آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره - ج ١

د. عمر بن إبراهيم رضوان

آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره - ج ١

المؤلف:

د. عمر بن إبراهيم رضوان


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٠
الجزء ١ الجزء ٢

المبحث الحادي عشر

كتاب (مذاهب التفسير الإسلامي)

لمؤلفه (جولد تسيهر)

التعريف بالمؤلف :

«أجنتس جولد تسيهر» ولد سنة (١٨٥٠ م) بمدينة اشتول فيسنبرج في بلاد المجر من أسرة يهودية. قضى السنين الأولى من سنوات دراسته في بودابست ، ثم ذهب إلى برلين سنة (١٨٦٩ م) فظل بها سنة ، ثم انتقل بعدها إلى جامعة ليبتسك حيث حصل على الدكتوراة في الدراسات الشرقية سنة ١٨٧٠ م بإشراف فليشر. ثم عاد بعد إكمال دراسته إلى بودابست فعين فيها مدرسا مساعدا في جامعتها سنة ١٨٧٢ م.

ثم أرسلته وزارة المعارف المجرية في بعثة دراسية إلى الخارج فاشتغل طوال سنة في فيينا وفي ليدن ، وارتحل بعدها إلى الشرق سنة ١٨٧٣ م ، فأقام بالقاهرة مدة حضر فيها بعض الدروس في الأزهر ثم ذهب إلى سوريا وفلسطين التقى في هذه الرحلة بالشيخ طاهر الجزائري في سوريا ، واستمرت مدة مكوثه في الدول العربية قرابة عشر سنين مما جعله يبرز كأستاذ في الساميات ؛ فعلى إثر ذلك انتخب عضوا مراسلا للأكاديمية المجرية سنة ١٨٧١ م ، ثم عضوا عاملا ١٨٩٢ م ورئيسا لأحد أقسامها في سنة ١٩٠٧ م وخلال هذه المدة سنة ١٨٩٤ م عين أستاذا للغات السامية.

ومنذ ذلك الحين لا يكاد يغادر وطنه ، بل ولا مدينة بودابست إلا لكي يشترك في مؤتمرات المستشرقين ، أو لإلقاء محاضرات في الجامعات الأجنبية استجابة لدعوتها إياه. مات سنة ١٩٢١ م في مدينة بودابست.

١٦١

من أشهر مؤلفاته في القضايا الإسلامية :

١ ـ (الظاهرية مذهبهم وتاريخهم) ظهر سنة ١٨٨٤ :

والكتاب مقدمة في الفقه عامة وإن كان في ظاهره لدراسة هذا المذهب المندرس.

٢ ـ دراسات إسلامية ظهر الجزء الأول منه سنة ١٨٨٩ م والجزء الثاني في سنة ١٨٩٠ م :

والكتاب دراسات حول الحديث النبوي الشريف من حيث تاريخه وتطوره وقد تناول في الجزء الأول (علاقة الوثنية مع الإسلام) ثم تناول في قسم آخر من هذا الجزء (تاريخ تقديس الأولياء في الإسلام وطبيعة هذا التقديس).

٣ ـ محاضرات في الإسلام : وهو كتاب (العقيدة والشريعة) طبع في مدينة هيدلبرج ١٩١٠ م. وقد فند أخطاءه ورد عليه ردا مسهبا أستاذنا الشيخ محمد الغزالي.

٤ ـ اتجاهات تفسير القرآن عند المسلمين : طبع في مدينة ليدن ١٩٢٠ م. وهناك كثير من الكتب الأخرى والأبحاث صرفنا النظر عن ذكرها خوف الإطالة.

التعريف بالكتاب :

يقع هذا الكتاب في (٣٩٦) صفحة عدا الفهارس.

وقد ألف «جولد تسيهر» كتابه (المذاهب الإسلامية في التفسير) تلبية لطلب إحدى اللجان العاملة في حقل التنصير.

فقام بنقله للعربية د. علي حسن عبد القادر ولكن طبعته للكتاب جاءت غير تامة. مما حدا بالدكتور عبد الحليم النجار بترجمة الكتاب كاملا وتعليقه على بعض القضايا الواردة في الكتاب وجاءت مختصرة وغير مستوفاة. وقد طبع الكتاب عدة طبعات وكانت آخرها طبعة دار اقرأ سنة ١٤٠٣ ه‍.

١٦٢

محتوى الكتاب :

قسم المؤلف كتابه إلى ستة فصول :

الفصل الأول :

وعنوانه : (المرحلة الأولى في التفسير):

تحدث المؤلف في هذا الفصل عن تاريخ تكون النص القرآني وعما فيه من اختلاف في القراءات ، وعن الأسباب التي ترجع لها هذه الاختلافات.

وقد وقع المؤلف في أخطاء كثيرة في هذا الفصل دعت الشيخ «عبد الفتاح القاضي» ليتتبع ما يتعلق بالقراءات من شبهات أثارها المؤلف ورد عليها بكتابه (القراءات في نظر المستشرقين).

وكذلك فقد رد على جولد تسيهر أكثر من عالم مختص بالقراءات فيما وقع فيه من أخطاء.

الفصل الثاني :

وعنوانه : (التفسير بالمأثور):

تحدث في هذا الفصل عن التفسير بالمأثور ورجاله وكتبه مركزا على دخول الإسرائيليات لهذا اللون من التفسير ، ومركزا كذلك على تحرج بعض الصحابة من تفسيرهم لكتاب الله سبحانه وقد كان يلقي شكوكا حول رجالات هذا النوع من التفسير كابن عباس ، ومجاهد بن جبر ، وعلي بن أبي طلحة مصورا تناقضهم في الآية الواحدة على أكثر من قول وقد ركز في بحثه على ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وحاول النيل من قدرته اللغوية ، ثم تناول تفسير الطبري وحاول زعزعة الثقة به زاعما أنه حوى المتناقض من الآراء في الآية الواحدة ، كما ذكر أنه مكثر في الأخذ من الإسرائيليات ..

١٦٣

الفصل الثالث :

وعنوانه : (التفسير في ضوء العقيدة «مذهب أهل الرأي»):

ناقش المؤلف في هذا الفصل مشروعية هذا النوع من التفسير وتوقف بعض الصحابة والتابعين من القول في القرآن بآرائهم.

وقد ركز في هذا الفصل على المعتزلة مادحا لهم في أنهم يمثلون أصحاب الفكر الحر ، والاتجاه العقلاني المحمود في التفسير ـ في رأيه ـ واعتبر نواة هذا اللون من التفسير ظهر على لسان مجاهد بن جبر من التابعين ونقلها في تفسيره الإمام الطبري. ثم تناول بعض كتب المعتزلة مثل كتاب الغرر والدرر «أمالي المرتضى» وكتاب (الكشاف) للإمام الزمخشري ، مركزا على مذهبه الاعتزالي وتسخير تفسيره له ، ثم ذكر تعقبات ابن المنير وغيره له.

ثم ذكر موقف المعتزلة من القضايا العقدية واعتبارهم العقل معيار الحقائق الدينية ؛ مما دعاهم لرد بعض الغيبيات كعدم إيمانهم بالسحر والكهانة والجن وكرامات الأولياء ، وتأويلهم آيات الصفات.

وقد ربط بين مذهبهم ومذهب بعض الفرق المسيحية في العقيدة.

الفصل الرابع :

وعنوانه : (التفسير في ضوء التصوف):

تناول في هذا الفصل الصوفيين وبعض الفلاسفة وموقفهم من تفسير القرآن الكريم.

ركز في هذا الفصل على تفسير الصوفية والفلاسفة للقرآن الكريم عن طريق التأويل والرمز وبجعل الآيات لها ظاهرا وباطنا.

وكان تناوله في هذا الفصل منصبا على غلاة الصوفية ومذاهبهم الإلحادية كابن عربي ، والحلاج ، وغيرهم وبعض الفلاسفة كإخوان الصفا وابن سينا ، رابطا بينهم وبين تعاليم أفلاطون اليوناني وبين تعاليم فيلون من اليهود.

١٦٤

وأهم القضايا التي ناقشها في هذا الفصل :

١ ـ تفسير القرآن تفسيرا إشاريا.

٢ ـ موقف الغزالي من هذا اللون من التفسير.

٣ ـ تأويلهم بعض العبادات وبعض الآيات القرآنية وبعض القصص كقصة الفيل لتوافق هذا اللون من التفسير.

٤ ـ ربطهم بين الحروف والأعداد على منهج الباطنية والبابية فيها.

٥ ـ تعرضه لمذاهبهم المنحرفة كالجلال والجمال الإلهيين اللذين دعواهم لمذهب الفناء والحلول والاتحاد والعشق الإلهي الذي يقولون به.

الفصل الخامس :

وعنوانه : (التفسير في ضوء الفرق الدينية):

تناول المؤلف في هذا الفصل مذهب الشيعة والخوارج من تفسير القرآن الكريم ؛ فأهم القضايا التي عرضها في هذا الفصل ما يلي :

١ ـ محاولة تصويب كل طائفة عقائدها وتفاسيرها من القرآن الكريم. ومتعرضا للخلاف بينهم وبين أهل السنة.

٢ ـ قدح الشيعة في سلامة النص العثماني للقرآن الكريم كاتهام النص بالنقصان ، ومحاولة شيعة بغداد سنة ٣٩٨ ه‍ نشر نص للقرآن الكريم خاص بهم حيث تم حرقه.

٣ ـ ترتيب القرآن ترتيبا زمنيا من قبل الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ وعقبة بن عامر ترتيبا يخالف ترتيب المصحف العثماني.

٤ ـ محاولة إثبات وجود نسخ من مصاحف خاصة ببعض الصحابة ، في أماكن متعددة مع إثبات مخالفتها للنص العثماني.

١٦٥

٥ ـ تعرض لمنهج الشيعة في التفسير واعتبارهم : تفسير الأئمة من آل البيت أرفع مصادر التفسير.

ضرورة انتهاء أسانيد التفسير عندهم إلى واحد من أهل البيت أو أحد الأئمة.

ابتداعهم قراءات قرآنية خاصة بهم لتوافق مذهبهم.

اختلاق آيات موافقة لمذهبهم ووضعها في بعض السور. وادعاء وجود سور خاصة بهم غير سور القرآن الحالية.

حملهم بعض صفات الذم وبعض المبهمات في القرآن على بعض الصحابة للتشنيع عليهم مثل : تفسيرهم المغضوب عليهم والضالين في سورة الفاتحة بالأمويين.

استخدامهم أسلوب الرمز والكناية وحمله على بعض الصحابة.

تأويلهم الآيات القرآنية لخدمة مذهبهم وعقائدهم.

كون الشيعة محضن بعض الفرق المغالية كالإسماعيلية ، ولبعض الفرق الباطنية المنحرفة كالبابية وغيرها.

أما بالنسبة للخوارج فكانت وقفته معهم في قضايا محدودة منها :

ـ نشأتهم. ـ الإشارة إليهم في القرآن.

ـ محاولة إيجاد إشارات قرآنية تصوب أفعالهم وحربهم للإمام علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وتصويب قتله على يد ابن ملجم وتبرر خروجهم بعد ذلك من بين المسلمين كفرقة مستقلة.

وكان جل غاية «جولد تسيهر» أن يثبت أن القرآن مضطرب وهو ما زعمه في أول كتابه. فيه خلل تنسيقي وتجميعي للنصوص من عند أهل الإسلام أنفسهم وكذلك محاولة برهنته أن التفسير في المرحلة الأولى خاصة وضع كعمل مذهبي يخدم صالح الفرق والطوائف الإسلامية المختلفة.

١٦٦

الفصل السادس :

وعنوانه : (التفسير في ضوء التمدن الإسلامي):

ركز المؤلف هذا الفصل على الإجابة على سؤال طرحه وهو :

هل الإسلام وحياة الحضارة في التمدن الحديث ضدان على طرفي نقيض غير قابلين لتسوية أو توفيق؟

فذكر أن خير من يمثل الإجابة عن سؤاله فئتان :

الأولى : نشأت في الهند بقيادة مؤسسها سيد أمير علي ، وأحمد خان بهادر.

والثانية : نشأت في مصر وهي بقيادة الشيخ جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده.

وقد سمى «جولد تسيهر» أصحاب هذا الاتجاه (بالمعتزلة المحدثين).

وأهم القضايا التي ناقشها «جولد تسيهر» في هذا الفصل ما يلي :

أ ـ عرض لأفكار المدرسة الهندية المتلخصة فيما يلي :

١ ـ أن الإسلام يشجع الحضارة بشرط التحرر في فهمه وترك الجمود.

٢ ـ أحكام المعاملات عندهم ليست خالدة بل يراعى فيها الزمن.

٣ ـ عدم أخذهم بالحديث النبوي الشريف.

٤ ـ إنكارهم لحجية الإجماع.

٥ ـ إخراج هذه الطائفة (الهندية) القرآن مترجما للإنجليزية على الترتيب الزمني.

٦ ـ تأليف أحمد خان بهادر تفسيرا للقرآن اتجه فيه لإثبات النسخ.

ب ـ أما أهم القضايا التى عرضها في المدرسة المصرية :

١٦٧

١ ـ حاول «جولد تسيهر» أن يوازن ويقارن بينها وبين المدرسة الهندية.

٢ ـ نشاط كل من الشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده السياسي والديني ومتعرضا لأهم أفكارهم التي تبنوها ودافعوا عنها والتي منها :

أ ـ أن الإسلام دين عالمي صالح لجميع الشعوب والأزمان وملابسات الحضارة.

ب ـ أن الإسلام لا ينافي المدنية الحديثة إلا في بعض المسائل كالربا.

ج ـ انحطاط المسلمين في نظر أصحاب هذه المدرسة عائد لجمودهم على المذاهب الأربعة. لذا فيجب عندهم الرجوع للكتاب والسنة مباشرة ولعمل السابقين من المسلمين فحاربوا التقليد وفتحوا باب الاجتهاد.

ـ محاربتهم للبدع والخرافات وتقديس الأولياء مما جعلهم قريبي النهج من المذهب الوهابي ـ حسب تعبيره ـ.

ـ تأثرهم بكتب ابن تيمية وابن القيم ، وبالغزالي في بعض النواحي.

د ـ دعوتهم لفكرة المؤتمر الإسلامي.

ه ـ مقاومتهم لحملات المنصرين المسيحيين.

و ـ ثم تناول بعد ذلك لمنهج الشيخ محمد عبده في تفسير القرآن منها :

١ ـ مراعاة الفواصل في القرآن لا تجيز عنده تقديم ما حقه التأخير.

٢ ـ القرآن لا يحتوي على ما يعارض العلم.

٣ ـ بيان سنن العمران الثابتة في القرآن.

٤ ـ علاقة القرآن بعلم الطبيعيات ، وعلوم الكون ، والفنون وعلوم الصناعات.

٥ ـ تسخير الآراء الأوربية لخدمة منهجه في التفسير.

١٦٨

٦ ـ تأويلهم بعض الآيات خلاف الفهم الإسلامي كتفسير الجن بالميكروبات.

٣ ـ ثم ذكر المؤلف موقف هذه المدرسة من بعض القضايا الإسلامية :

كتعدد الزوجات ، المساواة الأدبية بين الرجل والمرأة ، الإسلام الحقيقي دين العقل.

ولخطورة هذا الكتاب وما حوته فصوله من مادة فقد وقفت معه طويلا في الباب الأخير من الرسالة باب التفسير ووقفت معه كذلك وقفات في موقفه من القراءات القرآنية وغيرها من المواطن التي يرجع إليها في مواطنها من الرسالة.

١٦٩

المبحث الثاني عشر

كتاب المصادر وطرق لتفسير الكتاب المقدس

لمؤلفه (ج. فانسبرف)

التعريف بالمؤلف :

لم أجد له ترجمة.

التعريف بالكتاب :

هذا الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات تدور حول مصادر التفسير للقرآن الكريم وأنواعه وطرقه ، وقد تطرق المؤلف في الكتاب لثلاث قضايا أساسية هي : النص القرآني ـ النبوة ـ اللغة العربية.

وموضوع الكتاب الأساسي تطور التفسير القرآني ، وقد وضع المؤلف عناوين فصوله التي هي ألوان من التفسير عند المسلمين بأسماء يهودية كتسمية التفسير القصصي بالتفسير الهاجادي .. إلخ.

وقد جاء الكتاب في مقدمة وخمسة فصول. وقد ألف هذا الكتاب من ضمن سلسلة الدراسات الشرقية في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن التي أوفدت المؤلف في إجازة علمية لاسطنبول لتأليف هذا الكتاب الذي جاء بعنوان دراسات قرآنية والذي وضعت مسوداته سنة ١٩٧٢ م. وقد تحملت الجامعة نفقات نشره. وقامت على طباعته دار جامعة أكسفورد للطباعة والنشر ، وقرأه وعلق عليه «سيمون هو بكنز» أحد طلاب المؤلف.

١٧٠

وقد جاءت فصول الكتاب على الإيجاز كما يلي :

الفصل الأول :

وعنوانه : (التنزيل) :

أ ـ الوثيقة.

ب ـ تركيبها.

الفصل الثاني :

وعنوانه : (رمز استشارات النبوة).

الفصل الثالث :

وعنوانه : (أصول اللغة العربية الكلاسيكية).

الفصل الرابع :

وعنوانه : (مبادئ التفسير ـ ألوانه).

الفصل الخامس :

وعنوانه : (المجاز والاستعارة والبيان).

ثم ختمه بقائمة فهارس لتخدم الكتاب.

مقدمة الكتاب :

ذكر المؤلف في مقدمته أن الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات ثم ذكر أن الاختلاف في كون القرآن كتابا مقدسا أمر لا مبرر له. واعتبره وثيقة للوحي قابلة للتحليل بواسطة الأدوات والأساليب المستخدمة في نقد الكتب السماوية.

ولكنه ذكر أن الذي منع من ذلك الصعوبات العقائدية. وأنماط الكتابة القديمة. ولكن مع هذا فهو سيقوم بدراسته مبتدئا بجانب العقيدة وأنه سيدرس موضوع التوحيد الإسلامي من خلال تقسيم ثلاثي لمكوناته الأساسية.

١٧١

١ ـ الوثيقة (النص القرآني).

٢ ـ النبوة.

٣ ـ اللغة الدينية.

والمؤلف كان يأمل أن تكون هذه الدراسة مدخلا لدراسته لمادة (تطور التفسير القرآني).

وقد تحدث المؤلف في هذا الفصل عن دور البيئة في التأثير على نشوء الديانات الكبرى الثلاث : اليهودية ، والنصرانية ، والإسلام. ودور هذه الوثيقة في إبراز مجتمع ديني ثم ذكر الوظائف العامة للكتاب المقدس وقسمها إلى أربعة وظائف مرتبة حسب الأهمية وحسب الترتيب الزمني في الظهور.

١ ـ وظائف جدلية.

٢ ـ وظائف مرتبطة بالطقوس.

٣ ـ وظائف تعليمية تهذيبية.

٤ ـ وظائف تشريعية.

ثم ذكر أنواع التفسير التي طرقها وربط أسماءها بمسميات يهودية مثل :

١ ـ التفسير الهاجادي (القصصي).

٢ ـ التفسير الهالاخيكي (الموضوعي).

٣ ـ التفسير المازورتيكي (اللغوي).

ثم ذكر بعد ذلك الجهة التي أوفدته لتركيا للقيام بهذا المؤلف وهي مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن. وقد تحملت عنه كامل نفقاته ونفقات نشره ، ثم ذكر من علق عليه.

١٧٢

الفصل الأول :

وعنوانه : (التنزيل):

المبحث الأول : الوثيقة :

تحدث في هذا المبحث عن أول نشأة وثيقة التنزيل بانفصالها عن الكلام النبوي واستقلالها وأخذها شكل الشرعية معتمدا في تجميعها على مجموعة مصاحف الصحابة التي كانت كأشكال من المخطوطات التي جمع منها النص القرآني. ثم ذكر دور عنصر التجميع والمواءمة في جعل النص متماسكا تارة وغير مترابط تارة أخرى خاصة في جانب القصص. ومثل على ذلك بسورة يوسف ـ عليه‌السلام ـ التي وصفها بأنها غير واضحة ، والتي يلمع فيها بين فترة وأخرى إضافة بعض الروايات لإظهارها بشكل أكثر تماسكا وهي نظرية التكميلات البديلة عند «بل» وقد ذكر أن ألوان التفسير المختلفة هي التي كانت تغطي على هذا الخلل ثم ذكر بعض الأفكار التي كانت تعالجها الآيات القرآنية واختلافها عن الأفكار في المادة القصصية ، ثم مثل على ذلك بعدة أمثلة كقصة سليمان ـ عليه‌السلام ـ وفكرة الثواب والعقاب .. إلخ ومحاولة ربطها ببعض المصادر غير الإسلامية.

ثم تحدث عن مصادر بعض النصوص القرآنية وأنها مستمدة من النصوص التوراتية الإنجيلية كاستخدام لفظ عاد ، إبراهيم ، ثمود ، أو من مصدر وثني كاستخدام أيام العرب. كما أجهد المؤلف نفسه بإثبات التحريف في القرآن الكريم ومعتبرا مادة التفسير نمطا من أنماط الأدب العربي ، وأنه معدل من مواد الأدب العربي وانعكاس لبعض أساليب كانت معروفة في عصره كأسلوب الكهان مثلا ، ثم تناول الاختلاف الحاصل في النص القرآني نتيجة القراءات القرآنية وأن فيه لغات غير عربية ثم حاول إثبات أن القرآن محاكاة لغيره من الكتب في اللغة وغير ذلك.

ثم زعم المؤلف أن الإنجيل أفضل من القرآن من ناحية النحو والصرف إلى غير ذلك من الافتراءات.

١٧٣

المبحث الثاني : تركيب التنزيل أو نظمه :

ذكر المؤلف في هذا المبحث أن القرآن عبارة عن نمط من الأنماط الأدبية المستقرة. وبالمقارنة بينه وبين التوراة نجد نوعا من المحاكاة لكنها لا تؤدي في النهاية إلى توافق تام ثم ذكر نزول القرآن على مرحلتين :

المرحلة الأولى : إلى السماء الدنيا.

المرحلة الثانية : إلى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

ثم ذكر أغراض المرحلة الثانية وتتلخص في :

١ ـ الدلالة على كون محمد نبيا.

٢ ـ احتواء القرآن على ناسخ ومنسوخ.

٣ ـ تحول العرب من الوثنية للإسلام هو الذي أدى إلى نزول القرآن حسب الحاجة والظروف.

وبعد هذا توصل أن القرآن كان بتأليف رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثم حاول التشكيك في سلامة النص القرآني وذلك لعدم الترابط بين فقراته ، وكثرة ما فيه من التكرار وزعم المؤلف أن المجاز في القرآن طراز بدائي وأن سبب أسلوبه البياني البلاغي بسبب التأليف والتركيب الشفاهي للنص وأن الأسلوب القرآني استخدم كثيرا الأساليب التي كانت موجودة في بيئته كالاستعارة ، ولغة الشعر التقليدية.

وقد هاجم المؤلف عثمان ـ رضي الله عنه ـ لحرقه مصاحف الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ.

الفصل الثاني :

وعنوانه : (رموز وإشارات النبوة):

تحدث المؤلف في هذا الفصل عن عالمية الدعوة الإسلامية ، واحتواء القرآن للغات أخرى ، ثم تحدث بعد ذلك عما سبق مقدمات الوحي الرؤيا الصادقة ثم

١٧٤

أسهب بعد ذلك في الحديث عن الإعجاز القرآني وبعض المذاهب فيه كقولهم :

١ ـ إن إعجاز القرآن كان بصرف الناس عن الإتيان بمثله وإن الإعجاز كان بما حواه من أخبار عن الغيب.

٢ ـ وإن الإعجاز كان بما امتاز به نظمه من براعة التأليف وحسن النظم ، وبراعة شكله اللغوي.

كما ذكر أن بعضهم حاول تقويم الكتاب من الناحية الأخلاقية وإظهار تميز هذا الجانب على الجانب الجمالي السابق الذكر.

ثم عقد فصلا قارن فيه بين الإعجاز في القرآن الكريم وبين الكتب المقدسة السابقة.

الفصل الثالث :

وعنوانه : (أصول اللغة العربية الكلاسيكية):

عقد هذا الفصل عن اللغة العربية التي تكونت منها مادة القرآن الكريم ، وما زودت به هذه اللغة القرآن من استعارات وتمثيل ومجاز وتشبيهات ، وتنوع في الأساليب ، وفي الإيقاعات الشعرية التي كانت موجودة مما جعل القرآن الكريم يرقى إلى حد أعجز الخلق عن الإتيان بمثله.

وقد اعتبر «فانسبرف» اللغة العربية لغة مقدسة لاستخدامها لخدمة التنزيل (خاصة) والإسلام عموما.

الفصل الرابع :

وعنوانه : (مبادئ التفسير):

تحدث المؤلف في هذا الفصل عن الإسلام ، وصلته بالقرآن ، والنبي ، واللغة المقدسة كعوامل ارتبط بها خلال فترة نموه وتطوره.

ثم تحدث عن أنواع التفسير وتطورها في خلال عدة مراحل ووضع لدراسته

١٧٥

معايير خاصة به مراعيا في ذلك أسلوب كل تفسير ووظيفته مما أدى لظهور ألوان من التفسير منها :

١ ـ التفسير الهاجادي (القصصي التلمودي).

٢ ـ التفسير الهالاخيكي (الموضوعي).

٣ ـ التفسير المازورتيكي (اللغوي).

٤ ـ التفسير البياني البلاغي.

٥ ـ التفسير المجازي الاستعاري.

ثم ذكر أن هذه الأنواع تتداخل وأن الأربعة الأولى منها يمكن أن ترتب زمنيا وأن كثيرا من هذه الأنواع دخلها الانتخاب والاختيار والتنظيم لوجود الروايات التفسيرية المختلفة المتعارضة.

وقد وضع لدراسته هذه نقاطا راعاها في هذه الأنواع التفسيرية منها :

١ ـ القراءات المختلفة.

٢ ـ الشعر.

٣ ـ التفسير على أساس المفردات.

٤ ـ التفسير على أساس النحو والصرف.

٥ ـ التفسير البياني.

٦ ـ الإسهاب أو الإطناب.

٧ ـ قياس التمثيل أو التشابه الجزئي.

٨ ـ النسخ.

٩ ـ الظروف الخاصة بالتنزيل.

١٠ ـ المماثلة أو المطابقة.

١١ ـ الحديث النبوي.

١٢ ـ الحكاية النادرة.

١٧٦

ثم بعد ذلك تحدث عن ألوان التفسير التي سبق ذكرها. فابتدأ بالحديث عن :

١ ـ التفسير التلمودي (القصصي):

فذكر أن بداية نشأته كان على يد التابعي «مقاتل بن سليمان» وأنه غلب عليه الموضوعية ولكنه اعتنى كذلك بالتفسير القصصي وضرب على ذلك ذكره لقصة قريش وطرحها الأسئلة الثلاثة على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لتعجيزه واختبار صدقه. ولا شك أن هذه القصة عليها طابع الروايات الإسرائيلية حيث هي صادرة عن اليهود ، ثم ذكر أن مقاتلا ـ رحمه‌الله ـ من هذه القصة اعتنى بما يلي :

١ ـ بأسباب النزول.

٢ ـ توضيحه المعاني من اللغة.

٣ ـ اهتمامه بالتفسير الموضوعي.

٤ ـ طرح أسئلة متوقعة والإجابة عليها.

٥ ـ التكرار.

٦ ـ عدم وجود أدوات الربط.

٧ ـ توجيه الحوار.

٨ ـ تكراره لوحدات معينة صغرى كان يحدد توزيعها حسب طبيعة النص القرآني لكنها يمكن أن تعتبر شيئا ثابتا في البنية الشاملة للنص وهذه العبارات كانت تعتبر ركيزة للتفسير الهاجادي ، والتفسير الموضوعي اللغوي.

٢ ـ التفسير التأويلي ناقشه تحت عنوان (الحاجة إلى التفسير)

وأهم ما جاء فيه ما يلي :

قال المؤلف : [ظهرت الحاجة إلى الطريقة الهامشية في عمل المفسرين الهاجاديين وقد وصفها «فيرس» بأنها التفسير التطبيقي (الخالص) إلا أن المؤلف ركز على أن المصطلحات التفسيرية مرتبطة بالروايات اليهودية وكذلك الحروف المقطعة في أوائل السور مأخوذة من سفر الرؤيا ، وأن النقد البلاغي البياني الذي

١٧٧

ظهر في نهاية القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) كان مأخوذا من الأدب الوثني. وأن تفسير القرآن بظاهر وباطن كان تبعا لتفسير التوراة. وذكر أن نقطة الانطلاق لجميع أنواع التفسير كان من علومه الثلاثة المحكم ، والمتشابه ، والمنسوخ المذكور في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ)(١) وأن هذه الأنواع موجودة في اليهودية].

ثم تحدث بعد ذلك لدراسة الفرق بين التفسير والتأويل وأن أهم ما يفرق بينهما أن التفسير يعتمد الرواية أما التأويل فلا يعتمدها.

وقد ذكر في هذا الفصل أنه مما يلاحظ على أسلوب التفسير الهاجادي :

١ ـ التفسيرات المباشرة.

٢ ـ عدم الإسناد.

ثم ناقش مجموعة من الكتب وأسلوب أصحابها فيها أمثال :

١ ـ رسالة في الفصاحة لابن المقفع.

٢ ـ رسالة في القدر وهي تنسب للحسن البصري.

٣ ـ رسالة لمقاتل ذكرها أبو الحسن الملطي في كتابه (التنبيه والرد).

٣ ـ التفسير الهالاخيكي (الموضوعي):

اعتنى هذا النوع من التفسير بتتبع فكرة معينة ، أو موضوع معين فيستطرد في ذلك ومثل على ذلك بتتبع «مقاتل بن سليمان» لموضوع الجهاد في حوالي (٥٠٠) آية. وقد ذكر أن هذا القسم يتألف من (١٨) فقرة تحتوي على (٢٩) آية عالج فيها ستة أفكار رئيسية :

١ ـ الغرض الإلهي الذي من أجله أوجب القتال مثل سورة (٢) آية (٢١٦).

__________________

(١) سورة آل عمران (٧).

١٧٨

٢ ـ الثواب نتيجة للقتال في سبيل الله ٦١ : ٤.

٣ ـ الوفاء بعهد الله ٩ : ١١١.

٤ ـ الاستشهاد وجزاؤه ٢ : ١٥٤.

٥ ـ التأييد الإلهي ضد العدو ٨ : ١٥ ـ ١٦.

٦ ـ توزيع الغنائم ٨ : ٤١.

ولكن مناقشة «مقاتل» للموضوع كانت غير منهجية وطريقته غير مكتملة وذلك لخدمة بعض الأمور المهمة كبعض المسائل التشريعية المرتبطة بموضوع الجهاد مثل : الأمان ، والالتزام بالعهود وقد ناقش مقاتل في ثنايا هذا الموضوع موضوعات أخرى كالصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والعمرة ، والمظالم ، وغير ذلك.

٤ ـ التفسير المازورتيكي (اللغوي):

عرف المازورة باللغة القرآنية أو المفردة القرآنية وهي أحد مكونات التفسير اللغوي. عالج المؤلف هذا اللون من التفسير من خلال ثلاثة عناصر :

١ ـ التفسير اللفظي المعجمي.

٢ ـ التحليل النحوي الصرفي.

٣ ـ ومن خلال عدد من القراءات المختلفة والمتفق عليها ، وذكر أن تفصيل ذلك كان يتطلب أداتين تفسيريتين هما :

١ ـ القياس النصي.

٢ ـ الإسهاب والإطناب والشرح إلى جانب تقديم الشواهد والأدلة من الشعر العربي.

ثم ذكر بعض الحروف الزوائد على المصحف العثماني مثل كلمة (صالحة) في سورة الكهف في قوله تعالى : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ

١٧٩

[صالحة](غَصْباً)(١) ونسبها لأبي بن كعب ؛ لإثبات وجود مصاحف مخالفة للنسخة العثمانية وتشير إلى التطور التاريخي لأدب المصاحف. وقد أشار إلى أن بعضهم اعتبرها شرحا تفسيريا فحسب ، أو قراءة شاذة ثم استطرد بعدها في الحديث عن أنواع القراءات (متواتر ، مشهور ، آحاد ، شاذ) وعلى عددها (سبع ، عشر ، أربع عشرة).

ثم تحدث عن المتشابهات وظهورها نتيجة هذا اللون من التفسير وذلك بتحديد وتعيين المعاني المتجانسة والمتعددة والمترادفة.

وذكر موقف الكسائي منها واعتبر مقارنة المتشابهات تعكس مقدار إدراك المازوريتيين ، وضرب على ذلك بعض الأمثلة.

كما أنه ذكر أن أحدث محاولة لتحليل المعجم اللغوي للكتاب المقدس للمسلمين تستند إلى دراسات خاصة بتطور الألفاظ كما حاول المؤلف أن يشكك في مسائل : «نافع بن الأزرق» التي كانت تمثل شروحات معجمية ـ كما سماها المؤلف ـ ثم تحدث عن أهمية الشعر لتغذية هذا اللون من التفسير ، ثم نقل أمر التعريب الذي تواردت عليه اللغات أو نقل للعربية من غيرها ذاكرا كتاب (اللغات في القرآن) المنسوب لابن عباس.

كما ذكر اهتمام السلف بتعريب القرآن ثم تحدث عن الانتقال من الحصيلة التقليدية إلى طريقة منهجية جذرية على يد السجستاني وابن قتيبة. ثم ذكر أن الأكثر أهمية بالنسبة للمازورة القرآنية من القراءات المختلفة والشرح المعجمي التحليلي النحوي الصرفي ، والتحليل النبوي اللذين يمثلهما المبدأ التفسيري حول التقدير (المجاز) ثم ذكر من اهتم بالمجاز كأبي عبيدة في كتابه (مجاز القرآن).

ثم ساق بعض الأمثلة على المجاز متعرضا لموضوع سلامة القرآن من النقص وأن «أبا عبيدة» كان له إسهام طيب في إظهار عدم الاضطراب في النص في

__________________

(١) سورة الكهف (٧٩).

١٨٠