هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ٦

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج

هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أيديهم. وأمّا ما كان في أيدي غيرهم فإنّ كسبهم من الأرض حرام عليهم» (١).

وأمّا اختلال أصالة الظهور ـ بمعنى الإعراض عنه وعدم العمل به مع وجوده ـ فوجهه : أنّ الرواية تشتمل على الطّسق الذي هو خلاف الفتوى المعروفة بينهم ، بل ادعي عدم الخلاف في عدم وجوب مال الإمام في الأراضي في حال الغيبة.

والحاصل : أنّ هذه الرواية وإن كان لها ظهور عرفي في اختصاص الإذن بالشيعة ، إلّا أنّ هذا الظهور ليس حجة ، لما مرّ من اشتمالها على الطسق الذي يكون مخالفا للفتوى بعدمه.

وكرواية يونس بن ظبيان أو المعلّى بن خنيس المتضمنة لأنّ «ما سقت أو استقت منها ـ أى من ثمانية أنهار فهو لنا ، وما كان لنا فهو لشيعتنا ، وليس لعدوّنا منه شي‌ء (٢).

وكالمنقولة عن تفسير فرات بن إبراهيم (٣). أمّا يونس بن ظبيان فضعيف ، وأبان بن مصعب البجلي لم يوثق.

وبين ضعيف السند الموجب لعدم جريان أصالة الصدور وعدم الدلالة ، الموجب لعدم جريان أصالة الظهور فيه ، كرواية الحرث بن المغيرة ، قال : «دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فجلست عنده ، فإذا نجيّة قد استأذن عليه ، فأذن له ، فدخل ، فجثى على ركبتيه ، ثم قال : جعلت فداك ، إنّي أريد أن أسألك عن مسألة ، والله ما أريد بها إلّا فكاك رقبتي من النار. فكأنّه رقّ له ، فاستوى جالسا ، فقال له : يا نجيّة سلني ، فلا تسألني اليوم عن شي‌ء إلّا أخبرتك. قال : جعلت فداك! ما تقول في فلان وفلان؟ قال : يا نجيّة! إنّ لنا الخمس في كتاب الله ، ولنا الأنفال ، ولنا صفو الأموال. وهما والله أوّل من ظلمنا حقّنا في كتاب الله ، وأوّل من حمل الناس على رقابنا ، ودماؤنا في أعناقهما إلى يوم القيامة بظلمنا أهل البيت ، وإنّ الناس ليتقلبون في حرام إلى يوم القيامة بظلمنا أهل البيت .. إلى أن قال : اللهم إنّا قد أحللنا ذلك لشيعتنا. قال : ثم اقبل علينا بوجهه ، فقال : يا نجيّة ما على فطرة إبراهيم غيرناه غير شيعتنا» (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٣٨٢ ، الباب ٤ من أبواب الأنفال ، ح ١٢.

(٢) المصدر ، ص ٣٨٤ ، ح ١٧.

(٣) المستدرك ، ج ٧ ، ص ٣٠٢ ، الباب ٤ من أبواب الأنفال ، ح ١.

(٤) تهذيب الأحكام ، ج ٤ ، ص ١٤٥ ، الباب ٣٩ (الزيادات) ح ٢٧ ورواه في الوسائل بإسقاط بعض الجمل في ج ٦ ، ص ٣٨٣ ، الباب ٤ من أبواب الأنفال ، ح ١٤.

٤٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

أمّا ضعف سنده فبجعفر بن محمد بن حكيم ، لما روي في رجال الكشي من «أنه ليس بشي‌ء» (١). فتأمّل.

وأمّا عدم ظهور الدلالة ، فلأنّ قوله عليه‌السلام : «إنّ الناس ليتقلبون في حرام» لم يظهر أنّه لأجل غصب الخمس فقط ، أو لأجله مع صفو المال ، أو لأجلهما مع الأنفال. لكنّه على جميع التقادير ظاهر في حصر الحلّ للشيعة ، لظهور قوله عليه‌السلام : «اللهم إنّا قد أحللنا ذلك لشيعتنا» خصوصا مع قوله عليه‌السلام : «ما على فطرة إبراهيم غيرنا .. إلخ» بعد قوله عليه‌السلام : «إنّ الناس ليتقلّبون في حرام» في اختصاص التحليل بالشيعة ، وهو لا يقبل الإنكار. ومقتضى الحصر حرمة التصرف على غير الشيعة. إلّا أن يكون هناك نص أو أظهر ـ في دلالة الحلّ لغيرهم ـ من هذا الحصر الظاهر في الاختصاص بهم ، فيقدم عليه.

هذا بناء على اعتبار هذه الرواية سندا ، لكن قد عرفت ضعفه ، فلا تصل النوبة إلى اعتبارها ، وتقديم غيرها عليها بالنصوصية أو الأظهرية.

وكرواية الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وفيها : «انّ الله جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفي‌ء ، فقال تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ) .. الى أن قال : فنحن أصحاب الخمس والفي‌ء ، وقد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا» (٢).

وضعف سنده إنّما هو بالحسن بن عبد الرحمن ، حيث إنّه لم يرد فيه توثيق. وأمّا ضعف دلالته فلأنّ مورده الخمس بقرينة الاستشهاد بآية الخمس ، ولا ربط له بما نحن فيه من الأرض الموات بالأصل. فهذه الرواية ضعيفة أيضا سندا ودلالة.

وكصحيحة الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وفيها : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لفاطمة عليها‌السلام : أحلّي نصيبك من الفي‌ء لآباء شيعتنا» (٣).

لكن الموضوع في هذا التحليل ظاهرا هو الفدك ، ولم يكن ذلك مواتا ، بل كان

__________________

(١) راجع ترجمته في معجم رجال الحديث ، ج ٤ ، ص ١٠٩.

(٢) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٣٨٥ ، الباب ٤ من أبواب الأنفال ، ح ١٩.

(٣) المصدر ، ص ٣٨١ ، ح ١٠.

٤٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

معمورا ، فهذه الصحيحة أجنبية عن موضوع بحثنا.

وتحديد الفدك بما يشمل جملة من الموات كما في رواية علي بن أسباط (١) غير مجد ، لضعف سندها بالسياري ، أو لإرسالها ، فلا وجه للاستدلال بها على اختصاص الإذن في إحياء الموات بالأصل بالشيعة.

وكرواية عمر بن يزيد ، قال : «سمعت رجلا من أهل الجبل يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أخذ أرضا مواتا تركها أهلها ، فعمّرها وكرى أنهارها ، وبنى فيها بيوتا ، وغرس فيها نخلا وشجرا. قال : فقال : أبو عبد الله عليه‌السلام : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : من أحيى أرضا من المؤمنين فهي له ، وعليه طسقها يؤدّيه الى الامام في حال الهدنة ، فإذا ظهر القائم فليوطّن نفسه على أن تؤخذ منه» (٢).

فإنّ قوله : «من المؤمنين» يدلّ على اعتبار الإيمان أي الاعتقاد بإمامة الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، فإحياء غير المؤمنين لا أثر له ، هذا.

لكن دلالته على الحصر كما هو المدّعى في حيّز المنع ، فتأمل.

مضافا إلى ما فيه من ضعف سنده ، لاشتراك عمر بين الثقة والمجهول كما تقدّم في (ص ٤٢٠).

ومن : احتمال كون المراد من قوله : «أحيى أرضا» خصوص الأرض التي ورد السؤال عنها ، وهي الأرض التي خربت بعد العمارة ، لا الأرض الموات بالأصالة التي هو مورد البحث.

ومن : اشتمالها على أداء الطّسق ، وهو خلاف الفتوى.

ومن : أنّ جملة «إذا ظهر القائم .. إلخ» مخالف لما دلّت عليه الروايات من أن الأرض متروكة في أيدي الشيعة حال الظهور.

فصار المتحصل : أنّ هذه الطائفة من الروايات لا تدلّ على اختصاص الإذن في إحياء الأرض الموات بالشيعة.

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٣٦٦ ، الباب ١ من أبواب الأنفال ، ح ٥.

(٢) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٣٨٢ ، الباب ٤ من أبواب الأنفال ، ح ١٣.

٤٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا لا تدلّ رواية الكابلي على اختصاص الإذن بالمسلمين ، وهي ما رواه الكابلي عن أبي جعفر عليه‌السلام (١) المتقدمة في المتن (ص ٤١١) فإنّ الكابلي الذي اسمه «وردان» وكنيته «أبو خالد» لا يظهر من ترجمته وثاقته ، فراجع.

ومع الغض عنه لا يدلّ على الاختصاص بالمسلمين ، لعدم المفهوم له حتى لا يجوز لغير المسلم إحياء الموات. ولو احتمل كون موردها الأرض الخراجية لخرجت عن موضوع البحث ، وهو إحياء الموات بالأصالة ، هذا.

وأمّا النبويان المذكوران في المتن ـ المرويّان من غير طريقنا ـ الدالّان على «أنّها منّي للمسلمين» فلا عبرة بهما ، لمنافاتهما لما دلّت عليه الروايات الكثيرة المعتمدة من : أنّ الأنفال بعد الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.

والحاصل : أنّ هذه الطائفة من الروايات لا تدلّ على اختصاص الإذن بالشيعة ، هذا.

وأمّا الطائفة الثانية الدالة على الاذن لمطلق الناس ولو كان كافرا ، فهي روايات :

منها : صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : «سألته عن الشراء من أرض اليهود والنصارى؟ قال : ليس به بأس ، وقد ظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أهل خيبر ، فخارجهم على أن يترك الأرض في أيديهم يعملون بها ويعمّرونها ، فلا أرى بها بأسا لو أنّك اشتريت منها شيئا. وأيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض وعملوها فهم أحقّ بها ، وهي لهم» (٢). فإنّ جواز الشراء من اليهود والنصارى يدلّ على ملكهم للأرض ولو بالإحياء والتعمير ، وهذا يكشف عن الإذن في الإحياء لمطلق الناس وإن كان كافرا.

ومع الغض عن ذلك ، ودعوى إهمال الصدر من جهة سبب تملكهم للأرض ، ففي الكبرى المذكورة ذيلا المتضمنة لكون إحياء كل قوم وإن كانوا كفّارا موجبا للأحقية غنى وكفاية. فإحياء الكافر كإحياء المسلم مقرون بإذن مالك الأرض ، لحرمة التصرف في مال الغير بدون إذنه شرعا وقبحه عقلا. فلا يختصّ الإذن بالمسلم أو خصوص الشيعي.

فليس إحياء الموات كحيازة المباحات ، فإنّ قولهم عليهم‌السلام : «من حاز ملك» ظاهر في

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ١٧ ، ص ٣٢٩ ، الباب ٣ من أبواب إحياء الموات ، ح ٢.

(٢) وسائل الشيعة ، ج ١١ ، ص ١١٨ ، الباب ٧١ من أبواب الجهاد العدو ، ح ٢.

٤٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

السببية التامة لملكية المباحات ، من دون إناطة سببيتها بشي‌ء ، بخلاف إحياء الموات ، فإنّه مشروط بالإذن ، لكون الموات ملكا للإمام عليه‌السلام. بخلاف المباحات ، فإنّها ليست ملكا له عليه‌السلام ، فلا تحتاج سببية الحيازة إلى الإذن.

ومنها : رواية الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام : «قالا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحيى أرضا مواتا فهي له» (١).

ومنها : ما بمضمون هذا الخبر ، فإنّ تشريع الإحياء من مالك الأرض إذن مالكيّ في الإحياء كما تقدّم تقريبه ، وتنظيره بإذن المالك بالدخول في داره.

وبالجملة : لا قصور في دلالة هذه الطائفة على الإذن في الإحياء لمطلق الناس وإن كان كافرا ، والله العالم.

الموضع الرابع : ما تعرض له المصنف بقوله : «وستأتي حكاية إجماع المسلمين على صيرورتها ملكا بالإحياء» وهذا الحكم وإن كان اتفاقيا كما في المتن ، إلّا أنّ الروايات مختلفة ، فإنّ جملة منها ظاهرة في ملكية الأرض المحياة للمحيي ، كقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رواية الفضلاء المتقدمة آنفا ، وغيرها (٢).

وكرواية السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من غرس شجرا أو حفر واديا بديّا لم يسبقه إليه أحد ، أو أحيى أرضا ميتة فهي له ، قضاء من الله ورسوله» (٣).

وكصحيحة محمّد بن مسلم «أيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض وعمروها فهم أحقّ بها ، وهي لهم» (٤).

وكصحيحته الأخرى (٥) المتقدمة في صدر الطائفة الثانية المشتملة على الاشتراء

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ١٧ ، ص ٣٢٧ ، الباب ١ من أبواب إحياء الموات ، ح ٥.

(٢) وسائل الشيعة ، ج ١٧ ، ص ٣٢٧ ، الباب ١ من أبواب إحياء الموات ، ح ٦.

(٣) وسائل الشيعة ، ج ١٧ ، ص ٣٢٨ ، الباب ٢ من أبواب إحياء الموات ، ح ١.

(٤) وسائل الشيعة ، ج ١٧ ، ص ٣٢٦ ، الباب ١ من أبواب إحياء الموات ، ح ٤.

(٥) وسائل الشيعة ، ج ١١ ، ص ١١٨ ، الباب ٧١ من أبواب جهاد العدو ، ح ٢.

٤٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

من أرض اليهود والنصارى. فإنّ ظاهرها اشتراء نفس الأرض ، فلا بدّ أن تكون الأرض ملكا لهم.

وظهور هذه الروايات في ملكية الأرض المحياة لمحييها مما لا يقبل الإنكار.

وجملة أخرى منها ظاهرة في إباحة المحياة للمحيي ، كروايتي الكابلي وعمر بن يزيد المتقدمتين ـ في روايات الطائفة الأولى ـ الدالتين بظهور قوي على عدم الملكية ، وأنّ الإحياء لا يفيد إلّا إباحة التصرف. لكنهما لضعف السند وعدم العمل لا يصلحان للمعارضة.

وكذا خبر مسمع بن عبد الملك المذكور في المتن (ص ٤١٤) المشتمل على قوله عليه‌السلام : «كلّما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون يحلّ لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيديهم» الخبر. وذلك لإعراض المشهور عن هذه الرواية ونظائرها ، فلا يشملها دليل الحجية حتى يقع التعارض بينهما ، أو يمكن الجمع بينهما.

وعلى هذا فلا وجه للجمع ـ بين ما دلّ على كون التصرف بلا عوض ، وما دلّ على كونه مع العوض ـ بما في المتن تارة من حمل الثاني على الاستحقاق الطبيعي الاقتضائي غير المنافي للسقوط الفعلي بإسقاط مستحقه ، إذ منع الاستحقاق الفعلي لا يجدي في الحكم بنفي الملك ، بل يجدي في نفي فعلية وجوب دفع الخراج.

مضافا إلى : أنّه ليس جمعا عرفيا ، ولا ممّا له شاهد.

واخرى : من حمله على حال الحضور. أما في حال الغيبة فيكون التصرف بلا عوض ، ففي عصر الحضور يجب دفع الطسق دون زمان الغيبة.

إذ فيه : أنّ هذا الحمل ينافي ما في روايتي الكابلي وعمر بن يزيد من وجوب أداء الخراج إلى الامام عليه‌السلام كما في رواية الكابلي ، ومن «أن عليه طسقها يؤتى به الى الامام عليه‌السلام في حال الهدنة» كما في رواية عمر بن يزيد. وليس وجوب دفع الطسق مشروطا بمطالبة الإمام عليه‌السلام كما قيل ، بل هو تكليف فعلي غير مشروط بشي‌ء.

والحاصل : أنّ نصوص الإباحة وإن كان ظهورها في الإباحة قويّا جدّا ، إلّا أنّ

٤٢٦

الثاني (١) ما كانت عامرة بالأصالة أي لا من معمّر.

والظاهر أنّها (٢) أيضا للإمام عليه‌السلام وكونها (٣) من الأنفال ، وهو (٤) ظاهر

______________________________________________________

٢ ـ ما كانت عامرة بالأصالة

(١) أي : القسم الثاني من الأقسام الأربعة ـ التي أشار إليها في (ص ٤٠٧) بقوله : «فالأقسام أربعة لا خامس لها» ـ هو الأرض العامرة بالأصل أي : لا من معمّر ، كشواطئ الأنهار وبعض الجبال الملتفّ بالأشجار. وقد تعرض في هذا القسم لجهتين :

إحداهما : كون هذه الأراضي العامرة ملكا للإمام عليه‌السلام.

وثانيتهما : أنّ حيازتها مملّكة للحائز أم لا؟

(٢) أي : أنّ الأرض العامرة بالأصل تكون للإمام عليه‌السلام كالقسم الأوّل ، وهو الموات بالأصل ، وأنّها من الأنفال ، لانطباق عنوان «الأرض التي لا ربّ لها» عليها.

(٣) معطوف على «أنّها» يعني : والظاهر كونها ـ أي الأرض العامرة بالأصالة ـ من الأنفال.

(٤) أي : وكون الأرض العامرة بالأصالة للإمام عليه‌السلام ومن الأنفال هو ظاهر إطلاق قولهم : «وكلّ أرض لم يجر عليها ملك مسلم فهو للإمام عليه‌السلام».

ووجه الإطلاق أنّ الفقهاء لم يقيّدوا مالكية الإمام ـ للأرض التي لم يجر عليها يد مسلم ـ بما إذا كانت مواتا. ومقتضى الإطلاق كون هذه الأرض من الأنفال المختصة بالإمام عليه‌السلام ، سواء أكانت مواتا أم عامرة.

__________________

إعراض المشهور عنها أسقطها عن الحجية. فلا موجب للجمع بينها ، ولا لإجراء أحكام التعارض فيها.

فتلخص من جميع ما ذكرناه في الموضع الرابع من مباحث الموات بالأصالة : أنّ المحيي ولو كان كافرا يملك الأرض المحياة مجانا. هذا تمام الكلإ في القسم الأوّل وهو الموات بالأصالة.

٤٢٧

إطلاق قولهم : «وكلّ أرض لم يجر عليها ملك مسلم فهي للإمام عليه‌السلام» (١).

وعن التذكرة (٢) الإجماع عليه ، وفي غيرها «نفي الخلاف عنه (٣)». لموثّقة (٤) أبان بن عثمان عن إسحاق بن عمّار المحكيّة عن تفسير علي بن إبراهيم عن الصادق عليه‌السلام ، حيث عدّ من الأنفال : «كلّ أرض لا ربّ لها» (١).

ونحوها (٥) المحكي عن تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام (٢).

______________________________________________________

(١) قال المحقق قدس‌سره : «وكذا ـ أي وللإمام عليه‌السلام ـ كل أرض لم يجر عليها يد مسلم» ونحوه كلام العلامة (٣). وقال صاحب الجواهر في شرح العبارة : «بلا خلاف أجده فيه ، بل قيل : إنه طفحت به عباراتهم» ومراده بالقائل هو السيد العاملي المدّعي لعدم الخلاف من أحد ، فراجع (٤).

(٢) حيث قال في عدّ الأنفال : «وكل أرض مملوكة من غير قتال ، وانجلى أهلها عنها .. وهذه كلّها للإمام يتصرف فيها كيف شاء ، عند علمائنا أجمع» (٥).

(٣) أي : عن كون هذه الأرض للإمام عليه‌السلام كما في الرياض ، لقوله في عدّ الأنفال : «أو مطلق الأرض ـ أي لا خصوص الموات ـ التي لم يكن لها أهل معروف .. بلا خلاف في شي‌ء من ذلك أجده» (٦).

(٤) تعليل لكون الأرض العامرة بالأصل للإمام عليه‌السلام ، لإطلاق «الأرض» وعدم اختصاصها بالموات.

(٥) أي ونحو موثقة أبان ما حكي عن تفسير العيّاشي في كون الأراضي العامرة بالأصل والّتي لا ربّ لها للإمام عليه‌السلام ، وأنّها من الأنفال.

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٣٧١ ، الباب ١ من أبواب الأنفال ، ح ٢٠ ، تفسير القمي ، ج ١ ، ص ٢٥٤.

(٢) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٣٧٢ ، الباب ١ من أبواب الأنفال ، ح ٢٨.

(٣) شرائع الإسلام ، ج ٣ ، ص ٢٧٢ ، قواعد الأحكام ، ج ٢ ، ص ٢٧٢.

(٤) جواهر الكلام ، ج ٣٨ ، ص ١٩ ، مفتاح الكرامة ، ج ٧ ، ص ٩.

(٥) تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٤٠٢.

(٦) رياض المسائل ، ج ٥ ، ص ٢٥٤ (ج ١ ، ص ٢٩٧ ، الطبعة الحجرية).

٤٢٨

ولا يخصّص (١) عموم ذلك بخصوص (٢) بعض الأخبار ،

______________________________________________________

وبالجملة : فالمستفاد من عموم هذه الأخبار هو كون الأرض العامرة بالأصل للإمام عليه‌السلام ومن الأنفال ، كالموات بالأصل.

(١) إشارة إلى توهّم ، وهو : أنّ التمسك بعموم ما دلّ على «أنّ الأرض التي لا ربّ لها للإمام» لكون الأرض العامرة بالأصل للإمام عليه‌السلام غير وجيه ، لأنّ العموم المذكور مخصّص بما دلّ على كون الأرض الميتة التي لا ربّ لها للإمام عليه‌السلام. ومقتضى تخصيص الأرض بالميتة عدم كون الأرض المحياة للإمام عليه‌السلام ، وعدم كونها من الأنفال.

والظاهر أنّ المدّعي لهذا التخصيص جمع ، منهم صاحب الجواهر قدس‌سره فقد تعرّض له في كتاب الخمس ، وأشار إليه في إحياء الموات أيضا ، قال ـ بعد نقل عموم الأنفال للموات بالأصل وبالعرض ـ ما لفظه : «لكن الإنصاف أنّه مع ذلك كله لا يخلو من إشكال ، من حيث ظهور كلمات أكثر الأصحاب في اختصاص الأنفال بالموات .. أمّا غير الموات الذي لم يكن لأحد يد عليه ، ومنه ما نحن فيه ـ وهو سيف البحار ـ فلا دلالة في كلامهم على اندراجه في الأنفال ، بل ظاهره العدم» (١).

وقد نقل المصنف قدس‌سره في كتاب الخمس تقييد الأصحاب إطلاق «كلّ أرض لا ربّ لها» بما ورد من «كل أرض ميتة أو خربة باد أهلها» أو «كل أرض ميتة لا ربّ لها» ولم يعترض عليهم ، فراجع (٢).

(٢) متعلق ب «يخصّص» يعني : أنّ إطلاق رواية تفسير القمي ـ من «أن كل أرض ميتة لا ربّ لها للإمام عليه‌السلام» ـ يقيّد بما ورد في مرسلة حماد بن عيسى عن العبد الصالح عليه‌السلام في عدّ الأنفال : «وكل أرض ميتة لا ربّ لها». وعليه فالأرض العامرة بالأصل ليست من الأنفال المختصة بالإمام عليه‌السلام.

__________________

(١) جواهر الكلام ، ج ١٦ ، ص ١٢٠ ، ولاحظ ص ١١٨ أيضا ، وج ٣٨ ، ص ١١.

(٢) كتاب الخمس ، ص ٣٥٣ و ٣٥٤.

٤٢٩

حيث جعل فيها (١) من الأنفال «كلّ أرض ميتة لا ربّ لها» بناء (٢) على ثبوت المفهوم للوصف (٣) المسوق للاحتراز. لأنّ (٤) الظاهر ورود الوصف مورد الغالب (*) ، لأنّ الغالب في الأرض التي لا مالك لها كونها مواتا.

______________________________________________________

(١) أي : في بعض الأخبار.

(٢) هذا مبنى التخصيص المتوهّم ، وحاصله : أنّ «الميتة» ـ التي هي صفة الأرض وقيد احترازي لها ـ يكون مفهومها : أنّ الأرض غير الميتة ـ وهي المحياة ـ ليست للإمام عليه‌السلام.

(٣) وهو لفظ «الميتة» المسوق للاحتراز ، لا للتوضيح الذي لا مفهوم له.

(٤) هذا تعليل لقوله : «ولا يخصص» ودفع للتوهم المزبور ، ومحصله : أنّه يعتبر في مخصّصية الوصف أن لا يكون واردا مورد الغالب ، نظير «حجوركم» في قوله تعالى (وَرَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) فإذا ورد الوصف مورد الغالب فلا مفهوم له.

ولفظ «الميتة» في المقام كلفظ «حجوركم» ورد مورد الغالب ، لأنّ الغالب في الأراضي غير المملوكة هو الموات ، فلا يصلح لتخصيص العمومات المقتضية لكون

__________________

(١) كون غلبة القيد مانعة من احترازيته الموجبة للتقييد ممّا لم ينهض عليه دليل من عقل أو نقل ، ولا بناء من أبناء المحاورة على ذلك ، وإلّا كان اللازم البناء على عدم قيدية الدخول في قوله تعالى (مِنْ نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) مع كون الدخول بالنساء من الوصف الغالبي. وأمّا قيد «حجوركم» فوجه عدم احترازيته دلالة النصّ على عدم قيديته. ولو لا ذلك لقلنا باحترازيته. وليس عدم قيديته لأجل وروده مورد الغالب.

فعلى هذا مقتضى القاعدة تخصيص عموم ما دلّ على «أنّ كلّ أرض لا ربّ لها للإمام عليه‌السلام» بكونها ميتة.

فالنتيجة : أنّ الأرض العامرة بالأصالة ليست من الأنفال ، وليست ملكا له عليه‌السلام ، هذا.

٤٣٠

وهل تملك هذه (١) بالحيازة (٢)؟ وجهان ، من (٣) كونه مال الإمام عليه‌السلام ، ومن (٤) عدم منافاته للتملّك بالحيازة ، كما يملك الأموات بالإحياء مع كونها مال الإمام ، فدخل (٥) في عموم النبوي «من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو أحقّ به (*)» (١).

______________________________________________________

الأرض العامرة ملكا للإمام عليه‌السلام.

فالنتيجة : أنّ كلّا من الأرض العامرة والموات بالأصل ملك الامام عليه‌السلام.

(١) يعني : وهل تملك الأرض العامرة بالأصل ـ التي هي ملك الامام عليه‌السلام ـ بالحيازة التي هي من أسباب الملك أم لا؟ فيه وجهان.

(٢) التعبير بالحيازة ـ دون الإحياء ـ لأجل عدم مورد للإحياء مع عمران الأرض ، فالمقصود مملّكية وضع اليد على الأرض العامرة.

(٣) هذا وجه عدم كون الحيازة مملّكة للأرض العامرة ، وحاصله : عدم الدليل على مملّكية الحيازة لملك الغير المفروض عمرانه.

(٤) هذا وجه مملكية الحيازة للأرض العامرة بالأصل ، وحاصله أوّلا : أنّه لا منافاة ثبوتا بين مملّكية الحيازة وبين كون المحوز ملك الغير ، كما في تملك الأرض الموات بالإحياء مع كونها ملك الامام عليه‌السلام.

وثانيا : أنّه في مقام الإثبات قام عليه الدليل ، وهو عموم النبوي «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحقّ به» بناء على أنّ المراد بالحق هو الملك ، لا مجرد الأولوية وحرمة مزاحمة الغير له.

(٥) هذا مقام الإثبات الذي مرّ آنفا بقولنا : «وثانيا : أنه في مقام الإثبات .. إلخ».

__________________

(*) الظاهر أنّ القسم الثاني من أقسام الأرضين الأربعة ـ وهو العامرة بالأصالة أي لا من معمّر ، بل خلقت عامرة كالشواطي ـ لم يرد بهذا العنوان في النصوص ، كالموات

__________________

(١) عوالي اللئالي ، ج ٣ ، ص ٤٨٠ ، ح ٤ ، وعنه في مستدرك الوسائل ، ج ٧ ، ص ١١٢ ، الباب ١ من كتاب إحياء الموات ، ح ٤ ، سنن البيهقي ، ج ٦ ، ص ١٤٢.

٤٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

بالأصل ، بل تندرج في عناوين أخر ، كالأرض التي لا ربّ لها ، أو : الأرض التي لم يجر عليها ملك مسلم ، ونحو ذلك.

وكيف كان يقع البحث فيه من جهات.

الاولى : أنّ الأرض العامرة بالأصل من الأنفال ، لا من المباحات الأصلية ، فهي كالموات بالأصل في كونها من أموال الإمام عليه‌السلام ، وعدم جواز التصرف فيها إلّا بإذنه عليه‌السلام.

واستدلّ عليه ـ بعد حكاية الإجماع عن التذكرة وعدم الخلاف عن غيرها ـ بروايات :

منها : قول مولانا الصادق عليه‌السلام في حديث إسحاق بن عمار في تعداد الأنفال : «وكل أرض لا ربّ لها» (١).

وقول مولانا أبي جعفر عليه‌السلام في حديث أبي بصير : «وكلّ أرض لا ربّ لها» (٢).

ومنها النبوي : «من سبق إلى ما لا يسبقه إليه مسلم فهو أحقّ به» (٣).

وربّما يورد على الاستدلال بمثل عموم «كلّ ارض لا ربّ لها» بأنّه مخصّص بما في مرسلة حمّاد من قوله عليه‌السلام : «وكل أرض ميتة لا ربّ لها» (٤) ، فالأرض العامرة مع هذا التخصيص ليست من الأنفال ، بل من المباحات.

وقد أجاب المصنف قدس‌سره عن هذا الإيراد بأنّه يعتبر في الوصف الذي له مفهوم أن لا يكون ذلك واردا مورد الغالب كالحجور في «ربائبكم اللّاتي في حجوركم» فلا ينثلم العموم بالميتة ، ولا يخصّص بها. فكلّ أرض لا ربّ لها ـ سواء أكانت عامرة أم ميتة ـ تكون من الأنفال التي هي مال الامام عليه‌السلام ، هذا.

لكن أورد على هذا الجواب ـ كما تقدّم في (ص ٤٣٠) ـ بأنّ غلبة الوصف لا تمنع المفهوم ، وعدم المفهوم للحجور إنّما هو للنص الدالّ على حرمة الربيبة مطلقا ، سواء أكانت في الحجر أم لم تكن ، هذا.

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٣٧١ ، الباب ١ من أبواب الأنفال ، ح ٢٠.

(٢) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٣٧٢ ، الباب ١ من أبواب الأنفال ، ح ٢٨.

(٣) تقدم مصدره آنفا ، في ص ٤٣١.

(٤) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٣٦٥ ، الباب ١ من أبواب الأنفال ، ح ٤.

٤٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ثمّ إنّ المحقق النائيني قدس‌سره منع المفهوم بنحو آخر ، وهو : أنّ شرط التقييد في المثبتين وحدة التكليف المتعلّق بصرف الوجود كمثال الظهار المعروف ، فإنّ التكليف فيه تعلّق بصرف الوجود من العتق. فمقتضى إطلاق الأمر بعتق الرقبة هو إجزاء عتق رقبة وإن كانت كافرة ، ومقتضى الأمر بعتق المؤمنة عدم إجزاء عتق الكافرة. والإجزاء وعدمه متناقضان ، فلا محيص من تقييد إطلاق الرقبة بالمؤمنة.

وأمّا في المقام فلم يتعلق التكليف بصرف الوجود ، بل تعلّق بالطبيعة السارية ، فلا موجب للتقييد ، فيحكم بأنّ الأرض مطلقا سواء أكانت عامرة أم ميتة من الأنفال المختصة بالإمام عليه‌السلام (١).

أقول : يشكل ما أفاده الميرزا قدس‌سره بأنّ المقام ليس من المثبتين حتى يعتبر في تقييد الإطلاق فيهما إحراز وحدة التكليف ، بل هو من تعارض المثبت والنافي. أمّا النافي فهو مفهوم قوله عليه‌السلام في مرسلة حماد : «كل أرض ميتة لا ربّ لها» فإنّ مفهومه «أنّ الأرض غير الميتة ليست من الأنفال».

وأمّا المثبت فهو سائر النصوص المثبتة منطوقا لكون الأرض العامرة من الأنفال. فلا بدّ من تقييد النافي للمثبت.

فالنتيجة : أنّ الأرض الميتة من الأنفال ، دون العامرة ، فإنّها من المباحات.

والظاهر أنّه لا يمكن الفرار من هذا التقييد إلّا بالالتزام بأنّ جملة «كل أرض ميتة» من مرسلة حمّاد معرض عنها عند المشهور ، لما مرّ في صدر البحث من إجماع التذكرة ونفي الخلاف عن غيرها على كون الأرض العامرة بالأصل من الأنفال المختصة بالإمام عليه‌السلام.

فالنتيجة : أنّه لم تقيّد الأرض التي هي من الأنفال بكونها ميتة ، بل هي مطلقا مال الامام عليه‌السلام ، سواء أكانت عامرة أم ميتة.

فتلخص مما ذكر في هذه الجهة الأولى : أنّ الأرض العامرة بالأصل من الأنفال.

الجهة الثانية : في أنّ هذه الأرض العامرة بالأصل هل تملك بالحيازة أم لا؟ ظاهر

__________________

(١) المكاسب والبيع ، ج ٢ ، ص ٣٦٧ و ٣٦٨.

٤٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

جملة من النصوص التي منها النبوي «من سبق الى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به» ذلك.

والاشكال عليه تارة بما في حاشية المحقق صاحب الكفاية قدس‌سره «من كون الإطلاق مسوقا لبيان أحقية السابق ، لا لبيان جواز السبق إلى ما لم يسبق إليه أحد ، الذي هو المطلوب» (١).

واخرى : بأنّ الأحقيّة لا تقتضي الملكية ، بل ظاهرة في الأولوية.

وثالثة : بأنّ هذا النبوي يقتضي جواز السبق إلى ملك كل أحد ولو غير الامام عليه‌السلام ، وإن كان المسبوق غير الأرض أيضا ، ولازم ذلك جواز السبق إلى سائر أمواله عليه‌السلام ، وأموال سائر الخلق ، لأنّه ليس كدليل الإحياء إذنا مالكيا مختصّا بالأراضي ، بل يعمّ جميع الأموال من الأراضي والمنقولات. وهو كما ترى (٢).

مندفع ، إذ في الإشكال الأوّل : أنّ أحقية السابق من غيره تستلزم عدم جواز مزاحمة له ، وإلّا لم يكن معنى للأحقية ، فيكون مساوقا لقوله : «من أحيى أرضا ميتة فهو أحق بها ، وهي له» فيستفاد من النبوي المزبور الترخيص الشرعي في الإحياء ، وأنّه سبب للأحقيّة أو الملكيّة.

وفي الاشكال الثاني : أنّ الارتكاز العرفي الناشئ من استقرار السيرة العقلائية الثابتة من صدر الإسلام ـ بل قبله ـ على إحياء الأراضي التي لا ربّ لها ، وترتيب آثار الملك عليها كما هو بناء الدول أيضا ، والشارع لم يردعهم عن ذلك ، بل أمضى طريقتهم.

وبالجملة : فالإرتكاز المزبور يمنع احتمال غير الملك من الأحقيّة كالإباحة ، بل المراد بها الأحقيّة في الملكية.

وفي الاشكال الثالث : أنّه لا منشأ لاحتمال إرادة معنى عامّ يشمل غير الأراضي من سائر أموال الإمام عليه‌السلام فضلا عن أموال غيره عليه‌السلام ، وذلك للارتكاز المزبور ، ولكون مورد الإحياء ملك الإمام بالإمامة ، لا ملكه الشخصي الذي يرثه الوارث ، ولا مال غيره. والسبق إلى

__________________

(١) حاشية المكاسب ، ص ١٠٥.

(٢) حاشية المكاسب للمحقق الأصفهاني ، ج ١ ، ص ٢٤٢.

٤٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

مال الامام عليه‌السلام لا ينطبق إلّا على الموات من الأرض والمحياة ذاتا ، وعلى ما فيها من الأشجار والنبات.

وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في دلالة النبوي على تملك الأرض العامرة بالحيازة.

لكن ضعف السند يمنعه عن الاعتبار.

ومن تلك النصوص : صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال فيها : «وأيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض أو عملوه فهم أحقّ بها وهي لهم» (١).

ومنها : صحيحته الأخرى عنه عليه‌السلام : «أيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض أو عمروها فهم أحقّ بها» (٢). وقريب منهما غيرهما (٣).

ومنها : موثقة السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من غرس شجرا ، أو حفر واديا بديّا لم يسبقه إليه أحد ، أو أحيى أرضا ميتة فهي له قضاء من الله ورسوله» (٤) فإنّ التعمير والعمل في الأرض ـ بحفر بئر أو قناة أو غرس شجر ونحوها ـ يوجبان الملك ، ويصدق الإحياء عليها وإن كانت في الأرض العامرة بالأصل ، إذ للإحياء مراتب ، فلا يختص الإحياء بالموات.

نعم يختص ملكية الموات بالإحياء ، ولا يحصل ملكيته بمجرد الحيازة ، لعدم صدق الإحياء عليها ، والمفروض أنّ قولهم : «من أحيى أرضا فهي له» لا يصدق على مجرد الحيازة والاستيلاء ، فلا يترتب على الحيازة إلّا الأولوية.

الجهة الثالثة : الظاهر عدم اختصاص جواز الحيازة بالشيعة ، وكونه عاما لجميع الناس ولو كان كافرا ، لعموم «من سبق إلى ما لا يسبق إليه مسلم» وغيره ، الشامل للكافر أيضا ، فالأرض العامرة بالأصل يجوز لكل أحد حيازتها والتصرف الإحيائي فيها بحفر قناة وغرس شجر وغيرهما.

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ١٧ ، ص ٣٢٦. الباب ١ من أبواب إحياء الموات ، ح ١.

(٢) المصدر ، ح ٣.

(٣) المصدر ، ح ٤.

(٤) وسائل الشيعة ، ج ١٧ ، ص ٣٢٨ ، الباب ٢ من أبواب إحياء الموات ، ح ١.

٤٣٥

الثالث (١) ما عرض له الحياة بعد الموت.

وهو (٢) ملك للمحيي ، فيصير ملكا له بالشروط المذكورة في باب الإحياء (٣) «بإجماع الأمّة» (٤)

______________________________________________________

٣ ـ ما عرض له الحياة بعد الموت

(١) أي : القسم الثالث من الأقسام الأربعة التي ذكرها المصنف قدس‌سره بقوله في (ص ٤٠٧) «فالأقسام أربعة لا خامس لها». والمراد بهذا القسم الثالث هو الأرض التي عرض لها الحياة بعد الموت بالأصالة. وبعبارة أخرى : العامرة بالعرض لا بالأصالة.

وحكمه أنّه ملك للمحيي بالشروط المذكورة في باب الإحياء.

وأمّا إحياء الأرض التي طرء عليها الموات ـ أي ما كانت عامرة ثم ماتت ـ فسيأتي حكمها. كما أن صريح قوله : «ملك للمحيي» كون الإحياء بسبب الإنسان ، لا بسبب سماوي ، لكونه به ملك الامام عليه‌السلام.

(٢) أي : ما عرض له الحياة بعد الموت ملك للمحيي.

(٣) وهي خمسة : أحدها : أن لا يجري على الأرض المذكورة يد مسلم.

ثانيها : أن لا تكون حريما لأرض عامرة من بستان ، أو دار أو قرية ، أو مزرعة أو غيرها مما يتوقّف الانتفاع بالعامرة على الحريم.

ثالثها : أن لا تكون ممّا سمّاها الشرع مشعرا للعبادة كعرفات ومنى ومشعر.

رابعها : أن لا تكون ممّا أقطعه الإمام عليه‌السلام.

خامسها : أن لا يسبقه إليها سابق بالتحجير ، حيث إنّه يفيد الأولوية.

(٤) يعني : أنّ الأرض العامرة بعد الموت ملك للمحيي «بإجماع الأمة إذا خلت من المانع» كما في المهذب و «بإجماع المسلمين» كما في التنقيح.

__________________

فتلخص من جميع ما ذكرناه في القسم الثاني من أقسام الأرضين الأربعة : أنّ الأرض العامرة بالأصل من الأنفال لا من المباحات ، وأنّها تملك بالحيازة ، وأنّ مملكية الحيازة لا تختص بالشيعة ، بل تعمّ كل حائز وإن كان كافرا. ولفظ «المسلم» في النبوي المتقدم من قبيل «المسلم» الوارد في الرواية الدالة على عدم جواز تصرف أحد في مال مسلم إلّا بطيب نفسه في عدم دوران الحكم مدار إسلام المالك. والله العالم.

٤٣٦

كما عن المهذّب ، و «بإجماع المسلمين» كما عن التنقيح. و «عليه (١) عامّة فقهاء الأمصار» كما عن التذكرة (١).

لكن ببالي من المبسوط (٢) كلام يشعر بأنّه يملك التصرّف ، لا نفس الرقبة ، فلا بدّ من الملاحظة (٣) (*).

______________________________________________________

(١) أي : وعلى كون المحياة بعد الموت للمحيي عامة فقهاء الأمصار كما في التذكرة.

(٢) لمّا كان معاقد الإجماع تملّك المحيي بالإحياء ، أراد التنبيه على وجود المخالف ، وهو شيخ الطائفة ، ويستفاد الأحقية وأولوية التصرف ـ دون ملك الرقبة ـ من غير موضع من المبسوط ، كقوله في كتاب الجهاد : «فأمّا الموات فإنّها لا تغنم ، وهي للإمام خاصة ، فإن أحياها أحد من المسلمين كان أولى بالتصرف فيها ، ويكون للإمام طسقها» (٢).

وقال في إحياء الموات : «إذا تحجّر أرضا وباعها لم يصحّ بيعها .. لأنّه لا يملك رقبة الأرض بالإحياء ، وإنّما يملك التصرف بشرط أن يؤدّي إلى الامام ما يلزمه عليها» (٣).

والشاهد في تعليله بعدم مملّكية الإحياء ، وإن كان التحجير مغايرا للإحياء ، كما صرّح به قبله بأسطر ، فراجع المبسوط.

(٣) تقدّم أن عبارتي المبسوط غير مشعرتين بملك التصرف ، بل هما ظاهرتان ـ لو لا صراحتهما ـ في نفي ملك رقبة الأرض. لكنه لمخالفته للإجماع يشكل القول به.

__________________

(*) تفصيل الكلام في القسم الثالث من الأقسام الأربعة ـ وهي الأرض التي عرض لها الحياة بعد موتها الأصلي ـ هو : أنّه تقدّم الكلام في القسم الأوّل أي الموات بالأصالة ، وقلنا : إنّها لمحييها سواء أكان مسلما أم كافرا ، وأنّ ملك المحيي لا يزول إلّا بناقل شرعيّ ، أو بتملك شخص لها بعد إعراض محييها عنها ، لأنّ ذلك مقتضى القواعد.

فالكلام في الفروع المترتبة على المحيي لهذه الأرض الميتة بالأصل من حيث الكفر والإسلام.

__________________

(١) الحاكي هو السيد العاملي في مفتاح الكرامة ، ج ٧ ، ص ٣ ، لاحظ المهذب البارع ، ج ٤ ، ص ٢٨٥ ، التنقيح الرائع ، ج ٤ ، ص ٩٨ ، تذكره الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٤٠٠.

(٢) المبسوط ، ج ٢ ، ص ٢٩.

(٣) المبسوط ، ج ٣ ، ص ٢٧٣ ، ونقله صاحب الجواهر في ج ٣٨ ، ص ٧٥.

٤٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فإن كان المحيي مسلما ، فلا يزول ملكه إلّا بناقل شرعي ، أو بطروء الخراب بناء على القول به ، سواء أكانت الأرض في بلاد الإسلام أم الكفر.

وإن كان كافرا وكانت الأرض في دار الإسلام ، وقلنا بعدم اعتبار إسلام المحيي ـ كما تقدّم ـ فكذلك ، أي لا يزول ملك المعمّر إلّا بالناقل أو بالخراب.

وأمّا بناء على اعتبار الإسلام في المحيي ، فالأرض باقية على ملك الامام عليه‌السلام ولم تنتقل إلى المحيي. هذا إذا كانت الأرض في دار الإسلام.

وإن كانت في دار الكفر ، فملك الكافر يزول عنها بما يزول به ملك المسلم من الناقل الشرعي ، أو طروء الخراب ، أو الاغتنام ، لكونها من الغنائم التي يملكها المسلمون بالقتال كسائر الأموال التي يتملكونها بالاغتنام.

ثمّ إنّ ما ملكه الكافر من الأرض بالإحياء ، إمّا أن يسلم عليها طوعا فتبقى الأرض المحياة على ملكه كسائر أملاكه ، وذلك كالمدينة والبحرين وبعض أطراف اليمن على ما قيل ، فيجوز له أيّ تصرف شاء من بيع ونحوه. وليس عليه إلّا الزكاة مع الشرائط ، فإنّ الإسلام يحقن الدم والمال.

ويدل على ذلك ـ بعد عدم وجدان الخلاف فيه كما في الجواهر (١) ـ ما في صحيح أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : «ذكرت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام الخراج وما سار به أهل بيته ، فقال : العشر ونصف العشر مما عمر منها ، وما لم يعمر منها أخذه الوالي يقبله ممّن يعمره ، وكان للمسلمين ، وليس فيما كان أقل من خمسة أوسق شي‌ء» (٢).

والحاصل : أنّ كل أرض أسلم أهلها عليها طوعا ورغبة فهي لهم يتصرفون فيها بما شاؤوا من بيع وغيره.

وإمّا أن يصالحوا على أن تكون الأرض للكافرين ، وباقية على ملكهم ، بأن لا يكون للمسلمين حقّ لا في العين ولا في المنفعة ، فإنّ الأرض في هذه الصورة لمالكيها الكفّار.

نعم لو صولحوا على أن تكون الأرض للمسلمين ، وللكافرين السكنى ، وعلى أعناقهم الجزية ، كانت هذه الأرض محكومة بحكم الأرض المفتوحة عنوة ، بأن يكون

__________________

(١) جواهر الكلام ، ج ٢١ ، ص ١٧٥.

(٢) وسائل الشيعة ، ج ١١ ، ص ١٢٠ ، الباب ٧٢ من أبواب جهاد العدو ، ح ٢.

٤٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

عامرها للمسلمين ، ومواتها للإمام عليه‌السلام. قال في الجواهر : «بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به بعضهم ، بل ولا إشكال» (١).

هذا كلّه إذا كانت الأرض تحت يد الكافر.

وإن ارتفعت يده عنها، فإن كان بانجلائه عنها أو بموته وعدم الوارث له انتقلت الأرض إلى الامام ، لصيرورتها حينئذ من الأنفال التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.

وإن كان ارتفاع يده عن الأرض بالقتال وغلبة المسلمين عليها ، فهي وما فيها كالأشجار والأبنية للمسلمين كافّة ، إجماعا ونصّا. وهذه الأراضي هي الأراضي المفتوحة عنوة. وينبغي البحث فيه في مقامات.

الأوّل : في كيفية هذا الملك. ولمّا كان الأصل في ذلك النصوص الواردة في هذا الباب ، فالمعوّل على ما يستفاد منها ، كصحيحة الحلبي ، قال : «سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن السواد ما منزلته؟ قال : هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم ولمن يدخل في الإسلام بعد اليوم ولمن لم يخلق بعد» الحديث (٢).

ومنها : ما يشتمل على «إنّما أرض الخراج للمسلمين» (٣) ، وأنها «أرض المسلمين» (٤).

ويحتمل في النصوص وجوه :

أحدها : أنّ الأرض ملك فعلا لجميع المسلمين من الموجودين وممّن سيوجد وممّن يصير مسلما من الكفار. ولا إشكال في بطلان هذا الاحتمال ، لعدم ملكية الأرض للكفار حال كفرهم ، وعدم ملكيتها فعلا للمعدومين حال عدمهم. ولازمه وجود العرض و ـ هي إضافة الملكية ـ قبل وجود المعروض ، ووجود الحكم قبل الموضوع ، مع كون الموضوع بمنزلة العلة للحكم ، فيتأخر العلة عن المعلول ، كما لا يخفى.

لا يقال : إنّ الملكية أمر اعتباري يصح اعتبارها للمعدوم.

فإنّه يقال : وإن كانت إضافة الملكية أمرا اعتباريّا ، لكنّه لا يعقل تقوّم الأمر الموجود الاعتباري بالمعدوم الذي لا يعقل الإشارة إليه، فلا يصحّ أن يقال: هذا المسلم المعدوم مالك

__________________

(١) جواهر الكلام ، ج ٢١ ، ص ١٧٤.

(٢ و ٣) وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ٢٧٤ ، الباب ٢١ من أبواب عقد البيع ، ح ٤.

(٤) وسائل الشيعة ، ج ١١ ، ص ١١٨ ، الباب ٧١ من أبواب جهاد العدو ، ح ١.

٤٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فعلا. وأمّا الوقف على الذرية أو الجهات العامة فيعتبر فيهما عنوان عام قابل للانطباق على الطبقات المتأخرة ، وعلى أبناء الواقف في الوقف على الذرية.

ويرد على الملك الفعلي للموجودين والمعدومين ـ مضافا إلى ما ذكر من عدم تعقل قيام إضافة الملكية الاعتبارية بالمعدوم ـ أنّ لازم الملكية الفعلية انتقال حصص الموجودين إلى وارثيهم بالإرث ، وإلّا لكان منافيا لقاعدة الإرث. مع أنّ الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم لا يلتزمون بالإرث ، فيكشف عدم الإرث عن عدم كون ملكية الأرض المفتوحة عنوة من الملكيات المتعارفة ، هذا.

ويرد عليه أيضا : أنّ مقتضى ملكيتها الفعلية سلطنة المسلمين على الأرض المفتوحة عنوة ، لقاعدة سلطنة الناس على أموالهم ، وعدم ولاية أحد عليهم. مع أنّه ليس كذلك ، لولاية اولي الأمر على التصرف في الأرض المفتوحة عنوة ، وعدم جواز تصرفهم مباشرة فيها.

ثاني الوجوه المحتملة في النصوص : أن تكون الأرض ملكا لجميع المسلمين على نحو القضية الحقيقية ، فالمعدوم بعد وجوده والكافر بعد إسلامه يملكان الأرض ، وليسا مالكين فعلا حتى يلزم تقوم الموجود بالمعدوم ، وتقدم الحكم على الموضوع. فلا يرد عليه إشكال الاحتمال الأوّل.

لكن يرد عليه : أنّ لازمه عدم مالكية المعدوم حال الفتح ، إذ مقتضى القضية الحقيقية فعلية الملكية حين وجود المالك لا قبله ، فغير الموجود حال الفتح لا ملكية له.

والحاصل : أنّ القضية الحقيقية لا تثبت الملكية الفعلية ـ التي هي ظاهر الرواية ـ لغير الموجود حين الفتح.

ثالث الوجوه المحتملة في النصوص ، كون الأرض المفتوحة عنوة ملكا للجهة ، بأن يكون المالك عنوان «جميع المسلمين» كالوقف على الجهات العامة كالفقهاء والفقراء.

وفيه : أنّه خلاف ظاهر الرواية «لمن هو اليوم ولمن يدخل في الإسلام» إذ ظاهرها الملكية الفعلية للمعدومين ، وظاهر موضوعية الجهة العامة عدم الحكم الفعلي بالملكية إلّا بوجود مصاديق العنوان العام. فهذا الاحتمال أيضا خلاف ظاهر الرواية جدّا.

وهناك وجوه اخرى غير المحتملات المذكورة ، لكنها خلاف ظاهر الروايات أيضا ، فلا موجب للتعرض لها ، هذا.

ويمكن أن يقال ـ جمعا بين الروايات والآثار ـ : إنّ الأرض المفتوحة عنوة ملك

٤٤٠