إعجاز القرآن العلمي والبلاغي والحسابي

محمّد حسن قنديل

إعجاز القرآن العلمي والبلاغي والحسابي

المؤلف:

محمّد حسن قنديل


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار ابن خلدون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٠٢

الفصل الثالث

الإحصاء القرآنى

٢٦١
٢٦٢

الإحصاء القرآنى

إن القرآن الكريم بالفعل قد فصله الله تعالى تفصيلا فآياته تحتوى الإعجاز البلاغى ... ، والعلمى ... ، والرياضى ... ، وقد أخبرنا سبحانه وتعالى بأنه قد علم كل شىء ، وفصل كل شىء ، وأحصى كل شىء عددا ... ، وقد أورد الدكتور عبد الرازق نوفل فى كتابه عن الإعجاز العددى فى القرآن الكريم ، أن كلمة إبليس وردت ١١ مرة والاستعادة منه بمشتقاتها وردت ١١ مرة أيضا ... ، وكلمة الكافرون وردت ١٥٤ مرة وكلمتى النار والحريق بمشتقاتها وردا ١٥٤ مرة ... ، وجاء لفظ المسلمون بمشتقاته ٤١ مرة أيضا وتكرر لفظ الضالون بمشتقاته ٧٥ مرة والشكر بمشتقاته ٧٥ مرة ... ، وتكرر لفظ الإنفاق ٧٣ مرة والرضا أيضا بمشتقاته ٧٣ ... ، وأيضا كلمة الدنيا وردت ١١٥ مرة وكذلك الآخرة ١١٥ مرة ... ، وكلمة الحياة ١٤٥ مرة ، وكذلك الموت ١٤٥ مرة ، وكلمة السحر وردت ٦٠ مرة وكلمة البركة ٣٢ مرة ... ، وكلمة العقل وردت ٤٩ مرة ، وكلمة النور ٤٩ مرة أيضا ... ، وكلمة اللسان ٢٥ مرة وكلمة الموعظة ٢٥ مرة ... ، وكلمة الشهر وردت ١٢ مرة بعدد وردات القمر المتمايزة وكلمة اليوم وردت ٣٦٥ مرة بعدد أيام السنة وكلمة البر وردت ١٣ مرة ... ، وكلمة البحر وردت ٣٢ مرة وهى أرقام تعكس نسبة اليابسة إلى الماء كما أشرنا من قبل ... ، فسبحان من أنزل هذا القرآن بهذا التفصيل وصلى الله وسلم على من أنزل عليه فبلغ كما أوحى إليه ربه. إنه الإعجاز المبهر فى عصرنا حيث صارت لغة الأرقام هى الغالبة مع تقدم علوم الكمبيوتر والحسابات ... ، لقد تساوى مجموع ذكر كلمات الرسل والنبيين والمبشرين والمنذرين ومجموع ذلك ٥١٨ مرة وبجمع أرقام ذكر كل رسول على حده كان الناتج ٥١٨ مرة ولقد تساوى ذكر المصير والأبد واليقين فوردت كل كلمة ٢٨ مرة أى أنه لا بدّ من الثبات واليقين الدائم ليكون المصير هو النعيم الأبدى والعكس صحيح ... ، ولقد تكرر الجزاء بمشتقاته ١١٧ مرة وذكرت المغفرة بمشتقاتها ٢٣٤ أى أن المغفرة ومشتقاتها قد ذكرت فى القرآن الكريم ضعف ما ذكر الجزاء بكل مشتقاته ... ، تكرّرت الشدة ١٠٢ مرة بكل مشتقاتها وكذلك الصبر بكل مشتقاته ١٠٢ مرة

٢٦٣

فسبحان الله ... ، ولقد تكرر ذكر الألباب ١٦ مرة والأفئدة بمشتقاتها ١٦ مرة ... ، ويقول سبحانه (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (١) ، ولقد تساوت القلة بمشتقاتها ٧٥ مرة مع الشكر بمشتقاته ٧٥ مرة ، ولقد جاء لفظ الفحشاء والبغى بمشتقاتهم ٤٨ مرة وجاء لفظ الإثم بنفس العدد ٤٨ مرة ولقد تكرر الجهر بمشتقاته ١٦ مرة والعلانية بمشتقاته ١٦ مرة ... ، وتكررت كلمة الرغبة بكل مشتقاتها ٨ مرات وبنفس العدد وردت مشتقات الرهبة أيضا ٨ مرات ... ، وورود لفظ الهدى ٧٩ مرة ولفظ الرحمة ورد ٧٩ مرة أيضا ... ، وتكرر لفظ المحن بمشتقاتها ٨٣ مرة والطاعة بمشتقاتها ٨٣ مرة ... ، ولقد تكررت كلمة الغواية بكل مشتقاتها ٢٢ مرة وتكرر لفظى الخطأ والخطيئة بمشتقاتهم أيضا ٢٢ مرة ... ، وهناك الكثير من أمثلة الإعجاز الرياضى فى فروع مختلفة من القرآن الكريم فمثلا كلمة العرش آخر سورة ذكرت فيها سورة البروج والتى رقمها بالمصحف ٨٥ ورقم الآية ١٥ والمجموع ٨٥+ ١٥ ١٠٠ ومعنى ذلك أن العرش لا يكون إلا لمن له الملك المرئى والملكوت الغيبى والله وحده هو صاحب الملك والملكوت بنسبة ١٠٠ خ ... ، كذلك فإن آخر تكرارات كلمة نارا فى سورة المسد ١١١ ورقم الآية ٣ والمجموع ١١١+ ٣ ١١٤ وهو عدد سور القرآن الكريم فالعمل بالقرآن يبعدك عن النار بنسبة ١٠٠ خ كذلك فإن القرآن الكريم أنزل من لدن حكيم خبير ويحتوى من الحكمة ما لا يعلم بها إلا الله وما يمن به من فيض على أولى الألباب الباحثين عن الحق والخير فمثلا نجد أن الله تعالى أعطى يوسف عليه‌السلام الحكم والعلم فقال سبحانه (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) (٢) ، كذلك فإن لوط عليه‌السلام آتاه الله تعالى الحكم والعلم فقال سبحانه (وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) (٣) لذلك نجد أن اسم يوسف ورد فى القرآن الكريم ٢٧ مرة وكذلك اسم لوط ورد أيضا ٢٧ مرة فلله نسجد شكرا لفضله علينا ومنحنا هذا الإعجاز الذى يصل بنا إلى درجة اليقين والثبات على الحق وكذلك فإن أيوب عليه‌السلام قد نادى ربه (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) (٤) ، فاستجاب له ربه

__________________

(١) سورة سبأ الآية ١٣.

(٢) سورة يوسف الآية ٣٢.

(٣) سورة الأنبياء الآية ٧٤.

(٤) سورة الأنبياء الآية ٨٣.

٢٦٤

بقوله تعالى (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ) (١) وكذلك فإن يونس عليه‌السلام قد نادى ربه (فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٢) وقد استجاب الله له ونجاه من الغم أيضا ، لذلك نجد أن اسم النبى أيوب قد ذكر ٤ مرات ويونس أيضا قد ذكر أربع مرات وهناك إعجازات أخرى فمثلا حين قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم" وبالقدر خيره وشره" ، ولم يقل بالقضاء خيره وشره لأن القضاء لا يحمل الشر أبدا لأنه من عند الله حكم به لعباده ورضى به لهم ، ولكن القدر هو ما علمه الله بعلمه المطلق لما سيكون وما سيقع وما سيختاره الإنسان وإذا نظرنا إلى التصوير القرآنى للأمور والحقائق نجد التناظر فى الرواية فمثلا قوله تعالى (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٣) ... ، نجد أن الجزء الأول من الآية ١٤ حرفا والنتيجة بعد كشف الغطاء أن البصر يكون حديدا يرى الأمور على حقيقتها فالجزء الثانى أيضا مكون من ١٤ حرفا ... ، وقوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) نجد أن عدد الحروف ٢٨ حرفا فهناك حكمة باطنة تتجلى فى آيات القرآن الكريم للناظرين والمتأملين فمثلا يقول تعالى (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) سورة الليل آيات ١ ، ٢ ، ٣ والليل بالفعل يغشى الكون بعد عبور الغلاف الجوى لذلك نجد صيغة (إذا يغشى) بالمضارع الذى يفيد الاستمرارية ... ، والنهار لا يكون إلا حين يتجلى ويتشتت عبر الغلاف الجوى حين يكون نصف الكرة الأرضية مواجه للشمس ، لذلك نجد صيغة (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) تأتى بصيغة الماضى الذى لا يفيد الاستمرارية ولو كان النهار يحدث مرة لكانت العبارة" إذ تجلى" وحين نتأمل قوله سبحانه (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) نجد الإشارة إلى الزوجين فى الخلق حيث خلق سبحانه من كل شىء زوجين فهو قسم بكل شىء خلقه سبحانه فى السماء والأرض ... ، إنه الإعجاز اللغوى والبلاغى الذى لا يخطر بعقول البشر إلا بمنحة من الله سبحانه لنعرف أنه الحق علام الغيوب ... ، وعن نهاية دولة إسرائيل التى بغت فى الأرض فسادا وظلما قال تعالى (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) فلا بد من الهزيمة لكل جبار ومفسد ، وتبين سورة الإسراء من الآية الرابعة حتى السابعة أن هناك فسادين لبنى إسرائيل ، الفساد الأول كان قبل الإسلام فى دولة

__________________

(١) سورة الأنبياء ٨٤

(٢) سورة الأنبياء الآية ٨٨

(٣) سورة ق الآية ٢٢

٢٦٥

إسرائيل فى الشمال ويهوذا فى الجنوب حيث دمرت أولا فى الشمال ثم فى الجنوب على يد بخت النّصر وقد تعاقب على حكمها تسعة عشر ملكا ، وأما الفساد الثانى فيبدأ من عام ١٩٤٨ حين أعلنوا قيام دولتهم باحتلال جزء من فلسطين ثم كامل فلسطين ١٩٦٧.

وإذا نظرنا إلى الحديث عن بنى إسرائيل نجد أنه بدأ من الآية الثانية فى سورة الإسراء وحتى الرابعة بعد المائة كان قوله تعالى (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) فإذا كانت بداية الوجود اليهودى تبدأ بقوله تعالى فى الآية الثانية (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) ونهاية العهد اليهودى ينتهى عند قوله سبحانه (جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) فإن عدد حروف الكلمات من البداية حتى النهاية وهى كلمة لفيفا هو ١٤٤٣ حرفا وبذلك يمكن أن نفسر تلك النهاية وهى فى علم الغيب الإلهى ولكنه استنباط المجتهدين إن صح فلهم أجران وإن أخطأ فلهم أجر اجتهادهم كما بين الحديث الشريف ... ، فإذا نظرنا إلى بداية الفساد الثانى وهو عام ١٩٤٨ م ، ١٣٦٧ ه‍ حين أعلنوا قيام دولتهم نجد أن كتب التاريخ تذكر لنا أن نهايتهم دائما كلما قامت لهم قائمة ترتبط بمذنب هالى والذى يزور الأرض أو يقترب منها كل ٧٦ عاما ولو قمنا بجمع تاريخ الإقامة لدولتهم مع الفترة المقدرة ب ٧٦ عاما وإذا كان التاريخ ١٩٤٨ م يوافق التاريخ الهجرى ١٣٦٧ ه‍ فيكون ١٣٦٧ ه+ ٧٦ ١٤٤٣ ه‍ ولأن النبوة قبل الهجرة بسنة فيكون ١٤٤٤ و١٤٤٣ ه‍ يوافق ٢٠٢٢ م وهى النهاية المتوقعة لإسرائيل إن شاء الله سبحانه ذلك وربما تكون قبل تلك المدة لأن مشيئة الله لا يحددها أحد وربما تكون بعد ذلك وإن كان هناك نصوص توراتية تشير إلى نهايتهم فى هذا التاريخ ... ، ولقد لاحظ العلماء أن سورة الإسراء عدد آياتها (١١١) آية وهى التى أوصت بنهاية دولة اليهود فى الأرض المباركة وتحمل سورة يوسف نفس عدد الآيات فهى أيضا (١١١) آية وهى التى أوصت ببداية نشأة دولة اليهود.

كذلك فإن الحديث عن الحساب ورد أيضا بسورة الإسراء بالآية رقم ١٢ بداية من

٢٦٦

قوله تعالى (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً). وعدد الكلمات من وجعلنا وحتى كلمة الحساب ١٩ كلمة.

وبالفعل فإن الرقم ١٩ هو دليل الحساب فى كل ما يتعلق بالإعجاز الرقمى للقرآن الكريم فهذا الرقم هو وحده الذى يعبر عن تسلسل الأرقام فمثلا ١٩* ١ ١٩ ومجموع الرقمين ٩+ ١ ١٠ ومجموع الرقمين للناتج هو ٠+ ١ ١ ... ، كذلك ١٩* ٢ ٣٨ والمجموع ١١ ومجموعهما ٢ كذلك ١٩* ٣ ٥٧ ١٢ ٣ وهكذا ... ، لذلك فالرقم ١٩ له فى القرآن الكريم الكثير من اللمحات الإعجازية المبهرة فى القرآن الكريم فمثلا النداء على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مثل يا أيها النبى ... ، يا أيها المدثر يأتى ١٩ مرة ... ، كذلك فإن الحروف المقطعة بالسور مثل الم ... ، الر ... ، كهيعص ... ، وردت ١٩ مرة ... ، تكرر ذكر كلمة نارا ١٩ مرة ... ، كذلك فإن آية البسملة بسم الله الرحمن الرحيم مكونة من ١٩ حرفا ... ، ولم تذكر البسملة فى سورة التوبة التى رقمها بالمصحف ٩ وذكر بدلا منها بسملة فى سورة النمل (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وعدد السور بداية من التوبة (٩) حتى النمل (٢٧) هو ١٩ سورة وتبدو أهمية هذا الرقم بكونه ذكر فى القرآن الكريم (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) (١) وتبين الآيات بعد ذلك أن هذا العدد فتنة للكافرين ، وهو يزيد المؤمنين والذين أوتوا الكتاب إيمانا حيث يوافق ما لديهم من نبوءات ولقد جاء الرقم ١٩ ممثلا لقانون فلكى يؤكد أن الدورة الفلكية تتكون من ١٩ سنة منها سبع سنوات شمسية واثنى عشر قمرية وعلماء الفلك يسمون مذنب هالى بأنه المذنب الذى يرتبط بعقائد اليهود وحيث تنتهى دولتهم بعد إقامتها فى دورة التاريخ السابقة ارتباطا بزيارة من هذا المذنب إلى الأرض خلال دورته التى تساوى ١٩* ٤ ٧٦ سنة قمرية.

__________________

(١) سورة المدثر الآية ٣٠

٢٦٧

الكمبيوتر والنظام الثنائى وحسابات قرآنية

إذا كان الكمبيوتر هو الإشارة للتقدم العلمى والرقمى فى عصرنا وفكرته تقوم على النظام الثنائى وهو الصفر والواحد وقد أشار القرآن الكريم فى قوله تعالى بسورة الإسراء (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) (١). إلى هذا النظام الثنائى ويتمثل فى الآية الكريمة بالليل والنهار ... ، والنظام الثنائى هو أساس تصميم كل الحاسبات الآلية فى عصرنا ... ، وإذا كان الإنسان نفسه يشبه الحاسب الآلى حيث أن جميع أقواله وأفعاله يسجلها ويخزنها بنفسه فى كتابه وهو الطائر الذى ترمز إليه الآيات أيضا بسورة الإسراء حيث يقول تعالى (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) (٢) ، وقد وجد العلماء أن بجوار العنق منطقة تشبه الطائر فى الوصف التشريحى يخزن فيها الإنسان ما يقوم به وما يحدث حوله من أحداث يوم القيامة كما يفعل الإنسان مع الحاسب الآلى حين يريد إخراج ما تم تخزينه من معلومات ... ، فكذلك تحدث عملية إخراج لكل ما سجله الإنسان فى دنياه مسجلا مكتوبا فى كتابه الذى يقرأه ويشهد عليه بنفسه يوم القيامة وبذلك نرى أن القرآن الكريم قد سبق فى الإشارة إلى النظام الثنائى" الليل والنهار" أساس نظم كل الحاسبات الحديثة ... ، ومن النظام الحسابى أيضا بسورة الإسراء أشرنا سابقا لنهاية دولة اليهود كما تشير لذلك أيضا بعض الكلمات فى إشارات بلاغية فمثلا قوله تعالى فى الآية ٧٦ من السورة (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ) (٣) ، ونهاية الآية (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً).

وقوله تعالى بنفس السورة (فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ) (٤) ونهاية الآية

__________________

(١) سورة الإسراء الآية ١٢.

(٢) سورة الإسراء الآية ١٣.

(٣) سورة الإسراء الآية ٧٦.

(٤) سورة الإسراء الآية ١٠٣.

٢٦٨

(فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً) ... ، ونجد أن كلمات الأصل (فزز) وردت بسورة الإسراء ثلاث مرات ولم تتكرر فى أى سورة أخرى ، ومنها قوله تعالى فى الآية ٦٤ (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) (١) والاستفزاز هو الإيذاء من أجل الإخراج فإذا ضاعفنا رقم الآية ٧٦ بعدد كلمات الآية ٦٤ وهى ١٩ كلمة يكون الناتج ٧٦* ١٩ ١٤٤٤ ويمثل هذا الرقم موعد وعد الآخرة كما أشرنا سابقا ١٤٤٤.

ويمثل أيضا ترتيب كلمة يستفزهم فى الآية ١٠٣ التى تشير إلى نهاية فرعون رمز الظلم والغرور ... ، وإذا كانت سورة الإسراء تشير فى آياتها إلى بنى إسرائيل فوجدنا تلك العلاقات الرياضية كذلك فسورة سبأ تشير إلى سليمان عليه‌السلام وهو من ملوك بنى إسرائيل فنجد مثلا ، الآية رقم ١٣ من سورة سبأ تتكون من ١٩ كلمة وعدد حروفها ٨٤ حرفا وبضرب ١٩* ٨٤ ١٥٩٦ حرفا وهو رقم يشير إلى تاريخ بداية ملك سليمان ، ولقد ملك ٤٠ سنة كما جاء فى العهد القديم وبطرح ٤٠ سنة من ١٥٩٦ يكون الناتج هو ١٥٩٦ ـ ٤٠ ١٥٥٦ وهو العدد الذى يحدد عدد السنين من وفاة سليمان وحتى حدوث الإسراء عام ٦٢١ م وهى ناتج طرح ١٥٥٦ ـ ٦٢١ ٩٣٥ ويبدو الإعجاز هنا أن عدد أحرف سورة سبأ من بدايتها وحتى بداية الآية ١٤ ٩٣٥ وذلك بأخذ حرف الفاء فقط وهو بدايتها (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) (٢) لقد حددت السورة تاريخ بداية ملك سليمان والفترة الزمنية من وفاته وحتى حدوث الإسراء وغير ذلك هناك الكثير من الإعجازات والعلاقات الرياضية.

وهناك نبوءة عن أهل الكتاب لدانيال تشير إلى عودة القدس بعد ٢٣٠٠ سنة من دخول الإسكندر القدس ولقد دخلها عام ٣٣٣ قمرية قبل الميلاد وبطرح ٢٣٠٠ ـ ٣٣٣ ١٩٦٧ وهذا حدث بالفعل حيث دخلت إسرائيل القدس فى ١٠ / ٦ / ١٩٦٧ ثم نبوءة تشير إلى حضيض اليهود" طوبى لمن ينتظر ال ٤٥ سنة بعد ١٢٩٠ من تاريخ الإخراج لأول الحشر" وقد تم اكتمال الإخراج عام ٦٣٨ م على يد عمر بن الخطاب رضى الله عنه وبالجمع نجد أن ٤٥+ ١٢٩٠+ ٦٣٨ ١٩٧٣ م وهو ما تحقق بعد نصر أكتوبر

__________________

(١) سورة الإسراء من الآية ٦٤ ـ وعدد كلمات الآية بأكملها ١٩ كلمة.

(٢) سورة سبأ الآية ١٣.

٢٦٩

١٩٧٣ ... ، ثم هناك نبوءة أخرى تشير إلى نهاية إسرائيل من تاريخ قيامها وقد قامت ١٩٤٨ لتنتهى فى ٢٠٢٢ إن قدر الله تعالى ذلك ... ، ويتضح من الأمثلة الآتية ....

فلقد وافقت جامعة الدول العربية على الهدنة الأولى ووقف إطلاق النار فى ١٠ / ٦ / ١٩٤٨ ووافقت جامعة الدول العربية على الهدنة الثانية فى ١٨ / ٧ / ١٩٤٨ والمدة بينهما تساوى ٣٨ يوم أى تساوى ١٩* ٢ ٣٨.

ومجموع أرقام الهدنة الثانية ٨+ ١+ ٧+ ٤+ ٩+ ١ ٣٨ أيضا أى ١٩* ٢ وذلك يثبت أن الأحداث التاريخية وكل شىء يحدث بقدر الله ، وأن للرقم ١٩ أسرار يقدرها الله تعالى بحكمته فى بعض الأمور الكونية والتشريعية فمثلا سور القرآن الكريم ١١٤ وهو حاصل ضرب ١٩* ٦ ... ، كذلك سورة اقرأ وحتى قوله تعالى (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) ٧٦ حرفا فكأن البناء والمعمار واللبنة الأولى للقرآن المعجز يرتكز على أساس الرقم ٧٦ والعدد ١٩ لذلك نجد مثلا فى سورة النازعات أن من بداية الحوار فى الآية ١٥ (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) (١) حتى الآية ٣٣ (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) (٢) نجد أن عدد الكلمات ٧٦ كلمة بعدها مباشرة يأتى قوله تعالى (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) (٣) وهذا إثبات آخر أن الطامة الكبرى على اليهود ربما تأتى بعد ٧٦ سنة من تاريخ قيامها ١٩٤٨ م وقد أشرنا من قبل أن من سنن الله الكونية أنه قدر أن مذنب هالى يدور دورته كل ٧٦ سنة قمرية وهو يرتبط بأهم الأحداث التاريخية كما يرى علماء الفلك وبخاصة فى تاريخ اليهود حيث إنه مع دورته شهد الكثير من الأحداث مثل إلقاء إبراهيم عليه‌السلام فى النار وشهد إسكان هاجر وإسماعيل مكة ، وشهد وفاة إبراهيم عليه‌السلام ، وكذلك إلقاء يوسف فى البئر ثم ميلاد موسى عليه‌السلام ، وخروج بنى إسرائيل مع موسى عليه‌السلام من مصر وتتويج سليمان

__________________

(١) سورة النازعات الآية ١٥.

(٢) سورة النازعات الآية ٣٣.

(٣) سورة النازعات الآية ٣٤.

٢٧٠

على عرش إسرائيل الأولى وشهد إسراء محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم عام ٦٢١ م وكانت الدورة الثامنة عشر له بتاريخ ١٩٤٨ م ـ ١٣٦٧ ه‍ والتى شهد فيها قيام دولة إسرائيل الثانية وخلال ٧٦ عاما من هذا التاريخ يكمل الدورة التاسعة عشر بتاريخ ٢٠٢٢ م ـ ١٤٤٣ ه‍ وربما يكون هذا التاريخ نهاية إسرائيل الثانية بإذن الله ، وله الأمر من قبل ومن بعد ... ، ورغم تلك الحسابات فإن الأمر يرجع إلى إذن الله تعالى وربما يكون الأمر غير ذلك تماما وفى فترات زمنية تختلف عن تلك الحسابات فلا يجب أن يقف المسلم مكتوف الأيدى حتى يأتى هذا التاريخ الذى يخضع لحسابات ليس مجذوما بها فعلينا بالعمل والاجتهاد وإعداد وسائل النصر وإخضاع كل شىء بمشيئة الله تعالى حتى لا نجعل عرضه لتربص الأعداء والمستشرقين ... ، وفى سورة إبراهيم نجد أنه قد ذكر بها الحديث عن بنى إسرائيل ونجد أن عدد آيات هذه السورة ٥٢ آية وإذا قمنا بعد الحروف بداية من الآية ٣٥ (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) إلى نهاية السورة نجد أن عدد الحروف ٩٨٨ وبالقسمة على ٧٦ يكون الناتج ١٣ وهو عدد كلمات الآية ٣٥ وبالقسمة على ١٩ نجد ٩٨٨+ ١٩ ٥٢ وهو عدد آيات السورة وإذا قمنا بعد الكلمات من نهاية الآية ١٣ (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) حتى الآية ١٩ (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) نجد أن عدد الكلمات هو ٧٦ أى ٤* ١٩ وفى سورة الحشر نجد قوله تعالى (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) وذلك يثبت أن ما فى السماوات وما فى الأرض سبح لله حين تم إخراجهم على يد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم عام ٦٣٨ م ولذلك نجد أن عدد الحروف من بداية السورة (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) وحتى قوله (يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بالآية ٢٤ من نفس السورة هو ٢٠٢١ حرفا وهو بداية حشرهم فى الإفسادة المعاصرة لتكون نهايتهم ٢٠٢٢ وكما سبح لله ما فى السماوات وما فى الأرض عند ما أخرجهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسوف يسبح له ما فى السماوات والأرض عند نهايتهم ببداية الحشر الجديد وبالفعل فإن الأحياء والجمادات وكذلك الأرض تتأذى من وجود الكافرين على ظهرها ... ، وإذا تحدثنا عن الإعجازات الرقمية

٢٧١

والحسابية فى القرآن الكريم الكريم نجد الكثير مما تعجز العقول عن إدراكه وتكفى الإشارة إلى ما قام به الباحث الدكتور عبد الله البلتاجى وما نشره من أبحاثه الرياضية ، ومنها دراسة علمية محققة وتحتوى تسعة عشر فصلا كاملا عن أسرار الرقم ١٩ فى القرآن الكريم فى كتاب بعنوان سر الوجود والرقم ١٩ ويشمل خلق الإنسان والرقم ١٩ والنداء على الرسول والرقم ١٩ والرسول والآيات والرقم ١٩ وغير ذلك الكثير من الموضوعات ونختار منها هذا الإعجاز ليكون خاتمة الكتاب حيث أن آخر ذكر لكلمة رسول كانت فى سورة التكوير بالآية رقم ١٩ ورقم السورة ٨١ ومجموعهما ٨١+ ١٩ ١٠٠ وهى إشارة رياضية من الخالق سبحانه لنهاية الرسالات بنسبة ١٠٠ خ بعد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحقا (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (١) من الله الملك الخبير رب العالمين.

__________________

(١) سورة التكوير الآية ١٩.

٢٧٢

التفكر وأسرار الثبات

الحمد لله أن ربنا الله ... ، الحمد لله على فضله علينا بأن جعلنا مسلمين ... ، سبحانه له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير ... ، تفضل علينا وأظهر لنا آياته واضحة بما يناسب كل زمان ، وعلى قدر العقول ... ، إن القرآن الكريم ملئ بالمعجزات فى كل المجالات ... ، ولما ذا لا يكون ذلك ، وفيه كل أسرار الكون ... ، إنه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ... ، إنه يحتوى الإعجاز البلاغى ... ، والتشريعى ... ، والعلمى ... ، والرياضى ... ، والنفسى ... ، والإعجاز فى تعبير الكلمات عن المعنى ... ، وتعبيرات الصوت المصاحبة للكلمة ، كالغنة ... ، والإدغام ... ، والإخفاء ... ، وترقيم كل آية ونهاية كل آية بحروف معينة ... ، ونهايات السور بأرقام معينة فردية أو زوجية ... ، وبداية بعض السور بحروف غير مفهومة المعنى ... ، وهذا يثبت أنه ليس كلاما عاديا ، حيث لا يكون ذلك كله فى كلام البشر ... ، ويبين الله تعالى ذلك فى سورة المدثر ويتوعد من يقول إنه قول البشر ... ، وكان قوله تعالى (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) سرا يعد من إحدى الكبر ... ، ونذيرا للبشر ازداد به المؤمنون إيمانا ... ، وبعده لم يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون ... ، لذلك ظهرت معجزات كثيرة عن أسرار الرقم ١٩ فى القرآن الكريم وعلاقته بالكثير من الحوادث الكونية ... ، وحين بدأت سورة ق بالحرف ق ... ، وكذلك سورة الشورى ... ، فلقد وجد العلماء أن عدد حروف ق فى سورة ق ٥٧ حرفا وكذلك فى سورة الشورى ٥٧ حرفا والمجموع ١١٤ وهو عدد سور القرآن الكريم ... ، ونلاحظ أن الآية ١٣ من سورة ق قوله تعالى (وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ) ... ، نجد أن التسمية دائما فى القرآن الكريم" قوم لوط" وفى هذه الآية بالذات نجد إخوان لوط ... ، حيث إن استخدام كلمة قوم فى هذه الآية سيجعل الحروف ٥٨ وبذلك يختل النسق الرياضى ... ، وإذا كان مجموع آيات سورة البقرة ٢٨٦ فإن قوله تعالى (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (١) ... ، هى الآية رقم ١٤٣ أى منتصف السورة تماما ... ،

__________________

(١) سورة البقرة الآية ١٤٣.

٢٧٣

ولقد تمكنت باحثة مصرية من تكوين خلطة للبناء تقاوم الزلازل وعوامل التعارية وغيرها من القوى مهما بلغت شدتها ، واستخدمت الحديد المنصهر ومادة بترولية وهى الأسفلت أو القطران (١) وقد استوحت ذلك من القرآن الكريم حيث يشير تعالى عن ذو القرنين (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (٢) ، ويشير التفسير إلى أن القطر هو النحاس أو أحد مشتقات البترول ... ، إنه وحى الله ... ، وتبليغ من لا ينطق عن الهوى ... ، لقد وثب أسد على عتبة بن أبى لهب وهو وسط جماعة من رفاقه ومزقه لدعوة رسول الله عليه ... ، فسبحان من ايد نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ... ، وسبحان من سخر الجن لسليمان عليه‌السلام وجعل علم السحر فتنة ... ، فعلينا أن نقيم حدود الله ونتبع ما أمر به رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونأخذ الكتاب بقوة ... ، فلقد كذب من ادعى حب الله ورسوله ولم يطبق منهج الحق ودعوة الخير ... ، فمن زعم محبة الله ثم مال بقلبه إلى الدنيا فهو كذاب ... ، ومن زعم إرادة وجه الله ثم طلب الراحة فى الدنيا والتكاسل عن العبادة فهو كذاب ... ، إن من يريد رؤية ربه لا بدّ أن ينفذ أوامره ويجتنب نواهيه ... ، إن الفوز فى الآخرة يتطلب منك السعى فى الدنيا ، والمسابقة فى الخيرات مع كمال الإيمان دون ريب أو تكاسل ... ، وأنت تجيب الملكين فى قبرك ، ربى الله ، ودينى الإسلام ، والنبى الذى بعث فينا محمد رسول الله ... ، لا بدّ أن تكون إجابة كان يصحبها العمل فى الدنيا ... ، هناك عبور الصراط ... ، هناك كلاليب كشوك السعدان ... ، هناك قنطرة الصلاة ... ، ثم الأمانة ... ، هناك حقوق العباد ... ، وبر الوالدين ... ، وغير ذلك .. ، إن فريضة يغفل عنها العبد كافية لأن تزل قدمه على الصراط ... ، أو نظرة إلى حرام ... ، أو كلمة أف أو ضجر لوالديك ... ، أو غلول مخيط ، أو قيد دابة ... ، الغيبة والنميمة ... ، عدم الاستبراء من البول ... ، ظلم الجار وإيذاء الحيوان ... ، عدم الرحمة بالصغير وتوقير الكبير ... ، والمجاهرة بالمعاصى كالدخان ... ، وشرب الخمر ... ، سماع

__________________

(١) بحث علمى ـ عن الإعجاز القرآنى ـ لباحثة مصرية قامت بإجراء تلك التجربة من خلال الاستنباط من آيات القرآن الكريم.

(٢) سورة الكهف الآية ٩٦.

٢٧٤

الأغنيات الخليعة والبرامج الإباحية ... ، ما ذا ستفعل يا من وقعت فى كل ذلك وأنت تمر على الصراط ، حيث أنه أرق من الشعرة ، وأحد من السيف ... ، والنار من أسفلك تتأجج ... ، لكى تنجو لا بدّ وأن تعيش وكأنك تسير عليه ، وتدرك أن نظرة حرام يمكن أن تزل قدمك ... ، ورب كلمة يقولها الإنسان لا يلقى لها بالا تهوى به فى النار سبعون خريفا ... ، إن اللغو ليس من صفات المؤمنين ... ، كان الصالحون قبلنا منهم من يكتب الكلمة التى ينطق بها ، ثم يتأملها بعد ذلك ويظل يبكى ندما ، ويقول : لقد كتبها الملك على كذلك ... ، اعلم أنه ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها ... ، واعلم أن الصحابة رضى الله عنهم قد اشاروا للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن امرأة صوامة قوامة ولكنها تؤذى جيرانها ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسلم هى فى النار ... ، يخبرنا صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن هناك ناج سليم ... ، ومخدوش ... ، ومن يقع فى النار ... ، فحاسب نفسك قبل أن تحاسب ، وزن أعمالك قبل أن توزن عليك ... ، وأكثر من التسبيح والكلمات الحبيبة إلى الرحمن ... ، الثقيلة فى الميزان" سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" ... ، أمامك محنة مواجهة نفسك والفتن والشهوات والكفاح والسعى ... ، ومحنة سكرات الموت ... ، ومحنة القبر وضمته ومحنة العرض على الله ... ، هناك من يرى ربه (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (١) ... ، وهناك من يرى الجنة ... ، وهناك من يرى النار ، تجرها الملائكة ... ، لها سبعون ألف زمام ... ، كل زمام يجره سبعون ألف ملك ... ، وهى ترمى بشرر كالقصر ... ، وترى كل أمة لا تتحمل الوقوف على قدميها ... ، كل أمة جاثية ... ، أيديهم على وجوههم من هلع المشهد ، ينظرون إليها من طرف خفى خشية أن يصيبهم من شررها ... ، هناك من سينجو ولا يدخلها ... ، وهناك الكافر لا يموت فيها ولا يحيا وهناك المنافق فى الدرك الأسفل منها ... ، وهناك من يقع فيها ثم يخرج بأمر الله ... ، فعلينا أن نحاسب أنفسنا ... ، يقول صلى‌الله‌عليه‌وسلم" لو لا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما اسمع" ... ، فعلينا بالاستقامة حتى يبشرنا الله تعالى

__________________

(١) سورة القيامة الآية ٢٢ ، ٢٣.

٢٧٥

بالجنة ... ، يقول تعالى (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) (١) نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الخير ... ، وأن يختمها لنا بالإيمان ... ، وأن يرحمنا فى الدنيا والآخرة ... ، وأن يدبر لنا فإنا لا نحسن التدبير ... ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

__________________

(١) سورة النساء الآية ١٤٧.

٢٧٦

حقائق ومعجزات

الحمد لله الذى جعلنا مسلمين ، ووفقنا لمعرفته ، والدعوة إليه سبحانه ، فعلينا بشكره قولا وعملا والتمسك بكتابه وسنة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى المسلم أن يكون صاحب مبدأ يستمده من الشرع ، فيوسف عليه‌السلام قال" السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه" ... ، وإبراهيم عليه‌السلام لم يضره أن يلقى فى النار من أجل مبدأ التوحيد ... ، وأقسم صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنهم لو وضعوا الشمس فى يمينه والقمر فى يساره على أن يترك أمر دينه ودعوته فلن يفعل ... ، وقال ناصحا" لا تشرك بالله وإن قطعت وحرقت" (١) ... ، وحين سئلت السيدة فاطمة رضى الله عنها عن أحب شىء للمرأة قالت" أن لا ترى الرجال ولا يراها الرجال" ... ، إن شخصية المسلم يجب أن تبنى على اليقين الثابت والخشوع فى العبادة والمعاملة الحسنة للناس والرفق بالكائنات وكل شىء حوله ، فما كان الرفق فى شىء إلا زانه ، وما كان العنف فى شىء إلا شانه ... ، واليقين الثابت هو معرفة الله واليقين بوجوده من خلال النظر والتفكر فى نعمه وآياته ... ، وهناك الإعجاز من خلال التفكر بالفطرة والاكتشافات العلمية ، والاعجازات والنبوءات النبوية عن أحداث تقع فى المستقبل أو فى عهده صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمواقف التى تحققت كما أخبر عنها صلى‌الله‌عليه‌وسلم للصحابة وغيرهم (٢) ... ، وكذلك ثبوت عالم الملائكة وعالم الجن وإعجازات التذكرة الزمنية والكرامات والخواتيم وتحقق علامات الساعة وما أخبر عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بوحى من ربه عن الحقائق والأحداث المستقبلية التى تحققت فى عصرنا وتتحقق فى كل عصر حين يأذن الله بظهورها (٣) ... ، فعلينا بالثبات واليقين وكثرة الذكر والاستغفار ... ، إن كل تسبيحه تغرس لك شجرة أو

__________________

(١) من قول أبو الدرداء رضى الله عنه : قال أوصانى خليلى صلى‌الله‌عليه‌وسلم" أن لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت وإن حرقت ولا تترك صلاة مكتوبة متعمدا فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة ..." رواه ابن ماجة والبيهقى الترغيب والترهيب ص ٣٨١ الجزء الأول.

(٢) أنظر ـ حياة الصحابة ...

(٣) أنظر ـ وقفات حاسمة بين يدى علامات الساعة الآتية.

٢٧٧

نخلة فى الجنة ... ، وما أجمل شجر الجنة ونخل الجنة ، فثماره أحلى من العسل وألين من الزبد ... ، وظله ممدود ، وهناك شجرة فى الجنة يسير الراكب فى ظلها مائة عام لا يقطعها ... ، فما أجمل الجنة ... ، وما أجمل أشجارها ... ، وأرضها ... ، وظلها ... ، وأنهارها ... ، وقصورها ... ، يرى أهل الجنة الرسل الكرام والصحابة رضى الله عنهم وأجمل من ذلك كله تجلى الله تعالى لهم وهو راض عنهم وهو الذى خلقهم ... ، فسبحان من خلق الكون ... ، ومد الأفق ... ، وزين الأرض والسماء ... ، ونوع الكائنات ... ، ورزق كل دابة ... ، وأنزل نور التشريع هدى للعالمين ... ، فله الحمد والشكر فى كل حين ... ، يكفى أنه سبحانه لم يجعل الموت النهاية ولكن جعل الجنة للمؤمنين الصالحين خالدين فيها ، فسبحان الحنان ، المنان ، العاطى ، الوهاب ... ، سبحانه أسكب نور الهدى فضلا منه ليخرجنا من الظلمات إلى النور ... ، ويكفى أن لا إله إلا الله لا يثقل معها شىء ... ، وهى تدفع عن قائلها مائة باب من البلاء أقلها الهم ، وإذا قال العبد الحمد لله وجبت له نعمه لقوله تعالى" لئن شكرتم لأزيدنكم" ... ، وأما كلمة الله أكبر فإنها لو قيلت أمام عدو فيكون النصر بإذن الله ... ، ولو قيلت عند اشتعال نار فإنها تخبو ... ، ولو قيلت أمام حصن فإنه يفتح بأمر الله ، فالله أكبر من كل شىء ... ، إن كل ساعة وكل طريق وكل مجلس لا يذكر الإنسان فيه ربه يكون حسرة عليه يوم القيامة ، فعلينا بذكر الله والدعوة إليه ، والنصح للعصاة دون مجاملة حتى لا تصيبنا لعنة الله ... ، كان الصالح من بنى إسرائيل ينصح العاصى فى أول النهار ولا يمنعه ذلك من أن يكون جليسه وأكيله وشريبه آخر النهار لتشمله بذلك لعنة الله ... ، وعلينا بقراءة القرآن ، فكل آية ترفعك درجة ، وفيه شفاء القلوب والأبدان ... ، إن سورة الملك هى المنجية من عذاب القبر ... ، وسورة الواقعة هى الواقية من الفقر ، وسورة الفاتحة من أعظم السور ... ، وسورتى البقرة وآل عمران تظلان قارئهما يوم القيامة ... ، وعلينا بالسخاء ، لأن السخاء هو خلق الله الأعظم ، وحين خلق الله تعالى جنة عدن قال سبحانه" وعزتى وجلالى لا يجاورنى فيك بخيل" لذلك كان صلى‌الله‌عليه‌وسلم أجود من الريح المرسلة ... ، فالشحيح لا يدخل الجنة ... ، وكذلك النمام الذى يمشى

٢٧٨

بين الناس بالنميمة يقول صلى‌الله‌عليه‌وسلم" لا يدخل الجنة نمام" (١) وقال أيضا" لا يدخل الجنة قاطع رحم" (٢) وكذلك الذى يعجب بنفسه ويمن بعمله فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم" لا يدخل الجنة خب ولا منان ولا بخيل" (٣) ... ، فعلينا أن نكثر من الخير فمن كان أمسه مثل يومه فهو مغبون ... ، وإذا كان يومه أقل من أمسه فهو فى طريق الهلاك ... ، وإذا كان الكذب والغيبة والنميمة والنظر بشهوة واليمين الغموس من الصفات التى أخبر عنها صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأنها تفطر الصائم فالأولى أن نتجنب تلك الصفات فى غير الصيام لأنها تهلك صاحبها فى الدنيا والآخرة وأما النظرة فإنها سهم من سهام إبليس من تركها مخافة الله أبدله إيمانا يجد حلاوته فى قلبه إلى يوم القيامة ... ، والله من أسمائه الديان أى يعاملك بما تعمل ... ، يقول صلى‌الله‌عليه‌وسلم" من أكرم شيخا لشيخوخته فيض الله له من يكرمه فى شيخوخته". وعليك أن تبدأ كل شىء ببسم الله حتى لا يكون للشيطان حظ فيه ... ، واعلم أن من يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة ، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عند كربة من كربات يوم القيامة ... ، وأن الله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه ... ، واعلم أن الرحمة بالناس والمخلوقات هى السبيل إلى رحمة الله ، وكما أشرنا هناك امرأة دخلت النار بسبب هرة ربطتها وحبستها ولم تطعمها حتى ماتت جوعا ورآها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين أطال ذات مرة فى صلاة الكسوف ، رآها فى النار ، ورأى الكثير مما يتوعد الأمة ، رأى العبد وهو يفتن فى قبره ... ، ورأى صاحب المحجن الذى يسرق الحاج بمحجنه ... ، ورأى أكثر أهل النار من النساء وحين سأله الصحابة عن سبب ذلك قال بكفرهن ، وأوضح أنهن يكفرن العشير والإحسان ... ، فعلينا بالنصح لنسائنا وعدم البخل عليهن بشراء الكتب الإسلامية ، وحثهن على تعلم أمور دينهن والالتزام بها من خلال الكتاب الإسلامى ... ، وعلى الإنسان أن يستقيم على الخير فالشاردة التى تستهين بها يمكن أن توردك النار فرب

__________________

(١) رواه البخارى ومسلم ـ الترغيب والترهيب ـ الجزء الثالث ص ٤٩٦.

(٢) حديث ـ رواه البخارى والترمذى ـ الترغيب والترهيب ـ الجزء الثالث ص ٣٤٤.

(٣) رواه الترمذى ـ الترغيب والترهيب ص ٣٨٠.

٢٧٩

كلمة تهوى بك فى النار سبعين خريفا ، وكلمة ترفعك درجات ... ، ومن مس الحصى فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له ... ، وأكثر من ثلاث حركات فى الصلاة يمكن أن يبطل بها صلاتك ... ، واحذر من الشبع فأكثر الناس شبعا فى الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة ، واعلم أن نعيم الدنيا وشهواتها الزائلة لا يساوى شيئا بجوار نعيم الآخرة الدائم حيث النظر إلى وجه الله الكريم وحيث القصور ... ، والفواكه والظلال ... ، والحور ... ، وطيب الطعام ... ، فالخاسر من ضيع العمر ولم يتب ولم يغفر له ... ، والله من رحمته يحب الإلحاح فى الطلب والإنسان يكره من يسأله ... ، ولكن خير الناس أنفعهم للناس ... ، وخيرهم لأهله ... ، واحذر الفراغ وعدم الانشغال بالذكر فشر الناس المكفى الفارغ ... ، واحذر أن تفتن بعد علمك حيث لم يختلف أهل الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم ... ، ويجب أن تعلو بما علمت ويكون قدوتك الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم والصحابة ... ، ولا تفتن بالناس ... ، ولو حولك أغلبية لا تطبق المنهج فطبق أنت وتجنب ما يغضب الله ، ولا تنظر لما فى يد الغير وأنس بالله واستغن بالله إذا أنس الناس بالدنيا واستغنوا بالمال ... ، واحذر أن تفتن بالأسباب فقد جعلها الله تعالى سنة غالبه ولكن هناك طلاقة القدرة والله سبحانه هو مسبب الأسباب والمسببات والمقدر للمعجزات والتوكل معناه راحة القلب مع العمل ، فأنت تحرك يدك لتتناول الطعام ولا تترك الطعام يدخل وحده فمك ، والله تعالى هو الذى خلق لك اليد والفم والطعام ... ، واعلم أن الله تعالى هو المنان فيكفى أنك ولدت مسلما فالناس شهداء الله فى الأرض ... ، واحذر أن تخرج عن حدود نفسك وتنظر إلى عيوب الناس ، وأحسن فى كل شىء وفكر قبل فعل الأمر لأن الفروع كثيرة والخطأ يمكن أن يؤدى بالإنسان إلى الهلاك لأن الأعمال بالخواتيم ... ، إن فى كل آية من ديننا إعجاز ... ، لقد وجد العلماء أن منطقة الأدمة فى الجلد بها شعيرات عصبية هى المسئولة عن الاحساس بالألم كما ذكر القرآن الكريم ... ، كذلك فى نهاية جذور الشعر هناك عضلات ناعمة يؤدى انقباضها إلى وقوف الشعر وقشعريرة الجلد فنجد فى سورة

٢٨٠