إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر

الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبدالغني الدمياطي

إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر

المؤلف:

الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبدالغني الدمياطي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2192-8
الصفحات: ٦٢٤

٤١] و (تُغْنِ النُّذُرُ) [الآية : ٥] بالقمر و (الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ) بالرحمن [الآية : ٢٤] و (الْجَوارِ الْكُنَّسِ) بالتكوير [الآية : ١٦] هذا هو الصحيح عنه في الجميع قال ابن الجزري : وبه قرأت وبه آخذ ولا خلاف في حذف (يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا) أول الزمر [الآية : ١٠] في الحالين إلا ما انفرد به الحافظ أبو العلا عن رويس من اثباتها وقفا فخالف سائر الناس ووقف له الكسائي كيعقوب بالياء على واد النمل فيما رواه الجمهور عنه واختلف عنه في (بِهادِ الْعُمْيِ) بالروم [الآية : ٥٣] فالوقف له بالياء في الشاطبية كأصلها وعليه أبو الحسن بن غلبون والحذف عند مكي وابن شريح وغيرهما وعليه جمهور العراقيين والوجهان صحيحان نصا وأداء كما في النشر واختلف فيه أيضا عن حمزة مع قراءته له تهدي وبالياء قطع له الداني في جميع كتبه والحافظ أبو العلا وبحذفها قطع ابن سوار وغيره وافقه الشنبوذي بخلفه ولا خلاف في الوقف على موضع النمل بالياء في القراءتين موافقة للرسم ووقف ابن كثير على (يُنادِ) ، من (يُنادِ الْمُنادِ) بالياء على قول الجمهور وهو الأصح وبه ورد النص عنه كما في النشر وروى عنه آخرون الحذف والوجهان في الشاطبية والإعلان والجامع وغيرها وافقه ابن محيصن بلا خلاف.

وأما ما حذف من الواو الساكن رسما ففي أربعة مواضع وقف عليها يعقوب بالواو على الأصل فيما انفرد به أبو عمرو والداني وهي (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ) الإسراء [الآية : ١١] و (يَمْحُ اللهُ) بالشورى [الآية : ٢٤] و (يَدْعُ الدَّاعِ) بالقمر [الآية : ٦] و (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) بالعلق [الآية : ١٧] والوقف على الأربعة للجميع على الرسم بحذف الواو إلا ما انفرد به الداني من الوقف على الأصل ولم يذكر ذلك في الطيبة ولا عرج عليه لكونه انفرادة على عادته من قراءة الداني على أبي الفتح وأبي الحسن قال في النشر وقد قرأت به من طريقه وأما (نَسُوا اللهَ) [الآية : ٦٧] فالوقف عليها بالواو للجميع على الرسم خلافا لبعضهم وأما (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) [الآية : ٤] فليس من هذا الباب إذ هو مفرد ، فاتفق فيه اللفظ ، والرسم ، والأصل ، وحكم (هاؤُمُ) [الآية : ١٩] كذلك كما تقدم في وقف حمزة ، فيوقف على الميم مع حذف الصلة بلا خلاف كما يوقف على (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ) [الآية : ٣٠] بحذف الألف بعد الراء اتفاقا وعلى (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ ، ومَنْ يَهْدِ اللهُ) بحذف الياء لذلك ، نبه عليه في النشر (١).

وأما ما حذف من الألفات لساكن ففي كلمة واحدة وهي (أيه) وقعت في ثلاثة مواضع : بالنور [الآية : ٣١] والزخرف [الآية : ٤٩] والرحمن [الآية : ٣١] فوقف عليها بالألف أبو عمرو والكسائي ، وكذا يعقوب وافقهم الحسن واليزيدي ووقف الباقون بغير ألف للرسم إلا أن ابن عامر ضم الهاء وصلا تبعا لضم الياء وفتحها الباقون.

القسم الثالث الحذف وهو في (كَأَيِّنْ) في سبعة مواضع بآل عمران [الآية : ١٤٦]

__________________

(١) انظر : (٢ / ١٥٧). [أ].

١٤١

وبيوسف [الآية : ١٠٥] وموضعي الحج [الآية : ٦٠] وبالعنكبوت [الآية : ٦٠] والقتال والطلاق [الآية : ٨] فوقف أبو عمرو وكذا يعقوب على الياء في السبعة وافقهما اليزيدي والحسن ووقف الباقون على النون.

القسم الرابع المقطوع رسما وهو في حرفين (أَيَّاماً) بالإسراء [الآية : ١١٠] في أربعة مواضع بالنساء [الآية : ٧٨] والكهف [الآية : ٤٩] والفرقان وسأل فوقف حمزة والكسائي وكذا رويس على أيا دون ما كذا نص عليه الداني في التيسير وجماعة وذكر هؤلاء الوقف على ما دون أيا* للباقين ولم يتعرض الجمهور لذكر ذلك بوقف ولا ابتداء فالأرجح والأقرب للصواب كما في النشر جواز الوقف على كل من أيا وما لكل القراء اتباعا للرسم لكونهما كلمتين انفصلتا رسما وإلى ذلك أشار في الطيبة بقوله : وعن كل كما الرسم أجل أي القول باتباع الرسم الذي عليه الجمهور هنا أجل وأقوى مما قدمه وأيا هنا شرطية منصوبة بمجزومها وتنوينها عوض المضاف أي ، أي الأسماء وما مؤكدة على حد قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) ولا يمكن رسمه موصولا صورة لأجل الألف فيحتمل أن يكون موصولا في المعنى على حد (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ) وأن يكون مفصولا (كحيث ما) وهو الظاهر للتنوين.

وأما (مال) في المواضع الأربعة فوقف أبو عمرو فيها على ما دون اللام كما نص عليه الشاطبي كالداني وجمهور المغاربة وغيرهم وافقه اليزيدي واختلف عن الكسائي في الوقف على ما أو على اللام والوجهان ذكرهما له الشاطبي كالداني وابن شريح ومقتضى كلام هؤلاء أن الباقين يقفون على اللام دون «ما» وبه صرح بعضهم والأصح جواز الوقف على «ما» لجميع القراء لأنها كلمة برأسها منفصلة لفظا وحكما قال في النشر وهو الذي أختاره وآخذ به وأما اللام فيحتمل الوقف عليها لانفصالها خطا وهو الأظهر قياسا ويحتمل أن لا يوقف عليها من أجل كونها لام جر ولام الجر لا تقطع مما بعدها ثم إذا وقف على «ما» اضطرارا أو اختيارا أو على اللام كذلك فلا يجوز الابتداء بقوله تعالى : (لِهذا) ولا (هذَا).

القسم الخامس : قطع الموصول في ثلاثة أحرف (وَيْكَأَنَّ اللهَ ، وَيْكَأَنَّهُ) بالقصص [الآية : ٨٢] وقف فيهما الكسائي على الياء وافقه الحسن وابن محيصن من المفردة والمطوعي وعن أبي عمرو الوقف على الكاف فيهما وافقه اليزيدي وابن محيصن من المبهج ووقف الباقون على الكلمة برأسها والابتداء عند الكسائي ومن معه بالكاف وعند أبي عمرو ومن معه بالهمزة وما ذكر عن الكسائي وأبي عمرو في ذلك من الوقف والابتداء حكاه جماعة وأكثرهم بصيغة التحريض ولم يذكر ذلك عنهما بصيغة الجزم غير الشاطبي وابن شريح والأكثرون لم يذكروا في ذلك شيئا فالوقف عندهم على الكلمة بأسرها لاتصالها رسما بالإجماع وهذا هو الأولى والمختار في

١٤٢

مذاهب الجميع اقتداء بالجمهور وأخذا بالقياس الصحيح قاله في النشر (١).

وأما الحرف الثالث وهو (أَلَّا يَسْجُدُوا) فسيأتي في سورة النمل [الآية : ٢٥] إن شاء الله تعالى وكذا (إِلْ ياسِينَ) بالصافات [الآية : ١٣٠].

وأما القسم الثاني وهو المتفق عليه فاعلم أن الأصل في كل كلمة كانت على حرفين فصاعدا أن تكتب منفصلة من لاحقتها ويستثنى من ذلك كل ما دخل عليه حرف من حروف المعاني وكان على حرف نحو (بِسْمِ اللهِ ، وبِاللهِ ، ولِلَّهِ ، ولَرَسُولُهُ ، وكَمِثْلِهِ ، ولَأَنْتُمْ ، وأبا لله ، فَلَقاتَلُوكُمْ ، ولَقَدْ) ولام التعريف كأنها لكثرة دورها نزلت منزلة الجزء من مدخولها فوصلت وياء النداء نحو (يا آدَمُ) ، ويبنؤم وهاء التنبيه في هؤلاء وهذا ، وكذا كل كلمة اتصل بها ضمير متصل سواء كان على حرف واحد أو أكثر نحو (رَبِّيَ ، ورَبَّكُمُ ، ورُسُلِهِ ، ورُسُلَنا ، ورُسُلُكُمْ ، ومَناسِكَكُمْ ، ومِيثاقِهِ ، فَأَحْياكُمْ ، ويُمِيتُكُمْ ، ويُحْيِيكُمْ) وكذا حروف المعجم في فواتح السور نحو (الم ، الر ، المص ، كهيعص ، طس ، حم) إلا (حم* ، عسق) [أول سورة الشورى] فإنه فصل فيها بين الميم ، والعين وكذا إن كان أول الكلمة الثانية همزة ، وصورت على مراد التخفيف واوا ، أو ياء ونحو (هؤُلاءِ) ولئلا* ، (يَوْمَئِذٍ ، وحِينَئِذٍ) وكذا ما الاستفهامية إذا دخل عليها أحد حروف الجر نحو (لِمَ ، وبِمَ ، وفِيمَ ، وعَمَ) وأم مع ما نحو (أَمَّا اشْتَمَلَتْ) وأن المكسورة المخففة مع لا نحو (إِلَّا تَفْعَلُوهُ ، إِلَّا تَنْصُرُوهُ) و (كالُوهُمْ ، ووَزَنُوهُمْ) فكله موصول في القرآن وكذا أل المفتوحة في غير العشرة الآتية واختلف في الأنبياء و (إِنَّما) في غير الأنعام [الآية : ١٧٨] نحو (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ) واختلف في النحل و (إِنَّما) غير الحج ولقمان نحو (إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) واختلف في (أَنَّما غَنِمْتُمْ) وإما غير الرعد نحو و (إِمَّا تَخافَنَ ، وأَيْنَما) بالبقرة والنحل واختلف في النساء والشعراء والأحزاب و (فَإِلَّمْ) بهود و (أَلَّنْ) بالكهف ، والقيامة ، و (عَمَّا) في غير الأعراف نحو (عَمَّا يَعْمَلُونَ ، ومِمَّا) في غير النساء ، والروم نحو (مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) واختلف في المنافقين (وَأَمِنَ) في غير النساء والتوبة والصافات ، وفصلت نحو (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ) وكلما غير إبراهيم نحو (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها) واختلف في (كُلَّما رُدُّوا) بالنساء [الآية : ٩١] وكذا (كُلَّما دَخَلَتْ) بالأعراف [الآية : ٣٨] (كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً) بالمؤمنون [الآية : ٤٤] (كُلَّما أُلْقِيَ) بالملك [الآية : ٨] والمشهور الوصل في الثلاث و (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا) بالبقرة [الآية : ٩٠] و (بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي) بالأعراف [الآية : ١٥٠] واختلف في (قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ)(٢)

__________________

(١) انظر النشر : (٢ / ١٥٨). [أ].

(٢) وهو الأول بالبقرة وأما (ولبئس ما شروا به) فمن متفق القطع والحاصل أن الأول من البقرة المذكور وبئسما خلفتموني موصولان اتفاقا وقل بئس ما يخلف وما عدا ذلك مقطوع اتفاقا ومنه موضعا آل عمران (فبئس ما يشترون) ورفع هنا في الأصل ما يتفطن له.

١٤٣

وفيما في غير الشعراء نحو (فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [الآية : ٢٣٤] واختلف في العشرة الآتية وكيلا* بآل عمران والحج والحديد وثاني الأحزاب ، و (يَوْمِهِمْ) في غير غافر والذاريات نحو (يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) فجميع ما كتب موصولا مما ذكر وغيره ولا يجوز الوقف فيه إلا على الكلمة الأخيرة منه لأجل الاتصال الرسمي ولا يجوز فصله بوقف إلا برواية صحيحة ، ومن ثم اختيار عدم فصل (وَيْكَأَنَ ، وَيْكَأَنَّهُ) كما تقدم مع وجود الرواية بفصله نعم روى قتيبة عن الكسائي للتوسع في ذلك والوقف على الأصل لكن الذي استقر عليه عمل الأئمة ، ومشايخ الإقراء ما تقدم من وجوب الوقف على الكلمة الأخيرة ، وهو الأخرى ، والأولى بالصواب كما في النشر (١).

وأما المتفق على قطعه فثمانية عشر حرفا (أَنْ لا) بالأعراف موضعان ، والتوبة ، وهود موضعان ، والحج ويس ، والدخان ، والممتحنة ، ون (وإن ما) المكسورة المشددة بالأنعام (وإن ما) المشددة بالحج ، ولقمان (وأن ما) المكسورة المخففة بالرعد (وأين ما) في غير البقرة والنحل (وأن لم) المفتوح كل ما في القرآن (وإن لم) المكسورة في غير هود (وأن لن) في غير الكهف والقيامة (وعن ما) بالأعراف (ومن ما) بالنساء والتوبة والصافات وفصلت (وعن من) بالنجم والنور (وحيث ما) كل ما في القرآن (وكل ما) بإبراهيم (وبئس ما) أربعة مواضع كلها بالمائدة (وفي ما) في أحد عشر ثاني البقرة وبالمائدة وفي الأنعام موضعان والأنبياء والنور والشعراء والروم والزمر موضعان والواقعة واختلف فيها إلا موضع الشعراء فمفصول قطعا وإلا كثر على الفصل في العشرة الباقية (وكي لا) في غير الأربعة السابقة (ويوم هم) بغافر والذاريات (ولات حين) وكل ذلك يأتي إن شاء الله تعالى في مواضعه من الفرش فجميع ما كتب مفصولا اسما أو غيره يجوز الوقف فيه على الكلمة الأولى والثانية عن كل القراء والله تعالى أعلم (٢).

وليعلم أنه لا يجوز في الأداء تعمد الوقف على شيء من ذلك اختيارا لفتحه ، وإنما يجوز على سبيل الضرورة أو الامتحان أو التعريف لا غير والله تعالى أعلم (٣).

باب مذاهبهم في ياءات الإضافة

وهي ياء زائدة آخر الكلمة فليست بلام الفعل وتتصل بالاسم وتكون مجرورة المحل نحو : (نَفْسِي ، ذِكْرَى) وبالفعل منصوبة المحل نحو : (فَطَرَنِي ، لَيَحْزُنُنِي) وبالحرف منصوبته ومجرورته نحو : (إِنِّي ، وَلِيٍ) فإطلاق هذه التسمية عليها تجوز حيث

__________________

(١) انظر النشر : (٢ / ١٥٨). [أ].

(٢) ستأتي في الصفحة : (١٥٩) وما عداها كل سورة على حدة.

(٣) أي عند انقطاع النفس مثلا يقف ثم يستأنف ويتابع لأن الوقف عليها قبيح لما فيه من إخلال وعدم ترابط بالمعنى في الآيات الكريمة. [أ].

١٤٤

جاءت منصوبة المحل كما ترى ، ويصح أن تحذف ، وأن يكون مكانها هاء الغائب ، وكاف المخاطب ، فتقول في (نَفْسِي ، وفَطَرَنِي) نفس ، وفطر ، ونفسه وفطره ، ونفسك وفطرك وقد خرج عن ذلك نحو : (الدَّاعِيَ ، وأَ تَهْتَدِي ، وإِنْ أَدْرِي ، وأُلْقِيَ إِلَيَ ، وقُلْ أُوحِيَ إِلَيَ).

ثم إن : الفتح والإسكان فيها لغتان فاشيتان في القرآن ، وكلام العرب والإسكان فيها هو الأصل الأول لأنها مبنية والأصل في البناء السكون والفتح أصل ثان لأنه اسم على حرف غير مرفوع فقوي بالحركة وكانت فتحة للتخفيف.

وقد : انحصر الكلام في هذه الياء في. قسمين ـ الأول : متفق عليه وهو ضربان ـ الأول : مجمع على إسكانه وهو الأكثر نحو : (إِنِّي جاعِلٌ ، وَاشْكُرُوا لِي ، وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ ، فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) وجملته خمسمائة وست وستون ـ الثاني : ما أجمع على فتحه وذلك لموجب وهو إما أن يكون بعدها ساكن لام تعريف ، أو شبهه ووقع في إحدى عشرة كلمة في ثمانية عشر موضعا منها (نِعْمَتِيَ الَّتِي ، وحَسْبِيَ اللهُ ، بِيَ الْأَعْداءَ) أو يكون قبلها ألف نحو : (هُدايَ) ووقع في ست كلمات أو ياء نحو : (إِلى ، وعَلى) ووقع في تسع.

القسم الثاني : ما اختلف في إسكانه وفتحه ووقع في مائتين وثنتي عشرة ياء وتنقسم باعتبار ما بعدها ستة أنواع لأنه إما همز أو غيره والهمز إما قطع وهو ثلاثة باعتبار حركته أو وصل وهو إما مصاحب للام ، أو مجرد عنه (١).

النوع الأول : وهو همزة القطع المفتوحة وقعت في مائة وثلاث اختلف منها في تسع وتسعين موضعا تأتي إن شاء الله تعالى مفصلة في محالها ، ثم مجملة آخر السور نحو : (إِنِّي أَعْلَمُ ، فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) فأصل نافع وابن كثير وأبي عمرو وكذا أبو جعفر فتحهن وافقهم ابن محيصن واليزيدي وأصل الباقين تسكينهن إلا أنهم اختلفوا في خمسة وثلاثين موضعا.

فقرأ : نافع ، وأبو عمرو ، وكذا أبو جعفر بفتح سبع ياءات من ذلك وهي (مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ) بالكهف [الآية : ١٠٢] و (إِنِّي أَرانِي) الأولان بيوسف [الآية : ٣٦] و (يَأْذَنَ لِي أَبِي) فيها و (اجْعَلْ لِي آيَةً) بآل عمران [الآية : ٤١] ومريم [الآية : ١٠] و (ضَيْفِي أَلَيْسَ) بهود [الآية : ٧٨] وافقهم اليزيدي.

وقرأ : هؤلاء بفتح (يَسِّرْ لِي أَمْرِي) بطه [الآية : ٢٦] وافقهم الحسن.

وقرأ : ابن كثير وورش من طريق الأصبهاني بفتح (ذَرُونِي أَقْتُلْ) بغافر [الآية : ٢٦] وافقهم ابن محيصن.

وقرأ : نافع والبزي وأبو عمرو وكذا أبو جعفر (إِنِّي أَراكُمْ) بهود [الآية : ٨٤]

__________________

(١) هذا ما ذكره العلامة محمد بن الجزري في نشره : (٢ / ١٦١). [أ].

١٤٥

و (لكِنِّي أَراكُمْ) بهود [الآية : ٢٩] والأحقاف [الآية : ٢٣] بالفتح وافقهم اليزيدي.

وقرأ : هؤلاء بفتح (تَحْتِي أَفَلا) بالزخرف [الآية : ٥١] وافقهم ابن محيصن.

وقرأ : نافع وابن كثير وكذا أبو جعفر بفتح (لَيَحْزُنُنِي أَنْ) بيوسف [الآية : ١٣] و (حَشَرْتَنِي أَعْمى) بطه [الآية : ١٢٥] (تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) بالزمر [الآية : ٦٤] (أَتَعِدانِنِي أَنْ) بالأحقاف [الآية : ١٧] وافقهم ابن محيصن في غير (تَأْمُرُونِّي).

وقرأ : نافع وكذا أبو جعفر بالفتح في (سَبِيلِي أَدْعُوا) بيوسف [الآية : ١٠٨] و (لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ) النمل [الآية : ٤٠] وقرأ : ابن كثير (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) بالطول [الآية : ٦٠] بالفتح ، وقرأ أيضا بالفتح (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) البقرة [الآية : ١٥٢] وافقه ابن محيصن.

وقرأ : ورش من طريق الأزرق والبزي بفتح (أَوْزِعْنِي أَنْ) بالنمل [الآية : ١٩] والأحقاف [الآية : ١٥] وافقهما ابن محيصن.

وقرأ : نافع وأبو عمرو وكذا أبو جعفر بفتح (عِنْدِي أَوَلَمْ) بالقصص [الآية : ٧٨] وافقهم اليزيدي واختلف فيها عن ابن كثير فروى جمهور المغاربة والمصريين عنه الفتح من روايتيه وقطع جمهور العراقيين للبزي بالإسكان ولقنبل بالفتح والإسكان لقنبل من هذه الطرق عزيز لكن رواه عنه جماعة وأطلق الخلاف عن ابن كثير الشاطبي والصفراوي وغيرهما وكذا في الطيبة قال في النشر وكلاهما صحيح عنه غير أن الفتح عن البزي ليس من طرق الشاطبية والتيسير وكذا الإسكان عن قنبل انتهى.

وقرأ : نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وكذا أبو جعفر بفتح (لَعَلِّي) بيوسف [الآية : ٤٦] وطه [الآية : ١٠] والمؤمنون [الآية : ١٠٠] وموضعي القصص [الآية : ٢٩] وغافر [الآية : ٣٦] وافقهم ابن محيصن واليزيدي.

وقرأ : هؤلاء وحفص بفتح (مَعِيَ) بالتوبة [الآية : ٨٣] والملك [الآية : ٢٨] وافقهم الحسن في الملك.

وقرأ : نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وكذا أبو جعفر بفتح (ما لِي أَدْعُوكُمْ) بغافر [الآية : ٤١] وافقهم ابن محيصن واليزيدي لكن بخلف عن ابن ذكوان فالصوري عنه كذلك ، والأخفش بالإسكان.

وقرأ : هؤلاء بفتح (أَرَهْطِي أَعَزُّ) بهود [الآية : ٩٢] لكن بخلف عن هشام والوجهان صحيحان عنه لكن الفتح أشهر وأكثر.

واتفقوا : على إسكان يات الباقية وهي (أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) بالأعراف [الآية : ١٤٣] و (لا تَفْتِنِّي أَلا) بالتوبة [الآية : ٤٩] و (تَرْحَمْنِي أَكُنْ) بهود [الآية : ٤٧] (فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ) بمريم [الآية : ٤٣].

١٤٦

واجمعوا : أيضا على فتح (عَصايَ أَتَوَكَّؤُا ، وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا) ونحو : (بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) لضرورة الجمع بين الساكنين نبه عليه في النشر (١).

النوع الثاني : همزة القطع المكسورة والواقع منها احدى وستون ياء اختلف منها في اثنين وخمسين ياء تأتي كذلك أيضا إن شاء الله تعالى في مواضعها نحو : (مِنِّي إِلَّا ، أَنْصارِي إِلَى اللهِ) وأصل فتح هذا النوع نافع وأبو عمرو وكذا أبو جعفر وافقهم اليزيدي والباقون بالسكون إلا أنه وقع الخلاف على غير هذا الوجه في خمسة وعشرين ياء منها.

فقرأ : ورش من طريق الأزرق وكذا أبو جعفر بفتح (إِخْوَتِي إِنَ) بيوسف [الآية : ١٠٠].

وقرأ : نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وكذا أبو جعفر بفتح (آبائِي إِبْراهِيمَ) بيوسف [الآية : ٣٨] و (دُعائِي إِلَّا) بنوح [الآية : ٦] وافقهم ابن محيصن واليزيدي.

وقرأ : نافع وأبو عمرو وابن عامر وكذا أبو جعفر بفتح و (ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ) بهود [الآية : ٨٨] و (حُزْنِي إِلَى اللهِ) بيوسف [الآية : ٨٦] وافقهم اليزيدي.

وقرأ : هؤلاء وحفص بفتح (أُمِّي إِلهَيْنِ) بالمائدة [الآية : ١١٦].

وقرأ : نافع وابن عامر وكذا أبو جعفر بفتح (وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ) بالمجادلة [الآية : ٢١].

وقرأ : نافع وكذا أبو جعفر بفتح (أَنْصارِي إِلَى) بآل عمران [الآية : ٥٢] والصف [الآية : ١٤] و (بِعِبادِي إِنَّكُمْ) بالشعراء [الآية : ٥٢] و (سَتَجِدُنِي إِنْ) بالكهف [الآية : ٦٩] والقصص [الآية : ٢٧] والصافات [الآية : ١٠٢] و (بَناتِي إِنْ) بالحجر [الآية : ٧١] و (لَعْنَتِي إِلى) بص [الآية : ٧٨].

وقرأ : نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص وكذا أبو جعفر بفتح (أَجْرِيَ إِلَّا) بيونس [الآية : ٧٢] وموضعي هود [الآية : ٢٩] وخمسة في الشعراء [الآية : ١٠٩ ، ١٢٧ ، ١٤٥ ، ١٦٤ ، ١٨٠] وموضع بسبإ [الآية : ٤٧] الجملة تسع وافقهم ابن محيصن واليزيدي.

وقرأ : نافع وأبو عمرو وحفص وكذا أبو جعفر بفتح (يَدِيَ إِلَيْكَ) بالمائدة [الآية : ٢٨] فهذه خمس وعشرون والباقي سبع وعشرون هم فيها على أصولهم إلا أنه اختلف في (إِلى رَبِّي إِنَ) بفصلت [الآية : ٥٠] عن قالون فروى الجمهور عنه فتحها على أصله وروى الآخرون إسكانها وأطلق الخلاف عنه في الشاطبية كأصلها والطيبة والتذكرة وغيرها وصحح الوجهين عنه في النشر قال غير أن الفتح أشهر وأكثر وأقيس.

__________________

(١) انظر النشر : (٢ / ١٦٢). [أ].

١٤٧

وأجمعوا : على إسكان التسع الباقية من هذا النوع وهي (يُصَدِّقُنِي) بالقصص [الآية : ٣٤] و (أَنْظِرْنِي إِلى) بالأعراف [الآية : ١٤] و (فَأَنْظِرْنِي) بالحجر [الآية : ٣٦] ومثلها بص [الآية : ٧٩] و (يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) بيوسف [الآية : ٣٣] وتدعوني إليه ، و (تَدْعُونَنِي إِلَى) غافر [الآية : ٤١ ، ٤٣] و (ذُرِّيَّتِي إِنِّي) بالأحقاف [الآية : ١٥] و (أَخَّرْتَنِي إِلى) بالمنافقين [الآية : ١٠].

واتفقوا : أيضا على فتح (أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ ، ورُءْيايَ) بيوسف [الآية : ٢٣ ، ٤٣] ونحو : (فَعَلَيَّ إِجْرامِي) هود [الآية : ٣٥] كما تقدم.

النوع الثالث : همزة القطع المضمومة والواقع منها اثنا عشر اختلف منها في عشر تأتي مفصلة واصل فتحها فيهن وصلا نافع ، وكذا أبو جعفر وافقهما ابن محيصن من المفردة في (إِنِّي أُرِيدُ ، وفَإِنِّي أُعَذِّبُهُ) كلاهما بالمائدة [الآية : ٢٩ ، ١١٥] والباقون بالسكون واختلف عن أبي جعفر في (أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ) بيوسف [الآية : ٥٩] وكلا الوجهين صحيح عنه من روايتيه جميعا كما في النشر.

واتفقوا : على إسكان الياءين الباقيتين وهما : (بِعَهْدِي أُوفِ) بالبقرة [الآية : ٤٠] و (آتُونِي أُفْرِغْ) بالكهف [الآية : ٩٦].

النوع الرابع : همزة الوصل المصاحبة للام والواقع منها اثنان وثلاثون اختلف منها في أربعة عشرة تأتي كذلك نحو : و (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ، رَبِّيَ الَّذِي) فسكنها كلها حمزة على أصله وافقه ابن محيصن في كلها ، والمطوعي في (مَسَّنِيَ الضُّرُّ ، وعِبادِيَ الصَّالِحُونَ) بالأنبياء و (عِبادِيَ الشَّكُورُ) بسبإ ، والحسن والمطوعي في (رَبِّيَ الَّذِي) بالبقرة و (حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ) بالأعراف و (آتانِيَ الْكِتابَ) بمريم والأعمش في (أَرادَنِيَ اللهُ) بالزمر ، والأعمش ، والحسن في (مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ) بص و (أَهْلَكَنِيَ اللهُ) بالملك.

وسكن : ابن عامر موافقة له أعني حمزة (عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ) بالأعراف [الآية : ١٤٦] وافقهما المطوعي ، والحسن.

وسكن : حفص كذلك (عَهْدِي الظَّالِمِينَ) بالبقرة [الآية : ١٢٤] وافقهما الحسن ، والمطوعي.

وسكن : ابن عامر وحمزة والكسائي ، وكذا روح كذلك (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ) بإبراهيم [الآية : ٣١] وافقهم الحسن والأعمش.

وسكن : أبو عمرو وحمزة والكسائي وكذا يعقوب وخلف كذلك (يا عِبادِيَ الَّذِينَ) بالعنكبوت [الآية : ٥٦] والزمر [الآية : ٥٣] وافقهم اليزيدي والحسن والأعمش.

وعن : ابن محيصن والحسن إسكان (نِعْمَتِيَ الَّتِي) في المواضع الثلاث بالبقرة

١٤٨

[الآية : ٤٠ ، ٤٧ ، ١٢٢] و (جاءَنِي الْبَيِّناتُ) بالطول غافر [الآية : ٦٦].

وعن : ابن محيصن والمطوعي إسكان يائي (بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) بآل عمران [الآية : ٤٠] و (أَرُونِيَ الَّذِينَ) بسبإ [الآية : ٢٧].

وعن : ابن محيصن وحدة تسكين (حَسْبِيَ اللهُ) بالتوبة [الآية : ١٢٩] بلا خلاف ، وعنه بخلف تسكين يائي (شُرَكائِيَ الَّذِينَ) بالنحل [الآية : ٢٧] و (حَسْبِيَ اللهُ) بالزمر [الآية : ٣٨] والباقون بفتحها فيهن فهذه ثلاث وعشرون ياء اختلف فيها.

واتفقوا : على فتح التسع الباقية من هذا النوع وهي (بِيَ الْأَعْداءَ ، مَسَّنِيَ الضُّرُّ ، مَسَّنِيَ الْكِبَرُ ، وَلِيِّيَ اللهُ ، شُرَكائِيَ الَّذِينَ) في الثلاثة غير النحل (نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ ، أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ).

وعن : ابن محيصن تسكين كل ياء اتصلت بأل في جميع القرآن.

النوع الخامس همزة الوصل : العارية عن اللام ووقعت في سبعة مواضع إلا عند ابن عامر ومن معه فستة لقطعة همزة (أَخِي اشْدُدْ) كما يأتي إن شاء الله تعالى وهي (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ ، أَخِي اشْدُدْ ، لِنَفْسِي اذْهَبْ ، ذِكْرِي اذْهَبا ، يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ ، قَوْمِي اتَّخَذُوا ، مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)(١).

فقرأهن : أبو عمرو بالفتح في السبعة وافقه اليزيدي وقرأ ابن كثير كذلك في (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ ، وأَخِي اشْدُدْ) وافقهما ابن محيصن بخلف عنه (٢).

وقرأ : نافع وابن كثير وكذا أبو جعفر (لِنَفْسِي اذْهَبْ ، وذِكْرِي اذْهَبا) بالفتح أيضا وافقهم ابن محيصن.

وقرأ : نافع ، والبزي وكذا أبو جعفر ، وروح (إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا) بالفتح.

وقرأ : نافع وابن كثير وأبو بكر وكذا أبو جعفر ويعقوب (بَعْدِي اسْمُهُ) بالفتح وافقهم الحسن ولم يأت في هذا النوع ياء اجمع على فتحها ، أو إسكانها.

النوع السادس في الياء التي بعدها متحرك غير الهمزة : ووقعت في خمسمائة وستة وتسعين موضعا المختلف فيه منها خمسة وثلاثون موضعا تأتي إن شاء الله تعالى في محالها نحو : (بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ، بِي لَعَلَّهُمْ ، وَجْهِيَ لِلَّهِ).

فقرأ : نافع وهشام وحفص وكذا أبو جعفر بفتح (بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ) بالبقرة ، والحج وقرأ هشام وحفص كذلك بنوح (٣).

وقرأ : ورش كذلك (بِي لَعَلَّهُمْ) بالبقرة [الآية : ١٨٦] و (لِي فَاعْتَزِلُونِ) بالدخان

__________________

(١) انظر فرش الحروف من (١٥٩) ، وما بعدها. [أ].

(٢) أي مرة يفتح الياء (إني ، أخي) ومرة يسكن (إني ، أخي). [أ].

(٣) ستأتي في فرش الحروف ص (١٥٩) كل موضع في سورته فليعلم. [أ].

١٤٩

[الآية : ٢١] بالفتح (وبه) قرأ نافع وكذا أبو جعفر (مَماتِي لِلَّهِ) بالأنعام [الآية : ١٦٢] وبه قرأ نافع وابن عامر وحفص وكذا أبو جعفر (وَجْهِيَ لِلَّهِ) بآل عمران [الآية : ١٢٠] و (وَجْهِيَ لِلَّذِي) بالأنعام [الآية : ٧٩].

وقرأ : ابن عامر كذلك (صِراطِي) بالأنعام [الآية : ١٥٣] و (أَرْضِي واسِعَةٌ) بالعنكبوت [الآية : ٥٦] وافقه الحسن في (صِراطِي) وبه أيضا.

وقرأ : حفص (مَعِيَ) بالأعراف [الآية : ١٠٥] والتوبة [الآية : ٨٣] وثلاثة في الكهف [الآية : ٦٧ ، ٧٢ ، ٧٥] وفي الأنبياء [الآية : ٢٤] وموضعي الشعراء [الآية : ٦٢ ، ١١٨] وفي القصص [الآية : ٣٤] فهي تسعة و (لِي) بإبراهيم [الآية : ٢٢] وطه [الآية : ١٨] وموضعي ص [الآية : ٢٣ د ٦٩] وفي الكافرون [الآية : ٦] فهي خمسة وجملة ذلك أربعة عشر موضعا ، ووافقه ورش من طريقيه في و (مَنْ مَعِيَ) بالشعراء [الآية : ١١٨] ومن طريق الأزرق في (وَلِيَ فِيها مَآرِبُ) بطه [الآية : ١٨] ووافقه هشام بخلف عنه في (وَلِيَ نَعْجَةٌ) ص [الآية : ٢٣] فقطع له بالإسكان في العنوان ، والكافي والتبصرة وتلخيص ابن بليمة والشاطبية كأصلها وسائر المغاربة والمصريين وقطع له بالفتح صاحب المبهج والمفيد وأبو معشر الطبري وغيرهم والوجهان صحيحان عن هشام كما في النشر ووافقه نافع وهشام والبزي بخلف عنه وفي : (وَلِيَ دِينِ) بالكافرين وافقهم الحسن والفتح للبزي رواه جماعة كصاحب العنوان والمجتبى والكامل من طريق أبي ربيعة وابن الحباب وهي رواية نصر بن محمد عن البزي وروى عنه الجمهور الإسكان ، وبه قطع العراقيون من طريق أبي ربيعة ، وبه قرأ الداني على الفارسي عن قراءته بذلك عن النقاش عن أبي ربيعة عنه ، وهذا طريق التيسير ، وقال فيه وهو المشهور ، وبه آخذ وقطع به أيضا أن بليمة ، وغيره وبالوجهين جميعا صاحب الهداية ، والتبصرة ، والتذكرة ، والكافي ، والشاطبية ، وغيرهم ، والوجهان صحيحان عنه ، والإسكان أكثر ، وأشهر قاله في النشر (١).

وقرأ : ابن كثير بفتح يا أي (مِنْ وَرائِي وَكانَتِ) بمريم [الآية : ٥] و (شُرَكائِي قالُوا) بفصلت [الآية : ٤٧] وافقه ابن محيصن.

وقرأ : ابن كثير ، وهشام بخلف عنه ، وعاصم ، والكسائي ، وكذا ابن وردان بخلف عنه بفتح (ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) بالنمل [الآية : ٢٠] وافقهم ابن محيصن ، والفتح لهشام رواية الجمهور عنه ، وهو رواية الحلواني عنه ، وروى الآخرون عنه الإسكان ، وهو رواية الداجوني عن أصحابه عنه ، ونص على الوجهين جميعا من الطريقين جماعة كثيرون كصاحب الجامع ، والمستنير ، والكفاية ، والصقلي ، وغيرهم وأما ابن وردان ، فالجمهور

__________________

(١) انظر النشر في القراءات النشر : (٢ / ١٧٩). [أ].

١٥٠

عنه على الإسكان ، والآخرون عنه على الفتح ، وهما صحيحان عنه غير أن الإسكان أكثر ، وأشهر كما في النشر.

وقرأ : هشام بخلف عنه وحمزة وكذا يعقوب وخلف بإسكان (ما لِيَ) يس [الآية : ٢٢] وافقهم الأعمش والفتح لهشام من طريق الحلواني وعليه الجمهور بل لا تعرف المغاربة غيره وقطع له بالإسكان جمهور العراقيين من طريق الداجوني.

وقرأ : قالون وورش من طريق الأصبهاني وكذا أبو جعفر بإسكان (مَحْيايَ) بالأنعام [الآية : ١٦٢] وتمد الألف حينئذ مدا مشبعا لأجل الساكنين ، وكذا إذا وقفوا إما من فتحها وصلا فيقف بالأوجه الثلاثة لعروض السكون عندهم واختلف عن ورش من طريق الأزرق فقطع له فيه بالإسكان صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار وطاهر بن غلبون والأهوازي ، والمهدوي ، وابن سفيان ، وغيرهم ، وبه قرأ الصقلي على عبد الباقي عن والده ، وبه قرأ الداني على الخاقاني ، وطاهر قال الداني : وعلى ذلك عامة أهل الأداء من المصريين ، وغيرهم ، وهو الذي رواه ورش عن نافع أداء وسماعا ، والفتح اختيار منه لقوته في العربية قال : وبه قرأت على أبي الفتح في رواية الأزرق عنه من قراءته على المصريين وبالفتح أيضا قرأ الصقلي على ابن نفيس عن أصحابه عن الأزرق وعلى عبد الباقي من قراءته على ابن عراك عن هلال كما في النشر قال فيه : والوجهان صحيحان عن ورش من طريق الأزرق ، إلا أن روايته عن نافع الإسكان ، والفتح اختياره لنفسه ثم تعقب من ضعف الإسكان عنه كأبي شامة وأطال في الرد عليه ، وممن قطع له بالخلاف صاحب التيسير والشاطبية والتبصرة والكافي وابن بليمة وغيرهم.

وأما : (يا عِبادِ لا خَوْفٌ) بالزخرف [الآية : ٦٨] فاختلفوا في إثبات يائها ، وحذفها ، وفتحها ، وإسكانها لاختلاف المصاحف فيها فقرأها نافع وأبو عمرو وابن عامر وكذا أبو جعفر ورويس من غير طريق أبي الطيب بإثبات الياء ساكنة وصلا ووقفوا عليها كذلك موافقة لمصحف المدينة والشام وافقهم الحسن وقرأ بإثباتها مفتوحة وصلا أبو بكر وكذا رويس من طريق أبي الطيب ووقفا بالياء الساكنة وقرأ الباقون وهم ابن كثير وحفص وحمزة والكسائي وكذا خلف وروح بحذفها في الحالين موافقة لمصاحفهم وافقهم ابن محيصن واليزيدي فخالف أبا عمرو فهذه ثلاثون ياء وعن الحسن فتح الخمسة الباقية وهي (لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ، وسَوْأَةَ أَخِي) الثلاثة بالمائدة [الآية : ٢٥ ، ٣١] و (اشْرَحْ لِي صَدْرِي) بطه [الآية : ٢٥] و (قَوْمِي لَيْلاً) بنوح [الآية : ٥] واتفقوا على إسكان ما بقي من هذا النوع ، وهو خمسمائة وستة وستون ياء نحو : (إِنِّي جاعِلٌ ، وَاشْكُرُوا لِي ، وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ ، فَمَنْ تَبِعَنِي ، ومَنْ عَصانِي ، الَّذِي خَلَقَنِي ، ويُطْعِمُنِي ، ويُمِيتُنِي ، لِي عَمَلِي ، يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي)(١).

__________________

(١) ستأتي في فرش الحروف ما بعد الصفحة : (١٥٩). [أ].

١٥١

باب مذاهبهم في ياءات الزوائد

وهي هنا ياء متطرفة زائدة في التلاوة على رسم المصاحف العثمانية ، وتكون في الأسماء نحو : (الدَّاعِ ، والْجَوارِ) وفي الأفعال نحو : (يَأْتِ ، ويَسِّرْ) وهي في هذا ، وشبهه لام الكلمة ، وتكون أيضا ياء إضافة في موضع الجر ، والنصب نحو : (دُعائِي ، وأَخَّرْتَنِي) وأصلية وزائدة وكل منهما فاصلة وغير فاصلة فأما غير الفاصلة فخمس وثلاثون الأصلية منها ثلاثة عشر نحو : (الدَّاعِ) بالبقرة (وَيَأْتِ) بهود وغير الأصلية منها اثنان وعشرون وهي ياء المتكلم الزائدة نحو : (إِذا دَعانِ ، وَاتَّقُونِ يا أُولِي ، وَمَنِ اتَّبَعَنِ ، وَقُلْ) وأما الفاصلة فست وثمانون الأصلية منها خمس وهي : (الْمُتَعالِ) بالرعد و (التَّلاقِ ، والتَّنادِ) بالطول و (يَسِّرْ) ، و (١) (بِالْوادِ) بالفجر ، وغير الأصلية هي ياء المتكلم الزائدة في إحدى وثمانين نحو : (فَارْهَبُونِ ، فَاتَّقُونِ ، ولا تَكْفُرُونِ ، فَلا تُنْظِرُونِ ، ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ ، فَأَرْسِلُونِ ، ولا تَقْرَبُونِ ، أَنْ تُفَنِّدُونِ) فالجملة مائة واحدى وعشرون ياء تأتي إن شاء الله تعالى مفصلة في محالها ، ثم في آخر السور ، وإذا أضيف إليها (تَسْئَلْنِ) بالكهف تصير مائة واثنين وعشرين واختلفوا في إثباتها ، وحذفها ولهم في ذلك أصول ، فنافع ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وكذا أبو جعفر يثبتون ما أثبتوه منها في الوصل دون الوقف مراعاة للأصل ، والرسم وافقهم الأعمش ، واليزيدي ، والحسن وابن كثير ، وهشام بخلف ، ويعقوب يثبتون في الحالين على الأصل ، وهي لغة الحجازيين ، ويوافق الرسم تقديرا إذ ما حذف لعارض كالموجود كألف الرحمن وافقهم ابن محيصن وابن ذكوان ، وعاصم ، وكذا خلف يحذفون في الحالين تخفيفا ، وهي لغة هذيل قال الكسائي : العرب تقول : الوال ، والوالي ، والقاض والقاضي.

تنبيه : ليس لهشام من الزوائد إلا (كِيدُونِ) بالأعراف [الآية : ١٩٥] على خلاف عنه يأتي إن شاء الله تعالى وليس إثبات الياء هنا في الحالين ، أو في الوصل بما يعد مخالفا للرسم خلافا يدخل به في حكم الشذوذ بل يوافق الرسم تقديرا لما تقدم أن ما حذف لعارض في حكم الموجود كألف نحو : (الرَّحْمنِ) وقد خرج بعض القراء في بعض ذلك عن أصله للأثر فأما غير الفاصلة.

فقرأ : نافع وابن كثير وأبو عمرو وكذا أبو جعفر ويعقوب بإثبات الياء في عشر : (يَأْتِ) بهود [الآية : ١٠٥] و (أَخَّرْتَنِ) بالإسراء [الآية : ٦٢] و (يَهْدِيَنِ ، ونَبْغِ ، وتُعَلِّمَنِ ، ويُؤْتِيَنِ) الأربعة بالكهف [الآية : ٢٤ ، ٦٤ ، ٦٦ ، ٤٠] و (أَلَّا تَتَّبِعَنِ) بطه [الآية : ٩٣] و (الْجَوارِ) بالشورى [الآية : ٣٢] و (الْمُنادِ) بقاف [الآية : ٤١] و (إِلَى الدَّاعِ) بالقمر [الآية : ٨] وافقهم ابن محيصن والزيدي والحسن وبذلك قرأ الكسائي في (يَأْتِ) بهود و (نَبْغِ) بالكهف محافظة على حرف الإعراب وكل على أصله السابق فابن كثير وكذا يعقوب بإثباتها في الحالين وافقهما ابن محيصن ونافع وأبو عمرو وكذا أبو

١٥٢

جعفر بإثباتها وصلا فقط وافقهم اليزيدي ، والحسن إلا أن أبا جعفر فتح ياء (أَلَّا تَتَّبِعَنِ) بطه وصلا ، وأثبتها وقفا ساكنة وخرج بتقييد (نَبْغِ) بالكهف (ما نَبْغِي هذِهِ) بيوسف [الآية : ٦٥] ويأت* بهود أخرج نحو : (يَأْتِي بِالشَّمْسِ ، وإِلَى الدَّاعِ) أخرج الداعي إلى بالقمر أيضا.

وقرأ : نافع وابن كثير وأبو عمرو وحمزة وكذا أبو جعفرة ويعقوب بإثبات ياء (أَتُمِدُّونَنِ) بالنمل على أصولهم المتقدمة إلا أن حمزة خالف أصله ، فأثبتها في الحالين ، وتقدم اتفاقه مع يعقوب على إدغام النون في الإدغام الكبير.

وقرأ : قالون ، وورش من طريق الأصبهاني ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وكذا : أبو جعفر ، ويعقوب : (إِنْ تَرَنِ أَنَا) بالكهف [الآية : ٣٩] و (اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ) بغافر [الآية : ٣٨] بإثبات الياء فيهما على أصلهم المقرر وافقهم ابن محيصن واليزيدي والحسن كذلك والباقون بالحذف في الحالين (١).

وقرأ : ورش وابن كثير وأبو عمرو وكذا يعقوب (كَالْجَوابِ) بسبإ [الآية : ١٣] بإثبات الياء على أصولهم وافقهم ابن محيصن واليزيدي والحسن وقرأ هؤلاء وكذا أبو جعفر (الْبادِ) بالحج [الآية : ٢٥] بالإثبات على أصولهم والباقون بالحذف في الحالين.

وقرأ : ورش وأبو عمرو وكذا أبو جعفر ويعقوب الداعي إذا دعاني بإثبات الياء فيهما على أصولهم وافقهم اليزيدي واختلف عن قالون فقطع له بالحذف فيهما جمهور المغاربة وبعض العراقيين وهو الذي في الكافي والهادي والهداية والتيسير الشاطبية وغيرها لكن قول الشاطبية وليسا لقالون عن الغر سبلا ويفهم أن له في الوصل وجهين فيهما إذ معناه ليس إثبات الياءين منقولا عن الرواة المشهورين عنه بل عن رواة دونهم كما نبه عليه الجعبري وقطع بالإثبات فيهما له من طريق أبي نشيط الحافظ أبو العلاء في غايته وأبو محمد في مبهجه وقطع له بعضهم بالإثبات في (الدَّاعِ) والحذف في (دَعانِ) وهو الذي في المستنير والتجريد وغيرهما من طريق أبي نشيط وعكس آخرون فقطع له بالحذف في (الدَّاعِ) والإثبات في (دَعانِ) وهو الذي في التجريد من طريق الحلواني وبه قطع أيضا صاحب العنوان والوجهان صحيحان عن قالون كما في النشر قال إلا أن الحذف أكثر وأشهر والباقون بالحذف فيهما (٢).

وقرأ : ورش والبزي وأبو عمرو وكذا أبو جعفر ويعقوب (الدَّاعِ إِلى) وهو الأول بالقمر بإثبات الباء على أصولهم وافقهم ابن محيصن واليزيدي والحسن والباقون يحذفها في الحالين.

__________________

(١) أي : في حالتي الوصل والوقف. [أ].

(٢) انظر النشر في القراءات العشر : (٢ / ١٧٩). [أ].

١٥٣

وقرأ : نافع وأبو عمرو وكذا أبو جعفر ويعقوب (الْمُهْتَدِي) بالإسراء [الآية : ٩٧] والكهف [الآية : ١٧] و (مَنِ اتَّبَعَنِي) بآل عمران [الآية : ٢٠] بالإثبات في الثلاث وافقهم اليزيدي والحسن وكل على أصله وخرج (فَهُوَ الْمُهْتَدِي) بالأعراف لأنه من الثوابت.

وقرأ : ابن كثير ، وأبو عمرو ، وكذا : أبو جعفر ، ويعقوب (تُؤْتُونِ مَوْثِقاً) بيوسف [الآية : ٦٦] بإثبات الياء وافقهم ابن محيصن ، واليزيدي ، والحسن ، وكل على أصله ، وحذفها الباقون في الحالين.

وقرأ : أبو عمرو ، وكذا أبو جعفر ، ويعقوب بإثبات ثمان ياءات وهي (وَاتَّقُونِ يا أُولِي) بالبقرة [الآية : ١٩٧] و (خافُونِ إِنْ) بآل عمران [الآية : ١٧٥] و (اخْشَوْنِ وَلا) بالمائدة [الآية : ٤٤] و (قَدْ هَدانِ) بالأنعام [الآية : ٨٠] و (ثُمَّ كِيدُونِ) بالأعراف [الآية : ١٩٥] و (لا تُخْزُونِ) بهود [الآية : ٧٨] (بِما أَشْرَكْتُمُونِ) بإبراهيم [الآية : ٢٢] و (اتَّبِعُونِ هذا) بالزخرف [الآية : ٦١] وافقهم اليزيدي والحسن في الكل ، وابن محيصن من المفردة في (اتَّبِعُونِ) بالزخرف وكل على أصله ووافقهم هشام في (كِيدُونِ) بالأعراف بخلف عنه فقطع له الجمهور بالياء في الحالين وهو الذي في طرق التيسير ، فلا ينبغي أن يقرأ له من التيسير بسواه ، وذكره الخلاف فيه على سبيل الحكاية كما نبه عليه في النشر ، وروى الآخرون عنه الإثبات في الوصل دون الوقف ، وهو الذي لم يذكر عنه ابن فارس في الجامع سواه ، وبه قطع في المستنير ، والكفاية عن الداجوني ، وهو الظاهر من عبارة الداني في المفردات ، وعلى هذا ينبغي أن يحمل الخلاف المذكور في التيسير إن أخذ به ، وبمقتضى هذا يكون الوجه الثاني في الشاطبية هو هذا على أن إثبات الخلاف من طريق الشاطبية في غاية البعد ، وكأنه تبع فيه ظاهر التيسير فقط كذا في النشر ، ثم قال : قلت وكلا الوجهين صحيح : نصا ، وأداء حالة الوقف وأما حالة الوصل فلا آخذ بغير الإثبات من طرق كتابنا انتهى ، وأما رواية بعضهم الحذف عنه في الحالين فقال في النشر لا أعلمه نصا من طرق كتابنا لأحد من أئمتنا ولكنه ظاهر التجريد من قراءاته على عبد الباقي يعني من طريق الحلواني وعن الحلواني قال رحلت إلى هشام بعد وفاة ابن ذكوان ثلاث مرات ثم رجعت إلى حلوان فورد على كتابه أني أخذت عليك (ثُمَّ كِيدُونِ) بالأعراف بياء في الوصل وهي بياء في الحالين.

وقرأ : رويس بخلف عنه بإثبات الياء في (عِبادِي) من قوله تعالى : (يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) لمناسبة ما بعدها ولم يختلف في غيره من المنادى المحذوف ، وهو رواية جمهور العراقيين وروى الآخرون عنه الحذف وهو القياس فإن الحذف في الحالين قاعدة الاسم المنادى وهو في مائة وثلاثين منها يا رب ورب سبعة وستون موضعا و (يا قَوْمِ) ستة وأربعون و (يا بَنِي) ستة و (يا أَبَتِ) ثمانية ويبنؤم ، و (ابْنَ أُمَ ، ويا عِبادِ الَّذِينَ

١٥٤

آمَنُوا ، ويا عِبادِ فَاتَّقُونِ) والياء في هذا القسم ياء إضافة كلمة برأسها استغنى عنها بالكسرة ولم يثبت من ذلك في المصاحف سوى موضعين بلا خلاف (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) بالعنكبوت [الآية : ٥٦] و (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) بالزمر [الآية : ٥٣] وموضع بخلاف وهو (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ) بالزخرف [الآية : ٦٨] كما يأتي إن شاء الله تعالى (١).

وقرأ : قنبل بخلف عنه : (نرتع ونلعب ، ويَتَّقِ وَيَصْبِرْ) بإثبات الياء فيهما في الحالين ، وهما فعلان مجزومان إجراء للفعل المعتل في الجزم مجرى الصحيح ، وهي لغة قليلة ، أو أشبعت الكسرة ، فنشأت عنها الياء ، وهي لغة لبعض العرب ، والإثبات في نرتع له رواية ابن شنبوذ عنه ، والحذف رواية ابن مجاهد ، والوجهان في الشاطبية كالتيسير إلا أن الإثبات ليس من طريقيهما كما نبه عليه في النشر وأما (يَتَّقِي) فأثبتها عنه في الحالين ابن مجاهد من جميع طرقه ولم يذكر في الشاطبية كأصلها غيره ، وحذفها في الحالين ابن شنبوذ وافقه ابن محيصن على الإثبات في يتقي بخلف عنه ، والباقون بالحذف فيهما.

وقرأ : ورش أبو عمرو وكذا أبو جعفر ويعقوب (تَسْئَلْنِ) بهود [الآية : ٤٦] بإثبات الياء وافقهم اليزيدي ، والحسن ، وكل على أصله والباقون بالحذف في الحالين ، وخرج موضع الكهف الآتي قريبا إن شاء الله تعالى.

وقرأ : نافع وأبو عمرو وحفص وكذا أبو جعفر ورويس (فَما آتانِيَ اللهُ) بالنمل [الآية : ٣٦] بإثبات الياء مفتوحة في الوصل وهو قياس ياء الإضافة وافقهم اليزيدي والباقون بالحذف في الوصل لالتقاء الساكنين وأما حكمها في الوقف فأثبتها فيه وجها واحدا يعقوب واختلف عن قالون وأبي عمرو وحفص وقنبل فأما قنبل فأثبتها عنه ابن شنبوذ وحذفها ابن مجاهد وأما الثلاثة فقطع لهم في الوقف بالياء مكي ، وابن بليمة وطاهر بن غلبون وغيرهم وقطع لهم بالحذف جمهور العراقيين وهو الذي في الإرشادين والمستنير والجامع والعنوان وغيرها وأطلق لهم الخلاف في الشاطبية كأصلها والتجريد وغيرها وافقهم اليزيدي بخلفه أيضا والباقون يحذفها وقفا وهم ورش والبزي وقنبل من طريق ابن مجاهد وابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي وكذا أبو جعفر وخلف وافقهم ابن محيصن والحسن والأعمش.

وقرأ : أبو جعفر (إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ) بيس [الآية : ٢٣] بإثبات الياء مفتوحة في الوصل ساكنة في الوقف كوقف يعقوب عليها والباقون بحذفها فيهما.

وقرأ : السوسي وحده بخلف عنه : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ) بالزمر [الآية : ١٧ ـ ١٨] بإثبات الياء مفتوحة في الوصل ، ثم اختلف المثبتون عنه ، فأثبتها منهم في الوقف أيضا

__________________

(١) أي في فرش الحروف من ص : (١٥٩) وما بعدها حيث يتكلم عن كل سورة وما فيها مفصلا. [أ].

١٥٥

ساكنة الجمهور كأبي الحسن بن فارس ، وأبي العز ، وسبط الخياط ، وغيرهم ، ورجحه الداني في المفردات وحذفها الآخرون فيه كصاحب التجريد والتيسير وذهب جماعة عن السوسي إلى حذفها في الحالين كصاحب العنوان ، والتذكرة والكافي ، وغيرهم قال في النشر : وهو الذي ينبغي أن يكون في التيسير فتحصل للسوسي فيها ثلاثة أوجه الإثبات في الحالين ، والحذف فيهما ، والإثبات وصلا مفتوحة لا وقفا ، والثلاثة في الطيبة وهذه الكلمات الثلاث أعني (آتانِيَ اللهُ ، وإِنْ يُرِدْنِ ، فَبَشِّرْ عِبادِ) مما وقعت فيه الياء قبل ساكن.

فهذا : ما وقع من الياءات المختلف فيها في غير الفواصل.

وأما : الفواصل بقسميها أعني الأصلية والإضافية وهي كما سبق أول الباب ستة وثمانون فقرأها كلها بإثبات الياء في الحالين يعقوب على أصله ووافقه غيره في سبع عشرة كلمة وهي : (دُعاءً ، والتَّلاقِ ، والتَّنادِ ، وأَكْرَمَنِ ، وأَهانَنِ ، ويَسِّرْ ، وبِالْوادِ ، والْمُتَعالِ ، ووَعِيدِ ، ونَذِيرٍ ، ونَكِيرِ ، ويَكْذِبُونَ ، ويُنْقِذُونِ ، ولَتُرْدِينِ ، وفَاعْتَزِلُونِ ، وتَرْجُمُونِ ، ونَذْرٍ).

وأما : (دُعائِي) بإبراهيم [الآية : ٤٠] فقرأ بإثبات الياء فيها وصلا فقط ورش ، وأبو عمرو وحمزة ، وكذا أبو جعفر وافقهم اليزيدي ، والأعمش ، وابن محيصن بخلفه ، وقرأها بالإثبات في الحالين البزي ، ويعقوب واختلف عن قنبل فروى عنه ابن مجاهد الحذف في الحالين ، وروى عنه ابن شنبوذ الإثبات في الوصل ، والحذف في الوقف كأبي عمرو ومن معه (١) ـ قال في النشر : وبكل من الحذف ، والإثبات قرأت عن : قنبل وصلا ، ووقفا ، وبه آخذ والباقون بالحذف فيهما ، وهو الثاني لابن محيصن.

وأما : (التَّلاقِ ، والتَّنادِ) بغافر [الآية : ١٥ ، ٣٢] فقرأ ورش وكذا ابن وردان بإثبات الياء فيهما وصلا فقط وافقهما الحسن وقرأ ابن كثير بإثباتها في الحالين بلا خلاف كيعقوب وافقه ابن محيصن وانفرد أبو الفتح فارس من قراءته على عبد الباقي بن الحسن عن أصحابه عن قالون بالوجهين الحذف والإثبات وأثبته في التيسير وتبعه الشاطبي على ذلك قال في النشر وقد خالف عبد الباقي في ذلك سائر الناس ولا أعلمه ورد من طريق من الطرق عن أبي نشيط ولا عن الحلواني وأطال في بيان ذلك.

وأما : (أَكْرَمَنِ ، وأَهانَنِ) بالفجر [الآية : ١٥ ـ ١٦] فقرأ نافع وكذا أبو جعفر بإثبات الياء فيهما وصلا واختلف عن أبي عمرو فالجمهور عنه على التخيير بين الحذف والإثبات والآخرون بالحذف وعليه عول الداني والشاطبي قال في النشر والوجهان صحيحان مشهوران عن أبي عمرو والتخيير أكثر والحذف أشهر وافقه اليزيدي بخلف أيضا وقرأ البزي بإثباتهما في الحالين كيعقوب وافقه ابن محيصن من المبهج.

__________________

(١) أي راوياه وهما : (الدوري ، والسوسي). [أ].

١٥٦

وأما : (يَسِّرْ) بالفجر [الآية : ٤] فقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وكذا أبو جعفر ويعقوب بإثبات الياء فيه وافقهم ابن محيصن واليزيدي والحسن وكل على أصله وهذا موضع ذكره لأنه من الفواصل.

وأما : (بِالْوادِ) بالفجر [الآية : ٩] أيضا فقرأ ورش وابن كثير وكذا يعقوب بإثبات الياء فيه وافقهم ابن محيصن وكل على أصله لكن اختلف عن قنبل في الوقف والإثبات له فيه هو طريق التيسير إذ هو من قراءة الداني على فارس بن أحمد وعنه أسند رواية قنبل في التيسير وفي النشر كلا الوجهين صحيح عن قنبل حالة الوقف نصا وأداء والباقون بالحذف في الحالين.

وأما : (الْمُتَعالِ) بالرعد [الآية : ٩] فقرأه ابن كثير وكذا يعقوب بإثبات الياء في الحالين من غير خلف وافقهما ابن محيصن والباقون بالحذف فيهما.

وأما : (وَعِيدِ) بإبراهيم [الآية : ١٤] وموضعي ق [الآية : ١٤ ، ٤٥] و (نَكِيرِ) بالحج [الآية : ٤٤] وسبأ [الآية : ٤٥] وفاطر [الآية : ٢٦] والملك [الآية : ١٨] و (نَذْرٍ) ستة مواضع بالقمر [الآية : ١٦ ، ١٨ ، ٢١ ، ٣٠ ، ٣٧ ، ٣٩] و (أَنْ يُكَذِّبُونِ) بالقصص [الآية : ٣٤] و (لا يُنْقِذُونِ) بيس [الآية : ٢٣] و (لَتُرْدِينِ) بالصافات [الآية : ٥٦] و (أَنْ تَرْجُمُونِ ، وفَاعْتَزِلُونِ) بالدخان [الآية : ٢٠ ـ ٢١] و (نَذِيرٍ) بالملك [الآية : ١٧] فقرأ ورش بإثبات الياء في التسع كلمات وصلا ويعقوب على أصله بإثباتها في الحالين فهذه سبع عشرة كلمة وافق فيها هؤلاء يعقوب على ما تقرر وما بقي من رءوس الآي اختص بإثبات الياء فيه في الحالين يعقوب كما يأتي مفصلا في محله إن شاء الله تعالى والله تعالى المعين (١).

خاتمة : اتفقت المصاحف على إثبات الياء رسما في مواضع خمسة عشر وقع نظيرها محذوفا مختلفا فيه فيما سبق هنا وهي (وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَ ، فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ) كلاهما بالبقرة [الآية : ١٥٠ ، ٢٥٨] (فَاتَّبِعُونِي) بآل عمران [الآية : ٣١] (فَهُوَ الْمُهْتَدِي) بالأعراف [الآية : ١٧٨] (فَكِيدُونِي) بهود [الآية : ٥٥] (ما نَبْغِي) بيوسف [الآية : ٦٥] (مَنِ اتَّبَعَنِي ، فَلا تَسْئَلْنِي) بالكهف [الآية : ٧٠] (فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا) بطه [الآية : ٩٠] (أَنْ يَهْدِيَنِي) بالقصص [الآية : ٢٢] (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) بالعنكبوت [الآية : ٥٦] و (أَنِ اعْبُدُونِي) بيس [الآية : ٦١] (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) بالزمر [الآية : ٥٣] (أَخَّرْتَنِي إِلى) بالمنافقين [الآية : ١٠] (دُعائِي إِلَّا) بنوح [الآية : ٦] وكذلك أجمع القراء على إثباتها إلا ما روى عن ابن ذكوان في (تَسْئَلْنِي) بالكهف من الخلف في إثبات يائها مع أن المشهور عنه الإثبات فيها

__________________

(١) انظر فرش الحروف ص : (١٥٩) وما بعدها. [أ].

١٥٧

كالباقين كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى من سورة الكهف (١).

ويلتحق : بهذه الياءات (بِهادِي الْعُمْيِ) بالنمل [الآية : ٨١] لثبوتها في جميع المصاحف كما تقدم بخلاف التي في الروم [الآية : ٥٣] إذ هي محذوفة في جميعها كما تقدم أيضا في باب الوقف على المرسوم (٢).

وهذا : آخر ما يسر الله تعالى من ذكر أصول القراء العشرة حسبما تضمنته الكتب المتقدم ذكرها وما ألحق بها والأربعة الزائدة عليها ويتلوه ذكر الفروع المسماة عند أهل هذا الشأن بفرش الحروف مصدر فرش نشر وهو إما أن تتكرر فيه الكلمة ويقع الخلاف فيها في كل موضع وقعت فيه أو أكثر المواضع أو لا تتكرر فالأول يضبط الخلاف فيه في أول موضع وقعت فيه تلك الكلمة ويضم إليها ما يشبهها ثم تعاد كلها أو أكثرها في محالها للإيضاح وعدم مشقة المراجعة وتنبيها للقارئ لئلا يذهل ويغتفر التكرار لمزيد الفائدة وتفصيل المجمل على أن التفصيل بعد الإجمال ليس تكرار أو هذا أعني التكرار إنما هو بالنسبة للقراء العشرة أما الأربعة فاكتفى لهم غالبا بما ذكر في أول موضع وبما تأصل لهم في الأصول المتقدمة والثاني وهو الذي لا يتكرر يورد منشورا على حسب الترتيب القرآني كالسابق مع توجيه كل قراءة تتلوها مفتتحا كل سورة بعدد آيها مع ذكر الخلاف في ذلك مختتما بذكر ما فيها من مرسوم خط المصاحف العثمانية ومن ياءات الإضافة وياءات الزوائد بعد ذكرها مفصلة واحدة واحدة في محالها لتتم الفائدة ويحصل المقصود إذ الغرض كما تقدم إيصال دقائق هذا الفن مبينة لكل أحد على وجه سهل مع الاختصار ليسهل تحصيله لكل طالب والله تعالى ولي كل نعمة.

فأقول : مستعينا بالله تعالى ، وعليه التكلان مفتتحا بأم القرآن.

__________________

(١) انظر الصفحة : (٣٦٣). [أ].

(٢) انظر الصفحة : (١٣٧). [أ].

١٥٨

سورة الفاتحة مكية (١)

وقيل مدنية (٢) (وآيها) سبع متفق الإجمال وخلافها اثنان.

بسم الله الرحمن الرحيم : عدها مكي وكوفي ولم يعد (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) [الآية : ٧] وعكسه مدني وبصري وشامي وفيها شبه الفاصلة إياك نعبد.

وسبب : الاختلاف في الآي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يقف على رءوس الآي للتوقيف فإذا علم محلها وصل للإضافة والتمام فيحسب السامع أنها ليست فاصلة وأيضا البسملة نزلت مع السور في بعض الأحرف السبعة فمن قرأ بحرف نزلت فيه عدها ومن قرأ بغير ذلك لم يعدها (٣).

القراءات : البسملة هي مصدر بسمل إذا قال : بسم الله ، كحوقل إذا قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، والكلام عليها في مباحث.

الأول : لا خلاف أنها بعض آية من النمل واختلف فيها أول الفاتحة فذهب إمامنا

__________________

(١) أي في قول ابن عباس وقتادة.

(٢) هو قول أبي هريرة ومجاهد وعطاء. وقيل نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدنية والصحيح الأول وفائدة معرفة المكي والمدني معرفة الناسخ والمنسوخ لأن المدني ينسخ المكي.

(٣) واعلم أن مدار العدد على أحد عشر رجلا من أهل الأمصار الخمسة : الكوفة والبصرة والمدينة ومكة والشام ، فمن أهل الكوفة أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي ، ومن البصرة عاصم بن العجاج الجحدري وأيوب بن المتوكل ، ومن المدينة أبو جعفر يزيد بن القعقاع القاري ، وأبو نصاح شيبة بن نصاح مولى أم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأبو عبد الرحمن نافع بن أبي نعيم المدني ، وأبو إبراهيم إسماعيل بن جعفر بن كثير الأنصاري ، ومن مكة مجاهد بن جبير ، ومن الشام أبو عمران عبد الله ابن عامر اليحصبي ، وأبو عمرو يحيى بن الحارث الذماري وأبو حيوة شريح بن مزيد الحضرمي الحمصي.

والعدد الكوفي : هو ما أضيف إلى أبي عبد الرحمن السلمي والعدد البصري هو ما أضيف إلى عاصم الجحدري وقيل ما أسند إلى أيوب. والعدد المدني عددان مدني أول ، وهو ما أضيف إلى جماعة المدنيين بدون تعيين أحد منهم ، وقيل ما أسند إلى غير إسماعيل ، والعدد المكي هو ما أضيف إلى مجاهد والعدد الشامي عددان : دمشقي وهو ما أضيف إلى ابن عامر ويحيى ، وحمصي وهو ما أضيف إلى شريح وإذا اتفق المدنيان مع المكي قيل حجازي أو حرمي وإذا اتفق الكوفي مع البصري قيل عراقي وإذا اتفق الدمشقي مع الحمصي قيل شامي.

١٥٩

الشافعي رضي الله تعالى عنه إلى أنها آية مستقلة من أول الفاتحة بلا خلاف عنده ولا عند أصحابه لحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها المروي في البيهقي وصحيح ابن خزيمة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أول الفاتحة في الصلاة وعدها آية (١) وأيضا فهي آية مستقلة منها في أحد الحروف السبعة المتفق على تواترها وعليه ثلاثة من القراء السبع ابن كثير وعاصم والكسائي فيعتقدونها آية منها بل ومن القرآن أول كل سورة وأما غير الفاتحة ففيها ثلاثة أقوال أولها أنها ليست بآية تامة من كل سورة بل بعض آية ثانيها أنها ليست بقرآن في أوائل السور خلا الفاتحة ثالثها أنها آية تامة من أول كل سورة سوى براء.

وليعلم : أنه لا خلاف بينهم في إثباتها أول الفاتحة سواء وصلت بالناس أو ابتدئ بها لأنها وإن وصلت لفظا فإنها مبتدأ بها حكما.

الثاني في حكمها : بين السورتين فقالون وورش من طريقي الأصبهاني وابن كثير وعاصم والكسائي وكذا أبو جعفر بالفصل بينهما بالبسملة لأنها عندهم آية لحديث (٢) سعيد بن جبير وافقهم ابن محيصن والمطوعي.

واختلف : عن ورش من طريق الأزرق وأبي عمرو وابن عامر وكذا يعقوب في الوصل والسكت وبالبسملة بينهما جمعا بين الدليلين فالبسملة لورش في التبصرة وهو أحد الثلاثة في الشاطبية والوصل بلا بسملة له من العنوان والمفيد وهو الثاني في الشاطبية والسكت له في التيسير وبه قرأ الداني على جميع شيوخه وهو الثالث في الشاطبية (٣) وهو لأبي عمرو في سائر كتب العراقيين لغير ابن حبش عن السوسي هو أحد الوجهين في الشاطبية والهداية واختاره الداني ولا يؤخذ من التيسير سواه عند التحقيق وقطع له بالوصل بلا بسملة صاحب العنوان والوجيز هو الثاني في الشاطبية كجامع البيان وقطع له بالبسملة في الهادي والهداية في الوجه الثالث ورواه ابن حبش عن السوسي وهي لابن عامر في العنوان وفاقا لسائر العراقيين والوصل له من الهداية وهو أحد الوجهين في الشاطبية والسكت له من التبصرة واختاره الداني وهو الثاني في الشاطبية وقطع به ليعقوب صاحب المستنير كسائر العراقيين وبالوصل صاحب الغاية وبالبسملة الداني وافقهم

__________________

(١) وفي رواية إمامنا الشافعي قال : قالت قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاتحة الكتاب فعد بسم الله الرحمن الرحيم آية ، الحمد لله رب العالمين ، آية ، الرحمن الرحيم ، آية ، ملك يوم الدين ، آية ، إياك نعبد وإياك نستعين ، آية ، اهدنا الصراط المستقيم ، آية ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، آية ، قال القسطلاني : وهذا استدلال جيد لو لا أن يقال إن عدها آية من فهم الراوي قال الذهبي في مختصر السنن إن كان العد بلسانه في الصلاة فذاك مناف للصلاة وإن كان بأصابعه فلا يدل على أنها آية من الفاتحة ا ه.

(٢) لفظه كان عليه الصلاة والسلام لا يعلم انقضاء السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم.

(٣) وبه قطع له ابن غلبون وابن بليمة.

١٦٠