الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

سعيد صلاح الفيومي

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

المؤلف:

سعيد صلاح الفيومي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة القدسي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٦

سورة فاطر

(وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) (٩)

فاطر : ٩

الرياح تتبع في سيرها قواعد معينة تؤدي إلى توزيعها على الأرض بطريقة خاصة تعرف بالدورة العامة للرياح وفي معظم الأحيان تكون الرياح بشرى بالمطر.

وكلمة تثير في هذه الآية تشير إلى أثر الرياح في تكوين السحاب ومن معاني الإثارة في اللغة الظهور وبهذا فإن الرياح تظهر السحاب ثم يسوقه الله حيث يشاء.

وأما قوله تعالى كذلك النشور فهو إشارة إلى إخراج الموتى وبعثهم أحياء يوم القيامة حيث يمثل ذلك الاحياء للأرض بمياه المطر وإخراج النبات منها بعد موتها.

(لَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) (٢٧)

فاطر : ٢٧

جدد : ذات طرائق وخطوات مختلفة الألوان.

غرابيب سود : متناهية في السواد كالأغربة.

ليس الإعجاز العلمي في هذه الآية الكريمة هو التنويه فقط بما للجبال من ألوان مختلفة ترجع إلى اختلاف المواد التي تتألف منها صخورها من حديد يجعل اللون السائد أحمر أو منجنيز أو فحم يجعله أسود أو نحاس يجعله أخضر والجبال البيضاء تتكون أساسا من الطباشير والحجر الجيري. ولكن الإعجاز هو الربط بين إخراج ثمرات مختلفة الألوان يروي شجرها بماء واحد وخلق جبال حمر وبيض وسود يرجع أصلها إلى مادة واحدة متجانسة التركيب أصلها من باطن الأرض ويسميها علماء الجيولوجيا بالصهارة وهذه الصهارة الواحدة عند ما تنبثق في أماكن مختلفة من الأرض وعلى أعماق مختلفة من السطح يعترى تركيبها الاختلاف فتتصلب آخر الأمر في كتل أو جبال مختلفات المادة والألوان.

٦١

وهكذا فسنة الله واحدة لأن الأصل واحد والفروع مختلفة وفي هذا متاع وفائدة لبني الإنسان.

سورة يس

(سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ)

يس : ٣٦

خلق الله سبحانه وتعالى الأشياء كلها على سنة الذكورة والأنوثة أو الموجبة والسالبة.

فجعل الذكور والإناث في مخلوقاته كلها سواء في النباتات والحيوانات والبشر وما لا يعلمه الناس من الأحياء الغير منظورة.

كما أن الازدواجية موجودة في المادة فقد اكتشف علماء الفيزياء منذ سنوات قليلة أنواعا مختلفة من الحسيمات الذرية المضادة فمن المعروف أن الذرة العادية تتكون من نواة بها بروتونات موجبة ونيوترونات متعادلة ويدور حولها إلكترونات سالبة ، ولقد اكتشف العلماء أثناء بعض التفاعلات النووية تولد الإلكترون الموجب (البوزيترون) واليروتون السالب. والنيترون المتعادل له ضد يدعى النيترون المضاد ذو العزم المغناطيسي المعاكس.

ولقد ثبت علميا أن هذه الجسيمات المضادة تفنى سريعا بمجرد التقائها مع الجسيمات العادية المناظرة في عملية تعرف بالإفناء تتحول فيها المادة والمادة المضادة إلى طاقة فمثلا عند تقابل الالكترون مع البوزيترون تتولد أشعة جاما.

وذرة المادة المضادة لا تختلف عن ذرة المادة العادية في صفاتها الطبيعية أو الكيميائية ولكنها فقط صورة معكوسة ، وكأنها صورة مرآة للذرة العادية ولا يمكن التمييز بينهما إلا إذا تقابلتا فتحدث الكارثة وتختفيا فورا لتحولهما إلى طاقة.

ولقد أشارت هذه الآية الكريمة إلى الأزواج.

٦٢

(وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ)

والمعروف أن الجسيمات أو الذرات المضادة لا تستقر على الأرض لأنه لا يمكن الاحتفاظ بها في عالمنا المكون من المادة العادية.

والعلماء يعتقدون الآن أن الكون ربما قد نشأ من طاقة تحولت في البداية إلى نوعي المادة وبحيث يظل النوعين متباعدين ويحدث الزوال الفوري للكون كله عند ما تلتقي المادة والمادة المضادة وذلك بمشيئة الله.

(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)

يس : ٣٨

هذه الآية الكريمة تمثل إعجاز علميا رائعا للقرآن.

فالفعل تجري يعبر عن حركة واقعية أثبتها العلم الحديث للشمس التي اتضح أنها تنتقل في الفضاء وتجر معها بالجاذبية كواكبها التي تدور حولها.

والفعل يدل ليس فقط على حركة انتقالية ذاتية للشمس ولكن يدل أيضا على عظم تلك الحركة لأن الجري طبعا أدل على السرعة من المشي أو السير وقد تمكن العلماء من تحديد سرعة هذه الحركة للشمس ومعها النظام الشمسي بحوالي ١٩ كيلومتر / ث في الفضاء الكوني نحو نقطة في كوكبة هرقل كما أن الشمس تجري ومعها مجموعتها الشمسية بسرعة فائقة تبلغ ٢٢٠ كيلومتر / ث حول مركز مجرتنا (سكة التبانة).

وبهذا فإن الشمس تسبح في فلك دائري خاص بها حول مركز المجرة.

أما الشطر الثاني من الآية وهو عبارة (لِمُسْتَقَرٍّ لَها) فمن الواضح أن هذا المستقر الذي ينتهي إليه جرى الشمس أمر من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله العزيز العليم الذي قدر هذا الجري على هيئة ينتهي إلى غايته إذ هو فيما يبدو يشير إلى وفاة الشمس حين تستهلك وقودها.

(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)

يس : ٣٩

يمكن تلخيص منازل القمر كما يلي خلال شهر عربي كامل الهلال الجديد في

٦٣

الأفق الغربي ـ التربيع الأول ـ البدر ـ التربيع الثاني ـ الهلال في الأفق الشرقي ـ المحاق والعرجون القديم هو السباطة اليابسة إذا حال عليها الحول وجفت وهذه إشارة إلى منازل القمر من جهة وإلى عدم وجود حياة على القمر من جهة أخرى وقد تحقق ذلك فعلا بعد أن وصل الإنسان إلى القمر وشاهد معالمه المقفرة.

(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)

يس : ٤٠

يذكر القرآن الكريم بوضوح أمرا علميا جوهريا ألا وهو وجود مدار لكل من الشمس والقمر كما يشير إلى تنقلهما في الفضاء كل بحركة خاصة وهذا هو مدار الشمس حول المجرة ومدار القمر حول الأرض من الحقائق العلمية الحديثة.

والله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة يرد على اعتقاد غير صحيح كان موجودا عند العرب وقت نزول القرآن وهو أن الليل يأتي أولا ثم بعد ذلك يأتي النهار أي أن النهار لا يسبق الليل ويجيء الحق ليصحح هذا الاعتقاد الخاطئ (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) أي أن الليل لا يسبق النهار.

ومعنى أن الليل لا يسبق النهار والنهار لا يسبق الليل ، أنهما موجودان معا على سطح الأرض أي أن الأرض على هيئة كرة فلو كانت الأرض على أي شكل هندسي آخر أو مسطحة لكان في ساعة الخلق وجد النهار أولا ، أو وجد الليل أولا ولكن لا يمكن أن يوجد الليل والنهار معا في وقت واحد على سطح الأرض إلا إذا كانت الأرض كروية فيكون نصف الكرة مضيئا والنصف الآخر مظلما.

(الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ)

يس : ٨٠

إن طاقة الشمس تنتقل إلى جسم النبات بعملية التمثيل الضوئي إذ تمتص خلاياه المحتوية على المادة الخضراء في النبات (الكلوروفيل) ثاني أكسيد الكربون من الجو ويتفاعل هذا الغاز مع الماء الذي يمتصه النبات فتنتج المواد الكربوهيدراتية

٦٤

بتأثير الطاقة المستمدة من ضوء الشمس ومن ثم يتكون الخشب الذي يتركب أساسا من مركبات كيمائية محتوية على الكربون والهيدروجين والأكسجين ، ومن هذا الخشب يتكون الفحم النباتي المستعمل كوقود إذ بإحراق الفحم النباتي تنطلق الطاقة المدخرة فيه. وما الفحم الحجري إلا نباتات وأشجار نشأت ونمت على النحو السابق ثم دفنت وتحللت إلى الفحم الحجري بتأثير العوامل الجيولوجية كالحرارة والضغط وغيرها.

ويجب أن يلاحظ أن لفظ الأخضر في الآية ووصف الشجر بهذا اللون لم يكن عفوا وإنما هو إشارة إلى مادة الكلورفيل الأخضر اللازم لعملية التمثيل الضوئي.

سورة الصافات

(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ)

الصافات : ٥

قد يبدو لفظ المشارق غريبا فالمعروف أن نقول مشرق الشمس ولكن الحقيقة التي ذكرها القرآن ويؤيدها الواقع حيث تبدو الشمس والنجوم لسكان الأرض في كل يوم بدوران الأرض حول محورها مشرقة في مواضع مختلفة ، وكلما غيرت الأرض موضعها في رحلتها على القبة السماوية بدت مشرقة من مواضع مختلفة ، فإذا رصدت الشمس بانتظام ابتداء من أواخر مارس أي في الاعتدال الربيعي (من نصف الكرة الشمالي) فإنها ترى وهي تشرق في نقطة في الشرق على الأفق.

وكلما مر يوم رآها الراصد تشرق في نقطة أقرب إلى الشمال. وفي أواخر يونيو ترى مشرقة من مكان هو نهاية اقترابها من الشمال ثم تبدو الشمس بعد ذلك وهي تقفل راجعة متبعة نفس التغييرات حتى أواخر سبتمبر (عند الاعتدال الخريفي) حيث ترى مشرقة من المكان الذي أشرقت منه عند الاعتدال الربيعي.

ثم تبدو بعد ذلك مستمرة في الحركة نحو الجنوب حيث ترى مشرقة في أقرب

٦٥

نقطة إلى الجنوب في أواخر ديسمبر ثم تأخذ في الرجوع ظاهريا نحو الشمال حيث تكمل دورتها في الاعتدال الربيعي التالي.

ويستغرق ذلك كله ٣٦٥ يوما وربع يوم. وكذلك الحال بالنسبة النجوم.

والخلاصة أنه رب المشرق ورب المشارق.

سورة الزمر

(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ)

الزمر : ٥

وهكذا دون أن يصدم الله سبحانه وتعالى الناس ساعة نزول القرآن أو بعد نزوله بمئات السنين حتى يصل العلم إلى كروية الأرض وأن الشمس والقمر بل كل الكواكب والنجوم في حالة حركة مستمرة وليس مجرد حركة مستمرة وليس مجرد حركة بل أن تعبير يجري للدلالة على أنها تتحرك بسرعات كبيرة وأن لكل كوكب أو نجم أجل مسمى ونهاية محتومة فالليل والنهار خلقا على هيئة التكوير وبما أن الليل والنهار وجدا على سطح الأرض معا فلا يمكن أن يكونا على هيئة التكوير إلا إذا كانت الأرض نفسها كروية بحيث يكون نصف الكرة مظلما (ليل) والنصف الآخر مضيئا (نهار).

(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)

الزمر : ٦

تنشأ البويضة في أحد مبيضي المرأة حتى إذا اكتمل نضجها انطلقت منه فيتلقفها أحد بوقي فالوب ثم تمضي في قناة فالوب في طريقها إلى الرحم فلا تصله إلا بعد بضعة أيام قد يقدر لها في أثنائها أن يخصبها حيوان منوي من الرجل فتبدأ توا مراحل تطورها المبكر. وفي الرحم يمضي الجنين بقية مدة الحمل حيث يكون لنفسه

٦٦

فيها غلافين (السلى) ويسهم جزء منه في تكوين المشيمة و(الرهل) الذي يحيط بالحنين إحاطة مباشرة.

والظلمات الثلاث في الآية الكريمة هي المبيض وقناة فالوب والرحم.

وقد أشار الخالق العظيم في كتابه إلى هذه الحقيقة العلمية في زمن لم يكن الناس قد اكتشفوا فيه بويضة الثدييات ومسلكها ذاك في أجسام الأثاث بعيدا عن العيون.

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ)

الزمر : ٢١

الخرافات التي كانت سائدة عن المياه الجوفية والتي لم يعرف أصلها إلا عام ١٥٨٠ ميلادية حين أعلن برنارد باليس أن هذه المياه تأتي من تسرب ماء المطر إلى التربة وهذا ما ذكره القرآن قبل هذا العام بألف سنة.

وهذا الماء يخرج به زرعا مختلفا أشكاله ثم ييبس بعد نضارته فتراه مصفرا ثم يجعله فتاتا منكسرا. إن في ذلك التنقل من حال إلى حال لتذكير لأولي العقول المستنيرة.

سورة غافر

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ)

غافر : ٦٧

كما ذكر سابقا أن عناصر تكوين جسم الإنسان الثمانية عشر هي نفس عناصر تكوين التراب.

والمقصود بالنطفة الجزء الخاص من المنى ، وقد كشف العلم عن المقصود بهذا الجزء وهو الحيوان المنوي الذي يحمله السائل المنوي ، وهذا الحيوان هو الذي يلقح بويضة الأنثى.

٦٧

والعلقة هي الدم المتجمد أو السائل الذي اشتدت حمرته والمراد بها عمليا خلايا الجنين التي تعلق بجدار الرحم بعد طور تلقيح الحيوان المنوي للبويضة وصيرورتها خلية واحد تنقسم إلى عدة خلايا وتتكاثر وتتحرك نحو جدار الرحم وتنشب به محدثة نزيفا من الدم.

سورة فصلت

(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (١١)

فصلت : ١١

قرأ البروفيسور يوشيري كوزاي مدير مرصد طوكيو هذه الآية فقال : أن العلم لم يصل إلا منذ فترة بسيطة جدا إلى أن السماء كانت دخانا ، وقد أصبح هذا شيئا مشهودا ومرئيا الآن بعد إطلاق سفن الفضاء والأقمار الصناعية وعرض صورا التقطت لنجم في السماء ، وهو يتكون وقد بدأ كتلة من الدخان في وسطها تكون الجزء المضيء من النجم وحوله الدخان وتحيط بالدخان حافة حمراء دليل على ارتفاع درجة الحرارة.

وقال : لقد كنا نعتقد منذ سنوات فقط أن السماء كانت ضبابا ولكننا عرفنا الآن بعد التقدم العلمي بأنها ليست ضبابا ولكنها دخان لأن الضباب خامد وبارد والدخان حار وفيه حركة وهذا يدل على أن السماء كانت دخانا.

سورة ق

(الْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)

ق : ٧

والأرض مددناها أي : بسطناها وفي أي مكان من الأرض فهي مبسوطة ، وهذا دليل على كروية الأرض لأن أي شكل هندسي آخر يصل إلى حافة فلا ترى الأرض

٦٨

منبسطة عندئذ والرواسي هي الجبال فالقشرة الأرضية مرتفعة في مواضع معينة ، وهي الجبال ومنخفضة في مواضع أخرى هي قيعان المحيطات وتتوازن أثقال هذه الأجزاء بعضها مع بعض ومن قدرة الله وحكمته أن أوجد هذا التوازن وجعله ثابتا عن طريق انسياب المواد الأرضية المكونة للقشرة الرقيقة تحت الطبقات السحطية وذلك من الأثقل إلى المكان الأقل ثقلا.

سورة الذاريات

(وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)

الذاريات : ٤٧

بأييد : بقوة.

تشير هذه الآية الكريمة إلى معان علمية كثيرة منها أن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الكون الواسع بقوة ومعنى السماء في الآية كل ما علا من كواكب ونجوم ومجرات.

وهذا الجزء المرئي من الكون متسع اتساعا لا يدركه عقل ولا يتسنى تحديده إذ المسافات فيه تقاس بملايين السنين الضوئية والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في السنة بسرعة ٣٠٠٠٠٠ كيلومتر في الثانية.

والكون في نظر اينشتين كما لو كان سطح بالون كروي مقفل على نفسه بمعنى أن الكون ليس داخل البالون ولكنه بأجرامه يكون سطح البالون.

لقد حسب اينشتين نصف قطر الكون بحوالي ٣٥ مليار سنة ضوئية ولم يستبعد اينشتين فكرة تمدد الكون.

وقد أثبتت الظواهر الفلكية الحديث صحة النموذج الكروي للكون وأن تقوس الفضاء يكون متغيرا مع الزمن كما لو كان البالون الكوني يتمدد فعلا وعند انتفاخ البالون تتباعد النقط (المجرات) بعضها عن بعض ويتسع الفضاء بين المجرات دون أن تتمدد المجرات ذاتها.

وقد لاحظ هويبل في قياسات متوالية ظاهرة تباعد المجرات عن بعضها أي

٦٩

اتساع الكون وهذه التوسعة مستمرة مع الزمن طبقا لظاهرة تمدد الكون التي أصبحت حقيقة علمية ثابتة.

صدق الله العظيم حين قال : (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)

سورة النجم

(وَالنَّجْمِ إِذا هَوى)

النجم : ١

أقسم الله سبحانه وتعالى بالنجم إذا تقلص على نفسه تقلصا شديدا أدى إلى سقوط مكوناته بالجاذبية لينضغط إلى قزم أبيض أو نجم نيوتروني أو ثقب أسود وهذا يتوقف على حجم النجم وكتلته وهذه مراحل في حياة النجوم أثبتها العلم حديثا جدا.

(وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى)

النجم : ٤٥ ـ ٤٦

لم يكن الناس إلى عهد قريب يعلمون أن في سائل الذكر حيوانات منوية وأن في سائل الأنثى بويضات فإذا التقى حيوان منوي وبويضة اتحدا وحدث الإخصاب والحمل وهذه حقيقة سبق القرآن الكريم إلى ذكرها قبل أن يكشف عنها العلم في القرن العشرين.

سورة القمر

(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) (٢)

القمر : ١ ـ ٢

انشقاق القمر حدث وقع تاريخيا وثبت بالسنة على نحو ما رواه البخاري : انشق القمر ونحن مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمنى فقال اشهدوا وذهبت فرقة نحو الجبل وهو حادث واجه به القرآن الكريم جماعة من المشركين في حينه ولم يرو عنهم

٧٠

تكذيب لوقوعه غير أنهم روى عنهم أنهم قالوا سحرنا ولكنهم أنفسهم اختبروا الأمر فعرفوا أنه ليس سحرا حيث سألوا آخرين قادمين من السفر فأخبروهم أنهم رأوا القمر منشقا ورغم ذلك قالوا هذا سحر. وانشقاق القمر من معجزات الرسول الحسية.

وبعد نزول الأمريكان على سطح القمر تأكدوا من انشقاق القمر في الماضي.

وهذه الآية تؤكد انشقاق القمر عند اقتراب الساعة بقدرة الله أو فلكيا وحسابيا سيحدث الانشقاق. فالقمر يؤثر على الأرض وحركتها في الفضاء ، فهو يسبب ظاهرة المد والجزر فيعمل على رفع مياه البحار والمحيطات عاليا فيحدث المد بسبب جذب القمر لهذا الماء ويتتابع المد في أجزاء مختلفة من سطح الأرض لأنها تدور حول نفسها أي تدور بهذا الماء الذي حدث به المد ليواجه القمر ماء غيره على سطح الأرض فيصيبه المد بجذب القمر بينما يهبط الماء الأول بعد أن بعد عن تأثير جذب القمر له فيصيبه الجزر وهكذا يتكرر المد والجزر على شواطئ البحار والمحيطات مرة كل يوم.

وقد توقع العلماء حديثا بأن عملية المد والجزر ستؤدي في المستقبل إلى تعطيل الأرض في دورانها حول نفسها مما يؤدي إلى زيادة طول اليوم بمعدل ٠٠٢ ، من الثانية كل قرن وهذه الزيادة برغم ضآلتها ستتجمع بعد ملايين السنين لتؤدي إلى زيادة طول اليوم الأرضي بمقدار ملموس مما يؤدي إلى إسراع القمر في دورانه حول الأرض مما يتسبب في انشقاقه.

سورة الرحمن

(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ)

الرحمن : ٥

تنص هذه الآيات الكريمة على أن حركة الشمس والقمر تجري طبقا لنظام دقيق منذ خلقهما الله تعالى ولم نتعرف على دقائق هذا النظام الدقيق إلا حديثا حوالي ٣٠٠ سنة خلت حيث تبين أن حركة الشمس الظاهرية حول الأرض وحركة القمر

٧١

حول الأرض تتم في مدارات فلكية طبقا لقوانين الجاذبية وهي حسابات رياضية في غاية الدقة.

وحقا إنه ميزان إلهي محسوب فكل كوكب مثلا ينجذب نحو الشمس بقوة الجاذبية ويتأثر في نفس الوقت بقوة مضادة تعرف بالقوة المركزية الطاردة نتيجة لدورانه في فلكه وتتساوى القوتان وكأنهما كفتا ميزان ويدور الكوكب بذلك مستقرا في فلكه بحيث يتناسب مربع زمن دورته مع مكعب بعده عن الشمس وبحيث يكنس الخط الوهمي الواصل بينه وبين الشمس مساحات متساوية في أزمنة متساوية ولفظ يكنس ورد فعلا في قانون كبلر.

(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) (٢٠)

الرحمن : ١٩ ـ ٢٠

ظاهرة عدم اختلاط الماء العذب بالماء المالح عند الالتقاء الحادث بين مصبات الأنهار وشواطئ البحار ويظل نوعا الماء منفصلين لمسافات طويلة. وكأن بينهما حد فاصل ويرجع هذا إلى ظاهرة تسمى قوة التوتر السطحي الناشئة من اختلاف التجاذب بين جزئيات الماء العذب والماء المالح لاختلاف كثافتهما فيبدو بوضوح الحد الفاصل بينهما.

كما أن وسائل العلم الحديثة قد وصلت إلى تصوير البرزخ بين البحرين وبينت معنى لا يبغيان بأن مياه أي بحر حين تدخل إلى البحر الآخر عن طريق البرزخ فإنها تأخذ وقت دخولها خصائص البحر الذي تدخل له فلا تبغى مياه بحر على مياه بحر آخر فتغيرها.

وقد تم الوصول إلى هذه الحقائق بعد إقامة مئات من المحطات البحرية والتقاط الصور بالأقمار الصناعية والذي قال هذا الكلام البروفيسور شرايدر من أكبر علماء البحار في ألمانيا وعند ما سمع معاني آيات القرآن بهت وقال أن هذا لا يمكن أن يكون كلام بشر.

إن الصور الحديثة التي التقطت للبحار قد أثبتت أن بحار الدنيا ليست موحدة التكوين بل هي تختلف في الحرارة والملوحة والكثافة ونسبة الأكسجين. وفي صورة

٧٢

التقطت بالأقمار الصناعية ظهر كل بحر بلون مختلف فبعضها أزرق وبعضها أسود وبعضها أصفر وذلك باختلاف درجات الحرارة في كل بحر عن الآخر. وقد التقطت هذه الصور بالأشعة تحت الحمراء وبالأقمار الصناعية من سفن الفضاء وظهر خط أبيض رفيع يفصل بين كل بحر وبحر.

(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ) (٣٥)

الرحمن : ٣٣ ، ٣٥

ثبت حتى الآن ضخامة المجهودات والطاقات المطلوبة للنفاذ من نطاق جاذبية الأرض وحيث اقتضى النجاح الجزئي في زيارة الفضاء لمدة محدودة جدا بالنسبة لعظم الكون فقد وصل الإنسان للقمر ووصل بسفن الفضاء إلى المريخ بدون إنسان واحتاج ذلك لبذل الكثير من الجهود العلمية الضخمة في شتى الميادين الهندسية والرياضية والفنية والجيولوجية فضلا عن التكاليف الهائلة المادية التي أنفقت في ذلك وما زالت تنفق وغير ذلك الزمن الطويل جدا اللازم للوصول إلى كواكب المجموعة الشمسية.

فما هو الحال وأن أقرب نجم يبعد عن الأرض بمقدار ٣ ، ٤ سنة ضوئية بينما آخر حدود الكون المرئي يبعد ٣٥ مليار سنة ضوئية ، وذلك يدل دلالة قاطعة على أن النفاذ المطلق من أقطار السموات والأرض مستحيل ويحذرنا الله سبحانه وتعالى من خطورة هذا النفاذ بقوله تعالى : يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران.

فمن المعروف أن قذف النحاس ببروتونات سريعة ينتج ما يسمى بالبروتون المضاد (السالب) في المعامل النووية وحيث أن البروتونات السريعة والنحاس (شواظ النار والنحاس) متوافران في الأشعة الكونية فإن احتمال تولد البرتون المضاد في الفضاء الكوني قائم ومعنى هذا أن رائد الفضاء وسفينته معرضان للفناء الفوري بالتحول إلى أشعة جاما نتيجة لالتقاء البروتون الموجب بالروتون المضاد السالب.

(فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ)

الرحمن : ٣٧

الدهان : الجلد الأحمر.

٧٣

أي انشقت السماء فكانت مثل الورد الأحمر من حرارة النار (أي مثل الوردة ذات الأوراق الحمراء).

يقول علماء الفيزياء : أن الهيدروجين الموجود حاليا بباطن الشمس سيتحول إلى هيليوم في ظرف خمسة بلايين سنة ويزداد خلال هذه الفترة معدل إنتاج الطاقة.

وتبين الحسابات أن الإشعاع الشمسي آخذ في الازدياد ببطء وأنه سيزيد ألف مرة عند ما تتحول الشمس في شيخوختها إلى عملاق أحمر (وهذا يحدث في مراحل حياة النجوم).

وحينما تصل الشمس إلى مرحلة العملاق الأحمر ينتفخ سطحها ويبتلع كوكب عطارد والزهرة والقمر ويصل إلى سماء الغلاف الجوي للأرض ويتحول لونها إلى اللون الأحمر كقوله تعالى : (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) أي : حمراء كالزيت المحترق.

سورة الواقعة

(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (٧٦)

الواقعة : ٧٥ ـ ٧٦

نظرا لبعد النجوم السحيق عنا اتفق الفلكيون على قياس المسافات الفلكية بالسنة الضوئية وهي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة بسرعة تبلغ ٣٠٠٠٠٠ كيلومتر / ث وتبعد الشمس عنا ١٥٠ مليون كيلومتر أي : ٥٠٠ ثانية ضوئية بينما أقرب نجم يبعد عن الأرض ٣ ، ٤ سنة ضوئية وهو نجم ألفا قنطورس بينما نجم الشعرى يبعد عنا ٩ سنوات ضوئية والنجم القطبي ٤٠٠ سنة ضوئية.

ولقد أتاحت التلسكوبات الحديثة رصد نجوم ومجرات تبعد عنا أكثر من عشرة مليارات سنة ضوئية ولذلك فما نراه اليوم من النجوم قد حدث في الماضي على هذه النجوم البعيدة. أي : أن النجوم التي نراها الآن تسطع في السماء قد تكون نجوما ميتة

٧٤

لا ضوء فيها حاليا ، ولأن النجوم والمجرات متحركة بسرعات هائلة ؛ فإن ما نراه الآن هو موقعها منذ مئات أو آلاف أو ملايين السنين. أما مكانها الآن فلا يعلمه إلا الله وموتها أو حياتها أو مكانها الآن فلا يعلمه إلا الله وموتها أو حياتها أو مكانها فلن نعرفه إلا إذا جاء في المستقبل آخر شعاع ضوئي صدر منها.

وعلى سبيل المثال فمكان النجم القطبي الذي نراه الآن هو مكانه منذ ٤٠٠ سنة تحرك خلالها إلى مكان آخر سنعرفه بإذن الله بعد ٤٠٠ سنة.

سورة الحديد

(وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ)

الحديد : ٢٥

قال الدكتور أستروخ من أشهر علماء وكالة ناسا الأمريكية للفضاء. لقد أجرينا أبحاثا كثيرة على معادن الأرض وأبحاثا معملية ولكن المعدن الوحيد الذي يحير العلماء هو الحديد. فذرات الحديد لها تكوين مميز حيث أن الالكترونات والبروتونات والنيترونات في ذرة الحديد لكي تتحد تحتاج إلى طاقة هائلة تبلغ أربع مرات مجموع الطاقة الموجودة في مجموعتنا الشمسية.

ولذلك فلا يمكن أن يكون الحديد قد تكون على الأرض ، ولا بدّ أنه عنصر غريب وفد إلى الأرض ولم يتكون منها. فلما ترجم له معنى الآية الكريمة (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) قال أن هذا الكلام لا يمكن أن يكون من كلام البشر. وأما عبارة فيه (بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) فإنها تشير إلى خواص علمية هائلة تتوفر في الحديد. فالحديد وسبائكه المتنوعة يمتاز بخواص متعددة ومتفاوتة الدرجات في مقاومة الحرارة والشد والصدأ. وفي تقبل المغناطيسية وغيرها ولذلك كان أنسب الفلزات لصناعة أسلحة الحروب وأدواتها وأساسا لجميع الصناعات الثقيلة والخفيفة ودعامة الحضارات ، وللحديد منافع جمة للكائنات الحية إذ تدخل مركبات الحديد في تكوين الكلوروفيل وهو المادة الأساسية في عملية التمثيل الضوئي التي ينشأ عنها تكوين البرتوبلازم

٧٥

الحي ، وعن طريقه يدخل الحديد جسم الإنسان والحيوان ويدخل الحديد في تركيب بروتينات النواة (المادة الكروماتينية) في الخلية الحية. كما أنه يوجد في سوائل الجسم مع غيره من العناصر.

وهو أحد مكونات الهيموجلوبين (المادة الأساسية في كرات الدم الحمراء) ويقوم بدور هام في عملية الاحتراق الداخلي للأنسجة والتمثيل الحيوي بها ، والحديد يوجد كذلك في الكبد والطحال والكلى والنخاع والعضلات.

ويحتاج الجسم إلى كمية من الحديد يجب أن يزود بها من مصادره المختلفة فإن نقصت تعرض الإنسان لعدة أمراض أهمها فقر الدم.

والحديد السائل المنصهر الموجود في باطن الأرض يسبب تولد تيارات كهربية في قلب الأرض ، وبهذا ينشأ المجال المغناطيسي لكوكب الأرض والذي نشاهد آثاره بالبوصلة على كل نقطة على سطح الأرض وأيضا يمتد تأثيره إلى الفضاء المحيط بالأرض حيث يقوم هذا المجال المغناطيسي الأرض بحبس أكداس من الجسيمات المشحونة الضارة بالإنسان كالأشعة الكونية في أحزمة اكتشفت حديثا بواسطة القمر الصناعي إكسبلورر عام ١٩٥٨ تدعى أحزمة فان ألن الإشعاعية والتي تدور فيها الجسيمات الذرية الضارة بعيدا عن الأرض.

وبهذا نتقي شر وصول هذه الجسيمات إلى سطح الأرض.

سورة المعارج

(تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)

المعارج : ٤

العروج معناه في اللغة الصعود والخروج عن الخط المستقيم. لقد ثبت علميا أن الصعود في السماء أو السباحة فيها لا بدّ أن يتم تلقائيا في مسارات منحنية بعضها بيضاوي أو شديد الانحناء مثل مسار المذنبات التي تسبح حول الشمس.

٧٦

ولقد جرت خلال أبحاث الفضاء عدة قياسات أيدت صحة انحناء الضوء في الفضاء الكوني طبقا للنظرية النسبية العامة لأينشتين.

والإشارة إلى انحناء السير في الفضاء في القرآن الكريم حين يعبر دائما عن أسفار الفضاء بكلمة عروج.

واليوم طبقا للنظرية النسبية يتوقف على المكان والسرعة كما ذكرنا سابقا.

(فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ)

المعارج : ٤٠

قد يكون المراد بالمشارق والمغارب أقطار ملك الله على سعته التي لا تحد.

وقد يكون أيضا مشارق الشمس والقمر وكافة النجوم والكواكب ومغاربها جميعا للدلالة على ملك الله كله وترجع ظاهرة شروق الأجرام السماوية وغروبها إلى دوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق.

ومن ثم تبدو لنا تلك الأجرام متحركة في قبة السماء على عكس ذلك الاتجاه مشرقة على الأفق الشرقي وغاربة من الأفق الغربي. أو على الأقل دائرة من الشرق إلى الغرب.

وإذا اقتصرنا عند ذكر المشارق والمغارب على تدبير الشمس وحدها دون سائر النجوم والكواكب وإنا هذه إشارة إلى التعدد اللانهائي لمشارق الأرض ومغاربها يوما بعد يوم في كل موضع على سطح الأرض أو حتى في لحظة من لحظات الزمان تمر على الكرة الأرضية. فالشمس في كل لحظة غاربة عند نقطة ومشرقة في نقطة أخرى تقابلها وهذا من محكم تدبير الله وإعجاز قدرته.

سورة القيامة

(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (٣) بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) (٤)

القيامة : ٣ ـ ٤

٧٧

يقول الله سبحانه وتعالى في مقام التحدي مشيرا بأن هناك معجزة كبرى في تسويته للبنان أكبر من جمع عظام الإنسان يوم القيامة.

وهو أمر لم يكشف سره إلا بعد نزول الآية بأكثر من ألف سنة حينما عرف أن لكل إنسان بصمة خاصة به رسمت على بنانه لا يتفق اثنان في بصمته واحدة منذ خلق آدم وحتى التوائم وإلى أن تقوم الساعة.

(فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (٩)

القيامة : ٧ ـ ٩

خسف القمر : ذهب ضوؤه

بدراسة النجوم والمجرات فقد تأكد تماما مراحل خلق النجوم من مرحلة الدخان إلى مرحلة الموت.

وكما رصدت نجوم مختلفة في مراحل مختلفة يمكن التأكد مما سيحدث للشمس عند ما تتحول في شيخوختها إلى عملاق أحمر حيث ينتفخ سطحها وتبتلع كوكب عطارد والزهرة والقمر (ترتيب الكواكب قربا من الشمس عطارد ثم الزهرة ثم الأرض التي يدور حولها القمر).

وتشير هذه الآية إلى اختفاء القمر في باطن الشمس حيث يجمع الشمس والقمر ويختفي ضياء القمر.

وهذا ما سيحدث بإذن الله مستقبلا كما تذكر الآية الكريمة.

(أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (٣٧) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٣٩)

القيامة : ٣٧ ـ ٣٩

يذكر التاريخ كثيرا من حالات الطلاق أملا في إنجاب الذكر ظنا أن المرأة هي المسئولة عن نوع الجنين فهذا هنري الثامن يطلق زوجته الأولى ثم يقتل الثانية آن بولين لإنجابها أنثى كذل طلق شاه إيران زوجته وكذلك الملك فاروق طلق زوجته الملكة فريدة لإنجابها ثلاث بنات وكما يفعل كثير من الناس.

٧٨

ولكن يثبت العلم حديثا جدا أن نوع المولود ذكر أو أنثى فيرجع ذلك للرجل فقط كما تذكر هذه الآيات الكريمة (فَجَعَلَ مِنْهُ) (أي من نطفة منى يمنى) (الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى).

النطفة التي تمنى هي نطفة الرجل هي الحيوان المنوي.

كل خلية في جسم الإنسان تحتوي على ٢٣ زوجا من الجسيمات الملونة وإن منها زوجا واحدا هو المسئول عن صفة الشخص وجنسه ذكر أم أنثى.

فخلايا الرجل تحتوي على الجسيمات الملونةYX

بينما خلايا المرأة تحتوي على الجسيمات الملونةXX فإذا انقسمت خلايا الخصبة انقساما اختزاليا فإن ناتج الانقسام إما حيوانات منوية تحتوي على X فقط أوY فقط أي أن هذه الحيوانات المنوية إما أن تكون حيوانات منوية مذكرة أو حيوانات منوية مؤنثة. فالحيوان المنوي الذي يحمل إشارة الذكورةY لا يختلف عن الحيوان المنوي الذي يحمل إشارة الأنوثةX.

وقد استطاع العلماء التفريق بينهما في الشكل والمظهر كما فرقوا بينهما في الحقيقة والمخبر.

والحيوان المنوي المذكر إذا وصل إلى موضع البويضة الجاهزة للتلقيح لقحها وكان المولود ذكرYX (X من المرأة ، Y من الذكر).

وأما الحيوان المنوي الذي يحمل شارة الأنوثةX إذا لقح البويضة كان المولود أنثى XX.

فبإرادة الله إذا لقح البويضة حيوان منوي يحمل شارة الذكورة فإن النطفة الأمشاج تحتوي على ٤٦ صبغيا على هيئة ٢٣ زوج منها زوج واحدYX.

وإذا قدر الله ولقح البويضة حيوان منوي يحمل شارة الأنوثة فالنتيجة هي نطفة أمشاج (بويضة ملقحة تحمل شارة الأنوثة فقطXX).

وبما أن الأم (البويضة) تعطي دائما إشارة الأنوثة فإن الحيوان المنوي هو فقط الذي يحدد بإرادة الله نوع الجنين ذكر أو أنثى.

٧٩

هذه هي الحقيقة لم يصل إليها العلم إلا حديثا جدا.

هل لو كان هنري الثامن أو شاه إيران أو الملك فاروق يعلمون هذه الحقيقة هل كانوا طلقوا زوجاتهم وتزوجوا بأخريات حتى ينجبوا وريثا للعرش؟

سورة الإنسان

(إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً)

الإنسان : ٢

أمشاج : أخلاط ممتزجة متباينة الصفات.

لقد كان الاعتقاد قديما أن الإنسان يتكون بكامله من ماء الرجل (المنى) ثم أصبح الاعتقاد أنه يتكون في البويضة فقط.

ولكن الله سبحانه وتعالى يذكر في القرآن وكما ثبت علميا حديثا أن خلق الإنسان من نطفة اختلط فيها ماء الرجل وهو الحيوان المنوي وماء المرأة وهو بويضتها فتنتج النطفة الأمشاج.

يحتوي الحيوان المنوي على نصف الكروموسومات (الجسيمات الملونة) التي تحمل الصفات الوراثية الموجودة في أي خلية جسدية وكذلك البويضة تحتوي على نصف عدد الكروموسومات.

ويعتبر كلا من الحيوان المنوي والبويضة نصف خلية فقط من ناحية عدد الكروموسومات إذ تحتوي الخلية الجسدية على ٤٦ كروموسوم بينما يحتوي الحيوان المنوي على ٢٣ كروموسوم وكذلك البويضة.

وعند تكوين النطفة الأمشاج يكتمل عدد الكروموسومات الحاملة للصفات الوراثية من الأب والأم بالتساوي وعبر هذه الكرموسومات تنتقل الصفات الوراثية من الآباء والأجداد منتقاة مختارة حتى تصل إلى الأبناء ودون أن يتطابق منهما اثنان.

٨٠