اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٣

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي

اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٣

المؤلف:

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2298-3

الصفحات: ٦٤٠

والتأويل الثالث : أنّ الكيد ورد بمعنى الإرادة ، قاله الأخفش (١) وجماعة ، وهو قول أبي مسلم (٢) ، فهو (٣) كقوله : ((كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ)(٤) ومن أمثالهم المتداولة : لا أفعل ذلك ولا أكاد (٥).

أي : لا أريد أن (٦) أفعله (٧) ، وهذا) (٨) لا ينفع فيما قصدوه.

التأويل (٩) الرابع : أنّ خبرها محذوف ، تقديره : أكاد آتي بها لقربها (١٠) ، وأنشدوا (١١) قول ضابىء (١٢) البرجمي (١٣) :

٣٦٤٧ ـ همست ولم(١٤) أفعل وكدت (١٥) وليتني

تركت على عثمان تبكي حلائله (١٦)

أي : وكدت أفعل. فالوقف على «أكاد» والابتداء ب «أخفيها» ، واستحسنه أبو جعفر(١٧).

__________________

ـ «أَكادُ أُخْفِيها» حتى لا تظهر ألبتة ، ولكن ذلك لا يقع ، ولا بد من ظهورها.

انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ١٥ ـ ١٦.

(١) قال الأخفش : (وزعموا أن تفسير «أكاد» : أريد ، وأنها لغة لأن (أريد) قد تجعل مكان (أكاد) مثل : جدارا يريد أن ينقضّ [الكهف : ٧٧] أي : يكاد أن ينقض فكذلك (أكاد) إنما هي : أريد وقال الشاعر : (من الكامل)

كادت وكدت وتلك خير إرادة

لو عاد من لهو الصّبابة ما مضى)

معاني القرآن ٢ / ٥٩٥ ، ٥٩٦.

(٢) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

(٣) في ب : وهو.

(٤) [يوسف : ٨٦].

(٥) لا يوجد في كتب الأمثال مثل بهذه الصيغة وفيها أمثال كثيرة تتصل بأيمانهم على عدم الفعل ، وما في معنى لا أفعل كذا أبدا. وأقرب الأمثال إلى هذه الصيغة : لا أفعل ذلك ما جبح ابن أتان. قاله ابن عدي ، يقال : جبح وجبخ بالحاء والخاء. وابن أتان : الجحش ، أي : لا أفعل كذا أبدا.

مجمع الأمثال للميداني ٣ / ١٧٣.

(٦) أن : زيادة يقتضيها السياق.

(٧) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢. والبحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

(٨) ما بين القوسين سقط من ب.

(٩) التأويل : سقط من ب.

(١٠) البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

(١١) في ب : وأنشد.

(١٢) في ب : صاحب. وهو تحريف.

(١٣) هو ضابىء بن الحارث بن أرطاة من بني غالب بن حنظلة التميمي البرجمي ، أدرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان يقنص الوحش. الخزانة ٩ / ٣٢٤ ـ ٣٢٧.

(١٤) في ب : لعممت لم. وهو تحريف.

(١٥) ف ب : وكبن. وهو تحريف.

(١٦) البيت من بحر الطويل قاله ضابىء البرجمي وهو في الكامل ٢ / ٤٩٦ ، ٥٠٣ ، إيضاح الشعر ٢٢٩ ، ٥٨٦ ، الشعر والشعراء ١ / ٣٥٨ ، الطبري ١٦ / ١١٥ ، القرطبي ١١ / ١٨٣ ، اللسان (قير) البحر المحيط ٦ / ٢٣٣ ، والخزانة ٩ / ٣٢٣.

والشاهد فيه حذف خبر (كاد) والتقدير : وكدت أفعل ، وخبر أفعال المقاربة يحذف إن علم.

(١٧) أي النحاس. فإنه قال : (معنى الضم أولى ، ويكون التقدير : إنّ السّاعة آتية أكاد آتي بها ، ودل (آتية) على (آتي بها) ، ثم قال جل وعز : «أخفيها» على الابتداء. وهذا معنى صحيح ، لأن الله جل وعز قد ـ

٢٠١

وذكر ابن الخطيب هنا سؤالا : فقال : إنّ (كاد) نفيه إثبات وإثباته نفي (١) ، قال تعالى : (وَما كادُوا (٢) يَفْعَلُونَ)(٣) ، أي : ففعلوا ذلك (٤) ، فقوله (٥) : (أَكادُ أُخْفِيها) يقتضي أنه ما أخفاها.

وذلك باطل لوجهين :

أحدهما : لقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ)(٦).

الثاني : إنّ قوله (٧) : (لِتُجْزى (٨) كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) إنما يليق بالإخفاء لا بالإظهار. ثم أجاب بوجوه :

الأول : أنّ «كاد» موضوع للمقاربة فقط من غير بيان النفي والإثبات ، فقوله : (أَكادُ أُخْفِيها) معناه : قرب الأمر فيه من الإخفاء. وأمّا أنّه هل (٩) حصل ذلك الإخفاء أو ما حصل فهو غير مستفاد من اللفظ بل بقرينة قوله : (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) فإن ذلك إنما يليق بالإخفاء لا بالإظهار.

الثاني : أنّ (كاد) من الله : وجب ، فمعنى قوله : أكاد أخفيها» أي : أنا أخفيها عن الخلق ، كقوله : (عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً)(١٠) أي هو (١١) قريب قاله الحسن (١٢). وذكر باقي (١٣) التأويلات المتقدمة (١٤).

وقرأ أبو الدرداء وابن جبير والحسن ومجاهد وحميد : «أخفيها» بفتح الهمزة (١٥)

__________________

ـ أخفى الساعة التي هي يوم القيامة ، والساعة التي يموت فيها الإنسان ليكون الإنسان يعمل ، والأمر عنده مهم ولا يؤخر التوبة) إعراب القرآن ٢ / ٣٥ ـ ٣٦.

(١) قال ابن مالك عن ذلك في شرح الكافية : (ومن زعم هذا فليس بمصيب ، بل حكم (كاد) حكم سائر الأفعال في أنّ معناها منفي إذا صحبها حرف نفي ، وثابت إذا لم يصحبها.

فإذا قال قائل : كاد زيد يبكي. فمعناه : قارب زيد البكاء ، المقاربة ثابتة ، ونفس البكاء منتف.

فإذا قال : لم يكد يبكي ، فمعناه لم يقارب البكاء ، فمقاربة البكاء منتفية ، ونفس البكاء منتف انتفاء أبعد من انتفائه عند ثبوت المقاربة).

شرح الكافية ١ / ٤٦٦ ـ ٤٦٩.

(٢) في ب : ومادوا. وهو تحريف.

(٣) [البقرة : ٢١].

(٤) قال ابن مالك في شرح الكافية عند تعليقه على هذا الآية (فكلام يتضمن كلامين مضمون كل واحد منهما في وقت غير وقت الآخر. والتقدير : فذبحوها بعد أن كانوا بعداء من ذبحها غير مقاربين له.

وهذا واضح ـ والله أعلم ـ) ١ / ٤٦٨ ـ ٤٦٩.

(٥) في ب : فقال. وهو تحريف.

(٦) [لقمان : ٣٤].

(٧) في ب : قوله تعالى.

(٨) في ب : ولتجزى. وهو تحريف.

(٩) في ب : قد.

(١٠) [الإسراء : ٥١].

(١١) هو : سقط من ب.

(١٢) الفخر الرازي ٢٢ / ٢١ ـ ٢٢.

(١٣) في ب : ذكرنا في. وهو تحريف.

(١٤) تقدمت قبل صفحات.

(١٥) انظر المختصر : (٨٧) ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

٢٠٢

والمعنى : أظهرها بالتأويل المتقدم (١) ، يقال : خفيت الشيء (٢) : أظهرته وأخفيته سترته (٣) هذا هو المشهور وقد نقل عن أبي الخطاب أنّ خفيت وأخفيت بمعنى (٤). وحكي عن أبي عبيد (٥) أنّ أخفى من الأضداد يكون بمعنى أظهر (٦) وبمعنى ستر. وعلى هذا تتحد (القراءتان) (٧)(٨). ومن مجيء خفيت بمعنى أظهرت قول امرىء القيس :

٣٦٤٨ ـ خفاهنّ من أنفاقهنّ(٩)كأنّما

خفاهنّ ودق من عشيّ (١٠) مجلّب (١١)

(وقول الآخر :

٣٦٤٩ ـ فإن تدفنوا الدّاء لا نخفه

وإن توقدوا الحرب لا نقعد (١٢)) (١٣)

قال الزجاج : وهذه القراءة أبين ، لأن معناها : أكاد أظهرها (١٤) (فيفيد أنه قد أخفاها) (١٥). والحكمة في إخفاء الساعة وإخفاء وقت الموت : أنّ الله تعالى وعد قبلها التوبة عند قربهما (١٦) ، فلو عرف وقت الموت لاشتغل بالمعصية إلى وقت (١٧) قرب ذلك الوقت (١٨) ثم يتوب فيتخلص من عقاب المعصية ، فتعريف وقت الموت كالإغراء بفعل معصية وهو لا يجوز (١٩). قوله : «لتجزى» هذه لام كي (٢٠) ، وليست بمعنى (٢١)

__________________

(١) وهو المعنى الثاني من التأويل الأول.

(٢) في ب : أخفيته.

(٣) اللسان (خفا).

(٤) انظر مجاز القرآن ٢ / ١٦. والبحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

(٥) هو القاسم بن سلام أبو عبيد كان إمام أهل عصره في كل فن من العلم ، أخذ عن أبي زيد وأبي عبيدة والأصمعي وغيرهم من مصنفاته الغريب المصنف ، غريب القرآن غريب الحديث معاني القرآن وغير ذلك. مات سنة ٢٣٠ ه‍. بغية الوعاة ٢ / ٢٥٣ ـ ٣٥٤.

(٦) في ب : ظهر.

(٧) البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

(٨) ما بين القوسين في ب : القرائتين. وهو تحريف.

(٩) في ب : انعائهن. وهو تحريف.

(١٠) في ب : خشي. وهو تحريف.

(١١) البيت من بحر الطويل قاله امرؤ القيس ، وهو في ديوانه (٥١) ومجاز القرآن ٢ / ١٧ ، والمحتسب ٢ / ٤٨ ، والقرطبي ١١ / ١٨٣ ، اللسان (جلب ـ خفا ـ نفق) ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٢. خفاهنّ : أظهرهنّ.

وهو موطن الشاهد هنا. الأنفاق : أسراب تحت الأرض جمع نفق. الودق : المطر.

المجلّب : الذي له جلبة أي صوت.

(١٢) البيت من بحر المتقارب قاله امرؤ القيس وهو في ديوانه (١٨٦) ومعاني القرآن للفراء ٢ / ١٧٧ ، ومعاني القرآن للأخفش ٢ / ٥٩٥ ومجاز القرآن ٢ / ١٧ ، والطبري ١٦ / ١١٤ ، والكشاف ٢ / ٤٣٠ ، والقرطبي ١١ / ١٨٣ ، واللسان (خفا) والبحر المحيط ٦ / ٢٨٢. والشاهد فيه أن قوله (لا نخفه) بمعنى لا نظهره.

(١٣) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٤) انظر معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٣٥٣.

(١٥) ما بين القوسين سقط من الأصل.

(١٦) في ب : قربها. وهو تحريف.

(١٧) وقت : سقط من الأصل.

(١٨) في الأصل : الموت.

(١٩) الفخر الرازي : ٢٢ / ١١.

(٢٠) هي لام التعليل.

(٢١) وليست بمعنى : مكرر في الأصل.

٢٠٣

القسم (١) أي : لتجزيّن كما نقله أبو البقاء عن بعضهم (٢) ، وتتعلق هذه اللام بأخفيها (٣). وجعلها (٤) بعضهم متعلقة ب (آتية) (٥) ، وهذا لا يتم إلا إذا قدرت أن (أَكادُ أُخْفِيها) معترضة بين المتعلق والمتعلق به ، أما إذا جعلتها صفة (آتية) فلا يتم على مذهب البصريين ، لأن اسم (٦) الفاعل متى (٧) وصف لم يعمل فإن عمل ثم وصف جاز (٨).

وقال أبو البقاء : وقيل : ب (آتية) ، ولذلك (٩) وقف بعضهم على ذلك (١٠) وقفة يسيرة (١١) إيذانا بانفصالها عن (أخفيها) (١٢)(١٣).

قوله : (بِما تَسْعى) متعلق ب «لتجزى» (١٤). و«ما» يجوز أن تكون مصدرية أو موصولة اسمية (١٥) ، ولا بد من مضاف ، أي : لتجزى بعقاب سعيها ، أو : بعقاب ما سعته.

فصل

لمّا حكم بمجيء الساعة ذكر الدليل عليه ، وهو أنه لو لا القيامة لما تميز المطيع من العاصي ، وهو المعنيّ بقوله : «أم نجعل المتّقين كالفجّار (١٦)» (١٧).

واحتجت المعتزلة بهذه الآية (١٨) على أن الثواب مستحق على العمل ، لأن (الباء) للإلصاق ، فقوله : (بِما تَسْعى) يدل على أن المؤثر في ذلك الجزاء (١٩) هو ذلك السعي (٢٠) واحتجوا بها أيضا على أن فعل العبد غير مخلوق لله تعالى ، لأن الآية صريحة (٢١) في إثبات

__________________

(١) قال ابن الأنباري : (وكان أبو حاتم السجستاني يجعل هذه اللام لام القسم) البيان ٢ / ١٤٠.

(٢) قال أبو البقاء : (وقيل لفظه لفظ كي وتقديره القسم ، أي : لتجزينّ) التبيان ٢ / ٨٨٧.

(٣) انظر البيان ٢٠ / ١٣٩ ، التبيان ٢ / ٨٨٧.

(٤) في الأصل : وجمل ما. وهو تحريف.

(٥) قال أبو حيان : (واللام على قراءة الجمهور. قال صاحب اللوائح : متعلقة بآتية ، كأنه قال : إنّ الساعة آتية لتجزى) البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

وانظر الكشاف ٢ / ٤٣٠ ، التبيان ٢ / ٨٨٧.

(٦) اسم : سقط من ب.

(٧) في ب : إذا.

(٨) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٢ ، شرح الأشموني ٢ / ٢٩٢.

(٩) في الأصل : وذلك.

(١٠) في ب : عليه.

(١١) في ب : بسيرة كما. وهو تحريف.

(١٢) في ب : بأخفيها. وهو تحريف.

(١٣) التبيان ٢ / ٨٨٧.

(١٤) في الأصل : تجزى.

(١٥) التبيان ٢ / ٨٨٧.

(١٦) من قوله تعالى : «أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ» [ص : ٢٨].

(١٧) انظر الفخر الرازي : ٢٢ / ٢٢.

(١٨) المقصود بالآية قوله تعالى : «إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى».

(١٩) في ب : القضاء والجزاء. وهو تحريف.

(٢٠) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢.

(٢١) في ب : لأن الله تعالى صرح.

٢٠٤

سعي العبد ، ولو (١) كان الفعل مخلوقا لله تعالى لم يكن للعبد سعي ألبتة (٢).

قوله : (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها) من لا يؤمن هو المنهي صورة ، والمراد غيره ، فهو من باب : لا أرينّك ههنا (٣). وقيل : إن صدّ الكافرين (٤) عن التصديق بها سبب للتكذيب ، فذكر السبب ليدل على المسبب (٥). والضميران في «عنها» و«بها» للسّاعة (٦) قاله ابن عباس (٧) ، وذلك لأنه يجب عود الضمير إلى أقرب مذكور وهو هنا الساعة (٨). وقيل : للصلاة (٩).

وقال أبو مسلم : الضمير في (عنها) للصّلاة ، وفي (بها) للسّاعة ، قال : وهذا جائز في اللغة (١٠) ، فالعرب (١١) تلف الخبرين ثم (١٢) ترمي بجوابهما جملة ليرد السامع إلى كل خبر (١٣) حقه (١٤).

وأجيب (١٥) بأنّ هذا إنما يصار إليه عند الضرورة ولا ضرورة (ههنا (١٦)) (١٧).

قوله (١٨) : «فتردى» يجوز فيه أن ينتصب في جواب النهي بإضمار (أن) (١٩) وأن يرتفع (٢٠) على خبر ابتداء مضمر تقديره : فأنت تردى (٢١).

وقرأ يحيى : «تردى» بكسر التاء (٢٢) ، وقد تقدم أنها لغة والرّدى الهلاك يقال : ردي يردى ردى (٢٣) ، قال دريد (بن الصمة) (٢٤)(٢٥) :

__________________

(١) في ب : فلو.

(٢) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.

(٣) قال سيبويه في هذا : (باب الحروف التي تنزل بمنزلة الأمر والنهي : ومثله من النهي لا يرينك ههنا ، ولا أرينك ههنا) الكتاب ٣ / ١٠١ ، وقد تكلم العلماء في إمكان النهي لغير المخاطبة فقالوا إنه من قبيل المجاز المرسل الذي علاقته السببية ، من إطلاق المسبب وإرادة السبب ، أي لا يمكن منك وجود حتى لا يراك أو لا أراك ، فصد الكافر مسبب عن رخاوة الرّجل في الدّين ، فذكر المسبب ليدل على السبب).

انظر الكشاف ٢ / ٤٣٠ ، البحر المحيط ٦ / ٣٣٣.

(٤) في ب : الكافر.

(٥) انظر : الكشاف ٢ / ٤٣٠.

(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٣٣.

(٧) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.

(٨) هذا التعليل من كلام القاضي. انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.

(٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٣.

(١٠) ما بين القوسين سقط من ب.

(١١) في ب : والعرب.

(١٢) في ب : لم. وهو تحريف.

(١٣) في ب : ليرمي السامع وليرد إلى كل. وهو تحريف.

(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.

(١٥) هذا جواب القاضي عما قاله أبو موسى.

(١٦) الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.

(١٧) ههنا : سقط من ب.

(١٨) قوله : سقط من ب.

(١٩) في ب : أنه. وهو تحريف.

(٢٠) في ب : يرفع.

(٢١) انظر التبيان ٢ / ٨٨٧ ، البيان ٢ / ١٤٠ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٣.

(٢٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٣.

(٢٣) اللسان (ردى).

(٢٤) هو دريد بن الصمة الجشمي شجاع شاعر ، جعله محمد بن سلام أول الشعراء الفرسان عاش نحوا من مائتي سنة حتى سقط حاجباه على عينه ، وأدرك الإسلام ولم يسلم ، وقتل يوم حنين كافرا. الخزانة ١١ / ١١٨ ـ ١٢١.

(٢٥) ابن الصمة : سقط من ب.

٢٠٥

٣٦٥٠ ـ تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسا

فقلت أعبد (١) الله ذلكم الرّدي (٢)

فصل (٣)

الخطاب في قوله : (فَلا يَصُدَّنَّكَ) يحتمل أن يكون مع موسى ، وأن يكون مع محمد ـ عليهما‌السلام ـ (٤). والأقرب أنه مع موسى ـ عليه‌السلام ـ (٥) ، لأنّ جميع الكلام خطاب له. وعلى كلا (٦) الوجهين فلا معنى لقول الزجاج : إنّه ليس بمراد وإنما أريد (٧) به غيره ، وذلك (٨) لأنه ظن أن النبيّ ـ عليه‌السلام ـ (٩) لما لم يجز عليه مع النّبوّة أن يصده (١٠) أحد عن الإيمان بالساعة لم يجز أن يكون مخاطبا بذلك (١١) ، وليس الأمر كما ظن ، لأنه إذا كان مكلّفا بأن لا يقبل الكفر بالساعة من أحد وكان قادرا على ذلك جاز أن يخاطب به ، (ويكون المراد) (١٢) هو وغيره. ويحتمل أيضا أن يكون المراد بقوله : (فَلا (١٣) يَصُدَّنَّكَ عَنْها) النهي عن الميل إليهم ومقاربتهم.

فصل (١٤)

المقصود نهي موسى ـ عليه‌السلام (١٥) ـ عن التكذيب بالبعث ، ولكن الظاهر اللفظ يقتضى نهي (١٦) من لم يؤمن عن صدّ موسى ـ عليه‌السلام (١٧) ـ وفيه وجهان :

أحدهما : أن صدّ الكافر عن التصديق بها (١٨) سبب للتكذيب ، فذكر السبب ليدل على المسبب. (ذلك أن صد الكافر مسبب عن رخاوة الرّجل في الدّين ، فذكر المسبب ليدل حمله على السبب) (١٩) كقولهم (٢٠) : لا أرينّك ههنا. المراد نهيه عن مشاهدته والكون بحضرته فهكذا ههنا ، كأنه قيل : لا تكن رخوا بل (٢١) كن في الدين شديدا.

__________________

(١) في ب : يا عبد. وهو تحريف.

(٢) البيت من بحر الطويل قاله دريد بن الصمة ، وهو في ديوانه (٤٩) ومجاز القرآن ٢ / ١٧ ، والجمهرة ٣ / ٣٤١ ، وتفسير ابن عطية ١٠ / ١٧ ، البحر المحيط ٦ / ٢٢٢. أردت : أهلكت. الرّدي : الهالك. وهو موطن الشاهد.

(٣) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.

(٤) في ب : عليهما الصلاة والسلام.

(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٦) في ب : كل. وهو تحريف.

(٧) في ب : أراد.

(٨) وذلك سقط من ب.

(٩) في ب : صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(١٠) في ب : أنه لم يصده.

(١١) في ب : بذلك الشيء.

(١٢) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٣) في ب : لا.

(١٤) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.

(١٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٦) في ب : نفي. وهو تحريف.

(١٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٨) بها : سقط من ب.

(١٩) ما بين القوسين سقط من الأصل.

(٢٠) في ب : كقوله.

(٢١) في النسختين : رخاوتك. والصواب ما أثبته.

٢٠٦

فصل (١)

دلّت الآية على وجوب تعلم علم (٢) الأصول ، لأن قوله : (فَلا يَصُدَّنَّكَ) يرجع معناه إلى صلابته في الدين ، وتلك الصلابة إن كان المراد بها (٣) التقليد لم يتميز المبطل فيه عن المحق ، فلا بد وأن يكون المراد بهذه الصلابة كونه قويا في تقرير الدلائل ، وإزالة الشبهات حتى لا يتمكن الخصم (٤) من إزالته عن الدين بل يكون هو متمكنا من إزالة المبطل عن بطلانه.

(فصل (٥))(٦)

قوله : (فَلا يَصُدَّنَّكَ) يدل على أن العباد هم الذين يصدون (٧) ، ولو كان تعالى هو الخالق لأفعالهم لكان هو الصّادّ دونهم ، فدل ذلك على بطلان القول بالجبر (٨). وأجيب بالمعارضة بمسألة (٩) العلم (والداعي) (١٠)(١١). ثم (١٢) قال تعالى : (وَاتَّبَعَ هَواهُ) والمعنى أن منكر البعث إنّما أنكره اتباعا للهوى لا للدليل ، وهذا من أعظم الدلائل على فساد التقليد (١٣) ، لأن المقلّد متبع للهوى (لا للحجة) (١٤)(١٥) ثم قال : «فتردى» أي : فتهلك.

قوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨) قالَ أَلْقِها يا مُوسى (١٩) فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى (٢٠) قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى)(٢١)

قوله تعالى (١٦) : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ) الآية (١٧). (ما) مبتدأة (١٨) استفهامية و(تلك) خبره ، و«بيمينك» متعلق بمحذوف ، لأنه حال كقوله : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً)(١٩) ، والعامل

__________________

(١) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.

(٢) علم : سقط من ب.

(٣) بها : سقط من ب.

(٤) في ب : الشخص. وهو تحريف.

(٥) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣ ـ ٢٤.

(٦) ما بين القوسين سقط من ب.

(٧) في ب : هم المصدون.

(٨) قاله القاضي.

(٩) في ب : بمنزلة.

(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣. والمراد بمسألة العلم ما عارض به أهل السنة المعتزلة وهو العلم الإلهي الأزلي. والمراد بمسألة الداعي ما يخلق في القلب من توجه نحو أحد المختارين. انظر شرح المقاصد ١ / ٢٥١ ـ ٢٥٦ ، شرح المواقف ٢٨٨ ـ ٢٩٩.

(١١) في ب : والداعي منه.

(١٢) ثم : سقط من ب.

(١٣) في ب : المقلد. وهو تحريف.

(١٤) لا للحجة : سقط من ب.

(١٥) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣ ـ ٢٤.

(١٦) تعالى : سقط من ب.

(١٧) الآية : سقط من ب.

(١٨) في ب : مبتدأ.

(١٩) [هود : ٧٢].

٢٠٧

في الحال المقدرة معنى الإشارة (١) وجوّز الزمخشري أن تكون (تلك) موصولة بمعنى (التي) و(بيمينك) صلتها (٢). ولم يذكر ابن عطية غيره (٣). وهذا ليس مذهب البصريين لأنهم لم يجعلوا (من أسماء) (٤) الإشارة موصولا إلا (ذا) بشروط تقدمت. وأما الكوفيون فيجيزون ذلك في جميعها (٥) ، ومنه هذه الآية عندهم أي : وما التي بيمينك وأنشدوا (٦) :

٣٦٥١ ـ نجوت وهذا تحملين طليق (٧)

أي والذي تحملين.

وقال الفراء معناه : وما هذه التي في يمينك (٨).

(فصل (٩)) (١٠)

السؤال إنما يكون لطلب العلم ، وهو على الله تعالى محال. فما فائدة قوله : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ)؟

__________________

(١) انظر البيان ٢ / ١٤٠ ، التبيان ٢ / ٨٨٧ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٤.

(٢) الكشاف ٢ / ٤٣٠.

(٣) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ١٧.

(٤) ما بين القوسين في ب : اسم.

(٥) هذه المسألة من الأمور المختلف فيها بين البصريين والكوفيين.

فالبصريون لا يجوز عندهم أن يستعمل من أسماء الإشارة اسما موصولا إلا (ذلك) بشروط وهي : أن لا تكون للإشارة لأنها لو كانت كذلك لدخلت على المفرد نحو : من ذا الذاهب والمفرد لا يصلح أن يكون صلة لغير (أل). وأن لا تكون (ذا) ملغاة ، بأن تكون مركبة مع (ما) اسما واحدا ، أو يحكم بزيادة (ذا) ، وأن يتقدمها استفهام ب (ما) باتفاق أو ب (من) على الأصح. وذهب الكوفيون إلى أن (ذا) وجميع أسماء الإشارة تستعمل موصولة سواء تقدمت عليها (ما) الاستفهامية أم لا ، استدلالا بقوله تعالى : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) [البقرة : ٨٥] أي : أنتم الذين ، وبقول الشاعر الآتي ، وقوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) أي : ما التي بيمينك. والصواب ما ذهب إليه البصريون بأن (هؤلاء ، وتلك وهذا) أسماء إشارة وليست موصولة ، ورد ابن الأنباري وابن يعيش ما احتج به الكوفيون. الإنصاف ٢ / ٧١٧ ـ ٧٢٢ ، شرح المفصل ٤ / ٢٣ ـ ٢٥ ، شرح الكافية ٢ / ٤٢ شرح التصريح ١ / ١٣٨ ، ١٣٩.

(٦) في ب : وأنشدوا أيضا.

(٧) عجز بيت من بحر الطويل قاله يزيد بن مفرغ الحميري ، وصدره : عدس ما لعبّاد عليك إمارة. اللسان (عدس). عدس : اسم زجر للبغلليسرع. عباد : هو عباد بن زياد والي سجستان في عهد معاوية بن أبي سفيان. والشاهد فيه أنّ الكوفيين ينشدون هذا البيت استدلالا على أن (هذا) اسم موصول بمعنى (الذي) ، وجملة (تحملين) صلة الموصول ، والعائد محذوف ، والتقدير : تحملينه ، و(طليق) خبر المبتدأ. وقد رد البصريون احتجاج الكوفيين على أن (هذا) اسم الإشارة ، لأن (ها) التنبيه لا تدخل على الموصولات ، وهو مبتدأ و(طليق) خبره ، وجملة (تحملين) حال من فاعل (طليق) المستتر فيه متقدمة على عاملها ، أي : وهذا طليق محمولا لك. وقد تقدم.

(٨) فإنه قال : (وقوله : «وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى» يعني : عصاه ، ومعنى «تلك» هذه ، وقوله : «بِيَمِينِكَ» في مذهب صلة ل (تلك) ، لأن تلك ، وهذه توصلان كما توصل الذي) معاني القرآن ٢ / ١٧٧.

(٩) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٥.

(١٠) ما بين القوسين في ب : فإن قيل.

٢٠٨

والجواب (١) فيه فوائد ، الأولى (٢) : حكمة هذا السؤال تنبيهه وتوقيفه على أنها عصا ، حتى إذا (٣) قلبها حية علم أنها معجزة عظيمة ، وهذا على عادة العرب يقول الرجل لغيره : هل تعرف هذا؟ (٤) وهو لا يشك أنه يعرفه ، ويريد أن ينضم إقراره بلسانه إلى معرفته بقلبه (٥).

الثانية : أن يقرّر عنده (٦) أنها خشبة حتى إذا قلبها ثعبانا لا يخافها (٧).

الثالثة : أنه تعالى لمّا أراه الأنوار المتصاعدة من الشجرة إلى السماء ، وأسمعه كلام نفسه ، ثم أورد عليه التكليف الشاق ، وذكر له المعاد ، وختم ذلك بالتهديد العظيم ، فتحيّر موسى ـ عليه‌السلام ـ (٨) ودهش ، (فقيل له : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ) ، وتكلم معه بكلام البشر إزالة لتلك الدهشة والحيرة)(٩).

(فصل (١٠)) (١١)

هذا خطاب من الله مع موسى بلا واسطة ، ولم يحصل ذلك لمحمد عليه‌السلام (١٢) فيلزم أن يكون موسى أفضل من محمد عليهما‌السلام (١٣).

فالجواب : أنّه تعالى كما (١٤) خاطب موسى فقد (١٥) خاطب محمدا في قوله : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى)(١٦) إلا أن الفرق أنّ الذي ذكره مع موسى عليه‌السلام (١٧) أفشاه إلى الخلق ، والذي ذكره مع محمد كان سرا لم يستأهل له أحدا من الخلق. وأيضا إن كان موسى تكلم معه فأمة محمد يخاطبون الله تعالى في كل يوم مرات على ما (١٨) قاله عليه‌السلام : «المصلّي يناجي ربّه» (١٩) والرّب يتكلم مع آحاد أمة محمد (٢٠) يوم القيامة بالتسليم والتكريم لقوله : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ)(٢١).

قوله : «هي عصاي» هي يعود على المستفهم عنه.

__________________

(١) في ب : فالجواب.

(٢) في ب : الأول.

(٣) إذا سقط من ب.

(٤) في ب : قد عرفت هل عرفت هذا؟ وهو تحريف.

(٥) في ب : على معرفته بلسانه. وهو تحريف.

(٦) في ب : بقلبه.

(٧) في الأصل : لا يخاف منها.

(٨) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٩) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٠) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٦.

(١١) ما بين القوسين في ب : فإن قيل.

(١٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٣) عليهما‌السلام : سقط من ب.

(١٤) في ب : لما.

(١٥) فقد : سقط من ب.

(١٦) [النجم : ١٠].

(١٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٨) في ب : كما.

(١٩) أخرجه الإمام مالك (نداء) ١ / ٣ ، وأحمد ٢ / ٦٧.

(٢٠) في ب : محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٢١) [يس : ٥٨].

٢٠٩

وقرأ العامة «عصاي» بفتح الياء. والجعفري وابن أبي إسحاق «عصيّ» بالقلب والإدغام (١). وقد تقدّم توجيه ذلك أوّل البقرة ، ولمن تنسب هذه اللغة (٢) والشعر المروي في ذلك (٣).

وروي عن أبي عمرو وابن (٤) أبي إسحاق أيضا (والحسن «عصاي» بكسر الياء لالتقاء الساكنين (٥) ، وعن أبي إسحاق) (٦) «عصاي» بسكونها وصلا (٧) وقد فعل ذلك نافع مثل ذلك في «محياي» (٨) فجمع بين ساكنين وصلا ، وقد (٩) تقدم الكلام هناك (١٠).

قوله : «أتوكّأ» (١١) يجوز أن يكون خبرا ثانيا ل «هي» (١٢) ويجوز أن يكون حالا إمّا من «عصاي» وإمّا من «الياء» (١٣) وفيه بعد ، لأن مجيء (١٤) الحال من المضاف إليه قليل ، وله مع ذلك شروط ليس فيه شيء منها هنا (١٥).

__________________

(١) انظر المختصر ٨٧ ، البحر المحيط ٦ / ٣٣٤.

(٢) في ب : الآية. وهو تحريف.

(٣) عند قوله تعالى :«قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ اتبع هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» [البقرة : ٣٨].

ذكر ابن عادل هناك : قرىء بقلب الألف ياء وإدغامها في ياء المتكلم وهي لغة هذيل ، قال شاعرهم :

سبقوا هويّ وأعنقوا لهواهم

فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع

فكأنهم لما لم يصلوا إلى ما تستحقه ياء المتكلم فمن كسر ما قبلها لكونه ألفا أتوا بما يناسب الكسرة فقلبوا الألف ياء.

انظر اللباب ١ / ١٢٩ ـ ١٣٠.

(٤) في ب : ابن.

(٥) انظر المحتسب ٢ / ٤٨ ، والبحر المحيط ٦ / ٣٣٤.

(٦) ما بين القوسين سقط من الأصل.

(٧) انظر المحتسب ٢ / ٤٩ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٣٤.

(٨) من قوله تعالى : «قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» [الأنعام : ١٦٢].

(٩) قد : سقط من الأصل.

(١٠) قرأ نافع ومحياي بسكون ياء المتكلم ، وفيها الجمع بين ساكنين قال الفارسي : كقولهم : التقت حلقتا البطان ، ولفلان ثلثا المال بثبوت الألفين وقد طعن بعض الناس على هذه القراءة بما ذكر من الجمع بين الساكنين ، وتعجب من كون هذا القارىء يحرك ياء «مماتي» ويسكن ياء «محياي» وقد نقل بعضهم عن نافع الرجوع عن ذلك. انظر اللباب ٣ / ٥٥٦.

(١١) في ب : «أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها».

(١٢) انظر التبيان ٢ / ٨٨٨.

(١٣) انظر المرجع السابق.

(١٤) في ب : المجيء.

(١٥) لا يجوز مجيء الحال من المضاف إليه إلا إذا توافر له واحد من أمور ثلاثة :

أ ـ أن يكون المضاف مما يصح عمله في الحال ، كاسم الفاعل والمصدر ونحوهما مما تضمن معنى الفعل نحو : هذا ضارب هند مجردة ، وأعجبني قيام زيد مسرعا ، ومنه قوله تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) [يونس : ٤٠] ، ومنه قول الشاعر :

تقول ابنتي إنّ انطلاقك واحدا

إلى الروع يوما تاركي لا أباليا ـ

٢١٠

ويجوز أن تكون مستأنفة (١). وجوّز أبو البقاء نقلا عن غيره : أن يكون «عصاي» منصوبة بفعل (٢) مقدر ، و«أتوكّأ» هو الخبر (٣). ولا ينبغي أن يقال ذلك.

والتّوكّؤ : التحامل على الشيء ، وهو بمعنى الاتّكاء ، وقد تقدم تفسيره في يوسف (٤) فهما من مادة واحدة ، وذكر هنا ، لاختلاف وزنيهما (٥).

والهشّ بالمعجمة : الخبط (٦) ، يقال : هششت الورق أهشّه أي : خبطته ليسقط ، والمعنى : أخبط بها وأضرب أغصان الشجر ليسقط ورقها على غنمي لتأكله (٧) وأما هشّ يهشّ ـ بكسر العين في المضارع ـ فبمعنى البشاشة وقد قرأ النخعي (٨) بذلك (٩) ، فقيل :

__________________

ـ ب ـ أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه ، نحو قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً) [الحجر : ٤٧].

ف «إخوانا» حال من الضمير المضاف إليه «صدور» ، والصدور جزء من المضاف إليه.

ج ـ أن يكون المضاف مثل جزء المضاف إليه ـ في صحة الاستغناء عنه بالمضاف إليه ـ نحو قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [النحل : ١٢٣] ف (حنيفا) حال من (إبراهيم) والملة كالجزء من المضاف إليه إذ يصحّ الاستغناء بالمضاف إليه عنها. فلو قيل في غير القرآن : أن اتبع إبراهيم حنيفا ، لصحّ.

وادعى المصنف في شرح التسهيل الاتفاق على منع مجيء الحال من المضاف إليه فيما عدا المسائل الثلاث المستثناة نحو : ضربت غلام هند جالسة وتابعه على ذلك ولده في شرحه ، وفيما ادعياه نظر فإن مذهب الفارسي الجواز مطلقا.

قال السيوطي في الهمع : (وجوز بعض البصريين ، وصاحب البسيط مجيء الحال من المضاف إليه مطلقا وخرّجوا عليه (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) [الحجر : ٦٦] ١ / ٢٤٠. وعلى ذلك فكون أتوكّأ حالا من الياء ـ المضاف إليه ـ يجوز على مذهب من جوز مجيء الحال من المضاف إليه مطلقا.

انظر الأشموني ٢ / ١٧٨ ـ ١٧٩.

(١) انظر التبيان ٢ / ٨٨٨.

(٢) ما بين القوسين سقط من ب.

(٣) حيث قال أبو البقاء : (وقيل : هو خبر «هي» و«عصاي» مفعول لفعل محذوف) التبيان ٢ / ٨٨.

(٤) عند قوله تعالى : (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) [يوسف : ٣١] انظر اللباب ٥ / ٢٧ ـ ٢٨.

(٥) يريد أنّ وزن (متكأ) من سورة يوسف (مفتعل) فهو اسم مفعول من (اتّكأ) بخلاف (أتوكأ) هنا فهي على وزن (أتفعّل) مضارع (تفعّل).

(٦) انظر تفسير غريب القرآن ٢٧٨.

(٧) قال أبو عبيدة :(«وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي» أي أخبط بها فأضرب بها ليسقط ورقها على غنمي فتأكله).

مجاز القرآن ٢ / ١٧.

(٨) هو إبراهيم بن يزيد أبو عمران النخعي ، الكوفي ، الإمام المشهور الصالح ، العالم ، الزاهد ، قرأ على الأسود بن يزيد ، وعلقمة بن قيس ، قرأ عليه الأعمش ، وطلحة بن مصرف ، مات سنة ٩٦ ه‍ طبقات القراء ١ / ٢٩ ـ ٣٠.

(٩) أي بكسر الهاء. انظر المحتسب ٢ / ٥٠ ، والقرطبي ١١ / ١٨٦ ، والبحر المحيط ٦ / ٤.

٢١١

هو بمعنى : أهشّ ـ بالضم ـ والمفعول محذوف في القراءتين (١) أي : أهشّ الورق أو الشجر (٢) وقيل : هو في هذه القراءة من هشّ هشاشة إذا مال (٣). وقرأ الحسن وعكرمة : «وأهسّ» بضم الهاء والسين المهملة (٤) وهو السّوق ، ومنه الهسّ (والهسّاس) (٥)(٦) وعلى هذا فكان (٧) ينبغي أن يتعدى بنفسه ، ولكنه ضمّن معنى (٨) ما يتعدى بعلى وهو أقوم (وأهون) (٩)(١٠).

ونقل ابن خالويه عن النخعي أنه قرأ «وأهسّ» بضم الهمزة وكسر الهاء من (أهسّ) رباعيا بالمهملة (١١). ونقلها عنه الزمخشري بالمعجمة (١٢) ، فيكون عنه قراءتان (١٣) ونقل صاحب اللوائح (١٤) عن مجاهد وعكرمة «وأهش» بضم الهاء وتخفيف الشين ، قال ولا أعرف لها وجها إلا أن يكون قد استثقل التضعيف مع تفشي الشين فخفف (١٥) ، وهي بمعنى قراءة العامة (١٦).

وقرأ بعضهم : «غنمي» (بسكون النون (١٧)) (١٨) ، وقرىء «عليّ» بتشديد الياء (١٩) والمآرب : جمع مأربة ، وهي الحاجة وكذلك الإربة (٢٠) أيضا (٢١). وفي (راء) المأربة الحركات الثلاث(٢٢).

__________________

(١) في الأصل : القراءة. وهو تحريف.

(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٤.

(٣) انظر المحتسب ٢ / ٥٠ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٤.

(٤) انظر المختصر (٨٧) ، المحتسب ٢ / ٥٠ ، البحر المحيط ٦ / ٢٢٤.

(٥) الهسّ : زجر الغنم ، فمعنى أهسّ : أسوق ، ورجل هسّاس : أي سوّاق ، انظر : المحتسب ٢ / ٥١.

(٦) ما بين القوسين سقط من ب.

(٧) في ب : كان.

(٨) معنى : سقط من ب.

(٩) المحتسب ٢ / ٥١.

(١٠) ما بين القوسين في الأصل : أهول.

(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٤.

(١٢) قال الزمخشري : (وفي قراءة النخعي : «أهشّ» وكلاهما من هشّ الخبز : إذا كان ينكسر لهشاشته) الكشاف ٢ / ٤٣٠.

(١٣) أهسّ بضم الهمزة وكسر الهاء وبالمهملة ، أهشّ بالمعجمة وضم الهمزة وكسر الهاء من أهسّ أو أهشّ رباعيا ، وهناك قراءة ثالثة معزوة إلى النخعي أيضا وهي : وأهش بفتح الهمزة وكسر الهاء وبالمعجمة من هشّ ثلاثيا. انظر المحتسب ٢ / ٥٠ والبحر المحيط ٦ / ٢٣٤.

(١٤) هو عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن أبو الفضل الرازي العجلي ، الإمام المقرىء وشيخ الإسلام الثقة الورع. ومن مؤلفاته جامع الوقوف واللوامح وغيرهما ، قرأ القرآن على أبي الحسن الحمامي ، وأحمد بن يحيى ، وغيرهما ، مات سنة ٤٥٤ ه‍ طبقات القراء ١ / ٣٦١ ـ ٣٦٣.

(١٥) في ب : قد استعمل الضعيف مع الشين فخفف وهو تحريف.

(١٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٤.

(١٧) البحر المحيط ٦ / ٢٣٥.

(١٨) ما بين القوسين في ب : بسكون النون ولا ينفاين. وهو تحريف.

(١٩) أي : بإيقاع الفعل على الغنم. انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٥.

(٢٠) في ب : اربة.

(٢١) الإربة والإرب : الحاجة ، وفيه لغات : إرب وإربة وأرب ومأربة ومأربة اللسان (أرب).

(٢٢) انظر القرطبي ١١ / ١٨٧.

٢١٢

وإنما قال : «مآرب» ، لأن «مآرب» في معنى جماعة ، فكأنه قال جماعة من الحاجات أخرى ، ولم يقل أخر لرؤوس الآي (١) (و«أخرى») (٢) كقوله : (الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(٣) وقد تقدّم قريبا(٤).

قال أبو البقاء : ولو قال (٥) : أخر لكان (٦) على اللفظ (٧). يعني أخر كقوله : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(٨) بضم (٩) الهمزة وفتح الخاء واللفظ (١٠) لفظ الجمع. ونقل (١١) الأهوازي (١٢) عن شيبة (١٣) والزهري (١٤) : مارب» قال : بغير همز كذا أطلق والمراد بغير همز محقق بل مسهل بين بين وإلا فالحذف بالكلية شاذ (١٥).

فصل

قيل (١٦) : كما قال : (هِيَ عَصايَ) فقد تم الجواب إلا أنه عليه‌السلام (١٧) ذكر الوجوه الأخر ، لأنه (١٨) كان يحب المكالمة مع ربه تعالى (١٩) ، فجعل ذلك كوسيلة إلى تحصيل هذا الغرض (٢٠).

__________________

(١) قال الزجاج : (وجاء «أخرى» على لفظ الواحدة ، لأن مآرب في معنى جماعة فكأنها جماعات من الحاجات أخرى ، فلو جاءت أخر كان صوابا) معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٣٥٥. وقال أبو حيان : (وعامل المآرب وإن كان جمعا معاملة الواحدة المؤنثة فأتبعها صفتها في قوله : «أخرى» ولم يقل أخر رعيا للفواصل ، وهو جائز في غير الفواصل ، وكان أجود وأحسن في الفواصل) البحر المحيط ٦ / ٢٣٥.

(٢) ما بين القوسين سقط من ب.

(٣) من قوله تعالى : «اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» [طه : ٨].

(٤) قبل صفحات.

(٥) في الأصل : قيل.

(٦) في ب : كان.

(٧) انظر التبيان ٢ / ٨٨٨.

(٨) من الآية : (١٨٤ ، ١٨٥) من سورة البقرة.

(٩) ما بين القوسين سقط من الأصل.

(١٠) في الأصل : وباللفظ وهو تحريف.

(١١) ونقل : سقط من ب.

(١٢) هو الحسن بن علي بن إبراهيم الأستاذ أبو علي الأهوازي صاحب المؤلفات شيخ القراء في عصره ، قرأ على إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري وقرأ عليه أبو علي الحسن بن قاسم الهذلي وغيرهما مات سنة ٤٤٦ ه‍ طبقات القراء ١ / ٢٢٠ ـ ٢٢٢.

(١٣) هو شيبة بن عمرو بن ميمون المصيصي ، روى القراءة عن حماد بن سلمة عن عاصم ، روى القراءة عنه عيسى بن مهران القومسي. طبقات القراء ١ / ٣٢٩.

(١٤) هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب أبو بكر الزهري ، المدني ، تابعي وردت عنه الرواية في حروف القرآن ، قرأ على أنس بن مالك ، روى عن عبد الله بن عمر ، وعن أنس بن مالك ، وعرض عليه نافع بن أبي نعيم ، وروى عنه مالك بن أنس وغيره مات سنة ١٠٥ ه‍ طبقات القراء ٢ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣.

(١٥) لأن كل همزة مفتوحة كانت قبلها فتحة فإنك تجعلها إذا أردت تخفيفها بين الهمزة والألف الساكنة وتكون بزنتها مخففة ، غير أنك تضعف الصوت ولا تتمه وتخفي لأنك تقربها من هذه الألف الكتاب ٣ / ٤١ ه‍ ٥٤٢ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٥.

(١٦) قيل : سقط من ب.

(١٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٨) في ب : إلا أنه.

(١٩) تعالى : سقط من ب.

(٢٠) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٦.

٢١٣

(أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها) التوكّؤ والاتّكاء واحد كالتوقي والاتقاء. أي أعتمد عليها إذا عييت ، أو وقفت على رأس القطيع (١)(وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي) أي : أضرب أغصان الشجر ليسقط ورقها على الغنم (فتأكله) (١)(٢).

(وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) أي حوائج ومنافع ، وإنما أجمل في المآرب رجاء أن يسأله ربه عن تلك (٣) المآرب ، فيسمع كلام الله مرة أخرى ، ويطول أمر المكالمة بسبب (ذلك) (٤)(٥).

قال (٦) وهب (٧) : كانت ذات شعبتين (ومحجن ، فإذا طلب ثمر الشجرة جناه بالمحجن ، فإذا حاول كسره لواه بالشعبتين) (٨). فإذا سار وضعها على عاتقه يعلق عليها أداته من القوس والكنانة والثياب ، وإذا كان في البرية ركزها (٩) وألقى عليها كساء (١٠) فكان ظلا.

وقيل : كان فيها من المعجزات أنه كان يستقي بها فتطول طول البئر ، وتصير شعبتاها دلوا ، ويصيران شمعتين (١١) في الليل وإذا ظهر عدو حاربت عنه ، وإذا اشتهى ثمرة ركزها فأورقت وأثمرت ، وكان يحمل عليها زاده وماءه (١٢) وكانت يابسة (١٣) ويركزها فينبع الماء ، وإذا رفعها نضب (١٤) ، وكانت تقيه الهوام (١٥)(١٦) قال مقاتل : كان اسمها نبعة (١٧).

وروي عن ابن عبّاس : أنها كانت تماشيه وتحدثه (١٨).

قال الله تعالى : (أَلْقِها يا مُوسى) أي انبذها.

قال وهب : ظن موسى أنه يقول أرفضها «فألقاها» على وجه الأرض ثم نظر إليها (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) صفراء أعظم ما تكون من الحيات تمشي بسرعة (١٩) لها عرف

__________________

(١) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٦.

(١) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٦.

(٢) ما بين القوسين في ب : فتأكل.

(٣) في ب : ذلك.

(٤) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٧.

(٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(٦) في ب : فصل وقال.

(٧) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢.

(٨) ما بين القوسين سقط من ب.

(٩) الركز : غرزك شيئا منتصبا كالرّمح ونحوه ، تركزه ركزا في مركزه ، وقد ركزه يركزه ويركزه ركزا وركّزه : غرزه في الأرض. اللسان (ركز).

(١٠) في ب : شعبتاها. وهو تحريف.

(١١) في ب : شمعتان. وهو تحريف.

(١٢) في ب : وكان يحمل زاده وماؤه.

(١٣) في ب : بالية. وهو تحريف.

(١٤) في ب : نصب. وهو تصحيف.

(١٥) الهوامّ : ما كان من خشاش الأرض نحو العقارب وما أشبهها الواحدة هامة لأنها تهمّ ، أي : تدب ، وهميمها دبيبها. والهوامّ : الحيّات وكل ذي سم يقتل سمّه. اللسان (همم).

(١٦) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٧.

(١٧) انظر البغوي : ٥ / ٤١٦.

(١٨) المرجع السابق.

(١٩) انظر البغوي ٥ / ٤١٧.

٢١٤

كعرف الفرس ، وكان بين لحييها أربعون ذراعا ، صارت شعبتاها شدقين لها والمحجن عنقا (١) يهتز ، وعيناها متقدان كالنار ، وتمر بالصخرة (٢) العظيمة مثل الخلفة (٣) من الإبل فتلتقمها (٤) ، وتقصف الشجرة العظيمة بأنيابها ، ويسمع لأسنانها (صريف (٥) عظيم) (٦)(٧).

وهذا خارق عظيم وبرهان قاطع على أن الذي يكلمه هو الذي يقول للشيء كن فيكون.

فصل

والحكمة (٨) في قلب العصا حيّة في ذلك الوقت من وجوه :

أحدها (٩) : لتكون معجزة لموسى ـ عليه‌السلام ـ يعرف بها نبوة نفسه ، لأنه عليه‌السلام (١٠) ـ إلى هذا الوقت ما سمع إلا النداء. والنداء (١١) وإن كان مخالفا للعادات إلا أنه لم يكن معجزا ، لاحتمال أن يكون ذلك من عادات (١٢) الملائكة أو الجن ، فقلب العصا حيّة ليكون دليلا قاهرا (١٣) على الممعجزة.

الثاني : أنه تعالى عرضها عليه (١٤) ليشاهدها أولا ، فإذا شاهدها عند فرعون لا يخافها.

وثالثها (١٥) : أنه كان راعيا فقيرا ثم نصّب للمنصب العظيم فلعله بقي يتعجب (١٦) من ذلك ، فقلب العصا حيّة تنبيّا على أني لما قدرت على ذلك ، فكيف يستبعد مني نصرة مثلك في إظهار الدين(١٧).

فإن قيل : كيف قال ههنا «حيّة» وفي موضع آخر «جان» (١٨) وهو الحية الخفية الصغيرة ، وقال في موضع (١٩) «ثعبان» (٢٠) وهو أكبر ما يكون من الحيات؟.

فالجواب : أن الحيّة اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والصغير والكبير (٢١) وأما

__________________

(١) في ب : عنقا وعرفا.

(٢) في ب : بالهجوة. وهو تحريف.

(٣) الخلفة : ما علق خلف الراكب.

(٤) في ب : فتلفها. وهو تحريف.

(٥) الصريف : صوت الأنياب والأبواب. اللسان (صرف).

(٦) البغوي ٥ / ٤١٧.

(٧) في النسختين : صريفا عظيما.

(٨) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٨.

(٩) في ب : الأول.

(١٠) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١١) والنداء : سقط من الأصل.

(١٢) في ب : عادة.

(١٣) في ب : قاطعا.

(١٤) في ب : عرض عليها. وهو تحريف.

(١٥) في ب : الثالث.

(١٦) في ب : متعجب.

(١٧) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٨.

(١٨) في قوله تعالى : «كَأَنَّها جَانٌ» [النمل : ١٠] ، [القصص : ٣١].

(١٩) في ب : في آخر.

(٢٠) في قوله تعالى :«فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ» [الأعراف : ١٠٧][الشعراء : ٣٢].

(٢١) في ب : الصغيرة والكبيرة. وهو تحريف.

٢١٥

الجانّ (١) فقيل : عبارة عن ابتداء حالها فإنها (٢) كانت حيّة على قدر العصا ثم تورمت وتزايدت وانتفخت حتى صارت ثعبانا.

وقيل : كانت في عظم الثعبان (٣) وسرعة الجانّ لقوله تعالى : (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ)(٤)(٥).

(و«تسعى») (٦) يجوز أن تكون خبرا ثانيا (٧) عند من يجوز ذلك ويجوز أن تكون صفة ل «حيّة» فلما عاين موسى ذلك «ولّى مدبرا» (٨) ، وهرب ثم ذكر ربه فوقف استحياء فنودي : «خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها» (وهيئتها) (٩) «الأولى» أي نردها عصا كما كانت. قوله : «سيرتها» في نصبها (١٠) أوجه :

أحدها : أن تكون منصوبة على الظرف ، أي في سيرتها أي : طريقتها (١١).

الثاني : أن تكون (١٢) منصوبة على البدل من «ها» (١٣) ، «سنعيدها» بدل اشتمال لأن السيرة الصفة ، أي سنعيدها صفتها وشكلها (١٤).

الثالث : أنها منصوبة على إسقاط الخافض أي : إلى سيرتها (١٥).

قال الزمخشري (١٦) : ويجوز أن يكون مفعولا من عاد أي عاد إليه ، فيتعدى لمفعولين ، ومنه بيت زهير :

٣٦٥٢ ـ وعادك أن تلاقيها عداء (١٧)

__________________

(١) الجانّ : سقط من ب.

(٢) في الأصل : فإنه. وهو تحريف.

(٣) في ب : كانت من أعظم الحيات أو في أعظم الثعبان. وهو تحريف.

(٤) [النمل : ١٠] ، [القصص : ٣١].

(٥) انظر البغوي ٥ / ٤١٧ ، الفخر الرازي ٢٢ / ٢٨.

(٦) ما بين القوسين سقط من ب.

(٧) انظر التبيان ٢ / ٨٨٨.

(٨) من قوله تعالى : «فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً» [النمل : ١٠][القصص : ٣١].

(٩) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٠) في ب : نصبه.

(١١) انظر الكشاف ٢ / ٤٣١.

ورده أبو حيان فقال في البحر المحيط بعد ما ذكر قول الزمخشري في جواز نصب (سيرتها) على الظرف : (وسيرتها وطريقتها ظرف مختص فلا يتعدى إليه الفصل على طريقة الظرفية إلا بواسطة (في) ولا يجوز الحذف إلا في ضرورة أو فيما شذت فيه العرب) ٦ / ٢٣٦.

(١٢) في ب : أنها.

(١٣) في ب : قوله. وهو تحريف.

(١٤) ذكر هذا الوجه أبو البقاء. انظر التبيان ٢ / ٨٨٨ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٦.

(١٥) قاله الحوفي. قال أبو حيان (واختلفوا في إعراب سيرتها. فقال الحوفي : مفعول ثان ل (سنعيدها) على حذف الجار مثل «وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ» يعني : إلى سيرتها) البحر المحيط ٦ / ٢٣٥ ، ٢٣٦. وانظر التبيان ٢ / ١٤١.

(١٦) الكشاف ٢ / ٤٣١. بتصرف ، وهو بلفظه في البحر المحيط ٦ / ٢٣٦.

(١٧) هذا عجز بيت من بحر الوافر قاله زهير ، وصدره : فصرم حبلها إذ صرفته وهو في شرح الديوان (٦٢) ، الكشاف ٢ / ٤٣١ ، اللسان (عدا) والبحر المحيط ٦ / ٢٣٦. ورواية شرح الديوان : العداء والشاهد فيه تعدي (عاد) إلى مفعولين وهما ضمير المخاطب و(أن تلاقيها).

٢١٦

وهذا هو (معنى قول من قال : إنه على إسقاط (إلى) و) (١) كان قد جوّز أن يكون ظرفا كما تقدّم (٢) ، إلا أن أبا حيّان ردّه بأنّه ظرف مختص فلا يصل إليه الفعل إلا بواسطة (في) (٣) إلا فيما (شذ (٤). والسيرة) (٥) فعلة تدل على الهيئة من السّير كالركبة من الركوب (٦) ، ثم اتسع فعبر بها عن المذهب والطريقة ، قال خالد الهذلي (٧) :

٣٦٥٣ ـ فلا تغضبن من سيرة أنت سرتها

فأوّل راض سيرة من يسيرها (٨)

وجوّز (٩) أيضا أن ينتصب بفعل مضمر ، أي : يسير سيرتها الأولى ، وتكون هذه الجملة المقدرة في محل نصب على الحال ؛ أي : سنعيدها (١٠) سائرة سيرتها (١١).

فإن قيل (١٢) : لمّا نودي يا موسى ، وخصّ بتلك الكرامات العظيمة وعلم أنه مبعوث من عند الله تعالى إلى الخلق فلماذا (١٣) خاف؟ فالجواب من وجوه :

__________________

(١) ما بين القوسين سقط من ب. وفيه : الذي.

(٢) انظر الكشاف ٢ / ٤٣١. قال الزمخشري : (فيجوز أن ينتصب على الظرف ، أي سنعيدها في طريقتها الأولى ، أي في حال ما كانت عصا).

(٣) في : سقط من الأصل.

(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٦.

(٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(٦) اسم الهيئة : اسم يدل على نوع من الحدث ، وضرب منه له صفة خاصة ، وقياسه من الثلاثي على (فعلة) بكسر الفاء وسكون العين نحو جلسة.

فإذا كان المصدر العام على (فعلة) بكسر الفاء دلّ على الهيئة بالوصف. نحو نشدة عظيمة. ومن غير الثلاثي يؤتى بالمصدر العام موصوفا نحو : أسرع إسراعا شديدا. انظر التبيان في تصريف الأسماء ٥٥ ـ ٥٦.

(٧) هو خالد بن زهير الهذلي ، أحد بني مازن بن معاوية (سعد بن هذيل) عارض زواج ابن عمه أبي ذؤيب الهذلي ، فوقع في معركة بالهجاء معه ، ومع معقل بن خويلد الهذلي ، التقى خالد بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان عند وفاته مقيما بالمدينة ، رثاه أبو خراش بقصيدة. تاريخ التراث العربي ، فؤاد سزكين ٢ / ٢٦٥.

(٨) البيت من بحر الطويل قاله خالد الهذلي ، اللسان (سير) ، والشاهد فيه أنه عبر عن المذهب والطريقة بالسيرة اتساعا ، لأن (سيرة) على فعلة تدل على الهيئة.

ورواية الديوان :

فلا تجزعن من سنة أنت سرتها

وأول راضي سنة من يسيرها

وقد تقدم.

(٩) أي الزمخشري.

(١٠) في ب : نعيدها.

(١١) قال الزمخشري : (ووجه ثالث حسن ، أن يكون سنعيدها مستقلا بنفسه غير متعلق بسيرتها بمعنى : أنها أنشئت أول ما انشئت عصا ، ثم ذهبت وبطلت بالقلب حية ، فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشأناها أولا ، ونصب (سيرتها) بفعل مضمر أي : تسير سيرتها الأولى أي سنعيدها سائرة سيرتها الأولى حيث كنت تتوكأ عليها ، ولك فيها المآرب التي عرفتها) الكشاف ٢ / ٤٣١.

(١٢) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٨ ـ ٢٩.

(١٣) في ب : فلما.

٢١٧

أحدها : أن ذلك الخوف كان من نفرة (١) الطبع لأنه ـ عليه‌السلام (٢) ـ ما شاهد مثل ذلك قط ، وهذا معلوم بدلائل العقول. قال أبو القاسم الأنصاري (٣) : وذلك الخوف من أقوى الدلائل على صدقه في النبوة ، لأن الساحر يعلم أن الذي أتى به تمويه فلا يخافه البتة.

وثانيها (٤) : خاف لأنه عليه‌السلام (٥) عرف ما لقي آدم منها.

وثالثها : أن مجرد قوله : (وَلا تَخَفْ) لا يدل على حصول الخوف كقوله : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ)(٦) لا يدل على وجود تلك الطاعة ، لكن قوله : (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً)(٧) يدل عليه (٨).

فصل

قال المفسرون : كان على (٩) موسى (١٠) مدرعة من صوف قد خللها (١١) بعيدان (١٢). فلما قال له : «خذها» لف طرف المدرعة على يده ، فأمره الله أن يكشف يده ، فكشف. وقيل : إن ملكا قال : أرأيت لو أذن الله بما تحاذره أكانت المدرعة تغني عنك شيئا؟ فقال : لا ولكني ضعيف ، ومن ضعف خلقت (١٣) ، فكشف (١٤) يده ، ثم وضعها في فم الحية فإذا هي عصا كما كانت ، ويده في شعبتيها في الموضع الذي يضعها إذا توكّأ (١٥). واعلم إن إدخاله يده في فم الحية من غير ضرر معجزة وانقلابها خشبا معجز آخر ، وانقلاب العصا حيّة معجز آخر ، ففيها توالي معجزات مع المآرب (١٦) التي تقدمت.

قوله تعالى : (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى)(٢٣)

قوله : (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ) لا بد هنا من حذف والتقدير : واضمم يدك تنضم

__________________

(١) في ب : نفر. وهو تحريف.

(٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٣) سلمان بن ناصر بن عمران أبو القاسم الأنصاري النيسابوري ، الفقيه الصوفي إمام الحرمين ، كان بارعا في الأصول ، وصنف في التفسير ، وشرح الإرشاد لشيخه سمع الحديث من عبد الغفار الفارسي وكريمة المروذية وغيرهما مات سنة ٥١٢ ه‍. طبقات المفسرين للسيوطي ٥٢ ، طبقات المفسرين للداودي ١ / ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٤) في ب : والثاني.

(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٦) [الأحزاب : ١ ، ٤٨].

(٧) [النمل : ١٠] ، [القصص : ٣١].

(٨) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٨ ـ ٢٩.

(٩) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٤١٨.

(١٠) في ب : موسى عليه الصلاة والسلام.

(١١) في الأصل : فدخلها ، وفي ب : قد خلها. وهو تحريف.

(١٢) بعيدان : سقط من ب.

(١٣) في ب : خفت. وهو تحريف.

(١٤) في ب : ثم كشف.

(١٥) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٥ / ٤١٨.

(١٦) في ب : والمآرب.

٢١٨

وأخرجها تخرج ، فحذف من الأول والثاني وأبقى مقابليهما ليدلان على ذلك (١) إيجازا واختصارا وإنما احتيج إلى هذا ، لأنه لا (٢) يترتب على مجرد الضم الخروج (٣). وقوله : «بيضاء» حال من فاعل تخرج(٤).

قوله : (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) يجوز أن يكون متعلقا ب «تخرج» (٥) وأن يكون متعلقا ب «بيضاء» لما فيها من معنى الفعل نحو ابيضت من غير سوء (٦). (ويجوز) (٧) أن يكون متعلقا بمحذوف على أنه حال من الضمير في «بيضاء» (٨).

وقوله : (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) يسمى عند أهل البيان الاحتراس ، وهو أن يؤتى بشيء يرفع توهم من يتوهم غير المراد ، وذلك أن البياض قد يراد به البرص (٩) والبهق (١٠) فأتى بقوله : (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) نفيا لذلك (١١).

قوله : «آية» فيها أوجه :

أحدها : أن يكون حالا ، أعني أنها بدل من «بيضاء» الواقعة حالا (١٢).

الثاني : أنها حال من الضمير في «بيضاء» (١٣).

الثالث : أنها حال من (الضمير في) (١٤) الجار والمجرور (١٥).

والرابع : أنها منصوبة بفعل محذوف (١٦) ، فقدره أبو البقاء : جعلناها آية ، (أو آتيناك) (١٧) آية (١٨). وقدره الزمخشري : خذ آية ، وقدر أيضا : دونك آية (١٩). ورد أبو

__________________

(١) في ب : تلك.

(٢) في ب : لما. وهو تحريف.

(٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٦.

(٤) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٦٦ ، البيان ٢ / ١٤١ ، التبيان ٢ / ٨٨٩.

(٥) انظر التبيان ٢ / ٨٨٩.

(٦) انظر الكشاف ١ / ٤٣١ ، القرطبي ١١ / ١٩١ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٦.

(٧) ما بين القوسين سقط من ب.

(٨) انظر التبيان ٢ / ٨٨٩ ، وجوز الحوفي وأبو البقاء أن يكون (من غير سوء) نعتا ل (بيضاء) والعامل فيه الاستقراء. التبيان ٢ / ٨٨٩ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٣٦.

(٩) البرص : داء معروف ، وهو بياض يقع في الجسد. اللسان (برص).

(١٠) البهق : بياض دون البرص. اللسان (بهق).

(١١) انظر الإيضاح (٢٠٣).

(١٢) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٥٦٦ البيان ٢ / ١٤١ ، التبيان ٢ / ٨٨٩.

(١٣) انظر التبيان ٢ / ٨٨٩.

(١٤) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٥) انظر التبيان ٢ / ٨٨٩.

(١٦) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٥٦٦ الكشاف ٢ / ٤٣١ ، البيان ٢ / ١٤١ ، التبيان ٢ / ٨٨٩.

(١٧) ما بين القوسين في ب : وقدرناها آية وأتيناها. وهو تحريف.

(١٨) التبيان ٢ / ٨٨٩.

(١٩) قال الزمخشري : (وفي نصب (آية) وجه آخر ، وهو أن يكون بإضمار نحو : خذ ، دونك ، وما أشبه ذلك ، حذف لدلالة الكلام) الكشاف ٢ / ٤٣١.

٢١٩

حيان هذا ، لأن ذلك من باب الإغراء (١) ، ولا يجوز إضمار الظروف في الإغراء (٢). قال : لأن العامل حذف وناب هذا مكانه ، فلا (٣) يجوز أن (٤) يحذف النائب أيضا (٥) ، وأيضا فإن أحكامها تخالف العامل الصريح ، فلا يجوز إضمارها وإن جاز إضمار الأفعال (٦).

فصل

يقال (٧) لكل ناحيتين : جناحان (٨) كجناحي (٩) العسكر لطرفيه ، وجناحا (١٠) الإنسان جانباه والأصل المستعار منه جناحا الطائر ، لأنه يجنحها عند الطيران.

وجناحا الإنسان عضداه (١١) أي : اضمم يدك إلى إبطك تخرج بيضاء نيرة مشرقة من غير سوء وعن ابن عباس : (إِلى جَناحِكَ) أي إلى صدرك.

والأول أولى ، لأن يدي (١٢) الإنسان يشبهان جناحي الطائر ، ولأنه قال : (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) ولو كان المراد بالجناح الصدر لم يكن لقوله «تخرج» معنى. ومعنى ضم اليد إلى الجناح ما قاله (١٣) في آية أخرى (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ)(١٤) ، لأنه إذا أدخل يده في جيبه كان كأنه قد ضم (١٥) يده إلى جناحه.

والسوء : الرداءة والقبح (١٦) في كل شيء ، وكنّى به عن البرص كما كنّى عن العورة

__________________

(١) الإغراء : تنبيه المخاطب على أمر محمود ليفعله. شرح الأشموني ٣ / ١٨٨.

(٢) في ب : ولا يجوز الظرف أن يكون مضمرا في الإغراء.

(٣) في ب : ولا.

(٤) أن : مكررة في الأصل.

(٥) أيضا : سقط من ب.

(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٣٦. ورد أبو حيان على التقدير الثاني وهو (دونك آية) ، فنص كلام أبي حيان (فأما تقدير (خذ) فسائغ ، وأما (دونك) فلا يجوز ، لأنه اسم فعل من باب الإغراء ، فلا يجوز أن يحذف النائب والمنوب عنه ، ولذلك لم يجر مجراه في جميع أحكامه) البحر المحيط ٦ / ٢٣٦ وابن مالك في شرح الكافية جوز إعمال أسماء الأفعال مضمرة وخرج عليه قول الشاعر :

يا أيّها المائح دلوي دونكا

فجعل (دلوي) مفعولا بدونك مضمرا لدلالة ما بعده عليه ، فإن إضمار اسم الفعل متقدما ما عليه جائز عند سيبويه. شرح الكافية ٣ / ١٣٩٤ ـ ١٣٩٥.

قال سيبويه : (واعلم أنه يقبح : زيدا عليك ، وزيدا حذرك ، لأنه ليس من أمثلة الفعل ، فقبح أن يجري ما ليس من الأمثلة مجراها ، إلا أن تقول : زيدا ، فتنصب بإضمار الفعل ثم يذكر عليك بعد ذلك) الكتاب ١ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣.

(٧) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٣٠.

(٨) في ب : جناحين وهو تحريف.

(٩) في ب : كجناح. وهو تحريف.

(١٠) في ب : وجناح. وهو تحريف.

(١١) في ب : وجناح الإنسان عضده.

(١٢) في ب : لا بد أن. وهو تحريف.

(١٣) في ب : كما قال. وهو تحريف.

(١٤) [النمل : ١٢].

(١٥) في ب : في جيبه يكون قد ضم.

(١٦) القبح : على هامش الأصل.

٢٢٠