الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية

آية الله الميرزا جواد التبريزي

الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية

المؤلف:

آية الله الميرزا جواد التبريزي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
المطبعة: زيتون
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٢٠

تعالى (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) (١) ولا نعرف وسيلة أشرف من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام) ، ولهم الولاية التكوينية كما ثبتت لسائر الأنبياء ، وهم أفضل من سائر الأنبياء ، والحكمة اقتضت ذلك حيث انّهم ربّما يتصرّفون تصرّفاً تكوينياً لدفع كيد من يريد الإساءة للدين وللمسلمين ، وإنّما يمتازون عن سائر الأنبياء من حيث انّ الأنبياء يثبتون نبوّتهم بالمعجزة وخرق العادة ، بخلاف الأئمة (عليهم السّلام) فإنّ إمامتهم ثبتت بتعيين رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وهم باب ابتلي به الناس بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كما ورد في الزيارة الجامعة ، ولذا قلَّت تصرّفاتهم التكوينية ولم يتصرّفوا باقتراح من الناس ، بل كانوا يفعلون في موارد قليلة لاقتضاء الحكمة والضرورة لإبطال قول مدّعي النبوّة أو الإمامة ، ونحو ذلك ، كما أوضحناه في بعض الاستفتاءات ، والله العالم.

هل يجوز أن نقول : إنّ الله عزّ وجلّ قد فوّض إلى الأئمة (عليهم السّلام) بعض شؤونه؟ وعلى فرض صحّة ذلك القول ، فما هو الفرق بين التفويض الباطل والتفويض الصحيح؟

باسمه تعالى قد ذكرنا أنّ مذهب التفويض باطل ، قال الله تعالى (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) (٢) ، والله العالم.

ما هو حدّ الغلو ، وهل تصحّ عقيدة المؤمن إذا اعتقد أن للأئمة (عليهم السّلام) مقاماً لا يبلغه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل؟ وعموماً إذا اعتقد بالمضامين التي جاءت في الزيارة الجامعة الكبيرة ، وهل يشمل اللعن في قوله تعالى (يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ولُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداه مَبْسُوطَتانِ) القائلين أنّ الله فوّض إلى الأئمة (عليهم السّلام) الأحكام الشرعية وشؤون الخلق والرزق ، مع إقرارهم وإذعانهم بأنّ كلّ ذلك من الله

__________________

١) سورة المائدة : الآية ٣٥.

٢) سورة المائدة : الآية ٣٥.

٨١

سبحانه؟ وعموماً ماذا تعني الولاية التكوينية للأئمة (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى الغلاة هم الذين غلوا في النبي والأئمة أو بعضهم (عليهم السّلام) بأن أخرجوهم عمّا نعتقد في حقّهم من كونهم وسائط ووسائل بين الله وبين خلقه ، وكونهم وسيلة لوصول النعم من الله إليهم ، حيث إنه ببركتهم حلَّت النعم على العباد ، ورفع عنهم الشرور ، قال الله سبحانه (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) ، كأن التزموا بكونهم شركاء لله تعالى في العبودية والخلق والرزق ، أو أنّ الله تعالى حلّ فيهم ، أو أنهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى ، أو القول في الأئمة (عليهم السّلام) أنّهم كانوا أنبياء ، والقول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض ، أو القول بأنّ معرفتهم تغني عن جميع التكاليف ، وغير ذلك من الأباطيل وعليه فالاعتقاد بأنّ للأئمة مقاماً لا يبلغه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ما عدا نبيّنا محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو الاعتقاد بالمضامين التي جاءت في الزيارة الجامعة الكبيرة بنوعها صحيح ، يوافق عقيدة المؤمن.

وأمّا آية (يَدُ الله مَغْلُولَةٌ) .. فهي ناظرة إلى اليهود ولا تشمل مثل هؤلاء بمدلولها.

وأمّا الولاية التكوينية ، فهي التصرّف التكويني بالمخلوقات سواء كانت إنساناً أو غيره ، ويدلّ عليها آيات ، منها قوله تعالى (وأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ. فَوَقَعَ الْحَقُّ وبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. فَغُلِبُوا هُنالِكَ وانْقَلَبُوا صاغِرِينَ) (١) ومنها قوله تعالى (إِذْ قالَ الله يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وكَهْلًا وإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ والتَّوْراةَ والإِنْجِيلَ وإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وتُبْرِئُ الأَكْمَه والأَبْرَصَ بِإِذْنِي) .. (٢) ، حيث أسند الله الفعل إلى الأنبياء. وغيرها من الآيات.

وبما أنّه لا يحتمل أن يكون ذلك ثابتاً للأنبياء دون نبيّنا (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فذلك ثابت لنبيّنا

__________________

١) سورة الأعراف ، الآيات ١١٧ ـ ١١٩.

٢) سورة المائدة ، الآية ١١٠.

٨٢

محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وقد ثبت أنّ عليّاً (عليه السّلام) نفس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بنصّ القرآن ، ولا فرق بين الأئمة (عليهم السّلام). إذن ما ثبت للأنبياء ثبت للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وما ثبت له (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ثبت للأئمة (عليهم السّلام) إلَّا منصب النبوّة.

نعم ، الفرق بين الأنبياء والأئمة أنّ الأنبياء كانوا يفعلون ذلك لإثبات نبوّتهم بالمعجزة ، وأمّا الأئمّة (عليهم السّلام) فكانوا لا يفعلون ذلك إلَّا في موارد نادرة كما ورد في الأخبار ، وقد كان الناس مكلَّفين بمعرفتهم امتحاناً من الله للأُمّة بعد وفاة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، حتّى يتميّز من يأخذ بقوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ومن لا يأخذ ، ولذا ورد في الزيارة الجامعة أنّهم الباب المبتلى به الناس ، فكيف يظنّ شخص يلتزم بإمامتهم وأنّهم عدل للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلَّا في منصب النبوّة ، أنه لا يلزم الاعتقاد بالولاية التكوينية لهم (عليهم السّلام) ، مع أنّ الحكمة الإلهية اقتضت أن تكون الولاية التكوينية بأيديهم حتّى يتمكَّنوا من إبطال دعوى من يدّعي النبوّة بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بالسحر ونحو ذلك ، مما يوجب إضلال الناس ، والله العالم.

كيف توجّهون ما ورد في حقّهم من الروايات في التفويض؟

باسمه تعالى إنّ تفويض التشريع إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أمر ثابت في الشريعة في الجملة ، وسنن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في الدّين أمر معروف ، كتشريعه غسل الجمعة ، وليس التفويض مربوطاً بأمر التكوين ، والثابت في التكوينيّات شفاعة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ووساطته ، فإنّ الله سبحانه يقول (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ). نعم ، للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) معجزة ، يتصرّف في التكوين بإذن الله في موارد خاصّة ، وهذا أمر غير التفويض ، والله العالم.

ما هو أهمّ إشكال على إثبات الولاية التكوينية للمعصوم؟ وهل يمكن التصالح بين المنكرين والمثبتين؟

باسمه تعالى الجواب عن هذا السؤال مذكور في كتاب صراط النجاة ، الجزء الثالث ، رقم السؤال ١٢٢٥ ، صفحة ٤١٩.

٨٣

معنى الفعل والقوة المنسوبين إلى الصفات والذوات

جاء في العقائد وعلم الكلام : أن الله علمه بالفعل لا بالقوة ، والإنسان علمه بالقوة لا بالفعل ، وكذا الوجود.

والسؤال هو : ما معنى الفعل والقوة التي تنسب الصفات والذوات؟

باسمه تعالى إحاطة الله بالأشياء كلها إحاطة فعلية لا تتوقف على مقدمات ، يقول الله سبحانه (لا يَعْزُبُ عَنْه مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ ولا فِي الأَرْضِ) وأما الإنسان فعلمه تحصيلي يتوقف على مقدمات حسية أو حدسية ، ففي النتيجة يكون الإنسان عالماً بالقوة سواء كانت قوة قريبة أو بعيدة ، والتفصيل يحتاج إلى إطالة لا يسعها المقام ، والله العالم.

هل يجوز أن يقول الموالي : إن الإمام المعصوم رزقني الأمر الفلاني ، أو إنه يعلم الغيب من دون أن يقول : بإذن الله ، علماً بأنه ، أي القائل ، يعتقد أن كل ذلك بتفويض من الله عز وجل؟

باسمه تعالى إذا لم يكن اعتقاده بأن الله هو الرازق وإن الإمام (عليه السّلام) واسطة في طلب الرزق الواسع أو المناسب من الله تعالى ، بأن اعتقد أن الإمام هو الرازق لا الواسطة في الفيض ، فالاعتقاد المزبور باطل ؛ فإنه يدخل في التفويض الباطل ، وأما علم الغيب فإنهم يعلمون بقدر ما علمهم الله ، قال الله تعالى (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِه أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّه يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْه ومِنْ خَلْفِه رَصَداً) ، والله العالم.

القيم الدينية والأخلاقية نسبية أم مطلقة؟

ما هو رأي الشارع المقدّس على المستوي الكلَّي فيمن يرى أنّ القيم السماوية ليست مطلقة بل إنّ هناك حدوداً للقيم تنطلق من واقعية الإنسان في حاجاته الطبيعية في الأرض ، وبعد أن يتحدّث عن استثناءات تشريعية كما في مسألة جواز

٨٤

الكذب في بعض الموارد ، وحرمة الصدق في بعض آخر يقول : على هذا الأساس فإن القيمة حتى في الأديان نسبية ، القيمة الأخلاقية ، ولهذا يقول الأصوليون : ما من عام إلا وقد خصّ؟

باسمه تعالى إنّ تقييد الأحكام الشرعية ، كحرمة الكذب مثلًا بعدم الإضرار ونحوه ثبوتاً ، أمر لا ربط له بقول الأُصوليين : «ما من عامّ إلَّا وقد خصّ» لأنّ نظر الأصوليين في هذه المقالة لعالم الإثبات والدلالة لا لمقام الثبوت ، فالحكم الشرعي في مقام الثبوت إمّا مطلق من أوّل الأمر وإمّا ضيّق من أوّل الأمر ، ولا يعقل فيه التخصيص والاستثناء ثبوتاً.

وأمّا القيم الدينية والأخلاقية فبعضها نسبي كقبح الكذب وحسن الصدق ، وبعضها مطلق كقبح الظلم وحسن العدل ، والله الهادي للحقّ.

هل الله تعالى هو علة هذا الكون؟

هل الله تعالى هو علة هذا الكون؟

باسمه تعالى الله تعالى هو المنشئ للكون ، وقد يكون الداعي منه هو خلق النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام) كما يدل عليه ما ورد في الحديث من قوله تعالى مخاطباً نبيه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) «لولاك لما خلقت الأفلاك» ، والله العالم.

العلَّة الغائية

هل يصح وصف المعصومين (عليهم السّلام) بأنّهم علَّة فاعلية ومادية وصورية وغائية للخلق ، وما حكم من اعتقد بذلك؟

باسمه تعالى إنّ خلق الدنيا ومن فيها وكذا خلق الآخرة ومن فيها وما فيها كلَّه من فعل الله عزّ وجلّ ومشيئته ، وبما أنّ الله سبحانه وتعالى حكيم لا يخلق شيئاً عبثاً ، فالغرض من خلق الدنيا وما فيها هو أن يعرف الناس ربّهم ، ويصلوا إلى كمالاتهم ، بإطاعة الله سبحانه وتعالى ،

٨٥

والتقرّب إليه ، وهذا يقتضي اللطف من الله بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، ونصب الأوصياء والأئمة (عليهم السّلام) ليأخذ الناس منهم سبيل الاهتداء ، وبما أنّ الحكمة هي ما ذكر في الخلق حيث يفصح عنه قوله تعالى (وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ، وبضميمة قوله سبحانه (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) يعلم أنّ الغاية من خلق الإنس والجنّ هي خلق الذين يعرفون الله سبحانه ويعبدونه ، ويهتدون بالهدي ، والسابقون على ذلك في علم الله سبحانه الذين يتخذون الحياة الدنيا وسيلة لكسب رضا ربّهم ، والتفاني في رضاه ، هم الأنبياء والأوصياء والأئمة (عليهم السّلام) ، والسابقون في هذه المرتبة هم نبيّنا محمّد والأئمة الأطهار (عليهم السّلام) من بعده. وبذلك يصحّ القول أنّهم علَّة غائية لخلق العباد ، لا بمعنى أنّ الخالق يحتاج إلى الغاية ، بل لأنّ إفاضة فيض الوجود بسبب ما سبق في علمه من أنّهم السابقون الكاملون في الغرض والغاية من الفيض ، والله العالم.

الصراط والميزان حقائق أم رموز؟

ما هو رأي الشارع الكريم فيمن يرى أنّ الصراط أمر رمزي فيقول : إنّ الكلمة لا تعبّر عن شيء مادّي ، فلم يرد في القرآن الحديث عن الصراط إلا بالطريق أو الخطَّ الذي يعبّر عن المنهج الذي يسلكه الإنسان إلى غاياته الخيّرة أو الشريرة في الحياة ، وبذلك يكون الحديث عن الدقّة في تصوير الصراط في الآخرة كناية عن الدقّة في التمييز بين خطَّ الاستقامة وخطَّ الانحراف؟ علماً بأنّ حديث المعصوم (عليهم السّلام) كثير في مجال تشخيص عينيّة الصراط وتجسّمه؟

باسمه تعالى الواجب على المسلم الاعتقاد بالصراط والميزان وغيرها من أُمور الآخرة ، على ما هي عليه في الواقع إجمالًا ، وأنّها حقّ لا ريب فيه ، وأمّا القول بأنّ الصراط أمر رمزيّ فهو قول بغير علم ، بل ظاهر بعض النصوص كون الصراط أمراً عينياً ، والله العالم.

٨٦

هل لله تعالى علمان؟

هل لله تعالى علمان ، علم قديم وعلم حادث؟

باسمه تعالى ليس علمه تعالى إلا قديماً كقدرته ولا يتوقف العلم بالحوادث على فعليتها ووجودها ، فان التقديرية في الحوادث لا تعني تقديرية العلم بها. نعم ، قد تكون مشيئته تعالى تقديرية وهي التي يعبر عنها بعالم المحو والإثبات ، قال تعالى (يَمْحُوا الله ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَه أُمُّ الْكِتابِ) ، والله العالم.

إذا كان لله علم حادث فما هو؟

إذا كان لله علم حادث فما هو؟

باسمه تعالى قد بينا جوابه فيما سبق ، والله العالم.

إحياء الأموات بإذن الله (عزّ وجلّ)

ما رأي سماحتكم في الرواية الواردة في الكافي كتاب الحجّة باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهم السّلام) والتي فيها إحياء الإمام الكاظم عليه وعلى آبائه السلام لبقرة ميتة؟ وكيف يستقيم ذلك مع العقيدة الإسلامية ، حيث إنّ الله هو المحيي المميت؟

باسمه تعالى إحياؤه يكون بإذن الله تعالى على فرض ثبوت الرواية ، كإحياء النبي عيسى الموتى على نبيّنا وآله وعليه السلام ، والله العالم.

معنى وحدانية العدد

ورد في دعاء الإمام زين العابدين (عليهم السّلام) متضرعاً لله تعالى : «لك يا إلهي وحدانية العدد ، وملكة القدرة الصمد». ما المقصود بوحدانية العدد؟ وهل يتفق ذلك مع

٨٧

عقيدتنا في الله تعالى؟

باسمه تعالى المراد من وحدانية العدد : الذي لا ثاني له ، حيث إنّ لكل نوع من أنواع الموجودات وحدة العدد يتكرر فإن الله علم بذاته لا ماهية له ؛ لأن الماهية تتكرر بتكرر الموجود ، والله العالم.

مفهوم التوكل

الرجاء ذكر معنى التوكل؟

باسمه تعالى التوكل هو إيكال الأمر إلى الله تعالى بعد تهيئة المقدمات المتمكن منها بحسب العادة ، وإلَّا فلا يكون توكلًا ، والله العالم.

ماهيات الخلق

هل ماهيات الخلق مجعولة (حادثة) أو غير مجعولة (قديمة)؟

باسمه تعالى إن كان المراد من جعل الماهيات إعطاء الوجود لها فالمعطي للوجود هو الله سبحانه وتعالى ، كما هو المعطي الوجود للإنسان وسائر المخلوقات ، وإن كان المراد منها المفاهيم التي تنتزع من الوجود كما ينتزع من الإنسان (حيوان ناطق) فهذا مما انتزعه الناس ولو طائفة منهم ، والتسمية لهذه الماهية باسم هل هي من الله سبحانه أو من الخلق أو بعضها من الله وبعضها من الناس ليس أمراً مرتبطاً بالدين ، فالذي يجب الاعتقاد به أن الخالق لسائر المخلوقات هو الله سبحانه سواء كان الخلق بالواسطة أو بلا واسطة. ثم لا يخفى ان الصورة المثالية ليس من المفاهيم بل هي نحو من الوجود فيكون المعطي لها هو الله سبحانه ، والاعتقاد بأن الإنسان بعد الموت إلى يوم الحشر يكون له صورة مثالية أو يكون له بقاء بنحو آخر لم يكلف الناس الاعتقاد به بل يوكل علمه إلى الله سبحانه هو العالم بما خلق ، كما هو الحال بالإضافة إلى خلق الأرواح قبل الأبدان ، والله العالم.

٨٨

إذا كانت الماهيات مجعولة (حادثة) ، فأين كانت حين ألقى الله تعالى التكليف عليها؟

باسمه تعالى قد تقدم أمر الماهيات المعروفة وبيّن في محله أن دار التكليف بعد الخلق وتحقق شرائطه ، وأما خلق الأرواح فهو سابق على خلق الأبدان ، والتكليف في عالم الذر كان للأرواح سواء بالصور المثالية أو بغيرها ، وهذا أمر آخر لا يرتبط بالاعتقادات الواجبة ولا يجب معرفتها على الناس ، ويكفي الاعتقاد الإجمالي بعالم الذر على ما هو عليه في الواقع ، والله العالم.

مفهوم (اللَّهمّ لا تمكر بي ..)

ما معنى هذه الفقرة المختارة من أحد الأدعية المستحب قراءتها «اللَّهمّ لا تمكر بي ولا تخدعني ولا تستدرجني ..» ، ما معنى المكر وما معنى الخديعة وما معنى الاستدراج؟ وهل العياذ با لله الله سبحانه يخدع؟!

باسمه تعالى معنى مكر الله سبحانه وخدعته هو جزاؤه الإنسان الماكر والخادع على مكره وخديعته ، كما ورد في الخبر أن الله عزّ وجلّ لا يسخر ولا يستهزئ ولا يمكر ولا يخادع ، ولكنّه عزّ وجلّ يجازيهم جزاء السخريّة وجزاء الاستهزاء وجزاء المكر والخديعة ؛ فمعنى لا تمكر بي ولا تخدعني هو : لا تجزني بمكري ولا بخديعتي.

والاستدراج هو الاستدناء إلى الهلاك ، وفي الخبر عن أبي عبد الله (عليهم السّلام) في قول الله عزّ وجلّ (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) ، قال هو العبد يذنب الذنب فتجدّد له النعمة معه تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار من ذلك الذنب ، فمعنى (ولا تستدرجني) هو : لا تجعلني ممّن يذنب الذنب ويجدد الله له النعمة فتلهيه تلك النعمة عن الاستغفار.

٨٩

المراد من (ولا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى)

ذكر البعض : إنّ قوله تعالى (ولا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (١) معناه : أنّ الإنسان إذا كان مرضياً مستحقّاً للمغفرة ، فإنّ الله يكرّم نبيّه تكريماً صورياً بقبول شفاعته فيه ، وإذا لم يكن مرضيّاً فلا شفاعة له ، فالشفاعة منصب صوري ، وما ذكره بعض العرفاء من أنّنا لا نملك قابلية الخطاب مع الله تعالى فنتوسّل بالأئمة في ذلك باطل ، بل الحقّ أنّه ليس بيننا وبين الله حجاب.

ما رأيكم في هذه المقالة؟ وهل هي موافقة لعقيدة الشيعة؟

باسمه تعالى المراد من الشفاعة في الآية المباركة (ولا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) معناها الظاهر ، وهو أن يطلب من صاحب الحقّ الإغماض عن تقصير المقصّر وعدم أخذه به لكرامة الشفيع ووجاهته عند الله ، فإغماضه عن تقصير المقصّر وعدم أخذه به لكرامة الشفيع ووجاهته عنده أمر حسن عند العقل والعقلاء ، وليست الشفاعة بهذا المعنى أمراً صورياً.

وحيث إنّ ظاهر الآية المباركة ما ذكرنا ، فيؤخذ به ولا تُرفع اليد عنه إلَّا بقرينة عقلية أو نقلية ، والعقل لا يرى مانعاً من شمول الرحمة الإلهية للعصاة بواسطة شفاعة الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) تكريماً لهم لمقامهم عند الله تعالى وبذل أعمارهم الشريفة في نشر الدّين وإبلاغ أحكامه وإعلاء كلمته ، ولا مانع عقلًا من قبول الشفاعة بل مطلق العفو على نحو التفضّل لا على نحو الاستحقاق.

كما أنّ المراد بمن ارتضى في الآية هو ارتضاء دينه ، فلا يعمّ العفو المشرك لقوله تعالى (إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه) (٢) وليس المراد بالارتضاء استحقاق دخول الجنّة

__________________

١) سورة الأنبياء : الآية ٢٨.

٢) سورة النساء : الآية ٤٨.

٩٠

كما ذُكر في السؤال.

وأمّا النقل ، فالروايات الواردة في شفاعة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام) كثيرة ، بل هي متواترة فلا مجال للنقاش فيها ، وهذه هي عقيدة الشيعة المستفادة من الآيات والأخبار الشريفة ، وخلافها خروج عن عقيدة الشيعة.

(مَا الله يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ)

عقيدتنا في الله أنه غير ظالم بل عادل ، وبصريح الآية المباركة (ومَا الله يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) ، إذن : ما ذنب ابن الزنا لكي لا يجوز أن يصبح إمام جمعة أو جماعة؟

باسمه تعالى عدم إعطاء منصب الإمامة لا يكون ظلماً ، بل للمصلحة الدينية ، فإنها منصب شرعي ، فالأنسب أن لا يتصدى لها من عليه مهانة عند الناس ، والله العالم.

مفهوم (المؤمن ينظر بنور الله)

ما معنى الحديث القائل : «المؤمن ينظر بنور الله»؟ وكيف ينظر بنور الله؟

باسمه تعالى المقصود به أن الله يفتح أمامه أبواب الرحمة ويسدده في سيره كما هو مضمون قوله تعالى (ومَنْ يُؤْمِنْ بِالله يَهْدِ قَلْبَه والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ، والله العالم.

(لولاك لما خلقت الأفلاك ..)

جاء في الحديث : «لولاك يا محمد ما خلقت الأفلاك ، ولو لا عليّ ما خلقتك ، ولو لا فاطمة ما خلقتكما» ، كيف نوجّه هذا الحديث؟

باسمه تعالى المراد مما ذكرتم أنه لو كان في علم الله سبحانه عدم وجود هذه السلسلة من الذوات المقدسة الطاهرة المطهرة (عليهم السّلام) لما خلق الله العالم على ما في الخبر ، وكان الأمر كما كان قبل العالم ، والله العالم.

٩١

مفهوم الحديث (من أخّر الصلاة بدون عذر)

بالنسبة لتأخير الصلاة عن وقتها هناك حديث للرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول : «من أخّر الصلاة عن وقتها بدون عذر فقد حبط عمله» فما معنى هذا الحديث؟ هل معناه : انه لا خير في كل عمل خيرٍ فعله في ذلك اليوم؟

باسمه تعالى معنى هذا الحديث أن من أخّر الصلاة عمداً عن وقتها حتّى أصبحت قضاءً ، فإن ذلك غير جائز ولا يتدارك وزره بعمل خير آخر ، والله العالم.

مفهوم (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي ولأَخِي)

ما هو رأي علماء المذهب بالمقولة التالية المتعلَّقة بالحديث عن آية (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي ولأَخِي) (١)؟ وما هو حكم من يقول بها؟ وهذه العبارة هي : «ولكنّنا قد لا نجد مثل هذه الأُمور ضارّة بمستوي العصمة ، لأنّنا لا نفهم المبدأ بالطريقة الغيبية التي تمنع الإنسان مثل هذه الأخطاء في تقدير الأُمور ، بل كلّ ما هنالك أنّه لا يعصي الله في ما يعتقد أنّه معصية ، أمّا أنّه لا يتصرّف تصرّفاً خاطئاً يعتقد أنّه صحيح مشروع ، فهذا ما لم نجد دليلًا عليه ، بل ربّما نلاحظ في هذا المجال أنّ أسلوب القرآن في الحديث عن حياة الأنبياء ، ونقاط ضعفهم يؤكَّد القول بأنّ الرسالية لا تتنافى مع بعض نقاط الضعف البشري من حيث الخطأ في تقدير الأُمور».

باسمه تعالى إنّ الخطأ في تقدير الأُمور مع الاعتقاد بالصحّة ليس موجباً للمعصية حتّى يكون مورداً لطلب الغفران ، مع أنّ الآية المباركة صرّحت بطلب الغفران ، مما يدلّ على أنّ موردها أمر لا ربط له بالخطإ في تقدير الأُمور ، بل المراد بالآية المباركة هو صدور بعض الأُمور التي لا تتناسب مع مقام النبي ، كفرار يونس (عليه السّلام) من قومه ، وإن لم تكن مخالفة لنهي

__________________

١) سورة الأعراف : الآية ١٥١.

٩٢

صادر من الله تعالى ، فيكون صدورها موجباً لطلب الغفران من الله تعالى من باب أنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين. وأمّا ما ذكر في السؤال فهو فاسد ، لأنّنا لو جوّزنا على النبيّ الخطأ في تقدير الأُمور لم يحصل الوثوق بأوامره ونواهيه لجواز خطئه في إصدار الأمر عن الله تعالى مع عدم صدوره واقعاً ، ولا يسع المقام للتفصيل بأكثر من المذكور ، والله العالم.

مفهوم آية أُولي الأمر

ما هو رأيكم الشريف في من يقول معلَّقاً على آية أُولي الأمر (النساء : ٩٥) في معرض تعقيبه على رأي (علماء الإمامية) الذين قالوا : «إنّ المراد بهم الأئمة الاثنا عشر المعصومون» ، قال : إنّ الأمر بالطاعة لا يفرض دائماً عصمة الشخص المطاع ، بل ربّما يكون وارداً في مجال تأكيد حجية قوله ، كما في الكثير من وسائل الإثبات التي أمرنا الله ورسوله بالعمل بها والسير عليها ، في الوقت الذي لا نستطيع تأكيد أنّها تثبت الحقيقة بشكل مطلق ، وكما في الكثير من الأحاديث التي دلَّت على الرجوع إلى الفقهاء الذين قد يخطئون وقد يصيبون في فهمهم للحكم الشرعي ، وذلك انطلاقاً من ملاحظة التوازن بين النتائج الإيجابية التي تترتّب على الاتّباع لهم ، وبين النتائج السلبية. وفي ضوء هذا فإنّنا لا نستطيع اعتبار الأمر بالطاعة دليلًا على تعيين المراد من أُولي الأمر بالمعصومين ، بعيداً عن الأحاديث الواردة في هذا المجال ..

ثمّ قال : إنّ من الممكن السير مع الأحاديث التي تنصّ على أنّ المراد من أُولي الأمر الأئمة المعصومون مع الالتزام بسعة المفهوم ، وذلك على أساس الأسلوب الذي جرت عليه أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) في الإشارة إلى التطبيق بعنوان التفسير ، للتأكيد على حركة القرآن المستقبلية في القضايا الفكرية والعملية الممتدة بامتداد الحياة .. إلخ.

٩٣

باسمه تعالى إنّ الأمر الوارد في اتباع الفقهاء والعلماء والأخذ بحديث الثقات من الرواة أمر إرشادي لحجّية قولهم كما قرّر في علم الأُصول ، فلا بدّ من تقييده عقلًا بصورة عدم العلم بمخالفته للواقع ، فإنّ جُعل شيء طريقاً للواقع إنّما هو في فرض احتمال مطابقته للواقع.

وأمّا الأمر المذكور في الآية فهو أمر مولوي نفسي ، وحيث إنّه لا يعقل إطلاق الأمر وشموله لصورة أمر النبي وأُولي الأمر (عليهم السّلام) بما فيه مخالفة لأمر الله تعالى ، فلا محالة يكون مقتضى الإطلاق في الأمر بإطاعة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأُولي الأمر هو عصمة الشخص المطاع مطلقاً ، فيكون المراد بأُولى الأمر الأئمة المعصومين (عليهم السّلام). ويؤكَّده قرن الأمر بطاعتهم بالأمر بطاعة الله ورسوله ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

مفهوم الآية (عَبَسَ وتَوَلَّى)

ما هو رأيكم الشريف بمقولة من يرى أنّ آية (عَبَسَ وتَوَلَّى) نزلت بمناسبة عبوس الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وإعراضه عند مجيء عبد الله بن أم مكتوم؟

باسمه تعالى المروي عن الأئمة (عليهم السّلام) نزول الآية المذكورة في رجل كان في مجلس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والآية المباركة عتاب ولوم لذلك الرجل الحاضر في مجلس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، ومما يؤكَّد ذلك اشتمال السورة على مضامين لا تتناسب مع حديث القرآن الكريم عن شخصيّة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فمثلًا قوله تعالى (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَه تَصَدَّى وما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) ظاهر في أنّ المقصود بهذه الآيات شخص من دأبه التصدّي للأغنياء وإعراضه عن الفقراء وعدم الاهتمام بتزكيتهم ، وهذا مخالف صريح لقوله تعالى عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِه ويُزَكِّيهِمْ ويُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١) ، وكذلك قوله تعالى (وأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْه

__________________

١) سورة الجمعة : الآية ٢.

٩٤

تَلَهَّى) ظاهر في أنّ الشخص المعهود من طبعه الصدود والإعراض عن المؤمنين وهو مخالف صريح لقوله تعالى حديثاً عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْه ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) ، بل لازم صدور الصدود من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن المؤمنين هو المعصية لأنّه مأمور باستقبالهم والتواضع لهم في قوله تعالى (واخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).

مفهوم الآية (ولَقَدْ هَمَّتْ بِه وهَمَّ بِها)

إذا نظرت إلى امرأة بشوق وميل نفسي ، فهل هذا جائز لي أو لا؟ إذا كان الجواب أنّه لا يجوز لي ذلك ، فكيف لنا أن نجوزه للنبي المعصوم (عليه السّلام) ، كما حاول بعضهم تفسير ما ورد في حق النبي يوسف (عليه السّلام) بذلك في الآية المباركة (ولَقَدْ هَمَّتْ بِه وهَمَّ بِها)؟ هل المقصود من الشوق والميل النفسي الوارد في النص المتقدم هو النظر بشهوة وريبة أم ماذا؟

باسمه تعالى معتقد الإمامية أنّ العصمة هي أن يكون لدى النبيّ أو الإمام حد من العلم بعواقب المعصية وأثرها السيئ بحيث يمتنع عن فعلها ولا يرغب فيها ولا يميل إليها أصلًا مع قدرته على ارتكابها ؛ فمثلًا الإنسان العادي إذا أدرك إضرار شرب البول فإنّه كما يمتنع عنه باختياره فكذلك يعرض عنه إعراضاً تاماً بحيث لا يميل ولا يرغب فيه ، لعلمه بخبثه وقذارته مع قدرته على شربه ، وكذلك العصمة ، فإنّ المعصوم كما أنّه لا يقدم على المعصية فإنّه لا تنقدح في نفسه الشريفة رغبة فيها ولا ميل إليها ؛ لعلمه بخبثها وقذارتها. وأمّا المقصود بقوله تعالى (ولَقَدْ هَمَّتْ بِه وهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّه) فهو أنّ الإغراء الَّذي حصل ليوسف (عليه السّلام) مقتضٍ للميل والهم والرغبة ، إلا أنّ يوسف (عليهم السّلام) لمّا كان متحلياً بنور العصمة ومطَّلعاً على برهان ربّه من أول أمره ، لم يقدم على المعصية ولم يقع في نفسه همّ ولا ميل إليها ؛ لأنّ أصل الهم كان معلقاً على عدم رؤية برهان ربّه الذي هو نور العصمة ، والله الهادي للصواب.

٩٥

العرش ومفهوم آية (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)

ما هو الرد على هذه الشبهة في تفسير آية (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)؟ هناك من يقول استوى بمعنى استولى وهيمن ، فهل ذلك يعني (خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) ، أي : استولى أو هيمن على العرش بعد أن خلق السماوات والأرض ، أي أن العرش موجود من قبل؟

باسمه تعالى العرش كناية عن مركز الإرادة والمشيئة الإلهية ، والمشيئة من صفات الفعل المتعلق بمخلوقات السماوات والأرض ، فلا وجود لها قبل خلق السماوات والأرض ، والله العالم.

حديث الخيط الأصفر وحديث النورانية

هل حديث الخيط الأصفر وحديث النورانية المرويان في البحار صحيحان؟

باسمه تعالى على فرض صحتهما لهما تأويلات لا يسع المقام للتعرض لها ، وليس الاعتقاد بهما من الأمور الواجبة ، والله العالم.

الحديث القدسي

ما هو الحديث القدسي؟ هل هو كلام الله سبحانه وتعالى ، أو كلام الرسول محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟ وهل يجب الالتزام به والأخذ بأوامره ونواهيه؟

باسمه تعالى ليس الحديث القدسي من القرآن؟ ولم يثبت له سند أنه من كلام الله أو من كلام النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟ ولكن عمدة ما ورد فيه مطابق لحكمة العقل من المواعظ والأخلاقيات ، والله العالم.

زيارة الناحية

ما رأيكم الشريف في زيارة الناحية المقدسة سنداً؟

٩٦

باسمه تعالى هي من الزيارات المشهورة المعروفة لدى الشيعة ، والله العالم.

سند حديث الكساء

هل ثبت لديكم صحّة سند حديث الكساء؟

باسمه تعالى حديث الكساء مشهور ، والثواب المنقول يعطى للقارئ والمتوسل بقراءته ، ومن ورد في حقهم الحديث إلى الله سبحانه وتعالى عند الحاجات ، والله العالم.

دعاء التوسل

هل دعاء التوسل وارد عن أهل البيت (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى دعاء التوسل لا يحتاج إلى السند ؛ فإن مضامينه التوسل بالأئمة (عليهم السّلام) الذي يدخل في قوله سبحانه وتعالى (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) ، ولا نعرف وسيلة غيرهم وغير من يتعلَّق بهم ، ومع ذلك فالمحكي عن المجلسي (رحمه الله) أنّه مرويّ عن الأئمة (عليهم السّلام) ، مضافاً إلى ذلك أنه دعاء مجرّب لا ينبغي التردّد فيه ، والله العالم.

خطبة البيان وخطبة التطنجية

هل خطبة البيان والخطبة التطنجية صحيحتان؟

باسمه تعالى الخطبتان غير ثابتتين بطريق معتبر وإن كانتا تشتملان على أمور ومطالب ومضامين وردت في بعض الروايات ، والله العالم.

أسئلة في الأدعية ومفاهيمها

يرجى بيان معنى العبارة الآتية التي وردت في دعاء رجب : «.. أسألك بما نطق فيهم من مشيّتك فجعلتهم معادن لكلماتك وأركاناً لتوحيدك وآياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كلّ مكان ، يعرفك بها من عرفك ، لا فرق بينك وبينها إلَّا أنّهم

٩٧

عبادك وخلقك».

باسمه تعالى الضمير في (بينها) في قوله (لا فرق بينك وبينها) يعود إلى آياتك ، المراد منها الأئمة (عليهم السّلام) ، ومنه يتّضح عود الضمير في قوله (إلَّا أنّهم عبادك) فالمراد بهم الأئمة (عليهم السّلام) ، وأمّا قوله : «أسألك بما نطق فيهم من مشيّتك» فهو إشارة إلى كلمته سبحانه وتعالى التي عبّر عنها في كتابه العزيز بقوله (إِنَّما أَمْرُه إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَه كُنْ فَيَكُونُ) ، ويدخل في ذلك ما ذكره سبحانه وتعالى في آية التطهير ، وفيها دلالة واضحة على أنّ ما امتاز به الأئمة (عليهم السّلام) عن سائر الناس ليس أمراً كسبياً ، بل هو أمر مما تعلَّقت به مشيئة الله تعالى ، كما هو ظاهر آية التطهير أيضاً. نعم ، تعلَّق المشيئة مسبوق بعلمه سبحانه بأنّهم يمتازون عن سائر الناس أيضاً في إطاعتهم لله سبحانه وتعالى حتّى لو لم يعطهم ما تعلَّقت به مشيئته كما ورد في دعاء الندبة ، والله العالم.

دعاء أيام رجب

قال الإمام الحجة في دعاء أيام رجب : «وأركاناً لتوحيدك وآياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك ، لا فرق بينك وبينها إلَّا أنهم عبادك وخلقك». ما هذه العلامات؟ ما معنى لا فرق بينك وبينها؟

باسمه تعالى كل شيء من فضلهم وعظمتهم مطوي في كلمة (عبادك) كما أن عظمة الله سبحانه وتعالى وجلاله مطوية في هذه الكلمة قال الله تعالى (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) فعطاؤهم (عليهم السّلام) من عطائه تعالى أي بإذنه إذناً تكوينياً لا تشريعياً ، كما هو الحال في قصة عيسى (عليه السّلام) (وإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي) ، وقال تعالى (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) ، والله العالم.

عند الاستماع إلى الأدعية كدعاء كميل مثلًا ، فهل الاستماع كقراءة الدعاء؟

باسمه تعالى الاستماع للدعاء عمل حسن وقراءته أفضل وأكمل ، والله العالم.

٩٨

كيف توجهون قول الإمام (عليه السّلام) في الدعاء : «اللَّهمّ إنّي أسألك من عزّتك بأعزّها وكلّ عزّتك عزيزة ، اللَّهمّ إنّي أسألك من رحمتك بأوسعها وكل رحمتك واسعة» وغيرها ، ممّا يشعر ظاهراً بوجود تفاوت في الصفات المقدسة؟

باسمه تعالى الاختلاف في صفات الذات كالعلم والقدرة ونحوهما إنّما هو بالاعتبار ، وإلَّا فهي في الحقيقة متحدة ، وأمّا صفات الأفعال كالخلق والرزق والرحمة فهي مختلفة لاختلاف متعلقاتها ، كما أنّها تتفاوت بلحاظ سعة المتعلق وضيقه أو قابليته ، والله العالم.

ما هو رأيكم الشريف بدعاء الفرج المبارك الذي فيه العبارة القائلة : «يا محمد يا علي يا علي يا محمد اكفياني فإنكما كافيان ..»؟

باسمه تعالى لا بأس بذلك لأنّه من باب التوسل بأهل البيت (عليهم السّلام) وهم الوسيلة إلى الله تعالى ، والله العالم.

تعودنا من خلال التزامنا بمحبة أهل البيت (عليهم السّلام) على إقامة الشعائر الدينية من احتفالات المواليد أو إقامة مجالس التعزية على أرواحهم الطاهرة ، والملاحظ أن الخطباء يبدؤون قراءتهم دائماً بقولهم : «يا ليتنا كنا معكم فنفوز والله فوزاً عظيماً ..». وكما هو معروف فإن ليت أداة تمنٍّ ، والسؤال : هل حاجز البعد الزماني بيننا وبين الإمام الحسين (عليه السّلام) عذر كافٍ لعدم النصرة؟ أم أننا ما زلنا مكلفين شرعياً بالنصرة؟ وكيف يمكننا أداء هذا التكليف ونحن في هذا العصر؟

باسمه تعالى الكل مكلف بالنصرة وفي كل زمان ، إلَّا أن النصرة في زمانه (عليه السّلام) كانت بنحو يختلف عن النصرة له (عليه السّلام) في زماننا هذا ، فإن نصرة الإمام الحسين (عليه السّلام) في زماننا هذا عبارة عن ذكر جهاده وتبليغ ظلامته بكل وسيلة من وسائل التبليغ ، فإن الدين أعز من كل شيء ، فقد بذل الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) أنفسهم الطاهرة الزكية في سبيل بقائه. نعم المرتبة الخاصة للشهداء مع الحسين (عليه السّلام) لا نصل إليها ، ولذلك نتمنى أن نكون معهم لنصل إلى بعض ثواب

٩٩

أعمالهم. وفقنا الله وإياكم لهذه النصرة إنه سميع مجيب.

الدليل على نبوة آدم (عليه السلام)

تفضل علينا بذكر الأدلة من القرآن أو السنة التي تدل على نبوة آدم (عليهم السّلام) ، فقد بدأ التشكيك في ذلك هنا من بعضهم مستنداً إلى قوله تعالى (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ الله النَّبِيِّينَ) ، ويقول بأن هذه الآية تنفي نبوة آدم (عليه السّلام) ، وأما الروايات الدالة على نبوته فقد رماها بالضعف بقوله إنها إسرائيليات.

باسمه تعالى الأدلة على نبوته كثيرة ، ومما يدلّ عليها صريحاً معتبرة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : «لما مات آدم (عليه السّلام) فبلغ إلى الصلاة عليه فقال هبة الله لجبرائيل (عليه السّلام) : تقدم يا رسول الله فصلِّ على نبي الله. فقال جبرائيل (عليه السّلام) إن الله أمرنا بالسجود لأبيك فلسنا نتقدم على أبرار ولده وأنت من أبرّهم ، فتقدم فكبر عليه خمساً. الحديث ..» ، والله العالم.

قال الله تعالى (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) فإذا كان آدم (عليه السّلام) من المخلصين ، فكيف استطاع الشيطان أن يؤثر عليه مع أنّه قد نفي تأثيره على المخلصين بقوله (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ! فإذا قيل إنّ الشيطان لم يؤثر عليه ، فكيف تؤول هذه الآية؟

باسمه تعالى إنّ آدم (عليه السّلام) على ما في الرواية بعد هبوطه إلى الأرض ندم وبكى قرابة مائة سنة ، وتوسل إلى الله سبحانه وتعالى بحرمة الأئمة المعصومين ، وبما أنّ الله سبحانه وتعالى كان عالماً أنّه إذا نزل إلى الأرض سيكون نادماً خاضعاً مقبلًا على ربه وبذلك يمتاز عن سائر الناس أعطاه العصمة كسائر الأنبياء على ما قرّرناه في أجوبة بعض الاستفتاءات ، مضافاً إلى ذلك أنّ نهيه سبحانه وتعالى لم يكن تكليفاً بل إرشاداً إلى أن لا يظلم نفسه بإخراجه من الجنة ، حيث إن قربه من الشجرة يوجب إخراجه من الجنّة إلى الدنيا والدنيا ، دار التكليف والامتحان للإنسان ، والله العالم.

١٠٠