الإعجاز العلمي في القرآن الكريم مع الله في السماء

سعيد صلاح الفيومي

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم مع الله في السماء

المؤلف:

سعيد صلاح الفيومي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة القدسي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٢

وفى سورة طه : (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) (٥٥)

وفى سورة الأنعام : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً)

وفى سورة السجدة : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) (٧)

وفى سورة الروم : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) (٢٠)

وفى سورة الحجر : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٢٦)

والحمأ المسنون هو الطين المنتن المختمر المختلط بالتراب.

مراحل التناسل الإنسانى :

وصف القرآن الكريم مراحل التناسل الإنسانى بدقة وتحديد فى عبارات بسيطة توصل إليها العلم حديثا جدا.

١ ـ الإخصاب :

يحدث الإخصاب من حيوان منوى من الرجل عند التقائه بالبويضة من الأنثى ، يقول الله تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ ...) (٤) (النحل)

والنطفة هى الحيوان المنوى

(أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) (٣٧) (القيامة)

(ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) (١٣) (المؤمنون)

(ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) (٨) (السجدة)

السلالة تدل على جزء من كل ، وصفة المهين تشير إلى خروج هذا الماء من نهاية الجهاز البولى ، والقرار المكين يشير إلى الرحم.

٢ ـ طبيعة السائل المخصب :

السائل المنوى عبارة عن خليط من الإفرازات تأتى من غدد مختلفة وهى

٨١

الخصيتان ، والحويصلات المنوية ، والبروستاتا ، والغدد الملحقة بالمسالك البولية ، وهذه الإفرازات هى الأمشاج.

(إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ ..) (٢) (الإنسان)

٣ ـ استقرار البويضة وتعلقها بالرحم :

يقول تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) (٢) (العلق)

ويقول تعالى : (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) (٥) (الحج)

والعلقة هى ما تلتصق أو تتعلق بشيء.

٤ ـ تطور الجنين فى الرحم :

(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ..) (١٤) (المؤمنون)

والمضغة كما صورت بالميكروسكوب الإلكترونى هى أدق تعبير علمى لهذه المرحلة إذ تظهر كقطعة من اللادن الممضوغ ، وهذه الآية توضح مراحل تكوين الجنين حتى اكتساء العظم باللحم.

وقوله تعالى : (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (٥) (الحج)

أماكن تواجد الجنين :

يقول الله تعالى : (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ...) (٦) (الزمر)

الظلمات الثلاث قد تكون جدار البطن ، وجدار الرحم ، وأغشية الجنين ، وهذا واقع وقد تشير الظلمات الثلاث إلى المبيض ، وقناة فالوب ، والرحم لأنها تقع فى أماكن مختلفة متفرقة.

٨٢

والتفسير الأول البطن والرحم والمشيمة تعتبر ظلمة واحدة لأنها فى مكان واحد.

لغز الحياة :

تعرف الإنسان على التركيب الكيميائى ومراحل تكوين الجنين ، ولكن هل نستطيع تركيب خلية واحدة فى أى كائن حى؟

لقد أمكن تركيب أجزاء البروتوبلازم بكل نسبها الصحيحة ولكن هل يمكن أن تدب الحياة فى هذا التركيب؟ مستحيل ، لن يتمكن الإنسان من اكتشاف لغز الحياة.

وصدق الله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (٨٥) (الإسراء)

متى ظهر الإنسان على الأرض؟ يقول الله تعالى فى مطلع سورة الإنسان : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) (١) (الإنسان)

إن تحديد تاريخ ظهور الإنسان الأول على الأرض أمر بالغ الصعوبة ، يقول الله تعالى : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ..) (٥١) (الكهف)

ما زالت إجابة هذا السؤال غير معروفة.

إن سفر التكوين فى العهد القديم يحدد ظهور الإنسان على الأرض قبل المسيح بحوالى (٣٨ قرن) أى أن أصل الإنسان (خلق أدم) منذ حوالى (٥٧٤٠ سنة) ، مما يتعارض مع معطيات العلم الحديث ، فحضارة قدماء المصريّين تمتد لأكثر من ٧٠٠٠ سنة.

ومن المؤكد أن هناك آثارا وأطلالا تشير إلى وجود حياة إنسانية مفكرة وعاملة منذ عشرات الألوف من السنين ، أى أبعد كثيرا من العصر الذى حدده سفر التكوين لأوائل البشر.

لقد ساهم علم الفيزياء النووية فى تحديد عمر الجثث البشرية باستخدام

٨٣

الكربون المشع والبوتاسيوم والأرجون المشع ، حيث أن انحلال هذه العناصر المشعة يؤدى إلى تحويلها إلى عناصر أخرى ابتداء من تاريخ الوفاة ويمكن حساب الزمن القديم الذى بدأت منه عملية الانحلال الإشعاعى لتحديد عمر الجثة.

وباستخدام هذه الطريقة واكتشاف رفات جثث تشبه الإنسان تبين أن عمر الإنسان على الأرض نحو (٢ ـ ٥ ، ٥ مليون سنة) حسب رفات الجثث المكتشفة.

ولكن هل هذه البقايا لبشر حقيقيون؟

ولكن قد نستطيع القول أن عمر الإنسان العاقل على الأرض فى حدود (٠٠٠ ، ٣٥ سنة) والله أعلم ...

الحياة على كواكب أخرى

الشروط اللازمة لتوفير الحياة المماثلة لظروف الحياة على الأرض :

١ ـ وجود عنصر الكربون أساس أى مركب عضوى.

٢ ـ وجود الماء السائل.

٣ ـ توفر درجة الحرارة المناسبة.

وبتطبيق هذه الشروط على كواكب وأقمار مجموعة الشمسية فإنه لا توجد حياة على هذه الكواكب وأقمارها ، ولكن الكون يتكون من بلايين البلايين من النجوم ، ومن المؤكد وجود نجوم مثل الشمس محاطة بكواكب ولها نفس ظروف الحياة على الأرض ، وقد يكون بعضها مسكونا بكائنات عاقلة ، ولكن فى مجرات بعيدة جدا عن أرضنا.

ولهذا يكتفى العلماء الآن بدراسة الإشارات اللاسلكية القادمة من فضاء ما بين النجوم ، لعلها تحمل إشارات من إرسال عقول ذكية ، كما يرسل علماء الفضاء إشارات لاسلكية من الأرض إلى الفضاء الخارجى لعلها تجد فى طريقها من يلتقطها ويرد عليها من سكان العوالم الأخرى.

٨٤

وأقل فرض لاحتمال تلقى الرد من أقرب كوكب تابع لأقرب نجم له كواكب (٢٠ سنة) ، وقد يصل زمن الرد إلى عشرات أو مئات أو آلاف السنين.

والقرآن الكريم قد سبق العلم الحديث بتقرير حقائق كونية لم يكتشفها العلم إلا بعد عصر نزول القرآن بقرون ، فلا غرابة فى أن يخبرنا ويخبر الإنسانية بحقائق لم يكشف عنها العلماء إلى اليوم مثل وجود حياة فى السماء تشبه الحياة على الأرض ، ومثل وجود سبع أرضين وسبع سماوات كما فى قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (١٢) (الطلاق)

من الآية (ومن الأرض مثلهن) تفيد بأن هناك أرضين سبعا مثل السموات السبع.

وفى سورة الشورى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) (٢٩)

وهذا الجمع قد يكون فى زمن لاحق أو قد يكون يوم القيامة بهذه الكائنات التى تدب وتتحرك فى السماء.

وفى سورة النحل : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (٤٩)

وفى سورة الإسراء والروم والرعد والحج والنور والأنبياء والرحمن ومريم والزمر آيات تؤكد وجود حياة فى السموات السبع والأرضين السبع.

(تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ..) (٤٤) (الإسراء)

(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ..) (٥٥) (الإسراء)

(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) (٢٦) (الروم)

(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ..) (١٥) (الرعد)

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ

٨٥

وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) (١٨) (الحج)

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) (٤١) (النور)

(قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٤) (الأنبياء)

(يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٢٩) (الرحمن)

(إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا) (٩٤) (مريم)

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٦٨) (الزمر)

وهكذا يقرر القرآن الكريم فى نصوص صريحة وآيات بليغة واضحة أن السماء تفيض بالحياة ، وتزدحم بالكائنات العاقلة ليؤكد لنا منذ أربعة عشر قرنا أى منذ نزول القرآن الكريم حقيقة علمية كونية هامة يبحث عنها العلم الآن ويلهث وراء كشفها بمحاولة الاتصال بكائنات العوالم المختلفة.

* * *

٨٦

الأحداث الكونية ليوم القيامة

اهتم القرآن الكريم بمشاهد يوم القيامة فى آيات متعددة إما لتصوير الهول الذى سيشمل الطبيعة كلها مثل تكور الشمس ، وانكدار النجوم ، وتسجير البحار ، وتفجيرها ، وزلزلة الأرض ، ونسف الجبال ، وانشقاق السماء وزوال السموات والأرض ، وفناء هذا الكون.

ولقد تميزت الآيات الكونية التى تصف القيامة بألفاظ بالغة الإثارة قوية الوقع بعنفها كالزلزلة والدك والنسف ، والصيحة والغاشية ، والواقعة لإبراز مشاهد الكون ، وقد حركها الهول العظيم يوم القيامة وذلك فى آيات قرآنية قصيرة تلقى فى نفس السامع إحساسا بجدية الموقف الحاسم وخطره بحيث لا يحتمل الإطالة والتأنى.

ضرورة الآخرة :

لعل من أهم الحقائق التى يدعونا الدين الإسلامى إلى الإيمان بها هى حقيقة الآخرة ، كما فى قوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (٤) (البقرة)

فليس معقولا أن تكون الحياة كما رآها الكفار هى الحياة الدنيا دون بعث ، يقول تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (٣٧) (المؤمنون)

بعض الأحداث الكونية للقيامة فى ظلال العلم والقرآن ،

١ ـ تكور الشمس وانكدار النجوم.

(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (١) (التكوير)

عند ما تقترب الشمس من مرحلة الشيخوخة ترتفع درجة الحرارة فى المركز إلى ما يزيد عن (١٠٠ مليون درجة مئوية) نتيجة لزيادة التفاعلات النووية الاندماجية

٨٧

فتتمدد كرة الشمس وتتحول إلي عملاق أحمر حجمها آلاف المرات حجمها الأصلى ، فتبتلع كوكبى عطارد والزهرة ، كما قد تبتلع القمر ، ويقترب سطحها من الأرض فترتفع درجة الحرارة على سطح الأرض إلى آلاف الدرجات فتتبخر المحيطات والبحار ، ويقول الله تعالى : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) (١١) (الدخان)

(فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) (٣٧) (الرحمن)

أى إذا انشقت السماء فكانت حمراء كالزيت المحترق مما قد يشير إلى الشمس العملاقة الحمراء ، وقوله تعالى : (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩) يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) (١٠) (القيامة)

مما يشير إلى اختفاء القمر فى داخل الشمس العملاقة ، وجمع الشمس والقمر ورغبة الإنسان يومئذ فى الفرار من شدة الحرارة التى ستصل على سطح الأرض إلى آلاف الدرجات مما يؤدى إلى تبخر المحيطات وتفجيرها واشتعالها نظرا لتحلل الماء إلى عنصريه الهيدروجين القابل للاشتعال والأكسجين المساعد على الاشتعال مصداقا لقوله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (٦) (التكوير) ، سجرت أى : اشتعلت.

(وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) (٣) (الانفطار)

وبانتهاء مرحلة الشمس العملاقة الحمراء تقف التفاعلات النووية فتسيطر الجاذبية على جميع أجزاء الشمس فى القلب والغلاف ، وبهذا تتكور الشمس كلها إلى أن يصغر حجمها كثيرا جدا وتدخل مرحلة القزم الأبيض وصدق الله العظيم : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) (٢) (التكوير)

والانكدار معناه الانقضاض ، فالنجوم تهوى منكمشة على نفسها وينحسر ضوؤها ، وهذه حقيقة علمية يعترف بها العلم الحديث وقوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (١) (النجم)

كثيرا ما تحدث الزلازل فى أماكن متفرقة من الأرض تنتج عنها خسائر كبيرة ،

٨٨

وقد يكون بعضها مدمرا يدمر مدن كاملة ، أما زلزال يوم القيامة الذى سيحدث ليشمل الأرض كلها والذى يصفه الله تعالى بقوله : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) (٢) (الزلزلة)

وهذا الزلزال العظيم سيؤدى إلي أن تخرج الأرض أثقالها حيث يؤكد العلماء وجود أثقال فى باطن الأرض من الحديد والنيكل فى درجة حرارة (٥٠٠٠ ٥ م) وتحت (ضغط ٤ ، ١ مليون) ضغط جوى.

ويقول تعالى : (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) (٤) (الانشقاق)

والمقصود بمد الأرض يوم القيامة هو زيادة مساحتها اليابسة ، أى الأرض نظرا لتبخر واشتعال مياه البحار والمحيطات فيبقى فقط قاعها الصلب ثم يحدث الزلزال العظيم وتتجلى الأرض عما بها من أثقال ، يقول الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (١) (الحج) ، والساعة هى يوم القيامة.

٢ ـ نسف الجبال وتسييرها :

نظرا لشدة الحرارة على سطح الأرض يوم القيامة ، والزلزال العظيم الذى سيحدث يوم القيامة فإن الجبال ستنفجر تلقائيا ، وبهذا يتم نسفها وتصبح كالصوف المنفوش المتطاير ، ومصير الجبال النهائى الزوال التام ، وزوال الجبال يقودنا إلي الحديث عن زوال السموات والأرض عند ما يحدث التصادم الكونى العظيم ، وتلتقى جميع المجرات بنجومها وكواكبها وأقمارها فى انفجار هائل تلتقى فيه المادة بالمادة المضادة فيزول الكون.

ولقد ورد ذكر الجبال فى آيات القرآن الكريم تتعلق بالقيامة وأشراطها ، وتتضح من هذه الآيات أن مصير الجبال يتفق مع الأحداث الكونية فالجبال سوف تتحرك حركة شديدة ، وتصبح رملا متناثرا بعد أن كانت حجارة صلبة متماسكة كما فى قوله تعالى فى سورة المزمل والواقعة وطه والقارعة والطور والتكوير والنبأ والحاقة.

٨٩

(يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) (١٤) (المزمل)

ترجف الأرض : تضطرب وتتزلزل ، كثيبا مهيلا : رملا مجتمعا سائلا وتتزلزل.

(إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) (٥) (الواقعة)

رجت الأرض : زلزلت الأرض ، بست الجبال : فتتت ، هباء منبثا : غبارا متفرقا منتشرا.

(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) (١٠٧) (طه)

قاعا صفصفا : أرضا مستوية لا نبات فيها ، عوجا ولا أمتا : مكانا منخفضا ولا مكانا مرتفعا أو انخفاضا وارتفاعا.

(يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) (٥) (القارعة)

المبثوث : المتفرق المنتشر ، العهن المنفوش : الصوف المصبوغ المتفرق.

(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (٩) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) (١٠) (الطور)

تمور السماء : تضطرب وتدور كالرحى.

(وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) (٣) (التكوير)

(وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) (٢٠) (النبأ)

السراب : الذى لا حقيقة له كالسراب الذى يظهر فى الصحراء حيث يتخيل الرائى وجود ماء ، وعند ما يصل إلى مكانه لا يجد شيئا.

(وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) (١٤) (الحاقة ١٤)

زوال السماء والأرض :

لقد أشار القرآن الكريم إلى فناء الكون بزوال السماوات والأرض ، إذا تغير نظام هذا الكون بإرادته سبحانه ، كما أشار إلى عجز جميع الكائنات عن منع هذا الزوال

٩٠

عند حدوثه لقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٤١) (فاطر)

(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٤٨) (إبراهيم)

إن زوال السماوات والأرض وإعادة تشكيلهما حدث حقيقى يعترف به العلم الحديث على ضوء اكتشاف المادة والمادة المضادة ، وتحول المادة إلى طاقة ، وتحول الطاقة إلي مادة طبقا لقانون اينشتين :

(الطاقة الكتلة المتحولة * مربع سرعة الضوء).

لقد اكتشف علماء الفيزياء النووية وجود الجسيمات المضادة فالإلكترون السالب الذى يدور حول النواة وجد له جسيم مضاد فى بعض التفاعلات النووية وهو البوزيترون الموجب ، وفترة وجوده ضئيلة جدا إذ سرعان ما يتلاقى مع الإلكترون السالب فتفنى كتلتيهما ويتحولان إلي طاقة وهى أشعة جاما طبقا لقانون اينشتين.

كما أن قذف النحاس ببروتونات سريعة ينتج البروتون السالب الذى يلاقى البروتون الموجب فتفني كتلتيهما وتنتج طاقة هائلة ، ولأن كتلة البروتون تعادل كتلة الإلكترون حوالى (١٨٤٠) مرة فإن طاقة تحول البروتون الموجب والبروتون السالب هائلة جدا ، وعلي ذلك فهناك احتمال لوجود الكون المضاد حيث أن الذرة فى عالمنا تتكون من نواة تحتوى على بروتونات موجبة ونيترونات متعادلة ، ويدور حولها الكترونات سالبة ، أما فى الكون المضاد فالذرة تتكون من نواة تحتوى على بروتونات سالبة ونيترونات متعادلة ولكنها مضادة بعزم مغناطيسى معاكس ويدور حولها الكترونات موجبة.

وتشير الآيات الكريمة إلى هذه الحقيقة العلمية الهامة التى تم اكتشافها حديثا : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٤٩) (الذاريات).

٩١

وقوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) (٣٦) (يس)

ويعتقد العلماء الآن أن الكون نشأ من طاقة تحولت إلى نوعى المادة بحيث أن كمية المادة فى الكون لا بد أن تساوى كمية المادة المضادة.

وأن بعض النجوم والمجرات من نوع المادة والبعض الآخر من نوع المادة المضادة ، بحيث يظل النوعان متباعدين بدليل تباعد النجوم والمجرات عن بعضهما بمسافات خيالية شاسعة ، وهذا التباعد ضرورى حتى يمنع تلاقى المادة مع المادة المضادة وبالتالى يمنع فناء الكون وزواله.

ولقد ثبت علميا أن الكون الحالى يتمدد ويتسع وتتباعد المجرات عن بعضها البعض ، وصدق الله تعالى بقوله : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (٤٧) (الذاريات)

ويتوقع العلماء أن تمدد الكون حاليا حالة مؤقتة سيتبعها تقلص عند ما تسيطر الجاذبية على قوة الاندفاع التى سبق أن اكتسبتها المجرات منذ الانفجار الكونى العظيم عند نشأة الكون.

ويبدأ الكون فى الانكماش حتى يصل فى النهاية إلى التصادم والاندماج فى البيضة الكونية ، وعندئذ تلتقى المادة مع المادة المضادة ، ويتحول الجميع إلى طاقة ويزول الكون المادى وتشير الآية الكريمة التالية إلى هذا المعنى بقوله تعالى : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) (١٠٤) (الأنبياء)

وفى ضوء هذه الوقائع العلمية لم تعد مسألة نهاية الكون وزواله غير مفهومة ، وأن القيامة يجب أن تكون حقيقة معلومة ، وأما تحديد موعد القيامة فهذا أمر يعجز العلم عن تحديده.

وصدق الله العظيم بقوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ

٩٢

ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها) (٤٤) (النازعات)

لقد استأثر الله سبحانه وتعالى بموعد الساعة وصدق الله تعالى بقوله : (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) (فصلت)

(حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً ...) (٣١) (الأنعام)

إن الله هو الذى يحدد ميعاد يوم القيامة ، وسوف يأتى هذا اليوم بغتة ، وإن كان الله سبحانه وتعالى قد أوحى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأشراط الساعة والأمور العظام التى تكون قبل يوم القيامة.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى».

وقد حدثت هذه الظاهرة سنة (٦٥٤ ه‍) ظهرت نار بأرض المدينة فى بعض تلك الأودية تسيل الصخر حتى يصبح مثل الآنك (النحاس أو الرصاص أو القصدير المذاب) وأنها استمرت شهرا ، وقد شاهد أهل بصرى أعناق الإبل فى ضوء هذه النار التى ظهرت فى أرض الحجاز.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء» وقيل من الغرباء؟ قال : النزائح من القبائل.

قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يكون بين يدى الساعة أيام يرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل ويكثر فيها الهرج».

ففي آخر الزمان يرفع العلم حتى أن القرآن يسرى عليه النسيان فى المصاحف والصدور ، ويبقى الناس بلا علم.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لن تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات : الدخان ـ الدجال ـ الدابة ـ طلوع الشمس من مغربها ـ نزول عيسى بن مريم ـ يأجوج ومأجوج ـ ثلاث خسوف خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ـ وآخر ذلك نار تخرج من عدن تطرد الناس إلى محشرهم».

٩٣

الدخان

علامة من علامات الساعة عند ما تكون وشيكة الحدوث

اقرأ قول الحق سبحانه وتعالى : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) (١٢) (الدخان)

الدخان علامة من العلامات الكبرى لنهاية العالم ، فالسماء ستأتى بدخان يغطى الأرض كلها وهذا الدخان سيحيط بكل مكان.

هذا الدخان فيه عذاب للناس فيتضرع الناس إلى الله تبارك وتعالى أن يرفع عنهم العذاب لأنهم آمنوا وثابوا وعادوا إلى طريق المنهج

الدجال

هو رجل من بنى آدم خلقه الله تعالى ليكون محنة للناس فى آخر الزمان قال تعالى : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) (٢٦) (البقرة)

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ألا أخبركم عن الدجال إنه أعور إنه يجيء ومعه مثل الجنة والنار ، فالتى يقول أنها الجنة هى النار وإنى أنذركم به كما أنذر به نوح قومه».

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله عزوجل ليس بأعور إلا أن المسيح الدجال أعور عينه اليمنى كعنبة طافية مكتوب بين عينيه ك ف ر ، يقرأه كل مؤمن ، يرد كل ماء ومنهل إلا مكة والمدينة حرمهما الله عليه ، ويبعث الله معه شياطين تكلم الناس ، ومعه فتنة عظيمة يأمر السماء فتمطر ، ويقتل نفسا ثم يحييها أفعال سحرة ، ويقول للناس هل يفعل ذلك إلا الرب ، فيفر المسلمون إلى جبل

٩٤

الدخان بالشام فيأتيهم فيحاصرهم فيشتد حصارهم ويجهدهم جهدا شديدا ، ثم ينزل عيسى بن مريم ـ عليه‌السلام ـ فيجتمع عليه المؤمنون ويلتف معه عباد الله المتقون فيسير بهم المسيح عيسى بن مريم قاصدا نحو الدجال وقد توجه نحو بيت المقدس فيدركه عند باب مدينة اللد فيقتله بحربته وهو داخل إليها».

كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتعوذ من فتنة الدجال وأمر أمته بذلك ويقول : «اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال».

الدابة

قال الله تعالى : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ...) (٨٢) (النمل)

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تخرج دابة الأرض ومعها عصا موسى وخاتم سليمان».

وصف الدابة :

لها ريش وزغب وحافر وما لها ذنب ولها لحية رأسها رأس ثور ، وعيناها عين خنزير ، وأذنها أذن فيل ، وقرنها قرن أيل ، وعنقها عنق نعامة ، وصدرها صدر أسد ، وقوائمها قوائم بعير بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعا ، والدابة فيها من كل لون وتشير بالعصى إلى المؤمن فيبيض وجهه ، وإلى الكافر بخاتم سليمان فيسود وجهه ، وتقول الدابة يا فلان أبشر أنت من أهل الجنة ، ويا فلان أنت من أهل النار.

طلوع الشمس من المغرب :

قال الله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ

٩٥

آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) (١٥٨) (الأنعام)

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا رآها الناس آمن من عليها فذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل».

وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت قبل أو كسبت فى إيمانها خيرا : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض».

قال الله تعالى : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٣٨) (يس)

لقد أراد الحق تبارك وتعالى أن يضرب لنا صورة حركة الشمس فقال جل جلاله : تجرى أى : أن حركة الشمس سريعة لأن الجرى أسرع من المشى ، ومستقر الشمس مكان لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ، وما دامت الشمس تجري لمستقر لها وأن لكل فعل رد فعل مساو له فى القوة ومضاد له فى الاتجاه فيمكننا أن نتصور وهذا مثل قريب الصورة ولا علاقة له بكيفية الحدوث أنه من الممكن إن كان مستقر الشمس هو نهاية حركتها فى اتجاه معين أن ترتد على عكس سيرها وبالقوة ذاتها فتطلع من المغرب ، وهذا مثل تقريبي أما كيفية الحدوث فعلمه عند الله سبحانه وتعالى ، وحين تطلع الشمس من مغربها لا تقبل التوبة.

يقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها وهى آية من آيات الله الكبرى فإذا حدثت لا تقبل التوبة».

نزول عيسى بن مريم من السماء :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يخرج الدجال فى أمتى فيمكث أربعين يوما ، يوم كسنة ويوم كشهر ، ويوم كأسبوع ، وسائر أيامه كأيام الناس هذه ، ومعدل

٩٦

ذلك سنة وشهران ونصف ، وقد خلق الله على يديه خوارق كثيرة يضل بها من يشاء من خلقه ويثبت منها المؤمنون فيزدادوا إيمانا مع إيمانهم وهدى إلى هداهم ، ويكون نزول المسيح عيسى بن مريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ مسيح الهدى فى أيام المسيح الدجال مسيح الضلالة ويكون نزوله على المنارة الشرقية بدمشق فيجتمع عليه المؤمنون ويلتف معه عباد الله المتقون ويقتل المسيح الدجال بحربته».

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ينزل ابن مريم إماما عادلا وحكما مقسطا فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها».

قال الله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (١٥٩) (النساء)

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الأنبياء أخوة أمهاتهم شتى ودينهم واحد ، إنى أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بينه وبينى نبي ، وأنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض كأن رأسه يقطر ، وإن لم يصبه بلل فيدق الصليب ويقتل الخنزير ، ويدعو الناس إلى الإسلام فيهلك الله فى زمانه الملل كلها إلا الإسلام ، ويهلك الله فى زمانه الدجال ، ويقع الأمان على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمور مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان بالحيات فلا تضرهم فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلى عليه المسلمين».

خروج يأجوج ومأجوج :

قال الله تعالى فى سورة الكهف عن ذو القرنين : (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (٩٣) قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (٩٤) قالَ ما

٩٧

مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (٩٥) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (٩٦) فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً (٩٧) قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) (٩٨) (الكهف)

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن يأجوج ومأجوج ليحفرن السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون الشمس قال الذى عليهم (قائدهم) : ارجعوا فستحفرونه غدا فيعودون إليه كأشد ما كان حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله عزوجل أن يبعثهم إلى الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذى عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس».

قال تعالى : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) (٩٦) (الأنبياء)

وعند خروج يأجوج ومأجوج يغشون الناس وينحاز الناس عنهم إلى مدائنهم وحصونهم ويشرب يأجوج ومأجوج مياه الأرض حتى أن بعضهم ليمر بالنهر فيشربوا ما فيه حتى يتركوه يابسا ، حتى إذا لم يبق من الناس أحدا إلا أحد فى حصن أو مدينة قال قائلهم : هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم بقى أهل السماء ثم يهز أحدهم حربته ثم يرمى بها إلى السماء فترجع إليه مخصبة بالدماء فيقولون : قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء.

وخروج يأجوج ومأجوج فى أيام عيسى بن مريم بعد الدجال فيهلكهم الله أجمعين فى ليلة واحدة ببركة دعائه عليهم إذ يبعث الله دودا فى أعناقهم الذى يخرج بأعناقهم فيصبحون موتى.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «والذى نفس محمد بيده أن دواب الأرض لتسمن وتشكر الله على أكل لحومهم ودمائهم».

وآخر الآيات الكبرى الخسوف الثلاثة والنار التى تخرج من قعر عدن تسوق

٩٨

الناس إلى المحشر تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا وتأكل من تخلف منهم.

وأخيرا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهود وراء الحجر أو الشجر فيقول الحجر أو الشجر : يا مسلم يا عبد الله هذا اليهودى من خلفى فتعال فأقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود».

* * * * *

* *

٩٩

المراجع

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ المنتخب فى تفسير القرآن الكريم.

٣ ـ التوراة والإنجيل والقرآن فى ضوء المعارف الحديثة للمستشرق الفرنسى موريس بوكاى.

٤ ـ الكون والإعجاز العلمى للقرآن الكريم للدكتور منصور حسب النبى.

٥ ـ الكون للدكتور جمال الدين الفندي.

٦ ـ علامات يوم القيامة للحافظ بن كثير.

٧ ـ البداية والنهاية للحافظ بن كثير.

٨ ـ نهاية العالم للشيخ محمد متولى الشعراوى.

٩ ـ سلسلة المعرفة.

١٠ ـ سلسلة الهدف.

١٠٠