إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر

الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبدالغني الدمياطي

إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر

المؤلف:

الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبدالغني الدمياطي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2192-8
الصفحات: ٦٢٤

ظَلَمَكَ) ص [الآية : ٢٤] فالإظهار له في الشاطبية كأصلها وفاقا لجمهور المغاربة ، وكثير من العراقيين ، وهو في المبهج (١) ، وغيره عنه من طريقيه ، والإدغام له في المستنير (٢) ، وغيره وفاقا لجمهور العراقيين ، وبعض المغاربة ، وأدغمها ورش في : الضاد والظاء المعجمتين ، وأظهرها عند الستة ، وأدغمها ابن ذكوان في : الذال ، والضاد ، والظاء المعجمات فقط ، واختلف عنه في الزاي ، فالإظهار رواية الجمهور عن الأخفش عنه ، والإدغام راويه الصوري عنه ، وبعض المغاربة عن الأخفش ، والباقون بالإظهار ، وهم : ابن كثير ، وعاصم ، وقالون ، وكذا : أبو جعفر ، ويعقوب.

الفصل الثالث

في حكم تاء التأنيث

اختلف في إدغامها في ستة أحرف ، أولها : الثاء نحو : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ) ، ثانيها : الجيم (وَجَبَتْ جُنُوبُها) ثالثها : الزاي : (خَبَتْ زِدْناهُمْ) فقط ، رابعها : السين (فَكانَتْ سَراباً) خامسها : الصاد (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ) سادسها : الظاء (حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) فأدغمها في الستة أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي وافقهم الأربعة ، وأدغمها في الظاء فقط ورش من طريق الأزرق ، وأظهرها خلف في الثاء فقط ، وأدغمها : ابن عامر في الظاء ، والصاد ، وأدغمها هشام في الثاء ، واختلف عنه في حروف سجز السين ، والجيم ، والزاي ، فالإدغام من طريق الداجوني ، وابن عبدان عن الحلواني ، والإظهار من باقي طرق الحلواني ، واختلف عن الحلواني عنه في (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ) الحج [الآية : ٤٠] ، وأظهرها ابن ذكوان عند حروف سجز المتقدمة ، واختلف عنه في الثاء فروى عنه الصوري الإظهار ، وروى عنه الأخفش الإدغام ، واختلف عنه أيضا في (أَنْبَتَتْ سَبْعَ) البقرة [الآية : ٢٦١] فأدغمها الصوري ، وأظهرها الأخفش ، وأما حكاية الشاطبي رحمه‌الله تعالى الخلاف عن ابن ذكوان في (وَجَبَتْ جُنُوبُها) الحج [الآية : ٣٦] ، فتعقبه في النشر بأنه لا يعرف خلافا عنه في إظهارها من هذه الطرق التي من جملتها طرق الشاطبية.

الفصل الرابع

في حكم لام هل ، وبل

اختلف في إدغامها في ثمانية أحرف. أولها : التاء نحو : (هَلْ تَنْقِمُونَ ، بَلْ تَأْتِيهِمْ). ثانيها : الثاء (هَلْ ثُوِّبَ) فقط. ثالثها : الزاي (بَلْ زُيِّنَ ، بَلْ زَعَمْتُمْ) فقط. رابعها : السين (بَلْ سَوَّلَتْ) معا فقط ، خامسها : الضاد (بَلْ ضَلُّوا) فقط ، سادسها : الطاء (بَلْ طَبَعَ) ، سابعها : الظاء (بَلْ ظَنَنْتُمْ) فقط ، ثامنها : النون (هَلْ نَحْنُ بَلْ

__________________

(١) كتاب المبهج للإمام سبط الخياط. النشر : (١ / ٨٣). [أ].

(٢) كتاب المستنير للإمام ابن سوار. النشر : (١ / ٨٢). [أ].

٤١

نَقْذِفُ) فاشترك : هل وبل في التاء ، والنون ، واختصر هل بالثاء المثلثة ، وبل بالخمسة الباقية ، فقرأ بإدغام اللام في الأحرف الثمانية الكسائي وافقه ابن محيصن بخلف عنه في لام هل في النون. وقرأ حمزة بالإدغام في التاء ، والثاء ، والسين ، واختلف عنه في : بل طبع ، فأدغمه خلف من طريق المطوعي ، وكذا رواه ابن مجاهد عن أصحابه عنه وأدغمه خلاد أيضا من طريق فارس بن أحمد ، وكذا في التجريد من قراءته على الفارسي ، وخص في الشاطبية الخلاف بخلاد والمشهورة عن حمزة الإظهار من الروايتين ، وقرأ هشام بالإظهار عند الضاد ، والنون ، واختلف عنه في الستة الباقية ، وصوب في النشر الإدغام عنه فيها ، وقال : إنه الذي عليه الجمهور ، وتقتضيه أصول هشام ، واستثنى أكثر رواة الإدغام عن هشام (هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ) بالرعد [الآية : ١٦] فأظهروها ، وهو الذي في الشاطبية ، وغيرها ولم يستثنها في الكفاية (١) ، واستثناها في الكامل للحلواني (٢) دون الداجوني ، ونص في المبهج (٣) على الوجهين من طريق الحلواني عنه ، والباقون : بالإظهار في الثمانية إلا أن أبا عمرو أدغم لام هل في تاء (تَرى) بالملك [الآية : ٣] ، والحاقة [الآية : ٨] فقط وافقه الحسن ، واليزيدي ، والله أعلم.

الفصل الخامس

في حكم حروف قربت مخارجها وهي سبعة عشر حرفا

الأول : الباء الساكنة عند الفاء في خمسة مواضع ، (يَغْلِبْ فَسَوْفَ ، تَعْجَبْ فَعَجَبٌ ، اذْهَبْ فَمَنْ ، فَاذْهَبْ فَإِنَ ، يَتُبْ فَأُولئِكَ) فأدغمها في الخمسة المذكورة أبو عمرو ، وهشام ، وخلاد والكسائي ، وافقهم الأربعة إلا أنه اختلف عن هشام ، وخلاد ، فأما هشام فالإدغام له من جميع طرقه رواه الهذلي ، ورواه القلانسي من طريق الحلواني ، وابن سوار من طريق المفسر عن الداجوني عنه ، والإظهار في الشاطبية كأصلها كالجمهور ، وعليه جميع المغاربة ، وأما خلاد فالإدغام عنه ذكره الهذلي ، ومكي ، والمهدي كالجمهور ، وعليه جميع المغاربة ، والإظهار عليه جميع العراقيين ، وخص بعض المدغمين الخلاف عن خلاد بقوله تعالى : (يَتُبْ فَأُولئِكَ) بالحجرات [الآية : ١١] كالشاطبي ، والداني ، وفي العنوان إظهاره فقط.

والثاني (يُعَذِّبُ مَنْ) بالبقرة أدغم الباء في الميم منه : أبو عمرو ، والكسائي ، وكذا خلف وافقهم اليزيدي ، والأعمش ، واختلف عن ابن كثير ، وحمزة ، وقالون ، فأما ابن كثير ، فقطع له بالإدغام في التبصرة (٤) ، والعنوان (٥) ، وغيرهما ، وقطع بالإظهار للبزي

__________________

(١) كتاب الكفاية للإمام : سبط الخياط. النشر : (١ / ٨٥). [أ].

(٢) كتاب الكامل في القراءات الخمسين للإمام : ابن جبارة النشر : (١ / ٩١). [أ].

(٣) كتاب المبهج لسبط الخياط رحمه‌الله تعالى. النشر : (١ / ٨٣). [أ].

(٤) كتاب التبصرة للإمام مكي القيسي في القراءات السبع. النشر : (١ / ٧٠). [أ].

(٥) كتاب العنوان للإمام : إسماعيل بن خلف الأنصاري. النشر : (١ / ٦٤). [أ].

٤٢

صاحب الإرشاد (١) وهو في التجريد (٢) لقنبل من طريق ابن مجاهد وأطلق الخلاف عن ابن كثير في الشاطبية كأصلها وتعقبهما في النشر بأن مقتضى طرقهما الإظهار فقط ، وأما حمزة : فقطع له بالإظهار صاحب العنوان ، والمبهج ، وفاقا لجمهور العراقيين ، وبالإدغام جميع المغاربة ، وكثير من العراقيين ، وأما قالون ، فالإدغام له عند الأكثرين من طريق أبي نشيط ، وهو رواية المغاربة قاطبة عن قالون ، والإظهار له من طريقيه في الإرشاد ، والكفاية لسبط الخياط ، ومن طريق الحلواني في المبهج ، وغيره ، وقرأ من بقي من الجازمين ، وهو ورش وحده بالإظهار.

الثالث : (ارْكَبْ مَعَنا) بهود [الآية : ٤٢] أدغمه أبو عمرو ، والكسائي ، وكذا يعقوب وافقهم الأربعة بخلف عن ابن محيصن ، والأعمش ، واختلف عن ابن كثير ، وعاصم ، وقالون ، وخلاد ، والوجهان صحيحان عن كل منهم ، والباقون ، وهم ورش ، وابن عامر ، وخلف ، وكذا أبو جعفر ، وخلف بالإظهار.

الرابع : (نَخْسِفْ بِهِمُ) بسبإ [الآية : ٩] أدغم الفاء في الباء الكسائي وحده ، وأظهرها الباقون ، وتضعيف الفارسي ، والزمخشري للإدغام فيها من حيث أنه أدغم الأقوى ، وهو الفاء في الأضعف ، وهو الباء رده أبو حيان ، وغيره.

والخامس : الراء الساكنة عند اللام نحو : (يَغْفِرْ لَكُمْ (٣) ، وَاصْبِرْ لِحُكْمِ) آل عمران [الآية : ٣١] والطور [الآية : ٤٨] فقرأ بالإدغام أبو عمرو بخلاف عن الدوري عنه ، وافقه ابن محيصن ، واليزيدي ، والخلاف للدوري كما في النشر مفرع على الإظهار في الإدغام الكبير ، فمن أدغم الإدغام الكبير أدغم هذا وجها واحدا ومن أظهر الكبير أجرى الخلاف في هذا ، والأكثر على الإدغام ، والوجهان صحيحان ، وفي المبهج الإظهار لابن محيصن ، وبه قرأ الباقون.

السادس : لام يفعل حيث وقع أدغمها في الذال أبو الحارث عن الكسائي وأظهرها الباقون.

السابع : الدال عند الثاء في (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ) معا بآل عمران [الآية : ١٤٥] فقرأ بالإدغام : أبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وكذا خلف ، وافقهم الأربعة ، والباقون بالإظهار.

الثامن : الثاء عند الذال وهو (يَلْهَثْ ذلِكَ) الأعراف [الآية : ١٧٦] فقط فأظهرها : نافع ، وابن كثير ، وهشام ، وعاصم ، وكذا أبو جعفر بخلاف عنهم ، والباقون بالإدغام قال ابن

__________________

(١) كتاب الإرشاد للإمام أبي العز القلانسي. النشر : (١ / ٨٦). [أ].

(٢) كتاب التجريد للإمام لابن الفحام. النشر : (١ / ٧٥). [أ].

(٣) وحيث وقعت. [أ].

٤٣

الجزري : (وهو المختار عندي للجميع للتجانس ، وحكى الإجماع عليه للجميع ابن مهران).

التاسع : الذال عند التاء من (اتَّخَذْتُمُ ، وأَخَذَتِ) البقرة [الآية : ٥١] فاطر [الآية :

٢٦] وما جاء من لفظه ، فأظهر الذال : ابن كثير ، وحفص ، واختلف عن رويس ، فروى الجمهور عن النخاس الإظهار ، وروى ، أبو الطيب ، وابن مقسم الإدغام ، وروى الجوهري إظهار حرف الكهف فقط ، وهو (لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ) الكهف [الآية : ٧٧] ، وإدغام الباقي ، وكذا روى الكارزيني عن النخاس ، والباقون بالإدغام.

العاشر : الذال في التاء أيضا في (فَنَبَذْتُها) طه [الآية : ٩٦] أدغمها أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وكذا خلف وافقهم اليزيدي ، والحسن ، والأعمش ، واختلف عن هشام ، فقطع له المغاربة قاطبة بالإظهار ، وهو الذي في الشاطبية ، وغيرها ، وجمهور المشارقة بالإدغام ، ورواه في التجريد (١) عنه من طريق الداجوني ، وفي المبهج (١) من طريق الحلواني ، ووافقه ابن محيصن بخلفه أيضا والباقون : بالإظهار.

الحادي عشر : الذال في التاء أيضا من (عُذْتُ) غافر [الآية : ٢٧] معا فقرأه بالإدغام : أبو عمرو ، وهشام بخلف عنه ، وحمزة ، والكسائي ، وكذا أبو جعفر ، وخلف وافقهم. الأربعة بخلف عن ابن محيصن ، وهو لهشام عند الهذلي ، وغيره وفاقا لجمهور العراقيين ، والإظهار له في الشاطبية كأصلها ، وفاقا لجميع المغاربة ، وبه قرأ الباقون.

الثاني عشر : الثاء في التاء من (لَبِثْتُمْ ، ولَبِثْتَ) البقرة [الآية : ٢٥٩] وطه [الآية : ٤٠] والشعراء [الآية : ١٨ ، ٢٥٩] ويونس [الآية : ١٦] كيف جاء فأدغمه : أبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وكذا أبو جعفر وافقهم الأربعة ، والباقون بالإظهار.

الثالث عشر : الثاء في التاء أيضا في (أُورِثْتُمُوها) بالأعراف [الآية : ٤٣] والزخرف [الآية : ٧٢] فأدغمه : أبو عمرو ، وهشام ، وحمزة ، والكسائي ، وافقهم الأربعة ، واختلف عن ابن ذكوان ، فالصوري بالإدغام ، والأخفش بالإظهار ، وبه قرأ الباقون ، وأدخل في الأصل هنا خلفا في اختياره في المدغمين ، وفيه نظر ، ولعله سبق قلم ، بل يظهرها الحرف في السورتين كما تقرر قولا واحدا كما في النشر ، وغيره.

الرابع عشر : الدال في الذال من (كهيعص) مريم [الآية : ١] ذكر أدغمها : أبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي وكذا : خلف ، والباقون ، بالإظهار.

والخامس عشر : النون في الواو من (يس وَالْقُرْآنِ) يس [الآية : ١ ـ ٢] فأدغمه : هشام ، والكسائي ، وكذا يعقوب ، وخلف وافقهم ابن محيصن ، والأعمش ، واختلف فيه عن نافع ، والبزي ، وابن ذكوان ، وعاصم فأما نافع ، فقطع له بالإدغام من رواية قالون

__________________

(١) انظر الصفحة (٤٢). [أ].

(١) انظر الصفحة (٤٢). [أ].

٤٤

جمهور العراقيين ، وغيرهم بالإظهار صاحب التيسير (١) ، والشاطبية (٢) ، وجمهور المغاربة ، وفي الجامع للداني الإدغام من طريق الحلواني ، والإظهار من طريق أبي نشيط قال في النشر : وكلاهما صحيح عن قالون من الطريقين ، والإدغام لورش من طريق الأزرق رواية الجمهور ، وقطع به في الشاطبية ، وغيرها ، وبالإظهار له من الطريق المذكور قطع في التجريد ، وقطع بالإدغام من طريق الأصبهاني ابن سوار ، والأكثرون ، وبالإظهار : ابن مهران ، والداني ، وهما صحيحان عن ورش كما في النشر ، وأما البزي ، فروى عنه الإظهار أبو ربيعة والإدغام ابن الحباب وهما صحيحان عنه كما في النشر وأما ابن ذكوان فروى عنه الإدغام الأخفش والإظهار الصوري وهما صحيحان عنه أيضا وأما عاصم : فالوجهان صحيحان عنه من رواية أبي بكر من طريقيه كما في النشر (٣) وروى عنه الإدغام من رواية حفص عمرو بن الصباح من طريق زرعان ، والإظهار من طريق الفيل ، وهما صحيحان من طريق عمرو ، ولم يختلف عن عبيد عنه أنه بالإظهار ، وبه قرأ الباقون ، وهم قنبل ، وأبو عمرو ، وحمزة وكذا أبو جعفر ، وافقهم اليزيدي ، والحسن.

السادس عشر : النون في الواو من (ن وَالْقَلَمِ) القلم [الآية : ١] فقرأ قالون ، وقنبل ، وأبو عمرو ، وحمزة ، وكذا أبو جعفر بالإظهار ، وافقهم الأربعة بخلف عن ابن محيصن ، والأعمش ، وقرأ هشام ، والكسائي ، وكذا يعقوب وخلف بالإدغام ، واختلف عن ورش ، والبزي وابن ذكوان وعاصم فالإدغام لورش من طريق الأزرق في التجريد (٤) وغيره والإظهار في العنوان (٥) ، وغيره والوجهان في الشاطبية ، وغيرها ، والخلاف عن البزي ، وابن ذكوان ، وعاصم كالخلاف في (يس) سواء إلا أن سبط الخياط قطع لأبي بكر من طريق العليمي بالإدغام هنا ، والإظهار في (يس) ولم يفرق غيره بينهما.

السابع عشر : النون عند الميم من (طسم) أول الشعراء ، والقصص ، وفأدغمه نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم ، والكسائي ، وكذا يعقوب ، وخلف وافقهم. الأربعة بخلف عن الأعمش ، وأظهره حمزة ، وكذا أبو جعفر على أنه لا حاجة إلى ذكره مع المظهر لأن مذهبه السكت على حروف الفواتح كما يأتي إن شاء الله تعالى ، ومن لازمه الإظهار تتمة وقع لأبي شامة رحمه‌الله تعالى النص على إظهار نون (طس تِلْكَ) أول النمل ، وهو كما في النشر سبق قلم بل النون مخفاة عند التاء وجوبا بلا خلاف ، والمشهور إخفاء نون عين عند الصاد للكل من كهيعص ، وبعضهم يظهرها ، وهو

__________________

(١) هو الإمام عثمان بن سعيد الداني انظر الصفحة : (٤). [أ].

(٢) هو الإمام القاسم بن فيرة الشاطبي انظر الصفحة : (٢٤). [أ].

(٣) انظر النشر الصفحة : (٢ ، ٣ إلى ١٩). [أ].

(٤) كتاب التجريد للإمام ابن الفحام. النشر : (١ / ٧٥). [أ].

(٥) كتاب العنوان للإمام إسماعيل بن خلف الأنصاري : (١ / ٦٤). [أ].

٤٥

مروي عن حفص لأنها حروف مقطعة ونظيرها نون عين عند السين من فاتحة الشورى ولم أر من نبه عليه فليراجع وأما (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ) المرسلات [الآية : ٢٠] فاجمعوا على إدغامه إلا أنهم اختلفوا في إبقاء صفة الاستعلاء في القاف فبالإدغام التام أخذ الداني وبإبقاء صفة الاستعلاء أخذ مكي والأول أصح رواية وأوجه قياسا كما في النشر قال فيه بل ينبغي أن لا يجوز البتة غيره في قراءة أبي عمرو في وجه الإدغام الكبير لأنه يدغم المتحرك من ذلك إدغاما محضا ، فالساكن أولى وأحرى (١).

الفصل السادس

في أحكام النون الساكنة والتنوين

أكثر مسائل هذا الفصل إجماعية ؛ وإنما ذكروه هنا لكثرة دور مسائله ، والاختلاف في بعضها ، وقيدوا النون بالسكون لتخرج المتحركة ، وترك ذلك في التنوين لأن وضعه السكون ، وأكثرهم قسم أحكام الباب إلى أربعة : إظهار ، وإدغام ، وقلب ، وإخفاء قيل : والتحقيق أنها ثلاثة : إظهار ، وإدغام محض ، وغير محض ، وإخفاء مع قلب ، وبدونه ، ودليل الحصر استقرائي لأن الحرف الواقع بعدهما إما أن يقرب من مخرجهما جدا أو لا الأول : واجب الإدغام ، والثاني : إما أن : يبعد جدا أولا ، الأول : واجب الإظهار ، والثاني : واجب الإخفاء. فالإخفاء حينئذ حال بين الإدغام والإظهار ، وقيل : بل خمسة والخلف لفظي.

الأول : الإظهار ، وهو عند حروف الحلق الستة وهي : الهمزة نحو : (يَنْأَوْنَ) فقط (مَنْ آمَنَ ، عادٍ إِذْ) والهاء (عَنْهُمُ ، مِنْ هادٍ ، امْرُؤٌ هَلَكَ) والعين (أَنْعَمْتَ ، مِنْ عَمَلِ ، حَقِيقٌ عَلى) والحاء (وَانْحَرْ ، مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) والغين (فَسَيُنْغِضُونَ ، مِنْ غِلٍ ، ماءٍ غَيْرِ) الخاء (الْمُنْخَنِقَةُ ، فَإِنْ خِفْتُمْ ، يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) فاتفق القراء على إظهار النون الساكنة والتنوين عند الستة لبعد المخرجين إلا أن أبا جعفر قرأ بإخفائهما عند الأخيرين الغين ، والخاء المعجمتين كيف وقعا لكن استثنى بعض أهل الأداء له (فَسَيُنْغِضُونَ) الإسراء [الآية : ٥١] ، (يَكُنْ غَنِيًّا) النساء [الآية : ١٣٥] (وَالْمُنْخَنِقَةُ) المائدة [الآية : ٣] فأظهر فيها كالجمهور ، وفي النشر الاستثناء أشهر ، وعدمه أقيس (٢).

الثاني : الإدغام في ستة أحرف أيضا ، وهي : النون نحو : (عَنْ نَفْسٍ ، مَلِكاً نُقاتِلْ) والميم (مِنْ مالٍ ، سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) والواو (مِنْ والٍ ، رَعْدٌ وَبَرْقٌ) والياء (مَنْ يَقُولُ ، فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ) واللام (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ، هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) ، والراء (مِنْ رَبِّهِمْ ، ثَمَرَةٍ رِزْقاً) فاتفقوا على إدغامها في الستة مع إثبات الغنة مع النون ، والميم ، وأما اللام ، والراء ،

__________________

(١) لقد طول البحث العلامة ابن الجزري في هذه المسائل وأراني لم أجد كتابا قد أعطى هذا الباب والمسائل الموجودة في خضمّه أكثر منه فللمزيد انظر أول المجلد الثاني حتى الصفحة (٢). [أ].

(٢) انظر الصفحة : (١ / ٢٢٣). [أ].

٤٦

فحذفوا الغنة معهما ، وهذا كما في النشر ، وغيره مذهب الجمهور من أهل الأداء ، والجلة من أئمة التجويد ، وعليه العمل عند أئمة الأمصار ، وذهب كثير من أهل الأداء ، وغيرهم إلى الإدغام فيهما مع بقاء الغنة ، ورووا ذلك عن أكثر القراء : نافع ، وابن كثير ، وأبي عمرو وابن عامر ، وعاصم ، وكذا أبو جعفر ، ويعقوب ، وغيرهم ، ووردت عن كل القراء ، وصحت من طرق النشر التي هي طرق هذا الكتاب نصا ، وأداء عن أهل الحجاز ، والشام ، والبصرة ، وحفص ، وأشار إلى ذلك في طيبته بقوله : وأدغم بلا غنة في لام ، وراء وهي «أي الغنة» لغير صحبة أيضا ترى. لكن ينبغي كما في النشر تقييد ذلك في اللام بالمنفصل رسما نحو : (أَنْ لا أَقُولَ ، وأَنْ لا مَلْجَأَ) أما المتصل رسما نحو : (أَلَّنْ نَجْعَلَ) بالكهف [الآية : ٤٨] فلا غنة فيه للرسم ، وأما الواو ، والياء ، فاختلف فيهما ، فقرأ : خلف عن حمزة بإدغام النون ، والتنوين فيهما بغير غنة وافقه المطوعي عن الأعمش ، وبه قرأ الدوري عن الكسائي في الياء من طريق أبي عثمان الضرير ، وروى الغنة عنه جعفر بن محمد ، وكلاهما صحيح كما في النشر ، وقرأ الباقون بالغنة فيهما ، وهو الأفصح ، واختلفوا في الغنة الظاهرة مع الإدغام في الميم ، فذهب بعضهم إلى أنها غنة النون ، والجمهور أنها غنة الميم ، وهو الصحيح ، واتفقوا على أنها مع الواو ، والياء غنة المدغم ، ومع النون غنة المدغم فيه.

واتفقوا : أيضا على إظهار النون الساكنة إذا اجتمعت مع الياء ، أو الواو في كلمة واحدة نحو : (صِنْوانٌ) الرعد [الآية : ٤] (والدُّنْيا) البقرة [الآية : ٨٥] (وبُنْيانٌ) الصف [الآية : ٤] خوف التباسه بالمضاعف (١).

تنبيه : التحقيق كما في الحلبي على مقدمة التجويد لابن الجزري أن الإدغام مع عدم الغنة محض كامل التشديد ، ومعها غير محض ناقص التشديد من أجل صوت الغنة الموجودة معه ، فهو بمنزلة الإطباق الموجود مع الإدغام في (أَحَطْتُ ، وبَسَطْتَ) انتهى.

ومقتضاه أنه متى وجدت الغنة كان الإدغام غير محض ناقص التشديد سواء قلنا أنها للمدغم ، أو للمدغم فيه ، ومقتضى كلام الجعبري أنه محض كامل التشديد مع الغنة حيث كانت للمدغم فيه لا للمدغم نبه عليه شيخنا رحمه‌الله تعالى ، وما ذكر من أن الإدغام إذا صاحبته الغنة يكون إدغاما ناقصا هو الصحيح في النشر ، وغيره خلافا لمن جعله إخفاء ، وجعل إطلاق الإدغام عليه مجازا كالسخاوي ، ويؤيد الأول ، وجود التشديد فيه إذا التشديد ممتنع مع الإخفاء.

__________________

(١) المضعف هو : الحرف المشدد. [أ].

فما يجب أن يخشاه القارئ إذا كان يقرأ (صنوان) [الرعد : ٤] مثلا أن يصير في ذهنه بأن الواو الناشئة عند الإدغام هي واو مضعفة أصلية في الكلمة وأن أصل كلمة (صوّان) هو : (صووان) والله أعلم.

٤٧

الثالث : القلب ، وهو : في الباء الموحدة فقط نحو : (أَنْبِئْهُمْ ، أَنْ بُورِكَ ، عَلِيمٌ بِذاتِ) فاتفقوا على قلب النون الساكنة ، والتنوين ميما خالصة ، وإخفائها بغنة عند الباء من غير إدغام ، وحينئذ : فلا فرق في اللفظ بين (أَنْ بُورِكَ ، وأَمْ بِهِ جِنَّةٌ).

الرابع : الإخفاء عند باقي الحروف ، وجملتها خمسة عشرة وهي القاف ، و (يَنْقَلِبُ مِنْ قَرارٍ ، بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) ، والكاف (أَنْكالاً ، إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ). والجيم (أَنْجَيْتَنا ، وَإِنْ جَنَحُوا ، وَلِكُلٍّ جَعَلْنا) والشين (يُنْشِئُ ، فَمَنْ شَهِدَ ، غَفُورٌ شَكُورٌ). والضاد (مَنْضُودٍ ، مِنْ ضَعْفٍ ، وَكُلًّا ضَرَبْنا) والطاء (يَنْطِقُ ، مِنْ طِينٍ ، صَعِيداً طَيِّباً) والدال (عِنْدَهُ ، مِنْ دَابَّةٍ ، عَمَلاً دُونَ) والتاء (كُنْتُمْ ، وَمَنْ تابَ ، جَنَّاتٍ تَجْرِي) والصاد (يَنْصُرْكُمُ ، وَلَمَنْ صَبَرَ ، عَمَلاً صالِحاً) والسين (الْإِنْسانُ ، أَنْ سَيَكُونُ ، رَجُلاً سَلَماً) والزاي (يُنَزِّلَ ، مِنْ زَوالٍ ، نَفْساً زَكِيَّةً) والظاء (انْظُرْ ، مِنْ ظَهِيرٍ ، ظِلًّا ظَلِيلاً) والذال (لِيُنْذِرَ ، مِنْ ذَهَبٍ ، وَكِيلاً ذُرِّيَّةَ) والثاء (الْأُنْثى ، فَمَنْ ثَقُلَتْ ، أَزْواجاً ثَلاثَةً). والفاء (يُنْفِقُ ، مِنْ فَضْلِهِ ، خالِدٌ فِي) ، فاتفقوا (١) على إخفائهما عند الخمسة عشر إخفاء تبقى معه صفة الغنة ، فهو : حال بين الإظهار ، والإدغام كما تقدم ، والفرق بين المخفي والمدغم أن المدغم مشدد والمخفي مخفف ، ولذا يقال أدغم في كذا ، وأخفى عند كذا ، والله تعالى أعلم.

تتمة : يجب على القارئ أن يحترز من المد عند إخفاء النون نحو : (كُنْتُمْ) وعند الإتيان بالغنة في النون ، والميم في نحو : (إِنَّ الَّذِينَ ، وَإِمَّا فِداءً) وكثيرا ما يتساهل في ذلك من يبالغ في إظهار الغنة ، فيتولد منها واو ، وياء ، فيصير اللفظ كونتم ، أين ، أيما وهو خطأ قبيح ، وتحريف ، وليحترز أيضا من الصاق اللسان فوق الثنايا العليا عند إخفاء النون ، فهو خطأ أيضا ، وطريق الخلاص منه تجافي اللسان قليلا عن ذلك وفي النشر إذا قرئ بإظهار الغنة من النون الساكنة ، والتنوين في اللام ، والراء عند أبي عمرو ، فينبغي قياسا (٢) إظهارها من النون المتحركة فيهما نحو : (نُؤْمِنَ لَكَ ، زُيِّنَ لِلَّذِينَ تَأَذَّنَ

__________________

(١) قوله فاتفقوا الخ : وإنما تعين الإخفاء لأن النون الساكنة والتنوين لم يقربا من هذه الحروف كقربهما من حروف الإدغام فيدغمان فيهن. ولم يبعدا منهن كبعدهما من حروف الحلق فيظهران عندهن فلذا تعين الإخفاء وكان على قدر قربهما منهن. فكلما قوي التناسب بالمخرج أو بالصفة قرب إلى الإدغام. وكلما قل قرب إلى الإظهار. قاله الجعبري. وهو معنى قول غيره فما قربا منه كانا عنده أخفى مما بعدا عنه. واتفق أهل الأداء على أنه لا عمل للسان في النون والتنوين حالة الإخفاء كعمله فيهما مع ما يظهران عنده أو ما يدغمان فيه بغنة. وإنما يخرجان عند حروف الإخفاء من الخيشوم.

(٢) قوله فينبغي قياسا الخ : لا ينبغي أن يلتفت إلى هذا القياس لمصادمته للرواية الصحيحة الواردة على الأصل إذ النون من نحو لن نؤمن لك وتأذن ربك متحركة في الأصل وسكونها عارض للإدغام. والأصل أن لا يعتد بالعارض. ولما فيه من قياس ما لا يروى على ما روي. والقراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول. والقياس إنما يصار إليه عند عدم النص وغموض وجه الأداء. وهذا لا غموض فيه مع أنه حكي الإجماع على تركها في ذلك حيث قال في باب الإدغام الكبير ما نصه : وكذلك أجمعوا على إدغام النون في اللام والراء إدغاما خالصا كاملا من غير غنة عند من روى الغنة

٤٨

رَبُّكَ) إذ النون من ذلك تسكن للإدغام قال : وبعدم الغنة قرأت عن أبي عمرو في الساكن ، والمتحرك ، وبه آخذ ، ويحتمل أن القارئ بإظهار الغنة إنما يقرأ بذلك في وجه الإظهار أي حيث لم يدغم الإدغام الكبير قال : في الأصل بعد نقله ما ذكر : لكن القراءة سنة متبعة فإن صح نقلا أتبع.

باب هاء الكناية (١)

ويسميها البصريون ضميرا وهي التي يكنى بها عن المفرد الغائب ولها أحوال أربعة.

الأول : أن تقع بين متحركين نحو : (إِنَّهُ هُوَ ، لَهُ صاحِبَةٌ ، فِي رَبِّهِ أَنْ) ولا خلاف في صلتها حينئذ بعد الضم بواو ، وبعد الكسر بياء لأنها حرف خفي إلا ما يأتي إن شاء الله تعالى.

الثاني : أن تقع بين ساكنين نحو : (فِيهِ الْقُرْآنُ ، آتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ).

الثالث : أن تقع بين متحرك ، فساكن نحو : (لَهُ الْمُلْكُ ، عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) وهذان لا خلاف في عدم صلتهما لئلا يجتمع ساكنان على غير حدهما.

الرابع : أن تقع بين ساكن ، فمتحرك نحو : (عَقَلُوهُ وَهُمْ ، فِيهِ هُدىً) وهذا مختلف

__________________

عنه في النون الساكنة والتنوين في اللام والراء ومن لم يروها. ا ه ولو وردت الغنة في ذلك لخرجت على اعتبار العارض ووجب قبولها وطرح الأصل الذي هو أقوى من العارض. وبهذا تعلم أن قوله ويحتمل أن القارئ بإظهار الغنة إنما يقرأ بذلك في وجه الإظهار حيث لم يدغم الإدغام الكبير مجرد توهم سرى له من ترك الغنة في المتحرك. وإلا لجزم به ولم يعبر بالاحتمال (وإذا بطل) هذا القياس وفسد هذا الاحتمال وزال هذا التوهم بقي الحكم في كل باب على ما ثبت به الرواية فيه. وقول العلامة الأجهوري : واختلف في لن نؤمن لك ، «أي على قراءة المدغم ومن المعلوم أن هذا لا يتأتى إلا على وجه إظهارها في الساكن» فهو وإن كان صريحا في إجراء الوجهين لا ينبغي اعتباره لأنه خلاف الصواب على الصحيح ولعله أخذه من القياس المذكور فليعلم (ثم إن) قوله وبعدم الغنة قرئت عن أبي عمر وفي الساكن والمتحرك وبه أخذ نص في أن الغنة له لم تثبت عنده بطريق الأداء بل بطريق النص كبعض من هي لهم على شرط كتابه فإنه قال وقد وردت الغنة مع اللام والراء عن كل من القراء وصحت من طريق كتابنا نصا وأداء عن أهل الحجاز والشام والبصرة وحفص. ثم بين طريق الأداء بقوله وقرئت به من رواية قالون وابن كثير وهشام وعيسى بن وردان وروح وغيرهم ا ه ومعلوم ضرورة أن قوله وغيرهم لا يعين شخصا فإدخال واحد دون غيره فيه تحكم وشموله للباقين كلهم باطل وإلا فما ثمرة التخصيص بل لو كان ذلك الغير من طريق كتابه لصرح به كما هو اصطلاحه في كل ما رواه أداء. والله أعلم.

(١) وهي اسم مبني لشبهه بالحرف وضعا وافتقارا. وعلى حركة لتوحيده وكانت ضمة تقوية لها. ووصلت بمد لخفائها وانفرادها وكانت المدة واو اتباعا وكسرت الهاء مع الكسرة والباء مجانسة فصارت الصلة ياء لذلك. وفتحت للمؤنث فصارت ألفا وحذفت الصلة وقفا تخفيفا. وبقيت الألف في المؤنث للدلالة على الفرعية وذكرت بعد الإدغام لأنها أول أصل اختلف فيه بعد الإدغام الواقع في الفاتحة. وهو فيه هدى.

إتحاف فضلاء البشر / م ٤

٤٩

فيه فإن كثير يصل الهاء بياء وصلا إذا كان الساكن قبل الهاء ياء نحو : (فِيهِ هُدىً) البقرة [الآية : ٢] وبواو إذا كان غير ياء نحو : (فَخُذُوهُ ، فَاعْتِلُوهُ ، واجْتَباهُ ، وَهَداهُ) على الأصل وافقه ابن محيصن ، وقرأ حفص (فِيهِ مُهاناً) بالفرقان [الآية : ٦٩] بالصلة (١) وفاقا له ، والباقون بكسرها بعد الياء ، وضمها بعد غيرها مع حذف الصلة تخفيفا (٢) إلا أن حفصا ضمها في (أَنْسانِيهُ) الكهف [الآية : ٦٣] (عَلَيْهُ اللهَ) بالفتح [الآية : ١٠] وهذا من القسم الثاني وافقه ابن محيصن في موضع الفتح ، وزاد ضم كل هاء ضمير مكسورة قبلها كسرة ، أو ياء ساكنة إذا وقع بعدها ساكن نحو : (بِهِ انْظُرْ ، بِهِ اللهُ) وقرأ الأصبهاني عن ورش بضم (بِهِ انْظُرْ) الأنعام [الآية : ٤٦] كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى.

واستثنوا من القسم الأول حروفا اختلف فيها ، وجملتها اثنا عشر.

منها : أربعة أحرف في سبعة مواضع ، وهي : (يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) آل عمران [الآية : ٧٥] (نُؤْتِهِ مِنْها) آل عمران [الآية : ١٤٥] و (ثالِثُ) الشورى [الآية : ٢٠] و (نُوَلِّهِ ، وَنُصْلِهِ) بالنساء [الآية : ١١٥] فسكن الأربعة في المواضع المذكورة : أبو عمرو ، وهشام من طريق الداجوني ، وأبو بكر ، وحمزة ، وكذا ابن وردان من طريق النهرواني عن ابن شبيب ، ومن طريق أبي بكر بن هارون كلاهما عن الفضل عنه ، وابن جماز من طريق الهاشمي وافقهم الحسن ، والأعمش ، وقرأ قالون ، وهشام من طريق الحلواني بخلف عنه ، وابن ذكوان من أكثر طرق الصوري ، وكذا يعقوب ، وابن جماز من طريق الدوري ، وابن وردان من باقي طرقه باختلاس كسرة الهاء ، والباقون بإشباع الكسر ، وافقهم اليزيدي ، وابن محيصن ، وبه قرأ هشام في أحد أوجهه من طريق الحلواني ، وهو الثاني لابن ذكوان ، فصار لهشام في الأربعة ثلاثة أوجه : الإسكان ، والصلة ، والاختلاس ، ولابن ذكوان وجهان : القصر ، والإشباع ، ولأبي جعفر وجهان : الإسكان ، والقصر.

ومنها : (يَأْتِهِ مُؤْمِناً) بطه [الآية : ٧٥] فقرأه بالإسكان السوسي بخلاف عنه وافقه اليزيدي بخلفه أيضا ، وقرأه بكسر الهاء مع حذف الصلة ، ومع إثباتها قالون ، وكذا ابن وردان ، ورويس ، والباقون : بإثبات الصلة ، وهم : ورش ، وابن كثير ، والدوري ، والسوسي في وجهه الثاني ، وابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وكذا ابن جماز ، وروح ، وخلف ، وافقهم ابن محيصن ، والحسن ، والأعمش.

تنبيه : بما تقرر علم أن ابن عامر من أصحاب الصلة في هذا الحرف أعني (يَأْتِهِ) قولا واحدا وهذا هو الذي في الطيبة كالنشر ، وتقريبه ، وغيرهما لكن كلام الشاطبي رحمه‌الله تعالى يفهم بظاهره جريان الخلاف لهشام عنه بين الصلة والاختلاس ، وذلك أنه قال :

__________________

(١) أي اتباعا للأثر وجمعا بين اللغتين. وقيل قصد بها مدّ الصوت تسميعا بحال العاصي.

(٢) أي اجتزاء بالكسرة قبلها. ووجهها بعضهم بأن الهاء لما كانت خفية يضعف حجزها وحذفت صلتها لتوهم التقاء الساكنين. وهو قول سيبويه كما ذكره الجعبري.

٥٠

بعد ذكره يأته مع حروف أخر ، وفي الكل قصر الهاء بأن لسانه بخلف ، فأثبت الخلاف لهشام في جميع ما ذكره من (يَؤُدُهُ) إلى (يَأْتِهِ) ، ودرج على ذلك شراح كلامه فيما وقفنا عليه ، ولم أر من تنبه لذلك غير الإمام الحافظ الكبير أبي شامة رحمه‌الله تعالى فقال بعد أن قرر كلامه على ظاهره ما نصه : وليس لهشام في حرف طه إلا الصلة لا غير وإن كانت عبارته صالحة أن يؤخذ له بالوجهين لقوله أولا : وفي الكل قصر لكن لم يذكر أحد له القصر ، فحمل كلامه على ما يوافق كلام الناس أولى انتهى.

بحروفه ولم ينبه عليه في النشر ، وهو عجيب (١).

ومنها : (يَتَّقْهِ) بالنور [الآية : ٥٢] فقرأه باختلاس كسرة الهاء : قالون ، وحفص ، وكذا يعقوب ، وقرأه بإسكان الهاء : أبو عمرو ، وأبو بكر وافقهما اليزيدي ، والحسن ، والأعمش ، وبه قرأ هشام من طريق الداجوني ، وخلاد فيما رواه ابن مهران ، وغيره ، وكذا ابن وردان من طريق الرازي ، وهبة الله ، واختلف في الاختلاس عن هشام ، وابن ذكوان ، وابن جماز ، فتلخص : أن لقالون ، وحفص ، ويعقوب الاختلاس فقط ، ولأبي عمرو ، وأبي بكر الإسكان فقط ، وافقهما اليزيدي ، والحسن ، والأعمش ، ولهشام ثلاثة أوجه : السكون عن الداجوني عنه ، والإشباع ، والاختلاس من طريق الحلواني ، ولابن ذكوان ، وكذا ابن جماز الإشباع ، والاختلاس ، ولخلاد ، وكذا ابن وردان الإسكان ، والإشباع ، وللباقين ، وهم : ورش ، وابن كثير ، وخلف عن حمزة ، والكسائي ، وكذا خلف الإشباع فقط ، وافقهم ابن محيصن ، وكلهم كسر القاف إلا حفصا فإنه سكنها تخفيفا ككتف ، وكبد على لغة من قال :

ومن يتق الله فإن الله معه

ورزق الله من باد وغاد

ومنها : (فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ) بالنمل [الآية : ٢٨] فقرأه بالاختلاس قالون ، وابن ذكوان بخلف عنه ، وكذا يعقوب ، وقرأ بإسكان الهاء : أبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، والداجوني عن هشام ، وكذا ابن وردان ، وابن جماز بخلف عنهما وافقهم على الإسكان اليزيدي ، والحسن ، والأعمش ، واختلف عن الحلواني عن هشام في الاختلاس ، والإشباع ، فتلخص أن لقالون ، وكذا يعقوب الاختلاس فقط ، ولأبي عمرو ، وعاصم ، وحمزة : السكون فقط ، وافقهم اليزيدي ، والحسن ، والأعمش ، ولابن ذكوان : القصر ، والإشباع ، وهما لهشام عن الحلواني ، وله الإسكان عن الداجوني ، فكمل لهشام ثلاثة ، ولأبي جعفر السكون ، والقصر ، والباقون : بالإشباع.

__________________

(١) لأن كتاب النشر أغزر كتاب بشموله لعلوم القراءات وعللها فمن العجب أن يفوت العلامة ابن الجزري مؤلفه هذه النكتة الطريفة التي ذكرها العلامة أبو شامة في كتابه إبراز المعاني من حرز الأماني وهو شرح عن حرز الأماني الشهير بالشاطبية. [أ].

٥١

ومنها : (يَرْضَهُ لَكُمْ) بالزمر [الآية : ٧] فقرأه باختلاس ضمة الهاء نافع ، وحفص ، حمزة ، وكذا يعقوب وافقهم الأعمش ، واختلف فيه عن ابن ذكوان ، وكذا ابن وردان ، والوجه الثاني لهما الإشباع ، وقرأه بالإسكان : السوسي وافقه الحسن ، وقول أبي حاتم : إنه غلط تعقبه أبو حيان بأنه لغة بني عقيل ، وغيرهم ، واختلف فيه أعني الإسكان عن الدوري ، وهشام ، وأبي بكر ، وكذا عن ابن جماز وافقهم اليزيدي ، والوجه الثاني للدوري ، وكذا ابن جماز الإشباع ، والوجه الثاني لهشام ، وأبي بكر الاختلاس ، والباقون ، وهم : ابن كثير ، والكسائي ، وكذا خلف بالإشباع ، وافقهم ابن محيصن ، فتلخص أن لنافع ، وحفص ، وكذا يعقوب الاختلاس فقط وافقهم الأعمش ، ولابن كثير ، والكسائي ، وكذا خلف الإشباع وافقهم ابن محيصن ، وللدوري ، وابن جماز الإسكان والإشباع وافقهم اليزيدي ، وللسوسي الإسكان فقط ، وافقه الحسن ، ولهشام ، وأبي بكر الإسكان ، والاختلاس فقط ، ولابن ذكوان ، وابن وردان الاختلاس ، والإشباع ، ووقع لأبي القاسم النويري أنه ذكر لهشام هنا ثلاثة أوجه : فزاد الإشباع ، ولعله سبق قلم.

ومنها : (أَرْجِهْ) بالأعراف [الآية : ١١١] والشعراء [الآية : ٣٦] فقرأه بكسر الهاء بلا صلة : قالون ، وابن ذكوان ، وكذا ابن وردان بخلف عنه ، وقرأه بالصلة مع كسر الهاء ورش ، والكسائي ، وكذا ابن جماز ، وابن وردان في وجهه الثاني ، وخلف ، وقرأ بضم الهاء مع الصلة : ابن كثير ، وهشام من طريق الحلواني وافقهم ابن محيصن ، وقرأ بضم الهاء بلا صلة : أبو عمرو ، والداجوني عن هشام ، وأبو بكر من طريق أبي حمدون ، ونفطويه ، وكذا يعقوب وافقهم اليزيدي ، والحسن ، وقرأه بإسكان الهاء عاصم من غير طريق أبي حمدون ، ونفطويه عن أبي بكر ، وحمزة وافقهما الأعمش ، فهذا حكم الهاء ، وأما الهمزة فيأتي حكمها مع الهاء مفصلا في الأعراف إن شاء الله تعالى (١).

ومنها : (أَنْ لَمْ يَرَهُ) بالبلد [الآية : ٧] و (خَيْراً يَرَهُ ، وشَرًّا يَرَهُ) الزلزلة [الآية : ٧ ـ ٨] فأما موضع البلد : فقرأه بالإسكان هشام من طريق الحلواني ، وكذا ابن وردان ، ويعقوب في وجههما الثاني وأما موضعا الزلزلة : فقرأهما بالإسكان هشام ، وكذا ابن وردان من طريق النهرواني عن ابن شبيب وقرأهما بالاختلاس يعقوب بخلف عنه وابن وردان من طريق ابن هارون ، وابن العلاف عن ابن شبيب والباقون : بالإشباع ، وبه قرأ يعقوب في الوجه الثاني ، وابن وردان من باقي طرقه في وجهه الثالث.

ومنها : (بِيَدِهِ) موضعي (بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ، بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ) البقرة [الآية : ٢٣٧ ـ ٢٤٩] وموضع (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ) المؤمنين [الآية : ٨٨] ، وموضع (الَّذِي بِيَدِهِ) يس [الآية : ٨٣] فقرأه رويس باختلاس كسرة الهاء في الأربعة ، والباقون بالإشباع فيها.

__________________

(١) انظر الصفحة : (٢٨٠). [أ].

٥٢

ومنها : (تُرْزَقانِهِ) بيوسف [الآية : ٣٧] فقرأه باختلاس كسرة الهاء : قالون ، وابن وردان بخلف عنهما ، والباقون بالإشباع ، وبه قرأ قالون ، وكذا ابن وردان في وجههما الثاني.

ومما : استثنوه من القسم الثاني ، وهو ما وقعت فيه الهاء بين ساكنين (عَنْهُ تَلَهَّى) في رواية تشديد التاء من (تَلَهَّى) عن البزي ووافقه ابن محيصن في أحد وجهيهما فإنهما يقرءانه بواو الصلة بين الهاء ، والتاء مع المد لالتقاء الساكنين كما يأتي إن شاء الله تعالى.

باب المد والقصر

والمراد بالمد الفرعي ، وهو زيادة المد على المد الأصلي ، وهو الطبيعي الذي لا تقوم ذات حرف المد إلا به ، والقصر ترك تلك الزيادة ، وحد المد مطلقا طول زمان صوت الحرف فليس بحرف ، ولا حركة ، ولا سكون ، بل هو شكل دال على صورة غيره كالغنة في الأغن ، فهو صفة للحرف ، ولا بد للمد من شرط ، وسبب فشرطه أحد حروفه الثلاثة الألف ، ولا تكون إلا ساكنة ، ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا ، والواو الساكنة المضموم ما قبلها ، والياء الساكنة المكسور ما قبلها ، وأما حرفا اللين فهما : الواو ، والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما ، ويصدق اللين على حرف المد فيقال حرف مد ، ولين بخلاف العكس ، فلا يوصف اللين بالمد على ما اصطلحوا عليه فبينهما مباينة حينئذ ، وإن تساويا من حيث قبول حرف اللين للمد.

وأما سببه ويسمى موجبة فإما لفظي ، وإما معنوي ، واللفظي : همز ، أو سكون.

فالهمز : يكون بعد حرف المد ، وقبله فإن كان بعده ، فهو إما متصل مع حرف المد في كلمة واحدة ، أو منفصل.

فأما المتصل : فنحو : (جاءَ ، وسِيئَتْ ، وَالسُّوءَ) وقد اتفق القراء على مده لأن حرف المد ضعيف خفي ، والهمز قوي صعب ، فزيد في المد تقوية للضعيف ، وقيل ليتمكن من النطق بالهمز على حقها ، وورد نصا عن ابن مسعود رضي الله عنه ، فلذا أجمعوا عليه لا يعرف عنهم خلاف في ذلك حتى أن إمام المتأخرين محرر الفن الشمس ابن الجزري رحمه‌الله تعالى قال : تتبعت قصر المتصل ، فلم أجده في قراءة صحيحة ، ولا شاذة انتهى (١) لكنهم اختلفوا في مقداره وذهب أكثر العراقيين ، وكثير من المغاربة إلى مده لكل القراء قدرا واحدا مشبعا من غيرا فحاش ، ، ولا خروج عن منهاج العربية ، وإليه أشار في الطيبة بقوله : «أو أشبع ما اتصل للكل عن بعض» (٢) ، وذهب آخرون إلى تفاضل

__________________

(١) انظر النشر : (١ / ٣١٢). [أ].

(٢) ورقمه في الطيبة : (١٦٤ ـ ١٦٥). [أ].

والأبيات هي :

وسط وقيل دونهم نل ثم كل

روى فباقيهم أو اشبع ما اتصل

٥٣

المراتب فيه كتفاضلها في المنفصل ، ثم اختلفوا في كمية المراتب ، فالذي ذهب إليه الداني في جامعه أنها أربع طولي لحمزة ، وورش من طريق الأزرق ، وابن ذكوان من طريق الأخفش عند العراقيين وافقهم الشنبوذي عن الأعمش. والثانية : دونها لعاصم. الثالثة : دونها لابن عامر من غير طريق الأخفش المذكور ، والكسائي ، وكذا خلف ، وافقهم المطوعي عن الأعمش. الرابعة : دونها لقالون ، وورش من طريق الأصبهاني ، وابن كثير ، وأبي عمرو ، وكذا أبو جعفر ، ويعقوب ، ووافقهم ابن محيصن ، واليزيدي ، والحسن ، وليس دون هذه المرتبة الأقصر المنفصل ، وذهب آخرون إلى أنها مرتبتان طولي لحمزة ، ومن معه ، ووسطي للباقين ، وهو الذي استقر عليه رأي الأئمة قديما قال بعضهم : وهو الذي ينبغي أن يؤخذ به ، ولا يمكن أن يتحقق غيره ، ويستوي في معرفته أكثر الناس ، ولذا صدر به في الطيبة ، وبه كان يقرئ الشاطبي كما حكاه عنه السخاوي ، وعلل عدوله عن المراتب الأربعة بأنها لا تتحقق ، ولا يمكن الإتيان بها كل مرة على قدر السابقة ، وهو ظاهر ، وإن تعقبه الجعبري.

وأما المنفصل : عن حرف المد بأن وقع حرف المد آخر كلمة ، والهمز أول التالية نحو : (بِما أُنْزِلَ ، أَمْرُهُ إِلَى ، بِهِ إِلَّا)(١) ونحو : (عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) يس [الآية : ١٠] عند من وصل الميم (خَشِيَ رَبَّهُ ، إِذا زُلْزِلَتِ) [آخر سورة البينة وأول سورة الزلزلة]. عند من وصل فاختلف في مده ، فقرأه ابن كثير ، وكذا أبو جعفر بالقصر فقط وافقهما ابن محيصن ، والحسن ، واختلف فيه عن قالون من طريقيه ، وورش من طريق الأصبهاني ، وعن أبي عمرو من روايتيه ، وعن هشام من طريق الحلواني ، وعن حفص من طريق عمرو ، وكذا يعقوب وافقهم اليزيدي ، فقطع به أعني القصر لقالون ابن مجاهد ، وابن مهران ، وابن سوار ، وأبو العز من جميع طرقه ، وسبط الخياط من طريقيه ، وجمهور العراقيين ، وبعض المغاربة ، ومن طريق الحلواني بن بليمة في كثيرين ، وهو أحد الوجهين في الشاطبية ، وأصلها ، وقطع به للأصبهاني أكثر المشارقة ، والمغاربة كالداني ، وهو أحد الوجهين في الإعلان ، وعلى القصر لأبي عمرو من روايتيه الأكثرون ، وهو أحد الوجهين عنه بكماله عن ابن مجاهد ، وقطع به من رواية السوسي فقط مكي ، والداني في التيسير ، والشاطبي ، وسائر المغاربة ، وهو أحد الوجهين للدوري في الشاطبية ، وغيرها ، وأما يعقوب : فقطع له به أعني القصر ابن سوار ، والمالكي ، وجمهور العراقيين ، والداني ، وابن شريح ، وغيرهم ، والقصر لهشام من طريق ابن عبدان عن الحلواني ، وهو المشهور عند العراقيين عن الحلواني من سائر طرقه ، بل قطع به ابن مهران لهشام بكماله ، وكذا

__________________

للكل عن بعض وقصر المنفصل

بن لي حما عن خلفهم داع ثمل

ا ه متن طيبة النشر : (١٦). [أ].

(١) حيث وقعت. [أ].

٥٤

في الوجيز ، ولا خلاف عنه في المد من طريق المغاربة ، وهو طريق الداجوني عنه ، وهو أعني القصر لحفص من طريق زرعان عن عمرو بن الصباح ، وهو المشهور عند العراقيين من طريق الفيل أيضا ، وتقدم أن كل من أخذ بالإدغام الكبير لأبي عمرو يأخذ بالقصر في المنفصل وجها واحد ، والتمثيل بقوله تعالى : (بِهِ إِلَّا ، وَأَمْرُهُ إِلَى) للإعلام بأن حروف الصلة معتبرة هنا كصلة الميم ، وقرأ الباقون بالمد ، وهم متفاوتون فيه على ما تقرر في المتصل.

واختلفت عباراتهم في تقدير زيادة كل مرتبة عما دونها ، فجعلها بعضهم نصف ألف ، وبعضهم ألفا ، وكل ذلك تقريب تضبطه المشافهة ، والإدمان بل يرجع الخلاف فيه إلى أن يكون لفظيا لأن مرتبة القصر إذا زيدت أقل زيادة صارت ثانية ، وهلم جرا إلى أقصى ما قيل منه فالمقدر غير محقق ، والمحقق إنما هو الزيادة ، ثم إن الخلاف المذكور إنما هو في الوصل ، وإذا وقف عاد الحرف إلى أصله ، وسقط المد (١).

وأما إن كان الهمز قبل حرف المد : واتصلا فأجمعوا على قصره لأنه إنما مد في العكس ليتمكن من لفظ الهمزة كما تقدم ، وهنا قد لفظ بها قبل المد فاستغني عنه إلا ورشا من طريق الأزرق فإنه اختص بمده على اختلاف بين أهل الأداء في ذلك على ثلاثة أوجه : المد ، والتوسط ، والقصر سواء كانت الهمزة في ذلك محققة كآتي ، (وَنَأى) ، ولئلاف ، و (دُعائِي ، والْمُسْتَهْزِئِينَ ، وَأُتُوا ، بؤسا ، ورؤف* ، ومُتَّكِؤُنَ)(٢) أو مغيرة بالتسهيل بين بين ك (آمَنْتُمْ) الأعراف [الآية : ١٢٣] في الثلاثة و (آلِهَتِنا) بالزخرف [الآية : ٥٨] و (جاءَ آلَ لُوطٍ) بالحجر [الآية : ٥٩] والقمر [الآية : ٣٤] ، أو بالبدل نحو : (هؤُلاءِ آلِهَةً ، مِنَ السَّماءِ آيَةً) أو بالنقل نحو : (الْآخِرَةَ ، الْأَيْمانَ ، الْآنَ ، مَنْ آمَنَ ، ابْنَيْ آدَمَ ، أَلْفَوْا آباءَهُمْ ، قُلْ أَيُ ، قَدْ أُوتِيتَ)(٣) فروى ابن سفيان ومكي والمهدي وابن شريح والهذلي ، والخزاعي ، وابن بليمة ، والأهوازي ، والحصري ، وغيرهم زيادة المد في ذلك كله ، ثم اختلفوا في قدرها ، فذهب جمهور من ذكر إلى التسوية بينه ، وبين ما تقدم على الهمز ، وذهب الداني ، والأهوازي ، وابن بليمة ، وغلام الهراس إلى التوسط ، وذهب إلى القصر ، طاهر بن غلبون ، وبه قرأ الداني عليه ، وهو في تلخيص ابن بليمة ، واختاره الشاطبي ، والجعبري ، والثلاثة جميعا في إعلان الصفراوي ، والشاطبية ، وما ذكر عن الجمهور القائلين بالمد من التسوية بينه ، وبين ما تقدم فيه حرف المد يعارض قول الجعبري المد هنا دون المتقدم ، والمصير إلى قولهم أولى.

ثم : أن محل جواز الثلاثة المذكورة ما لم يجتمع مع السبب المذكور سبب أقوى

__________________

(١) للمزيد انظر النشر : (١ / ٣١٤). [أ].

(٢) حيث وقعت. [أ].

(٣) حيث وقعت. [أ].

٥٥

منه كالهمز المتأخر عن حرف المد والسكون اللازم نحو : (رَأى أَيْدِيَهُمْ ، وَجاؤُ أَباهُمْ)(١) ، وصلا ونحو : (آمِّينَ الْبَيْتَ) المائدة [الآية : ٢] فيجب المد وجها واحدا مشبعا عملا بأقوى السببين ، وهو معنى قول الطيبة ، وأقوى السببين يستقل فإن وقف على نحو جاءوا جازت له الثلاثة ، وخرج بقيد اتصال الهمز بحرف المد نحو : (أَوْلِياءَ ، أُولئِكَ ، جاءَ أَجَلُهُمْ ، فِي السَّماءِ إِلهٌ ، أَأَمِنْتُمْ)(٢) من حالة إبدال الهمزة الثانية حرف مد ، فلا يجوز المد بل يتعين القصر.

وقد استثنى القائلون بالمد ، والتوسط هنا أصلين مطردين ، وكلمة اتفاقا منهم.

أما : الأصلان فأحدهما أن يكون قبل الهمز ساكن صحيح متصل نحو : (الْقُرْآنُ ، والظَّمْآنُ ، ومَذْؤُماً ، ومَسْؤُلاً ، ومَسْؤُلُونَ) لحذف صورة الهمز رسما ، فيتعين القصر ، وخرج المعتل سواء كان مدا نحو : (فاؤُ) أو لينا نحو : (الْمَوَدَّةَ) الثاني أن تكون الألف مبدلة من التنوين وقفا نحو : (دُعاءً ، وَنِداءً ، وهُزُواً ، ومَلْجَأً) فالقصر إجماعا لأنها غير لازمة.

وأما : الكلمة (يُؤاخِذُ) كيف وقعت ، وهو استثناء من المغير بالبدل نحو : (لا تُؤاخِذْنا ، لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ) وقول الشاطبي ، وبعضهم (يُؤاخِذُكُمُ) متعقب بأن رواة المد كلهم مجمعون على استثنائه ، فلا خلاف في قصره ، واعتذر في النشر عنه بعدم ذكره في التيسير (٣).

واختلفوا في ثلاث كلم ، وأصل مطرد ، فأول الكلمات إسرائيل حيث وقعت فاستثناها صاحب التيسير ، ومن تبعه كالشاطبي ، ونص على مدها صاحب العنوان (٤) ، والهادي (٥) ، والهداية (٦) ، والكافي (٧) ، وغيرهم ، ثانيها : (آلْآنَ) المستفهم بها في موضعي يونس [الآية : ٩١] فاستثناها الداني في الجامع ، وابن شريح ، وابن سفيان ، وهو استثناء من المغير بالنقل ، ولم يستثنها في التيسير ، والوجهان في الشاطبية ، والطيبة ، وغيرهما والمراد الألف الأخيرة لأن الأولى ليست من هذا الأصل لأن مدها للساكن اللازم المقدر ، وسيأتي بسط ذلك بيونس إن شاء الله تعالى ، وخرج بقيد الاستفهام نحو : (الْآنَ جِئْتَ) ثالثها : (عاداً الْأُولى) بالنجم [الآية : ٥٠] وهي من المغير بالنقل استثناها

__________________

(١) حيث وقعت. [أ].

(٢) حيث وقعت. [أ].

(٣) انظر النشر الصفحة : (١ / ٣١٤). [أ].

(٤) هو الإمام إسماعيل بن خلف الأنصاري. النشر : (١ / ٦٤). [أ].

(٥) هو الإمام ابن سفيان المالكي. النشر : (١ / ٦٦). [أ].

(٦) هو الإمام المهدوي. النشر : (١ / ٦٩). [أ].

(٧) هو الإمام ابن شريح. النشر : (١ / ٦٧). [أ].

٥٦

مكي ، وابن سفيان ، والداني ، في جامعه ، ولم يستثنها في التيسير ، والوجهان في الشاطبية ، وغيرها.

تنبيه : إجراء الطول ، والتوسط في المغير بالنقل ، إنما ذلك حالة الوصل أما حالة الابتداء إذا وقع بعد لام التعريف ، ولم يعتد بالعارض ، وهو تحريك اللام ، وابتدئ بالهمزة ، فالوجهان جائزان ك (الْآخِرَةَ ، وَالْإِيمانَ ، وَالْأُولى) فإن اعتد بالعارض ، وابتدئ باللام ، فالقصر فقط نحو : لآخرة ، ليمان لولى لقوة الاعتداد في ذلك نص عليه المحققون والأصل المطرد : حرف المد الواقع بعد همز الوصل في الابتداء نحو : (ائْتِ بِقُرْآنٍ ، ائْذَنْ لِي ، اؤْتُمِنَ) فنص على استثنائه في الشاطبية كالداني في جميع كتبه ، وصححه في النشر ، وأشار إليه في طيبته بقوله : «أو همز وصل» أي لا بعد همز وصل ، فلا تمد له في الأصح ، وأجرى الخلاف فيها في التبصرة (١) ، وغيرها.

تنبيه : قال في النشر : وأما الوقف على نحو : (رَأْيَ) من (رَأَى الْقَمَرَ ، ورَأَى الشَّمْسَ ، وتَراءَا الْجَمْعانِ) فإنهم فيه على أصولهم المذكورة من الإشباع ، والتوسط ، والقصر عن الأزرق لأن الألف من نفس الكلمة ، وذهابها في الوصل عارض ، وهذا مما نصوا عليه ، وأما (مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ) بيوسف (دُعائِي إِلَّا) بنوح حالة الوقف ، و (تَقَبَّلْ دُعاءِ رَبَّنَا) بإبراهيم [الآية : ٤٠] حالة الوصل ، فكذلك هم فيها على أصولهم ، ومذاهبهم عن ورش لأن الأصل في حرف المد من الأولين الإسكان ، والفتح فيهما عارض من أجل الهمز ، وكذلك حرف المد في الثالثة عارض حالة الوصل اتباعا للرسم ، والأصل إثباتها ، فجرت فيها مذاهبهم على الأصل ، ولم يعتد فيها بالعارض ، وكان حكمها حكم (مِنْ وَراءِ) مريم [الآية : ٥] في الحالين قال : وهذا مما لم أجد فيه نصا لأحد بل قلته قياسا ، وكذلك أخذته أداء عن الشيوخ في (دُعاءً) بإبراهيم ، وينبغي أن لا يعمل بخلافه انتهى.

النوع الثاني : من السبب اللفظي السكون وهو إما لازم ، وهو الذي لا يتغير وقفا ، ولا وصلا ، أو عارض ، وهو الذي يعرض للوقف ، أو الإدغام ، وكل منهما إما : مظهر ، أو مدغم.

فاللازم المظهر قسمان : حرفي ، وهو كما نقله شيخنا عن التحفة كل حرف هجاؤه ثلاثة أحرف أوسطها حرف مد ولين نحو «ميم ص ن» عن المظهر ، وكلمي ، وهو ما وقع فيه بعد حرف المد ساكن متصل في كلمة نحو : (آلْآنَ) في موضعي يونس [الآية : ٥١ و ٩١] على وجه الإبدال و (مَحْيايَ) في قراءة من سكن الياء و (اللَّائِي) عند من أبدل الهمزة ياء ساكنة و (أَنْذَرْتَهُمْ ، أَشْفَقْتُمْ ، جاءَ أَمْرُنا ، هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ) عند من أبدل الهمزة ألفا ، أو ياء ،

__________________

(١) كتاب التبصرة في القراءات السبع لمكي القيسي. النشر : (١ / ٧٠) .. [أ].

٥٧

واللازم المدغم قسمان : أيضا حرفي نحو لام من (الم) وكذا نحو : (ص) من فاتحة مريم عند من أدغمها في الذال ، وكلمي نحو : (الضَّالِّينَ ، دَابَّةٍ ، آلذَّكَرَيْنِ) على الأبدال اللذان هذان عند من شدد (تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ ، أَتَعِدانِنِي) عند المدغم ، ونحو : (الصَّافَّاتِ صَفًّا) عند حمزة ، ونحو : (أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) عند رويس (وَلا تَيَمَّمُوا ، وَلا تَعاوَنُوا) عند البزي وابن محيصن.

وأما : الساكن العارض المظهر فك (الرَّحْمنِ ، ونَسْتَعِينُ ، ويُوقِنُونَ) حالة الوقف بالسكون ، أو الإشمام فيما يصح فيه ، والعارض المدغم نحو : (فَقالَ لَهُمُ ، الرَّحِيمِ مالِكِ ، الصَّافَّاتِ صَفًّا) عند أبي عمرو إذا أدغم (١).

فأما : المد للساكن اللازم بأقسامه ، فأجمع القراء على مده قدرا واحدا مشبعا من غير إفراط قال في النشر : لا أعلم بينهم في ذلك خلافا سلفا ، ولا خلفا إلا ما ذكره في حلية القراء عن ابن مهران من اختلاف القراء في مقداره ، قال : فالمحققون يمدون قدر أربع ألفات (٢) ، ومنهم من يمد ثلاثا ، والحادرون يمدون الفين ، ثم قال في النشر ، وظاهر عبارة التجريد أن المراتب تتفاوت كتفاوتها في المتصل ، وفحوى كلام ابن بليمة تعطيه ، والآخذون من الأئمة بالأمصار على خلافه ، ثم اختلفت آراء أهل الأداء في تعيين هذا القدر المجمع عليه ، فالمحققون منهم على أنه الإشباع ، والأكثرون على إطلاق تمكين المد فيه ، وعن بعضهم أنه دون ما للهمز يعنى به كما في النشر أنه دون أعلى المراتب وفوق التوسط من غير تفاوت في ذلك ثم إن الظاهر التسوية في مقدار المد في كل من المدغم ، وغيره من الكلمي ، والحرفي ، وفي النشر أنه مذهب الجمهور ، إذ الموجب واحد ، وهو التقاء الساكنين ، وعن بعضهم أن المد في المدغم أطول منه في المظهر ، وعن بعضهم عكسه (٣).

وأما المد : للساكن العارض بقسميه ، فمنهم من أشبعه كاللازم بجامع السكون قال في النشر : واختاره الشاطبي لجميع القراء ، واختاره بعضهم لأصحاب التحقيق كحمزة ، ومن معه ، ومنهم من وسطه لاجتماع الساكنين مع ملاحظة عروضه واختاره الشاطبي للكل أيضا واختير لأصحاب التوسط كابن عامر ومن معه ومنهم من قصره لعروض السكون ، فلا يعتد به لأن الوقف يجوز فيه التقاء الساكنين مطلقا كما تقدم ، واختاره الجعبري (٤) ،

__________________

(١) أي الإدغام الكبير وقد تقدم الحديث عنه آنفا. [أ].

(٢) ومقدار مدّ الألف : حركتان ، ومقدار الحركة : المدة الزمنية لقبض أصابع الكف ، أو بسطها إن كانت مقبوضة فقبضها ثم بسطها أي أتى بحركتين وهما مقدار الألف والله أعلم. [أ].

(٣) فكل من هذه الأوجه صحيح ولكن على القارئ أن يتنبه إلى الطريق الموصلة إلى ذلك الوجه احترازا عن اللحن والإشكال. [أ].

(٤) الجعبري أحد شراح الشاطبية (حرز الأماني). النشر : (١ / ٦٤). [أ].

٥٨

وخصه بعضهم بأصحاب الحدر كأبي عمرو ، ومن معه ، والصحيح كما في النشر جواز كل من الثلاثة للجميع لعموم قاعدة الاعتداد بالعارض ، وعدمه عن الجميع ، ولا فرق عند الجمهور بين سكون الوقف وسكون الإدغام عند أبي عمرو خلافا لأبي شامة في تعيينه المد حالة الإدغام إلحاقا له باللازم ، والدليل على أن سكون إدغام أبي عمرو عارض إجراء أحكام الوقف عليه من الإسكان ، والروم ، والإشمام كما تقدم بخلاف نحو : (الصَّافَّاتِ) لحمزة فإنها ملحقة باللازم كما نقدم في أمثلتنا ، فهو عنده كالحاقة ، و (دَابَّةٍ) وكذا نحو : (أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) لرويس كما تقدم أيضا نص على جميع ذلك في النشر ، وفرق شيخنا رحمه‌الله تعالى بين إدغام أبي عمرو ، وإدغام غيره ممن ذكر بأن أبا عمرو يجوز عنده كل من الإدغام ، والإظهار بخلاف نحو حمزة فإن الإدغام لازم عنده ، فكان المد معه. واجبا لذلك ، ثم أورد عليه أن من روى الإدغام لأبي عمرو أوجبه له انتهى.

ولا يخفي أن قضية الفرق المذكور أن من روى عن يعقوب إدغام جميع ما أدغمه أبو عمرو كصاحب المصباح (١) يجري له الأوجه الثلاثة في نحو : (الرَّحِيمِ مالِكِ) الفاتحة [الآية : ٣ ـ ٤] بالألف ، وهو ظاهر لكني لم أر من نبه عليه ، فلينظر.

الثاني من سببي المد السبب المعنوي ، وهو قصد المبالغة في النفي ، وهو قوى مقصود عند العرب لكنه أضعف من اللفظي عند القراء ، ومنه المد للتعظيم ، وبه قال بعضهم لأصحاب قصر المنفصل فيما نص عليه الطبري ، وغيره قال ابن الجزري : وبه قرأت ، وهو أحسن ، وإياه اختار نحو : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ) ويسمى مد التعظيم ، ومد المبالغة لأنه طلب للمبالغة في نفي الألوهية عن سوى الله تعالى ، وقد أشار إليه في الطيبة بقوله :

* والبعض للتعظيم عن ذي القصر مد (٢) *

ولذا استحب بعضهم مد الصوت بلا إله إلا الله لما فيه من التدبر ، وفي مسند الفردوس ، وذكره في النشر من غير عزو وضعفه عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا(من قال لا إله إلا الله ومد بها صوته أسكنه الله دار الجلال دارا سمى بها نفسه ، فقال : ذو الجلال ، والإكرام ، ورزقه النظر إلى وجهه الكريم) وهو مروي عن حمزة في نحو : (لا رَيْبَ فِيهِ ، لا شِيَةَ ، لا جَرَمَ ، فَلا مَرَدَّ لَهُ) هكذا اقتصر في ذكر الأمثلة في الأصل كغيره ، وهو يفيد تقييد مدخول لا بالنكرة المبنية كما نبه عليه شيخنا رحمه‌الله تعالى ، وبه يصرح قول النشر لا التي للتبرئة (٣) ويشكل عليه حينئذ تمثيل النويري بلا خوف ، فليعلم ،

__________________

(١) صاحب المصباح هو الإمام : أبو الكرم الشهرزوري. النشر : (١ / ٩٠). [أ].

(٢) ورقمها في متن الطيبة : (١٦٦). [أ].

(٣) قوله لا التي للتبرئة. وأفرادها الدائرة في القرآن ثلاثة وأربعون. وهي : (لا ريب ، لا علم ، لا شية ، لا

٥٩

والحكمة فيه المبالغة في النفي لكنه لا يبلغ به الإشباع بل يقتصر فيه على التوسط لضعف سببه عن الهمز هذا ما تيسر من ذكر حكم المد في حروفه.

وأما حرفا اللين : الياء والواو الساكنان المفتوح ما قبلهما ، فاختلف في إلحاقهما بحروف المد لأن فيهما شيئا من الخفاء ، وشيئا من المد ، وإنما يسوغ الإلحاق بسببية الهمز مع الاتصال ، أو السكون ، فإذا وقع بعدهما همزة متصلة واحدة كشيء كيف وقع ، و (كَهَيْئَةِ ، وسَوْأَةَ ، وَالسُّوءَ) ففيه وجهان عن ورش من طريق الأزرق أولهما : الإشباع ، وإليه ذهب المهدوي واختاره الحصري وهو أحد الوجهين في الهادي ، والكافي ، والشاطبية ، ويحتمل في التجريد ، الثاني : التوسط ، وإليه ذهب مكي ، والداني ، وبه قرأ على أبي القاسم خلف وفارس بن أحمد ، وهو الثاني في الكافي ، والشاطبية ، وظاهر التجريد ، وذكره الحصري أيضا في قصيدته ، وخرج بقيد الاتصال نحو : (خَلَوْا إِلى ، ابْنَيْ آدَمَ) البقرة [الآية : ١٤] المائدة [الآية : ٢٧] ،

تفريع : إذا اجتمع حرف اللين مع مد البدل حالة الجمع كقوله تعالى : (وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً) يحصل للأزرق أربعة أوجه القصر في مد البدل على التوسط في شيء طريق مكي ، وابن بليمة وطاهر بن غلبون والتوسط على التوسط طريق مكي وابن بليمة ، والداني ، والطويل في مد البدل عليه التوسط والطويل في شيء فالأول طريق مكي والداني من قراءته على فارس واحد وجهي الهادي والكافي والتجريد والثاني طريق العنوان ، وثاني الهادي والكافي ، والتجريد وقس على ذلك نحو : (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً ، يُرِيدُ اللهُ) إلى قوله (فِي الْآخِرَةِ) فالتوسط في حرف اللين عليه الثلاثة في مد البدل في (الْآخِرَةِ) لما تقدم ، والطويل في مد البدل على الطويل في اللين فقط لما تقدم.

ثم : إنهم أجمعوا على استثناء كلمتين ، وهما (مَوْئِلاً) بالكهف [الآية : ٥٨] و (الْمَوْؤُدَةُ) بالتكوير [الآية : ٨] أي الواو الأولى فيهما لعروض سكونهما لأنهما من : وأل ، ووأد.

واختلف في واو (سَوْآتِهِما ، وسَوْآتِكُمْ) الأعراف [الآية : ٢٢] وطه [الآية : ١٢١] فلم يستثنها الداني في شيء من كتبه ولا الأهوازي في كتابه الكبير واستثناها صاحب الهداية

__________________

جناح ، لا عدوان ، فلا رفث ، ولا فسوق ، ولا جدال ، لا طاقة ، لا خلاق ، لا غالب ، لا خير ، فلا كاشف ، لا مبدل ، لا شريك ، فلا هادى ، لا ملجأ ، لا تبديل ، فلا راد ، لا جرم ، لا عاصم ، فلا كيل ، لا تثريب ، لا مرد ، لا معقب ، لا قوة ، لا مساس ، لا عوج ، فلا كفران ، لا برهان ، لا بشرى ، لا ضير ، لا قبل ، لا مقام ، فلا فوت ، فلا ممسك ، فلا مرسل ، فلا صريخ ، لا ظلم ، لا حجة ، لا مولى ، فلا ناصر ، لا وزر) وليس منها (لا خوف) ونحوه من المنون المرفوع لأن في المنون المرفوع خلافا بين النحويين في كونه تبرئة أو شبها لليس ، ومذهب حمزة هو الثاني كما هو مذهب الجمهور ا ه.

٦٠