رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٤

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٤

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-092-7
الصفحات: ٤٢٥

بهذا الوضع هو المشهور.

( والزوج ) مع وجوده ( أولى بالمرأة من الأخ ) بل مطلق الأقارب ، بالنص (١) ، والإجماع. وما يخالفه بإثبات أولوية الأخ عليه من الصحيح وغيره (٢) شاذّ لا عمل عليه ، فليطرح أو يحمل على التقية كما ذكره شيخ الطائفة وغيره (٣).

وظاهر الأصل واختصاص المستند بالزوج اختصاص الحكم به دون الزوجة كما صرّح به جماعة (٤). وفيه قول بإلحاقها به (٥) ؛ لوجه تخريجي يدفعه ما عرفته.

قيل : ولا فرق بين الدائمة والمتمتع بها ، ولا بين الحرّة والمملوكة ؛ لإطلاق النص (٦). وهو حسن ، إلاّ في المتمتع بها ؛ فإنّ إطلاق الزوج بالإضافة إلى المتمتع بها حقيقة لا يخلو عن مناقشة.

ثمَّ إنّ إطلاق النص والعبارة يقتضي عدم الفرق بين الزوج الحرّ والعبد ، لكن في المنتهى : إنّ الحرّ أولى من العبد وإن كان قريبا والحرّ بعيدا ، قال : لأنّ العبد لا ولاية له على نفسه ففي غيره أولى ، ولا نعلم فيه خلافا (٧).

قيل : ولعلّ الزوج مستثنى عن الحكم المزبور ؛ للنص (٨).

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧٧ / ٢ و٣ ، الفقيه ١ : ١٠٢ / ٤٧٤ ، التهذيب ٣ : ٢٠٥ / ٤٨٤ ، الاستبصار ١ : ٤٨٦ / ١٨٨٣ ، الوسائل ٣ : ١١٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٤ ح ١ ، ٢.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٠٥ / ٤٨٥ ، ٤٨٦ ، الاستبصار ١ : ٤٨٦ / ١٨٨٤ ، ١٨٨٥ ، الوسائل ٣ : ١١٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٤ ح ٤ ، ٥.

(٣) الشيخ في الاستبصار ١ : ٤٨٧ ؛ وانظر الذخيرة : ٣٣٥.

(٤) منهم صاحب المدارك ٤ : ١٥٩ ، المحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٣٥.

(٥) نقله الشهيد الثاني عن بعض الأصحاب في روض الجنان : ٣١١. ووجهه شمول اسم الزوج لهما لغة.

(٦) قال به السبزواري في الذخيرة : ٣٣٥.

(٧) المنتهى ١ : ٤٥١.

(٨) قال به السبزواري في الذخيرة : ٣٣٥.

٤١

وفيه : أنه عام أيضا يمكن تخصيصه بالحرّ ، لما ذكره في المنتهى.

وبالجملة : التعارض بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه ، يمكن تخصيص كلّ بالآخر ، ففي الترجيح نظر.

وذكر الأصحاب من غير خلاف يعرف أن الذكر من الأولياء أولى من الأنثى ، ونفى عنه الخلاف في المنتهى (١) ، وأطلق كغيره.

وقيّده جماعة (٢) بما إذا اجتمعا في طبقة واحدة ، أو كان الذكر أقرب طبقة أو درجة ، وإلاّ فالأنثى أولى ؛ للصحيح : المرأة تؤم النساء؟ قال : « لا ، إلاّ على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها » (٣).

( ولا ) يجوز أن ( يؤم ) أحد ولو كان وليا ( إلاّ من ) اجتمع ( فيه شرائط الإمامة ) حتى العدالة ( وإلاّ ) يجتمع فيه شرائط الإمامة ( استناب ) إن كان وليا ، بلا خلاف أجده ، وفي المنتهى : إنه اتّفاق علمائنا (٤) ؛ وهو الحجّة ، المؤيدة بإطلاق ما دلّ على اعتبارها في إمام الجماعة ، وإن كان في أخذه حجة من دونه مناقشة أشار إلى وجهها في الذخيرة فقال : لعموم النص ، وعدم كونها صلاة حقيقة ، فلا يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة الحقيقة (٥).

ويجوز للوليّ الاستنابة مطلقا (٦) ؛ إذ لا مانع منه ، مع تصريح النصوص السابقة به. ولو وجد الأكمل استحب استنابته ؛ لأن كماله قد يكون سببا‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٤٥١.

(٢) منهم : الشهيد في الذّكرى : ٥٦. والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٢٣.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٠٦ / ٤٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٢٧ / ١٦٤٨ ، الوسائل ٣ : ١١٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٥ ح ١.

(٤) المنتهى ١ : ٤٥١.

(٥) الذخيرة : ٣٣٥.

(٦) أي مع الصلاحية أيضا ( منه رحمه الله ).

٤٢

لاستجابة دعائه. ويحتمل ترجيح الولي ؛ لاختصاصه بمزيد الرقة التي هي مظنة الإجابة.

( ويستحب ) للولي ( تقديم الهاشمي ) للرضوي (١).

ولا خلاف أجده إلاّ من المفيد فأوجبه (٢). قيل : فإن أراد به إمام الأصل فهو حقّ ، وإلاّ فهو ممنوع ، بل الأولى للولي التقديم ، أمّا الوجوب فلا ، لعموم الآية (٣).

أقول : وللمعتبرة المتقدمة أيضا ، مع سلامتها عن المعارض بالكلية ، عدا رواية غير معلومة الصحة : « قدّموا قريشا ولا تقدّموهم » (٤) مع أنها أعم من المدّعى.

وبها استدل الماتن في المعتبر على الاستحباب (٥) ، وردّه في الذكرى بما ذكرنا (٦). وهو حسن إنّ قصد بالاستدلال إثبات الوجوب ، وأما الاستحباب ـ كما هو المفروض ـ فيتسامح في أدلته بما لا يتسامح في غيره على الأشهر الأقوى ، سيّما مع انجبار الضعف بما ذكر بالفتوى ، فيمكن الاستدلال بها مطلقا.

( ومع وجود الإمام ) أي إمام الأصل وحضوره ( فهو أولى بالتقديم ) قطعا ؛ وللخبرين المتفقين على كونه أولى ، وإن اختلفا في الدلالة على توقفه على إذن الولي كما هو ظاهر أحدهما (٧) ، وعن المبسوط وفي المنتهى (٨) ، مدّعيا‌

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٧ ، المستدرك ٢ : ٢٧٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٢١ ح ١.

(٢) المقنعة : ٢٣٢.

(٣) قال به العلامة في المختلف : ١٢٠.

(٤) سنن البيهقي ٣ : ١٢١.

(٥) المعتبر ٢ : ٣٤٧.

(٦) الذكرى : ٥٧.

(٧) التهذيب ٣ : ٢٠٦ / ٤٩٠ ، الوسائل ٣ : ١١٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٣ ح ٤.

(٨) المبسوط ١ : ١٨ ، المنتهى ١ : ٤٥٠.

٤٣

في ظاهر كلامه الإجماع عليه ؛ أو العدم كما هو ظاهر إطلاق الثاني منهما (١) ، وعن الحلبي وفي الذكرى (٢).

ولقد أحسن جماعة من الأصحاب فقالوا : إنّ البحث في ذلك تكلّف مستغنى عنه (٣).

( و ) يجوز أن ( تؤم المرأة النساء ) إمّا مطلقا كما هنا وفي كثير من العبائر ، أو بشرط عدم الرجال كما في السرائر (٤) ، ولعلّه وارد مورد الغالب فلا عبرة بمفهومه ، ولا خلاف فيه هنا أجده ، وبه صرّح في الذخيرة (٥) ؛ للصحيحة المتقدّمة (٦).

( و ) هي المستند أيضا فيما ذكروه من غير خلاف من أنها ( تقف في وسطهنّ ولا تبرز ) ولا تخرج عن الصف ، ففيها بعد ما مرّ إليه الإشارة : « تقوم وسطهن معهنّ في الصف فتكبّر ويكبّرن ».

( وكذا العاري إذا صلّى بالعراة ) كما يأتي في بحث الجماعة إن شاء الله تعالى.

وظاهر العبارة عدم اعتبار الجلوس هنا كما يعتبر في اليومية ، وبه صرّح جماعة (٧) ؛ ولعلّ الفارق إنما هو النص الوارد باعتباره فيها دون المقام ، لا ما قيل‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧٧ / ٤ ، التهذيب ٣ : ٢٠٦ / ٤٨٩ ، الوسائل ٣ : ١١٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٣ ح ٣.

(٢) الحلبي في الكافي : ١٥٦ ، الذكرى : ٥٧.

(٣) منهم : المحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٣٥ ، وصاحب الحدائق ١٠ : ٣٩٥.

(٤) السرائر ١ : ٣٥٨.

(٥) الذخيرة : ٣٣٥.

(٦) في ص ٤٢ الهامش (٣).

(٧) منهم : المحقق في المعتبر ٢ : ٣٤٧ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٣٥.

٤٤

من احتياجها إلى الركوع والسجود (١) ، لأن الواجب الإيماء.

( ولا ) يجوز أن ( يؤمّ من لم يأذن له الوليّ ) سواء كان بشرائط الإمامة أم لا ، إجماعا ؛ لما مضى.

ولو امتنع من الصلاة والإذن ففي الذكرى : الأقرب جواز الجماعة ، لإطباق الناس على صلاة الجنازة جماعة على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الآن ، وهو يدلّ على شدة الاهتمام ، فلا يزول هذا المهمّ بترك إذنه ، نعم لو كان هناك حاكم شرعي كان الأقرب اعتبار إذنه ، لعموم ولايته في المناصب الشرعية (٢).

وربما يفهم منه ومن العبارة وغيرها اختصاص اعتبار إذن الولي بالجماعة ، ونسبه في روض الجنان إلى الأصحاب كافة فقال : واعلم أن ظاهر الأصحاب أنّ إذن الولي إنما يتوقف عليه الجماعة ، لا أصل الصلاة ، لوجوبها على الكفاية ، فلا يناط برأي أحد من المكلّفين ، فلو صلّوا فرادى بغير إذن أجزأ (٣).

وتبعه في النسبة في الذخيرة (٤) ، لكن علّل الحكم بما ذكره في المدارك لنفي البأس عن المصير إليه من قوله : قصرا لما خالف الأصل على موضع الوفاق إن تمَّ ، وحملا للصلاة في قوله : « يصلّي على الجنازة أولى الناس بها » على الجماعة ، لأنه المتبادر (٥). ولكن لم يذكر الاقتصار على موضع الوفاق ، بناء منه على ثبوت الأولوية بالنصوص ولو بمعونة فهم الأصحاب.

__________________

(١) كما في الذخيرة : ٣٣٥.

(٢) الذكرى : ٥٧.

(٣) روض الجنان : ٣١١.

(٤) الذخيرة : ٣٣٤.

(٥) المدارك ٤ : ١٥٦.

٤٥

( و ) أما الثالث :

فاعلم أن هذه الصلاة ( هي خمس تكبيرات ) أوّلها تكبيرة الإحرام مقرونة بنية القربة ، بإجماعنا ، والصحاح المستفيضة وغيرها المتواترة ولو معنى من طرقنا (١).

والواردة بالأربع إما محمولة على التقية ، لأنها مذهب جميع العامة كما صرّح به شيخ الطائفة (٢).

أو متأوّلة تارة : بالحمل على الصلاة على المنافقين المتّهمين بالإسلام كما في الصحيح : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكبّر على قوم خمسا وعلى آخرين أربعا ، فإذا كبّر على رجل أربعا اتّهم بالنفاق » (٣).

وأصرح منه آخر : « فأما الذي كبّر عليه خمسا فحمد الله تعالى ومجّده في التكبيرة الأولى ، ودعا في الثانية للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ودعا في الثالثة للمؤمنين والمؤمنات ، ودعا في الرابعة للميت ، وانصرف في الخامسة ، واما الذي كبّر عليه أربعا فحمد الله تعالى ومجّده في التكبيرة الأولى ، ودعا لنفسه ولأهل بيته في الثانية ، ودعا للمؤمنين والمؤمنات في الثالثة ، وانصرف في الرابعة ولم يدع له لأنه كان منافقا » (٤).

واخرى : بأنّ المراد بقوله : « أربعا » الإخبار عمّا يقال بين التكبيرات من‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٧٢ أبواب صلاة الجنازة ب ٥.

(٢) انظر التهذيب ٣ : ٣١٦.

(٣) الكافي ٣ : ١٨١ / ٢ ، التهذيب ٣ : ١٩٧ / ٤٥٤ ، الوسائل ٣ : ٧٢ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١.

(٤) التهذيب ٣ : ٣١٧ / ٩٨٣ ، الاستبصار ١ : ٤٧٥ / ١٨٤٠ ، الوسائل ٣ : ٦٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٢ ح ٩.

٤٦

الدعاء ، لأن التكبيرة الخامسة ليس بعدها دعاء كما في الخبر : سأله عليه‌السلام رجل عن التكبير على الجنائز ، فقال « خمس تكبيرات » ثمَّ سأله آخر عن الصلاة على الجنازة ، فقال : « أربع صلوات » فقال الأول : جعلت فداك ، سألتك فقلت : خمساً ، وسألك هذا فقلت : أربعا ، فقال : « إنك سألتني عن التكبيرة وسألني هذا عن الصلاة » ثمَّ قال : « إنّها خمس تكبيرات بينهن أربع صلوات » (١).

وظاهره كغيره وجوب أن يكون ( بينها أربعة أدعية ) كما هو خيرة الأكثر على الظاهر ، المصرّح به في كلام جملة ممّن تأخّر (٢) ، بل في ظاهر الخلاف والمنتهى والذكرى (٣) الإجماع عليه.

خلافا للماتن في صريح الشرائع (٤) وظاهر المتن ؛ لقوله ( و ) هو أي الدعاء المدلول عليه بالأدعية ( لا يتعين ) ولا يجب ، بل يستحب.

ومستنده غير واضح ، عدا الأصل اللازم تخصيصه بما مرّ ، وما قيل له من إطلاقات الروايات المتضمنة لأنّ الصلاة على الميّت خمس تكبيرات الواردة في مقام البيان الدالّة بظاهرها على عدم وجوب ما عدا ذلك.

ويضعّف أوّلا : بأنّ الظاهر منها كون السؤال والجواب فيها إنما هو بالقياس إلى خصوص التكبير ومقداره ، لكونه المعركة العظمى بين الخاصة والعامة ؛ ولذا لم يذكر النية والقيام والاستقبال وغيرها مع وجوبها إجماعا.

وثانيا : بعد تسليمه فغايته الإطلاق ، ويجب تقييده بما مرّ.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣١٨ / ٩٨٦ ، الاستبصار ١ : ٤٧٦ / ١٨٤٢ ، الوسائل ٣ : ٧٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١٢.

(٢) منهم : صاحب المدارك ٤ : ١٦٦ ، والمحقق السبزواري في الكفاية : ٢٢ ، والمحدّث الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٦٧.

(٣) الخلاف ١ : ٧٢٤ ، المنتهى ١ : ٤٥١ ، الذكرى : ٥٨.

(٤) الشرائع ١ : ١٠٦.

٤٧

ويحتمل أن يكون مراد الماتن بقوله : وهو لا يتعيّن ، عدم تعيّنه في شي‌ء مخصوص وإن وجب أصله ، وهو خيرة جماعة من محقّقي متأخري المتأخرين (١) ، تبعا للإسكافي (٢) ؛ للمعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح : « ليس في الصلاة على الميت قراءة ولا دعاء موقّت إلاّ أن تدعو بما بدا لك ، وأحقّ الموتى أن يدعى له ( المؤمن ، و) (٣) أن يبدأ بالصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٤).

والموثق : « إنما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل » (٥).

مضافا إلى الأصل ، واختلاف النصوص وعدم توافق بعضها مع بعض في تعيين الأذكار مع كثرتها واستفاضتها. وهو قوي.

إلاّ أنّ المشهور ولا سيّما بين المتأخرين ـ كما ذكره جماعة (٦) ـ هو تعيّن ما أشار إليه الماتن بقوله ( وأفضله أن يكبّر ويتشهد الشهادتين ، ثمَّ يكبّر ويصلّي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمَّ يكبّر ويدعو للمؤمنين ، وفي ) التكبيرة ( الرابعة ) أن ( يدعو للميت ، وينصرف بالخامسة ) حال كونه ( مستغفرا ) بما يأتي في الرضوي ، أو بقوله : « اللهم عفوك عفوك » كما صرّح به في المنتهى (٧) ، ويفهم من بعض النصوص لكن مع زيادة عليه (٨).

__________________

(١) منهم : صاحب المدارك ٤ : ١٦٧ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٢٨.

(٢) نقله عنه في الذكرى : ٥٩.

(٣) ليس في « ح » ، « ش » ، « ل ».

(٤) الكافي ٣ : ١٨٥ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٩٣ / ٤٤٢ ، الاستبصار ١ : ٤٧٦ / ١٨٤٣ ، الوسائل ٣ : ٨٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٧ ح ١.

(٥) الكافي ٣ : ١٧٨ / ١ ، الفقيه ١ : ١٠٧ / ٤٩٥ ، التهذيب ٣ : ٢٠٣ / ٤٧٥ ، الوسائل ٣ : ٨٩ أبواب صلاة الجنازة ب ٧ ح ٢.

(٦) منهم : المحقق السبزواري في الكفاية : ٢٢ ، والذخيرة : ٣٢٨.

(٧) المنتهى ١ : ٤٥٤.

(٨) التهذيب ٣ : ٣٣٠ / ١٠٣٤ ، الوسائل ٣ : ٦٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٢ ح ١١.

٤٨

وفي الخلاف دعوى الإجماع عليه (١) ؛ وهو الحجّة ، مضافا إلى بعض المعتبرة ولو بالشهرة ، وفيه : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلّى على ميّت كبّر وتشهّد ، ثمَّ كبّر وصلّى على الأنبياء ودعا ، ثمَّ كبّر ودعا للمؤمنين ، ثمَّ كبّر الرابعة ودعا للميت ، ثمَّ كبّر خامسة وانصرف » (٢).

ويؤيده بعض الصحاح المتقدمة (٣) ، والرضوي : « وارفع يديك بالتكبير الأول وقل : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأنّ الموت حق ، والجنة حق ، والنار حق ، والبعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور.

ثمَّ كبّر الثانية : وقل : اللهم صلّى على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد ، أفضل ما صلّيت وباركت ورحمت وترحّمت وسلّمت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد.

ثمَّ تكبّر الثالثة وتقول : اللهم اغفر لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، وتابع بيننا وبينهم بالخيرات ، إنّك مجيب الدعوات ووليّ الحسنات ، يا أرحم الراحمين.

ثمَّ تكبّر الرابعة وتقول : اللهم إنّ هذا عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بساحتك وأنت خير منزول به ، اللهم إنّا لا نعلم منه إلاّ خيرا وأنت أعلم به منّا ، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ، واغفر لنا وله ، اللهم احشره مع من يتولاّه ويحبّه ، وأبعده ممّن يتبرأ ويبغضه ، اللهم ألحقه‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٧٢٤.

(٢) الكافي ٣ : ١٨١ / ٣ ، الفقيه ١ : ١٠٠ / ٤٦٩ ، التهذيب ٣ : ١٨٩ / ٤٣١ ، الوسائل ٣ : ٦٠ أبواب صلاة الجنازة ب ٢ ح ١ بتفاوت يسير.

(٣) في ص ٤٦.

٤٩

بنبيك وعرّف بينه وبينه ، وارحمنا إذا توفّيتنا يا إليه العالمين.

ثمَّ تكبّر الخامسة وتقول : ( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ ). ولا تسلّم ولا تبرح من مكانك حتى ترى الجنازة على أيدي الرجال » (١).

لكنه في مواضع أخر تضمن أدعية أخر مختلفة الكيفية مع هذا الدعاء ، وبعضها مع بعض.

والصحيح السابق تضمّن في التكبير الأول بدل التشهد التحميد والتمجيد ، والرواية الأولى غير صريحة الدلالة ، بل ولا ظاهرة حتى على القول بوجوب التأسي في العبادة ؛ إذ هو حيث لا يعارض الكيفية المنقولة من فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيفية أخرى مخالفة ، مع أنها كما عرفت من الصحيحة منقولة.

فلم يبق إلاّ الإجماع المنقول المعتضد بالشهرة. وفي مقاومة الظن الحاصل منه للظن الحاصل من جميع الأخبار الواردة في المسألة مختلفة الكيفية مناقشة ، سيّما مع تصريح ما مرّ من المعتبرة بأنه ليس فيها دعاء موقّت ولا قراءة ، بل لعلّ الظن الحاصل منها أقوى وإن كان ما ذكره الجماعة أحوط وأولى خروجا عن شبهة الخلاف فتوى بل رواية ، وتحصيلا للبراءة اليقينية مهما أمكن ، ولعلّه الوجه فيما في المتن وغيره من الأفضلية.

وقيل في وجهها : دلالة الرواية المشهورة عليها ؛ لقوله : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفعل ، فإنه يشعر بالدوام والمواظبة ، وأقلّه الرجحان (٢). وفيه ما عرفته.

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٧ ، المستدرك ٢ : ٢٤٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٢ ح ١.

(٢) المدارك ٤ : ١٦٨.

٥٠

والعماني والجعفي (١) جعلا الأفضل جميع الأذكار الأربعة عقيب كل تكبيرة ، وإن اختلف عبارتهما في تأدية كيفية الأدعية.

قال الفاضل : وكلاهما جائز (٢).

وفي الذكرى : قلت : لاشتمال ذلك على الواجب ، والزيادة غير منافية ، مع ورود الروايات بها ، وإن كان العمل بالمشهور أولى. وينبغي مراعاة هذه الألفاظ تيمنا بما ورد عنهم عليهم‌السلام (٣). انتهى. وهو حسن.

وقيل : الأولى العمل بما في الصحاح من تكرار الدعاء له عقيب كل تكبيرة ، بل تكرار التشهد والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا كما في أكثرها (٤).

ولعلّه لصحة السند ، إلاّ أنّ الأفضل ما قدّمنا ؛ فإنّ دفع الشبهة وموافقة المشهور مهما أمكن لعلّه أولى.

ثمَّ إنّ هذا كلّه في المؤمن ، وأمّا غيره فسيأتي الكلام في الدعاء له أو عليه.

( وليست الطهارة ) من الحدث ( من شرطها ) بإجماعنا الظاهر ، المصرّح به في جملة من العبائر كالخلاف والتذكرة والمنتهى والذكرى وروض الجنان والروضة (٥) ؛ وهو الحجّة ، مضافا إلى المعتبرة المستفيضة (٦).

__________________

(١) نقله عنهم في الذكرى : ٥٩.

(٢) انظر المختلف : ١١٩.

(٣) الذكرى : ٥٩.

(٤) المفاتيح ٢ : ١٦٨.

(٥) الخلاف ١ : ٧٢٤ ، التذكرة ١ : ٤٩ ، المنتهى ١ : ٤٥٥ ، الذكرى : ٦٠ ، روض الجنان : ٣٠٩ ، الروضة ١ : ١٤١.

(٦) الوسائل ٣ : ١١٠ أبواب صلاة الجنازة ب ٢١.

٥١

وعلّل في الموثق منها بأنه : « إنما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل كما تسبح وتكبر في بيتك على غير وضوء » (١).

وفي الرضوي : « لأنه ليس بالصلاة ، إنما هو التكبير ، والصلاة هي التي فيها الركوع والسجود » (٢).

وربما يفهم منهما عدم اشتراط الطهارة من الخبث أيضا كما صرّح به بعض الأصحاب (٣) ـ وإن تردّد فيه الشهيد رحمه‌الله في الذكرى (٤) ـ ويعضده إطلاق المعتبرة المستفيضة بجواز صلاة الحائض (٥) مع عدم طهارتها عن الخبث غالبا.

( وهي ) أي الطهارة ( من فضلها ) للنص : « تكون على طهر أحبّ إليّ » (٦).

( ولا ) يجوز أن ( يتباعد ) المصلّي ( عن الجنازة بما يخرج ) به ( عن ) كونه مصلّيا عليها أو عندها في ( العادة ) للتأسي ، وعدم تيقّن الخروج عن العهدة من دونه.

( ولا يصلّى على الميت إلاّ بعد تغسيله وتكفينه ) إلاّ أن يكون شهيدا ، ولا نعلم فيه خلافا كما في المنتهى (٧).

وفي المدارك : إنه قول العلماء كافة ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هكذا‌

__________________

(١) تقدّم مصدره في ص ٤٨. الهامش (٥).

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٩ ، المستدرك ٢ : ٢٦٩ أبواب صلاة الجنازة ب ٨ ح ١.

(٣) كصاحب المدارك ٤ : ١٧٢.

(٤) الذكرى : ٦١.

(٥) الوسائل ٣ : ١١٢ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٢.

(٦) الكافي ٣ : ١٧٨ / ٣ ، التهذيب ٣ : ٢٠٣ / ٤٧٦ ، الوسائل ٣ : ١١٠ أبواب صلاة الجنازة ب ٢١ ح ٢.

(٧) المنتهى ١ : ٤٥٦.

٥٢

فعل ، وكذا الصحابة والتابعون ، فيكون الإتيان بخلافه تشريعا محرّما (١).

وفي التفريع على إطلاقه نظر. والأولى تبديله بما في المنتهى وغيره (٢) من قوله : فلو صلّى قبل ذلك لم يعتدّ بها ، لأنه فعل غير مشروع فيبقى في العهدة.

هذا مع الإمكان ، وإلاّ قام التيمم مقام الغسل في اعتبار الترتيب ، فإن تعذّر سقط.

( ولو كان ) الميت ( عاريا ) فاقد الكفن ( جعل في القبر ) بعد تغسيله ، أو ما في حكمه ( وسترت عورته ، ثمَّ يصلّى عليه ) بلا خلاف أجده ، بل عليه الإجماع في ظاهر المدارك والذخيرة (٣) ؛ للموثق (٤) وغيره (٥).

وذكر الشهيدان أنه إن أمكن ستره بثوب صلّي عليه قبل الوضع في اللحد (٦) ؛ ويدل عليه الخبر الأخير : « إذا لم يقدروا على ثوب يوارون به عورته فليحضروا قبره ويضعوه في لحده يوارون عورته بلبن أو أحجار أو تراب ، ثمَّ يصلّون عليه ، ثمَّ يوارونه في قبره ».

وهو حسن إن أريد به الجواز ، وإلاّ فالوجوب مشكل ، لضعف السند ، مع الأصل ، وإطلاق الموثق. نعم هو لعلّه أحوط.

__________________

(١) المدارك ٤ : ١٧٣.

(٢) المنتهى ١ : ٤٥٦ ؛ وانظر كشف اللثام ١ : ١٢٥.

(٣) المدارك ٤ : ١٧٣ ، الذخيرة : ٣٣٣.

(٤) الكافي ٣ : ٢١٤ / ٤ ، الفقيه ١ : ١٠٤ / ٤٨٢ ، التهذيب ٣ : ١٧٩ / ٤٠٦ ، الوسائل ٣ : ١٣١ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٦ ح ١.

(٥) التهذيب ٣ : ٣٢٨ / ١٠٢٣ ، المحاسن : ٣٠٣ / ١٢ ، الوسائل ٣ : ١٣٢ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٦ ح ٢.

(٦) انظر الذكرى : ٥٣.

٥٣

( وسننها ) أمور :

منها ( وقوف الإمام ) أو المصلّي وحده ( عند وسط الرجل وصدر المرأة ) على الأظهر الأشهر ، بل في الغنية الإجماع عليه (١) ؛ للخبرين (٢).

خلافا للشيخ في الاستبصار ، فيقف عند رأس المرأة وصدر الرجل (٣) للخبر (٤).

وفيه مع ضعف السند عدم المكافأة لما مرّ.

وله في الخلاف فعكس ما في الاستبصار ، قال : للإجماع (٥).

ووهنه ظاهر لكل ناظر ، لعدم ظهور قائل به عدا والد الصدوق كما حكاه في المختلف (٦) ، وهو نادر. وحكى فيه عن المقنع إطلاق الوقوف عند الصدر ، ومستنده غير واضح.

وظاهر النصوص الوجوب ، ولضعفها حملت على الاستحباب ؛ مضافا إلى الأصل ، والإجماع على عدمه فيما أعرفه ، وفي المنتهى هذه الكيفية‌

__________________

(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٤.

(٢) الأول :

الكافي ٣ : ١٧٦ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٩٠ / ٤٣٣ ، الاستبصار ١ : ٤٧٠ / ١٨١٨ ، الوسائل ٣ :

١١٩ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٧ ح ١.

الثاني :

الكافي ٣ : ١٧٧ / ٢ ، التهذيب ٣ : ١٩٠ / ٤٣٢ ، الاستبصار ١ : ٤٧٠ / ١٨١٧ ، الوسائل ٣ :

١١٩ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٧ ح ٢.

(٣) الاستبصار ١ : ٤٧٠.

(٤) التهذيب ٣ : ١٩٠ / ٤٣٢ ، الاستبصار ١ : ٤٧٠ / ١٨١٧ ، الوسائل ٣ : ١١٩ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٧ ح ٢.

(٥) الخلاف ١ : ٧٣١.

(٦) المختلف : ١١٩.

٥٤

مستحبة بلا خلاف عندنا (١).

( ولو اتفقا جعل الرجل إلى ) ما يلي ( الإمام ، والمرأة إلى القبلة ) بلا خلاف فيه أجده ، وبه صرّح جماعة (٢) ، بل عليه الإجماع في الخلاف والمنتهى وغيرهما (٣) ؛ وهو الحجّة ، مضافا إلى المعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح : عن الرجال والنساء كيف يصلّي عليهم؟ فقال : « يجعل الرجل وراء المرأة ويكون الرجل ممّا يلي الإمام » (٤).

وأما الواردة بالعكس (٥) فمع قصور سندها بل ضعفها شاذة مطرحة أو محمولة على التقية ، فقد حكاه في المنتهى عن بعض العامة (٦) ، مع احتمال بعضها الحمل على ما دلّت عليه المستفيضة.

وظاهرها وإن أفاد الوجوب إلاّ أنه محمول على الاستحباب ؛ لعدم الخلاف فيه على الظاهر ، المصرّح به في المنتهى (٧) ، وفي الغنية الإجماع عليه (٨) ؛ وللصحيح : « لا بأس بأن يقدّم الرجل وتؤخّر المرأة ويؤخّر الرجل وتقدّم المرأة » (٩).

__________________

(١) المنتهى ١ : ٤٥٦.

(٢) منهم : الشهيد في الذكرى : ٦٢ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٢٦.

(٣) الخلاف ١ : ٧٢٢ ، المنتهى ١ : ٤٥٧ ؛ نهاية الإحكام ٢ : ٢٦٥.

(٤) التهذيب ٣ : ٣٢٣ / ١٠٠٦ وفيه : يجعل الرجل والمرأة ، الاستبصار ١ : ٤٧١ / ١٨٢٣ ، الوسائل ٣ / ١٢٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٢ ح ١٠.

(٥) التهذيب ٣ : ٣٢٣ / ١٠٠٨ ، الاستبصار ١ : ٤٧٢ / ١٨٢٥ ، الوسائل ٣ : ١٢٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٢ ح ٤ ، ٥ ، ٧ ، ٨.

(٦) المنتهى ١ : ٤٥٧.

(٧) المنتهى ١ : ٤٥٦.

(٨) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٤.

(٩) الفقيه ١ : ١٠٦ / ٤٩٣ ، التهذيب ٣ : ٣٢٤ / ١٠٠٩ ، الاستبصار ١ : ٤٧٣ / ١٨٢٨ ،

٥٥

وينبغي أن ( يحاذي بصدرها وسطه ) ليقف الإمام موقف الفضيلة منهما.

وربما يستفاد من جملة من النصوص خلافه ، ففي الموثق : « يقدّم الرجل قدّام المرأة قليلا ، وتوضع المرأة أسفل من ذلك عند رجليه ، ويقوم الإمام عند رأس الميت فيصلي عليهما جميعا » (١).

وفي آخر : « يجعل رأس المرأة إلى ألية الرجل » (٢).

( ولو ) اجتمع معهما ثالث و ( كان طفلا ف ) الفضل أن يجعل ( من ورائها ) إلى القبلة إن لم يبلغ ستا ، وإلاّ فقدّامها ممّا يلي الرجل ، وفاقا لجماعة ومنهم الشيخ في الخلاف (٣) ، تلويحا في الأول ، وتصريحا في الثاني ، مدّعيا الإجماع عليه ؛ وهو الحجة فيه ، مضافا إلى المرسل كالموثق : في جنائز الرجال والصبيان والنساء ، قال : « توضع النساء ممّا يلي القبلة ، والصبيان دونهم ، والرجال دون ذلك ، ويقوم الإمام ممّا يلي الرجال » (٤).

وأما الأول فقد علّل بأمر اعتباري لا بأس به في إثبات الاستحباب ، سيّما مع اعتضاده بما قدّمناه من التأمل في استحباب الصلاة على نحو هذا الصبي (٥) ، بل مقتضاه لزوم الترتيب حيث يستلزم عكسه البعد العرفي للإمام أو الميت الذي‌

__________________

الوسائل ٣ : ١٢٦ أبواب صلاة الجنازة ٣٢ ح ٦.

(١) التهذيب ٣ : ١٩١ / ٤٣٥ ، الوسائل ٣ : ١٢٧ ، أبواب صلاة الجنازة ب ٣٢ ح ٨.

(٢) الكافي ٣ : ١٧٤ / ٢ ، التهذيب ٣ : ٣٢٢ / ١٠٠٤ ، الاستبصار ١ : ٤٧٢ / ١٨٢٧ ، الوسائل ٣ : ١٢٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٢ ح ٢.

(٣) الخلاف ١ : ٧٢٢ ؛ المنتهى ١ : ٤٥٧ ، جامع المقاصد ١ : ٤٢٠.

(٤) الكافي ٣ : ١٧٥ / ٥ ، التهذيب ٣ : ٣٢٣ / ١٠٠٧ ، الاستبصار ١ : ٤٧٢ / ١٨٢٤ ، الوسائل ٣ : ١٢٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٢ ح ٣.

(٥) راجع ص ٣٦ و٣٧.

٥٦

يليه عن المرأة ؛ لما عرفت سابقا من وجوب فقده.

وممّا ذكرناه ظهر ضعف إطلاق القول بجعله وراءها كما في ظاهر العبارة وغيرها وعن النهاية (١) ، وبعكسه كما عن الصدوقين (٢) ، مع عدم وضوح مستندهما ، عدا الثاني فله إطلاق المرسل المتقدم ، وفي شموله للصبي الذي لم يبلغ الستّ إشكال ، سيّما بعد ظهور الأخبار ـ كما مضى ـ في عدم شرعية استحباب الصلاة عليه ، فيمكن تنزيله على غيره ، كما يمكن تنزيل إطلاق الصدوقين عليه ، لما يظهر من الفقيه من قوله بمضمون تلك الأخبار (٣).

وربما ينزل إطلاق العبارة وغيرها على الصبي الذي لم يبلغ الستّ ، وبه نصّ الماتن في المعتبر وشيخنا في روض الجنان (٤).

وعلى التنزيل فلا خلاف ولا بحث. لكن ظاهر المعتبر القول بما عليه الصدوقان حتى في غير البالغ ستا ، استنادا إلى إطلاق الرواية ، قال : وهي وإن كانت ضعيفة لكنها سليمة عن المعارض.

وفي المدارك وغيره (٥) بعد نقله : ولا بأس به.

وهي لما عرفته ضعيفة غايته.

ويستفاد من هذه الأخبار وما في معناها وكلمة الأصحاب والإجماع المنقول جواز الصلاة الواحدة على الجنائز المتعددة ، وفي المنتهى : إنه لا نعرف فيه خلافا (٦).

__________________

(١) النهاية : ١٤٤.

(٢) الصدوق في المقنع ٢١ ، وحكاه عن أبيه في الفقيه ١ : ١٠٧.

(٣) الفقيه ١ : ١٠٤ ، ١٠٥.

(٤) المعتبر ٢ : ٣٥٤ ، روض الجنان : ٣٠٩.

(٥) المدارك ٤ : ١٧٦ ؛ وانظر الذخيرة : ٣٣٢.

(٦) المنتهى ١ : ٤٥٦.

٥٧

لكن استشكل جماعة ذلك فيما إذا كان فيهم صبي لم تجب الصلاة عليه ، لاختلاف الوجه (١).

ويندفع بالنص كما في تداخل الأغسال ، هذا على القول باعتبار قصد الوجه وثبوت استحباب الصلاة على هذا الصبي ، وإلاّ ـ كما هو الأقوى ـ فلا إشكال من أصله.

( و ) منها ( وقوف المأموم ) هنا ( وراء الإمام ولو كان واحدا ) وتفرد الحائض بصف ، للنصوص (٢). والنفساء كالحائض ، لمساواتها لها في جميع الأحكام إلاّ ما استثني.

( و ) منها ( أن يكون المصلّي متطهرا ) لما مضى.

( حافيا ) كما هنا وعن القاضي ، وفي المعتبر والمنتهى (٣) ، قالا : لأنه موضع اتّعاظ فكان التذلل فيه أنسب بالخشوع ، ولما رواه الجمهور عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « من اغبرت قدماه في سبيل الله حرّمه الله تعالى على النار » (٤).

وعبّر الأكثر باستحباب نزع النعلين خاصة ، وفي المدارك : إنه مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفا (٥) ، ونحوه في الذخيرة (٦).

وقد صرّح جماعة بعدم البأس بالخف (٧) ، للنص : « لا يصلّى على الجنازة‌

__________________

(١) منهم : العلاّمة في التذكرة ١ : ٥٠ ، وصاحب المدارك ٤ : ١٧٦.

(٢) الوسائل ٣ : ١١٢ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٢.

(٣) القاضي في المهذّب ١ : ١٣٠ ، المعتبر ٢ : ٣٥٥ ، المنتهى ١ : ٤٥٥.

(٤) مسند أحمد ٥ : ٢٢٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٩٢ / ١٦٨٢.

(٥) المدارك ٤ : ١٧٨.

(٦) الذخيرة : ٣٣٢.

(٧) منهم : الشهيدان في الذكرى : ٦١ ، والروض : ٣١٠.

٥٨

بحذاء ، ولا بأس بالخف » (١).

وهو مناف لما أطلقه الماتن ، وبه صرّح في الذكرى فقال : استحباب التحفّي يعطي استحباب نزع الخف ، والشيخ وابن الجنيد ويحيى بن سعيد استثنوه ، والخبر ناطق به (٢).

وفي روض الجنان بعد ذكر ما في المتن قال : إنه غير مناف لنفي البأس عن الخف ، لأنه مستثنى من المكروه ، ولا يلزم منه عدم استحباب التحفي الذي هو مبحث المحقّق (٣).

وفي الرضوي : « ولا يصلّى على الجنازة بنعل حذو » (٤).

وعن المقنع الفتوى بظاهره حتى في المنع ، لكنه رواه بلفظ « لا يجوز » عن محمّد بن موسى الهمداني ، وحكى عن شيخه تضعيفه برؤية ، وردّه بلزوم العمل بالخبر الضعيف إذا خلا عن المعارض كما نحن فيه (٥). وهو ضعيف.

( رافعا يديه بالتكبير كلّه ) أي بالتكبيرات الخمس أجمع ، بلا خلاف في الأولى منها ، بل عليه إجماع العلماء كافة كما حكاه جماعة حدّ الاستفاضة (٦).

وعلى قول في البواقي أيضا ، اختاره الماتن هنا وفي المعتبر والشرائع (٧) ، والفاضل في المنتهى والإرشاد ، وغيرهما (٨) ، تبعا للشيخ في التهذيبين ووالد‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧٦ / ٢ ، التهذيب ٣ : ٢٠٦ / ٤٩١ ، الوسائل ٣ : ١١٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٦ ح ١.

(٢) الذكرى : ٦٢.

(٣) روض الجنان : ٣١٠.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٩ ، المستدرك ٢ : ٢٨١ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٣ ح ١.

(٥) المقنع : ١٠٦.

(٦) منهم : ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٠٢ ، والمحقق في الشرائع ١ : ١٠٦ ، والعلاّمة في النهاية ٢ : ٢٦٥ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٤٢٦.

(٧) المعتبر ٢ : ٣٥٥ ، الشرائع ١ : ١٠٦.

(٨) المنتهى ١ : ٤٥٥ ، الإرشاد ٢ : ٤٤٨ ، وانظر نهاية الإحكام ٢ : ٢٦٥.

٥٩

الصدوق فيما حكي عنه (١) ، وهو خيرة جماعة من محقّقي متأخري المتأخرين (٢) ، للصحيح (٣) ، وغيره (٤).

خلافا للأكثر على ما حكاه جمع (٥) فخصّوه بالأولى ، للموثق (٦) ، وغيره (٧) ، وحملا في التهذيبين على التقية ، ويشهد له الخبر : سألت الرضا عليه‌السلام قلت : جعلت فداك ، إنّ الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميت في التكبيرة الأولى ولا يعرفون فيما بعد ذلك ، فأقتصر في التكبيرة الأولى كما يفعلون أو أرفع يديّ في كل تكبيرة؟ فقال : ارفع يديك في كل تكبيرة » (٨).

لكنه ضعيف السند مع عدم وضوح الجابر ، والعامة مختلفة في المسألة كالخاصة وإن كان أكثرهم ومنهم أبو حنيفة على المنع (٩) ، فإنّ غاية الكثرة إفادة المظنة ، وفي مقاومتها للظن الحاصل من الشهرة المرجحة مناقشة واضحة ، بل‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٩٤ ، الاستبصار ١ : ٤٧٨ ، وحكاه عن والد الصدوق في التنقيح ١ : ٢٤٨.

(٢) منهم : المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٤٤٨ ، وصاحب المدارك ٤ : ١٧٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٣٠.

(٣) التهذيب ٣ : ١٩٤ / ٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ٤٧٨ / ١٨٥١ ، الوسائل ٣ : ٩٢ أبواب صلاة الجنازة ب ١٠ ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ١٨٤ / ٥ ، التهذيب ٣ : ١٩٥ / ٤٤٦ ، الاستبصار ١ : ٤٧٨ / ١٨٥٢ ، الوسائل ٣ : ٩٣ أبواب صلاة الجنازة ب ١٠ ح ٣.

(٥) منهم الشهيد في الذكرى : ٦٣ ، وصاحب المدارك ٤ : ١٧٨. والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٣٣.

(٦) التهذيب ٣ : ١٩٤ / ٤٤٣ ، الاستبصار ١ : ٤٧٩ / ١٨٥٤ ، الوسائل ٣ : ٩٣ أبواب صلاة الجنازة ب ١٠ ح ٤.

(٧) التهذيب ٣ : ١٩٤ / ٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ٤٧٨ / ١٨٥٣ ، الوسائل ٣ : ٩٣ أبواب صلاة الجنازة ب ١٠ ح ٥.

(٨) الكافي ٣ : ١٨٤ / ٥ ، التهذيب ٣ : ١٩٥ / ٤٤٦ ، الاستبصار ١ : ٤٧٨ / ١٨٥٢ ، الوسائل ٣ : ٩٣ أبواب صلاة الجنازة ب ١٠ ح ٣.

(٩) انظر المغني لابن قدامة ٢ : ٣٧٠.

٦٠