المكنز العربي المعاصر - المقدمة

المكنز العربي المعاصر - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ١
الصفحات: ١٥٠

١
٢

٣
٤

المحتويات

مقدّمة....................................................................... ص ز

لمحة تاريخيّة عن معاجم المعاني العربيّة........................................... ص ز

الألفاظ الكتابيّة........................................................ ص ح

فقه اللّغة وسرّ العربيّة.................................................... ص ح

المخصّص.............................................................. ص ط

من معاجم المعاني الحديثة................................................. ص ط

كتاب نجمة الرائد وشرعة الوارد وفي المترادف والمتوارد......................... ص ي

الرافد : معجم لغوي للإنسان والبيئة....................................... ص ك

الإفصاح في فقه اللّغة.................................................... ص ل

المنجد في المترادفات والمتجانسات.......................................... ص ل

هذا المكنز................................................................. ص م

تنظيم المكنز............................................................... ص ن

مصادر المكنز............................................................. ص س

طريقة استعمال المكنز...................................................... ص ع

رموز المكنز............................................................... ص ف

معجم المترادفات والمنجانسات............................................... ص ١

كشّاف الجذور......................................................... ص ١٢١

٥
٦

مقدّمة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله / (خلق الإنسان علّمه البيان) وصلاة وسلام على سيّد الأنام وأفصح من نطق بلغة الضّاد ، والقائل / «إنّ من البيان لسحرا» وبعد ، يقول أحد الرّوّاد المحدّثين في مجال التّأليف في حقل معاجم المعاني ـ الأمير أمين آل ناصر الدّين : «من الواضح لمن يمحّص حقائق العربيّة ويوغل في البحث عن مكنوناتها ، أنّ لكثير من معانيها ألفاظا خاصّة لا يغني عنها غيرها ، ولكلّ مسمّى من مسمّياتها اسما أو صفة لا يلائمه سواها إذا أراد المنشئ ألّا يندّ عن النّهج اللّغويّ وأن يضع الأشياء في مواضعها ، فكما يجب أن يستعمل الإنسان الصّحفة للطّعام والكأس للشّراب ولا يجوز استعمال إحداهما بدل الأخرى ، يجب أن يستعمل لكلّ معنى ما وضع له من اللّفظ ولا يحسن استعمال غيره ، وكما يجب أن ينادى زيد باسمه لا باسم عمرو أو بكر ، يجب أيضا أن يستعمل لسائر المسمّيات أسماؤها أو صفاتها التي وضعت لها خاصّة ، كيلا يكون هناك التباس على المنشئ يجب أن ينزّه عنه إنشاءه»]. (مقدّمة الرافد : معجم لغويّ للإنسان والبيئة : ص ٩).

ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه الروح هي الّتي كانت وراء اهتمام كثير من مؤلّفي معاجم المعاني (أو الموضوعات كما يسمّيها البعض). ومن هؤلاء أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت ٢٧٦ ه‍) الذي خصّص جزءا لا بأس به من كتابه (أدب الكاتب) لمعالجة قضايا مثل : / «ما في الخيل وما يستحبّ من خلقها» و/ «في خلق الإنسان» وأبواب أخرى في الطّعام والشّراب ومعرفة الآلات ... إلى غير ذلك. وللغاية نفسها كتب أبو جعفر قدامة بن جعفر الكاتب البغداديّ (ت ٣٢٧ ه‍) ، حيث يقول في مقدّمة كتابه (جواهر الألفاظ) : «هذا كتاب يشتمل على ألفاظ مختلفة ، تدلّ على معان متّفقة مؤتلفة ... تونق أبصار الناظرين ... وتتّسع به مذاهب الخطاب وينفسح معها بلاغة الكتاب ...» (ص ٢).

لمحة تاريخيّة عن معاجم المعاني العربيّة :

يذكر رياض قاسم أنّ «رائد هذا المنهج ، في الحقيقة ، فريق اللّغويّين الأوائل ، الذين عنوا بجمع اللّغة من الأعراب في البادية ، أو من وفادة الأعراب إليهم في الحاضرة ، فقد كان اللّغويّ منهم يلجأ

٧

إلى جمع الألفاظ والشّواهد التي تدور حول موضوع واحد». من ذلك صنيع الأصمعي (ت ٢١٦) في (كتاب الخيل) و (النّحل) و (الإنسان) وصنيع أبي زيد الأنصاريّ (ت ٢١٥) في كتاب (المسطر) و (خلق الإنسان) و (الشجر) ...

«وكان أبو عبيد القاسم بن سلّام (١٥٧ ـ ٢٢٤) قد عقد أبوابا وفصولا للمسمّيات التي تتشابه في المعنى أو تتقارب ، جامعا في كتابه الكبير (الغريب المصنّف) أشتات موضوعات كثيرة ، جازت الثّلاثين كتابا أو موضوعا ...» (المعجم العربيّ : ١٢٦ ـ ١٢٧).

وسنعرض باختصار لثلاثة من الأعمال البارزة في هذا الميدان هي : (الألفاظ الكتابيّة) للهمذانيّ و (فقه اللّغة وسرّ العربيّة) للثّعالبيّ و (المخصّص) لابن سيده.

الألفاظ الكتابيّة :

يقول الهمذانيّ ، عبد الرّحمن بن عيسى (ت ٣٢٠ ه‍) في مقدّمة كتابه : «... فجمعت في كتابي هذا لجميع الطّبقات أجناسا من ألفاظ كتاب الرّسائل والدّواوين البعيدة من الاشتباه والالتباس ، السّليمة من التّقعير ... فليست لفظة منها إلّا وتنوب عن أختها في موضعها من المكاتبة ، أو تقوم مقامها في المحاورة ، إمّا بمشاكلة أو بمجانسة ، فإذا عرفها العارف بها وبأماكنها التي توضع فيها كانت مادّة قويّة وعونا وظهيرا ...» (صص ـ ط ـ ي).

والكتاب مقسّم إلى نحو ٣٥٠ بابا ، تبدأ بباب «بمعنى أصلح الفاسد» حيث يورد : «تقول : لمّ شعث فلان ، وضمّ النّشر ... وجبر الوهن والوهي ... ويقال : شعب الصّدع ، ورأب الصّدع ...» ومن أمثلة الموضوعات التي يعالجها : «القرابة» ، «أجناس الشّوائب» ، «الحلم» ، «في كرم الطّباع» ، «النّباهة» ، «البرد والزّمهرير» ، «في وصف بنية الرّجل والمرأة» ، «طلوع الشّمس» ، وينتهي ب «باب الأضداد» حيث نقرأ : «يقال : الفرح والغمّ ، اليسار والفقر ، المدح والثّلب ... السّهل والجبل» و «باب التّشبيهات» حيث يذكر الهمذانيّ : «تقول العرب في أمثالها : أجمل من رعاية الذّمام ، ... أنضر من روضة ، ... أروغ من ثعلب ... أحلم من أحنف ... أحلى من الشّهد ...».

نلاحظ من الأمثلة التي ذكرناها أنّ الهمذانيّ كثيرا ما يورد نوعا من السّياق اللّفظيّ ممّا يعين على تمييز الكلمات والعبارات بعضها البعض ، دون اللّجوء إلى الشّرح أو التّعليق. كما نشعر ببعده عن غريب الألفاظ وحوشيّها ، ممّا يؤيّد وصفه «السّليمة من التّقعير».

فقه اللّغة وسرّ العربيّة :

مؤلّف الكتاب القيّم هذا هو أبو منصور الثّعالبي (ت ٤٣٠ ه‍) ، والكتاب يشتمل على قسمين رئيسين هما : «فقه اللّغة» و «سرّ العربيّة». وما يهمّنا في هذا المقام هو القسم الأوّل. ففي هذا القسم يعالج الثّعالبي المعاني المختلفة وتدرّجاتها وأصنافها في ثلاثين بابا يشتمل كلّ منها على عدد من

٨

الفصول ، تتراوح بين ٣ فصول كما في «الباب الثالث : في الأشياء التي تختلف أسماؤها وأوصافها اختلاف أحوالها» و ٤٩ فصلا ، كما نجد في «الباب الثالث والعشرون : في اللّباس وما يتّصل به ، والسّلاح وما ينضاف إليه ، وسائر الآلات والأدوات وما يأخذ مأخذها».

وتعالج أبواب الكتاب موضوعات مثل : «في صغر الأشياء وكبارها وعظامها وضخامها» ، «في سائر الأحوال والأوصاف المتضادّة» ، «في أسنان الناس والدّوابّ» ، «في الحركات والهيئات والأشكال وضروب الرّمي والضّرب» ، «في الجماعات» ، «في الآثار العلويّة وما يتلو الأمطار من ذكر المياه وأماكنها» ، «في الحجارة» وغيرها من مظاهر البيئة ...

المخصّص :

وممّا يدلّ على عبقريّة العرب المسلمين في هذا المضمار أن يؤلّف لغويّ ضرير من الأندلس ـ ابن سيده ، عليّ بن إسماعيل (٣٩٨ ـ ٤٥٩ ه‍) ـ معجما طبع في ١٧ جزءا ، هو كتاب (المخصّص) الذي سار في تأليفه على نهج بن سلّام. وهذا المعجم هو أكبر معاجم المعاني العربيّة. يقول عنه أحمد مختار عمر : «وهذا المعجم أوفى وأشمل معجم من معاجم المعاني في تاريخ اللّغة العربيّة. وقد استعان ابن سيده في تأليفه بكلّ ما كتب قبله تقريبا من مؤلّفات الغريب والمصنّف والصّفات والألفاظ والمعاجم اللّغويّة وكتب اللّغة المختلفة ، ولذا جاء شاملا وافيا ...».

«والمعجم مقسّم إلى أبواب رئيسيّة بحسب الموضوعات وتحت كلّ باب مجموعة من التّقسيمات الفرعيّة كما يبين من المثال التالي : كتاب خلق الإنسان ـ كتاب اللّباس ـ كتاب الطّعام ... وتحت كتاب خلق الإنسان نجد : باب الحمل والولادة ـ أسماء ما يخرج مع الوالد ـ الرّضاع والفطام والغذاء وسائر ضروب التّربية ـ الغذاء السّيّئ للولد ... الرّأس ـ ومن صفات الرّأس ـ الحاجب ـ العين وما فيها ... ـ الأنف ... ـ الشّفة وما يليها من الذّقن ...» (البحث اللّغويّ عند العرب ، ص ١٨٦).

ويتميّز (المخصّص) عن معاجم المعاني الأخرى بتوسّعه الكبير في تناول المادّة اللّغويّة ، حيث لا يكتفي بذكر الكلمات ومعانيها وسياقاتها المختلفة ، بل إنّه «يؤيّد رواياته الكثيرة بشواهده المنظومة والمنثورة ، ويعزّز ما يورده بآي من القرآن الكريم والحديث الشّريف ومأثور الأمثال ، ويستطرد إذا برقت بارقة أمل في الاستطراد ، يشرح ما نال الكلمة من إعلال وإبدال ، ويسوق في هذه السّبيل ما سقط من أقوال الأئمّة ...» (موسى والصّعيدي في «مقدّمة الطّبعة الأولى» لكتاب (الإفصاح في فقه اللّغة) : صص ، ط ، ي).

من معاجم المعاني الحديثة :

في العصر الحديث صدر عدد من معاجم المعاني من أشهرها : (الرافد) لأمين آل ناصر الدّين و (كتاب نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والمتوارد) لإبراهيم اليازجي ، و (الإفصاح في فقه اللّغة) لحسين يوسف موسى وعبد الفتّاح الصّعيدي ، و (المنجد في المترادفات والمتجانسات) لرفائيل

٩

نخلة اليسوعيّ. ونلاحظ ظهور عبارة «المترادف» لأوّل مرّة في هذا النّوع من معاجم المعاني ، وسنعرض لكلّ من هذه المعاجم بوصف موجز.

كتاب نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والمتوارد :

يقول مؤلّف الكتاب ـ إبراهيم اليازجي ـ في مقدّمة كتابه ، بعد أن نعى على المحدثين ضعفهم في اللّغة العربيّة «على أنّنا لا ننكر أنّ اللّغة في هذا العصر قد انتعشت من عثارها وأخذ المتأدّبون في إحياء ما درس من معالمها وطمس من آثارها ... بيد أنّهم ربّما قعدت بهم الذّرائع عن الوقوع على ضالّتهم من اللّفظ الفصيح ، وأعوزتهم القوالب في تصوير ما يتمثّل لهم من الخواطر على الأسلوب العربيّ الصّحيح ... ولذلك رأيت أن أخدم المشتغلين بهذه الصّناعة ... بأن أجمع لهم من مترادف ألفاظ هذه اللّغة وتراكيبها ما يجعل نادّها منهم على حبل الذّراع ، ويسدّد أقلامهم للجري على محكم أسلوبها ...» (صص ، و ، ط).

ويشتمل الكتاب بجزأيه على ثمانية أبواب في كلّ منها عدد من الفصول ، ممّا يذكّرنا ب (فقه اللّغة وسرّ العربيّة) للثّعالبي. غير أنّ التّقسيمات الرئيسة هنا أقلّ عددا ممّا نجد في كتاب الثّعالبي.

والأبواب الثّمانية هي :

١ ـ «في الخلق وذكر أحوال الفطرة وما يتّصل بها» ويتبعه «تتمّة في الحواسّ وأفعاله وما يتعلّق بها».

٢ ـ «في وصف الغرائز والملكات وما يأخذ مأخذها ويضاف إليها».

٣ ـ «في الأحوال الطبيعيّة وما يتّصل بها ويذكر بها».

٤ ـ «في حركات النّفس وانفعالاتها وما يلحق بها».

٥ ـ «في الأصول والأنساب والطّبقات وما يتّصل بها ويضاف إليها».

٦ ـ «في العلم والأدب وما إليهما».

٧ ـ «في سياقة أحوال وأفعال شتّى ممّا يعرض في الألفة والمجتمع والتّقلّب والمعاش».

٨ ـ «في معالجة الأمور وذكر أشياء من صفاتها وأحوالها».

ويتراوح عدد الفصول في كلّ باب بين ١٠ (في الباب الثاني) و ٤٧ فصلا (في الباب السابع). وكمثال على محتويات الفصول نجد أنّ المؤلّف يعالج في الباب السادس «في العلم والأدب وما إليهما» موضوعات مثل : «العلم والعلماء ، الأدب ، الحفظ ، التّأليف ، الفصاحة ، البلاغة ...». وفي الباب الرابع «في حركات النّفس وانفعالاتها وما يلحق بها» نجد : «في السّرور والحزن ، في الضّحك والبكاء ، الصّبر والجزع ، ... المداهنة والخداع ...».

١٠

ومن الواضح أنّ اليازجي جعل الإنسان فقط محور موضوعات كتابه ، فجاء بذلك من أشمل معاجم المعاني في هذا المجال ، إن لم يكن أشملها فعلا.

الرافد : معجم لغويّ للإنسان والبيئة :

مؤلّف هذا المعجم القيّم الأمير أمين آل ناصر الدّين ، ويتكوّن من جزأين صدرا في مجلّد واحد. ونجد له عنوانا تفصيليّا : «معجم لغويّ للإنسان والحيوان والطّير والهوامّ وكلّ ما في السّماء والأرض». ويشتمل كلّ جزء عددا من «المطالب» يشمل كلّ منها على مجموعة من الموضوعات ، كما سنبيّن فيما يلي ، والمطالب في الجزء الأوّل هي :

١ ـ الإنسان تكوّنه وأطوار حياته وحواسّه الخمس وبعض مزاياه.

٢ ـ أعضاء الجسم وعظامه وعروقه وعصبه وما إلى ذلك.

٣ ـ الأمراض والأوبئة والعوارض والجراحات.

٤ ـ ما يستعمله الإنسان من الأدوات والآنية والأوعية.

أمّا الجزء الثاني فيشتمل على خمسة «مطالب» هي :

١ ـ السّماء والأرض.

٢ ـ الأزمنة وما يضاف إليها.

٣ ـ ما يتعلّق بالإنسان.

٤ ـ وطن الإنسان ومسكنه وما إليهما.

٥ ـ الحيوان وما يتعلّق به ـ ذوات الحافر.

كما أشرنا أعلاه يشتمل كلّ مطلب على عدد من الموضوعات الفرعيّة. ففي المطلب الثاني في الجزء الأوّل مثلا نجد : «الرّأس وما يتعلّق به ، الوجه وما إليه ، العين ... الجوف وما فيه». وفي المطلب الرابع في الجزء نفسه يدرج المؤلّف ستّين موضوعا تتضمّن أدوات المهن والحرف المختلفة وأسماء أنواع من «الآنية» و «الأوعية». وفي المطلب الأوّل في الجزء الثاني نجد موضوعات مثل : «السّماء وأسماؤها وصفاتها ... النّجم وما إليه» بالإضافة إلى ظواهر الجوّ المختلفة وأنواع المياه ثمّ الفواكه والنّباتات. وهكذا الأمر في جميع مطالب الكتاب.

من الواضح أنّ (الرافد) يهدف إلى محاولة حصر أسماء الأشياء التي تتعلّق بموضوعات كلّ مطلب ، مرتّبة ألفبائيّا ، مع تعريف موجز لكلّ اسم. كما في : «الجبهة : ما فوق الحاجبين ... ، الحجاج : عظم الحاجب ...». وقد يؤخذ على الكتاب التّقعّر وحوشيّ الألفاظ التي تزدحم بها صفحات الكتاب.

١١

الإفصاح في فقه اللّغة :

يعتبر (الإفصاح) أشمل وأوسع معجم للمعاني في العصر الحديث ، ولا غرو فهو إنّما صورة منقّحة ومختصرة عن (مخصّص) ابن سيده الذي سبق ذكره. غير أنّ مؤلّفيه حسين موسى وعبد الفتّاح الصّعيدي أضافا أيضا بعض المعلومات اللّازمة لتوضيح العموميّات الواردة في المخصّص. فهما قد حذفا الشّواهد والاستطرادات والمناقشات اللّغويّة في الأصل ، غير أنّهما أضافا ـ خاصّة في الطّبعة الثانية ل (الإفصاح) ـ عددا من الموادّ اللّغويّة «التي تشتدّ الحاجة إليها في التّعبير عن المصطلحات الأجنبيّة». كما أنّهما «بالغا في تفصيل العناوين تيسيرا للباحث» ، وألحقا «بالكتاب معجما يجمع موادّه اللّغويّة مرتّبة على حسب الحروف الهجائيّة ، وأمام كلّ مادّة أرقام صفحاتها ؛ ليكون الكتاب معجما للألفاظ كما أنّه معجم للمعاني ...» (من مقدّمة المؤلّفين للطّبعة الثانية).

هذا ويشتمل الكتاب في مجلّديه الكبيرين على ثلاثة وعشرين بابا يتضمّن كلّ منها على عدد من الموضوعات المتّصلة بالباب ، ويدخل تحت تلك الأقسام الرّئيسة مجموعة من الموضوعات ، وتشتمل هذه بدورها على مجموعة أدقّ. ففي الباب الأوّل (في خلق الإنسان) مثلا نجد أقساما مثل : «الحمل والرّضاع والفطام ، جسم الإنسان» ، ثمّ في قسم «جسم الإنسان» نجد موضوعات مثل : «الرّأس ، الفم وما فيه» وفي الباب الثالث (في الكلام والكتابة والأصوات والأخبار والتّقاضي والأحكام والعقوبات) نجد موضوعات عن «الكلام ، الفصاحة والفصحاء ، ... التّرجمة والتّعريب ، التّصنيف والتّأليف ...» ثمّ عناوين رئيسة هي «الكتابة وأدواتها ، الكتب ، الأصوات ، الأخبار». وفي قسم الأخبار نجد «الخبر والحديث ، مناقلة الحديث ، ... أنواع الأحكام ... الحجّة والبرهان ...» في الباب الخامس عشر (في المياه وما فيها وفي القنوات والآبار وآلات رفع المياه) نجد بعض العناوين الرّئيسة مثل «البحر وما فيه ، السّمك ، الأنهار ، الآبار ، الجبال ...» ، وقد أدرج تحت كلّ عنوان عدد من الموضوعات أو العناوين الفرعيّة.

المنجد في المترادفات والمتجانسات :

في هذا المعجم الصّغير لرفائيل نخلة اليسوعيّ ، نجد توجّها جديدا في صناعة معاجم المعاني. ففي الكتاب الذي صدر قبل بعشر سنوات تقريبا بعنوان (قاموس المترادفات والمتجانسات) ، نجد الألفاظ في معجم للمعاني مرتّبة ألفبائيّا بدلا من الموضوعات. ويوضح المؤلّف ذلك التّرتيب بقوله : «لا نجهل أنّ عدّة أدباء متضلّعين من لغة الضّاد قد سبقونا في هذا الميدان ، فأفرغوا كافّة جهدهم في تصنيف كتب على المادّة التي اخترناها ...» بيد أنّ استعمالها في أيّامنا للبحث عن فئة من المترادفات أو المتجانسات ، ولتحقيق معنى كلّ من كلماتها ، لا يخلو من الصّعوبة ، لسبب واحد أو أكثر من الأسباب الآتية :

«الأوّل عدم التّرتيب الأبجديّ. الثاني إهمال مئات من سلاسل الألفاظ المترادفة أو المتجانسة ... فرط كثرة الألفاظ المماتة ، وغضّ النّظر عن مئات ألفاظ حيّة وحديثة الاندماج في لغتنا ...».

١٢

ويوضح المؤلّف أسلوبه في تنسيق موادّ القاموس فيما يلي : «في صدر كلّ زوج أو سلسلة من المترادفات أو المتجانسات طبعنا بحروف غليظة الكلمة الأكثر شيوعا ، وهي الكلمة الأصليّة وأساس التّرتيب الأبجديّ. ثمّ صفّفنا بعدها سائر الألفاظ على حسب كثرة شيوعها ...» ، «أمّا ترتيب سلاسل المترادفات والمتجانسات التي كلماتها الأولى من أصل واحد ، فهو كما يلي ، بقدر اللّزوم ولزيادة تسهيل البحث : ١ الفعل. ٢ مصدره وأسماء المصدر المرادفة. ٣ النّعت المشتقّ من الفعل اللّازم ، ثمّ مرادفاته ... ٤ اسم المفعول. ٥ الفعل المشتقّ من الفعل السّابق للدّلالة على التّعدية. ٦ أفعال أخرى مشتقّة منه. ٧ أسماء مشتقّة منه غير المشار إليها ...» (من مقدّمة المؤلّف) ويحاول المؤلّف غالبا أن يذكر بعض الملاحظات أو السّياقات للتّمييز بين المترادفات أو المتجانسات. ومثال ذلك ما يلي :

«شرف ـ (شرف) شرفا ، نجب نجابة ، نبه نباهة ، أصل أصالة ، حسب حسابة وحسبا : كان شريف الأصل.

(شرف). عرض أعراض : ـ ـ الإنسان.

(شريف) ، نجيب ، نبيه ، أصيل ، حسيب ، أثيل ، عليّ علية ...

أكابر : شرفاء.

عصاميّ : ـ ـ بنفسه.

عظاميّ : ـ ـ بأجداده.

(شرف) وجه : جعله شريفا».

يضيف المؤلّف : «قد أضفنا عند اللّزوم إلى اسم كلّ ذكر من الحيوان اسم أنثاه وولده ، وألحقنا بكلمات كالعين والأذن أسماء بعض أجزائها ...» وهو بذلك يحاول ، بطريقة عشوائيّة ، أن يجعل من معجمه ـ في بعض أجزائه ـ نوعا من معاجم الموضوعات كذلك. ومن الصّعوبات التي قد تعترض الباحث في هذا المعجم ورود المشتقّات تحت الأفعال التي اشتقّت منها ، بدلا من موقعها المبنيّ على لفظتها ، كما هو المتوقّع في المعاجم المرتّبة ألفبائيّا.

هذا المكنز :

المكنز هو في عرفنا ذخيرة للكلمات ، وهي مرشد للباحث عن الكلمات المرتبطة بمفهوم ما (يمثّلها المدخل). فهو أداة لتذكير الباحث بما يعرف من كلمات ممّا قد لا يرد إلى ذهنه أو خاطره ساعة حاجته إليها عند التّأليف أو التّرجمة ، ليعبّر بدقّة عن مكنونات نفسه باللّفظة الأنيقة والمناسبة للمقام والسيّاق. فالهدف العامّ منه إذن لا يختلف عن معاجم المعاني التي سبق أن ضربنا لها الأمثلة. غير أنّ المكنز يختلف عنها في تنظيمه المبنيّ على الألفاظ بوصفها تمثيلا للمعاني المختلفة. من ثمّ لا يحتاج الباحث عن الكلمة المناسبة إلى البحث في الفهارس ورؤوس الموضوعات ،

١٣

كما هو الحال في معاجم المعاني التّقليديّة ، بل كلّ ما عليه هو أن يذكر كلمة شائعة تتعلّق بالفكرة أو المفهوم الذي يودّ التّعبير عنه ثمّ يبحث عنه في مكانه وفق التّرتيب الألفبائيّ ، حيث يجد مجموعة من الكلمات المرادفة أو المجانسة لتلك الكلمة الشائعة. وكثيرا ما يجد من بين تلك الألفاظ لفظة تحيله إلى مزيد من الكلمات ذات العلاقة. فإذا كان يبحث عن كلمات تتعلّق بالرّجوع ، يبحث عن «رجع» مثلا حيث يجد «عاد ، آل ، قفل ، آب ، آد ، انكفأ ، حار ، انقلب ، عطف ، قدم ، ثاب ، أثاب ، آض ، كرّ راجعا» ، كما يجد إحالة إلى «عاد» حيث يجد مزيدا من الكلمات والتّعبيرات ذات العلاقة بما يبحث عنه. هناك بالإضافة إلى المفردات الشائعة في المداخل حالات قد ترد فيها كلمات أقلّ شيوعا فيكون المكنز في هذه الحالة بمثابة المعجم الشارح بالتّرادف ، كما في «آصرة» حيث نجد : «علاقة ، حقّ ، ذمام ، عهد ...» مع الإحالة إلى «علاقة» حيث المزيد.

غير أنّه لا بدّ لنا من التّنبيه إلى أنّ ليس من أهداف المكنز الذي بين أيدينا التّمييز بين الكلمات المترادفة أو المتجانسة ولا شرح معاني المداخل. فهذان مطلبان يجدهما الباحث في معاجم المعاني الموضوعيّة مثل (مخصّص) ابن سيده ومختصره (الإفصاح في فقه اللّغة) أو في (فقه اللّغة) للثّعالبي ممّا تحدّثنا عنه في القسم السابق من هذه المقدّمة. أمّا شرح معاني الكلمات فهو عمل معاجم الألفاظ من أمثال (لسان العرب) و (القاموس المحيط) و (المعجم الوسيط) وغيرها من المعاجم المعروفة.

تنظيم المكنز :

لقد تمّ بصورة عامّة اختيار الكلمات الكثيرة الدّوران والشّيوع لتمثّل المدخل إلى الكلمات الأخرى. ويتلو كلّ كلمة مدخل جذر الكلمة ، ثمّ نوعه (إن كان فعلا أو اسما أو صفة) حيث إنّ كثيرا من الكلمات العربيّة تعدّ من المشترك اللّفظيّ. يتبع ذلك الكلمات المرادفة أو المجانسة للمدخل مرتّبة وفق درجة شيوعها ، وقد يتبعها كذلك بعض التّعبيرات الاصطلاحيّة أو شبه الاصطلاحيّة التي تؤدّي المعاني نفسها.

هذا وإذا كان للكلمة أكثر من معنى أورد لكلّ معنى مدخل خاصّ به ، وينبّه إلى ذلك برقم يلحق بالمدخل. فكلمة مثل «آزر» قد تعبّر عن المساعدة كما أنّها قد تعبّر عن المساواة. عليه نجد «آزر ١» متلوّا بالكلمات المعبّرة عن هذا المفهوم. ثمّ نجد «آزر ٢» متبوعا بكلمتي «ساوى ، حاذى».

وتسهيلا على الباحث التزمنا التّرتيب اللّفظيّ الألفبائيّ ، دون النّظر إلى جذر الكلمة أو اشتقاقها ، كما هو التّقليد في مثل هذا النّوع من التّرتيب الألفبائيّ ، مع بيان جذر الكلمة لمزيد من الفائدة ، خاصّة لطبيعة اللّغة العربيّة الاشتقاقيّة.

ونظرا لأنّ العربيّة لغة اشتقاقيّة وتأتي من الجذر نفسه عدّة ألفاظ ، فقد ألحقنا بالمكنز فهرسا

١٤

للجذور يبيّن الكلمات المشتقّة من كلّ جذر ممّا ورد في المكنز. فالجذر «ج م ل» يرد منه الفعل «جمل» والاسم «جمال» والصّفة «جميل». وقد يستفيد المؤلّف أو المترجم من إحدى هذه الكلمات للتّعبير عن الجمال. فيقول «جمل كذا» أو «كذا جميل» أو «يتميّز كذا بالجمال» ... وهكذا.

مصادر المكنز :

نظرا لخطورة دور المعاجم بوصفها حجّة في الاستعمال اللّغويّ الصّحيح ، فقد اعتمدنا على المعاجم المعروفة في استقاء المعلومات الواردة في المكنز. واستفدنا في عملنا هذا من كلّ من معاجم المعاني والألفاظ المعروفة الآتية :

إبراهيم اليازجي. كتاب نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والمتوارد. بيروت : مكتبة لبنان ، ط ٢ ، ١٩٧٠.

ابن قتيبة ، أبو محمّد عبد الله. أدب الكاتب. بيروت : مؤسّسة الرّسالة ، ١٩٨٥.

عبد الرّحمن بن عيسى الهمذانيّ. الألفاظ الكتابيّة. بيروت : دار الهدى ، ١٩٧٩.

أبو جعفر الكاتب البغداديّ. جواهر الألفاظ. بيروت : دار الكتب العلميّة ، ١٩٨٥.

أبو محمّد الحسن بن أحمد بن عبد الرّحمن. خلق الإنسان في اللّغة ، تحقيق أحمد خان.

الكويت : معهد المخطوطات العربيّة ، ١٩٨٦ م.

أحمد مختار عمر. البحث اللّغويّ عند العرب. ط ٢. القاهرة : عالم الكتب ، ١٩٧٦.

الإسكافي ، أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الخطيب. مبادئ اللّغة. بيروت : دار الكتب العلميّة ، ١٩٨٥.

أمين آل ناصر الدّين. الرافد (معجم لغويّ للإنسان والحيوان والطّير والهوامّ وكلّ ما في السّماء والأرض). بيروت : مكتبة لبنان ، ط ١ ، ١٩٧١.

الثّعالبيّ ، أبو منصور اسماعيل. فقه اللّغة وسرّ العربيّة. القاهرة : مصطفى البابي الحلبي ، ط ٢ ، ١٩٥٤.

جبران مسعود. الرائد : معجم لغويّ عصريّ. بيروت : دار العلم للملايين ، ط ٢ ، ١٩٦٧.

حسين نصّار. المعجم العربي : نشأته وتطورّه ، جزءان. القاهرة : مكتبة مصر. د. ت.

حسين يوسف موسى وعبد الفتّاح الصّعيديّ. الإفصاح في فقه اللّغة. القاهرة : دار الفكر العربيّ ، ١٩٦٤.

١٥

داود عطيّة عبده. المفردات الشائعة في اللّغة العربيّة. الرّياض : مطبوعات جامعة الرّياض ، ١٣٩٩ ه‍ / ١٩٧٩ م.

الرازي ، محمّد بن أبي بكر بن عبد القادر. مختار الصّحاح. بيروت : دار القلم ، ١٩٧٩.

رفائيل نخلة اليسوعيّ. المنجد في المترادفات والمتجانسات. بيروت : دار المشرق ، ط ٢ ، ١٩٦٩.

رياض زكي قاسم. المعجم العربيّ : بحوث في المادّة والمنهج والتّطبيق. بيروت : دار المعرفة ، ١٩٨٧.

الطاهر أحمد الزاوي. مختار القاموس. بيروت : الدار العربيّة للكتاب ، ١٩٨٣.

عبد الله البستاني. الوافي (معجم وسيط للّغة العربيّة) بيروت : مكتبة لبنان ، ١٩٨٠.

المعجم الأساسيّ (للناطقين بالعربيّة ومتعلّميها) ، تأليف جماعة من كبار اللّغويّين العرب.

تونس : المنظّمة العربيّة للتّربيّة والثّقافة والعلوم ، ١٩٨٩.

المعجم الوجيز. القاهرة : مجمع اللّغة العربيّة ، ١٩٨٠.

المعجم الوسيط. جزءان. القاهرة : مجمع اللّغة العربيّة ، د. ت.

الهمذانيّ ، عبد الرّحمن بن عيسى. كتاب ألفاظ الأشباه والنّظائر. القاهرة : دار المعارف ، ط ٢ ، ١٩٨١.

طريقة استعمال المكنز :

كما أسلفنا ، تمّ ترتيب مداخل هذا المكنز ألفبائيّا وفقا لشكل الكلمة ونطقها دون اعتبار لجذرها. وللاستعمال الأمثل والاستفادة القصوى منه ، نقترح ما يلي :

١ ـ يبحث أوّلا عن الكلمة في مكانها ، وفق التّرتيب الألفبائيّ ، حيث يجد الباحث المرادفات والمجانسات للكلمة.

٢ ـ ليجد الباحث مزيدا من المرادفات ذات العلاقة ، لجأنا إلى نظام الإحالة ، حيث يجد الباحث بعض الكلمات مطبوعة بحروف سوداء مميّزة. وهذا معناه (انظر أيضا هذه الكلمات في أماكنها من المكنز). مثلا المدخل (أفل) نجد أمامها : غرب ، غاب ، وجب ، كرب ، غار. وقد كتبت (غرب) و (غاب) بحروف سوداء ، ممّا يعني أنّنا نقترح أن ينظر الباحث ـ إن شاء ـ في الكلمتين (غرب) و (غاب) لمزيد من المرادفات والمجانسات.

٣ ـ من المعروف أنّه عند التّأليف أو التّرجمة يمكننا التّعبير عن الفكرة نفسها باستخدام الأفعال والصّفات أو الأسماء ، فنقول مثلا : أ ـ «هذا المكان جميل» ، أو «ما أجمل هذا المكان!» ، أو

١٦

«يتّسم هذا المكان بالجمال». ب ـ «ألّف الأصبهاني كتاب الأغاني» ، «كتاب الأغاني من تأليف الأصبهاني» ، «كتاب الأغاني من مؤلّفات الأصبهاني». وفي كلتا الحالتين (أ) و (ب) أعلاه نجد أنّ الفكرة الرّئيسة واحدة ، ولكنّنا استعملنا صيغا مختلفة من الجذر نفسه (ج م ل) و (أ ل ف). ولكلّ من مشتقّات هذين الجذرين مرادفات ولا شكّ. وهكذا تتّسع أمام المؤلّف والمترجم دائرة الاختيار من مرادفات ومجانسات.

للاستفادة من ظاهرة اللّغة هذه ، أوردنا لكلّ مدخل الجذر الذي اشتقّت منه الكلمة ، ثمّ أوردنا في آخر المكنز ملحقا بالجذور يوضح جميع الكلمات الواردة في المكنز من الجذر نفسه. مثلا : (متكبّر) و (كبرياء) و (كبر) يرد أمام كلّ منها الجذر ـ (ك ب ر). في الملحق يجد الباحث الجذر (ك ب ر) وأمامها الكلمات الثلاث المشتقّة منها ممّا ورد في المكنز. وهكذا مع سائر الكلمات الأخرى في المكنز.

رموز المكنز :

استخدم هذا المعجم الرّموز الآتية :

س : اسم.

ص : صفة.

ف : فعل.

١٧