(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) أي هذا الذي فعل بهم هو بسبب أنهم خالفوا الله سبحانه وعاندوا رسوله (وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ) يخالفه (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) أي قويّه.
٥ ـ (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها ...) أي أنكم يوم حربكم لليهود لم تقطعوا لهم نخلة من كرام النخيل أو تتركوا من نخلهم نخلة (قائِمَةً عَلى أُصُولِها) لم تقطعوها أو تقلعوها (فَبِإِذْنِ اللهِ) فبأمره وتقديره (لِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) ليهين اليهود ويذلّهم.
٦ إلى ٨ ـ (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ ...) أي ما جعله له فيئا خالصا من أموالهم حين جلوا عن بلادهم (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) أي فلم تقربوه محاربين لا على الخيول ولا غيرها ولا راجلين (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) بل الله تعالى يمكّن رسله من أعدائهم وينصرهم عليهم حين يشاء من غير قتال (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ظاهر المعنى (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) أي من أموال الكفار في القرى المعادية له (فَلِلَّهِ) يضعه سبحانه فيما أحب (وَلِلرَّسُولِ) بتمليك من الله له (وَلِذِي الْقُرْبى) يعني أهل بيت رسول الله وقرابته من بني هاشم دون غيرهم (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) أي يتامى أهل بيته (ص) ومساكينهم ، وابن السبيل منهم (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) أي حتى لا يبقى ذلك متداولا بين الرؤساء منكم فقط هذا مرّة وهذا مرة (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) أي اعملوا بحسب أمره في تقسيم الأموال (وَاتَّقُوا اللهَ) تجنّبوا غضبه بترك المعاصي وبفعل الواجبات (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) مر تفسيره. (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) الذين هاجروا بدينهم من مكة إلى المدينة ومن دار الحرب إلى دار السلام (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ) التي كانوا يملكونها (يَبْتَغُونَ) يطلبون (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) راغبين بفضله ورضاه ورحمته (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أي هاجروا نصرة لدينه (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) فعلا لأنهم قصدوا لفعلهم نصر الدّين لا غير.
٩ و ١٠ ـ (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...) أي الأنصار الذين سكنوا المدينة وهي دار الهجرة قبل المهاجرين إليها وآثروا الإيمان ولا يعقل أن يكون (من قبلهم) يرجع إلى الإيمان أيضا بعد المهاجرين إلّا إذا أريد أهل بيعة العقبة من أهل المدينة. (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) لأنهم أحسنوا إلى المهاجرين وأشركوهم في أموالهم (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا) أي لم يكن في قلوبهم حزازة ولا غيظ بسبب ما أخذ المهاجرون من الفيء الذي استولوا عليه من مال بني النّضير (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ) أي يقدّمون المهاجرين ويفضّلونهم على أنفسهم في العطاء (وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) أي ولو كانت بهم حاجة وفقر (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) إلخ أي ومن يدفع عنه بخل نفسه فأولئك هم الفائزون بثواب الله وقيل شحّ النفس هو أخذ الحرام ومنع الزكاة.