الإعجاز القرآني في ضوء الإكتشافات العلمي الحديث

مروان وحيد شعبان

الإعجاز القرآني في ضوء الإكتشافات العلمي الحديث

المؤلف:

مروان وحيد شعبان


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
ISBN: 9953-85-052-6
الصفحات: ٤٤٤

(والسراج ، الزاهر الذي يزهر بالليل ، والمسرجة التي توضع فيها الفتيلة ، وأسرجت الدابة والشمس ، سراج النهار ، والهدى سراج المؤمنين) (١).

وأما منير ، ففي لسان العرب : (النور ضد الظلمة ، وفي المحكم النور : الضوء أيا كان ، وقيل : هو شعاعه وسطوعه ، والجمع أنوار ونيران ، وقد نار نورا واستنار) (٢).

وفي المصباح المنير : (النور ، الضوء وهو خلاف الظلمة ، والجمع أنوار ، وأنار الصبح إنارة أضاء ونور تنويرا واستنار استنارة كلها لازمة ، ونار الشيء ينور نيارا بالكسر ، وبه سمي أضاء أيضا فهو نير) (٣).

وأما معنى الضياء ، فالضوء : (بالضم ، الضياء وضاءت النار تضوء ضوءا وضوءا ، وأضاءت أيضا وأضاءت غيرها يتعدى) (٤).

من خلال هذا العرض يمكن لنا استخلاص معطيات الآيات القرآنية كما يلي :

أولا : تبين لنا أن الشمس قد وصفت بأنها «سراج ومضيء» والقمر دائما يوصف بأنه منير.

ثانيا : من المعلوم أن السراج تتقد فيه الحرارة المتوهجة فيرسل معها ضياء حراريا ، وهذا هو شأن الشمس ، أما الإنارة ، فهي التي تملأ الحيز نورا وضياء دونما حرارة ، وهذا هو شأن القمر ، فالقرآن إذا عرض الشمس وصفها بأنها سراج مضيء ، لأن حرارتها تنبعث من داخلها ، وإذا عرض القمر وصفه بأنه منير لأن إنارته وضياءه مستمد من الشمس لا من ذاته ، لأن القمر جرم قد برد مع مرور الزمن بعد تكوينه من الغبار ، كما سيؤكّده لنا علماء الفلك.

الحقائق العلمية :

هذا البيان القرآني المعجز ، الذي وصف به حقيقة كلّ من الشمس والقمر ،

__________________

(١) كتاب العين ، الخليل بن أحمد الفراهيدي ، تحقيق ، مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي ، بيروت ، دار الهلال ، د. ت ، ٦ / ٥٣.

(٢) لسان العرب ، لابن منظور ، ٥ / ٢٤١ ، وانظر : القاموس المحيط ، للفيروزآبادي ، ١ / ٦٢٨.

(٣) المصباح المنير ، أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي ، بيروت ، المكتبة العلمية ، د. ت ، ٢ / ٦٢٩.

(٤) مختار الصحاح ، أبو بكر الرازي ، ١ / ١٤٤.

٢٢١

والخصائص والسمات التي ينطوي عليها كلّ منهما ، قد كشف عنه العلم مؤخرا بعد إثبات القرآن له ، وتحدث العلماء عن مصدر الطاقة الشمسية وعن التفاعلات النووية التي تحدث في داخلها وعن النتائج التي تفرزها تلك التفاعلات.

ففي الوقت الذي جاء فيه «أنيشتاين» بنظريته (النسبية الخاصة ، التي أثبت فيها تحول الكتلة إلى طاقة ، فتحت أمام العلماء آفاقا جديدة أطلوا منها على الشمس ، وبدراسة الشمس توصلوا إلى أن مصدر حرارة الشمس ونورها هو حدوث تفاعلات نووية داخل جرم الشمس ، تؤدي إلى دمج أربع نويات من الهيدروجين ، أي أربع (بروتونات) مكونة نواة واحدة من غاز (الهيليوم) ، وبما أن كتلة نواة غاز (الهيليوم) هي أصغر من الكتلة التي ألفتها نويات غاز (الهيدروجين) الأربعة بمقدار ٠٠٧ ، ٠ فإن هذه الكتلة الفائضة ، تتحول إلى طاقة من الحرارة والنور ، تطلقها الشمس نحو الفضاء المحيط بها وبمجموعتها الشمسية) (١).

ويحدثنا نفس الكتاب «الشمس» عن توهج الشمس ولهيبها : (... وسطح الشمس دائم الاضطراب والصخب ، إنما يلاحظ أن ذلك الاضطراب يزداد ويشتد خلال فترة الهياج الشمسي ، ومن أهم مظاهر الاضطراب الشديد اندفاع ألسنة من اللهب ، قاعدة كل منها تزيد مساحته على عدة ملايين الكيلومترات المربعة ، وتبلغ تلك الألسنة ارتفاعات كبيرة ، إذ يتجاوز بعضها مسافة ٣٥٠ ألف كم كما أن اندفاعها يكون خاطفا ... وقد تنطلق تلك الألسنة على شكل فوّارات عمودية من اللهب بينما يتخذ بعضها شكل أقواس نارية ، وتكون بعض الأقواس من الطول والضخامة إلى درجة تنعطف معها باتجاه سطح الشمس حيث تتصل به مؤلفة قنطرة مهيبة ... ومن مظاهر الهياج الشمسي الشواظ الشمسي ، والذي يبدو على شكل كتل غازية مضيئة ، تلاحظ في الطبقة التاجيّة من الشمس وقد قذفت بعيدا عنها إلى مسافة تزيد أحيانا على ٥٠٠ ألف كيلومتر ، ليتبدد بعضها في الفضاء ، بينما يرتد بعضها الآخر إلى سطح الشمس على شكل همرات (٢) ، أو كتل من الوهج) (٣).

__________________

(١) الشمس ، إبراهيم حلمي غوري ، ص : ٢٧ ، وانظر : دليل فيليب للنجوم والكواكب ، باتريك مور ، ترجمة ، عبد القوي عياد ، الرياض ، النشر العلمي والمطابع ، الطبعة الأولى ، ١٤٢١ ه‍ / ٢٠٠٠ ، ص : ٦٢.

(٢) همرات : نوع من أنواع النشاط الشمسي.

(٣) الشمس ، إبراهيم حلمي غوري ، ص : ٣٢ ـ ٣٣.

٢٢٢

صورة للشمس تظهر التفاعلات النووية ، وألسنة اللهب تنطلق منها.

وألسنة اللهب هذه تعتبر (من أبرز المظاهر الشمسية ، وهي كتل غازية متوهجة يمكن رصدها بسهولة عند حافة الشمس ، وتوجد منها أصناف عديدة ، فمنها ألسنة اللهب الهادئة حيث تهبط الغازات ببطء على امتداد خطوط المجال المغناطيسي ، وألسنة اللهب الأنشوطية ، ومنها الألسنة المتفجرة وهي الأقل شيوعا وفيها يقذف الغاز بعنف بعيدا عن الشمس ، أما الوميض الشمسي فهو من أعنف مظاهر النشاط الشمسي ، وهي تظهر كومضات لامعة تمكث من ثانية وحتى ما يقارب الساعة ، وهي تنتج من التحرر المفاجئ لقدر كبير من الطاقة كان مختزنا في المجال المغناطيسي) (١).

__________________

(١) علم الفلك العام ، مرفت السيد عوض ومصطفى كمال محمود ، ص ٢١٠ ، وانظر : علم الفلك ، عبد السلام غيث ، عمان ، جامعة اليرموك ، ١٩٩٢ ، ص : ٩٦.

٢٢٣

ولقد مكّنت الدراسات النظرية المعتمدة على (تجارب مختبرات الفيزياء النووية ، من معرفة التفاعلات التي تتم في داخل الشمس وما ينجم من طاقة متولدة عن تلك التفاعلات : تفاعلات الاندماج (الهيدروجينية) وانتقال تلك الطاقة إلى السطح ، وإشعاعها بعد ذلك في الفضاء ... وسطح الشمس في حالة نشاط مستمر ، إذ تكثر العواصف الشمسية ، والبقع الشمسية ، و (الفوتونات) ، وألسنة اللهب والخيوط المنبثقة من السطح) (١).

كما يلاحظ (بالقرب من أطراف قرص الشمس مناطق فاتحة اللون «مشاعل» وتمثل هذه الظاهرة مناطق الغازات الشديدة التسخن ، والمرتفعة إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي للشمس وتظهر هذه الظاهرة في أغلب الأحيان عند ما تحتل البقع الشمسية أطراف القرص الشمسي ، عندها نشاهد المشاعل محيطة بالقرص ، وهي لهيب وألسنة نارية متوهجة) (٢).

وأما القمر فهو : (ثاني الأجرام سطوعا بعد الشمس ، ولكنه لا ينبعث منه ضوء من تلقاء نفسه لأنه ليس ملتهبا متوهجا توهجا ذاتيا كالشمس ، ولكنه بارد ينير كالمرآة يعكس جزءا من ضوء الشمس الساقط عليه) (٣).

ولقد ثبت للعلماء أن القمر : (يعكس الضوء كالمرايا ، ذلك الضوء الذي يأتيه من الشمس والقمر ليس جسما ملتهبا كالشمس كي يكون مضيئا بنفسه ، فقد نزل عليه رواد الفضاء من الأمريكيين وأثبتوا أنه جسم صخري قليل الصلابة ، وتتميز صخور القمر باللون الرمادي الغامق الداكن ، وتشبه في ذلك لدرجة كبيرة لون الصخور الأرضية ، أما تربته التي تعكس ضوء الشمس فتتخذ درجات الأسود الغامق ... والدراسات كلها تؤكد أن قشرة القمر أسمك كثيرا من قشرة الأرض ، بل يحتمل أن يكون القمر صلبا في

__________________

(١) المنظومة الشمسية ، علي موسى ومخلص الريس ، دمشق ، دار دمشق ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٣ ه‍ / ١٩٨٣ ، ص : ٤٧ ، وانظر : مبادئ الطاقة الشمسية وتطبيقاتها ، سهيل فاضل وإلياس الكبة ، بيروت ، دار الحداثة ، الطبعة الثالثة ، ١٩٨٧ ، ص : ٣٢.

(٢) الجغرافية الفلكية ، أمين طربوش ، دمشق ، دار الفكر ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٦ ه‍ / ١٩٨٦ ، ص : ٣١٤.

(٣) المعارف الكونية ، إعداد نخبة من العلماء ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، ١٤١٨ ه‍ / ١٩٩٨ ، ص : ١٦٢.

٢٢٤

جميع طبقاته حتى المركز ، على اعتبار أنه برد إلى درجة عظيمة بمعدل أسرع مما بردت به أرضنا نظرا لصغر كتلته ، فما معنى هذا كله؟ ... هذا معناه وجود الأدلة المادية من صخور القمر قد حللها العلماء بالفعل على الأرض ، بما يؤكد أنه صخري وليس نارا ملتهبة مثل الشمس وينبني على ذلك أن القمر ليس مصدرا للضوء مثل الشمس وإنما هو عاكس فقط له) (١).

الإعجاز :

سبحان الله ، هذا ما وصل إليه علماء عصرنا بعد أكثر من أربعة عشر قرنا ، غير أن الحق سبحانه وتعالى قد سجل هذه الحقيقة العلمية في كتابه العظيم ، لقد قرر القرآن منذ نزوله على النبي الأمي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن الشمس جسم ملتهب ، وكرة نارية تصدر عنها الحرارة والضوء ، بخلاف القمر الذي يستمد نوره من ضوء الشمس ، قال الله تبارك وتعالى : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً) (٢) ، وقال سبحانه : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) (٣) ، وقال سبحانه : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) (٤).

فما ينبغي لذي عقل منصف أن يقول : هناك تعارض بين العلم والدين ، أو أن يقول :الدين أفيون الشعوب أو سبب تخلفها ، لأن القرآن الذي حفظه الله تعالى ، حقائقه وقوانينه الكونية تخرج هي وحقائق العلم من مصدر ومشكاة واحدة ألا وهي علم العليم جل جلاله.

__________________

(١) المنهج الإيماني للدراسات الكونية ، عبد العليم خضر ، ص : ١٥٤.

(٢) سورة الفرقان ، الآية : ٦١.

(٣) سورة نوح ، الآية : ١٦.

(٤) سورة يونس ، الآية : ٥.

٢٢٥

المبحث الثالث

تعدد الشموس والأقمار

قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (١).

تشير هذه الآية الكريمة من خلال قوله تعالى : (خَلَقَهُنَ) إلى تعدد الشموس والأقمار في هذا الكون ، فالحق سبحانه وتعالى أتى بضمير الجمع المؤنث بدلا من ضمير المثنى ، وكان مساق الآية يقتضي حسب قواعد اللغة أن يقول : (خلقهما) إشارة إلى شمسنا وقمرنا ، لكنه عدل عن المثنى إلى الجمع ليسطّر معجزة قرآنية كونية هنا ، وهي أن الله سبحانه وتعالى خلق شموسا وأقمارا كثيرة وهذا ما أثبته العلم وقرره الحق.

وبإلقاء نظرة دقيقة في تفاسير العلماء رحمهم‌الله تعالى ، يتبين لنا إدراكهم لبعد هذه الإشارة القرآنية المعجزة.

يعلق الإمام الطبري على الآية فيقول : (يقول تعالى ذكره : ومن حجج الله تعالى على خلقه ودلالته على وحدانيته ، وعظيم سلطانه ، اختلاف الليل والنهار ، ومعاقبة كلّ واحد منهما صاحبه والشمس والقمر ، لا الشمس تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلّ في فلك يسبحون ، لا تسجدوا أيها الناس للشمس ولا للقمر ، فإنهما وإن جريا في الفلك بمنافعكم ، فإنما يجريان به لكم بإجراء الله إياهما لكم طائعين له في جريهما ومسيرهما ، لا بأنهما يقدران بأنفسهما على سير وجري دون إجراء الله إياهما وتسييرهما ، أو يستطيعان لكم نفعا أو ضرّا وإنما الله مسخرهما لكم لمنافعكم ومصالحكم ، فله فاسجدوا ، وإياه فاعبدوا دونها ، فإنه إن شاء طمس ضوءهما ، فترككم حيارى في ظلمة لا تهتدون سبيلا ، ولا تبصرون شيئا ... وقيل : واسجدوا لله الّذي

__________________

(١) سورة فصلت ، الآية : ٣٧.

٢٢٦

خلقهنّ ، فجمع بالهاء والنون ، لأن المراد من الكلام ، واسجدوا لله الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، وذلك جمع ، وأنث كنايتهن) (١).

وعند القرطبي : (قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ) علاماته الدالة على وحدانيته وقدرته (اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) وقد مضى في غير موضع ، ثم نهى عن السجود لهما ، لأنهما وإن كانا خلقين فليس ذلك لفضيلة لهما في أنفسهما فيستحقان بها العبادة مع الله ، لأن خالقهما هو الله ولو شاء لأعدمهما أو طمس نورهما : (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) وصورهنّ وسخرهنّ ، فالكناية ترجع إلى الشمس والقمر والليل والنهار ، وقيل : للشمس والقمر خاصة ، لأن الاثنين جمع ، وقيل : الضمير عائد على معنى الآيات (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وإنما أنث على جمع التكثير ، ولم يجر على طريق التغليب للمذكر والمؤنث لأنه فيما لا يعقل) (٢).

وفي تفسير الرازي : (ولما بيّن أن الشمس والقمر محدثان ، وهما دليلان على وجود الإله القادر قال : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ) يعني أنهما عبدان دليلان على وجود الإله ، والسجدة عبارة عن نهاية التعظيم فهي لا تليق إلا بمن كان أشرف الموجودات ، فقال : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ) لأنهما عبدان مخلوقان (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ) الخالق القادر الحكيم ، والضمير في قوله : (خَلَقَهُنَ) لليل والنهار والقمر ، لأن حكم جماعة ما لا يعقل حكم الأنثى أو الإناث ، يقال للأقلام بريتها وبريتهن ، ولما قال : (وَمِنْ آياتِهِ) كن في معنى الإناث فقال : (خَلَقَهُنَ) ، وإنما قال : (كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) لأن ناسا كانوا يسجدون للشمس والقمر ، كالصابئين في عبادتهم الكواكب ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لهما السجود لله فنهوا عن هذه الواسطة ، وأمروا أن لا يسجدوا إلا لله الذي خلق الأشياء) (٣).

وفي تفسير «روح المعاني» : (وَمِنْ آياتِهِ) الدالة على شئونه الجليلة جل شأنه تعالى : (اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) في حدوثهما وتعاقبهما وإيلاج كل منهما في الآخر (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) في استنارتهما واختلافهما في قوة النور والعظم والآثار والحركات مثلا ،

__________________

(١) جامع البيان ، للطبري ، ٢٤ / ٧٦ ، وانظر : قبس من نور القرآن ، محمد علي الصابوني ، بيروت ، مؤسسة الريان ، الطبعة الرابعة ، ١٤١٩ ه‍ / ١٩٩٨ ، ١١ / ٢٤٨.

(٢) الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي ، ١٥ / ٣٦٣.

(٣) التفسير الكبير ، للرازي ، ٢٧ / ٥٧٠.

٢٢٧

وقدم ذكر الليل قيل : تنبيها على تقدمه مع كون الظلمة عدما ، وناسب ذكر الشمس بعد النهار لأنها آيته وسبب تنويره ، ولأنها أصل لنور القمر بناء على ما قالوا من أنه مستفاد من ضياء الشمس ، وأما ضياؤها فالمشهور أنه غير طارئ عليها من جرم آخر ، وقيل : هو من العرش ، لأنها من جملة مخلوقاته سبحانه وتعالى المسخرة على وفق إرادته تعالى مثلكم (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) الضمير قيل للأربعة المذكورة ، والمقصود تعليق الفعل بالشمس والقمر ، لكن نظم معهما الليل والنهار إشعارا بأنهما من عداد ما لا يعلم ولا يختار ضرورة أن الليل والنهار كذلك ، ولو ثنى الضمير لم يكن فيه إشعار بذلك) (١).

وفي «أنوار التنزيل» : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ) لأنهما مخلوقان مأموران مثلكم (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) الضمير للأربعة المذكورة والمقصود تعليق الفعل بهما إشعارا بأنهما من عداد ما لا يعلم ولا يختار ، (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فإن السجود أخص العبادات وهو موضع السجود عندنا لاقتران الأمر به) (٢).

رأينا كيف أن المفسرين رحمهم‌الله تعالى ، حاولوا أن يعيدوا الضمير (خَلَقَهُنَ) للأربعة «الليل والنهار والشمس والقمر» ، والحق أن الضمير في (خَلَقَهُنَ) يرجع للشمس والقمر فقط ، لأن المشركين كانوا يعبدون من جملة ما يعبدون الشمس والقمر ، ولذلك وبخهم الحق في كثير من الآيات ونهاهم أن يعبدوهما ، ولم يرد قط أن المشركين عبدوا طبيعة الليل أو طبيعة النهار؟.

وعلى هذا فإن الجمع هنا (خَلَقَهُنَ) جاء آية معجزة كشف عنها علماء عصرنا ، عند ما تحقّقوا بالدليل العملي والمرئي أن في كوننا ملايين من الشموس ، والكثير من الأقمار.

الحقائق العلميّة :

أما عن تعدّد النجوم فقد وجد العلماء أن : (النجوم على أنواع مختلفة ، وهي برغم ظهورها للعين نقاطا لامعة في السماء ، إلا أنها شموس مثل شمسنا ، وتظهر هكذا

__________________

(١) روح المعاني ، للآلوسي ، ٢٤ / ١٢٥.

(٢) أنوار التنزيل ، للبيضاوي ، ٥ / ١١٦ ، وانظر : بحر العلوم ، للسمرقندي ، ٣ / ٢٢٤.

٢٢٨

لبعدها عنا ، حيث أن أقرب نجم إلينا يبعد مسافة تزيد على أربع سنوات ضوئية ، وهو نجم (الشعرى) ولبعض النجوم كتلة تقل عن كتلة الشمس ، ولبعضها الآخر كتلة تزيد بمائة ضعف وأكثر على كتلة الشمس) (١).

ثم إن النجوم التي تتكشّف لنا ليلا (تكون جزءا من مجموعات نجمية هائلة ، وبطبيعة الحال فإن الشمس هي أقرب النجوم إلى الأرض ، وإن كان ضوؤها يستغرق حوالي ٨ ، ٥ دقائق ليصل إلينا وفيما عدا النجوم القريبة من الشمس ، وهي التي تكون مضيئة ، ويمكن رؤيتها بوضوح بالعين المجردة فهناك نجوم أخرى تبعد عنا مسافات بالغة ، لدرجة أننا نشاهدها على هيئة سحب ضوئية تختلف شدتها ، ويمكن للراصد في ليلة صافية أن يرى حوالي ٢٧٥٠ نجم في الكرة السماوية بالعين المجردة كما أن هناك العديد من النجوم التي لا نستطيع رؤيتها بسبب ما يفصل بيننا وبينها من السحب الغازية) (٢).

ولقد اتضح أن شمسنا إحدى (نجوم مجرة تدعى (سكة التبانة) وهي عبارة عن تجمع نجمي هائل يحتوي على ١٣٠ بليون نجم (شمس) وأن الكون يحتوي على أكثر من ٢ بليون مجرة ، أي أن عدد النجوم في الكون أكثر من مائة بليون بليون نجم (شمس) ، وأن هذه النجوم تتعدّد أنواعها حسب قوة إضاءتها ودرجة حرارتها وكتلتها ، إلى أنواع تتدرّج تنازليا في هذه الصفات إلى النوع الأزرق ـ الأبيض المزرق ـ الأبيض ـ الأبيض المصفر ـ الأصفر ـ الأصفر البرتقالي ـ الأحمر ، وأن شمسنا من النوع الأصفر فهي نجم متوسط ، وهناك نجوم أخرى عملاقة تدعى العمالقة الحمراء ، ونجوم أخرى أقزام تدعى الأقزام البيضاء) (٣).

وأما عن تعدد الأقمار فقد ثبت وتحقق وجود الكثير من الأقمار (وأغلب كواكب المجموعة الشمسية لها توابع تدور حولها ، كما يتبع القمر الأرض ويدور حولها ، فالتوابع كالكواكب أجسام باردة غير ملتهبة ولكن تصغرها حجما ، وترتبط معها برباط

__________________

(١) خلق الكون ، محمد باسل الطائي ، بيروت ، دار النفائس ، الطبعة الأولى ، ١٤١٨ ه‍ / ١٩٩٨ ، ص : ٦٢.

(٢) الميكروكمبيوتر وعلم الفلك ، محمد رشاد الدين مصطفى ، بيروت ، دار الراتب ، د. ت ، ص : ٢٢.

(٣) الكون والإعجاز العلمي في القرآن ، منصور حسب النبي ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، الطبعة الثانية ، ١٩٩١ ، ص : ١٥٧.

٢٢٩

الجاذبية فتدور حولها ، فهي أقمارها ولكن ليست كل كواكب المجموعة الشمسية في مثل قناعة الأرض تكتفي بجذب تابع واحد وهو القمر ، فكثير من الكواكب الأخرى لها أكثر من تابع ، والمشتري على ضخامته له (١٢) تابعا يدور حوله) (١).

وزيادة لتأكيد القضية والفائدة في آن واحد ، نورد أرقاما وجداول بالأقمار.

وللمريخ (قمران هما «فوبوس وديموس» يدور الأول حوله ثلاث مرات في اليوم الواحد ، أما الثاني فإن دورته بحدود ٣٠ ساعة ، وكلا القمرين صغير جدا إذ يبلغ قطر الأول ١٣ كيلومتر ، وقطر الثاني ٨ كيلومترات فقط) (٢).

(وأقمار المريخ مظلمة جدا ، درجة القدرة على عكس نور الشمس هي ٥ خ وموادها التكوينية يمكن أن تكون مشابهة للمواد الفحمية وكل منها مغطّى بطبقة سطحية من المواد الصخرية المفكّكة بسماكة عدة مليمترات) (٣).

وأما المشتري فعدد أقماره : (ستة عشر قمرا ، تقع ثمانية منها على أبعاد صغيرة من الكوكب لا تتعدى مليون كيلومتر ، بينما تتزايد أبعاد أربعة منها ١٢ مليون كيلومتر ، أما الأربعة الأخرى فتدور على مسافات بين ٢١ ـ ٢٤ مليون كيلومتر في اتجاه عكسي وفي مستويات ذات ميل كبير ، وقد اكتشفت حول المشتري حلقة رقيقة تدور حول الكوكب من حصوات صغيرة الحجم) (٤).

__________________

(١) أعماق الكون ، سعد شعبان ، ص ٧٩ ، وانظر : السماء في الليل ، عبد القادر عابد وعلي عبندة ، عمان ، دار الفرقان ، الطبعة الأولى ١٤٠٥ ه‍ / ١٩٨٥ ، ص : ٢٢.

(٢) خلق الكون ، محمد باسل الطائي ، ص : ٤٩.

(٣) موسوعة غينيس في علم الفلك ، باتريك موور ، ص : ٧١.

(٤) علم الفلك العام ، مرفت السيد عوض ومصطفى كمال محمود ، ص : ١٥٣.

٢٣٠

التسلسل

 القمر

 سنة الاكتشاف

 قطره

 بعده عن المشتري

١ ـ

 ميتس Metis

 ١٩٧٩

٤٩ كلم

٦٠٠ ، ١٧٢ كلم

٢ ـ

 ادراستياAdrastea

 ١٩٧٩

٣٥ كلم

٠٠٠ ، ١٣٤ كلم

٣ ـ

امالثيا Amalthea

 ١٨٩٢

 ١٦٦ كلم

 ٣٠٠ ، ١٨١ كلم

٤ ـ

 ثيبي Thebe

 ١٩٧٩

 ٧٥ كلم

 ٠٠٠ ، ٢٢٢ كلم

٥ ـ

آيوIo

 ١٦١٠

 ٣٦٣٢ كلم

 ٦٠٠ ، ٤٢١ كلم

٦ ـ

أوروباEuropa

 ١٦١٠

 ٣١٢٦ كلم

 ٩٠٠ ، ٦٧٠ كلم

٧ ـ

غانيميدGanymede

 ١٦١٠

 ٥٢٧٦ كلم

 ١ ، ١ مليون كلم

٨ ـ

كاليستوCallisto

 ١٦١٠

 ٤٨٢٠ كلم

٩ ، ١ مليون كلم

٩ ـ

ليداLeda

 ١٩٧٤

 ١٦ كلم

 ١ ، ١١ مليون كلم

١٠ ـ

هيمالياHimalia

 ١٩٠٤

 ١٨٦ كلم

 ٥ ، ١١ مليون كلم

١١ ـ

لايسثياLysithea

 ١٩٣٨

١٩ كلم

٧ ، ١١ مليون كلم

١٢ ـ

إلاراElara

 ١٩٠٥

٨٠ كلم

٧ ، ١١ مليون كلم

١٣ ـ

أنانكي Ananke

 ١٩٥١

 ٣٠ كلم

٧ ، ٢٠ مليون كلم

١٤ ـ

كارمي Carme

 ١٩٣٨

 ٤٠ كلم

 ٤ ، ٢٢ مليون كلم

١٥ ـ

باسيفاي Pasiphae

 ١٩٠٨

 ٥٠ كلم

 ٣ ، ٢٣ مليون كلم

١٦ ـ

سينوب Sinope

 ١٩١٤

 ٣٦ كلم

 ٧ ، ٢٣ مليون كلم

جدول رقم : (١) ، يبين سنة اكتشاف القمر وقطره وبعده عن المشتري (١).

أقمار زحل وحلقاته : (ويدور حول زحل ١٨ قمرا و ٧ حلقات ترى منها على الأرض ٣ حلقات ، وأكبر أقمار زحل هو القمر «تيتان» وهو ثاني أقمار المجموعة الشمسية بعد «جانيمن» ، ثم يلي تيتان في الكتلة ٨ أقمار متوسطة ، والباقية أقمار صغيرة أشكالها غير

__________________

(١) المصدر نفسه ، ص : ١٥٣.

٢٣١

منتظمة ، وأبعد أقمار زحل يسمى «فوب» يبعد تقريبا ٤ أمثال بقية الأقمار ويتحرك حركة تقهقرية) (١).

التسلسل

 القمر

 سنة الاكتشاف

 قطرة

 بعده عن زحل

١ ـ

بان Pan

 ١٩٩٠

 ٢٠ كلم

 ٥٧٠ ، ١٣٣ كلم

٢ ـ

أطلس Atlas

 ١٩٨٠

 ٣٠ كلم

 ٦٧٠ ، ١٣٧ كلم

٣ ـ

بروميثوس Prometheus

 ١٩٨٠

 ٢٢٠ كلم

 ٣٥٣ ، ١٣٩ كلم

٤ ـ

باندوراPandora

 ١٩٨٠

 ٩٠ كلم

 ٧٠٠ ، ١٤١ كلم

٥ ـ

ابيميثوس Epimetheus

 ١٩٦٦

 ١١٩ كلم

 ٤٢٢ ، ١٥١ كلم

٦ ـ

 جانوس Janus

 ١٩٦٦

 ١٩٠ كلم

 ٤٧٢ ، ١٥١ كلم

٧ ـ

ميماس Mimas

 ١٧٨٩

 ٣٩٠ كلم

 ٦٠٠ ، ١٨٥ كلم

٨ ـ

انسيلادوس Enceladus

 ١٧٨٩

 ٥٠٠ كلم

 ١٠٠ ، ٢٣٨ كلم

٩ ـ

تيثزTethys

 ١٦٨٤

 ١٠٥٠ كلم

 ٣٤٢ ، ٢٩٢ كلم

١٠ ـ

 تيليستوTelesto

 ١٩٨٠

 ٢٢ كلم

 ٧٠٠ ، ٢٩٤ كلم

١١ ـ

 كاليبسوCalypso

 ١٩٨٠

 ٢٥ كلم

 ٦٧٠ ، ٢٩٤ كلم

١٢ ـ

ديون Dione

 ١٦٨٤

 ١١٢٠ كلم

 ٥٠٠ ، ٣٧٧ كلم

١٣ ـ

 هيليني Helene

 ١٩٨٠

 ٣٢ كلم

 ٠٦٠ ، ٣٧٨ كلم

١٤ ـ

 رياRhea

 ١٦٧٢

 ١٥٣٠ كلم

 ٢٠٠ ، ٥٢٧ كلم

١٥ ـ

 تيتان Titan

 ١٦٥٥

 ٥١٥٠ كلم

 ٢ ، ١ مليون كلم

١٦ ـ

هيبريون Hyperion

 ١٨٤٨

 ٢٥٠ كلم

 ٥ ، ١ مليون كلم

١٧ ـ

 يابيتوس Iapetus

 ١٦٧١

 ١٤٦٠ كلم

 ٦ ، ٣ مليون كلم

جدول رقم : (٢) ، يبين سنة اكتشاف القمر وقطره وبعده عن زحل (٢).

__________________

(١) علم الفلك العام ، مرفت السيد عوض ومصطفى كمال محمود ، ص : ١٥٤.

(٢) المصدر نفسه ، ص : ١٥٤.

٢٣٢

(أقمار أورانوس الخمسة عشر) (١).

التسلسل

 القمر

 سنة الاكتشاف

 قطره

 بعده عن أورانوس

١ ـ

كوريديلياCordelia

 ١٩٨٦

 ٤٠ كلم

 ٧٠٠ ، ٤٩ كلم

٢ ـ

اوفيلياOphelia

 ١٩٨٦

 ٥٠ كلم

٨٠٠ ، ٥٣ كلم

٣ ـ

بيانكاBianca

 ١٩٨٦

 ٥٠ كلم

 ٢٠٠ ، ٥٩ كلم

٤ ـ

جولييت Juliet

 ١٩٨٦

 ٦٠ كلم

 ٨٠٠ ، ٦٤ كلم

٥ ـ

ديسديموناDesdemona

 ١٩٨٦

 ٦٠ كلم

 ٧٠٠ ، ٦٢ كلم

٦ ـ

روزالندRosalind

 ١٩٨٦

 ٨٠ كلم

 ٩٠٠ ، ٦٩ كلم

٧ ـ

بورتياPortia

 ١٩٨٦

 ٨٠ كلم

 ١٠٠ ، ٦٦ كلم

٨ ـ

كريسيداCressida

 ١٩٨٦

 ٦٠ كلم

 ٩٠٠ ، ٦٩ كلم

٩ ـ

بيلنداBelinda

 ١٩٨٦

 ٦٠ كلم

٣٠٠ ، ٧٥ كلم

١٠ ـ

بوك Puck

 ١٩٨٥

 ١٧٠ كلم

 ٠٠٠ ، ٨٦ كلم

١١ ـ

ميرانداMiranda

 ١٩٤٨

 ٤٨٠ كلم

 ٢٨٢ ، ١٢٨ كلم

١٢ ـ

آرييل Ariel

 ١٩٥١

 ١١٦٠ كلم

 ٩٠٠ ، ١٩٠ كلم

١٣ ـ

امبريال Umberial

 ١٩٥١

 ١١٩٠ كلم

 ٠٠٠ ، ٢٦٦ كلم

١٤ ـ

تيتانياTitania

 ١٧٨٧

 ١٦١٠ كلم

 ٣٠٠ ، ٤٣٦ كلم

١٥ ـ

أوبيرون Oberon

 ١٧٨٧

 ١٥٥٠ كلم

 ٤٠٠ ، ٥٨٣ كلم

جدول رقم : (٣) ، يبين سنة اكتشاف القمر وقطره وبعده عن أورانوس (٢).

(وهذه حلقات نبتون بالإضافة إلى منبسط ما يسمى في بعض الأحيان الحلقة

__________________

(١) علم الفلك العام ، مرفت السيد عوض ومصطفى كمال محمود ، ص : ١٥٨.

(٢) المصدر نفسه ، ص : ١٥٨.

٢٣٣

«١٩٨٩N ٤» الحلقة التي تقع داخل حلقة (أدامز) تتحرك في المدار نفسه لمدار القمر الصغير «غالاتيا» الذي تم اكتشافه حديثا) (١).

اسم الحلقة

 المسافة من مركز نبتون (كلم)

 العرض

 غال

 ٩٠٠ ، ٤١

 ٥٠

لوفيرييه

 ٢٠٠ ، ٥٣

 ٥٠

المنبسط

 ٢٠٠ ، ٥٣ ـ ١٠٠ ، ٥٩

 ٤٠٠٠

أدامز

 ٩٠٠ ، ٦٢

 ٥٠

جدول رقم : (٤) ، يبين اسم الحلقة ، والمسافة من مركز نبتون ، والعرض (٢).

أقمار نبتون الثمانية

التسلسل

 القمر

 سنة الاكتشاف

 قطره

 بعده عن نبتون

١ ـ

نايادNaiad

 ١٩٨٩

 ٥٠ كلم

 ٠٠٠ ، ٤٨ كلم

٢ ـ

ثالاساThalassa

 ١٩٨٩

 ٩٠ كلم

 ٠٠٠ ، ٥٠ كلم

٣ ـ

دسينياDespina

 ١٩٨٩

 ١٨٠ كلم

 ٥٠٠ ، ٥٢ كلم

٤ ـ

غالاتياGalatea

 ١٩٨٩

 ١٦٠ كلم

 ٠٠٠ ، ٦٢ كلم

٥ ـ

لاريساLarissa

 ١٩٨٩

 ٢٠٠ كلم

 ١٠٠ ، ٧٣ كلم

٦ ـ

بروتيوس Proteus

 ١٩٨٩

 ٤٢٠ كلم

 ٦٠٠ ، ١١٧ كلم

٧ ـ

ترايتون Triton

 ١٨٤٦

 ٢٧٠٠ كلم

 ٧٦٠ ، ٣٥٤ مليون كلم

٨ ـ

نيريدNereid

 ١٩٤٩

 ٣٤٠٠ كلم

 ٥ ، ٥ مليون كلم

جدول رقم : (٥) ، يبين سنة اكتشاف القمر وقطره وبعده عن نبتون (٣).

__________________

(١) موسوعة غينيس في علم الفلك ، باتريك موور ، ص : ١١٦.

(٢) المصدر نفسه ، ص : ١١٦.

(٣) المصدر نفسه ، ص : ١١٦.

٢٣٤

الإعجاز :

تلك هي أقمار المجموعة الشمسية التي يتربع على عرشها نجم الشمس الكبير ، وتطوف حوله تسعة كواكب سيارة ومجموعة أقمار لها ، إضافة إلى آلاف الكويكبات وملايين المذنبات التي تحفها.

ورأينا أن لكل كوكب مداره الخاص ، وفلكه الذي يطوف فيه بدقة ونظام قد حدده خالق الأكوان جل جلاله ف (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (١).

وما تلك النجوم المرصعة في كبد السماء والتي تصل إلى المليارات المليارات ما هي إلا شموس كشمسنا وإن اختلفت في الحجم والإشعاع ، لكن طبيعتها واحدة ، لأنّ خالقها سبحانه تعالى واحد إنها آيات الله في الآفاق وفي الأكوان ، وكلها ناطقة بالوحدانية ، فالجمع في قوله : (خَلَقَهُنَ) جاء ليترجم هذه الحقائق العلمية التي توصل إليها العلماء في تعدد الشموس والأقمار ، ولكنها أسبقية سطّرها القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرنا.

وما حدثنا عنه علم الفلك هو شيء يسير جدا ، ويكاد لا يذكر أمام الكون العظيم المجهول ومهمة الإنسان أن يسير في الأرض معتبرا ، وينظر في السماء دارسا وباحثا عن آيات الله في الآفاق قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) (٢).

__________________

(١) سورة يس ، الآية : ٤٠.

(٢) سورة فصلت ، الآية : ٥٣.

٢٣٥

صورة توضح بعض أقمار الكوكب العملاق المشتري (١)

__________________

(١) أخذت هذه الصورة من موقع :

http // : antwrp. gsfc. nasa. gov / apod / ap ٨١١١٠٠. html

٢٣٦

المبحث الرابع

موت الشمس ونهايتها بين القرآن والعلم

يقول مولانا تبارك وتعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (١).

ويقول سبحانه وتعالى : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (٢).

ويقول جل جلاله : (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) (٣).

كثير ممن أعلنوا التمرد على الإيمان والتوحيد ، وانغمسوا في حمأة الإلحاد ، ظنوا أن الحياة الدنيا هي خلود أبدي ، وأن الذي يمسك بزمام الأحياء إنما هي الطبيعة والدهر ، وراحوا ينسجون تصورات بالية ، وخيالات وهمية حول ذلك ، وكان من جملة هذه المعتقدات أن الشمس لن تموت ، بل إن بعضهم قد جعلها إلها وعبدها!.

وتدور حركة الزمان ، وتتهاوى تلك الخرافات بل وحتى تلك النظريات التي تتحدث على استمرارية الشمس في الحياة إلى اللانهاية ، ويقتنع العلماء ويجمعون ، كما سنرى على أن الشمس أمضت أكثر من نصف عمرها ، وأن نهايتها محتومة ، وانطفاؤها آت لا محالة.

وهناك نصوص قرآنية كثيرة تشير إلى أخطر الأحداث التي ستطرأ على الشمس وعلى الكون بأسره ، إنها النهاية التي سيمتد سلطانها على المكونات جميعا ، حيث ينفرط عقد الشمس المنتظم وتكور الشمس ، وينطفئ لهيبها ، وتخمد وتقع واقعتها ...

إنها نهاية رهيبة عبّر عنها القرآن بالفناء (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) (٤) ، ولسيد قطب رحمه‌الله وصف وتعليق رائع على الآية فيقول : (في ظل هذا النص القرآني تخفت الأنفاس ، وتخشع

__________________

(١) سورة التكوير ، الآية : ١.

(٢) سورة القيامة ، الآية : ٩.

(٣) سورة الرحمن ، الآية : ٣٧.

(٤) سورة الرحمن ، الآية : ٢٦.

٢٣٧

الأصوات وتسكن الجوارح ، وظل الفناء يشمل كل حي ، ويطوي كل حركة ، ويغمر آفاق السموات والأرض ، وجلال الوجه الكريم الباقي يظلل النفوس والجوارح ، والزمان والمكان ، ولا يملك التعبير البشري أن يصور الموقف ، ولا يملك أن يزيد شيئا على النص القرآني الذي يسكب في الجوانح السكون الخاشع ، والجلال الغامر ، والصمت الرهيب ... الصمت الذي يرسم مشهد الفناء الخاوي) (١).

وفي تفسير القرطبي : (قوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) قال ابن عباس : تكويرها ، إدخالها في العرش ، وقال الحسن : ذهاب ضوئها ، وقال سعيد بن جبير : عوّرت ، وأبو عبيدة : كورت مثل تكوير العمامة ، تلف فتمحي ، قلت : وأصل التكوير : الجمع ، مأخوذ من كار العمامة على رأسه يكورها أي لاثها وجمعها ، فهي تكوّر ويمحى ضوؤها ، ثم يرمى بها في البحر ، والله أعلم) (٢).

ويقول الطبري : (اختلف أهل التأويل في قوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) فقال بعضهم : معنى ذلك إذا الشمس ذهب ضوؤها ، فعن أبيّ بن كعب ، قال : ستّ آيات قبل يوم القيامة : بينا الناس في أسواقهم ، إذ ذهب ضوء الشمس ، فبينما هم كذلك ، إذ تناثرت النجوم ، فبينما هم كذلك ، إذ وقعت الجبال على وجه الأرض ، فتحرّكت واضطربت واحترقت ، وفزعت الجنّ إلى الإنس ، والإنس إلى الجنّ ، واختلطت الدوابّ والطير والوحش ، وماجوا بعضهم في بعض ، و (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) ، اختلطت و (وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ) ، قال : أهملها أهلها : و (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) ، قال : قالت الجنّ للإنس : نحن نأتيكم بالخبر قال : فانطلقوا إلى البحار ، فإذا هي نار تأجّج قال : فبينما هم كذلك إذ تصدّعت الأرض صدعة واحدة ، إلى الأرض السابعة السفلى ، وإلى السماء السابعة العليا قال : فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم ، وعن مجاهد : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) قال : اضمحلت وذهبت ، وعن قتادة ، في قوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) قال : ذهب ضوؤها فلا ضوء لها) (٣).

وكذلك قال ابن كثير : (معنى قوله تعالى : (كُوِّرَتْ) جمع بعضها إلى بعض ، ثم لفت فرمي بها وإذا فعل بها ذلك ذهب ضوؤها) (٤).

__________________

(١) في ظلال القرآن ، سيد قطب ، ٦ / ٣٤٥٤.

(٢) الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي ، ١٩ / ٢٢٧.

(٣) جامع البيان ، للطبري ، ٣٠ / ٦٦.

(٤) تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ، ٨ / ٣٢٨.

٢٣٨

ويعلق الإمام الرازي على النهاية تعليقا جميلا فيقول رحمه‌الله : (ما معنى قوله تعالى : (فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ)؟ نقول : المشهور أنها في الحال تكون حمراء ، يقال : فرس ورد إذا أثبت للفرس الحمرة ، وحجرة وردة أي حمراء اللون ، وقد ذكرنا أن لهيب النار يرتفع في السماء فتذوب فتكون كالصفر الذائب حمراء ، ويحتمل وجها آخر وهو أن يقال : وردة للمرة من الورود ، كالركعة والسجدة والجلسة والقعدة ، من الركوع والسجود والجلوس والقعود ، وحينئذ الضمير في (فَكانَتْ وَرْدَةً) واحدة ، أي الحركة التي بها الانشقاق كانت وردة واحدة ، وتزلزل الكل وخرب دفعة والحركة معلومة بالانشقاق لأن المنشق يتحرك ، ويتزلزل ، وقوله تعالى : (كَالدِّهانِ) فيه وجهان أحدهما : جمع دهن ، وثانيهما : أن الدهان هو الأديم الأحمر ، فإن قيل : الأديم الأحمر مناسب للوردة فيكون معناه كانت السماء كالأديم الأحمر ، ولكن ما المناسبة بين الوردة وبين الدهان؟ نقول : الجواب عنه من وجوه الأول : المراد من الدهان ما هو المراد من قوله تعالى : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) (١) ، وهو عكر الزيت وبينهما مناسبة ، فإن الورد يطلق على الأسد فيقال : أسد ورد ، فليس الورد هو الأحمر القاني ، والثاني : أن التشبيه بالدهن ليس في اللون بل في الذوبان ، والثالث : هو أن الدهن المذاب ينصب انصبابة واحدة ويذوب دفعة ، والحديد والرصاص لا يذوب غاية الذوبان ، فتكون حركة الدهن بعد الذوبان أسرع من حركة غيره ، فكأنه قال : حركتها تكون وردة واحدة كالدهان المصبوبة صبا ، لا كالرصاص الذي يذوب منه ألطفه وينتفع به ويبقي الباقي ، وكذلك الحديد والنحاس ، وجمع الدهان لعظمة السماء وكثرة ما يحصل من ذوبانها لاختلاف أجزائها فإن الكواكب تخالف غيرها) (٢).

إذن ، لا حاجة لمزيد من الآيات التي تصف نهاية الشمس والكون ، ولا لأقوال العلماء والمفسرين التي ملأت آلاف المجلدات وهي تتحدث على مشاهد الخراب والدمار الذي سيلف الكون بأسره ، فإن هذه القضية من مسلّمات الإيمان لدى الإنسان المؤمن ، ويتسنّى لنا الآن أن نصغي إلى نتائج أبحاث العلماء حول نهاية الشمس وموتها.

__________________

(١) سورة المعارج ، الآية : ٨.

(٢) التفسير الكبير ، للرازي ، ٢٩ / ٣٦٨.

٢٣٩

الحقائق العلمية :

أفاض العلماء في الحديث عن نهاية الشمس ، وعن الصورة الرهيبة التي ستنتقل إليها وتتلوّن بها عند أنفاسها الأخيرة ، واعتبروا الشمس : (مثل أي إنسان لها مولد وبداية ، ثم شباب ، ثم شيخوخة ، ثم موت ... إن الشمس تتقلّص بتأثير الجاذبية ، وهكذا تنقلب الطاقة إلى أشعة ، وبناء على ذلك ستصل الطاقة الشمسية إلى نهاية محتومة ، وحسب هذه الحقيقة ستتقلص الشمس ، وبالتالي يتركز حقل الجاذبية في حجم أصغر ، وبالتالي يزداد التركيز أكثر ، ويتسارع التقلص فيزداد إنتاج الطاقة ، ويتناقص رصيد الشمس منها بالتدريج ، حتى تخمد وتتوقف عن التقلص حتى تموت ، بعد أن ينفد مصدر طاقتها ، ولا تجد إشعاعا ترسله إلى ما حولها ... لقد قضت الشمس ٢٥ مليون سنة حتى بلغت حجمها الحالي ، ولا ندري كم ستحتاج من الوقت حتى تبلغ مرحلة العدم ، صحيح أن الطاقة النووية تعطي القدرة للشمس ، وبما أنها معين هائل فإنها تؤخر حدوث الكارثة ، ولكن تبقى الحقيقة المؤلمة وهي أن الشمس ستصل إلى نقطة ختام ، حتى ولو بعد ملايين السنين) (١).

(إن ضوء الشمس في ازدياد بشكل بطيء ، وسيستمر الازدياد دون توقف في المستقبل ، إلى أن ينتهي (الهيدروجين) الموجود في مركزها ، وعند ما تأخذ عملية نشوئها وقعا سريعا ، وسيحدث ذلك بعد خمسة مليارات من السنين ، وهذا يفسّر على أنه بمرور الزمن فإن الشمس تزداد حجما وسرعة إضاءة ثم تنتفخ عند جوانبها ، وتأخذ في البرودة إلى أن تصبح عملاقة حمراء ، وعندها سيكون في مقدور طبقتها الجوية الرقيقة الهائلة ، أن تبتلع كوكب عطارد ثم الزهرة ، ومن الممكن الأرض ، ولكن عند نمو احمرارها ، فإن بروزها يقارب وصوله إلى الأرض ، وعندها سوف لن يكون في إمكان الشمس التهام أكثر من شعبة صخرية ملتهبة ، وبعد ذلك يأتي زمن اختفاء الشمس من المشهد المعلوم ، حيث تنكمش وتصير غير مستقرّة ، وفي النهاية لا يبقى منها إلا أطلالها ، حيث تنكمش مادتها حول مركزها ، وتتحوّل بعد كل ذلك إلى قطعة قزمة بيضاء ، وتكون نجمة الشمس عندها قد ماتت) (٢).

__________________

(١) الزلزال الكوني الأعظم ، عبد العليم عبد الرحمن خضر ، جدة ، الدار السعودية ، الطبعة الأولى ، ١٤١٣ ه‍ / ١٩٩٣ ، ص : ٣٢.

(٢) الأجرام السماوية ، غيدو روجيري ، ترجمة ، عبد اللطيف أبو عرقوب ، طرابلس ، الدار الجماهيرية ، الطبعة الأولى ، ١٩٨٤ ، ص : ٢٣٩.

٢٤٠