الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ضحية الإرهاب السياسي

الدكتور محمد حسين علي الصّغير

الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ضحية الإرهاب السياسي

المؤلف:

الدكتور محمد حسين علي الصّغير


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة البلاغ
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٧

الأجواد ، فبذروا واردات الدولة في مآربهم وأغراضهم وشهواتهم وملذاتهم ، وما يكسبهم شهرة وصيتا ، عدا موائدهم العامرة بأنواع الأشربة والأطعمة ، يضاف اليها أندية الخمرة والطرب.

واذا عدنا الي الرشيد رأيناه مولعا بالخمر ، ويدعو خواص جواريه اذا أراد أن يشرب ، وربما تولي السقاية بنفسه (١).

وقد ذكر السيوطي عن الذهبي أن الرشيد كان صاحب أخبار وحكايات في اللهو واللذات المحظورة والغناء (٢).

وللتأريخ والحقيقة المرة ، فان الرشيد لم يكن ذا حراجة في دين ، ولا أثر من تقوي لديه ، وانما هو الرياء المقنع بالدجل السياسي ، فقد أخرج السلفي في الطيوريات بسنده عن ابن المبارك ، قال :

«لما أفضت الخلافة الي الرشيد ، وقعت في نفسه جارية من جواري المهدي. فراودها عن نفسها ، فقالت : لا أصلح لك؛ ان أباك قد طاف بي. فشغف بها ، فأرسل الي أبي‌يوسف فسأله : أعندك في هذا شي‌ء؟

فقال : يا أميرالمؤمنين؛ أو كلما ادعت أمه شيئا ينبغي أن تصدق؛ لا تصدقها فانها ليست بمأمونة».

قال ابن المبارك : «فلم أدر ممن أعجب : من هذا الذي قد وضع يده في دماء المسلمين وأموالهم يتحرج عن حرمة أبيه؟

أو من هذه الأمة التي رغبت بنفسها عن أميرالمؤمنين!!

أو من هذا فقيه الأرض وقاضيها ، قال : اهتك حرمة أبيك ، واقض شهوتك ، وصيره في رقبتي» (٣).

هذه صورة اجمالية عجلي من صور هارون الرشيد في البذخ والاسراف ،

__________________

(١) الأصبهاني / الأغاني ٥ / ١٢٦.

(٢) السيوطي / تأريخ الخلفاء / ١٨٩ ـ ١٩٠.

(٣) السيوطي / تأريخ الخلفاء / ١٩٣.

١٨١

وسأثبتك صوره في القتل والارهاب ، وصوره في الغدر والفتك ، فما يغني عنه دفاع ابن‌خلدون وعده له من أئمة المسملين ، وما يغني مناصرة الدكتور عبدالجبار الجومرد له ، فنفي عنه شرب الخمر ، ولعب النرد ، وما الي ذلك مما هو مستهتر به (١).

بينما لم نجد عصرا بلغ به العبث والتهتك الذروة كعصر الرشيد ، وقد ساد به اللهو والمجون فغمر البلاد وأفسد العباد ، وعمت المحرمات الشرعية ديار الاسلام وأقاليمه بستار رقيق من الادعاء الديني.

يقول العلامة الدكتور مصطفي جواد (رحمه الله) :

«ولو قدر لهارون الرشيد أن يبقي علي أريكة الخلافة أكثر مما بقي لانحطت الدولة الاسلامية الي مستوي سحيق أقبح الانحطاط» (٢).

ومهما يكن من أمر ، فقد بدأ هارون الرشيد خلافته «باخراج من كان في مدينة السلام من الطالبيين الي مدينة الرسول (صلي الله عليه وآله)».

وكان هذا الاجراء دقيقا في نظرته السياسية ، فحكم الرشيد ببغداد بحاجة الي الاستقرار السياسي ، ولابد أن يصفو الجو من المعارضة ، وأن تخلو الساحة من الرافضين لمظالم الحكم ، وهذا التفكير لم يكن بعيدا عن ذهنية الرشيد الأمنية ، ولابد له من تحقيق ذلك ، فبث الرصد والعيون لتتبع أخبار الطالبيين ، وتعقب تحركهم النضالي ضد النظام ، بما أذكي شرارة البغضاء والضغينة بين الحيين ، حتي استطال الظلم الامام موسي بن جعفر (عليه‌السلام) وهو غير طامح في سلطان ، ولا طامع في عرش ، ولامتهالك علي حكم ، وكل ما يهمه هو احياء السنة واطفاء البدعة.

ومع الاعراض الواضح للامام عن مظاهر الأبهة والملك ، الا أن الرشيد

__________________

(١) ظ : عبدالجبار الجومرد / هارون الرشيد ١ / ٢٦٧.

(٢) مصطفي جواد / سيدات البلاط العباسي / ٤٨.

١٨٢

قد تحين الفرص وافتعل الحجج لاعتقال الامام مرة بعد مرة ، وعرضه علي السجون تارة بعد أخري.

ومما يحز في النفس أن الرشيد قد يستوقف الامام للاستجواب والمساءلة الغليظة الجافة دون مسوغ شرعي أو عرفي ، حتي استقر رأيه علي القضاء عليه.

وربما قيل ان الرشيد بادي‌ء ذي بدء «أكرم الامام وعظمه» (١) ولكن ذلك ان حصل فهو نوع من الدجل السياسي المفضوح ، علي أننا لم نجد شاهدا واحدا يؤكد اكرام الامام واعظامه من قبل الرشيد ، بلي قد تقهره الحقيقة فيعترف بما للامام من فضل وعلم وقيادة.

ومن الوضوح بمكان أن الرشيد كان حاقدا علي الطالبيين بعامة ، وعلي الامام بخاصة ، كما تحدثنا بذلك النصوص المتواترة في أكثر من موقع وموضع حتي لا يدري البحث من أن يبدأ.

كان الامام طيلة أيام الرشيد شديد الحذر ، وكانت الرقابة الصارمة من حوله تقضي بابتعاده عن أوليائه وأصحابه ، حتي أن تلامذته ورواة حديثة حينما يروون احاديثه وأفكاره ، قد يتجنبون التصريح باسمه الشريف ، فيقول أحدهم : حدثني الرجل ، وكتبت الي الرجل ، وأجاب الرجل ، وقد يذكر بكناه فيقال : قال أبوالحسن ، وتحدث أبوابراهيم ، وقد يعبر عنه بما اشتهر من ألقابه عند خاصته ، فيقال : سمعت العبد الصالح ، وقال السيد ، وتحدث (صفحه ١٦٧) العالم ، وروي الكاظم ، وأمثال هذا ، ويدل بوضوح علي مدي الرصد الذي يعاني منه الامام وشيعته ، ولعل ذلك كان بوصية منه (عليه‌السلام) حفظا لأوليائه من الخطر وتجنبا لمواطن التهم باستعمال الرموز الدالة عليه دون التصريح بالاسم الرفيع درءا لمكائد هؤلاء الطغاة.

__________________

(١) ابن‌عنبة / عمدة الطالب / ١٨٥.

١٨٣

وكان الطالبيون قد استتروا عن الرشيد حذر القتل وغياهب السجون ، وذلك عقب العنف الثوري الذي صارع الحكم ، وكانت رده فعل الرشيد قاسية في اجراءات نفذت فيها الأحكام العرفية بأبشع صورها ، وكنموذج عليها ما رواه عبيدالله البزاز النيسابوري ، قال : «كان بيني وبين حميد بن قحطبة الطائي الطوسي معاملة ، فرحلت اليه في بعض الأيام ، فبلغه خبر قدومي فاستحضرني للوقت ... وذلك في شهر رمضان وقت صلاة الظهر ، فلما دخلت عليه ... أحضرت المائدة ، وذهب عني أني صائم وأني في شهر رمضان ، ثم ذكرت فأمسكت ، فقال لي حميد : ما لك لا تأكل؟ فقلت : أيها الأمير هذا شهر رمضان ولست بمريض ، ولا بي علة توجب الافطار ، ولعل الأمير له عذر في ذلك ... فقال : ما بي علة توجب الافطار ، واني لصحيح البدن ثم دمعت عيناه وبكي!!

فقلت له : ما يبكيك أيها الأمير؟

فقال : «أنفذ الي هارون الرشيد ... أن خذ هذا السيف وامتثل ما يأمرك به الخادم!! فتناول الخادم السيف وناولنيه ، وجاء بي الي بيت بابه مغلق ففتحه ، فاذا فيه بئر في وسطه وثلاثة بيوت أبوابها مغلقة ، ففتح باب بيت منها ، فاذا فيه عشرون عليهم الشعور والذوائب ، شيوخ وكهول وشبان مقيدون. فقال لي : ان أميرالمؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء ، وكانوا كلهم من العلوية من ولد علي وفاطمة ، فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد ، فأضرب عنقه حتي أتيت علي آخرهم ، ثم رمي أجسادهم ورؤوسهم في تلك البئر. (صفحه ١٦٨) ثم فتح باب بيت آخر ، فاذا فيه عشرون نفسا من العلوية من ولد علي وفاطمة مقيدون. فقال لي : ان أميرالمؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء ، فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد ، فأضرب عنقه ، ويرمي به في تلك البئر حتي أتيت علي آخرهم. ثم فتح باب البيت الثالث ، فاذا به مثلهم عشرون نفسا

١٨٤

من ولد علي وفاطمة مقيدون عليهم الشعور والذوائب.

فقال لي : ان أميرالمؤمنين يأمرك أن تقتل هؤلاء أيضا ، فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد فأضرب عنقه ، فيرمي به في تلك البئر ، حتي أتيت علي تسعة عشر نفسا منهم ، وبقي شيخ منهم عليه شعر ، فقال لي : تبا لك يا مشوم!! أي عذر لك يوم القيامة اذا قدمت علي جدنا رسول الله (صلي الله عليه وآله) وقد قتلت من أولاده ستين نفسا قد ولدهم علي وفاطمة؟؟

فارتعشت يدي وارتعدت فرائصي ، فنظر الي الخادم مغصبا وزبرني ، فأتيت علي ذلك الشيخ أيضا فتقلته ، ورمي به في تلك البئر.

فاذا كان فعلي هذا ، وقد قتلت ستين نفسا من ولد رسول الله (صلي الله عليه وآله) فما ينفعني صومي وصلاتي ، وأنا لا أشك أني مخلد في النار» (١).

ان أمثال هذه المظالم الكبري هي التي استنت للطغاة والجبابرة اللاحقين حتي القرن الحادي والعشرين : أساليب البطش والفتك ومعالم الارهاب الدموي والقتل الجماعي ، فاذا كان من يسمي بأميرالمؤمنين!! هذا صنعه ووكده ، فما بال هؤلاء الطواغيت الصغار ، وهم لا يوصفون بأكثر من كونهم حكاما دكتاتوريين ليس غير ، علي أن بعضهم قد زاد علي الرشيد أضعافا مضاعفة بوسيلة وأخري حماية للحكم الهزيل.

أما تعقب هارون الرشيد للامام موسي بن جعفر (عليه‌السلام) فهو من أبشع مظاهر الأجرام في تأريخ الانسانية نظرا لمكانة الامام الدينية والقيادية واتصاله (صفحه ١٦٩) برسول الله (صلي الله عليه وآله) نسبا وسببا ، وكونه الرافد الذي لا ينضب لموارد الشريعة الغراء.

لقد عزل الرشيد الامام عن شيعته ، ومنعه من ممارسة طقوسة الايجابية ، ورصد عليه حياته وأنفاسه ، واستطال عليه بالسلطان ، وغيبه في ظلمات

__________________

(١) الصدوق / عيون أخبار الرضا ١ / ١٠٨ ، البحار ٤٨ / ١٧٦ ـ ١٧٨.

١٨٥

السجون ، والامام صامد صابر ، والرشيد يتحين به الفرص ، ويسد عليه المنافذ والمسالك ، في معاناة رهيبة عبر عنها الامام في رسالة بليغة للرشيد قال فيها :

«انه لن ينقضي عني يوم من البلاء الا انقضي عنك معه يوم من الرخاء ، حتي نفضي جميعا الي يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون» (١).

ولم يكن هذا جزعا من الامام ، ولكنه احتجاج صارخ عن مدي ظلامته ، وتعبير ناطق عما يقاسيه دون جريرة ، الا تلك المنزلة العليا التي ينعم بها في نفوس الأبرار ، والا فالمعروف عن الامام أنه كان يردد في سجنه العبارة الآتية :

«اللهم انك لتعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك ، اللهم؛ وقد فعلت؛ فلك الحمد» (٢).

ان تعرض الامام موسي بن جعفر (عليه‌السلام) للأزمات الخانقة ، ومظاهر الارهاب السياسي ، وحياة السجون المريرة من قبل الرشيد ، كفيل وحده أن يخرج الرشيد من منصب الخلافة المدعاة التي لم يمثل منها جزءا ضئيلا من الشرعية علي الاطلاق ، ولم تكن تصلح له الولاية العامة علي المسلمين بحال من الأحوال ، لأن ما حكم به عبارة عن أحكام عرفية طائشة صححها له فقهاء البلاط العباسي ، وحياة فاجرة داعرة غض عنها الطرف القضاة والمعدلون ، وموائد خمور وملاه وسهر ليال أحياها له المغنون المخنثون ، وكل أولئك مشاهد حمراء أباحها حكم السيف القاطع والجور المستديم ، وكان النظام مفقودا وحياة العيارين والشطار عامرة ، وان ضبطوا السيطرة علي الرقاب بالقسر والاكراه.

__________________

(١) ظ : الخطيب البغدادي / تأريخ البغداد ١٣ / ٣٢ ، ابن‌الأثير / الكامل ٥ / ١٠٨ ، ابن‌الصباغ / الفصول المهمة / ٢٢٣ ، المجلسي / البحار ٤٨ / ١٤٨.

(٢) الشيخ المفيد / الارشاد / ٣٣٧.

١٨٦

وفوق هذا كله فطالما روع الحكم الآمنين ، وطالما سفكت الدماء المحرمة بغير الحق ، وكان الاستهتار بالقيم والتجاوز علي المبادي‌ء المقدسة أمرا متعارفا حتي عاد المعروف منكرا والمنكر معروفا!! كيف لا .. وقصور الخلفاء تعج بالفسق ومعاقرة الخمرة ، والبغاء العلني والسري يستشري ولا مانع ولا رادع ولا وازع ، وقد تقدم فيها سبق نهب الأموال واغتصاب الثروات والتلاعب بمقدرات الأمة ، بلي كانت هناك شعارات يتشدق بها الحاكمون مجاراة للناس من جهة ، وتثبيتا لدعائم الحكم من جهة أخري ، وهدف ذلك واضح للناقد البصير ، وهو يتمثل باضفاء شي‌ء من الشرعية جزافا علي ذلك الكيان المدعي ، وما عدا هذا الملحظ علي ضالته ، فاننا لا نري صيغة حقيقية لادعاء الولاية في الدين لأولئك الذين لا يمثلون الدين لا من قريب ولا من بعيد في نظامهم السياسي القائم علي الانحلال الخلقي والتخلي عن القيم الاسلامية علي كل الأصعدة.

يقول الأستاذ محمدحسن آل‌ياسين :

«وكذلك اتضحت بما لا مجال فيه بشك أو تردد أيضا حقيقة أولئك المدعين للولاية الشرعية ، فراغا من مواصفات التأهيل ، وخلوا مما يجب أن يكونوا عليه من كفايات الاستحقاق. فلم يكن لديهم فقه بالشريعة وأحكامها ، ولا علم بمعاني القرآن والحديث ، ولا ورع يردعهم عن محارم الله ، ولا التزام يصدهم عن متابعة الهوي واطاعة شهوات النفس الأمارة بالسوء» (١).

وهنا تتجلي الفروق المميزة بين هذا الفراغ العقائدي الهائل ، وبين تلك القدرات العلمية الرائدة ، وظواهر الانابة والخشوع عند الامام موي بن جعفر (عليه‌السلام) بما يحقق ولايته الشرعية دون أولئك المتلاعبين بمثل القرآن ،

__________________

(١) محمدحسن آل‌ياسين / الامام موسي بن جعفر / ٥٤.

١٨٧

وقيم الاسلام ، ورسالة السماء.

ولم يكن الرشيد نفسه ليجهل هذه الحقيقة الصارخة وان تجاهلها ، ولم يكن له أن يجحدها وان ألقي بستار كثيف علي نصاعتها ، فالملك عقيم كما يقول الرشيد ، ولا أدل علي ذلك من اعترافه واقراره لولده المأمون بالمنزلة العليا للامام ، وأنه حجة الله علي خلقه ، وخليفته الشرعي علي عباده!!

فقد حدث المأمون أن الرشيد هو الذي علمه التشيع!! وذلك أن الرشيد جلس لاستقبال الناس ، ومنع أن يدخل عليه أحد الا انتسب ، فدخل الفضل بن الربيع عليه وقال : علي الباب رجل زعم أنه موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي‌طالب (عليه‌السلام).

فقال له الرشيد : ائذن له ، ولا ينزل الا علي بساطي ... هذا والأمين والمأمون والمؤتمن والقواد شهود ... فاستقبله الرشيد ، وقبل وجهه وعينيه ، وأخذ بيده حتي صيره في صدر المجلس ، وأجلسه معه فيه ، وجعل يحدثه ، ويقبل بوجهه عليه ، ويسأله عن أحواله ... «وبعد استقصاء السؤال» قال الامام موجها وناصحا للرشيد :

«ان الله قد فرض علي ولاة عهده أن ينعشوا فقراء هذه الأمة ، ويقضوا عن الغارمين ، ويؤدوا عن المثقل ، ويكسوا العاري ، ويحسنوا الي العاني ، وأنت أولي من يفعل ذلك».

فقال الرشيد : أفعل يا أباالحسن.

ثم قام الامام ، فقام الرشيد لقيامه ، وقبل عينيه ووجهه ، ثم أقبل علي وعلي الأمين والمؤتمن ، فقال ... بين يدي عمكم وسيدكم ، خذوا بركابه ، وسووا عليه ثيابه ، وشيعوه الي منزله ، فأقبل أبوالحسن موسي بن جعفر (عليهما‌السلام) سرا بيني وبينه فبشرني بالخلافة ، وقال لي : اذا ملكت هذا الأمر فأحسن الي ولدي ، ثم انصرفنا.

١٨٨

يقول المأمون : وكنت أجرأ ولد أبي عليه ، فلما خلا المجلس؛ قلت : يا أميرالمؤمنين؛ من هذا الرجل الذي قد عظمته وأجللته؟ وقمت من مجلسك اليه فاستقبلته؟ وأقعدته في صدر المجلس ، وجلست دونه ، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟

قال : هذا امام الناس ، وحجة الله علي خلقه ، وخليفته علي عباده. فقلت : يا أميرالمؤمنين؛ أو ليست هذه الصفات كلها لك وفيك؟

فقال : أنا امام الجماعة في الظاهر بالغلبة والقهر ، وموسي بن جعفر امام حق ، والله يا بني انه لأحق بمقام رسول الله (صلي الله عليه وآله) مني ، ومن الخلق جميعا ، وو الله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك ، فان الملك عقيم» (١).

ومع معرفة الرشيد بهذا المقام الأسمي للامام ، فان اصبع الاتهام يومي‌ء به للامام ، مما يعتبره الرشيد منافسة في سلطان ، وهو مما يلفق ويكذب به علي الامام ، فقد حدث الامام نفسه قائلا : «لما أمر هارون الرشيد بحملي ، دخلت عليه فسلمت فلم يرد علي السلام ، ورأيته مغضبا ، فرمي الي بطومار ، فقال : اقرأه.

فاذا فيه كلام ، قد علم الله عزوجل براءتي منه ، وفيه أن موسي بن جعفر يجبي اليه خراج الآفاق من غلاة الشيعة ممن يقول بامامته ، يدينون الله بذلك ، ويزعمون أنه فرض عليهم ، الي أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ويزعمون أنه من لم يذهب اليه بالعشر ، ولم يصل بامامتهم ، ولم يحج باذنهم ، ويجاهد بأمرهم ، ويحمل الغنيمة اليهم ، ويفضل الأئمة علي جميع الخلق ، ويفرض طاعتهم مثل طاعة الله ورسوله ، فهو كافر حلال ماله ودمه ... والكتاب طويل ، وأنا قائم أقرأ وهو ساكت ، فرفع رأسه وقال :

اكتفيت بما قرأت ، فكلم بحجتك بما قرأته.

__________________

(١) ظ : المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ١٢٩ ـ ١٣١ باختصار.

١٨٩

قلت ... والذي بعث محمدا (صلي الله عليه وآله) بالنبوة ما حمل الي أحد درهما ولا دينارا من طريق الخراج ، لكنا معاشر آل أبي‌طالب نقبل الهدية التي أحلها الله عزوجل لنبيه (صلي الله عليه وآله) في قوله :

«لو أهدي لي كراع لقبلت ذ ، ولو دعيت الي ذراع لأجبت.»

وقد علم أميرالمؤمنين ضيق ما نحن فيه ، وكثرة عدونا ، وما منعنا السلف من الخمس الذي نطق لنا به الكتاب ، فضاق بنا الأمر ، وحرمت علينا الصدقة ، وعوضنا الله عزوجل الخمس ، واضطررنا الي قبول الهدية ، وكل ذلك مما علمه أميرالمؤمنين ...» (١).

ولم يكتف الرشيد بهذا ، وانما استدعي الامام تارة أخري ، وأدخل عليه ، فقال له الرشيد :

يا موسي بن جعفر ، خليفتين يجبي لهما الخراج؟

قال الامام : أعيذك بالله أن تبوء باثمي واثمك ، وتقبل الباطل من أعدائنا علينا ، فقد علمت أنه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله (صلي الله عليه وآله) بما علم ذلك عندك ... (٢).

ومع براءة الامام مما نسب اليه ، فهو يجتمع به ، ويتظاهر ببره ، ويسأله عن مدي حاجته ، ثم يبعث اليه بصرة فيها مائتا دينار ، فيعترض عليه المأمون ، فيقول له : أسكت لا أم لك ، فاني لو أعطيته هذا ما ضمنته له ، ما كنت آمنه (٣).

وتارة أخري يعلل الرشيد منعه العطاء للامام بقوله :

«ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته

__________________

(١) ظ : المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ١٢١ ـ ١٢٢ وانظر مصدره.

(٢) المصدر نفسه ٤٨ / ١٢٥ وانظر مصدره.

(٣) المصدر نفسه ٤٨ / ١٣١ وانظر مصدره.

١٩٠

ومواليه ، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم» (١).

ومنع أهل البيت حق الطبيعي من بيت المال أسوة ببقية المسلمين علي الأقل كان من الأهداف المركزية للبلاط العباسي ، بل كان من أهدافه أيضا منع أوليائهم وأصحابهم ومن يمت اليهم بصلة من أي نوع من العطاء ، واذا كان هذا صنيعهم مع شيعتهم ، فما بالك بهم؟

وليت الرشيد اكتفي بما صنعه مع الامام من الاستدعاء والاستنطاق الذي لا مبرر له ، ولكنه أغري به الفجرة من أولياء بني العباس ، وجلاوزة النظام الحاكم.

ذكر السيد المرتضي علم الهدي (ت ٤٣٦ ه) :

«انه حضر بباب الرشيد نفيع الأنصاري ، وحضر الامام موسي بن جعفر (عليه‌السلام) علي حمار له ، فتلقاه الحاجب بالاكرام ، وعجل له بالاذن.

فسأل نفيع عبدالعزيز بن عمرو من هذا الشيخ؟

قال : شيخ آل أبي‌طالب ، شيخ آل محمد ، هذا موسي بن جعفر.

قال : ما رأيت أعجز من هؤلاء القوم يفعلون هذا برجل يقدر أن يزيلهم عن السرير ، أما ان خرج لأسوء نه ، قال له عبدالعزيز : لا تفعل فان هؤلاء أهل بيت ما تعرض لهم أحد بالخطاب الا وسموه في الجواب سمة يبقي عارها مدي الدهر.

وخرج الامام ، وأخذ نفيع بلجام حماره وقال :

من أنت يا هذا؟

فقال الامام ، يا هذا ان كنت تريد النسب؟ أنا ابن محمد حبيب الله ، ابن اسماعيل ذبيح الله ، ابن‌ابراهيم خليل الله. وان كنت تريد البلد؟ فهو الذي فرض الله علي المسلمين وعليك ـ ان كنت منهم ـ الحج اليه. وان كنت

__________________

(١) ظ : المجلسي / بحارالأنوار : ٤٨ / ١٣٢.

١٩١

تريد المفاخرة؟ فوالله ما (رضي) مشركو قومي مسلمي قومك أكفاء ، حتي قالوا : يا محمد أخرج الينا أكفاءنا من قريش.

وانت كنت تريد الصيت والاسم؟ فنحن الذين أمر الله بالصلاة علينا في الصلوات المفروضة تقول : «اللهم صل علي محمد وآل محمد» فنحن آل محمد ، خل الحمار ، فخلي عنه ويده ترعد ، وانصرف مخزيا ، فقال له عبدالعزيز : ألم أقل لك؟» (١).

وهكذا كان الامام يتجرع الغيظ من خلفاء الجور ، وولاة السوء ، وبطانة السلطان ، وهو صابر محتسب ، وكان أشدهم عليه ـ كما رأيت ـ هارون الرشيد في مجالات شتي ، وستري ما جري عليه يديه من استشهاد الامام مسموما في موقعه من الكتاب.

__________________

(١) ظ : المرتضي / الأمالي ١ / ٢٧٥ ، ابن شهر آشوب / المناقب ٣ / ٤٣١ ، المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ١٤٣ ـ ١٤٤.

١٩٢

الفصل الخامس

المناخ الثوري واجراءات الارهاب السياسي

١ ـ قمع التحرك الثوري.

٢ ـ ثورة الحسين صاحب فخ.

٣ ـ انتفاضة يحيى بن عبد الله المحض.

٤ ـ التصفية الجسدية للعلويين.

٥ ـ موقف الإمام من العنف الثوري.

١٩٣
١٩٤

قمع التحرك الثوري

وكان سوء الادارة العباسية سياسيا واجتماعيا ودينيا ، وحياة البذخ والسرف والتبذير ، واجراءات القمع الدموي ، والعمل بسنن الجبارين ، كل ذلك قد أثار مشاعر الأحرار والأخيار ضد النظام العباسي في عصر الامام (عليه‌السلام).

فأني تلفت رأيت مظاهر الابتعاد عن الاسلام ، وطمس آثار شريعة الرسول الأعظم ، واعادة الخلافة ملكا عقيما ، ومسخ المبادي‌ء الأخلاقية ، وتفجر المناخ الاجتماعي بثورة عارمة من العبث والمجون واباحة الخمور ، ومنع الناس حقوقهم في بيت المال ، واستباحة ذمم الأولياء ، واستطالة وعاظ السلاطين ، وكبت الحريات العامة ، واشغال الناس بالبعوث في جبهات القتال ، وتعطيل القرآن واطفاء السنن ، وجعل الخراج دولا بين الظلمة وأعوان الظلمة ، وتسخير الناس خدما ووخولا في مرافق الدولة ومصالح الطغاة ، كل أولئك الفقرات الضخمة كانت عوامل استياء منتشر لطبقات شعبية ودينية من المجتمع ، وكان الجيل الواعي لمشكلات هذه التداعيات ممن يريدون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة الفروض ، وممن يحاولون استنقاذ الحقوق الانسانية قد أنكروا تلك البدع والأضاليل ، وحاولوا التغيير قدر المستطاع ، ولكن السجون كانت بانتظارهم ، ومعتقل

١٩٥

«المطبق» الرهيب الذي لا يعرف فيه الليل من النهار يزج بالمئات من الشباب المتحفز ، ولم يطل الأمر علي هذا الضيم المتوالي ، فتوالت الانتفاضات ، وبدأ التحرك الثوري المسلح وهو يقدم الشهداء قوافل ، والضحايا زرافات ووحدانا ، حتي طفح الكأس بما فيه.

وكان ردة فعل العباسيين كأعتي ما يتصوره الفكر الانساني قمعا وابادة وتقتيلا ، وأسرا وتغريبا وتشريدا ، كما سنشاهد هذا من خلال الأحداث الثورية وانعكاساتها السلبية علي الحاكمين.

١٩٦

ثورة الحسين صاحب فخ

والحسين هذا هو : الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي‌طالب صلوات الله عليه.

خرج بالمدينة المنورة ثائرا مناضلا في ذي‌القعدة سنة تسع وستين ومائة بعد موت المهدي ، وفي خلافة ولده الطاغوت موسي الهادي في جماعة كثيرة من العلويين ، فأبيدوا جميعا شر ابادة (١).

ولم يكن خروجه علي سلطان العباسيين اعتباطا ، ولا تحركه المسلح عنتا ، ولكن السياسة العباسية الخرقاء هي التي ألجأته الي اعلان ثورته ، وما جرت اليه من الفجائع والفظائع. فقد روي أبوالفرج الأصبهاني بأسانيد عدة ، قال :

كان سبب خروج الحسين أن الهادي ولي المدينة اسحاق بن عيسي بن علي ، فاستخلف عليها رجلا من ولد عمر بن الخطاب يعرف بعبدالعزيز ، فحمل علي الطالبيين وأساء اليهم ، وطالبهم بالعرض كل يوم في المقصورة. ووافي أوائل الحاج ، وقدم من الشيعة نحو من سبعين رجلا ، ولقوا حسينا وغيره ، فبلغ ذلك العمري ، وأغلظ أمر العرض ، وألجأهم الي الخروج؛ فجمع الحسين : يحيي صاحب الديلم ، وسليمان ، وادريس صاحب افريقيا ،

__________________

(١) ظ : المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ١٦١.

١٩٧

وكلهم أبناء عبدالله بن الحسن ، وعبدالله بن الحسن الأفطس ، وابراهيم بن اسماعيل طباطبا ، وعمر بن الحسن بن علي بن الحسن المثلث ، وعبدالله بن اسحاق بن ابراهيم بن الحسن المثني ، وعبدالله بن جعفر الصادق (عليه‌السلام) ووجهوا الي فتيان من فتيانهم ومواليهم ، فاجتمعوا ستة وعشرين رجلا من ولد علي (عليه‌السلام) وعشرة من الحاج ، وجماعة من الموالي. فلما أذن المؤذن الصبح ، نادوا : أجد أجد ، وصعد الأفطس المنارة ، وجبر المؤذن علي قول «حي علي خير العمل» فلما سمعه العمري أحس بالشر ودهش ، ومضي هاربا علي وجهه.

وصلي الحسين بالناس الفجر ، ولم يتخلف عنه أحد من الطالبيين ، الا الحسن بن جعفر بن الحسن ، والامام موسي بن جعفر (عليه‌السلام) ، وسيأتي موقفه من هذه الثورة.

وخطب الحسين بعد الصلاة ، وقال بعد الحمد لله والثناء عليه : «أنا ابن رسول الله ، علي منبر رسول الله ، وفي حرم رسول الله ، أدعوكم الي سنة رسول الله (صلي الله عليه وآله). أيها الناس أتطلبون آثار رسول الله في الحجر والمدر تمسحون بذلك ، وتضيعون بضعة منه.» (١).

فلما انتهي من هذا الخطاب أقبل عليه الناس يبايعونه علي كتاب الله وسنة نبيه ، والدعوة للرضا من آل محمد (صلي الله عليه وآله) (٢).

وهذا يعني استجابة الناس الفورية ، فالناس تطمع بالخلاص ولا تجد الي ذلك سبيلا ، حتي اذا أعلن الحسين ثورته هذه وهو من آل علي (عليه‌السلام) ، كان الاقبال علي البيعة تلقائيا.

وروي أنه قال لمن بايعه :

__________________

(١) ظ : الأصبهاني / مقاتل الطالبيين / ٤٨٤.

(٢) ظ : الطبري / تأريخ الأمم والملوك ١٠ / ٢٥.

١٩٨

«أبايعكم علي كتاب الله ، وسنة نبيه رسول الله ، وعلي أن يطاع الله ولا يعطي ، وأدعوكم الي الرضا من آل محمد ، وعلي أن نعمل فيكم بكتاب الله وسنة نبيه (صلي الله عليه وآله) والعدل في الرعية ، والقسم بالسوية. وعلي أن تقيموا معنا ، وتجاهدوا عدونا ، فان نحن وفينا لكن وفيتم لنا ، وان نحن لم نف لكم فلا بيعة لنا عليكم» (١).

وأنت تري الحسين في هذه البيعة قد أعطي النصف من نفسه ، وقد احتاط بذلك لدينه وأمته ، فالبيعة علي كتاب الله وسنة رسول الله (صلي الله عليه وآله) والتأكيد علي طاعة الله وعدم معصيته ، والدعوة الي الرضا من آل محمد لا لنفسه ، والعمل بكتاب الله والسنة ، والعدل بين الرعية ، والاقامة معه وعدم التفرق عنه ، وجهاد الأعداء اذا وفي لهم بالتزامه ، والا فلا بيعة له عليهم.

ويبدو أن عنصر المفاجأة كان متوافرا في الثورة ، فقد اضطر الحكم الحسين الي استعجالها ، فما التحق به أحد من القصبات والأقاليم ، ولم يتهيأ لها مناخ اعلامي أو دعائي ، بل ولم يلتف أهل المدينة حولها بالشكل المطلوب ، ولم يسبق لها تمهيد سري تجتمع حوله الرجال وأعداء الحكم ، ويبدو أن الرصد الأمني لأجهزة النظام كان مسؤولا عن كثير من هذه التداعيات ، وكان احضار الطالبيين أمام المقصورة كل يوم يعني فرض الرقابة الصارمة من كل الوجوه.

ومهما يكن من شي‌ء ، فحينما أعلنت الثورة ، أقبل حماد البربري وكان مسلحة للسلطان في المدينة بالسلاح ، ومعه أصحابه حتي وافوا باب المسجد ، فقصده يحيي بن عبدالله وفي يده السيف ، فأراد حماد أن ينزل فبدره يحيي فضربه علي جبينه ، وعليه البيضة والمغفر والقلنسوة فقطع ذلك كله ، وأطار قحف رأسه ، وسقط عن دابته ، وحمل علي أصحابه

__________________

(١) ظ : الأصبهاني / مقاتل الطالبيين / ٤٤٧ ، البحار ٤٨ / ١٦٩.

١٩٩

فتفرقوا وانهزموا. وبايعه الناس واحتفل به أهل بيته وأصحابه احتفالا عظيما.

وحج في تلك السنة مبارك التركي ، فبلغه خبر الحسين ـ ويبدو أن الرجل كان ذا عقل ودين ـ فبعث الي الحسين من الليل : اني والله ما أحب أن تبتلي بي ولا أبتلي بك ، فابعث الليلة الي نفرا من أصحابك ولو عشرة يبيتون عسكري حتي أنهزم ، وأعتل بالبيات. ففعل ذلك الحسين ، ووجه عشرة من أصحابه فجعجعوا بمبارك ، وصبحوا في نواحي عسكره ، فهرب وذهب الي مكة.

وحج في تلك السنة العباس بن محمد ، وسليمان بن أبي‌جعفر ، وموسي بن عيسي ، فصار مبارك معهم ، واعتل عليهم بالبيات.

وخرج الحسين قاصدا الي مكة ، ومعه من تبعه من أهله ومواليه وأصحابه ، وهم زهاء ثلاثمائة رجل ، واستخلف علي المدينة «دينار الخزاعي» ، فلما انتهي الركب الي «فخ» وهو موضع علي ستة أميال من مكة المكرمة (١)

هنالك تلقتهم الجيوش العباسية بقيادة العباس بن محمد ، فعرض العباس علي الحسين الأمان والعفو والصلة ، فأبي ذلك أشد الاباء.

وكان قادة الجيش متكونا من العباس ، وموسي بن عيسي ، وجعفر ومحمد ابني سليمان ، ومبارك التركي ، والحسن الحاجب ، وحسين بن يقطين. وتقررت الحرب ، وكان الالتقاء يوم التروية وقت صلاة الصبح ، فكان موسي بن عيسي أول من حمل علي القوم ، فاستطرد لهم شيئا حتي انحدروا في الوادي ، وحمل عليهم محمد بن سليمان ، وبعد معركة رهيبة طحنهم الجيش العباسي طحنة واحدة ، حتي قتل أكثر أصحاب الحسين ، وجعلت المسودة تصيح : يا حسين لك الأمان ، فيقول : لا أمان أريد ، وهو

__________________

(١) ظ : المسعودي / مروج الذهب ٣ / ٢٤٨.

٢٠٠