العرصتين تزيّنت

بنوّارها المصفّر والأشكل الفرد

وأنّ بها ، لو تعلمان ، أصائلا

وليلا رقيقا مثل حاشية البرد

فهل منكما مستأنس فمسلّم

على وطن ، أو زائر لذوي الودّ؟

فأجابه عبد الأعلى :

أتاني كتاب من سعيد فشاقني ،

وزاد غرام القلب جهدا على جهد

وأذرى دموع العين حتى كأنها

بها رمد عنه المراود لا تجدي

فان رياض العرصتين تزيّنت ،

وإن المصلّى والبلاط على العهد

وإن غدير اللابتين ونبته

له أرج كالمسك ، أو عنبر الهند

فكدت بما أضمرت من لاعج الهوى

ووجد بما قد قال أقضي من الوجد

لعلّ الذي كان التفرّق أمره

يمنّ علينا بالدّنوّ من البعد

فما العيش إلا قربكم وحديثكم ،

إذا كان تقوى الله منّا على عمد

وقال بعض المدنيين :

وبالعرصة البيضاء ، إذ زرت أهلها ،

مها مهملات ما عليهنّ سائس

خرجن لحبّ اللهو من غير ريبة ،

عفائف باغي اللهو منهنّ آيس

يردن ، إذا ما الشمس لم يخش حرّها ،

خلال بساتين خلاهنّ يابس

إذا الحرّ آذاهنّ لذن ببحرة ،

كما لاذ بالظلّ الظباء الكوانس

والقول في العرصة كثير جدّا وهذا كاف ، وبنو إسحاق العرصيّ وهو إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطّلب إليها منسوبون.

العِرْضُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره ضاد معجمة ، قال الأزهري : العرض وادي اليمامة ، ويقال لكل واد فيه قرى ومياه عرض ، وقال الأصمعي : أخصب ذلك العرض وأخصبت أعراض المدينة وهي قراها التي في أوديتها ، وقال شمر :أعراض المدينة بطون سوادها حيث الزروع والنخل ، وقال غيره : كل واد فيه شجر فهو عرض ، وأنشد :

لعرض من الأعراض تمسي حمامه

وتضحي على أفنانه الورق تهتف

١٠٢

أحبّ إلى قلبي من الديك رنّة ،

وباب إذا ما مال للغلق يصرف

والأعراض أيضا : قرى بين الحجاز واليمن ، وقال أبو عبيد السكوني : عرض اليمامة ، وادي اليمامة ، ينصبّ من مهبّ الشمال ويفرغ في مهبّ الجنوب مما يلي القبلة فهو في باب الحجر ، والزرع منه باض ، وبأسفل العرض المدينة ، وما حوله من القرى تسمّى السفوح ، والعرض كله لبني حنيفة إلا شيء منه لبني الأعرج من بني سعد بن زيد مناة بن تميم ، قال الشاعر :

ولما هبطنا العرض قال سراتنا :

علام إذا لم نحفظ العرض نزرع؟

ويوم العرض : من أيام العرب ، وهو اليوم الذي قتل فيه عمرو بن صابر فارس ربيعة ، قتله جزء بن علقمة التميمي ، وذلك قول الشاعر :

قتلنا بجنب العرض عمرو بن صابر

وحمران أقصدناهما والمثلّما

وقال نصر : العرضان واديان باليمامة ، وهما عرض شمام وعرض حجر ، فالأول يصبّ في برك وتلتقي سيولهما بجوّ في أسفل الخضرمة فإذا التقيا سمّيا محقّقا ، وهو قاع يقطع الرمل به وسيع ، وتنهيته عمان ، وقال السكري في قول عمرو بن سدوس الخناعي :

فما الغور والأعراض في كل صيفة ،

فذلك عصر قد خلاها وذا عصر

وقال يحيى بن طالب الحنفي :

يهيج عليّ الشوق من كان مصعدا ،

ويرتاع قلبي أن تهبّ جنوب

فيا ربّ سلّ الهمّ عني فإنني

مع الهمّ محزون الفؤاد عزيب

ولست أرى عيشا يطيب مع النّوى ،

ولكنه بالعرض كان يطيب

يقال للرساتيق بأرض الحجاز الأعراض ، واحدها عرض ، وكل واد عرض ، ولذلك قيل : استعمل فلان على عرض المدينة. والعرض : علم لوادي خيبر وهو الآن لعنزة فيه مياه ونخل وزروع.

العَرْضُ : بالفتح ثم السكون ، وآخره ضاد معجمة ، خلاف الطول : جبل مطلّ على بلد فاس بالمغرب.

عُرْضٌ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وعرض الجبل :

وسطه وما اعترض منه وكذلك البحر والنهر وعرض الحديث وعرض الناس ، وعرض : بليد في برّيّة الشام يدخل في أعمال حلب الآن ، وهو بين تدمر والرصافة الهشامية ، ينسب إليه عبد الوهّاب بن الضحّاك أبو الحارث العرضي ، سكن سلمية ، ذكر أنه سمع بدمشق محمد بن شعيب بن شابور والوليد بن مسلّم وسليمان بن عبد الرحمن ، وبحمص إسماعيل بن عيّاش والحارث بن عبيدة وعبد القادر بن ناصح العابد ، وبالحجاز عبد العزيز بن أبي حازم ومحمد ابن إسماعيل بن أبي فديك ، روى عن عبد الوهّاب ابن محمد بن نجدة الحوطي ، وهو من أقرانه ، وأبي عبد الله بن ماجة في سننه ويعقوب بن سفيان الفسوي والحسين بن سفيان الفسوي وأبي عروبة الحسن بن أبي معشر الحرّاني وغير هؤلاء ، وقال أبو عبد الرحمن النّسائي : عبد الوهاب بن الضحاك ليس بثقة متروك الحديث كان بسلمية ، وقال جرير : هو منكر الحديث عامّة حديثه الكذب ، روى عن الوليد بن مسلم وغيره.

١٠٣

عَرْعَرُ : بالتكرير ، وهو شجر يقال له الساسم ويقال الشّيزى ويقال هو شجر يعمل منه القطران : وهو اسم موضع في شعر الأخطل ، وقيل : هو جبل ، وقال : بقنّة عرعرا ، وقال المسيّب بن علس في يوم عرعر :

خلّوا سبيل بكرنا ، إنّ بكرنا

يخدّ سنام الأكحل المتماحل

هو القيل يمشي آخذا بطن عرعر

بتجفافه كأنه في سراول

وهذا يدلّ على أنه واد ، وقال امرؤ القيس :

سما لك شوق بعد ما كان أقصرا ،

وحلّت سليمى بطن قوّ فعرعرا

وقال أبو زياد : عرعر موضع ولا ندري أين هو ، وفي كتاب السكوني وذكر الأبحّ بن مرة في خبر فقال : ضيم من عرعر وعرعر من نعمان في بلاد هذيل ، قال الأبحّ بن مرّة الهذلي :

لعمرك ساري بن أبي زنيم

لأنت بعرعر الثأر المنيم

عليك بني معاوية بن صخر ،

وأنت بعرعر وهم بضيم

وأما نصر فقال : عرعر واد بنعمان قرب عرفة وأيضا في عدّة مواضع نجدية وغيرها ، فانه لو كان بنجد لعرفه أبو زياد لأنها بلاده.

عَرَفَاتٌ : بالتحريك ، وهو واحد في لفظ الجمع ، قال الأخفش : إنما صرف لأن التاء صارت بمنزلة الياء والواو في مسلمين ، لا أنه تذكيره ، وصار التنوين بمنزلة النون فلما سمي به ترك على حاله ، وكذلك القول في أذرعات وعانات ، وقال الفراء : عرفات لا واحد لها بصحة ، وقول الناس اليوم يوم عرفة مولّد ليس بعربيّ محض ، والذي يدلّ على ما قاله الفراء ان عرفة وعرفات اسم لموضع واحد ولو كان جمعا لم يكن لمسمى واحد ، ويحسن أن يقال : إن كل موضع منها اسمه عرفة ثم جمع ولم يتنكّر لما قلنا إنها متقاربة مجتمعة فكأنها مع الجمع شيء واحد ، وقيل : إن الاسم جمع والمسمّى مفرد فلم يتنكر ، والفصيح في عرفات وأذرعات الصرف ، قال امرؤ القيس : تنوّرتها من أذرعات وأهلها وإنما صرفت لأن التاء فيها لم تتخصص للتأنيث بل هي أيضا للجمع فأشبهت التاء في بيت ، ومنهم من جعل التنوين للمقابلة أي مقابلا للنون التي في الجمع المذكر السالم فعلى هذا هي غير مصروفة ، وعرفة وعرفات واحد عند أكثر أهل العلم وليس كما قال بعضهم إن عرفة مولّد ، وعرفة حدها من الجبل المشرف على بطن عرنة إلى جبال عرفة ، وقرية عرفة : موصل النخل بعد ذلك بميلين ، وقيل في سبب تسميتها بعرفة إن جبرائيل ، عليه السّلام ، عرّف إبراهيم ، عليه السلام ، المناسك فلما وقفه بعرفة قال له : عرفت؟ قال : نعم ، فسميت عرفة ، ويقال : بل سميت بذلك لأن آدم وحواء تعارفا بها بعد نزولهما من الجنة ، ويقال : إن الناس يعترفون بذنوبهم في ذلك الموقف ، وقيل : بل سمي بالصبر على ما يكابدون في الوصول إليها لأن العرف الصبر ، قال الشاعر :

قل لابن قيس أخي الرقيات :

ما أحسن العرف في المصيبات!

وقال ابن عباس : حدّ عرفة من الجبل المشرف على بطن عرنة إلى جبالها إلى قصر آل مالك ووادي عرفة ، وقال البشاري : عرفة قرية فيها مزارع وخضر ومباطخ وبها دور حسنة لأهل مكة ينزلونها يوم عرفة ،

١٠٤

والموقف منها على صيحة عند جبل متلاطئ ، وبها سقايات وحياض وعلم قد بني يقف عنده الإمام ، وقد نسب إلى عرفة من الرواة زنفل بن شداد العرفي لأنه كان يسكنها ، يروي عن ابن أبي مليكة ، وروى عنه أبو الحجاج والنصر بن طاهر ، وروي أن سعيد ابن المسيب مرّ في بعض أزقة مكة فسمع مغنّيا يغني في دار العاصي بن وائل :

تضوّع مسكا بطن نعمان إذ مشت

به زينب في نسوة عطرات

وهي قصيدة مشهورة ، فضرب برجله الأرض وقال : هذا والله مما يلذّ استماعه :

وليست كأخرى أوسعت جيب درعها

وأبدت بنان الكفّ للجمرات

وحلّت بنان المسك وحفا مرجّلا

على مثل بدر لاح في الظلمات

وقامت تراءى يوم جمع فأفتنت

برؤيتها من راح من عرفات

عِرِفّانُ : من أبنية كتاب سيبويه ، قال : فركّان وعرفّان على وزن فعلّان ، قالوا : عرفّان دويبّة ، وقيل : موضع بعينه.

عُرُفّانُ : بضمتين ، وفاء مشددة ، وآخره نون : اسم جبل.

عَرْفَجاءُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفاء ثم جيم ، وألف ممدودة ، والعرفج : نبت من نبات الصيف لين أغبر له ثمرة خشناء كالحسك ، وعرفجاء : اسم موضع معروف لا تدخله الألف واللام ، وهو ماء لبني عميلة ، وقال أبو زياد : عرفجاء ماء لبني قشير ، وقال في موضع آخر : لبني جعفر بن كلاب مطويّة في غربي الحمى ، قال يزيد بن الطثرية :

خليليّ بين المنحنى من مخمّر

وبين الحمى من عرفجاء المقابل

قفا بين أعناق الهوى لمربّة

جنوب تداوي كل شوق مماطل

وأخبرنا رجل من بادية طيّء أن عرفجاء ماء ونخل لطيّء بالجبلين.

عُرْف : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، والفاء ، ويروى بضم ثانيه ورواه الخارزنجي بفتحه على وزن زفر ، وقال الكميت بن زيد :

أأبكاك بالعرف المنزل ،

وما أنت والطلل المحول؟

وما أنت ، ويك ، ورسم الديار

وسنّك قد قاربت تكمل؟

فأما العرف : فهو كل موضع عال مرتفع ، وجمعه أعراف كما جاء في القرآن ، والعرف : المعروف ، والعرف للفرس : وهو موضع ذكره الحطيئة في شعره ، ويجوز أن يكون العرف والعرف كيسر ويسر وحمر وحمر اسما لموضع واحد وأن يكون العرف جمع عرفة اسما لموضع آخر ، والله أعلم.

والعُرْف : من مخاليف اليمن ، بينه وبين صنعاء عشرة فراسخ ، وقال أبو زياد وهو يذكر ديار بني عمرو ابن كلاب : العرف الأعلى والعرف الأسفل وسمّيا عرفي عمرو بن كلاب ، بينهما مسيرة أربع أو خمس ، ولم يذكر ما ذا ، وقالت امرأة تذكر العرف الأعلى وزوّجها أبوها رجلا من أهل اليمامة :

يا حبّذا العرف الأعلى وساكنه

وما تضمّن من قرب وجيران!

لو لا مخافة ربي أن يعذّبني

لقد دعوت على الشيخ ابن حيّان

١٠٥

فاقر السلام على الأعراف مجتهدا

إذا تأطّم دوني باب سيدان

ابن حيان : أبوها ، وسيدان : زوجها ، وتأطّم : صرّ ، وقال نصر : العرف ، بسكون الراء ، موضع في ديار كلاب به مليحة ماءة من أطيب مياه نجد يخرج من صفا صلد ، وقيل : هما عرفان الأعلى والأسفل لبني عمرو بن كلاب مسيرة أربع أو خمس.

عَرَفَةُ : بالتحريك ، هي عرفات وقد مضى القول فيها شافيا كافيا ، وقد نسبوا إلى عرفة زنفل بن شداد العرفي حجازيّا سكن عرفات فنسب إليها ، يروي عن ابن أبي مليكة ، روى عنه إبراهيم بن عمر بن الوزير أبو الحجّاج والنصر بن طاهر وغيرهما ، وكان ضعيفا.

العُرْفَةُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، ثم فاء ، وجمعها عرف ، وهي في مواضع كثيرة ما اجتمع لأحد منها فيما علمت ما اجتمع لي فإني ما رأيت في موضع واحد أكثر من أربع أو خمس ، وهي بضع عشرة عرفة مرتبة على الحروف أيضا فيما أضيفت إليه وأصلها كل متن منقاد ينبت الشجر ، وقال الأصمعي : والعرف أجارع وقفاف إلا أن كل واحدة منهن تماشي الأخرى كما تماشي جبال الدهناء ، وأكثر عشبهن الشّقّارى والصفراء والقلقلان والخزامى ، وهو من ذكور العشب ، وقال الكميت :

أأبكاك بالعرف المنزل ،

وما أنت والطّل المحول؟

وقال الليث : العرف ثلاث آبار معروفة : عرفة ساق وعرفة صارة وعرفة الأملح ، وأول ما نذكر نحن : عُرْفَةُ الأجْبَالِ : أجبال صبح : في ديار فزارة وبها ثنايا يقال لها المهادر.

عُرْفَةُ أعْيَار : في بلاد بني أسد ، وأعيار جمع عير : وهو حمار الوحش.

عُرْفَةُ الأمْلَح : والأملح : النّدى الذي يسقط على البقل بالليل لبياضه وخضرة البقل ، وكبش أملح : فيه سواد وبياض والبياض أكثر ، وكذلك كل شيء فيه بياض وسواد فهو أملح ، وقال ابن الأعرابي : الأملح الأبيض النقي البياض ، وقال أبو عبيدة : هو الأبيض الذي ليس بخالص البياض فيه عفرة ما ، وقال الأصمعي : الأملح الأبلق في سواد وبياض ، قال ثعلب : والقول ما قاله الأصمعي.

عُرْفَةُ الثَّمَد : والثمد : الماء القليل.

عُرْفَةُ الحمى : وقد مرّ في بابه.

عُرْفَةُ خَجَا : لا أدري ما معناه.

عُرْفَةُ رَقْد : ورقد : موضع أضيفت العرفة إليه ، وقد تقدّم.

عُرْفَةُ سَاق : وقال المرار في هذه وأخرى معها فيما زعموا :

والسّرّ دونك والأنيعم دوننا

والعرفتان وأجبل وصحار

عُرْفَةُ صارَةَ : وهو موضع أضيفت العرفة إليه ، وقد تقدّم ذكره ، وقال محمد بن عبد الملك الأسدي :

وهل تبدون لي بين عرفة صارة

وبين خراطيم القنان حدوج؟

وقال الراجز :

لعمرك إني يوم عرفة صارة ،

وإن قيل صبّ للهوى ، لغلوب

عُرْفَةُ الفَرْوَيْنِ : ... (١)

__________________

(١) ـ هكذا بياض في الأصل.

١٠٦

عُرْفَةُ المُصْرم : وهو القاطع لأن الصّرم القطع.

عُرفَةُ مَنعِج : النّعج : السمين ، ومنعج : الموضع ، قال جحدر اللّص :

تربّعن غولا فالرّجام فمنعجا

فعرفته فالميث ميث نضاد

عُرفَةُ نِبَاطٍ : جمع نبط ، وهو الماء الذي يخرج من قعر البئر إذا حفرت ، وقد نبط ماؤها.

عُرْفَةُ : غير مضافة في قول ذي الرمة حيث قال :

أقول لدهناويّة عوهج جرت

لنا بين أعلى عرفة فالصرائم

عَرْقَبَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح القاف وبعدها باء موحدة : موضع جاء ذكره في الأخبار.

العِرْقَانِ : عرقا البصرة : وهما عرق ناهق وعرق ثادق ، وقد شرح أمرهما في عرق ناهق.

عِرْقُ ثادِق : والثدق والثادق الندى الظاهر : وهو أحد عرقي البصرة ، وقد شرح في عرق ناهق.

عِرْقُ ناهِق : أما عرق ، بكسر أوله : أحد أعراق الحائط ، يقال : وقع الحائط بعرق أو عرقين ، فالعرق الأصل فيما نذكره كله ان العراق في كلام العرب هو الأرض السبخة التي تنبت الطرفاء وشبهه في قول النبي ، صلّى الله عليه وسلّم : من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق ، والعرق الظالم : أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسا أو يحدث فيها شيئا ليستوعب به الأرض ، فلم يجعل له النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، به شيئا وأمره بقطع غراسه ونقض بنائه وتفريغه لمالكه ، وأما ناهق فهو صفة الحمار المصوت ، والنهق : جرجير البرّ ، ويجوز أن يقال : بلد ناهق إذا كثر فيه هذا النبت. وروى السكري عن أبي سعيد المعلم مولى لهم قال : كان العرقان عرقا البصرة محميين ، وهما عرق ناهق وعرق ثادق ، لإبل السلطان وللهوافي أي الضوالّ ، وعرق ناهق يحمى لأهل البصرة خاصة ، وذلك أنه لم يكن لذلك الزمان كراء وكان من حجّ إنما يحجّ على ظهره وملكه فكان من نوى الحجّ أصدر إبله إلى ناهق إلى أن يجيء وقت الحجّ ، وقال شظاظ الضبّي وكان لصّا متعالما :

من مبلغ الفتيان عني رسالة

فلا يهلكوا فقرا على عرق ناهق

فإنّ به صيدا غزيرا وهجمة

نجائب لم ينتجن قبل المراهق

نجيبة ضبّاط يكون بغاؤه

دعاء وقد جاوزن عرض السمالق

العِرْق : بكسر أوله ، وقد ذكر في عرق ناهق اشتقاقه ، وعرق الشجر معروف ، ومنه العريق من الخيل : له عرق كريم ، والعرق : واد لبني حنظلة ابن مالك بن زيد مناة بن تميم ، قال جرير :

يا أمّ عثمان إن الحبّ من عرض

يصبي الحليم ويبكي العين أحيانا

كيف التلاقي ولا بالقيظ محضركم

منّا قريبا ، ولا مبداك مبدانا؟

نهوى ثرى العرق ، إذ لم نلق بعدكم

كالعرق عرقا ولا السّلّان سلّانا

ما أحدث الدهر مما تعلمين لكم

للحبل صرما ولا للعهد نسيانا

أبدّل الليل لا تسري كواكبه ،

أم طال حتى حسبت النجم حيرانا؟

وذات عرق : مهلّ أهل العراق وهو الحدّ بين نجد وتهامة ، وقيل : عرق جبل بطريق مكة ومنه

١٠٧

ذات عرق ، وقال الأصمعي : ما ارتفع من بطن الرّمّة فهو نجد إلى ثنايا ذات عرق ، وعرق : هو الجبل المشرف على ذات عرق ، وإياه عنى ساعدة بن جؤيّة بقوله ، والله أعلم ، يصف سحابا :

لما رأى عرقا ورجّع صوبه

هدرا كما هدر الفنيق المصعب

وقال آخر :

ونحن بسهب مشرف غير منجد

ولا متهم فالعين بالدّمع تذرف

وقال ابن عيينة : إني سألت أهل ذات عرق أمتهمون أنتم أم منجدون؟ فقالوا : ما نحن بمتهمين ولا منجدين ، وقال ابن شبيب : ذات عرق من الغور والغور من ذات عرق إلى أوطاس ، وأوطاس على نفس الطريق ، ونجد من أوطاس إلى القريتين ، وقال قوم : أول تهامة من قبل نجد مدارج ذات عرق ، وقال بعض أهل ذات عرق :

ونحن بسهب مشرف غير منجد

ولا متهم فالعين بالدّمع تذرف

وعرق الظّبية : بين مكة والمدينة ، وقد تقدم ذكره ، وعرق أيضا : موضع على فراسخ من هيت.

وعرق : موضع قرب البصرة ، وقد تقدّم ذكره.

وعرق : موضع بزبيد ، وقال القاضي ابن أبي عقامة يرثي موتاه وقد دفنوا به :

يا صاح قف بالعرق وقفة معول ،

وانزل هناك فثمّ أكرم منزل

نزلت به الشّمّ البواذخ بعد ما

لحظتهم الجوزاء لحظة أسفل

أخواي والولد العزيز ووالدي ،

يا حطم رمحي عند ذاك ومنصلي!

هل كان في اليمن المبارك بعدنا

أحد يقيم صغا الكلام الأميل

حتى أنار الله سدفة أهله

ببني عقامة بعد ليل أليل

لا خير في قول امرئ متمدّح ،

لكن طغى قلمي وأفرط مقولي

العُرْقُوبُ : بلفظ واحد العراقيب ، وهو عقب موتر خلف الكعبين ، والعرقوب من الوادي : منحني فيه وفيه التواء شديد ، ويوم العرقوب : من أيام العرب ، قال لبيد بن ربيعة :

فصلقنا في مراد صلقة

وصداء ألحقتهم بالشّلل

ليلة العرقوب حتى غامرت

جعفرا تدعى ورهط بن شكل

ومقام ضيّق فرّجته

بمقامي ولساني وجدل

لو يقوم الفيل أو فيّاله

زلّ عن مثل مقامي وزحل

وقال معاوية المرادي :

لقد علم الحيّان كعب وعامر

وحيّا كلاب جعفر وعبيدها

بأنّا لدى العرقوب لم نسأم الوغى

وقد قلعت تحت السروج لبودها

تركنا لدى العرقوب ، والخيل عكّف ،

أساود قتلى لم توسّد خدودها

ورحنا وفينا ابنا طفيل بغلّة

بما قرّ حيّ عاد فلا شريدها

كذاك تأسّينا وصبر نفوسنا ،

ونحن إذا كنّا بأرض نسودها

١٠٨

عَرْقُوَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وضم القاف ، وفتح الواو ، واحدة العراقي : وهي أكمة تنقاد ، ليست بطويلة في السماء ، وهي على ذلك تشرف على ما حولها ، وهو علم لحزيز أسود في رأسه طميّة.

عِرْقَةُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وهو مؤنث المذكور آنفا : بلدة في شرقي طرابلس بينهما أربعة فراسخ ، وهي آخر عمل دمشق ، وهي في سفح جبل ، بينها وبين البحر نحو ميل ، وعلى جبلها قلعة لها ، وقال أبو بكر الهمذاني : عرقة بلد من العواصم بين رفنيّة وطرابلس ، ينسب إليها عروة بن مروان العرقي الحرّار كان أمّيّا ، يروي عن عبيد الله بن عمر الرّقيّ وموسى بن أعين ، روى عنه أيوب بن محمد الوزّان وخير بن عرفة ويونس بن عبد الأعلى وسعيد ابن عثمان التنوخي ، وواثلة بن الحسن العرقي أبو الفيّاض ، روى عن كثير بن عبيد وعمرو بن عثمان الحمصي ويحيى بن عثمان ، روى عنه الطبراني وروى عنه أيضا عبيد الله بن علي الجرجاني ، وكان سيف الدولة بن حمدان قد غزاها فقال أبو العباس الصفري شاعره :

أخذت سيوف السبي في عقر دارهم

بسيفك لما قيل قد أخذ الدّرب

وعرقة قد سقّيت سكانها الرّدى

ببيض خفاف لا تكلّ ولا تنبو

كأن المنايا أودعت في جفونها ،

فأرواح من حلت به للردى نهب

وإلى عرقة ينسب أبو الحسن أحمد بن حمزة بن أحمد التنوخي العرقي ، قال السلفي : أنشدني بالإسكندرية وكان أبو الحسن قرأ عليّ كثيرا من الحديث وعلقت أنا عنه فوائد أدبية ، وذكر أنه رأى ابن الصوّاف المقرئ وأبا إسحاق الحبّال الحافظ وأبا الفضل بن الجوهري الواعظ ، وسمع الحديث وقرأ القرآن على أبي الحسين الخشاب واللغة على أبي القاسم بن القطّاع والنحو على المعروف بمسعود الدولة الدمشقي ، وكان أبوه ولي القضاء بمصر ، وسمعت أخاه أبا البركات يقول : ولد أخي سنة ٤٦٢ ، ومات بالإسكندرية وحمل في تابوت إلى مصر ودفن بعد أن صلّيت عليه أنا ، وكان شافعيّ المذهب بارعا في الأدب ، ولم يذكر السلفي وفاته ، وأخوه أبو البركات محمد بن حمزة بن أحمد العرقي ، قال السلفي : سألته عن مولده فقال في سنة ٤٦٥ بمصر ، ومات سنة ٥٥٧ ، وذكر أنه سمع الحديث على الخلعي وابن أبي داود وغيرهما ، واللغة على ابن القطاع ، وسمع عليّ كثيرا هو وأخوه أبو الحسن ، وعلقت عنهما فوائد أدبية ، والحسين بن عيسى أبو الرضا الأنصاري الخزرجي العرقي ، قال الحافظ أبو القاسم الدمشقي : من أهل عرقة من أعمال دمشق ، حدث عن يوسف بن يحيى ومحمد بن عبدة وعبد الله بن أحمد بن أبي مسلم الطرسوسي ومحمد ابن إسماعيل بن سالم الصائغ وعلي بن عبد العزيز البغوي وغيرهم ، روى عنه أبو الحسين بن جميع وأبو المفضل محمد بن عبد الله بن محمد الشيباني الحافظ وغيرهم ، قال بطلميوس في كتاب الملحمة : مدينة عرقة طولها إحدى وستون درجة وخمس عشرة دقيقة ، وعرضها ست وثلاثون درجة وست عشرة دقيقة في آخر الإقليم الرابع وأول الخامس ، طالعها تسع درجات من السنبلة وست وأربعون دقيقة تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان وست وأربعين دقيقة ، يقابلها مثلها من الجدي ، وسط سمائها مثلها من الحمل ، بيت عاقبتها مثلها من الميزان وله شركة في رأس الغول.

١٠٩

عَرْقةُ : هكذا وجدته مضبوطا بخط بعض فضلاء حلب في شعر أبي فراس بفتح أوله ، وقال : هي من نواحي الروم غزاها سيف الدولة فقال أبو فراس :

وألهبن لهبني عرقة وملطية ،

وعاد إلى موزار منهن زائر

وكذا يروى في شعر المتنبي أيضا ، قال :

وأمسى السبايا ينتحبن بعرقة

كأنّ جيوب الثاكلات ذيول

العَرِقَةُ : من قرى اليمامة لم تدخل في صلح خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، يوم مسيلمة.

العَرِمُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، في قوله تعالى : فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ ، قال أبو عبيدة : العرم جمع العرمة وهي السّكر والمسنّاة التي تسدّ بها المياه وتقطع ، وقيل : العرم اسم واد بعينه ، وقيل : العرم ههنا اسم للجرذ الذي نقب السكر عليهم وهو الذي يقال له الخلد ، وقيل : العرم المطر الشديد ، وقال البخاري : العرم ماء أحمر حفر في الأرض حتى ارتفعت عنه الجنان فلم يسقها فيبست وليس الماء الأحمر من السدّ ولكنه كان عذابا أرسل عليهم ، انتهى كلام البخاري وسنذكر قصة ذلك في مأرب إن شاء الله تعالى إذا انتهينا إليه ، وعرم أيضا : اسم واد ينحدر من ينبع في قول كثير :

بيضاء من عسل ذروة ضرب

شجّت بماء الفلاة من عرم

قال : هو جبل ، وعسل جمع عسل في لغة هذيل وخزاعة وكنانة.

العَرَمَةُ : بالتحريك ، وهو في أصل اللغة الأنبار من الحنطة والشعير ، وقال أبو منصور : العرمة أرض صلبة إلى جنب الصمّان ، قال رؤبة : وعارض العرق وأعناق العرم قال : وهي تتاخم الدهناء وعارض اليمامة يقابلها ، قال : وقد نزلت بها ، وقال المبرّد في الكامل : ولقي نجدة وأصحابه قوما من خوارج العرمة باليمامة ، وقال الحفصي : العرمة عارض باليمامة ، وأنشد للأعشى :

لمن الدّار تعفّى رسمها

بالغرابات فأعلى العرمه؟

العَرَّمَانُ : من قرى صرخد ، أنشدني أبو الفضل محمد ابن ميّاس بن أبي بكر بن عبد العزيز بن رضوان بن عباس بن رضوان بن منصور بن رويد بن صالح بن زيد بن عمرو بن الزمار بن جابر بن سهي بن عليم بن جنّاب العرماني من ناحية صرخد من عمل حوران من أعمال دمشق لنفسه :

يعادي فلان الدين قوم لو انهم

لأخمصه ترب لكان لهم فخر

ولكنهم لم يذكروا فتعمّدوا

عداوته حتى يكون لهم ذكر

وأنشدني أيضا لنفسه :

ولما اكتسى بالشعر توريد خدّه ،

وما حالة إلا نزول إلى حال

وقفت عليه ثم قلت مسلّما :

ألا أنعم صباحا أيها الطلل البالي

وأنشدني أيضا لنفسه يمدح صديقه موسى القمراوي ، وقمرى قرية من قرى حوران أيضا قريبة من العرّمان :

أصبحت علّامة الدنيا بأجمعها ،

تشدّ نحوك من أقطارها النّجب

بأن على كبد الجوزاء منزلة

تحقّها من جلال حولها الشّهب

١١٠

ما نال ما نلت من فضل ومن شرف

سراة قوم وإن جدّوا وإن طلبوا

العِرْناسُ : موضع بحمص ، ذكره ابن أبي حصينة فقال :

من لي بردّ شبيبة قضيّتها

فيها وفي حمص وفي عرناسها؟

عِرْنانُ : بالكسر ثم السكون ثم النون ، وآخره نون أخرى ، كأنه جمع عرن مثل صنو وصنوان ، وواحدته عرنة ، وهي شجرة على صورة الدلب يقطع منه خشب القصّارين ، وقيل : هو شجر خشن يشبه العوسج إلا أنه أضخم منه يدبغ به وليس له ساق طويل ، وقيل : العرن ، ويقال العرنة ، عروق العرتن ، بضم التاء ، وهو شجر يدبغ به ، وقال السكوني : عرنان جبل بين تيماء وجبلي طيّء ، قال نصر : عرنان مما يلي جبال صبح من بلاد فزارة ، وقيل : رمل في بلاد عقيل ، وقال الأزهري : عرنان اسم واد معروف ، وقال غيره : عرنان اسم جبل بالجناب دون وادي القرى إلى فيد ، وهذا مثل قول أبي عبيد السكوني ، وقال الأصمعي : عرنان واد ، وقيل : غائط واسع في الأرض منخفض ، وقال الشاعر :

قلت لعلّاق بعرنان : ما ترى؟

فما كاد لي عن ظهر واضحة بيدي

ويوصف عرنان بكثرة الوحش ، قال بشر بن أبي خازم :

كأني وأقتادي على حمشة الشّوى

بحربة أو طاو بعسفان موجس

تمكّث شيئا ثم أنحى ظلوفة

يثير التراب عن مبيت ومكنس

أطاع له من جوّ عرنين بأرض

ونبذ خصال في الخمائل مخلس

وقال القتّال الكلابي :

وما مغزل من وحش عرنان أتلعت

بسنّتها أخلت عليها الأواعس

عُرَنْدَلُ : قرية من أرض الشّراة من الشام فتحت في أيام عمر بن الخطّاب بعد اليرموك.

عَرَنَةُ : بوزن همزة وضحكة وهو الذي يضحك من الناس فيكون في القياس الكثير ، العرن : قرح يخرج بقوائم الفصلان ، وقال الأزهري : بطن عرنة واد بحذاء عرفات ، وقال غيره : بطن عرنة مسجد عرفة والمسيل كله ، وله ذكر في الحديث ، وهو بطن عرنة ، وقد ذكر في بطن أبسط من هذا ، وإيّاها أراد الشاعر فيما أحسب بقوله :

أبكاك دون الشعب من عرفات

بمدفع آيات إلى عرنات

وقيل في عمر بن أبي الكنّات الحكمي وهو مغنّ مجيد :

أحسن الناس ، فأعلموه ، غناء

رجل من بني أبي الكنّات

حين غنّى لنا فأحسن ما شا

ء غناء يهيج لي لذّات

عفت الدار بالهضاب اللّواتي

بين توز فملتقى عرنات

عُرْوَانُ : بالضم ثم السكون ، وواو ، وآخره نون ، كأنه فعلان من العروة ، وهو الشجر الذي لا يزال باقيا في الأرض ، وجمعها عرى : وهو اسم جبل ، وقيل موضع ، وقال ابن دريد : هو بفتح العين ، قال :

١١١

وما ضرب بيضاء تسقي دبورها

دفاق فعروان الكراث فضيمها

الكراث : نبت وهو الهليون.

عَرْوَانُ : فعلان ، بالفتح ، كالذي قبله لا فرق إلا الفتح ، قال الأديبي : هو جبل في هضبة يقال لها عروى ، وقال نصر : عروان جبل بمكة وهو الجبل الذي في ذروته الطائف وتسكنه قبائل هذيل وليس بالحجاز موضع أعلى من هذا الجبل ولذلك اعتدل هواء الطائف ، وقيل : إن الماء يجمد فيه وليس في الحجاز موضع يجمد فيه الماء سوى عروان ، وقال ساعدة بن جؤيّة :

وما ضرب بيضاء تسقي دبورها

دفاق فعروان الكراث فضيمها

وقال أبو صخر الهذلي :

فألحقن محبوكا كأنّ نشاصه

مناكب من عروان بيض الأهاضب

المحبوك : الممتلئ من السحاب ، ونشاصه : سحابه.

العَرُّوبُ : بتشديد الراء : اسم قريتين بناحية القدس فيهما عينان عظيمتان وبركتان وبساتين نزهة.

العَرُوسُ : من حصون البحار باليمن.

العَرُوسَيْن : حصن من حصون اليمن لعبد الله بن سعيد الربيعي الكردي.

العُرُوشُ : دار العروش : قرية أو ماء باليمامة ، عن أبي حفصة.

العَرُوضُ : بفتح أوله ، وآخره ضاد ، وهو الشيء المعترض ، والعروض : الجانب ، والعروض : المدينة ومكة واليمن ، وقيل : مكة واليمن ، وقال ابن دريد : مكة والطائف وما حولهما ، وقال الخازنجي : العروض خلاف العراق ، وقال أهل السير : لما سار جديس من بابل يؤم إخوته فلحق بطسم وقد نزل العروض فنزل هو في أسفله ، وإنما سمّيت تلك الناحية العروض لأنها معترضة في بلاد اليمن والعرب ما بين تخوم فارس إلى أقصى أرض اليمن مستطيلة مع ساحل البحر ، قال لبيد :

يقاتل ما بين العروض وخثعما

وقال صاحب العين : العروض طريق في عرض الجبل ، والجمع عروض ، وقال ابن الكلبي : بلاد اليمامة والبحرين وما والاها العروض وفيها نجد وغور لقربها من البحر وانخفاض مواضع منها ومسائل أودية فيها ، والعروض يجمع ذلك كله.

العُرُوقُ : جمع عرق : تلال حمر قرب سجا.

العُرُّوَنْد : بضم أوله ، وتشديد الراء وضمّها أيضا ، وفتح الواو ، وسكون النون ، ودال مهملة ، من حصون صنعاء اليمن.

عَرْوَى : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وهو فعلى : وهي هضبة بشمام ، وقال نصر : عروى ماء لبني أبي بكر بن كلاب ، وقيل : جبل في ديار ربيعة بن عبد الله بن كلاب وجبل في ديار خثعم ، وقيل : عروى هضبة بشمام ، وله شاهد ذكر في القهر ، وقال خديج بن العوجاء النّصري :

بملمومة عمياء لو قذفوا بها

شماريخ من عروى إذا عاد صفصفا

وقال ابن مقبل :

يا دار كبشة تلك لم تتغيّر

بجنوب ذي بقر فحزم عصنصر

فجنوب عروى فالقهاد غشيتها

وهنا فهيّج لي الدموع تذكّري

١١٢

عُرْهانُ : بالضم ، وآخره نون ، وهو تركيب مهمل في كلام العرب : اسم موضع.

عُرْيَانُ : ضدّ المكتسي : أطم بالمدينة لبني النّجّار من الخزرج في صقع القبلة لآل النضر رهط أنس بن مالك.

عُرَيْتِنَاتُ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، وتاء مثناة من فوق مكسورة ، ونون ، وآخره تاء ، وهو جمع تصغير عرتنة ، وهو نبات خشن شبه العوسج يدبغ به : وهو واد ، قال بشر بن أبي خازم :

وإذ صفرت عتاب الودّ منّا

ولم يك بيننا فيها ذمام

فان الجزع جزع عريتنات

وبرقة عيهم منكم حرام

سنمنعها ، وإن كانت بلادا

بها تربو الخواصر والسّنام

أي تسمن بها الإبل وتعظم ، وقال ابن أبي الزناد : كنا ليلة عند الحسن بن زيد العلوي نصف الليل جلوسا في القمر ، وكان الحسن يومئذ عامل المنصور على المدينة ، وكان معنا أبو السّائب المخزومي وكان مشغوفا بالسماع وبين أيدينا طبق فيه فريك ونحن نصيب منه ، فأنشد الحسن بن زيد قول داود بن سلم وجعل يمد به صوته ويطربه :

معرّسنا ببطن عريتنات

ليجمعنا وفاطمة المسير

أتنسى ، إذ تعرّض ، وهو باد

مقلّدها كما برق الصبير

ومن يطع الهوى يعرف هواه ،

وقد ينبيك بالأمر الخبير

ألا إنّي زفرت غداة هرشى ،

وكاد يريبهم منّي الزّفير

قال : فأخذ أبو السائب الطبق فوحش به إلى السماء فوقع الفريك على رأس الحسن بن زيد فقال له : ما لك ويلك أجننت! فقال له أبو السائب : أسألك بالله وبقرابتك من رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، ألا أعدت إنشاد هذا الشعر ومددت كما فعلت! فضحك الحسن بن زيد وردّد الأبيات ، فلما خرج أبو السائب قال لي : يا أبا الزناد أما سمعت مدّه حيث قال :

ومن يطع الهوى يعرف هواه قلت : نعم ، قال : لو علمت أنه يقبل مالي لدفعته إليه بهذه الأبيات.

عُرَيْجَاء : تصغير العرجاء : وهو موضع معروف يدخله الألف واللام.

عُرَيْشَاء : بلفظ التصغير.

عَرِيشٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، ثم شين معجمة بعد الياء المثناة من تحت ، وهو ما يستظلّ به ، والعريش للكرم الذي ترسل عليه قضبانه ، والعريش شبه الهودج يتخذ للمرأة تقعد فيه على بعيرها : وهي مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم في وسط الرمل ، قال ابن زولاق وهو يذكر فضائل مصر : ومنها العريش والجفار كله وما فيه من الطير والجوارح والمأكول والصيد والتمور والثياب التي ذكرها رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، تعرف بالقسّيّة تعمل بالقس ، وبها الرّمان العريشي لا يعرف في غيره وما يعمل في الجفار من المكايل التي تحمل إلى جميع الأعمال ، قال إنما سمّي العريش لأن إخوة يوسف ، عليه السّلام ، لما أقحط

١١٣

الشام ساروا إلى مصر يمتارون وكان ليوسف حرّاس على أطراف البلاد من جميع نواحيها فمسكوا بالعريش وكتب صاحب الحرس إلى يوسف يقول له : إن أولاد يعقوب الكنعاني قد وردوا يريدون البلد للقحط الذي أصابهم ، فالى أن أذن لهم عملوا لهم عريشا يستظلون تحته من الشمس فسمي الموضع العريش ، فكتب يوسف إلى عامله يأذن لهم في الدخول إلى مصر ، وكان ما قصه الله تعالى في القرآن المجيد ، وينسب إلى العريش أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن الفتح العريشي شاعر فقيه من أصحاب الحديث ، يروي عنه ولده أبو الفضل شعيب بن أحمد وابن ابنه أبو إسحاق إبراهيم بن شعيب ، كتب عنه السلفي شيئا من شعره ، وقال الحسن بن محمد المهلّبي : من الورّادة إلى مدينة العريش ثلاثة فراسخ ، قال : ومدينة العريش مدينة جليلة وهي كانت حرس مصر أيام فرعون ، وهي آخر مدينة تتصل بالشام من أعمال مصر ويتقلدها والي الجفار وهي مستقرّة ، وفيها جامعان ومنبران ، وهواؤها صحيح طيب ، وماؤها حلو عذب ، وبها سوق جامع كبير وفنادق جامعة كبيرة ووكلاء للتجار ونخل كثير ، وفيها صنوف من التمور ورمان يحمل إلى كل بلد بحسبه ، وأهلها من جذام ، قال : ومنها إلى بئري أبي إسحاق ستة أميال ، وهما بئران عظيمتان ترد عليهما القوافل وعندهما أخصاص فيها باعة ، ومنها إلى الشجرتين وهي أول أعمال الشام ستة أميال ، ومنها إلى البرمكية ستة أميال ثم إلى رفح ستة أميال.

عَرِيضٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره ضاد ، وهو بمعنى خلاف الطويل : وهي قنّة منقادة بطرف النير نير بني غاضرة ، وفي قول امرئ القيس :

قعدت له وصحبتي بين ضارج

وبين تلاع يثلث فالعريض

فالعريض : جبل ، وقيل : اسم واد ، وقيل : موضع بنجد.

عُرَيْضٌ : تصغير عرض أو عرض ، وقد سبق تفسيره ، قال أبو بكر الهمذاني : هو واد بالمدينة له ذكر في المغازي : خرج أبو سفيان من مكة حتى بلغ العريض وادي المدينة فأحرق صورا من صيران وادي العريض ثم انطلق هو وأصحابه هاربين إلى مكة ، وقال أبو قطيفة :

ولحيّ بين العريض وسلع

حيث أرسى أوتاده الإسلام

كان أشهى إليّ قرب جوار

من نصارى في دورها الأصنام

منزل كنت أشتهي أن أراه ،

ما إليه لمن بحمص مرام

وقال بجير بن زهير بن أبي سلمى في يوم حنين حين فرّ الناس من أبيات :

لولا الإله وعبده ولّيتم

حين استخفّ الرّعب كلّ جبان

أين الذين هم أجابوا ربّهم

يوم العريض وبيعة الرّضوان؟

عُرَيْضَةُ : من بلاد بني نمير ، قال جران العود النّميري :

تذكّرنا أيامنا بعريضة

وهضب قساء ، والتذكّر يشعف

الهضب : جنب الجبل.

عُرَيْعِرَةُ : تصغير عرعرة ، بتكرير العين والراء ، وعرعرة الجبل غلظة معظمه : وهو ماء لبني ربيعة ،

١١٤

وقال الحفصي : عريعرة نخل لبني ربيعة باليمامة ، وقال الأصمعي : هي بين الجبلين والرمل ، وقالت امرأة من بني مرّة يقال لها أسماء :

أيا جبلي وادي عريعرة التي

نأت عن ثوى قوم وحمّ قدومها

ألا خلّيا مجرى الجنوب لعلّه

يداوي فؤادي من جواه نسيمها

وقولا لركبان تميميّة غدت

إلى البيت ترجو أن تحطّ جرومها

عُرَيْفِطانُ : تصغير عرفطان ، وهو نبت ، ويقال عريفطان معن : وهو واد بين مكة والمدينة ، قال عرّام : تمضي من المدينة مصعدا نحو مكة فتميل إلى واد يقال له عريفطان ليس به ماء ولا رعي وحذاءه جبال يقال لها أبلى وحذاءه قنّة يقال لها السّودة لبني خفاف من بني سليم.

عُرَيْقٌ : تصغير عرق : موضع. وعريق وحمض : موضعان بين البصرة والبحرين ، قال :

يا ربّ بيضاء لها زوج حرض

حلّالة بين عريق وحمض

ترميك بالطرف كما يرمى الغرض

عُرَيْقَةُ : بلفظ التصغير أيضا ، يوم عريقة : من أيامهم.

عريقِيَّةُ : قال أبو زياد : ومن مياه بني العجلان عريقيّة كثيرة النخل.

العُرَيمَةُ : تصغير العرمة ، وقد ذكر آنفا ، قال أبو عبيد الله السكوني : وبين أجإ وسلمى موضع يقال له العريمة ، وهو رمل وبه ماء يعرف بالعبسيّة ، وقال العمراني : العريمة رملة لبني سعد ، وقيل : لبني فزارة ، وقيل : بلد ، وقال النابغة :

إن العريمة مانع أرماحنا

ما كان من سحم بها وصفار

زيد بن بدر حاضر بعراعر ،

وعلى كنيب مالك بن حمار

العَرينُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، ونون ، وهو مأوى الأسد وصياح الفاختة واللحم المطبوخ والقثّاء والشوك وغير ذلك ، دفن بعض الخلفاء بعرين مكة أي في قبابها ، والعرين : علم لمعدن بتربة.

عِرِّينُ : بكسر أوله وثانيه وتشديده ، ونون في آخره ، بوزن خمّير وسكّين ، كأنه المكثر للكون بالعرين في شعر ابن مناذر.

العُرْيُ : ماء لبني الحليس من بني بجيلة مجاورين لبني سلول بن صعصعة ، عن أبي زياد ، وأظنه بالحجاز.

عُرَيْنَةُ : بلفظ تصغير عرنة ، قال أبو عمرو الشيباني : الظّمخ واحدته ظمخة ، وهو العرن واحدته عرنة : شجرة على صورة الدّلب يقطع منه خشب القصّارين ويدبغ به أيضا ، وعرينة : موضع ببلاد فزارة ، وقيل : قرى بالمدينة ، وعرينة : قبيلة من العرب ، وقرأت بخط العبدري في فتوح الشام لأبي حذيفة ابن معاذ بن جبل قال في كلام له طويل : واجتمع رأي الملإ الأكابر منّا أن يأكلوا قرى عرينة ويعبدوا الله حتى يأتيهم اليقين ، وقال في موضع آخر في بعثة أبي بكر عمرو بن العاص إلى الشام ممدّا لأبي عبيدة : وجعل عمرو بن العاص يستنفر من مرّ به من البوادي وقرى عربية ، ضبط في الموضعين بفتح العين والراء والباء الموحدة وياء شديدة.

١١٥

باب العين والزاي وما يليهما

عِزَّا : بكسر أوله ، وتشديد ثانيه ، والقصر ، كفر عزّا : ناحية من أعمال الموصل ، يجوز أن يكون مأخوذا من العزّ وهو المطر الشديد وتكون الألف للتأنيث كأنه يراد به الأرض الممطورة.

العُزَّى : بضم أوله في قوله تعالى : أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ، اللّات : صنم كان لثقيف ، والعزّى : سمرة كانت لغطفان يعبدونها وكانوا بنوا عليها بيتا وأقاموا لها سدنة ، فبعث النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، خالد بن الوليد إليها فهدم البيت وأحرق السّمرة ، والعزّى تأنيث الأعزّ مثل الكبرى تأنيث الأكبر ، والأعزّ بمعنى العزيز والعزى بمعنى العزيزة ، وقال ابن حبيب : العزى شجرة كانت بنخلة عندها وثن تعبده غطفان وسدنتها من بني صرمة بن مرّة ، قال أبو منذر بعد ذكر مناة واللّات : ثم اتخذوا العزّى وهي أحدث من اللات ومناة ، وذلك أني سمعت العرب سمّت بها عبد العزّى فوجدت تميم بن مرّ سمّى ابنه زيد مناة بن تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة وعبد مناة بن أدّ ، وباسم اللّات سمّى ثعلبة بن عكابة ابنه تيم اللات وتيم اللات بن رفيدة بن ثور وزيد اللات بن رفيدة بن ثور بن وبرة بن مرّ بن أدّ ابن طابخة وتيم اللات بن النمر بن قاسط وعبد العزّى ابن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، فهي أحدث من الأولين ، وعبد العزّى بن كعب من أقدم ما سمّت به العرب ، وكان الذي اتخذ العزّى ظالم بن أسعد ، وكانت بواد من نخلة الشامية يقال له حراض بازاء الغمير عن يمين المصعد إلى العراق من مكة ، وذلك فوق ذات عرق إلى البستان بتسعة أميال ، فبني عليها بسّا ، يريد بيتا ، وكانوا يسمعون فيه الصوت ، وكانت العرب وقريش تسمّي بها عبد العزّى ، وكانت أعظم الأصنام عند قريش ، وكانوا يزورونها ويهدون لها ويتقرّبون عندها بالذبائح ، قال أبو المنذر : وقد بلغنا أن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، ذكرها يوما فقال : لقد اهتديت للعزّى شاة عفراء وأنا على دين قومي ، وكانت قريش تطوف بالكعبة وتقول : واللّات والعزّى ومناة الثالثة الأخرى فانهنّ الغرانيق العلى وإن شفاعتهنّ لترتجى ، وكانوا يقولون بنات الله ، عز وجل ، وهنّ يشفعن إليه ، فلما بعث رسوله ، صلّى الله عليه وسلّم ، أنزل عليه : أفرأيتم اللّات والعزّى ومناة الثالثة الأخرى ، ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى ، إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ، وكانت قريش قد حمت لها شعبا من وادي حراض يقال له سقام يضاهئون به حرم الكعبة ، وقد ذكر سقام في موضعه من هذا الكتاب ، وللعزّى يقول درهم بن زيد الأوسي :

إني وربّ العزّى السعيدة والل

ه الذي دون بيته سرف

وكان لها منحر ينحرون فيه هداياهم يقال له الغبغب ، وقد ذكر في موضعه أيضا ، وكانت قريش تخصها بالإعظام فلذلك يقول زيد بن عمرو بن نفيل ، وكان قد تألّه في الجاهلية وترك عبادتها وعبادة غيرها من الأصنام :

تركت اللّات والعزّى جميعا ،

كذلك يفعل الجلد الصّبور

فلا العزّى أدين ولا ابنتيها ،

ولا صنمي بني عمرو أزور

ولا هبلا أزور وكان ربّا

لنا في الدهر ، إذ حلمي صغير

١١٦

وكانت سدنة العزّى بني شيبان بن جابر بن مرّة بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن عتبة بن سليم بن منصور ، وكانوا حلفاء بني الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، وكان آخر من سدنها منهم دبيّة بن حرمي السلمي ، وله يقول أبو خراش الهذلي وكان قدم عليه فحذاه نعلين جيدتين فقال :

حذاني بعد ما خذمت نعالي

دبيّة ، إنه نعم الخليل

مقابلتين من صلوي مشبّ

من الثيران وصلهما جميل

فنعم معرّس الأضياف تدحى

رحالهم شآمية بليل

يقابل جوعهم بمكلّلات

من القربى يرعّبها الحميل

فلم تزل العزى كذلك حتى بعث الله نبيّه ، صلّى الله عليه وسلّم ، فعابها وغيرها من الأصنام ونهاهم عن عبادتها ونزل القرآن فيها فاشتدّ ذلك على قريش ومرض أبو أحيحة سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف مرضه الذي مات فيه ، فدخل عليه أبو لهب يعوده فوجده يبكي فقال له : ما يبكيك يا أبا أحيحة ، أمن الموت تبكي ولا بدّ منه؟ فقال : لا ولكني أخاف ألا تعبدوا العزّى بعدي ، فقال له أبو لهب : ما عبدت في حياتك لأجلك ولا تترك عبادتها بعدك لموتك ، فقال أبو أحيحة : الآن علمت أن لي خليفة ، وأعجبه شدّة نصبه في عبادتها ، قال أبو المنذر : وكان سعيد بن العاصي أبو أحيحة يعتمّ بمكة فإذا اعتم لم يعتمّ أحد بلون عمامته ، قال أبو المنذر : حدّثني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، رضي الله عنه ، قال : كانت العزى شيطانة تأتي ثلاث سمرات ببطن نخلة ، فلما افتتح النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، مكة بعث خالد بن الوليد فقال له : ائت بطن نخلة فإنك تجد ثلاث سمرات فاعضد الأولى ، فأتاها فعضدها ، فلما عاد إليه قال : هل رأيت شيئا؟ قال : لا ، قال : فاعضد الثانية ، فأتاها فعضدها ، فلما عاد إليه قال : هل رأيت شيئا؟ قال : لا ، قال : فاعضد الثالثة ، فأتاها فإذا هو بخنّاسة نافشة شعرها واضعة يديها على عاتقها تصرف بأنيابها وخلفها دبيّة ابن حرمي السلمي ثم الشيباني وكان سادنها ، فلما نظر إلى خالد قال :

أعزّيّ شدّي شدّة لا تكذّبي ،

على خالد ألقي الخمار وشمّري

فإنك إلا تقتلي اليوم خالدا ،

فبوئي بذلّ عاجل وتنصّري

فقال خالد :

يا عزّ كفرانك لا سبحانك ،

إني رأيت الله قد أهانك

ثم ضربها ففلّق رأسها فإذا هي حممة ثم عضد الشجر وقتل دبيّة السادن ، وفيه يقول أبو خراش الهذلي يرثيه :

ما لدبيّة منذ اليوم لم أره

وسط الشروب ولم يلمم ولم يطف

لو كان حيّا لغاداهم بمترعة

من الرواويق من شيزى بني الهطف

ضخم الرّماد عظيم القدر جفنته

حين الشتاء كحوض المنهل اللّقف

قال هشام : يطف من الطّوفان أو من طاف يطيف ، والهطف : بطن من عمرو بن أسد ، واللقف : الحوض المنكسر الذي يغلب أصله الماء فيتثلم ، يقال : قد

١١٧

لقف الحوض ، ثم أتى النبيّ ، صلّى الله عليه وسلّم ، فأخبره قال : تلك العزى ولا عزّى بعدها للعرب ، أما إنها لن تعبد بعد اليوم! قال : ولم تكن قريش بمكة ومن أقام بها من العرب يعظمون شيئا من الأصنام إعظامهم العزّى ثم اللات ثم مناة ، فأما العزى فكانت قريش تخصها دون غيرها بالهدية والزيارة وذلك فيما أظن لقربها منهم ، وكانت ثقيف تخص اللات كخاصة قريش العزّى ، وكانت الأوس والخزرج تخص مناة كخاصة هؤلاء الآخرين ، وكلهم كان معظما لها ولم يكونوا يرون في الخمسة الأصنام التي دفعها عمرو بن لحيّ ، وهي التي ذكرها الله تعالى في القرآن المجيد حيث قال : وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ، كرأيهم في هذه ولا قريبا من ذلك فظننت أن ذلك كان لبعدها منهم ، وكانت قريش تعظمها وكانت غنيّ وباهلة يعبدونها معهم ، فبعث النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، خالد ابن الوليد فقطع الشجر وهدم البيت وكسر الوثن.

عَزَازُ : بفتح أوله ، وتكرير الزاي ، وربما قيلت بالألف في أولها ، والعزاز الأرض الصلبة : وهي بليدة فيها قلعة ولها رستاق شمالي حلب بينهما يوم ، وهي طيبة الهواء عذبة الماء صحيحة لا يوجد بها عقرب ، وإذا أخذ ترابها وترك على عقرب قتله فيما حكي ، وليس بها شيء من الهوام ، وذكر أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الديرة أن عزاز بالرقة ، وأنشد عليه لإسحاق الموصلي :

إن قلبي بالتلّ تل عزاز

عند ظبي من الظباء الجوازي

شادن يسكن الشآم وفيه

مع ظرف العراق لطف الحجاز

وينسب إلى عزاز حلب أبو العباس أحمد بن عمر العزازي ، روى عن أبي الحسن علي بن أحمد بن المرزبان ، وقال نصر : عزاز موضع باليمن أيضا.

العَزَّافُ : بفتح أوله وتشديد ثانيه ، وآخره فاء : جبل من جبال الدهناء ، وقيل : رمل لبني سعد وهو أبرق العزاف بجبيل هناك ، وإنما سمي العزاف لأنهم يسمعون به عزيف الجن وهو صوتهم ، وهو يسرة عن طريق الكوفة من زرود ، وقال السكري : العزاف من المدينة على اثني عشر ميلا ، قاله في شرح قول جرير :

حيّ الهدملة من ذات المواعيس ،

فالحنو أصبح قفرا غير مأنوس

حيّ الديار التي شبّهتها خللا

أو منهجا من يمان محّ ملبوس

بين المخيصر والعزّاف منزلة

كالوحي من عهد موسى في القراطيس

عَزّانُ خَبْت : من حصون تعزّ في جبل صبر باليمن.

عَزّان ذَخِر : في جبل صبر باليمن.

عَزّانُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره نون ، يجوز أن يكون فعلان من الأرض العزاز وهي الصلبة الغليظة التي تسرع سيل مطرها : وهي مدينة كانت على الفرات للزّبّاء وكانت لأختها أخرى تقابلها يقال لها عدّان. وعزّان أيضا : من حصون ريمة باليمن.

عَزْرَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ثم راء ، بلفظ اسم النبي عزرة من بني إسرائيل ، وعزره أي نصره ، وقيل عظّمه ، ذكر ذلك في قوله تعالى : وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ، وأصل العزر في اللغة الرّدّ ، ومنه عزرته إذا رددته عن القبيح ، وعزرة : محلة بنيسابور كبيرة ، نسب إليها جماعة ، منهم : أبو إسحاق إبراهيم بن

١١٨

الحسين الفقيه الحنفي العزري ، سمع أبا سعيد عبد الرحمن بن الحسن وغيره ، روى عنه الحاكم أبو عبد الله ، مات سنة ٣٤٧.

عِزُّ : بكسر أوله ، ضد الذل : قلعة في رستاق برذعة من نواحي أرّان.

العَزْفُ : بالفتح ثم السكون ، وآخره فاء ، العزف : ترك اللهو ، والعزف : صوت الرمال ويقال لصوت الجن أيضا : وهو ماء لبني نصر بن معاوية ، بينه وبين شعفين مسيرة أربعة أميال ، وقال رجل من بني إنسان بن غزيّة بن جشم بن معاوية بن بكر :

سرت من جنوب العزف ليلا فأصبحت

بشعفين ، ما هذا بإدلاج أعبد

العَزْلُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، بلفظ ضد الولاية ، وأصله من عزلت الشيء إذا نحيّته ناحية ، والعزل : ماء بين البصرة واليمامة ، قال امرؤ القيس :

حيّ الحمول بجانب العزل ،

إذ لا يلائم شكلها شكلي

عُزْلَةُ بَحْرَانَةَ : بضم العين ، وسكون الزاي ، وبعد اللام هاء ، وباء موحدة مفتوحة ، والحاء ، وبعد الألف نون : من قرى اليمن.

عَزْوَرُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح الواو ، وآخره راء مهملة ، قال ابن الأعرابي : العزورة والحزورة والسّروعة الأكمة ، والعزور : السيئ الخلق ، وعزور : موضع أو ماء ، وقيل : هي ثنية المدينيين إلى بطحاء مكة ، وقال ابن هرمة :

تذكّر بعد النأي هندا وشغفرا ،

فقصّر يقضي حاجة ثم هجّرا

ولم ينس أظعانا عرضن عشيّة

طوالع من هرشى قواصد عزورا

وقال أبو نصر : عزور ثنية الجحفة عليها الطريق بين مكة والمدينة ، وقال : عزور أيضا جبل عن يمنة طريق الحاج إلى معدن بني سليم بينهما عشرة أميال ، وقال أميّة :

إنّ التكرّم والندى من عامر

جدّاك ما سلكت لحجّ عزور

وقال عرّام بن الأصبغ : عزور جبل مقابل رضوى ، وقد ذكرته مستقصى مع رضوى لأن كل واحد له بالآخر نشب في التعريف ، وقال كثيّر :

حلفت بربّ الراقصات إلى منى

خلال الملا يمددن كل جديل

تراها رفاقا بينهنّ تفاوت ،

ويمددن بالإهلال كلّ أصيل

تواهقن بالحجّاج من بطن نخلة

ومن عزور فالخبت خبت طفيل

لقد كذب الواشون ، ما بحت عندهم

بسرّ ولا أرسلتهم برسول

عَزُوزَا : بفتح أوله ، وتكرير الزاي ، قال العمراني : موضع بين مكة والمدينة جاء في الأخبار ذكره والذي قبله أيضا ، وأنا أخشى أن يكون صحّف بالذي قبله فتبحّث عنه.

عِزْوِيتُ : بوزن عفريت : اسم بلد ، وقيل : اسم الداهية ، وقيل : هو القصير ، وذهب النحويون إلى أن الواو في ذوات الأربعة لا تكون إلا زائدة مثل قسور وجرول وترقوة إلا أن يكون مضاعفا نحو قوقيت وضوضيت ، قالوا : وعزويت فعليت مثل عفريت وكبريت فلا يكون من هذا الباب لأن الواو فيه أصل ، قالوا : ولا يمكن أن يكون الواو في عزويت أصلا على أن تكون التاء من الأصل أيضا

١١٩

لأنه كان يلزمك أن تجعل الواو أصلا في ذوات الأربعة ويكون وزنه فعليلا ، قالوا : ولا يجوز أن تجعلها أيضا زائدة مع أصالة التاء لأنه كان يلزم أن يكون وزنه فعويل وهذا مثال لا يعرف فلا يجوز الحمل عليه ، فإذا لم يجز أن يكون فعليلا ولا فعويلا كان فعليتا بمنزلة عفريت لأنه من العفر فمن هنا كانت الواو عنده أصلا إلا ما كان من الزمخشري فانه ذكر عدّة أمثلة ثم قال : إلا ما اعترض من عزويت يعني أن الواو فيه أصل والتاء أصل فهو عنده فعليل مثل برطيل وقنديل.

عَزِيبٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، والباء الموحدة ، فعيل من العزوب وهو البعد ، والعزيب المال العازب عن الحيّ : وهو بلد في شعر خالد بن زهير الهذلي :

لعمر أبي هند لقد دثّ مصعكم ،

ونؤتم إلى أمر إليّ عجيب

وذلك فعل المرء صخر ، ولم يكن

لينفكّ حتى يلحقوا بعزيب

العزيزيّةُ : خمس قرى بمصر تنسب إلى العزيز بن المعز ملك مصر ، اثنتان بالكورة الشرقية والعزيزيّة تعرف بالسّلّنت بالمرتاحية وأخرى في السّمنّودية وأخرى في الجيزيّة.

العَزيفُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وآخره فاء ، وهو في الأصل صوت الرمال إذا هبّت عليها الرياح ، وقد يجعلون العزيف صوت الجن : وهو اسم لرمل بعينه لبني سعد ، قال :

كأنّ بين المرط والشّعوف

رملا حبا من عقّد العزيف

العُزَيْلَةُ : لفظ تصغير العزلة وهو الاعتزال والانفراد : اسم موضع.

باب العين والسين وما يليهما

عِسَابٌ : بكسر أوله ، وآخره باء موحدة ، جمع عسب : وهو ضراب الفحل ، وقيل : العسب كراء ضراب الفحل ، وعساب : موضع قرب مكة ، ذكره الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب في قوله :

هيهات منك قعيقعان وبلدح

فجنوب أثبرة فبطن عساب

عَسَاقِيل : قال أبو محمد الأسود : عساقيل بريقات بالمضجع ، والمضجع : بلد بروث بيض لبني أبي بكر ابن كلاب ولعبد الله بن كلاب منه طرف ، قاله في شرح قول جامع بن عمرو بن مرخية :

أرقت بذي الآرام وهنا وعادني

عداد الهوى بين العناب وخنثل

فلما رمينا بالعيون ، وقد بدت

عساقيل في آل الضّحى المتغوّل

بدت لي وللتّيميّ صهوة ضلفع

على بعدها مثل الحصان المحجّل

فقلت : ألا تبكي البلاد التي بها

أميمة؟ يا شوق الأسير المكبّل!

وهي قصيدة.

عَسّانُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره نون : قرية جامعة من نواحي حلب بينهما نحو فرسخ ، ينسب إليها قوم من أهل العلم.

عَسْجَدٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ثم جيم مفتوحة ، وهو الذهب ، وقيل : بل العسجد اسم جامع للجوهر كله : وهو اسم موضع بعينه ، قال رزاح بن ربيعة العذري :

فلما مررن على عسجد ،

وأسهلن من مستناخ سبيلا

وإليه تنسب الإبل العسجدية ، ويروى عسجر ، بالراء.

١٢٠