آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره - ج ١

د. عمر بن إبراهيم رضوان

آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره - ج ١

المؤلف:

د. عمر بن إبراهيم رضوان


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٠
الجزء ١ الجزء ٢

٤ ـ تمزيق الوحدة اللغوية في الأمة الإسلامية حرصا على تمزيق عقيدة الأمة ووحدتها.

صب المستشرقون وعملاؤهم أشنع الاتهامات على اللغة العربية فزعموا أنها عاجزة عن مسايرة ركب الحضارة المعاصرة ، وموكب العلم الحديث مع أن هذه اللغة أقوى لغات العالم في توليد الألفاظ والكلمات اللازمة للمعاني المستحدثة بالنحت والاشتقاق ، والقلب والإبدال والتعريب (١).

فركز المستشرقون طعوناتهم في حيوية هذه اللغة وروجوا لغيرها من اللغات بأساليب متعددة منها :

أ ـ زعمهم أن اللغة العربية اقتبست كلمات عربية من لغات قديمة متنوعة. مما يدل على قصورها في تلبية حاجات الشعوب والمعروف أن الشعوب تتأثر ببعضها ثقافة وحضارة إلى غير ذلك من الأمور ، لذا فأمر طبيعي انتقال بعض المفردات من أمة إلى أمة أخرى كما هو ملاحظ اليوم بين شعوب الأرض قاطبة.

ب ـ ومن ذلك زعمهم أن اللغة العربية عسيرة التعلم ؛ لذا تبنوا الدعوة إلى اللغة العامية ليجمدوا تقدم العربية وتمكنها من نفوس المسلمين فيضعف فهمهم للقرآن الكريم.

وكان على رأس الداعين لهذه الدعوة من المستشرقين «د. نللينو» الإيطالي ، و «سيافكوفسكى» الروسي ولكل منهما كتاب بعنوان (دراسة عامية مصر).

والمستشرق «فيليب وولف الألماني» وله كتاب بعنوان (دراسة عامية مصر والشام وفلسطين) ومجموعة من علماء فرنسا برئاسة «ماشويل» ولهم كتاب بعنوان (دراسة عامية المغرب وتونس).

والمستشرق «إلياس برازين» الروسي وله كتاب بعنوان (دراسة عامية

__________________

(١) الفصحى لغة القرآن الكريم. أنور الجندى ، ص ٥١.

٤١

الجزيرة العربية وبين النهرين) والمستشرق «يوريال» الفرنسي وله كتاب (عامية حلب).

والمستشرق «فرانكل» وله كتاب (الكلمات الآرامية الدخيلة في العربية) ، وغير هؤلاء كثير. كما للمستشرقين مجموعة من الصحف التي اعتنت بهذا الجانب ومن المؤسف أن كثيرا من أبناء جنسنا من المفكرين والأدباء والكتاب قد حمل وزر هذه الدعوة منهم :

«لطفي السيد» حيث كتب عدة مقالات في جريدة (الجريدة) سنة (١٩١٣ م) يدعو فيها إلى استعمال الألفاظ العامية وإدخالها حرم اللغة الفصحى ، و «قاسم أمين» حيث أعلن تصريحه عن الإعراب وتسكين أواخر الكلمات عام (١٩١٢ م) ، و «الخوري مارون غصن» حيث ألف كتابا بعنوان (حياة اللغة وموتها) «اللغة العامية» سنة (١٩٢٦ م). و «سلامة موسى» وله كتاب (الدعوة إلى اللغة العامية وكتابة البلاغة العصرية) ، و «طه حسين» حيث ألف كتابه (مستقبل الثقافة) سنة (١٩٣٩ م) ، وقد بلغ ببعضهم المطالبة بتغيير الحروف العربية إلى اللاتينية. كان منهم «عبد العزيز فهمي» حيث قدم مشروعا إلى المجمع اللغوي المصري في ٢٤ يناير ١٩٤٤ م لاتخاذ الحروف اللاتينية لرسم الكتابة العربية (١).

ج ـ دعوا إلى إحياء اللغات القومية لكل جنس كالفارسية والتركية والأوردية والكردية والبربرية وغيرها.

والمعروف أن اللغة العربية من أهم عوامل الوحدة بين الشعوب الإسلامية ، وهي عامل تعلمهم الإسلام وفهمهم للقرآن الكريم ، وعامل توحيدهم فكريا وعقائديا واجتماعيا وشعوريا ، ولكن ضعف المسلمين وغفلتهم هو الذي أدى لخسران المسلمين للغتهم ولكن هذه الدعوات ولله الحمد قد باءت بالفشل بعد ما تبينت أغراضها (٢) وسوء مقاصد أصحابها.

__________________

(١) الفصحى لغة القرآن ص ١٨٥.

(٢) وحي الله ـ د. عتر ٣٨ ـ ٤٠.

٤٢

٥ ـ إضعاف الشخصية الإسلامية بالاحتيال والتزوير في تاريخ الإسلام المجيد ، ومحاولة تحطيمها كذلك بالحرب النفسية.

المعروف أن التاريخ المجيد ذا الصفحة البيضاء لأي أمة يعتبر من أهم العناصر الفعالة في تكوين شخصية المواطن لتصبح قوية وتندفع في سلّم الترقي والتقدم فالتاريخ هو شخصية الأمة.

لذا فالمستشرقون لم يتركوا هذا الجانب من الدراسات الإسلامية دون اهتمام وبحث فدرسوا التاريخ الإسلامي وأخذوا يغيرون حقائقه ويخفون صفحاته البيضاء ، ويظهرون ما كان فيه من ثغرات ويضخمونها كبعض الفتن التي حصلت في تاريخ الإسلام حيث ضخموها أضعاف حجمها ، مضيفين إليها تفسيراتهم الخاصة كالتفسير المادي المنزوع منه الجمال الإيماني ، والرجولة العربية المتميزة كما فعل ذلك بروكلمان وفيليب حتى في كتاباتهم ، وغيرهما.

لذا فالواجب على المهتمين بهذا الجانب من الدراسات من المسلمين أن يعيدوا النظر فيما كتب هؤلاء المستشرقون فينظفوا تاريخنا من دسائسهم وافتراءاتهم وأكثر من حمل وزر هذه الافتراءات «فيليب حتى» ، و «بروكلمان».

٦ ـ تحويل المسلمين عن دينهم ، وإشاعة البلبلة الفكرية في صفوفهم ، وتحطيم الوحدة الفكرية التي تجمعهم ؛ لتصير البلاد لقمة سائغة للأعداء ، ويصير المسلمون أتباعا لهم خاضعين لسلطانهم.

لذا ركز المستشرقون في دراساتهم على تشكيك المسلمين في دينهم وإضعافه في نفوسهم ، والتشكيك في صحة نبوة سيدنا محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وبإضعاف الروح المعنوية عند المسلمين ، وإضعاف ثقتهم في نفوسهم وذلك بتعظيم أمر الحضارة الغربية في أعينهم وتقليل شأن الحضارة الإسلامية حتى ينظر لهم بعين الإعجاب ويتبع ذلك سهولة الانقياد. وركزت دراسات المستشرقين كذلك على كل ما يبعد المسلمين عن دينهم وقيمهم وأخلاقهم بنشر المذاهب الهدامة والمبادئ

٤٣

الفاسدة المخالفة للشرع الإسلامي الحنيف ، وإيهام الشباب أن سبب تخلف البلاد الإسلامية التمسك بالدين الذي يربي أفراده على الجمود والرجعية ـ على حد زعمهم ـ كل ذلك لتذويب الشخصية الإسلامية ولتسييرها في ركب الغرب الغاشم بسهولة ويسر.

٧ ـ تأييد الغزو الاستعماري لبلاد المسلمين والعمل على تحطيم المقاومة الإسلامية.

لذا قام المستشرقون بتقديم خدمات عدة لهذا الغرض ، من هذه الخدمات : تزويدهم الاستعمار بما يحتاجه من دراسات استشراقية عن مناطق نفوذه مما يسهل له مهمته ويمكنه من رقاب الشعوب الإسلامية وذلك بتعريفه بنقاط القوة في العالم الإسلامي لهدمها ومواطن الضعف للتسلل من خلالها ، فمن أجل هذه المهمة فتح المستشرقون في المنطقة جامعات وزودوها بالأساتذة الفاهمين لدورهم ، وزودوا الحملات الاستعمارية بأصحاب اختصاص ومعرفة بالشرق وأحواله من المستشرقين.

ولتسهيل المهمة أكثر فتحوا كراسي للغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعاتهم لتخريج كوادر طلابية تحمل سموم أفكارهم وتهيئ لهم المناخ في بلادنا لتحقيق أهدافهم وغاياتهم كما أنهم أعدوهم لتولي مناصب هامة في بلادنا لتنفيذ مخططاتهم كما أن هؤلاء المستشرقين يبذلون قصارى جهدهم لتحطيم مكامن القوة الإسلامية فشنوا حملاتهم ضد مفهوم الجهاد الإسلامي مع محاولاتهم صرف أنظار المسلمين إلى الدعة والقعود عن هذا الجهاد طالما أنه في سبيل الله. مع دفع مفهوم الجهاد الحقيقي لمعنى آخر وهو :

الاشتغال بالعبادة والزهد وتسميته بالجهاد الأكبر وإكمالا لهذا الأمر تبنوا الجماعات التي تؤول الجهاد عن معناه الحقيقي وتمنعه كالأحمدية والقاديانية في باكستان وغيرها (١) ، كما عمل المستشرقون على تحطيم وحدة المسلمين ، وتمزيق

__________________

(١) الرسول في كتابات المستشرقين ص ١٢٠.

٤٤

الدول الإسلامية ، وعزل الشريعة الإسلامية عن التطبيق في المجتمع المسلم ، وإحلال الأنظمة الوضعية القانونية والسياسية والتربوية محل أنظمة الإسلام العظيم بالقوة.

٨ ـ التنفير من العودة للخلافة الإسلامية :

لا شك أن الخلافة الإسلامية من أهم العوامل في توحيد المسلمين وجمع كلمتهم ، وإعادة مجد قوتهم وعزتهم ؛ لذا ركز المستشرقون والمبشرون والمستعمرون في دراساتهم وأعمالهم للحيلولة بين المسلمين وهذا المطلب العزيز ؛ فأخذ المستشرقون على عاتقهم نشر كل ما يسيء للخلفاء بتوهين شخصياتهم وتشكيك الناس في حسن أخلاقهم وإداراتهم ، فأخذوا يكيلون لهم كل تهمة باطلة كما هو الحال مع الخليفة الصالح «هارون الرشيد» الذي يعتبرونه رجل مجون وفسق زورا وبهتانا ، ناقلين أخباره من كتب غير علمية ، وأكثر ما هاجم هؤلاء المستشرقون الخلافة العثمانية التي تآمر المستعمرون واليهود على إسقاطها والتي يسعى المستشرقون والمبشرون والمستعمرون من الدول الكبرى من الحيلولة دون رجوعها إلى البلاد الإسلامية (١).

وكما ركز المستشرقون في دراساتهم المصدرة لنا بحروبهم النفسية لتحطيم الشخصية الإسلامية كزعمهم أن الناس أجناس فالغرب جنس آري فطر على الذكاء والنبوغ والمواهب والعلم والعبقرية ، وأن الشرق جنس سامي لا يرقى لهذا المستوى وليس هو بأهل له فالغرب غرب والشرق شرق ، كما بثوا زعمهم أن العوالم دول صناعية متقدمة وهي دول الغرب ، ودول نامية متخلفة يقصدون بذلك ما سواهم ، حتى يرسخوا في نفوس المسلمين أنهم شعوب متخلفة لا ترقى لمصاف الدول المتقدمة ، وشنوا حربهم على كل بادرة تقدم في ديارنا ونهبوا خيرات بلادنا باشتراء مواردنا الخام بأرخص الأثمان ليصنعوا منها أسلحتهم ، وصناعاتهم بأنواعها وأخذوا يبيعونها في البلاد الإسلامية بأغلى الأثمان.

__________________

(١) وحي الله ـ د. عتر ص ٤٢ ـ ٤٣.

٤٥

كما قام هؤلاء المستشرقون بإقناع أغنياء العالم الإسلامي بحفظ أموالهم في بلاد الغرب فانجر أغنياء الدول الإسلامية لهذه الخدعة فسلموهم أموالهم وأخذ الغرب يعمل ويصنع بها ، وإذا احتاجت دولة من الدول الإسلامية لقرض من القروض داينوهم من هذه الأموال بفوائد سنوية ربوية كبيرة ، فإن عجزوا عن التسديد تضاعف الربا عليهم ، حتى أثقلوا كاهلهم بالديون ، وقلّ أن تجد دولة إسلامية وليس عليها ديون كبيرة نتيجة لهذه الخطة الماكرة ، فبهذه السياسة الرهيبة تمكن المستعمرون بتوجيه من المستشرقين من رقاب المسلمين ، وحكامهم ، فأصبح الحكام لا يقدرون أن يعصوا لهم أمرا وإلا هددوهم بما عليهم من التزامات مالية كبيرة.

وإذا قام مصلح أو جماعة إصلاحية تنبه لهذا الخطر المدلهم أوعزوا إلى هؤلاء الحكام بالتهديد بديونهم تارة وبتخويفهم من ضياع سلطانهم تارة أخرى بالضرب بيد من حديد على يد هؤلاء المصلحين. وكان لهم ما أرادوا فامتلأت السجون بالدعاة المصلحين ، وحوربوا في أرزاقهم وحرياتهم واعتدي على كراماتهم وأعراضهم ردعا لهم عما قاموا من أجله ، وتفوهوا به من الإصلاح ، ووصل الأمر إلى حد التصفيات الجسدية وبإشراف من هؤلاء الغربيين على الأمر بأنفسهم من خلف الستار.

فبهذه السياسة الرهيبة للمستشرقين والدراسات الحاقدة لهم تكونت عقدة النقص في الشعوب الإسلامية ، مما دعاهم للتقليد الأعمى ، والتبعية دون وعي منهم لهذه الدول الكافرة ، مع الخضوع والذلة لهم والسير كما يريدون.

والحل هو أن ننتبه لخطر هذه الدراسات الاستشراقية ، وخطر سياسات هذه الدول الاستعمارية ، وأن نعرف ما يريدون من بلادنا وشعوبنا وأن نعرف أنهم ذئاب بثياب حملان ، وأعداء بألسنة مطلية بالعسل وحلو الكلام وعلى حكامنا إعادة الثقة بنفوس شعوبهم والتخفيف ما أمكن من حاجاتنا لهذه الدول المستعمرة وتقليل التبعية لهم مع رفع مستوى بلادهم خلقيا ونفسيا وصناعيا.

٤٦

٩ ـ تشكيك المسلمين بقيمة تراثهم الحضاري :

فقد ركز المستشرقون في أبحاثهم على أن الحضارة الإسلامية منقولة عن حضارة الرومان ، وما المسلمون في نظرهم إلا ناقلون لفلسفة هذه الحضارة ، وإذا ذكروا شيئا من محاسن حضارتنا ـ على مضض ـ انتقصوه وقللوا من شأنه (١) ، ليشككوا المسلمين في تراثهم العريق العظيم الذي أقام أمة فريدة متميزة في كل شئون حياتها فنالت الخيرية على كل أمم الأرض.

وقد شككوا كذلك في التراث العلمي للمسلمين زاعمين أنه قد دخله التحريف والوضع والكذب كما هو حال الحديث النبوي الشريف.

كل ذلك لتشكيك المسلمين في تراثهم العلمي ويضطروهم للأخذ بالتراث الغربي فيسهل للاستعمار تشديد الوطأة عليهم ، والتحكم بهم ، وإضعاف روح المقاومة والدفاع عن أنفسهم عندهم حيث تذوب شخصيتهم في غيرهم.

__________________

(١) الاستشراق والمستشرقون ـ السباعي ص ٢٣.

٤٧
٤٨

المبحث الثالث

وسائل المستشرقين

تعددت وسائل المستشرقين في الوصول لتحقيق أغراضهم ونشر أفكارهم الاستشراقية.

وذلك لأنه أصبح استشراقا مبرمجا وراءه مؤسسات دينية أو سياسية أو اقتصادية تدعمه.

وقد أخذت هذه المؤسسات تغدق على المستشرقين بالأموال الطائلة ، والمناصب العالية والألقاب الرفيعة ، وحبست لهم الأوقاف ليتمكن العاملون في هذا المجال من أداء مهماتهم بيسر وسهولة.

فمن هذه الوسائل التي استخدموها :

١ ـ تأليف الكتب ، وتحقيق المخطوطات ، وإصدار الموسوعات العلمية الإسلامية والشرقية بوجه عام وغير ذلك.

أ ـ تأليف الكتب :

قام المستشرقون بتأليف الكتب في جميع العلوم العربية والإسلامية والشرقية مظهرين عليها طابع العلم المتجرد ولكن هذه الكتب لم تخل من دسهم فيها مقدارا من السم وإن كانوا حريصين كل الحرص أن لا يزيدوا على مقدار قدروه ، ونسبة عينوها حتى لا يستوحش القارئ ولا يثير ذلك فيه الحذر ، ولا تضعف ثقته بنزاهة المؤلف وهذا فيه صعوبة بالغة لرجل متوسط في عقليته أن يدرك هذه السموم لذا فتجده ينساق لها ويتأثر بهذه الكتابة.

٤٩

وكتابة هؤلاء أشد خطرا علينا ممن يجاهر بالعداء ويسفر عن ذلك في كتاباته فالحرص منه أسهل (١) وسيأتي ذكر مجموعة من هذه المؤلفات تحت مبحث خاص بها.

ب ـ تحقيق كتب التراث :

اهتم المستشرقون بعملية تحقيق كتب التراث في الشرق عامة والإسلام خاصة في كل موضوع من مواضيع القرآن الكريم والسنة المطهرة والسيرة النبوية العطرة ، والفقه والكلام.

كما تحدثوا عن تاريخ الإسلام ، والصحابة والتابعين الكرام ، والأئمة المجتهدين والمحدثين والفقهاء ، والمشايخ والصوفية ، ورواة الحديث وعن فن الجرح والتعديل ، وأسماء الرجال ، وحجية السنة ، وتدوينها ، ومصادر الفقه الإسلامي ، وتطوره في أسلوب لا يخلو عن التشكيك وإثارة الشبهات ، ويكفي لزعزعة العقيدة والترغيب عن الإسلام لرجل ليس له نظر عميق في هذا الموضوع ، (٢) وغالبا يشتركون في التحقيق مع بعض العلماء المسلمين ولكنهم يخفون أسماءهم لسبب أو لآخر.

ولا شك أن ما حققوه من تراثنا كان من أجل خدمة أغراضهم وأهدافهم وليتعرفوا على أسرار هذا الدين العظيم.

وقد ركز المستشرقون على إحياء التراث الإسلامي المنحرف كالباطني والمجوسي والغنوصي القديم هادفين من وراء ذلك تحطيم أصالة الفكر الإسلامي كما ركزوا على نشر الفكر الإلحادي والمنحرف كفكر غلاة الصوفية وبعض المنحرفين من أهل الحلول والاتحاد والإباحية وغير ذلك (٣).

__________________

(١) الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية لأبي الحسن الندوي ص ١٩٠.

(٢) الصراع بين الفكرة الإسلامية والغربية ص ١٩٠.

(٣) أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي ، د / علي جريشة ومحمد الزيبق دار الاعتصام ، ص ٢٥ ـ ٢٦.

٥٠

ج ـ إصدار الموسوعات العلمية :

ومما اعتنى به المستشرقون على اختلاف جنسياتهم إصدار الموسوعات العلمية عن الشرق وعلومه.

ومن أخطر هذه الموسوعات (دائرة المعارف الإسلامية) والتي صدرت بعدة لغات عالمية وقد كتبت بأسلوب علمي ميسر للمثقف العام مما جعلها موضع إقبال أبناء المسلمين أنفسهم.

وقد حشد لهذه الموسوعة كبار المستشرقين ، وأشدهم عداء للإسلام ودس فيها السم بالدسم ، ونثرت فيها أباطيل كثيرة عن الإسلام والمسلمين.

ومن المؤسف أنها مرجع لكثير من المثقفين من أبناء المسلمين وكذلك لكثير من العلماء والمفكرين على ما فيها من خلط وتزييف وقلب للحقائق وتعصب سافر ضد الإسلام والمسلمين.

وهناك موسوعات عامة : كالموسوعة الفرنسية (لاروس) والموسوعة البريطانية (١) ، وموجز دائرة المعارف الإسلامية ، وموسوعة معارف العلوم الاجتماعية ، ودائرة المعارف (الدين والأخلاق) وغيرها كثير.

د ـ صنع المعاجم اللغوية وغيرها :

كما اهتم المستشرقون بتأليف المعاجم وقد أفادوا كثيرا في هذا الجانب من المعاجم الإسلامية المتقدمة منهاجا ودقة فمنها :

أ ـ معاجم دينية :

وهذه المعاجم بعضها اهتم بالآيات القرآنية مثل : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن وبعضها اهتم بالحديث النبوي الشريف كالمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف.

__________________

(١) أجنحة المكر الثلاثة ص ١٣٢ ـ ١٣٣ ، وحي الله ص ٢٥.

٥١

ب ـ معاجم لغوية :

ومما اهتم به المستشرقون كذلك صناعة المعاجم اللغوية.

مثل : تاريخ الأدب العربي ـ بروكلمان ـ وهو مشهور في الأوساط الأدبية واللغوية والعلوم الإسلامية.

وكتاب تاريخ الأدب العربي وهو في سبع مجلدات تأليف «هامر بوجشتال» وقد ترجم ل (٩٩١٥) أديبا وشاعرا.

ومن أضخم هذه المعاجم معجم فينشك الروسي (١٩٠٢ ـ ١٩٣٩) وكانت مدة عمله له في ١٥ سنة وقد تمكن من تسويد (٣٠٠) ألف بطاقة وتوفي ولم يكمله.

ومن أعظمها انتشارا وأهمية معجم فيشر اللغوي الأدبي المقارن باللغات السامية القديمة والذي جمع فيه اللغة من ديوان امرئ القيس والقرون الثلاثة الأولى بعد الهجرة.

ج ـ معاجم عامة :

مثل المعجم العام ل «هوبلر الفرنسي» ١٦٢٥ ـ ١٦٩٥ ومعجم الإسلام بالإنكليزية «هيوز» لندن ١٩٨٥ وغيرها (١).

ه ـ ترجمة الكتب الإسلامية للغاتهم :

كما اهتم المستشرقون بترجمة كثير من الكتب الإسلامية خاصة والشرقية عامة للغاتهم المختلفة والذي يزور مكتباتهم يجدها حوت كثيرا من تراثنا بكل فروع العلوم مترجمة إلى لغات القوم المتعددة ؛ وذلك ليسهل عليهم الرجوع لها ، ولأن الكثير منهم لا يجيدون العربية ولم تتح لهم الفرصة لتعلمها (٢) وعلى رأس هذه

__________________

(١) في الغزو الفكري المفهوم ـ الوسائل ـ المحاولات للأستاذ نذير حمدان ص ٢٥٤ ـ ٢٥٥.

(٢) انظر المستشرقون والإسلام ـ اللبان ص ٢٠ ـ ٢١.

٥٢

الكتب التي قاموا بترجمتها القرآن الكريم ـ لتزييف مفاهيمه وانتقاصها ـ وكتب السنة وعلى رأسها الصحيحان إلى غير ذلك من الكتب.

٢ ـ إنشاء المطابع الشرقية :

دأبت البلاد الغربية على إنشاء المطابع التي تحوي الحروف العربية والعبرية والفارسية ، وغيرها ، حيث بدأت هذه المطابع عملها في إيطاليا ثم في فرنسا. ومن هذه المطابع في أسبانيا مطبعة مايستري في مدريد ومطبعة المعهد المصري للدراسات الإسلامية في مدريد أيضا ، وفي النمسا المطبعة الإمبراطورية والمطبعة الشرقية للآباء المختارين. وفي هولندا مطبعة ليون وهناك كثير من هذه المطابع في مختلف أنحاء أوربا (١).

أما الهدف من إنشاء هذه المطابع وذلك لتسهل عليهم مهماتهم بإيصال أفكارهم إلى العالم الإسلامي بسهولة ويسر.

٣ ـ إنشاء الجمعيات وإصدار المجلات والصحف :

من الأمور التي اهتم بها المستشرقون لبث أفكارهم وتحقيق أغراضهم إنشاء الجمعيات الاستشراقية وإصدار المجلات والدوريات فقد زاد عدد هذه المجلات وحدها عن (٣٠٠) مجلة خاصة بالاستشراق ، عدا المئات من مجلاتهم العامة التي تتعرض له في موضوعاتها العامة ، كمجلة القانون المقارن ومحفوظات التاريخ ، ومباحث العلوم الدينية وهي تنتشر بعدة لغات عالمية والتي ينشر فيها مباحث ومخطوطات ووثائق وغير ذلك (٢) من الدراسات المختلفة.

أ ـ أنشأ الفرنسيون جمعية من المستشرقين سنة ١٧٨٧ م وألحقوها سنة ١٨٢٠ بالجمعية الآسيوية الفرنسية تعاضدها وتتعاون معها ، ثم أصدرت هاتان الجمعيتان (المجلة الآسيوية) ومن المجلات الفرنسية المشهورة التي علا صيتها

__________________

(١) المستشرقون ومشكلات الحضارة ، د. عفاف صبره ص ٣٢.

(٢) المستشرقون. العقيقي ج ٣ ، ص ٣٧٧.

٥٣

(مجلة العالم الإسلامي) وهذه المجلة تتجه اتجاها تبشيريا (كاثولوكيا) وقد كان ظهورها في سنة ١٩٠٦ م بإدارة المسيو «الفرد لوشاتليه» الأستاذ في كلية فرنسا.

ب ـ في إنجلترا تألفت جمعية لتشجيع الدراسات الشرقية عام ١٨٢٣ م ، وقد كان ملك إنجلترا الرئيس الفخري لها وقد صدر عنها مجلة (الجمعية الآسيوية الملكية).

ج ـ في أمريكا أنشأ الأمريكيون سنة ١٨٤٢ م جمعية ومجلة. فقد كانت الجمعية باسم (الجمعية الشرقية الأمريكية).

أما المجلات التي أصدرها الأمريكيون في هذا القرن ، مجلات تطبع الاستشراق بالطابع السياسي ، وتوجه معظم أبحاثها ودراساتها نحو السياسة الاستعمارية المبطنة التى تحاول فيها أمريكا أن تبسط نفوذها على الشرق عامة وعلى العالم العربي والإسلامي خاصة. ومنها مجلة (جمعية الدراسات الشرقية) وكانت تصدر في مدينة «جامبير» في ولاية أوهايو ، ولها فروع في معظم عواصم أوربا في لندن وباريس وغيرها. ومثلها مجلة (شئون الشرق الأوسط) ومجلة (الشرق الأوسط) وطابعها كلها على العموم طابع الاستشراق السياسي.

ومن أخطر المجلات التي يعنى بها المستشرقون الأمريكيون في الوقت الحاضر (مجلة العالم الإسلامي) التي أنشأها زعيم المستشرقين المنصرين «صمويل زويمر» في سنة ١٩١١ م وهذه المجلة تعنى بالاستشراق التنصيري وذلك لتشجيع الإرساليات التنصيرية (البروتستانت) وتناولت القضايا التي تتصل بتنصير العالم الإسلامي (١).

كما أنشأ المستشرقون الألمان ، والنمساويون ، والإيطاليون جمعيات ومجلات استشراقية خاصة بهم.

__________________

(١) في الغزو الفكري ـ نذير حمدان ، ص ٢٥١ ـ ٢٥٣.

٥٤

ويتبين مما مضى أن الدوريات التي أنشأها المستشرقون يمكن أن تقسم إلى ثلاثة أنواع:

أ ـ علمية دراسية تحليلية في ظاهرها ، تتناول القضايا الفكرية الإسلامية من جانب ثقافي لتطرح من خلاله الشبهات وتظهره على صور تؤدي بالفكر الإسلامي إلى الشك والحيرة والتردد. وهذا العمل يقصدون منه هدم أصول الإسلام أو إضعاف المسلمين.

ب ـ مجلات استعمارية سياسية تقصد نشر الفكر الاستعماري في الأمة العربية والإسلامية. وهذه المجلات تحاول إبراز حاجة المسلمين للمدنية الغربية وجهلهم بالتقدم العلمي وعدم قدرتهم على مواصلة البحوث المتطورة في عالم الصناعة.

ج ـ مجلات تنصيرية غايتها الأساسية ارتداد المسلمين وتنصير الوثنيين وهذه المجلات قد احتضنتها الدول الكبرى لهدف استعماري في الأصل (١).

أما بالنسبة للصحف فهي كذلك كثيرة فقد استطاع المستشرقون استئجار مجموعة من الصحف العالمية لبث أفكارهم وبحوثهم إلى الآخرين فيها ، واستطاعوا كذلك أن يستأجروا كتّابا وأساتذة جامعيين وغير جامعيين ، وأدباء ، وشعراء من أبناء الشعوب الإسلامية ، يحملون أفكارهم وينشرونها بأقلامهم وألسنتهم ، ليكونوا أكثر تأثيرا في الأجيال الناشئة من أبناء المسلمين ، وهؤلاء هم الأبواق الناعقة لهم ، الأجراء والعملاء والتلاميذ المخلصون أمثال : سلامة موسى ، طه حسين ، وغيرهما (٢).

وقد عبر عن أهمية الصحافة بالنسبة للمستشرقين المستشرق «جب» حيث قال : «.. يجب ألا ينحصر الأمر في الاعتماد على التعليم في المدارس الابتدائية

__________________

(١) نفس المرجع ص ٢٥٤.

(٢) أجنحة المكر الثلاثة ص ١٣٤.

٥٥

والثانوية ، بل يجب أن يكون الاهتمام الأكبر إلى خلق رأي عام ، والسبيل إلى ذلك هو الاعتماد على «الصحافة».

ويقرر «جب» أن الصحافة هي أقوى الأدوات الأوربية وأعظمها نفوذا في العالم الإسلامي (١).

لذا لا غرابة أن نجد كثيرا من الصحف في العالمين العربي والإسلامي تخدم هذا الهدف.

٤ ـ إنشاء المؤسسات التعليمية من : مدارس ، ومعاهد ، وجامعات ، وكراسي جامعية والتسلل للمجامع العلمية :

اهتم المستشرقون والمبشرون بالمؤسسات التعليمية بأنواعها لتخريج جماعات من الطلبة تجيد اللغات الشرقية ومهيئين لتحمل المسئوليات التي ستلقى على عاتقهم تجاه الشرق وأهله ، وليكونوا عملاء للاستعمار في بلاد الإسلام ، الاستعمار بشتى أساليبه وألوانه وليكونوا أداة تقوض صرح البناء الإسلامي من جميع جوانبه الدينية والثقافية والاجتماعية ، وذلك باتصالهم بالمسلمين فيوهمونهم بأنهم على معرفة تامة بأحوال الشرق وعلومه وعقائده ولغاته ، وهذا ما دأب عليه الاستشراق لتوهين قوى المسلمين وإيهامهم في كل مناسبة بأنهم ضعفاء ومتخاذلون في شتى الميادين.

وسأذكر بعض هذه المؤسسات التعليمية الاستشراقية.

أ ـ إنشاء المدارس :

اهتم المستشرقون بالمدارس ذات الطابع التبشيري ، والمدارس الحديثة التي أسست على مفاهيم غربية ، حيث وضعوا لها المناهج الخاصة وزودوها بمدرسين ذوي مهمة خاصة ليربّوا عليها النشء بطريقتهم الخاصة.

__________________

(١) المستشرقون ومشكلات الحضارة ص ٤٦.

٥٦

وإنشاء هذه المدارس مهمة ذات اتجاهين : تبشيرية استشراقية ؛ لأن الاستشراق مغذ لروح التبشير والعقل المدبر له.

قال المبشر «جون تكلمي» : يجب أن نشجع المدارس ، وأن نشجع على الأخص التعليم الغربي. إن كثيرين من المسلمين قد زعزع اعتقادهم حينما تعلموا اللغة الإنجليزية ، إن الكتب المدرسية الغربية تجعل الاعتقاد بكتاب شرقي مقدس أمرا صعبا جدا (١).

وكان اعتناء المستشرقين بالمدارس منذ القرنين الخامس عشر والسادس عشر ، حيث أنشئت مدرسة الجمعية المقدسة سنة ١٦٢٢ م وقد أنشئت هذه المدارس في العالمين الغربي والعربي والإسلامي على حد سواء.

فمن المدارس الغربية ذات الطابع التبشيري :

١ ـ أسس البابا «سلفستر الثاني» مدرستين عربيتين لتدريس اللغة العربية والحضارة الشرقية ، وكانت الأولى في «روما» في مقر بابويته ، والثانية في راميس وطنه ، ثم أضاف بعد ذلك مدرسة ثالثة وهي مدرسة «شارتز».

٢ ـ مدارس خاصة لأغراض سياسية :

أ ـ المدارس العربية ومعهد «بريل» في مدينة ليون ب (هولندا).

ب ـ مدرسة أكسفورد في إنجلترا.

ج ـ مدرسة القناصل الإمبراطورية الملكية في النمسا ، وهذه مهمتها تعليم السلك الدبلوماسي اللغة العربية.

د ـ وفي باريس أنشئت مدرسة على هذا الغرار باسم المدرسة الخصوصية للغات الشرقية الحية سنة ١٧٩٥ م.

__________________

(١) التبشير والاستعمار ـ مصطفى الخالدي ص ٩٨.

٥٧

أما في البلاد العربية والإسلامية فقد اهتم المستشرقون بإنشاء المدارس الخاصة بهم والتي تخدم أغراضهم. من هذه المدارس :

أ ـ مدارس الفرير في سوريا والأردن.

ب ـ ومدارس دي لي سال ، وتراسانتا في الأردن.

ج ـ ومدارس سان فنستان دي بول في القاهرة.

د ـ والمدرسة الشرقية في تركيا.

ه ـ الكلية اليسوعية والتي حول اسمها إلى الكلية الأمريكية في لبنان ومصر ولا تزال.

و ـ مدرسة اللائيك في حلب.

ز ـ مدرسة الأرض المقدسة في حلب.

وغيرها كثير في بلاد العالم الإسلامي المترامية الأطراف.

ب ـ إنشاء المعاهد :

أما المعاهد فهي كثيرة وهي في العالمين الغربي والعربي وهذه المعاهد في الغالب تكون تابعة لجامعة من الجامعات في العالم الغربي.

فمن ذلك معهد الدراسات الشرقية في لندن الذي أنشأته الحكومة البريطانية سنة ١٩١٧ م ومهمة هذا المعهد إعداد رجال ونساء يخدمون وطنهم في الشرق إمّا في السلك السياسي أو التجاري ، أو في دوائر الحكومة وراء البحار ، أو في ميادين الثقافة.

وعند ما ضغطت الحروب الأولى ، وتزايدت مصالحها خارج بريطانيا من المحيط الأطلسي إلى بحر الصين ، عهدت الحكومة البريطانية إلى اللورد «بري» بإنشاء معهد آخر يهتم بالدراسات الشرقية.

أما في المنطقة العربية فقد أنشأ الألمان «معهد جوته الألماني» في القاهرة ،

٥٨

وأنشأ الفرنسيون «المعهد الفرنسي للآثار الشرقية» في القاهرة ، ودمشق ، وطهران ، وتونس.

وقد زودت هذه المعاهد بكوادر مؤهلة لمهمتها خير تأهيل ، وزودت بمكتبات فيها كثير من الكتب العربية والإسلامية والشرقية وبعض هذه المعاهد له صلاحية منح شهادات عليا كالماجستير والدكتوراة لطلابها ومن بين هؤلاء الطلاب طلبة عرب وشرقيون على وجه العموم يعدون لمهمة التدريس في بلادهم (١).

ج ـ إنشاء الكراسي الجامعية :

أنشأ المستشرقون في داخل أروقة الجامعات الأوربية كراسي خاصة للدراسة الشرقية ، وقد اتخذ المستشرقون هذه المؤسسات لاصطياد أبناء الشعوب الإسلامية ، والتأثير عليهم فكريا وسلوكيا ونفسيا (٢) وكذلك لإنشاء جيل من أبنائهم على دراية بأحوال الشرق لتحقيق أهداف المستشرقين في المنطقة وقد أعطيت هذه الكراسي الجامعية الحق في منح طلبتها الشهادات العليا في الدراسات العربية والإسلامية والشرقية على حد سواء مستغلين تلهف الشرق إلى الشهادات والألقاب العلمية. فصيروا أنفسهم مصدرا وثيقا للعلوم الإسلامية.

وقد حقق هذا اللون من النشاط غاية ما تصبو إليه أنفس المتحاملين من المستشرقين ومن أمثلة هذا اللون من النشاط :

١ ـ كرسي للدراسات الشرقية بجامعة سانت أندريز سنة ١٩٦٨ م وقد أسست هذه الجامعة في مدينة لا باس في بوليفيا عام ١٨٣٠ م.

٢ ـ كرسي للدراسات الإسلامية بجامعة كمبردج. وبها كرسي آخر تأسس عام ١٩٣٢ م تعهد توماس أدافر رئيس بلدية لندن بتمويله.

__________________

(١) الاستشراق والخلفية الفكرية زقزوق ص ٥٩ ـ ٦٠ ، وأخطار الغزو الفكري د / صابر طعيمة ص ٨٩ ، والمستشرقون ومشكلات الحضارة ص ٣٠ ـ ٣١.

(٢) أجنحة المكر الثلاثة ص ١٣٢.

٥٩

٣ ـ مركز الشرق الأوسط للدراسات العربية في جامعة لندن وهو باسم مركز الدراسات الآسيوية والأفريقية ، ومركز للدراسات الشرقية بجامعة مانشستر والذي تموله دولة عربية وكثير من الجامعات فتحت مثل هذا اللون من النشاط الاستشراقي مثلا :

في باريس : جامعة تولوز ، ويوردوا ، والسوربون.

وفي إنجلترا : جامعة أكسفورد ، ودرهام ، وفكتوريا ، وليدز وويلز وليفربول ، وبرستول ، وشيفيلد ، وهال.

وفي اسكتلندا : جامعة اسكتلندا ، وجلاسجو ، وأبردين ، وأدنبره.

وفي إيرلندا : كلية ترينيتي في دبلن ، وجامعة إيرلندا الوطنية.

وفي كندا : جامعة تورنتو ، وأوتاوه .. إلخ.

وفي ألمانيا : جامعة هايدلبرج ، وجامعة بون ، وجامعة برلين.

وغير هذه الجامعات كثير من جامعات البلدان الغربية (١).

الجامعات في الدول الإسلامية :

هذه الجامعات التي أسسها المستشرقون في بلدان العالم الإسلامي بإدارة وأساتذة منهم ومناهج خاصة ، هدفها تخريج كوادر قيادية تستلم مراكز حساسة في الدول الإسلامية تحمل المفاهيم الغربية ، والثقافية الاستشراقية.

وكذلك لرصد كل جديد من الدراسات والمستجدات في المنطقة الإسلامية ، من هذه المؤسسات :

١ ـ الجامعة الأمريكية في بيروت وهي الكلية السورية الإنجيلية والتي أنشئت سنة (١٢٨٣ ه‍ / ١٨٦٦ م) وفروعها في تركيا والقاهرة.

__________________

(١) المستشرقون ومشكلات الحضارة ص ٣٠ ـ ٣١.

٦٠