إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر

الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبدالغني الدمياطي

إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر

المؤلف:

الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبدالغني الدمياطي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2192-8
الصفحات: ٦٢٤

فيدخل الأصبهاني لكنه انفرادة للهذلي كما ترى على ما في النشر والله أعلم (١).

وأما : الهاء من طه فأمالها أبو عمرو ، وأبو بكر ، وحمزة ، والكسائي ، وكذا خلف وافقهم اليزيدي ، واختلف عن الأزرق ، فالجمهور على الإمالة المحضة عنه ، وهو الذي في الشاطبية كأصلها ، والتذكرة ، والعنوان ، والكامل ، وغيرها ، ولم يمل الأزرق محضة غيرها ، والوجه الثاني له التقليل ، وهو الذي في تلخيص أبي معشر ، وغيره.

والثالث : الياء من أول مريم ويس فأمالها من فاتحة مريم ابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي وكذا خلف وهذا هو المشهور عن هشام وبه قطع له ابن مجاهد والهذلي والداني من جميع طرقه في جامع البيان وغيره وروى عنه جماعة الفتح وافقهم الأعمش واختلف عن نافع من روايتيه فأمالها عنه من أمال الهاء من فاتحة مريم وفتحها عنه من فتح على الاختلاف المذكور فيها واختلف أيضا عن أبي عمرو والمشهور عنه فتحها من الروايتين ولذا قال في الطيبة : والخلف قل : لثالث : (٢) أي ذكر الخلف في إمالة الياء من فاتحة مريم قل من ذكره لثالث القراء وهو أبو عمرو ووردت إمالتها من طريق ابن فرح عن الدوري عنه كما في غاية ابن مهران وبه قرأ الداني على فارس ابن أحمد وكذا وردت عن السوسي لكن ليست من طريق كتابنا كالنشر وطيبته. وما في التيسير من أنه قرأ بها للسوسي على فارس ابن أحمد فليس من طريق أبي عمران التي هي طريق التيسير كما في النشر قال فيه وتبعه على ذلك الشاطبي وزاد وجه الفتح فأطلق الخلاف عن السوسي وهو معذور في ذلك.

وأما : الياء من يس فأمالها أبو بكر وحمزة والكسائي وكذا خلف وروح وافقهم الأعمش وهذا هو المشهور عن حمزة وعليه الجمهور وروى عنه التقليل جماعة كما في العنوان وغيره واختلف عن نافع فالجمهور عنه على الفتح وقطع بالتقليل ابن بليمة والهذلي وغيرهما فيدخل فيه الأصبهاني.

الرابع : الطاء من : طه ، وطسم الشعراء ، والقصص ، وطس النمل ، فأمالها من طه أبو بكر وحمزة والكسائي وكذا خلف وافقهم الأعمش والباقون بالفتح لكن في كامل الهذلي تقليلها عن قالون والأزرق وتبعه الطبري في تلخيصه ولم يعول عليه في الطيبة وأمالها من طسم وطس أبو بكر وحمزة والكسائي وكذا خلف أيضا وافقهم الأعمش.

الخامس : الحاء من حم في السبع (٣) فأمالها ابن ذكوان وأبو بكر وحمزة والكسائي وكذا خلف وافقهم الأعمش وقرأ بالتقليل الأزرق عن ورش واختلف عن أبي عمرو

__________________

(١) انظر النشر : (٢ / ٦٦ ـ ٦٧). [أ].

(٢) ورقمه في متن الطيبة : (٣٢١) ، (٣٢٢). [أ].

(٣) وهي السور : (غافر ، فصلت ، الشورى ، الزخرف ، والدخان ، الجاثية ، الأحقاف) .. [أ].

١٢١

فأمالها عنه بين بين صاحب التيسير والشاطبية وسائر المغاربة وفتحها عنه صاحب المبهج والمستنير وسائر العراقيين وافقه اليزيدي بخلفه أيضا والباقون بالفتح.

فصل

كل ما أميل كبرى ، أو صغرى وصلا ، فالوقف عليه كذلك بلا خلاف إلا ما أميل من أجل كسرة متطرفة بعد الألف كالدار ، و (الْحِمارِ ، وهارٍ ، والْأَبْرارِ ، والنَّاسِ) فاختلف فيه فذهب قوم إلى إخلاص الفتح فيه اعتدادا بالعارض لزوال الكسرة بالسكون وذهب الجمهور إلى الوقف بالإمالة كالوصل وهو الذي في الشاطبية وأصلها والعنوان قال في النشر وكلا الوجهين صحا عن السوسي نصا وأداء وذهب بعضهم إلى التقليل في ذلك وبذلك تكمل ثلاثة أوجه لمن يمحض الإمالة وصلا وهي : الفتح ، والتقليل ، والكبرى ، وتقدم آخر الإدغام الكبير أن ابن الجزري يرجح الإمالة عند من يأخذ بالفتح في قوله تعالى : (فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ) غافر [الآية : ٤٩] لوجود الكسرة حالة الإدغام ثم الصواب كما في النشر تقييد ذلك بالسكون فيخرج الروم والتعميم بحالتي الوقف والإدغام إذ سكون كل منهما عارض نحو : (الْأَبْرارِ رَبَّنا ، الْغَفَّارُ لا جَرَمَ ، الْفُجَّارَ لَفِي).

تنبيه : إذا وقع بعد الألف الممالة ساكن وسقطت الألف لذلك الساكن امتنعت الإمالة من أجل سقوط تلك الألف سواء كان ذلك الساكن تنوينا أو غيره فإذا زال ذلك الساكن بالوقف عادت الإمالة بنوعيها لمن هي له على ما تأصل وتقرر والتنوين يلحق الاسم المقصور مرفوعا نحو هدى للمتقين وأجل مسمى ومجرورا نحو في قرى وعن مولى ومنصوبا نحو قرى ظاهرة كانوا غزى وغير التنوين نحو موسى الكتاب والقتلى الحر وجنا الجنتين و (ذِكْرَى الدَّارِ ، وطَغَى الْماءُ ، وأَحْيَا النَّاسَ) فالوقف بالمحضة أو التقليل لمن مذهبه ذلك هو المعمول به والمعول عليه وهو الثابت نصا وأداء وذهب الشاطبي رحمه‌الله تعالى إلى حكاية الخلاف في المنون مطلقا حيث قال وقد فخموا التنوين وقفا ورققوا وتبعه السخاوي فقال وقد فتح قوم ذلك كله قال في النشر ولا أعلم أحدا من أئمة القراء ذهب إلى هذا القول ولا قال به ولا أشار إليه في كلامه ، وإنما هو مذهب نحوى لا أدائي دعا إليه القياس لا الرواية ثم أطال في سوق كلام النحاة وغيرهم ثم قال فدل مجموع ما ذكرنا أن الخلاف في الوقف على المنون لا اعتبار به ولا عمل عليه وإنما هو خلاف نحوي لا تعلق للقراءة به ولذا قال في الشاطبية :

وما بذي التنوين خلف يعتلى

بل قبل ساكن بما أصل قف

وخرج بقيد المقصور نحو : (هَمْساً ، وأَمْتاً ، وذِكْراً ، عُذْراً) فالفتح لا غير.

واختلف : عن السوسي في ذوات الراء الواقعة قبل الساكن غير المنون نحو :

١٢٢

(الْقُرَى الَّتِي ، ذِكْرَى الدَّارِ ، نَرَى اللهَ ، سَيَرَى اللهُ ، النَّصارى الْمَسِيحُ) فروى عنه الإمالة ابن جرير وصلا وبه قرأ الداني على أبي الفتح عن أصحاب ابن جرير وبه قطع في التيسير وروى ابن جمهور وغيره عن السوسي الفتح وهو الذي في أكثر الكتب وبه قرأ الداني على أبي الحسن والوجهان في الشاطبية والطبية ويأتي الكلام على ترقيق اللام من (نَرَى اللهَ) حال الإمالة في باب اللامات إن شاء الله تعالى وقد اختلف في (تَتْرا) بالمؤمنين [الآية : ٤٤] على قراءة أبي عمرو ومن معه بالتنوين فأمالها له من جعل ألفها للإلحاق بجعفر كهي في أرطى وفتحها من جعلها بدلا من التنوين والمقروء به هو الثاني وإن جعلت للإلحاق لرسمها بالألف على مقتضى كلام النشر ويأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى في محله. وعن الحسن إمالة (ضَنْكاً) بطه [الآية : ١٢٤] من غير تنوين وصلا ، ووقفا ، وعن المطوعي عن الأعمش إمالة (بِضارِّينَ بِهِ) بالبقرة [الآية : ١٠٢] والله الموفق.

باب إمالة هاء التأنيث وما قبلها في الوقف

وهي الهاء التي تكون في الوصل تاء آخر الاسم نحو : (رَحْمَةٌ ، ونِعْمَةَ)(١) فتبدل في الوقف هاء وإمالتها لغة ثابتة واختلفوا هل هي ممالة مع ما قبلها ، وإليه ذهب جماعة من المحققين ، وعليه الداني ، والشاطبي ، وغيرهما أو الممال ما قبلها فقط وهو مذهب الجمهور والأول أقيس والثاني أبين في اللفظ وأظهر في الصورة قال بعضهم وينبغي أن لا يكون بين القولين خلاف فباعتبار حد الإمالة ، وإنه تقريب الفتحة من الكسرة والألف من الياء فهذه الهاء لا يمكن أن يدعى تقريبها من الياء ، ولا فتحة فيها فتقرب من الكسرة وهذا لا يخالف فيه الداني ومن معه وباعتبار أن الهاء إذا أميلت لا بدّ أن يصحبها حال من الضعف يخالف حالها إن لم يكن قبلها ممال فسمى ذلك المقدار إمالة ، ولا يخالف فيه الآخرون فالنزاع لفظي وقد خرج بقيد التأنيث هاء السكت نحو : (كِتابِيَهْ ، ومالِيَهْ ، ويَتَسَنَّهْ) والهاء الأصلية نحو : (لَمَّا تَوَجَّهَ) القصص [الآية : ٢٢] فلا إمالة في ذلك ، واستثنوا مما قبل هاء التأنيث الألف ، فلا تمال إجماعا نحو : (الصَّلاةَ ، والْحَياةِ ، والزَّكاةَ)(٢).

وقد : اختص الكسائي بإمالة هاء التأنيث سواء رسمت تاء نحو : (نِعْمَتَ اللهِ) أو هاء نحو : (رَأْفَةٌ) وتأتي على ثلاثة أقسام.

الأول : متفق على إمالته عنه بلا تفصيل وهو ما إذا كان قبل الهاء حرف من خمسة عشر حرفا يجمعها لفظ فجئت زينب لذود شمس فالفاء نحو : (خَلِيفَةً ، ورَأْفَةٌ) والجيم نحو : (وَلِيجَةً ، وبَهْجَةٍ) والثاء نحو : (ثَلاثَةِ ، مَبْثُوثَةٌ) والتاء نحو : (مَيْتَةً ، بَغْتَةً)

__________________

(١) حيث وقعت. [أ].

(٢) حيث وقعت. [أ].

١٢٣

والزاي نحو : (أَعِزَّةٍ ، بارِزَةً) والياء نحو : (شِيَةَ ، خَشْيَةِ) والنون نحو (سَنَةٍ ، جَنَّةِ) والباء نحو : (حُبِّهِ ، شَيْبَةً) واللام نحو : (لَيْلَةً ، ثُلَّةٌ) والذال في (لَذَّةٍ ، والْمَوْقُوذَةُ) فقط ، والواو نحو : (قُوَّةَ ، والْمَرْوَةَ) والدال نحو : (بَلْدَةً ، عِدَّةَ) والشين نحو : (عِيشَةٍ ، مَعِيشَةً) والميم نحو : (رَحْمَةٌ ، نِعْمَةَ) والسين نحو : (خَمْسَةٍ ، والْخامِسَةُ) فاتفقوا على إمالة ذلك كله مطلقا لخلوه عن المانع (١).

والقسم الثاني : يوقف عليه بالفتح ، وذلك بعد عشرة أحرف ، وهي : حاع وحروف الاستعلاء السبعة : قظ خص ضغط فالحاء نحو : (النَّطِيحَةُ ، أَشِحَّةً) والألف نحو : (الصَّلاةَ ، الْحَياةِ) ويلحق به (هَيْهاتَ ، واللَّاتَ ، وذاتَ ، ولاتَ) كما يأتي في مرسوم الخط إن شاء الله تعالى وأما (التَّوْراةَ ، وتُقاةً) و (مَرْضاتِ) فليس من هذا الباب بل من الباب الذي يمال ألفه في الحالين كما تقدم ، والعين نحو : (سَبْعَةٍ ، طاعَةٌ) والقاف نحو : (طاقَةَ ، ناقَةُ) والظاء في (غِلْظَةً ، ومَوْعِظَةً ، وحَفَظَةً) والخاء نحو (الصَّاخَّةُ ، نَفْخَةٌ) والصاد نحو : (خالِصَةً ، مَخْمَصَةٍ) والضاد نحو : (بَعُوضَةً ، رَوْضَةٍ) والغين نحو : (صِبْغَةَ ، مُضْغَةٍ) والطاء نحو : (حِطَّةٌ ، بَسْطَةً) فاتفقوا على فتحها عند الألف كما تقدم ، واتفق جمهورهم على الفتح عند التسعة الباقية أيضا.

القسم الثالث : فيه تفصيل فيمال في حال ، ويفتح في أخرى ، وذلك عند أربعة أحرف يجمعها أكهر فإن كان قبل كل منها ياء ساكنة ، أو كسرة متصلة ، أو منفصلة بساكن أميلت وإلا فتحت وهذا مذهب الجمهور أيضا عنه وذهب آخرون إلى إمالتها مطلقا ، فالهمزة بعد الياء (كَهَيْئَةِ ، وخَطِيئَةً) وبعد الكسرة نحو : (مِائَةَ ، وفِيهِ) وبعد غير ذلك نحو : (امْرَأَتُ وبَراءَةٌ) والكاف بعد الياء (الْأَيْكَةِ) وبعد الكسرة نحو : (الْمَلائِكَةِ ، والْمُؤْتَفِكَةَ) وبعد غير ذلك نحو : (مَكَّةَ ، والشَّوْكَةِ) والهاء بعد الكسرة المتصلة (إِلهَ ، وفاكِهَةٌ) وبعد المنفصلة (وَجْهَهُ) ، وبعد غير ذلك (سَفاهَةٍ) ولم تقع بعد ياء ساكنة والراء بعد الياء نحو : (كَبِيرَةً ، وصَغِيرَةً) وبعد الكسرة المتصلة نحو : (الْآخِرَةَ ، وكافِرَةٌ) وبعد المنفصلة نحو : (عِبْرَةٌ ، وسِدْرَةِ) وبعد غير ذلك نحو : (حَسْرَةً ، والْحِجارَةُ) ومذهب الجمهور المتقدم هو اختيار الداني ، والشاطبي ، وغيرهما ، وعليه عمل القراء ، واستثنى جماعة منهم (فِطْرَتَ) بالروم [الآية : ٣٠] ففتحوها من أجل كون الفاصل حرف استعلاء ، وإطباق كابن سوار ، وابن شريح وغيرهما ولم يستثنه الجمهور وذهب جماعة من العراقيين إلى إجراء الهمزة والهاء مجرى الأحرف العشرة المتقدمة فلم يميلوا عندهما بعد كسر أو لا لكونها من حروف الحلق وذهب آخرون إلى إطلاق الإمالة عنه في جميع الحروف ما عدا الألف كما قدمنا وهو مذهب الخاقاني وفارس بن أحمد وبه قرأ الداني عليه والمختار ما قدمناه وعليه العمل وبه الأخذ كما في النشر (٢).

__________________

(١) انظر النشر : (٨٩ ـ ٩٠). [أ].

(٢) انظر الصفحة : (٢ / ٩٠). [أ].

١٢٤

وذهب جماعة : من أهل الأداء إلى الإمالة عن حمزة من روايتيه ، ورووا ذلك عنه كما رووه عن الكسائي كالهذلي ، فإنه لم يحك عنه خلافا في ذلك ، وآخرون ذكروا الخلاف له كأبي العز ، وابن سوار ، وغيرهما من طريق النهرواني ، وخصه ابن سوار برواية خلف ، وأبي حمدون عن سليم عن حمزة.

وما : ذكر من ذلك عن ابن عامر ، وخلف في اختياره ، وورش إمالة محضة ، وعن أبي عمرو ، وغيره بين بين فانفرادات لا يقرأ بها ، والذي عليه العمل كما في النشر هو الفتح لجميع القراء إلا في قراءة الكسائي ، وما ذكر عن حمزة والله أعلم.

باب مذاهبهم في ترقيق الراآت وتفخيمها

الترقيق من ، الرقة ضد السمن فهو عبارة عن إنحاف ذات الحرف ، ونحو له والتفخيم من الفخامة ، وهي. العظمة ، والكبر فهو عبارة عن ربو الحرف ، وتسمينه فهو ، والتغليظ واحد إلا أن المستعمل في الراء في ضد الترفيق لفظ التفخيم ، وفي اللام التغليظ وهو أعني التفخيم الأصل في الراء على ما ذهب إليه الجمهور لتمكنها في ظهر اللسان وقال آخرون ليس لها أصل في تفخيم ولا ترقيق ، وإنما يعرض لها ذلك بحسب حركتها أو مجاورها قال في النشر والقولان محتملان والثاني أظهر لورش من طرق المصريين.

ثم : إن الراء تكون متحركة ، وساكنة ، فالمتحركة مفتوحة ، ومضمومة ، ومكسورة ، وكل من الثلاثة مبتدأة ، ومتوسطة ، ومتطرفة فأما المفتوحة في أحوالها الثلاثة فيكون قبلها متحرك وساكن ويكون الساكن ، ياء وغيرها فالمتحرك نحو : (وَرَزَقَكُمْ ، وَقالَ رَبُّكُمُ ، بِرَسُولِهِمْ ، لِحُكْمِ رَبِّكَ) ونحو : (رُسُلُ رَبِّنا) ونحو : (فِراشاً ، وكِراماً) ونحو :

(فَرَقْنا) ونحو : (غُراباً ، وفُرادى) ونحو : (سَفَراً ، وبُشْراً) ومختصرا ونحو : (الْبَقَرَ ، والْقَمَرَ) ونحو : (شاكِراً ، ومُنْتَصِراً) ونحو : (بَصائِرُ ، ولِيَغْفِرَ) ونحو : (نَشْراً ، ونُذْراً) ونحو : (كَبُرَ ، ولِيَفْجُرَ) والساكن نحو : (فِي رَيْبٍ) ونحو : (بَلْ رانَ ، عَلى رَجْعِهِ) ونحو : (حَيْرانَ ، والْخَيْراتِ) ونحو : (فَأَغْرَيْنا ، وأَجْرَمُوا) ونحو : (الْإِكْرامِ ، ومِدْراراً) ونحو : (خَيْراً) ونحو ، (قَدِيراً ، وخَبِيراً) ونحو : (الْخَيْرُ ، والطَّيْرِ) ونحو ، (الْفَقِيرَ) ، والكثير ونحو : (أَجْراً ، وبِداراً) ونحو : (فارَ واخْتارَ) ونحو : (ذِكْراً ، وسِتْراً) ونحو : (عُذْراً ، وغَفُوراً) ونحو : (فَمَنِ اضْطُرَّ) ونحو : (الذَّكَرُ ، والسِّحْرَ ، وذِكْرَكَ) فهذه أقسام المفتوحة بجميع أنواعها (١).

وأجمع القراء : على تفخيم الراء في ذلك كله إلا إذا كانت متطرفة ، أو متوسطة ، وقبلها ياء ساكنة أو كسرة متصلة لازمة فقرأ الأزرق عن ورش بترقيقها إلا أن يكون بعد المتوسطة حرف استعلاء ووقع ذلك في كلمتين (صِراطَ) حيث جاء (وفِراقُ) في الكهف

__________________

(١) هذه الكلمات حيث وقعت في القرآن الكريم رققت فيها الراء .. [أ].

١٢٥

والقيامة أو تتكرر الراء ووقع في ثلاث كلمات (ضِراراً وفِراراً ، والْفِرارُ) فتفخمها في ذلك كسائر القراء وخرج بقيد الكسرة نحو : (يَرَوْنَ) وبالمتصلة نحو : (أَبُوكِ ، أَمْراً) وباللازمة باء الجر ولامه نحو : (بِرَشِيدٍ ، لِرَبِّهِ) وكذا يرققها إذا حال بين الكسرة وبينها ساكن نحو : (إِكْراهَ ، وإِجْرامِي ، والذَّكَرُ ، والسِّحْرَ) لأنه حاجز غير حصين لكن بشرط أن لا يكون الساكن حرف استعلاء ولم يقع إلا في الصاد في (إِصْراً) بالبقرة [الآية : ٢٨٦] و (إِصْرَهُمْ) بالأعراف [الآية : ١٥٧] و (مِصْراً) منونا بالبقرة [الآية : ٦١] وغير منون بيونس [الآية : ٨٧] ويوسف [الآية : ٢١] والزخرف [الآية : ٥١] وفي الطاء في (قِطْراً) بالكهف [الآية : ٩٦] و (فِطْرَتَ اللهِ) بالروم [الآية : ٣٠] وفي القاف ، وقرأ بالذاريات فيفخمها كسائر القراء للتنافر وعدم التناسب وأما الخاء ففي (إِخْراجُ) حيث جاء فرقق راءه وأجرى الخاء مجرى الحروف المستفلة لضعفها بالهمس وإن وقع بعد الراء حرف استعلاء فإنه يفخمها أيضا وذلك في (إِعْراضاً) بالنساء [الآية : ١٢٨] و (إِعْراضُهُمْ) بالأنعام [الآية : ٣٥] واختلف في (الْإِشْراقِ) كما يأتي قريبا إن شاء الله تعالى ، وكذا يفخمها إذا تكررت ، ووقع من ذلك بعد الساكن (مِدْراراً ، وإِسْراراً) وكذا يفخمها إذا كانت في اسم أعجمي ، وذلك في ثلاثة : (إِبْراهِيمَ ، وعِمْرانَ ، وإِسْرائِيلَ) حيث وقعت.

واختلف : الرواة عن الأزرق في ألفاظ مخصوصة وأصل مطرد فالألفاظ المخصوصة (إِرَمَ) بالفجر و (سِراعاً ، وذِراعاً ، وذِراعَيْهِ ، وافْتِراءً عَلَى اللهِ ، وافْتِراءً عَلَيْهِ ، ومِراءً ، ولَساحِرانِ ، وتَنْتَصِرانِ ، وطَهِّرا) و (عَشِيرَتُكُمْ) بالتوبة و (حَيْرانَ ، ووِزْرَكَ ، وذِكْرَكَ) بألم نشرح و (وِزْرَ أُخْرى ، وإِجْرامِي ، وحِذْرَكُمْ ، ولَعِبْرَةً ، وكَبِّرْهُ ، والْإِشْراقِ) بص و (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ).

فأما (إِرَمَ) الفجر [الآية : ٧] فرققها صاحب العنوان وشيخه ومكي وفخمها الآخرون وهو الذي في الشاطبية كأصلها والوجهان صحيحان.

وأما : (سِراعاً ، وذِراعاً ، وذِراعَيْهِ)(١) ففخمها طاهر ابن غلبون وابن شريح وصاحب العنوان وشيخه والطبري ورققها الآخرون وذكر الوجهين ابن بليمة والداني في جامعة.

وأما : (افْتِراءً عَلَى اللهِ ، وافْتِراءً عَلَيْهِ ، ومِراءً)(١) ففخمها ابن غلبون في التذكرة وابن بليمة وأبو معشر ورققها الآخرون والوجهان في الجامع.

وأما : (لَساحِرانِ ، وتَنْتَصِرانِ ، وطَهِّرا بَيْتِيَ) ففخمها من أجل ألف التثنية أبو معشر وابن بليمة وأبو الحسن بن غلبون ورققها الآخرون وهم في جامع البيان.

__________________

(١) حيث وقعت .. [أ].

(١) حيث وقعت .. [أ].

١٢٦

وأما : (وَعَشِيرَتُكُمْ) بالتوبة [الآية : ٢٤] ففخمها المهدوي وابن سفيان وصاحب التجريد ورققها الآخرون.

وأما : (حَيْرانَ) بالأنعام [الآية : ٧١] ففخمها ابن خاقان وبه قرأ الداني عليه وصاحب التجريد ورققها صاحب العنوان والتذكرة وأبو معشر وقطع به في التيسير وتعقبه في النشر بأنه خرج بذلك عن طريقيه فيه وهما في الشاطبية كجامع البيان.

وأما : (وِزْرَكَ ، وذِكْرَكَ) بألم نشرح [الآية : ٢ ـ ٤] ففخمهما المهدوي ومكي وفارس وابن سفيان وغيرهم ورققهما الآخرون وحكى الوجهين في جامع البيان.

وأما : (وِزْرَ أُخْرى) الإسراء [الآية : ١٥] ففخمه مكي والمهدوي والصقلي وابن سفيان وأبو الفتح ورققه الآخرون.

وأما : (حِذْرَكُمْ) النساء [الآية : ٧١ ، ١٠٢] ففخمه ابن سفيان والمهدوي ومكي وابن شريح ورققه الآخرون.

وأما : (لَعِبْرَةً ، وكَبِّرْهُ) آل عمران [الآية : ١٣] والنور [الآية : ١١] ففخمها مكي والمهدوي والصقلي وابن سفيان ورققهما الآخرون.

وأما : (الْإِشْراقِ) ص [الآية : ١٨] فرققه من أجل كسر حرف الاستعلاء صاحب العنوان وشيخه الطرسوسي وهو أحد الوجهين في التذكرة وجامع البيان وفخمه الآخرون.

وأما : (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) النساء [الآية : ٩٠] ففخمه وصلا من أجل حرف الاستعلاء بعد الصقلي وابن سفيان والمهدوي ورققه الجمهور في الحالين وهو الأصح كما في النشر قال ولا اعتبار بوجود حرف الاستعلاء بعد لانفاصاله وللإجماع على ترقيق (الذِّكْرَ صَفْحاً ، والْمُدَّثِّرُ قُمْ) ولا خلاف في ترقيقها وقفا.

وبقي من أقسام المفتوحة مما اختص الأزرق بترقيقه الراء الأولى من (بَشِّرِ) بالمرسلات [الآية : ٣٢] فذهب الجمهور إلى ترقيقه في الحالين من أجل الكسرة المتأخرة فهو خارج فيها عن أصله المتقدم وقطع بذلك في الشاطبية كأصلها وحكيا عليه اتفاق الرواة فهو ترقيق لترقيق كالإمالة للإمالة وذهب الآخرون إلى تفخيمه كابن سفيان والمهدوي وصاحب العنوان وشيخه وابن بليمة ولا خلاف عند هؤلاء في تفخيمه وقفا أيضا وكذا الراء التي بعدها إذ وقف بالسكون فإن وقف بالروم رققت عندهم مع تفخيم الأولى قال في النشر وقياس ترقيقه ترقيق الضرر قال ولا أعلم أحدا من أهل الأداء روى ترقيقه وأما الأصل المطرد المنون من الأقسام المتقدمة وهو على أقسام.

الأول : أن تكون الراء بعد كسرة مجاورة وهو في ثمانية عشر حرفا (شاكِراً ، صابِراً ، ناصِراً ، سامِراً ، ظاهِراً ، حاضِراً ، طائرا ، عاقِراً ، مُدْبِراً ، مُبْصِراً ، فاجِراً ، كافرا ، ذاكرا ، مُهاجِراً ، مُبَشِّراً ، مُنْتَصِراً ، مُغَيِّراً ، خَضِراً ، مُقْتَدِراً).

١٢٧

الثاني : أن يحول بين الراء والكسرة ساكن صحيح مظهرا أو مدغم في ثمانية أحرف (ذِكْراً ، سِتْراً ، حِجْراً ، وِزْراً ، إسرا ، صِهْراً ، سِرًّا ، مُسْتَقَرًّا).

الثالث : ان تكون الراء بعد ياء ساكنة وتكون حرف مد إما على وزن فعيل وهو اثنا عشر حرفا (قَدِيراً ، خَبِيراً ، كَثِيراً ، كَبِيراً ، بَشِيراً ، نَذِيراً ، بَصِيراً ، وَزِيراً ، عَسِيراً ، صَغِيراً ، حَرِيراً ، أَسِيراً) وإما على غير ذلك وهو ثلاثة عشر (تَقْدِيراً ، تَطْهِيراً ، تَبْذِيراً ، تَفْجِيراً ، تَكْبِيراً ، تَتْبِيراً ، تَدْمِيراً ، تَفْسِيراً ، قَوارِيرَا ، قَمْطَرِيراً ، مُسْتَطِيراً ، زَمْهَرِيراً ، مُنِيراً) وحرف لين في ثلاثة (سَيْراً ، طَيْراً ، خَيْراً)(١).

فمنهم : من رقق الراء له في جميع ما ذكر مطلقا في الحالين على القياس كصاحب التذكرة ، والعنوان ، والتلخيص ، وبه قرأ للداني على أبي الحسن.

ومنهم : من فخمه مطلقا في الحالين لأجل التنوين كأبي الطيب ، والهذلي ، وجماعة وذهب الجمهور إلى التفصيل بين (ذِكْراً) وبابه فيفخم ما عدا (سِرًّا ، ومُسْتَقَرًّا) لذهاب الفاصل لفظا بالإدغام ومن هؤلاء من استثنى من الكلمات الست (صِهْراً) فرققه ابن سفيان وابن شريح والمهدوي ولم يستثنه الشاطبي كالداني وغيره ففخموه وبين غيره فيرقق.

واختلف : هؤلاء الجمهور في غير (ذِكْراً) وبابه سواء كان ذلك الغير بعد ياء نحو : (تَقْدِيراً ، وخَبِيراً) و (خَيْراً) وبعد كسرة نحو : (شاكِراً) وبابه فرققه بعضهم في الحالين كالداني ، والشاطبي ، وابن بليمة ، وابن الفحام ، وفخمه الآخرون وصلا فقط لأجل التنوين ، ورققوه وقفا كالمهدوي ، وابن سفيان ، وأجمع الكل على : استثناء (مِصْراً ، وإِصْراً ، وقِطْراً ، ووَقْراً) لأجل حرف الاستعلاء.

والحاصل : أنه إذا جمع بين المسألتين وحكي فيهما الخلاف فيكون فيهما قول بالتفخيم مطلقا وقول بالترقيق مطلقا وقول بالفرق بين باب ذكرا فيفخم في الحالين في الألفاظ الست إلا (صِهْراً) الفرقان [الآية : ٥٤] عند بعض منهم ، وبين غيره فيرقق في الحالين ، وقول كذلك يرقق في غير (ذِكْراً) وبابه لكن في الوقف دون الوصل ، وفي فهم ما ذكر من متن الطيبة خفاء ، والأقرب كما قال شيخنا رحمه‌الله تعالى أن يراد بقوله : وجل تفخيم ما نون عنه الخ أنه عظم التفخيم في الوصل وقل في الوقف وذلك لأن التفخيم في الوصل ثابت فيما ذكر عند القائلين بالتفخيم مطلقا وعند من قال به في الوصل فجلالته لثبوته من الطريقين وليس المراد أنه جل بالنسبة للترقيق في الحالين فلا يشكل بأن الترقيق فيهما هو الأشهر انتهى.

تنبيه : ذهب أبو شامة (٢) إلى التسوية في التفخيم بين ذكرا وبابه وبين المضموم الراء

__________________

(١) حيث وقعت. [أ].

(٢) في شرحه لمتن الشاطبية : (١ / ١٨٠). [أ].

١٢٨

نحو (هذا ذِكْرُ) وأخذه الجعبري منه مسلما ، وتمحل لإخراج ذلك من كلام الحرز في قوله وتفخيمه (ذِكْراً ، وسِتْراً) وبابه الخ ... فقال ومثالا الناظم لا على العموم ، وفذكر مبارك مثال للمضموم ونصبها لإيقاع المصدر عليها ، ولو حكاها لأجاد ، ثم قال : ولو قال :

مثل كذكرا رقيق للأقل وشا

كرا خبير الأعيان وسرا تعدلا

لنص على الثلاثة انتهى وتعقبه في النشر فقال هذا كلام من لم يطلع على مذاهب القوم في اختلافهم في ترقيق الراآت ، وتخصيصهم المفتوحة بالترقيق دون المضمومة ، وإن من مذهبه ترقيق المضمومة لم يفرق بين (ذَكَرَ ، وساحِرٍ ، وقادِرٌ ، ومُسْتَمِرٌّ ، ويَقْدِرُ ، ويَغْفِرَ) كما يأتي انتهى. وبقي من قسم المفتوحة ما أميل منها كبرى ، أو صغرى نحو : (ذِكْرَى ، وبُشْرى ، وسُكارى) وحكمه الترقيق بلا خلاف ، والله أعلم.

وأما : الراء المكسورة فلا خلاف في ترقيقها لجميع القراء سواء كانت كسرتها لازمة ، أو عارضة نحو : (رِزْقِ ، رِجالٌ ، فارِضٌ ، الطَّارِقِ ، إِصْرِي ، بِالزُّبُرِ ، والْفَجْرِ) ونحو : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ ، فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ) النور [الآية : ٦٣] والطارق [الآية : ٥] ونحو : (وَانْحَرْ إِنَ ، وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ) الكوثر [الآية : ٢ ـ ٣] والسجدة [الآية : ٣٠] حال النقل.

وأما : المضمومة فأجمعوا على تفخيمها في كل حال إلا أن الأزرق يرققها أيضا إذا كانت بعد ياء ساكنة ، أو كسرة سواء كانت الراء وسطا ، أو آخرا منونة ، أو غير منونة نحو : (سِيرُوا ، كَبِيرُهُمْ ، غَيْرَهُ ، كافِرُونَ ، يَنْتَصِرُونَ) ونحو : (قَدِيرٌ ، وخَبِيرٌ) ، وحرير ، و (خَيْرٌ) وكذا لو فصل بين الكسرة والراء ساكن نحو : (ذِكْرُكُمْ ، وعِشْرُونَ ، وذَكَرَ ، والسِّحْرَ) هذا مذهب الجمهور من أهل الأداء من المصريين ، والمغاربة كالداني وشيخه أبي الفتح ، والخاقاني وابن بليمة ومكي وابن الفحام والشاطبي وغيرهم وصححه في النشر وأشار إليه في طيبته بقوله : كذاك ذات الضم رقق في الأصح (١) وروى جماعة تفخيمها ، ولم يجروها مجرى المفتوحة وهو مذهب طاهر بن غلبون وصاحب العنوان وشيخه وصاحب المجتبى وغيرهم واختلف الآخذون بالترقيق في كلمتين عشرون وكبر ما هم ببالغيه ففخمها فيهما منهم مكي وابن سفيان والمهدوي وغيرهم ورققها الداني وشيخاه أبو الفتح والخاقاني وابن بليمة والشاطبي وغيرهم.

تفريع : إذا جمع بين ما ذكر في المضمومة ، وبين ما تقدم من الخلاف في (حِذْرَكُمْ) في قوله تعالى : (خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا) النساء [الآية : ٧١] حصل ثلاثة أوجه تفخيم (حِذْرَكُمْ) وترقيق (فَانْفِرُوا) لأن من نقل عنهم تفخيم الأول ينقل عن أحد

__________________

(١) انظر متن طيبة النشر : (٣٤٢). [أ].

١٢٩

منهم تفخيم الثاني والترقيق فيهما من طريق الداني ومن معه والترقيق في (حِذْرَكُمْ) والتفخيم في (فَانْفِرُوا) من طريق طاهر بن غلبون ومن معه ، أما تفخيمهما فلا يعلم للأزرق من الطرق المذكورة نبه عليه شيخنا رحمه‌الله تعالى ثم قال : لكن في النشر بعد الذين ذكرهم للتفخيم في المضمومة قوله وغيرهم ويحتمل أن يكون فيهم من يقول بالتفخيم في (حِذْرَكُمْ) فلا يقطع حينئذ بنفي التفخيم فيهما.

وأما : الراء الساكنة ، وتكون أيضا ، أولا ، ووسطا ، وآخرا ، ويكون قبلها فتح نحو : (وَارْزُقْنا ، وَارْحَمْنا) ونحو : (بَرْقٌ ، والْعَرْشِ ، وصَرْعى ، ومَرْيَمَ ، والْمَرْءِ) ونحو : (يَغْفِرَ ، ولا تَذَرْ ، لا يَسْخَرْ ، ولا يقهر) وضم نحو : (ارْكُضْ) ونحو : (الْقُرْآنُ ، وَالْفُرْقانَ) ونحو : (فَانْظُرْ ، وأَنْ أَشْكُرَ ، فَلا تَكْفُرْ) وكسر نحو : (أَمِ ارْتابُوا ، يا بُنَيَّ ارْكَبْ) ونحو : (فِرْعَوْنَ ، شِرْعَةً ، مِرْيَةٍ ، أُحْصِرْتُمْ ، ويَتَفَطَّرْنَ ، وَقَرْنَ) وقد أجمع القراء على تفخيمها إذا توسطت بعد فتح نحو : (الْعَرْشِ) أو ضم كالقرآن واختلف في ثلاث كلمات ، وهي (قَرْيَةً ، ومَرْيَمَ) حيث وقعا ، و (الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) بالأنفال مما قبله فتح فذهب بعضهم إلى الترقيق لكل القراء في الثلاث من أجل الياء والكسرة كالأهوازي وغيره وذهب ابن شريح ومكي وجماعة إلى ترقيق الأولين فقط من أجل الياء وغلط الحصري من فخمها فبالغ في ذلك وذهب بعضهم إلى ترقيق الثلاث للأزرق فقط كابن بليمة وغيره ، والصواب كما في النشر التفخيم في الثلاث لكل القراء ، ولا فرق بين الأزرق وغيره فيها.

وإن وقعت : الراء الساكنة بعد كسرة فإن كانت الكسرة عارضة فلا خلاف في تفخيمها أيضا نحو : (أَمِ ارْتابُوا ، رَبِّ ارْجِعُونِ ، لِمَنِ ارْتَضى) وإن كانت لازمة فلا خلاف في ترقيقها نحو : (فِرْعَوْنَ ، مِرْيَةٍ ، أُحْصِرْتُمْ ، اصْبِرُوا) ، لا تصاعر.

أما : إذا وقع بعدها حرف استعلاء متصل فلا خلاف في تفخيمها حينئذ ، والواقع منه في القرآن العظيم (قِرْطاسٍ) بالأنعام [الآية : ٧] و (فِرْقَةٍ ، وَإِرْصاداً) بالتوبة [الآية : ١٢٢ ، ١٠٧] و (مِرْصاداً) بالنبإ [الآية : ٢١] و (لَبِالْمِرْصادِ) بالفجر [الآية : ١٤] والمراد بالكسرة اللازمة التي تكون على حرف أصلي ، أو منزل منزلته يخل إسقاطه بالكلمة ، والعارضة بخلاف ذلك ، وهو باء الجر ولامه وهمزة الوصل وقيل العارضة ما كانت على حرف زائد وتظهر فائدة الخلاف في (مِرْفَقاً) بالكهف [الآية : ١٦] في قراءة كسر الميم وفتح الفاء فعلى الأول تكون لازمة فترقق الراء معها ، وهو الصواب كما في النشر لإجماعهم على ترقيق (الْمِحْرابَ) للأزرق ، وتفخيم مرصاد لأجل حرف الاستعلاء بعد لا من أجل عروض الكسرة قبل ، وعلى الثاني تكون عارضة ، فتفخم ، وعليه الصقلي.

واختلف : في (فِرْقٍ) بالشعراء [الآية : ٦٣] فذهب إلى ترقيقه لضعف حرف

١٣٠

الاستعلاء بالكسر جمهور المغاربة والمصريين وذهب إلى تفخيمه سائر أهل الأداء والوجهان في الشاطبية وجامع البيان والإعلان قال في النشر والوجهان صحيحان إلا أن النصوص متوافرة على الترقيق وحكى غير واحد الإجماع عليه ثم قال والقياس إجراء الوجهين في فرقة حال الوقف لمن أمال هاء التأنيث ولا أعلم فيه نصا انتهى.

وخرج بقيد الاتصال في حرف الاستعلاء نحو (فَاصْبِرْ صَبْراً ، أَنْذِرْ قَوْمَكَ ، تُصَعِّرْ خَدَّكَ) فليس فيه إلا الترقيق هذا حكم الراء في الوصل فإن وقف على الراء المتطرفة بالسكون ، أو الإشمام فإن كان قبلها كسرة نحو (بَعِيرٍ) أو ساكن بعد كسرة نحو (الشِّعْرَ) أو ياء ساكنة نحو : (خَيْرٌ ، ولا ضَيْرَ) أو ألف ممالة بنوعيها نحو في الدار أو راء مرققة نحو : (بِشَرَرٍ) عند من رقق الأولى للأزرق رققت الراء في ذلك كله إلا إذا كان الساكن بعد الكسرة حرف استعلاء نحو : (مِصْرَ ، وعَيْنَ الْقِطْرِ) فاختلف في ذلك فأخذ بالتفخيم جماعة كابن شريح ، وهو قياس مذهب الأزرق من طريق المصريين ، وأخذ آخرون بالترقيق نص عليه الداني في الجامع وكتاب الراآت له ، وهو الأشبه بمذهب الجماعة ، واختار في النشر التفخيم في مصر والترقيق في القطر قال نظرا للوصل وعملا بالأصل أي وهو الوصل.

وإن كان قبلها غير ذلك فخمت مكسورة في الوصل أولا نحو (الْحَجَرَ ، ولا وَزَرَ ، ولِيَفْجُرَ ، والنُّذُرُ ، وَالْفَجْرِ ، ولَيْلَةِ الْقَدْرِ) وجوز بعضهم ترقيق المكسورة من ذلك لعروض الوقف ، وخص آخر ذلك بالأزرق ، والصحيح التفخيم للكل وإن وقفت عليها بالروم جرت مجراها في الوصل فإن كانت حركتها كسرة رققت للكل وإن كانت ضمة فإن كان قبلها كسرة أو ساكن قبله كسرة أو ياء ساكنة رققت للأزرق وفخمت لغيره وإن كان قبلها غير ذلك فخمت للكل.

خاتمة قوله (أَنْ أَسْرِ) إذا وقف عليه بالسكون في قراءة من وصل وكسر النون فإن الراء ترقق أما على القول بعروض الوقف فظاهر ، وأما على القول الآخر ، فإن الراء قد اكتنفها كسرتان ، وإن زالت الثانية وقفا فإن الكسرة قبلها توجب الترقيق ، فإن قيل هي عارضة ، فينبغي التفخيم مثل (أَمِ ارْتابُوا) فالجواب أن يقال كما أن الكسر عارض فالسكون عارض ، ولا أولوية لأحدهما ، فيلغيان معا ويرجع إلى كونها في الأصل مكسورة فترقق وأما على قراءة الباقين وكذا (فَأَسْرِ) في قراءة من قطع ومن وصل فمن لم يعتد بالعارض رقق أيضا وأما على القول الآخر أي وهو الصحيح كما تقدم فيحتمل التفخيم للعروض ويحتمل الترقيق فرقا بين كسرة الإعراب وكسرة البناء لأن الأصل أسري بياء حذفت الياء لبناء الفعل فيبقى الترقيق دلالة على الأصل وفرقا بين ما أصله الترقيق وما عرض له وكذا الحكم في (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) في الوقف بالسكون على قراءة حذف الياء فحينئذ يكون الوقف عليه بالترقيق أولى والوقف على (وَالْفَجْرِ) بالتفخيم أولى قاله في

١٣١

النشر وقوله (وَالْفَجْرِ) بالتفخيم أولى تقدم أن الصحيح فيه التفخيم للكل ومقابلة الواهي يعتبر عروض الوقف والله تعالى أعلم (١).

باب

حكم اللامات تغليظا ، وترقيقا

تغليظ اللام تسمينها لا تسمين حركتها ويرادفه التفخيم إلا أن المستعمل كما مر التغليظ في اللام ، والتفخيم في الراء والترقيق ضدهما وقولهم الأصل في اللام الترقيق أبين من قولهم الأصل في الراء التفخيم ، وذلك أن اللام لا تغلظ إلا لسبب ، وهو مجاورتها حرف استعلاء ، وليس تغليظها مع وجوده بلازم ، بل ترقيقها إذا لم تجاوره لازم كذا في النشر

ثم إن تغليظ اللام متفق عليه ، ومختلف فيه فالمتفق عليه : تغليظها من اسم الله تعالى وإن زيد عليه الميم بعد فتحة مخففة ، أو ضمة كذلك نحو (اللهِ رَبِّنا ، شَهِدَ اللهُ ، أَخَذَ اللهُ ، سَيُؤْتِينَا اللهُ ، رُسُلُ اللهِ ، قالُوا اللهُمَ) قصدا لتعظيم هذا الاسم الأعظم فإن كان قبلها كسرة مباشرة محضة فلا خلاف في ترقيقها سواء كانت متصلة أو منفصلة عارضة أو لازمة نحو (بِاللهِ ، أَفِي اللهِ ، بِسْمِ اللهِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ ، ما يَفْتَحِ اللهُ ، قُلِ اللهُ ، أَحَدٌ اللهُ) لكسر التنوين

واختلف فيما وقع بعد الراء الممالة ، وذلك في رواية السوسي في (نَرَى اللهَ ، وسَيَرَى اللهُ) فيجوز تفخيم اللام لعدم وجود الكسر الخالص قبلها ، وترقيقها لعدم وجود الفتح الخالص قبلها ، والأول اختيار السخاوي كالشاطبي ، ونص على الثاني الداني في جامعه ، وقال إنه القياس قال في النشر قلت : والوجهان صحيحان في النظر ثابتان في الأداء انتهى.

وأما نحو قوله تعالى (أَفَغَيْرَ اللهِ ، يُبَشِّرُ اللهُ) إذا رققت راؤه للأزرق فإنهن يجب تفخيم اللام من اسم الله تعالى بعدها قولا واحدا لوجود الموجب ، ولا اعتبار بترقيق الراء قبلها.

وأما المختلف فيه فكل لام مفتوحة مخففة ، أو مشددة متوسطة ، أو متطرفة قبلها صاد مهملة ، أو طاء ، أو ظاء سواء سكنت هذه الثلاث ، أو فتحت خففت ، أو شددت فأما الصاد المفتوحة مع اللام المخففة فوقع منها (الصَّلاةَ ، وَصَلَواتِ ، وصَلاتَكَ ، وصَلاتِهِمْ ، وصَلَحَ ، وفُصِّلَتْ ، ويُوصَلَ ، وفَصَلَ ، ومُفَصَّلاً ، ومُفَصَّلاتٍ ، وَما صَلَبُوهُ) ومع اللام المشددة (صَلَّى ، ويُصَلِّي ، وتَصْلى ، ويُصَلَّبُوا) ووقع مفصولا بألف في موضعين

__________________

(١) للمزيد عن هذا الباب انظر كتاب النشر في القراءات العشر للعلامة محمد بن الجزري : (٢ / ٩٠ ، ١١٠). [أ].

١٣٢

(يا صالحا ، وفِصالاً) وأما الصاد الساكنة ففي القرآن العزيز منها (يُصَلِّي وسَيَصْلى ويَصْلاها وسَيَصْلَوْنَ ويَصْلَوْنَها واصلوها فَيُصْلَبُ ، مِنْ أَصْلابِكُمْ ، وَأَصْلَحَ ، وَأَصْلَحُوا ، وإِصْلاحاً ، والْإِصْلاحَ ، وفَصْلَ الْخِطابِ) وأما الطاء المفتوحة مع اللازم المخففة ففي (الطَّلاقَ ، وانْطَلَقَ ، وانْطَلِقُوا ، وأَطَّلَعَ ، فَاطَّلَعَ ، وبَطَلَ ، ومُعَطَّلَةٍ ، ولَهُ طَلَباً) وأما التي مع المشددة فالمطلقات ، و (طَلَّقْتُمُ وطَلَّقَكُنَ ، وطلقهن) وأما الطاء الساكنة ففي (مَطْلَعِ الْفَجْرِ) فقط وأما المفصول بينها وبين اللام بألف ففي (طالَ) وأما مع اللام الخفيفة ففي (ظَلَمَ ، ظَلَمُوا ، وَما ظَلَمُونا) ومع المشددة (ظلام ، وظَلَّلْنا ، وظَلْتَ ، وظَلَّ وَجْهُهُ) وأما الظاء الساكنة ففي (مَنْ أَظْلَمُ وإِذا أَظْلَمَ ولا يُظْلَمُونَ فَيَظْلَلْنَ).

وقد خرج بقيد المفتوحة في اللام المضمومة ، والمكسورة ، والساكنة نحو (لَأُصَلِّبَنَّكُمْ ، صَلْصالٍ) وبقيد القبلية نحو (لَسَلَّطَهُمْ ، ولَظى) وبقيد سكون الثلاثة ، أو فتحها نحو (الظُّلَّةِ ، وفُصِّلَتْ) وبالثلاثة الضاد المعجمة نحو : (أَضْلَلْتُمْ) ، أضللنا فلا تفخم معها لبعد مخرجها من اللام

وقرأ ورش من طريق الأزرق بتغليظ اللام التالية لهذه الثلاثة من ذلك كله لكون هذه الحروف مطبقة مستعلية ليعمل اللسان عملا واحدا وخصه بعضهم بالصاد فقط فروى ترقيقها مع الطاء المهملة صاحب العنوان (١) والتذكرة (٢) والمجتبى (٣) ، وبه قرأ الداني على أبي الحسن بن غلبون وروى ترقيقها مع الظاء المعجمة الصقلي وهو أحد وجهي الكافي والأصح التفخيم بعدهما كما في الطيبة كالتقريب واختلف فيما إذا حال بينهما ألف وهو في ثلاثة مواضع موضعان مع الصاد (فِصالاً) ، يصالحا وموضع مع الطاء ، وهو (طالَ) بطه (أَفَطالَ) وبالأنبياء (حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ) وبالحديد (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) فروى كثير منهم ترقيقها للفاصل ، وهو الذي في التيسير ، والعنوان ، والتبصرة ، وغيرها ، وروى آخرون تغليظها وهو الأقوى قياسا كما في : النشر ، وقال الداني في جامعه إنه الأوجه والوجهان في الشاطبية ، والكافي ، والجامع قال في النشر : والوجهان صحيحان والأرجح التغليظ.

واختلف فيما إذا وقع بعد اللام ألف حمالة نحو (صَلَّى ، ويُصَلِّي ، ويَصْلاها) فأخذ بالتغليظ صاحب التبصرة ، والتجريد ، وغيرهما ، وبالترقيق لأجل الإمالة صاحب المجتبى ، وغيره ، والوجهان في الشاطبية ، وغيرهما ، وخص بعضهم الترقيق برءوس الآي للتناسب ، وهو في ثلاث و (لا صَلَّى) بالقيامة [الآية : ٣١] (اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) [الآية : ١٥] بسبح و (إِذا صَلَّى) [الآية : ١٠] بالعلق والتغليظ بغيرها وهو ستة مواضع

__________________

(١) كتاب العنوان للعلامة إسماعيل بن خلف الأنصاري. النشر : (١ / ٦٤). [أ].

(٢) كتاب التذكرة للعلامة طاهر بن غلبون. النشر : (١ / ٧٣). [أ].

(٣) كتاب المجتبى للعلامة عبد الجبار الطرسوسي. النشر : (١ / ٧١). [أ].

١٣٣

(مُصَلًّى) [الآية : ١٢٥] حالة الوقف بالبقرة و (يَصْلاها) بالإسراء [الآية : ١٨] والليل [الآية : ١٥] و (يُصَلِّي) بالانشقاق [الآية : ١٢] و (تَصْلى) بالغاشية [الآية : ٤] و (سَيَصْلى) بالمسد [الآية : ٣] وهو الذي في التبصرة والاختيار في التجريد والأرجح في الشاطبية والأقيس في أصلها ورجحه أيضا في الطيبة.

ولا ريب أن التغليظ والإمالة ضدان لا يجتمعان ، فالتغليظ إنما يكون مع الفتح أما إذا أميلت الألف في ذلك فلا تكون الإمالة إلا مع الترقيق قال في النشر ، وهذا ما لا خلاف فيه سواء كان رأس آية ، أم لا انتهى ، وبذلك مع ما تقدم في باب الإمالة في رءوس الآي من تقليلها فقط للأزرق يعلم أنه يقرأ له بوجه واحد في رءوس الآي الثلاث المتقدمة ، وهو التقليل مع الترقيق فقط ، والله تعالى أعلم.

واختلف أيضا في اللام المتطرفة إذا وقف عليها ، وهي (أَنْ يُوصَلَ) بالبقرة [الآية : ٢٧] والرعد [الآية : ٢١ ، ٢٥] و (قَدْ فَصَّلَ) بالأنعام [الآية : ١١٩] و (بَطَلَ) بالأعراف [الآية : ١١٨] و (ظَلَ) [الآية : ٥٨] بالنحل ، والزخرف [الآية : ١٧] و (فَصْلَ الْخِطابِ) [الآية : ٢٠] بص فرواه بالترقيق وقفا في الهادي والكافي والهداية والتجريد وبالتغليظ في التذكرة والعنوان وغيرهما وهما في الشاطبية كأصلها صححهما في النشر ورجح التغليظ.

واختلف أيضا في لام (صَلْصالٍ) بالحجر [الآية : ٢٦ ، ٢٨ ، ٣٣] والرحمن [الآية : ١٤] وإن كانت ساكنة لوقوعها بين صادين فقطع بالتغليظ صاحب الهادي والهدية وتلخيص العبارات وقطع بالترقيق صاحب التيسير والعنوان والتذكرة والمجتبى وغيرهم ورجحه في الطيبة قال في النشر وهو الأصح رواية وقياسا حملا على سائر اللامات السواكن.

تنبيه اللام المشددة نحو يصلبون ، (وَظِلٍ) لا يقال إنه فصل بينها وبين حرف الاستعلاء فاصل فينبغي جريان الوجهين فيها لأن الفاصل هنا لام مدغمة في مثلها ، فصارا حرفا فلم يخرج حرف الاستعلاء عن كونه ملاصقا لها فقد شذ بعضهم ، فاعتبر ذلك فصلا نبه عليه في النشر ، والله تعالى أعلم (١).

باب الوقف على أواخر الكلم

من حيث الروم والإشمام

والوقف عبارة عن قطع النطق على الكلمة الوضعية زمنا يتنفس فيه عامة فيه استئناف القراءة ولا يأتي في وسط كلمة ، ولا فيما اتصل رسما ، ولا بد من التنفس معه

__________________

(١) للمزيد انظر النشر في القراءات العشر : (١ / ١١١). [أ].

١٣٤

كما جرره صاحب النشر والأصل فيه السكون لأن الواقف في الغالب يطلب الاستراحة ، فأعين بالأخف ، وفي النشر كما عزاه لشرح الشافية الابتداء بالمتحرك ضروري والوقف على الساكن استحساني انتهى قال شيخنا رحمه‌الله تعالى وهذا قد يدل على أن مرادهم بالخطإ فيما وقف على متحرك بالحركة الخطأ الصناعي حتى لو وقف بالحركة لم يحرم وبه أفتى الشهاب الرملي من متأخري الشافعية ثم قال شيخنا ويمكن أن يراد بالاستحساني ما يقابل الضروري على معنى أن الابتداء بالساكن معتذر واجتلاب الهمزة ضروري فيه بخلاف الوقف على المتحرك فإنه لا يعتذر فكان اختيار السكون فيه ولو على سبيل الوجوب استحسانيا إذا الواجب يقال له حسن انتهى ويجوز الروم والإشمام بشرطه الآتي وورد النص بهما عن أبي عمرو والكوفيين والمختار الأخذ بهما للجميع.

أما الروم فهو الإتيان ببعض الحركة وقفا فلذا ضعف صوتها لقصر زمنها ويسمعها القريب المصغي وهو معنى قول التيسير هو تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب معظم صوتها فتسمع لها صوتا خفيا وهو عند القراء غير الاختلاس وغير الإخفاء والاختلاس والإخفاء عندهم واحد ولذا عبروا بكل منهما عن الآخر والروم يشارك الاختلاس في تبعيض الحركة ويخالفه في إنه لا يكون في فتح ولا نصب ويكون في الوقف فقط والثابت فيه من الحركة أقل من الذاهب والاختلاس يكون في كل الحركات كما في : (أَرِنا ، وأَمَّنْ لا يَهِدِّي ، ويَأْمُرُكُمْ) ولا يختص بالوقف والثابت من الحركة فيه أكثر من الذاهب وقدره الأهوازي بثلثي الحركة ، ولا يضبطه إلا المشافهة.

ثم إن الروم يكون في المرفوع والمضموم والمجرور والمكسور نحو (اللهُ الصَّمَدُ ، ويَخْلُقُ) ونحو (مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ، ويا صالِحُ) ونحو (دِفْءٌ ، والْمَرْءِ) وإن وقف بالهمز ، أو النقل ونحو (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ، وفي الدار ونحو هؤلاء (فَارْهَبُونِ) ونحو (بَيْنَ الْمَرْءِ ، ومِنْ شَيْءٍ ، ظَنَّ السَّوْءِ) وقف بالهمز ، أو النقل كما في وقف حمزة.

وأما الإشمام فهو حذف حركة المتحرك في الوقف فضم الشفتين بلا صوت إشارة إلى الحركة ، والفاء في فضم للتعقيب ، فلو تراخى فإسكان مجرد لا إشمام ، وهو معنى قول الشاطبي ، والإشمام إطباق الشفاه بعيد ما يسكن ، وهو أتم من تعبير غيره ببعد لعدم إفادته التعقيب ، والأعمى يدرك الروم بسماعه (١) لا الإشمام لعدم المشاهدة إلا بمباشرة ويكون أولا ووسطا وآخرا خلافا لمكي في تخصيصه بالآخر كما في الجعبري والإشمام يكون في المرفوع والمصموم فقط نحو (اللهُ الصَّمَدُ ، مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ونحو (دِفْءٌ ، والْمَرْءِ) في وقف حمزة ولا يكون في كسرة ولا فتحة (٢).

ولا يجوز الإشمام ولا الروم في الهاء المبدلة من تاء التأنيث نحو المحضة الموقوف

__________________

(١) للمزيد انظر النشر : (٢ / ١٢٠). [أ].

(٢) حيث وقعت. [أ].

١٣٥

عليها بالهاء نحو (الْجَنَّةَ ، وَالْمَلائِكَةِ ، والْقِبْلَةَ ، ولَعِبْرَةً ، ومَرَّةً ، وهُمَزَةٍ ، ولُمَزَةٍ) وخرج بقيد التأنيث نحو (نَفَقَةٍ) وبالمحضة لفظ لأن مجموع الصيغة للتأنيث لا مجرد الهاء وبالموقوف عليها بالهاء ما يوقف عليه بالتاء اتباعا للرسم فيما كتب بالتاء نحو (بَقِيَّتُ ، وفِطْرَتَ ، ومَرْضاتِ اللهِ) فيجوز الروم والإشمام لأن الوقف حينئذ على الحرف الذي كانت الحركة لازمة له بخلاف الأولى فإنها بدل من حرف الإعراب ، ويمتنعان أيضا في ميم الجمع على قراءة الصلة ، وعدمها نحو (عَلَيْهِمْ ، وفِيهِمْ ، ومِنْهُمْ)(١) لأنها حركة عارضة لأجل الصلة فإذا ذهبت عادت إلى أصلها من السكون ، وكذا يمتنعان في المتحرك بحركة عارضة نقلا كان نحو (وَانْحَرْ إِنَ ، ومِنْ إِسْتَبْرَقٍ) أو غيره نحو (قُمِ اللَّيْلَ ، وَأَنْذِرِ النَّاسَ ، وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ ، لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ ، اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ) لعروضها ، ومنه (يَوْمَئِذٍ ، وحِينَئِذٍ) لأن كسرة الذال إنما عرضت عند إلحاق التنوين ، فإذا زال التنوين وقفا رجعت الذال إلى أصلها من السكون بخلاف (غَواشٍ ، وكُلِ) لأن التنوين دخل فيهما على متحرك ، فالحركة فيهما أصلية ، فكان الوقف عليهما بالروم حسنا.

واختلف في هاء الضمير فذهب كثير منهم إلى جواز الإشارة بهما مطلقا ، وهو الذي في التيسير ، والتجريد ، والتلخيص ، وغيرها ، وذهب آخرون إلى المنع مطلقا ، وهو كلام الشاطبي ، وفاقا للداني في غير التيسير والمختار كما قاله ابن الجزري منعهما فيها إذا كان قبلها ضم أو واو ساكنة أو كسر أو ياء ساكنة نحو (يَعْلَمْهُ ، وَأَمْرُهُ ، ولِيَرْضَوْهُ ، وبِهِ ، وفِيهِ ، وإِلَيْهِ) وجوازهما إذا لم يكن قبلها ذلك بأن انفتح ما قبل الهاء ، أو وقع ألف ، ساكن صحيح نحو (لَنْ تُخْلَفَهُ ، واجْتَباهُ ، وهَداهُ ، ومِنْهُ ، وعَنْهُ) ، وأرجئه في قراءة الهمز (وَيَتَّقْهِ) عند من سكن القاف قال في النشر ، وهو أعدل المذاهب عندي (٢).

تفريع : إذا وقع قبل الحرف الموقوف عليه حرف مد أو حرف لين ففي المرفوع نحو (نَسْتَعِينُ) الفاتحة [الآية : ٥] فهو خير والمضموم نحو (حَيْثُ) سبعة أوجه ثلاثة منها مع السكون الخالص وهي : المد ، والتوسط ، والقصر ، وثلاثة كذلك مع الإشمام ، والسابع الروم مع القصر وفي المجرور نحو (لِلرَّحْمنِ ، ومِنْ خَوْفٍ) والمكسورة ك (مَتابِ) أربعة ثلاثة مع السكون الخالص والرابع الروم مع القصر وفي المنصوب نحو (لَكُمْ طالُوتَ) والمفتوح كالعالمين و (لا ضَيْرَ) ثلاثة : المد ، والقصر ، والتوسط فقط مع السكون ، وفي نحو (مِصْرَ) الإسكان فقط ، ونحو (مِنَ الْأَمْرِ) الإسكان ، والروم ، ونحو (نَعْبُدُ) الإسكان ، والروم ، والإشمام.

تتمة من أحكام الوقف المتفق عليه في القرآن إبدال التنوين بعد فتح غير هاء التأنيث

__________________

(١) يعنى لا يدركه من غيره لما ذكر وليس المراد أن لا يحسنه ، فلا يمكنه الإتيان به كما توهمه بعض الطلبة ، بل قد يحسنه أكثر من البصير.

(٢) انظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري : (٢ / ١٢٥). [أ].

١٣٦

ألفا وحذفه بعد ضم وكسر ومنه إبدال نون التوكيد الخفيفة بعد فتح ألفا نحو (لَيَكُوناً ، ولَنَسْفَعاً) وكذا نون (إِذاً لَأَذَقْناكَ) ومنه زيادة ألف في (إِنَّا) ومن المختلف فيه إبدال تاء التأنيث هاء في الاسم الواحد ومنه زيادة هاء السكت في (مِمَ ، وعَمَ) واخواتهما ، وكذا عليهن ، وإليهن ، ونحوه وكذا نحو (الْعالَمِينَ) كما يأتي إن شاء الله تعالى.

خاتمة في النشر يتعين التحفظ من الحركة في الوقف على المشدد المفتوح نحو (صَوافَ ، ويُحِقَّ الْحَقَ ، وعَلَيْهِنَ) وإن أدى ذلك إلى الجمع بين الساكنين فإنه في الوقف مغتفر مطلقا وكثير ممن لا يعرف يقف بالفتح لأجل الساكن وهو خطأ وإذا وقف على المشدد المتطرف ، وكان قبله أحد حروف المد أو اللين نحو دواب* ، و (تُبَشِّرُونَ ، والَّذِينَ ، وهاتَيْنِ) وقف بالتشديد ، وإن اجتمع في ذلك أكثر من ساكنين ، ومد من أجل ذلك ، وربما زيد في مده لذلك خلافا لما في جامع البيان من التفرقة بين الألف ، وغيرها ، والله أعلم (١).

باب الوقف على مرسوم الخط

وهو أعني الخط كما تقدم تصوير الكلمة بحروف هجائها بتقدير الابتداء بها ، والوقف عليها ، ولذا حذفوا صورة التنوين ، وأثبتوا صورة همزة الوصل ، ومرادهم هنا خط المصاحف العثمانية التي أجمع عليها الصحابة رضى الله تعالى عنهم ثم إن طابق الخط اللفظ فقياسي وإن خالفه بزيادة أو حذف أو بدل وفصل أو وصل فاصطلاحي ثم الوقف إن قصد لذاته فاختياري وإلا فإن لم يقصد أصلا بل قطع النفس عنده فاضطراري وإن قصد لا لذاته بل لأجل حال القارئ فاختياري بالموحدة وقد أجمعوا على لزوم اتباع الرسم فيما تدعو الحاجة إليه اختيارا واضطرارا وورد ذلك نصا عن نافع وأبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي وكذا أبو جعفر وخلف ورواه كذلك نص الأهوازي وغيره عن ابن عامر واختاره أهل الأداء لبقية القراء بل رواه أئمة العراقيين نصا واداء عن كل القراء.

ثم الوقف على المرسوم متفق عليه ، ومختلف فيه والمختلف فيه انحصر في خمسة أقسام :

أولها الإبدال ، وهو إبدال حرف بآخر ، فوقف : ابن كثير ، وأبو عمرو ، والكسائي ، وكذا يعقوب وافقهم اليزيدي ، وابن محيصن ، والحسن بالهاء على هاء التأنيث المكتوبة بالتاء ، وهي لغة قريش ، وقعت في مواضع.

أولها : رحمت في المواضع السبعة بالبقرة والأعراف وهود وأول مريم وفي الروم والزخرف معا.

__________________

(١) للمزيد انظر تفصيل ذلك في كتاب النشر من الصفحة : (٢ / ١٢٠) إلى : (٢ / ١٣٠). [أ].

١٣٧

ثانيها : (نِعْمَتَ) في أحد عشر موضعا [الآية : ٢٣١] ثاني البقرة وفي المائدة (١) [الآية : ١١] وآل عمران [الآية : ١٠٣] وثاني إبراهيم [الآية : ٢٨ ، ٣٤] وثالثها وثاني النحل [الآية : ٥٣ ، ٧١ ، ٧٢ ، ٨٣] وثالثها ورابعها (٢) وفي لقمان [الآية : ٣١] وفاطر [الآية : ٣] والطور [الآية : ٢٩].

وثالثها : (سُنَّتُ) في خمسة بالأنفال [الآية : ٣٨] وغافر [الآية : ٨٥] وثلاثة بفاطر [الآية : ٤٣].

ورابعها : (امْرَأَتُ) سبع بآل عمران [الآية : ٣٥] واحد ، واثنان بيوسف [الآية : ٣٠ ، ٥١] وفي القصص [الآية : ٩] واحد ، وثلاثة بالتحريم [الآية : ١٠ ، ١١].

خامسها : (بَقِيَّتُ اللهِ) [الآية : ٨٦] بهود سادسها : (قُرَّتُ عَيْنٍ) بالقصص [الآية : ٩] سابعها : (فِطْرَتَ اللهِ) بالروم [الآية : ٣٠] ثامنها : (شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) بالدخان [الآية : ٤٣] تاسعها : (لَعْنَتَ) موضعان بآل عمران [الآية : ٦١] وبالنور [الآية : ٧] عاشرها : (جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) بالواقعة فقط [الآية : ٨٩] حادي عاشرها : (ابْنَتَ عِمْرانَ) بالتحريم [الآية : ١٢] ثاني عاشرها : معصيت موضعي المجادلة [الآية : ٨ ، ٩] ثالث عاشرها : (كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى) بالأعراف [الآية : ١٣٧] ووقف الباقون بالتاء موافقة لصريح الرسم وهي لغة طيء.

وكذا الحكم فيما اختلف في إفراده وجمعه وهو (كَلِمَتُ) بالأنعام ، ويونس ، وغافر و (آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) بيوسف و (غَيابَتِ الْجُبِ) معا فيها و (آياتٌ مِنْ رَبِّهِ) بالعنكبوت و (الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) بسبإ و (عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ) بفاطر (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ) بفصلت و (جِمالَتٌ صُفْرٌ) بالمرسلات ويأتي جميع ذلك في أماكنه من الفرش إن شاء الله تعالى (٣) فيمن قرأه بالإفراد فهو في الوقف على أصله المذكور كما كتب في مصاحفهم ، ومن قرأه بالجمع وقف عليه بالتاء كسائر الجموع وقد فهم من تقييد المكتوبة بالتاء أن المرسومة بالهاء لا خلاف فيها بل هي تاء في الوصل هاء في الوقف وهل الأصل التاء أو الهاء قال بالأول سيبويه وبالثاني ثعلب في آخرين.

ويلحق بهذه الأحرف (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) بالنساء وفي قراءة يعقوب بالنصب منونا على إنه اسم مؤنث وقد نص الداني وغيره على أن الوقف له عليه بالهاء ، وذلك على أصله في الباب ، ونص ابن سوار ، وغيره على أن الوقف عليه بالتاء لكلهم ، وسكت آخرون عنه ، وقال في المبهج : والوقف بالتاء إجماع لأنه كذلك في المصحف قال : ويجوز الوقف عليه بالهاء في قراءة يعقوب (٤).

__________________

(١) أي : ثانيها.

(٢) الصواب : ورابع النحل ، وخامسها ، وسادسها.

(٣) انظر الصفحة : (١٨) وما بعدها. [أ].

(٤) فتصير على هذا الوجه : (حصرته). [أ].

١٣٨

واختلفوا أيضا في ست كلمات وهي (يا أَبَتِ وهَيْهاتَ ، ومَرْضاتِ ، ولاتَ ، واللَّاتَ ، وذاتَ ، وذاتَ بَهْجَةٍ).

أما (يا أَبَتِ) وهو بيوسف [الآية : ٤ ، ١٠٠] ومريم [الآية : ٤٢] والقصص [الآية : ٢٦] والصافات [الآية : ١٠٢] فوقف عليه بالهاء ابن كثير وابن عامر وكذا أبو جعفر ويعقوب لكونها تاء تأنيث لحقت الأب في باب النداء خاصة وافقهم ابن محيصن والباقون بالتاء على الرسم.

وأما (هَيْهاتَ) موضعي المؤمنون [الآية : ٣٦] فوقف عليها بالهاء البزي وقنبل بخلف عنه والكسائي وافقهم ابن محيصن بخلف والباقون بالتاء إلا إن الخلف عن قنبل في العنوان والتذكرة والتخليص لم يذكر في الأول وقطع له بالتاء فيهما في الشاطبية كأصلها وبالهاء فيهما كالبزي العراقيون قاطبة.

وأما (مَرْضاتِ) في موضعي البقرة [الآية : ٢٠٧ ، ٢٦٥] وفي النساء [الآية : ١١٤] والتحريم [الآية : ١] و (لاتَ حِينَ) بص [الآية : ٣] و (ذاتَ بَهْجَةٍ) [الآية : ٦٠] بالنمل و (اللَّاتَ) بالنجم [الآية : ١٩] فوقف الكسائي عليها بالهاء والباقون بالتاء وخرج بذات بهجة ذات بينكم المتفق على التاء فيه وقفا.

القسم الثاني في الإثبات وهو في هاء السكت وتسمى الإلحاق وفي حرف العلة المحذوف للساكن فأما هاء السكت فوقف البزي وكذا يعقوب بخلاف عنهما بها في الكلمات الخمس الاستفهامية المجرورة وهي (عَمَ ، وفِيمَ ، وبِمَ ، ولِمَ ، ومِمَ) عوضا عن الألف المحذوفة لأجل دخول حرف الجر على ما الاستفهامية والخلف للبزي في الشاطبية وفاقا للداني في غير التيسير وبغير الهاء قرأ على فارس وعبد العزيز الفارسي وهو من المواضع التي خرج فيها في التيسير عن طرقه فإنه أسند رواية البزي فيه عن الفارسي ووقف يعقوب باتفاق بالهاء أيضا على و (هُوَ ، وهِيَ) حيث وقعا واختلف عنه في إلحاقها للنون المشددة في ضمير جمع المؤنث نحو (فِيهِنَ ، وعَلَيْهِنَ ، وحَمْلَهُنَ ، وهُنَ ، ولَهُنَ) وخرج بقولنا في ضمير إلخ نحو (وَلا يَحْزَنَ) فإن النون وإن كانت مشددة إلا إنها ليست للنسوة بل نون النسوة هنا النون المخففة المدغمة فيها النون التي هي لام الفعل كما نبه عليه شيخنا رحمه‌الله تعالى قال في النشر وقد أطلقه يعني الجمع المؤنث بعضهم وأحسب أن الصواب تقييده بما كان بعد هاء كما مثلوا به ولم أجد أحدا مثل بغير ذلك.

وكذا اختلف عن يعقوب أيضا في المشدد المبني نحو (تَعْلُوا عَلَيَ ، يُوحى إِلَيَ ، بِمُصْرِخِيَ ، الْقَوْلُ لَدَيَ ، خَلَقْتُ بِيَدَيَ) لكن الأكثر عنه ترك الهاء فيه قال في النشر وكلا الوجهين ثابت عن يعقوب والظاهر أن ذلك مقيد بما إذا كان بالياء كما مثلنا به.

وكذا قرأ يعقوب بإلحاق الهاء في الوقف على النون المفتوحة في نحو (الْعالَمِينَ ، والْمُفْلِحُونَ ، والَّذِينَ) فيما رواه ابن سوار ، وغيره ومقتضى تمثيله أعني ابن سوار بقوله تعالى : (يُنْفِقُونَ) شموله للأفعال ، والصواب كما في النشر تقييده

١٣٩

بالأسماء عند من أجازه ، والجمهور على عدم إثبات الهاء في هذا الفصل ، وعليه العمل (١).

واختلف عن رويس في أربع كلمات (يا وَيْلَتى ، يا حَسْرَتى ، يا أَسَفى) ، وثمّ الظرف المفتوح الثاء فقطع له ابن مهران وغيره بإثبات الهاء ، ورواه الآخرون بغير هاء كالباقين ، والوجهان صحيحان عن رويس كما في النشر (٢).

واتفقوا على الوقف بهاء السكت في سبع كلمات للرسم ، واختلفوا في إثباتها وصلا كما يأتي إن شاء الله تعالى ، وهي (يَتَسَنَّهْ) بالبقرة [الآية : ٢٥٩] فحذفها وصلا : حمزة ، والكسائي ، وكذا خلف ، ويعقوب وافقهم الأعمش واليزيدي وابن محيصن و (اقْتَدِهْ) بالأنعام كذلك بخلف عن ابن محيصن وكسر الهاء وصلا ابن عامر وقصرها هشام وأشبعها ابن ذكوان بخلف عنه و (كِتابِيَهْ) معا بالحاقة و (حِسابِيَهْ) فيها حذف الهاء منهن وصلا يعقوب وافقه ابن محيصن و (مالِيَهْ وسُلْطانِيَهْ) بالحاقة أيضا حذف الهاء منهما وصلا حمزة وكذا يعقوب وافقهما ابن محيصن و (ما هِيَهْ) بالقارعة حذفها وصلا حمزة وكذا يعقوب وافقهما ابن محيصن والحسن وزاد ابن محيصن من رواية البزي سكون الياء في الحالين من المفردة.

وأما حروف العلة الثلاثة فأما الياء فمنها ما حذف للساكنين ومنها ما هو لغير ذلك فأما المحذوف رسما للتنوين فنحو (تَراضٍ ، مُوصٍ) وجملتها ثلاثون حرفا في سبعة وأربعين موضعا.

فقرأ ابن كثير بالياء في أربعة أحرف منها في عشرة مواضع وهي (هادٍ) في خمسة منها اثنان بالرعد واثنان بالزمر [الآية : ٢٣ ، ٣٦] والخامس بالطول [الآية : ٧ ، ٣٣] الرعد و (واقٍ) موضعي الرعد وموضع غافر [الآية : ٣٣] (واقٍ) بالرعد [الآية : ٣٤ ، ٣٧] وغافر [الآية : ٢١] و (باقٍ) بالنحل [الآية : ٩٦] وافقه ابن محيصن وعنه الوقف كدالك في (فَإِنْ) بالرحمن [الآية : ٢٦] و (راقٍ) بالقيامة [الآية : ٢٧] وأما المحذوفة لغير ذلك فأحد عشر حرفا في سبعة عشر موضعا وقف عليها يعقوب بالياء وهي و (مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ) [الآية : ٢٦٩] على قراءته بكسر التاء و (سَوْفَ يُؤْتِ اللهُ) بالنساء [الآية : ١٤٦] و (اخْشَوْنِ الْيَوْمَ) بالمائدة [الآية : ٣] و (يَقُصُّ الْحَقَ) بالأنعام [الآية : ٥٧] و (نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) بيونس [الآية : ١٠٣] و (بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) بطه [الآية : ١٢] والنازعات [الآية : ١٦] و (وادِ النَّمْلِ) بسورة النمل [الآية : ١٨] و (الْوادِ الْأَيْمَنِ) بالقصص [الآية : ٣٠] و (لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا) بالحج [الآية : ٥٤] و (بِهادِ الْعُمْيِ) بالروم [الآية : ٥٣] و (يُرِدْنِ الرَّحْمنُ) بيس [الآية : ٢٣] و (صالِ الْجَحِيمِ) بالصافات [الآية : ١٦٣] و (يُنادِ الْمُنادِ) بق [الآية :

__________________

(١) فيصير وجه القراءة : (العالمينه ، المفلحونه ، الذينه). [أ].

(٢) انظر النشر : (٢ / ١٥٧). [أ].

١٤٠