مغني الأديب - ج ١

جماعة من أساتذة الأدب العربي في الحوزة العلميّة بقم المقدّسة

مغني الأديب - ج ١

المؤلف:

جماعة من أساتذة الأدب العربي في الحوزة العلميّة بقم المقدّسة


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات نهاوندي
الطبعة: ١
ISBN: 964-6388-18-3
ISBN الدورة:
964-6388-18-3

الصفحات: ٢٩١
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى الهداة الميامين من آله الطاهرين.

أما بعد ، فإنّ كتاب «مغني اللبيب عن كتب الأعاريب» لـ «جمال الدين بن هشام الأنصاري» بسبب اشتماله على المطالب العلمية العالية ، وشموله الواسع للمباحث المفصّلة حول المفردات التي أخذت حصّةً كبيرة من الكتاب ، وبسبب عرضه الفنّي للمطالب النحويّة بحيث يمكّن القارئ من استنباط الأحكام النحوية صار محطّاً لأنظار المراكز العلمية في العالم ، ومع مرور مئات من السنين على تأليفه فقد يمكن أن يدّعى أنه قلّما وجد كتاب في النحو بهذه المثابة والسعة والشمول.

ولذلك أخذ النحاة منه مباحث كثيرة وتراهم أحياناً قد نقلوا نصّ عباراته في كتبهم.

إن معرفة ابن هشام بلغة العرب ، وكيفيّة استخدامه تراكيب المفردات أثار عجب كلّ من له أدنى معرفة بالأدب العربي ، فتراه عند ما يطرح المطالب العلميّة يحفّها بذكر الشواهد المتعدّدة من الآيات والروايات والأبيات والأمثال العربية.

ويدّل على إحاطته العلمية بالأدب العربي تتبّعه في الكتاب مقفّلات مسائل الإعراب ، وإيضاحه معضلات يستشكلها الطلاّب. ولأجل هذه الغزارة العلميّة قال المؤرخ الشهير ابن خلدون في حقه : «ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له : ابن هشام ، أنحى من سيبويه».

كلّ هذه الخصال جعل المغني متناً دراسيّاً في الحوزات العلميّة ، منذ سنوات

٣

طويلة يتحتم على كلّ طالب دراسته قبل الشروع في دروس الفقه والاُصول.

ولكن جعلُه متناً دراسياً مع جميع محاسنه القيّمة لا يخلو من نواقص أساسية : منها : اشتماله على الأشعار المبتذلة التي لا تلائم روح الزهد والتقوى السائدين في المراكز العلميّة للشيعة.

وممّا يلزم الالتفات إليه أنه لا ضرورة للالتجاء إلى الأشعار المنافية للأخلاق لإثبات حكم من الأحكام النحوية ، لأن المعيار العام في الاستدلال هي حجّية الأشعار والكلمات والأمثال ، وتحصيل الأبيات المشتملة على مضامين راقية مع كونها في نفس الأمر حجة ، وإن يطلب وقتاً واسعاً وجهداً جاهداً لكنّه ليس بمحال.

ومن الممكن أنّ ابن هشام لاعتقاده الخاص ، لم يكن ليجوّز لنفسه أن يورد في كتابه الأشعار التي ذكرت في مدح أهل البيت (عليهم السلام) أو رثائهم ، ولهذا لاتُرى في «المغني» الأبيات التي نقلت في حقهم (عليهم السلام) إلاّ رقم قليل جداً لايتجاوز الأصابع ، وأمّا نحن فاستشهدنا بتلك الأشعار وبكثير من المنظومات العالية المضامين. والأمر المهم الذي ينبغي أن يراعى في رأينا هو أن لاتذكر أشعار المولّدين ـ نعني بهم طبقةً من الشعراء الذين لايجوز الاستناد إلى أشعارهم ـ ويلاحظ زمن إنشاء الشعر ومكانه وهي الخطوة الأساسية في علم اُصول النحو.

ومنها : عدم تناسب حجمه الكبير ، المدة التي خصّصت لدراسته في الحوزات العلميّة ، وذلك لأن الفترة التي خصّصت لدراسة المغني ، تكفي لثلثه والكتاب على النظم الموجود يتدرس فيه من المغني مباحث علمية كثيرة التي لايستغني الطالب عن دراستها والتعرف عليها.

ومنها : تكثير الأمثلة ، المملّ في بعض المباحث ، والخروج من المطلب في جملة من المسائل ، فقد تجنّبنا هذين الأمرين ، وحرّرنا الكتاب عنهما ، وذكرنا من

٤

المغني ما هو المهم من المسائل.

وهذه النواقص هي التي دعتنا إلى تلخيص الكتاب. وقد بذلت اللجنة قصارى جهدها وواصلت عملها المستمر حتى أنجزت تلخيص الكتاب ، ولله الحمد.

والواجب علينا أن ننبّه القارئ الكريم على مجموعة من النقاط الضرورية :

١ ـ اللجنة سعت لتنظيم الكتاب بحيث يكون الباب الأول منه قابلاً للتدريس في سنة دراسية واحدة وسائر الأبواب في سنة اُخرى.

٢ ـ تابعنا في عملنا ابن هشام في ذكره للروايات ، فكما أنه استشهد بالروايات القابلة للاستشهاد ، استشهدنا بها ، ولم نقتصر على الأحاديث النبوية المذكورة في المغني ، بل أضفنا إلى متن الكتاب الروايات الواردة عن الأئمة (عليهم السلام) ، التي تركها المصنّف بسبب اعتقاده الخاص ، وأوردنا أيضاً كثيراً من الروايات المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، التي لم يذكرها ابن هشام.

٣ ـ إنّ اللجنة لم ترد إلحاق التعاليق العلميّة المفصلة بالكتاب ، وإن وجدت هناك تعليقة فإن الضرورة ـ كالتناقض بين كلمات ابن هشام أو انفراده برأي يخالف آراء جميع النحاة ـ قد اقتضتها.

٤ ـ نظّمت اللجنة الكلمات المبحوثة عنها في المغني على الترتيب الصحيح في كلّ من حروف الكلم ، ولم يراع ذلك ابن هشام في غير أولها.

٥ ـ ذكرنا في التعاليق ، العناوين المرتبطة بالأشعار ، وحاولنا أن نرجع الطالب مهما أمكن إلى «شرح شواهد المغني» لـ «جلال الدين السيوطي» لكونه في متناول أيدي جميع الطلاب ، وأحلنا الطالب في بعض الموارد إلى كتاب «شرح أبيات مغني اللبيب» لـ «عبدالقادر عمر البغدادي» إما وحده ، أو مع كتاب «شرح شواهدالمغني» لأسباب خاصّة ، فقدأرجعناإليه مثلاًعندذكرالشعرالمرقّم ٨٦ ؛

٥

لأن شاعره ـ أبانواس ـ من طبقة المولّدين ، ولذلك لم يذكر السيوطي شعره في كتابه ، لعدم حجيته ، فالتجأنا إلى «شرح أبيات مغني اللبيب» للمزيد من التحقيق فيها.

وخلاصة الكلام : أن وجود داع خاص ألزمنا ذكر كتاب «شرح أبيات مغني اللبيب» في التعليقة.

٦ ـ ما أوردناه من كلمات أميرالمؤمنين (عليه السلام) ، التي في نهج البلاغة يطابق نسخة المرحوم فيض الإسلام ، لأنها في متناول أيدي الطلاب. واستفدنا إلى جانب عناوين نهج البلاغة من الرموز (ح ـ ط ـ ك) التي تشير إلى «الحكم والخطب والكتب».

٧ ـ ذكرنا فهارس جميع المصادر والمراجع التي اعتمدنا عليها في التعاليق مع مشخصات الطبع ليتمكن الأساتذة والطلّاب الكرام من المراجعة.

٨ ـ الباب الأول من الكتاب بعد التدريس في سنة دراسية واحدة بقم المقدّسة وبعض المُدُن ، وإرسال النظرات من جانب الأساتذة الأعزاء ، جدّد فيه النظر وطبع طبعة منقحة مزيدة.

وفي الختام : نرجو من جميع الأساتذة الكرام وأصحاب الرأي والفكر أن يرشدونا بآرائهم القيّمة إذا وجدوا فيه نقصاً طغى به القلم ، أو نشأ من الخطأ والنسيان ، حتّى يصحح في الطبعات الآتية إن شاء الله تعالى.

ويمكن أن تراسلونا باقتراحاتكم على العنوان التالي :

قم ـ المدرسة العلميّة المعصوميّة

«لجنة تأليف كتاب مغني الأديب»

٦

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد حمدالله على إفضاله ، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآله ، فإن أولى ما تقترحه القرائح ، وأعلى ما تجنح إلى تحصيله الجوانح ، ما يتيسر به فهم كتاب الله المنزل ، ويتضح به معنى حديث نبيّه المرسل والأئمة الاثني عشر ، فإنهما الوسيلة إلى السعادة الأبدية ، والذريعة إلى تحصيل المصالح الدينية والدنيوية ، وأصل ذلك علم الإعراب الهادي إلى صوب الصواب.

ومن أجلّ ما صنّف فيه قدراً وأحسنه وقعاً وأعمه نفعاً ، كتاب «مغني اللبيب عن كتب الأعاريب» الذي تشدّ الرحال فيما دونه وتقف عنده فحول الرجال ولايعدونه ، لكنه مع ذلك كله لايخلو من تطويل يوجب الملال وتكرار يعقب السآم وإيراد أشعار ينافيها العفاف ، وقد منّ الله تعالى علينا بتلخيصه وتهذيبه وتزيينه ببعض الشواهد الروائية من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الهداة (عليهم السلام) ، والأمثلة الشعرية في مدحهم ورثائهم ، فسمّيناه بـ «مغني الأديب» وهو منحصر في ثمانية أبواب :

الباب الأول : في تفسير المفردات وذكر أحكامها.

٧

الباب الثاني : في تفسير الجمل وذكر أقسامها وأحكامها.

الباب الثالث : في ذكر ما يتردّد بين المفردات والجمل وهو الظرف والجار والمجرور وذكر أحكامهما.

الباب الرابع : في ذكر أحكام يكثر دورها ويقبح بالمعرب جهلها.

الباب الخامس : في ذكر الأوجه التي يدخل على المعرب الخلل من جهتها.

الباب السادس : في التحذير من اُمور اشتهرت بين المعربين والصواب خلافها.

الباب السابع : في كيفيّة الإعراب.

الباب الثامن : في ذكر اُمور كلية يتخرج عليها مالا ينحصر من الصور الجزئية.

٨

الباب الأوّل

في تفسير المفردات وذ كر أحكامها

والمراد بالمفردات ، الحروف وما تضمّن معناها من الأسماء والظروف.

وربما ذُكرت أسماءٌ غير تلك وأفعال ، لمسيس الحاجة إلى شرحها.

وقد رُتّبت على حروف المعجم ، ليسهل تناولها.

حرف الهمزة

الهمزة المفردة تأتي على وجهين :

الأول : أن تكون حرفاً يُنادى به القريب ، كقول هند بنت اُثاثة :

١ ـ أفاطم فَاصبرِي فَلَقَد أصابَتْ

رَزِيئتُكِ التّهائمَ والنُّجُودا (١)

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى : ٢ / ٣٣١.

٩

ونقل ابن الخباز عن شيخه أنه للمتوسط وأن الذي للقريب «يا» وهذا خرق لإجماعهم.

الثاني : أن تكون للاستفهام ، وحقيقته طلب الفهم ، كقوله تعالى : (فَلَمّا جاء السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرعَوْنَ أئنَّ لَنا لأجراً إنْ كُنّا نَحْنُ الغالِبينَ) (الشعراء /٤١).

وقد اُجيز الوجهان في قراءة الحرميَّيْن وحمزة : (أمَنْ هُوَ قانِتٌ آناء الَّيْل) (الزّمر/ ٩).

وكون الهمزة فيه للنّداء هو قول الفرّاء. ويبعّده أنّه ليس في التنزيل نداء بغير «يا» ويقرّبه سلامته من دعوى المجاز ، إذ لا يكون الاستفهام منه تعالى على حقيقته ، ومن دعوى كثرة الحذف ، إذ التقدير عند من جعلها للاستفهام : أمن هو قانت خيرٌ أم هذا الكافر؟ أي : المخاطب بقوله تعالى : (تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَليلاً) (الزّمر/٨) فحذف شيئان (١) : معادل الهمزة والخبر.

ولك أن تقول : لاحاجة إلى تقدير معادل في الآية ، لصحة تقدير الخبر بنحو (٢) : «كمن ليس كذلك» وقد قالوا في قوله تعالى : (أفَمَنْ هُوَ قائمٌ على كُلِّ نَفْس بِما كَسَبَتْ) (الرعد /٣٣) : إنّ التقدير : «كمن ليس كذلك» أو «لم يوحّدوه» ويكون (وَجَعَلُوا لله شُرَكاء) (الرعد /٣٣) ، معطوفاً على الخبر على التقدير الثاني.

والهمزة أصل أدوات الاستفهام ، ولهذا خصّت بأحكام :

الأول : جواز حذفها سواء تقدّمت على «أم» كقول امرؤ القيس :

__________________

١ ـ بل ثلاثة أشياء : الخبر ومعادل الهمزة وهو «أم» على ما صرح به ابن هشام في بحثها ، ومعادل مدخول الهمزة وهو ما دخلت عليه «أم». فتأمل.

٢ ـ قال الزمخشري : تقديره : أمن هو قانت كغيره. وذهب الزجاج إلى مثله. الكشاف : ٤ / ١١٦ ، معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٣٤٧.

١٠

٢ ـ تَروحُ من الحيّ أم تبتكِر

وماذا عليكَ بأن تنتظِر (١)

أم لم تتقدمها كقول الكميت في مدح أهل البيت :

٣ ـ طَرِبْتُ وماشوقاًإلى البيض أطْرَبُ

ولا لعباً منّي وذُوالشيب يلعَبُ؟ (٢)

والأخفش يقيس ذلك في الاختيار عند أمن اللبس ، وحمل عليه قوله تعالى : (وَتِلكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلىّ) (الشعراء /٢٢) وقوله تعالى : (هذا رَبّي) (الأنعام /٧٦ ـ ٧٨) في المواضع الثلاثة (٣).

والمحققون على أنّه خبر ، وأنّ مثل ذلك يقوله من ينصف خصمه مع علمه بأنّه مبطل ، فيحكي كلامه ثمّ يكرّ عليه بالإبطال بالحُجّة.

الثاني : أنها ترد لطلب التصوّر ، نحو قوله تعالى : (وَإن أدْري أقَرِيبٌ أمْ بَعيدٌ ما تُوعَدُونَ) (الأنبياء /١٠٩) ولطلب التصديق ، نحو قول حسّان :

٤ ـ أيذهب مدحيوالمحبّين ضائعا؟

وما المدح في ذات الإله بضائع (٤)

و «هل» مختصّة بطلب التّصديق ، نحو : (هَلْ أدلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ) (طه /١٢٠).

وبقيّة الأدوات مختصّة بطلب التصوّر ، نحو : (مَتى نَصْرُالله) (البقرة /٢١٤)

__________________

١ ـ اللباب : ٣١٧.

٢ ـ شرح شواهد المغني : ١/٣٤.

٣ ـ (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين. فلمّا جنّ عليه اللّيل رأى كوكباً قال هذا ربّي فلمّا أفل قال لا أُحبّ الافلين. فلمّا رأى القمر بازغاً قال هذا ربّي فلمّا أفل قال لئن لم يهدني ربّي لأكوننّ من القوم الضّالّين. فلمّا رأى الشّمس بازغة قال هذا ربّي هذا أكبر فلمّا أفلت قال يا قوم إنّي بريء ممّا تشركون) (الأنعام / ٧٥ ـ ٧٨).

٤ ـ الغدير : ٢ / ٥٨. وفي المصدر «ضايعاً وبضايع» والصحيح : ما أثبتناه ، للقاعدة.

١١

(مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) (يس /٥٢).

الثالث : أنها تدخل على الإثبات كما تقدّم ، وعلى النفي نحو قوله تعالى : (اَلَمْ يَعْلَمْ بِأنّ الله يَرى) (العلق /١٤) وقول حسّان في مدح أميرالمؤمنين (عليه السلام) :

٥ ـ ألستَ أخاه في الهدى ووصيّه

وأعلم فِهْر بالكتاب وبالسّنن؟ (١)

ذكره بعضهم ، وهو منتقض بـ «أم» فإنها تشاركها في ذلك ، تقول : «أقام زيد أم لم يقم؟» (٢).

الرابع : تمام التصدير بدليلين :

أولهما : أنّها لا تذكر بعد «أم» الّتي للإضراب كما يذكر غيرها ، نحو : (أم هَلْ تَسْتَوي الظّلماتُ والنُور) (الرعد /١٦).

ثانيهما : أنّها إذا كانت في جملة معطوفة بالواو أو بالفاء أو بـ «ثُمّ» قدّمت على العاطف ، نحو : (أوَلَمْ يَنْظُرُوا في مَلَكُوتِ السَّمواتِ وَالأرضِ) (الأعراف /١٨٥) (أفَلَمْ يَسيرُوا في الأرضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الّذينَ مِنْ قَبْلِهِم) (يوسف /١٠٩) (أثُمَّ إذا ما وَقَعَ آمَنْتُم بِهِ) (يونس /٥١) وأخواتها تتأخّر عن حروف العطف ، كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة ، نحو قوله تعالى : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأنْتُمْ تُتلى عَلَيْكُمْ آياتُ الله وَفيكُمْ رَسُولُهُ) (آل عمران /١٠١) (فَأينَ تَذْهَبُونَ) (التكوير /٢٦) والبيت المنسوب إلى الإمام

__________________

١ ـ الغدير : ٢ / ٤٣ ، وفهر قبيلة ، وهي أصل قريش وهو فهر بن غالب بن النضر بن كنانة وقريش كلّهم ينسبون إليه ـ لسان العرب ، مادة فهر.

٢ ـ قال الشمني : يمكن أن يقال : مراد ذلك البعض أنّ الهمزة تدخل على الاثبات وعلى النفي دون باقي الالفاظ الموضوعة للاستفهام فلا ترد عليه «أم» لأنها ليست موضوعة للاستفهام ، وإن كانت لا تفارقه في الغالب. المنصف من الكلام : ٣٠.

١٢

علي بن الحسين (عليهما السلام) :

٦ ـ أتحرقني بالناريا غاية المنى

فأين رجائي ثُمّ أين محبّتي (١)

هذا مذهب سيبويه والجمهور ، وخالفهم جماعة ـ أوّلهم الزمخشري ـ فزعموا أنّ الهمزة في تلك المواضع في محلّها الأصلي ، وأنّ العطف على جملة مقدّرة بينها وبين العاطف ، فيقولون : التقدير في «أفلم يسيروا ...» : أمكثوا فلم يسيروا في الأرض؟

ويضعّف قولهم ما فيه من التكّلف ، لِدعوى حذف الجملة.

وقد جزم الزمخشري في مواضع بما يقوله الجمهور ، منها : قوله في (أفَأمِنَ أهْلُ القُرى) (الأعراف /٩٧) : إنّه عطف على (فَأخَذْناهُمْ بَغْتَةً) (الأعراف /٩٥).

فصـل

قد تخرج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي فتستعمل في ثمانية معان :

الأول : التسوية ، وربّما توّهم أن المراد بها الهمزة الواقعة بعد كلمة «سواء» بخصوصها ، وليس كذلك بل كما تقع بعدها تقع بعد «ما اُبالي» ونحوه.

والضابط : أنها الهمزة الداخلة على جملة يصح حلول المصدر محلها ، نحو قوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أم لم تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (المنافقون /٦) وقول أميرالمؤمنين (عليه السلام) : «والله ما يبالي ابن أبي طالب أوَقَع على الموت أم وقع الموت عليه» (٢).

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ٤٦ / ٨١.

٢ ـ بحار الأنوار : ٧١ / ٢٦٣.

١٣

الثاني : الإنكار الإبطالي ، وهذه تقتضي أنّ ما بعدها غير واقع ، وأنّ مدّعيه كاذب ، نحو : (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنينَ) (الإسراء /٤٠).

ومنه : قول فاطمة الزهراء (عليها السلام) في الاحتجاج على فدك : «أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟» (١).

ومن جهة إفادة هذه الهمزة نفي ما بعدها لزم ثبوته إن كان منفياً ، لأنّ نفي النفي يستلزم الإثبات ، ومنه : قوله تعالى : (ألَيْسَ الله بِكاف عَبْدَهُ) (الزمر /٣٦) أي : الله كاف عبده.

الثّالث : الإنكار التوبيخي ، فيقتضي أنّ ما بعدها واقع ، وأنّ فاعله ملوم ، نحوقوله تعالى : (أإِفْكاًآلهةً دُونَ الله تُرِيدُون) (الصافات/٨٦) وقول أبي طالب (عليه السلام) :

٧ ـ أتبغون قتلاً للنبي محمد؟

خصصتم على شؤم بطول أثام (٢)

الرّابع : التقرير ، ومعناه : حملك المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقرّ عنده ثبوته أو نفيه ، نحو : (أأنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتّخِذُوني وَاُمّيَ إلهَينِ) (المائدة /١١٦).

ويجب أن يليَها الشيء الّذي تُقرّره به ، تقول في التقرير بالفعل : أضربت زيداً؟ وبالفاعل : أأنت ضربت زيداً؟ وبالمفعول : أزيداً ضربت؟ كما يجب ذلك في المستفهم عنه (٣).

وقوله تعالى : (أأنْتَ فعلت هذا بِآلهَتنا) (الأنبياء /٦٢) محتمل لإرادة

__________________

١ ـ بلاغات النساء : ١٤.

٢ ـ ديوان شيخ الأباطح أبي طالب عليه السلام : ٣٥.

٣ ـ ذهب جماعة إلى أنّ ذلك أحسن فيهما. راجع المنصف : ٣٥ وتحفة الغريب : ٣٦ وحاشية الأمير : ١٧ وحاشية الدسوقي : ١ / ١٥.

١٤

الاستفهام الحقيقي بأن يكونوا لَمْ يعلموا أنه الفاعل ، ولإرادة التقرير بأن يكونوا قد علموا.

الخامس : التهكُّم ، نحو : (أصَلوتُكَ تأمُرُكَ أنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) (هود /٨٧).

السادس : الأمر ، نحو : (قُلْ لِلّذينَ اُوتُوا الكِتابَ وَالاُميّينَ أأسْلَمْتُم) (آل عمران /٢٠) أي : أسلموا.

السّابع : التعجّب ، نحو : (ألمْ تَرَ إلى رَبّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) (الفرقان /٤٥).

الثّامن : الاستبطاء ، نحو : (ألَمْ يَأْنِ للّذينَ آمنُوا أنْ تَخشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله) (الحديد /١٦).

تنبيه

قد تقع الهمزة فعلاً وذلك أنّهم يقولون : «وأى» بمعنى «وعَد» ومضارعه «يئي» بحذف الواو؛ لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة ، والأمر منه «إه» بحذف اللام للأمر وبالهاء للسكت في الوقف.

(آ)

حرف لنداء البعيد ، وهو مسموع لم يذكره سيبويه ، وذكره غيره.

* * *

(أجَلْ)

حرف جواب مثل : «نعم» فتكون تصديقاً للمخبر وإعلاماً للمستخبر

١٥

ووعداً للطّالب فتقع بعد نحو : «قام زيدٌ» و «أقام زيدٌ» و «اضرب زيداً».

(إذْ)

على أربعة أوجه :

الوجه الأوّل : أن تكون اسماً للزمن الماضي ، ولها أربعة استعمالات :

أحدها : أن تكون ظرفاً وهو الغالب ، نحو : (فَقَدْ نَصَرَهُ الله إذ أخْرَجَهُ الّذين كَفَرُوا) (التوبة /٤٠).

الثّاني : أن تكون مفعولاًبه ، نحو : (وَاذكُرُوا إذْ كُنْتُمْ قَليلاً فَكَثَّركُمْ) (الأعراف /٨٦).

والغالب على المذكورة في أوائل القصص في التنزيل أن تكون مفعولاً به بتقدير «اُذكُرْ» نحو : (وإذ فَرَقْنابِكُمُ الْبَحرَ) (البقرة /٥٠).

وبعض المعربين يقول في ذلك : إنّه ظرف لِـ «اُذكر» محذوفاً.

وهذا وَهَم فاحش ، لاقتضاءه حينئذ الأمر بالذكر في ذلك الوقت ، مع أنّ الأمر للاستقبال وذلك الوقت قد مضى ، وإنّما المراد ذكر الوقت نفسه لا الذكر فيه.

الثّالث : أن تكون بدلاً من المفعول ، نحو : (وَاذْكُر في الكِتابِ مَريَمَ إذِانْتَبَذَتْ مِنْ أهْلِها مَكاناً شَرقيّاً) (مريم /١٦) فـ «إذ» بدل اشتمال من مريم.

الرابع : أن تكون مضافاً إليها اسم زمان صالح للاستغناء عنه ، نحو : «يومئذ وحينئذ» أو غير صالح له ، نحو : (ربّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إذ هَدَيْتَنا) (آل عمران /٨).

وزعم الجمهور أنّ «إذ» لاتقع إلاّ ظرفاً أو مضافاً إليها ، وأنّها في نحو : (وَاذكُرُوا إذ كُنْتُمْ قَليلاً) (الأعراف /٨٦) ظرف لمفعول محذوف ، أي : واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم قليلاً ، وفي نحو : «إذْ انْتَبذَتْ» ظرف لمضاف إلى المفعول محذوف ،

١٦

أي : واذكر قصّة مريم.

ويؤيد هذا القول التصريح بالمفعول في (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيكُمْ إذ كُنْتُمْ أعداء) (آل عمران /١٠٣).

الوجه الثّاني : أن تكون اسماً للزمن المستقبل ، نحو : (يَوْمَئذ تُحَدِّثُ أخْبارَها) (الزلزلة /٤).

والجمهور لايثبتون هذا القسم ، ويجعلون الآية من باب (وَنُفِخَ في الصّور) (الكهف /٩٩) أي : من تنزيل المستقبل الواجب الوقوع منزلة ما قد وقع.

الوجه الثّالث : أنْ تكون للتعليل ، نحو : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمْ اليَوْمَ إذْ ظَلَمْتُمْ أنّكُمْ في العَذابِ مُشْتَرِكُونَ) (الزخرف /٣٩) أي : ولن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب ، لأجل ظلمكم في الدّنيا.

وهل هذه حرف بمنزلة لام العلّة أو ظرف والتعليل مستفاد من قوّة الكلام لامن اللّفظ ، فإنّه إذا قيل : «ضربته إذ أساء» واُريد بـ «إذ» الوقت ، اقتضى ظاهر الحال أنّ الإساءة سبب الضّرب؟ قولان.

ويرد على الثّاني : أنّه لو قيل : لن ينفعكم اليوم وقت ظلمكم الاشتراك في العذاب ، لم يكن التّعليل مستفاداً؛ لاختلاف زمني الفعلين ، وأنّ «إذ» لاتبدل من اليوم؛ لاختلاف الزّمانين ولاتكون ظرفاً لـ «ينفع» ؛ لأنّه لايعمل في ظرفين ولا لـ «مشتركون» ؛ لأنّ معمول خبر الأحرف الخمسة لايتقدّم عليها ولأنّ معمول الصّلة لايتقدّم على الموصول ولأنّ اشتراكهم في الآخرة لا في زمن ظلمهم.

والجمهور لايثبتون هذا القسم. قال أبوالفتح : راجعت أبا علي مراراً في قوله تعالى : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ اليَومَ إذ ظَلَمْتُمْ) مستشكلاً إبدال «إذ» من «اليوم» فآخر ما تحصّل منه : أنّ الدنيا والآخرة متصلتان ، وأنهما في حكم الله تعالى سواء فكأنّ «اليوم» ماض أو كأنّ «إذ» مستقبلة. انتهى.

١٧

وقيل : المعنى : إذ ثبت ظلمكم. وقيل : التقدير : بعد إذ ظلمتم. وعليهما أيضاً فـ «إذ» بدل من «اليوم».

الوجه الرابع : أن تكون للمفاجأة ، نصّ على ذلك سيبويه ، وهي الواقعة بعد «بينا» أو «بينما» كقول أميرالمؤمنين (عليه السلام) : «وإنّ أهل الدنيا كرَكْب بيناهم حلّوا ، إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا» (١) وقول الشاعر : (٢)

٧ ـ فاستقدر الله خيرا وارضينّ به

فبينما العسر إذا دارت مياسير

وهل هي ظرف مكان أو زمان أو حرف بمعنى المفاجأة أو حرف توكيد أي : زائد؟ أقوال. وعلى القول بالظرفية فقال ابن جني : عاملها الفعل الذي بعدها ، لأنها غير مضافة إليه ، وعامل «بينا أو بينما» محذوف يفسّره الفعل المذكور ، وقال الشلوبين : «إذ» مضافة إلى الجملة فلا يعمل فيها الفعل ولا في «بينا وبينما» لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف ولا في ما قبله ، وإنما عاملهما محذوف يدل عليه الكلام ، و «إذ» بدل منهما ، وقيل : العمل ما يلي «بين» بناء على أنها مكفوفة عن الإضافة إليه ، كما يعمل تالي اسم الشرط فيه ، وقيل : «بين» خبر لمحذوف ، وتقدير قولك : «بينما أنا قائم إذ جاء زيد» : بين أوقات قيامي مجيء زيد ، ثم حذف المبتدأ مدلولاً عليه بـ «جاء زيد» ، وقيل : مبتدأ ، و «إذ» خبره ، والمعنى : حين أنا قائم حين جاء زيد.

مسألة

تلزم «إذ» الإضافة إلى جملة إمّا اسمية أو فعلية فعلها ماضٍ لفظاً ومعنىً أو

__________________

١ ـ نهج البلاغة : ٤٠٧ / ١٢٧٩.

٢ ـ نسب إلى حريث بن جبلة وعثير (عتير) بن لبيد العذري وابن كثير بن عذرة بن سعد بن تميم. شرح شواهد المغني : ١ / ٢٤٤ ـ ٢٤٦ ، شرح أبيات مغني اللبيب : ٢ / ١٦٨ ـ ١٧٥.

١٨

معنىً فقط. وقد اجتمعت الثلاثة في قوله تعالى : (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الّذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ الله معنا) (التوبة / ٤٠).

وقد يحذف أحد شطري الجملة فيظن من لا خبرة له أنّها اُضيفت إلى المفرد ، كقول الاخطل :

٨ ـ كانت منازل الّاف عهدتهم

إذ نحن إذ ذاك دون الناس إخواناً (١)

«اُلاّف» ـ بضمّ الهمزة ـ جمع «آلف» بالمدّ مثل : «كافر» و «كفّار» ، و «نحن» و «ذاك» مبتدأ ان حذف خبراهما. فالتقدير : عهدتهم إخوانا إذ نحن متألّفون ، إذ ذاك كائن ، ولاتكون «إذ» الثانية خبراً عن «نحن» ، لأنه زمان و «نحن» اسم عين ، بل هي ظرف للخبر المقدّر ، و «إذ» الاُولى ظرف لـِ «عهدتهم» ، و «دون» إما ظرف له أو للخبر المقدر أو لحال من «إخواناً» محذوفة ، أي : متصافين دون الناس ، ولايمنع ذلك تنكير صاحب الحال؛ لتأخره ، ولاكونه اسم عين؛ لأن «دون» ظرف مكان لازمان (٢) ، والمشار اليه بـ «ذاك» التجاور المفهوم من الكلام.

وقد تحذف الجملة كلّها للعلم بها ، ويعوّض منها التّنوين ، وتكسر الذّال (٣) ،

__________________

١ ـ شرح شواهد المغني : ١ / ٢٤٨.

٢ ـ هذا مبني على أنّ «دون» حال ، والظاهر من قوله : «أو لحال من إخواناً محذوفة أي : متصافين دون الناس» كونه متعلّقاً بمقدّر هو حال.

٣ ـ قال المحقّق الرضي رحمه الله : الحقّ أن «إذ» إذا حذف المضاف إليه منه واُبدل منه التنوين في غير نحو : «يومئذٍ» جاز فتحه أيضاً ، ومنه قوله تعالى حاكياً : «فعلتها إذاً وأنا من الضالّين» (الشعراء / ٢٠) أي : فعلتها إذ ربّيتني ، إذ لا معنى للجزاء هناكما قيل في «إذاً» : إنها للجواب. شرح الكافية : ٢ / ١٠٦ ونقل عن خالد : «إذا» لغة هذيل ، وغيرهم يقولون : «إذ» لسان العرب : مادّة أذذ.

١٩

لالتقاء السّاكنين ، نحو : (يَوْمَئذ يَفْرَحُ المُؤمنُونَ بِنَصْرِالله) (الروم /٤ و ٥).

وزعم الأخفش أن «إذ» في ذلك معربة لزوال افتقارها إلى الجملة وأن الكسرة إعراب ، لأن اليوم مضاف إليها. وردّ بأن بناءها لوضعها على حرفين وبأن الافتقار باق في المعنى كالموصول الذي تحذف صلته لدليل وبأن العوض ينزّل منزلة المعوّض عنه فكأن المضاف إليه مذكور.

(إذا)

على وجهين :

الأول : أن تكون للمفاجأة فتختصّ بالجمل الاسميّة ، ولا تحتاج لجواب ، ولاتقع في الابتداء ، ومعناها الحال باعتبار ما قبلها ، نحو : (فَألْقاها فَإذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) (طه /٢٠).

وهي حرف عند الأخفش ، ويرجّحه قولهم : «خرجت فإذا إنّ زيداً بالباب» بكسر «انّ» ؛ لأنّ «إنّ» لايعمل ما بعدها فيما قبلها ، وظرف مكان عند المبرّد ، وظرف زمان عند الزّجاج. واختار الأوّل ابن مالك ، والثّاني ابن عصفور ، والثّالث الزمخشري ، وزعم أن عاملها فعل مقدر مشتق من لفظ المفاجأة ، قال في قوله تعالى : (ثُمَّ إذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأرضِ إذا أنْتُمْ تَخْرُجُونَ) (الروم /٢٥) : إن التقدير : إذا دعاكم فاجأتم الخروج في ذلك الوقت. ولايعرف هذا لغيره ، وإنما ناصبها عندهم الخبر المذكور في نحو : «خرجت فإذا زيد جالس». أو المقدّر في نحو : «فإذا الأسد» أي : حاضر ، وإذا قدّرت أنها الخبر فعاملها «مستقر» أو «إستقر».

ولم يقع الخبر معها في التنزيل إلاّ مصرّحاً به ، نحو : (فإذا هِيَ شاخِصَةٌ أبصارُ الّذينَ كَفَرُوا) (الأنبياء /٩٧)

٢٠