هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ٥

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج

هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ٥

المؤلف:

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٢

مسألة (١)

لو باع الفضولي مال غيره مع مال نفسه ، فعلى (٢) (*) القول ببطلان الفضولي فالظاهر أنّ حكمه حكم بيع ما يقبل الملك مع ما لا يقبله.

______________________________________________________

بيع الفضولي مال نفسه مع مال غيره

(١) كان الكلام قبل هذه المسألة في حكم بيع الفضولي مال غيره لنفسه أو للمالك.

والغرض من عقد هذه المسألة بيان حكم بيع الفضول مال غيره مع مال نفسه. والبحث في مقامين ، أحدهما : في صحته في المجموع وعدمها. ثانيهما في كيفية تقسيط الثمن ، والكلام فعلا في المقام الأوّل.

(٢) حاصله : أنّه ينبغي التكلم في جهتين :

الاولى : في تحقيق حكم المسألة بناء على بطلان الفضولي.

الثانية : في تحقيق حكمها بناء على صحة الفضولي.

أمّا الجهة الأولى ، فالظاهر أنّ الحكم بناء على البطلان حكم بيع ما يقبل الملك ـ كالخلّ ـ مع ما لا يقبل الملك ـ كالخمر ـ في صحة البيع في مال نفسه ، والبطلان في مال غيره.

__________________

(*) لعلّ الأولى في عنوان المسألة أن يقال : لو باع الفضولي مال غيره مع مال نفسه ، فعلى القول بالانحلال لا ينبغي الإشكال في صحة بيع مال نفسه ، سواء قلنا بصحة بيع الفضولي أم ببطلانه. وعلى القول بصحة الفضولي أجاز مالك المال الآخر أم لم يجز. وعلى القول بعدم الانحلال لا ينبغي الإشكال في فساده ، سواء قلنا بصحة عقد الفضولي أم لا.

هذا ما تقتضيه القاعدة ، ويومي إليه قوله عليه‌السلام في صحيحة الصفار المشار إليها :

٦٠١

.................................................................................................

__________________

«لا يجوز بيع ما ليس يملك ، وقد وجب الشراء من البائع على ما يملك» حيث إنّه مع وحدة إنشاء البيع حكم عليه‌السلام بصحة بيع مال البائع ، وفساد بيع مال غيره. وهذا ما تقتضيه قاعدة الانحلال.

وبناء على هذه القاعدة لا مجال للخدشة فيه بما سيأتي في بيع ما يقبل الملك وما لا يقبله. بل لا مجال للخدشة في تلك المسألة أيضا بناء على الانحلال ، كما لا يخفى.

ويظهر ممّا ذكرناه من الانحلال اندفاع ما ذكروه من الإشكالات الثلاثة : من بساطة الإنشاء ، وعدم تعدده حتى يكون أحدهما صحيحا والآخر فاسدا. ومن تخلف القصد ، فإنّ ما قصد من بيع المجموع لم يقع ، وما وقع من بيع البائع مال نفسه لم يقصد. ومن جهالة مقدار الثمن الواقع بإزاء مال نفسه.

توضيح وجه الاندفاع.

أمّا الأوّل ، فلأنّ الإنشاء واحد صورة ، لكنّه متعدد بحسب تعدد المتعلق ، فينحلّ الإنشاء إلى إنشاءات عديدة. وهذا الانحلال أمر ارتكازي عقلائي جار في كثير من الموارد ، كبيعي الصّرف والسّلم ، فإنّهما ينحلّان ، ويصحّان في خصوص المقبوض في مجلس العقد ، ويفسدان في غير المقبوض.

وكبيع الوكيل أموال موكّليه بعقد واحد ، فإنّ بيعها بإنشاء واحد ينحلّ إلى بيوع متعددة بعدد تلك الأموال.

وكالوصية بأزيد من الثّلث ، فإنّها تنحلّ إلى وصيتين ، إحداهما تتعلّق بالثلث ، وتصحّ. والأخرى بأزيد من الثلث ، وتقف صحتها على إمضاء الورثة.

وكذا لو قال : «أعتقت عبدي وأمّ ولدي» أو قال : «من ردّ عبدي وخنزيري فله دينار».

وما دلّ من النقل على صحة المذكورات تارة ، وبطلانها أخرى ، إمضاء للسيرة العقلائية الجارية على الانحلال ، ضرورة أنّ الصحة والفساد حكمان للعقد المتعدد ، لامتناع اتصاف عقد واحد بهما.

وبالجملة : فبطلان بيع الأصيل منوط بأحد أمرين ، وحدة الإنشاء ظاهرا وواقعا ، أو تعدده ، لكن بشرط الاستقلال وعدم انضمامه ببيع مال شخص آخر.

وكلاهما باطل. أمّا أولهما فلجريان السيرة العقلائية على الانحلال.

وأمّا ثانيهما فلإطلاق أدلة البيع النافي لاعتبار الاستقلال في صحة بيع مال الأصيل.

٦٠٢

والحكم فيه الصحّة ، لظهور (١) الإجماع ، بل دعواه (٢) عن غير واحد (٣). مضافا إلى صحيحة الصفّار المتقدّمة في أدلّة بطلان الفضولي (١) من قوله عليه‌السلام : «لا يجوز

______________________________________________________

(١) يدلّ على صحة البيع في مال نفسه وجهان :

الأوّل : ظهور الإجماع ، ووجه الظهور أنّه لا يحتمل الفرق بين بيع ملكه مع ملك غيره ، وبين بيع ما يقبل الملك وما لا يقبله بثمن واحد في صفقة واحدة.

الثاني : ما تقدم في صحيحة الصفار «لا يجوز بيع ما ليس يملك ، وقد وجب الشراء من البائع على ما يملك» فإنّ ظهوره في صحة بيع مال البائع ممّا لا ينكر.

(٢) مجرور تقديرا بالعطف على «ظهور».

(٣) كالسيّد أبي المكارم ، والعلّامة ، وسيد الرياض ، وكاشف الغطاء ، والفاضل النراقي ، والسيّد العاملي ، وصاحب الجواهر قدس‌سرهم. قال في الجواهر : «وعلى كل حال فلا خلاف في صحة بيعه ونفوذه في ما يملك إذا لم يتولد من عدم الإجازة مانع شرعي

__________________

وأما الثاني فلأنّ قصد بيع ذات مال نفسه موجود في ضمن قصد بيع المجموع من مال نفسه ومال غيره. والمفقود هو قصد الاستقلال ، ولا دليل على اعتباره. بل إطلاق أدلة البيع ينفي اعتباره كما مرّ آنفا.

وهذا نظير ما إذا باع مالا مشتركا بينه وبين غيره الذي وكلّه في بيع حصته ، فباع المجموع. فإنّ قصد بيع مال نفسه ضمني ، لا استقلالي ، ولا إشكال في صحة بيع المجموع.

وأمّا الثالث فلأنّ الجهالة القادحة في الصحة ـ وهي الموجبة للغرر ـ مفقودة هنا ، إذ لا غرر مع إمكان معرفة الثمن بالضوابط المقررة للعلم بمقدار العوض.

ولو شكّ في قادحية هذه الجهالة ومانعيتها ، فمقتضى الإطلاق ـ لو كان ـ عدم مانعيتها. ولو لم يكن إطلاق ، فأصل البراءة عن المانعية تقتضي عدم المانعية ، بناء على جريان البراءة في الأحكام الوضعية كجريانها في الأحكام التكليفية. ولا تجري أصالة الفساد ، لحكومة أصل البراءة حينئذ على أصالة الفساد ، لجريان البراءة في الشك السببي كما لا يخفى.

__________________

(١) هدى الطالب ، ج ٤ ، ص ٤٨٨.

٦٠٣

بيع ما لا يملك ، وقد وجب الشراء فيما يملك» (١).

ولما ذكرنا (١) قال بها (٢) من قال ببطلان الفضولي كالشيخ وابن زهرة والحلّي وغيرهم (٣).

نعم (٤) لو لا النصّ والإجماع أمكن الخدشة فيه بما (٥) سيجي‌ء في بيع ما يملك وما لا يملك.

______________________________________________________

كلزوم رباء ، وبيع آبق من دون ضميمة ونحو ذلك. بل ظاهرهم الإجماع عليه كما اعترف به في الرياض ..» (٢).

(١) أي : ولما ذكرنا من الصحة ـ وأنّ حكم بيع الفضولي مال غيره مع مال نفسه حكم بيع ما يقبل الملك مع ما لا يقبله ـ قال بالصحة هنا من قال ببطلان الفضولي.

(٢) أي : بصحة بيع الفضولي مال نفسه مع مال غيره ، حاصله : أنّ القائل ببطلان الفضولي قائل بصحة بيع الفضولي مال نفسه ، وإن كان قائلا ببطلانه بالنسبة إلى مال غيره.

(٣) كفخر المحققين ، فإنّه مع التزامه ببطلان البيع الفضولي لم يعلّق على كلام والده من صحة البيع في ما يملك. وظاهره تقريره له ، فراجع (٣).

(٤) استدراك على القول بالصحة ، غرضه أنّ الصحة مستندة إلى النص ، وهو صحيح الصفار المتقدم ، والإجماع. ومع الغضّ عنهما يمكن الخدشة في الصحة بما سيأتي في مسألة بيع ما يقبل الملك وما لا يقبله.

(٥) متعلق بالخدشة ، ومحصل الخدشة الآتية في بيع ما يملك وما لا يملك بقوله :

«ان التراضي والتعاقد إنّما وقع على المجموع الذي لم يمضه الشارع قطعا .. إلخ» هو : أنّ

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ٢٥٢ ، الباب ٢ من أبواب عقد البيع وشروطه ، ح ١.

(٢) الغنية (الجوامع الفقهية) ص ٥٨٥ ، تذكرة الفقهاء ، ج ١ ، ص ٤٦٣ (ج ١٠ ، ص ١٩ ، الطبعة الحديثة) ، رياض المسائل ، ج ١ ، ص ٥١١ ، شرح القواعد للفقيه كاشف الغطاء (مخطوط) مستند الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٢٩٧ و ٢٩٨ ، مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ٢٠٢ ، قال فيه : «ان إجماعنا منعقد» ، جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣٠٩.

(٣) لاحظ : المبسوط ، ج ٢ ، ص ١٤٥ ، الخلاف ، ج ٣ ، ص ١٤٤ ، كتاب البيوع ، المسألة : ٣٣٢ ، الغنية ، ص ٥٨٥ ، السرائر ، ج ٢ ، ص ٢٧٥ ، إيضاح الفوائد ، ج ١ ، ص ٤٢١ ، وكذا يظهر من المحدث البحراني فراجع الحدائق الناضرة ، ج ١٨ ، ص ٤٠٠ ، وج ١٩ ، ص ٣١٥.

٦٠٤

وأمّا (١) على القول بصحّة الفضولي ، فلا ينبغي الريب في الصحّة مع الإجازة ، بل وكذا مع الردّ (٢) ، فإنّه كما لو تبيّن بعض المبيع غير مملوك ، غاية الأمر ثبوت الخيار حينئذ (٣) للمشتري مع جهله بالحال عند علمائنا كما عن التذكرة ، وسيجي‌ء (٤) في أقسام الخيار.

______________________________________________________

الحكم بصحة البيع بالنسبة إلى ملك البائع فقط ـ مع جريان البيع على المجموع بثمن واحد ـ مشكل ، لأنّ نقل بعض المثمن ليس مقصودا إلّا في ضمن نقل المجموع بمجموع الثمن. كما أنّه خلاف مقتضى إطلاق دليل الإمضاء.

(١) وأمّا الجهة الثانية ـ وهي تحقيق حكم بيع الفضولي مال غيره مع مال نفسه ـ فحاصلها : أنّه على القول بصحة الفضولي لا ينبغي الريب في صحة بيع مال الغير بإجازته ، يعني : يصحّ البيع مطلقا ، أمّا بالنسبة إلى ملك البائع فلصدوره من أهله. وأمّا بالنسبة إلى ملك الغير فلإجازته.

(٢) غرضه أنّ بيع الفضولي بالنسبة إلى مال نفسه صحيح مطلقا ، سواء أجاز غيره أم ردّ ، إذ الردّ يكون كظهور بعض المبيع غير مملوك ، فإنّ البيع بالنسبة إلى البعض المملوك صحيح ، مع ثبوت الخيار للمشتري مع جهله بالحال عند علمائنا كما في التذكرة ، حيث عنون ـ في فروع تفريق الصفقة ـ ما لو باع شيئا يتوزّع الثمن على أجزائه ، كما لو باع عبدين ، أحدهما له ، والآخر لغيره ، فقال : «إذا باع ماله ومال غيره صفقة واحدة صحّ البيع في ماله. فإن كان المشتري جاهلا بالحال فله الخيار ، لأنّه دخل في العقد على أن يسلم له العبدين ، ولم يسلم. فإن اختار الإمضاء لزمه قسطه من الثمن ، وسقط ما انفسخ البيع فيه. عند علمائنا» (١)

(٣) أي : حين ردّ الغير البيع بالنسبة إلى ماله.

(٤) يعني : وسيجي‌ء ثبوت الخيار للمشتري مع جهله بالحال في أقسام الخيار ، كقوله في شروط خيار الغبن : «وممّا ذكرنا يظهر ثبوت الخيار للجاهل وإن كان قادرا

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ، ج ١ ، ص ٥٦٦ ، السطر ٣٧ ، وحكاه عنه في مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ٢٠٦ ، أواخر الصفحة.

٦٠٥

بل عن الشيخ في الخلاف تقوية ثبوت الخيار للبائع (١) ، لكن عن الغنية (١) الجزم بعدمه (٢). ويؤيّده (٣) صحيحة الصفّار.

وربما حمل (٢) كلام الشيخ (٤) على ما إذا ادّعى البائع الجهل أو الإذن ، وكلام الغنية على العالم.

______________________________________________________

على السؤال ، كما صرّح به في التحرير والتذكرة».

(١) لم أعثر على ثبوت الخيار للبائع في الخلاف ، ولا على من نسبه إليه بعد ملاحظة بعض المواضع منه ومن مفتاح الكرامة والجواهر ، بل صريحه في هذه المسألة نفي الخيار عن البائع. نعم قوّى في المبسوط ثبوته للبائع ، وقد حكياه عنه أيضا (٣) ، فلاحظ ، ولعلّ السهو من الناسب ، أو أنّه مذكور في موضع آخر من الخلاف.

وكيف كان فلعلّ وجه ثبوت الخيار للبائع ـ إذا ردّ المالك ـ هو لزوم تبعّض الصفقة ، وهو يوجب الضرر في بعض الموارد ، لنقصان قيمة الانفراد عن القيمة عند الاجتماع ، كما في مصراعي الباب وفردي الخفّ.

(٢) أي : بعدم الخيار للبائع.

(٣) أي : ويؤيّد عدم ثبوت الخيار للبائع صحيحة الصفار المتقدمة ، حيث إنّ فيها «وقد وجب الشراء من البائع على ما يملك» فإنّ وجوب الشراء ظاهر في اللزوم ، فلا خيار للبائع.

وينبغي إبدال «يؤيد» ب «يدل».

(٤) حمل كلام الشيخ ـ الذي قوّي ثبوت الخيار للبائع ـ على ما إذا ادّعى البائع الجهل بكون بعض المبيع لغيره ، أو ادّعى الإذن من الغير في بيع ماله مع مال نفسه. فإذا ردّ الغير قال الشيخ بثبوت الخيار حينئذ للبائع.

__________________

(١) الحاكي عن الغنية هو السيّد العاملي وصاحب الجواهر ، لاحظ : مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ٢٠٧ ، جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣١٦ ، الغنية (الجوامع الفقهية) ص ٥٢٨ ، السطر ٣.

(٢) الحامل هو السيّد العاملي وصاحب الجواهر ، فلاحظ : مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ٢٠٧ ، جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣١٦.

(٣) المبسوط ، ج ٢ ، ص ١٤٥ ، مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ٢٠٧ ، جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣١٦.

٦٠٦

ثم إنّ (١) صحّة البيع فيما يملكه مع الردّ مقيّدة في بعض الكلمات بما إذا لم يتولّد من عدم الإجازة مانع شرعيّ ، كلزوم ربا (٢) ، وبيع آبق (٣) من دون ضميمة. وسيجي‌ء الكلام في محلّه (٤).

______________________________________________________

وحمل كلام الغنية ـ الدالّ على الجزم بعدم ثبوت الخيار للبائع ـ على البائع العالم بكون بعض المبيع مال الغير.

(١) غرضه التنبيه على أنّ صحة البيع فيما يملكه البائع مع ردّ المالك الآخر لحصته ليست مطلقة ، بل مقيّدة في كلام صاحب الجواهر (١) بما إذا لم يتولّد من عدم الإجازة مانع شرعي ، وسيأتي بيانه.

(٢) كما إذا باع مثقالا من ذهبة الجيّد مع كتاب زيد بمثقالين ونصف من الذهب الرّدي‌ء ، ثم ردّ زيد ، فبطل بيع كتابه ، وبطل البيع بالنسبة إلى البائع أيضا ، للزوم الرّبا ، لأنّه بعد بطلان بيع الكتاب ـ الذي هو في مقابل مثقال ذهب ردي‌ء ـ يصير المثقال الجيّد من ذهب البائع في مقابل المثقال والنصف من الذهب الردي. وهذا من أوضح مصاديق الربا.

وبالجملة : فالبيع باطل في كلا المالين ـ مال البائع وغيره ـ في كل مورد يلزم من عدم الإجازة مانع شرعي كلزوم الربا ، فإنّ هذا مقتضى الأحكام الحيثية ، ضرورة أنّ البحث عن صحة البيع هنا إنّما هو من حيث كونه فضوليّا ، لا من حيثيّات اخرى كلزوم الربا مثلا.

(٣) كما إذا باع عبده الآبق مع كتاب زيد ، ثمّ ردّ زيد ، فيبطل بيع العبد أيضا ، لأنّ بيع الآبق بدون الضميمة باطل.

(٤) لعلّ مقصوده ما أفاده في مسألة بيع العبد الآبق مع الضميمة من قوله : «لو عقد على الضميمة فضولا ، ولم يجز مالكها ، انفسخ العقد بالنسبة إلى المجموع». وهذا موافق للتقييد الذي التزم به صاحب الجواهر قدس‌سره.

__________________

(١) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣٠٩ ، وتقدم نصّ كلام في ص ٦٠٢.

٦٠٧

ثم إنّ البيع المذكور (١) صحيح بالنسبة إلى المملوك (٢) بحصّته من الثمن ، وموقوف في غيره بحصّته.

وطريق (٣) معرفة حصّة كلّ منهما من الثمن في غير المثلي أن يقوّم (٤) كلّ منهما منفردا ، فيؤخذ لكلّ واحد (٥) جزء من الثمن نسبته (٦) إليه كنسبة قيمته إلى مجموع

______________________________________________________

هذا تمام الكلام في المقام الأوّل ، وهو صحة بيع المملوك ، وسيأتي الكلام في المقام الثاني ، وهو طريق تقسيط الثمن على المالين.

(١) وهو بيع مال نفسه مع مال غيره ، فإنّه صحيح بالنسبة إلى مال البائع بما يقابله من الثمن ، وموقوف في غير مال البائع على إجازة مالكه ، فإن أجاز صحّ البيع في كلا المالين ، وإن ردّ بطل البيع في ماله ، وصحّ البيع في مال البائع فقط.

وعلى كلا تقديري الإمضاء والردّ لا بدّ من تقسيط الثمن ، ففي صورة الإجازة يوزّع الثمن على البائع والمجيز ، وفي صورة الردّ يوزّع على البائع والمشتري.

(٢) أي : مال البائع ، فإنّ البيع بالنسبة إليه صحيح ، لصدوره من أهله ، وموقوف بالنسبة إلى مال غير البائع ، فإن أجاز صحّ بالنسبة إليه أيضا.

(٣) قد ذكر المصنف قدس‌سره طريقين لمعرفة حصة كلّ من البائع وغيره في كلتا صورتي إجازة من بيع ماله فضولا وعدمها فيما إذا كان المبيع قيميّا. وإن كان مثليا فسيأتي الكلام فيه في آخر المسألة.

(٤) خبر قوله : «وطريق» وهذه هي الطريقة الاولى ، ومحصّلها : أنّ كلا من المالين يقوّم منفردا بالقيمة السوقية ـ لا تقويمهما مجتمعين ـ فيؤخذ لكل واحد منهما جزء من الثمن يكون نسبة ذلك الجزء إلى تمام الثمن كنسبة قيمة كلّ منهما إلى مجموع القيمتين. فإذا كان الثمن ثلاثة دنانير ، وكانت قيمة مال البائع قيراطا ، وقيمة مال غيره قيراطين ، فتكون نسبة قيمة مال غير البائع ـ وهي قيراطان ـ إلى الثمن ـ وهو ثلاثة دنانير ـ كنسبة قيمته السوقية وهي قيراطان إلى مجموع القيمتين وهو ثلاثة قراريط. وتلك النسبة هي الثلثان ، فيؤخذ للمشتري من الثمن المسمّى ـ وهو ثلاثة دنانير ـ ثلثاه ، وهما ديناران.

(٥) يعني : لكلّ واحد من مالي البائع وغيره ممّن بيع ماله فضولا.

(٦) مبتدء ، وخبره «كنسبة» والجملة صفة ل ـ «جزء» يعني : نسبة ذلك الجزء إلى

٦٠٨

القيمتين. مثاله ـ كما عن السرائر ـ ما إذا كان ثمنهما (١) ثلاث دنانير ، وقيل : إنّ قيمة المملوك (٢) قيراط ، وقيمة غيره (٣) قيراطان ، فيرجع المشتري بثلثي الثمن.

وما ذكرنا من الطريق (٤)

______________________________________________________

الثمن ـ الذي هو ثلاثة دنانير ـ كنسبة القيراطين إلى القراريط الثلاثة التي هي مجموع القيمتين ، وتلك النسبة هي الثلثان كما مرّ آنفا.

(١) يعني : ثمنهما المسمّى في بيع البائع مال نفسه مع مال غيره.

(٢) أي : القيمة السوقية المال البائع قيراط.

(٣) أي : غير مال البائع الذي بيع فضولا مع مال البائع.

ثم إنّ عبارة السرائر محكية معنى ، والحاكي لها هو السيد العاملي وصاحب الجواهر. والأولى نقل بعض كلام ابن إدريس قدس‌سره ، فإنّه بعد إثبات الخيار للمشتري في مسألتنا والمسألة الآتية ـ وهي بيع ما يملك وما لا يملك ـ قال : «مثاله : باع شاة وخنزيرا بثلاثة دنانير ، فإنّ الثمن يتقسّط على قدر قيمة الشاة وقيمة الخنزير عند مستحليّه ، فيقال : كم قيمة الشاة؟ فيقال : قيراطان. ويقال : كم قيمة الخنزير؟ فيقال : قيراط ، فيرجع بثلث الثمن وهو دينار. وبالعكس من ذلك أن يقال : قيمة الشاة قيراط ، وقيمة الخنزير عند مستحليه قيراطان ، فيرجع المشتري بثلثي الثمن ، وهو ديناران» (١).

وفي هذا المثال تختلف القيمة الواقعية عن الثمن المسمّى بكثير ، لأنّ القيراط الشرعي نصف عشر المثقال الشرعي ـ أي الدينار ، فالدينار عشرون قيراطا شرعيّا ، والقيراط الصيرفي حبّة واحدة ، فهو جزء من ثمانية عشر جزءا من الدينار الشرعي (٢).

وعلى كلّ منهما يكون الثمن المسمّى أضعاف القيمة. إلّا أنّ المقصود بيان كيفية تقسيط الثمن على المبيع.

(٤) أي : الطريق الأوّل ، وهو تقويم كلّ من المالين منفردا ، ولحاظ مجموع قيمتهما والأخذ لكلّ واحد من المالين جزء من الثمن تكون نسبته إلى الثمن كنسبة قيمة أحد

__________________

(١) السرائر ، ج ٢ ، ص ٢٧٦ ، مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ٢٠٣ ، جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣١٢

(٢) الأوزان والمقادير ، ص ٥٢ و ٩١ ـ ٩٢ للعلّامة الشيخ إبراهيم سليمان العاملي.

٦٠٩

هو (١) المصرّح به في الإرشاد (١) ، حيث قال : «ويقسّط المسمّى على القيمتين» (٢) ولعلّه (٣) (*) أيضا مرجع ما في الشرائع والقواعد واللمعة من «أنّهما يقوّمان

______________________________________________________

المالين إلى مجموع قيميتهما ، وقد تقدم آنفا مثاله.

(١) أي : ما ذكرناه من الطريق الأوّل هو المصرّح به في الإرشاد ، حيث قال : «ويقسّط المسمّى على القيمتين» أي : قيمة كلّ من مالي البائع وغيره ، فإنّ ظاهر «القيمتين» هو قيمة كل منهما منفردا. فالمراد مجموع القيمتين ، لا قيمة المجموع ، وإلّا كان اللازم أن يقول : «ويقسّط المسمى على قيمة المجموع» فيكون كلام العلّامة موافقا للطريق الأوّل ، وهو : «نسبة قيمة أحد المالين إلى مجموع القيمتين» لا إلى قيمة المجموع. وبينهما فرق واضح.

فإذا كان المبيع مصراعي الباب ، وكانت قيمة مجموعهما اثني عشر درهما ، وكان مجموع قيمتيهما ثمانية دراهم ، بأن كانت قيمة كلّ منهما منفردا أربعة دراهم ، وكان الثمن المسمّى اثني عشر درهما. فعلى الطريق الثاني ـ وهو نسبة قيمة أحد المالين إلى مجموع القيمتين وهو الثمانية ـ يؤخذ نصف الثمن وهو الستة للمشتري ، لأنّ نسبة الأربع ـ الذي هو قيمة أحد المالين ـ إلى مجموع قيمتيهما ـ وهو الثمانية ـ هي النصف ، فيؤخذ نصف الثمن وهو الستة للمشتري.

وعلى الطريق الأوّل ـ وهو أخذ نسبة قيمة أحد المالين إلى قيمة المجموع ، وهي اثنا عشر درهما ـ تكون هي الثلث ، فيؤخذ ثلث الثمن وهو الأربع للمشتري.

(٢) أي : قيمة كلّ من المالين ، وهو مساوق لقوله :«أن يقوّم كل منهما منفردا».

(٣) يعني : أنّ ما ذكرناه من الطريق هو المصرّح به في الإرشاد ، والمحتمل لأن يكون ذلك أيضا مرجع ما في الشرائع والقواعد واللّمعة «من أنّهما يقوّمان جميعا ، ثم يقوّم كل

__________________

(*) يشكل أن يكون الطريق المذكور ـ وهو تقويم كل منهما منفردا ـ مرجع ما في الشرائع والقواعد واللمعة من تقويمهما جميعا ثم تقويم أحدهما. وجه الاشكال : أنّ في

__________________

(١) إرشاد الأذهان ، ج ١ ، ص ٣٦٠.

٦١٠

جميعا ، ثم يقوّم أحدهما» (١) ولذا (١) فسّر بهذه العبارة (٢) المحقّق الثاني عبارة الإرشاد (٣) ، حيث قال (٤) : «طريق تقسيط المسمّى على القيمتين .. إلخ».

______________________________________________________

واحد منهما مستقلّا. والاحتمال المذكور في المتن قد ذهب إليه في الجواهر ، فيكون كلام المصنف في ردّ هذا الاحتمال بقوله : «لكن الانصاف» ردّا عليه.

قال صاحب الجواهر ـ بعد نقل عبارة السرائر ـ : «وهي عين ما ذكرناه ، ضرورة كون النسبة بما فرضه ذلك ، فمراد الجميع حينئذ واحد ، وهو : أنّه إذا كان المبيع من ذوات القيم التي هي غالبا مختلفة زيادة ونقصا لا بدّ في معرفة تقسيط الثمن عليها من ملاحظة قيمتها التي هي متساوية الأجزاء ، وبدل العين وقائمة مقامها ، ومعرفة النسبة ، فيوزّع الثمن عليها. وهو معنى ما في الإرشاد ..» (٢).

(١) أي : ولكون ما ذكره المصنف قدس‌سره هو المصرّح به في الإرشاد ـ ومرجع ما في الشرائع والقواعد واللمعة ـ فسّر المحقق الثاني قدس‌سره .. إلخ.

(٢) وهي : أنّهما يقوّمان جميعا ، ثم يقوّم أحدهما.

(٣) وهي : ويقسّط المسمّى على القيمتين.

(٤) يعني : قال المحقق الثاني في شرح عبارة الإرشاد : «طريق تقسيط المسمّى على القيمتين : أن يقوّم المبيعان معا ، ثم يقوّم أحدهما على انفراده ، وتنسب قيمته إلى مجموع القيمتين. وينظر تلك النسبة ، فيؤخذ بها من الثمن .. إلخ» (٣).

__________________

طريق المصنف تقويما واحدا ، وهو تقويم كل منهما منفردا. وفي طريق الشرائع تقويمين ، أحدهما : تقويم المالين معا ، ثانيهما : تقويم أحدهما ، لتنسب قيمته إلى قيمة المجموع.

ولا بدّ أن يكون المراد من تقويمهما جميعا ـ كما عن الشرائع ـ تقويمهما معا ، لا تقويم كل منهما منفردا ، وإلّا لم يكن وجه لتقويم أحدهما ، لكونه من تحصيل الحاصل.

__________________

(١) شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ١٥ ، قواعد الأحكام ، ج ٢ ، ص ١٩ ، اللمعة الدمشقية ، ص ١١٠.

(٢) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣١٢.

(٣) حاشية الإرشاد ، مخطوط ، ص ٢١٩ ، وحكاه عنه في مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ٢٠٣.

٦١١

لكنّ (١) الإنصاف أنّ هذه العبارة الموجودة في هذه الكتب لا تنطبق بظاهرها على عبارة الإرشاد التي اخترناها (٢) في طريق التقسيط ، واستظهرناه (٣) من السرائر ، إذ (٤) لو كان المراد من تقويمهما معا (٥) تقويم كلّ منهما (٦) لا تقويم المجموع ، لم يحتج (٧)

______________________________________________________

(١) هذا عدول عما أفاده بقوله : «ولعلّه» من جعل مرجع كلا طريقي التقسيط أمرا واحدا ، فالغرض منه الإيراد على صاحب الجواهر قدس‌سره ، ومحصله : أنّ العبارة الموجودة في الشرائع والقواعد واللّمعة لا تنطبق بظاهرها على عبارة الإرشاد التي اخترناها في التقسيط.

(٢) بقولنا : «أن يقوّم كلّ منهما منفردا ، فيؤخذ لكلّ واحد جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة قيمته إلى مجموع القيمتين».

(٣) مورد الاستظهار هو قول ابن إدريس : «ما إذا كان ثمنهما ثلاثة دنانير ، وقيل : إنّ قيمة المملوك قيراط ، وقيمة غيره قيراطان ، فيرجع المشتري بثلثي الثمن».

(٤) تعليل لعدم انطباق ما في الشرائع والقواعد واللمعة «من أنّهما يقوّمان جميعا ، ثم يقوّم كل منهما مستقلا» على عبارة الإرشاد التي اختارها المصنف بقوله : «أن يقوّم كل منهما منفردا .. إلخ».

ومحصل التعليل : أنّه لو كان المراد بما في الشرائع «من أنّهما يقوّمان جميعا» تقويم كلّ منهما ـ لا تقويم المجموع ـ كان تقويم أحدهما بعد تقويم كل منهما مستدركا ، لمعرفة قيمته ابتداء ، وعدم الحاجة إلى تقويمه ثانيا.

فليس هنا إلّا أمران ، أحدهما : تقويم كل منهما ، وثانيهما : نسبة قيمته إلى مجموع القيمتين. مع أنّ الظاهر من كلامهم أمور ثلاثة : أحدها : تقويمهما مجتمعين ، ثانيها : تقويم أحدهما ، ثالثها : ملاحظة نسبة قيمة أحدهما إلى قيمة المجموع.

(٥) أي : جميعا ، فإنّه الوارد في عبارة الكتب المذكورة ، فبدّل «جميعا» ب ـ «معا».

(٦) أي : تقويم كلّ منهما منفردا ، لا تقويم المجموع بالهيئة الاجتماعية إذا كان لاجتماعهما دخل في قيمتهما كمصراعي الباب.

(٧) جواب «لو» وجه عدم الحاجة هو : حصول المعرفة ابتداء ، ومعه لا حاجة إلى معرفته ثانيا.

٦١٢

إلى قولهم : «ثمّ يقوّم أحدهما ، ثمّ تنسب قيمته» ، إذ (١) ليس هنا إلّا أمران : تقويم كلّ منهما ، ونسبة قيمته إلى مجموع القيمتين.

فالظاهر (٢) إرادة قيمتهما مجتمعين ، ثمّ تقويم أحدهما بنفسه ، ثمّ ملاحظة (٣) نسبة قيمة أحدهما إلى قيمة المجموع.

ومن هنا (٤) أنكر عليهم جماعة تبعا لجامع المقاصد

______________________________________________________

(١) تعليل لعدم الحاجة إلى قولهم : «ثم يقوّم أحدهما .. إلخ» توضيحه : أنّه لو أريد من قولهم : «إنّهما يقوّمان جميعا» تقويم كلّ منهما منفردا ـ لا تقويم المجموع ـ لم يكن هنا إلّا أمران ، أحدهما : تقويم كلّ منهما ، وثانيهما نسبة قيمته إلى مجموع القيمتين.

لكن الظاهر من قولهم أمور ثلاثة ، أوّلها : تقويمهما مجتمعين ، ثانيهما : تقويم أحدهما بنفسه ، ثالثها : ملاحظة نسبة قيمة أحدهما إلى قيمة المجموع.

وهذا مغاير للطريق التي اختارها المصنف في طريق التقسيط واستظهرها من السرائر من «تقويم كلّ منهما منفردا» إذ ليس فيه إلّا أمران ، أحدهما : تقويم كل منهما منفردا ، وثانيهما : نسبة قيمته إلى مجموع القيمتين.

(٢) هذا نتيجة الإيراد المتقدم بقوله : «إذ لو كان المراد من تقويمهما معا تقويم كلّ منهما ، لا تقويم المجموع .. إلخ». يعني : فالظاهر من عبارة الشرائع والقواعد واللمعة ـ من : أنّهما يقومان جميعا ـ أمور ثلاثة :

الأوّل : تقويمهما مجتمعين. الثاني : تقويم أحدهما بنفسه. الثالث : ملاحظة نسبة قيمة أحدهما إلى قيمة المجموع. وقد مرّ آنفا ذلك.

وبالجملة : فظاهر عبارة الشرائع والقواعد واللمعة لا ينطبق على عبارة الإرشاد التي اختارها المصنف قدس‌سره من تقويم كلّ منهما منفردا ، ونسبته إلى مجموع القيمتين.

(٣) معطوف على «إرادة» وقوله : «تقويم» معطوف على «قيمتهما».

(٤) أي : ومن كون الظاهر من عبارة الشرائع والقواعد واللّمعة تقويمهما مجتمعين ، ثم تقويم أحدهما بنفسه ، ثم ملاحظة نسبة قيمة أحدهما إلى قيمة المجموع ، أنكر جماعة على أرباب هذه الكتب الثلاثة ـ تبعا لجامع المقاصد ـ إطلاق قولهم بتقويمهما مجتمعين ، بدعوى : أنّه ليس في جميع الموارد لهيئة الاجتماع دخل في القيمة حتى يلزم تقويمهما مجتمعين.

٦١٣

إطلاق (١) القول بذلك (٢) ، إذ (٣) لا يستقيم ذلك فيما إذا كان لاجتماع الملكين دخل في زيادة القيمة ، كما في مصراعي باب وزوج خفّ إذا فرض تقويم المجموع بعشرة ، وتقويم أحدهما بدرهمين ، وكان الثمن خمسة ، فإنّه إذا رجع المشتري بجزء من الثمن

______________________________________________________

قال السيد العاملي قدس‌سره : «وأما إذا كان لاجتماعها مدخل في زيادة القيمة ـ كمصراعي باب وزوج خفّ كل واحد للمالك ـ ففي جامع المقاصد والميسية والمسالك والروضة والرياض والحدائق : أنّهما لا يقوّمان مجتمعين ، إذ لا يستحق مالك كل واحد حصّته إلّا منفردة ، فلا يستحق ما يزيد باجتماعهما. وقالوا : إنّ طريق تقويمهما ـ على هذا ـ أن يقوّم كل منهما منفردا ، وتنسب قيمة أحدهما إلى مجموع القيمتين ، ويؤخذ من الثمن بتلك النسبة. فإذا كان قيمتهما مجتمعين اثني عشر ، ومنفردين تسعة ، والثمن ستة ، وقيمة أحدهما ثلاثة ، أخذنا له من الثمن بقدر قيمته إلى التسعة ـ وهو ثلث الستة ـ اثنان. ولا يؤخذ بقدر نسبته إلى الاثني عشر ـ وهو ربع الستة ـ واحد ونصف. ولو قوّم كل واحد منهما منفردا بعشرة يؤخذ نصف الثمن ، لأنّه نسبة أحدهما إلى المجموع ..» (١).

(١) مفعول قوله : «أنكر».

(٢) أي : بتقويهما مجتمعين ، ثم تقويم أحدهما بنفسه ، ثم ملاحظة نسبة قيمة أحدهما إلى قيمة المجموع.

(٣) تعليل لعدم مدخلية الهيئة الاجتماعية بنحو الإطلاق ، ومحصله : «أنّه يلزم عدم استقامة هذا الطريق الثاني ـ وهو تقويمهما مجتمعين ، ثم تقويم أحدهما منفردا ، ثم ملاحظة نسبته إلى قيمة المجموع ، والأخذ بتلك النسبة من الثمن ـ في مثل كون المبيع مصراعي باب وزوج خف ، وغيرهما ممّا يكون لهيئة الاجتماع دخل في زيادة القيمة.

وجه عدم الاستقامة : أنّه يلزم الإجحاف على المشتري ، كما في مثال المتن ، فإنّ الثمن المسمّى ـ وهو خمسة دراهم ـ مشترك بين البائع ومالك المال الآخر بالمناصفة ، ومقتضى طريق الشرائع أن يكون للبائع أربعة دراهم ، وللمشتري درهم واحد ، وهو خمس الثمن المسمّى. مع اشتراك الثمن بين البائع والمشتري بالمناصفة ، فيستحق المشتري

__________________

(١) مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ٢٠٤ ، جامع المقاصد ، ج ٤ ، ص ٧٨ ، مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١٦٢ ، الروضة البهية ، ج ٢ ، ص ٢٣٩ ، رياض المسائل ، ج ١ ، ص ٥١٤ ، الحدائق الناضرة ، ج ١٨ ، ص ٤٠٢.

٦١٤

ـ نسبته إليه كنسبة الاثنين إلى العشرة ـ استحقّ (١) من البائع واحدا (٢) من الخمسة ، فيبقى للبائع أربعة في مقابل المصراع الواحد. مع أنّه (٣) لم يستحقّ من الثمن إلّا مقدارا من الثمن مساويا لما يقابل المصراع الآخر ، أعني درهمين ونصفا [ونصف].

والحاصل (٤) : أنّ البيع إنّما يبطل في ملك الغير بحصّة من الثمن يستحقّها الغير مع الإجازة ، ويصحّ (٥) في نصيب المالك بحصّة كان يأخذها مع إجازة مالك

______________________________________________________

من الثمن نصفه ـ وهو درهمان ونصف ـ على ما يقتضيه طريق المصنف ، لأنّ نسبة قيمة كلّ واحد من المصراعين وكلّ واحد من الخفّين ـ وهي درهمان ـ إلى مجموع القيمتين وهو أربعة دراهم هي النصف ، فيؤخذ بهذه النسبة من الثمن المسمى ـ الذي هو خمسة دراهم ـ درهمان ونصف درهم.

(١) جواب الشرط في «إذا رجع» وجملة «نسبته إليه .. إلخ» نعت ل ـ «جزء من الثمن».

(٢) لأنّه خمس الثمن المسمّى الذي هو خمسة دراهم ، وهذا الخمس هو خمس العشرة التي هي قيمة مجموع المصراعين. وبهذه النسبة يكون الدرهم الواحد خمس الثمن المسمّى ، ويعطى للمشتري. ويكون الباقي ـ وهو أربعة دراهم ـ للبائع في مقابل المصراع الواحد. وهو إجحاف على المشتري ، لأنّه كالبائع يستحق من الثمن مقدارا مساويا لما يقابل المصراع الآخر ، وهو درهمان ونصف.

(٣) يعني : مع أنّ البائع لم يستحقّ من الثمن إلّا مقدارا يقابل المصراع الآخر ، وهو درهمان ونصف ، فلا وجه لأخذه أربعة دراهم.

إلى هنا تمّ إنكار الجماعة على طريقة الشرائع والعلّامة والشهيد في التقويم.

(٤) يعني : وحاصل الكلام أنّ استحقاق كلّ من البائع ومالك الجزء الآخر لحصة من الثمن لا فرق فيه بين صحة البيع وبطلانه. فإذا أجاز البيع مالك الجزء الآخر استحقّ نصف الثمن ، وهو درهمان ونصف. وإذا ردّ البيع ردّ هذا النصف إلى المشتري. وكذا البائع ، فإنّه يأخذ نصف الثمن في كلتا صورتي إجازة مالك الجزء الآخر وردّه.

(٥) معطوف على «يبطل» أي : أنّ البيع إنّما يصحّ في نصيب المالك.

٦١٥

الجزء الآخر ، هذا.

ولكن (١) الظاهر أنّ كلام الجماعة إمّا (٢) محمول على الغالب من عدم زيادة القيمة ولا نقصانها بالاجتماع (٣) ، أو مرادهم (٤) من «تقويمهما» تقويم كلّ منهما منفردا ، ويراد من «تقويم أحدهما ثانيا» ملاحظة قيمته مع مجموع القيمتين (*).

وإلّا (٥) ففساد الضابط المذكور في كلامهم لا يحتاج إلى النقض بصورة مدخلية

______________________________________________________

(١) هذا استدراك على بطلان ضابط التقسيط الذي أفاده المحقق والعلامة والشهيد رضوان الله تعالى عليهم ، وأنّ لازمه تضرّر المشتري في مثل مصراعي الباب وزوج الخفّ كما تقدم تفصيله آنفا. فالغرض من الاستدراك توجيه ما أفاده هؤلاء الأعلام قدس‌سرهم بأحد وجهين.

(٢) هذا هو الوجه الأوّل ، وحاصله : أنّ ما أفادوه من الضابط المذكور محمول على الغالب ، وهو عدم دخل الهيئة الاجتماعية في زيادة القيمة ونقصانها. فالضابط المذكور ليس مطّردا في جميع الموارد ، بل هو مختص بما إذا لم يكن لهيئة الاجتماع دخل في القيمة.

(٣) أي : باجتماع مال البائع مع مال غيره مما بيع فضولا.

(٤) معطوف على «اما محمول» وهذا هو الوجه الثاني ، ومحصله : أنّ مراد المحقق والعلّامة والشهيد من «تقويمهما» : تقويم كلّ منهما منفردا ، لا ما هو ظاهر العبارة من تقويمهما مجتمعين. والمراد ب ـ «تقويم أحدهما ثانيا» ملاحظة قيمته مع مجموع القيمتين.

فيرجع كلامهم مع هذا التوجيه إلى ضابط المصنف من : تقويم كلّ منهما منفردا ، وملاحظة قيمته مع مجموع القيمتين.

(٥) أي : ولولا هذا التوجيه لكلام المحقق والعلّامة والشهيد قدس‌سرهم لبقيت طريقتهم لمعرفة قيمة كلّ من المالين على فسادها ، ولا يحتاج إلى النقض بصورة دخل اجتماع المالين في زيادة القيمة ، لإمكان القول فيها بأخذ النسبة للمشتري بين قيمة أحدهما المنفرد ، وبين قيمة مجموعهما ، كما يقول به المحقق والعلّامة والشهيد قدس‌سرهم.

__________________

(*) وكلاهما خلاف الظاهر ، لظهور «تقويمهما» في تقويمهما مجتمعين ، وظهور «تقويم أحدهما» في تعيين قيمته ، لا في ملاحظة قيمته المعيّنة.

٦١٦

الاجتماع في الزيادة التي يمكن القول فيها ـ وإن كان (١) ضعيفا ـ بأخذ (٢) النسبة للمشتري (٣) بين قيمة أحدهما المنفرد ، وبين قيمة المجموع. بل ينتقض (٤) بصورة مدخليّة الاجتماع في نقصان القيمة ، بحيث تكون قيمة أحدهما منفردا مثل قيمة المجموع أو أزيد (٥) ، فإنّ هذه (٦) فرض ممكن كما صرّح به (٧) في رهن جامع المقاصد

______________________________________________________

(١) يعني : وإن كان هذا القول ضعيفا ، لما ذكره في قوله : «والحاصل : أنّ البيع إنّما يبطل في ملك الغير بحصة من الثمن يستحقّها الغير مع الإجازة .. إلخ».

(٢) متعلق بالقول ، يعني : يمكن القول ـ في صورة دخل الاجتماع في زيادة القيمة ـ بأخذ النسبة لنفع المشتري بين قيمة أحدهما المنفرد وهي درهمان ، وبين قيمة المجموع وهي عشرة دراهم ، كما هو طريقة المحقق والعلّامة والشهيد قدس‌سرهم ، فيؤخذ للبائع درهم ، وذلك خمس الثمن المسمّى الذي هو خمسة دراهم ، والأربعة الباقية للمشتري.

(٣) يعني : أنّ أخذ هذه النسبة إنّما هو لنفع المشتري ، لا لنفع البائع ، لأنّ البائع إن كان عالما بهذا فقد أقدم على ضرره. وإن كان جاهلا به ، فيجبر ضرره بالخيار.

(٤) يعني : بل ينتقض أيضا الضابط ـ المذكور في كلام هؤلاء الأعلام ـ بصورة مدخلية الاجتماع في نقصان القيمة كما سيأتي في مثال المتن.

(٥) معطوف على «مثل» الذي هو خبر قوله : «تكون».

(٦) أي : فإنّ هذه الصورة ـ وهي مدخلية الاجتماع في نقصان القيمة ، بحيث تكون قيمة أحدهما منفردا مثل قيمة المجموع أو أزيد ـ من الفروض الممكنة ، كما صرّح به المحقق الثاني قدس‌سره في جامع المقاصد ، حيث قال في فروع رهن الأمة ذات الولد الصغير ما لفظه : «لو نقصت قيمة الأمّ مع الضميمة عن حال الانفراد لم يدخل النقص على المرتهن ، لاستحقاقه قيمتها منفردة ، والضميمة حقّ وجب على الراهن» (١).

وقال الشهيد قدس‌سره : «لأنّ الأمّ تنقص قيمتها إذا ضمّت إليه ـ أي إلى الولد الصغير ـ لمكان اشتغالها بالحضانة ، والولد تنقص قيمته منفردا ، لضياعه» (٢).

(٧) أي : بإمكان نقصان القيمة بالاجتماع. والمراد بغير المحقق الثاني هو الشهيد وصاحب الجواهر.

__________________

(١) جامع المقاصد ، ج ٥ ، ص ٥٦.

(٢) الدروس الشرعية ، ج ٣ ، ص ٣٩١ ، جواهر الكلام ، ج ٢٥ ، ص ١٤٠.

٦١٧

وغيره ، فإنّ الالتزام هنا (١) بالنسبة المذكورة يوجب الجمع بين الثمن والمثمن ، كما لو باع جارية مع أمّها ـ قيمتهما مجتمعتين عشرة ، وقيمة كلّ واحدة منهما منفردة عشرة ـ بثمانية (٢) ، فإنّ نسبة قيمة إحداهما المنفردة إلى مجموع القيمتين (٣) نسبة (٤) الشي‌ء إلى مماثله ، فيرجع (٥) [فرجع] بكلّ الثمانية.

______________________________________________________

(١) أي : في صورة مدخلية الاجتماع في نقصان القيمة. وقوله : «فإنّ الالتزام» بيان لانتقاض مدخلية الاجتماع في نقصان القيمة.

توضيحه : أنّه بناء على الطريقة التي أفادها الأعلام المحقق والعلّامة والشهيد قدس‌سرهم ـ وهي تقويمهما مجتمعين ، ثم تقويم أحدهما منفردا ، ثم ملاحظة نسبة قيمة أحدهما إلى قيمة المجموع ـ يلزم الجمع بين الثمن والمثمن.

مثاله كما في المتن : ما لو باع جارية مع أمّها بثمانية دراهم ، وكانت قيمتهما مجتمعتين عشرة دراهم ، وقيمة كل واحدة منهما منفردة عشرة أيضا. فإنّ نسبة العشرة ـ التي هي قيمة إحداهما منفردة ـ إلى العشرة التي هي قيمتهما بنحو الاجتماع نسبة الشي‌ء إلى مماثله ، فإذا رجع المشتري بتمام الثمن ـ وهي الثمانية ـ يلزم الجمع بين العوض والمعوّض. وهو لازم باطل ، فيبقى مال البائع بلا ثمن.

وهذا بخلاف طريقة المصنف قدس‌سره ، لأنّه ينسب قيمة كل واحدة ـ وهي العشرة ـ إلى مجموع القيمتين وهي العشرون ، فيردّ من الثمن إلى المشتري بنسبة العشرة إلى العشرين ، وهي النصف أعني به أربعة دراهم. فضابط المصنف مطّرد في موارد تساوي قيمة كل منهما منفردا مع قيمة المجموع ، واختلافهما بالزيادة والنقصان.

(٢) متعلق بقوله : «باع» وقوله : «فان نسبة» بيان لوجه لزوم الجمع بين العوض والمعوّض.

(٣) أي : قيمتهما بنحو الاجتماع ، لا مجموع قيمتهما وهو العشرون. فالأولى تبديل «مجموع القيمتين» ب ـ «قيمتهما بنحو الاجتماع» أو «قيمتهما مجتمعين».

(٤) خبر قوله : «فانّ نسبة».

(٥) أي : فيرجع المشتري بكلّ الثمانية التي هي تمام الثمن المسمّى ، وهذا جمع بين الثمن والمثمن عند المشتري ، كما مرّ آنفا.

٦١٨

وكأنّ من (١) أورد عليهم ذلك (٢) غفل عن هذا (٣) ، أو كان (٤) عنده غير ممكن.

فالتحقيق (٥) في جميع الموارد : ما ذكرنا ، من ملاحظة قيمة كلّ منهما منفردا ، ونسبة (٦) قيمة أحدهما إلى مجموع القيمتين.

فإن قلت (٧) : إنّ المشتري إنّما [إذا] بذل الثمن في مقابل كلّ منهما مقيّدا

______________________________________________________

(١) المورد صاحب جامع المقاصد ومن تبعه ، فإنّهم أوردوا على المحقق والعلّامة والشهيد قدس‌سرهم.

(٢) أي : النقض ـ بصورة مدخلية الاجتماع في زيادة القيمة ـ بقولهم : «إذ لا يستقيم ذلك فيما إذا كان لاجتماع الملكين دخل في زيادة القيمة كما في مصراعي الباب». فراجع (ص ٦١٤)

(٣) أي : النقض بصورة مدخلية الاجتماع في نقصان القيمة. ومحصل مراده قدس‌سره : أنّ عدم إيراد جامع المقاصد وغيره على ضابط المحقق والعلّامة والشهيد ـ بالنقض بدخل الاجتماع في نقصان القيمة ـ لعلّه لأجل الغفلة عن إمكان دخل الهيئة الاجتماعية في نقصان القيمة ، أو لأجل اعتقاده بعدم إمكان دخل الاجتماع في نقصان القيمة. وإن كان هذا الاحتمال الثاني ضعيفا بعد التصريح بدخل الاجتماع في نقصان القيمة ، كما تقدم عن رهن الدروس وجامع المقاصد.

(٤) معطوف على «غفل» واسمه ضمير راجع إلى «هذا» المراد به النقض.

(٥) بعد الإشكال على الضابط الذي أفاده المحقق والعلّامة والشهيد رحمه‌الله جعل التحقيق في جميع الموارد ما أفاده من ملاحظة قيمة كلّ منهما منفردا ، ونسبة قيمة أحدهما إلى مجموع القيمتين ، وأخذ تلك النسبة من الثمن المسمّى.

(٦) معطوف على «ملاحظة» ، وقوله : «إلى مجموع» متعلق ب ـ «نسبة».

(٧) هذا إشكال على قوله : «فالتحقيق في جميع الموارد ..» وغرض المستشكل الإيراد على طريق التقسيط باستلزامها للظلم على المشتري ، في ما كان وصف الاجتماع دخيلا في زيادة قيمة كلّ من المالين على القيمة حال الانفراد. وهذا الاعتراض وارد أيضا على التقسيط بالكيفية الأخرى المذكورة في الشرائع والقواعد واللمعة ، كما يظهر

٦١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

من بعض محشّي الروضة.

وتوضيح الإشكال : أنّ وصف الاجتماع ـ في ما يكون مقتضيا لزيادة القيمة ـ متموّل ، وقد قوبل بجزء من الثمن. فإذا ردّ مالك أحد المصراعين البيع ، كان الفائت على المشتري أمرين ، الأوّل : أحد المصراعين ، وهو جزء المبيع. والثاني : الهيئة الاجتماعية. فيتعيّن استرداد ما قابل ذلك الجزء وتلك الهيئة. ولا يستقيم شي‌ء من نحوي التقسيط. لاستلزامهما الظلم على المشتري.

أمّا مختار المصنف قدس‌سره فلأنّه حكم بردّ درهمين ونصف ـ من مجموع ثمن المصراعين وهو خمسة دراهم ـ إلى المشتري ، وإبقاء درهمين ونصف للبائع. مع أنّ المشتري بذل الثمن بإزاء المصراعين بوصف الاجتماع ، لا بإزاء ذات كل واحد من المصراعين المتقوم بدرهم واحد ، فكيف يستحقّ البائع درهمين ونصفا؟ مع أنّه ثمن مصراع الباب بوصف الانضمام لا حال الانفراد.

وعليه فاللازم الحكم بإبقاء درهم عند البائع ، وردّ أربعة دراهم إلى المشتري ، ليكون درهم منها بإزاء المصراع الآخر ، وثلاثة منها بإزاء فوات الهيئة الاجتماعية.

وبعبارة أخرى : لو أجاز مالك المصراع الآخر استحق كلّ من البائع والمالك المجيز درهمين ونصف درهم ، فالدرهم عوض ذات المصراع ، ودرهم ونصف بإزاء وصف الاجتماع الذي هو من توابع الملك. وحيث إنّ المفروض حصول مصراع منفردا عند المشتري ، لم يكن وجه لاستحقاق البائع ثمن مصراع بوصف الانضمام ، بل اللازم ردّ ثلاثة دراهم ـ هي عوض الهيئة الاجتماعية ـ إلى المشتري ، كردّ درهم أيضا عوض المصراع الآخر.

وأمّا ما يستفاد من المحقق وتابعيه في كيفية التقسيط فالظلم فيه على المشتري أشدّ ممّا حكم به شيخنا الأعظم قدس‌سره ، لأنّ إبقاء أربعة دراهم عند البائع بإزاء مصراع واحد غير ظاهر الوجه ، مع كون قيمته حال الانفراد درهما واحدا. فلم يحكم باستحقاق البائع أربعة دراهم ، واستحقاق المشتري درهما واحدا مع مساواة ما بأيديهما من المصراعين المنفردين؟

وعليه فلا بد من التماس طريق آخر في التقسيط لئلّا يتضرّر المشتري.

٦٢٠