آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره - ج ١

د. عمر بن إبراهيم رضوان

آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره - ج ١

المؤلف:

د. عمر بن إبراهيم رضوان


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٠
الجزء ١ الجزء ٢

بيان سبب بناء الجمل على هذه الشاكلة ، وتفسير مواضع الحذف واستخدام أسلوب الدوران حول المعنى (المجاز).

وقد ذكر المؤلف أن هذا العلم استفاد كثيرا من القراءات المختلفة كتفسيرات النصوص.

ثم ذكر المؤلف بعد ذلك عناصر التفسير المازوريتي :

١ ـ القراءات المختلفة.

٢ ـ الشرح المعجمي والنحوي الصرفي.

٣ ـ التناظر.

٤ ـ الدوران حول المعنى.

٥ ـ الشواهد الشعرية.

واعتبر أن ما زاد عن هذه العناصر تعتبر عناصر توثيقية لا غير. ثم ذكر الموضوعات التي يعالجها التفسير المازوريتي مثل :

البنية ، الصرف ، الزمن ، الوصل والعدد ، والتخصيص والتعيين.

كما ذكر الغرض الأساسي في القياس المازوريتي أنه الإصرار على وحدة مفهوم التنزيل الأساسي فكان نمطا استنتاجيا يرتكز على عمليتين :

١ ـ المقارنة المعجمية بين النصوص والمحافظة الإطنابية (نحوية أو صرفية) ، واعتمادها على الإسناد.

وقد ذكر أن استخدام (المازوريتية) أحيانا لم يكن صريحا ، ومثاله : إشارة البيضاوي للروايات عن زكريا ـ عليه‌السلام ـ في شرح الآية (ثَلاثَ لَيالٍ) إلى العبارة المكملة «ثلاثة أيام» و «أن ذكر الليالي هنا والأيام في آل عمران للدلالة على أنه استمر عليه المنع من كلام الناس والتجرد للذكر والشكر ثلاثة أيام ولياليهن.

١٨١

ومراعاة القياس المازوريتي يؤكد وحدة مفهوم التنزيل القرآني وهذا القياس يتركز في عمليتين :

أ ـ بالمقارنة المعجمية بين النصوص.

ب ـ المحافظة الإطنابية (نحوية وصرفية).

ومثل على هذا بكتاب (الوجوه والنظائر) أو الاسم البديل له كتاب (تفسير وجوه القرآن) مقاتل بن سليمان كما أنه اعتبر تفسير مقاتل تفسيرا لغويا.

ونقل بعض الأمثلة من علم الوجوه والنظائر ككلمة وحي وأنها على خمس معان وهي:

١ ـ القرآن.

٢ ـ الإلهام.

٣ ـ الكتاب.

٤ ـ أمر.

٥ ـ القول.

وهو ما يسمى علم الوجوه والنظائر ومثل لهذا النوع بتفسير مقاتل الذي يسميه (تفسير وجوه القرآن). وذكر أن أسلوب مقاتل كان يظهر تناقضا بين القرآن والسنة المطهرة. ثم تحدث عن موقف الإمام الشافعي من هذا النوع من التفسير ثم تحدث بعد ذلك عن نزول القرآن الكريم إما ابتداء وهو ما سماه خبر النزول أو عقب حادثة وهو ما سماه سبب النزول مرجحا أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.

ثم تعرض في هذا الفصل لأسلوب كل من الإمام البخاري ومسلم والترمذي مرجحا الأسلوب الهاجادي على تفسيراتهم.

ثم تعرض لعلم النسخ وموقف اليهود منه ومثل لهذا العلم بمجموعة من كتب النسخ ككتاب هبة الله بن سلامة ، وكتاب النحاس ، وكتاب أبي عبيد ، وكتاب عبد القادر البغدادي.

ثم ذكر موقف بعض الغربيين من النسخ أمثال «بيرتون» الذي ذكر أن أنواع النسخ تحوي أفكارا متناقضة والتي كانت فيما بعد أساسا لتكوين القانون الإسلامي.

١٨٢

الفصل الخامس :

وعنوانه : (المجاز والاستعارة والبيان):

بين المؤلف في هذا الفصل الغرض من وجودها في التفسير حيث ذكر أن وجود الاستعارة في لغة القرآن الكريم كان تعبيرا عن الورع والتقوى بنفس القدر الذي تعبر فيه عن التقدير الجمالي وكانت الصورة الأولية لهذا الورع والتقوى هي حذف المجاز الذي يتضمن نسبة الصفات البشرية لله سبحانه بواسطة المفسر. ثم ذكر بعض من اعتنى بالمجاز «كالشريف المرتضى» (ت ٤٣٦ ه‍ / ١٠٤٤ م) في أماليه (مجاله) حيث حاول في كتابه إظهار الأهلية الخاصة للغة العربية ، والمجاز أسلوب عربي مبني على حب الاختصار وطرح فضول الكلام ومثال ذلك قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١) ، وقد ذكر أن ممن دافع عن وجود المجاز في القرآن الكريم ابن قتيبة ـ رحمه‌الله ـ وكانت دراسته نقلا للمجاز من أسلوب تفسيري لأسلوب قرآني جمالي.

وممن عالج هذا الجانب كذلك الفراء ، أبو عبيد ، وعبد القاهر الجرجاني تحت عناوين مختلفة مثل الاستعارة ـ القلب ـ الحذف ـ التكرار ـ والحشو ـ والكناية المرسلة ، وغيرها ومثل على ذلك.

وقد اعتبر المؤلف أن هذه الأشياء ساهمت في تطوير التفسير البياني. ثم ذكر بعد ذلك ثلاثة عناصر اعتنى بها التحليل البياني وهي تنتمي إليه.

١ ـ اللعن كمنطوق إلهي وصرفها كمسألة فرضية تصويرية.

٢ ـ مسائل بيانية مثل التقرير ، والتعجب ، والتوبيخ.

٣ ـ أوامر منعية كالتهديد ، والتعذيب ، والإباحة.

ثم ذكر أن هذه الأغراض نتج عنها وجوه إعجازية قرآنية بديعة والتي تبناها

__________________

(١) سورة يوسف : ٨٢.

١٨٣

الجرجاني ، والباقلاني وبعض الكلاميين والمنظرين من المتأخرين أمثال ابن أبي الأصبع (ت ٦٥٤ ه‍) ، والخطيب القزويني والجاحظ وابن المعتز وغيرهم.

والمؤلف قد اعتبر مصدر كل هذه الألوان البيانية الأدب الوثني ـ حسب تسميته ـ.

ثم ختم المؤلف الفصل بربط هذه المعاني بالرمزية في التفسير عند أهل الفرق الباطنية كالمعتزلة والشيعة وغلاة المتصوفة وغيرهم ممن نهج هذا النهج.

تقويم الكتاب :

يعتبر الكتاب جديدا في بحثه وأسلوبه وخاصة أنه تناول عدة كتب بعضها ما زال مخطوطا ولكن مما يلحظ على الكتاب :

١ ـ محاولة صبغ بعض ألوان التفسير التي تناولها بالصبغة اليهودية وبعضها بالصبغة الوثنية ، حتى إنه غير بعض الأسماء وأطلق عليها أسماء يهودية وعمل جهده لإثبات هذه الصبغة ـ كتسمية التفسير القصصي بالهاجادي والتفسير الموضوعي بالهالاخيكي ، والتفسير اللغوي بالمازوريتي .. إلخ.

٢ ـ محاولته إثبات عدم سلامة النص القرآني وتناقضه بما عرضه في القراءات الشاذة وغيرها. إلى غير ذلك من الشبه التي كان من الواجب أن يتحراها أمثال هذا المؤلف الذي خط لنفسه منهجا علميا ـ وفرغ من أجل ذلك من قبل جامعته لهذه الدراسة ولكنها روح العداء ما انفكت عنه وعن أمثاله وتأثره بكتابة من سبقه من غير المنهجيين والحاقدين على الإسلام أمثال «جولد تسيهر» وغيره واضح بين.

١٨٤

المبحث الثالث عشر

كتاب (تاريخ النص القرآني)

لمؤلفه (تيودور نولديكه)

التعريف بالمؤلف :

يعد «نولديكه» شيخ المستشرقين الألمان بغير مدافع ، وقد أتاح له نشاطه الدائب ، واطلاعه الواسع على الآداب اليونانية ، وإتقانه لثلاث من اللغات السامية (العربية ، والسريانية ، والعبرية) أن يظهر بهذه المكانة ليس فقط بين المستشرقين الألمان بل بين المستشرقين جميعا.

ولد تيودور نولديكه في الثاني من مارس ١٨٣٦ م بمدينة هاربورج كانت دراسته الثانوية في مدينة لنجن وأكمل دراسته الجامعية في جامعة جيتنجن فحصل على الدكتوراة في ١٨٥٦ م برسالة عن (تاريخ القرآن) وهو أشهر كتبه. خرج من ألمانيا للاتصال ببعض المستشرقين أمثال «دوزي» و «ينبول» و «دي فريس» ، و «كونن» ، واستفاد من سفره لكل من فينا ، وليدن ، وانجلترا ، بالاطلاع على كثير من المخطوطات العربية الثمينة.

عمل مساعدا لأمين مكتبتي برلين ، وجامعة جيتنجن من سنة (١٨٦٠ ـ ١٨٦٢) ثم عمل سنة ١٨٦١ م معيدا في جامعة جيتنجن الشهيرة خلال عمله في مكتبة جيتنجن ، ثم أستاذا للغات السامية عام ١٨٦٤ ـ ١٨٧٢ م في جامعة كيل ، ثم أستاذا في جامعة إشتراسبورج عام ١٨٧٢ ـ ١٩٢٠ م. أحيل للتقاعد سنة ١٩٠٦ ، وتوفي سنة ١٩٣٠ م ، عن عمر ناهز الرابعة والتسعين (١).

__________________

(١) انظر موسوعة المستشرقين ص ٤١٧ ـ ٤٢٠.

١٨٥

التعريف بالكتاب :

يعتبر كتاب (تاريخ القرآن) ل «تيودور نولديكه» من أهم الكتب في ميدان البحث في الدراسات القرآنية ، يقع الكتاب في ثلاثة أجزاء كبار تقارب تسعمائة صفحة.

كانت بداية عمله لهذا الكتاب بحثا قدمه لنيل رسالة الدكتوراة الأولى في عام (١٨٦٥ م). وقد ذكر «عبد الرحمن بدوي» ، «ورودي بارت» أنها كانت بعنوان (تاريخ القرآن) أما «عقيقي» فيقول إنها كانت بعنوان (أصل وتركيب سور القرآن) من جامعة جبتنجن في ألمانيا. وبعد عامين في سنة ١٨٥٨ م أعلنت أكاديمية باريس قسم (مجمع الكتابات والآداب) عن جائزة لبحث يكتب في هذا الموضوع فتقدم له «نولديكه» وتقاسم هو و «أسبرنجر» و «ميكيله أماري» الظفر بالجائزة التي ضوعفت حتى نال كل واحد منهم من الثلاثة مبلغ (١٣٣٣) فرنك فرنسي.

وبعد ذلك بعامين آخرين (١٨٦٠ م) نشر «نولديكه» ترجمة ألمانية لرسالته (وكانت رسالته باللاتينية) وكانت بعنوان (تاريخ القرآن) وهذه الطبعة توسع «نولديكه» فيها جدا فيما بعد بالتعاون مع تلميذه أشفالي. وبعد رجوعه لكثير من المصادر والمراجع. ثم ظهرت مجلدات في عام ١٩٠٩ ، ١٩١٩ ، ١٩٣٨. ونهض بتعديل الجزءين الأولين المستشرق «فريدرش شفاللي» فلما مات قام «جوتهلف برجشتستير» بالعمل في الجزء الثالث ولكنه مات قبل أن يفرغ منه فأكمله «أوتو برتس» وأخرجه بعنوان (تاريخ النص القرآني) وبهذا تم الكتاب بشكله الحالي.

أجزاء الكتاب الثلاثة :

تناول المؤلف في الجزء الأول : الوحي ومظاهره ذاكرا أن ظاهرة الوحي كانت نتيجة انفعالات طاغية كانت تسيطر على محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثم تناول في هذا الجزء مصادر القرآن الكريم ذاكرا بعض الادعاءات التي تزعمها غيره من

١٨٦

المستشرقين أن مصدره البيئة التي كان يعيشها رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأهل الكتاب واليهود فتأثر بهم بشكل أخص.

ثم تناول في هذا الجزء أسلوب القرآن الكريم دارسا سوره من ناحية الأسلوب والمضمون ومقسما القرآن الكريم لقسمين :

ـ سور مكية يغلب عليها الفقرات الخيالية الشعرية ـ على حد زعمه ـ.

ـ وسور مدنية تغلب عليها أسلوب النثر المطول.

وقسم السور المكية لثلاث فترات.

الجزء الثاني : جمع القرآن الكريم :

تناول المؤلف في هذا الجزء جمع القرآن الكريم والمسائل المتعلقة به ومن القضايا البارزة التي تناولها المؤلف في هذا الجزء ما يلي :

حفظ القرآن الكريم في عهد محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثم تناول حفظة القرآن الكريم وجامعيه.

الجمع الأول : جمع زيد بن ثابت : ثم شكل هذا الجمع ومحتوياته.

الجمع الثاني : ما قبل عثمان ، شخصية الجامعين ومجموعاتهم.

ثم تناول بعد ذلك موقف الشيعة من نص القرآن الكريم وعلاقة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ مع اليهود والنصارى.

ثم بين موقف النصارى من حقيقة الوحي ونزول القرآن الكريم ثم تناول الصفة المتميزة لتفسير المسلمين للقرآن الكريم ، ثم تناول سبب النزول ، وزعم أن الشعر كان مرجعا تاريخيا للقرآن الكريم.

ثم ختم هذا الجزء بإضافات وتصحيحات من «أوجيست فيشر».

الجزء الثالث : القراءات والرسم القرآني :

ابتدأ هذا الجزء بمقدمة للمراجع «أوتو برتزل» ثم تناول في الفصل الأول

١٨٧

منه النص الساكن زاعما أن هناك أخطاء في النصوص العثمانية ، واختلاف بين النسخ العثمانية وطريقة ضبط الكتابة القرآنية على الوسائل الأولية كالجلود وورق البردي.

أما الفصل الثاني فتناول فيه المؤلف القراءة وأنواعها مبدأ التواتر فيها ، وتنوعها إلى سبع ، عشر ، أربع عشرة قراءة.

ثم تحدث عن خواص القراءات الصحيحة ، واختلافها ومصادرها.

ثم تناول الرسم القرآني ، وطبيعة هذا الرسم وأنواع هذه الخطوط والفواصل بين الآيات وعناوين السور.

ثم ختمها بالحديث عن الطبعات الحديثة للقرآن الكريم.

وما ذكرته عن هذا الكتاب الضخم مجرد إشارات وسبب ذلك لعدم إمكانية ترجمته لضخامته ، ولتعذر من يقوم بهذه المهمة.

والكتاب مليء بالشبهات التي اجترها من بعده المستشرقون والتي تناولتها بالرد خلال بحثي (١).

__________________

(١) للمزيد من المعلومات انظر موسوعة المستشرقين عبد الرحمن بدوي ص ٤١٧ ـ ٤٢٠ والدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية ص ٢٥ ـ ٢٧.

والمستشرقون ٢ / ٣٧٩ ـ ٣٨٢.

١٨٨

الفصل الثاني

مستشرقون كتبوا حول القرآن الكريم

من خلال مؤلفاتهم

المبحث الأول

كتاب عقائد الإسلام ـ لمؤلفه هرمان شتيجلكر

المبحث الثاني

كتاب تاريخ الأدب العربي ـ لمؤلفه كارل بروكلمان

المبحث الثالث

كتاب تاريخ المعتقدات والأفكار الدينية ـ لمؤلفه ميرسيا الياد

المبحث الرابع

كتاب محمد والقرآن ـ تاريخ النبي العربي ودعوته ـ لمؤلفه رودي بارت

المبحث الخامس

كتاب الإسلام والعرب ـ لمؤلفه روم لاندو

المبحث السادس

كتاب حضارة العرب ـ لمؤلفه جوستاف لوبون

المبحث السابع

أسماء مجموعة من مؤلفات المستشرقين حول القرآن الكريم وعلومه

١٨٩
١٩٠

الفصل الثاني

وعنوانه (مستشرقون كتبوا حول

القرآن الكريم من خلال مؤلفاتهم)

هذا نوع آخر من كتابات المستشرقين حول الإسلام والقرآن الكريم وما له صلة بالثقافة العربية ولغة العرب وحضارتهم .. إلخ. فهذه الكتابات بتنوعها لم تترك التعرض للإسلام وكتابه ونبيه عليه الصلاة والسلام فوددت أن أعرف القارئ على الأسلوب الذي ينتهجه المستشرقون في مثل هذه الكتب وكان الغرض تعريفا عاما بالمؤلف والكتاب باختصار أشد من كتب الفصل الأول مركزا الضوء على ما له صلة ببحثي فحسب.

وقد تناولت في هذا الفصل ستة كتب.

١٩١

المبحث الأول

(كتاب عقائد الإسلام)

لمؤلفه «هرمان اشتيجلكر»

مستشرق ألماني الأصل معاصر ، على ما يبدو أنه من رجال الدين المسيحي. أجرى دراسات هذا الكتاب لسنوات طويلة بلغت ثلاثين سنة (١) من جانب الكنيسة.

الكتاب : هدفه ومنهجه :

عنوانه : (عقائد الإسلام) صدر هذا الكتاب في عام ١٩٦٢ م.

وقد ذكر المؤلف أنه أراد بتأليفه لهذا الكتاب أن يعرض عقائد الإسلام كما يراها المسلم بعين عقيدته.

اعتمد المؤلف ـ كما يقول ـ في عرضه لعقائد الإسلام على ما كتبه رجال العقيدة المسلمين القدامى منهم والمحدثون وكان يعرض نظريات الفرق الإسلامية كالأشاعرة ، والمعتزلة ، والاتجاهات الدينية الحديثة ، ويورد على ذلك في غالب الأحيان آيات قرآنية ، ويتبعها بما يتعلق بها من تفسير (٢).

محتويات الكتاب :

يشتمل الكتاب على (٨٣٤) صفحة من القطع الكبيرة عدا ٣٤ صفحة أخرى في أول الكتاب مرقمة بالأرقام الرومانية وينقسم الكتاب إلى فقرات مرقمة على التوالي يصل عددها إلى ١٤٩٨ فقرة. وقد أورد المؤلف الفهرست التفصيلي

__________________

(١) الإسلام في الفكر الغربي ـ زقزوق ـ دار القلم ـ الكويت ص ٢١ ـ ٢٢.

(٢) نفس المرجع ص ٢٢ ـ ٢٣.

١٩٢

للكتاب في عشرين صفحة. سنكتفي هنا ـ على وجه الإجمال ـ بذكر الموضوعات الرئيسية لمضمون الكتاب الذي يتضمن قسمين رئيسيين هما : الإلهيات والنبوات.

أما المسائل التمهيدية تحدث فيها المؤلف بعد المقدمة عن عدة أمور كالنشأة التاريخية لهذا الموضوع.

قسم الإلهيات : وهو قسم لأبواب رئيسية تتناول :

أ ـ صفات الله.

ب ـ أفعال الله.

ج ـ أسماء الله.

أما قسم النبوات : فيتحدث فيه المؤلف عن النبوة بوجه عام وعن الأنبياء بالتفصيل ، ثم تحدث بعد ذلك عن : العقيدة والخطيئة ، والنفس والروح ، والأولياء والكرامات ، والملائكة ، والجن ، وإبليس ، والبعث ، والدار الآخرة ، والموت ، وأحوالهم حتى البعث ، وعلامات الساعة ، والبعث والحساب .. إلخ.

وفي نهاية الكتاب كلمة ختامية للمؤلف ، وكذلك فهرست للأعلام والموضوعات ولم يخصص قائمة لأسماء مراجع الكتاب (١)

جوانب تعرض لها المؤلف لها علاقة بالقرآن الكريم

١ ـ النص القرآني :

ذكر المؤلف عن النص القرآني مبينا ميزته على التوراة والإنجيل بقوله : [يلاحظ هنا أن النص القرآني لا نظير له في وحدته إزاء نص العهد الجديد والعهد القديم أيضا](٢).

٢ ـ قصة الغرانيق :

حاول المؤلف كغيره من المستشرقين نسبة الاضطراب للنص القرآني من حيث

__________________

(١) المرجع السابق ص ٢٢ ـ ٢٤.

(٢) نفس المرجع ص ٢٨.

١٩٣

الزيادة والنقصان بعرضه لقصة الغرانيق وبزعمه أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقع في الشرك بالله. قال المؤلف : إن النبي أضاف إلى قول القرآن «أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ، إنهن الغرانيق العلا. وإن شفاعتهن لترتجى» ويقول المؤلف : إن النبي قد رجع في اليوم التالي عن هذه الإضافة وقال : إنها من الشيطان ووضع مكانها قوله : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى)(١).

ويعلق المؤلف على ذلك قائلا : (لقد أمكن اتهام محمد بطبيعة الحال ـ بناء على هذه الواقعة ـ بأنه قد خرج ـ على الأقل لوقت قصير ـ عن خطه المستقيم في الاعتقاد بإله واحد ، وأنه لهذا قد ارتكب إثما عظيما) (٢).

أما تعليقنا على هذه القصة فسيأتي في موطنه من الرسالة ـ إن شاء الله تعالى ـ.

٣ ـ القرآن وصلب المسيح (عليه‌السلام):

يقول المؤلف في هذه القضية : (إن تبرير ما يدعيه القرآن من بطلان أخبار الإنجيل بشأن صلب المسيح ليست سهلة بالنسبة للمسلم ... فالمسلمون هنا يقفون أمام جدار قوي لا يمكن هدمه ولا تسلقه ولا بد من التغلب عليه إذا أريد الإتيان بدليل على عدم وجود إثبات تاريخي على موت المسيح مصلوبا ..).

ويبين المؤلف بعد ذلك : (إلى أي مدى لا ينبغي للمسلمين ـ في رأيه ـ أن يجرءوا على مهاجمة الآثار والأخبار المسيحية المروية ، وذلك لأن دينهم (أي دين المسلمين) مبني على أخبار ومأثورات مروية) (٣).

والمؤلف ينسى الفرق الشاسع بين القرآن والسنة والإنجيل من حيث ثبوت كل منها. فالقرآن الكريم حفظ وسيحفظ إلى يوم القيامة.

__________________

(١) سورة النجم : ٢١.

(٢) المرجع السابق ص ٤٠ ـ ٤١.

(٣) نفس المرجع ص ٥٠.

١٩٤

قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(١).

والسنة كذلك فالمحدثون الثقات بذلوا جهدهم لإثبات أسانيدها على الوجه الموثوق به لإثبات صحتها. الأمر الذي ليس له نظير على الإطلاق في أخبار الإنجيل ورواياته حيث أصابه التغيير والتبديل والتحريف من أهله بما استحفظوه على كتابهم قال تعالى : (بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ)(٢). والأناجيل عدة بما خطته أيدي الحواريين بعد عشرات السنين على رفع عيسى عليه‌السلام. ولم تحظ بالإسناد والتثبت كما كان ذلك في روايات السنة المطهرة.

لغة القرآن الكريم :

يقول المؤلف : (إن هناك من يرى أن لغة القرآن في ذاتها ليست شيئا غير عادي على الإطلاق ، إذ إنها لا تتميز عن لغة الأدب الدنيوي بعصمة يقينية.

وهذا الأمر يجده المرء في عدم اتفاق أصحاب النبي فيما بينهم على تبعية بعض فقرات معينة للقرآن ، فابن مسعود ـ مثلا ـ يرى أن سورة الفاتحة والمعوذتين ليست من القرآن ، رغم أن هذه السور تعد من أشهر المشهورات) (٣).

وهذه القضية قد علقت عليها في مواطنها من الرسالة.

ملاحظة عامة على الكتاب :

تعرض المؤلف في كتابه لشخصية محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في حوالي ثمانين صفحة معتمدا فيها على الأخبار والأحاديث الضعيفة والموضوعة أو بعرض الأخبار الثابتة بطريقة تعطي غير المراد ، أو إيراد نصوص وأقوال مشكوك فيها ، أو آراء من كتب من المحدثين التي لا يعتد بها.

__________________

(١) سورة الحجر : ٩.

(٢) سورة المائدة : ٤٤.

(٣) نفس المرجع ص ٥١.

١٩٥

والمؤلف لم يذكر أسماء المراجع ، ولا أسماء المؤلفين الذين اقتبس من كتاباتهم واعتمد عليها ؛ لذا فهذا الكتاب لا يعد بهذا العمل علميا منهجيا سليما (١).

__________________

(١) نفس المرجع ص ٤٩ (بتصرف).

١٩٦

المبحث الثاني

كتاب (تاريخ الأدب العربي)

لمؤلفه (كارل بروكلمان)

التعريف بالمؤلف :

ولد «كارل بروكلمان» في ١٧ سبتمبر ١٨٦٨ م في مدينة روستوك بألمانيا كان أبوه تاجرا. درس في المدرسة الثانوية في روستوك ومنها بدأت تظهر ميوله إلى الدراسات الشرقية ، فدرس عدة لغات لها علاقة بالشرق : (كالعربية ، والعبرية ، والسريانية) وهو ما زال طالبا في الثانوي. تلقى «بروكلمان» علوما عدة لها علاقة بالشرقيات على أكثر من مستشرق منهم «فليبي» الذي درس عليه العربية والحبشية في اشتراسبورج ثم الأستاذ «بريتوريوس» الذي تلقى عنه العلوم الشرقية في جامعة (برسلاو) لمدة فصلين دراسيين.

ثم حضر «روس فرينكل» في اللغات الشرقية ، ثم «هلبرنت» في اللغات الهندية الجرمانية. ثم حضر دروس «نولديكه» و «هوبشمن» في اشتراسبورج في اللغة السريانية والأرمنية ، ودروس «ج. دومشمن» في اللغة المصرية القديمة.

وفي سنة ١٨٨٩ ـ ١٨٩٠ م حصل على الدكتوراة في دراسته عن العلاقة بين كتاب (الكامل في التاريخ) لابن الأثير وكتاب (أخبار الرسل والملوك للطبري).

وفي سنة ١٨٩٠ م عين مدرسا في المدرسة البروتستنتية في اشتراسبورج أولا تحت التمرين ، وبعد ذلك مدرسا مساعدا.

وفي سنة ١٨٩٢ م انتقل إلى براسلا وحصل على دكتوراة التأهيل للتدريس

١٩٧

الجامعي ، وقد ألف بروكلمان (المعجم السرياني) الذي صدر سنة ١٨٩٥ م الذي يعتبر أفضل معجم لليوم.

ثم جاء تأليفه لكتاب (تاريخ الأدب العربي) الذي سأعرف به في الصفحات القادمة.

وفي سنة ١٩٠٠ أصبح مدرسا للغة العربية في (معهد اللغات الشرقية) في برلين وفي نفس العام أصبح أستاذا مساعدا في جامعة (برسلاو) وفي سنة ١٩٠٣ أصبح أستاذا ذا كرسي في جامعة كينجزبرج وبقي في هذا المنصب إلى سنة ١٩١٠ م وقد صدر له في هذه الفترة كتاب بعنوان (موجز النحو المقارن للغات السامية).

ثم انتقل لجامعة هله أستاذا ما بين سنة ١٩١٠ م ـ ١٩٢٢ م واعتنى «بروكلمان» باللغة التركية وألف فيها كتابه (كنز اللغة التركية الوسطى تبعا لديوان لغات الترك لمحمود الكاشغري).

وكتاب (نحو اللغة التركية الشرقية الوارد في اللغات المكتوبة الإسلامية في آسيا الوسطى ما بين سنة ١٩٥١ ـ ١٩٥٤ م).

وفي سنة ١٩٣٢ م انتخب مديرا لجامعة برسلاو وتخلى عن المنصب في سنة ١٩٣٣ م لكنه بقي أستاذا فيها ، وفي سنة ١٩٣٥ م تقاعد ، وفي سنة ١٩٣٧ م انتقل لمدينة هله ليستفيد من مكتبة (الجمعية الشرقية الألمانية) لمواصلة الكتابة في كتابه (تاريخ الأدب العربي). وفي سنة ١٩٤٥ م عمل محافظا للمكتبة المذكورة. وفي سنة ١٩٤٧ م عين أستاذا شرفيا ألقى فيها مجموعة من المحاضرات في لغات متعددة كالتركية ، والحبشية ، والقبطية ، والسريانية وغيرها. وفي سنة ١٩٥٣ م تقاعد للمرة الثانية ولكنه واصل التدريس ، وفي سنة ١٩٥٤ م أصيب بنزلة برد توفي بعدها عن عمر يناهز الثمانين عاما (١).

__________________

(١) انظر موسوعة المستشرقين ـ عبد الرحمن بدوي ص ٥٧ ـ ٦٦.

١٩٨

تعريف بالكتاب :

يقع الكتاب في ستة أجزاء تتحدث في علوم العرب وآدابهم في مختلف أزمنتهم وأمكنتهم وفنونهم منذ نشأتها إلى العصر الراهن. وقد سبق «بروكلمان» في هذه المحاولة المستشرق النمساوي «يوسف هامر بورجستاك» في كتاب له في سبعة أجزاء والذي نشره في فينا سنة ١٨٥٠ م ، ثم صنف بعده في نفس الموضوع تقريبا الإنجليزي «أربتنوت» سنة ١٨٩٠ م وكتابه يتسم بالإيجاز المخل. وكتب أكثر من واحد في نفس الموضوع كتابة أقل جودة وشمولا ودقة من كتابة «بروكلمان» الذي أصدر طبعته الأولى لكتابه في مدينة فايمر بألمانيا سنة ١٨٩٨ م. وبعد كتاب «بروكلمان» أخذت كتب الأدب العربي تصدر تباعا في الشرق والغرب والتي تأثرت بمنهجه. والترجمة جاءت للكتاب الأصلي وملاحقه في الطبعتين الأولى والثانية وللزيادات والتصحيحات التي كتبها نفس المؤلف باللغة العربية.

والمترجم للكتاب هو د. عبد الحليم ود / رمضان عبد التواب ود. السيد يعقوب بكر لصالح جامعة الدول العربية ـ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ طبعة دار المعارف ـ مصر.

وفصول الكتاب كما يلي :

الجزء الأول :

تحدث فيه المؤلف عن أدب اللغة العربية من أول نشأته إلى سقوط الأمويين سنة ١٣٢ ه‍ / ٧٥٠ م.

الجزء الثاني :

تحدث فيه المؤلف عن الأدب العربي الإسلامي في عصر النهضة العربية منذ سنة ٧٥٠ م ـ إلى ١٠٠٠ م.

١٩٩

الجزء الثالث :

من تاريخ الأدب العربي وهو من الباب الخامس إلى نهاية الباب السابع.

أما الباب الخامس فقد تحدث فيه عن التاريخ وأهم ما جاء فيه :

أ ـ سيرة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

ب ـ تاريخ المدائن.

ج ـ تاريخ العرب القديم.

د ـ تاريخ الأمم والدول.

ه ـ تاريخ الحضارة والثقافة.

و ـ تاريخ مصر وشمالي إفريقية.

ز ـ تاريخ اليمن.

وتحدث في الباب السادس عن أدب السمر وكتب الثقافة العامة.

وتناول في الباب السابع عن علم الحديث.

أما الباب الثامن فتناول فيه علم الفقه.

الجزء الرابع :

تحدث في هذا الكتاب من الباب الثامن ـ الثامن عشر عن علوم القرآن ، القراءات ، وتفسير القرآن ، وتحدث فيه عن العقائد ، والتصوف ، والفلسفة ، والرياضيات ، وعلم الفلك ، والتنجيم ، والجغرافيا ، والطب ، والموسوعات.

ملاحظة :

وقع خطأ من حيث الباب الثامن عن علوم القرآن ينبغي أن يكون التاسع.

الجزء الخامس :

تناول المؤلف في الكتاب الثاني من الأدب العربي الإسلامي القسم الثاني من عصر ما بعد الفترة القديمة للأدب الإسلامي من نحو سنة ٤٠٠ ه‍ / ١٠١٠ م إلى نحو سنة ٦٥٦ ه‍ / ١٢٥٨ م حيث تناول فيه الشعر ، والنثر الفني ، والبلاغة ، وعلم اللغة.

٢٠٠