آيات الأحكام

محمد بن علي الاسترابادي

آيات الأحكام

المؤلف:

محمد بن علي الاسترابادي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة المعراجي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٢

الأمور ، سيّما بالسؤال فإنّ قبحه معلوم عقلا ونقلا من غير هذه الآية أيضا.

وبالجملة يحمل هذه على مرجوحيّة الاستعانة مطلقا أو في العبادة إلّا ما أخرجه

__________________

٣٣٦ وأصول الكافي في ٢ / ٨٦ من أحكام العشرة في إعطاء الأمان

٢٣ ـ الرقم ٢٠٣٥٣ ج ١١ ص ١٨١ عن أصول الكافي في وجوب حسن الظن بالله

٢٤ ـ الرقم ٢٠٦٣١ ج ١١ ص ٢٥٤ عن أصول الكافي

٢٥ ـ الرقم ٢٠٦٥٤ ج ١١ ص ٢٥٩ عن علل الشرائع ص ١٦٢ والخصال ج ١ ص ١٣١ والحديثان في تعيين الكبائر

٢٦ ـ الرقم ٢٠٨٤٥ ج ١١ ص ٣١٦ عن أصول الكافي في ترك ما زاد على قدر الضرورة من الدنيا

٢٧ ـ الرقم ٢١٢٩٩ عن مجالس الشيخ ص ٢٥٨ في وجوب حب المؤمن

٢٨ ـ الرقم ٢١٥٤٩ ج ١١ ص ٥١٣ باب تحريم التظاهر بالمنكرات عن أمالي الصدوق ص ١٥٨ وعقاب الأعمال ص ٣٠ عن ابى جعفر بلفظ وجدنا في كتاب على قال قال رسول الله (ص) وعن أصول الكافي عن ابى جعفر وجدنا في كتاب رسول الله (ص) في غوائل الذنوب

٢٩ ـ الرقم ٢٢٤٤١ ج ١٢ ص ١٨٢ عن عقاب الأعمال ص ٢٠ ورواه في ذيله عن العياشي أيضا ج ١ ص ٢٢٢ في أكل مال اليتيم

٣٠ ـ ٢٢٤٧٧ ج ١٢ ص ١٩٤ عن التهذيب ج ٢ ص ١٠٤ وفروع الكافي ج ١ ص ٣٦٦ والاستبصار ج ٣ ص ٤٨ في الأخذ من مال الولد والأب

٣١ ـ ٢٤٨٢٣ ج ١٣ ص ٤٥٠ عن فروع الكافي ج ٢ ص ٢٤٥ والتهذيب ج ٢ ص ٣٩٢ والفقيه ج ٢ ص ٢٧٦ ومعاني الأخبار ص ٦٥ في من اوصى بشيء من ماله

٣٢ ـ ٢٦٧٣٩ ج ١٤ ص ٥٤٤ عن الفقيه ج ٢ ص ١٤٥ في حكم وطي جارية الولد

٣٣ ـ ٢٦٩٢٥ ج ١٤ ص ٥٩٧ عن التهذيب ج ٢ ص ٢٣٤ ورواه في الذيل عن أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره ص ٦٥ في حكم تدليس الأجنبي

٣٤ ـ ٢٦٩٨٥ ج ١٤ ص ٦١٦ عن الفقيه ج ٢ ص ١٣٣ والتهذيب ج ٢ ص ٢٤٨ وص ٢٥٠ وعلل الشرائع ص ١٧٠ في حكم ظهور زنا الزوج

٣٥ ـ ٢٨٢٢٠ ج ١٥ ص ٣٧٥ عن التهذيب ج ٢ ص ٢٧٢ والاستبصار ج ٣ ص ٢٨٣ في الطلاق في العدة بغير رجوع.

٣٦ ـ ٢٩٣٦٨ ج ١٦ ص ١٤٤ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٤٣٦ وعقاب الأعمال ص ١٦

٢١

الدليل والتفصيل بالكراهة والتحريم يفهم من غيرها ، أو يحمل على الكراهة إلّا ما

__________________

٣٧ ـ ٢٩٣٨٣ ج ١٦ ص ١٤٨ عن الخصال ص ٦١ وعقاب الأعمال ص ١٦ والحديثان في اليمين الكاذبة وانها تذر الديار بلاقع

٣٨ ـ ٢٩٧١٧ ج ١٦ ص ٢٦٤ عن فروع الكافي ج ٦ ص ٢٠٧ والتهذيب ج ٩ ص ٣٣ والاستبصار ج ٤ ص ٧٢

٣٩ ـ ٢٩٧٣٦ ج ١٦ ص ٢٦٨ عن تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٥ والحديثان في صيد غير الكلب وانه لا يحل

٤٠ و ٤١ ـ ٤ / ٢٩٨٩٣ ج ١٦ ص ٣٢٠ عن فروع الكافي ج ٦ ص ٢٣٢ والتهذيب ج ٩ ص ٥٧ والحديثان في حد إدراك الزكاة

٤٢ ـ ٣٠١٢٤ ج ١٦ ص ٣٩١ عن فروع الكافي ج ٦ ص ٢٤٦ والتهذيب ج ٩ ص ٤٠ والاستبصار ج ٤ ص ٧٤ في كراهة لحوم الحمر الأهلية.

٤٣ ـ ٣٠١٥٧ ج ١٦ ص ٤٠٠ عن الفروع ج ٦ ص ٢١٩ والتهذيب ج ٩ ص ٢

٤٤ ـ ٣٠١٦٠ ج ١٦ ص ٤٠٠ عن فروع الكافي ج ٦ ص ٢٢٠

٤٥ ـ ٣٠١٦٨ ج ١٦ ص ٤٠٢ عن التهذيب ج ٩ ص ٤

٤٦ ـ ٣٠١٦٩ ج ١٦ ص ٤٠٢ عن التهذيب ج ٩ ص ٤ والاستبصار ج ٤ ص ٥٩

٤٧ ـ ٣٠١٧١ ج ١٦ ص ٤٠٣ عن التهذيب ج ٩ ص ٥ والاستبصار ج ٤ ص ٥٩

٤٨ ـ ٣٠١٧٢ ج ١٦ ص ٤٠٣ عن التهذيب ج ٩ ص ٥

٤٩ ـ ٣٠١٧٧ ج ١٦ ص ٤٠٤ عن البحار الحديثة ج ١٠ ص ٢٥٤ والأحاديث السبعة في حكم الجريث وأمثاله من أنواع السمك

٥٠ ـ ٣٠٣٤٣ ج ١٦ ص ٤٦٦ عن التهذيب ج ٩ ص ٦٨ في حكم الطعام والشراب إذا تناول منه السنور

٥١ ـ ٣٢٢٣٠ ج ١٧ ص ٣٢٩ عن فروع الكافي ج ٥ ص ٢٧٩ والتهذيب ج ٧ ص ١٥٣ في حكم من أحيى أرضا ثم تركها

٥٢ ـ ٣٢٤٨٤ ج ١٧ ص ٤١٨ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٧٧ والتهذيب ج ٩ ص ٢٦٩ في ان من تقرب بغيره فله من الميراث نصيب من تقرب به

٥٣ ـ ٣٢٤٩٨ ج ١٧ ص ٤٢٢ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٨١

٥٤ ـ ٢٢٥٠٣ ج ١٧ ص ٤٢٢ عن التهذيب ج ٩ ص ٢٤٧ والحديثان في بطلان العول

٥٥ ـ ٣٢٥١٩ ج ١٧ ص ٤٢٨ عن التهذيب ج ٩ ص ٢٧٣ في كيفية إلقاء العول.

٢٢

يعلم تحريمه أو جوازه ، أو على التحريم حتى تعلم الكراهة والجواز.

__________________

٥٦ ـ ٣٢٦٢٥ ج ١٧ ص ٤٦٠ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٩٣ والتهذيب ج ٩ ص ٢٧٠ والفقيه ج ٤ ص ١٩٢ في ميراث الأبوين مع الزوج أو الزوجة

٥٧ ـ ٣٢٦٣٤ ج ١٧ ص ٤٦٣ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٩٣ والتهذيب ج ٩ ص ٢٧٠ والفقيه ج ٤ ص ١٩٢.

٥٨ ـ ٣٢٦٣٥ ج ١٧ ص ٤٦٣ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٩٤ والتهذيب ج ٩ ص ٢٧٢

٥٩ ـ ٣٢٦٣٨ ج ١٧ ص ٤٦٤ عن التهذيب ج ٩ ص ٢٧٣ والثلاثة في ميراث الأبوين مع الأولاد

٦٠ ـ ٣٢٦٩٨ ج ١٧ ص ٤٧٥ عن فروع الكافي ج ٧ ص ١١٢

٦١ ـ ٣٢٧٠٢ ج ١٧ ص ٤٨٦ عن فروع الكافي ج ٧ ص ١١٣ والتهذيب ج ٩ ص ٣٠٨

٦٢ ـ ٣٢٧٠٦ ج ١٧ ص ٤٨٧ عن التهذيب ج ٩ ص ٣٠٩ والفقيه ج ٤ ص ٢٠٧ والثلاثة في أن أولاد الاخوة يقومون مقام آبائهم ويقاسمون الجد

٦٣ ـ ٣٢٧٣٣ ج ١٧ ص ٤٩٣ عن التهذيب ج ٩ ص ٣٠٦ والاستبصار ج ٤ ص ١٥٨

٦٤ ـ ٣٢٧٣٤ ج ١٧ ص ٤٩٣ عن الحسن بن عقيل ولعل كتابه كان عند صاحب الوسائل والحديثان في حكم الجد مع الاخوة

٦٥ ـ الرقم ٣٢٧٤٦ ج ١٧ ص ٤٩٧ عن التهذيب ج ٩ ص ٣٠٨ والاستبصار ج ٤ ص ١٦٠

٦٦ ـ ٣٢٧٤٨ ج ١٧ ص ٤٩٥ عن الفقيه ج ٤ ص ٢٠٦ والحديثان في حكم الاخوة من الام مع الجد

٦٧ ـ ٣٢٧٧١ ج ١٧ ص ٥٠٤ عن فروع الكافي ج ٧ ص ١١٩ والتهذيب ج ٩ ص ٣٢٤

٦٨ ـ ٣٢٧٧٦ ج ١٧ ص ٥٠٥ عن التهذيب ج ٩ ص ٣٢٥ والحديثان في حكم اجتماع الأعمام والأخوال

٦٩ ـ ٣٢٧٩٤ ج ١٧ ص ٥١٢ عن التهذيب ج ٩ ص ٢٩٤ والاستبصار ج ٤ ص ١٤٩

٧٠ ـ ٣٢٧٩٥ ج ١٧ ص ٥١٢ عن فروع الكافي ج ٧ ص ١٢٥ والتهذيب ج ٩ ص ٢٩٤ والاستبصار ج ٤ ص ١٤٩ عن ابى عبد الله وفيه فدعا بالجامعة فنظر فيها

٧١ ـ ٣٢٨٠٧ ج ١٧ ص ٥١٤ عن بصائر الدرجات ط تبريز ص ١٤٥ عن ابى جعفر وفيه فدعا بالجامعة فنظر فيها والثلاثة في ان الزوج إذا انفرد فالمال له كله

٧٢ ـ ٣٢٨٣٥ ج ١٧ ص ٥٢٢ عن البصائر ص ١٦٥ في عدم إرث الزوجة من العقار

٢٣

(الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) أى الطريق القويم إلى الحق في جميع الأمور ، وفيه بيان

__________________

٧٣ ـ ٣٣٠٣٨ ج ١٧ ص ٥٨٩ عن فروع الكافي ج ٧ ص ١٣٦ والفقيه ج ٤ ص ٢٢٥ في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم

٧٤ ـ ٣٣١٧٠ ج ١٨ كتاب القضاء ص ٣٣ عن المحاسن ص ٢١١ في عدم جواز القياس ٧٥ و

٧٦ ـ الرقم ٣٣٦٣٤ و ٣٣٦٣٥ ج ١٨ ص ١٦٧ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٤١٤ وص ٤١٥ والتهذيب ج ٦ ص ٢٢٨ في ان الحكم بالبينة واليمين

٧٧ ـ ٣٤٠٦٧ ج ١٨ ص ٣٠٧ عن فروع الكافي ج ٧ ص ١٧٦ والتهذيب ج ١٠ ص ١٤٦ والفقيه ج ٤ ص ٥٣ والمحاسن ص ٢٧٣ في وجوب اقامة الحد

٧٨ ـ ٣٤٤٣٦ ج ١٨ ص ٤٢١ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٢٠٠ والتهذيب ج ١٠ ص ٥٥ والاستبصار ج ٤ ص ٢٢١ في حد اللواط مع الإيقاب

٧٩ ـ ٣٤٦٠٥ ج ١٨ ص ٤٧٢ عن فروع الكافي ج ٨ ص ٢١٦ والتهذيب ج ١٠ ص ٩٠ في ثبوت الحد على من شرب المسكر اى نوع كان

٨٠ ـ ٣٤٥٨٦ ج ١٨ ص ٤٦٨ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٢١٤ والتهذيب ج ١٠ ص ٩٠ في ثبوت الحد بشرب الخمر والنبيذ

٨١ ـ ٣٥٢٥٤ ج ١٩ ص ٨٢ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٣١٦ والتهذيب ج ١٠ ص ٢٧٧ في حكم من قتل شخصا مقطوع اليد

٨٢ ـ ٣٥٤٨٩ ج ١٩ ص ١٦٨ عن الخصال ج ٢ ص ١١١ في حكم دية كلب الصيد

٨٣ ـ ٣٥٧٠١ ج ١٩ ص ٢٥٦ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٣١٨ والتهذيب ج ١٠ ص ٢٧٠ والفقيه ج ٤ ص ١١١ في حكم قطع لسان الأخرس

٨٤ ـ ٣٥٧٠٩ ج ١٩ ص ٢٥٩ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٣١٣ والتهذيب ج ١٠ ص ٢٥١ والفقيه ج ٤ ص ١١٢ في حكم قطع فرج المرية وديتها

٨٥ ـ ٣٥٧١٥ ج ١٩ ص ٢٦٢ عن فروع الكافي ج ٧ ص ٣٢٩ والفقيه ج ٤ ص ١٠٤ والتهذيب ج ١٠ ص ٢٥٦ والاستبصار ج ٤ ص ٢٨٨ في ان في الأسنان الدية وانها تقسم على ثمان وعشرين.

والحديث المروي عن ظريف بن ناصح المعروف بديات ظريف أو أصل ظريف لكون ظريف في طريقه في حكم الديات مروي عن كتاب الفرائض لأمير المؤمنين عليه‌السلام.

وقد عقد له في الوافي بابا مستقلا الباب ١١١ رواية كتاب على صلوات الله عليه في

٢٤

للمعونة المطلوبة أو دين الإسلام كما قاله الأكثر ، أو عبادته تعالى كما قال تعالى (وَأَنِ

__________________

مقادير الديات في مراتب الجنين وفي جراحات تفاصيل الأعضاء وتوزيع القسامات من ص ١١٤ الى ص ١١٩ من الجزء التاسع من الوافي فروى الحديث بتمامه عن الكافي والتهذيب والفقيه مميزا بين ما اشترك فيه الثلاثة وما اشترك فيه الاثنان وما تفرد به أحد الثلاثة.

روى أكثر الحديث في الكافي مفرقا على مواضع تجده في ج ٢ من ص ٣٣٠ الى ص ٣٤٣ في الأبواب من الباب ٣٢ الى الباب ٥١ من كتاب الديات ط تهران ١٣١٤.

روى الحديث بتمامه في الفقيه ج ٤ من ص ٥٤ الى ص ٦٦ وكرره في التهذيب جميعا وأشتاتا في كتاب الديات وليس في الفقيه التصريح بكتاب على وانما المذكور فيه عن ابن أبى عمر الطبيب (هو ابن ابى عمر أو أبو عمرو مع الواو الطبيب أو المتطبب على اختلاف نسخ الفقيه والكافي والتهذيب ولم نعرف الرجل في كتب الرجال.

وليس هو أبا عمرو المتطبب عبد الله بن سعيد بن ابجر كما ادعاه المحقق التستري في قاموس الرجال لما بينهما من تفاوت الزمان بكثير) انه قال عرضت هذه الرواية على ابى عبد الله عليه‌السلام فقال نعم هي حق وقد كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يأمر عماله بذلك ونقل عرض ابى عمرو الرواية على ابى عبد الله في الكافي والتهذيب أيضا وفيهما عرض ابن فضال ويونس كتاب الفرائض على ابى الحسن الرضا عليه‌السلام فقال هو حق وترى الحديث في مرآت العقول من ص ٢٠٤ الى ص ٢١٩ ج ٤ وصرح المجلسي بصحة الحديث فيما ذكر فيه عرض ابن فضال ويونس الكتاب على ابى الحسن الرضا عليه‌السلام.

وتجد اجزاء الحديث مبثوثة في أبواب كتاب الديات من كتاب وسائل الشيعة يطول الكلام بسرد أرقامها.

هذا وما لم يصرح في الاخبار أيضا بأنه في كتاب على فهو أيضا عن النبي ص كما عرفت ولذلك أجازوا رواية أحاديثهم عن النبي ص ففي الوسائل ج ٣ ص ٣٨٠ ط الأميري ج ١٨ ص ٧٤ ط الإسلامية الباب ٨ من كتاب القضاء الرقم ٥؟؟؟ ٣٣٣ عن على بن موسى بن جعفر بن طاوس قال ومما رويناه من كتاب حفص البختري قال قلت لأبي عبد الله اسمع الحديث منك فلا أدرى منك سماعه أو من أبيك فقال ما سمعته منى فاروه عن ابى وما سمعته منى فاروه عن رسول الله ص فالأحاديث المروية عن الأئمة بعد صحة السند الى الامام كلها متلقاة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وانظر في ذلك جامع أحاديث الشيعة ج ١ أبواب المقدمات الباب ٤ من ص ١٦ الى

٢٥

اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)(١) فافراد لما هو المقصود الأعظم.

وقيل : إنّه النبيّ والأئمّة القائمون مقامه عليهم‌السلام وكانّ المراد صراطهم ، فهو عبارة أخرى لبعض ما تقدّم ، ويناسبه (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) أو أطلق عليهم مبالغة لأنهم فلك النجاة الّتي من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ، والحق دائر معهم حيث داروا.

ونحوه قول من قال إنه القرآن وكأنه من قوله تعالى (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)(٢) وفيه دلالة على أنّ الهداية إلى الصراط المستقيم أهمّ ما يطلب منه تعالى وأليق ، فيستحب الدعاء وطلب الخير من الله خصوصا الهداية.

وقد يستفاد الوجوب على بعض الوجوه وأن يسأل الله مثل ما يرى على غيره من الخير والنعماء ، وأن يستعيذ به من مثل ما يرى على غيره من النقمة والبلاء ، وفي ذلك ترغيب وترهيب وتحريص على الانقطاع إلى الله وطلب التوفيق منه في الأمور كلّها ، واعتقاد أنه لا يملك لنفسه ضرّا ولا نفعا إلّا بالله تعالى.

هذا وقد يستدلّ على عصمة الأنبياء بأنهم لو لا عصمتهم لكانوا ضالّين ، لقوله تعالى (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ)(٣) فلا يجوز الاقتداء بهم ، فينا في الترغيب في الاقتداء بهم مطلقا وطلب التوفيق فيه ، وهو قريب.

ثمّ لا يخفى ما في نظم السورة من الدلالة على طريق الدّعاء ، وهو كونه بعد التسمية والتحميد والثّناء والتوسّل بالعبادة ، والتعميم فيه كما هو المشهور ، ودلّت عليه الروايات ولذلك سمّيت تعليم المسئلة.

__________________

ص ٤٩ والبحار ج ٧ ط كمپانى باب جهات علومهم من ص ٢٧٨ الى ص ٢٩١.

فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا ان هدانا الله.

(١) يس : ٦١.

(٢) أسرى : ٩.

(٣) يونس : ٣٢.

٢٦

آيات الطهارة

الاولى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تخصيصهم بالخطاب إمّا لعدم صحّة الوضوء والغسل بل الصّلاة من غيرهم ، أو لعدم إتيان غيرهم بهما ، أو لأنّ هذا بيان للحكم عند تحقق إرادتهم الصّلاة ، فناسب التخصيص بهم ، لأنهم هم المقبلون إلى الامتثال المستأهلون لهذا البيان ، وأيضا فإنّهم استحقّوا ذلك بايمانهم ، فناسب خطابهم به تشريفا لهم وتنشيطا.

(إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) أي أردتم الصلاة أو أردتم القيام إليها (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) الغسل مفسّر بإجراء الماء ولو بآلة ، وهو المفهوم عرفا ولم يعلم خلافه لغة ، فلا حاجة فيه إلى الدّلك خلافا لمالك ، والوجه العضو المعلوم عرفا ، وحدّ في بعض الأخبار المعتبرة بما دارت عليه الإبهام والوسطى مستديرا (١) وقيل : هذا تحديد عرضا.

وكيف كان طوله من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن ، كلّ ذلك من مستوي الخلقة لكن بعض هذا المحلّ لما كان مسطورا بشعر اللحية غالبا ، صار عرفا أعمّ من البشرة ، وممّا سترها من الشعر وأعطى ما عليها من الشعر حكمها ، كما يقال رأيت وجهه كلّه ولم ير ما تحت الشعر ، وربّما كان ذلك لوقوع المواجهة به وتسميته وجها بهذا الاعتبار (٢) فافهم.

(وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) المرفق مجتمع طرفي عظمي الذراع والعضد (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) في القاموس الكعب كلّ مفصل للعظام ، والعظم الناشز فوق القدم ، والناشزان من جانبيها ، وظاهره أن الأول أشهر أو أثبت ، ثمّ الثاني وحمل ما في الآية على الأوّل هو الذي ذهب إليه بعض من محقّقي أصحابنا المتقدّمين والمتأخّرين كابن الجنيد والعلّامة ورواة زرارة وبكير ابنا أعين في الصحيح عن الباقر

__________________

(١) انظر تعاليقنا على مسالك الافهام ج ١ ص ٣٨ وص ٣٩.

(٢) قال في المقاييس ج ٦ ص ٨٨ : الواو والجيم والهاء أصل واحد يدل على مقابلة شيء لشيء والوجه مستقبل لكل شيء يقال وجه الرجل وغيره.

٢٧

عليه‌السلام (١).

وذهب آخرون إلى حمله على الثاني لروايات عنهم عليهم‌السلام تناسب ذلك مع الثبوت والوضوح لغة ، وانتفاء الثالث بنصّ من الأئمة عليهم‌السلام وإجماع من الأصحاب ، وإنكار ما من بعض أهل اللغة ولهذا قال به بعض من العامّة أيضا.

والأنسب في الجمع بين الروايات عنهم عليهم‌السلام قطعا للخلاف حمل الكلّ على الأوّل ، والعلامة قده قد صبّ عليه عبارات الأصحاب أيضا ، وجعل اعتقاد خلاف ذلك

__________________

(١) إشارة الى الحديث المروي في التهذيب ج ١ ص ٧٦ الرقم ١٩١ عن زرارة وبكير ابني أعين أنهما سألا أبا جعفر عن وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى ان قالا قلنا أصلحك الله فأين الكعبان قال هيهنا يعنى المفصل دون عظم الساق فقالا هذا ما هو؟ قال هذا عظم الساق ومثله في الكافي ج ١ ص ٩ باب صفة الوضوء وفيه زيادة : والكعب أسفل من ذلك وهو في المرآت ج ٣ ص ١٥ ومثله في العياشي ج ١ ص ٢٩٨ الرقم ٥١.

وترى الحديث في الوسائل الباب ١٥ من أبواب الوضوء الحديث ٣ ج ١ ص ٥١ ط الأميري وفي ط الإسلامية ج ١ ص ٢٧٢ المسلسل ١٠٢٢ وفي جامع أحاديث الشيعة ج ١ ص ١٠١ ومستدرك الوسائل ج ١ ص ٤٣ والبحار ج ١٨ ص ٦٥ والبرهان ج ١ ص ٤٥٢ الحديث ١٥ والحديث في الكافي أبسط.

قال في المنتقى بعد نقله حديث الكافي في ص ١١٨ ج ١ مع جعل رمز الحسن عليه وحديث التهذيب في ص ١٢٧ منه مع جعل رمز الصحة عليه : قلت قد مر هذا الحديث برواية الكليني من طريق حسن تام المتن والشيخ اقتصر منه على حكم المسح لأنه أورده في التهذيب لهذا الغرض وظاهر الحال انه كان تاما في رواية الحسين بن سعيد أيضا فليت الشيخ أبقاه بحاله لنورده هنالك في الصحيح لكنه رحمه‌الله كان في غنية عن الاهتمام بهذا وأمثاله لكثرة وجود كتب السلف وأصولهم وتيسر الرجوع إليها وقت الحاجة ولم يخطر بباله أن أمر الحديث يتلاشى والحال يترامى الى ان تندرس أعيان تلك الكتب عن آخرها ويكاد ان يتعدى الاندراس عن عينها إلى أثرها.

فكأنها برق تألق بالحمى

ثم انثنى فكأنه لم يلمع

انتهى ما في المنتقى.

وانما جعل حديث الكافي من الحسن لما في سنده إبراهيم بن هاشم ونحن قد أوضحنا في تعاليقنا على مسالك الافهام ج ١ ص ١٢٨ صحة الحديث الذي هو في سنده فراجع.

٢٨

فيها اشتباها على غير المحصّل ، لكن كلام كثير من الأصحاب في المعنى الثاني أصرح من أن يصح فيه ذلك ، والحكم به مشهور بين الأصحاب حتّى ادّعى الشهيد في الذكرى إجماعنا عليه ، وهو ظاهر جماعة أيضا. نعم الروايات يحتمل ذلك وربّما أمكن الجمع بين الروايات وعبارات الأصحاب بالحمل على أنّه العظم الناتئ على ظهر القدم عند المفصل (١) حيث يدخل تحت عظم الساق بين الظنبوبتين غالبا ، فيتّحد الإشارة إليه وإلى المفصل كما في الرواية عن الباقر عليه‌السلام (٢) لكن يخالفه صريح عبارات جمع فتأمل.

وأما الثالث فقد ذهب إلى حمل ما في الآية عليه جمهور العامة إلّا محمّد بن الحسن ومن تبعه من الحنفيّة وبعض الشافعيّة واستدلّوا بما لو تمّ لدلّ على صحة إطلاقه عليه واحتجّوا أيضا بقول أبى عبيد «الكعب هو الذي في أصل القدم ينتهى الساق إليه بمنزلة كعاب القنى» ولا يخفى أن قوله في أصل القدم نصّ في المعنى الثاني ولهذا استدلّ به عليه بعض أصحابنا.

وفي لباب التأويل بعد نقله المسح عن ابن عباس وقتادة وأنس وعكرمة والشعبيّ أنّ الشيعة ومن قال بمسح الرجلين ، قالوا الكعب عبارة عن عظم مستدير على ظهر القدم ، ويدلّ على بطلان هذا أن الكعب لو كان ما ذكروه لكان في كلّ رجل كعب واحد فكان ينبغي أن يقول «إلى الكعاب» كما قال (إِلَى الْمَرافِقِ).

وفيه أنه كما صحّ جمع المرفق بالنظر إلى أيدي المكلّفين وتثنية الكعب بالنظر

__________________

(١) ولعله الأصوب انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج ١ ص ١٨ ومسالك الافهام ج ١ ص ٥٨

(٢) إشارة إلى الرواية المروية في التهذيب ج ١ ص ٥٧ الرقم ١٩٠ عن ميسر عن ابى جعفر الى ان قال ثم وضع يده على ظهر القدم ثم قال هذا هو الكعب وأومأ بيده الى أسفل العرقوب ثم قال هذا هو الظنبوب وهو في الوسائل الباب ١٥ من أبواب الوضوء. الحديث ٩ وفي ط الإسلامية ج ١ ص ٢٧٥ المسلسل ١٠٢٨ وروى مثلها العياشي عن عبد الله بن سليمان عن ابى جعفر ج ١ ص ٣٠٠ الرقم ٥٦ والعرقوب على ما في اللسان العصب الغليظ الموتر فوق عقب الإنسان والظنبوب حرف الساق اليابس من قدم الإنسان وقيل الساق وقيل هو عظمه.

٢٩

إلى كلّ رجل على تقدير صحّة إطلاق الكعب على الظنبوبتين وإرادتهما كما ذكرتم كذلك يصحّ الجمع في الكعب بالنظر إلى أرجلهم والتثنية بالنظر إلى رجلي كلّ شخص والإفراد بالنظر إلى كلّ رجل على ما قلنا ، وكذلك في المرافق ولا يمنع وقوع شيء منها في أحد الموضعين وقوع شيء آخر منها في الموضع الآخر ولا يعيّنه فيه.

على أنّ ما ذكره قياس لو قلنا به فليس هذا من مجاريه كيف والتفنّن أفيد وأبلغ ، ومعدود من المزايا ، على أنّ القياس في هذا المقام على ما ذهبتم في الكعب يقتضي خلاف ذلك ، فان لكل شخص حينئذ أربع كعاب فيكون على ضعف المرافق فكان أولى بأن يجمع ولو أريد التفنّن حينئذ لكان الأوّل عكس ما وقع فافهم ، وأيضا فإنّ قياسهم بأنّ ضرب الغاية للأرجل يدلّ على أنها مغسولة كالأيدي يقتضي لا أقل أن يكون الغايتان على وجه واحد ليتّحد الحكمان ، فالاختلاف يبطل قياسهم مع بطلانه في نفسه ، بل يقال حينئذ الاختلاف في الغاية دليل المخالفة في الحكم ، فيقتضي نقيض المطلوب على أنا نقول التثنية بعد الجمع ينبه على التخفيف ، وهو المناسب للتخفيف من الغسل إلى المسح كما قلنا.

ثمّ إذا ثبت المسح بالدلائل القطعيّة كما يأتي يعيّن خلاف ذلك في الكعب إذ لم يقل به أحد ممّن قال بالمسح كما هو صريح كلام المخالف والمؤالف.

(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) إنّما لم يقل «إذا» لئلا يتوهّم العطف على (إِذا قُمْتُمْ) وليس ، بل على ما اعتبر هناك من كونهم محدثين ، كأنه قال إذا قمتم إلى الصلاة وكنتم محدثين فاغسلوا كما ينبّه عليه قوله (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) إلخ كما سيتّضح ، وفيه دلالة على أنّ الوضوء إن لم يكونوا جنبا ، وفيه تنبيه على أن لا وضوء مع غسل الجنابة كما دلّت عليه رواياتنا ، وإنّما لم يذكر موجب الوضوء صريحا كموجب الغسل لأنّ المؤمنين في ابتداء تكليفهم بالوضوء كان حدثهم يقينا دون الجنابة ، فكأنه قيل إذا قمتم على ما أنتم عليه ، وأيضا في قوله (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) تنبيه على هذا ، ولما كان هذا المقدار كافيا في حسن هذا الخطاب ، ترك الباقي إلى البيان النبوي.

وأما الإشارة إلى موجبات الغسل جميعا كتركها كلا ، فربما نافى الإيجاز والاعجاز

٣٠

فوكّل على البيان ، على أنه لا يبعد أن لا يكون غيرها يوجب الغسل بعد.

(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ) فيشقّ عليكم الوضوء أو الغسل لمرض أبدانكم أو خلل أحوالكم وإن وجدتم الماء.

(أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) وإن لم تكونوا مرضى أو على سفر فإنه لا مانع للجمع.

ولئلا يتوهم اختصاص الغسل بوقوع التيمم بدلا منه مع العذر لوقوعه بعده جاء بذكر موجب ظاهر مناسب كثير الوقوع لكلّ من الوضوء والغسل.

وفي وقوع (لامَسْتُمُ النِّساءَ) في موقع (كُنْتُمْ جُنُباً) مع التفنّن والخروج عن ركاكة التكرار تنبيه على أنّ الأمر هنا ليس مبنيا على استيفاء الموجب في ظاهر اللفظ ، فلا يتوهّم أيضا حصر موجب الوضوء في المجيء من الغائط مع احتمال إرادة الباقي استتباعا فافهم ، وعلى كلّ حال فيه تنبيه على أنّ كونهم محدثين ملحوظ في إيجاب الوضوء كما قدّمنا.

(فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً) هو وجه الأرض ترابا كان أو غيره بالنقل عن فضلاء اللغة ذكر ذلك الخليل وثعلب عن ابن الأعرابيّ ونقله في الكشاف عن الزجاج ولم يذكر خلافه ، ويؤيده قوله تعالى (صَعِيداً زَلَقاً) أي أرضا ملساء مزلقة ، وقوله عليه‌السلام يحشر الناس يوم القيمة عراة على صعيد واحد (١) أي أرض واحدة وقوله عليه‌السلام جعلت لي

__________________

(١) لم أظفر على الحديث باللفظ الذي حكاه المصنف إلا في الحدائق ج ٤ ص ٢٤٥ وقريب منه في معالم الزلفى ص ١٤٥ الباب ٢٢ في صفة المحشر نعم حديث الجمع في صعيد واحد رواه في البحار ج ٣ ص ٢٨١ و ٢٤١ و ٢٥٦ ط كمپانى عن أمالي الصدوق وأمالي الشيخ وكتابي الحسين بن سعيد ورواه من أهل السنة الهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٥٥ عن الطبراني في الأوسط : وحديث حشر الناس عراة حفاة مروي في تفسير المجمع ونور الثقلين والصافي عند تفسير الآية ١٠٣ من سورة الأنبياء كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وتفسير الآية ٣٧ من سورة عبس وفي كتب أهل السنة في تفسير الدر المنثور وتفسير الخازن وابن كثير عند تفسير الآيتين المذكورتين وفي بعضها بزيادة غرلا أو غلفا وكلاهما بمعنى غير المختون جمع الأغرل والأغلف ولعل المصنف وصاحب الحدائق ومعالم الزلفى نقلوا الحديث بالمعنى ملفقا من الحديثين.

٣١

الأرض مسجدا وطهورا (١) ونحو ذلك كثير في الروايات عن الأئمة أيضا وحجة الخصم لا تفيد إلّا كون التراب صعيدا ولا منافاة ولو سلم ظاهرا فليكن للقدر المشترك حذرا من الاشتراك فافهم.

(طَيِّباً) طاهرا بل مباحا أيضا.

(فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) أي من ذلك التيمّم أو من ذلك الصعيد المتيمّم أي مبتدئين منه ، ولعلّ التبعيض هنا ليس بلازم ، وإن كان لا يفهم أحد من العرب من قول القائل مسحت برأسه من الدهن ومن الماء ومن التراب إلّا معنى التبعيض كما قاله في الكشاف ، فان ذلك قد يكون للغرض المعروف عندهم من التدهين والتنظيف ونحو ذلك مع إمكان المنع عند الإطلاق في قوله من ، التراب على أنه يمكن أن يقال أنّ «من» في الأمثلة كلها للابتداء كما هو الأصل فيها ، وأما التبعيض فإنّما جاء من لزوم تعلّق شيء من الدهن والماء باليد ، فيقع المسح به ، ونحوه التراب إن فهم ، فلا يلزم مثله في الصعيد الأعمّ من التراب والصخر.

ويؤيّده ما روى أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله نفض يديه من التراب ، لأنه تعريض لإزالته وهو عندنا في الصحيح عن الأئمة عليهم‌السلام فعلا وقولا ، وأيضا لو كان «من» هنا للتبعيض لأوهم أنّ المراد أن يؤخذ بعض الصعيد ويمسح به بعض الوجه والأيدي وهو ليس بمراد قطعا ، وإذا كان للابتداء دلّ على أنّ المراد مسح الوجه واليدين بعد مسح الصعيد أو تيممه وليس بعيدا من المراد ، وموهما خلافه فتدبر.

(ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ) أي أن يجعل ، فاللام زائدة (عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) في باب الطهارة حتّى لا يرخّص في التيمم (وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) بالتراب إذا أعوزكم التطهير بالماء كما في الكشاف ، أو أن يجعل عليكم من حرج في الدين أصلا خصوصا

__________________

(١) انظر الفقيه ج ١ ص ١٥٥ الحديث بالرقم ٧٢٤ والخصال ط مكتبة الصدوق ص ٢٩٢ باب الخمسة الرقم ٥٦ والجامع الصغير الرقم ١١٧٤ ج ١ ص ٥٦٦ فيض القدير وانظر أيضا جامع أحاديث الشيعة ج ١ ص ٢١٩ و ٢٢٠ وتعاليقنا على مسالك الافهام ج ١ ص ٥٨.

٣٢

في باب الطهارة ، ولذلك لم يوجب على المحدث الغسل ، واكتفى عند عدم وجدان الماء من غير حرج أو حصول حرج في استعماله بالتيمم ولم يوجب فيه إيصال الصعيد إلى جميع البدن ، ولا إلى جميع أعضاء الوضوء ، ولا جميع أعضاء التيمّم ، ولكن يريد أن يطهّركم من الذنوب أو من الأحداث ، أو منهما ، أو وغيرهما بما يليق بكم ، ولا يضيق عليكم ، كما أمركم علي الوجه المذكور.

قال القاضي (١) أي ما يريد الأمر بالطهارة للصلاة أو الأمر بالتيمّم تضييقا عليكم ، ولكن يريد ذلك لينظّفكم أو يطهّركم من الذنوب ، فان الوضوء تكفير للذنوب ، أو ليطهركم بالتراب إذا أعوزكم التطهّر بالماء ، فمفعول يريد في الموضعين محذوف واللام للعلّة ، قال : وقيل مزيدة أي اللّام وهو ضعيف ، لأنّ أن لا يقدّر بعد المزيدة وهو سهو منه ، فإنّه قال (٢) في تفسير قوله (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) أنّ يبيّن مفعول يريد ، واللام مزيدة لتأكيد معنى الاستقبال اللازم للإرادة ، وهو تناقض.

وقال المحقق الرضى قدس الله سره : إن اللام زائدة في لا أبا لك عند سيبويه (٣)

__________________

(١) انظر البيضاوي ج ٢ ص ١٣٩ ط مصطفى محمد.

(٢) انظر البيضاوي ج ٢ ص ٨٠ واختلفوا في اللام في مثل هذه الموارد على ثلاثة أقوال الأول أنه قد تقام اللام مقام ان في أردت وأمرت فيقال أردت أن تذهب وأمرتك أن تقوم وأردت لتذهب وأمرتك لتقوم قال الله تعالى يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا وقال وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ يريد أمرنا أن نسلم وأمرت أن أعدل وقال الشاعر.

أمرت لانسى ذكرها فكأنما

تمثل لي ليلى بكل سبيل

الثاني ان في الآية وأمثالها إضمارا ومفعول يريد محذوف والتقدير يريد إنزال هذه الآيات ليبين لكم وهكذا.

الثالث ان اللام زائدة مؤكدة لمعنى مدخولها أو مؤكدة لمعنى الاستقبال في مدخولها انظر في ذلك التفاسير تفسير الآية ٢٦ من سورة النساء والكامل للمبرد ج ٣ ص ٨٢٣ ط مطبعة الحلبي والمغني حرف اللام والاشمونى بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ج ٣ ص ٢٣٩ وشرح الرضى على الكافية ج ٢ ص ٣٢٩.

(٣) لا أبا لك كلمة تستعملها العرب كثيرا في النثر والشعر قال الشاعر :

٣٣

وكذا اللام المقدّر بعدها «أن» بعد فعل الأمر والإرادة كقوله تعالى (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).

و (لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) أي ليتمّ بشرعه ما هو مطهّر لأبدانكم أو مكفّر لذنوبكم نعمته عليكم في الدين ، أو ليتمّ برخصه إنعامه عليكم بعزائمه ، وربما كان في هذا تنبيه على أن الصلاة بلا طهارة غير تامة ، فربما احتمل أن يراد بالنعمة الصلاة أو شرعها.

__________________

فمن لم يكن في بيته قهرمانة

فذلك بيت لا أبا لك ضائع

وأمثلتها كثيرة ؛ راجع المصادر التي نسردها بعيد ذلك ، فخرجت تلك الكلمة مخرج المثل ولذلك تقال لكل أحد من ذكر وأنثى أو اثنين أو جماعة وتقال لمن له أب ولمن ليس له أب ، ويراد بهذه الكلمة المدح في الأكثر معناه لا كافي لك غير نفسك وقد تذكر بمعنى جد في أمرك وشمر ، لان من له أب أتكل عليه في بعض شأنه وعاونه أبوه ومن ليس له أب جد في الأمر جد من ليس له معاون.

وقد يطلق الكلمة في الاستعمال موضع استبعاد ما يصدر من المخاطب من فعل أو قول ومثله لا أخا لك أى ليس لك من يكفيك ويعين عليك.

وأما كلمة لا أم لك فتستعمل في مقام الذم وهي شتم. اى ليس لك أم حرة أو أنت لقيط لا يعرف لك أم ، ويستعمل لا بك بحذف الهمزة ، ولا أباك ولا أبك ولا أب لك وفي اللسان ، وقال الفراء قولهم لا أبا لك كلمة تفصل بها العرب كلامها.

قال المحقق السيد على المدني في الحدائق الندية بحث أحكام المضاف ص ١٠٥ ط ١٢٧٤ ما يعجبنا نقله بعين عبارته.

فائدة في نحو لا أبا لك ثلاثة مذاهب : أحدها أن أبا مضاف الى ما بعد اللام ، والخبر محذوف ، واللام زائدة بين المتضايفين ، تحسينا للفظ ، ورفعا لوقوع اسم لا معرفة في الظاهر والدليل على زيادتها أنها قد جاءت في قوله :

أبالموت الذي لا بد أنى

ملاق لا أباك تخوفيني

وهذا مذهب سيبويه والجمهور.

الثاني ان اللام غير زائدة ، وأنها وما بعدها صفة لما قبلها ، فتتعلق بكون محذوف ، وأنهم نزلوا الموصوفة منزلة المضاف لطوله ، بصفته ومشاركته للمضاف في أصل معناه ، إذ معنى أبوك وأب لك واحد ، وهذا مذهب هشام وكيسان وابن الحاجب وابن مالك.

٣٤

(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(١) نعمته أو إتمام النعمة أو هما بالعمل بما شرع لكم ، فيثيبكم ويزيدكم من فضله ، وفيه كما قيل إيماء إلى كون العبادات تقع شكرا وهو قول البلخيّ وتحقيقه في الكلام.

هذا ولنعد إلى ما بقي من الأبحاث والتنبيه على الأحكام.

فاعلم أنّ ظاهر الأمر الوجوب ، وإذا تفيد العموم عرفا ، فقد يلزم وجوب الوضوء لكلّ صلاة ، لكن الحقّ أنه هنا مقيّد بالمحدثين ، لما قدّمنا ، وللإجماع والاخبار ، وقيل : كان الوضوء واجبا لكلّ صلاة أوّل ما فرض ، ثمّ نسخ وهو مع ما ضعّف به من أنّه

__________________

الثالث أن الاسم مفرد وجاء على لغة القصر كقولهم «مكره أخاك لا بطل» واللام وما بعدها الخبر ، وهو مذهب الفارسي وابن يسعون وابن الطراوة انتهى ما أردنا نقله.

انظر البحث في ذلك الكتاب ج ١ ص ٣١٥ وص ٣٤٥ والمغني حرف اللام والكامل للمبرد ج ٤ ص ٩٥١ والاشمونى بحاشية الصبان ج ٢ ص ٢١٥ واللسان والتاج ومعيار اللغة كلمة (ا ب و ـ ى) والحدائق الندية بحث الإضافة وفتح الباري ج ١٥ ص ٣٣٦ وشرح النووي على صحيح مسلم ج ٢ ص ١٧٤ وشرح الزرقاني على موطإ مالك ج ٤ ص ٤٣١ والخصائص لابن جنى ج ١ من ص ٣٤٢ الى ص ٣٤٦.

(١) لعل وعسى موضوعان للترجى في المحبوب ، وهو الطمع في حصول أمر محبوب والإشفاق للمكروه ، وهو توقع أمر مخوف ممكن اما بالاشتراك اللفظي أو المعنوي ، وكون المعنى ارتقاب شيء لا وثوق بحصوله حتى يدخل فيه الطمع والإشفاق ، ولما كان اعتوار المعاني على الله سبحانه محالا وكون الترجي والإشفاق فيمن يجهل العاقبة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، استصعب الأمر في الكلمتين المستعملتين في القرآن فمنهم من صرف الترجي والإشفاق الى المخاطبين ، ومنهم من قال ان لعل وعسى من الله واجبة ، وقيل في لعل انها للتعليل.

والذي يحق أن يقال هو أنهما لإنشاء أمر متردد بين الوقوع وعدمه على رجحان الأول اما محبوب فيسمى رجاء واما مكروه فيسمى إشفاقا ، وذلك قد يعتبر تحققه بالفعل ، اما من جهة المتكلم أو المخاطب ، تنزيلا له منزلة المتكلم في التلبس التام بالكلام الجاري بينهما أو غيرهما كما قيل في قوله تعالى (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) وقد يعتبر تحققه بالقوة إيذانا بأن ذلك مئنة للتوقع متصفة بصلاحيته للوقوع ، وأنه في معرض التوقع في حد

٣٥

لا يظهر له ناسخ وإطباق الجمهور على أنّ المائدة ثابتة لا نسخ فيها ، وما روي عنه عليه‌السلام «إنّ المائدة من آخر القرآن نزولا فأحلّوا حلالها وحرّموا حرامها» يدفعه (١) اعتبار الحدث في التيمم في الآية ، فإنّه لا يكون إلّا مع اعتباره في الوضوء كما لا يخفى.

وقيل للندب مستشهدا بما روي في استحباب الوضوء لكلّ صلاة من فعله عليه‌السلام وغيره ، ويدفعه مع ما تقدّم من اعتبار الحدث في التيمّم في الآية قوله (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) إذ لا مجال للندب فيه مع أنّ الظاهر اتحاد الأمرين في الوجوب أو الندب ، وأيضا الوضوء على المحدثين للصلاة واجب فكيف يصحّ الندب مطلقا ولو أريد بالصلاة مطلقها فاستحباب الوضوء لكلّ صلاة سنّة أو مستحبّة للمتوضّئ غير واضح ، وكأنّ الباعث على هذين القولين الفرار من محذور العموم ، وقد عرفت أنّ التقيد بالمحدثين أوضح.

وما يقال من حمل الأمر على ما يعمّ الوجوب والندب من الرجحان المطلق (٢)

__________________

ذاته من غير أن يعتبر هناك توقع بالفعل من متوقع أصلا ، واستعمال الكلمتين في القرآن من هذا القبيل.

وان أبيت إلا عن كون معناهما الحقيقي التوقع بالفعل ، فاجعلهما في تلك الموارد التي يراد صلاحية المورد للتوقع لا فعليته استعارة تبعية أو أجعل الجملة من الاستعارة التمثيلية ذكر من المشبه به ما هو العمدة ، اعنى كلمة لعل وعسى أو أجعل الاستعارة بالكناية واجعل كلمة لعل وعسى من ذكر لازم المشبه به ، وعلى أى فالمراد صلاحيته المحل بالذات للتوقع لا حصوله من متوقع حتى يمتنع من الله ويحتاج إلى التأويل.

وسيشير المصنف إلى الاشكال والجواب في تفسير الآية (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا) والحق ما ذكرناه.

(١) انظر تعاليقنا على مسالك الافهام ج ١ ص ٣٧ وص ٣٨.

(٢) وللعلامة النائيني قدس‌سره في بحث الأمر بيان قد تلقاه من تأخر عنه كالمرحوم أية الله المظفر طاب ثراه وسماحة الآية العلامة الخوئي مد ظله بالقبول وهو بمكان من الحسن ينحل به ما استشكل المصنف هنا وخلاصة البيان أن الأمر ظاهر في الوجوب إذا كان مجردا

٣٦

ويكون الندب بالنسبة إلى المتوضّئين والوجوب بالنسبة إلى المحدثين ، فيقال : إن قصد ذلك بالأمر فلا ريب أنه استعمال له في معنيي الوجوب والندب ، وهذا وإن كان

__________________

وعاريا عن قرينة الاستحباب ، الا أن هذا القيد ليس قيدا للموضوع له ولا للمستعمل فيه حتى يكون ذلك مفاد الصيغة ومدلولها اللفظي ، وليس الوجوب أمرا شرعيا منشأ بإنشاء الأمر بل أمر عقلي من جهة حكم العقل بوجوب اطاعة الأمر ، فإن العقل يستقل بلزوم الانبعاث عن بعث المولى والانزجار عن زجره قضاء لحق المولوية والعبودية.

فبمجرد بعث المولى يجد العقل أنه لا بد للعبد من الطاعة أو الانبعاث ما لم يرخص في تركه ، فليس المدلول للفظ الأمر إلا الطلب من العالي ، ولكن العقل هو الذي يلزم العبد بالانبعاث ، ويوجب عليه الطاعة لأمر المولى ، ما لم يصرح المولى بالترخيص وبإذن الترك.

فالأمر لو خلي وطبعه وبدون الترخيص شأنه أن يكون من مصاديق حكم العقل بوجوب الطاعة ، فاستفادة الوجوب على تقدير تجرد الصيغة عن القرينة على إذن الأمر بالترك ، انما هو بحكم العقل ، إذ هو من لوازم صدور الأمر من المولى ، ومع صدور الترخيص في الترك يحمل على الاستحباب ، ولا يكون استعماله في موارد الندب مغايرا لاستعماله في موارد الوجوب من جهة المعنى المستعمل فيه اللفظ ، فليس هو موضوعا للوجوب ، بل ولا موضوعا للأعم من الوجوب والندب لان الوجوب والندب ليس للمعنى المستعمل فيه اللفظ من التقسيمات من استعماله في معناه الموضوع له.

وعليه فلا يلزم فيما ورد في كثير من الاخبار من الجمع بين الواجبات والمستحبات بصيغة واحدة مثل «اغتسل للجنابة والجمعة والتوبة» استعمال اللفظ في أكثر من معنى أو استعمال اللفظ في مطلق الطلب حتى يلزم ما ذكروه من المحذورات ، بل الصيغة في الكل لإيقاع النسبة بداعي البعث والتحريك غاية الأمر قام الدليل في بعض الإفراد على عدم لزوم الانبعاث واجازة الترك ، ولم يقع في بعض الإفراد فيكون موردا لحكم العقل.

وعندي أن ما أفادوه بمكان من الحسن دقيق عميق فنقول في المقام أيضا الأمر بالوضوء لإيجاد البعث عليه لإقامة الصلاة ، فيجب فيما لم يرد ترخيص كما فيما إذا أراد المحدث اقامة صلاته الواجبة ولا يجب فيما أراد المحدث اقامة صلاته المسنونة أو إذا لم يكن محدثا ويجدد الوضوء للصلاة فهو مما رخص في تركه ، فيخرج من مصاديق حكم العقل بوجوب الإطاعة انظر البحث في أصول الفقه للمظفر ج ١ ص ٥٩ و ٦٠.

٣٧

مجازا جائزا مع البيان النبويّ ، لكن بدون قرينة في الكلام بعيد جدا ، وإن لم يقصد به ذلك فلا يكون المنع من الترك مطلوبا به ، وهو مع كونه خلاف الظاهر من كون الأمر للوجوب لا يناسب حمل بقية الأوامر على الوجوب ، كما لا يخفى.

وينافي سياق الآية ، فإنّ الظاهر كما يدلّ عليه عجز الآية أنّه مسوق لأمر عظيم ولذلك لم يذكر فيها إلّا ما هو واجب في الوضوء ، وبالجملة لا ريب في كون الأمر هنا للوجوب ، وأنّه مخصوص بالمحدثين ففي الآية دلالة على وجوب الوضوء بل الطهارة مطلقا للصلاة ، وأنّه شرط فيها ، لأنه مأمور بالطهارة قبل الصلاة ، والأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه ، وقد يفهمه العرف أيضا فكأنّه قال لا تصلّوا إلّا بطهارة.

فإن قلنا : الصلاة على إطلاقها فيلزم من أشراطها فيها استحبابها للمستحبّة منها ، ووجوبها للواجبة منها ، ولكن لمّا كان الأمر مشروطا بإرادة منتهية إلى فعل الصلاة مع كونه للوجوب ، وجب أن يجب للصلاة عند ذلك ، فيجب للصلاة الواجبة لهذا وللاشتراط ، وللصلاة المندوبة أيضا كما قيل عند ذلك ، فيعاقب على تركه أيضا يعاقب على فعلها بمقتضى الاشتراط ، وإنّما يستحبّ لها قبل ذلك فتأمل.

وقد يستدلّ بالاشتراط على وجوب قصد إيقاعه للصلاة مستشهدا بالعرف ، وفيه نظر ، ثمّ فيها دلالة على وجوب أمور في الوضوء :

الف ـ غسل الوجه ، وأنّه أوّل أفعال الوضوء ، فلا يجوز تأخير النيّة عنه ، ولا تقديمها مع عدم بقائها عنده إلّا بدليل ، ولا يدلّ على تعيين مبدء ولا على ترتيب بين أجزاء الوجه ، نعم نقل أنّ فعلهم عليهم‌السلام كان من الأعلى إلى الأسفل (١) وهو المأنوس يسرا وعادة ، فهو الاحتياط ، لكن يكتفى بما يصدق ذلك معه عرفا ، ولا على وجوب

__________________

(١) فإنك ترى في كثير من أحاديث الوضوء البيانية «فأسدله على وجهه من أعلى الوجه» كما في الحديث ٦ و ١٠ من الباب ١٥ من الوضوء من الوسائل المسلسل في ط الإسلامية ١٠٢٥ و ١٠٢٩ وفي بعض الاخبار الأمر بالغسل من الأعلى كما في الرقم ٢٢ من الباب المسلسل ١٠٤١ وان كان التعبير في هذا الحديث بالمسح ، الا أن المراد به الغسل قطعا.

٣٨

المسّ باليد ولا الدلك ، ولا على وجوب التخليل بعد غسل الظاهر من البشرة ، أو الوجه مطلقا خفيفة كانت اللحية أو كثيفة كما دلّت عليه روايات صحيحة ، ولا على التكرار ، ولا عدمه بل حكمه ثانيا وثالثا معلوم من الاخبار.

ويدلّ على تعيين الماء للغسل للعرف ، ويكشف عنه قوله (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) ويجب ان يكون مباحا ، فان استعمال غيره غصب ، وهو منهيّ يستلزم الفساد في العبادة على أنّ الشيء الواحد عندنا لا يكون منهيّا مأمورا به كما تقرّر في الأصول.

ب ـ غسل الأيدي فالظاهر وجوب غسل اليد الزائدة ، سواء فوق المرفق أو تحته وإن تميّزت عن الأصليّة لتسميتها يدا وما لم يسمّ يدا يغسل ما كان منه تحت المرفق أو فيه على ما يأتي ، و «إلى» ههنا إمّا بمعنى «مع» فيجب غسل المرفق كما هو المشهور ، أو لانتهاء غاية المغسول لا الغسل على موضوعها اللغوي ، فإنّ إجماع الأمة على جواز الابتداء من المرفق ، فقيل إنّها تفيد الغاية مطلقا ، ودخولها في الحكم أو خروجها منه لا دلالة لها عليه ، وإنّما ذلك بدليل من خارج ، فلما كانت الأيدي متناولة لها ، حكم بدخولها احتياطا.

وقيل إلى من حيث أنها تفيد الغاية تقتضي خروجها ، وإلّا لم يكن غاية كقوله (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) لكن لمّا لم تتميّز الغاية هاهنا عن ذي الغاية ، وجب إدخالها احتياطا.

وقيل إنّ الحدّ إذا لم يكن من جنس المحدود لم يدخل كما في الأمثلة المتقدمة وإذا كان من جنس المحدود دخل فيه كما في الآية ، وإذ لم يؤخذ في القيل الأوّل كون الأيدي متناولة لها كما في الكشاف ، كان وجها رابعا أو ثالثا (١) فافهم.

ثمّ إن قلنا إنّها بمعنى «مع» أو أنّ الغاية داخلة لا من باب المقدّمة ، وجب إدخال ما يتوقف عليه غسل جميع المرفق من باب المقدّمة كما لا يخفى ، ثمّ لو لم يكن هناك مرفق واحتمل اعتبار ما لو كان له مرفق ، لكان الظاهر غسله ، واعتبار ما لو كان

__________________

(١) وظهور اتحاد الأول والثالث على ما قرر أولا. منه قدس‌سره.

٣٩

كذلك لكان غسله تعينا أو أنه لا يزيد عليه تعيّنا ولو إلى العضد إن كان ، أو من غير اعتبار أنه لا يزيد عليه تعيّنا لأنّه أمر بغسل اليد ، ولم يوجد له ما يخرج شيئا من يده من الحكم ، فيبقى داخلا تحت الحكم فتأمل.

ويكفي في الغسل مسمّاه كما في الوجه ، ويجب تخليل الخاتم ونحوه والشعر أيضا ، وإن كثف ظاهرا ، ولا يدلّ على ترتيب بين اليدين وهو ظاهر ، وأما بالنسبة إلى الوجه فيمكن أن يفهم من الفاء ، لأنّها للتعقيب بلا فصل.

فان قيل عطف بقيّة الأعضاء على مدخول الفاء يدلّ على فعل المجموع بعد القيام ، فكأنه قيل إذا قمتم إلى الصلاة فتوضّؤا ، قلنا : بل عطف كلّ منها على مدخول الفاء يفيد التعقيب لكلّ منها ، فلما لم يكن ذلك مطلوبا شرعا ولا معلوما عرفا أكثر من الترتيب الذكري ، روعي فيه ذلك ، ويؤيده الأمر في الأخبار بمراعاة ترتيب القرآن (١) ومنه يستفاد الموالاة أيضا.

وما يقال عليه من أنّ المراد مجرّد التعقيب لا بلا مهلة ، وعلى تقدير ذلك فلا يفهم إلّا غسل الوجه بلا مهلة ، فمحلّ نظر.

ج ـ مسح الرأس بمسمّاه مطلقا مقبلا أو مدبرا ، قليلا أو كثيرا ، كيف كان ، نعم إجماع الأصحاب على ما نقل وفعلهم عليهم‌السلام بيانا وغير بيان خصّصه بمقدّم الرأس ببقيّة البلل لا بالماء الجديد اختيارا ، وجوّزه بعض نادر (٢) لروايتين صحيحتين (٣) دلّتا

__________________

(١) انظر الباب ٣٧ من أبواب الوضوء من كتاب جامع أحاديث الشيعة من ص ١٢٠ الى ص ١٢٢.

(٢) وهو ابن الجنيد.

(٣) إشارة الى الحديث المروي في التهذيب ج ١ ص ٥٨ الرقم ١٦٣ والاستبصار ج ١ ص ٥٨ الرقم ١٧٣ عن معمر بن خلاد قال سألت أبا الحسن عليه‌السلام أيجزى الرجل أن يمسح قدميه بفضل رأسه؟ فقال برأسه لا ، فقلت أبماء جديد؟ فقال برأسه نعم ، والحديث المروي في التهذيب بالرقم ١٦٤ والاستبصار بالرقم ١٧٤ عن شعيب عن أبى بصير قال سألت أبا عبد الله عن مسح الرأس قلت أمسح بما في يدي من الندى رأسي ، قال لا بل تضع يدك في الماء ثم تمسح.

٤٠