هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ٥

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج

هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ٥

المؤلف:

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٢

اللهم (١) إلّا أن يراد أنّ القصد الحقيقيّ إلى النقل معلّق على تملّك الناقل ، وبدونه (٢) فالقصد صوريّ ، على ما تقدّم (٣) من المسالك من «أنّ الفضولي والمكره قاصدان إلى اللفظ دون مدلوله» (١).

لكن فيه (٤) حينئذ (٥) أنّ هذا القصد الصوريّ كاف ، ولذا (٦) قلنا بصحّة عقد الفضولي.

______________________________________________________

«وذلك لأنّ التعليق لا يلائم ظنّ الحياة .. إلخ».

(١) هذا استدراك على ما أفاده من الصحة ، وغرضه إثبات بطلان العقد في هذه الصورة الثالثة بكونه معلّقا لا منجّزا ، بدعوى : أنّ مركز التعليق هو النقل الحقيقي الذي هو معنى الاسم المصدري ، لا النقل الإنشائي ، فالتنجيز صوريّ والتعليق حقيقي ، فإنّ قصد النقل الحقيقي معلّق على تملّك الناقل ، فقصد النقل بدونه صوري ، والقصد الصوري ليس موضوعا للأثر.

(٢) أي : وبدون التعليق على تملّك الناقل فالقصد إلى النقل صوريّ.

(٣) من قوله : «ويكفي في ذلك ما ذكره الشهيد الثاني من أنّ المكره والفضولي قاصدان الى اللفظ دون مدلوله» فراجع ما أفاده المصنف قدس‌سره في بيع المكره.

(٤) أي : في قوله : «اللهم الا أن يراد» الدال على تعليق النقل.

(٥) أي : حين كون التعليق متعلقا بالقصد الحقيقي إلى النقل ، دون القصد الصوري.

ومحصل ما أفاده في ردّ الاستدراك هو : أنّ المدار في قدح التعليق في صحة العقد هو تعليق القصد الصوري دون القصد الحقيقي. ولو كان تعليق القصد الحقيقي قادحا في الصحة لم يكن لصحّة عقد الفضولي وجه ، لأنّ القصد الحقيقيّ في جميع العقود الفضوليّة معلّق على رضا من له السلطنة على إجازة العقد وردّه. فصحّة عقد الفضوليّ تكشف عن عدم قدح تعليق القصد الحقيقي في صحّته ، وكفاية تنجز القصد الصوري في صحته التأهلية.

(٦) يعني : ولأجل كفاية القصد الصوري في صحة العقد قلنا بصحة عقد الفضولي.

__________________

(١) مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١٥٦ ، وتقدم كلامه في الجزء الرابع من هذا الشرح ، فراجع ص ١٠١ و ١٦٦.

٣٦١

ومن ذلك (١) يظهر ضعف ما ذكره أخيرا (٢) من كونه كالعابث عند مباشرة العقد ، معلّلا (٣) بعلمه بكون المبيع لغيره.

وكيف كان (٤) فلا ينبغي الإشكال في صحّة العقد (٥).

إلّا (٦) أنّ ظاهر المحكيّ من غير واحد

______________________________________________________

(١) أي : وممّا ذكرناه في ردّ ثاني أدلّة العلّامة والفخر قدس‌سرهما من كفاية القصد الصوري في صحة العقد ـ يظهر ضعف الدليل الثالث ، وهو : كون العاقد كالعابث عند إنشاء العقد ، معلّلا بكون المبيع لغيره. وجه الظهور : أنّ كفاية تنجّز القصد الصوري في صحة العقد تخرج العاقد عن كونه عابثا.

(٢) في (ص ٣٥٧) من قوله : «ولأنّه كالعابث عند مباشرة العقد ، لاعتقاده .. إلخ».

(٣) حال من فاعل «ذكره» وهو العلّامة قدس‌سره ، وضمير «بعلمه» راجع إلى العاقد.

(٤) مقتضى السياق أن يراد بهذه الكلمة : أنّه سواء تمّ ما أفاده العلّامة وفخر الدين من وجوه المنع أم لا. ولكن هذا غير مراد قطعا ، بقرينة نفي الاشكال في صحة العقد وعدم فساده ، سواء قيل بتوقفه على الإجازة أم لا.

فلا بدّ أن يكون مراده من قوله : «وكيف كان» أمرا آخر ، بأن يقال : سواء اكتفينا ـ في ردّ الوجوه الثلاثة المحكية عن الإيضاح ـ بما ذكر ، أم نوقش فيها بوجه آخر ، فعلى كلّ لا ينبغي الإشكال في عدم فساد العقد في الصورة الثالثة ، وهي : أن يبيع عن المالك ، ثم ينكشف كونه مالكا.

(٥) أي : في الصورة الثالثة ، وهي : أن يبيع عن المالك ، ثم ينكشف كونه مالكا.

(٦) الأولى إبدال العبارة بأن يقال : «في صحة العقد تأهلا ، بل عن ظاهر المحكي عن غير واحد لزوم العقد ، وعدم الحاجة إلى الإجازة ..» إذ الغرض بيان صحة العقد تأهّلا وفعلا كما هو ظاهر المحكي عن غير واحد ، فإنّ الصحّة ظاهرة في الصحة المطلقة التأهلية والفعلية ، والاستثناء إخراج عن شي‌ء. ومن المعلوم أنّ ما بعد «إلّا» الاستثنائية هنا لم يخرج عن الصحّة ، بل أيّدتها وثبّتتها ، حيث إنّ المحكي عن غير واحد صحّة العقد مطلقا أي تأهّلا وفعلا ، ولم تخرج الصحة الفعليّة عن الصحة المطلقة حتى يصح استثناؤها كما لا يخفى.

٣٦٢

لزوم العقد (١) ، وعدم الحاجة إلى إجازة مستأنفة ، لأنّ (٢) (*) المالك هو المباشر

______________________________________________________

والحاكي للصحة ـ من دون حاجة إلى الإجازة ـ هو المحقق صاحب المقابس قدس‌سره ، فإنّه بعد حكاية الصحة عن جملة من كتب العلّامة قال : «وهذا هو قول المحقق في الشرائع ، وظاهر الشهيد في الدروس. وظاهر هؤلاء : أنّه يلزم حين وقوعه ، ولا يفتقر إلى إجازة من المباشر. وبذلك فسّر كلام العلّامة في الإيضاح وجامع المقاصد» (١).

(١) أي : في الصورة الثالثة المذكورة في (ص ٣٥٤) وهي : أن يبيع عن المالك ، ثم ينكشف كونه مالكا.

(٢) تعليل للزوم العقد وعدم الحاجة إلى إجازة مستأنفة ، وقد علّل ذلك بوجهين :

أحدهما : أنّ فائدة الإجازة ـ وهي ارتباط العقد بالمجيز ، وصيرورة عقد الفضول عقده ـ حاصلة هنا ، إذ المفروض أنّ المالك بنفسه أنشأ العقد ، ولا معنى لإجازة فعل نفسه ، لكونها من تحصيل الحاصل.

ثانيهما : أنّ قصد العاقد ـ الذي هو المالك واقعا ـ إلى نقل المال المعيّن الذي هو ماله إن كان موجبا لحصول نقل مال نفسه فيما نحن فيه ، فهو أولى من الإذن فضلا عن الإجازة ، فلا وجه حينئذ للإجازة ، بل لا بدّ من الحكم بلزوم العقد.

__________________

(*) نعم ، لكنّ الإجازة قد تفيد أمرين ، أحدهما : انتساب العقد إلى المجيز ، والآخر : إبراز الرضا وطيب النفس.

لكن الأوّل حاصل هنا بالمباشرة التي هي أقوى من الإجازة في حصول الانتساب. ولا معنى للانتساب بعد الانتساب ، لأنه تحصيل للحاصل.

وأما الأمر الثاني فلا يحصل هنا إلّا بالإجازة. فوجه الحاجة إلى الإجازة إنّما هو حصول الرضا ، إذ لا ملازمة ولا مساواة بين الانتساب والطّيب ، فضلا عن الأولوية ، فلا يغني الانتساب الحاصل بالمباشرة عن الطيب المنكشف بالإجازة. فلا وجه للزوم العقد بدون الإجازة.

__________________

(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٣٨ ولاحظ : شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ٢٣١ ، الدروس الشرعية ، ج ٢ ، ص ٢٨٩.

٣٦٣

للعقد ، فلا وجه لإجازة فعل نفسه. ولأنّ (١) قصده إلى نقل مال نفسه إن حصل هنا (٢) بمجرّد القصد إلى نقل المال المعيّن الذي هو في الواقع ملك نفسه ـ وإن لم يشعر (٣) به ـ فهو (٤) أولى من الإذن في ذلك فضلا عن أجازته (٥) ، وإلّا (٦) توجّه عدم وقوع العقد له (٧).

لكنّ الأقوى وفاقا للمحقّق والشهيد الثانيين (١) : وقوفه (٨) على الإجازة ،

______________________________________________________

(١) هذا إشارة إلى الوجه الثاني المتقدّم بيانه آنفا.

(٢) أي : في بيع العاقد عن المالك وانكشاف كونه مالكا. وقوله : «إن حصل هنا» إشارة إلى ما أفاده في (ص ٣٥٥) من قوله : «والمشهور الصحة» فإنّ الصحة هي حصول النقل ، وحصوله من العاقد بإنشائه أولى من الإذن الذي هو مجوّز لتصدّي غير المالك في النقل ، لأنّ النقل بإنشائه أولى من إنشاء الغير المنوط تأثيره بإذنه.

والحاصل : أنّ حصول نقل ماله بمجرد القصد إلى نقله أولى بلزومه من الإذن في ذلك.

(٣) كما هو المفروض ، وظاهر عنوانهم «لو باع مال أبيه بظن حياته فبان ميتا» فإنّه لا يشعر بأنّ المال المعيّن الذي نقله هو ملك له واقعا.

وجه أولويته من الإذن : أنّ المباشرة أولى من الإذن في الانتساب.

(٤) جواب الشرط في قوله : «إن حصل هنا» وجملة الشرط والجواب خبر قوله : «ولأن قصده» وضمير «فهو» راجع إلى «قصده».

(٥) لأنّها إنفاذ فعل الغير بعد وقوعه ، والإذن ترخيص في إيجاد الفعل.

(٦) أي : وإن لم يحصل قصد الولد العاقد ـ المفروض كونه مالكا واقعا للمبيع ـ إلى نقل مال نفسه بمجرّد القصد إلى نقل المال المعيّن لتوجّه عدم وقوع العقد للولد أصلا ، لا وقوعه موقوفا على الإجازة ، لأنّه على فرض عدم حصول النقل بمجرّد القصد إلى نقل المال المعيّن لم يحصل العقد الناقل. ومع عدم تحققه لا عقد حتى يبحث عن احتياجه إلى الإجازة وعدمه.

(٧) أي : للولد العاقد.

(٨) أي : وقوف العقد الصادر من الولد الذي هو المالك واقعا ـ مع عدم علمه

__________________

(١) جامع المقاصد ، ج ٤ ، ص ٧٦ ، مسالك الأفهام ، ج ٦ ، ص ٥١.

٣٦٤

لا لما ذكره في جامع المقاصد (١) من «أنّه لم يقصد إلى البيع الناقل للملك الآن (٢) ، بل مع إجازة المالك» ، لاندفاعه (٣) بما ذكره بقوله : «إلّا أن يقال : إنّ قصده إلى أصل البيع كاف».

وتوضيحه : أنّ انتقال المبيع شرعا بمجرّد العقد أو بعد إجازة المالك ليس (٤)

______________________________________________________

بمالكيته ـ على الإجازة ، فإنّ لزومه بالنسبة إلى العاقد الذي يبيع عن المالك ثم ينكشف كونه مالكا منوط بالإجازة.

(١) محصل ما أفاده المحقق الثاني قدس‌سره في وجه توقف لزوم العقد للعاقد على الإجازة هو : أنّ العاقد لاعتقاده بكون المبيع مال الغير لا يقصد تأثير هذا العقد إلّا مع الإجازة.

وببيان آخر : انّ العاقد أنشأ العقد منوطا بالإجازة ، ولم ينشئه بنحو يترتّب عليه الأثر فعلا وبلا حاجة إلى الإجازة.

(٢) أي : فعلا بلا حاجة إلى الإجازة ، بل قصد البيع الناقل منوطا بإجازة المالك.

(٣) أي : لاندفاع ما ذكره المحقق الثاني قدس‌سره. وهذا ردّ المصنف قدس‌سره لكلامه ، وتعليل لقوله : «لا لما ذكره في جامع المقاصد» وحاصل الرّد وجهان : أحدهما : ما أفاده المحقق الثاني قدس‌سره بقوله : «الا ان يقال» وأوضحه المصنف بما محصّله : أنّ ما يعتبر قصده في البيع كما اشتهر أنّ العقود تابعة للقصود ـ بحيث يقدح في صحة العقد عدم قصده أو قصد خلافه ـ هو مدلول لفظ العقد ، وذلك في مثل «بعت» مجرّد النقل بنظر الناقل. وأمّا ترتّب الأثر أعني به الانتقال فهو حكم شرعي يترتّب على مجرّد العقد أو بعد إجازة المالك ، وخارج عن مدلول اللفظ ، فلا يعتبر قصده. كما أنّه لا يضرّ قصد خلافه.

نظير عقد النكاح ، فإنّ المعتبر فيه قصد مضمون العقد ، وهو علقة الزوجية ، دون آثارها الشرعية كوجوب الإنفاق ونحوه ، فإنّ قصدها غير لازم ، لخروجها عن مضمون عقد النكاح. فتبعية العقود للقصود تختص بمداليل ألفاظ العقود ومضامينها ، ولا تشمل ما هو خارج عن مداليلها ، ومن المعلوم أنّ أحكامها الشرعية خارجة عن مضامين العقود ، فهي أجنبية عن قاعدة تبعية العقود للقصود.

(٤) خبر «أن الانتقال» والضمير المستتر في «ليس» وضميرا «قصده ، خلافه»

٣٦٥

من مدلول لفظ العقد حتّى يعتبر قصده ، أو يقدح قصد خلافه ، وإنّما هو (١) من الأحكام الشرعيّة العارضة للعقود بحسب اختلافها (٢) في التوقّف على الأمور المتأخّرة ، وعدمه (٣).

مع (٤) أنّ عدم القصد المذكور لا يقدح بناء على الكشف (٥).

______________________________________________________

راجعة إلى «انتقال المبيع».

(١) أي : انتقال المبيع شرعا يكون من الأحكام الشرعية.

(٢) أي : اختلاف العقود في توقّف نفوذها على الأمور المتأخرة عن العقود ، كالقبض في الصرف والسلم ، والإجازة في الفضولي. فبعض العقود يترتب عليه الحكم بدون التوقف على أمر ، لكفاية نفس إنشاء العقد في ترتب الحكم الشرعي عليه ، كالعقد الصادر من المالك مباشرة أو من وكيله أو وليّه. وبعضها لا يترتب عليه الحكم الشرعي إلّا بعد تحقق أمر ثبت دخله في العقد كالقبض في الصّرف والسّلم.

(٣) معطوف على «التوقف» أي : عدم التوقّف على أمر ، كبيع المالك مباشرة كما مر آنفا.

(٤) هذا ثاني وجهي ردّ المصنف قدس‌سره لما ذكره جامع المقاصد «من أنّه لم يقصد إلى البيع الناقل للملك الآن». وحاصل هذا الوجه الثاني : أنّ عدم القصد إلى البيع الناقل الآن ليس بقادح في صحة البيع ، وتحقق القصد إلى النقل الفعلي بناء على الكشف ، وذلك لأنّ قصد النقل مع الإجازة قصد إلى النقل الفعلي ، كحصول النقل بنفس العقد كما هو مقتضى كاشفية الإجازة. فالقصد إلى البيع الناقل للملك الآن موجود. فدعوى جامع المقاصد «عدم قصد البيع الناقل الآن» غير مسموعة.

نعم عدم إمكان قصد النقل فعلا يناسب مذهب النقل في الإجازة.

والحاصل : أنّ الإجازة إما كاشفة وإما ناقلة. ولو سلّمنا قدح عدم القصد إلى النقل إلّا مع الإجازة فإنّما يتمّ بناء على النقل ، من جهة أنّه لا يكون المقصود حين إنشاء البيع النقل فعلا.

وأمّا بناء على الكشف ـ الذي اختاره المحقق الكركي قدس‌سره ـ فلا ريب في أنّ القصد إلى النقل مع الإجازة اللاحقة راجع إلى القصد إلى النقل الفعلي حال البيع ، لا القصد إلى الملكية المتأخرة عن الإنشاء.

(٥) قد ظهر وجه التقييد بالكشف ، وأنّه مختار المحقق الكركي قدس‌سره.

٣٦٦

بل قصد النقل بعد الإجازة ربما يحتمل قدحه (١).

فالدليل (٢) على اشتراط تعقّب الإجازة في اللزوم هو عموم تسلّط الناس على أموالهم ، وعدم حلّها لغيرهم إلّا بطيب أنفسهم ، وحرمة أكل المال إلّا بالتجارة عن تراض.

وبالجملة : أكثر أدلّة اشتراط الإجازة في الفضوليّ جارية هنا (٣).

______________________________________________________

(١) القدح المحتمل هو لزوم التعليق ، لكون النقل حينئذ معلّقا على الإجازة ، والتعليق قادح في صحة النقل.

والحاصل : أنّه مع قصد النقل بعد الإجازة يكون النقل معلّقا على الإجازة ، وهو قادح في قصد النقل الفعلي ، لمنافاة التعليق لفعلية النقل. والمفروض أنّ النقل الفعلي حاصل بنفس العقد ، والإجازة كاشفة عن هذا النقل من دون أن تكون مؤثّرة في النقل.

(٢) سوق العبارة يقتضي أن يقال : «بل الدليل» ليكون إضرابا عن قوله : «لا لما ذكره في جامع المقاصد». وليس الدليل على اشتراط تعقب الإجازة في اللزوم نتيجة لقوله : «لا لما ذكره في جامع المقاصد» حتى يناسب الإتيان ب «فاء» التفريع.

وكيف كان فقد استدلّ المصنف قدس‌سره على اعتبار الإجازة في لزوم العقد في الصورة الثالثة ـ وهي : أن يبيع عن المالك ، ثم ينكشف كونه مالكا ـ بوجوه ثلاثة :

الأوّل : عموم «الناس مسلّطون على أموالهم».

الثاني : عموم «لا يحلّ مال امرء مسلم الّا بطيب نفسه».

الثالث : عموم قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) فإن هذه الأدلة الثلاثة تدلّ على اعتبار طيب نفس المالك ورضاه من حيث كونه مالكا.

وببيان آخر : الطّيب المالكي معتبر في صحة البيع. وفيما نحن فيه لم يكن الطّيب حين العقد طيب المالك بنقل ماله ، بل كان طيبا بنقل مال غيره. ومن المعلوم أنّ الشرط في نقل مال هو طيب نفس مالكه بنقل ماله ، لا طيب نفسه بنقل مال غيره كما هو المفروض في الصورة الثالثة ، حيث إنّ البائع باع عن المالك لا عن نفسه ، فطيبه ليس طيبا بنقل ماله من حيث كونه مالكا ، ولذا يتوقف لزوم العقد على الإجازة الكاشفة عن الطيب المالكي.

(٣) أي : في الصورة الثالثة من الصور الأربع المفروضة في المسألة الثالثة.

٣٦٧

وأمّا ما ذكرناه (١) من «أنّ قصد نقل ملك نفسه إن حصل (٢) أغنى عن الإجازة ، وإلّا (٣) فسد العقد» (٤) ففيه (٥) : أنّه يكفي في تحقّق صورة العقد القابلة للحوق اللزوم ، القصد إلى نقل المال المعيّن. وقصد كونه مال نفسه أو مال غيره

______________________________________________________

(١) غرضه من هذه العبارة بيان وهم ودفعه.

أمّا الوهم فهو التنافي بين ما أفاده من قوله : «لكن الأقوى وفاقا للمحقق والشهيد الثانيين وقوفه على الإجازة» وبين ما تقدم في (ص ٣٦٤) من حصول نقل ملك نفسه بمجرّد قصد نقل مال معيّن هو ملك له واقعا ، وإلّا يلزم عدم وقوعه أصلا ، حيث قال هناك : «ولأنّ قصده إلى نقل مال نفسه إن حصل هنا بمجرّد القصد إلى نقل المال المعيّن .. فهو أولى من الإذن في ذلك .. وإلّا توجّه عدم وقوع العقد له».

وجه المنافاة : أنّه مع فرض وقوع البيع للمالك بمجرّد قصد النقل إلى مال معيّن ـ هو ملكه واقعا ـ لا حاجة إلى الإجازة ، وبدون وقوعه يكون فاسدا ، ولا تصحّحه الإجازة ، إذ مورد الإجازة هو العقد الذي له صحة تأهلية ، دون العقد الباطل الفاقد لها.

هذا حاصل الوهم. وأما الدفع فسيأتي.

(٢) يعني : إن حصل بمجرّد نقله إلى مال معيّن مملوك له واقعا ـ مع عدم علمه بذلك ـ أغنى عن الإجازة.

(٣) أي : وإن لم يحصل نقل مال نفسه بمجرّد نقل مال معيّن ملك له واقعا ـ مع جهله بذلك ـ فسد العقد ، ولا يصحّ بالإجازة كما مرّ آنفا.

(٤) هذه العبارة ليست نصّ كلامه المتقدم في (ص ٣٨٣) وإنّما هي مضمونه ، وقد نقلنا بعض كلامه قبل أسطر.

(٥) جواب «وأمّا» ودفع للوهم المزبور ، والغرض منه تمييز العقد القابل للزوم عن غيره. ومحصله : أنّ كلّ عقد قصد به نقل المال المعيّن كان قابلا للحوق اللزوم به. وقصد كون ذلك المعيّن ملك العاقد أو غيره ـ سواء أكان صوابا أم خطأ ـ لا يقدح ولا ينفع ، بمعنى : أنّ قصد كون المال لنفسه أو غيره ليس دخيلا في صحة العقد ، حتى يكون صوابه موجبا لصحة العقد ، وخطؤه مانعا عن صحته.

وعلى هذا فنقول : إنّا نختار الشرطية الثانية ، وهي عدم حصول قصد مال نفسه بمجرّد القصد إلى مال معيّن لا يعلم بكونه مالا له واقعا ، ولكن نمنع بطلان التالي ، وهو فساد العقد بمعنى عدم الصحة التأهلية له ، بل نختار صحته التأهلية ، لكفاية مجرّد قصد

٣٦٨

ـ مع خطئه في قصده أو صوابه (١) في الواقع ـ لا يقدح (٢) ولا ينفع. ولذا (٣) بنينا على صحّة العقد بقصد نقل مال نفسه مع كونه مالا لغيره.

وأمّا (٤) أدلّة اعتبار التراضي وطيب النفس

______________________________________________________

النقل فيها من دون اعتبار قصد النقل إلى مال نفسه في صحته.

(١) معطوف على «خطئه» والضمائر في «خطئه ، قصده ، صوابه» راجعة إلى «العاقد» المفهوم من العبارة ، فالمصادر مضافة إلى الفاعل ، لا إلى المفعول.

(٢) خبر «وقصد» وقد مرّ وجه عدم نفع القصد المزبور وعدم قدحه في الصحة التأهلية.

(٣) أي : ولأجل كفاية مجرّد قصد النقل إلى مال معيّن في تحقق العقد وصحته التأهلية ـ وعدم نفع قصد كون المال لنفسه أو لغيره ، وعدم قدحه في صحته التأهّلية ـ بنينا على صحة العقد بقصد مال نفسه مع كونه مالا لغيره. وقد أفاده في مسألة اعتبار القصد وفي مواضع من بيع الفضولي ، كقوله : «فالقصد إلى العوض وتعيينه يغني عن تعيين المالك» (١). وقوله : «نهي المخاطب عن البيع دليل على عدم وقوعه مؤثرا في حقه ، فلا يدلّ على الغاية بالنسبة إلى المالك ، حتى لا تنفعه إجازة المالك في وقوعه له .. إلخ» (٢).

(٤) إشارة إلى وهم ودفعه. أمّا الوهم فحاصله : أنّه ـ بناء على كفاية مجرّد قصد نقل المال المعيّن في تحقق صورة العقد ـ يكون طيب النفس بنقل ذلك المال المعيّن حاصلا أيضا. ومعه لا حاجة إلى التمسك في إثبات لزوم الإجازة بما دلّ على اعتبار طيب النفس في حليّة مال أحد لغيره ، هذا.

وأمّا الدفع فحاصله : أنّ ما يعتبر في العقد إمّا مقوّم له وإمّا شرط له. والأوّل هو قصد مدلول العقد ، ولولاه لا يتحقق العقد العرفي. وقصد نقل مال شخصي مقوّم للعقد العرفي ومحصّل له ، وموجب لصحته التأهلية. والثاني طيب نفس المالك بما هو مالك بنقل ماله ، وهذا شرط صحته الفعلية.

ولا يغني ما يدلّ على ما هو مقوّم للعقد عمّا يدلّ شرعا على اعتبار ما هو شرط

__________________

(١) هدى الطالب ، ج ٤ ، ص ١٢١.

(٢) المصدر ، ص ٤٩٦.

٣٦٩

فهي (١) دالّة على اعتبار رضا المالك بنقل خصوص ماله بعنوان أنّه ماله (٢) ، لا بنقل مال معيّن يتّفق كونه ملكا له في الواقع ، فإنّ حكم طيب النفس والرضا لا يترتّب على ذلك (٣). فلو (٤) أذن في التصرّف في مال معتقدا أنّه لغيره ـ والمأذون يعلم أنّه له ـ لم يجز (٥) له التصرّف بذلك (٦) الإذن.

ولو (٧) فرضنا أنّه أعتق عبدا عن غيره فبان أنّه له ، لم ينعتق. وكذا (٨)

______________________________________________________

صحّته الفعليّة ، لأنّ طيب النفس ليس من مقوّمات العقد العرفي ، فلا بدّ من حصول طيب نفس المالك بما هو مالك ـ لا بما هو ذات المالك ـ في تحقق الصحّة الفعلية.

(١) جواب «وأمّا» وإشارة إلى دفع الوهم المزبور ، وقد اتّضح آنفا بقولنا : «وأما الدفع فحاصله».

(٢) يعني : والمفروض أنّ العاقد في الصورة الثالثة ـ وهي أن يبيع عن المالك ـ لم ينقل المال بعنوان أنّه ماله ، بل بعنوان أنه مال الغير.

(٣) أي : على نقل مال معيّن يتّفق كونه ملكا للعاقد واقعا.

(٤) هذا وما بعده من الفروع متفرّع على ما أفاده من ترتب الحكم بالصحة الفعلية على طيب نفس المالك بنقل ماله بعنوان أنّه ماله ، لا على طيب نفس من اتّفق كونه مالكا واقعا.

ومحصل هذا الفرع هو : أنّه لو أذن شخص لزيد أن يتصرّف في مال يعتقد الآذن أنّه مال الغير وليس مالا له ـ والمأذون يعلم أنّ المال ملك الآذن ـ لم يجز لزيد المأذون أن يتصرّف فيه اعتمادا على ذلك الإذن. وليس ذلك إلّا لأجل عدم صدور الإذن من المالك بعنوان كونه مالكا.

(٥) جواب «فلو أذن» والواو في قوله : «والمأذون» حالية.

(٦) الباء للسببية ، أي : لا يصحّ استناد جواز التصرف إلى ذلك الإذن.

(٧) هذا ثاني تلك الفروع ، وهو : أنّه لو أعتق عبدا عن زيد مثلا ، فبان أنّه ملكه ـ وليس ملكا لزيد ـ لم ينعتق العبد ، وليس ذلك إلّا لأجل عدم صدور الإذن من المالك بعنوان أنّه مالك.

(٨) هذا ثالث تلك الفروع ، وهو : أنّه لو طلّق امرأة وكالة عن زيد مثلا ، فبانت

٣٧٠

لو طلّق امرأة وكالة عن غيره ، فبانت زوجته ، لأنّ (١) القصد المقارن إلى طلاق زوجته وعتق مملوكه معتبر فيهما ، فلا (٢) تنفع الإجازة.

ولو (٣) غرّه الغاصب فقال : «هذا عبدي أعتقه عنك» فأعتقه (٤) عن نفسه ، فبان (٥) كونه له ، فالأقوى أيضا (٦) عدم النفوذ ، وفاقا للمحكيّ (١) عن التحرير وحواشي الشهيد وجامع المقاصد ، مع حكمه (٧)

______________________________________________________

زوجته ، لم يقع الطلاق ، لعدم شرطه وهو القصد المقارن ـ من الزوج بوصف كونه زوجا ـ لطلاق زوجته.

(١) تعليل لعدم وقوع الطلاق والعتاق ، وحاصله : فقدان شرط الصحة ، وهو القصد المقارن مع طلاق زوجته وعتق مملوكه.

(٢) هذه نتيجة شرطية مقارنة القصد للعقد ، توضيحه : أنّ الإجازة تنفع في العقد الجامع للشرائط التي منها قصد المالك بما هو مالك ، ففقده يوجب بطلان العقد ، وعدم تأثير الإجازة في صحّته.

(٣) هذا رابع تلك الفروع ، ومحصّله : أنّ الغاصب لو غرّ شخصا بأن قال له : «هذا عبدي فأعتقه عنك» فأعتقه الشخص المغرور عن نفسه ، فبان كون العبد للمعتق المغرور ، فالأقوى عدم الانعتاق وعدم النفوذ.

(٤) يعني : فأعتقه الشخص المغرور عن نفسه.

(٥) أي : فتبيّن كون العبد للمعتق المغرور ، وقوله «فالأقوى» جواب «ولو غرّه».

(٦) يعني : كالفروع المتقدمة من عتق عبد تبيّن كونه له ، وطلاق امرأة هي زوجته.

(٧) أي : مع حكم جامع المقاصد بصحة البيع في هذه الصورة ، وهي : أن يبيع عن المالك ثم ينكشف كونه مالكا ، ووقوفه على الإجازة.

وغرضه قدس‌سره : أن حكمه بالصحة في مثال البيع ربما يوهم منافاته لحكمه ببطلان

__________________

(١) الحاكي هو السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ، ج ٦ ، ص ٢٣٢ ، وكذلك لاحظ تحرير الأحكام ، ج ٢ ، ص ١٣٩ ، جامع المقاصد ، ج ٦ ، ص ٢٣٣ ، وقد حكى المحقق الكركي عدم النفوذ عن التحرير وحواشي الشهيد أيضا ، فراجع.

٣٧١

بصحّة البيع هنا (١) ووقوفه على الإجازة ، لأنّ (٢) العتق لا يقبل الوقوف ، فإذا (*) لم يحصل القصد إلى فكّ ماله مقارنا للصيغة وقعت باطلة (٣) ، بخلاف البيع (٤). فلا تناقض (٥) بين حكمه ببطلان العتق وصحّة البيع

______________________________________________________

العتق ، لكونهما من باب واحد. ولكن سيأتي في المتن دفع هذا التوهم.

(١) أي : في الصورة الثالثة من الصور الأربع المفروضة في المسألة الثالثة.

(٢) تعليل لقوله : «فالأقوى أيضا عدم النفوذ» وحاصل التعليل : أنّ العتق من الإيقاعات التي يبطلها التعليق ، فلا تتوقف صحته على الإجازة.

(٣) لفقدان ركنه ، وهو القصد إلى فكّ ماله بعنوان أنّه مالك العبد. ومع وقوع الصيغة باطلة لا تصحّ بالإجازة.

(٤) فإنّ صيغة البيع تقع صحيحة تأهّلا ، وتلزم بالإجازة.

(٥) يعني : فلا تناقض بين حكم جامع المقاصد ببطلان العتق وصحة البيع مع الإجازة. توضيح وجه التناقض : أنّ كلّ واحد من العتق والبيع من الأمور الإنشائية ، فلا بدّ من الحكم ببطلانهما أو صحتهما ، فالتفكيك بينهما بصحة البيع مع الإجازة وبطلان العتق رأسا تناقض.

وتقريب دفع هذا التناقض هو : وقوع صيغة العتق باطلة ، لعدم حصول القصد إلى فكّ ملكه مقارنا للعقد ، فلا يمكن تصحيحه بالإجازة. بخلاف البيع ، فإنّ صيغته تقع صحيحة مع الإجازة.

فالفرق بين العتق والبيع ـ مع انكشاف الخلاف في كليهما ، لكون العبد ملكا لمن أعتقه ، وكون المبيع ملكا للبائع الفضولي ـ هو : وقوع العتق باطلا ، لفقدان ركن صحته وهو القصد المزبور ، ووقوع البيع قابلا للصحة الفعلية بالإجازة.

__________________

(*) تفرّع هذا على قوله : «لأنّ العتق لا يقبل الوقوف» غير ظاهر ، لأجنبية التعليق عن عدم القصد إلى فكّ ماله ، لإمكان تحقق هذا القصد مع التعليق ، كأن يقول مالك العبد : «أعتقته إن قدم مسافري». فلا بدّ أن يكون عدم القصد وجها آخر لبطلان العتق.

فلعل الأولى أن يقال بدل «فإذا» : «ولأنه لم يحصل القصد إلى فك ماله .. إلخ».

٣٧٢

مع الإجازة كما يتوهّم (١).

نعم ينبغي إيراد التناقض على من حكم هناك (٢) بعدم النفوذ ، وحكم في البيع باللزوم وعدم الحاجة إلى الإجازة ، فإنّ (٣) القصد إلى إنشاء يتعلّق بمعيّن هو مال المنشئ في الواقع من غير علمه به (٤) إن كان (٥) يكفي في طيب النفس والرضا المعتبر

______________________________________________________

(١) يعني : كما يتوهّم التناقض من حكم المحقق الثاني قدس‌سره ببطلان العتق وصحة البيع مع الإجازة. والمتوهم هو السيّد الفقيه العاملي قدس‌سره ، حيث قال بعد نقل كلام المحقق الثاني ما لفظه : «قلت : قد قالوا في ما إذا باع مال أبيه بظنّ الحياة ، وأنّه فضولي ، فبان ميّتا حينئذ ، وأنّ المبيع ملكه : إنّ الوجه الصحة. بل قد يلوح من هبة الكتاب أنّه محلّ إجماع. وقال في جامع المقاصد في توجيه كلامهم : إنّ قصده إلى أصل البيع كاف. وهنا يقولون : قصده إلى أصل العتق [غير] كاف. وكلّما أورده هنا جار هناك. بل هنا زيادة ليست هناك ، وهي بناء العتق على التغليب .. إلخ» (١).

(٢) أي : في باب العتق بعدم النفوذ أي البطلان ، وفي باب البيع باللزوم وعدم الحاجة إلى الإجازة ، والمفروض أنّ العاقد في كلّ من العتق والبيع جاهل حين العقد بكون المال الذي يتعلّق به الإنشاء ملكا له. وقد تقدم في (ص ٣٦٣) ما نسبه صاحب المقابس إلى جماعة من صحة البيع فعلا ، في هذه الصورة ، فراجع.

(٣) هذا تقريب التناقض ، توضيحه : أنّ مجرّد إنشاء المنشئ على مال معيّن مملوك له واقعا ـ مع جهله بذلك ـ إن كان كافيا في حصول الطيب المعتبر في جميع الإنشاءات المتعلقة بأموال الناس ، وجب الحكم بوقوع العتق. وإن لم يكن كافيا في حصوله ، لاعتبار علم المنشئ حين الإنشاء بكون المال ملكا له ، وعدم كفاية المصادفة للواقع في تحقق الطيب ، وجب الحكم بعدم لزوم البيع ، وباحتياج لزومه إلى الإجازة.

وبالجملة : كيف يجمع بين بطلان العتق ولزوم البيع في صورة انكشاف كون المال المتعلق للإنشاء ملكا واقعا للمنشئ؟

(٤) أي : بأنّه ماله.

(٥) الجملة خبر قوله : «فان القصد».

__________________

(١) مفتاح الكرامة ، ج ٦ ، ص ٢٣٢.

٣٧٣

في جميع إنشاءات الناس المتعلّقة بأموالهم ، وجب (١) الحكم بوقوع العتق. وإن (٢) اعتبر في طيب النفس المتعلّق بإخراج الأموال عن الملك العلم (٣) بكونه مالا له ولم يكف مجرّد مصادفة الواقع ، وجب (٤) الحكم بعدم لزوم البيع.

فالحقّ (٥) أنّ القصد إلى الإنشاء المتعلّق بمال معيّن مصحّح للعقد ، بمعنى قابليته للتأثير ، ولا يحتاج إلى العلم (٦) بكونه مالا له. لكن لا يكفي ذلك (٧) في تحقّق الخروج عن ماله بمجرّد الإنشاء (٨).

______________________________________________________

(١) جواب «ان كان» ، وجه الوجوب هو قصد الإنشاء من المالك الواقعي الجاهل بكون المال ملكا له ، والمفروض كفاية ذلك في تحقق المنشأ في وفاء الاعتبار.

(٢) معطوف على «ان كان».

(٣) نائب فاعل «اعتبر» يعني : وإن اعتبر العلم بكون المال ملك المنشئ في حصول طيب النفس المتعلّق بإخراج الأموال عن الملك ، وجب الحكم بعدم لزوم البيع.

(٤) جواب «وإن اعتبر» وجملة «ولم يكف» حالية.

(٥) هذا مختار المصنف قدس‌سره في الصورة الثالثة ، وهي : أنّ يبيع عن المالك ، ثم ينكشف كونه مالكا. ومحصّل ما أفاده في ذلك هو الفرق بين البيع والعتق في فرض انكشاف الواقع ومطابقة الظاهر للواقع ، بالقول بصحة الأوّل وبطلان الثاني.

بتقريب : أنّه يكفي في الصحة التأهلية ـ بمعنى القابلية للتأثير ـ مجرّد الإنشاء المتعلّق بمال معيّن ، ولا تتوقف على علم المنشئ بكون ذلك المال ملكا له. ولكن لا يكفي مجرّد ذلك الإنشاء في خروج المال عن ملكه. فإن كان ذلك الإنشاء من العقود القابلة للزوم بلحوق الرضا كفت الإجازة في اللزوم وخروج المال عن ملكه. وإن لم يكن قابلا للزوم بالرضا اللّاحق وقع الإنشاء باطلا وغير قابل للتأثير ، كما في الإيقاعات ، فإنّها ـ كما قيل ـ لا تقبل الوقوف على الإجازة.

(٦) أي : علم المنشئ بكون المال المعيّن مالا له.

(٧) أي : لا يكفي قصد الإنشاء ـ المتعلّق بمال معيّن ـ في تحقق الخروج عن ملكه ، وهذا هو الذي يعبّر عنه بالصحة الفعلية.

(٨) يعني : بل يحتاج إلى إجازة ، وبدونها لا يتحقق البيع في الخارج ، فلا وجه للقول

٣٧٤

ثمّ إن كان ذلك الإنشاء ممّا يقبل اللزوم بلحوق الرضا كفت الإجازة كما في العقود ، وإلّا (١) وقع الإنشاء باطلا كما في الإيقاعات (٢).

ثمّ إنّه (٣) ظهر ممّا ذكرنا في (٤) وجه الوقوف على الإجازة : أنّ هذا الحقّ (٥) للمالك من باب الإجازة (٦) ،

______________________________________________________

بلزومه بدون الإجازة.

(١) أي : وإن كان ذلك الإنشاء ممّا لا يقبل اللزوم .. إلخ.

(٢) التي منها الطلاق والعتاق ، فإنّه ادعى الشهيد قدس‌سره في غاية المراد : اتفاقهم على بطلان إيقاع الفضولي ، فراجع (١).

(٣) الغرض من هذا الكلام بيان عدم كون الإجازة هنا من باب الخيار كما سيأتي توضيحه.

(٤) من قوله : «فالدليل على اشتراط تعقب الإجازة في اللّزوم هو عموم تسلط الناس .. إلخ» فلاحظ (ص ٣٦٧).

(٥) وهو وقوف صحة العقد على الإجازة ، وسلطنة المجيز على الإجازة.

(٦) لا من باب الإمضاء الذي هو أحد طرفي الخيار ، وطرفه الآخر إزالة العقد كما قرّر في تعريف الخيار.

توضيح المقام بنحو ينكشف به الفرق بين الإجازة والإمضاء في باب الخيارات هو : أنّ توقف تأثير العقد على رضا المالك ببيع ماله بعنوان أنّه ماله ـ كما تقتضيه ظواهر عمومات أدلة التجارة والسلطنة والحلّ ، أو مناسبة الحكم للموضوع ـ يقتضي عدم تحقق العقد المؤثر مع انتفاء هذا الرضا. فإذا باع مالا عن مالكه مع اعتقاده بعدم كونه مالا له لم يتحقق العقد.

وعليه فالإجازة الكاشفة عن هذا الرضا جزء السبب المؤثر ومتمّمة ، فهي توجب حدوث العقد المؤثر ، بخلاف الإمضاء الذي هو أحد طرفي الخيار ، فإنّه يوجب بقاء العقد المؤثر.

__________________

(١) تقدم كلامه في أوّل مسألة البيع الفضولي ، لاحظ الجزء الرابع من هذا الشرح ، ص ٣٤٩.

٣٧٥

لا من باب خيار الفسخ (١) ، فعقده (٢) متزلزل من حيث الحدوث ، لا البقاء كما قوّاه (٣) بعض من قارب عصرنا ، وتبعه بعض (٤) من عاصرناه

______________________________________________________

والحاصل : أنّ الإجازة توجد العقد المؤثّر ، والإمضاء يبقيه. فالإجازة ليست من باب الخيار ، وأجنبية عنه ، فبينهما فرق واضح.

وبعبارة أخرى : الفرق بين الإجازة وإمضاء العقد الخياري هو : أنّ الإجازة مصحّحة للعقد الذي لم يكن تامّا حدوثا ، لعدم استناده إلى المالك قبل الإجازة ، ولم يحرز رضاه بالمعاملة إلّا بها. فيكون العقد متزلزلا حدوثا ، ويتوقف تماميته على الإجازة. بخلاف موارد الخيار ، فإنّ العقد تام حدوثا ومتزلزل بقاء ، يعني بعد حدوث البيع المستند إلى المالك قد يتزلزل لثبوت الخيار فيه ، وقد يلزم من أوّل الأمر ، لانتفاء سبب الخيار.

(١) لما مرّ آنفا من : أنّ الإمضاء علّة مبقية للعقد ، والإجازة علّة محدثة له.

(٢) أي : فعقد البائع عن المالك ـ مع جهله بكون المال له ـ متزلزل .. ، والفاء للتفريع ، يعني : فنتيجة إناطة صحة البيع برضا المالك بنقل ماله ـ بعنوان أنه ماله ـ هي : كون عقد البيع في هذه الصورة الثالثة متزلزلا حدوثا ، لا بقاء كما في باب الخيار ، فإنّ العقد فيه متزلزل بقاء.

(٣) يعني : كما قوّى تزلزل العقد بقاء ـ لا حدوثا ـ بعض من قارب عصرنا ، وهو صاحب المقابس ، فإنّه قدس‌سره حكم بعدم لزوم العقد من حين وقوعه لئلّا يؤدّي إلى الضرر المنفي في الشرع ، ثم قال : «وهل جواز فسخه للعقد من باب الخيار ، أو لتوقّفه على الإجازة؟ وجهان. والأوّل لا يخلو من قوّة ، لأنّه مقتضى قاعدة نفي الضرر. ولأنّه بناء على صحة العقد لو سلّم المال إلى المشتري وسلّطه عليه ، ثم انكشف كونه ملكه ، جاز للمشتري حينئذ أن يتصرف فيه ، ولا يضمن شيئا أصلا .. إلخ» (١).

(٤) قيل : إنّه صاحب الجواهر قدس‌سره لكنّي لم أظفر في كلامه ـ في بيع الفضولي ـ بترجيح تزلزل العقد بقاء لأجل الخيار ، كما رجّحه صاحب المقابس ، وإنّما الموجود في الجواهر ـ بعد ترجيح الصحة ـ التوقف على الإجازة أو الخيار ، فلاحظ قوله : «والمتّجه

__________________

(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٣٩.

٣٧٦

معلّلا (١) بقاعدة نفي الضرر.

إذ (٢) فيه : أنّ الخيار فرع الانتقال ، وقد تقدّم (٣) توقّفه (٤) على طيب النفس.

وما ذكراه (٥) من الضرر المترتّب على لزوم البيع ليس لأمر راجع إلى العوض

______________________________________________________

فيه الوقوف على الإجازة كما سمعته من الكركي ، أو إثبات الخيار ، إلّا أنّي لم أجد من احتمله» (١) ، ولعلّه قدس‌سره لم يقف على كلام معاصره صاحب المقابس.

(١) حال من «بعض من قارب» وحاصله : أنّ صاحب المقابس قدس‌سره علّل ما قوّاه من تزلزل العقد بقاء لا حدوثا في الصورة الثالثة ـ وأنّه من باب الخيار ـ بما محصله : أنّه يمكن أن يكون بيعه مالا يعتقد أنّه للغير ـ بعنوان صاحبه ـ بأقل من قيمته الواقعية ، فإذا أجاز البيع بذلك الثمن الذي وقع عليه العقد بعد انكشاف كونه مالكا للمبيع لزم تضرره ، والضرر منفي في الشريعة ، فيجبر ضرره بالخيار.

(٢) تعليل لقوله : «لا البقاء» وضمير «فيه» راجع الى ما أفاده صاحب المقابس وملخص إشكال المصنف قدس‌سرهما عليه : أنّ مورد الخيار هو العقد المؤثر في النقل والانتقال ، ومن المعلوم أنّ مؤثرية العقد ـ كما تقدم آنفا ـ منوطة بطيب نفس المالك بنقل مال بعنوان أنّه ماله ، والمفروض أنّه مفقود في هذه الصورة الثالثة ، فلم يتحقق الانتقال حتى يثبت فيه الخيار.

(٣) يعني : وقد تقدم توقف تأثير العقد في الانتقال على الإجازة في (ص ٣٦٧) بقوله : «فالدليل على اشتراط تعقب الإجازة في اللزوم هو عموم تسلّط الناس على أموالهم ، وعدم حلّها لغيرهم إلّا بطيب أنفسهم ..».

(٤) أي : توقف الانتقال على طيب النفس.

(٥) هذا إشكال المصنف قدس‌سره على ما ذكره صاحبا المقابس والجواهر قدس‌سرهما من التمسك بقاعدة نفي الضرر لإثبات تزلزل العقد بقاء الموجب للخيار.

__________________

(١) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣٠٠ ، ولا يخفى أن المصنف يعبّر عن صاحب المقابس تارة ببعض المحققين كما في بيع الصبي ، واخرى ب «من قارب عصرنا» كما في أوّل البيع وفي مسألة «من باع ثم ملك» وثالثة ب «من عاصرناه» كما في مسألة اعتبار القصد ، وكذا في ما سيأتي في شرائط العوضين في بيع العين المرهونة.

٣٧٧

والمعوّض (١) ، وإنّما هو (٢) لانتقال الملك عن مالكه من دون علمه ورضاه ، إذ (٣) لا فرق في الجهل بانتقال ماله بين (٤) أن يجهل أصل الانتقال كما يتّفق في الفضوليّ ، أو يعلمه (٥) ويجهل تعلّقه بماله. ومن المعلوم أنّ هذا الضرر (٦) هو المثبت ، لتوقّف

______________________________________________________

وتقريبه : أنّ الضرر تارة يترتب على العقد الصحيح الجامع لشرائط التأثير ، كالضرر المالي الحاصل في العوضين الناشئ عن الجهل بالقيمة الواقعية التي هي أزيد من العوض المسمى ، وحيث إنّ العلم بالقيمة ليس من شرائط صحة العقد حتى يبطل بفقدانه ، فيجبر هذا الضرر المالي بالخيار المسمّى بخيار الغبن.

واخرى يتقدّم على العقد ، وهو الضرر الناشئ عن عدم طيب نفس المالك الذي هو شرط الانتقال وصحة العقد كما فيما نحن فيه وهو الصورة الثالثة. ومثل هذا الضرر المخلّ بسلطنة المالك على ماله مانع عن صحّة العقد ، وموجب لتزلزله حدوثا.

(١) حتى يكون العقد صحيحا ويجبر الضرر بالخيار. وهذا إشارة إلى القسم الأوّل من الضرر ، وقد مرّ توضيحه آنفا بقولنا : «ان الضرر تارة يترتب ..».

(٢) أي : الضرر الحاصل ـ في الصورة الثالثة ـ هو القسم الثاني الذي اتضح بقولنا : «واخرى يتقدّم على العقد ، وهو الضرر الناشئ عن .. إلخ».

(٣) تعليل لكون الضرر المتصور في هذه الصورة الثالثة هو الضرر الحاصل من انتقال المال عن مالكه من دون علمه ورضاه. ولا فرق في الضرر الحاصل لأجل الانتقال بين كونه ناشئا من الجهل بأصل الانتقال كما يتفق غالبا في الفضولي ، فإنّ المالك جاهل غالبا بأصل الانتقال فيه ، وبين كونه ناشئا من الجهل بتعلق الانتقال بماله مع علمه بأصل الانتقال كما فيما نحن فيه ، ومن المعلوم أنّ هذا الضرر أوجب إناطة صحة عقد الفضولي بالإجازة.

(٤) الجملة خبر قوله : «لا فرق».

(٥) يعني : أو يعلم أصل الانتقال ويجهل تعلّقه بماله كما في هذه الصورة الثالثة.

(٦) وهو الضرر المترتب على انتقال المال عن مالكه بدون علمه ورضاه ، وقد مرّ أنّ المراد بهذا الضرر هو النقص في سلطنته المالك على ماله ، لا الضرر المالي الراجع إلى العوضين.

٣٧٨

عقد الفضوليّ على الإجازة ، إذ لا يلزم من لزومه (١) بدونها سوى هذا الضرر (٢).

ثمّ إنّ الحكم بالصحّة في هذه الصورة (٣) غير متوقّفة (٤) على القول بصحّة عقد الفضولي ، بل يجي‌ء على القول بالبطلان (٥). إلّا (٦) أن يستند في البطلان

______________________________________________________

(١) أي : لزوم عقد الفضولي. وهذا تعليل لتوقف عقد الفضولي على الإجازة ، وحاصله : أنّه يلزم من لزوم عقد الفضولي بدون إجازة المالك نقص في سلطان المالك على ماله ، وهذا النقص لا يجبر بالمال ، كما تقدم أنّ النقص المالي يجبر بالخيار الذي يتعلّق بالعقد الصحيح ويجعله متزلزلا بقاء. وإنّما يجبر النقص السلطاني بطيب النفس الذي هو شرط الانتقال ، فبدون الرضا والطيب يكون العقد متزلزلا حدوثا ، فالخيار متأخر عن طيب النفس بمرتبتين : إحداهما : تأخره عن نفس العقد ، وثانيتهما : تأخر العقد عن طيب النفس المتقدم على العقد.

فالنتيجة : أنّ علّة توقف صحة عقد الفضولي على الإجازة هي لزوم الضرر ، أي النقص في سلطنة المالك على ماله ، فالطيب شرط لصحة العقد وانتقال المال بالعقد.

(٢) وهو النقص السلطاني المترتب على انتقال المال عن مالكه من دون علمه وطيب نفسه.

(٣) وهي الصورة الثالثة ، وهي أن يبيع عن المالك ، ثم تبيّن كونه مالكا. غرضه : أنّ هذه الصورة ليست من أفراد عقد الفضولي حتى تتوقف صحتها على صحة عقد الفضولي ، إذ المفروض صدور العقد عن المالك لا عن غيره ، غاية الأمر أنّه كان جاهلا بكونه مالكا للمبيع.

(٤) كذا في كثير من النسخ. والمناسب «غير متوقف» كما في نسخة مصححة غير ما بأيدينا.

(٥) أي : ببطلان عقد الفضولي في جميع الموارد.

(٦) هذا استدراك على صحة العقد في الصورة الثالثة ، والذهاب إلى بطلانه ، ومحصل الاستدراك الذي هو وجه البطلان : أنّه ـ بناء على كون مستند بطلان عقد الفضولي مطلقا قبح التصرف في مال الغير ـ يتجه بطلان العقد في الصورة الثالثة ، لأنّ البائع باعتقاده تصرّف في مال الغير بدون إذنه ، وهو قبيح ، إذ القبح مترتب على اعتقاد كون المبيع ملك الغير. فإن كان مصادفا للواقع كان عصيانا ، وإلّا ـ كالمقام ـ كان تجرّيا ، إذ المفروض كونه مالكا واقعا. ولا فرق في القبح بين العصيان والتجرّي.

٣٧٩

بما تقدّم (١) من قبح التصرّف في مال الغير ، فيتّجه عنده (٢) حينئذ البطلان [ثم يغرم المثمن إن كان جاهلا] (٣).

الرابعة (٤) : أن يبيع لنفسه باعتقاد أنّه لغيره ، فانكشف أنّه له.

______________________________________________________

ثم إنّ ما أفاده من قوله : «ثم إن الحكم بالصحة» إلى هنا لا يخلو من تعريض بصاحب المقابس ، حيث إنّه قدس‌سره منع أيضا من ابتناء الصحة والبطلان في هذه المسألة على صحة البيع الفضولي وفساده كلّيّة ، حيث قال : «واعلم أنّ هذه المسألة كبعض المسائل السابقة جارية على القول ببطلان الفضولي أيضا» (١).

وظاهره الإطلاق ، سواء أكان الدليل على بطلان الفضولي هو العقل أم النقل.

ووجه إيراد المصنف عليه حينئذ هو : أنّ عدم الابتناء المزبور متّجه لو كان الدليل على البطلان ما عدا الوجه العقلي ، وهو قبح التصرف في مال الغير. وأمّا لو كان الوجه فيه ذلك اتّجه بطلان البيع في مسألتنا ، وهي : أن يبيع عن المالك فتبيّن كونه مالكا ، كما عرفت توضيحه آنفا. فإطلاق كلام المقابس ممنوع.

(١) من قوله في عدا أدلة المبطلين : «الرابع ما دل من العقل والنقل على عدم جواز التصرف» (٢).

(٢) أي : عند المستدل على البطلان حين الاستناد في بطلان عقد الفضولي إلى قبح التصرف في مال الغير.

(٣) هذه الجملة قد شطب عليها في النسخة المعتمدة. وسيأتي تفصيل حكم الغرامات في أحكام الرد إن شاء الله تعالى في ص (٤٧٢) وما بعدها.

٤ ـ لو باع لنفسه باعتقاد أنّه لغيره ، فانكشف انّه له

(٤) أي : الصورة الرابعة من الصور الأربع المفروضة في المسألة الثالثة من مسائل الأمر الثالث من الأمور المتعلقة بمباحث المجيز ، وهذه الصورة هي : أن يبيع شخص لنفسه باعتقاد أنّ المبيع مال غيره ، فانكشف أنّه ماله.

والحكم حينئذ صحة العقد حتى على القول ببطلان الفضولي في جميع الموارد ، وذلك لخروجه موضوعا عن الفضولي ، لصدور العقد من المالك لنفسه ، لا صدوره من

__________________

(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٣٩.

(٢) راجع الجزء الرابع من هذا الشرح ، ص ٥١٢.

٣٨٠