وليد الكعبة

السيد محمد رضا الحسيني الجلالي

وليد الكعبة

المؤلف:

السيد محمد رضا الحسيني الجلالي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدريّة
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-8163-92-8
الصفحات: ٤٩٥

(٧)

قراءة في كتاب

«عليٌّ وليد الكعبة»

للاُردوبادي (١)

بقلم

الأستاذ محمّد سليمان

__________________

(١) مقال طبع في مجلة (ميقات الحج) العدد ١٤ : ١٦٨ ـ ٢٠٨.

٢٦١
٢٦٢

بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

المؤلّف :

الميرزا محمّد عليّ بن الميرزا أبو القاسم بن محمّد تقي بن محمّد قاسم الأُردوبادي التبريزي النجفي.

أُردوباد المدينة التي استمدّ لقبه منها تقع على الحدود بين أذربيجان والقفقاز قرب نهر أرس.

ولادته كانت في تبريز في ٢١ رجب سنة (١٣١٢ هـ) وبعد ثلاث سنوات من ولادته ، اصطحبه والده في رحلته إلى النجف الأشرف حيث المرقد الطاهر للإمام عليّ عليه السلام وحيث الحوزة العلميّة المباركة وكان ذاك سنة (١٣١٥ هـ) فراح يعاهده تربية وتعليماً : «كان والده عالماً فقيهاً تقيّاً ورعاً ، خشناً في ذات الله ، أحد مراجع التقليد في آذربيجان وقَفقاصيا ، وتوفّي رحمه الله سنة (١٣٣٣ هـ)» (١).

درس عند جمع من العلماء الكبار فقد حضر في الفقه والاُصول على والده وشيخ الشريعة الأصفهاني وأخذ عن الأخير علمَي الحديث والرجال ، كما درس عند الميرزا عليّ ابن الحجّة الشيرازي. ودرس الفلسفة عند الشيخ محمّد حسين الأصفهاني وحظي بدراسة كلّ من علمي الكلام والتفسير على يد الشيخ محمّد جوواد البلاغي ، ودامت دروسه هذه عند الأساتذة المذكورين لأكثر من عشرين سنة ، كانت حصيلتها ـ وهو صاحب الذكاء الحادّ والاستعداد والنبوغ ـ أن شهد له

__________________

(١) اُنظر أعيان الشيعة ٢ : ٤١٠.

٢٦٣

بالاجتهاد كلّ من اُستاذه الشيرازي والنائيني والشيخ عبد الكريم الحائري والشيخ محمّد رضا ـ أبي المجد ـ الأصفهاني والسيّد حسن الصدر والشيخ محمّد باقر البيرجندي وغيرهم. ونال بعد ذلك مكانة عظيمة في الحوزات العلمية وبين علمائها وأساتذتها ، واستجازَ في رواية الحديث أكثر من ستين عالماً من أجلّاء علماء العراق وإيران وسوريا ولبنان وغيرها. وله إجازات متعدّدة ضمّنها طرقاً للحديث وفوائد رجالية وتراجم المشايخ.

له مؤلّفات وآثار قاربت العشرين مؤلّفاً في تفسير القرآن والاُصول وله تقريرات معتبرة لمشايخه ، ومنها الدرة الغروية والتحفة العلوية تناول فيها طرق حديث الغدير ؛ ومنظومة في واقعة الطف.

كانت وفاته في النجف ليلة الأحد ١٠ صفر سنة (١٣٨٠ هـ) ودُفن في الصحن الشريف (١).

كتابه هذا : «فريدٌ في بابه ، عزيز في وجوه نظائره ، غزير في مادته ، ضمّنه المؤلف بحثاً استدلالياً معتمداً في ذلك على ما ساقته كتب الفريقين المعتبرة بالأسانيد الصحيحة التي تضمّ بين مبتداها إلى منتهاها شيوخ المحدّثين وثقات الرواة والنسابين الأثبات والمؤرّخين الأعلام ومهرة الفن وصاغة القريض والمحقّقين الخبراء والشعراء المبدعين ...».

كلّ هؤلاء راحوا يثبتون هذه الكرامة وهذا الشرف لتضاف بهذه الفضيلة منقبة اُخرى إلى مناقب سيدنا وإمامنا علي بن أبي طالب وهي أوّل منقبة رافقت ولادته الميمونة. فرح بها المحبّون لهذا البيت الهاشمي العريق في قيمه وشيمه

__________________

(١) لاحظ ترجمته المفصّلة وترجمة مشايخه في كتابه «السبيل الجدد إلى حلقات السند» المطبوع في مجلّة «علوم الحديث» العدد الثاني.

٢٦٤

والتزامه والذي يعدّ أرقى البيوت القرشية والعربية وأجلّها وأسماها في وقت أثارت هذه المكرمة ضغائن الآخرين وأعداء الدين فراحوا يبذلون جهودهم لتقويض هذا الخبر وإماتة هذا الذكر بتضعيف رواته.

وقد بوّب الأُردوبادي كتابه هذا تبويباً جميلاً بعناوين هي الأُخرى دقيقة. فعدد صفحاته ١٣٧ مع كلمة الناشر وترجمة حياة المؤلف ، أما فصوله فهي :

* حديث المولد الشريف وتواتره.

* حديث الولادة الشريفة مشهور بين الاُمّة.

* نبأ الولادة والمحدّثون.

* حديث الولادة والنسابون.

* حديث الولادة والمؤرّخون.

* حديث الولادة والشعراء.

* حديث الولادة مجمع عليه.

ثمّ تأتي الفهارس العامة «الآيات القرانية ، والأعلام ، والأشعار والأرجاز ثمّ فهرس الموضوعات».

وكان جميلاً اطراءُ الشيخ العلّامة الأميني صاحب كتاب الغدير : «شيخنا الأُردوبادي ألّف في الموضوع كتاباً فخماً ، وقد أَغرق نزعاً في التحقيق ولم يبقِ في القوس منزعاً» (١).

المقدمة :

إنّ فضائل علي عليه السلام ومناقبه وصفاته التي تميّز بها ولدت معه ورافقته حتى استشهاده ، من ولادته في جوف الكعبة وهي أعظم بيت من بيوت الله سبحانه

__________________

(١) كتاب الغدير ٦ : ٣٧.

٢٦٥

وتعالى ، وكانت هذه الولادة «إيذاناً بعهد جديد للكعبة وللعبادة فيها» كما يقول عباس محمود العقاد (١) ، حتى استشهاده في محراب صلاته في بيت آخر من بيوت الله في مسجد الكوفة ، وهي ولادة ثانية له ، ولكن هذه المرّة حيث جوار الله سبحانه وتعالى وحيث الحياة الأبدية التي فيها الخلود وحيث الأنبياء والصدّيقون.

الولادة في هذه البقعة المباركة المقدّسة تعدّ أولى مناقبه عليه السلام التي كرّمها الله فيها ، والتي لم تنجُ من كيد أعدائه وحقدهم وحسدهم ، فراحت جهودهم تتضافر وأقلامهم المأجورة تنشط لتكيد كيدها لهذه الفضيلة ، وبما أنّهم لا يستطيعون نكرانها بالمرّة لشهرتها وتواترها ، اختلقوا ولادة اُخرى ؛ ولادة حكيم بن حزام في الكعبة ، ليصلوا من خلال ذلك إلى أنّ ولادة عليّ لا تعدّ منقبةً يفتخر بها أحبّاؤه وأولياؤه ، وهي ليست كرامة له ، فقد وُلِدَ غيره داخل الكعبة ، فلماذا لا نعدّها كرامة أيضاً؟ وعلى فرض أنّها كرامة له فلم يتفرّد بها ؛ لأنّ حكيماً ولد هو الآخر في الكعبة ، وبالتالي توهين هذه المنقبة.

وحكيم هذا هو ابن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصي بن كلاب بن مرّة (٢) ، فهو ابن أخ لخديجة بنت خويلد (أُم المؤمنين رضوان الله عليها) ويلتقي بمصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير المتوفى سنة ست وثلاثين ومائتين الذي كان من رواة ولادته في الكعبة إلّا أنّه تفرّد بإضافة منه (ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في الكعبة أحد) لمآرب في نفسه ، يلتقي به في جدّهم خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرّة.

علماً بأنّ هذه الإضافة لم أجدها عند غيره ممّن رووا ولادة حكيم في الكعبة وكلّهم كانوا في القرن الثالث للهجرة ، فهي قصّة ولدت متأخّرة جدّاً ومقطوعة الإسناد وتعاني من ضعف رواتها وشذوذها.

__________________

(١) المجموعة الكاملة ٢ : ٣٥.

(٢) تاريخ دمشق ١٥ : ٩٣.

٢٦٦

ولم تكن ولادة حكيم معروفة قبل هذه الرواية بل لم تذكر أبداً في المصادر التأريخية ولا الروائية ، كما أنّ حكيماً نفسه لم يذكر أنّ ولادته كانت في الكعبة ، لا في جاهليته ولا في إسلامه ، وهو شرف عظيم كانوا يفتخرون به في الجاهلية ويتمنّونه ، فكيف سكت حزام عن ذكر ذلك ولم يشر إليه ولو إشارة بسيطة؟ ولم يكن صاحب مناقب كثيرة حتّى يترك ذكرها كما لم يكن زاهداً فمنعه زهده عن ذكرها. كما لم يذكرها مَن حوله وهو من وجهاه قريش في الجاهلية والإسلام ومن علمائها بالنسب ، كما كان جواداً كريماً ، وهو بالتالي ليس نكرة حتى يُنسى خبر ولادته في بقعة مباركة ، وكان إذا سئل عن ولادته فلم يزد في إجابته عن : ولدتُ قبل قدوم أصحاب الفيل بثلاث عشرة سنة ، وذلك قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وآله بخمس سنين (١).

وكان إسلامه يوم الفتح وقيل : يوم اُحد ، وكان من المؤلفة قلوبهم ، أعطاه النبيّ صلى الله عليه وآله من غنائم حنين مائة بعير ، عاش مائة وعشرين سنة ؛ ستّين في الجاهلية وستّين في الإسلام ، وتوفي في المدينة سنة أربع وخمسين وقيل سنة ثمان وخمسين (٢).

الروايات :

رواه مصعب بن عثمان الذي لم أجد له ترجمة تذكر في تاريخ دمشق ولا في غيره اللّهم إلّا ما ذكره صاحب التبيين في أنساب القرشيين مكتفياً باسمه : مصعب بن عثمان بن عروة بن الزبير وبأنّه كان عالماً بأخبار قريش (٣).

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٥ : ٩٨.

(٢) تاريخ دمشق ١٥ : ٩٥.

(٣) التبيين في أنساب القرشيين : ٢٦٦.

٢٦٧

فلا أقلّ من أن حاله مجهول ، إن لم يكن من اُولئك الضعفاء الذين أكثر ابن بكار من الرواية عنهم في الجمهرة أشياء منكرة كثيرة خاصّة أنه كان واسطةً بين ابن بكّار وبين عامر بن صالح وعامر هذا هو المعروف بالكذب وأنّه ليس ثقة كما أنّ عامّة حديثه مسروق وبالتالي فقد يكون مصعب قد تأثّر بأُستاذه عامر ، يروي الموضوعات (١).

هذا وأنّ الزبير بن بكار المتوفّى سنة (٢٥٦ هـ) صاحب جمهرة نسب قريش متّهم هو الآخر بالضعف وبأنّه منكر الحديث ويضعه وهو ما يذكره صاحب كتاب الضعفاء الحافظ أحمد بن علي السليماني (٢).

وقال في (ميزان الاعتدال ٢ : ٦٦) : لا يلتفت إلى قوله. وإن ردّه ابن حجر في التهذيب قوله : هذا جرح مردود ، فلعلّه استنكر إكثاره عن الضعفاء مثل محمّد بن الحسن بن زبالة وعمر بن أبي بكر المؤملي وعامر بن صالح الزبيري وغيرهم ، فإن في كتاب «النسب» عن هؤلاء أشياءً كثيرةً منكرةً (٣).

فسواءاً كان الزبير ضعيفاً بنفسه أو ينقل عن هؤلاء الضعفاء في كتابه. فهو بالتالي يفقد الثقة به وبكتابه ولا يعتمد على ما فيه إلّا بعد تمحيص دقيق وجهد كبير.

فإذا عرفنا حال مصعب بن عثمان وصاحب كتاب جمهرة نسب قريش فالرواية بعد ذلك لا يمكن أن تكون محلّ اعتماد.

أمّا روايته فكما نقلها أيضاً صاحب تاريخ دمشق هي : أخبرنا أبو غالب بن الحسن وأخوه أبو عبد الله يحيى ، قالا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا

__________________

(١) تهذيب الكمال ١٤ : ٤٦ ، وسير أعلام النبلاء ٤ : ٤٢٩.

(٢) اُنظر سير أعلام النبلاء ١٢ : ٣١٤ ، وتهذيب التهذيب ٣ : ٣١٣ ، وميزان الاعتدال ٢ : ٦٦.

(٣) انظرها في سير أعلام النبلاء ١٢ : ٣١٤.

٢٦٨

أبو طالب المخلّص ، أنبأنا أحمد بن سليمان الطوسي ، أنبأنا الزبير بن بكّار ، حدّثني مصعب بن عثمان ، قال : دخلت اُمّ حكيم بن حزام الكعبة مع نسوة من قريش وهي حامل متمّ بحكيم بن حزام ، فضربها المخاض في الكعبة فأُتيت بنطع حيث أعجلها الولاد ، فولدت حكيم بن حزام في الكعبة على النطع (قطعة من الجلد) وكان حكيم بن حزام من سادات قريش ووجوهها في الجاهلية (١).

روايتا المستدرك :

الرواية الاُولى : سمعت أبا الفضل الحسن بن يعقوب يقول : سمعت أبا أحمد محمّد بن عبد الوهّاب يقول : سمعت علي بن غنام العامري يقول : ولد حكيم بن حزام في جوف الكعبة ، دخلت اُمّه الكعبة فمخضت فيها فولدت في البيت (٢).

الرواية الثانية : أخبرنا أبو بكر بن أحمد بن بالعرية ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، ثنا مصعب بن عبد الله فذكر نسب حكيم بن حزام وزاد فيه : واُمّه فاختة بنت زهير بن أسد بن عبد العزى ، وكانت ولدت حكيماً في الكعبة وهي حامل فضربها المخاض وهي في جوف الكعبة ، فولدت فيها فحملت في نطع وغسل ما كان تحتها من الثياب عند حوض زمزم ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في الكعبة أحد.

هذه العبارة الأخيرة لم ترد في الروايتين السابقتين فهي إضافة منه ، وليس هذا غريباً عليه ولم يكن هذا منه بلا قصد ولا هدف فهو يعرف جيّداً ماذا يقصد بهذا النفي «ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في الكعبة أحد» ، وكيف يعذر وهو يعرف جيّداً تواتر خبر ولادة عليّ عليه السلام في الكعبة ولم يكن جاهلاً به أو غافلاً عنه. وإنّما هي «شنشنة أعرفها من أخزم» حقّاً إنّه حقد موروث وبغض مستحكم ضد عليّ عليه السلام توارثته هذه العائلة من يوم الناكثين ، يقول الإمام علي عليه السلام : «وما زال الزبير منّا حتى ولد له عبد الله ابنه».

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٥ : ٩٨.

(٢) المستدرك ٣ : ٥٤٩ / ٦٠٤١ / ١٦٣٩.

٢٦٩

فأراد أن ينفي هذه الكرامة لعليّ عليه السلام ولم يرض بأن تبقى الرواية «ولادة حكيم» كما رواها غيره وإن كانت أيضاً لا تخلو من الضعف والإرسال ، فأضاف عليها ما سوّلت له نفسه.

وبعد ذكر الحاكم النيسابوري لها قال : وهَمَ مصعب في الحرف الأخير.

وقد يفهم من قول الحاكم هذا : «وهم» أنّ مصعباً أصاب في كلامه الأول حول ولادة حكيم في الكعبة ، إلّا أنّ هذا نفاه الحاكم في كلام آخر له في كفاية الطالب للكنجي الشافعي.

ثمّ راح يعزّز بشكل قاطع ردّه هذا بقوله : فقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة (١).

علماً بأنّ حكيم بن حزام ـ وكما قلنا ـ لم يكن شخصاً مجهولاً في الجاهلية وغير معروف في الإسلام مع هذا لم يذكر هذه الفضيلة لنفسه يوماً ولم تُذكر عنه بل ولم يذكرها أحدٌ له على الإطلاق حتّى رواها كلّ من مصعب بن عثمان بن عروة بن الزبير ومصعب بن عبد الله ، بعد أكثر من ٢٠٠ سنة أي في القرن الثالث الهجري.

إنّ أوّل كتاب ذكرت فيه ولادة حكيم هو (جمهرة النسب) لابن الكلبي ، والكلبي وإن ورد فيه أنّه متروك الحديث ، وأنّه غير ثقة وأنّه يروي العجائب والأخبار التي لا اُصول لها (٢).

إلّا أنّه ورد فيه مجح كثير ، وأن مبعث ما ذكر من مطاعن واتّهامات أنّ الرجل كان شيعيّاً لا غير.

__________________

(١) المستدرك ٣ : ٥٥٠ / ٦٠٤٤ / ١٦٤٢.

(٢) اُنظر سير أعلام النبلاء والأنساب وجمهرة النسب.

٢٧٠

وأمّا كتابه جمهرة النسب فقد تعرّض لإضافات كثيرة يعود سببها إلى أنّ أبا سعيد السكّري راوي الكتاب لم ينجُ من الاتّهام بأنّه كان وراءها. فالدكتور ناجي حسن الذي يذكر في مقدّمة تحقيقه لجمهرة النسب : «لقد وصلتنا جمهرة النسب لابن الكلبي برواية أبي سعيد السكري عن محمّد بن حبيب عن ابن الكلبي ، ومع ذلك ظهرت فيه إضافات واضحة وزيادات وتعليقات بيّنة لم ترد في أصل الجمهرة بل أضافها الرواة والنسّاخ. ولا يستبعد أن يكون أبو سعيد السكري هو نفسه الذي قام بهذا العمل حين وجد لديه فيضاً من الأخبار ذات الصلة بالأنساب» (١).

أمّا الرواية الاُخرى التي يذكرها النيسابوري فهي عن علي بن عثام العامري كما هو اسمه في سير أعلام النبلاء ويبدو أنّه حرّف من عثام إلى غنام عند النيسابوري. ولو كانت روايته هذه محل اعتماد لما تغاضى عنها الذهبي في سيره وهو المعروف بموقفه المضاد لمن يذكر مناقب لعليّ عليه السلام. وهذا يكفي في أنّها من الضعف والهزال ما جعل الذهبي يتجاهلها.

وهناك رواية شاذة ذكرها الأزرقي في أخبار مكّة : حدّثني محمّد بن يحيى ، حدّثنا عبد العزيز بن عمران ، عن عبد الله بن أبي سليمان عن أبيه أنّ فاختة بنت زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى ـ وهي اُمّ حكيم بن حزام ـ دخلت الكعبة وهي حامل ، فأدركها المخاض فيها ، فولدت حكيماً في الكعبة ، فحملت في نطع وأُخذ ما تحت مثبرها (موضع الولادة) فغسل عند حوض زمزم ، وأخذت ثيابها التي ولدت فيها فجعلت لقىً (٢).

__________________

(١) مقدّمة جمهرة النسب.

(٢) أخبار مكة (للأزرقي) ١ : ١٧٤.

٢٧١

فأوّلاً : أنّ محمّد بن يحيى كما في كتاب الجرح والتعديل للرازي قال : سألت أبي عنه فقال : كان رجلاً صالحاً وكانت به غفلة ، رأيت عنده حديثاً موضوعاً. توفي سنة (٢٤٣ هـ) (١).

أمّا : عبد العزيز بن عمران فيقول عنه البخاري : إنّه لا يكتب حديثه ، منكر الحديث ، وقال عنه النسائي : متروك الحديث ، وقال عنه الرازي : متروك الحديث ، ضعيف الحديث ، منكر الحديث جدّاً ، وقال محمّد بن يحيى الذهلي النيسابوري : عليّ بدنة إن حدّثت عن عبد العزيز بن عمران حديثاً (٢).

هذا مضافاً إلى أن الأزرقي في نفسه محل كلام حيث لم أعثر على شيء يدلّ على توثيقه وأمامك حياته في كتابه أخبار مكّة.

والمتحصّل من هذا المختصر ومن غيره أنّ رواية ولادة حكيم إن لم نقل بسقوطها فهي غير معتبرة عند كثير من المحدّثين والمؤرّخين ، بل نفاها جمع منهم بنفيهم ولادة غير أمير المؤمنين عليه السلام كما سنرى في مضامين هذا الكتاب (٣).

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٢ : ٥٠١ ، والجرح والتعديل ٨ / ١٢٤ ، وسير أعلام النبلاء ١٢ : ٩٦.

(٢) التاريخ الكبير ٦ : ٢٩ ، والتاريخ الصغير ٢ : ٢٣٤ ، والجرح والتعديل ٥ : ٣٩٠ ، وتاريخ بغداد ١٠ : ٤٤١ ، وتهذيب التهذيب ٦ : ٣٥١ ، وميزان الاعتدال ٢ : ٦٣٢.

(٣) من المصادر التي اعتمدتها في هذه المقدمة المختصرة مقالة قيّمة ونافعة للأُستاذ شاكر شبع (الولادة في الكعبة المعظّمة) نشرت في مجلة تراثنا العدد ٢٦ ، وطبعت في هذه المجموعة برقم (٥).

٢٧٢

فصول الكتاب

حديث المولد الشريف وتواتره :

يفتتح المؤلّف حديثه في هذا الباب بمقدّمة قصيرة جميلة تنمّ على قدرة عجيبة في اختيار الألفاظ ودقّتها على المراد.

يقول فيها : «إنّ المنقب في التاريخ والحديث جدّ عليم بأنّ هذه الفضيلة من الحقائق التي تطابق على إثباتها الرواة ، وتطامنت النفوس على اختلاف نزعاتها على الإخبات بها حيث لا يجد الباحث قطّ غميزَة في إسنادها ، ولا طعناً في أصلها ، ولا مُنتدحاً للكلام على اعتبارها ، وتضافر النقل لها وتواترت الأسانيد إليها ، وإن وجدَ حولها صَخباً من شذّاذ الناس وطأه بأخمص حجاه ، وأهواه إلى هوة البطلان السحيقة».

بعد هذه المقدّمة راح ينقل الرواية التي تحكي ولادةً اُخرى غير ولادة علي عليه السلام داخل الكعبة. ولادة حكيم بن حزام ، التي يرويها مصعب بن عبد الله ، والتي ما إن يصل النيسابوري إلى الفقرة الثانية فيها «... ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في الكعبة أحد» وهي من زيادة هذا الراوي حتّى قال : «وهَم مصعب في الحرف الأخير وقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ في جوف الكعبة» (١).

من هذا يتضح أنّ الحاكم وإن لم يناقش الفقرة الأُولى من الرواية (ولادة حكيم في الكعبة) بل سكت عنها مكتفياً بأنّه وصف مصعباً بالتوهّم إلّا أنّه نفاها في كلامٍ آتٍ أثبته الحافظ الكنجي.

__________________

(١) المستدرك ٣ : ٤٨٣.

٢٧٣

أقول : إنّه لم يكن متوهّماً بل يقول ما يعني ويعني ما يقول ، إنّه كان قاصداً لمآرب في نفسه كما ذكرنا ذلك في المقدّمة.

ومع هذا فإنّ الشيخ الاُردوبادي راح ينقل الإطراء على الحاكم : والحاكم من أذعن الكلّ بثقته وحفظه وضبطه وتقدّمه في العلم والحديث والرجال والمعاجم طافحة بإطرائه والثناء عليه ، والكتب مفعمة بالاحتجاج به والركون إليه ، وتآليفه شاهدة بِنُبُوغه وتضلّعه ، فناهيك به حاكماً بتواتر الحديث ، أي حديث ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في جوف الكعبة.

ثمّ نقل نصوصاً اُخرى توافق ما ذكره الحاكم في مستدركه ، ومن هذه النصوص :

* نصٌّ لشاه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم المحدّث الدهلوي وهو والد عبد العزيز الدهلوي مصنّف (التحفة الاثنا عشرية) في الردّ على الشيعة : «قد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علياً في جوف الكعبة ، فإنّه وٌلِدَ في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة ولم يولد فيها أحد سواه قبلَه ولا بعدَه».

هذا النصّ ورد في كتاب (إزالة الخفاء ٢ : ١٥١ ، ط. الهند) ويتضمّن أمرين مهمّين :

* تواتر الأخبار بالولادة.

* نفيه لأيّة ولادة اُخرى غير ولادة أمير المؤمنين عليه السلام.

* وأمّا الحافظ الكنجي الشافعي (ت ٦٥٨ هـ) فقد حمل إلينا في كتابه (كفاية الطالب) الذي ذكره الچلبي في كشف الظنون ونقل عنه ابن الصباغ المالكي في فصوله المهمّة واحتجّ به ابن حجر قال :

٢٧٤

«أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمّد بن محمود النجار بقراءتي عليه ببغداد ، قلت له : قرأت على الصفار بنيسابور : أخبرتني عمّتي عائشة ، أخبرنا ابن الشيرازي ، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمّد بن عبد الل الحافظ النيسابوري قال : «ولد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بمكّة في بيت الله الحرام ، ليلة الجمعة ، لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولود في بيت الله الحرام سواه ، إكراماً له بذلك ، وإجلالاً لمحلّه في التعظيم» (١).

وهو أيضاً نصّ من الحاكم لا ريب فيه على أنّ الولادة تمّت في الكعبة وفيه نفي لأيّة ولادة اُخرى مزعومة كولادة حكيم.

* لشهاب الدين أبي الثناء السيّد محمود الآلوسي المفسّر ورد في شرحه لعينية العمري حينما قرأ :

أنتَ العليُّ الذي فوقَ العُلى رُفعا

بِبَطْنِ مكّةَ عند البيت إذْ وُضِعا

قال : «وفي كون الأمير ـ كرّم الله وجهه ـ وٌلِدَ في البيت ، أمر مشهور في الدنيا ، وذكر في كتب الفريقين السنّة والشيعة ... إلى قوله : ولم يشتهر وضع غيره ـ كرّم الله وجهه ـ كما اشتهر وضعه ، بل لم تتّفق الكلمة عليه.

وما أحرى بإمام الأئمّة أن يكونن وضعه فيما هو قبلة للمؤمنين ، وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين» (٢).

أقول : وحينما وصل إلى بيت آخر من قصيدة العمري نفسها :

وأنت أنت الذي حطّت له قَدَمٌ

في موضعٍ يدَهُ الرحمنُ قَد وَضعا

__________________

(١) كفاية الطالب : ٤٠٧ ، وانظر الغدير (للشيخ الأميني) ٦ : ٢٢.

(٢) الغدير (للشيخ الأميني) ٦ : ٢٢.

٢٧٥

وقيل : أحبّ عليه الصلاة والسلام ـ يعني علياً عليه السلام ـ أن يكافئ الكعبة حيث ولد في بطنها بوضع الصنم عن ظهرها ، فإنها كما ورد في بعض الآثار كانت تشتكي إلى الله تعالى عبادة الأصنام حولها وتقول : أي ربّ حتى متى تعبد هذه الأصنام حولي؟ والله تعالى يعدها بتطهيرها من ذلك ، وإلى هذا المعنى أشار العلّامة السيّد رضا الهندي بقوله :

لما دعاك اللهُ قِدماً لأنْ

تولَدَ في البيتِ فلبّيتهُ

 شكرتَه بين قريشِ بأنْ

طهّرتَ من أصنامهم بَيتهُ (١)

وبعد ذلك راح المؤلّف ينقل أقوالاً اُخرى لعلماء من الشيعة منهم العلّامة السيّد الحسيني الآملي صاحب كتاب (الكشكول فيما جرى على آل الرسول) : «أنّه وُلِدَ في الكعبة بالحرم الشريف فلم يسبقه أحد ، ولا يلحقه أحد بهذه الكرامة ...» (٢).

ومنهم العلّامة السيّد هاشم البحراني في (غاية المرام) قال : «أنّ الروايات التي فيها أنّ أمير المؤمنين عليه السلام وُلِدَ في الكعبة بلغت حدّ التواتر ، وهي معلومة في كتب العامّة والخاصّة» (٣).

ومنهم السيّد محمّد الهادي الحسيني في كتابه (اُصول العقائد وجامع الفوائد) حيث قال : «كان مولده عليه السلام في جوف الكعبة على ما روته الشيعة وأهل السنة» (٤).

__________________

(١) انظر الغدير ٦ : ٢٢ ـ ٢٣.

(٢) الكشكول : ١٨٩.

(٣) غاية المرام : ١٣.

(٤) اُصول العقائد : ١٦٥ مترجماً من الفارسية وملخصاً.

٢٧٦

فهو يريد ـ والكلام للمؤلّف ـ أنّ الحديث ممّا تصافقت الأدي على نقله ، وتطامنت النفوس على روايته ، وأصفقت الجماهير من الفريقين على إثباته ، وذلك الذي نريد إثباته ، وبه يثبت التواتر.

خبر الولادة عند من لا يعمل إلّا بالخبر المتواتر :

وبعد كلّ ذلك انتقل المؤلف إلى أنّ هنكا بعضاً من العلماء لا يأبه في عمله إلّا بالخبر المتواتر في وقت يعمل فيه جمعٌ منهم بالآحاد.

ومن اُولئك : الشيخ الطبرسي صاحب تفسير مجمع البيان (ت ٥٤٨ هـ) حيث قال في كتابه (إعلام الورى) :

«لم يولد قط في بيت الله تعالى مولود سواه لا قبلَه ولا بعدَه ، وهذه فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً لمحلّه ومنزلته وإعلاءً لقدرته» (١).

ومن اُولئك : الشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) وهو يشرح القصيدة المذهبة للسيّد الحميري ، قال :

«وروي أنّها ـ يعني فاطمة بنت أسد ـ ولدته في الكعبة ، ولا نظير له في هذه الفضيلة» (٢).

وهنا يقول المؤلف :

وليس قصده من إيرادها بلفظ «روي» إسنادها إلى رواية مجهولة ، وإنّما جرى فيها على ديدنه في هذا الكتاب من سرد الحقائق الراهنة مقطوعة عن الأسانيد لشهرتها وتضافر النقل لها وتداولها في الكتب لفتاً للأنظار إليها وإشادة بذكرها على نحو الاختصار ، وعلى ذمّة الباحث إخراجها من مظانّها ، ولذلك تراه يقول بعد الرواية غير متلكئ ولا متلعثم : «ولا نظير له ...» كجازمٍ بحقيقتها ، مؤمن بصحّتها وتواترها ، وإلّا لَلَفظَها كما هو دأبه في غير واحد من الأحاديث.

__________________

(١) اعلام الورى : ١٥٣.

(٢) شرح القصيدة المذهبة : ٥١.

٢٧٧

والشريف الرضيّ ، (ت ٤٦ هـ) في كتابه (خصائص الأئمّة) حيث قال : «ولد عليه السلام بمكة في البيت الحرام لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سن ، واُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، وهو أوّل هاشميّ في الإسلام وُلِدَ من هاشم مرّتين ، ولا نعلم مولوداً في الكعبة غيره» (١).

كما حذا حذوهما شيخ الطائفة الطوسي ، (ت ٤٦٠ هـ) في (التهذيب) ثالث الكتب الأربعة المعوّل عليها عند الشيعة حيث قال : «ولد بمكّة في البيت الحرام يوم الجمعة ...» (٢).

وروى في (مصباح المتهجّد) تأريخ شهر الولادة ومحلّها (٣).

ومنهم أيضاً الشيخ المفيد ، (ت ٤١٣ هـ) قال في (الإرشاد) : «ولد بمكّة في البيت لاحرام يوم الجمعة ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولود في بيت الله سواه ، إكراماً له من الله جلّ اسمه له بذلك ، وإجلالاً لمحلّه في التعظيم» (٤) كما روى في مزاره وشاركه في هذا كلّ من الشهيد في مزاره وابن طاوس في مصباح الزائر ما علّمه الإمام الصادق عليه السلام لمحمّد بن مسلم حين زيارته أمير المؤمنين عليه السلام : «السلام عليك يا من وُلِدَ في الكعبة أو السلام على المولود في الكعبة» (٥).

والشيخ المفيد ـ والقول للمؤلّف ـ من عرفته الاُمّة بالنقد والتمحيص وأنّه كيف كان يردّ الأخبار لأدنى علّة في أسانيدها أو متونها أو يتردّد في مفادها ، يعرف ذلك كلّه من سبر كتبه ورسائله ومسائله ، أو هل تراه مع ذلك يعدل عن

__________________

(١) خصائص الأئمة : ٣٩.

(٢) التهذيب ٦ : ١٩ كتاب المزار.

(٣) مصباح المتهجد : ٧٤١ و ٧٥٤.

(٤) الإرشاد : ٩٠ ، والمقنعة : ٧٢ ، ومسار الشيعة : ٣٥.

(٥) انظر الإقبال : ٦٠٨ ، ومصباح الزائر : ١٠٦ ، والمزار الكبير : ٢٦٧ ، والبحار ١٠٠ : ٣٧٤.

٢٧٨

خطته القويمة فيرمي القول على عواهنه بذكر الواهيات على سبيل الجزم بها لا سيّما في كتاب (الإرشاد) الذي قصد فيه إعلاء ذكر آل محمّد صلى الله عليه وآله والتنويه بفضلهم وإمامتهم وتقدّمهم فيها ، فهل يذكر فيه إلّا ما هو مسلّم بين الفريقين أو الملأ الشيعي على الأقلّ؟!

وتبع الشيخ المفيد معاصره النسّابة ابن الصوفي (١).

مع السيّد الحميري :

وقد أوشك هذا الفصل على نهايته ، ارتأى الشيخ أن يقتطع شيئاً ممّا نظمه السيّد الحميري (ت ١٧٩ هـ) فيما يخصّ ولادة الإمام عليه السلام في الكعبة :

ولدته في حرم الإله وأمنهِ

والبيت حيثُ فناؤه والمسجدُ

بيضاءُ طاهرةُ الثياب كريمةٌ

طابَتْ وطابَ وليدُها والمولدُ

 وله أبيات اُخرى منها :

طِبت كَهلاً وغُلاماً

ورَضيعاً وجَنينا

 وببَطْنِ البيتِ مولُو

داً وفي الرَمْلِ دَفينا (٢)

وقد عدّ المؤلّف نظم السيّد الحميري هذا أثبت لمفاده من أسانيد متساندة. والسبب في هذا ـ كما يقول المؤلّف ـ : هو أنّ السيّد الحميري الذي كان يسير بشعره الركبان في القرن الثاني ، والذي راح ينافح الآخرين من أعداء أهل بيت الوحي عليهم السلام وحتّى تكون حجّته قويّة لابدّ له من أن يحاججهم لا بالواهيات ولا بما لا يعرفه الناس أو لا يعترفون به.

__________________

(١) انظر المجدي : ١١.

(٢) انظر المناقب (لابن شهر آشوب) ٢ : ١٧٥ ـ ١٧٦ ، وروضة الواعظين : ٩١ ، وأعيان الشيعة ١ : ٣٢٤.

٢٧٩

وممّا نظمه كلّ من السرخسي :

ولدتْهُ منجبةٌ وكان وِلادُها

في جوف كعبة أفضل الأكنان

والشفهيني :

أم هل ترى في العالمين بأسرهم

بَشَراً سواه ببيتِ مكّة يولَدُ؟

ويختم هذا الفصل بقول ثقة الإسلام النوري : «إنّ هذه الفضيلة الباهرة جاءت في أخبار غير محصورة ، ومنصوص بها في كلمات العلماء وفي ضمن الخطب والأشعار ...».

وهنا يقول المؤلّف : ومهما حملنا قوله إنّها : «جاءت في أخبار غير محصورة» على المبالغة ، فإن أقل مراتبه أن تكون متواترة.

حديث الولادة الشريفة مشهور بين الاُمّة :

تحت هذا العنوان كتب سماحته :

إنّ أيسر ما يسع الباحث إثباته هو شهرةُ هذه النبأ العظيم بنصوص أئمّة الحديث بذلك من ناحية ، وبتداول ذكره في الكتب من ناحية اُخرى ، وبالتسالم على روايته واطراد أسانيده من جهة ثالثة. ولها شواهد أُخرى لعلّك تقف عليها في غضون هذه الرسالة إن شاء الله.

ثمّ راح يذكر أقوال كبار علماء الحديث ، نكتفي بأسمائهم وكتبهم وبعض أقوالهم ، لننتقل بعد ذلك إلى روايات الولادة المباركة للإمام علي عليه السلام.

* العلّامة المجلسي في جلاء العيون : «إنّ ولادته عليه السلام في البيت ، يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، مشهورة

٢٨٠