وسائل الشيعة - ج ١٧

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

وسائل الشيعة - ج ١٧

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5503-17-5
ISBN الدورة:
964-5503-00-0

الصفحات: ٤٧٩
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

٤٨ ـ باب جواز قبول الولاية من قبل الجائر مع الضرورة والخوف ، وجواز إنفاذ أمره بحسب التقيّة إلّا في القتل المحرم

[ ٢٢٣٤٤ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن الحكم ، عن الحسن بن الحسين الأنباري ، عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : كتبت إليه أربع عشرة سنة أستأذنه في عمل السلطان ، فلمّا كان في آخر كتاب كتبته إليه أذكر أنّي أخاف على خيط عنقي ، وأنّ السلطان يقول لي إنّك رافضي ، ولسنا نشك في أنّك تركت العمل للسلطان للرفض فكتب إلى أبو الحسن ( عليه السلام ) : فهمت كتابك (١) وما ذكرت من الخوف على نفسك ، فإن كنت تعلم أنّك إذا وليت عملت في عملك بما أمر به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثمّ تصير أعوانك وكتابك أهل ملتك وإذا صار إليك شيء واسيت به فقراء المؤمنين حتّى تكون واحداً منهم كان ذا بذا وإلّا فلا.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب نحوه (٢).

[ ٢٢٣٤٥ ] ٢ ـ وبإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال : سُئل أبو عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل مسلم وهو في ديوان هؤلاء وهو يحب آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) ويخرج مع هؤلاء

__________________

الباب ٤٨

فيه ١٠ أحاديث

١ ـ الكافي ٥ : ١١١ / ٤.

(١) في نسخة : كتبك ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦ : ٣٣٥ / ٩٢٨.

٢ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٨ / ٩٤٤.

٢٠١

في بعثهم فيقتل تحت رايتهم ؟ قال : يبعثه الله على نيّته.

قال : وسألته عن رجل مسكين خدمهم رجاء أن يصيب معهم شيئاً فيغينه الله به فمات في بعثهم ؟ قال : هو بمنزلة الأجير إنّه إنّما يعطي الله العباد على نياتهم.

[ ٢٢٣٤٦ ] ٣ ـ وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق ، عن عمار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) سُئل عن أعمال السلطان يخرج فيه الرجل ؟ قال : لا إلّا أن لا يقدر على شيء يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة ، فإن فعل فصار في يده شيء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت.

[ ٢٢٣٤٧ ] ٤ ـ محمّد بن علي بن الحسين في ( العلل ) وفي ( عيون الأخبار ) عن المظفر بن جعفر بن مظفر العلوي ، عن جعفر بن محمّد بن مسعود العياشي ، عن أبيه ، عن محمّد بن نصير ، عن الحسن بن موسى قال : روى أصحابنا عن الرضا ( عليه السلام ) أنّه قال له رجل : أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون ؟ فكأنه أنكر ذلك عليه.

فقال له أبوالحسن الرضا ( عليه السلام ) : يا هذا أيّما أفضل النبي أو الوصي ؟ فقال : لا بل النبي فقال : أيّما أفضل مسلم أو مشرك ؟ فقال : لا بل مسلم ، قال : فإن العزيز عزيز مصر كان مشركاً وكان يوسف ( عليه السلام ) نبياً ، وإنّ المأمون مسلم وأنا وصي ، ويوسف سأل العزيز أن يوليه حين قال : ( اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) (١) وأنا أُجبرت

__________________

٣ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٠ / ٩١٥ ، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١٠ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٤ ـ علل الشرائع : ٢٣٨ / ٢ ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ١٣٨ / ١.

(١) يوسف ١٢ : ٥٥.

٢٠٢

على ذلك ... الحديث.

[ ٢٢٣٤٨ ] ٥ ـ وعن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت قال : دخلت على عليّ بن موسى الرضا ( عليه السلام ) فقلت له : يا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، إنّ الناس يقولون : إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا ، فقال ( عليه السلام ) : قد علم الله كراهتي لذلك ، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل أخترت القبول على القتل ، ويحهم أما علموا أنّ يوسف ( عليه السلام ) كان نبيّاً رسولاً فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز قال له : ( اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) (١) ، ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإِشراف على الهلاك ، على أنّي ما دخلت في هذا الأمر إلّا دخول خارج منه ، فإلى الله المشتكى وهو المستعان.

[ ٢٢٣٤٩ ] ٦ ـ وعن الحسين بن إبراهيم بن تاتانة (١) ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الصلت الهرويّ قال : إنّ المأمون قال للرضا ( عليه السلام ) : يا ابن رسول الله قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك ، وأراك أحق بالخلافة منّي ، فقال الرضا ( عليه السلام ) : بالعبودية لله عزّ وجلّ أفتخر ، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شرّ الدنيا ، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم ، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عزّ وجلّ.

فقال له المأمون : فإني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأُبايعك ، فقال له الرضا ( عليه السلام ) : إن كانت هذه الخلافة لك

__________________

٥ ـ علل الشرائع : ٢٣٩ / ٣ ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ١٣٩ / ٢ ، وأمالي الصدوق : ٦٨ / ٢.

(١) يوسف ١٢ : ٥٥.

٦ ـ علل الشرائع : ٢٣٧ / ١ ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ١٣٩ / ٣.

(١) في العلل : الحسين بن إبراهيم بن ناتانه ...

٢٠٣

وجعلها الله لك فلا يجوز أن تخلع لباساً ألبسك الله ، وتجعله لغيرك ، وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك.

فقال له المأمون : يا ابن رسول الله لا بدّ لك من قبول هذا الأمر ، فقال : لست أفعل ذلك طائعاً أبداً ، فما زال يجهد به أيّاماً حتّى يئس من قبوله ، فقال له : إن لم تقبل الخلافة ولم تحب مبايعتي لك فكن وليّ عهدي لتكون لك الخلافة بعدي ، فقال الرضا ( عليه السلام ) : والله لقد حدثني أبي ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أني أخرج من الدنيا قبلك مقتولاً بالسم مظلوماً ، تبكي عليّ ملائكة السماء والارض ، وأُدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد ، فبكى المأمون وقال له : يا ابن رسول الله ومن الذي يقتلك أو يقدر على الإِساءة إليك وأنا حيّ ؟ فقال الرضا ( عليه السلام ) : أمّا إنّي لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت ، فقال المامون يا ابن رسول الله إنّما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الأمر عنك ، ليقول الناس : إنّك زاهد في الدنيا ، فقال له الرضا ( عليه السلام ) : والله ما كذبت منذ خلقني الله عز وجل ، وما زهدت في الدنيا للدنيا ، وإني لأعلم ما تريد ، فقال المأمون : وما أُريد ؟ قال : الأمان على الصدق ، قال : لك الأمان قال : تريد أن يقول الناس : إن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه ، أما ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة ؟ قال : فغضب المأمون ، ثم قال : إنك تتلقاني أبداً بما أكرهه ، وقد أمنت سطوتي ، فبالله أُقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلاّ أجبرتك على ذلك ، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك.

فقال الرضا ( عليه السلام ) : قد نهاني الله أن ألقي بيدي إلى التهلكة ، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك ، وأنا أقبل ذلك على أن لا أُولّي أحداً ، ولا أعزل أحداً ، ولا أنقض رسماً ولا سنة ، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً ، فرضي بذلك منه وجعله ولي عهده على كراهية منه ( عليه السلام ) لذلك.

٢٠٤

وفي كتاب ( المجالس ) بهذا السند مثله (٢) ، وكذا الذي قبله.

[ ٢٢٣٥٠ ] ٧ ـ وفي ( عيون الأخبار ) عن علي بن أحمد الدقاق ، عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي ، عن محمّد بن عرفة قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : يا ابن رسول الله ما حملك على الدخول في ولاية العهد ؟ قال : ما حمل جدي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على الدخول في الشورى.

[ ٢٢٣٥١ ] ٨ ـ وعن علي بن عبد الله الوراق ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : والله ما دخل الرضا ( عليه السلام ) في هذا الأمر طائعاً ولقد حمل إلى الكوفة مكرهاً ، ثمّ أشخص منها على طريق البصرة إلى فارس ثم إلى مرو (١).

[ ٢٢٣٥٢ ] ٩ ـ وعن الحسن بن يحيى الحسيني ، عن جدّه يحيى بن الحسن بن جعفر ، عن موسى بن سلمة ، أن ذا الرئاستين الفضل بن سهل خرج ذات يوم وهو يقول : واعجباً لقد رأيت عجباً ، سلوني ما رأيت ، قالوا : وما رأيت أصلحك الله ؟ قال : رأيت أمير المؤمنين يقول لعلي بن موسى قد رأيت أن أُقلدك أمر المسلمين ، وأفسخ ما في رقبتي ، وأجعله في رقبتك.

ورأيت علي بن موسى يقول له : الله الله لا طاقة لي بذلك ولا قوة ، فما رأيت خلافة كانت أضيع منها ، أمير المؤمنين ينفضُّ (١) منها ويعرضها على

__________________

(٢) أمالي الصدوق : ٦٥ / ٣.

٧ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ١٤٠ / ٤.

٨ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ١٤١ / ٥.

(١) فيه أنّه ( عليه السلام ) حمل إلى مرو مُكرهاً وقد مرّ في صلاة المسافر أنّه كان يقصر في الطريق ، ( منه قدّه ).

٩ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ١٤١ / ٦.

(١) في المصدر : يتفصّى.

٢٠٥

علي بن موسى ، وعلي بن موسى يرفضها ويأبى.

[ ٢٢٣٥٣ ] ١٠ ـ سعيد بن هبة الله الراوندي في ( الخرائج والجرائح ) عن محمّد بن زيد الرزامي (١) ، عن الرضا ( عليه السلام ) أنّ رجلاً من الخوارج قال له : أخبرني عن دخولك لهذا الطاغية فيما دخلت له وهم عندك كفار ، وأنت إبن رسول الله ، فما حملك على هذا ؟ فقال له أبو الحسن ( عليه السلام ) أرأيتك هؤلاء أكفر عندك أم عزيز مصر وأهل مملكته ؟ أليس هؤلاء على حال يزعمون أنّهم موحّدون ، وأُولئك لم يوحدوا الله ولم يعرفوه ؟ ويوسف بن يعقوب نبي إبن نبي إبن نبي ، فسأل العزيز وهو كافر فقال : ( اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) (٢) وكان يجلس مجلس الفراعنة ، وإنّما أنا رجل من ولد رسول الله أجبرني على هذا الأمر وأكرهني عليه ما الذي أنكرت ونقمت عليّ ؟ فقال : لا عتب عليك أشهد أنك ابن رسول الله ، وأنّك صادق.

أقول : وتقدّم ما يدلّ على ذلك (٣) ، وعلى وجوب التقية عموماً (٤) ، وتحريمها في القتل (٥).

__________________

١٠ ـ الخرائج والجرائح : ٢٠١.

(١) في المصدر : محمد بن يزيد الرزامي.

(٢) يوسف ١٢ : ٥٥.

(٣) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢ ، وفي الحديثين ٩ ، ١٠ من الباب ٤٥ من هذه الأبواب.

(٤) تقدم في الأبواب ٢٤ ، ٢٥ ، ٢٨ من أبواب الأمر والنهي.

(٥) تقدم في الباب ٣١ من أبواب الأمر والنهي.

٢٠٦

٤٩ ـ باب ما ينبغي للوالي العمل به في نفسه ومع أصحابه ومع رعيته

[ ٢٢٣٥٤ ] ١ ـ روى الشهيد الثاني الشيخ زين الدين في ( رسالة الغيبة ) بإسناده عن الشيخ الطوسي ، عن المفيد ، عن جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه محمّد بن عيسى الأشعري ، عن عبد الله بن سليمان النوفلي قال : كنت عند جعفر بن محمّد الصادق ( عليه السلام ) فإذا بمولى لعبدالله النجاشي قد ورد عليه فسلّم وأوصل إليه كتابه ، ففضه وقرأه وإذا أول سطر فيه بسم الله الرحمن ـ إلى أن قال : ـ إني بليت بولاية الاهواز فإن رأى سيدي ومولاي أن يحد لي حداً أو يمثل لي مثالاً لأستدل به على ما يقربني إلى الله عز وجل وإلى رسوله ، ويلخّص لي في كتابه ما يرى لي العمل به وفيما ابتذله وأين أضع زكاتي وفيمن أصرفها ، وبمن آنس وإلى من أستريح ، وبمن أثق وآمن وألجأ إليه في سري ؟ فعسى أن يخلّصني الله بهدايتك فإنّك حجة الله على خلقه وأمينه في بلاده ، لا زالت نعمته عليك.

قال عبد الله بن سليمان : فأجابه أبو عبد الله ( عليه السلام ) : بسم الله الرحمن الرحيم حاطك الله بصنعه ولطف بك بمنه ، وكلأك برعايته فإنّه ولي ذلك أما بعد فقد جاءني رسولك بكتابك فقرأته ، وفهمت جميع ما ذكرت وسألته (١) عنه ، وزعمت أنّك بليت بولاية الأهواز فسرني ذلك وساءني ، وسأخبرك بما ساءني من ذلك ، وما سرني إن شاء الله ، فأما سروري

__________________

الباب ٤٩

فيه حديث واحد

١ ـ كشف الريبة : ١٢٢ / ١٠. وتقدم وجوب العدل في الباب ٣٨ من أبواب جهاد النفس وتحريم طلب الرئاسة في الباب ٥٠ منها.

ويأتي في الأبواب ١ و ٢ و ٩ و ١٢ من آداب القاضي.

(١) في المصدر : وسألت.

٢٠٧

بولايتك ، فقلت : عسى أن يغيث الله بك ملهوفاً خائفاً من آل محمّد ( عليهم السلام ) ، ويعزّ بك ذليلهم ، ويكسو بك عاريهم ، ويقوى بك ضعيفهم ، ويطفئ بك نار المخالفين عنهم ، وأما الّذي ساءني من ذلك فإنّ أدنى ما أخاف عليك أن تعثر بولي لنا فلا تشم حظيرة القدس ، فإنّي ملخّص لك جميع ما سألت عنه إن أنت عملت به ولم تجاوزه ، رجوت أن تسلم إن شاء الله ، أخبرني يا عبد الله ، أبي ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال : من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لبّه.

واعلم أنّي سأُشير عليك برأي إن أنت عملت به تخلّصت ممّا أنت متخوفه ، واعلم أن خلاصك ممّا بك من حقن الدماء ، وكف الأذى عن أولياء الله ، والرفق بالرعية ، والتأني وحسن المعاشرة مع لين في غير ضعف وشدة في غير عنف ، ومداراة صاحبك ، ومن يرد عليك من رسله ، وارتق فتق رعيتك بأن توقفهم على ما وافق الحق والعدل إن شاء الله ، وإياك والسعاة وأهل النمائم فلا يلتزقن بك أحد منهم ، ولا يراك الله يوماً وليلة وأنت تقبل منهم صرفاً ولا عدلاً ، فيسخط الله عليك ، ويهتك سترك ، واحذر مكر خوز الأهواز فإن أبي أخبرني ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) أنّه قال : إن الإِيمان لا يثبت في قلب يهودي ولا خوزي أبداً.

فأما من تأنس به وتستريح إليه وتلجئ أُمورك إليه فذلك الرجل الممتحن المستبصر الأمين الموافق لك على دينك ، وميّز عوامك وجرّب الفريقين ، فإن رأيت هناك رشداً فشأنك وإياه ، وإياك أن تعطي درهماً أو تخلع ثوباً أو تحمل على دابّة في غير ذات الله لشاعر أو مضحك او ممتزح إلّا أعطيت مثله في ذات الله ، ولتكن جوائزك وعطاياك وخلعك للقواد والرسل والأجناد وأصحاب الرسائل وأصحاب الشرط والأخماس ، وما أردت أن تصرفه في وجوه البر والنجاح والفتوّة والصدقة والحج والمشرب والكسوة الّتي تصلّي فيها وتصل بها والهدية التي تهديها إلى الله عز وجل وإلى رسوله ( صلى الله

٢٠٨

عليه وآله ) من أطيب كسبك.

يا عبد الله ، اجهد ان لا تكنز ذهباً ولا فضة فتكون من أهل هذه الآية : ( الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) (٢) ولا تستصغرن من حلو ولا من فضل طعام تصرفه في بطون خالية تسكن بها غضب الرب تبارك وتعالى.

واعلم أنّي سمعت أبي يحدّث ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) أنّه سمع عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول لأصحابه يوماً : ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعاناً وجاره جائع ، فقلنا : هلكنا يا رسول الله ، فقال : من فضل طعامكم ، ومن فضل تمركم ورزقكم وخلقكم وخرقكم تطفؤون بها غضب الرب.

وسأُنبئك بهوان الدنيا وهوان شرفها على من مضى من السلف والتابعين.

ثم ذكر حديث زهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الدنيا وطلاقه لها ـ إلى أن قال : ـ وقد وجهت إليك بمكارم الدنيا والآخرة عن الصادق المصدّق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فإن أنت عملت بما نصحت لك في كتابي هذا ، ثم كانت عليك من الذنوب والخطايا كمثل أوزان الجبال وأمواج البحار رجوت الله أن يتجافى عنك جلّ وعزّ بقدرته.

يا عبد الله ، إياك أن تخيف مؤمناً فإنّ أبي محمّد بن علي حدّثني عن أبيه ، عن جدّه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنه كان يقول : من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله يوم لا ظلّ إلّا ظلّه ، وحشره في صورة الذر لحمه وجسده وجميع أعضائه ، حتّى يورده مورده.

وحدثني أبي عن آبائه عن علي ( عليه السلام ) ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : من أغاث لهفاناً من المؤمنين أغاثه الله يوم لا ظل إلا ظله

__________________

(٢) التوبة ٩ : ٣٤.

٢٠٩

وآمنه يوم الفزع الأكبر وآمنه من سوء المنقلب ، ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة من إحداها الجنّة ، ومن كسى أخاه المؤمن من عري كساه الله من سندس الجنّة واستبرقها وحريرها ، ولم يزل يخوض في رضوان الله ما دام على المكسو منه سلك ، ومن أطعم أخاه من جوع أطعمه الله من طيبات الجنّة ، ومن سقاه من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ريّه ، ومن أخدم أخاه أخدمه الله من الولدان المخلّدين ، وأسكنه مع أوليائه الطاهرين ، ومن حمل أخاه المؤمن من رجلة حمله الله على ناقة من نوق الجنة ، وباهى به الملائكة المقربين يوم القيامة ، ومن زوّج أخاه المؤمن إمرأة يأنس بها وتشدّ عضده ويستريح إليها زوّجه الله من الحور العين ، وآنسه بمن أحبه من الصديقين من أهل بيت نبيّه وإخوانه وآنسهم به ، ومن أعان أخاه المؤمن على سلطان جائر أعانه الله على إجازة الصراط عند زلّة الأقدام ، ومن زار أخاه إلى منزله لا لحاجة منه إليه كتب من زوار الله ، وكان حقيقاً على الله ان يكرم زائره.

يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن عليّ ( عليه السلام ) أنّه سمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لأصحابه يوماً : معاشر الناس إنه ليس بمؤمن من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه ، فلا تتّبعوا عثرات المؤمنين ، فإنه من تتبّع عثرة مؤمن اتّبع الله عثراته يوم القيامة وفضحه في جوف بيته.

وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن عليّ ( عليهم السلام ) أنه قال : أخذ الله ميثاق المؤمن أن لا يصدق في مقالته ، ولا ينتصف من عدوّه ، وعلى أن لا يشفي غيظه إلّا بفضيحة نفسه ، لأنّ كلّ مؤمن ملجم ، وذلك لغاية قصيرة ، وراحة طويلة ، وأخذ الله ميثاق المؤمن على أشياء أيسرها عليه مؤمن مثله يقول بمقالته يبغيه ويحسده ، والشيطان يغويه ويضله ، والسلطان يقفو أثره ، ويتبع عثراته ، وكافر بالله الذي هو مؤمن به يرى سفك دمه ديناً ، وإباحة حريمه غنماً ، فما بقاء المؤمن بعد هذا.

٢١٠

يا عبد الله ، وحدثني أبي عن آبائه ، عن علي ( عليهم السلام ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : نزل عليّ جبرئيل فقال : يا محمّد إن الله يقرأ عليك السلام ويقول : اشتققت للمؤمن إسماً من أسمائي ، سميته مؤمناً ، فالمؤمن مني وأنا منه ، من استهان مؤمناً فقد استقبلني بالمحاربة.

يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي ( عليهم السلام ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال يوماً : يا علي ، لا تناظر رجلاً حتى تنظر في سريرته فإن كانت سريرته حسنة فإن الله عز وجل لم يكن ليخذل وليه ، فإن تكن سريرته ردية فقد يكفيه مساويه ، فلو جهدت أن تعمل به أكثر ممّا عمل من معاصي الله عزّ وجلّ ما قدرت عليه.

يا عبد الله وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي ( عليهم السلام ) ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال : أدنى الكفر أن يسمع الرجل من أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها ( أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ ) (٤).

يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي ( عليهم السلام ) أنّه قال : من قال في مؤمن ما رأت عيناه ، وسمعت أُذناه ما يشينه ويهدم مروءته فهو من الذين قال الله عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (٥).

يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن عليّ ( عليهم السلام ) قال : من روى عن أخيه المؤمن رواية يريد بها هدم مروءته وثلبه أو بقه الله بخطيئته حتّى يأتي بمخرج مما قال ، ولن يأتي بالمخرج منه أبداً ، ومن أدخل على أخيه المؤمن سروراً فقد أدخل على أهل البيت سروراً ، ومن أدخل على

__________________

(٤) آل عمران ٣ : ٧٧.

(٥) النور ٢٤ : ١٩.

٢١١

أهل البيت سروراً فقد أدخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سروراً ، ومن أدخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سروراً فقد سرّ الله ، ومن سرّ الله فحقيق على الله عز وجلّ أن يدخله جنته.

ثم إني أوصيك بتقوى الله ، وإيثار طاعته ، والاعتصام بحبله ، فإنّه من اعتصم بحبل الله فقد هدي إلى صراط مستقيم ، فاتق الله ولا تؤثر أحداً على رضاه وهواه ، فإنّه وصيّة الله عزّ وجل إلى خلقه لا يقبل منهم غيرها ، ولا يعظم سواها ، واعلم أنّ الخلائق لم يوكلوا بشيء اعظم من التقوى ، فإنّه وصيّتنا أهل البيت ، فان استطعت أن لا تنال من الدنيا شيئاً تُسأل عنه غداً فافعل ،

قال عبد الله بن سليمان : فلما وصل كتاب الصادق ( عليه السلام ) إلى النجاشي نظر فيه ، وقال : صدق والله الذي لا إله إلّا هو مولاي فما عمل أحد بما في هذا الكتاب إلّا نجا ، فلم يزل عبد الله يعمل به أيام حياته.

٥٠ ـ باب عدم جواز التصدق بالمال الحرام إذا عرف أربابه

[ ٢٢٣٥٥ ] ١ ـ الفضل بن الحسن الطبرسي في ( مجمع البيان ) عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ ) (١) إنها نزلت في أقوام لهم أموال من ربا الجاهلية وكانوا يتصدقون منها فنهاهم الله عن ذلك ، وأمر بالصدقة من الحلال الطيّب.

أقول : وتقدّم ما يدلّ على ذلك هنا (٢) ، وفي الصدقة (٣).

__________________

الباب ٥٠

فيه حديث واحد

١ ـ مجمع البيان ١ : ٣٨٠.

(١) البقرة ٢ : ٢٦٧.

(٢) تقدم في الباب ٤ من هذه الأبواب.

(٣) تقدم في الباب ٤٦ من أبواب الصدقة. وفي الحديثين ٥ ، ٦ من الباب ٥٢ من أبواب وجوب الحج.

٢١٢

٥١ ـ باب أن جوائز الظالم وطعامه حلال وإن لم يكن له مكسب إلّا من الولاية إلّا أن يعلم حراماً بعينه ، وأنه يستحب الاجتناب وحكم وكيل الوقف المستحل له

[ ٢٢٣٥٦ ] ١ ـ محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولّاد قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلّا من أعمالهم وأنا أمرّ به فأنزل عليه فيضيفني ويحسن إليّ ، وربما أمر لي بالدرهم والكسوة وقد ضاق صدري من ذلك ؟ فقال لي : كل وخذ منه ، فلك المهنا (١) وعليه الوزر.

ورواه الصدوق أيضاً بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله (٢).

[ ٢٢٣٥٧ ] ٢ ـ وبإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبي المغرا قال : سأل رجل أبا عبد الله ( عليه السلام ) وأنا عنده فقال : أصلحك الله أمرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها ؟ قال : نعم ، قلت : وأحج بها ؟ قال : نعم.

ورواه الصدوق بإسناده عن أبي المغرا مثله وزاد : قال : نعم وحجّ بها (١).

__________________

الباب ٥١

فيه ١٦ حديثاً

١ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٨ / ٩٤٠.

(١) في نسخة من الفقيه : الحظ ( هامش المخطوط ).

(٢) الفقيه ٣ : ١٠٨ / ٤٤٩.

٢ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٨ / ٩٤٢.

(١) الفقيه ٣ : ١٠٨ / ٤٥٠.

٢١٣

[ ٢٢٣٥٨ ] ٣ ـ وعنه ، عن إبن أبي عمير ، عن أبي المغرا ، عن محمّد بن هشام أو غيره قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : أمرّ بالعامل فيصلني بالصلة أقبلها ؟ قال : نعم ، قلت : وأحجّ منها ؟ قال : نعم وحجّ منها.

[ ٢٢٣٥٩ ] ٤ ـ وعنه ، عن فضالة ، عن أبان ، عن يحيى بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) عن أبيه ، أنّ الحسن والحسين ( عليهما السلام ) كانا يقبلان جوائز معاوية.

[ ٢٢٣٦٠ ] ٥ ـ وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن علي بن السندي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، عن محمّد بن مسلم وزرارة قالا : سمعناه يقول : جوائز العمال ليس بها بأس.

[ ٢٢٣٦١ ] ٦ ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي قال : دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) وعنده إسماعيل ابنه ، فقال : ما يمنع إبن أبي السمال (١) أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس ، ويعطيهم ما يعطي الناس ؟ ثم قال لي : لم تركت عطاءك ؟ قال : مخافة على ديني ، قال : ما منع ابن أبي السمال (٢) أن يبعث إليك بعطائك ؟ أما علم أنّ لك في بيت المال نصيباً ؟

[ ٢٢٣٦٢ ] ٧ ـ وعنه ، عن ابن أبي عمير ، عن داود بن رزين قال : قلت لأبي

__________________

٣ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٨ / ٩٤٣.

٤ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٧ / ٩٣٥.

٥ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٦ / ٩٣١.

٦ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٦ / ٩٣٣.

(١ و ٢) في نسخة : ابن أبي السماك ، وفي اُخرىٰ : ابن أبي الشمال ، ( هامش المخطوط ) وفي المصدر : ابن ابي السماك ، في الموضعين.

٧ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٧ / ٩٣٩ ، وأورده في الحديث ١ من الباب ٨٣ من هذه الأبواب.

٢١٤

الحسن ( عليه السلام ) : إنّي أُخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها ، أو الدابّة الفارهة فيبعثون فيأخذونها ، ثم يقع لهم عندي المال ، فلي أن آخذه ؟ قال : خذ مثل ذلك ولا تزد عليه.

وبإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن داود بن رزين (١) مثله.

[ ٢٢٣٦٣ ] ٨ ـ محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن يونس بن يعقوب ، عن عمر أخي عذافر قال : دفع إليّ إنسان ستمائة درهم أو سبعمائة درهم لأبي عبد الله ( عليه السلام ) ، فكانت في جوالقي ، فلما انتهيت إلى الحفيرة جوالقي وذهب بجميع ما فيه ، ووافقت عامل المدينة بها فقال : أنت الذي شق جوالقك فذهب بمتاعك ؟ فقلت : نعم ، قال : إذا قدمنا المدينة فأئتنا حتّى نعوضك قال : فلمّا انتهينا إلى المدينة دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) فقال : يا عمر شقت زاملتك وذهب بمتاعك ؟ فقلت : نعم ، فقال : ما أعطاك الله خير ممّا أخذ منك ـ إلى أن قال : ـ فائت عامل المدينة فتنجز منه ما وعدك ، فإنّما هو شيء دعاك الله إليه لم تطلبه منه.

[ ٢٢٣٦٤ ] ٩ ـ وعن علي بن محمّد وأحمد بن محمّد جميعاً ، عن علي بن الحسن ، عن العباس بن عامر ، عن محمّد بن إبراهيم الصيرفي ، عن محمّد بن قيس بن رمانة (١) قال : دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) فذكرت له بعض حالي ، فقال : يا جارية هاتي ذلك الكيس ، هذه أربعمائة دينار وصلني بها أبو جعفر فخذها وتفرج بها ... بها الحديث.

__________________

(١) في المصدر : زربي.

٨ ـ الكافي ٨ : ٢٢١ / ٢٧٨.

٩ ـ الكافي ٤ : ٢١ / ٧ ، وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٤ من أبواب الصدقة.

(١) في المصدر : مفضل بن قيس بن رمانة.

٢١٥

[ ٢٢٣٦٥ ] ١٠ ـ محمّد بن علي بن الحسين في ( عيون الأخبار ) عن أحمد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله ابن صالح ، عن صاحب الفضل بن الربيع ، عن الفضل بن الربيع ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ إنّ الرشيد بعث إليه بخلع وحملان ومال ، فقال : لا حاجة لي بالخلع والحملان والمال إذا كان فيه حقوق الاُمّة ، فقلت : ناشدتك بالله أن لا تردّه فيغتاظ ، قال : اعمل به ما أحببت.

[ ٢٢٣٦٦ ] ١١ ـ وعنه ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن الحسن المدني ، عن عبد الله بن الفضل ، عن أبيه ـ في حديث ـ إنّ الرشيد أمر بإحضار موسى بن جعفر ( عليه السلام ) يوماً فأكرمه وأتى بها بحقة الغالية ، ففتحها بيده فغلفه بيده ، ثم أمر أن يحمل بين يديه خلع وبدرتان دنانير ، فقال موسى بن جعفر ( عليه السلام ) : والله لولا أنّي أرى من أُزوّجه بها من عزّاب بني أبي طالب لئلّا ينقطع نسله ما قبلتها أبداً.

[ ٢٢٣٦٧ ] ١٢ ـ وعن علي بن عبد الله الوراق والحسين بن إبراهيم المكتب وأحمد بن زياد بن جعفر والحسين بن إبراهيم بن تاتانه وأحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم ومحمّد بن علي ماجيلويه ومحمّد بن موسى بن المتوكل كلهم عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سفيان بن نزار ـ في حديث ـ إنّ المأمون حكى عن الرشيد أنّ موسى بن جعفر ( عليه السلام ) دخل عليه يوماً فأكرمه ، ثم ذكر أنّه أرسل إليه مائتي دينار.

[ ٢٢٣٦٨ ] ١٣ ـ عبد الله بن جعفر الحميري في ( قرب الإِسناد ) عن

__________________

١٠ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ١ : ٧٥ / ٤.

١١ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ١ : ٧٧ / ٥.

١٢ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ١ : ٩١ / ١١.

١٣ ـ قرب الإِسناد : ٤٥.

٢١٦

الحسن بن ظريف ، عن الحسين بن علوان ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) أن الحسن والحسين ( عليهما السلام ) كانا يغمزان معاوية ويقعان فيه ويقبلان جوائزه.

[ ٢٢٣٦٩ ] ١٤ ـ أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في ( الاحتجاج ) عن الحسين ( عليه السلام ) أنّه كتب كتاباً إلى معاوية ، وذكر الكتاب وفيه تقريع عظيم وتوبيخ بليغ ، فما كتب إليه معاوية بشيء يسوؤه ، وكان يبعث إليه في كل سنة ألف ألف درهم سوى عروض وهدايا من كلّ ضرب.

[ ٢٢٣٧٠ ] ١٥ ـ وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنّه كتب إلى صاحب الزمان ( عليه السلام ) يسأله عن الرجل من وكلاء الوقف مستحل لما في يده لا يرع عن أخذ ماله ، ربما نزلت في قريته وهو فيها ، أو أدخل منزله وقد حضر طعامه فيدعوني إليه ، فإن لم آكل طعامه عاداني عليه ، فهل يجوز لي أن آكل من طعامه ، وأتصدّق بصدقة ، وكم مقدار الصدقة ؟ وإن أهدى هذا الوكيل هدية إلى رجل آخر فيدعوني إلى أن أنال منها وأنا أعلم أنّ الوكيل لا يتورع عن أخذ ما في يده ، فهل عليّ فيه شيء إن أنا نلت منها ؟

الجواب : إن كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده فكل طعامه واقبل برّه ، وإلّا فلا (١).

ورواه الشيخ في كتاب ( الغيبة ) بالإِسناد الآتي (٣).

__________________

١٤ ـ الاحتجاج : ٢٩٨.

١٥ ـ الاحتجاج : ٤٨٥.

(١) الحديث الأخير لا ينافي الحديث الأول ، لأن الأخير مخصوص بالوقف الذي لا يدفع حاصله الى الموقوف عليه ، والأول بعمل السلطان الذي فيه ما هو ملك جميع المسلمين ، مثل حاصل الأرض المفتوحة عنوة ، وغيرها ، ومنها ما هو ملك الإِمام وهو الأنفال ، وفيه رخصة للشيعة كما مرّ ( منه. قده ).

(٢) غيبة الطوسي : ٢٣٥.

(٣) يأتي الفائدة الثانية / من الخاتمة برقم (٤٨).

٢١٧

أقول : وتقدّم ما يدلّ على ذلك (٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه (٥).

ولا يخفى أنّ المفروض في الأخير العلم بكون الجميع حراماً ، واشتراط احتمال الإِباحة ليمكن الحكم بها ، حيث إنّ ما في يده وقف على الغير ، والمفروض في الأوّل كونه من عمل السلطان ، ومعلوم أنّ فيه كثيراً من الاقسام المباحة مشترك بين المسلمين ، ويحتمل الكراهة فلا منافاة.

[ ٢٢٣٧١ ] ١٦ ـ أحمد بن محمّد بن عيسى في ( نوادره ) عن أبيه ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : لا بأس بجوائز السلطان.

٥٢ ـ باب جواز شراء ما يأخذ الظالم من الغلّات باسم المقاسمة ، ومن الأموال باسم الخراج ، ومن الأنعام باسم الزكاة

[ ٢٢٣٧٢ ] ١ ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : قال لي أبو الحسن موسى ( عليه السلام ) : مالك لا تدخل مع علي في شراء الطعام إنّي أظنك ضيقاً ، قال : قلت : نعم. فإن شئت وسعت عليّ ، قال : اشتره.

[ ٢٢٣٧٣ ] ٢ ـ وعنه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عطية ، عن زرارة

__________________

(٤) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الحديثين ١ و ٢ من الباب ٤٥ ، وفي الحديث ١٧ من الباب ٤٦ من هذه الأبواب ، وفي الحديث ٦ من الباب ٥٠ من أبواب وجوب الحج.

(٥) يأتي في الحديث ٥ من الباب ٩٠ ، وفي الباب ٥٢ من هذه الأبواب ، وفي الحديث ٤ من الباب ١ من أبواب عقد البيع.

١٦ ـ نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : ١٦٣.

الباب ٥٢

فيه ٦ أحاديث

١ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٦ / ٩٣٢.

٢ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٧ / ٩٣٦.

٢١٨

قال : اشترى ضريس بن عبد الملك وأخوه من هبيرة أُرزاً بثلاثمائة ألف ، قال : فقلت له : ويلك أو ويحك انظر إلى خمس هذا المال ، فابعث به إليه ، واحتبس الباقي فأبى عليّ.

قال : فأدّى المال وقدم هؤلاء ، فذهب أمر بني أُميّة ، قال : فقلت : ذلك لأبي عبد الله ( عليه السلام ) ، فقال مبادراً للجواب : هو له هو له ، فقلت له : إنّه قد أدّاها فعضّ على اصبعه.

[ ٢٢٣٧٤ ] ٣ ـ وعنه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن رجل قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : اشتري الطعام فيجيئني من يتظلم ويقول : ظلمني ، فقال : اشتره.

وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن ابن أبي عمير مثله (١).

[ ٢٢٣٧٥ ] ٤ ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : أشتري من العامل الشيء وأنا أعلم أنّه يظلم ؟ فقال : اشتر منه.

[ ٢٢٣٧٦ ] ٥ ـ محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل منّا يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنم الصدقة وهو يعلم أنّهم يأخذون منهم أكثر من الحقّ الذي يجب عليهم ؟ قال : فقال : ما الإِبل إلّا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتّى تعرف الحرام بعينه.

__________________

٣ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٧ / ٩٣٧.

(١) لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

٤ ـ التهذيب ٦ : ٣٣٧ / ٩٣٨.

٥ ـ الكافي ٥ : ٢٢٨ / ٢.

٢١٩

قيل له : فما ترى في مصدّق يجيئنا فيأخذ منّا صدقات أغنامنا فنقول : بعناها فيبيعناها ، فما تقول في شرائها منه؟ فقال : إن كان قد أخذها وعزلها فلا بأس.

قيل له : فما ترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظّنا ، ويأخذ حظّه فيعزله بكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام منه ؟ فقال : إن كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه من غير كيل.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله (١).

[ ٢٢٣٧٧ ] ٦ ـ أحمد بن محمّد بن عيسى في ( نوادره ) عن أبيه ، قال : سئل أبو عبد الله ( عليه السلام ) عن شراء الخيانة والسرقة ؟ قال : إذا عرفت ذلك فلا تشتره إلّا من العمال.

أقول : وتقدّم ما يدلّ على ذلك (١) ، ويأتي ما يدلّ عليه (٢).

٥٣ ـ باب جواز الشراء من غلات الظالم اذا لم تعلم بعينها حراماً وجواز أكل المار من الثمار ما لم يقصد أو يفسد أو يحمل

[ ٢٢٣٧٨ ] ١ ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، قال : أرادوا بيع تمر عين أبي ابن

__________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٧٥ / ١٠٩٤.

٦ ـ نوادر أحمد بن محمد بن عيسىٰ : ١٦٢.

(١) تقدم في الباب ٥١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٥٣ من هذه الأبواب.

الباب ٥٣

فيه ٣ أحاديث

١ ـ التهذيب ٦ : ٣٧٥ / ١٠٩٢ ، الكافي ٥ : ٢٢٩ / ٥.

٢٢٠