الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

سعيد صلاح الفيومي

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

المؤلف:

سعيد صلاح الفيومي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة القدسي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٦

سورة المرسلات

(وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً)

المرسلات : ٢٧

هذه الآية الكريمة معجزة علمية لأنها تربط بين الجبال العالية (الشامخات) بالذات وبين الماء العذب.

وهذا يشير إلى ظاهرة الثلج الدائم الذي يكلل هامات الجبال التي تكون درجة حرارة قممها دائما تحت الصفر إذا ما زاد ارتفاعها عن حد معين يتوقف على موقعها من خط الاستواء فتظهر هذه الثلوج الدائمة على ارتفاع ٢ ، ١ كيلومتر على جبال النرويج ونحو ٧ ، ٢ كيلومتر على جبال الألب ونحو ٥ ، ٥ كيلومتر على جبال الكلمنجارو بأواسط إفريقيا.

ويكون لتراكم الثلج الدائم فوق هذه الجبال العالية الفضل في تغذية الأنهار بالماء نتيجة لضغط الطبقات العليا من الثلج على السفلى منه.

ولن تنفذ هذه الثلوج على قمم الجبال باستمرار ذوبان أطرافها الدنيا لأنها كما تسيل باستمرار تتجدد باستمرار حيث يتكثف بخار الماء الموجود دائما في الجو المحيط بهذه القمم.

وتذكير الماء في الآية يعتبر العموم بحيث يشمل الماء الناتج من الأمطار والماء المنحدر من شوامخ البخار حيث أنه في الحالتين ماء عذب (فرات).

سورة النبأ

(وَالْجِبالَ أَوْتاداً)

النبأ : ٧

توصل العلم حديثا أن الجبال ليست هي الجزء المرتفع فوق سطح الأرض فقط

٨١

والواضح لنا بالمشاهدة ولكن الجبال لها أيضا امتداد تحت سطح الأرض (لها جذور تحت الأرض) تمتد إلى الأغوار العميقة إلى عمق قد يصل إلى ٧٥ كيلومتر بينما أعلى قمة فوق سطح الأرض ٨٨٤٨ مترا أي أقل من ٩ كيلومتر قمة إيفرست.

فقشرة الأرض اليابسة ترسيها الجبال كما ترسى الأوتاد الخيمة والجزء الأكبر من الوتد مدفون في الأرض كذلك الجزء من الجبل تحت الأرض أكبر كثيرا من الجزء الظاهر على السطح.

(وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً) (١٤)

النبأ ١٣ ـ ١٤

المعصرات : السحب التي حان إمطارها

ماء ثجاجا : منصبا بكثرة مع التتابع

المراد بالسراج الوهاج الشمس فقد ثبت علميا أن درجة حرارة سطح الشمس ٦٠٠٠ درجة مئوية. أما المركز فتزيد درجة الحرارة عن ٢٠ مليون درجة مئوية بسبب ما تعانيه المواد فيه من الضغوط العالية ولذلك عبرت هذه الآية الكريمة عن الشمس بالسراج.

كما تؤكد الآية الكريمة على هذا الارتباط الوثيق بين الطاقة الشمسية الصادرة من الشمس التي تمثل السراج الوهاج ونزول المطر من السحب.

والمطر هو المصدر الوحيد للماء العذب على الأرض والأصل في المطر تكاثف أبخرة المياه المتصاعدة من المحيطات والبحار على شكل سحب وتحويلها إلى نقط من الماء أو بلّورات من الثلج أو هما معا وتتساقط هذه المكونات عند ما تزداد حجومها على هيئة مطر.

سورة النازعات

(أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) (٣١)

النازعات : ٢٧ ـ ٣١

٨٢

تبدأ الآيات بالإشارة إلى أن خلق السماء أكبر من خلق الناس وأن السماء قد بناها الله سبحانه وتعالى والمقصود بلفظ بناها أن الله سبحانه وتعالى جعل كل جرم في السماء بمنزلة لبنة من بناء منزل لأن أجرام الكون مشدودة بعضها إلى بعض برباط الجاذبية العامة تماما كما تربط لبنات المنزل بما يوضع بينها من مونة الرمل والإسمنت.

ثم رفع السماء بما فيها من أجرام وسواها بنظام دقيق وإحكام مما يشير إلى القوانين الطبيعية التي تخضع لها هذه الأجرام أثناء حركتها الدائبة المنتظمة.

وأما قوله تعالى وأغطش ليلها فتعني أنه سبحانه وتعالى أظلم ليل السماء ولقد شاهد جميع رواد الفضاء ظلام السماء بعد مغادرة الغلاف الجوي للأرض وهذا أمر متوقع علميا إذ أن الضوء لا يرى بذاته ولكن بالانعكاس والتشتت على المرئيات كجزيئات الهواء ودقائق الأتربة الموجودة بالغلاف الجوي والتي تنعدم تقريبا في الفضاء.

وأخرج ضحاها أي ولد ضوء السماء من مصادره كالشمس والنجوم.

والأرض بعد ذلك دحاها أي جعلها كالدحية أي البيضة وبهذا فإن لفظ دحا يدل على شيئين هما البسط والتكوير وهذه روعة في التعبير عن أن الأرض التي نراها أمامنا منبسطة هي في واقع الأمر مكورة كالبيضة وذلك طبقا للصور التي سجلتها الأقمار الصناعية للأرض.

وبهذا أضاف العلم الحديث معجزة علمية للقرآن الكريم ولم تظهر هذه الحقيقة مصورة إلا في عصر الفضاء وما كان الإنسان يستطيع إدراك كروية الأرض وهو على سطحها.

وللدحو أيضا معنى آخر وهو الدفع والرمي.

وبهذا المعنى اللغوي يمكن أيضا أن نعتبر كلمة دحاها من الناحية العلمية بمعنى دفعها في مدارها حول الشمس أو أزاحها ما ينطبق على حقيقة علمية أخرى تدعى

٨٣

إزاحة القارات حيث تتباعد القارات عن بعضها البعض ولقد ساهمت كل العلوم في إثبات صحة إزاحة القارات.

وبهذا فإن التعبير القرآني بلفظ الدحو قد أدى معاني كثيرة كالانبساط والتكوير والدفع والإزاحة مما يمثل إعجازا بيانيا وعلميا رائعا.

وتستطرد الآيات بقوله تعالى : أخرج منها ماءها ومرعاها مما يفيد خروج الماء من الأرض.

ولقد ثبت علميا أن المياه التي تملأ المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار قد أتت من باطن الأرض على خلاف المعتقد قديما.

إذ ثبت علميا أن الماء يذوب دون قيود في السليكات المنصهرة بدليل وجود كميات كبيرة في الحمم البركانية وهذا الماء قد ذاب في البداية في الصخور المنصهرة أثناء مرحلة الحرارة العالية بالكوكب ثم انطلق هذا الماء تدريجيا مع برودة القشرة وتصلبها ، والماء هو المصدر الأكبر لسحابة البخار التي تصاحب الانفجار البركاني.

أي أن الله سبحانه وتعالى أخرج من الأرض ماءها ومرعاها إذ بانطلاق الماء من الأرض وبنشأة الحياة النباتية (مرعاها) على هذا الماء اللازم للحياة.

سورة النازعات

(وَالْجِبالَ أَرْساها)

النازعات : ٣٢

الفعل أرسى معناه ثبت وأيضا يستعمل في التعبير عن إرساء السفن مما يشير إلى أن الجبال استقرت ورست في الأرض كالسفن وهذه الحقيقة العلمية ثبتت تماما في العصر الحديث فالجبال النارية ترسو طافية على سائل كثيف لزج موجود في رداء الأرض تحت القشرة تماما كالسفينة التي تطفو فوق ماء البحر.

والجبال الرسوبية جبالا شاطئية تعتمد في تكوينها على ما تلقيه الأنهار من رواسب في المياه الضحلة حتى إذا تراكمت إلى الحد الذي قدره الله وتماسكت بالتضاغط فهي أيضا تشبه السفينة الراسية على الميناء.

٨٤

واستقرار السفينة في مرساها بتوازن القوى المؤثرة عليها فثقل السفينة إلى أسفل يعادله دفع الماء للسفينة إلى أعلى. كذلك ثقل الجبال يعادله ضغط حرارة جوف الأرض وقوة دفع ناتجة عن سيولة جوف الأرض.

وهكذا في لفظ واحد قرآني يخبرنا الله سبحانه وتعالى أن الجبال تثبيت للأرض وأنها ترسو طافية على سائل القشرة الأرضية.

سورة عبس

(قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) (١٩)

عبس : ١٧ ـ ١٩

اكتشف العلم حديثا دور الكروموسومات والجينات في تكوين الجنين. إن خلق الإنسان كله مقدر في نطفة الرجل (الحيوان المنوي) ونطفة المرأة (البويضة).

ليس هذا فحسب بل أن تأثير الوراثة ضمن الجينات يمتد عبر القرون ليتصل بالآباء والأجداد وحتى يصل إلى آدم فقد اكتشف العلم حديثا أن الجينات التي يقدر طولها بالأنجستروم (جزء من مائة مليون جزء من السنتيمتر) أو أقل تكمن فيها أسرار وأسرار يظهرها الله متى شاء.

ومن ضمن تلك الأسرار الصفات والملامح التي تعطي الإنسان صفاته وشكله واستعداده لكثير من الصفات البدنية والنفسية ومناعته واستعداده لهذا المرض أو ذاك.

سورة التكوير

(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) (٢)

التكوير : ١ ـ ٢

من الناحية اللغوية فإن معنى كور الشيء أي جمع بعضه على بعض ثم لف ورمى وإذا حدث هذا للشمس اختفى ضوؤها وأما معنى انكدرت أي انحسر ضوؤها ما يعني الوفاة.

٨٥

وهذا ما توصل إليه علم الفلك حديثا لما يحدث للنجوم وما سيحدث للشمس مستقبلا بإذن الله.

فمراحل تطور النجوم كالآتي : ـ

سحابة هائلة (سديم) دخان كوني ثم تتكثف السحابة وترتفع حرارتها ويتكون نجم في مرحلة الشباب وقد يدور حوله كواكب.

ثم يتحول النجم إلى عملاق أحمر يبتلع أقرب الكواكب إليه ثم ينكمش النجم وترتفع كثافته ويتحول إلى قزم أبيض يبدأ في عملية تبريد طويلة وبطيئة إلى أن يبرد نهائيا ويموت.

والنجوم الكبيرة والتي كتلتها تزيد على أكثر من ثلاثة أضعاف كتلة الشمس يتقلص النجم ويصبح نجم نيتروني.

وإذا كان التقلص شديدا وكتلة النجم أضعاف كتلة الشمس فإن النجم يصبح عند وفاته بهذا الانكماش الهائل ثقبا أسود حيث يصبح حجم النجم أصغر من حجمه الأصلي ملايين المرات نتيجة الضغط الهائل والجاذبية الرهيبة ويمثل الثقب الأسود المقبرة المرعبة في السماء لأنه يلتهم ما حوله حتى الضوء نفسه.

سورة الانشقاق

(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩)

الانشقاق : ١٨ ـ ١٩

هذه الآية تشير إلى حدث مستقبلي عند نزول القرآن حدث يحدث في عصر الفضاء في القرن العشرين فالقمر عند ما يتسق أي يتكامل ويتم نوره وتكتمل أبحاثنا عنه عندئذ يؤكد القرآن الكريم سفر الإنسان إلى القمر بركوبه طبقا عن طبق.

حقا لقد ركب الإنسان طبقا عن طبق فرائد الفضاء يركب في كبسولة على صاروخ متعدد المراحل كما لو كان الصاروخ فعلا طبقا عن طبق ويخترق الصاروخ طبقات الغلاف الجوي المختلفة حتى ينفذ من جو الأرض متجها إلى القمر.

ففي ٢١ يوليو ١٩٦٩ تمت رحلة سفينة الفضاء أبوللو ـ الأمريكية التي حملت

٨٦

الرواد نيل ارمسترونج والدرين وكولينز إلى القمر حيث هبط ارمسترونج والدرين على سطح القمر لأول مرة في تاريخ البشرية بواسطة المركبة القمرية بينما ظل زميلهم كولينز ينتظرها في مركبة أخرى تدعي كولومبيا كانت تدور حول القمر حتى التحمت بها المركبة القمرية بعد أداء مهمتها على سطح القمر وقد عادوا جميعا سالمين إلى الأرض وقد ركبوا فعلا طبقا عن طبق.

سورة الطارق

(وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) (٤)

الطارق : ١ ـ ٤

الطارق : مأخوذ من الطرق بمعنى الضرب بشدة ومنه المطرقة.

يقسم الله سبحانه وتعالى بالنجم الطارق وقد توصل العلم الحديث بعد مجهودات كبيرة بذلها العلماء ومصاريف باهظة أنفقت في الأبحاث الفضائية تم تسجيل صوت نجم نيوتروني ليخدم تفسير الآية فالصوت الذي تم تسجيله يبدو مثل الطرق تماما.

وفي عصر الفضاء أعلن العلماء عام ١٩٧١ عن اكتشاف أول ثقب أسود في السماء ثم توالى اكتشاف كثيرا من الثقوب السوداء والتي تمثل مقبرة في السماء فهي نجوم ميتة انكمشت على نفسها وانقبضت بعد الجاذبية فانهارت مادتها وتراكمت تراكما شديدا مما يجعل جاذبية كل منها تزداد زيادة هائلة لدرجة أن الثقب لا يكتفي بضغط مادته في جوفه بل أنه يستطيع ابتلاع أي جرم يقترب حتى لو كان نجما عملاقا ويستطيع أن يجذب الضوء إليه فلا يستطيع منه فكاكا لأن سرعة الهروب منه أكبر من سرعة الضوء ولهذا يبدو الثقب في السماء جرما أسود لا يمكن رصده لأنه لا يسمح للضوء المرئي أو الغير مرئي أن يفلت منه فهو حقا مقبرة للمادة والطاقة ويدرك مكان وجوده بالمجالات المغناطيسية الرهيبة وهذه الآية (النَّجْمُ الثَّاقِبُ

٨٧

(٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) (٤) تشير إلى هذا النجم إذ أنه يثقب الفضاء الكوني ويجذب إليه كل ما يصادفه فيخلف نفقا خاليا من المادة واطاقة وكأنه يثقب الفضاء فعلا كما أن هذا النجم خطير جدا لأنه يلتهم كل ما يصادفه ويعزز هذا التصور أنه بعد آية النجم الثاقب إن كل نفس لما عليها حافظ.

(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) (٧)

الطارق : ٥ ـ ٧

الصلب : هو منطقة العمود الفقري

الترائب : هي عظام الصدر.

بينت الدراسات الجنينية الحديثة أن نواة الجهاز التناسلي والجهاز البولي في الجنين تظهر بين الخلايا الغضروفية المكونة لعظام العمود الفقري وبين الخلايا المكونة لعظام الصدر وتبقى الكلى في مكانها وتنزل الخصية إلى مكانها الطبيعي في الصفن عند الولادة وعلى الرغم من انحدار الخصية إلى أسفل فإن الشريان الذي يغذيها بالدم طوال حياتها يتفرع من الأورطي بحذاء الشريان الكلوي.

كما أن العصب الذي ينقل الاحساس إليها ويساعدها على انتاج الحيوانات المنوية وما يصاحب ذلك من سوائل متفرع من العصب الصدري العاشر الذي يغادر النخاع الشوكي بين الضلعين العاشر والحادي عشر.

وواضح من ذلك أن الأعضاء التناسلية وما يغذيها من أعصاب وأوعية دموية تنشأ من موضع في الجسم بين الصلب والترائب (العمود الفقري والقفص الصدري).

(وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) (١٢)

الطارق : ١١ ـ ١٢

يقسم الله بالسماء التي ترجع وتعيد للأرض ما يصعد من بحارها ومحيطاتها من بخار الماء الذي يتجمع مكونا سحبا تتكاثف ويعود إلى الأرض ساقطا على هيئة أمطار غزيرة.

٨٨

كما أن السماء ذات الرجع لأن الأمواج اللاسلكية ترتد هي الأخرى من السماء إذا أرسلت إليها بسبب انعكاسها على الطبقات العليا الأيونية ولهذا نستطيع أن نلتقط إرسال المحطات الإذاعية بعد انعكاس موجاتها فالسماء أشبه بمرآة عاكسة ترجع ما يبث إليها فهي السماء ذات الرجع.

كما أقسم سبحانه وتعالى بالأرض ذات الصدع حيث يوضح القرآن الكريم حقيقة علمية وهي أن القشرة الأرضية لا تشكل جزءا مصمتا بل أن بها تشقق أو فلقة وهذه الشقوق متصلة في النهاية وحدة واحدة أي شقا أو صدعا واحدا.

سورة الغاشية

(أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)

الغاشية : ١٧

يطلب الله سبحانه وتعالى من الناس النظر في كيفية خلق الإبل يكتشفوا معجزات قدرة الله وعلى مدى السنين والدراسات على الإبل ظاهرا وباطنا. ظهر من صفاتها الظاهرة من أن تكون سفن الصحراء بحق فالعينان ترتفعان فوق الرأس وترتدان إلى الخلف فضلا عن طبقتين من الأهداب تقيانها الرمال وكذلك المنخران والأذنان يكتنفهما الشعر للغرض نفسه فإذا ما هبت العواصف الرملية انقفل المنخران وانثنت الأذن على صغرها وقلة بروزها نحو الجسم.

أما القوائم فطوال تساعد على سرعة الحركة مع ما يناسب ذلك من طول العنق.

وأما الأقدام فمنبسطة في صورة خفاف تمكن الإبل من السير فوق الرمال الناعمة.

وللجمل كلكل تحت صدره ووسائد قرنية على مفاصل أرجله تمكنه من الرقود فوق الأرض الخشنة الساخنة كما أن على جانبي ذيله الطويل شعرا يحمي الأجزاء الخلفية من الأذى.

أما مواهب الجمل الوظيفية فأبلغ وأبدع فهو في الشتاء لا يطلب الماء بل قد يعرض عنه شهرين متتاليين إذا كان الغذاء رطبا أو أسبوعين إذا كان جافا.

٨٩

كما أنه قد يتحمل العطش الكامل في قيظ الصيف أسبوعا أو أسبوعين يفقد أثناءهما أكثر من ثلث وزنه فإذا وجد الماء تجرع منه كمية هائلة يستعيد بها وزنه المعتاد في دقائق معدودة.

وقد كان يظن سابقا أن الجمل يختزن الماء في كرشه ولكن الواقع أنه يحتفظ به في أنسجة جسمه ويقتصد في استهلاكه غاية الاقتصاد فمن ذلك أنه لا يلهث أبدا ولا يتنفس من فمه ولا يصدر من جلده إلا أدنى العرق ، وذلك لأن حرارة جسمه تكون شديدة الانخفاض في الصباح الباكر ثم تأخذ في الارتفاع التدريجي أكثر من ست درجات قبل أن تدعو الحاجة إلى تلطيفها بالعرق والبخر وعلى الرغم من كمية الماء الهائلة التي يفقدها الجسم بعد العطش الطويل فإن كثافة دمه لا تتأثر إلا في حدود بسيطة ومن ثم لا يقضي العطش عليه.

وقد أثبت أن دهن السنام مخزن للطاقة يكفيه غوائل الجوع ولكنه لا يفيد كثيرا في تدبير الماء اللازم لجسمه وحقا (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) صدق الله العظيم

(وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) (٢٠)

الغاشية : ١٨ ـ ٢٠

جاء ذكر الجبال بعد السماء وقبل الأرض لما بين رفعة السماء وارتفاع الجبال من تناسب. وما بين نصب الجبال وبسط الأرض من تقابل.

فأي سر علمي وراء رفع الجبال عن سطح الأرض وأي حكمة في خفض سطح الأرض عن سطح الجبال؟

أثبت العلماء أن الجبال تكونت من صخور تصنعها تحركات حدثت بالقشرة الأرضية نتيجة لضغوط هائلة نشأت وتنشأ في طبقات هذه القشرة في شتى الاتجاهات.

وهذه الضغوط تنشأ من تحول الطاقة الحرارية المختزنة في باطن الأرض إلى طاقة

٩٠

ميكانيكية تؤدي إلى إحداث طيات ينتج عنها انحناء القشرة فتتحدب إلى أعلى من مكان يصحبه تقعر أي انخفاض جزء آخر من القشرة إلى أسفل وهذه الضغوط تسمح بانتاج نتوءات على هيئة جبال أو هضبات ترتفع لعدة كيلومترات فوق مساحات قد تبلغ آلاف الكيلومترات المربعة.

وإلى الأرض كيف سطحت أي بسطت ومهدت والمراد بذلك أن الأرض وإن كانت كروية تبدو للناظرين مسطحة مبسوطة وهذا لا يخالف ما قرره العلم.

٩١

بعض نواحي الإعجاز العددي في القرآن الكريم :

ـ تكرر لفظ الحياة ومشتقاته مما يخص الخلق والأحياء ١٤٥ وتكرر لفظ الموت ومشتقاته فيما يخص الخلق والأحياء ١٤٥ مرة برغم اختلاف معظم الآيات التي وردت فيها الحياة عن تلك التي ورد فيها الموت.

ـ وتكرر لفظ الصالحات بمشتقاتها ١٦٧ مرة وهو نفس العدد الذي تكرر به ذكر السيئات بمشتقاتها.

ـ تكرر ذكر الدنيا ١١٥ مرة كما ذكرت الآخرة ١١٥ مرة.

ذكرت الملائكة ٨٨ مرة وهو نفس العدد الذي ذكرت به الشياطين.

ـ وتساوت عدد مرات ذكر المحبة بعدد مرات ذكر الطاعة إذ تكرر كل منهما ٨٣ مرة.

ـ وردت كلمة الهدى ٧٩ مرة في القرآن الكريم وهو نفس العدد الذي وردت به الرحمة.

ـ تكرر ذكر الشدة ١٠٢ مرة وتكرر ذكر الصبر بنفس العدد.

ـ ذكرت المصيبة ٧٥ مرة وذكر الشكر ٧٥ مرة.

ـ ورد ذكر إبليس ١١ مرة وبنفس العدد تكرر ذكر الاستعاذة بالله.

ـ تكرر لفظ الرحمن في القرآن الكريم ٥٧ مرة وتكرر لفظ الرحيم ١١٤ مرة وهو ضعف ٥٧.

ـ تكرر الجزاء ١١٧ مرة وتكررت المغفرة ٢٣٤ مرة أي الضعف.

ـ تكرر لفظ الفجار ثلاث مرات والأبرار ست مرات.

ـ تكرر اليسر ثلاث أضعاف العسر ٣٦ ، ١٢ مرة.

ـ تكرر الشهر في القرآن الكريم ١٢ مرة أي بقدر سنة.

ـ تكرر اليوم ٣٦٥ مرة أي بقدر سنة.

تم بحمد الله

٩٢

المراجع

١ ـ التوراة والإنجيل والقرآن في ضوء المعارف الحديثة للمستشرق الفرنسي موريس بوكاي.

٢ ـ المنتخب في تفسير القرآن الكريم.

٣ ـ الكون والإعجاز العلمي للقرآن للدكتور منصور حسب النبي.

٤ ـ إنه الحق ـ الشيخ عبد المجيد الزنداني.

٥ ـ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ـ الشيخ عبد المجيد الزنداني.

٦ ـ الأدلة المادية على وجود الله للشيخ محمد متولي الشعراوي.

٧ ـ معجزة القرآن للشيخ محمد متولي الشعراوي

٨ ـ الكون للدكتور جمال الدين الفندي.

٩ ـ القرآن محاولة لفهم عصري للدكتور مصطفى محمود.

١٠ ـ هيمنة القرآن المجيد على ما جاء في العهد القديم والجديد للدكتورة مها محمد فريد عقل.

١١ ـ معجزة الأرقام والترقيم في القرآن الكريم للأستاذ عبد الرازق نوفل.

١٢ ـ القرآن الكريم والإنجيل والتوراة.

٩٣

الفهرس

الموضوع

الصفحة

 ـ إنه الحق....................................................................... ٣

ـ كيف جمع القرآن.............................................................. ١٠

ـ لما ذا كانت هذه المقابلة الكبيرة.................................................. ١١

ـ وحى من جهة بلاد العرب...................................................... ١٢

ـ القرآن........................................................................ ١٦

ـ سورة البقرة.................................................................... ٢٠

ـ سورة آل عمران............................................................... ٢٣

ـ سورة النساء................................................................... ٢٤

ـ سورة المائدة................................................................... ٢٥

ـ سورة الأنعام.................................................................. ٢٦

ـ سورة الأعراف................................................................. ٣٠

ـ سورة يونس................................................................... ٣١

ـ سورة يوسف.................................................................. ٣٣

ـ سورة الرعد................................................................... ٣٤

ـ سورة الحجر................................................................... ٣٨

ـ سورة النحل................................................................... ٤٠

ـ سورة الإسراء.................................................................. ٤٢

ـ سورة الكهف................................................................. ٤٣

ـ سورة مريم..................................................................... ٤٤

ـ سورة الأنبياء.................................................................. ٤٤

ـ سورة الحج.................................................................... ٤٨

ـ سورة المؤمنون................................................................. ٤٩

ـ سورة النور.................................................................... ٥٢

٩٤

ـ سورة الفرقان.................................................................. ٥٤

ـ سورة النمل................................................................... ٥٦

ـ سورة العنكبوت............................................................... ٥٧

ـ سورة الروم.................................................................... ٥٨

ـ سورة السجدة................................................................. ٥٩

ـ سورة الأحزاب................................................................. ٦٠

ـ سورة سبأ..................................................................... ٦٠

ـ سورة فاطر.................................................................... ٦١

ـ سورة يس..................................................................... ٦٢

ـ سورة الصافات................................................................ ٦٥

ـ سورة الزمر.................................................................... ٦٦

ـ سورة غافر.................................................................... ٦٧

ـ سورة فصلت.................................................................. ٦٨

ـ سورة ق...................................................................... ٦٨

ـ سورة الذاريات................................................................. ٦٩

ـ سورة النجم................................................................... ٧٠

ـ سورة القمر................................................................... ٧٠

ـ سورة الرحمن................................................................... ٧١

ـ سورة الواقعة................................................................... ٧٤

ـ سورة الحديد.................................................................. ٧٥

ـ سورة المعارج................................................................... ٧٦

ـ سورة القيامة.................................................................. ٧٧

ـ سورة الإنسان................................................................. ٨٠

ـ سورة المرسلات................................................................ ٨١

ـ سورة النبأ..................................................................... ٨١

ـ سورة النازعات................................................................ ٨٢

٩٥

ـ سورة عبس................................................................... ٨٥

ـ سورة التكوير.................................................................. ٨٥

ـ سورة الانشقاق................................................................ ٨٦

ـ سورة الطارق.................................................................. ٨٧

ـ سورة الغاشية.................................................................. ٨٩

ـ بعض نواحى الإعجاز العددى فى القرآن الكريم.................................... ٩٢

ـ المراجع....................................................................... ٩٣

ـ الفهرس...................................................................... ٩٤

٩٦