وليد الكعبة

السيد محمد رضا الحسيني الجلالي

وليد الكعبة

المؤلف:

السيد محمد رضا الحسيني الجلالي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدريّة
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-8163-92-8
الصفحات: ٤٩٥

للشاعر السيّد مرتضى الوهّاب الحائري :

وليد البيت

في ذكر مولد الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام (١)

ركبُ الوجود شدا بعذبِ حُدائِهِ

ونفى العذار وشلّ برد حيائهِ

 وتناسقتْ أنغامهُ وتتابعتْ

تنسابُ كالأنوارِ في أجوائهِ

 والدوحُ عادَ إلى النصابي وانبرى

ماءُ الحياة يسيلُ من أعضائهِ

 طربَ العنادلُ والقماري غرّدتْ

فوقَ الغصونِ اللّدنِ في أفنائهِ

واخضرّ روضُ العيشِ بعدَ ذُنُولِهِ

فاخضرّت الأحلامُ في أنحائهِ

 وتناشدَ العشّاقُ ألحانَ الهوى

وفنون موسيقاهُ في أصدائهِ

 ومواكبُ النورِ استطالتْ في الفضا

فسمتْ من البطحا إلى جوزائهِ

 فاسمعْ صفيفَ الغُصنِ حيثُ تحيله

طلق النسيم ومرتقى ورقائهِ

 لاحتْ تباشير الصباح نديّة

بالطلّ فاستنشق شذا صهبائهِ

والبيت شعّ بركنه ومقامه

وسرى بوزمزمه السنا وصفائهِ

 واستبشرتْ عرفاته شوقاً إلى

النبأ العظيم يمور في أبهائهِ

 خرجتْ بكنز الله حيرى اُمّه

حيث اقتضى التكوين من إبدائه

 حملتْه فانتبذتْ به البيتَ الذي

خصّتْ لوضع وليدها بلوائهِ

 فأجاءَ (فاطمة) المخاضُ وقد جلا

في الأرض (سيف الله) من عليائهِ

 وأتى (عليٌّ) ساجداً وجبينهُ

أثرُ السجودِ يلوحُ في سيمائهِ

 وُلِدَ الذي نسفَ التماثيلَ التي

نصبتْ ببيتِ اللهِ في أفنائهِ

__________________

(١) نشرت هذه القصيدة في كرّاس (من وحي ذكرى أهل البيت عليهم السلام) : ١٣ ، الحلقة الثانية ، (١٣٧٦ هـ ـ ١٩٧٥ م).

٤٠١

وُلِدَ الذي دَكَّ العُروشَ وكانَ في

الهيجا ملوكُ الأرضِ من اُسرائهِ

 وُلِدَ الذي خضعتْ لقائمِ سيفهِ

أسدُ الشّرى والوحشُ في بيدائهِ

 وُلِدَ الذي بوجودِهِ نُشِرَ الهدى

والدّينُ تمّ بأرضِهِ وسمائهِ

 يلقى التائبَ والخيولَ بصرخةٍ

فتفرُّ ناكصةً لرعبِ نِدائهِ

 ما إنْ أتاهُ القرمُ إلّا وانبرى ابنـ

ـّاعون قبلَ نِزاله لِرِثائهِ

 فيكادُ إذْ يومي بذات فِقارِهِ

يأتي على الجرّارِ في إيمائهِ

 تبدي الفوارسُ في الوغى سوآتِها

خوفَ القضا من بطشهِ ومضائهِ

 سَلْ بُسرَ وابنَ العاصِ لمّا أضحكا الـ

ـجيشينِ في صِفَّينَ عندَ لقائهِ

 فأشاحَ عن مرأى الرذيلةِ وجهَهُ

لِعُلوّ هِمّتهِ وفرطِ حَيائهِ

وكذاكَ عن (مروانَ) حينَ أجارَهُ الـ

ـحَسَنانِ عَفَّ وكانَ من عُتقائهِ

 ما شادَ صرحَ الدينِ إلّا سيفُهُ

فتحمّلَ الصدماتِ في إعلائهِ

 تركوهُ حينَ البأسِ في بأسائِهِ

وتنافسوا للغنمِ في سرّائهِ

 مستدركاً زيغَ البصائرِ مُؤثِراً

للدينِ صبراً في أذى زهرائهِ

 للهِ صبرُ أبي الأئمّةِ قادراً

عمّا جنى الإسلامُ من طُلَقائهِ

 هُوَ مِن رسولِ اللهِ حيثُ أقامَهُ

هارونُ من موسى على استثنائهِ

 بِعُلى نُبُوّتهِ ونبلِ خصالِهِ

وسموِّ مَحْتِدِهِ وحسنِ روائهِ

 زفّتْ كريمةُ أحمدٍ سكناً لهُ

واستأثرتْ منهُ بطيبِ حِبائهِ

 لولاهُ لمْ يغشَ البتولةَ صاحبٌ

كُلْؤاً لها بينَ الورى ببنائهِ

 ريحَ التجارةَ حيثُ تاجرَ ربَّهُ

بالمكرماتِ وكانَ من عُملائهِ

 نادى (سَلُوني قبلَ أَنْ ...) مُتحدّياً

مَنْ يدّعي الإعجازَ من عُلمائهِ

 هُوَ في غنىً عن مدح ما قد صيغَ مِن

أصحابِهِ بالمدحِ من أعدائهِ

 ما جاءَ لفظُ (المؤمنين) بذكرِهِ

إلّا وخُصَّ (المُرتضى) بِنِدائهِ

٤٠٢

شُرَّفتَ يا حرمَ الحجازِ مُخلّداً

شرفَ الوِلادة في سما بَطحائهِ

 عجباً لأحناءِ القِماطِ تضمُّ مَنْ

قد ضاقَ رحبُ الكونِ عن إيفائهِ

 نفسُ النبيّ وصهرُهُ ووصيُّهُ

وأبُوا الهُداةِ الغُرُّ من أبنائهِ

 هلْ كانَ (أنفُسُنا) سواهُ مقصداً

أمْ هلْ عداهُ المُصطفى بإخائهِ

 الصدقُ والإعجازُ والإيثارُ في

إيمانِهِ وبَيانِهِ وبَلائهِ

 والرعدُ والغيثُ المروّي والسَنا

مِن صوتِهِ وسَخائِهِ وبَهائهِ

 قد طلّقَ الدُنيا ثلاثاً زاهداً

فيها ولمْ يغترْ بطولِ بقائهِ

 في اللهِ أَنفقَ مالَهُ لمْ يُبقِ مِن

صفرائِهِ عَرَضاً ومِن بيضائهِ

 أصفى العبادةَ والمحبّةَ والتُقى

للهِ فاستوفى جزا إصفائهِ

 أولاهُ تقسيمَ الحجيمِ وجنّةِ الـ

ـفِردوسِ ربُّ العرشِ من آلائهِ

 يَسقي المُوالي سائغاً من حوضِهِ

ويذودُ مَنْ عاداهُ مِن إروائهِ

 لمْ ينجُ مِن نارِ الجحيمِ أَخُو تُقىً

بسوى مودّتِهِ وصدقِ وِلائهِ

 طوبى لِمَنْ جاءَ الإلهَ بحبّهِ

والويلُ للآتي غداً بِعِدائهِ

 سَنَّ الفصاحةَ والبيانَ بِنطقهِ

وبنى لعلمِ النحوِ اُسَّ بِنائهِ

للغربِ بانتْ معجزاتُ بيانِهِ

واحتارَ فيه الصّيدُ من بُلَغائهِ

 نهجُ البلاغةِ توأمُ القرآنِ في

آياتِهِ قد صِيغَ من إِيحائهِ

 فعنى بهِ المستشرقونَ وأيّدوا

إعجازَهُ وخُلُودَهُ بِبقائهِ

 هُوَ توأمُ الفتحِ المبينِ إذا غزا

والنصرُ مقرونٌ بذيلِ لِوائهِ

 القابضُ الأرواحِ في حَمَلاتِهِ

والباسطُ الإرشادَ في إفتائهِ

 المقبرُ الإلحادَ في أحيائِهِ

والباعثُ الإيمانَ في إِحيائهِ

الراكعُ السجّادُ في محرابِهِ

والفالقُ الهاماتِ في هَيْجائِهِ (١)

__________________

(١) ديوان السيّد مرتضى الوهاب ، انتشارات المكتبة الحيدرية ـ قم ، ١٤٢٢ هـ.

٤٠٣

للشاعر الشيخ العلّامة عبد العظيم الربيعي (١) بعنوان :

في مولد أمير المؤمنين عليه السلام

يهتزُّ بيتُ الله بالأركانِ

طرباً بمقدمِ خيرة النسوانِ

 هذي عقيلةُ هاشمٍ من شبلهِ

أسدٍ حصانٌ بنتُ خيرِ حصانِ

 حملتْ أميرَ المؤمنين فأصبحتْ

في قدرها تسمو على كيوانِ

 يتلو كتابَ اللهِ وهو ببطنِها

إذْ بطنُها للعرشِ كالبُطنانِ

 فتلا بها البيت الحرام صحيفةً

لكنّما التقديرُ للعنوانِ

 قالت إلهي إنَّ قلبي مؤمنٌ

بكَ يا عطوفُ حقيقةَ الإيمانِ

 سهّلْ عليّ بحقّ سرّكَ مودعاً

بضمائري فاعتزّ فيه كياني

 البابُ سُدَّ بوجهها بيمين ذي

كفرٍ هوى في الشركِ للأوثانِ

 لو يفتحُ اللهُ الرِتاجَ لها غدتْ

تعزى الفضيلة للإله الثاني (٢)

 فلذلكَ انشقّ البناءُ لها ، وهلْ

يعصي بناءُ البيت أمرَ الباني

 وكذلك التأَمَ البناءُ كأصلِهِ

والغيبُ تشهدُ صنعهُ العينانِ

 فتخالُ بيتَ الله ساعةَ سدِّهِ

بعدَ انفتاحِ البيتِ كالقرآنِ

 عبثاً يحاولُ فتحَ بابٍ سيّدُ الـ

ـبطحا بمولدِ قالعِ البيانِ

 العالَمُ العُلويُّ هيّأَ جندَهُ

مستبشراً بصنيعةِ الرحمنِ

 وانظرْ إلى الملكوتِ لا تلقى بِهِ

إذْ ذاك غيرَ بشائرٍ وتهاني

 أمّا السماءُ فقد تضاعَفَ نورُها

وكذاكَ ضوءُ نُجومِها النُوراني

__________________

(١) ديوان الربيعي (للشاعر الشيخ عبد العظيم الربيعي) : ٤٦ ـ ٥٠ ، (١٣٢٣ ـ ١٣٩٩ هـ).

(٢) أي الأصنام بزعم المشركين لأن الذي سد الباب من بني عبد الدار عبدها ، والرتاج : الباب العظيم.

٤٠٤

وكذاك يُظهرُ ذُو الجلال سُرُورَهُ

في الخلق جلّ جلاله السبحاني

 لو لم تكنْ حوريّةٌ في جنّة الـ

ـفردوسِ لم تطعمْ ثمارَ جنانِ

 هبطتْ لها حوّاءُ تزجي مريم الـ

ـعذراء تقفو إثرَها امرأتانِ

 ألستُّ آسيةٌ واُمُّ ربيبِها

وحبيبِها موسى فتى عمرانِ

 وعلى الرخامةِ تمَّ مولدُ حيدرٍ

في البيتِ ربَّةِ أحمر الألوانِ

 واذكرْ لهُ مذ خرَّ في محرابِهِ

صَبَغَ الرُخامَ بفيضِ هامٍ قاني

 وُلِدَ ابنُ فاطمة الفخارِ مطهّراً

عفَّ الإلهُ مفاخرِ النسوانِ

 حوّاءُ أتحفها السلامَ تحيةً

إنّ السلام تحيّةُ الرضوانِ

 وتشهّد الهادي شهاداتِ الهدى

والدين وهي ثلاثةٌ لا اثنانِ

هذي الفضيلة لم ينلْها قبلَهُ

أو بعدَهُ في الوضعِ من إنسانِ

 بقيتْ ثلاثاً أُمّهُ في الكعبةِ الـ

ـغرّا وقرّتْ بابنها العينانِ

 وهنالكَ انفتحَ البِنا لِخروجِها

فدخولُها وخروجُها سيّانِ

 سمّتْهُ حيدرةً لِما وجدتْ بِهِ

(أثرَ الشجاعةِ ساطع البرهانِ)

 لا تُوثقيهِ بٍستّةٍ أو سبعةٍ

قمطأ ولو في قوّةِ الأشطانِ

 قطعَ القيودَ يقولُ كفّي إنّني

حُرٌّ وما قيدُ الورى من شاني

 هذا ولكن قيّدتْهُ وصيّةٌ

بنجادِ ماضيهِ فتى الفتيانِ

 حملتْ وصيَّ محمّدٍ بِذِراعها

حملَ الذِراع الشمسَ ذات الشانِ

 فليهنَ والدَهُ وعُذراً لو قضى

يوم البشارة ميتة الجذلانِ

 لا سيّما لمّا دعاهُ ذُو العلى

وأمدّهُ بنواله الربّاني

 إنّي العَليُّ فسمِّهِ باسمي لكي

يعلُو فيعلمُ قدرَهُ الثقلانِ

 لو لم تلدْهُ فتاةُ هاشمَ لم تجدْ

لمحمّدٍ في الناسِ من أقرانِ

٤٠٥

جاءتْ إليهِ بهِ فألفتْ توأمي

مجدٍ وطرفي حلبةٍ وعنانِ

 عرفَ النبيّ وصيّهُ فاهتزّ مِن

بشرِ اللقاءِ كلاهما للثاني

 إنْ كانَ بالإنجيلِ أصبحَ ناطقاً

عيسى فحيدرُ قارئُ الفرقانِ

 لو لم يكنْ للمؤمنينَ أميرَهُمْ

ما اختارَ سورتَهُمْ من القرآنِ

 قد أفلحوا بكَ في شهادة أحمدٍ

فتميرُهُمْ بالعلمِ والعرفانِ

 ولذاكَ غذّاهُ إلى حيث ارتوى

إبهامهُ بالعلمِ لا الألبانِ

 وأقامَ يتّبعُ النبيَّ كظلّهِ

فهما لإنسانِ الهدى جَفنانِ

 ماذا ترى بغذيّ دَرِّ محمّدٍ

ونجيّهِ في السرِّ والإعلانِ

 أتراهُ لا يرقى إلى أوجِ العُلى

هلْ قريةٌ من بعدِ عبّادانِ

 ما آيةٌ نزلتْ ولا علمٌ أتى

إلّا وكانا فيه كالميزانِ

 حتّى إذا صدعَ النبيُّ بأمرِهِ

ودعا العشيرةَ مِن بني عدنانِ

 لم يستجبْ إلّا أبو حسنٍ فقدْ

لبّى النّدا قبلَ الصّدا بزمانِ

 ولذاكَ كانَ وزيرَهُ وأخاً لَهُ

وخليفةً لخليفةِ الدّيانِ

 فهما لدَوحةِ دينهِ جذرانِ

وهما لبابِ الرُّشدِ مصراعانِ

 مَضيا يشقّانِ الطريقَ كلاهما

لم يحفلا بتجمهُرِ العُدوانِ

 فالدّينُ منحصرٌ ببيتٍ واحدٍ

يحوي خديجة عندها العَلمانِ

 أمّا الصلاةُ فإنّها في مكّةٍ

قامتْ بهمْ وقيامُها صفّانِ

 حتّى إذا رحلتْ إلى دار الجزا

خفراً لأكرم ناصرٍ معوانِ (١)

 هجر النبيُّ بلادَهُ وببردِهِ الـ

ـتحفَ الوصيُّ الليثُ ثبتَ جنانِ

 لو كانَ أوجسَ خيفةً منهمْ لما

ذاقتْ كرىً في ليلهِ العينانِ

__________________

(١) المراد به : أبو طالب.

٤٠٦

وأداةُ مكرٍ في العِدا بثباتِهِ

باهى الإلهُ ملائكَ الرحمنِ

 وهُنا أتى دورُ الحُروبِ وإنّما

هُوَ مِن رَحاها القُطبُ في الميدانِ

 وبراية الإسلامِ خَفَّ مجاهداً

من عُمرهِ لم يُنْهِ عقداً ثاني

 لم تخلُ منهُ غزوةٌ وسَلِ العِدا

مَنْ كانَ ثّمَّ مجدّلَ الشجعانِ

 لم يعترضْ إلّا وقطّ وما علا

إلّا وقدّ القرنَ دونَ توانِ

 سَلْ عنهُ بَدراً في البرازِ وإنّه

لمبرّزٌ لمّا التقى الجمعانِ

 ولقدْ أطاحَ شباه في أُحُدٍ بمَنْ

حملوا لواءَ الشركِ والطغيانِ

 نصرَ النبيّ بِهِ ومذْ أغراهمُ

طمعٌ فباءَ الجيشُ بالخذلانِ

 سَلْ مَنْ دعا جبريلُ ثمّةَ باسمِهِ

في حيث تسمعُ صوتَهُ الثقلانِ

 (لا سيفَ إلّا ذُو الفِقارِ ولا فَتى

إلّا عليٌّ) فارسُ الفرسانِ

 عجبتْ ملائكةُ السماءِ لصبرِهِ

ولردّهِ لكتائبِ العدوانِ

 وتكشّفَ الأحزابُ رُعباً مذْ برى

ساقَ ابنَ وَدٍّ مفرد الأقرانِ

 ولمرحَب قسمَ الوصيُّ بسيفهِ

فلذاكَ أصبحَ قاسمَ النيرانِ

 ويبطشِ حيدرَ تَمَّ نصرُ المصطفى

بحنينَ بعدَ تطاحُنٍ وطِعانِ

 وتزوّجَ الزهرا فضاعَفَ مجدهُ

أعظمْ بهِ صِهراً بخيرِ قِرانِ

 مَنْ مثلُهُ شرفاً أنافَ وفرعهُ

سبطا النبيّ المصطفى الحَسَانِ

 هيهاتَ يُحصي فضلَهُ إلّا الذي

في بيتَهَ وَلَدْتُه خيرُ حصانِ

 وببيتِهِ الثاني بيثربَ قد غدا

لأخيهِ أحمدَ ثانيَ السكّانِ

 عينانِ أبصرتا الضيا بفنائِهِ

قد أغمضا مذْ فيه أصبح فاني

 وعلى الهدى والفوز عند مليكه

سهرتْ له في بيتهِ العُينانِ

 الفوزُ أدركَهُ لديْهِ موحّدٌ

وإليهِ عادَ ورأسُهُ نَصفانِ

* * *

٤٠٧

للشاعر أبو أمل الربيعيّ (١) بعنوان :

ناداني يومك للقريض

يا مَن بهِ تتفاخرُ العلياءُ

وبنورهِ تتبدّدُ الظلماءُ

 وبنشرهِ تتعطّرُ الأرجاءُ

وبذكرهِ تستدفَعُ الضرّاءُ

 يا مَن به تستأنسُ الحوباءُ

وبحبّهِ لذوي السقام شفاءُ

 وبيوم مولدهِ السعيدِ استبشرتْ

شوقاً لهُ الحوراءُ والعيناءُ

 بدرٌ بطلعتهِ الجميلةِ قد جلا

ما خلّفتهُ الليلةُ الليلاءُ

 يومٌ لأهل الأرضِ فيهِ مباهجٌ

وبهِ لسكّانِ السماءِ هناءُ

 فالمؤمنونَ قد اهتدوا بأميرهمْ

وبيومهِ قدْ بشّرَ العظماءُ

 ما أنجبتْ مثلَ الأميرِ كريمةٌ

أو شئتَ قلْ : ما أنجبتْ حوّاءُ

 ولدتهُ في بيتٍ بحجُّ لهُ الملا

وبهِ لداعٍ لا يردُّ دعاءُ

 ورثَ الشجاعةَ والفضيلةَ والإبا

ممّن تدينُ لبأسِهِ البطحاءُ

 شبلٌ تقلّدَ ذا الفِقار مبكّراً

ولهُ إذا حمِيَ الوطيسُ بلاءُ

 حتّى إذا بلغَ الأشدَّ فإنّما

ذلّتْ لهُ الفُرسانُ والهيجاءُ

 وعلى الحقيقة إنْ أردتَ دليلَها

والقولُ من دونِ الدليلِ هباءُ

 صِفِّينَ سَلْها فالحقيقةُ عندها

لا من (جهينة) تؤخذ الأنباءُ

 ما كان صارمُهُ يسلُّ بجحفلٍ

إلّا علتْ وجهَ الثرى أشلاءُ

 وسَل الخوارجَ فالإجابةُ عندهمْ

(والفضلُ ما شهدتْ بهِ الأعداءُ)

__________________

(١) قلائد الانشاد : ١٥٤ ـ ١٦٧ ، جمع وإعداد معين الخياط النجفي ، ط. المكتبة الحيدرية ـ قم ، ١٤١٦ هـ.

٤٠٨

فالنهروانُ كغيرها انتَكَستْ بها

للمارقينَ الرايةُ السوداءُ

 وسَلِ التي جاءَتْ لحربِ وليّها

وبجشيِها قد غصّتِ البيداءُ

 حتّى إذا ندحرتْ كتائبُ جيشِها

وتفرّقَ القرباءُ والبعداءُ

 ندمتْ ولكنْ لا يزالُ يلومُها

لفعالِها الآباءُ والأبناءُ

 ناهيكَ عن بدرٍ ومصطلقٍ وخيـ

ـبرَ والنضيرِ وكمْ لها أصداءُ

 هذا أميرُ المؤمنينَ فإنّهُ

ليثُ الشرى إنْ هاجتِ الهيجاءُ

 مَنْ مثلُهُ فادى الرسولَ بروحِهِ

إذْ طاردتهُ عصابةٌ رعناءُ

 لمّا دعاهُ لكي يحلّ فراشَهُ

فبغيرِهِ لا تدفعُ البرحاءُ

 فاجابَ يا ابن العمِّ دونَكَ مهجةٌ

ما رابَها فيما طلبتَ مراءُ

 إذْ ذاكَ في جوفِ الظلامِ وقد دَهتْ

بيتَ النبيّ مصيبةٌ دهياءُ

 وتجمَعَ الأعداءُ حولَ رواقهِ

وسيوفُهُمْ لدمِ النبيّ ظِماءُ

 حتّى إذا ما الليلُ أطبقَ صمتُهُ

والمرءُ كحّلَ جفنهُ الإغفاءُ

 شدّوا عليهِ تسوقُهمْ أحقادُهمْ

إنّ الحقودَ مصيرُهُ الإفناءُ

 فتراجعوا إذْ لم ينالوا المصطفى

وقد اعترتْهُمْ ذِلّكةٌ وشِقاءُ

 قالوا اقصدودهُ فهذهِ آثارُهُ

فوقَ النقا لم تُمحها الغبراءُ

 حتّى إذا بلغوا بـ (ثورَ) مغارةً

رأوا الحمامةَ حيثُ خاب رجاءُ

 أمّا خيوطُ العنكبوت فإنّها

دلّتْ على أنّ الوصيدَ خلاءُ

 كادوا وكيدُ اللهِ خيّبَ سعيَهُمْ

كيما تسودُ الشرعةُ الغرّاءُ

هذا أميرُ المؤمنينَ وقبلُهُ

لجميعِ آياتِ الكتابِ وعاءُ

 هُوَ صاحبُ الخصلِ التي لم يستطعْ

في أنْ يقومَ بِعدِّها الشُعراءُ

 هُوَ صاحبُ النهجِ الذي لم يستطعْ

في أنْ يجيءَ بِمثلهِ الفُصحاءُ

٤٠٩

ما قامَ دينُ اللهِ لو لا سيفُهُ

ولَما ارتقى للمسلمينَ بِناءُ

 لولاهُ مِن هولِ المصيبةِ ما نجا

ذُو النونِ أو بقيتْ لهٌ أشلاءُ

 ذا النون خُذْ أهلَ الكساءِ وسيلةً

فبحبّهِمْ تستدفعُ البلواءُ

 لولا أميرُ المؤمنينَ لما شُفِي

أيّوبُ حينَ بِهِ استطالَ الداءُ

 ولَما رَسا نوحُ النبيّ وقومُهُ

والفلكُ إذْ غمرَ الجبالَ الماءُ

 هذا عليٌّ كالنجومِ خصالُهُ

لمْ يحوِها مِن دونِهِ الخُلفاءُ

 ومِن الغرابةِ ما سمعتُ لبعضهمْ

أنّ الصحابةَ كلَّهمْ لَسَواءُ

 أيصيرُ مَنْ ردّتْ إليه ذُكاء (١)

مثلَ الذي آباؤهُ طُلقاءُ

 هذا أميرُ المؤمنينَ ومَنْ لَهُ

ولنورِهِ تتصاغرُ الجوزاءُ

أوصى بهِ كلّ الأنام محمّدٌ

يومَ الغديرِ لتكملَ الآلاءُ

 إذْ صاحَ بالجمعِ الغفيرِ مُنادياً

(هذا عليٌّ دونَهُ العَلياءُ)

 هذا إمامُ المسلمينَ خليفتي

وينوهُ فيكمْ بعدَهُ خُلفاءُ

 يا ربّ والِ مَنْ يُوالي حيدراً

وابغضْ إلهي مَن لهُ أعداءُ

 مولايَ حبُّكَ للنفوسِ سعادةٌ

ولكّ داءٍ حيثُ كانَ دواءُ

 إذْ أنّ حبّكَ للسعادةِ مصدرٌ

ومنَ المصادرِ تؤخذُ الأشياءُ

 ناداني يومُكَ للقريضِ كشاعرٍ

في شعره التمجيد والإطراءُ

 فأتيتُ أغترفُ القصائدَ ثرّةً

وقد اعترتني دهشةٌ وحياءُ

 فمتى صفاتُكَ عدّها الشعراءُ؟

ومتى أحاطَ ببعضها الخطباءُ؟

* * *

__________________

(١) ذكاء : من اسماء الشمس.

٤١٠

للشيخ محمّد جواد الجنابي النجفي :

في مدح أمير المؤمنين عليّ عليه السلام (١)

أمامَ وصفِ عليٍّ يخرسُ الأدبُ

ومِن محيط عليٍّ تنهلُ السُحُبُ

 يُفيض في الأرض للأجيالِ منهلُهُ

فما المهارقُ؟ ما الأوراق؟ ما الكتبُ؟

 لهُ عباقرةُ التاريخِ مرجعهمْ

والتابعونَ إلى التدوينِ قد وثبوا

 فلم يلمّوا بشيءٍ من خصائصِهِ

ولازموا الصمتَ مذْ أضناهُمُ التعبُ

 لم يفهموا غيرَ أنّ المرتضى بطلٌ

وهُوَ الذي بحلول الضيقِ يُنتدبُ

 للدينِ والحكمِ بالقرآنِ مصدرُهُ

وكلّ علمٍ لَهُ قد راح ينتسبُ

 والحقُّ والصدقُ والأقدامُ شهرتُهُ

وهُوَ ابنُ آدم لكن للجميعِ أبُ

 وحكمُهُ فيهِ للحكّامِ تربيةٌ

وسيفُهُ فيهِ دوماً تكشفُ الكُربُ

 قلْ لي بربّكَ هلْ نقوى لمدحِ فتىً

على السماء سمتْ مِن قبرِهِ الرُتَبُ

يا فرحةَ الليلةِ الليلاءِ من رَجَبٍ

في كلّ عامٍ يوافينا بها رَجَبُ

 على ضريحكَ مذْ نذري مدامعَنا

ويضحكُ الدرُّ والياقوتُ والذَهَبُ

 أرض الغريّ علتْ هامُ الضراحِ عُلىً

بل استطالتْ وأمستْ دونَها الشُهُبُ

 قبرٌ بِهِ تسألُ الأملاكُ خالقَها

ما المالُ ، ما الجاهُ ، ما الأبناءُ ، ما التربُ؟

 تهوي الملوكُ على أبوابِ حضرتِهِ

ومن تباعَدَ عنها نالَهُ العطبُ

 وقد فدى بحسينٍ بيتَ بارئِهِ

كما بذا راحَ إبراهيم يقتربُ

 قد أصبحَ البيتُ مهداً لابنِ فاطمةٍ

ولم ينلْ شأوهُ آباءُهُ النُجُبُ

 أدنى إلى البيتِ مَنْ بِالبيتِ مولِدُهُ

وإنْ علاهُ بيومِ الفتحِ لا عجبُ

__________________

(١) نظمت بقم المقدسة في مناسبة مولده الشريف.

٤١١

لقد علا متنَ طه شبلُ فاطمةٍ

لنيل أجرٍ من الرحمن مرتقبُ

 يا مَنْ شربتَ بكأسِ الطين مكتفياً

ودّ المُلوكُ بهِ لو أنّهم شربوا

 يا قالعَ البابِ يا مردي أشاوِسِهِمْ

مَن ناوأوكَ أهلْ يدرون مَن غصبوا؟

 وأنّ مَن آزَرَ الهادي بدعوتِهِ

غيرُ الذين لِمَنْ عاداه قد صحبوا

 حرّاسُكَ اللهُ والأملاكُ كلُّهُمُ

يا مَن بِهِ تفخرُ الأجيالُ والحقبُ

 كمْ حاوَلَ العِلْجُ نيلَ الانتساب لكمْ

وقد أبى اللهُ والتأريخُ والنَسَبُ

 يا نعمةً لم يؤدّى شكر منعمها

وفت بها فارس مذ خانها العربُ

 هذا ضريحُكَ يهفو المؤمنون لهُ

فأينَ آل أبي سفيانَ قد ذهبوا؟

 أمثل قبرك نارُ الحقد تقصفُهُ

وفوقَ بابِكَ جهراً يشعلُ الحطبُ؟

 تاللهِ ما ازدادَ مَن في الذلِّ أرهقنا

وإنْ تعاظَمَ ما مِنّا قد ارتكبوا

 على الذي أسقطَ الزهراءَ محسنَها

لمّا على منبر الكرّار قد وثبوا

 وكفُّ بغيٍ بها الزهراءُ قد ضربتْ

بها لقبركَ يا كرّار قد ضربوا

 تلوحُ لي فاطمٌ والعبدُ يضربُها

وإرثُها بيدِ الأعداء منتهَبُ

 يا قلبَ فاطمةٍ مذْ بتَّ ملتهِباً

لَكَ القلوبُ بنارِ الوجدِ تلتهِبُ

 وإنّ ناراً على باب الهدى استعرتْ

أضْحَتْ لها اليومَ كفّ البَعْثِ تحتطِبُ

 إنْ نسكب الدمعَ مِن أجفانِنا عَلَقاً

ولمْ نجدْ مَن لِحَربِ البعثِ ينتدِبُ

 ولمْ نفُرْ بقتال البعثِ ثانيةً

وللشهادة لمْ يسرعْ بِنا القتبُ

 فلنرفعنّ إلى المهديِّ صرخَتَنا

هذا أوانُ تقاضي الثار يا غَضَبُ

* * *

٤١٢

للمهندسة السوريّة السيّدة كوثر شاهين ، بعنوان :

الإمام عليّ عليه السلام وليد الكعبة وربيب النبوّة (١)

صلّوا على (طه) النبيّ وآلهِ

خير الصلاة بها ومن قرآنهِ

 فاتلوا من الآياتِ ما قد أنزلتْ

في ذكر خيرِ الأوصياءِ عليِّهِ

 لثلاث عشرة قد مضين بجمعةٍ

شقّ الجدار لكعبةٍ وإذا بهِ

 (حواءُ) تسجدُ للإلهِ و (مريمٌ)

مع (اُمّ موسى) يضرّعنِ بإسمهِ

 وتردُّ (آسيةُ) السلامَ عليكمُ

هذا الوصيّ مضمّخٌ بعطورهِ

 فلقَفَنَهُ وحملنَهُ من سجدةٍ

بشهادتين تلاهما ويختمهِ

 باسم النبيّ محمّدٍ برسالةٍ

ووصايةٍ وإمارةٍ جمعت بهِ

 نطق السلام على الحضور فأشرقتْ

سبعُ السموات العلى بضيائهِ

 وغدا أبوهُ مهلّلاً لولادةٍ

ومبشّراً بولايةٍ لرسولهِ

 قال السلام عليكَ يا مَن بوركتْ

منك الدُنا بوصايةٍ لنبيّهِ

 ردّ السلام وقد تلألأ وجههُ

من نورِ ربّ العرشِ فهُوَ بهديهِ

 قد قال : يا أبتاهُ إلحق (مثرماً)

في كهف (لكّامٍ) وضمنَ رحابهِ

 مسجىً فبلّغهُ السلامَ لموعدٍ

قولاً كريماً رحمةً من ربّهِ

 بلّغ ، فقامَ أبوه يسعى مؤمناً

قال السلام عليك من عليائهِ

 واللهُ أحييى (مثرماً) متشهّداً

(للهِ) ثمّ (نبيّهِ) ووصيّهِ

 وبكى واتبعَ ساجداً شكراً لمَنْ

خلَقَ الدُنا واختارَ بعثَ نبيِهِ

 وتلا ، تمطّى ثمّ أردف موهناً

ردَّ الغطاءَ عليّ من جنباتِهِ

 فإذا هُوَ قد عادَ ميتاً مثلَما

قبلَ الندا وعليه فضلُ غطائهِ

__________________

(١) نفحات من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، ديوان للمهندسة كوثر شاهين ، سوريا ـ دمشق.

٤١٣

فأقامَ عبدُ مناف أيّاماً بِها

مرّتْ ثلاثٌ من غداة وصولهِ

 وبعيدَها والليلُ أبلجَ فجرُهُ

جاءته تسعى حيّتانِ لِعِندهِ

 عُدْ للوليّ أبا الإمامِ فإنّهُ

يدعوكَ فارجعْ إنّنا أولى بهِ

 مَنْ أنتُما؟ نحنُ الفِعال نذبُّ عنـ

ـهُ لحينِ أن يأتي غداً بحسابهِ

 وبقدرة اللهِ العليِّ بخطوةٍ

طويتْ مسافاتٌ وإذْ في بابهِ

 جاءتهُ (فاطمةٌ) وقد ضحكتْ بها

عينانِ إثرَ كلامِهِ وخطابهِ

 نادتهُ (حيدرة) فقال لها اعلمي

سمّاهُ ربُّ البيتِ من عليائهِ

 ومن العلى شاءَ الإلهُ ولايةً

ووصايةً تسمو بقربِ نبيّهِ

 قال السلام عليكَ يا أبتاهُ مِن

ربّ كريمٍ رحمةً بعبادهِ

وأتمّ بسملَةً وحمداً قارئاً

(المؤمنونَ) بسورةٍ لرسولهِ

 ردّ النبيّ وقد تهلّلَ باسماً

بكَ أفلحوا واللهِ جئتَ بهديهِ

 ولصدرِهِ ضمّ الإمامَ محبّةً

ولسانهُ في فيهِ من تحنانهِ

 وإذ الغداة أتاه هلّلَ ضاحكاً

في التسعِ من ذي حجّةٍ بكتابهِ

 سمّوا به (عرفات) يوم وقوفهمْ

و (النحر) يتلو في وليمةِ ذكرهِ

 واطّرفوا بالبيت سبعاً وادخلوا

ألقوا السلام على (العليّ) لشأنهِ

 فجرَتْ بذاك كسنّةٍ معمولةٍ

من يومها وروى الرواةِ بحقّهِ

 في اللوح جاء من السماء مسمّياً

في الكعبة الغرّاء نسج حروفهِ

 لكرامة المولود في طهرٍ بَدَتْ

كالشمس لآلاءُ الضياء بوجههِ

 أنعمْ بيومٍ للفضائل جامعٍ

في جمعةٍ طهرتْ به وبذكرهِ

 ولدتهُ في حرمِ الإله طهورةً

مَن قد دعاها (أحمدٌ) بحروفهِ

 اُماهُ إذْ كانتْ كخير اُمومةٍ

أعطتهُ حبّاً واليقيمُ بحبّهِ

 مدّ الإمام مباركاً متعهّداً

صنو النبيّ وباب علم علومهِ

* * *

٤١٤

ولها أيضاً ، بعنوان :

ذكرى استشهاد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام عام ٤٠ هـ

لا سيفَ إلّا ذُو الفِقار ولا فتى

إلّا عليُّ المرتضى للمرسَلِ

 روحي ونفسي تفتديهِ ومقلتي

لأبي ترابٍ سيدي ومؤمّلي

 مَنْ شادَ في البطحاء دينَ محمّدٍ

مَن زلزلَ الأصنامَ عند الهيكلِ

 مَنْ فاطمٌ ولدتْهُ داخلَ الكعبةٍ

لا قبلَهُ أحدٌ ولا بعداً يلي

 مَنْ رُدّت الشمسُ التي في خدرها

غابتْ إليه لأجل فرض تبتّلِ

 مَنْ كانت الزهراءُ زوجه في السما

قبلاً وفي الأرض ابتغاء الأفضلِ

 مَنْ منهُ أبناءُ النبيّ تعاقبوا

طُهراً ونُوراً عصمةً من أمثلِ

 هُوَ خاصفُ النعلِ الذي في حبّهِ

حبّ النبيّ وبغضُه للمقتلِ

 وهُوَ الكريمُ هُوَ الغفورُ تعفّفاً

وهُوَ الأمينُ وبابُ علم الموئلِ

وهُوَ القسيمُ هُوَ الشفيعُ شفاعةً

بالمؤمنين ومَن كنور ينجلي

 وهُوَ الوصيّ هُوَ الوليّ ببيعة

عند الغدير وكلّ من لم يفعلِ

 يغدو بكفرٍ سادراً متلبّساً

بين الحطام عن الرسول بمعزلِ

 والُؤهُ ـ قال محمّدٌ ـ كي تفلحوا

يوم القيامة بالولاية من علي

 هُوَ خاتمٌ للأوصياء وإنّني

قد جئتُ خاتم أنبياءٍ للعلي

 حينَ اجتباهُ إذ اصطفاه لاُمّهِ

سمّاه في السبع العلى كي تنجلي

 سُجُفُ الظلامِ بنورِ طلعةِ وجههِ

ويحدّ سيفٍ نصرُ فتحٍ مقبلِ

 يا سيدي يا مَنْ إليك تبتّلي

في عتم ليلٍ إذ غدا وتوكّلي

 فاسمعْ ندائي أستجير بِعَدلِكُمْ

مِن ظلمِ دهرٍ كَلْكَلٍ متوغّلِ

 قد جئتُ أبغي بابكمْ فلعلّني

منكمْ أفوزُ ببعض علمٍ يعتلي

 حرفي إليكمْ سيدي فبمدحكمْ

نورُ الصراط يمدّ في العلياء لي

٤١٥

يا مَن بخاتمهِ الكريمِ تصدقتْ

منه اليدانِ وفي الركوعِ الأفضلِ

 ناداهُ جبريلُ المَلاكُ بوقعةٍ

والنقعُ في الهيجاء ليس بمنجلِ

 لا سيفَ إلّا ذُو الفِقار ولا فتى

إلّا عليّ للنبيّ المرسَلِ

 يا أوّلاً يا آخِراً يا ظاهِراً

يا باطِناً إنّي إليك توسّلي

 من باب حكمتك التي من غيرِها

أمسي يتيماً ضائعاً في الأحبُلِ

 أسبغْ بفضلك إنّني لا أرتجي

إلّا موالاتي بقلب للولي

 هُوَ سيّد الكونينِ باب مدينةٍ

للعلم في نصّ الكتابِ المنزَلِ

 وبراءةٌ تعطي يداه ونفسه

وينفحِ طوبى عند قاعٍ مُمْحِلِ

 وهُوَ الذي حملَ اللواءَ مجاهداً

في نشر دين الله يضربُ من علي

 حتّى الملائكة الذين تنزّلوا

يومَ الجهاد بهمْ من النور العلي

 في شبه وجهِهِ يضربون كأنّهمْ

في كفّهم سيفُ الإمام المنجلي

 والعرشُ زُيّنَ باسمهِ فحروفُهُ

صيغتْ من الله العليّ المعتلي

 يا سيّد البطحاء بعدَ محمّدٍ

فني محكم التنزيل للمتوسّلِ

 يأتيكَ حبّاً قارئاً من آيةٍ

فيها السلام لكلّ داءٍ معضلِ

 قد جئتُ بابك سيّدي متوسّلاً

في خير شهرٍ أستميح تأمّلي

 أتلو كتابَ الله نور هدايةٍ

وتجيشُ نفسي بالعيون الهُمّلِ

 في الثل من رمضان تبكي أدمعي

ويهيمُ قلبي خاشعاً للمرسلِ

 في بيت ربّ البيت جاءَ مكبّراً

للهِ يسجدُ في رحاب الأمثلِ

 وغدا شهيد البيت عندَ سُجُودِهِ

وبحرمةِ المحرابِ فاسمعْ واعقلِ

 قول الرسول مخاطباً لوليّهِ

صلّى الإلهُ عليهما فتوسّلي

 عندَ الغريّ أجوزُ كلّ مسافةٍ

في ركعةٍ للهِ أسجدُ للعلي

 بتقرّبي لأبي ترابٍ ألتجى

عندَ القيامة بالقسيمِ الأعدلِ

 صلّوا وزيدوا بالصلاة محبّةً

للعترة الأطهارِ في النصّ الجلي

٤١٦

وقال بعضهم :

وتدورُ حُبلى والجنينُ يقودُها

ليشقّ إجلالاً لذاكَ جِدارُهُ

 وضعتْكَ بالبيتِ العتيقِ تطوفُهُ

قطب الوجود ليستقيم مدارُهُ

* * *

وقال آخر :

كالدرّ وُلِدْتَ يا تمامِ الشرفِ

في الكعبة واتّخذتْها كالصَدَفِ

 واستقبلت الوجوهُ شطرَ الكعبة

والكعبةُ وجهُها تجاهَ النَجَفِ (١)

* * *

وفي الديوان الفارسي للشاعر التركي محمّد الفضولي في قصيدة مطلعها :

ماييم درد پرور دنياى بيوفا

با درد رده خوشده مستغنى از دوا

إلى أن يقول ما نصّه :

شاهنشه سرير ولايت ولىّ حق

سطان دين إمام مبين شاه اوليا

 اصل تمييز شرع نبى از طريق كفر

وجه تفوّق نبى ما بر انبيا

 از ذات پاك او صدف كعبه پر گهر

وز فيض خاك او شرف ارض بر سما

 از نسخه كرامت عامش سياهه ايست

شرح شب مبارك معراج مصطفا

 وز لاله زار حرمت آبش حديقه

خاك بخون سرشته صحراى كربلا

 ريگ نجف زپرتو ميل مزار تو

در چشم مردمان مكرم است چو تو تيا

__________________

(١) من محفوظات الشيخ حسن أخوان.

٤١٧

إلى أن يقول ما نصّه :

روزى مباد اين كه براى توقّعى

از من بغير آل على سرزند ثنا

 در عمر خويش غير ثناى عليّ وآل

از هرجه كرده ايم بيان توبه ربّنا (١)

* * *

وقرأت هذا البيت بالفارسية ، على جدار الرواق الكبير الموصل للداخل من ايوان الذهب إلى البابين الذهبيّين للحضرة المقدّسة العلويّة :

در كعبه شد پديد وبمحراب شد شهيد

نازم بحسن مطلع وحسنِ ختامِ او

فترجمته إلى العربيّة نظماً :

في كعبة القدس شاء اللهُ مولدَهُ

أكرمْ بِهِ مَطلعاً يختارُهُ اللهُ

 حُسنُ الخِتام لَهُ المِحرابُ مشهدُهُ

وأصبح النجفُ الميمونُ مَثواهُ (٢)

* * *

ومما قلتُ : ولدتْ فاطمةٌ بنتُ أسدْ

شبلَها حيدرَ في بيتِ الصَمَدْ

 أَعْلَنَ النُقّادُ بالإجماعِ أنْ

لمْ يكنْ فيهِ لَهُ كُفْوَاً أَحَدْ

* * *

__________________

(١) ديوان فارسى فضولى ، به اهتمام حسيبه مازى اوغلو ، كنگره بزرگداشت حكيم محمد فضولى ـ تهران ، ١٣٧٤ ش.

(٢) شقاشق ، من نظم السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، في رجب (١٤٢٢ هـ).

٤١٨

وللمولى محمّد طاهر القمي بالفارسيّة :

دليل رفعت شأن علىّ اگر خواهى

به اين كلام دمى گوش خويشتن مى دار

چو خواست مادرش از بهر زادنش جائى

درون خانه خاصش بداد جا جبّار

پس آن مطهّره با احترام داخل شد

در آن مقام مقدّس بزاد مريم وار

برون چو خواست كه آيد پس از چهارم روز

ندا شنيد كه نامش برو عليّ بگذار

فداى نام چنين زاده اى بود جانم

چنين امام گزينيد يا اُولى الأبصار (١)

* * *

وقال آخر :

اى آنكه حريم كعبه كاشانه تواست

بطحا صَدَف درّ گرانمايه تو است

 گر مولد تو بكعبه آيد چه عجب

اى نسل خليل خانه خدا خانه تو است

* * *

وقال آخر :

بهركس نگردد ميسّرْ سعادتْ

بكعبه ولادتْ بمسجدْ شهادتْ (٢)

* * *

__________________

(١) مجله (پاسدار اسلام) القمية ، سال پنجم ، شماره ٥٢ ، الصفحة ٨.

(٢) من محفوظات الشيخ حسن أخوان.

٤١٩

وقال الشيخ محمّد حسن المولوي القندهاري الخراساني ، مضمّناً مطلع «الغديرية العصماء» للشيخ الملّا علي الخوئي النجفي بن علي رضا (١٢٩٢ ـ ١٣٥٠ هـ) (١). يقول في مقطع منه :

علي اي مخزن سرِّ معبودْ

رونق افزايِ گلستانِ وجودْ

 كعبه از قوسِ نزولتْ مسعودْ

مسجدِ كوفه ترا قوسِ صعودْ

 خالقتْ چون درِ هستى بگشودْ

عشق بازى به تو بودش مقصودْ

 غرض از عشق ومحبّت اين بودْ

تا گشايد به جهان سفره جودْ

 من چه گويم به مديحِ حيدرْ

عاجز از مدحِ علي جنّ وبشرْ

 (ها عليٌّ بَشَرٌ كيفَ بَشَرْ

رَبُّهُ فِيهِ تَجَلّى وَظَهَرْ) (٢)

* * *

__________________

(١) نقباء البشر (للطهراني) ٤ : ١٤٩١ ، وشعراء الغري ٦ : ٤١٩.

(٢) داستانهاى شگفت (للشهيد دستغيب الشيرازي) : ٣١٧ ، رقم ١٤٥. وهو موجود في ديوان الشاعر باسم (غبار نجف) المخطوط.

٤٢٠