الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية

آية الله الميرزا جواد التبريزي

الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية

المؤلف:

آية الله الميرزا جواد التبريزي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
المطبعة: زيتون
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٢٠

فدك

يقال إنّه لو كان لفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) حقّ بفدك لأعاد الإمام علي (عليه السّلام) هذا الحقّ لأصحابه في زمن خلافته ؛ لأنّه كان قادراً على ذلك.

باسمه تعالى لو أرجع (عليه السّلام) فدكاً لاتهم بالخيانة واغتنام الفرصة ، حيث كان أكثر الناس في ذاك الزمان على ضلال وجهالة ، وكانوا يعتقدون صحّة فعل الأوّلين أو على الأقل احتمالهم صحّته ، والله العالم.

أسئلة حول فعل وتقرير فاطمة الزهراء (عليها السلام)

هل فعل وتقرير الزهراء (سلام الله عليها) داخل في السنة ، أي حجة ، أم لا؟

باسمه تعالى فعلها وقولها (سلام الله عليها) معتبران كاعتبار فعل وقول الإمام (عليه السّلام) ، وحكم تقريرها كحكم تقرير الإمام (عليه السّلام) ، والله العالم.

ذكر اسم فاطمة الزهراء (عليها السلام) في الأذان

هل يجوز ذكر فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) في الأذان بقصد الاستحباب أو لا؟ وهل يوجد دليل على جواز ذكرها أو عدمه؟

باسمه تعالى كلام الآدمي لا يبطل الأذان وليس مثل الصلاة ، وكل شيء يذكر في الأذان لا بقصد الجزئية فلا بأس به ، والله العالم.

عدم فقاهة من يشكك بظلامات الزهراء (عليها السلام)

ورد أنكم لا تؤيدون من يشكك في شهادة الزهراء (سلام الله عليها) ، ولكن هل تعتقدون بفقاهتهم؟

باسمه تعالى لا يجوز تأييد من يشك في شهادة الزهراء (سلام الله عليها) ولا نعتقد بفقاهته ؛ لأنه لو كان

١٢١

فقيهاً لاطلع على الرواية الصحيحة المصرحة بشهادتها (سلام الله عليها) وسائر الروايات المتعرضة لسبب شهادتها (سلام الله عليها) ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

طمث الزهراء (عليها السلام)

يقول البعض إن عدم طمث الزهراء (سلام الله عليها) يعد نوعاً من المغالاة بها ، وحالة مرضية يجب علاجها ، وقال : إن من المغالاة الاعتقاد بأن الأئمة (عليهم السّلام) لم يكونوا يحدثون بالأصغر والأكبر أو التغوط .. ما رأيكم الشريف بذلك؟

باسمه تعالى لا يعد حالة مرضية ، وإنّما هو داخل في إكرامها كما أن مريم (سلام الله عليها) أنجبت من غير بعل ، وإنما يعتبر حالة مرضية إذا ترتب عليه المرض المحتاج إلى الصحة ، والزهراء (سلام الله عليها) ليست كذلك. وأما ما ذكر عن الأئمة (عليهم السّلام) فالمؤمنون لا يعتقدون بذلك ، بل أن الإمام (عليه السّلام) يتوضأ ويغتسل كما كان رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كذلك ، والله العالم.

فرحة الزهراء (عليها السلام)

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن عيد الزهراء (سلام الله عليها) ، أرجو إعلامنا بمدي مصداقية هذا العيد ، وما هي حقيقته ، مع العلم أنّ السيدة فاطمة (سلام الله عليها) قد توفيت بعد رحيل الرسول الأعظم (سلام الله عليها) بأشهر قليلة ، وإذا كان عيد الزهراء (سلام الله عليها) فرحاً بموت عمر بن الخطاب ، فلما ذا زوج الإمام علي (عليه السّلام) ابنته أم كلثوم لعمر إذن؟!

باسمه تعالى هذا الأمر معروف عند الشيعة وله وجوه متعددة منها : ان في هذا اليوم توج الإمام المهدي بالإمامة بعد وفاة والده الإمام الحسن العسكري في اليوم الثامن من شهر ربيع الأول ، وهو المنتقم من أعداء الزهراء (سلام الله عليها) وأعداء الدين والموكل بإقامة دولة الحق ، ومنها : ان في هذا اليوم قتل عمر بن سعد قاتل الحسين (عليه السّلام) كما في بعض المنقولات التاريخية. وعلى كل حال فهو يوم فرح للشيعة عامة ولأهل البيت (عليهم السّلام) خاصة. وأما تزويج

١٢٢

الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ابنته من عمر فقد ناقش البعض في أصل تحقق هذا الزواج وكتبوا فيه كتباً مستقلة (١) ، وعلى فرض تحقّقه فإنّه من باب التقية وقد عمل الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بوظيفته. ويؤيّد ذلك ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السّلام) بأنّه قال : «ذلك فرج أكرهنا عليه» وعنه (عليه السّلام) : ذلك فرج غصبناه (٢) ، وأيضاً عنه (عليه السّلام) قال : لما خطب إليه قال له أمير المؤمنين إنّها صبية. قال : فلقي العبّاس فقال له : ما لي ، أبي بأس؟! قال : وما ذاك؟ قال : خطبت إلى ابن أخيك فردّني ؛ أمّا والله لأُعوّرنّ زمزم ولا أدع لكم مكرمة إلا هدمتها ، ولأُقيمن عليه شاهدين بأنّه سرق لأقطعنّ يمينه! فأتاه العبّاس فأخبره ، وسأله أن يجعل الأمر إليه ، فجعله إليه (٣) ، وهذه الأخيرة كالثانية صحيحة سنداً. والله العالم.

الأئمة (عليهم السلام) يعلمون الغيب بقدر ما علمهم الله (عزّ وجلّ)

قال الشيخ المفيد (رضى الله عنه) في كتابه الموسوم بأوائل المقالات : وأقول : أن الأئمة من آل محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد ويعرفون ما يكون قبل كونه ، وليس ذلك بواجب في صفاتهم ولا شرطاً في إمامتهم ، وإنما أكرمهم الله تعالى به وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتمسك بإمامتهم ، وليس ذلك بواجب عقلًا ، ولكنه وجب لهم من جهة السماع. فأما إطلاق القول عليهم بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بيّن الفساد ؛ لأن الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد ، وهذا لا يكون إلَّا لله عز وجل ، وعلى قولي هذا جماعة من أهل الإمامة إلَّا من شذ عنهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة.

أفلا تدل هذه المقالة للشيخ (قدّس سرّه) على عدم جواز إطلاق القول عليهم (عليهم السّلام) بأنهم

__________________

١) رسالة في خبر تزويج أُم كلثوم من عمر : تأليف العلامة السيد علي الحسيني الميلاني ، وكتاب افهام الأعداء في الخصوم : تأليف العلامة السيد حسين موسوي الهندي.

٢) فروع الكافي : ج ٥ ، كتاب النكاح ، باب تزويج أُم كلثوم.

٣) المصدر السابق.

١٢٣

يعلمون الغيب؟

باسمه تعالى إنهم (عليهم السّلام) يعلمون الغيب بقدر ما علَّمهم الله ، وكلام الشيخ المفيد (قدّس سرّه) راجع إلى الإطلاق وعدم تقييده بما ذكرنا ، وإطلاق العالم على من يكون علمه اكتسابياً لا بأس به ، كما في إطلاق العالم على سائر العلماء. وبالجملة ، ما ذكره الشيخ المفيد (قدّس سرّه) من الانصراف إلى العالم بالذات إنّما هو في صورة عدم التقييد كما ذكرنا ، والله العالم.

أفضلية أهل البيت (عليهم السلام) على الخلق

هل الاعتقاد بأفضلية أهل البيت على الخلق واجب من ضروريات المذهب؟

باسمه تعالى إنكار الأفضلية غير جائز ؛ لأنه مخالف للكتاب المجيد كما في أجوبة سابقة ، ولكن الذي لا يلتفت إلى ذلك ويدعي أنه لا دلالة في الكتاب المجيد على الأفضلية لا يخرج عن الإسلام ، والله العالم.

هل أهل البيت (عليهم السلام) العلل الأربع للخلق؟

هل يصح أن نطلق على أهل البيت (عليهم السّلام) بأنهم العلل الأربع للخلق (الفاعلية ، والمادية ، والصورية ، والغائية)؟

باسمه تعالى المسلَّم عندنا أنهم (عليهم السّلام) وسائط بين الله تعالى وبين خلقه ولا نعرف تفصيل ذلك ، وما نعلمه أنهم (عليهم السّلام) مأذونون من قبله تعالى في التصرف في الكون إذا اقتضت المصلحة ذلك ، فإنهم (عليهم السّلام) ليسوا أقل من الأنبياء السابقين على نبينا ، وقد ورد عن عيسى (عليه السّلام) انه كان يحيي الموتى بإذن الله ، والله العالم.

ذكر فضائل المعصومين (عليهم السلام)

هل يجوز ذكر فضائل المعصومين (عليهم السّلام) وتداولها في المجالس والمحافل دون التحقّق من أسانيد تلك الروايات؟

١٢٤

باسمه تعالى إذا لم يعلم اعتبار النقل ، فلا بأس بذلك بعنوان الحكاية عن كتاب ما لم يعلم كذبه ، والله العالم.

الخصائص الجسمانية للمعصومين (عليهم السلام)

حديث انعقاد نطفة الزهراء (سلام الله عليها) من الطعام الذي جيء به للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) واعتزاله خديجة ، هل يتعلَّق بخلق روحها أم بدنها الشريف؟ وعموماً : هل يختلف عنصر وهيئة بدن المعصوم عن أبدان سائر الخلق؟ كيف كانوا يمرضون إذن؟ وكيف كان بعضهم شديد السمرة ، وبعضهم بديناً ، كما في الروايات؟ وما مدى صحّة ما يقال من الخصائص الجسمانية للمعصومين (عليهم السّلام) من قبيل عدم النوم ورؤية الخلف كرؤية الأمام ، وانطباع أثر القدم على الحجر دون الرمل؟

باسمه تعالى قد ورد في البحار سر اعتزال النبي لخديجة أربعين يوماً حيث أمره الله سبحانه وتعالى أن يتهيأ لتكوين هذه البضعة الطاهرة ، فكان طيلة الأيام منشغلًا بالعبادة وكان وجوده في بيت عمه أبي طالب (١).

أمّا خصوصية أرواحهم وأبدانهم فإنّ مشيئة الله تعلَّقت بجعل خصوصيات لهم في أبدانهم وأرواحهم لا يوجد مثلها في غيرهم.

أمّا كون هذه الخصوصيّة كانت بعدم النوم ورؤية الموجود خلفهم بدون التفات أو بغير ذلك كما ورد في بعض الأخبار ، فالأولى إرجاع علم ذلك إلى أهله.

كما أنّ قدرة المعصومين صلوات الله عليهم على معرفة ما يريدون معرفته ثابتة ، فإذا أرادوا أن يعلموا شيئاً علموه ، أمّا كيف يتمّ لهم علم ذلك؟ وهل هو بتوجيه المعصوم نفسه الشريفة نحو المجهول فتحصل له المعرفة ، أم يتم بواسطة روح القدس الذي هو معهم ، أم

__________________

١) بحار الأنوار.

١٢٥

بتحديث الملائكة ، أم بالإلهام .. إلى آخره ، فنحن غير مكلَّفين بمعرفة تفاصيله وطرقه ، والله العالم.

ظروف الأئمة (عليهم السلام)

في الكافي الشريف أن الأئمة (عليهم السّلام) يتوارثون كتاباً مختوماً ، أو خواتيم (ج ١ كتاب الحجة باب أن الأئمة (عليهم السّلام) لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلون إلَّا بعهد من الله) يفتحها كل منهم ويمضي ما فيها ، وأن الحسين (عليه السّلام) فتحها فوجد فيها أن قاتل فأقتل وتُقتل واخرج بأقوام للشهادة لا شهادة لهم إلَّا معك ففعل ، وأن زين العابدين (عليه السّلام) فتحها فوجد فيها أن اصمت وأطرق ، وأن الباقر (عليه السّلام) فتح الخاتم الخامس فوجد فيه فسّر كتاب الله وصدّق أباك وورّث ابنك واصطنع الأمة .. وهكذا ترى أين يقع ما يقوم به بعض الكتاب والمفكرين الإسلاميين من تحليل تاريخ الأئمة واستنباط الآراء والمواقف من سيرتهم ، انهم يعرضون الأُمور في كتاباتهم وتحليلاتهم على نحو يفهمه القارئ كتفسير للحدث وتعليل لعمل المعصوم ، هل ذلك لهم؟ أين يقع ذلك من الروايات التي تتحدث عن الكتاب والخاتم المختوم؟

باسمه تعالى من المعلوم أن لبعض الأئمة (عليهم السّلام) ظرفاً يخصه ومقاماً يختلف عن بعض المقامات الأخر ؛ فعصر الإمام علي (عليه السّلام) وما جرى فيه من الأحداث العظيمة التي يحتاج فهمها إلى تأمل صادق وبحث عميق ، سبّب أن وقع كثير من الناس في تحليل الأحداث بمتاهات ، فكان يصعب على البعض فهم سكوت الإمام علي (عليه السّلام) في مقابل ما جرى للخلافة ، وكذا غيرها من الأحداث ، كما أن ظرف الإمام الحسن (عليه السّلام) وما جرى عليه من الظلم يختلف عن عصر الإمام الحسين (عليه السّلام) ، حيث أحاطت بالإمام الحسن (عليه السّلام) ظروف صعبة اضطرته للصلح مع معاوية حيث تركه القريب فضلًا عن البعيد ، وربما يستفيد المتضلع في أحوال الأئمة (عليهم السّلام) وما ابتلوا به في أعصارهم أموراً من بياناتهم وكيفية أفعالهم ،

١٢٦

فإن بعض أفعالهم لا يختص بزمان دون زمان فيأخذ بما فعل الإمام (عليه السّلام) في الظرف الذي يناسب ذلك الزمان مع ضم بعض الخطابات الشرعية ، مثل ما ورد في المعاملة مع المبدع والظالم وغير ذلك من الأُمور ، فيستنبط من المجموع حكماً شرعياً يخصه أو يعم عموم المؤمنين أو طائفة خاصة منهم.

وبعبارة أخرى : سيرة الأئمة وما قاموا به حجة شرعية على وجوب ذلك الفعل أو جوازه بحسب ما يستنبطه المتضلع في أحوالهم ، لأنّ الله تعالى لا يأمرهم إلَّا بما فيه صلاحهم وصلاح الإسلام ، وذلك منهم (عليهم السّلام) حجة على الأجيال الآتية ، حتى يعلم الناس أن الظروف تختلف ، فهناك ظرف لا بد من السكوت فيه ، وآخر تقتضي المصلحة القيام بوجه الظالم ، مع اختلاف مراتب القيام ، كما فعل الإمام الحسين (عليه السّلام) بعد انقضاء عهد معاوية لأنّ الناس رأوا ما صنع معاوية بعد أن تسلط على رقابهم ولعب ما لعب في دين الله ، ولأجل ذلك قام الحسين (عليه السّلام) بما كان يعلم أنه أمر من الله ووصية من رسوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وكان فعله حجة على أهل زمانه والأجيال الآتية ، لئلَّا يعتقد الناس أن كل من استولى على الحكم هو ولي المسلمين يجب على الناس طاعته. وبالجملة أن الإمام الحسين (عليه السّلام) أحيا ما أماته بنو أمية وما فعله حجة حتى يتنبّه الناس إلى أن المتربع على كرسي الخلافة ليس أهلًا لها ، وإنما الخلافة لأهلها ، والله العالم.

زيارة المعصومين (عليهم السلام)

مولاي الجليل ، هناك زيارة لسيدتنا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) في كتاب (إقبال الأعمال للسيد ابن طاوس (قدّس سرّه)) وأنا أريد نشر هذه الزيارة لبيان مظلومية مولاتنا الزهراء (سلام الله عليها) ، وسؤالي هل سند هذه الزيارة معتبر لديكم؟

باسمه تعالى ما ورد في الزيارة المنقولة في كتاب الإقبال للسيد ابن طاوس (قدّس سرّه) أمور صحيحة ونؤمن بها في أكثرها والبعض الآخر مما وصل إلينا بطريق معتبر أو من المشهورات

١٢٧

التي لا سبيل إلى إنكارها ، كما يفصح عن ذلك مع الغمض عما ذكر تجهيزها (سلام الله عليها) ليلًا من غير حضور أهل السقيفة وغيرهم وخفاء قبرها إلى يومنا الحاضر ، فان في هذين الأمرين كمال الإفصاح لما جرى عليها (سلام الله عليها) من الغدر والظلم كما لا يخفى لمن كان له قلب سليم خال عن المرض ، والله الهادي.

عند زيارة أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) عن بعد ، هل يجب قراءة الاستئذان للدخول إلى الحرم الشريف؟ علماً أنّي في دولة بعيدة وأقرأ الزيارة عن بعد.

باسمه تعالى يكفي قراءة نفس الزيارة دون الاستئذان ، ويجزي في زيارة الحسين (عليه السّلام) أن يقول صلَّى الله عليك يا أبا عبد الله ثلاثاً ، والأحوط استحباباً الصعود على السطح للزيارة ، والله العالم.

هل يجوز إضافة بعض العبارات إلى زيارة المعصوم مثلًا (من مكاني) عند قراءة هذا المقطع (قاصداً إلى حرمك)؟

باسمه تعالى لا بأس بإضافة بعض العبارات لا بقصد الورود والنسبة للمعصوم (عليه السّلام) بل بقصد الإنشاء ، والله العالم.

عند زيارة أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) في الزيارات المخصوصة في غير أوقاتها ، فهل النية تكون القربة المطلقة أم رجاء المطلوبية؟

باسمه تعالى لا بأس بقراءة الزيارة في غير وقتها برجاء المطلوبيّة أو بقصد مطلق الزيارة ، والله العالم.

تتذيل بعض زيارات الأئمة الأطهار (عليهم السّلام) صلاة الزيارة ، وفي بعضها تسبق هذه الصلاة الزيارة ، فهل يجب إتيانها على النحو الوارد في نفس الزيارة من ناحية التقديم والتأخير؟

باسمه تعالى الأحوط الأولى ملاحظة الترتيب الوارد في الزيارة والدعاء والصلاة ، والله

١٢٨

العالم.

ما هي أصح الزيارات الواردة ، وما درجة صحة زيارة عاشوراء ودعاء الندبة؟

باسمه تعالى بعض الزيارات معتبرة كزيارة أمين الله وزيارة عاشوراء المروية عن كتاب المزار للمشهدي ، ومضمونها صحيح قطعاً ، وكذا بعض الزيارات الأخرى كالزيارة الجامعة المعروفة ، وكذا بعض الأدعية كدعاء الندبة ، والله العالم.

أيهما الأفضل زيارة الإمام علي (عليه السّلام) أم زيارة الإمام الحسين (عليه السّلام) في الأيام غير المخصوصة لزيارة كل من الإمامين؟

باسمه تعالى لكل فضل ، ولا يبعد أن تكون زيارة الإمام الحسين سيد الشهداء (عليه السّلام) أكثر ثواباً كما في الروايات ، والله العالم.

ما رأيكم في نصّ الزيارة الزينبية ، هل هي صادرة عن معصوم؟

باسمه تعالى زيارة البقاع المباركة للأئمة (عليهم السّلام) ومن يتعلَّق بهم للتقرّب إليهم أمر مرغوب إليه شرعاً ، والمعروف في المزارات بل المنقول في جملة منهم السلام على صاحب القبر بكيفية خاصّة مشتركة أو مختصّة ، وأمّا ما ورد من كيفية خاصّة في زيارة السيدة زينب (سلام الله عليها) فيقرأ رجاءً أو بعنوان عام ، أي بعنوان ما ورد في زيارة من يتعلَّق بالأئمة (عليهم السّلام) ، والله العالم.

زيارة الأئمة (عليهم السلام) مشياً

ما هو رأيكم الشريف في مسألة المشي لزيارة الإمام الرضا (عليه السّلام) ، وذلك بمناسبة أربعين سيد الشهداء (عليه السّلام) ، مع العلم أن بعض الجهلة أخذوا يسخرون من هذا العمل؟

باسمه تعالى زيارة الأئمة (عليهم السّلام) كزيارة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من العبادات المستحبة عند جميع علماء الإمامية (رضوان الله عليهم) ، وقد وردت في ذلك الروايات المتواترة المروية في كتب المزار والكتب الأربعة ، والإتيان إلى زيارته مشياً على الأقدام مستحب ، وقد ورد ذلك

١٢٩

في زيارة مولانا أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأنه بالمشي يكتب الله له بكل خطوة حجة وعمرة ، وإن رجع ماشياً كتب الله له بكل خطوة حجتين وعمرتين. والروايات الواردة في المشي إلى زيارة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام) كثيرة جدّاً ، وقد عقد في الوسائل باباً مستقلا في فضل المشي إلى زيارته (عليه السّلام) ، وورد في صحيحة الحسن بن علي الوشاء التي رواها الصدوق (قدّس سرّه) في ثواب الأعمال ورواها أيضاً ابن قولويه (قدّس سرّه) في كتاب المزار بسند صحيح ، قال : قلت للرضا (عليه السّلام) : ما لمن أتى قبر أحد من الأئمة؟ قال (عليه السّلام) : له مثل ما لمن أتى قبر أبي عبد الله (عليه السّلام). قلت : ما لمن زار قبر أبي الحسن (عليه السّلام)؟ قال : مثل ما لمن زار قبر أبي عبد الله (عليه السّلام). وظاهر هذه الرواية القريب من التصريح أن السؤال الأول راجع إلى ثواب الإتيان ، فإذا كان المشي في الإتيان لزيارة أبي عبد الله (عليه السّلام) أفضل من الركوب لزيارته ، كما أشرنا إلى الروايات فيه ، فيكون الثواب في الإتيان لزيارة سائر الأئمة (عليهم السّلام) مشياً وركوباً كالإتيان لزيارة أبي عبد الله (عليه السّلام). وأما ثواب أصل الزيارة فلا يستفاد من صدر الرواية وإنما يستفاد ثواب الإتيان ، ولذا سأل الراوي عن ثواب زيارة أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السّلام) بعد ذلك ، وأجابه الإمام (عليه السّلام) له مثل من زار قبر أبي عبد الله (عليه السّلام).

وعلى هذا فلا يصغي إلى وسوسة بعض الجهلة الذين ينكرون فضل المشي إلى زيارة الإمام الرضا (عليه السّلام) فإنهم غافلون عن مدارك الأحكام والعبادات المستحبة ومواضع الاستظهار ، وكذلك لا يعتنى بأقوالهم ولا عقائدهم في أمور الدين. هداهم الله إلى الرشد والصواب وهو الهادي إلى سواء السبيل ، والحمد لله رب العالمين.

أهل البيت (عليهم السلام) وعلم الغيب

هل يعلم أهل البيت (عليهم السّلام) الغيب؟

باسمه تعالى المقدار الثابت عندنا أنّ الأئمة (عليهم السّلام) إذا أرادوا أن يعلموا أمراً فيه صلاح ، يظهر لهم ذلك الأمر ، وأمّا غير ذلك فليس لنا علم به ، فهذا موكول إلى علمهم (عليهم السّلام) ، هذا بالنسبة

١٣٠

إلى غير الأحكام الشرعية من الأُمور الخارجية. أمّا الأحكام الشرعية فالعلم بها حاصل عندهم (عليهم السّلام) من غير تعلَّم متعارف ، ولا يرتبط هذا بعلم الغيب ، والله العالم.

حب أهل البيت (عليهم السلام) وبغض أعدائهم

حبّ أهل البيت (عليهم السّلام) وبغض أعدائهم بحدّ ذاته ، إذا لم ينجرّ إلى عمل ولم يدفع إلى عبادة ، هل يفيد الإنسان؟

باسمه تعالى إنّ حبّ أهل البيت صلوات الله عليهم وموالاتهم ومودّتهم فريضة واجبة بنصّ القرآن والسنّة ، والناصب لهم العداء خارج عن الإسلام. وقد أمرنا أهل البيت (عليهم السّلام) بعدم الاكتفاء بحبّهم عن العمل ، وما يفتري على الشيعة من أنّهم يكتفون بالولاية عن العمل تهمة كاذبة ، أمّا حساب الذين يحبّونهم ولا يعملون الصالحات ويعملون السيّئات ، فهو موكول إلى الله تعالى ، ويؤمّل لهم الخير بسبب حسنة حبّهم وولايتهم ، وقد تشملهم رحمة الله تعالى وشفاعة نبيّه وأهل بيته الطاهرين ، ولعلّ الحديث المروي «حبّ علىّ حسنة لا تضرّ معه سيّئة» ناظر إلى هذا الأصل ، وليس معناه الوعد أو العهد القطعي بشمول الشفاعة.

العلم بقصص أهل البيت (عليهم السلام)

هل يجب على المؤمن أن يعرف قصص أهل البيت (عليهم السّلام) بالتفصيل ، كقصة مظلومية الزهراء (سلام الله عليها) مثلًا أو لا؟

باسمه تعالى ينبغي للمؤمن أن يعرف ذلك تفصيلًا ، والله العالم.

المراد من لفظ أهل البيت

إنني سمعت عن الكثير من العلماء والخطباء ان زوجات الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لسن من أهل البيت ، واستشهادهم على ذلك بآية التطهير وحديث الكساء ، ويقولون إنّ

١٣١

زوجات النبي محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لسن من أهل البيت ، فما رأيكم في مجمل السؤال؟

باسمه تعالى إذا دلّ دليل في مورد خاص على تخصيص أهل البيت بجماعة خاصة أخذنا به ، كما وردت الروايات الكثيرة ومنها حديث الكساء على أن المراد من أهل البيت في آية التطهير هم (علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام)) ، ومن هذه الروايات وقوف النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مدة ستة أشهر على بيت علي وفاطمة (عليهما السّلام) وهو يقرأ هذه الآية الكريمة على الباب ، وظاهره اعلام الناس ان هذه الآية نزلت فيهم ، وكذلك في آية المباهلة ، ففيها تشمل كلمة (نساءنا) الزوجات ، الا ان النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لم يأخذ معه إلا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). وفقكم الله للهدي والصواب والتمسك بأهل البيت (عليهم السّلام).

ولاية أهل البيت (عليهم السلام) شرط لصحة الأعمال

هل ولاية الأئمة الأطهار بشكل يرضى بها الله ورسوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من شرائط صحّة العمل كالإسلام ، أو أنها شرط في قبول العمل وترتّب الأجر والثواب عليه ، كما هو رأي بعض العلماء؟

باسمه تعالى ظاهر بعض الروايات المعتبرة أنّها شرط لصحّة العمل ، والله العالم.

هل علم الإمام (عليه السّلام) يشمل جميع الأشياء حتى قبل توليه الإمامة؟

باسمه تعالى الذي نعلمه ونعتقده أن الإمام (عليه السّلام) إذا أراد أن يعلم الشيء أعلمه الله ذلك ، والله العالم.

مظلومية أهل البيت (عليهم السلام)

لو تصدّى أحد المتمسّكين بالولاية الشرعية لأهل البيت (عليهم السّلام) للدفاع عن مظلوميتهم ، فهل يجوز التحريض على مقاطعته من قبل الآخرين الذين لم تثبت لديهم تلك المظلومية في نفس الكتب المعتبرة؟

١٣٢

باسمه تعالى مظلوميّتهم (عليهم السّلام) قد ظهرت من يوم وفاة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وهذا أمر لا يمكن إنكاره لأيّ مسلم مطَّلع على ما جرى عليهم (عليهم السّلام) ؛ بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فمن تصدّى لبيان مظلوميّتهم ببعض الأفعال التي تناسب الجزع ، أو تحريض الناس على الجزع لما أصابهم (عليهم السّلام) لا يجوز منعه ، ولا التحريض على مقاطعته ، فإنّ الجزع لما أصابهم (عليهم السّلام) من العبادات ، كما ورد ذلك في بعض الروايات الصحيحة ، والله العالم.

الإمامة والأئمة الاثنا عشر (عليهم السلام)

قال بعض الكتّاب ما نصّه : «في داخل الثقافة الإسلامية ثابت يمثّل الحقيقة القطعية مما ثبت في المصادر الموثوقة من حيث السند والدلالة ، بحيث لا مجال للاجتهاد فيه ، لأنّه يكون من قبيل الاجتهاد في مقابل النص ، وهذا هو المتمثّل ببديهيات العقيدة كالإيمان بالتوحيد والنبوة واليوم الآخر ومسلَّمات الشريعة كوجوب الصلاة ..».

«وهناك المتحوّل الذي يتحرّك في عالم النصوص الخاضعة في توثيقها ومدلولها للاجتهاد ، مما لم يكن صريحاً بالمستوى الذي لا مجال لاحتمال الخلاف فيه ولم يكن موثوقاً بالدرجة التي لا يمكن الشك فيه ، وهذا هو الذي عاش المسلمون الجدل فيه كالخلافة والإمامة والحسن والقبح العقليين والذي ثار الخلاف فيه بين العدلية وغيرهم ، والعصمة في التبليغ أو في الأوسع من ذلك ..».

والسؤال هو : هل صحيح ما ورد في هذا المقال من أنّ الإمامة من القضايا المتحوّلة التي لم تثبت بدليل قطعي؟ وهل العصمة كذلك؟ وما هو نظر الشرع فيمن ذهب إلى هذه المقالة ، هل يعد عندنا من الإمامية الاثني عشرية أم يعدّ من المخالفين؟

باسمه تعالى مسألة الإمامة وعصمة الأئمة (عليهم السّلام) من الضروريات والمسلَّمات عند الشيعة ،

١٣٣

ولا يضرّ في كونها ضرورية استدلال علماء الإمامية على ثبوتها في مقابل المخالفين المنكرين أو المشكَّكين فيها ، كما لا يضرّ استدلال العلماء على النبوّة الخاصّة والمعاد الجسماني في مقابل الفرق المنكرة لهما من أهل الكتاب في كونهما من ضروريات الدّين. ولتوضيح ذلك وبيانه بصورة تامّة عليك بقراءة الملحق الآتي.

الملحق الضروريات الدينية على قسمين :

قسم منها ضروري عند عامّة المسلمين أو جلَّهم كوجوب الصلاة وصوم شهر رمضان المبارك.

وقسم منها من ضروريات المذهب كجواز الجمع بين الظهرين والعشاءين من غير ضرورة ، ومثل عدم طهارة الميتة بالدبغ ، وهذه الأُمور تحسب من ضروريات المذهب ومسلَّماته ، والمنكر لذلك مع علمه بكونها ضرورية عند الشيعة خارج عن المذهب ، والمنكر في القسم الأوّل مع عدم الشبهة يخرج عن الإسلام.

هذا بالنسبة للأحكام الضرورية.

وأمّا بالنسبة للاعتقادات التي يجب معرفتها على كلّ مكلَّف عيناً والاعتقاد بها اعتقاداً جزمياً ، فبعضها من أُصول الدين كالتوحيد والنبوّة الخاصّة والمعاد الجسماني ، والقسم الآخر من الاعتقادات من أُصول المذهب كالاعتقاد بالإمامة للأئمّة (عليهم السّلام) بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والاعتقاد بالعدل ، فإنّه يجب على كلّ مكلَّف الاعتقاد بها ، إلَّا أنّ عدم الاعتقاد والمعرفة بالأوّل يخرج الشخص عن الإسلام وفي الثاني لا يخرجه عن الإسلام ، وإنّما يخرجه عن مذهب التشيّع لأهل البيت (عليهم السّلام).

والاعتقاد بكلا القسمين كما ذكر العلماء ليس أمراً تقليديّاً ، بل يجب على كلّ مكلَّف تحصيل المعرفة والاعتقاد بها ولو بدليل إجمالي تحصل به القناعة ، وكون هذه الأُمور من أُصول الدين لا يمنع البحث فيها وردّ الشبهات الواردة عليها عند طائفة من العلماء الماهرين

١٣٤

المطَّلعين على الشبهات وردها ، ولذا فإنّ علماء الكلام كما بحثوا في مسألة النبوّة الخاصّة ومسألة المعاد بحثوا في مسألة الإمامة أيضاً.

وكما أنّ بعض الفرق تناقش في مسألة المعاد الجسماني ، بل في مسألة النبوّة الخاصّة ، كذلك ناقشت فرقة من المسلمين في مسألة الإمامة ، ولكن هذه البحوث ، سواء كانت في أُصول الدّين أو المذهب ، لا تخرجها عن الضروريات عند المستدلَّين عليها بالأدلَّة القاطعة ، ولو لم تقبل هذه الأدلة بعض الفرق كما ذكرنا ، فإنّ استدلال العلماء على مثل هذه الأُمور بالأدلَّة إنّما هو لدفع شبهات الفرق الأُخرى ، لا أنّها مسائل اجتهادية لم يثبت شيء منها بالنصّ الصريح أو الدليل القاطع.

وبالجملة ضروريات المذهب (أي مسألة الإمامة والعدل) ثابتة عند الشيعة بأدلَّة قاطعة وواضحة بنحو حرّم العلماء التقليد فيها ، بل قالوا بوجوب تحصيل العلم والمعرفة بها على كلّ مكلَّف لسهولة الوصول إلى معرفتها ، كما أنّهم أوجبوا العلم بأُصول الدين ولم يجوّزوا التقليد فيها ، لأنّ طريق تحصيل العلم بها سهل يتيسّر لكلّ مكلَّف.

والمتحصّل : أنّ الاعتقاديات ، سواء كانت من أُصول الدين أو أُصول المذهب ، أُمور قطعية ضرورية عند المسلمين أو عند المؤمنين ، وإنّما يكون افتراق آراء المجتهدين في غير الضروريات والمسلَّمات من الدين أو المذهب ، ويفحص في غيرهما من فروع الدين عن الدليل على ذلك ، وبما أنّ العامّي لا يتمكَّن من الفحص في مدارك الأحكام ، فتكون وظيفته التقليد فيها.

فالاجتهاد والتقليد إنّما يكون في غير الضروريات والمسلَّمات ، وأمّا الضروريات فالاستدلال فيها لغرض الردّ على الفرق التي لا تؤمن ولا تعتقد بهذه الضروريات لا يخرج ذلك عن كونه ضرورياً عند أهله ، ومسألة الإمامة عند الشيعة داخلة في ذلك كما بيّنا ، والله العالم.

١٣٥

يرى البعض منزلة الأئمة (عليهم السّلام) ومقاماتهم ومعجزاتهم وأفضليتهم على الخلق أجمعين ، ليست بالأمر المهمّ ، وأنّها نوع من الترف الفكري ، لأنّ ما يجب الاهتمام به هو تطبيق تعاليمهم والعمل بإرشاداتهم ، والاهتمام بالجانب الأول يشغل ويؤثّر سلباً في الجانب الثاني .. فما هو رأيكم؟

باسمه تعالى المطلوب من كلّ مؤمن أن يعرف إمامه بمقدار وسعه وأنّه معيّن من الله تعالى بوصيّة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) حسب ما أمره ربّه عزّ وجلّ ، كما عليه أن يعرف أنّ الأئمة (عليهم السّلام) معصومون ، والتأمّل في مقامات أهل البيت ودرجاتهم العلمية والعملية وخصوصياتهم الغيبية أمر راجح ؛ لأنّه يزيد المؤمن اعتقاداً بالأئمة وثباتاً على نهجهم وإصراراً على الدفاع عنهم وعن مذهبهم ، وهذا من أعظم القربات والأعمال الإسلامية الكبيرة ، بخلاف الشخص الذي لا يهتمّ بمعرفة فضائل أهل البيت ومقاماتهم ، فإنّه لا يجد في نفسه حماساً للدفاع عن المذهب وخدمة العقائد الحقّة وترسيخها وتثبيتها ، والله العالم.

مراتب الأئمة (عليهم السلام) والزهراء (عليها السلام)

يرجى بيان المقامات المعنوية لأئمتنا (عليهم السّلام) ، وكذلك سيّدة نساء العالمين الزهراء (سلام الله عليها) من جهة أنوارهم (عليهم السّلام) في ظل العرش قبل هذا العالم ، وانعقاد النطفة والطينة ، ومن عدم وصول أحدٍ إلى مراتبهم (عليهم السّلام) حتى الملك المقرب والنبي المرسل ، وأنهم (عليهم السّلام) أولياء النعم ووسائط نزول بركات الرحمن عز وجل وتجلياتها فيما منحوا من الاسم الأعظم والعلوم الغيبية الإلهية ، وأنها ثابتة في الأخبار المنقولة المعتبرة في مختلف الأبواب من الكتب؟

باسمه تعالى الأئمة (عليهم السّلام) كلهم معصومون ، وكذا الزهراء (سلام الله عليها) ، بل هم في مرتبة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلَّا مرتبة النبوة ، ولذا عبر في آية المباهلة بأن نفس الإمام (عليه السّلام) نفسه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، ولا فرق في هذه الجهة بين أئمتنا (عليهم السّلام) إلَّا في مرتبة التقدم والتأخر ، وقد ثبت أنهم (عليهم السّلام) أولياء النعم ووسائط

١٣٦

نزول بركات الرحمن ، وإذا كانوا (عليهم السّلام) بمنزلة نفس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فلا يصل أحد إلى مراتبهم (عليهم السّلام) حتى الملك المقرب والنبي المرسل ، والله العالم.

المراد من أفضليتهم على القرآن

ورد في كتابكم الشريف صراط النجاة (المجلد الثاني مسألة ١٧٥٣) هناك رأي يقول : إن أهل البيت (عليهم السّلام) أفضل عند الله من القرآن ، فما هو تعليقكم؟

فأجبتم : القرآن يطلق على أمرين : الأمر الأول النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس ، الثاني : ما نزل على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بواسطة جبرائيل (عليه السّلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، وهو الذي ضحّى الأئمة (عليهم السّلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به ، وهو الثقل الأكبر ، ويبقى ولو ببقاء بعض نسخه ، وأهل البيت (عليهم السّلام) الثقل الأصغر ، وأما القرآن بالمعنى الأولي الذي يطلق على كل نسخة ، فلا يقاس منزلته بأهل البيت (عليهم السّلام) بل الإمام قرآن ناطق ، وذاك قرآن صامت ، وهو عند دوران الأمر بين أن يحفظ الإمام (عليه السّلام) أو يتحفظ على بعض النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، فلا بد من اتباع الإمام (عليه السّلام) كما وقع ذلك في قضية صفين ، والله العالم.

أ) ما هو مقصودكم بعبارة ما نزل على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بواسطة جبرائيل (عليه السّلام) ..؟

ب) نرجو توضيح معنى تعبير الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن القرآن بالثقل الأكبر ، وعن أهل البيت بالثقل الأصغر بصورة مفصلة ، وهل يفهم أن هناك خلقاً أفضل من محمد وآله (عليهم السّلام) وهم علة الإيجاد؟

باسمه تعالى النسخ التي بين أيدي الناس حاكية عن القرآن الكريم الذي أنزل على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وهذا هو الذي يقول عنه الله في كتابه العزيز (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَه لَحافِظُونَ) .. ، وهذا هو الكتاب المجيد الذي فدى الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) نفسه الشريفة والأئمة (عليهم السّلام) أنفسهم لأجله ، وعلم ذلك عند النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ومن بعده عند الأئمة (عليهم السّلام) ، وقول

١٣٧

علي (عليه السّلام) : «أنا القرآن الناطق» يشير إلى هذا المعنى. وأما النسخ التي بين أيدي الناس فليست إلَّا حاكية عن القرآن وليست أفضل من الأئمة (عليهم السّلام) فإذا دار الأمر بين الحفاظ على نفس الإمام (عليه السّلام) وبين حفظ النسخ يتعين حفظ نفس الإمام (عليه السّلام) ، والله العالم.

إمامة الأئمة الطاهرين من ولد الحسين (عليه السلام)

هل تثبت (بتحقيقكم) إمامة الأئمة الطاهرين التسعة من ولد الحسين (عليه السّلام) (بالقطع) وما هو منشؤه؟ وإذا كان في المقام روايات (صحيحة) يرجى الإشارة إليها ، وكذا (المتواترة).

هل ثبت (بتحقيقكم) أنّ علم أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) لدنّي خصوصاً فيما يتعلق بالتشريع منه أم بحجة شرعية أخرى؟

باسمه تعالى هذا الموضوع يحتاج إلى بحث لا يسعه المقام ، ولكن كون الأئمة اثني عشر ، وأنهم من قريش ، مروي وثابت عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) باتفاق الفريقين ، وأمّا تعيين الأئمة بأسمائهم فيمكن مراجعة كتاب الحجة من الكافي ، وكتاب إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات ، وكتاب كفاية الأثر في إمامة الأئمة الاثني عشر ، وغيرها ، فقد تعرضت لهذا الأمر بالتفصيل ، والله العالم.

التوسل بالأئمة (عليهم السلام) للشفاء

ما هو تفسير (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ. وقِيلَ مَنْ راقٍ) (١) ، فما معنى (راق) ، وهل تصحّحون ما جاء في بعض الروايات من الندب لقراءة بعض الأدعية أو اتخاذ الأحراز طلباً للأمان أو شفاء المريض ، وما إلى ذلك؟ وكيف نوفق بينها وبين لزوم مراجعة الأطباء ، واللجوء إلى الأسباب المادية الطبيعية في الاستشفاء؟

__________________

١) سورة القيامة : الآيتان ٢٦ ـ ٢٧.

١٣٨

باسمه تعالى (وقِيلَ مَنْ راقٍ) : قول ابن آدم إذا حضره الموت فينسى كلّ شيء إلَّا نفسه فيطلب ولو تمنّياً من يشفيه. (وظَنَّ أَنَّه الْفِراقُ) أي أيقن بفراق الدنيا والأحبّة ، ويقينه هذا لا ينافي أنّ الله سبحانه وتعالى يشفيه مما هو فيه ، إذا تعلَّقت مشيئة الله بشفائه بتوسّله أو توسّل ذويه من الأهل والأحبّة والصلحاء بالأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم ، وما شابه.

ولا يخفى أنّ ما ورد في بعض الأدعية كلَّه من باب الاقتضاء ، وليس بنحو يوجب التأثير لا محالة وإن لم يكن صلاحاً للشخص في علم الله سبحانه وتعالى ، والشفاء باستعمال سائر الأدعية نظير الشفاء الذي ذكره الله في القرآن بقوله (فِيه شِفاءٌ لِلنَّاسِ) في سورة النحل (١).

أذن الدعاء والرجوع إلى الطبيب لاحتمال أنّ إرادة الله بشفائه معلَّقة على فعل ذلك أمر حسن ، فإذا دعا أو دعوا له أو رجع إلى الطبيب أو توسّل بالأئمة (عليهم السّلام) فإنّ الله يشفيه إن شاء تعالى ، والله العالم.

كرامات أهل البيت (عليهم السلام)

ما رأيكم حول كرامات أهل البيت (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى كرامات أهل البيت (عليهم السّلام) ثابتة ومسلمة في الجملة ، إلا أن كراماتهم (عليهم السّلام) تجري حسب ما تقتضيه المصلحة والحكمة ، فإنهم الباب المعتبر به الناس ، والله العالم.

هل دماء أهل البيت (عليهم السلام) و.. نجسة؟

ما رأي سماحتكم في مدفوعات أهل بيت العصمة ، فهل دماؤهم وباقي مدفوعاتهم نجسة أم لها حكم يليق بمقامهم (عليهم السّلام) ، وإلى ماذا تشير آية التطهير؟

__________________

١) الآية ٦٩.

١٣٩

باسمه تعالى آية التطهير صريحة في طهارتهم من الذنوب والمعاصي ، بمعنى أنهم (عليهم السّلام) لا يتركون الواجبات ولا يرتكبون المحرمات ، حيث إنهم (عليهم السّلام) مالكون للنفس الزكية ، فهم (عليهم السّلام) لا يميلون إلى المحرمات والمعاصي ، وأما جميع الأحكام الشرعية فهم مشتركون فيها كالإتيان بالطهارة للصلاة سواء الحدثية أو الخبثية ، وإن خص رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بأحكام خاصة به ، والله العالم.

فقه المعصومين (عليهم السلام)

استبعد البعض أن تعرض أعمال المؤمنين قبل أن تثبت عليهم على المعصومين (عليهم السّلام) ، فيستغفروا لقسم من المؤمنين ، ما رأيكم الشريف في ذلك؟

باسمه تعالى لا بعد في ذلك بأمر محتمل ، والله العالم.

أفضلية الإمام على أهل زمانه

هل يجب أن يكون الإمام أفضل أهل زمانه؟

باسمه تعالى يجب أن يكون الإمام أعلم أهل زمانه ، والله العالم.

هل يعلم الإمام كل ما يتعلق بالحياة من أمور الدين والدنيا؟

باسمه تعالى أما أمور الدين فيعلمونها ، حيث إنّ علم الدين مخزون عندهم ، وأما أمور الدنيا فعلمهم فيها محصور بما يكون في عالم لوح المحو والإثبات ، وكون كيفية علمهم بها كلية أو جزئية غير ظاهر لنا ، والذي نعلمه أنّه إذا كان في البين مصلحة وشاؤوا أن يعلموا يظهر لهم ذلك الأمر ، والله العالم.

التفاضل بين المعصومين (عليهم السلام)

هل هناك تفاضل بين المعصومين (عليهم السّلام) باستثناء الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام علي (عليه السّلام)؟

١٤٠