أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٢

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٢

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٠

ولكن الجنان لنا مقام

لأنا قد تتبعنا الصوابا

أئمتنا الهداة بهم هدينا

وطبنا حين والينا الطيابا

رسول الله والمولى عليا

أجل الخلق فرعاً وانتسابا

فذا ختم النبوة دون شك

وذا ختم الوصيّة لا ارتيابا

وأخاه النبي بأمر رب

كما عن أمره آخى الصحابا

فصار لنا مدينة كل علم

وصار لها علي الطهر بابا

ومثّله بهارون المزكى

ألم يخلف أخاه حين غابا

يسد مسدّه في كل حال

ويحسن بعده عنه الغيابا

وفي بدرٍ وفي أُحدٍ وسلع

أجاد الطعن عنه والضرابا

مشاهد حربه لو ان طفلا

من الاطفال يشهدها لشابا

لو أن الموت شخّص ثم ألوى

بلحظته اليه لاسترابا

أو الأبطال تلقاه وجوها

لأخلى الهام منها والرقابا

امير المؤمنين أبو تراب

واكرم سيد وطأ الترابا

سأمنح من يواليه وصالا

وأهجر من يعاديه اجتنابا

فان عاب النواصب ذاك مني

فلا أُعدمت ذيّاك المعابا

وإن يك حب أهل البيت ذنبي

فلست بمبتغ عنه متابا

أحبّهم وأمنحهم مديحا

وأوسع مّن يجانبهم سبابا

ولم أمنحهم قط اكتسابا

ولكنّي مدحتهم ارتغابا

ولن يرجو ابن حماد علي

بحسن مديحهم إلا الثوابا

فإنهم كفوني عن معاشي

فلم أحتج بنيلهم اكتسابا

ونلت مآربي بهوى علي

ومَن يعلق بغير هواه خابا

رأيت لبعض هذا الخلق شعراً

جليل اللفظ يمتدح الذبابا

كبابٍ علّقوه على خرابٍ

وحسن الباب لا يغني الخرابا

وكم غيم رجوت الغيث منه

فكان وقد غررت به ضُبابا

فلو جعل المدائح في علي

لوافق في مدايحه الكتابا

١٨١

وقال يرثي الحسين عليه‌السلام ويمتدح أهل البيت ويذم اعداءهم اذ كانوا فرحين :

دعني أنوح وأسعد النواحا

مثلي بكى يوم الحسين وناحا

يوم الحسين بكربلاء لعمره

أضنى الجسوم وأتلف الأرواحا

وكسا الصباح دحى الظلام فلا ترى

في يوم عاشورا سَناً وصباحا

يا من يسرّ بيومه من بعده

لانلت في كل الأمور نجاحا

أنسيت سبط المصطفى في كربلا

فرداً تنافحه النصول كفاحا

عطشان تروي الكفر من أوداجه

حنقاً عليه أسنّة وصفاحا

متزملا بدمائه فوق الثرى

يكسوه سافي الذاريات وشاحا

مستشرفاً في رأس رمح رأسه

كالشمس يتخذ البروج رماحا

حتى إذا نظرت سكينة رأسه

في الرمح منتصباً عليها لاحا

والجسم عرياناً طريحاً في الثرى

قد اثخنته ظبى السيوف جراحا

صرخت وخرّت في التراب وأقبلت

تبكي وتعلن رنّة وصياحا

يا أخت وايتمي ويتمك بعده

ساء الصباح لنا الغداة صباحا

يا أخت كيف يكون صبر بعده

فلقد فقدنا السيد الجحجاحا

يا أخت لو متنا جميعاً قبله

فلقد يكون لنا الممات صلاحا

لأجدّدن ثياب حزني حسرة

ولأجعلن لي البكاء سلاحا

ولأشربن كؤوس تنغيصى له

ولأجعلن لي المدامع راحا

ولأجعلن غذاي تعديدي له

واشاركن بذلك النواحا

حتى أموت صبابة وتلهفا

وأرى جفوني بالدموع قراحا

يا آل احمد يا مصابيح الهدى

تهدون مصباحا به مصباحا

الله شرّفكم وعظّم قدركم

فينا وأوضح أمركم ايضاحا

وهو القديم وأنتم البادون لم

تزلوا بجبهة عرشه أشباحا

أوحى بفضلكم القرآن وقبله

التوراة والانجيل والالواحا

١٨٢

وأقام كنز الرزق بين عباده

بكم وصيّر حبكم مفتاحا

مَن ذا يقدر قدركم وصفاتكم

تفنى المديح وتعجز المداحا

وأنا ابن حماد غذيت بحبكم

والله أفصحني بكم افصاحا

عاديتُ من عاداكم ووليت مَن

ولاكم ووصلتُ منه جناحا

صلى الاله عليكم يا سادتي

ما ساد نجمٌ في السماء ولاحا (١)

وقال يرثي ابا عبد الله الحسين عليه صلوات الله وعلى أصحابه الميامين :

إبك ما عشت بالدموع الغزارِ

لذراري محمد المختار

شرّدوا في البلاد شرقاً وغرباً

وخلت منهم عراص الدار

وغزتهم بالحقد أرجاس هند

وغليل من الصدور الحرار

فكأني بهم عطاشى يُسقو

ن كؤوس الردى بحدّ الشفار

وكأني أرى الحسين وقد نكس

عن سرجه تريب العذارى

فهوى شمرٌ اللعين عليه

وفرى النحر في شبا البتار

ثم علاه في السنان سنان

يتلألأ كضوء شمس النهار

وكأني بالطاهرات وقد أبر

زن للسبي من خبا الأخدار

وكأني بزينب إذ رأته

وهو ملقى على الجنادل عاري

سقطت دهشة ونادت بصوت

يترك الصخر شجوه بانفطار

يا اخي لا حييتُ بعدك بل لا

نعمت مقلتي بطيب الغرار

أبرزت للسباء منا وجوه

طالما صنتها عن الابصار

يا أخي لو ترى سكينة قد

ألبسها اليتم ذلّة الانكسار

لو تراها تخمّر الرأس بالكُمّ

حياءا من بعد سلب الخمار

تستر الوجه باليمين وقد

تمسك حزنا أحشاءها باليسار

لعن الله ظالميهم من الناس

بطول العشي والأبكار

__________________

١ ـ عن الديوان المخطوط جمعه الشيخ السماوي.

١٨٣

فابكهم أيها المحب وناصرهم

بكثر البكا وكثر المزار

رو درى زائر الحسين بما أو

جبه ذو الجلال للزوار

فله عفوه ورضوانه عنهم

وحط الذنوب والاوزار

وتناديهم الملائك قد أُعطيتم

الأمن من عذاب النار

ويقول الاله جلّ اسمه الاعلى

لمن يهبطون في الأخبار

بشروهم بأنهم أوليائي

في أماني وذمتي وجواري

وخطاهم محسوبة حسنات

وخطاهم عفو من الغفّار

وعليه اخلاف ما أنفقوه

الضعف من درهم ومن دينار

فاذا زرته فزره بإخباتٍ

ونسكٍ وخشيةٍ ووقار

وادع من يسمع الدعاء من الزا

ئر في جهرة وفي اسرار

ويردّ الجواب إذ هو حي

لم يمت عند ربه القهار

ثم طف حول قبره والتثّم تُر

بة قبر معظم المقدار

فيه ريحانة النبي حسين

ذلك الطهر خامس الأطهار

وهو خير الورى أباً ثم أماً

وأبو السادة الهداة الخيار

جده المصطفى ووالده الهادي

علي من مثله في الفخار

وأنا الشاعر ابن حماد الناظم

فيهم قلائد الاشعار

قد تمسكت فيهم بالموالاة

وهاتيك عصمة الابرار

وتغذيت في هواهم وفي الود

فكانوا شعائري وشعاري

سيط لحمي بلحمهم ودمي فهو

محل الشعار ثم الدثار

فاذا قال جاهل بي من ذا

قيل هذا مولى بني المختار

فعليهم صلى المهيمن ما غرّد

طيرُ على ذرى الاشجار

وقال يرثيه أيضا صلوات الله عليه في أيام عاشورا من المحرم :

أآمرتي بالصبر أسرفت في أمري‌‏

أيؤمر مثلي لا أباً لك بالصبر

أفي يوم عاشورا اُلآم على البكا

ولو أن عيني من دم دمعها يجري

١٨٤

اذا لم أقم في يوم عاشور مأتما

ولم أندب الاطهار فيه فما عذري

أأنسى حسينا حين أصبح مفردا

غريبا بارض الطف في مهمه قفر

وشمر عليه لعنة الله راكب

على صدره أكرم بذلك من صدر

يقطّع أوداج الحسين بسيفه

على حنق منه وينحر بالنحر

وأنسى نساء السبط بادرن حُسّراً

على عجل حتى تعلقن بالشمر

وقلن له يا شمر فرّقت بيننا

والبستنا ثوب الاسى أبد الدهر

أتقتل أولاد النبي محمد

كأنك لا ترجو الشفاعة في الحشر

وقد مرّ بنعاه إلى الاهل مهره

سليبا فلما أن نظرن الى المهر

هتكن سجوف الخدرعنهن دهشة

وهان عليهن الخروج من الخدر

وأسرعن حتى إذ رأين مكانه

وشيبته مخضوبة من دم النحر

ولما رأين الراس في راس ذايل

كبدر الدجى قد لاح في ربعة العشر

سقطن على حر الوجوه لرهبة

وايقنّ بالتهتيك والسبى والاسر

وقد قبضت احشاءها بيمينها

عقيلة آل المصطفى أحمد الطهر

تضم علياً تارة نحو صدرها

واخرى صغاراً هجهجتهم يد الذعر

وتدعو حسينا يا بن أمِّ تركتني

أعاني الأيامى واليتامى من الضر

ففي مقلتي دمع يدافع مقلتي

وفي كبدي جمر يبَرّد بالجمر

سابكيك عمري يا بن بنت محمد

واسعد من يبكي عليك مدى عمري

فيا غائبا في خطة القدس حاضرا

ويا ناظراً من حيث ندري ولا ندري

متى ينجز الوعد الذي قد وعدته

وتاتي به الأوقات من زاهر العصر

حقيق على الرحمن انجاز وعده

وتبليغه حتى نرى راية النصر

قيام إمام لا محالة قائم

يقيم عماد الدين بالبيض والسمر

يقوم بحكم العدل والقسط والهدى

يوازره عيسى ويشفع بالخضر

لعل ابن حماد يجرّد سيفه

ويقتص من أعداء ساداته الغر

فان قصرت كفي بيومي فانني

ساقتلهم باللعن في محكم الشعر

فيا نفس صبراً ثم صبراً على الاذى

فكم أعقبت لي النجح عاقبة الصبر

١٨٥

ويا عترة الهادي سلام عليكم

من الله والعبدي في مدة الدهر (١)

وقال يرثي الحسين ايضا صلوات الله عليه وعلى جده وابيه وامه واخيه :

هل لجسمي من السقام طبيبُ

أم لعيني من الرقاد نصيبُ

ما عجيب بقاء سقمي ولكنّ

بقائي على السقام عجيب

ما ذكرت الحسين إلا علتني

زفرات يعلولهنّ لهيب

يا غريب الديار إن اصطباري

للذي قد لقيته لغريب

يا سليب الرداء خلّفت قلبي

وهو من بردة العزاء سليب

يا خضيب الشيب المعظم بالدم

تركت الأديم وهو خضيب

بابي انت ظامئا تمنع الماء

وماء الفرات منك قريب

بابي وجهك المضيء المدمى

بابي جسمك العفير التريب

بابي رأسك القطيع المعلّى

بابي ثغرك القريع الشنيب

يرشف المصطفى ثناياك حُباً

ثم يثنى بقرعهن القضيب

بابي أهلك السبايا حيارى

تعتريهن ذلّة وخطوب

بابي زينب وقد أبرزت تدعو

بشجوٍ ودمعها مسكوب

يا اخي كنت ارتجيك لكربي

فتهاوت على فؤادي الكروب

مَن لهذا العليل مَن للمذاعير

كفيل مَن للنساء رقيب

كم انادي وأنت تسمع صوتي

وترى موقفي وليس تجيب

أيها الغائب الذي ليس يرجى

لأياب علامَ هذا المغيب

طاب عيشي ما دمت حياً فلما

بنتَ عنا فأي شيء يطيب

يا بني أحمد السلام عليكم

من محب له فؤاد كئيب

ما لكم في الندى شبيه ولا في

المجد والاصل والفخار ضريب

انتم باب حطة في البرايا

وبكم يغفر الخطأ والذنوب

__________________

١ ـ عن الديوان المخطوط.

١٨٦

وباسمائكم على آدم قد تاب

رب العلى وفيها يتوب

ولكم ترتضى الشفاعة في الحشر

اذا تحشر الورى وتؤب

واليكم ايابهم وعليكم

درجات الحساب والترتيب

وبايديكم الجنان مع النيران

أعطاكم الاله الوهوب

فلعمر الباري رجاء ابن حماد

غداً في هواكم لا يخيب (١)

وقال يرثي الحسين بن علي صلوات الله عليهما وسلامه ويمدحهما :

خليلي عج بنا نطل الوقوفا

على من نوره شمل الطفوفا

ونبكِ لمن بكى جبريل حزناً

له ونعاه حيرانا أسيفا

إماماً من بني الهادي علي

وبدراً طالعاً وافى خسوفا

وناد بحرقة وبطول كرب

اذا شاهدت مشهده الشريفا

وقل يا خيرَ مَن صلى وزكى

وسيل الجود والعلم المنيفا

قتلتً بكربلا والذين لما

غدا دين الاله لك الحليفا

على ايّ الرزايا يا لقومي

أنوح واسكب الدمع الذروفا

أأبكى منه اعضاء عظاما

تناهبت الأسنة والسيوفا

فاشلاء تقلّبها الحوامي

وأوداجاً تسيل دماً نزيفا

ورأساً لا تطوف به الدياجي

به في سائر البلدان طيفا

أأبكي للأرامل واليتامى

أأبكي مدنفاً حرضاً ضعيفا

أأبكي زينباً تدعو أخاها

وتندبه ولم تسطع وقوفا

أأبكي إذ سروا أسرى تسوق

الحداة بظعنهم سوقاً عنيفا

سأبكي ما حييتُ دماً عليهم

وألعن من أنا لهأم الحتوفا

فلا رحم الإله لهم نفوساً

ولا سقى الحيا لهم جدوفا

سألعن ظالميهم طول عمري

وضيعاً كان منهم أو شريفا

__________________

١ ـ عن الديوان المخطوط.

١٨٧

فكم من باطل قد أظهروه

وحق أنكروه فما أحيفا

ألا يآل طاها إن قلبي

لذكر مصابكم أمسى لهيفا

إذا صادفت في حزن أناساً

أكون لهم من كم أليفا

أومل عندكم جنات عدنٍ

تحفّ الصالحات بها حفوفا

ولا أخشى هنالك كل ذنب

فانكم تجيرون المخوفا

وإن الله شفعكم بأهل

الولا كرما وكان بكم رؤفا

وان عليا العبدي ينشى

بمدحكم القوافي والحروفا

ويرجو أن تلقّوه الأماني

الجماح وأن توقّوه الصروفا

صلاة الله والالطاف تتلو

عليكم وهو لم يزل اللطيفا (١)

وقال يرثي الحسين عليه الصلوة والسلام وعلى جده وابيه وامه واخيه وبنيه :

هن بالعيد إن أردت سوائي

أي عيد لمستاح العزاءِ

ان في مأتمي عن العيد شغلا

فألهُ عني وخلني بشجائي

فاذا عيّد الورى بسرور

كان عيدي بزفرة وبكاء

واذا جدّدوا ثيابهم جددت

ثوبي من لوعتي وضنائي

واذا أدمنوا الشراب فشربي

من دموع ممزوجة بدماء

وعويلي على الحسين غنائي

واذا استشعروا الغناء فنوحي

وقليل لو متّ هماً ووجدا

لمصاب الغريب في كربلاء

أيهنى بعيده مَن مواليه

أبادتهم يد الاعداء

آه يا كربلاء كم فيك من

كرب لنفس شجيّة وبلاء

أألذ الحياة بعد قتيل الطف

ظلما إذن لقلّ حيائي

كيف التذّ شرب ماء وقد جرّ

ع كأس الردى بكرب الظماء

__________________

١ ـ عن ديوان المخطوط.

١٨٨

كيف لا أسلب العزاء اذا

مثلته عاريا سليب الرداء

كيف لا تسكب الدموع عيوني

بعد تضريج شيبه بالدماء

تطأ الخيل جسمه في ثرى الطف

وجسمي يلتذّ لين الوطاء

بابي زينب وقد سبيت بالذ

ل من خدرها كسبي الاماء

فاذا عاينته ملقى على التر

ب مُعرّىً مجدلا بالعراء

أقبلت نحوه فيسمعها الشمر

فتدعو في خيفة وخفاء

أيها الشمر خلني اتزود

نظرة منه فهي أقصى منائي

ثم تدعو الحسين لِم يا شقيقي

وابن امي خلفتني بشقائي

يا أخي يومك العظيم برى عظمي

وأضنى جسمي وأوهى قوائي

يا اخي كنت ارتجيك لموتي

وحياتي فخاب مني رجائي

يا أخي لو فدى من الموت شخص

كنتُ أفديك بي وقلّ فدائي

يا أخي لا حييتُ بعدك بل لا

عشت إلا بمقلة عمياء

آه واحسرتي لفاطمة الصغرى

وقد أبرزت بذل السباء

كفها فوق رأسها من جوى الثكل

وكف أخرى على الاحشاء

فاذا ابصرت أباها صريعاً

فاحصاً باليدين في الرمضاء

لم تُطق نهضة اليه من الضعف

فنادته في خفي النداء

يا أبي مَن ترى ليتمي وضعفي

يا ابي أو لمحنتي وابتلائي

يا بني احمد السلام عليكم

ما أنارت كواكب الجوزاء

انتم صفوة الاله من الخلق

ومن بعد خاتم الانبياء

ونجوم الهدى بنوركم تُهدى البرايا

في حندس الظماء

انا مولاكم ابن حماد اعدد

تكمو في غد ليوم جزائي

ورجائي أن لا أخيب لديكم

واعتقادي بكم بلوغ الرجائي (١)

__________________

١ ـ عن الديوان المخطوط.

١٨٩

وقال ايضا يرثيه صلوات الله عليه :

دعا قلبه داعي الوعيد فاسمعا

وداعي مبادى شيبه فتورعا

وأيقن بالترحال فاعتدّ زاده

وحاذر من عقبى الذنوب فاقلعا

الى كم وحتام اشتغالك بالمنى

وقد مرّ منك الاطيبان فودعا

أيقنع بالتفريط في الزاد عاقل

رأى الرأس منه بالمشيب تقنعا

إذا نزع الانسان ثوب شبابه

فليس يرى إلا الى الموت مسرعا

وشيبك توقيع المنون مقدما

لتغدو لموت في غدٍ متوقعا

أتطمع أن تبقى وغيرك ما بقي

فلست ترى للنفس في العيش مطمعا

تدافع بالآمال عن أخذ إهبة

ليوم اذا ما حمّ لم تغن مدفعا

وتسأل عند الموت ربّك رجعة

وهيهات أن تعطى هنالك مرجعا

أما لك اخوان شهدت وفاتهم

وكنتَ لهم نحو القبور مشيّعا

وانت فعن قرب إلى الموت صائر

وينعاك للاخوان ناع لهى نعى

وكم من أخ قد كنت واريته الثرى

واضجعته بين الأحبة مضجعا

جرت عينه النجلا على صحن خده

فاصبح بين الدود نهبا موزعا

وانت كضيف لا محالة راحل

ومستودع ما كان عندك موعا

تلاقي الذي فرطت فاستدرك الذي

مضى باطلا واصنع من الخير مصنعا

ولا تطلب الدنيا الغرور فانما

هلاكك منها أن تغر وتخدعا

فقد جعلت دار الفجايع والاسى

فلست ترى الا مُرزاً مفجّعا

كفاك نجير الخلق آل محمد

أصابهم سهم المصائب أجمعا

تخطّفهم ريب المنون بصرفه

فأغرب بالارزاء فيهم وأبدعا

وقفت على أبياتهم فرأيتها

خراباً يبابا قفرة الجو بلقعا

وان لهم في عرصة الطف وقعة

تكاد لها الأطواد أن تتزعزعا

غزتهم بجيش الحقد امة جدهم

ولم ترع فيهم مَن لهم كان قد رعى

كأني بمولاي الحسين وصحبه

وجيش ابن سعد حوله قد تجمعا

١٩٠

وقد قام فيهم خاطباً قائلا لهم

ولم يك من ريب المنون ليجزعا

ألم تأتني يا قوم بالكتب رسلكم

تقولون عجّل نحونا السير مسرعا

فانا جميعاً شيعة لك لا نرى

لغيرك في حق الامامة موضعا

وقد جئت للعهد الذي لي عليكم

فما عندكم في ذاك قولوا لا سمعا

فقالوا له ما هذه الكتب كتبنا

فقال لهم خلّوا سبيلي لارجعا

فقالوا له هيهات بل لنسوقكم

الى ابن زياد كارهين وخُضّعا

فان لم تجيبوا فالأسنة بيننا

تجرّعكم أطرافها السم منقعا

فقال لهم يا ويلكم فتباعدوا

عن الماء كي نروى فقالوا له معا

سنوردكم حوض الردى قبل ورده

ومالوا عليه بالأسنةُ شرّعا

فبادر أصحاب الحسين اليهم

فرادى ومثنى حاسرين ودرّعا

إذا ما دنوا نحو الشريعة من ظما

رأوا دونها زرق الأسنة مشرعا

لقد صبروا لا ضيّع الله صبرهم

ولم يك عند الله صبر مضيّعا

الى أن ثووا صرعى على الترب حوله

فلله ذاك المصرع الفذّ مصرعا

فهاجوا على المولى وقد ظل وحده

فقل حُمرٌ لاقت هزبراً سميدعا

يشدّ عليهم شدةً علوية

يظل نياط القلب منها مقطعا

كشد أبيه في الهياج وضربه

وهل تلد الشجعان إلا المشجعا

الى أن هوى عن سرجه متعفراً

يلاحظ فسطاط النساء مودّعا

وأقبل شمر الرجس فاحتز راسه

وخلّف منه الجسم شلواً مبضعا

وشال سنان في السنان كريمه

كبدر الدجى وافى من التمّ مطلعا

ومالوا على رحل الحسين وأهله

فيا يومهم ما كان أدهى وأفظعا

فلو تنظر النسوان في ذلة السبا

يسقن على رغم عطاشى وجوّعا

وزينب ما تنفك تدعو باختها

أيا أخت ركني قد وهى وتضعضعا

أيا اخت من بعد الحسين نعدّهُ

لحادثة الايام حصنا ممنعا

أيا اخت هذا اليوم آخر عهدنا

فبعد حسين قط لن نتجمعا

أيا اخت لو أن الذي بي من الاسى

برضوى إذن لا نهدّ أو لتزعزعا

١٩١

فيا مؤمنا في دينه متشيّعاً

ولا مؤمن إلا الذي قد تشيعا

اتذبح في يوم به ذبح العدى

إمامك فاعثر عفر خديك لالعا

ويألف في عاشور جنبك مضجعا

وترب الثرى أضحى لمولاك مضجعا

ويضحك منك الثغر من بعد ماغدا

به ثغر مولاك الحسين مُقرّعا

وينهب فيه رحل آل محمد

وبيتك فيه لا يزال موسعا

فيا ليت سمعي صم عن ذكر يومه

ويا ليت لم يخلق لي الله مسمعا

سأبكي دما بعد الدموع لفقده

وإن يك لم يترك لي الحزن مدمعا

برئت الى الرحمن ممن شناهم

ولا زلت أبكيهم الى أن اشيعا

ومن ذا يلاحيني ومن ذا يلومني

على بغض من يشنا الشفيع المشفعا

ولائي لهم شفع البرَا من عدوّهم

لذلك أرجوهم غداً لي شُفعا

أو الي الذي سُمّي لكثرة علمه

بطينا كما سمي من الشرك أنزعا

اشنا الذي لم يقض حق محمد

وأجمع أن تلغى الحقوق وتمنعا

ومدح ابن حماد لآل ومحمد

سيجزي بيوم المرء يجزى بما سعى (١)

وقال يرثيه صلوات الله عليه :

خواطر فكري في حشاي تجولُ

وحزني على آل النبي يطولُ

أراق دموعي ظلم آل محمد

وذلك رزء لو علمت جليل

تهون الرزايا عند ذكر مصابهم

وقتلي نفسي في المصاب قليل

فذلك خطب في الزمان جليل

وأمر عنيف في الانام مهول

مصارع أولاد النبي بكربلا

يزلزل أطواد الحجى ويزيل

فايّ امرءٍ يرنو قبورهم بها

وأحشاؤه بالدمع ليس تسيل

قبور عليها النور يزهو وعندها

صعود لا ملاك السماء ونزول

قبور بها يستدفع الضر والاذى

ويعطي بها رب العلى وينيل

__________________

١ ـ عن الديوان المخطوط.

١٩٢

أتيت اليها زائراً يستشفني

هوً وولاء ظاهر ودخيل

ولما رأيت الحَير (١) حارت مدامعي

وكان لها من قبل ذاك همول

ومُثّل لي يوم الحسين ووعظه

لاعدائه بالطف وهو يقول

أما فيكم يا أيها الناس راحم

لعترة أولاد النبي وصول

أأقتل مظلوماً وقدماً علمتم

بأن ليس لي في العالمين عديل

أليس أبي خير الوصيين كلهم

أما أنا للطهر النبي سليل

أما فاطم الزهراء أمي ويلكم

وعماي حقاً جعفر وعقيل

دعوني أرد ماء الفرات ودونكم

لقتلي فعندي بالظماء غليل

فنادوه مهلا يا بن بنت محمد

فليس الى ما تبتغيه سبيل

ومالوا عليه بالاسنة والظبى

لها في حشاه رنة وصليل

فديتك روحي يا حسين ومهجتي

وانت عفير في التراب جديل

تشلّ على جثمانك الخيل شزبا

ورأسك في راس السنان مشيل

وجسمك عريان طريح على الثرى

عليه خيول الظالمين تجول

بناتك تسبى كالاماء حواسراً

ونجلك ما بين العداة قتيل

وزينب تدعو يا حسين وقلبها

جريح لفقدان الحسين ثكول

أخي يا أخي قد كنت عزي ومنعتي

فأصبح عزي فيك وهو ذليل

أخي يا أخي لم أعط سؤلي ولم يكن

لاختك مأمول سواك وسول

أخي لو رأت عيناك ما فعل العدى

بنا لرأت أمراً هناك يهول

رحلنا سبايا كالاماء حواسراً

يجدّ بنا نحو الشام رحيل

أخي لا هنت لي بعد فقدك عيشتي

ولا طاب لي حتى الممات مقيل

اذا كنت أزمعت الرحيل فقل لنا

أمالك من بعد الرحيل قفول

اقول كما قد قال من قبل والدي

وادمعه بعد البتول همول

أرى علل الدنيا علي كثيرة

وصاحبها حتى الممات عليل

__________________

١ ـ الحير هو المكان الذي يحير فيه الماء ولذلك سمي موضع مقتل الحسين (ع) بالحائر.

١٩٣

لكل اجتماع من خليلين فرقة

وإن بقائي بعدكم لقليل

يري الفتى أن لا يفارق خلّه

وليس الى ما يبتغيه سبيل

وان افتقادي فاطما بعد أحمد

دليل على أن لايدوم خليل

عليكم سلام الله يا خيرة الورى

ومَن فضلهم عند الاله جليل

بكم طاب ميلادي فان ودادكم

على طيب ميلاد الانام دليل

وانكم أعلى الورى عند ربكم

إذ الطرف في يوم المعاد كليل

وان موازين الخلائق حبكم

خفيف لمن يأتي به وثقيل

وانكم يوم المعاد وسيلتي

وما لي سواكم في الأنام وسيل

فاصفيتكم ودي ودنت بحبكم

مقيماً عليه لست عنه أحول

فسمعا لها بكر الرثاء إذا بدت

تتيه على أقرانها وتطول

منمقة الألفاظ من قول قادر

على الشعر إن رام القريض يقول

لساني حسام مرهف الحد قاطع

ورائي سديد في الأمور جميل

وذلك فضل من إلهي ونعمة

وفضل إلهي في العباد جزيل

ألا رب مغرور بحلمي ولو درى

لكان الى خير الأمور يؤل

تشبه لي في الشعر عجزاً وسرقة

( وليس سواء عالم وجهول )

ولولا حفاظ العهد بيني وبينه

لقلت ولكن الحليم حمول

كفى أن مَن يهوى غواة أراذل

لئام تربّوا في الخنا ونغول

وإنب بحمد الله ما بين عصبة

لهم شيم محمودة وعقول

فقل للذي يبغي عنادي لحينه

رويداً رويداً فالحديث يطول

سيعطي ابن حماد من الآل سؤله

ويعلوه ظل في الأنام ظليل

فآمِل آلِ الله ينجو وغيره

يتاه به عن قصده ويميل (١)

__________________

١ ـ عن الديوان المخطوط.

١٩٤

وقال يرثي الحسين عليه‌السلام :

أتشبيبا وقد لاح المشيبُ

وشيب الرأس منقصة وعيبُ

بياض الشيب عند البيض عار

وداءٌ ما له أبداً طبيب

وما الانسان قبل الشيب إلا

سديد قوله سهم مصيبُ

فان نزل المشيب فذاك وعظ

نذير بعده الحتف القريب

وليس اللهو يجمل والتصابي

اذا ولّى الشباب ولا يطيب

فكفي هذه واليك عني

فما يغترّ بالدنيا لبيب

دعيني من دلالك والتمني

فلي جدّ تولاه الشحوبُ

ولي بالغاضرية عنك شغل

باشجان لها كبدي تذوبُ

وذكرى للحسين بها فؤادي

يشب لظى واجفاني تصوب

لما قد ناله من آل حرب

وما قامت لهم معه حروبُ

فقد كانوا خداعا كاتبوه

بكتبٍ شرحها عجب عجيب

بانك انت سيدنا فعجّل

فقد حنت لرؤيتك القلوب

وليس لنا إمام فيه رشد

سواك ليهتدي فيه المريب

ولكن أضمروا بغضاً وحقدا

ضغائن في الصدور لها لهيب

تشبّ سعيرها بدر واحد

وخيبر والأسارى والقليب

ويذكي النهر وان لها لظاها

وصفين وهاتيك الخُطوب

فتلك وقائع قتلت رجال

وضيم بهن شبان وشيب

فلما جاء محتملا اليهم

وناداهمه عصوه ولم يجيبوا

فقال لهم ألا يا قوم خنتم

وكان الغدر فيكم والشغوب

أتتنى كتبكم فأجبت لمّا

دعوتم ضُرّعاً وأنا المجيب

فخلوا إن تخاذلتم سبيلي

فان الأرض تمنع مَن يجوب

فقالوا لا سبيل لما تراه

ولستَ تعود عنا أو تؤب

ومالوا بالاسنة مشرعات

تسدّ سبيله مها الكعوب

١٩٥

فظل محامياً يسطو عليهم

بذات شبا تواصلها شعوب

الى أن غاله سهم المنايا

فخر وصدره بدم خضيب

وراح المهر ينعاه حزينا

يُحمحم والصهيل له نحيبُ

فلما أن رأين السرج ملقى

بجنبٍ والعنان له جنيب

خرجن وقلن قد قتل المحامي

بحومتها فشُققت الجيوب

وجئنَ صوارخاً والشمر جاثٍ

ليذبحه وفي يده القضيب

فصاحت زينب فيه وظنّت

تدافعه ومدمعها سكوبُ

تقول له يا شمر دع لي

اخي فهو المؤمل والحبيب

فما أبقى الزمان لنا سواه

كفيلاً حين ندعوه يجيب

وساروا بالسباء الى يزيد

لأرض الشام تحملهن نيب

فكم من نادبات يا أبانا

وكم من صائحات يا غريب

وظل السبط شلواً في الفيافي

تقلّبه الشمائل والجنوب

وتكسوه من الحلل السوافي

فمنها برده أبداً قشيب

اذا هبّت عليه الريح طابت

ودام لها به أوجٌ وطيب

ولم تزل الأنوف تشم منها

عبيراً كلما حصل الهبوب

فذب يا قلب من حزن عليه

وهل قلب دراه ولا يذوب

وصُبي الدمع يا عيني صباً

فما فضل السحابة لا تصوب

ودونك يا بن خير الخلق نظما

زهى فكأنه الفنن الرطيب

يوازن ما نظمت بكم قديماً

ذريني من دلالك يا خلوب

فما العبدي عبدكم علي

ليطرفكم بما لا يستطيب

رثاكم والدي قبلي وأوصى

بأني لا أغبّ ولا أغيب

فوفوا لي الشفاعة يوم حشري

فقد كثرت على صحفي الذنوب

ووفوا والدي ما كان يرجو

فسائلكم لعمري لا يخيب

سقى اجدائكم غيث ملثّ

يروّيها له سحّ سكوب

ولا زالت صلوة الله تترى

عليكم ما شدا طير طروب

١٩٦

ولا انفكت لعائنه تنوب الا

ولى سآؤكم فيما ينوب (١)

وقال يرثيه عليه‌السلام :

أرى الصبر يفنى والهموم تزيد

وجسمي يبلى والسقام جديد

اذا ما تعمدت السلو لخاطري

أباه فواد للهموم عتيد

وذكرني بالحزن والنوح والبكا

غريب باكناف الطفوف فريد

يودع أهليه وداع مفارق

لهم أبد الايام ليس يعود

كأني بمولاي الحسين وصحبه

كانهم بين الخميس أسود

عطاشى على شاطى الفرات فما لهم

سبيل الى شرب المياه ورود

فيا ليتني يوم الطفوف شهدتهم

وكنتُ بما جادوا هناك أجود

لقد صبروا لا ضيع الله أجرهم

الى أن فنوا من حوله وأبيدوا

وقد خرّ مولاي الحسين مجدلا

يرى كثرة الاعداء وهو وحيد

وجاء اليه الشمر فاحتز رأسه

مجيء نحوس وافقته سعود

وساقوا السبايا من بنات محمد

يسوقهم قاسي الفؤاد عنيد

وفاطمة الصغرى تقول لاختها

وقد كضّها جهدٌ هناك جهيد

أخي لقد ذابت من السير مهجتي

سلي سائق الاضعان اين يريد

فقالت وقد أبدت من الثكل ضرّها

مقالا تكاد الارض منه تميد

ونادت بصوت قد بكى منه حاسد

فما حال من يبكي عليه حسود

فَنى جَلَدي يابن الوصي وليس لي

فواد على ما قد لقيتُ جليد

فيا غائباً لا يرتجى منه أوبةٌ

مزارك من قرب الديار بعيد

ظننت بأن تبقى فآيسني الرجا

ويأس الرجا أمر عليّ شديد

سيعلم أعداء الحسين ورهطه

إذا ما هُم يوم المعاد أعيدوا

وأقبلت الزهراء فاطم حولها

ملائكة الرب الجليل جنود

وفي يدها ثوب الحسين مضمخ

دماً ودجٌ يجري به ووريد

__________________

١ ـ عن الديوان المخطوط.

١٩٧

فتبكي لها الأملاك كلاً وعندها

ينادي منادي الحق أين يزيد

فيؤتى به سحباً ويؤتى بقومه

وأوجههم بين الخلائق سود

فيأمر ذو العرش المجيد بقتلهم

فان قتلوا من بعد ذاك أعيدوا

وتقتلهم أبناء فاطم كلهم

وشيعتهم والعالمون شهود

ويحشرهم ربي الى ناره التي

يكون بها للظالمين خلود

إذا نضجت فيها هناك جلودهم

أعيدت لهم من بعد ذاك جلود

فما فعلت عاد قبيح فعالهم

ولا استحسنت ما استحسنته ثمود

فيا سادتي يا آل بيت محمد

ومَن هم عمادٌ للعلى وعمود

علي بن حماد بمدحكم نشا

فكان له غيش بذاك حميد

حلفت بمن حج الملبّون بيته

ووافت له بعد الوفود وفود

بأن رسول الله أكرم من مشى

ومن حملته في المهامه قود

وان علياً أفضل الناس بعده

وسيدها والناس بعد مسود

وان بنيه خير من وطأ الحصا

وطهّر آباء له وجدود

فلولاهم لم يخلق الله خلقه

ولم يك وعد فيهم ووعيد

وما خلقوا إلا ليمتحن الورى

فيشقى شقيٌ أو يفوز سعيد

فهم علّة الايجاد دون سواهم

ولولاهم ما كان ثمّ وجود

عليهم سلام الله ما ذرّ شارق

وما اخضر يوماً في الاراكة عود

وما حبّر العبدي فيهم مدائحا

فيحسن في تحبيرها ويجيد (١)

__________________

١ ـ عن الديوان المخطوط.

هذه نماذج من شعر ابن حماد العبدي ولو اردت استقصاء جميع ما قال في أهل البيت لوجب أن أفرد له مجلداً خاصاً به من هذه الموسوعة وقد أشار شيخنا الاميني سلمه الله الى أوائل قصائده ومطالعها وقال : هناك قصائد تعزى الى شاعرنا ابن حماد العبدي في بعض المجاميع وهي لابن حماد محمد المتأخر عن المترجم له بقرون ، منها قصيدة مطلعها :

لغير مصاب السبط دمعك ضائع

ولا انت ذا سلو عن الحزن جازعُ

وقفنا على تمام هذه القصيدة وفي آخرها :

لعلّ ابن حمّاد محمد عبدكم

له في غد خير البرية شافع

١٩٨

أحمد بن الحسين بديع الزمان الهمداني

يا لُمّةً ضرب الزما

ن على معرسّها خيامه

لله درّك من خزا

مى روضة عادت ثغامه

لرزيّة قامت بها

للدين أشراط القيامه

لمضرّجٍ بدم النبو

ة ضارب بيد الإمامه

متقسّم بظبا السيو

مجرّع منها حمامه

منع الورود وماؤه

منه على طرف الثُمامه

نصّب ابن هند رأسه

فوق الورى نصب العلامه

ومقبّل كان النبي

بلثمه يشفي غرامه

قرع ابن هند بالقضيـ

ـب عذابه فرط استضامه

وشدا بنغمته عليـ

ـه وصبّ بالفضلات جامه

والدين أبلج ساطع

والعدل ذوخال وشامه

يا ويح من ولى الكتا

ب قفاه والدنيا أمامه

ليضرسنّ يد الندا

مة حين لا تغني الندامه

وليدركنّ على الغرا

مة سوء عاقبة الغرامه

وحمى أباح بنو أميـ

ـة عن طوائلهم حرامه

حتى اشتفوا من يوم بد

ر واستبدوا بالزعامه

١٩٩

لعنوا أمير المؤمنيـ

ـن بمثل إعلان الإقامه

لِم لا تخرّي يا سما

ء ولم تصبّي يا غمامه

لم لا تزولي يا جبا

ل ولم تشولي يا نعامه

يا لعنة صارت على

أعناقهم طوق الحمامه

إن العمامة لم تكن

للئيم ما تحت العمامه

من سبط هند وابنها

دون البتول ولا كرامه

يا عين جودي للبقيـ

ـع وزرّعي بدم رغامه

جودي بمذخور الدمو

ع وأرسلي بدداً نظامه

جودي بمشهد كربلا

ء فوفري مني ذمامه

جودي بمكنون الدمو

ع أجد بما جاد ابن مامه (١)

__________________

١ ـ أعيان الشيعة ج ٨ ص ٣٣١.

٢٠٠