رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٤

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٤

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-092-7
الصفحات: ٤٢٥

بلا خلاف في شي‌ء من ذلك بيننا أجده ، بل بالإجماع في جملة الأعذار المسطورة في العبارة عدا الإغماء صرّح جماعة (١) حدّ الاستفاضة ، بل في الذكرى وغيرها (٢) الإجماع في مطلق العذر ، فيدخل ما ذكرناه أيضا ونحو الإغماء. وحكي الإجماع فيه وفي الموت عن التذكرة (٣) ، والصحاح وغيرها فيما عداه مستفيضة.

ففي الصحيح : عن الرجل يؤم القوم فيحدث ويقدّم رجلا قد سبق بركعة ، كيف يصنع؟ قال : « لا يقدّم رجلا قد سبق بركعة ، ولكن يأخذ بيد غيره فيقدّمه » (٤).

وفيه : رجل أمّ قوما على غير وضوء ، فانصرف وقدّم رجلا ولم يدر المقدّم ما صلّى الإمام قبله ، قال : « يذكره من خلفه » (٥).

وفيه : عن رجل أمّ قوما فصلّى بهم ركعة ثمَّ مات ، قال : « يقدّمون رجلا آخر ويعتدّون بالركعة » الحديث (٦).

وفي الموثق الناهي عن إمامة المسافر بالحضري : « فإن ابتلى بشي‌ء من ذلك فأمّ قوما حضريين ، فإذا أتمّ الركعتين سلّم ثمَّ أخذ بيد بعضهم فقدّمه فأمّهم » الحديث (٧).

__________________

(١) منهم : العلامة في التذكرة ١ : ١٨١ ، وصاحب المدارك ٤ : ٣٦٢ ، والفيض في المفاتيح ١ : ١٦٨ ؛ وانظر مجمع الفائدة ٣ : ٢٥٩ ، والحدائق ١١ : ٢١٣.

(٢) الذكرى : ٢٧٧ ؛ وانظر المفاتيح ١ : ١٦٨.

(٣) التذكرة ١ : ١٨١.

(٤) التهذيب ٣ : ٤٢ / ١٤٧ ، الاستبصار ١ : ٤٣٤ / ١٦٧٥ ، الوسائل ٨ : ٣٧٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٤١ ح ١.

(٥) الفقيه ١ : ٢٦٢ / ١١٩٤ ، الوسائل ٨ : ٣٧٧ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٠ ح ٢.

(٦) الكافي ٣ : ٣٨٣ / ٩ ، الفقيه ١ : ٢٦٢ / ١١٩٧ ، التهذيب ٣ : ٤٣ / ١٤٨ ، الوسائل ٨ : ٣٨٠ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٣ ح ١.

(٧) الفقيه ١ : ٢٥٩ / ١١٨٠ ، التهذيب ٣ : ١٦٤ / ٣٥٥ ، الاستبصار ١ : ٤٢٦ / ١٦٤٣ ، الوسائل

٢٦١

وفي الخبر : عن رجل أمّ قوما فأصابه رعاف بعد ما صلّى ركعة أو ركعتين ، فقدّم رجلا ممّن قد فاته ركعة أو ركعتان ، قال : « يتم بهم الصلاة ثمَّ يقدّم رجلا فيسلّم بهم ويقوم هو فيتم صلاته » (١).

وليست الاستنابة للوجوب ، بل للاستحباب في ظاهر الأصحاب ، وعن التذكرة عليه الإجماع (٢) ؛ لفحوى ما سيأتي من جواز انفراد المأموم عن الإمام مع وجوده فمع عدمه أولى.

وفي الصحيح : عن رجل صلّى بقوم ركعتين ، ثمَّ أخبرهم أنه ليس على وضوء ، قال : « يتم القوم صلواتهم ، لأنه ليس على الإمام ضمان » (٣) وقد استدل به على عدم الوجوب ، وفي الدلالة نظر.

وأما الصحيح الآخر : عن إمام أحدث فانصرف ولم يقدّم أحدا ما حال القوم؟ قال : « لا صلاة لهم إلاّ بإمام ، فليتقدم بعضهم فليتم بهم ما بقي منها وقد تمّت صلاتهم » (٤).

فمحمول على نفي الكمال ؛ جمعا بينه وبين ما مرّ ، وعليه فيجوز لهم الانفراد أجمع ، والتبعيض بأن ينوي بعضهم الائتمام ببعض وغيره بغيره ، ونفى عن جميع ذلك الخلاف في الذخيرة (٥).

__________________

٨ : ٣٣٠ أبواب صلاة الجماعة ب ١٨ ح ٦.

(١) التهذيب ٣ : ٤١ / ١٤٥ ، الاستبصار ١ : ٤٣٣ / ١٦٧٣ ، الوسائل ٨ : ٣٧٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٠ ح ٥.

(٢) التذكرة ١ : ١٨١.

(٣) الكافي ٣ : ٣٧٨ / ٣ ، الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٧ ، التهذيب ٣ : ٢٦٩ / ٧٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٥ ، الوسائل ٨ : ٣٧١ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٦ ح ٢.

(٤) الفقيه ١ : ٢٦٢ / ١١٩٦ ، التهذيب ٣ : ٢٨٣ / ٨٤٣ ، الوسائل ٨ : ٤٢٦ أبواب صلاة الجماعة ب ٧٢ ح ١.

(٥) الذخيرة : ٣٩٢.

٢٦٢

وإطلاق الفتوى والرواية يقتضي جواز استنابة المؤتم وغيره ، وبه صرّح في المنتهى وكذا في الذخيرة (١) ؛ لما مرّ ، مضافا إلى صريح الخبر في الثاني (٢).

ويكفي في الأول الإطلاق ، سيّما مع كونه هو المتبادر ، ولذا جعله في المدارك أحوط (٣).

وإطلاقهما أيضا يقتضي وجوب الإتمام من موضع القطع مطلقا ولو حصل العارض في أثناء القراءة ، وقيل : يجب الابتداء من أول السورة التي حصل القطع في أثنائها (٤) ، وجعله في المدارك أحوط أيضا (٥).

( ويكره أن يأتمّ الحاضر بالمسافر ) وبالعكس ؛ للموثق : « لا يؤمّ الحضري المسافر ولا المسافر الحضري » (٦).

ونحوه الرضوي مبدلا لفظة « لا » بلا يجوز (٧).

وظاهر هما وسيّما الثاني وإن كان هو التحريم كما مرّ نقله عن والد الصدوق ، وحكي عنه أيضا في المقنع لكن في الثاني خاصة (٨) ، إلاّ أنهما محمولان على الكراهة ، كما عليه من عداهما كافة ، جمعا بينهما وبين الصحاح المستفيضة المصرّحة بالجواز والصحة.

منها : عن المسافر يصلّي خلف المقيم ، قال : « يصلّي ركعتين ويمضي‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٣٨١ ، الذخيرة : ٣٩٢.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٧٢ / ٧٨٤ ، الوسائل ٨ : ٣٧٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٠ ح ٤.

(٣) المدارك ٤ : ٣٦٣.

(٤) روض الجنان : ٣٦٨.

(٥) المدارك ٤ : ٣٦٣.

(٦) الفقيه ١ : ٢٥٩ / ١١٨٠ ، التهذيب ٣ : ١٦٤ / ٣٥٥ ، الاستبصار ١ : ٤٢٦ / ١٦٤٣ ، الوسائل ٨ : ٣٣٠ أبواب صلاة الجماعة ب ١٨ ح ٦.

(٧) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٣ ، المستدرك ٦ : ٤٦٦ أبواب صلاة الجماعة ب ١٦ ح ١.

(٨) نقله عنهما في المختلف : ١٥٥.

٢٦٣

حيث شاء » (١). ونحوه البواقي (٢).

وهي صريحة في ردّ الصدوق وكذا والده في الثاني ، بل الأول أيضا ، لعدم القائل بالفرق ، هذا مع تصريح الخبرين بعد ذلك بأنه : « فإن ابتلى بشي‌ء من ذلك فأمّ قوما حضريين فإذا أتم الركعتين سلّم ثمَّ أخذ بيد بعضهم فقدّمه فأمّهم ، وإذا صلّى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلّم ».

وزاد في الأول : « وإن صلّى مع قوم الظهر فليجعل الأوليين الظهر والأخيرتين العصر ».

وهذه التتمة كما ترى صريحة في الصحة مع المخالفة ، وهو لا يلائم كون النهي للحرمة ، لاقتضائها الفساد في العبادة عند الإمامية ، ولعلّه لذا قال جماعة بأنهما صريحان في الكراهة (٣).

وفيه مناقشة ؛ لاحتمال اختصاص الصحة بصورة الضرورة والتقية ، كما هو مورد الخبرين وسيّما الثاني ، إذ فيه زيادة على « وإن ابتلى » : « ولم يجد بدّا من أن يصلّي معهم » وهو كما ترى نصّ في اختصاص الحكم بالجواز والصحة بحال الضرورة ، وهو لا يستلزم ثبوته كلية ، كما هو ظاهر الجماعة.

ولا ريب أن الترك أحوط ؛ لاعتبار سند الخبرين ، وصلاحيتهما بذلك لتقييد إطلاق الصحاح بحال الضرورة ، إذ غايتها إفادة الصحة في الجملة ، ولا إشكال فيها كذلك ، وإنما هو في كلّيتها وعمومها لحال الاختيار ، وليس فيها تصريح بها فيها ، بل ولا إشارة ، بل غايتها الإطلاق المحتمل للتقييد بالضرورة جمعا بين الأدلة.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٣٩ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٦٥ / ٣٥٧ ، الاستبصار ١ : ٤٢٥ / ١٦٤١ ، الوسائل ٨ : ٣٢٩ أبواب صلاة الجماعة ب ١٨ ح ٢.

(٢) الوسائل ٨ : ٣٢٩ أبواب صلاة الجماعة ب ١٨.

(٣) منهم : المحقق في المعتبر ٢ : ٤٤١ ، والعلامة في المنتهى ١ : ٣٧٣ ، وصاحب المدارك

٢٦٤

مع أنه منساق لبيان حكم آخر غير الجواز ، وهو كيفية اقتداء المسافر بالحاضر وبالعكس لو اتّفق ، ردّا على جماعة من العامة القائلين بأنه إذا اقتدى المسافر بالمقيم لزمه التمام ، وهم الشافعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه ، كما حكاه عنهم السيّد في الناصرية والفاضل في المنتهى والتذكرة (١) مدّعيين على خلافهم إجماع الإمامية ، وعليه فلا عبرة به فيما نحن فيه كما برهن عليه في محلّه.

ولو لا إطباق المتأخرين المعتضد بالإجماع المحكي كما عرفته لكان القول بما عليه الصدوقان في غاية القوة.

وظاهر العبارة وجماعة (٢) اختصاص الكراهة بالصورة الاولى ؛ ولم أعرف وجهه ، عدا ما في المختلف من الأصل ، وضعف الرواية (٣).

ولا وجه له بعد كونها موثقة ، وهي حجة ، سيّما مع اعتضادها بالرضوية التي هي كالقوية ، فيخصّص بهما الأصل ، سيّما في إثبات الكراهة التي يتسامح فيها بما لا يتسامح في غيرها من الأحكام الشرعية على الأظهر الأشهر بين الطائفة ؛ ولذا اختار الأكثر الكراهة مطلقا حتى في الثانية.

وظاهر إطلاق العبارة والرواية عدم الفرق في الحكم بين الفريضة المقصورة وغيرها ، وبه صرّح في الروضة (٤).

خلافا لجماعة فقيّدوه بالمقصورة (٥) ، ولعلّه لكونها المتبادر من الإطلاق ،

__________________

٤ : ٣٦٤.

(١) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٣٩ ، المنتهى ١ : ٣٩٨ ، التذكرة ١ : ١٨٦.

(٢) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ١٥٤ ، وسلاّر في المراسم : ٨٦ ، والقاضي في المهذّب ١ : ٤٧١.

(٣) المختلف : ١٥٥.

(٤) الروضة البهية ١ : ٣٨٦.

(٥) منهم : المحقق في المعتبر ٢ : ٤٤١ ، والعلامة في نهاية الإحكام ٢ : ١٥١ ، وصاحب المدارك

٢٦٥

إلاّ أن الأول أنسب بقاعدة المسامحة في أدلة السنن والكراهة.

( و ) أن يأتم ( المتطهر ) بالماء ( بالمتيمم ) على الأظهر الأشهر ، بل عليه عامة من تأخر ، وفي المنتهى الإجماع عليه (١) ؛ للنهي عنه في المعتبرين (٢) المحمول على الكراهة ، جمعا بينهما وبين المعتبرة المستفيضة المصرّحة بالجواز من غير كراهة ، وفيها الصحيح (٣) والموثقان (٤) وغير هما (٥).

ولرجحانها عليهما سندا ودلالة احتمل بعض متأخري المتأخرين الجواز من غير كراهة (٦). وهو ضعيف ؛ لما عرفته في المسألة السابقة.

وأضعف منه القول بالمنع المحكي في المختلف والذكرى (٧) عن ظاهر المرتضى ، سيّما مع ندرته وعدم اشتهار نقل خلافه.

( وأن يستناب المسبوق ) بركعة فصاعدا حيث يحتاج إليها ؛ للصحيح (٨) وغيره (٩). والنهي في الأول وإن كان ظاهرا في المنع إلاّ أن التعبير عنه في غيره‌

__________________

٤ : ٣٦٦.

(١) المنتهى ١ : ٣٧٣.

(٢) التهذيب ٣ : ١٦٦ / ٣٦١ ، ٣٦٢ ، الاستبصار ١ : ٤٢٤ / ١٦٣٤ ، ١٦٣٥ ، الوسائل ٨ : ٣٢٨ أبواب صلاة الجماعة ب ١٧ ح ٥ ، ٦.

(٣) التهذيب ٣ : ١٦٧ / ٣٦٥ ، الاستبصار ١ : ٤٢٥ / ١٦٣٨ ، الوسائل ٨ : ٣٢٧ أبواب الجماعة ب ١٧ ح ١.

(٤) التهذيب ٣ : ١٦٧ / ٣٦٤ ، ٣٦٦ ، الاستبصار ١ : ٤٢٤ / ١٦٣٧ ، ٤٢٥ / ١٦٣٩ ، الوسائل ٨ : ٣٢٧ أبواب صلاة الجماعة ب ١٧ ح ٢ ، ٣.

(٥) الوسائل ٨ : ٣٢٨ أبواب صلاة الجماعة ب ١٧ ح ٤.

(٦) المدارك ٤ : ٣٧٢.

(٧) المختلف : ١٥٤ ، الذكرى : ٢٦٨.

(٨) التهذيب ٣ : ٤٢ / ١٤٧ ، الاستبصار ١ : ٤٣٤ / ١٦٧٥ ، الوسائل ٨ : ٣٧٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٤١ ح ١.

(٩) التهذيب ٣ : ٤٢ / ١٤٦ ، الاستبصار ١ : ٤٣٤ / ١٦٧٤ ، الوسائل ٨ : ٣٧٩ أبواب صلاة الجماعة

٢٦٦

بـ « لا ينبغي » ظاهر في الكراهة ، سيّما مع تضمنه الحكم بالصحة مع المخالفة ، هذا مضافا إلى الصحاح الظاهرة بل الصريحة فيها ، وسيأتي إلى جملة منها الإشارة في المسألة التاسعة من المسائل الآتية.

( وأن يؤمّ الأجذم والأبرص ) بلا خلاف في المرجوحية ، بل عليها الإجماع في الانتصار والخلاف (١) ؛ للنهي في الصحاح وغيرها ، منها : « خمسة لا يؤمّون الناس على كل حال : المجذوم ، والأبرص ، والمجنون ، وولد الزنا ، والأعرابي » (٢) ونحوه آخر بزيادة قوله : « حتى يهاجر ، والمحدود » (٣).

ومنها : « لا يصلّين أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزنا ، والأعرابي لا يؤمّ المهاجرين » (٤).

وظاهرها المنع مطلقا ، كما عليه جماعة من القدماء كالشيخ في الخلاف والمرتضى (٥) ، قيل : وأتباعهما (٦).

خلافا للفاضلين والشهيدين وأتباعهم (٧) ، بل عامة المتأخرين ـ إلاّ النادر‌

__________________

ب ٤١ ح ٢.

(١) الانتصار ٥٠ ، الخلاف ١ : ٥٦١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٧٥ / ١ ، الوسائل ٨ : ٣٢٥ أبواب صلاة الجماعة ب ١٥ ح ٥.

(٣) الفقيه ١ : ٢٤٧ / ١١٠٥ ، الوسائل ٨ : ٣٢٤ أبواب صلاة الجماعة ب ١٥ ح ٣.

(٤) الكافي ٣ : ٣٧٥ / ٤ ، الفقيه ١ : ٢٤٧ / ١١٠٦ ، الوسائل ٨ : ٣٢٥ أبواب صلاة الجماعة ب ١٥ ح ٦.

(٥) الخلاف ١ : ٥٦١ ، المرتضى في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٣٩.

(٦) كما قال به صاحب المدارك ١ : ٣٦٨ ؛ وانظر الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٠ ، وإشارة السبق : ٩٦ ، والمهذّب ١ : ٨٠ ، وشرح جمل العلم والعمل لابن البراج : ١١٧.

(٧) المحقق في المعتبر ٢ : ٤٤٢ ، العلامة في المنتهى ١ : ٣٧٤ ، والمختلف : ١٥٤ ، والتحرير ١ : ٥٣ ، الشهيد الأول في الدروس ١ : ٢١٩ ، والبيان : ٢٣٢ ، والذكرى : ٢٦٩ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٣٦٨ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٣٧٢ ، الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٢٦٣.

٢٦٧

منهم (١) ـ فاختاروا الجواز ، جمعا بينها وبين ما دلّ على الجواز ، كالخبر : عن المجذوم والأبرص يؤمّان المسلمين؟ فقال : « نعم » (٢) ونحوه آخر مروي عن المحاسن (٣).

وهو حسن لو لا ضعف سندهما ، إلاّ أن يجبر بالشهرة المتأخرة الظاهرة والمحكية في كلام جماعة (٤).

مع أن في الانتصار ادّعى الإجماع على الكراهة (٥). لكنها في كلامه محتملة للحرمة ، فقد أفتى بها في ولد الزنا ، مدّعيا الإجماع عليها ، ثمَّ قال : والظاهر من مذهب الإمامية أن الصلاة خلفه غير مجزية ، والحجّة في ذلك الإجماع وطريقة براءة الذمة.

فما ينسب إليه من القول بالكراهة لا وجه له ؛ لإجمال العبارة ، ومع ذلك معارض بإجماع الخلاف حيث ادّعاه على المنع.

بقي الكلام في الشهرة ، والظاهر أنها ليست بتلك الشهرة التي تصلح أن تكون للروايات الضعيفة جابرة ، سيّما وأن يعترض بها نحو الصحاح المتقدمة الظاهرة الدلالة ، بل الصريحة ، من حيث تضمنها النهي عن جملة من لا يجوز إمامته بإجماع الإمامية. وحمله بالنسبة إلى من عداهم على الكراهة يوجب استعماله في معنييه الحقيقي والمجازي في استعمال واحد ، وهو مرغوب عنه عند المحقّقين ، وحمله على المجاز العام بعيد.

__________________

(١) انظر المدارك ٤ : ٧١ ، ٣٦٩.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٧ / ٩٣ ، الاستبصار ١ : ٤٢٢ / ١٦٢٧ ، الوسائل ٨ : ٣٢٣ أبواب صلاة الجماعة ب ١٥ ح ١.

(٣) المحاسن : ٣٢٦ / ٧٦ ، الوسائل ٨ : ٣٢٤ أبواب صلاة الجماعة ب ١٥ ح ٤.

(٤) منهم الفيض في المفاتيح ١ : ١٦٠ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٣٦٨.

(٥) الانتصار : ٥٠.

٢٦٨

وكيف كان : فالمسألة محل إشكال إلاّ أنّ المصير إلى المنع أحوط للعبادة.

وهنا قولان آخران مفصّلان بين إمامتهما بمثلهما فالجواز ، وبغيره فالمنع ، كما في أحدهما (١) ؛ وإمامتهما في الجمعة فالثاني وغيرها فالأول ، كما في ثانيهما (٢).

ولم أعرف مستندهما ، مع إطباق النصوص مطلقا وأكثر الفتاوي على خلافهما ؛ لإطلاقهما.

إلاّ أن يدّعى اختصاصه بحكم التبادر وغيره بإمامتهما بغير هما ، فيرجع في إمامتهما بمثلهما إلى مقتضى الأصل وإطلاقات الأمر بالصلاة وشرعية الجماعة ، إلاّ أن يمنع التمسك بمثلها في تصحيح العبادة ، ولا يخلو عن مناقشة ، فهذا التفضيل لا يخلو عن قوّة ، سيّما وقد ادّعى عليه ابن زهرة إجماع الإمامية (٣).

( و ) كذا الكلام في إمامة ( المحدود بعد توبته ) فالمشهور بين المتأخرين الجواز على كراهة ، وعند جماعة من القدماء الحرمة ، إمّا مطلقا كما عليه جملة (٤) ، أو إلاّ بمثله كما عليه آخرون (٥) ، ومنهم ابن زهرة مدّعيا عليه إجماع الإمامية ، وعليه ينزل إطلاق النهي في بعض الصحاح المتقدمة كما عرفته.

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٥٥ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٠ ، شرح الجمل للقاضي : ١١٧.

(٢) السرائر ١ : ٢٨٠.

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٠.

(٤) منهم : المرتضى في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٣٩ ، والشيخ في النهاية : ١١٢ ، والقاضي في شرح جمل العلم والعمل : ١١٧.

(٥) منهم أبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٤٤ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٠.

٢٦٩

ولا معارض له ولا للإجماع المنقول عدا فحوى ما دلّ على جواز إمامة الكافر بعد إسلامه واستجماعه شرائط الإمامة ، ولا يخلو عن مناقشة ، سيّما بعد ورود النهي في الصحيحة.

والجمع بينهما وإن أمكن بحمله على الكراهة ، إلاّ أن إبقاءه على ظاهره من الحرمة وصرف الأولوية عن ظاهرها والخروج عنها ـ إن سلّمناها ـ أوفق بالقواعد الأصولية ، سيّما بعد الاتفاق على صرفها بالإضافة إلى الكراهة ، واعتضاد المنع بإجماع ابن زهرة وأخبار أخر سيأتي إليها الإشارة.

مضافا إلى ما عرفته من أن حمل النهي فيها على الكراهة يوجب استعمال اللفظ الواحد في معنييه الحقيقي والمجازي في استعمال واحد ، وهو مرغوب عنه.

وبه يعرف الجواب عن مفهوم الخمسة في جملة من الصحاح المتقدمة الدالة على الجواز فيمن عداهم حتى المحدود الذي لم يعدّ منهم لو تمسك به للكراهة ؛ لأن دلالته بالعموم ، والصحيحة ومعاضدها بالخصوص ، وهو مقدّم ؛ لما عرفته.

( و ) أن يؤمّ ( الأغلف ) غير المقصّر في الختان ؛ للنهي عنه في النصوص المروية في الخصال وغيره ، منها : « ستة لا ينبغي أن يؤمّوا الناس : ولد الزنا ، والمرتد ، والأعرابي بعد الهجرة ، وشارب الخمر ، والمحدود ، والأغلف » (١).

ومنها : « لا يؤمّ الناس المحدود ، وولد الزنا ، والأغلف ، والأعرابي ،

__________________

(١) الخصال : ٣٣٠ / ٢٩ ، مستطرفات السرائر : ١٤٥ / ١٧ ، الوسائل ٨ : ٣٢٢ أبواب صلاة الجماعة ب ١٤ ح ٦.

٢٧٠

والمجنون ، والأبرص ، والعبد » (١).

وبظاهرهما من المنع أخذ المرتضى والتقي (٢) ، لكنه استثنى إمامته بمثله ، ولعلّه لما قدّمنا.

والأصح الكراهة مطلقا ، وفاقا لعامة متأخري أصحابنا ؛ للأصل ، والإطلاقات ، وعموم مفهوم جملة من الصحاح المتقدمة ، مع سلامتها عمّا يصلح للمعارضة ، لضعف سند الروايتين ، مع قصور دلالة الأولى ، فإنّ « لا ينبغي » لو لم نقل بظهوره في الكراهة فهو أعم منها ومن الحرمة قطعا.

مع إشعار بعض النصوص المانعة المتضمنة للتعليل بقوله عليه‌السلام : « لأنه ضيّع من السنّة أعظمها ، ولا تقبل له شهادة ، ولا يصلّى عليه ، إلاّ أن يكون صنع ذلك خوفا على نفسه » (٣) بالجواز ، بل ظهوره فيه إن قلنا برجوع الاستثناء المتعقب للجمل المتعددة إليها كلّها ، لكنه خلاف التحقيق كما حقّق في محلّه مستقصى.

وأما الاستدلال به على المنع فيتوجه عليه زيادة على ما قدّمناه اختصاصه بصورة التفريط المنافي للعدالة المشترطة إجماعا.

( و ) أن يؤمّ ( من يكرهه المأموم ) على المشهور ؛ للنصوص المستفيضة المروية في الفقيه (٤) والخصال (٥) والأمالي (٦) وغيرها من الكتب‌

__________________

(١) كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي : ٧٦ ، المستدرك ٦ : ٤٦٤ أبواب صلاة الجماعة ب ١٣ ح ١.

(٢) جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٣٩ ، الكافي في الفقه : ١٤٤.

(٣) الفقيه ١ : ٢٤٨ / ١١٠٧ ، التهذيب ٣ : ٣٠ / ١٠٨ ، علل الشرائع : ٣٢٧ / ١ ، المقنع : ٣٥ ، الوسائل ٨ : ٣٢٠ أبواب صلاة الجماعة ب ١٣ ح ١.

(٤) الفقيه ١ : ٣٦ / ١٣١ ، الوسائل ٨ : ٣٤٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٧ ح ١.

(٥) الخصال : ٢٤٢ / ٩٤ ، الوسائل ٨ : ٣٤٩ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٧ ح ٣.

(٦) أمالي الطوسي : ١٩٦ ، الوسائل ٨ : ٣٥٠ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٧ ح ٦.

٢٧١

المعتبرة.

خلافا للفاضل في المنتهى فلا يكره مطلقا ، قال : إذ الإثم إنما يتعلق بمن يكرهه لا به (١). وهو اجتهاد في مقابله النص.

وله في التذكرة ففصّل بين كراهة المأمومين له لدينه فالثاني ، وإلاّ فالأول (٢). ولا بأس به ؛ للأصل ، مع اختصاص النصوص بحكم التبادر وغيره بالثاني ، وهو كراهتهم له لكونه إماما بأن يريدوا الائتمام بغيره لا لدينه.

( و ) ان يؤمّ ( الأعرابي ) وهو المنسوب إلى الأعراب وهم سكّان البادية ( بالمهاجرين ) وسكّان الأمصار المتمكنين من تحصيل شرائط الإمامة ومعرفة الأحكام ؛ للنهي عنه في الصحاح المتقدمة وإن اختلفت في الإطلاق كما في جملة منها ، والتقييد بالمهاجرين كما في غيرها ، وعليه عامة أصحابنا إلاّ نادرا ، وهو الجعفي على ما حكاه عنه في الذكرى (٣).

وبظاهر النهي أخذ أكثر القدماء ، حتى ادّعى عليه في الخلاف الإجماع (٤) ، بل لا خلاف أجده بينهم صريحا إلاّ من الحلّي فأفتى بالكراهة (٥) ، وتبعه الماتن والمتأخرون قاطبة.

ولعلّه لقوة احتمال اختصاص الأعرابي الوارد في الصحاح وكلمة المانع من قدماء الأصحاب بمن لا يعرف محاسن الإسلام ولا وصفها ، ومن يلزمه المهاجرة وجوبا ، لأنه الغالب المتبادر منه عند إطلاقه يومئذ ، بل مطلقا. ولا ريب في المنع عن إمامته حينئذ ؛ لعدم العدالة المشترطة في الصحة إجماعا ،

__________________

(١) المنتهى ١ : ٣٧٤.

(٢) التذكرة ١ : ١٧٩.

(٣) الذكرى : ٢٦٩.

(٤) الخلاف ١ : ٥٦١.

(٥) السرائر ١ : ٢٨١.

٢٧٢

وعليه فلا يتوجه المنع مطلقا ، هذا.

ويمكن أن يكون المراد بالأعرابي : الأعرابي بعد الهجرة ، كما يفهم من بعض الروايات المتقدمة في الأغلف ، ويشعر به بعض الصحاح المتقدمة.

والتعرّب بعد الهجرة من الكبائر اتفاقا فتوى ورواية ، وعليه فيتوجه المنع كما في سابقة ، لما عرفته ، والمنع فيه لا يستلزم المنع في الأعرابي بالمعنى الذي فسّرنا به العبارة.

لكن إرادة هذا (١) خلاف ما يظهر من الجماعة ، بل صرّح بما ذكرناه في تفسيره أوّلا جملة (٢) ويومئ إليه المرتضوي المروي عن بعض الكتب المعتبرة ، قال : « وكره أن يؤمّ الأعرابي لجفائه عن الوضوء والصلاة » (٣).

وتقييد بعض الصحاح (٤) ـ كسائر الأصحاب ـ المنع عن إمامته بما إذا كانت بالمهاجرين مشعر بل ظاهر باختصاصه به وجوازها بمثله ، وهو لا يلائم ما قدّمناه من الاحتمال الأول أيضا ، لعدم فرق عليه في المنع التحريمي بين اقتدائه بمثله وبغيره ؛ مع أن تخصيصه بالذكر في مقابلة الفاسق كالصريح في أن المنع من غير جهته ، وإلاّ فالفسق فيه على تقديره أحد أقسامه ، ولا فائدة ظاهرة في تخصيصه بالذكر وإفراده به.

وعليه فالمنع مطلقا (٥) قوي ، عملا بظاهر النهي المعتضد بالشهرة‌

__________________

(١) أي التفسير المستفاد من قوله : المراد.

(٢) منهم : العلامة في التذكرة ١ : ١٧٨ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٥ ، وانظر مجمع البيان ٣ : ٦٢ ، والذخيرة : ٣٩٣.

(٣) قرب الإسناد : ١٥٦ / ٥٧٥ ، الوسائل ٨ : ٣٢٣ أبواب صلاة الجماعة ب ١٤ ح ٩.

(٤) الكافي ٣ : ٣٧٥ / ٤ ، الفقيه ١ : ٢٤٧ / ١١٠٦ رواه مرسلا ، الوسائل ٨ : ٣٢٥ أبواب صلاة الجماعة ب ١٥ ح ٦.

(٥) أي : ولو لم يكن فاسقا. منه رحمه الله.

٢٧٣

القديمة والإجماع المحكي.

ولا ينافيه الرواية السابقة المتضمنة للفظة الكراهة ؛ لعدم وضوح سندها ؛ بل ولا دلالتها ، لأعمية الكراهة فيها من المعنى المعروف الآن والمنع التحريمي ؛ مع ضعفها عن المقاومة لما مضى من وجوه شتّى.

( الطرف الثالث : في الأحكام )

( ومسائله تسع ) :

( الاولى : لو علم ) المأموم ( فسق الإمام ، أو كفره ، أو حدثه ) أو كونه على غير القبلة ، أو إخلاله بالنية ، أو نحو ذلك ( بعد الصلاة لم يعد ) ها مطلقا ، على الأشهر الأقوى ، بل عليه عامة أصحابنا ، عدا الإسكافي ، فقد حكي عنه القول بالإعادة في الأمور المذكورة في العبارة مطلقا لها في أوّليها ، ومقيّدا لها بالوقت في أخيرها (١).

ووافقه المرتضى في الجميع ، غير أنه لم يقيد الأخير بالوقت خاصة (٢).

وهما شاذّان على الظاهر ، المصرّح به في كلام جماعة (٣) ، مشعرين بدعوى الإجماع على خلافهما ، كما صرّح به الشيخ رحمه‌الله في الخلاف (٤) في الأمر الثاني.

ونحوهما في الشذوذ إيجاب الإعادة عليه في الوقت في الرابع أيضا ، كما عليه الحلّي (٥) حاكيا له عن الشيخ ، مع احتمال اختصاص خلافهم هنا بما إذا‌

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف : ١٥٦.

(٢) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٠.

(٣) منهم : ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٩٨ ، والعلامة في المختلف : ١٥٦ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٩٣.

(٤) الخلاف ١ : ٥٥١.

(٥) السرائر ١ : ٢٨٩.

٢٧٤

تبع المأموم الإمام في الصلاة إلى غير القبلة ، فيكون خارجا عن مفروض المسألة.

وبإجماع الخلاف يستدل على عدم الإعادة في البواقي بطريق الفحوى ، مع أن الصحاح مستفيضة كغيرها من المعتبرة بعدم الإعادة في جميع ما ذكرنا عدا الفسق ، لكنه ملحق بالكفر إجماعا وبطريق أولى كما مضى.

ففي المرسل كالصحيح : قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال وكان يؤمّهم رجل ، فلمّا صاروا إلى الكوفة علموا أنه يهودي ، قال : « لا يعيدون » (١) ونحوه غيره (٢).

وفي الصحيح : عن قوم صلّى بهم إمامهم وهو على غير طهر ، أتجوز صلاتهم أم يعيدونها؟ فقال : « لا إعادة عليهم تمّت صلاتهم وعليه هو الإعادة ، وليس عليه أن يعلمهم ، هذا عنه موضوع » (٣) والصحاح كغيرها بمعناه مستفيضة.

وفيه : رجل يصلّي بالقوم ثمَّ يعلم أنه قد صلّى بهم إلى غير القبلة ، قال : « ليس عليهم إعادة شي‌ء » (٤) ونحوه آخر معلّلا بأنهم قد تحرّوا (٥).

وفي آخرين : رجل دخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة وأحدث إمامهم فأخذ بيد ذلك الرجل فقدّمه فصلّى بهم ، أتجزيهم صلاتهم بصلاته وهو‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٧٨ / ٤ ، التهذيب ٣ : ٤٠ / ١٤١ ، الوسائل ٨ : ٣٧٤ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٧ ح ١.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٣ / ١٢٠٠ ، الوسائل ٨ : ٣٧٤ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٧ ح ٢.

(٣) التهذيب ٣ : ٣٩ / ١٣٩ ، الاستبصار ١ : ٤٣٢ / ١٦٧٠ ، الوسائل ٨ : ٣٧٢ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٦ ح ٥.

(٤) التهذيب ٣ : ٤٠ / ١٤٢ ، الوسائل ٨ : ٣٧٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٨ ح ١.

(٥) الكافي ٣ : ٣٧٨ / ٢ ، التهذيب ٣ : ٢٦٩ / ٧٧١ ، الوسائل ٨ : ٣٧٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٨ ح ٢.

٢٧٥

لا ينويها صلاة؟ فقال : « لا ينبغي » إلى أن قال : « وقد تجزي عن القوم صلاتهم وإن لم ينوها » (١).

وهذه النصوص ـ مع ما هي عليه من الصحة والاعتبار والاستفاضة القريبة من التواتر ، والشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، بل الإجماع حقيقة كما عرفت حكايته ـ موافقة للقاعدة ؛ لامتثال المأمور به ، وهو الصلاة خلف من يظن استجماعه لشرائط الإمامة ، إذ تكليفه بتحصيل العلم بالاستجماع واقعا تكليف بما لا يطاق ، وامتثال الأمر يقتضي الإجزاء.

ومع ذلك فهي سليمة عمّا يصلح للمعارضة ، عدا أمر اعتباري ، وهو ـ مع ضعفه في نفسه ومعارضته بأقوى منه ـ اجتهاد في مقابله النصوص التي قدّمناها.

ومعارضتها بنصوص أخر مانعة (٢) ضعيفة غايته ، بعد ضعف أسانيدها جملة ، وموافقتها لجماعة من العامة ، ومنهم أصحاب الرأي وهم أصحاب أبي حنيفة (٣) ، ومع ذلك فقد تضمّن بعضها ما لا يوافق مذهب الإمامية في الإمامة من التلازم بينها وبين العصمة ، مع أن الرواية في خلافها صريحة ، وما عداها مروية في كتب غير مشهورة ، فلا تكافئ ما قدّمناه من وجوه عديدة.

وللصدوق في المقنع هنا قول ثالث حكاه عن جملة ممّن عاصره من المشايخ ، وهو الفرق بين الجهرية فالأول ، والسرّية فالثاني (٤). ولا يعرف له وجه‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٨٢ / ٨ ، الفقيه ١ : ٢٦٢ / ١١٩٥ ، التهذيب ٣ : ٤١ / ١٤٣ ، الوسائل ٨ : ٣٧٦ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٩ ح ١.

(٢) الوسائل ٨ : ٣٧٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٦ ح ٩ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٤٨٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٢ ح ٢ ، ٣.

(٣) منهم ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ١ : ٧٧٧ ، ٧٧٨ ، القرطبي في بداية المجتهد ١ : ١٥٦.

(٤) حكاه عن المقنع في المختلف : ١٥٧ ، ولم نعثر عليه فيه ، بل وجدناه في الفقيه ١ : ٢٦٣ ذيل

٢٧٦

بالكلية.

هذا إذا تبيّن الخلل بعد الصلاة.

أما في أثنائها ، ففي جواز الانفراد ، ولزوم الاستيناف ، قولان مبنيّان على الخلاف المتقدم ، فيأتي الأول على المختار ، وغيره على غيره.

ويدل على خصوص المختار هنا جملة من النصوص ، منها : ما مرّ في بحث ما لو عرض للإمام حدث من نحو الصحيح : عن رجل صلّى بقوم ركعتين ثمَّ أخبر هم أنه ليس على وضوء ، قال : « يتم القوم صلاتهم ، فإنه ليس على الإمام ضمان » (١) فتأمل.

( ولو كان ) المأموم قبل الصلاة ( عالما ) بالخلل فائتمّ به ( أعاد ) ها قطعا ؛ لعدم الامتثال ، إلاّ إذا اقتدى بمخالف تقية أو مطلقا ، فظاهر جملة من النصوص (٢) والفتاوي (٣) عدم الإعادة مطلقا ، إلاّ أن الإعادة مع عدم التقية أحوط وأولى حيث يكون لشي‌ء من الواجبات تاركا.

وقد استوفينا الكلام في هذه المسألة في الشرح في بحث استحباب الصلاة مع المخالفين ، من أرادها فليطلبها من هناك.

وإنما لم يذكر الأصحاب هذا الاستثناء هنا بناء على أن الاقتداء بالمخالف ليس اقتداء حقيقة وإنما هو شبه اقتداء ، ولما أن كان يوجب سقوط بعض الواجبات وأقلّه الجهر بالقراءة أحيانا ذكره العبد هنا.

( الثانية : ) قد سبق أنّ الأشهر الأقوى إدراك المأموم الركعة بإدراك الإمام‌

__________________

الحديث ١٢٠٠.

(١) الكافي ٣ : ٣٧٨ / ٣ ، الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٧ ، التهذيب ٣ : ٢٦٩ / ٧٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٥ ، الوسائل ٨ : ٣٧١ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٦ ح ٢.

(٢) الوسائل ٨ : ٣٦٧ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٤.

(٣) كما في النهاية : ١١٣ ، ونهاية الإحكام ٢ : ١٥٦ ، والذكرى : ٢٧٥.

٢٧٧

راكعا (١) ، وعليه ف ( إذا ) دخل موضعا يقام موضعا يقام فيه الجماعة وقد ركع الإمام و ( خاف ) بالتحاقه به ( فوت الركوع عند دخوله ) في الصلاة برفع الإمام رأسه ( ف ) نوى وكبّر في موضعه و ( ركع ) محافظة على إدراك الركعة ( جاز ) إذا لم يكن هناك مانع شرعي من بعده عن الإمام بما لا يجوز له التباعد عنه به على ما نصّ به جماعة ، كالفاضل المقداد وغيره (٢) وله ( أن يمشي راكعا ليلتحق ) بالصف ، بلا خلاف يعرف ، وبه صرّح بعض (٣) ، وظاهر المنتهى الإجماع عليه (٤) ، وبه صرّح في الخلاف (٥).

للصحيح : عن الرجل يدخل المسجد فيخاف أن تفوته الركعة ، فقال : « يركع قبل أن يبلغ القوم ويمشي وهو راكع حتى يبلغهم ، ويجوز له السجود في مكانه ثمَّ الالتحاق » (٦).

ولآخر : « إذا دخلت المسجد والإمام راكع ، فظننت أنك إن مشيت إليه رفع رأسه قبل أن تدركه ، فكبّر واركع ، فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك ، فإذا قام فالحق بالصف ، وإن جلس فاجلس مكانك فإذا قام فالحق بالصف » (٧).

وفي ثالث : رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يوما وقد دخل المسجد لصلاة العصر ، فلمّا كان دون الصفوف ركعوا فركع وحده وسجد سجدتين ، ثمَّ قام‌

__________________

(١) راجع ص ٢٠٦.

(٢) التنقيح الرائع ١ : ٢٧٧ ؛ وانظر روض الجنان : ٣٧٦.

(٣) كالفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ١٦٧.

(٤) المنتهى ١ : ٣٨٢.

(٥) الخلاف ١ : ٥٥٥.

(٦) الفقيه ١ : ٢٥٧ / ١١٦٦ ، التهذيب ٣ : ٤٤ / ١٥٤ ، الاستبصار ١ : ٤٣٦ / ١٦٨١ ، الوسائل ٨ : ٣٨٤ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٦ ح ١.

(٧) الكافي ٣ : ٣٨٥ / ٥ ، الفقيه ١ : ٢٥٤ / ١١٤٨ ، التهذيب ٣ : ٤٤ / ١٥٥ ، الاستبصار ١ : ٤٣٦ / ١٦٨٢ ، الوسائل ٨ : ٣٨٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٦ ح ٣.

٢٧٨

فمضى حتى لحق بالصف (١).

وعليه الإجماع أيضا أيضا في ظاهر المنتهى (٢).

وإطلاق النص والعبارة يقتضي جواز المشي ولو حالة الذكر. خلافا لجماعة فقيّدوه بغيرها (٣) ؛ محافظة على الطمأنينة الواجبة فيها اتفاقا ، ولا ريب أنه أحوط وإن كان في تعيّنه نظر ، لأن تقييد الفتوى والنص هنا بأدلة الطمأنينة ليس بأولى من تقييدها بهما ، إلاّ أن يرجح الأول بأن في الثاني تركا للواجب لإدراك أمر مستحب ، وهو غير معقول ، لكنه بترك القراءة ونحوها لأجل إدراكه منقوض.

ونحوه الكلام فيما مرّ ممّا ذكره الجماعة من المانع الشرعي ، كيف ولو كان البعد بما لا يجوز له التباعد اختيارا مانعا شرعيا هنا لما كان الحكم هنا اتفاقيا ، بل كان اللازم اختصاصه بالمشهور ، دون من لا يجوّز التباعد بما لا يتخطى ، مع أنه لم ينقل الخلاف عنه هنا ، فتأمل جدا.

ولا ريب أن ما ذكروه أحوط واولى ، كاعتبار عدم وقوع فعل كثير في مشيه وأن يجر رجليه حينئذ ولا يتخطى ، كما قاله الصدوق ورواه (٤).

( الثالثة : إذا كان الإمام في محراب داخل ) في الحائط أو المسجد على وجه يكون إذا كان وقف فيه لا يراه من على جانبيه ( لم تصح صلاة من إلى جانبيه في الصف الأول ) أي الصف الذي هو جملتهم ؛ لعدم المشاهدة‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٨٤ / ١ ، التهذيب ٣ : ٢٧٢ / ٧٨٥ ، الوسائل ٨ : ٣٨٤ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٦ ح ٢.

(٢) المنتهى ١ : ٣٨٢.

(٣) منهم الشهيد الأول في الدروس ١ : ٢٢٣ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٣٧٦ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٢٣.

(٤) الفقيه ١ : ٢٥٤ ذيل الحديث ١١٤٨.

٢٧٩

المشترطة في صحة الجماعة.

واحترز بالصف الأول عمن إلى جانبيه في الصف المتأخر عنه ، فإن صلاتهم صحيحة على ما صرّح به الشيخ فيما حكاه عنه في الذكرى (١) ، مصرّحا هو به أيضا ، وفاقا له ولصريح الفاضل في التذكرة ونهاية الإحكام والمنتهى (٢) ، وتبعهم في المدارك (٣) من غير نقل خلاف فيه أصلا حتى من الماتن هنا وفي الشرائع والفاضل في التحرير (٤) ، بانيا على أن المراد من العبارة التي اتفقت عليه الكتب الثلاثة ـ ولو بتغيير ما لا يخلّ بمقصودنا ـ ما فهمناه ، لا ما ربما يفهم منها من أن المراد بالصف الأول هو الصف المتأخر عن الإمام ، فتدل على فساد صلاة من على يمين مقابل الإمام ويساره منه.

ووجه البناء هو أن المتبادر ممن إلى الجانب إنما هو الذي يحاذي يمين الإمام ويساره بحيث يحاذي منكبيه حقيقة ، لا من يكون إلى جانبيه في الصف المتأخر عنه ، ولا وجه لفهم هذا منه إلاّ التقييد بقوله : في الصف الأول.

وليس فيه منافاة لما ذكرناه بعد ظهور إطلاقه حقيقة على الصف الذي فيه الإمام قطعا ، وإنما أتى به تأكيدا ودفعا لتوهم فهم من إلى جانبيه في الصف المتأخر منه ، لغلبة إطلاق من إلى جانبيه عليه أيضا ولو مجازا.

ويشهد لما فهمنا ـ تبعا للمدارك ـ زيادة على ما ذكرنا : ملاحظة ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني (٥) والمحقّق الثاني في شرحهما لعبارة الشرائع ، فإنّ عبارتهما صريحة في ذلك ، وفي فتواهما به مع عدم نقل مخالف مشعرين بعدم‌

__________________

(١) الذكرى : ٢٧٢.

(٢) التذكرة ١ : ١٧٣ ، نهاية الإحكام ٢ : ١٢٢ ، المنتهى ١ : ٣٦٤ ، ٣٦٥.

(٣) المدارك ٤ : ٣٧٦.

(٤) الشرائع ١ : ١٢٦ ، التحرير ١ : ٥١.

(٥) المسالك ١ : ٤٥.

٢٨٠