تراثنا ـ العددان [ 50 و 51 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 50 و 51 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٨

قرّبه وعلّمه.

يا هشام! إنّ كلّ نعمةٍ عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها.

وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : «إنّ لله عباداً كسرت قلوبهم خشيته فأسكتتهم عن المنطق وإنّهم لفصحاء عقلاء ، يستبقون إلى الله بالاَعمال الزكية ، لا يستكثرون له الكثير ، ولا يرضون لهم من أنفسهم بالقليل ، يرون في أنفسهم أنّهم أشرارٌ وإنّهم لاَكياسٌ وأبرارٌ»(١).

يا هشام! الحياء من الاِيمان ، والاِيمان في الجنّة ، والبذاء من الجفاء ، والجفاء في النار(٢).

يا هشام! المتكلّمون ثلاثة : فرابح وسالم وشاجب ، فأمّا الرابح فالذاكر لله ، وأمّا السالم فالساكت ، وأمّا الشاجب فالذي يخوض في الباطل ، إنّ الله حرّم الجنّة على كلّ فاحش بذيء ، قليل الحياء ، لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه(٣).

____________

(١) «عجزت عـن شكرهـا» المراد بالعجـز الترك وتعجيز النفس والكسل ، لا عدم القدرة ، أي إنّ الله يؤاخذ بترك شكر النعمة كما يؤاخذ بفعل السيئة ولو في الدنيا بزوال النعمة.

«يستبقون إلى الله بالاَعمال الزكية» أي يسبق بعضهم بعضاً في التقرّب إلى الله بالاَعمال الطاهرة من آفاتها ، أو النامية.

«لاَكياس» الاَكياس : جمع كيّس : الفطن ، الظريف ، الحسن الفهم والاَدب.

(٢) «والبذاء من الجفاء» البذاء : الفحش ، وكلّ كلام قبيح. والجفاء : خلاف البرّ والصلة ، وقد يطلق على البعد عن الآداب ، وقال المطرّزي : الجفاء : الغلظ في العشرة ، والخرق في المعاملة ، وترك الرفق.

(٣) «المتكلّمون ثلاثة» المراد بالمتكلّمين القادرون على التكلّم ، أو المتكلّمون والمجالسون معهم تغليباً ، والحاصل أنّ الناس في أمر الكلام على ثلاثة أصناف.

«وشاجب» الشجب : الهلاك والحزن والعيب.

قال ابن الاَثير في النهاية ٢/٤٤٥ : في حديث الحسن : المجالس ثلاثة : فسالم

٤٤١

وكان أبو ذرّ رحمه الله يقول : «يا مبتغي العلم إنّ هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شرّ ، فاختم على فيك كما تختم على ذهبك ووَرِقِك».

يا هشام! بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين ، يطري أخاه إذا شاهده ، ويأكله إذا غاب عنه ، إن أُعطي حسده ، وإن ابتُلي خذله ، إنّ أسرع الخير ثواباً البرّ ، وأسرع الشرّ عقوبةً البغي ، وإنّ شرّ عباد الله من تكره مجالسته لفحشه ، وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه(١).

يا هشام! لا يكون الرجل مؤمناً حتّى يكون خائفاً راجياً ، ولا يكون خائفاً راجياً حتّى يكون عاملاً لما يخاف ويرجو.

يا هشام! قال الله جلّ وعزّ : وعزّتي وجلالي وعظمتي وقدرتي وبهائي وعلوّي في مكاني ، لا يؤثر عبد هواي على هواه إلاّ جعلت الغنى في نفسه ، وهمّه في آخرته ، وكففت عليه في ضيعته(٢) ، وضمنت السماوات

____________

= وغانم وشاجب أي هالك؛ يقال : شجب يشجب فهو شاجب ، وشجب يشجب فهو شجب ، أي إمّا سالم من الاِثم ، أو غانم للاَجر ، وإمّا هالك آثم.

(١) «يطري أخاه إذا شاهده ، ويأكله إذا غاب عنه» أي يحسن الثناء ويبالغ في مدحه إذا شاهده ، ويعيبه بالسوء ويذمّه إذا غاب.

«خذله» أي ترك نصرته.

«البغي» التعدّي والاستطالة والظلم ، وكلّ مجاوزة عن الحدّ.

«وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم» أي ما يقطعونه من الكلام الذي لا خير فيه ، واحدتها حصيدة تشبيهاً بما يحصد من الزرع ، وتشبيهاً للّسان وما يقطعه من القول بحدّ المنجل الذي يحصد به. النهاية لابن الاَثير ١/٣٩٤.

«ومـن حسن إسـلام المـرء تركـه مـا لا يعنيـه» يقـال : هذا أمـر لا يعنيني ، أي لا يشغلني ولا يهمّني.

(٢) في بعض النسخ : صنعته.

٤٤٢

والاَرض رزقه ، وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجرٍ(١).

يا هشام! الغضب مفتاح الشرّ ، وأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ، وإن خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحداً منهم إلاّ من كانت يدك عليه العليا فافعل(٢).

يا هشام! عليك بالرفق ، فإنّ الرفق يمن ، والخرق شؤم ، إنّ الرفق والبرّ وحسن الخلق يعمّر الديار ، ويزيد في الرزق(٣).

يا هشام! قول الله : (هل جزاء الاِحسان إلاّ الاِحسان)(٤) جرت في المؤمن والكافر ، والبرّ والفاجر ، من صُنع إليه معروف فعليه أن يكافىَ

____________

(١) «في مكاني» أي في منزلتي ودرجة رفعتي.

«وكففت عليه في ضيعته» يقال : كففته عنه أي صرّفته ودفعته ، والضيعة : الضياع والفساد ، وما هو في معرض الضياع من الاَهل والمال وغيرهما.

وقال في النهاية ٣/١٠٨ : ضيعة الرجل ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغيرها ، ومنه الحديث : «أفشى الله ضيعته» أي أكثر عليه معاشه. انتهى.

فيحتمل أن يكون المـراد صرّفت عنـه ضياعه وهلاكه ، أو صرّفت عنه كسبه بأن لا يحتاج إليه ، أو جمعت عليه معيشته أو ما كان منه في معرض الضياع ، كما قال في النهاية ٤/١٩٠ : لا يكفّها أي لا يجمعها ولا يضمّها ، ومنه الحديث «المؤمن أخ المؤمن يكفّ عليه ضيعته» أي يجمع عليه معيشته ويضمّها إليه.

«وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجر» يحتمل وجوهاً :

الاَوّل : أن يكون المراد كنت له عقب تجارة التجّار لاَسوقها إليه.

الثاني : أن يكون المراد أنّي أكفي مهمّاته سوى ما أسوق إليه من تجارة التاجرين.

الثالث : أن يكون معناه : أنا له عوضاً عمّا فاته من منافع تجارة التاجرين.

(٢) «من كانت يدك عليه العليا» اليد العليا : المعطية أو المتعفّفة.

(٣) «والخرق شؤم» الخرق : ضدّ الرفق ، وأن لا يحسن العمل ، والتصرّف في الاَُمور ، والحمق.

(٤) سورة الرحمن ٥٥ : ٦٠.

٤٤٣

به ، وليست المكافأة أن تصنع كما صُنع حتّى ترى فضلك ، فإن صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء(١).

يا هشام! إنّ مثل الدنيا مثل الحيّة مسّها ليّن ، وفي جوفها السمّ القاتل ، يحذرها الرجال ذوو العقول ، ويهوي إليها الصبيان بأيديهم.

يا هشام! اصبر على طاعة الله ، واصبر عن معاصي الله ، فإنّما الدنيا ساعة ، فما مضى منها فليس تجد له سروراً ولا حزناً ، وما لم يأت منها فليس تعرفه ، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنّك قد اغتبطت(٢).

يا هشام! مثل الدنيا مثل ماء البحر كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتّى يقتله.

يا هشام! إيّاك والكبر ، فإنّه لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال حبّـةٍ من كِبـر ، الكبر رداء الله ، فمن نازعـه رداءه أكبّـه الله في النار علـى وجهـه(٣)

____________

(١) «وليست المكافأة أن تصنع ...» أي له الفضيلة بسبب ابتدائه بالاِحسان فهو أفضل منك.

(٢) في بعض النسخ : احتبطت ، وفي بحار الاَنوار : اعتبطت.

قال ابن الاَثير في النهاية ٣/١٧٢ : كلّ من مات بغير علّة فقد اعتُبِط ، ومات فلان عبطةً أي شابّـاً صحيحـاً.

و «قد اغتبطت» أي إن صبرت فعن قريب تصير مغبوطاً في الآخرة يتمنّى الناس منزلتك.

(٣) «الكبر رداء الله» قال ابن الاَثير في النهاية ١/٤٤ : في الحديث «قال الله تبارك وتعالى : العظمة إزاري ، والكبرياء ردائي»؛ ضرب الرداء والاِزار مثلاً في انفراده بصفة العظمة والكبرياء ، أي ليستا كسائر الصفات التي قد يتّصف بها الخلق مجازاً كالرحمة والكرم وغيرهما ، وشبّههما بالاِزار والرداء لاَنّ المتّصف بهما يشملانه كما يشمـل الـرداء الاِنسـان؛ ولاَنّـه لا يشاركـه في إزاره وردائـه أحد ، فكذلك الله تعالى لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد.

٤٤٤

يا هشام! ليس منّا من لم يحاسب نفسه كلّ يومٍ ، فإن عمل حسناً استزاد منه ، وإن عمل سيّئاً استغفر الله منه وتاب إليه.

يا هشام! تمثّلت الدنيا للمسيح عليه السلام في صورة امرأةٍ زرقاء فقال لها : كم تزوّجت؟

فقالت : كثيراً.

قال : فكلّ طلّقك؟

قالت : لا ، بل كلاًّ قتلت.

قـال المسيـح عليه السلام : فـويـح لاَزواجـك البـاقيـن ، كيـف لا يعتبـرون بالمـاضيـن؟!(١).

يا هشام! إنّ ضوء الجسد في عينه ، فإن كان البصر مضيئاً استضاء الجسد كلّه ، وإنّ ضوء الروح العقل ، فإذا كان العبد عاقلاً كان عالِماً بربّه وإذا كان عالِمـاً بربّـه أبصر دينـه ، وإن كان جاهلاً بربّه لم يقم له دين ، وكما لا يقوم الجسد إلاّ بالنفس الحية ، فكذلك لا يقوم الدين إلاّ بالنيّة الصادقة ، ولا تثبت النيّة الصادقة إلاّ بالعقل.

يا هشام! إنّ الزرع ينبت فى السهل ولا ينبت في الصفا ، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ، ولا تعمر في قلب المتكبّر الجبّار ، لاَنّ

____________

= ومثله الحديث الآخر : «تأزّر بالعظمة ، وتردّى بالكبرياء ، وتسربل بالعزم».

(١) «امرأة زرقاء» الزرقة فى العين معروفة ، وقد تطلق على العمى؛ ويقال : زرقت عينه نحوي : انقلبت وظهر بياضها ، فعلى الاَوّل : لعلّ المراد بيان شؤمتها فإنّ العرب تتشأّم بزرقة العين أو قبح منظرها ، وعلى الثاني ظاهر ، وعلى الثالث كناية عن شدّة الغضب.

«فويـح لاَزواجـك البـاقيـن» ويـح : كلمـة تـرحّـم تقـال لمـن وقـع فـي هلكـة لا يستحقّها ، وقد تقال بمعنى المدح والتعجّب.

٤٤٥

الله جعل التواضع آلة العقل ، وجعل التكبّر من آلة الجهل ، ألم تعلم أنّ من شمخ إلى السقف برأسه شجّه ، ومن خفض رأسه استظلّ تحته وأكنّه؟! وكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله ، ومن تواضع لله رفعه(١).

يا هشام! ما أقبح الفقر بعد الغنى ، وأقبح الخطيئة بعد النُسك ، وأقبح من ذلك العابد لله ثمّ يترك عبادته(٢).

يا هشام! لا خير في العيش إلاّ لرجلين : لمستمعٍ واعٍ ، وعالم ناطق(٣).

يا هشام! ما قُسّم بين العباد أفضل من العقل(٤) ، نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل ، وما بعث الله نبيّاً إلاّ عاقلاً حتّى يكون عقله أفضل من جميع جهد المجتهدين(٥) ، وما أدّى العبد فريضةً من فرائض الله حتّى عقل

____________

(١) «من شمخ» أي طال وعلا.

«شجّه» أي كسره أو جرحه.

«ومن خفض» الخفض : ضدّ الرفع.

(٢) «ما أقبح الفقر بعد الغنى» المراد بالفقر إمّا الفقر المعنوي ، أي ما أقبح للرجل أن تكون له فضائل نفسيّة وخلق كريمة ، أو عقائد حقّة وملّة مَرْضِيّة ، ثمّ يتركها ويستخلف منها الخصال المذمومة والاَخلاق الرذيلة أو العقائد الباطلة فيكون مآل أمره إلى الخسران ومرجعه إلى الفناء.

أو المراد المادّي أي ما أقبح للرجل أن يكون ذا ثروة ومال ، ثمّ يترفها ويسرفها ويصرفها في ما لا يصلح به دنياه ، ولا يثاب في عقباه ، فيصير فقيراً ويصبح إلى أقرانه محتاجاً.

«وأقبح الخطيئة بعد النسك» النسك : الحجّ أو مطلق العبادة.

(٣) «لا خير في العيش» العيش : الحياة.

«لمستمعٍ واعٍ» يقال : وعاه أي حفظه.

(٤) أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم ٢/٢٩ ح ٤ عن التحف.

(٥) «جهد المجتهدين» الاجتهاد : بذل الجهد في الطاعات.

أخرج قوله : «وما بعث الله نبيّاً ... جهد المجتهدين» في عوالم العلوم ٢/٢٨ ح ٢ عن التحف والكافي.

٤٤٦

عنه(١).

يا هشام! قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم : اذا رأيتم المؤمن صموتاً(٢) فادانوا منه ، فإنّه يلقي الحكمة ، والمؤمن قليل الكلام كثير العمل ، والمنافق كثير الكلام قليل العمل.

يا هشام! أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : قل لعبادي لا يجعلوا بيني وبينهم عالماً مفتوناً بالدنيا فيصدّهم عن ذِكري ، وعن طريق محبّتي ومناجاتي ، أُولئك قطّاع الطريق من عبادي(٣) ، اِنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة محبّتي(٤) ومناجاتي من قلوبهم.

يا هشام! من تعظّم في نفسه لعنته ملائكة السماء وملائكة الاَرض ، ومن تكبّر على إخوانه واستطال عليهم فقد ضادّ الله ، ومن ادّعى ما ليس له فهو أعنى لغير رشده(٥).

يا هشام! أوّحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : يا داود حذّر وأنذر أصحابك عن حبّ الشهوات ، فإنّ المعلّقة قلوبهم بشهوات الدنيا قلوبهم

____________

(١) «عقل عنه» أي عرفه إلى حدّ التعقّل.

أخرج قوله : «يا هشام! ما قُسّم بين العباد ... عقل عنه» في عوالم العلوم ٢/٢٣ ح ٥٣ عن التحف والكافي ، وفي ٣١ ح ١١ عن التحف.

(٢) «إذا رأيتم المؤمن صموتاً» أي الكثير الصمت.

(٣) في بعض الاَخبار : قطّاع طريق عبادي.

(٤) في بعض النسخ : عبادتي.

(٥) «من تعظّم في نفسه» أي عدّ نفسه عظيماً.

«واستطال عليهم» أي تفضّل عليهم.

«أعنى لغير رشده» عنى بالاَمر : كلّف ما يشقّ عليه ، وفي بعض النسخ : «أعنى لغيره» أي يدخل غيره في العناء والتعب ممّن يشتبه عليه أمره أكثر ممّا يصيبه من ذلك ، ويحتمل يكون «أعتى لغيره» من العتوّ وهو الطغيان والتجبّر.

هذا ويحتمل أن يكون الاَصل : فهو لغيٌّ لغير رشدةٍ.

٤٤٧

محجوبةٌ عنّي(١).

يا هشام! إيّاك والكبر على أوليائي والاستطالة بعلمك فيمقتك الله ، فلا تنفعك بعد مقته دنياك ولا آخرتك ، وكن في الدنيا كساكن دارٍ ليست له ، إنّما ينتظر الرحيل.

يا هشام! مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة ، ومشاورة العاقل الناصح يمنٌ وبركةٌ ورشدٌ وتوفيقٌ من الله ، فإذا أشار(٢) عليك العاقل الناصح فإيّاك والخلاف فإنّ في ذلك العطب(٣).

يا هشام! إيّاك ومخالطة الناس والاَُنس بهم إلاّ أن تجد منهم عاقلاً ومأموناً فآنس به ، واهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية ، وينبغي للعاقل إذا عمل عملاً أن يستحيي من الله ، وإذا تفرّد له(٤) بالنعم أن يشارك في عمله أحداً غيره ، وإذا مرّ بك(٥) أمران لا تدري أيّهما خير وأصوب ، فانظر أيّهما أقرب إلى هواك فخالفه ، فإنّ كثير الصواب في مخالفة هواك ، وإيّاك أن تغلب الحكمة وتضعها في أهل الجهالة(٧)(٦).

____________

(١) «قلوبهم محجوبة عنّي» أي قلوبهم مستورة عن كشف سبحات وجهي وجلالي وإشراق أنوار عظمتي وعرفان دلائل أَلوهيّتي وجمالي ، وممنوعة عن حصول العلوم الحقيقيّة فيها ، لحلول محبّة زخارف الدنيا فيها وتعلّقها بها.

(٢) في بعض النسخ : فإذا استشار. تصحيف.

(٣) «مجالسة أهل الدين» أهل الدين هم العالمون بشرائع الدين العاملون بها.

«فإنّ في ذلك العطب» العطب : الهلاك.

(٤) في بعض النسخ : إذ تفرّد له.

(٥) في بعض النسخ : وإذا خرّ بك ، وفي بعضها : وإذا حزّ بك.

و «خرّ به أمر» أو «حزّ به أمر» أي نزل به وأهمّه.

(٦) في بعض النسخ : وإيّاك أن تطلب الحكمة وتضعها في الجهّال ، وفي بحار الاَنوار : وتضعها في الجهالة.

(٧) «السباع الضارية» أي المولعة بالافتراس المعتادة له.

٤٤٨

قال هشام : فقلت له : فإن وجدت رجلاً طالباً له غير أنّ عقله لا يتّسع لضبط ما أُلقي إليه؟

قال عليه السلام : فتلطّف له في النصيحة ، فإن ضاق قلبه فلا تعرّضن نفسك للفتنة ، واحذر ردّ المتكبّرين ، فإنّ العلم يدلّ على أن يملى على(١) من لا يفيق(٢).

قلت : فإن لم أجد من يعقل السؤال عنها؟

قال عليه السلام : فاغتنم جهله عن السؤال حتّى تسلم من فتنة القول وعظيم فتنة الردّ ، واعلم أنّ الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده ، ولم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر كرمه وجوده ، ولم يفرج(٣) المحزونين بقدر حزنهم ولكن بقدر رأفته ورحمته ، فما ظنّك بالرؤوف الرحيم الذي يتودّد إلى من يؤذيه بأوليائه ، فكيف بمن يؤذى فيه؟! وما ظنّك بالتوّاب الرحيم الذي يتوب على من يعاديه ، فكيف بمن يترضّاه ويختار عداوة الخلق فيه؟!(٤).

____________

= «وإذا تفرّد له بالنعم أن يشارك في عمله أحداً غيره» أي إذا اختصّ العاقل بنعمة ينبغي له أن يشارك غيره في هذه النعمة بأن يعطيه منها.

«وإيّاك أن تغلب الحكمة» لعلّ فيه حذفاً وإيصالاً ، أي تغلب على الحكمة ، أي يـأخذهـا منـك قهـراً مـن لا يستحقّهـا ، أو تغلب علـى الحكمـة فإنّهـا تأبـى عمّـن لا يستحقّها ، ويحتمل أن يكون بالفاء والتاء من الاِفلات بمعنى الاطلاق ، فإنّهم يقولون : انفلت منّي كلام أي صدر بغير رويّة.

(١) في بعض النسخ وبحار الاَنوار : فإنّ العلم يذلّ على أن يحمل (يجلى) على.

(٢) «فتلطّف له في النصيحة» أي تذكر له شيئاً من تلك الحكمة بلطف على وجه الامتحان.

«من لا يفيق» الاِفاقة : الرجوع عن السكر والاِغماء والغفلة إلى حال الاستقامة.

(٣) في بعض النسخ : لم يفرح.

(٤) «يؤذيه بأوليائه» أي بسبب إيذائهم.

٤٤٩

يا هشام! من أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه ، وما أُوتي عبدٌ علماً فازداد للدنيا حبّاً إلاّ ازداد من الله بعداً ، وازداد الله عليه غضباً.

يا هشام! إنّ العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به ، وأكثر الصواب في خلاف الهوى ، ومن طال أمله ساء عمله(١).

يا هشام! لو رأيت مسير الاَجل لاَلهاك(٢) عن الاَمل.

يا هشام! إيّاك والطمع ، وعليك باليأس ممّا في أيدي الناس ، وأمت الطمع من المخلوقين ، فإنّ الطمع مفتاح للذلّ(٣) ، واختلاس العقل(٤) واختلاق(٥) المروّات ، وتنديس العرض (٦) ، والذهاب بالعلم ‎‎‎‎؛ وعليك بالاعتصام بربّك والتوكّل عليه ، وجاهد نفسك لتردّها عن هواها ، فإنّه واجب عليك كجهاد عدوّك.

قال هشام : فقلت له : فأيّ الاَعداء أوجبهم مجاهدةً؟

قال عليه السلام : أقربهم إليك ، وأعداهم لك ، وأضرّهم بك ، وأعظمهم لك عـداوةً ، وأخفاهـم لك شخصاً مـع دنـوّه منك ، ومن يحرّض(٧) أعداءك

____________

= «بمن يترضّاه» أي بمن يطلب رضاه.

(١) «العاقل اللبيب» اللبّ : العقل الخالص من الشوائب ، أو ما ذكا من العقل ، فكلّ لبّ عقل ولا يعكس ، واللبيب من كان ذا لبّ ، فكلّ لبيب عاقل ولا يعكس.

(٢) «لاَلهاك» أي أغفلك.

(٣) في بعض النسخ : الذلّ.

(٤) «واختلاس العقل» الاختلاس : الاستلاب.

(٥) في بعض النسخ : وإخلاق.

والاختلاق : الافتراء. وأخلاق : الظاهر أنّه جمع خلق ـ بالتحريك ـ : أي البالي.

(٦) «وتدنيس العرض» الدنس : الوسخ ، والعرض : النفس والخليقة المحمودة ، وأيضاً : ما يفتخر [به] الاِنسان من حسب وشرف.

(٧) في بعض النسخ : ومن يحرض ، وفي بعضها : ويحرص من.

«ومن يحرّض» أي ومن يحثّ ويرغّب ، كما قال تعالى : (حرِّض المؤمنين

٤٥٠

عليك ، وهو إبليس الموكّل بوسواس من القلوب ، فله فلتشتدَّ(١) عداوتك ، ولا يكوننَّ أصبر على مجاهدته(٢) لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته ، فإنّه أضعف منك ركناً(٣) في قوّته ، وأقلّ منك ضرراً في كثرة شرّه ، اِذا أنت اعتصمت بالله فقد هُديتَ إلى صراطٍ مستقيمٍ.

يا هشام! من أكرمه الله بثلاثٍ فقد لطف له : عقلٌ يكفيه مؤونة هواه ، وعلمٌ يكفيه مؤونة جهله ، وغنىً يكفيه مخافة الفقر.

يا هشام! احذر هذه الدنيا واحذر أهلها ، فإنّ الناس فيها على أربعة أصنافٍ : رجلٍ متردٍّ(٤) معانقٍ لهواه ، ومتعلّمٍ مقرىَ(٥) كلّما ازداد علماً ازد كبراً ، يستعلي(٦) بقراءته وعلمه على من هو دونه ، وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته ، يحبّ أن يُعظّم ويُوقّر ، وذي بصيرة عالم عارف بطريق الحقّ يحبّ القيام به ، فهو عاجز أو مغلوب ولا يقدر على القيام بما يعرفه فهو محزون مغموم بذلك ، فهو أمثل أهل زمانه ، وأوجههم عقلاً(٧).

____________

على القتال) [سورة الاَنفال ٨ : ٦٥].

(١) في بعض النسخ : فلتشدّ.

(٢) في بحار الاَنوار : مجاهدتك.

(٣) «أضعف منك ركناً» الركن : العزّ والمنعة ، وأيضاً : ما يقوى به ، وأيضاً : الاَمر العظيم ، والمراد : أي لا يكن صبره في المجاهدة أقوى منك ، فإنّك إذا كنـت على الاستقامة في مخالفته يكون مع قوّته أضعف منك ركناً وضرراً.

(٤) «رجل متردٍّ» المتردّي : أي الواقع في المهالك التي يعسر التخلّص منها.

(٥) في بعض النسخ وبحار الاَنوار : متقرّىَ.

والمتقرّىَ : الناسك المتعبّد أو المتفقّه أي متعلّم القراءة.

(٦) في بعض النسخ وبحار الاَنوار : يستعلن.

ويستعلن بقراءتـه : كأنّـه كان يستعلي ، ويمكن أن يضمّن فيه معناه.

(٧) «أمثل أهل زمانه» الاَمثل : الاَفضل.

«وأوجههم عقلاً» لعلّ المراد أنّ عقلهم أوجه عند الله من عقول غيرهم ، أو هم

٤٥١

يا هشام! اعرف العقل وجنده ، والجهل وجنده ، تكن من المهتدين.

قال هشام : فقلت : جعلت فداك ، لا نعرف إلاّ ما عرّفتنا.

فقال عليه السلام : يا هشام! إنّ الله خلق العقل وهو أوّل خلق خلقه الله من الروحانيّين(١) عن يمين العرش من نوره (٢) ، فقال له : أبر فأدبر.

ثمّ قال له : أقبِل ، فأقبَل.

فقال الله جلّ وعزّ : خلقتك خلقاً عظيماً وكرّمتك على جميع خلقي.

ثمّ خلق الجهل من البحر الاَُجاج الظلماني ، فقال له : أدبِر ، فأدبَر.

ثمّ قال له : أقبِل ، فلم يُقبِل.

فقال له : استكبرت؛ فلعنه ، ثمّ جعل للعقل خمسةً وسبعين جنداً ، فلمّا رأى الجهل ما كرّم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة.

____________

أوجه الناس للعقل.

(١) «وهو أوّل خلق خلقه الله من الروحانيّين» أي هو أوّل مخلوق من المنسوبين إلى الروح في مدينة بنية الاِنسان المتمركزين بأمر الربّ والسلطان في مقرّ الحكومة العقليّة ، فهو أوّلها ورأسها ، ثمّ يوجد بعده وبسببه جنداً فجنداً إلى أن يكمل للاِنسان جودة العقل.

قال المجلسي رحمه الله في بحار الاَنوار ٥٧/٣٠٩ : هذا لا يدلّ على تقدّم العقل على جميع الموجودات ، بل على خلق الروحانيّين ، ويمكن أن يكون خلقها متأخّر عن خلق الماء والهواء ، وأمّا خبر «أوّل ما خلق الله العقل» فلم أجده في طرقنا ، وإنّما هو في طرق العامّة ، وعلى تقديره يمكن أن يراد به نفس الرسول صلىالله عليه وآله وسلم لاَنّه أحد إطلاقات العقل ، على أنّه يمكن حمل العقل على التقدير في بعض تلك الاَخبار ، كما هو أحد معانيه ، وكذا حديث «أوّل ما خلق الله القلم» يمكن حمله على الاَوّليّة الاِضافية بالنسبة إلى جنسه من الملائكة ، أو بعض المخلوقات.

(٢) «يمين العرش» أي أقوى جانبيه وأشرفهما.

«من نوره» أي من نور ذاته.

أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم ٢/٤١ ح ٦ عن التحف.

٤٥٢

فقال الجهل : يا ربّ! هذا خلق مثلي خلقته وكرّمته وقوّيته وأنا ضدّه ولا قوّة لي به ، أعطني من الجند مثل ما أعطيته.

فقال تبارك وتعالى : نعم ، فإن عصيتني بعد ذلك أخرجتك وجندك من جواري ، ومن رحمتي.

فقال : قد رضيت ، فأعطاه الله خمسةً وسبعين جنداً ، فكان ممّا أعطى العقل من الخمسة والسبعين جنداً : الخير ، وهو وزير العقل ، وجعل ضدّه الشرّ ، وهو وزير الجهل(١).

* * *

____________

(١) «خلقتك خلقاً عظيماً وكرّمتك على جميع خلقي» أي فلا يكون خلقاً أعظم منه إذ به يقوم كلّ شيء فيكون أكرم من كلّ مخلوق.

«ثمّ خلق الجهل» وهو منبع الشرور ، فله قابليّة لكلّ شرّ.

أخرج الفقرات الاَخيرة في عوالم العلوم ٢/٤٥ ح ١٠ عن التحف والكافي.

٤٥٣

*جنود العقل والجهل*

الاِيمان ـ الكفر ، التصديق ـ التكذيب ، الاِخلاص ـ النفاق ، الرجاء ـ القنوط ، العدل ـ الجور ، الرضى ـ السخط ، الشُكر ـ الكفران ، اليأس ـ الطمع ، التوكّل ـ الحرص ، الرأفة ـ الغلظة ، العلم ـ الجهل ، العفّة ـ التهتّك ، الزهد ـ الرغبة ، الرفق ـ الخرق ، الرهبة ـ الجرأة ، التواضع ـ الكبر ، التؤدة(١) ـ العجلة ، الحلم ـ السفه ، الصمت ـ الهذر(٢) ، الاستسلام ـ الاستكبار ، التسليم ـ التجبّر ، العفو ـ الحقد ، الرحمة ـ القسوة ، اليقين ـ الشكّ ، الصبر ـ الجزع ، الصفح ـ الانتقام ، الغنى ـ الفقر ، التفكّر ـ السهو ، الحفظ ـ النسيان ، التواصل ـ القطيعة ، القناعة ـ الشره(٣) ، المواساة ـ المنع ، المودّة ـ العداوة ، الوفاء ـ الغدر ، الطاعة ـ المعصية ، الخضوع ـ التطاول(٤) ، السلامة ـ البلاء ، الفهم ـ الغباوة(٥) ، المعرفة ـ الانكار ، المدارأة ـ المكاشفة ، سلامة الغيب ـ المماكرة(٦) الكتمان ـ الافشاء ، البر ـ العقوق ، الحقيقة ـ التسويف(٨) المعروف ـ المنكر ، التقيّة ـ الاِذاعة ، الاِنصاف ـ الظلم ، التقى(٨) ـ الحسد ،

____________

(١) «التؤدة» الرزانة والتأنّي؛ يقال : توأّد في الاَمر : أي تأنّى وتمهّل.

(٢) «الهذر» الهذيان والكلام الذي لا يعبأ به؛ يقال : هذر فلان في منطقه : أي خلط وتكلّم بما لا ينبغي.

(٣) «الشـره» الحرص؛ يقال : شره إلى الطعام أي اشتدّ ميلـه إليه ، ويمكن أن يكون كما في بعض النسخ الشِرَّة ـ بالكسر فالتشديد ـ أي الحدّة والحرص.

(٤) «التطاول» التكبّر والترفّع.

(٥) «الغباوة» الغفلة وقلّة الفطنة.

(٦) «المماكرة» المخادعة.

(٧) «التسويف» المطل والتأخير.

(٨) في بعض النسخ وبحار الاَنوار : النفي ، ولعلّ المراد نفي الحسد عن النفس.

٤٥٤

النظافة ـ القذر ، الحياء ـ القحة(١) ، القصد ـ الاِسراف ، الراحة ـ التعب ، السهولة ـ الصعوبة ، العافية ـ البلوى ، القوام(٢)ـ المكاثرة(٣) ، الحكمة الهوى ، الوقار ـ الخفّة ، السعادة ـ الشقاء ، التوبة ـ الاِصرار ، المحافظة ـ التهاون(٤) الدعاء ـ الاستنكاف ، النشاط ـ الكسل ، الفرج ـ الحزن ، الالفة ـ الفرقة ، السخاء ـ البخل ، الخشوع ـ العُجُب ، صون الحديث(٥)ـ النميمة ، الاستغفار ـ الاغترار ، الكياسة ـ الحمق(٦).

يا هشام! لا تجمع(٧) هذه الخصال اِلاّ لنبيٍّ أو وصيٍّ أو مؤمنٍ امتحن الله قلبـه للاِيمـان ، وأمّـا سائـر ذلك مـن المؤمنين فإنّ أحدهـم لا يخلو من أن يكون فيـه بعض هـذه الجنود من أجنـاد العقل حتّى يستكمـل العقل ويتخلّص من جنـود الجهـل ، فعند ذلك يكون في الدرجـة العليا مع الاَنبياء والاَوصيـاء عليهما السلام.

وفّقنا الله وإيّاكم لطاعته(٨).

____________

(١) «القحة» الوقاحة وقلّة الحياء.

(٢) «القوام» العدل والاعتدال.

(٣) «المكاثرة» المغالبة في الكثرة بالمال أو العدد ، أي تحصيل متاع الدنيا.

(٤) في بعض النسخ : المخالفة.

(٥) في بعض النسخ : صدق الحديث.

(٦) لا يخفى أنّ ما ذكره هنا من جنود العقل والجهل أقلّ من ٧٥ لكلّ منهما.

(٧) في بعض النسخ : لا تجتمع.

(٨) تحف العقول : ٣٨٣ ـ ٤٠٢ ، عنه بحار الاَنوار ١/١٣٢ ـ ١٥٩ ح ٣٠ ، و ٧٨/٢٩٦ ـ ٣١٩ ح ١ ، وعوالم العلوم ٢/٨٠ ـ ١٠٦ ح ٦٧.

وأخرج ذيل الوصيّة في الوافي (الطبعة الحجرية) : الجزء ٣ ـ روضة الوافي ـ الباب ٢٠ «مواعظ سائر الاَئمّة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين».

وروى البرقي في المحاسن ١/١٩٦ ح ٢٢ بإسناده عن علي بن حديد ، عن سماعة بن مهران ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده عدّة من مواليه فجرى ذكر

٤٥٥

..............................................

____________

= العقل والجهل ، فقال عليه السلام : اعرفوا العقل وجنده ، واعرفوا الجهل وجنده تهتدوا.

قال سماعة : فقلت : جعلت فداك ، لا نعرف إلاّ ما عرّفتنا.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : إنّ الله خلق العقل وهو أوّل خلق خلقه من الروحانيّين ... وساق الحديث باختلاف عمّا روي عن الكاظم عليه السلام.

والكليني في الكافي ١/٢١ ح ١٤ بإسناده عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّـد ـ كما في المحاسن ـ.

والصدوق في الخصال : ٥٨٨ ح ١٣ بإسناده عن أبيه رضي الله عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله؛ وعبد الله بن جعفر الحميري ، قالا : حدّثنا أحمد بن محمّـد بن خالد البرقي ، عن علي بن حديد ـ كما في المحاسن ـ.

والصدوق أيضاً في علل الشرائع : ١١٣ ح ١٠ بإسناده عن محمّـد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدّثنا محمّـد بن الحسن الصفّار ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله البرقي ، عن علي بن حديد ـ كما في المحاسن ـ.

وأخرجه في بحار الاَنوار ١/١٠٩ ح ٧ عن الخصال والعلل والمحاسن ، وفي ٥٧/٣٠٩ عن الكليني وغيره (قطعة).

وفي عوالم العلوم ٢/٤٠ ح ٥ و ٤٥ ح ٩ و ٧٢ ح ٦٣ عن الخصال والمحاسن وعلل الشرائع (قطعات).

٤٥٦

من أنبـاء التـراث

كتب صدرت محقّقة

* مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ، ج ٥ ـ ٩.

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الاَسدي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ).

موسوعـة فقهيـة مقـارنـة كاملـة ، من الطهارة إلى الديات ، جمع فيـه العلاّمة قدّس سرّه الآراء الفقهيـة لعلمـاء الشيعـة الاِماميـة إلى عصره رحمه الله ، مختصّاً بإيراد أوجـه الاختلاف فـي الـرأي عنـدهـم ـ وبالتحديـد المـوارد الخلافيـة الفرعيـة ـ مـع ذكر أدلّتهـم ، ومـا يرجّحـه هو في المقام.

يشتمـل الكتاب علـى فتـاوى الشيخين ابـن الجنيـد الاسكافـي وابـن أبـي عقيـل العماني قدس سرهما إذ هي منحصرة فيـه ، وكلّ من نقل عنهما بعد العلاّمة فإنّما ينقل عن هذا الكتاب.

تـمّ التحقيـق اعتمـاداً علـى ١١ نسخـة مخطوطـة ذكرت مواصفاتهـا في المقدّمـة ، اشتملت الاَجزاء الخمسـة هذه على كتب المتـاجـر والـديـون ، الاَمـانـات والاِجـارة والهبات ، النكاح والطلاق ، العتق والاَيْمان والصيـد والقضـاء ، الفـرائـض والحـدود والقصاص والديات.

صدرت الاَجزاء ٥ و ٦ سنة ١٤١٦ هـ ، و ٧ و ٨ سنة ١٤١٧ هـ ، و ٩ سنة ١٤١٨ هـ.

سبق أن طبع الكتاب بتحقيق ونشر مؤسّسة النشر الاِسلامـي التابعـة لجماعـة المدرّسين في الحوزة العلمية في قـم.

تحقيـق : مركـز الاَبحـاث والـدراسـات الاِسلامية.

٤٥٧

نشر : مركز النشر التابع لمكتب الاِعلام الاِسلامي في الحوزة العلمية ـ قم.

* مستند الشيعة في أحكام الشريعة ، ج ١٢ و ١٣.

تأليف : العلاّمـة الشيخ أحمـد النراقـي (١١٨٥ ـ ١٢٤٥ هـ).

من أهمّ الكتب المصنّفة في الفقه الاستدلالي ، لواحد من كبار علماء الاِمامية في تلك الفترة؛ يشتمل على أُمّهات المسائل الفقهيّة ، وأهمّ الاَحكام الفرعية ، بذكر أدلّة كلّ مسألة ثمّ إيراد الاِشكال والردّ على المخالف منه ، مع بيان تعارض الآراء والاَقوال المختلفة للعلماء فيها.

يمتاز الكتاب بالدقّة البالغة والاَُسلوب العميق ، وكثرة التفريعات إلى غاية ما يمكن لكلّ مسألـة ، بعد تحقيق أصلهـا ، وإثبات حجّيّتهـا عند المصنّف رحمه الله.

تمّ تحقيق الكتاب اعتماداً على ٨ نسخ مخطوطة لاَبواب الكتاب المختلفة ، منها نسخـة بخطّ المصنّف ، من أوّل كتاب المطاعم والمشارب إلى آخر كتاب النكاح ، يعود تاريخها إلى سنة ١٢٤٥ هـ ، وأُخرى كتبت عن الاَصل في عهده رحمه الله سنة ١٢٣٥ هـ ، واثنتين أُخريين لم يدوّن عليهما تاريخ الكتابة ، احتوت إحداهما على قرائن تفيد أنّها كُتبت في عهد المؤلّف ، أمّا باقي النسخ فقد كُتبت في السنين ١٢٤٨ ، ١٢٥٣ ، ١٢٥٨ ، ١٢٦٤ هـ.

واعتُمد أيضاً في التحقيق على نسختين مطبوعتين على الحجر ، طبعت الاَُولى سنة ١٢٧٣ هـ على نسخة المصنّف ، والثانية مصحّحة في سنة ١٣٣٥ هـ.

اشتمل الجزءان على تكملة كتاب الحجّ والعُمرة ، ومن المؤمّل أن يصدر الكتاب في ٢٠ جزءاً.

تحقيق : مؤسّـسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث ـ مشهد.

نشر : مؤسّـسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث ـ قم / ١٤١٧ هـ.

* تواريخ النبيّ صلي الله عليه وآله والآل عليهما السلام

تأليف : الشيخ محمّـد تقي التستري (١٣٢٠ ـ ١٤١٥ هـ).

كتاب في ٩ فصول ، يعرض ويبحث في بعض ما يتعلّق بأحوال المعصومين الاَربعة عشر : عليهم السلام الرسول الاَكرم صلي الله عليه وآله وبضعته الزهراء فاطمة عليها السلام وبعلها الاِمام أمير المؤمنين عليه السلام والاَئمّة الاَحد عشر من ولده عليهم السلام ، إذ يتعرّض إلى تاريخ مواليدهم ووفيّاتهـم ، أماكن ولادتهـم ومدفنهـم ، أُمّهاتهم ، أزواجهم ، أولادهم ، الممدوحين والمقدوحين من ولدهم وأحفادهم ، ونبذة

٤٥٨

من مكارم أخلاقهم وعُلُوّ مقامهم.

تمّ تحقيق الكتاب ـ الذي يصدر لاَوّل مرّة ـ اعتماداً على النسخـة الاَصليّـة بخطّ المصنّف.

تحقيق : الشيخ محمود الشريفي وعلي الشكرچـي.

صدر في قـم سنة ١٤١٦ هـ.

* التقليد.

تأليف : الشيخ الاَعظم ، مرتضى بن محمّـد الاَنصاري (١٢١٤ ـ ١٢٨١ هـ).

رسالة فقهية في التقليد ، تعريفه وحُكمه وأدلّته ، تضمّنت البحث في المقلِّد والمقلَّـد والمقلَّـد فيـه من حيث النوع والصنف والشخص ، وما تعلّق بها من مناقشات واستدلالات وتنبيهات.

تحقيق : لجنة تحقيق تراث الشيخ الاَعظم.

نشر : المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى السنويـة الثانيـة لمولد الشيخ الاَنصاري ـ قم/١٤١٥ هـ.

* خلاصة الاَقوال في معرفة الرجال.

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الاَسدي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ).

أحد المصادر الرجالية المعروفة ، مرتّب حسب حروف المعجم في قسمين وخاتمة ، يذكر المصنّف في القسم الاََوّل الرواة الّذين اعتمد روايتهم وترجّح عنده قبول قولهم ، فيما خصّص القسم الثاني لذِكر من ترك روايته ، أو توقّف فيه ، كما تضمّنت الخاتمة عشرة فوائد رجالية.

تمّ التحقيق اعتماداً على ثلاث نسخ؛ مخطوطتين ومطبوعة ، ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

تحقيق : جواد القيّومي الاَصفهاني.

نشـر : مؤسّـسة نشر الفقاهة ـ قم/ ١٤١٧ هـ.

* الدرّة الثمينة في أدعية مناسك الحجّ.

تأليف : الشيخ محمّـد صالح آل طعّان القطيفي البحريني (١٢٨١ ـ ١٣٣٣ هـ).

كتاب يضمّ جملة من الآثار والروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام ، الواردة بخصوص آداب وأعمال وأدعية مناسك الحجّ ، إذ تضمّن أوّلاً ما ينبغي للمسافر من الآداب الشرعية ، ثمّ الاَدعية الواردة في الاِحرام وما يتبعه من أفعال العمرة والحجّ ، وعمل يوم الغدير ، وأخيراً بعض أعمال المدينة المنوّرة وزيارة النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وبضعتـه الزهراء عليها السلام وأئمّـة

٤٥٩

البقيع عليهم السلام ، وأعمال مساجدها.

تمّ التحقيق اعتماداً على مخطوطتين ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

تحقيق ونشر : دار المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لاِحياء التراث ـ قم/١٩٩٧ م.

* تسلية المَجالس وزينة المُجالس. أو مقتل الحسين.

تأليف : السيّد محمّـد بن أبي طالب الحسيني الكركي ، من أعلام القرن العاشر الهجري.

كتاب قيّم في مقدّمة تضمنّت بعض فضائل أهل البيت عليهم السلام ، وعشرة مجالس جلّهـا في أحـوال الاِمـام السبط الشهيـد أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، ووقائع ثورته المباركة؛ مسيره من المدينة إلى مكّة ثمّ إلى العراق ، استشهاده مع أصحابه ، وسبي عياله ، وثواب البكاء وإظهار الجزع لمصابه ومصاب أهل بيته ، وفضل زيارته واستجابة الدعاء عند تربته الشريفة ، بالاِضافة إلى ذكر نبذة من أحوال سيد المرسلين وخاتم النبيين المصطفى صلي الله عليه وآله ، وما ناله من الاَذى من أعداء الدين ، وظلامة أهل بيته الطاهرين ، وذكر شيء من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وأدلّة إمامته ، ومظلومية الزهراء ٣ ووفاتها ، وفضائل الاِمام الحسن المجتبى عليه السلام التي تختصّ به ، والتي يشترك فيها مع جدّه وأبيه وأُمّه وأخيه صلوات الله عليهم أجمعين.

كما تضمّن الكتاب تعزية المؤلّف المسمّاة بـ : مجرية العبرة ومحزنة العترة.

تمّ تحقيق الكتاب ـ الذي يصدر لاَوّل مرّة ـ اعتماداً على نسخة نفيسة مكتوبة في عصر المؤلّف ، ذكرت مواصفاتها في مقدّمة التحقيق.

تحقيق : فارس حسّون كريم.

نشر : مؤسّسة المعارف الاِسلامية ـ قم/١٤١٨ هـ.

* خصائص الوحـي المبين فـي مناقب أميـر المؤمنين عليه السلام.

تأليف : الحافظ ابن البطريق ، يحيى بن الحسن الاَسدي الحلي (٥٣٣ ـ ٦٠٠ هـ).

من كتب المناقب المعتبرة ، يجمع ويعرض الآيات القرآنيـة الكريمـة النازلـة فـي شأن أميـر المؤمنين الاِمـام علـيّ بن أبي طالب عليه السلام؛ وما ورد في تفسيرها وأسباب نزولها من الاَحاديث النبوية الشريفة والروايات والاَخبار الصحيحة ، اعتماداً على الصحاح والسنن والمسانيد المعروفة.

الكتاب في ٢٥ فصلاً تضمنت ٢٠٢

٤٦٠