وليد الكعبة

السيد محمد رضا الحسيني الجلالي

وليد الكعبة

المؤلف:

السيد محمد رضا الحسيني الجلالي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدريّة
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-8163-92-8
الصفحات: ٤٩٥

وهنا يقول شيخنا عن السيّد الأعرجي : «وهذا العالم البحاثة النيقد وجد خلافاً في شهر الولادة فأوعز إليه ، لكنّه لم يجد في حديث البيت أي ترديد ، فلم ينبس عنه ببنت شفّة ، ولو كان مثله يجد شيئاً لما آثر تركه ؛ وهو ذلك الصريح الشديد في البحث».

وهكذا كلّ من الشيخين عبد النبيّ الجزائري في (حاوي الأقوال) والشيخ أبو علي الرجالي في (منتهى المقال) وهما من أعلام الدين وقد أخبتا بها ولصحتها. ت

وفي الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية للسيد علي خان المدني الشيرازي (ت ١٢١٠ هـ) ، قد أذعن بحقيقة وحقيّة ما نقله عن (الفصول المهمة) لنور الدين علي الصبّاغ المكّي المالكي (ت ٨٥٥ هـ) ، «ولد عليّ عليه السلام بمكة المشرّفة بداخل البيت الحرام ، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لتكرمته».

وفي عقائد الشيعة لعلي أصغر البروجردي الذي ذكر فيه بأنّ ولده عليه السلام في وسط البيت ضحى الجمعة بعد ثلاثين عاماً من ولادة النبيّ الأعظم.

بعد هذا كلّه يعلن المؤلّف عن اكتفائه بهذه المناذج قائلاً : ولعلّها جمعاء كقطر من بحر بالنسبة إلى ما يجده السابر لكتب علمائنا.

علماء أهل السنّة :

ثمّ راح يعلن إصفاق علماء أهل السنّة ومحدّثيهم وعرفائهم معنا في إثبات هذه المأثرة الفاضلة ، وعدّ هذا من أجلى الحقائق وأثبتها.

فكلام الحاكم في مستدركه وحكمه بتواتر النقل به ، وما نقله الحافظ الكنجي الشافعي عنه ذلك وما حكم بتواتره المحدّث الدهلوي وقد وافقهم الآلوسي بما

٣٠١

نصّه بـ «أنّ ذلك مشهور في الدنيا» ومثله ما ورد عن الصفوري الشافعي وفي «تاريخ برگزيده» لحمد لله المستوفي ، و (مطالب السؤول) لابن طلحة الشافعي و (مرآة الكائنات) لنشانجي زاده و (سير الخلفاء) للدهلوي المعاصر وكتاب (الحسين) للسيد علي جلال الحسيني ، وعبد الباقي أفندي العمري والمولى الرومي ، ومعين الدين الجشتي وعبد الرحمن الجامي في شعرهم والأمير محمّد صالح الترمذي في مناقبه.

ثمّ بعد كلّ هذا أخذ شيخنا أيضاً ينقل بعض أسماء العامّة ممّن لم يمتاروا في صحّة خبر الولادة بل فسّروه خاضعين لأمره كما يصفهم بذلك شيخنا ، فنور الدين الصبّاغ المكي المالكي (ت ٨٥٥ هـ) في (الفصول المهمّة) قال صريحاً : «ولد علي عليه السلام بمكّة المشرّفة بداخل البيت الحرام ، يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصمّ رجب الفرد ، سنة ثلاثين من عام الفيل قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة ، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه ، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لتكرمته» (١).

وقد نقل هذه العبارة كلّ من الصفوري الشافعي في (نزهة المجالس) (٢) والسيّد علي خان المدني في (الحدائق الندية) (٣) والشبلنجي الشافعي في (نور الأبصار) والسمهودي في (جواهر العقدين) وبرهان الدين الحلبي في (إنسان العيون) ، وما ذكره السبط ابن الجوزي في (تذكرة خواصّ الاُمّة) هو : «روي أنّ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت وهي حامل بعليّ عليه السلام فضربها الطلق ، ففتح لها باب الكعبة ، فدخلت فوضعته فيها ، وكذا حكيم بن حزام ولدته اُمّه فيها».

__________________

(١) انظر الفصول المهمة : ٣٠.

(٢) نزهة المجالس ٢ : ٢٠٤.

(٣) الحدائق الندية : ١٠.

٣٠٢

وهنا راح يفرّق بين الولادة المزعومة لحكيم بن حزام داخل الكعبة وبين ولادة عليّ عليه السلام داخل الكعبة فيقول :

إن ولادة حكيم فيها ، على تقدير صحّتها ـ والكلام للمؤلّف ـ من جملة الصدف والاتّفاقات غير القصديّة ، فليس فيها فضل ما غير تلويث البيت بالمخاض ، ويجب تطهيره. وأين هذه من ولادة أمير المؤمنين عليه السلام الذي فُتح لاُمّه الباب ، كما في عبارة السبط نفسه (ففتح لها باب الكعبة فدخلت فيها) ، ولم يُفتح لغيرها بالرغم من جهدهم في ذلك كما سبق في أحاديث كثيرة ، أو انشقّ لها جدار البيت فدخلته كما في أحاديث الشيعة ، ولا يعدو ذلك أن يكون الأمر إلهيّاً قصد به التنويه بشرف المولود المبارك الذي شرَّف البيت بولادته فيه!

وهناك حديث طويل أخرجه أبو نعيم الحافظ يبدو أنّه في فضل فاطمة بنت أسد أو في فضل ولادة علي داخل الكعبة إلّا أنّهم قالوا : «في إسناده رَوح بن صلاح ضعّفه ابن عديّ فلذلك لم نذكره».

وروح هذا في الوقت الذي ضعّفه ابن عدي فإنّ ابن حبّان ذكره في الثقات كما أنّ الحاكم قال عنه : ثقة مأمون (١).

كما أنّ نقل ابن الجوزي حديث الولادة المباركة لعليّ عليه السلام داخل الكعبة بصيغة المجهول «روي» لم يكن به ـ والكلام للشيخ ـ أيّ إيعاز إلى الوهن فيه بعدما عرفنا أنّ المعهود من ابن الجوزي في غير مورد من هذا الكتاب من إرداف الحديث بنقده أو تعميمه أو حذفه رأساً لضعفه ، وإنّما جاء به كذلك لتكثر طرقه الموجب للإطناب إذا تصدّى لسردها ، ولشهرته المغني عن ذكر الأسانيد ، وإنّما الغرض الإشارة إلى إحدى المسلّمات بأوجز بيان.

__________________

(١) انظر العسقلاني في لسان الميزان ٢ : ٤٥٦.

٣٠٣

ومثل السبط ابن الجوزي مثل السيّد ابن طاوس (ت ٦٦٤ هـ) في كتابه «الإقبال» حيث كان يذكر رواية ولادة الإمام عليه السلام في الكعبة بصيغة المبني للمجهول فكان يقول : روي أن يوم ثالث عشر رجب كان مولد مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة (١).

والمتحصل من ذلك كلّه أنّ الولادة محل إجماعهم وتأريخها محل خلافهم.

وقفة المؤلّف مع الكازروني :

قال أحمد بن منصور الكازروني في (مفتاح الفتوح) : ولدت فاطمة عليّاً عليه السلام في الكعبة ، ونقل عنها أنّها كانت إذا أرادت أن تسجد لصنم وعليّ في بطنها لم يمكّنها ؛ ولذا يقال عند ذكر اسمه : «كرّم الله وجهه ، أي كرّم الله وجهه عن أن يسجد لصنم».

وهنا يقول الشيخ : أنا لا أُحاول تصديق الرجل في كل ما يقول غير ما أتيت به من كلامه شاهداً لموضوع الرسالة ، فإنّي لا اُصافقه على أنّ فاطمة كانت تسجد للصنم ، وإن كان ابنها أكبر وازع عن عبادة الأوثان ، ولو كنت اُجوّز لها تلكم الاُسطورة ، لما عداني اليقين بما ذكره من أمر جنينها ، لكنّي اعتقد أن كون الإمام سلام الله عليه في بطنها حملاً ، وتقدير كونها حاملاً له عليه السلام من الله سبحانه منذ الأزل ، كان عاصماً لها عن عبادة الأصنام كبرهان الربّ (العصمة) المانع يوسف عن الزنا ، وهذا هو الذي نعتقده في آباء النبيّ والأئمة عليهم وعليه السلام واُمهاتهم ، فهم مبرّؤون عمّا يصمهم في دين أو دنيا.

ثمّ قال : إنّا لا نقيم لهاتيك الرواية الساقطة وزناً ، وإن وافق راويها في إخراجها ابن حجر في (الصواعق) ولقد أُسرَّ ناقلها حَسواً في ارتغاء يزيد وقيعة في

__________________

(١) الإقبال : ٦٥٥.

٣٠٤

اُمّ الإمام كما تحامل على أبيه المقدّس فحكم بكفره لأمر دبِّر بليل ، فصبّها في قالب الفضيلة له وتلقّاها الغير في غير ما رويّة ، انتهى.

أما عبد الرحمن الجامي في (شواهد النبوّة) (١) فقد أسند حديث ولادة الإمام علي عليه السلام إلى بعضهم. وإن خلط الحابل بالنابل ـ كما يقول عنه المؤلف ـ وجاء بعثرات لا تقال حول تاريخ الولادة مخالفة للضرورة والإجماع ، إلّا أنّ المهمّ في كلامه هو إسناد حديث الولادة.

وما قاله الشيخ عبد الحق بن سيف الدين المحدّث الدهلوي في (مدارج النبوّة) ، وقالوا : «إنّ ولادته كانت في جوف الكعبة» (٢).

وأمّا حديث الولادة الذي رواه يزيد بن قعنب فقد ذكره الأمير محمّد صالح الكشفي الترمذي الأكبر آبادي في كتابه (المناقب) بأسانيد متكرّرة ، وقد أرسله إرسال المسلّم في كتابه المذكور ، ونقل أيضاً في كتابه هذا قول أبي داود البناكتي : «لم يحظ أحد قبل الإمام عليه السلام ولا بعده بشرف الولادة في البيت» (٣).

وصدر الدين أحمد البردواني وهو من متأخّري علماء السنّة في (روائح المصطفى) قال : «كانت ولادته عليه السلام في جوف الكعبة ...» (٤).

وشاه محمّد حسن الجشني في كتاب (آئينه تصوّف) قال : إنّه عليه السلام وُلِدَ في الكعبة.

وميرزا محمّد بن رستم البدخشي قال في (مفتاح النجا في مناقب آل العبا) : ... ولم يولد ف البيت الحرام أحد سواه ، قبلَه ولا بعدَه ، وهي فضيلة خصّه الله بها.

__________________

(١) شواهد النبوّة : ١٩٨.

(٢) مدارج النبوّة ٢ : ٥٣١ مترجماً من الفارسية.

(٣) مناقب مرتضوي : ٨٧ ، ط. بومباي ، سنة ١٣٢١ هـ ، مترجماً من الفارسية.

(٤) روائح المصطفى : ١٠ ، ط. كانبور ، سنة ١٣٠٢ هـ ، مترجماً من الفارسية.

٣٠٥

وأمّا العلّامة الشيخ الشنقيطي المدرّس بالأزهر في (كفاية الطالب لمناقب عليّ بن أبي طالب) وهو شديد التحرّز من أحاديث الروافض المكذوبة كما يزعم ؛ لأن الإمام عليه السلام في غنى عنها كما يرى الشنقيطي لكثرة ما ثبت في السنة من أحاديث فضائله ، أرسله إرسال المسلّم أن من مناقبه ـ كرّم الله وجهه ـ أنّه ولد في داخل الكعبة ، ولم يعرف ذلك لأحد غيره إلّا حكيم بن حزام رضي الله عنه.

وقد أوضحنا القول في هذه الولادة الأخيرة المزعومة في المقدّمة وفي متون هذا الكتاب فلا نعيد.

وقفة أخيرة :

ويفرد المؤلّف ختام فصله الأخير من كتابه القيّم ، بمناقشة مختصرة لما قاله الشيخ علي القاري في (شرح الشفا) بعد أن قال في حكيم بن حزام : «ولا يعرف أحد وُلِدَ في الكعبة غيره على الأشهر» ما نصّه : «وفي (مستدرك الحاكم) أنّ علي بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ أيضاً وُلِدَ في داخل الكعبة» (١).

فيقول الشيخ المؤلف بعد ذكره لما قاله القاري :

ليت القاري لم يسحب ذيل أمانته على كلمة الحاكم الموجودة في (المستدرك) وليته ذكر قوله : تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين في جوف الكعبة.

__________________

(١) كفاية الطالب : ٢٥ و ٣٧ ، وشرح الشفا ١ : ١٥١ ، والمستدرك ٣ : ٤٨٣.

٣٠٦

ثمّ وواصل الشيخ ردّه بقوله : ليت! وهل ينفع شيئاً ليتُ؟ عذرته ، فهو حين رمى القول على عواهنه في ولادة حكيم بن حزام بإسناده إلى الأشهر المستخرج من علبة مخيلته لم يكن يسعه المصارحة بأنّ خلافه ممّا تواترت به الأخبار ، فلا أقلّ من التكافؤ بأن يكون كلّ منهما مشهوراً. فكان الأحفظ لسمعته والأستر لِمَيْنِهِ : أن يمسخ كلمة الإمام الحاكم إلى رأيت ، وكان من المحتمل القريب أن لا يناقشه أحد الحساب ، لكن الحقيقة لابدّ وأن تبرز نفسها.

* * *

٣٠٧
٣٠٨

(٨)

روايات مختصرة في

مولد أمير المؤمنين عليه السلام

في الكعبة

جمعها

الدكتور أحمد پاكتچي

٣٠٩
٣١٠

بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

روايات مختصرة

في مولد أمير المؤمنين عليه السلام

في الكعبة (١)

١ ـ المتن المختصر رواية صاحب ألقاب الرسول وعترته عليهم السلام :

عن الصادق عليه السلام إنّ فاطمة ابنة أسد قالت : لمّا حملت بعليّ رآني رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أربعة أشهر ، فقال : إنّ معكِ حملاً يا اُمّاه؟ قلت : نعم ، قال : إنْ ولدتيه ذكراً فهبيهِ لي أشدُد به أزري ، وأشركه في أمري.

فسمعت أبو طالب ، فقال : عزيزي أنا غلامك ، وفاطمة جاريتك ، إنْ ولدت ذكراً أو اُنثى فهو لك.

فلمّا تمّت شهوري طفت بالبيت ثلاثاً ، فضربني الطلق فاستقبلني محمّد وقال : مالي أرى وجهك متغيّراً؟ قلت : ضربني الطلق.

قال : فرغت من الطواف؟ قلت : لا. قال : طوفي فإن أتى عليك أمر لا تطيقينه فادخلي الكعبة ، فهي ستر الله.

فلمّا كنت في السابعة ، وعلاني ما لا اُطيقه دخلت الكعبة ، فلمّا توسّطتها بإزاء الرُخامة الحمراء ولدت عليّاً ساجداً لله ، فسمعته يقول : سبحانك سبحانك ،

__________________

(١) ألحق الجامع هذه الروايات والتي حقّقها بالمجموعة المسمّاة (مولد أمير المؤمنين عليه السلام) في الصفحات (١٣٩ ـ ١٤١).

٣١١

ورأيتُ نوراً من عليّ قد ارتفع إلى السماء ، وبقيت ثلاثة أيّام في بيت الله ، آكل من ثمار الجنّة ، وسمعت هاتفاً يقول : يا فاطمة سمّيه عليّاً ، فهو عليّ وأنا العليّ الأعلى ، وهو الإمام بعد حبيبي محمّد رسول الله ، وهو وليّي اشتققت اسمه من اسمي.

قالت : فلمّا رآه النبيّ صلى الله عليه وآله قال : الحمد لله الذي أتمّ لي الوعد ، وأنجز لي الموعود ، وقال : سمّيه عليّاً ، فوضع النبيّ لسانه في فيه ، فلم يزل يمصّه ، ونادى أبو طالب :

يا ربّ يا ذا الغسق الدجيِّ

والقمرِ المنبلجِ المُضيِّ

بيّن لنا من حكمك المقضيِّ

ماذا ترى لي في اسم ذا الصبيِّ (١)

فلمّا أصبح إذا هو بلوح أخضر فيه مكتوب :

خُصصتما بالولد الزكيِّ

والطاهر المنتجَب الرَضيِّ

 فإسمُه من شامخٍ عليِّ

عليٌّ اشتقَّ من العليِّ (٢)

فعلّق أبو طالب اللوحَ على الكعبة ، فلم يزل معلّقاً عليها إلى أيّام هشام بن عبد الملك (٣).

٢ ـ المتن المختصر رواية محمّد بن همام الإسكافي مرفوعاً :

إنّه لمّا وٌلِدَ عليٌّ عليه السلام أخذ أبو طالب بيد فاطمة وعليٌّ على صدره ، وخرج إلى الأبطح ونادى :

__________________

(١) في بعض النسخ :

يا ربّ ربّ الغسق الدجيّ

والفلق المنبلج الوضيّ

 ماذا تُريني في اسم ذا الصبيّ

أبِنْ لنا عن حكمك المقضيّ

 (٢) في بعض النسخ :

عليٌّ اشتقَّ من العليِّ

ثمّ اسمه من الشامخ العلويِّ

(٣) ألقاب الرسول وعترته عليهم السلام : ١٧ ، ضمن المجموعة النفيسة ، المتن الرابع ، الطبعة الحجرية ـ قم ، ١٣٩٦ هـ.

٣١٢

يا ربّ يا ذا الغسق الدجيِّ

والقمرِ المنبلجِ المُضيِّ

 بيّن لنا من حكمك المقضيِّ

ماذا ترى لي في اسم ذا الصبيِّ؟

قال : فجاء شيء يدبّ على الأرض كالسحاب حتى حصل في صدر أبي طالب ، فضمّه مع عليّ إلى صدره.

فلمّا أصبح إذا هو بلوح أخضر فيه مكتوب :

خُصصتما بالولد الزكيِّ

والطاهر المنتجَب الرَضيِّ

 فإسمُه من شامخٍ عليِّ

عليٌّ اشتقَّ من العليِّ

قال : فعلّقوا اللوح في الكعبة ، وما زال هناك حتّى أخذه هشام بن عبد الملك.

فأجمع أهل البيت أنّه في الزاوية اليمنى من ناحية البيت (١).

٣ ـ مختصر متن رواية القاضي أبي عمرو ابن السمّاك :

إنّ فاطمة بنت أسد رأت النبيّ صلى الله عليه وآله يأكل تمراً له رائحة تزداد على كلّ الأطائب من المسك والعنبر ، من نخلة لا شماريخ لها ، فقالت : ناولني أنلْ منها ، قال : صلى الله عليه وآله : لا تصلح إلّا أن تشهدي معي «أن لا إله إلّا الله ، وأنّي محمّد رسول الله» فشهدت الشهادتين ، فناولها ، فأكلتْ ، فازدادتْ رغبتها ، وطلبتْ اُخرى لأبي طالب ، فعاهدها أن لا تعطيه إلّا بعد الشهادتين ، فلمّا جنّ عليها الليل اشتمّ أبو طالب نَسَماً ما اشتمّ مثله قطّ ، فأظهرتْ ما معها ، فالتمسه منها ، فأبتْ عليه إلّا أن يشهد الشهادتين ، فلم يملك نفسه أن شهد الشهادتين ، غير أنّه سألها أن تكتم عليه لئلّا تعيّره قريش ، فعاهدته على ذلك ، فأعطته ما معها وآوى إلى زوجته ، فعلقتْ بعليٍّ في تلك الليلة ، ولمّا حملت بعليٍّ ازداد حسنها ، فكان يتكلّم في

__________________

(١) المناقب (لابن شهر آشوب) ٣ : ٧١٤ ، المطبعة العلمية ـ قم ، بلا تاريخ.

٣١٣

بطنها ، فكانت في الكعبة ، فتكلّم عليٌّ مع جعفر ، فغضي عليه ، فأُلقيت الأصنام خرّت على وجوهها ، فمسحت على بطنها وقالت : يا قرّة العين سجدتْك الأصنامُ داخلاً فكيف شأنك خارجاً؟.

وذكرت لأبي طالب ذلك ، فقال : هو الذي قال لي أسدٌ في طريق الطائف (١).

٤ ـ الرواية عن عتّاب بن أُسيد الأمويّ من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله المتوفّى سنة (٢٢ هـ) أو (٢٣ هـ) :

قال العلّامة المجسي نقلاً عن «مصباح المتهجّد» للشيخ الطوسي : أنّه روي عن عتاب بن أُسيد أنّه قال :

ولد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بمكّة في بيت الله الحرام ، يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب ، وللنبيّ صلى الله عليه وآله ثمان وعشرون سنة ، قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة (٢).

هذا الكلام نقل في النسخة المطبوعة من «مصباح المتهجّد» بلا نسبة إلى عتاب بن اُسيد أو شخص آخر (٣) ولعلّ المجلسي عثر عليه في نسخة أخرى.

٥ ـ الرواية عن الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام المتوفّى سنة (٩٥ هـ) :

قال الشيخ الفتّال النيسابوري : روى محمّد بن الفضيل الدَوْرَقي ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال سمعتُ عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول : إنّ فاطمة بنت أسد ضربها الطلقُ وهي في الطواف ، فدخلت الكعبة ، فولدت أمير المؤمنين عليه السلام فيها.

وظاهر عبارة الفتّال أنّ في طريق هذه الرواية «عمر بن عثمان» (٤).

__________________

(١) المناقب (لابن شهر آشوب) ٢ : ١٧٢ ، المطبعة العلمية ـ قم ، بلا تاريخ.

(٢) بحار الأنوار (للمجلسي) ٣٥ : ٧ ، الطبعة الحديثة.

(٣) مصباح المتهجد (للطوسي) : ٧٤١ ، الطبعة الحجرية ، إيران.

(٤) روضة الواعظين (للفتال) ١ : ٨١ ، النجف ، ١٣٨٦ هـ.

٣١٤

٦ ـ الرواية عن موسى بن يسار ، عمّ ابن إسحاق صاحب السيرة (المتوفّى تخميناً في أوائل القرن الثاني).

قال الشيخ الفتّال النيسابوري في «روضة الواعظين» قال عمر بن عثمان ، عن سلمة بن الفضل ، قال حدّثنا محمّد بن إسحاق ، عن عمّه موسى بن يسار (١) أن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وُلِدَ في الكعبة (٢).

فقلت : إلهي وسيدي فبماذا نالوا هذه الدرجة؟

قال : بكتمانهم الإيمان ، وإظهارهم الكفر ، وصبرهم على ذلك حتّى ماتوا عليه ، سلام الله عليهم أجمعين.

وابن شهر آشوب في المناقب : إنّه رقد أبو طالب في الحِجْر ، فرأى في منامه كأنّ باباً انفتح عليه من السماء ، فنزل منه نور ، فشمله ، فانتبه لذلك ، فأتى راهب الجحفة ، فقصَّ عليه ، فأنشأ الراهب يقول :

أبشرْ أبا طالب عن قليلِ

بالولد الحلاحلِ النبيلِ

يآل قريشٍ فاسمعوا تأويلي

هذان نوران على سبيلِ

كمثل موسى وأخيه السؤل

فرجع أبو طالب إلى الكعبة ، وطاف حولها ، وأنشد :

أطوفُ للإله حول البيتِ

أدعوك بالرغبة محيى الميتِ

 بأن تريني السبط قبل الموتِ

أغرّ نوراً يا عظيم الصوتِ

 منصلتاً بقتل أهل الجبتِ

وكلّ مَن دان بيوم السبتِ

__________________

(١) في ضبط روضة الواعظين «عن عمّه موسى بن شبار» لكن الأظهر والأصح ما ضبطناه.

(٢) نفس المصدر ١ : ٨١.

٣١٥

ثمّ عاد إلى الحجر ، فرقد فيه ، فرأى في منامه كأنّه اُلبس إكليلاً من ياقوتٍ ، وسِربالاً من عبقر ، وكأنّ قائلاً يقول : يا أبا طالب ، قرّت عيناك ، وظفرت يداك ، وحسنت رؤياك ، فاُتي لك بالولد ، ومالك البلد ، وعظيم التلد ، على رغم الحسد.

فانتبه فرحاً ، فطاف حول الكعبة قائلاً :

أدعوك ربّ البيت والطوافِ

والولد المحبُوّ بالعفافِ

تعينني بالمنن اللطافِ

دعاء عبدٍ بالذنوب وافِ

وسيّد السادات والأشرافِ

ثمّ عاد إلى الحِجر ، فرأى في منامه عبد مناف يقول : ما يثنيك عن ابنة اسد ، في كلام له.

فلما انتبه تزوّج بها ، وطاف بالكعبة قائلاً :

قد صدقت رؤياك بالتعبيرِ

ولست بالمرتاب في الاُمورِ

أدعوك ربِّ البيت والنذورِ

دعاء عبدٍ مخلصٍ فقيرِ

فأعطني يا خالقي سروري

بالولد الحلاحل المذكورِ

 يكون للمبعوثِ كالوزيرِ

يا لهما يا لهما من نورِ

 قد طلعا من هاشم البدورِ

في فلكٍ عالٍ على البحورِ

 فيطحن الأرض على الكرورِ

طحن الرحى للحَبّ بالتدويرِ

 إنّ قريشاً بات بالتكبيرِ

منهوكة بالغيّ والثبورِ

ومالها من موئل مُجيرِ

من سيفه المنتقم المُبيرِ

وصفوة الناموس في السفيرِ

حسامه الخاطف للكَفورِ (١)

__________________

(١) المناقب (لابن شهر آشوب) ٢ : ٢٥٤ ، المطبعة العلمية ـ قم.

٣١٦

(٩)

مولود جناب عليّ

كرّم الله وجهه

ناظمي

سليمان جلال الدين

هر حقوق صاحب امتيازينه عائد در

معارف نظارت جليله سنك

رخصتيله طبع او لنمشدر

در سعادت

(محمود بك) مطبعه سى

باب عالى جوارنده ابو السعود

جاده سنده نمرو ٧٢

١٣٠٨ هجري

٣١٧
٣١٨

بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

توحيد باري تعالى جلّ شأنه

وجودك او لمسه يا رب موجود

وجوده كلمز ايدى بونجه مشهود

سنك وارليغنه اشيا مظاهر

بو اشيا وارليغني ايتدي ظاهر

كتوردك آدمى يوقدن وجوده

سزاوار ايلدك رسم سجوده

 بو صورتله ايدوب حقنده تكريم

قلندى درس اسما صكره تعليم

ويروب هر فردينه بر قابليت

كيمى نور مجسم كيمى ظلمت

 دوشوردك فرقه يه بونجه عبادى

ينه سن سك عمومك هپ مرادى

 تجلى صورتيدر اختلافات

كوريله كندى فعليله مجازات

 ازلدن ليلمش سك بويله فرمان

بونك غيري ظهوره وارمى امكان

 يارادان كائناتى سنسك الحق

كه ذاتكدر همان فعّال مطلق

مناجات بدرگاه قاضى الحاجات جلّ جلاله

بس شبانگاه كه ايروب لطف خداوند عليم

اولدى بيدار او دم ناطقه طبع اليم

اولدي جسم نه عجب طور تجلاى صفا

باشلدي عرض مناجاته كوكل مثل كليم

ديدى اى خالق بيچون عظيم الشانم

نه وجوه ايله ايده م شانكه لايق تعظيم

٣١٩

ذره در اتكه نسبتله بتون عالملر

داخلم بنده ولى ذره اولورمى تقسيم

بى وجودم اوقدر كنيمى كندم كوره مم

ويره مز ظله وجود دركي قدَر عقل سليم

وارلغم بَللو ايدن معصيتمدر انجق

كورينان جسم خجالتده همان بويله جسيم

كيمه بهتان ايده يم عالمه معصوم كلدم

همده اولمش ايدم انواع نعمله تكريم

كچدى صافيّت ايله وقت صباوت صكره

ايتدى قانون طبيعت نيجه حسلر تفهيم

عقل وفكرم او قدر كورپه ايدى كلفتسز

خير وشر صورتنه قابل نقل وترسيم

بنى برقوت محسوسه ايدردى اجبار

بيله مزدم سببك فكريده ايتسم تعميم

اختيارم قومادي در بدر اولدم شويله

كو نيگون زائل ايدى صفوت ايله حال قديم

متأذى ايدم اوّل رتبه انك مكرندن

كوره مزدم ديه جك درديمى بر يار صميم

نه بيلوردم ديمه سه با كه اكر دوست سداد

مگر اوّل ملعنتك نامى ايمش نفس لئيم

اويله اولدم كه انك تربيت مگرى ايله

بكا حال اولمشيدى منكر اولان حال ذميم

٣٢٠