هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ٦

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج

هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٦

ثمّ (١) إنّ المتولّي للبيع

______________________________________________________

(١) تقدم في ص (٦١٢) أنّ في بيع الوقف ـ إذا خرب ـ أمورا ، منها : أنّه بعد ثبوت جواز بيعه ، هل يكون المتصدّي للبيع خصوص البطن الموجود ، أو الحاكم أو غيرهما؟

وغرض المصنف قدس‌سره تحقيق هذا الأمر ، وأنّ ولاية البيع تكون للبطن الموجود بضميمة الحاكم الشرعي الذي يتولّى أمر البطون المتأخرة. واحتمل أن يكون المتولّي هو الناظر الذي عيّنه الواقف إن كان ، ثم تأمّل فيه.

ولا بأس بالإشارة إلى الأقوال في المسألة ثم توضيح المتن.

فمنها : التفصيل بين كون الوقف ملكا له تعالى ، فالمتولّي للبيع وشراء البدل هو الحاكم ، وبين كونه ملكا للموقوف عليه فالمتولي هو الموقوف عليه. وبين كونه ملكا للواقف ففيه وجهان. هذا ما ذكره العلامة قدس‌سره في شراء عبد بقيمة العبد الموقوف المقتول (١).

ومنها : أنّ المتولّي هو الحاكم مطلقا ، سواء قلنا بأنّ الملك له تعالى أو للموقوف عليه أو للواقف ، لأنّ الحاكم وليّ الكل. وإن تعذّر الحاكم فالولاية للموقوف عليه. قوّاه فخر الإسلام في الإيضاح (٢).

ومنها : أنّه الناظر الخاص إن كان ، وإن تعذّر فالناظر العام ، وإن تعذّر فالموقوف عليه. استجوده الشهيد قدس‌سره في غاية المراد معلّلا له بقوله : «قضيّة للشرط في النظر ، وعموم حكم الحاكم على البطون ، وأولوية الموقوف عليه» (٣).

ومنها : أنّه الناظر الخاص إن كان ، وإلّا فالحاكم ، اختاره المحقق الثاني قدس‌سره (٤).

وعليه فلا ولاية للموقوف عليهم. وحكى صاحب المقابس مثله عن الفاضل السيوري (٥).

ومنها :. أنّه الناظر الخاص إن كان ، أو الموقوف عليه إن كان منحصرا ، وإلّا فالناظر العام ، وهو صريح الشهيد الثاني قدّس سرّه في المسالك ، ولكنه في الروضة جعل ولاية الموقوف

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٤٤٣ ، السطر ٢ و ٣.

(٢) إيضاح الفوائد ، ج ٢ ، ص ٣٩٦.

(٣) غاية المراد ، ج ٢ ، ص ٤٤٢.

(٤) جامع المقاصد ، ج ٤ ، ص ٩٧ وج ٩ ، ص ٧٩.

(٥) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٦٧.

٦٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه مترتبة على عدم الناظر الخاص (١).

ومنها : أنّه هو الموقوف عليه مطلقا ـ أي سواء أمكن تولّي الحاكم أم لا ـ لأنّ الملك للموقوف عليه ، وحقّ الباقين تابع له ، فإن تعذّر الموقوف عليه لحجر أو شبهه فالمتولي هو الواقف أو بعض المؤمنين حسبة. وهذا ما احتمله فخر المحققين ، وحكى صاحب المقابس عن الفاضل الصيمري اختياره في كتابه الجواهر (٢).

ومنها : أنّ المباشر هو الحاكم برضاء الموقوف عليه ، أو العكس. اختاره المحقق صاحب المقابس ، ووافقه المصنف قدس‌سره في العكس أي كون التولية للبطن الموجود بضميمة الحاكم ، فلا يستقل كلّ منهما بالبيع.

وتوضيحه : أنّ البيع منوط بكون البائع وليّا عليه إما بالملك غير المحجور عنه ، وإمّا بالولاية من قبل الشارع كالأب والجدّ له ، والحاكم الشرعي ، وإمّا من قبل المالك كالمأذون في المعاملة. والكلام في تعيين من له الولاية في الوقف الخاص الذي جاز بيعه للخراب.

وحيث إنّه ملك فعلي للبطن الموجود ، وشأني للمعدوم ، فمقتضى سلطنة المالك على التصرف المشروع في ماله هو ثبوت هذا الحقّ للطبقة الحاضرة ، إن لم يكن في البين حجر لصغر ونحوه من الموانع. ولكن لا يستقلّ البطن المالك بالبيع ، لكون اختصاصه بالعين موقّتا بحياته ، وتعلّق حق المعدومين بالمبيع ، مع أنّ البيع إعطاء الملكية المرسلة للمشتري. فلا بدّ من ضمّ المتولّي على البطون المعدومة المالكة شأنا للموقوفة ، وهو الفقيه الجامع للشرائط المتولّي لأمر الغائب والقاصر والممتنع ، والمعدوم إمّا غائب كما ورد في تعبير العلّامة قدس‌سره (٣) ، وإمّا قاصر ، وإن كان قصوره من باب السالبة بانتفاء الموضوع ، والمناط في ولاية الحاكم حسبة هو منعه عن ضياع حقّ.

فالنتيجة : أنّ المتولّي لتبديل الموقوفة هو البطن الموجود والحاكم ، بحيث يكون نظر كلّ منهما دخيلا في أمر البيع والشراء ، بلا فرق بين تعيين الناظر من قبل الواقف

__________________

(١) مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١٧٠ ، الروضة البهية ، ج ٣ ، ص ٢٥٦.

(٢) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٦٧.

(٣) مختلف الشيعة ، ج ٦ ، ص ٣١٨.

٦٦٢

هو البطن الموجود (١) (*) بضميمة الحاكم القيّم (٢) من قبل سائر البطون.

ويحتمل (٣) أن يكون هذا (٤) إلى الناظر إن كان (٥) ، لأنّه (٦) المنصوب لمعظم الأمور الراجعة إلى الوقف.

______________________________________________________

وعدمه. هذا تقريب مختار المصنف قدس‌سره وسيأتي احتمال كون التولية للناظر إن كان.

(١) لكونه مالكا بالفعل وإن كانت الملكية محدودة بحياته.

(٢) هذا وجه اعتبار ضمّ الحاكم إلى البطن الموجود.

(٣) هذا الاحتمال مختار الشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم قدس‌سرهم كما سبق في الأقوال.

بل قال السيد العلّامة الاشكوري قدس‌سره : «يستظهر الإجماع من كاشف الظلام على تقديم الناظر على غيره. وهو لا يخلو عن وجه» (١).

والوجه في هذا القول هو كون الناظر منصوبا من قبل الواقف لرعاية شؤون الوقف ، وإطلاق النظارة يشمل كلّا من التصرف في نفس العين ـ من إجارة وترميم وصرف المنافع في الجهة المعيّنة ـ ومن تبديلها عند عروض المسوّغ للبيع ، هذا.

(٤) أي : تولية البيع.

(٥) هذا من الشرط المحقّق للموضوع ، إذ بدون نصبه يتعيّن كون المتولّي للبيع هو الموقوف عليه أو الحاكم مستقلا أو منضما ، كما تقدّم في الأقوال.

(٦) أي : لأنّ الناظر منصوب لمعظم شؤون الوقف ، الّتي منها إبقاؤه بنوعه أي ببدله.

__________________

(*) إن كان هو المتولّي ، وإلّا فذلك وظيفة من جعله الواقف متوليا ، إن كان إطلاق كلام الواقف شاملا لكل تصرف له حتى ولاية البيع والتبديل عند طروء المسوّغ. وإن لم يكن شاملا له لا ظهورا ولا صراحة فيرجع إلى الحاكم ، لأنّه مع الشك في ولايته على مثل هذا التصرف يكون المرجع أصالة الفساد ، فلا بدّ من مراجعة الحاكم.

وبالجملة : فالمدار في جواز التصدي للمتولي وعدمه هو ظهور كلام الواقف في تعميم دائرة ولايته وعدمه.

__________________

(١) بغية الطالب ، ج ١ ، ص ١٦١.

٦٦٣

إلّا أن يقال (١) بعدم انصراف وظيفته المجعولة من قبل الواقف إلى (٢) التصرّف في نفس العين (٣).

والظاهر (٤) سقوط نظارته عن بدل الوقف. ويحتمل بقاؤه ، لتعلّق حقّه

______________________________________________________

(١) هذا تضعيف للاحتمال المزبور ، ومحصّله : أنّ سعة دائرة النظارة وضيقها تابعة للجعل وقبول الناظر ، ولا كلام لو قامت قرينة على اختصاصها بالعين ، أو شمولها للبدل. ومحل البحث هو استفادة سعة دائرة النظارة من مجرّد قول الواقف : «جعلتك ناظرا للوقف» وظاهره جعل القيّم على الوقف مع حفظ عنوانه ، لا جعل من يتصدّى إزالة الوقف وإبطاله ، لفرض كون البيع مبطلا له.

وعليه فلا إطلاق في جعله ناظرا ، خصوصا مع كون جواز البيع حكما شرعيّا يثبت للوقف قهرا ، وليس أمره بيد الواقف ليفوّضه إلى الناظر.

(٢) متعلق ب «انصراف» ومقصوده التشكيك في إطلاق حقّ النظارة بالنسبة إلى إعدام موضوع النظارة ببيع وشبهه. وهذا التشكيك أشار إليه في المقابس بقوله : «وأمّا في الوقف الخاص ففي شمول النظارة للبيع والشراء نظر» (١).

(٣) مقصوده قدس‌سره حقّ التصرف في العين ببيعها وتبديلها ، فإنّه مشكوك ، والأصل عدمه. وليس المراد التصرف في شؤون العين كالإيجار والترميم وإيصال العوائد إلى الموقوف عليهم ، لثبوتها للناظر بلا ريب.

(٤) هذا متفرع على ما تقدّم من أنّ ولاية البيع هل تكون للموقوف عليه بضميمة الحاكم ، أم للناظر؟ وحاصله : أنّه بعد بيع الوقف الذي آل إلى الخراب وتبديله بالمماثل أو بغير المماثل ، فهل تسقط نظارة الناظر عن البدل ، لاختصاصها بالأصل؟ أم تبقى ، فيه وجهان ، استظهر المصنف قدس‌سره السقوط ، لأنّ ما أنشأه الواقف هو جعل عين خاصة وقفا ، وجعل ناظر لها ، والمفروض زوال العنوان بالبيع ، ولا دليل على اقتضاء البدلية قيام البدل مقام المبدل في ما كان له من خصوصية.

وعلى هذا فيكون النظر إلى الموقوف عليه والحاكم.

__________________

(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٦٧.

٦٦٤

بالعين الموقوفة ، فيتعلّق ببدلها (١) (*).

ثمّ إنّه لو لم يمكن شراء بدله (٢)

______________________________________________________

(١) يعني : فيتعلّق حقّ الناظر ببدل الموقوفة ، وذلك لأنّ العين ملك للموقوف عليهم ومتعلّق حقّ الناظر ، وكما تصير البدل بالبيع ملكا لهم ، فكذا ينتقل حق النظارة إلى البدل أيضا. كما يقال في نظيره من انتقال حقّ الوصاية إلى البدل لو أتلف الموصى به متلف ، فإنّ أمره بيد الوصي ، ولا يزول حقّه بإعدام العين الموصى بها.

قال المحقق ـ في الجنابة على مماليك أوصى المولى بأحدهم لشخص ـ ما لفظه : «فإن قتلوا لم تبطل ـ أي الوصية ـ وكان للورثة أن يعيّنوا له ـ أي للوصي ـ من شاءوا ، أو يدفعوا قيمته إن صارت إليهم ، وإلّا أخذها ـ أي أخذ الوصي القيمة ـ من الجاني» (١) وعلّله في الجواهر بانتقال حقّ الوصية إلى البدل ، فراجع (٢).

(٢) هذا من جملة الأمور المتعلقة بالثمن ، فكان المناسب التعرض له قبل تحقيق متولّي البيع.

وكيف كان فكلامه قدس‌سره هنا يتضمّن فروعا :

الأوّل : أنّ الوقف الخراب إذا بيع بالنقود الرائجة ، وتعذّر فعلا شراء المماثل ، أو مطلق البدل ، فهل يجوز للمتولي دفع الثمن إلى البطن الموجود ، أم يوضع عند أمين إلى زمان التمكن من تحصيل البدل؟

__________________

(*) فيه : أنّ مجرّد الاحتمال غير كاف في جواز التصدي بعد كون مقتضى الأصل الفساد. والفرق بين المقام والوصية أن حق الوصاية وإن تعلّق بعين مشخّصة ، لكن لا من حيث تشخصها ، بل لكونها مالا للموصي فيتعلّق الحقّ بالبدل أيضا ، لأنّ ضمان المتلف اعتبار بقائه بما هو مال. بخلاف حقّ النظارة ، فإنّه حق في العين بما هي وقف ابتدائي بجعل الواقف ، لا بما هي مال ، فلا وجه لقيام الحق بالبدل إلا إطلاق البدلية الممنوع.

__________________

(١) شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ٢٠١.

(٢) جواهر الكلام ، ج ٢٨ ، ص ٣٤٧ ، ولاحظ المسالك ، ج ٥ ، ص ٣٠٢ و ٣٠٣.

٦٦٥

ولم يكن الثمن ممّا ينتفع به مع بقاء عينه ـ كالنقدين (*) ـ

______________________________________________________

الثاني : أنّ البطن الموجود لو طالب ـ في مدة الانتظار والتفحص عن البدل ـ شراء ما ينتفع به موقّتا بالبيع الخياري ، فهل يجب إجابته؟ أم لا يجب ، بل ينتظر وجود البدل الدائم.

الثالث : أنّ الاتّجار بالثمن جائز إن كان صلاحا لجميع البطون؟ أم يتعيّن شراء عين اخرى تكون وقفا بدلا عن المبيع.

وتوضيح الفرع الأوّل : أنّ الوقف إذا آل إلى الخراب ، فتارة يبدل بعين اخرى ذات منفعة مقصودة ، كما إذا عوّضت الدار الخربة بدار عامرة ينتفع الموقوف عليه بسكناها أو بإيجارها ، وهذا خارج عن محلّ الكلام ، وتقدّم في (ص ٦٤٣) في قوله : «فإن كان مما يمكن أن يبقى وينتفع به البطون ابقي».

واخرى يبدل ـ أي يباع ـ بالنقود من الذهب والفضة المسكوكين ، والأنواط الرائجة. وحيث إن مقصود الواقف تسبيل منفعة العين أعمّ من شخصها ونوعها ، ولا منفعة يعتدّ بها في مثل الذهب والفضة ـ لندرة مثل التزيّن ـ فإن أمكن تبديل الثمن بعين اخرى تعيّن ذلك إبقاء للوقف ، إمّا لكونه أقرب إلى غرض الواقف كما قال به جمع ، وإما لكونه أصلح بحال الموقوف عليهم كما نبّه عليه المصنف قدس‌سره في (ص ٦٤٤).

وإن لم يمكن شراء بدل ، لعدم وجوده فعلا ، ولكن توقّع حصوله بعد مدّة ، وجب وضع الثمن عند أمين ، ولم يجز دفعه إلى البطن الموجود ، ليتصرّف فيه على حدّ تصرفه في نفس الموقوفة ، وذلك لكون الثمن مشتركا بين جميع البطون ، لتعلق حق الطبقات اللاحقة به ، ولا سلطنة للموجودين عليه ، وإنّما كانت سلطنة الانتفاع بالمبدل ، فدفع إليهم للانتفاع به بلا مزاحم ، وكذلك لهم السلطنة على البدل. ولكن المفروض أن الثمن لا منفعة فيه ليثبت سلطنتهم عليه ، ويجب دفعه إليهم لذلك.

__________________

(*) قد يتوهم وقفية نفس النقدين بأن يتّجر بهما ، ويكون الربح للموقوف عليهم.

لكنه فاسد ، لعدم صدق حدّ الوقف ـ وهو كون الموقوف عينا ينتفع بها مع بقائها ـ عليه ، ومن المعلوم أنّ النقدين ليس كذلك ، بل يقعان في صراط الوقف.

٦٦٦

فلا يجوز (١) دفعه (٢) إلى البطن الموجود ، لما (٣) عرفت من كونه (٤) كالمبيع مشتركا بين جميع البطون. وحينئذ (٥) فيوضع عند أمين حتّى يتمكّن (٦) من شراء ما ينتفع به

______________________________________________________

(١) جواب الشرط في «لو لم يكن» وقد تقدم أنّ حرمة دفع الثمن للبطن الموجود منوطة بأمرين :

أحدهما : عدم الانتفاع بنفسه ذهبا أو نوطا.

وثانيهما : رجاء حصول البدل أو الاطمئنان به ، وهذا يستفاد من قوله : «حتى يتمكن من شراء ما ينتفع به» لبعد شموله لمورد اليأس من حصوله.

(٢) تقدم أنّ المراد من الدفع المحرّم هو وقوع الثمن تحت يده في مدّة الانتظار وإمساكه لينتفع به. ووجه عدم الجواز عدم سلطنته عليه.

وليس المراد من الدفع أن يكون الثمن للبطن الموجود خاصة. وذلك لوضوح بطلانه ، لعدم كونه ملكا طلقا له حتى يجوز التصرف فيه كيف ما شاء.

والحاصل : أنّ الغرض حرمة إعطاء الثمن للبطن الموجود لينتفع بعوائده في مدة التفحّص عن المماثل. أما لو لم يتصرف فيه وكان أمينا في حفظه فهو كسائر الأمناء.

(٣) تعليل لعدم جواز الدفع ، وقد أوضحناه آنفا.

(٤) أي : كون الثمن. ولكن الفارق بينه وبين المبيع أنّ المبيع ـ كالدار الموقوفة ـ وإن اشترك البطون فيه ، لكن للبطن الموجود حقّ الانتفاع ، فلا بدّ من تسلّطه على العين ، بخلاف الثمن ، إذ لم يسبّل منفعته ليستحق الانتفاع به والتسلّط عليه.

(٥) أي : وحين عدم جواز دفع الثمن إلى البطن الموجود فيتعيّن على متولّي البيع وضع الثمن عند أمين.

(٦) يعني : أنّ وضع الثمن عند أمين يعمّ صورتين : إحداهما : أن لا يحصل في مدة التفحص عن البدل مماثل للوقف ليشترى سواء وجد بدل موقّت ببيع خياري أم لا.

ثانيتهما : أن يحصل في تلك المدة مماثل موقّت ، كما إذا بيعت الدار الخربة بخمسمائة دينار ، ولم يف هذا الثمن بدار مماثلة تباع بالبيع اللازم ، ولكن وجد من يبيع داره بخمسمائة دينار بخيار إلى سنة مثلا ، فيشتريها المتولّي وينتفع بها البطن الموجود. فإن فسخ البائع ردّ الثمن ويوضع عند الأمين كما كان. وإن أمضى البيع قام البدل مقام المبدل ،

٦٦٧

ولو (١) مع الخيار إلى مدّة.

ولو طلب ذلك (٢) البطن الموجود فلا يبعد وجوب إجابته (٣) ، ولا يعطّل (٤) الثمن حتّى يوجد ما يشترى به من غير خيار (٥).

نعم (٦) لو رضي الموجود بالاتّجار به وكانت المصلحة في التجارة ،

______________________________________________________

فينتفع به الموجودون والمعدومون.

(١) والفرد الآخر هو التمكن من الشراء اللازم لا الخياري ، فيؤخذ الثمن من الأمين حينئذ.

(٢) يعني : ولو طلب البطن الموجود ـ من المتولّي ـ شراء عين مع الخيار لم يبعد وجوب إجابته. وهذا هو الفرع الثاني المتقدم في (ص ٦٦٦). والوجه في وجوب قبول الطلب أنّ الانتفاع بالبدل الموقّت ـ في مدة الخيار ـ حقّ له بالخصوص من غير مزاحم ، فله اشتراء ما ينتفع به بالبيع الخياري. ولو خولف كان تعطيل الثمن تضييعا لحقّ البطن الموجود ، وتفويت منفعة عليه بلا عذر.

فإن فسخ البائع فقد تحقق غرض الواقف من حبس العين ـ الشامل للشخص والنوع ـ وتسبيل الثمرة ، وإن كان موقتا لا دائما. ويعود الثمن كما كان ينتفع به الكلّ.

وإن لم يفسخ كان البيع بالنسبة إلى البطن الموجود لازما. وإذا وصلت النوبة إلى البطن اللّاحق جاز الإبقاء والتبديل ، لأنّ حرمة بيع الوقف مختصة بالوقف الابتدائي ، كما تقدم في (ص ٦٤٧) ولا تسري إلى الأبدال. وعليه فلا يلزم ضرر على البطون المتأخرة لو اشتري بثمن الوقف بدل بالبيع الخياري.

(٣) أي : إجابة طلب البطن الموجود.

(٤) لأنّ تعطيل الثمن عند الأمين تضييع لحقّ الموقوف عليهم.

(٥) أي : بالبيع اللازم ليكون بدلا دائما عن الموقوفة.

(٦) هذا هو الفرع الثالث ممّا يترتب على تعذّر البدل ، وحاصله : أنّه لو وافق البطن الموجود في الاتّجار بثمن الوقف المبيع في مدّة الانتظار ـ إلى أن يتمكن المتولّي من شراء البدل ـ جاز ذلك بشرط كون الاتجار صلاحا للموقوف عليهم ، لأنّ الثمن ـ كالوقف ـ ملك لهم ، ومقتضى قاعدة السلطنة هو الجواز برضاهم ، بشرط رعاية مصلحتهم.

٦٦٨

جاز مع المصلحة (١) إلى أن يوجد البدل (٢). والرّبح تابع (٣) للأصل ، ولا يملكه (٤)

______________________________________________________

وحينئذ فالربح العائد من التجارة هل يكون مختصّا بالبطن الموجود ، كمنفعة الموقوفة قبل بيعها ، أم مشتركا بين جميع الطبقات كنفس الثمن غير المختص بالموجودين؟ وجهان ، اختار المصنف الثاني ، لوجود المقتضي للتعميم ، وفقد المانع عنه.

أمّا وجود المقتضي ، فلأنّ الثمن بدل الموقوفة المشتركة بين البطون ، ومجموع ما اشتري بالثمن وبيع بأزيد منه وقع بإزاء الثمن الذي هو بدل الوقف ، فلا محالة يعمّ جميع الطبقات. كما إذا بيع الوقف الخراب بمائة دينار ، واتّجر المتولي بالثمن ، فاشترى به متاعا فباعه بمأتين ، فإنّ حال المجموع من الثمن والربح ـ أعني المأتين ـ حال نفس الثمن المفروض كونه مائة ، وكان للبطون ، وكذا المتاع المشتري به ، وكذا المائتان اللتان هما بدل المتاع ، لاقتضاء البدلية ثبوت اختصاصات المبدل للبدل ، على ما تقدم تفصيله في (ص ٦٣٦) فيكون وقفا.

وأمّا فقد المانع ، فلأنّ ما يتوهّم كونه مانعا عن الاشتراك هو قياس هذا الربح بفوائد نفس الموقوفة ، بأن يقال : إنّ البطن الموجود لو آجر الدار سنة بمائة دينار كانت الأجرة مختصة به ، ولا حقّ لسائر البطون فيها. وكذا لو أوقف حيوانا على البطون ، فأنتج ، فإنّ النتاج ملك لخصوص الطبقة الحاضرة.

ولكن القياس مع الفارق ، لأنّ الواقف جعل منفعة العين الموقوفة مختصة بكلّ واحد من البطون مدة حياته ، ولا وجه لشركة الجميع فيها. وهذا بخلاف الربح الحاصل بالتجارة بثمن الوقف ، لعدم كون الزيادة منفعة لنفس الموقوفة ، بل لبدلها ، فيجري عليها حكم البدل من كونه ملكا فعليا للموجود وشأنيا للمعدوم. بمقتضى البدلية ، ولا وجه للتبعيض ، بجعل ما يعادل أصل الثمن مشتركا بين الكل ، وما زاد عليه مختصا بالموجودين.

(١) الظاهر زيادة هذه الكلمة ، للاستغناء عنها بقوله : «وكانت المصلحة».

ويحتمل بعيدا أن تكون «المصلحة» قيدا للتجارة بقاء إلى أن يوجد البدل. فالمصلحة في قوله : «وكانت المصلحة» قيد للتجارة حدوثا ، وهنا قيد لها بقاء ، فتدبّر.

(٢) فبمجرد التمكن من تحصيل البدل لا يجوز التجارة وإن كانت مربحة.

(٣) لكونه ربحا للثمن المشترك بين الجميع.

(٤) يعني : ولا يملك الموجودون الربح ملكا طلقا ، كما كانت منفعة نفس العين الموقوفة ملكا طلقا للموجودين.

٦٦٩

الموجودون ، لأنّه (١) جزء من المبيع ، وليس كالنماء الحقيقي (٢).

ثمّ لا فرق في جميع ما ذكرنا (٣) من جواز البيع مع خراب الوقف بين عروض

______________________________________________________

(١) أي : لأن الربح ، توضيحه : أنّ النماء الحقيقي يكون من باب التوالد ، فإنّ الثمرة تتولّد من الشجرة ، بخلاف الربح ، فإنّه أمر اعتباري ، مثلا : إذا اشترى بثمن الوقف ـ الذي هو ماءة دينار ـ عشرين طغارا من التمر ، فإذا فرض ارتفاع قيمة التمر بحيث صارت مالية عشرين طغارا مأتي دينار ، فالربح ـ وهو عشرة طغارات ـ أمر اعتباري محض ، إذ المفروض أنّه جزء المبيع الذي هو بدل الثمن ، وليس غيره ومتولّدا منه. بخلاف الثمرة كما عرفت.

(٢) في كونه ثمرة مسبّلة من قبل الواقف مختصة بمن وجد من البطون. هذا ما يتعلّق بالفروع الثلاثة المترتبة على تعذر شراء بذل الوقف فورا.

(٣) كان موضوع ما تقدّم من جهات البحث في الصورة الاولى ـ إلى هنا ـ هو خراب العين الموقوفة وسقوطها عن المنفعة المعتدّ بها. ويقع البحث في حكم خراب بعض الوقف وبقاء بعضه عامرا قابلا لانتفاع البطن الموجود به ، وله صورتان :

فتارة يكون عمارة النصف فالباقي بحيث يستعدّ البقاء لينتفع به البطن اللاحق.

واخرى يكون بحيث يمكن انتفاع البطن الموجود به خاصة ، ويخرب بعده.

والكلام فعلا في الصورة الأولى ، كما لو انهدم نصف الدار الموقوفة ، وبقي نصفه الآخر عامرا قابلا للسكنى فيه فعلا ، من دون أن يتوقف استيفاء المنفعة ـ المقصودة للواقف ـ منه على صرف ثمن ذلك النصف فيه ، ولا إشكال في جواز بيع الخراب ، وشراء دار اخرى ـ وإن كانت صغيرة ـ لينتفع بها ، تحقيقا لغرض الواقف ، كما كان جواز البيع والتبديل حكم سقوط كلّ الموقوفة عن المنفعة.

ولكن يفترق خراب البعض عن خراب الكلّ بجواز صرف ثمن البعض بأحد نحوين :

الأوّل : صرفه في إعمار ما بقي بإحداث غرفة أخرى أو طابق مستقل بحيث يكون موجبا لتوفير منفعة هذا النصف الباقي. كما إذا كانت أجرته قبل الصرف خمسين دينارا ، وبعده سبعين دينارا ، وكانت منفعة دار صغيرة اخرى ـ لو اشتريت بثمن النصف

٦٧٠

الخراب لكلّه أو بعضه ، فيباع البعض المخروب ويجعل بدله ما يكون وقفا (١).

ولو كان (٢) صرف ثمنه في باقيه (٣) بحيث (٤) يوجب زيادة منفعة [منفعته] جاز (٥) مع رضا الكلّ ،

______________________________________________________

الخراب ، ـ عشرة دنانير ، إذ من المعلوم أنّ غرض الواقف من حبس الدار وتسبيل منفعتها وهي السكنى أو الانتفاع باجرتها يحصل بشراء دار مستقلّة ، وبصرف الثمن في مصلحة النصف الباقي ، مع فرض زيادة المنفعة في الثاني.

نعم يشترط في جواز صرف الثمن في النصف الباقي أمران :

أحدهما : زيادة المنفعة على ما يحصل بشراء بدل للنصف الخراب.

وثانيهما : رضا الموقوف عليهم بهذا النحو من الصرف ، وعدم شراء بدل مستقلّ.

والدليل على اعتبار رضاهم كون ثمن النصف الخراب ملكا لهم ، فلهم التصرف فيه بما يرونه من المصلحة.

النحو الثاني : صرف الثمن في عين أخرى موقوفة على نفس هذه الطبقات بحيث تزداد نفعا. وذلك بشرطين :

أحدهما : كون جهة الوقف في كلتيهما واحدة ، كما إذا كانت تلك دارا لسكنى البطون أو للانتفاع باجرتها. فلو كانت الموقوفة الأخرى دكانا أو خانا أو حمّاما لم يجز صرف ثمن نصف الدار فيها وإن اتّحد المنتفع بكلا الوقفين.

ثانيهما : رضا جميع أفراد البطن الموجود بالصرف المزبور.

(١) كما كان في خراب الكلّ. وما تقدم فيه ـ من عدم حاجة وقفية البدل إلى تجديد صيغة الوقف ، ومن كونه كالمبدل ملكا فعليا للبطن الموجود وشأنيا للمعدوم ، ومن كون المتولّي للبيع هو الطبقة الحاضرة بضميمة الحاكم ، وغير ذلك من الأحكام ـ جار في خراب البعض ، لوحدة المناط.

(٢) هذا إشارة إلى امتياز خراب البعض بجواز صرف الثمن بأحد نحوين ، وعدم تعيّن التبديل بعين أخرى.

(٣) أي : في باقي الوقف ، كما تقدّم آنفا من انهدام نصف الدار ، وبقاء نصفها الآخر.

(٤) هذا إشارة إلى أوّل الشرطين.

(٥) جواب الشرط في «ولو كان» وقوله : «مع رضا الكل» إشارة إلى الشرط

٦٧١

لما عرفت (١) من كون الثمن ملكا للبطون ، فلهم التصرف فيه على ظنّ المصلحة.

ومنه (٢) يعلم جواز صرفه في وقف آخر عليهم على (٣) نحو هذا الوقف ، فيجوز صرف ثمن ملك مخروب في تعمير وقف آخر عليهم (٤).

ولو خرب (٥) بعض الوقف ،

______________________________________________________

الثاني. والمراد من الكلّ الحاكم الشرعي الولي على المعدومين ، وكبار البطن الموجود ، فلو كان فيهم صغير كان الحاكم وليّا عليه أيضا.

(١) تعليل لجواز صرف ثمن المبيع في إعمار ما بقي من الوقف بالشرطين المتقدمين ، ومحصله : أنّ الثمن كالمثمن ملك البطون ، فيجوز للبطن الموجود ـ بضميمة الحاكم ـ التصرف فيه بما هو صلاح له وللبطون اللاحقة.

(٢) أي : ومن جواز صرف ثمن البعض ـ المبيع ـ بالشرطين المزبورين يعلم جواز صرف الثمن في مورد آخر ، وهو ما تقدم توضيحه بقولنا : «النحو الثاني : صرف الثمن في عين أخرى ..».

(٣) صفة ل «وقف آخر» وغرضه الإشارة إلى أوّل الشرطين ، وأنّه لا يكفي في جواز صرف الثمن في وقف آخر كون كليهما موقوفين على هذه البطون ، بل لا بدّ من اتحادهما نوعا ، كدارين ، أو خانين ، وهكذا.

ولم يصرّح المصنف بالشرط الثاني ـ وهو رضا الموجودين والحاكم ـ تعويلا على وضوحه ، واستفادته من قوله : «ومنه يعلم».

(٤) أي : كان الموقوف عليه في الوقف الأوّل ـ الذي بيع نصفه الخراب ـ وفي الوقف الثاني واحدا.

(٥) هذا ما أشرنا إليه من الصورة الثانية ، وهي خراب نصف الوقف ، وكون النصف الباقي العامر فعلا ممّا لا يبقى إلى زمان البطن اللّاحق ، كما إذا كان اقتضاء بقاء عمارته عشرين سنة ، وينقرض البطن الموجود في هذه المدة ، فيسقط عن حيّز الانتفاع في زمان انتقاله إلى البطن اللاحق ، فهل يجب فعلا صرف ثمن النصف الخراب في مصلحة النصف العامر وترميمه ، ليستمرّ عمرانه وتتمكن الطبقة المتأخرة من الانتفاع به ،

٦٧٢

وخرج (١) عن الانتفاع ، وبقي بعضه محتاجا إلى عمارة لا يمكن (٢) بدونها انتفاع البطون اللّاحقة ، فهل (٣) يصرف ثمن المخروب (٤) إلى (٥) عمارة الباقي وإن لم يرض (٦) البطن الموجود (٧)؟ وجهان (٨) (*)

______________________________________________________

أم لا يجب هذا الصرف ، فلهم الانتفاع بالنصف العامر ، وتبديل ثمن النصف الخراب بعين اخرى ، ولا يجب حفظ الوقف للبطون اللاحقة لينتفعوا به؟ وجهان ، ولم يرجّح المصنف قدس‌سره هنا أحدهما ، ولكنّه قوّى الثاني في الصورة العاشرة بزيادة قيد ، وهو عدم اشتراط الواقف إصلاح الوقف من منفعته مقدّما على الموقوف عليه. فلو اشترط الواقف ذلك وجه صرف الثمن في مصلحة النصف العامر ليبقى إلى زمان البطن اللّاحق. وهذا في الحقيقة وجه ثالث ، وسيأتي في الصورة العاشرة التعرض له إن شاء الله تعالى.

(١) أي : خرج بعض الوقف ـ بسبب الخراب ـ عن انتفاع البطن الموجود.

(٢) الجملة صفة ل «عمارة» أي : عمارة النصف الباقي تكون رعاية للبطن اللاحق ، وإلّا فانتفاع الموجودين غير متوقف على إعماره.

(٣) الجملة جواب الشرط في قوله : «ولو خرب».

(٤) أي : ثمن البعض المخروب بعد بيعه.

(٥) متعلق ب «يصرف» والمراد بالباقي هو البعض الباقي ، كنصف الموقوفة أو ثلثها أو ربعها.

(٦) أي : لم يرض بهذا الصرف ، بأن أراد تبديل ثمن الخراب بعين اخرى ينتفع بها كما ينتفع بالبعض العامر من الوقف.

(٧) لم يذكر المصنف عدلا لوجوب الصرف ، اتكالا على وضوحه ، والتقدير :

أم لا يصرف بدون رضى البطن الموجود.

(٨) لدوران الأمر بين عدم انتفاع البطن الموجود بالجزء البائر بتبديله بما ينتفع به ، والمفروض أنّ جواز بيع الخراب مبني على كونه ملكا للبطن الموجود فعلا ، وإطلاق

__________________

(١) أوجههما وجوب الصرف ، لعدم اختصاص الثمن بالموجودين ، وعدم انتفاع البطن الموجود بالثمن حينئذ لا ضير فيه بعد أن كان ذلك لاحتياج نفس الموقوف إلى التعمير

٦٧٣

آتيان (١) فيما إذا احتاج إصلاح الوقف ـ بحيث (٢) لا يخرج عن قابليّة انتفاع البطون اللاحقة ـ إلى (٣) صرف منفعته الحاضرة التي يستحقّها البطن الموجود ، إذا لم (٤) يشترط الواقف (*)

______________________________________________________

«الناس مسلّطون على أموالهم» يقتضي جواز صرف الثمن في مصالح نفسه ، ولا ملزم له لصرف الثمن في عمارة ما بقي من الوقف رعاية لحال البطون المتأخرة. وعليه فلا يجب الصرف المزبور.

وبين عدم انتفاع البطن اللاحق بالعين ، مع تعلق غرض الواقف بتسبيل منفعتها للطبقات على السواء. وعليه فيجب على الموجود إعمار الباقي.

(١) قال في الصورة العاشرة : «ولو دار الأمر بين بيعه والإبدال به ، وبين صرف منفعته الحاصلة مدّة من الزمان لتعميره ، ففي ترجيح حقّ البطن الذي يفوته المنفعة ، أو حقّ الواقف وسائر البطون المتأخرة ، المتعلّق بشخص الوقف؟ وجهان ، لا يخلو أوّلهما عن قوّة إذا لم يشترط الواقف إصلاح الوقف من منفعته مقدّما على الموقوف عليه».

(٢) صفة للوقف المحتاج إلى الإصلاح.

(٣) متعلق ب «احتاج» والمراد بالمنفعة الحاضرة ما يعود إلى البطن الموجود بتبديل الثمن بعين اخرى ينتفع بها.

(٤) قيد ل «الوجهين الآتيين» يعني : أنّ مورد احتمال الوجهين في تلك المسألة ـ وهي قسمة عوائد الوقف على الموقوف عليهم بعد إخراج المؤن من منافعه ـ هو عدم اشتراط الواقف. وأما مع شرطه فالمتعيّن صرف فوائد الوقف في مئونته.

__________________

لزوم صرف المنفعة الحاضرة في إصلاح الوقف ، فإنّ حفظ تأبيد الوقف أهمّ من حق البطن الموجود الموجب مراعاته لذهاب حقوق البطون اللاحقة.

(١) يمكن أن يقال : إنّ حقوق البطون متأخرة عمّا يرجع إلى حفظ نفس الوقف ، لأنّ بقاءه بمنزلة الموضوع لحقوقهم ، والبقاء موقوف على صرف مئونة فيه ، فتخرج المئونة أوّلا ، ثمّ تقسّم عوائده على الموقوف عليهم ثانيا.

وعلى هذا فتصرف المنفعة الحاضرة في إصلاح الوقف ، فتأمّل.

٦٧٤

إخراج مئونة الوقف عن منفعته قبل قسمته (١) في الموقوف عليهم.

وهنا فروع أخر (٢) يستخرجها الماهر بعد التأمّل.

______________________________________________________

وهكذا في المقام ، فيجب صرف ثمن بعض الوقف في إعمار بعضه الآخر.

(١) كذا في النسخ ، والأولى «قسمتها» لرجوع الضمير إلى المنفعة.

(٢) منها : أنّه بناء على وجوب شراء المماثل إذا لم يكن الثمن وافيا بشراء مماثل تام ، ودار بين شراء ناقص منه ، وبين شراء تامّ من غيره ، فهل يقدّم المماثل الناقص أم التام من غيره؟

ومنها : أنّه إذا زاد الثمن عن المماثل ، فهل يصرف الزائد في شراء مماثل ناقص ، لعدم وفائه بمماثل تامّ؟ أم في شراء تام غير مماثل.

ومنها : أنّه إذا كان شراء المثل صلاحا للموجودين ، وشراء غيره صلاحا للمعدومين ، فهل يرجّح حق الموجودين أم حق المعدومين؟

ومنها : أنّه إذا كان المثل صلاحا للمعدومين ، ولكن كان صلاحا في الجملة للموجودين ، كما إذا كانت عوائد المثل في جزء من الزمان ـ كسنتين مثلا ـ قليلة ، وفيما بعده تصير كثيرة ، بحيث ينتفع بها الموجودون انتفاعا معتدّا به ، فهل يصرف الثمن في شراء هذا المثل؟ أم يصرف في شراء تامّ غير مماثل.

ومنها : ما إذا كان المماثل بعيدا عن محل الموقوف عليهم مع كون غير المماثل قريبا بمكانهم وأعود بحالهم ، فالمصلحة في كلّ منهما موجودة ، غايته أنّ غير المماثل أنفع وأصلح لهم ، فهل يجب شراؤه أم شراء المماثل؟

إلى غير ذلك من الفروع المتصورة في هذا المقام.

هذا تمام الكلام في اولى صور بيع الوقف.

٦٧٥
٦٧٦

«الفهرست»

بيع نصف الدار................................................................. ٥

حمل «النصف» على النصف المختص بالبائع أو على المشاع بين المالكين............. ٧

الفرق بين النصف وبين مثل «بعت غانما»...................................... ١٣

لو كان البائع وكيلا في بيع النصف............................................. ١٦

لو وهبت المرأة نصف صداقها ـ المعين ـ قبل الطلاق ، استحق الزوج النصف الباقي... ٢٦

الاقرار بالنصف للغير في المال المشترك........................................... ٣٢

اقتضاء القاعدة حمل النصف على المشاع في نصيبه نصيب شريكه.................. ٤٠

لو أقر أحد الأخوين بأخ ثالث دفع إليه الزائد عما يستحقه لا نصف ما بيده....... ٥٢

تحقيق مسألة الاقرار بالنسب.................................................. ٥٦

بيع ما يملك وما لا يملك...................................................... ٦١

صحة البيع فيما يقبل التملك خاصة........................................... ٦٢

دعوى تقييد الحكم بصورة جهل المشتري ودفعها................................. ٦٧

طريق تقسيط الثمن على ما يملك وما لا يملك................................... ٧٥

طريق معرفة قيمة غير المملوك.................................................. ٧٦

٦٧٧

كلام الفاضل النراقي قدس سره في تقويم ما لا يملك بقيمة ما يملك عند المستحل..... ٧٨

ولاية الأب والجد............................................................. ٧٩

ما استدل به على نفوذ تصرفهما في مال الصغير................................. ٨٠

عدم اشتراط ولايتهما بالعدالة.................................................. ٨٢

اشتراط ولايتهما برعاية المصلحة وعدمه......................................... ٨٩

تقوية المصنف كفاية عدم المفسدة............................................ ١٠١

مشاركة الجد وإن علا للأب................................................. ١٠٨

تحقيق جهات البحث في ولاية الأب والجد..................................... ١١٣

فروع ولاية الأب والجد...................................................... ١٢٤

ولاية الفقيه................................................................. ١٢٥

عد مناصب ثلاثة للفقيه ، الافتاء والحكومة وولاية التصرف...................... ١٢٦

ولاية التصرف تتصور بنحوين ، استقلاله بالتصرف وعدم استقلال غيره به........ ١٢٧

مقتضى الأصل العملي عدم ولاية أحد على غيره............................... ١٢٩

ما دل على ولاية النبي والإمام «عليهم الصلاة والسلام» المطلقة.................. ١٣١

ما دل على ولايتهم بمعنى إشتراط تصرف الغير بإذنهم........................... ١٤٠

ما استدل به على ولاية الفقيه بمعنى الاستقلال في التصرف...................... ١٥٢

المناقشة في دلالة الأخبار على المدعى......................................... ١٦٠

النسبة بين ما دل على ولاية الفقيه وما دل على الإذن في فعل المعروف لكل أحد... ١٧٦

حكومة التوقيع على عموم أدلة الاحسان والإعانة.............................. ١٧٨

اقتضاء الأدلة ولاية الفقيه فيما أحرز مشروعية إيجاده........................... ١٨٠

الاستدلال على عموم ولاية الفقيه بمرسلة «السلطان ولي من لا ولي له» والنظر فيه.. ١٨٣

تحقيق مدلول المرسلة........................................................ ١٨٥

ولاية عدول المؤمنين........................................................ ١٩٦

٦٧٨

١ ـ مورد ولاية العدول كل معروف علم من الشارع مطلوبيته...................... ١٩٨

٢ ـ الدليل على جواز تولي العدول............................................ ١٩٧

نقل كلام الشهيد في ما يتعلق بولاية العدول.................................... ١٩٩

٣ ـ اشتراط العدالة في ولاية المؤمنين ، وعدمه................................... ٢٠٨

الاستدلال بصحيحة ابن بزيع عل اعتبار العدالة................................ ٢٠٩

دلالة بعض النصوص على كفاية الوثاقة والأمانة................................ ٢١٥

ظهور صحيحة إسماعيل بن سعد في اعتبار العدالة.............................. ٢١٨

مختار المصنف.............................................................. ٢٢٠

عدم إشتراط العدالة في التصدي للمعروف بالنسبة إلى جواز تصديه له............ ٢٢٢

إشتراط العدالة في المتصدي بالنسبة إلى ترتب حكم الغير على الفعل الصحيح...... ٢٢٥

عدم جريان أصل الصحة لو شك في كون تصرف الفاسق إصلاحا لمال اليتيم...... ٢٢٦

التمسك بأصل الصحة فيما لو باع الفاسق وكان الثمن بيده..................... ٢٢٨

٤ ـ تولي المؤمنين تكليف وجوبي أو ندبي ويحرم مزاحمة الغير للمتصدي.............. ٢٣١

لو نقل العدل مال اليتيم بعقد جائز فهل يجوز للآخر فسخه أم لا؟............... ٢٣٣

لو أراد أحدهما البيع جاز للآخر التصرف بما يراه مصلحة........................ ٢٣٤

حكم مزاحمة فقيه لفقيه آخر................................................. ٢٣٤

التفصيل بين الاستناد إلى أدلة النيابة والتعليل في التوقيع......................... ٢٣٥

الفرق بين الأولياء والوكلاء................................................... ٢٤٢

حرمة المزاحمة لاستلزامها اختلال النظام........................................ ٢٤٤

جواز تصدّي مجتهد لمرافعةٍ تصداها غيره ولم يحكم فيها بعدء...................... ٢٤٦

٥ ـ هل يشترط في ولاية العدول ملاحظة غبطة اليتيم أم لا؟..................... ٢٤٦

الاستدلال على اعتبار المصلحة بالآية الناهية عن قرب مال اليتيم................. ٢٤٩

تحقيق مفاد الآية الشريفة في مقامين ثبوتاً وإثباتاً................................ ٢٤٩

المقام الاول : احتمالات أربعة في معنى «القرب»............................... ٢٤٩

احتمالات أربعة في معنى «الأحسن»......................................... ٢٥٢

٦٧٩

المقام الثاني : استظهار كون القرب بمعنى التصرف ، و «الأحسن» التفضيل المطلق.. ٢٥٤

ترجيح كون القرب بمعنى عدم المفسدة بالنصوص................................ ٢٦٠

هل يجب مراعاة الأصلح أم يكتفى بمطلق المصلحة؟............................. ٢٦٧

كلام الشهيد قدس سره في القواعد........................................... ٢٦٨

تحقيق المسألة....................................................... ٢٨٣ ـ ٢٧٤

١ ـ المراد بالمؤمن هو الامامي................................................. ٢٧٤

٢ ـ تمامية ما استدل به على ولاية عدول المؤمنين................................ ٢٧٥

٣ ـ الدليل على اعتبار العدالة في المؤمن المتصدي............................... ٢٧٦

جريان أصالة الصحة لو شك في كون تصرف الفاسق إصلاحاً لمال اليتيم.......... ٢٨٠

٤ ـ هل يجوز لبعض المؤمنين أن يزاحم المؤمن المتولّي أم لا؟....................... ٢٨٠

عدم جواز مزاحمة فقيه لمثله.................................................. ٢٨١

٥ ـ إشتراط تصرف الفقيه وعدول المؤمنين بالمصلحة وعدمه...................... ٢٨٣

نقل العبد المسلم إلى الكافر ، وفيه جهات................................... ٢٨٤

الاولى : استدلال المشهور بوجوهٍ على المنع..................................... ٢٨٦

الأول : الملازمة بين الاستدامة والابتداء..................................... ٢٨٦

الثاني : آية نفي السبيل.................................................. ٢٨٧

الثالث النبوي : «الاسلام يعلو ولا يعلى عليه».............................. ٢٨٨

مناقشة المصنف في مستند المشهور مع الغض عن الاجماع........................ ٢٩٠

الخدشة في التمسك بالنص الوارد في بيع عبد كافر أسلم ومولاه كافر.............. ٢٩٥

المناقشة في التمسك بآية نفي السبيل بوجوه ثلاثة............................... ٢٩٨

كلام صاحب العناوين في تصحيح الاستدلال بالآية وإيراده على صاحب الحدائق.. ٣٠٢

تعارض الآية مع عمومات الصحة ، وتساقطهما................................ ٣٠٣

دعوى حكومة الآية على عمومات الصحة ، والنظر فيها........................ ٣٠٤

اقتضاء الاستصحاب التعليقي صحة تملك الكافر للعبد المسلم في موردين ، وتعميمه للتملك الابتدائي بعدم الفصل ٣٠٧

٦٨٠