أسرار التكرار في القرآن

محمود بن حمزة بن نصر الكرماني

أسرار التكرار في القرآن

المؤلف:

محمود بن حمزة بن نصر الكرماني


المحقق: عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفضيلة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٥٩

الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) (٢٣) (١).

سورة نوح

٥٣٥ ـ قوله : (قالَ نُوحٌ) (٢١) بغير واو ، ثم قال : (وَقالَ نُوحٌ) (٢٦) بزيادة الواو ، لأن الأول ابتداء دعاء ، والثانى عطف عليه.

٥٣٦ ـ قوله : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) (٢٤) ، وبعده :(إِلَّا تَباراً) (٢٨) (٢) ، لأن الأول وقع بعد قوله : (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) (٢٤) ، والثانى بعد قوله : (لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢٦) فذكر فى كل مكان ما اقتضاه معناه.

سورة الجنّ

٥٣٧ ـ قوله : (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) (٣). كرر (أن) مرات ، واختلف القراء فى اثنتى عشرة منها ، وهى من قوله : (وَأَنَّهُ تَعالى ...) (٣) إلى قوله : (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ) (١٤) ، ففتحها

__________________

(١) لم يذكر المؤلف علة التكرار فى الصلاة ، ولا الفرق بين (دائِمُونَ) و (يُحافِظُونَ) وذلك أن ما فى سورة المؤمنون بدأ بذكر الخشوع فى الصلاة إذ لا جدوى بدون الخشوع. ثم ذكر صفات تعين على الخشوع وإقام الصلاة هى :

١ ـ الإعراض عن اللغو. ٢ ـ وأداء الزكاة.

٣ ـ والعفة. ٤ ـ وحفظ الأمانة والعهد.

٥ ـ ومن حفظ تلك الخلال حافظ على الصلاة فى وقتها. فقال تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ).

وفى سورة المعارج ذكر العلة التى تزلزل الإيمان وهى : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً. إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً. وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) [١٩ ـ ٢١]. وذكر أنه لا ينجو من تلك العلة إلا من تمكنت الصلاة والخشوع من قلبه ، ودوام عليها حتى دام له معنى الصلاة فيها وفى غيرها من الأوقات ، ذكرا لربه وصلة دائمة به. ثم ذكر سائر الصفات السابقة فى المؤمنون ، وختمها بقوله : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) بالإفراد لتعم وقت الصلاة وغيره. أى : يحافظون على معنى الصلاة فى قلوبهم ، فيها وفى غيرها من الأوقات وهو : (المراقبة لله فى كل وقت) والله أعلم.

(٢) تبارا : هلاكا ودمارا.

٢٤١

بعضهم عطفا على (أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ) (١) ، وكسرها بعضهم على قوله : (إِنَّا سَمِعْنا) (١) ، وبعضهم فتح أنه عطفا على (أَنَّهُ) وكسر إنا عطفا على (إِنَّا) وهو شاذ (١).

سورة المزّمّل

٥٣٨ ـ قوله : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) (٢٠) ، وبعده :(فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (٢٠) ، لأن الأول فى الفرض ، وقيل : فى النافلة ، وقيل : خارج الصلاة ، ثم ذكر سبب التخفيف فقال : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) (٢٠) ، ثم أعاد فقال : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (٢٠) ، والأكثرون على أنه فى صلاة المغرب والعشاء.

سورة المدّثر

٥٣٩ ـ قوله : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ. فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) «١٨ ـ ٢٠» ، أعاد (كَيْفَ قَدَّرَ) مرتين ، وأعاد (قَدَّرَ) ثلاث مرات ، لأن التقدير : إنه أى الوليد فكر فى بيان محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما أتى به ، وقدر ما يمكنه أن يقول فيهما ، فقال الله سبحانه : (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ). أى : القول فى محمد و (ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) ، أى : القول فى القرآن.

٥٤٠ ـ قوله : (كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) (٥٤). أى : تذكير ، وعدل إليها للفاصلة ، وقوله : (إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ. فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) «٥٤ ، ٥٥» ، وفى عبس : (إِنَّها تَذْكِرَةٌ) (١١) ، لأن تقدير الآية فى هذه السورة : إن القرآن تذكرة ، وفى عبس : إن آيات القرآن تذكرة (٢) ، وقيل : حمل التذكرة على التذكير ، لأنها بمعناه.

__________________

(١) انظر : (البحر المحيط ٨ / ٣٤٧) ولم يذكر هذه القراءة ، وإنما ذكر قراءة الفتح والكسر فحسب.

(٢) ويحتمل أن تكون التذكرة الثانية متوجهة إلى قصة الأعمى ، والآيات التى نزلت فيها ، توجيها للمؤمنين وإلى وسائل تربية المسلمين. أما الأولى فللقرآن كله ، لأن المقام مقام الكلام عن الإيمان والكفر ، لا طرائق تربية المسلمين.

٢٤٢

سورة القيمة

٥٤١ ـ قوله : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (١) ، ثم أعاد فقال :(وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (٢). فيه ثلاث أقوال (١) : أحدها :أنه سبحانه أقسم بهما ، والثانى : لم يقسم بهما ، والثالث : أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة ، وقد سبق بيانه فى التفسير (٢).

٥٤٢ ـ قوله : (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) (٨). وكرر فى الآية الثانية :(وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (٩) ، لأن الأول عبارة عن بياض العين (٣) ، بدليل قوله : (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) (٤) (٧) ، وفيه قول ثان ، وهو قول الجمهور : إنهما بمعنى واحد ، وجاز تكراره لأنه أخبر عنه بغير الخبر الأول.

وقيل : الثانى واقع موقع الكناية كقوله : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) «٥٨ : ١» فصرح تعظيما وتفخيما وتيمنا.

قلت : ويحتمل أن يقال : أراد بالأول الشمس قياسا على القمرين ، ولهذا ذكر فقال : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ). أى : جمع القمران ، فإن التثنية أخت العطف ، وهى دقيقة.

٥٤٣ ـ قوله : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) «٣٤ ، ٣٥» كررها مرتين ، بل كررها أربع مرات ، فإن قوله : (أَوْلى) تام فى الذم ، بدليل قوله :(فَأَوْلى لَهُمْ) «٤٧ : ٢٠». فإن جمهور المفسرين : ذهبوا إلى أنه للتهديد ، وإنما كررها ، لأن المعنى : أولى لك الموت ، فأولى لك العذاب

__________________

(١) فى الأصول : ثلاث أقوال.

(٢) درج المؤلف على الإحالة على تفسيره ، ولا يوجد كاملا فيما نعلمه من مخطوطات إلى الآن.

(٣) لم نجد هذا المعنى فيما لدينا من كتب التفسير.

(٤) برق البصر : فزع ودهش.

٢٤٣

فى القبر ، ثم أولى لك أهوال القيامة ، وأولى لك عذاب النار. نعوذ بالله منها.

سورة الإنسان

٥٤٤ ـ قوله : (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ) (١٥) ، وبعده : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ) (١٩) ، إنما ذكر الأول بلفظ المجهول ، لأن المقصود ما يطاف به لا الطائفون ، ولهذا قال : (بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ) (١٥) ، ثم ذكر الطائفين فقال : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) (١٩).

٥٤٥ ـ قوله : (مِزاجُها كافُوراً) (٥) ، وبعدها : (زَنْجَبِيلاً) (١٧) و (سَلْسَبِيلاً) (١٨) ، لأن الثانية غير الأولى ، وقيل : كافورا اسم علم لذلك الماء ، واسم الثانى : زنجبيل ، وقيل : سلسبيلا (١) ، قال ابن المبارك : سل من الله إليه سلسبيلا (٢).

ويجوز أن يكون اسمها زنجبيلا ، ثم ابتدأ فقال : سل سبيلا. ويجوز أن يكون اسمها هذه الجملة كقولهم : «تأبط شرّا» و «برق نحره» ، ويجوز أن يكون معنى (تسمى) : تذكر ، ثم قال الله : سل سبيلا ، واتصاله فى المصحف لا يمنع هذا التأويل لكثرة أمثاله فيه.

سورة المرسلات

٥٤٦ ـ قوله : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) مكرر عشرات مرات (٣) ، لأن كل واحد منها ذكرت عقيب آية غير الأولى ، فلا يكون تكرارا مستهجنا ، ولو لم يكرر كان متوعدا على بعض دون بعض.

__________________

(١) قال ابن الأعرابى والزجاج : «لم أسمع السلسبيل إلا فى القرآن ، وهو ما كان من الشراب غاية فى السلاسة». (البحر المحيط ٨ / ٣٩٢).

(٢) لم يورد السيوطى فى الدر ، ولا أبو حيان فى البحر ، ولا الزمخشرى فى الكشاف هذا المعنى.

(٣) هى فى الآيات : [١٥ ، ١٩ ، ٢٤ ، ٢٨ ، ٣٤ ، ٣٧ ، ٤٠ ، ٤٥ ، ٤٧ ، ٤٩].

٢٤٤

وقيل : إن من عادة العرب التكرار والإطناب ، كما فى عادتهم الاقتصار والإيجاز ، ولأن بسط الكلام فى الترغيب والترهيب أدعى إلّا إدراك البغية من الإيجاز.

سورة النّبإ

٥٤٧ ـ قوله : (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) «٤ ، ٥». قيل : التكرار للتأكد ، وقيل : الأول للكفار ، والثانى للمؤمنين ، وقيل : الأول عند النزع ، والثانى فى القيامة ، وقيل : الأول ردع عن الاختلاف ، والثانى عن الكفر (١).

٥٤٨ ـ قوله : (جَزاءً وِفاقاً) (٢٦) ، وبعده : (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً) (٣٦) ، لأن الأول للكفار ، وقد قال الله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها). فيكون جزاؤهم على وفق أعمالهم ، والثانى للمؤمنين وجزائهم جزاء وافيا كافيا ، فلهذا قال : (حِساباً) (٣٦) أى : كافيا ، ومن قولك : حسبى وكفانى.

سورة النّازعات

٥٤٩ ـ قوله : (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) (٣٤) ، وفى غيرها : (الصَّاخَّةُ) «٨٠ : ٣٣» ، لأن الطامة مشتقة من : طممت البئر ، إذا كسبتها ، وسميت القيامة طامة ، لأنها تكبس كل شىء وتكسره ، وسميت الصاخة ، والصاخة من الصخ : الصوت الشديد ، لأنه بشدة صوتها يجثو لها الناس ، كما يتنبه النائم بالصوت الشديد.

__________________

(١) ويجوز أن تكون الأولى لما ينالهم من هزيمة على أيدى المؤمنين ، والثانية لما ينالهم من عذاب الآخرة. ويؤيد هذا أن السورة مكية ، وقرب ما ينالونه من هزيمة ملحوظ ، وكذلك استعمال ثم الدالة على التراخى وتوالى الهزائم. ولم تستعمل سوف للدلالة على أنه قريب بالنسبة له تعالى.

٢٤٥

وخصت النازعات بالطامة ، لأن الطم قبل الصخ ، والفزع قبل الصوت فكانت هى السابقة ، وخصت عبس بالصاخة لأنها بعدها وهى اللاحقة (١).

سورة التّكوير

٥٥٠ ـ قوله : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (٦) ، وفى الانفطار :(وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) (٣) ، لأن معنى سجرت عند أكثر المفسرين : أوقدت فصارت نارا ، من قولهم : سجرت التنور ، وقيل : هى بحار جهنم تملأ حميما فيعاقب بها أهل النار ، فخصت هذه السورة بسجرت موافقة لقوله : (سُعِّرَتْ) (١٢) ليقع الوعيد بتسعير النار وتسجير البحار.

وفى الانفطار وافق قوله : (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) (٢) ، أى : تساقطت (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) (٣) ، أى : سالت مياهها (٢) ففاضت على وجه الأرض و (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) (٤) ، قلبت وأثيرت ، وهذه الأشياء كلها زايلت أماكنها ، فلاقت كل واحدة قرائنها (٣).

٥٥١ ـ قوله : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) (١٤) ، وفى الانفطار : (ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) (٥) ، لأن ما فى السورة متصل بقوله : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) (١٠) فقرأها أربابها ، فعلموا (٤) ما أحضرت ، وفى الانفطار متصل بقوله : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) (٤) ، والقبور كانت فى الدنيا ، فيذكرون ما قدموا فى الدنيا وما أخروا فى العقبى (٥) ، فكل خاتمة لائقة بمكانها ، وهذه السورة من أولها شرط وجزاء ، وقسم وجواب.

__________________

(١) لم يذكر المؤلف سورة عبس ، ولعله اكتفى بما ذكره عنها فى آخر سورة النازعات.

(٢) فى أ : مائها.

(٣) فى ب : قراءتها. تحريف.

(٤) فى ب : فعلمت.

(٥) فى ب : فتتذكر ما قدمت فى الدنيا وما أخرت فى العقبى.

٢٤٦

سورة الانفطار

٥٥٢ ـ سبق ما فيها ، وقوله : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ. ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) «١٧ ، ١٨» تكرار أفاد التعظيم ليوم الدين ، وقيل : أحدهما : للمؤمن ، والثانى : للكافر.

سورة المطفّفين

٥٥٣ ـ قوله : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ. وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ. كِتابٌ مَرْقُومٌ) «٧ ـ ٩» ، وبعده : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ. وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ. كِتابٌ مَرْقُومٌ) «١٨ ـ ٢٠» التقدير فيهما : إن كتاب الفجار لكتاب مرقوم فى سجين ، وإن كتاب الأبرار لكتاب مرقوم فى عليين ، ثم ختم الأول بقوله : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١٠) ، لأنه فى حق الفجار ، وختم الثانى بقوله :(يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (٢١) ، فختم كل واحد بما لا يصلح سواه مكانه.

سورة الانشقاق

٥٥٤ ـ قوله : (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) «٢ ، ٥» ، لأن الأول : متصل بالسماء ، والثانى : متصل بالأرض ، ومعنى أذنت ، سمعت وانقادت وحق لها أن تسمع وتطيع ، وإذا اتصل واحد بغير ما اتصل به الآخر لا يكون تكرارا.

٥٥٥ ـ قوله : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ) (٢٢) ، وفى البروج : (فِي تَكْذِيبٍ) (١٩) راعى فواصل الآى مع صحة اللفظ وجودة المعنى (١).

__________________

(١) لم يوضح المؤلف ما ستر وراء مراعاة الفواصل من جودة المعنى وما بلغ الغاية من دقته. والذى لاحظته : أن الكلام فى سورة الانشقاق عن الأحياء من الكفار زمن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاستعمل القرآن الفعل المضارع دون اقترانه بما يحول معناه إلى الاستقبال دلالة على كفرهم

٢٤٧

سورة البروج

٥٥٦ ـ قوله : (ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) (١١). ذلك مبتدأ والفوز خبره ، والكبير صفته ، وليس له فى القرآن نظير.

سورة الطّارق

٥٥٧ ـ قوله : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (١٧). هذا تكرار وتقديره : مهل ، مهل ، مهل ، لكنه عدل فى الثانى إلى (أَمْهِلْهُمْ) لأنه من أصله ، وبمعناه ، كراهة التكرار. وعدل فى الثالث إلى قوله : (رُوَيْداً) (١٧) ، لأنه بمعناه ، أى : إروادا ، ثم إروادا. ثم صغر إروادا تصغير الترخيم فصار رويدا وذهب بعضهم إلى أن رويدا صفة مصدر محذوف ، أى : إمهالا رويدا فيكون التكرار مرتين ، وهذه أعجوبة (١).

سورة الأعلى

٥٥٨ ـ قوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ) «١ ـ ٢» وفى العلق : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (١) ، زاد فى هذه السورة (الْأَعْلَى) مراعاة للفواصل (٢) ، وفى هذه السورة : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) (٢) ، وفى العلق : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) (٢).

__________________

=فى الحال دون أن يغلق عليهم باب الإيمان. فلو قال فى هذه السورة : (فِي تَكْذِيبٍ) لاحتجوا بالقدر. أما فى سورة البروج فالكلام فى الذاهبين من الكفار (فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ). وقد ثبت كفرهم وليس لهم مستقبل حياة ، فاستعمل المصدر الشامل لكل الأوقات. ألا ترى أنه قال فى هذه السورة : (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ)؟.

وذلك من دلائل إعجاز القرآن.

(١) وجه العجب : تصرف القرآن الكريم فى الأسلوب بحيث يصلح بمقتضى التقدير موجزا ومسهبا فى تركيب واحد.

(٢) ليس الوجه هو مراعاة الفواصل فحسب ، بل إن ما فى سورة الأعلى اقترن اسم الرب بالتسبيح ، والتسبيح تنزيه ، والتنزيه علو ، فاقتضى (الْأَعْلَى) فهو توجه محض إلى الأعلى ، ولذلك أخر (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) [٦].

٢٤٨

سورة الغاشية

٥٥٩ ـ قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ) (٢) ، وبعده : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ) (٨) ليس بتكرار ، لأن الأول : هم الكفار ، والثانى : المؤمنون ، وكان القياس أن يكون الثانى بالواو للعطف ، لكنه جاء على وفاق الجمل قبلها وبعدها ، وليس معهن واو العطف البتة.

٥٦٠ ـ قوله : (وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ. وَنَمارِقُ) (١) «١٤ ، ١٥» كلها قد سبق ، وقوله : (وَإِلَى السَّماءِ) (١٨) ، (وَإِلَى الْجِبالِ) (١٩) ليس من الجمل ، بل هى أتباع لما قبلها.

سورة الفجر

٥٦١ ـ قوله تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ) (١٥) ، وبعده : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ) (١٦) ، لأن التقدير فى الثانى أيضا : وأما الإنسان فاكتفى بذكره فى الأول. والفاء لازم بعده ، لأن المعنى مهما يكن من شىء فالإنسان بهذه الصفة ، لكن الفاء أخرت ليكون على لفظ الشرط والجزاء (٢).

سورة البلد

٥٦٢ ـ قوله : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (١) ، ثم قال : (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) (٢) كرره وجعله فاصلا فى الآيتين ، وقد سبق القول فى مثل هذا. ومما ذكر فى هذه السورة على الخصوص أن التقدير :

__________________

=وفى العلق اقترن اسم الرب بالقراءة ، وهى رسالة كلف بها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأهل الأرض. فهو تسبيح مع تكليف ، فاقتضى حذف (الْأَعْلَى) لئلا يستغرقه شهود العلو ، فلا يقوى على أداء الرسالة فى الأرض : (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ).

(١) النمارق : جمع نمرقة وهى : البساط.

(٢) وسر الشرط والجزاء : بيان فهم الإنسان حكمة الله فيه ، وأنه خاطئ فى نسبة الإهانة إلى الله ، بل أهان الإنسان نفسه بعدم إكرام اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين عند الفقد.

٢٤٩

لا أقسم بهذا البلد وهو حرام ، وأنت حل بهذا البلد (١) ، وهو حلال ، لأنه أحلت له مكة حتى قتل فيها من شاء (٢) وقاتل ، فلما اختلف معناه صار كأنه غير الأول ، ودخل فى القسم الذى يختلف معناه ويتفق لفظه.

سورة الشمس

٥٦٣ ـ قوله : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) (١٢). قيل : هما رجلان : قدار بن سالف ، ومصدع بن يزدهر (٣) فوحد لروى الآية.

سورة الليل

٥٦٤ ـ قوله : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) (٧) ، وبعده : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (١٠) أى : نسهله للحالة اليسرى ، والحالة العسرى ، وقيل : الأولى : الجنة ، والثانية : النار. ولفظه سنيسره. وجاء فى الخبر : «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» (٤).

سورة الضّحى

٥٦٥ ـ قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (٩) كرر (أَمَّا) ثلاث مرات ، لأنها وقعت فى مقابلة ثلاث آيات أيضا ، وهى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى. وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى. وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى *

__________________

(١) أخرج الشيخان وأبو داود عن أبى هريرة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله تعالى حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليهم رسوله والمؤمنين ، وإنها لم تحل لأحد قبلى ، وإنها إنما حلت لى ساعة من نهار ، وإنها لن تحل لأحد بعدى». (تيسير الوصول ٢ / ٢٧٤ ، ٢٧٥) حلبى.

(٢) قتل يوم الفتح عبد الله بن خطل. فقد أخرج الستة عن أنس : أن رجلا جاء إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الفتح فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة. فقال : اقتلوه.

(تيسير الوصول ٢ / ٢٧٣).

(٣) ذكر أبو حيان أن اسمه مصدع بن مهرج ، وقال : استغويا سبعة نفر فكانوا تسعة (البحر المحيط ٤ / ٣٣٠).

(٤) أخرجه الإمام أحمد فى مسند (١ / ٢٧ و ٤ / ٦٧ و ٦ / ٤٤١) ، وأبو داود فى السنة وهو حديث وليس بخبر كما زعم المؤلف.

٢٥٠

فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) «٦ ـ ٩» واذكر يتمك و (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) (١٠) واذكر فقرك. (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (١١) واذكر ضلالك والإسلام ، ولقوله : (ضَالًّا) وجوه ذكرت فى موضعها (١).

سورة الشرح

٥٦٦ ـ قوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) «٥ ، ٦» ليس بتكرار ، لأن المعنى : إن مع العسر الذى أنت فيه من مقاساة الكفار يسرا فى العاجل ، وإن مع العسر الذى أنت فيه من الكفار يسرا فى الآجل ، فالعسر واحد ، واليسر اثنان.

وعن عمر رضى الله عنه : «لن يغلب عسر يسرين» (٢).

سورة التّين

٥٦٧ ـ قوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (٤) ، وقال فى البلد : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) «٩٠ : ٤» لا مناقضة بينهما ، لأن معناه عند كثير من المفسرين : منتصب القامة معتدلها ، فيكون فى معنى : أحسن تقويم ، ولمراعاة الفواصل فى السورتين جاء على ما جاء.

__________________

(١) أخرج السيوطى عن ابن عباس رضى الله عنهما فى معناه : ووجدك بين ضالين فاستنقذك منهم. (الدر المنثور ٦ / ٣٦٢).

وقال أبو حيان : لا يمكن حمله على الضلال الذى هو ضد الهداية ، لأن الأنبياء معصومون من ذلك (البحر المحيط ٨ / ٤٨٦). وأجاد أبو زيد الدبوسى فى تفسير الآية فقال : لم يكن فى الأنبياء بحكم الفطرة خبث يدعوهم إلى المضل ، ولا ما يهديهم إلى المحل ، وكانوا فى مقام الحيرة ضالين عن الطريق بالوقوف على المنزل حتى هدوا بالعقل والكتاب المنزل .. (الأمد الأقصى. كتاب أقسام الناس فى الدين ، ورقة ٨٧) وقد أفاض فى الحديث عن الموضوع.

(٢) هذا حديث عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخرجه السيوطى عن عبد بن حميد عن قتادة بلاغا ، وعن ابن مردويه عن الحسن ، وعن جابر بن عبد الله ، وعن البزار وابن أبى حاتم والطبرانى فى الأوسط ، وابن مردويه والبيهقى فى الشعب عن أنس وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر فدخل عليه حتى يخرجه» ، فأنزل الله : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً). وعند الطبرانى : وتلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الآيتين (الدر المنثور ٦ / ٣٦٤).

٢٥١

سورة العلق

٥٦٨ ـ قوله : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (١) ، وبعده : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ) (٣) ، وكذلك : (الَّذِي خَلَقَ) (١) ، وبعده : (خَلَقَ) (٢) ، ومثله : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (٤) و (عَلَّمَ الْإِنْسانَ) (٥) ، لأن قوله : (اقْرَأْ) مطلق ، فقيده بالثانى ، والذى خلق علم فخصه بما بعده ، و (عَلَّمَ) مبهم ففسره فقال : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (١).

سورة القدر

٥٦٩ ـ قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) «١ ، ٢» ، ثم قال : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (٣) فصرح به وكان حقه الكناية رفعا لمنزلتها ، فإن الاسم قد يذكر بالتصريح فى موضع الكناية تعظيما وتخويفا كما قال الشاعر :

لا أرى الموت يسبق الموت حتى

نغص الموت ذا الغنى والفقيرا

فصرح باسم الموت ثلاث مرات تخويفا ، وهو من أبيات الكتاب.

__________________

(١) ما ذكره المؤلف فى هذه السورة لا يكفى للكشف عن براهين القرآن فيها. والذى أراه والله أعلم : أن (اقْرَأْ) الأولى خاصة بالقرآن حفظا وتأملا ، لأنها كذلك فى سبب نزولها. وقرنها بقوله : (بِاسْمِ رَبِّكَ) تنبيها على الاستعانة به تعالى فى فهم مراده من كتابه. و (اقْرَأْ) الثانية مراد بها جميع العلوم المدونة التى تعين على زيادة الإيمان وقوته ، بالاستعانة بالله وبفيض كرمه ، ولذلك قال : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) بعد قوله : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ).

و (خَلَقَ) الأولى حث على التأمل فى صفة الخلق بالاستعانة به (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) وكذلك سائر جزئيات الخلق.

و (عَلَّمَ) الأولى هى العلوم المكتوبة المدونة بالقلم مما يعين على الإيمان وللعبد فيها مدخل. والثانية العلم الموهوب من الله تعالى إذا روعيت الملابسات السابقة. ومن الملاحظ أن بداية العلم تأمل كلى يؤدى إلى العلم الجزئى ، ثم ينتهى الجزئى إلى الكلى أيضا على وجه أشمل وأقوى. فقد بدأ فى السورة ب (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وتدرج إلى الجزئى (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) ، ثم إلى جهد الإنسان مستعينا بربه (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ). وانتهى إلى فيض الله ومواهبه (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ).

٢٥٢

سورة البيّنة

٥٧٠ ـ المتشابه فيها إعادة البينة والبرية مرتين ، وقد سبق.

سورة الزّلزلة

٥٧١ ـ قوله : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) «٧ ، ٨» وأعاده مرة أخرى ليس بتكرار ، لأن الأول متصل بقوله : (خَيْراً يَرَهُ) ، والثانى بقوله : (شَرًّا يَرَهُ).

سورة العاديات

٥٧٢ ـ قوله : (وَالْعادِياتِ) (١). أقسم بثلاثة أشياء :(وَالْعادِياتِ) و (فَالْمُورِياتِ) (٢) و (فَالْمُغِيراتِ) (٣) (١) ، وجعل جواب القسم أيضا ثلاثة أشياء : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٢) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ. وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) «٤ ـ ٦».

سورة القارعة

٥٧٣ ـ قوله : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) (٦) ، ثم : (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) (٨) جمع ميزان ، وله كفان وعمود لسان. وإنما جمع لاختلاف الموزونات ، وتجدد الوزن ، وكثرة الموزون لهم ، كقوله : (عَنِ الْأَهِلَّةِ) وإنما هو هلال واحد ، وقيل : هى جمع موزون.

سورة التّكاثر

٥٧٤ ـ قوله : (كَلَّا) «٣ ، ٤ ، ٥» فى المواضع الثلاثة. فيه قولان : أحدهما : أن معناه : الردع والزجر عن التكاثر ، فحسن الوقف عليه

__________________

(١) العاديات : الجاريات بسرعة. الموريات قدحا : أى التى تقدح الشرر من اصطدام حوافرها بالصخر وهى تجرى. والمغيرات : التى تغير على العدو فى سبيل الله.

(٢) الكنود : الكفور النعمة.

٢٥٣

والابتداء بما بعده ، والثانى : أنه يجرى مجرى القسم ومعناه (١).

٥٧٥ ـ قوله : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٣) ، وبعده : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ)) تكرار للتأكيد عند بعضهم ، وعند بعضهم هما فى وقتين : القبر والقيامة ، فلا يكون تكرارا ، وكذلك قول من قال : الأول للكفار والثانى للمؤمنين (٢).

٥٧٦ ـ قوله : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ. ثُمَّ لَتَرَوُنَّها) «٥ ، ٦» تأكيد أيضا : وقيل : الأول قبل الدخول ، والثانى بعد الدخول. ولهذا قال بعده : (عَيْنَ الْيَقِينِ) (٥) أى : عيانا لستم عنها بغائبين ، وقيل : الأول من رؤية القلب ، والثانى من رؤية العين (٣).

سورة العصر

٥٧٧ ـ قوله : (وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسانَ) «١ ، ٢». إنه أبو جهل ، (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) : أبو بكر ، (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : عمر ، (وَتَواصَوْا بِالْحَقِ) : عثمان ، (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) : على رضى الله عن الخلفاء الأربع ، ولعن أبا جهل.

٥٧٨ ـ قوله : (وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) (٣). كرر لاختلاف المفعولين. وهما : بالحق ، وبالصبر ، وقيل : لاختلاف

__________________

(١) ونزيد على ما ذكره المؤلف : أن الردع متوجه على التكاثر فى الدنيا بالمال والجاه ، ثم التكاثر فى المقابر والفخر بها. فكانت (كَلَّا). الأولى ردعا فى الدنيا بما ينال المتكاثرين من عقوبات مرتبة على الترف سجلها القرآن. والثانية فى الآخرة ، ولذلك اقترنت بحرف التراخى (ثُمَ) حيث لا ينفع مال ولا بنون.

(٢) ليس كذلك ، بل الخطاب فيهما للمتكاثرين بالمال والجاه والأجداد.

(٣) فى الأصول : الأول من رؤية العين ، والثانى من رؤية القلب ، ولعله تحريف من النساخ أفسد المعنى ، بدليل قوله تعالى قبله : (لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ. لَتَرَوُنَ) فالخطاب هنا فى الدنيا ، وعلم اليقين هو : رؤية ما ليس مشهودا من الأمور الغيبية وكأنه مشاهد محسوس. وجاء بعدها (ثُمَ) الدالة على التراخى ، وقال : (لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) أى مشاهدة محسوسة بالعين يوم القيامة. وهذا أيضا دليل على ما قلنا فى السورة.

٢٥٤

الفاعلين ، فقد جاء مرفوعا : إن الإنسان (١).

سورة الهمزة

٥٧٩ ـ قوله : (الَّذِي جَمَعَ) (٢). فيه اشتباه ، ويحسن الوقف على (لُمَزَةٍ) (١) حيث لم يصلح أن يكون (الَّذِي) (١) وصفا له ، ولا بدلا عنه ، ويجوز أن يكون رفعا بالابتداء بحسب خبره ، ويجوز أن يرتفع بالخبر. أى : هو الذى جمع. ويجوز أن يكون نصبا على الذم بإضمار. أعنى ، ويجوز أن يكون جرا بالبدل من قوله : (لِكُلِ) (١).

سورة الفيل

٥٨٠ ـ قوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ) (١) أتى فى مواضع (٢) ، وهذا آخرها. ومفعولاه محذوفان ، وكيف مفعول ، ولا يعمل فيه ما قبله ، لأنه استفهام ، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.

سورة قريش

٥٨١ ـ قوله : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ. إِيلافِهِمْ) «١ ، ٢» كرر ، لأن الثانى بدل من الأول ، أفاد بيان المفعول ، وهو : (رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) (٢).

وروى عن الكسائى وغيره : ترك التسمية بين السورتين ، على أن اللام فى (لِإِيلافِ) متصل بالسورة الأولى ، وقد سبق بيانه فى التفسير.

سورة الماعون

٥٨٢ ـ قوله : (الَّذِينَ هُمْ) «٥ ، ٦». كرر ولم يقتصر على مرة واحدة لامتناع عطف الفعل على الاسم ، ولم يقل : الذين هم يمنعون ، لأنه فعل فحسن عطف الفعل على الفعل.

__________________

(١) هكذا فى الأصول.

(٢) فى أ : جاءت فى مواضع.

٢٥٥

سورة الكوثر

٥٨٣ ـ قوله : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) (١) ، وبعده : (إِنَّ شانِئَكَ) (٣). قيد الخبرين بإن تأكيدا ، والخبر إذا أكد بإن قارب القسم.

سورة الكافرون

٥٨٤ ـ قوله : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) (٢). فى تكراره أقوال جمة ، ومعان كثيرة ، ذكرت فى موضعها ، قال الشيخ الإمام : وأقول : هذا التكرار اختصار. وهو إعجاز ، لأن الله نفى عن نبيه عبادة الأصنام فى الماضى والحال والاستقبال ، ونفى (عن) (١) الكفار المذكورين عبادة الله فى الأزمنة الثلاثة أيضا ، فاقتضى القياس تكرار هذه اللفظة (٢) ست مرات فذكر لفظ الحال ، لأن الحال هو : الزمان الموجود ، واسم الفاعل واقع موقع الحال ، وهو صالح للأزمنة الثلاثة ، واقتصر من الماضى على المسند إليهم ، فقال : (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) (٤).

ولأن اسم الفاعل بمعنى الماضى ، فعمل على مذهب الكوفيين ، واقتصر من المستقبل على (لفظ) (٣) المسند إليه ، فقال : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ) «٣ ، ٥» ، وكأن أسماء الفاعلين بمعنى المستقبل.

سورة النّصر

٥٨٥ ـ وتسمى أيضا سورة التوديع ، فإن جواب إذا مضمر تقديره : إذا جاء نصر الله إياك على من ناوأك حضر أجلك. وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما نزلت هذه السورة يقول : «نعى الله تعالى إلى نفسى».

__________________

(١) سقطت من ب.

(٢) فى أ : أن تكرار هذه اللفظة.

(٣) سقطت من أ.

٢٥٦

سورة المسد (١)

٥٨٦ ـ قوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا) ، وبعده : (وَتَبَ) (١) (٢) ، ليس بتكرار ، لأن الأول جرى مجرى الدعاء ، والثانى جزاء ، أى : وقد تب ، وقيل : تبت يدا أبى لهب. أى : عمله ، وتب أبو لهب ، وقال مجاهد : وتب ابنه.

سورة الإخلاص

٥٨٧ ـ قوله تعالى : (اللهُ أَحَدٌ. اللهُ الصَّمَدُ) «١ ، ٢». كرر لتكون كل جملة منهما مستقلة بذاتها ، غير محتاجة إلى ما قبلها. ثم نفى سبحانه عن نفسه (٣) الولد والصاحبة (٤) ، بقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).

سورة الفلق

٥٨٨ ـ نزلت فى ابتداء خمس سور وصارت متلوا بها ، لأنها نزلت جوابا (٥).

وكرر قوله : (مِنْ شَرِّ) أربع مرات ، لأن شر كل واحد منها غير (٦) الآخر.

سورة النّاس

٥٨٩ ـ قوله تعالى : (أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) (١) ، ثم كرر الناس خمس مرات. قيل : كرر تبجيلا لهم على ما سبق ، وقيل : كرر

__________________

(١) وهى سورة المسد (المراجع).

(٢) فى أ : (ثب) خطأ.

(٣) فى ب : عند الولد.

(٤) فى ب : والزوجة والصاحبة.

(٥) لأن قوله تعالى : (قُلْ) : دال على طلب قبله.

(٦) سقطت من أ.

٢٥٧

لانفصال كل آية من الأخرى ، لعدم حرف العطف ، وقيل : المراد بالأول الأطفال ، ومعنى الربوبية يدل عليه (١) ، وبالثانى الشبان ، ولفظ الملك المنبئ عن السياسة يدل عليه ، وبالثالث الشيوخ ، ولفظ إله المنبئ عن العبادة يدل عليه ، وبالرابع الصالحون والأبرار ، والشيطان يولع بإغوائهم ، وبالخامس المفسدون والأشرار ، وعطفه على المتعوذ منهم يدل على ذلك (٢).

__________________

(١) فى الأصول : (له).

(٢) فى أ : المعوذ منهم.

٢٥٨

الفَهارِسُ الفَنيّة

١ ـ فهرس الآيات القرآنية.

٢ ـ فهرس الأعلام.

٣ ـ الكتب السماوية.

٤ ـ فهرس الفرق الملل والنّحل.

٥ ـ فهرس الأحاديث النبوية.

٦ ـ فهرس أقوال الصحابة.

٧ ـ فهرس الأمثال.

٨ ـ فهرس الأشعار.

* ـ مصادر التحقيق.

* ـ فهرس الموضوعات.

* * *

٢٥٩
٢٦٠