مائة مبحث ومبحث في ظلال دعاء أبي حمزة الثمالي

الشيخ جبّار جاسم مكّاوي

مائة مبحث ومبحث في ظلال دعاء أبي حمزة الثمالي

المؤلف:

الشيخ جبّار جاسم مكّاوي


المحقق: عبدالحليم عوض الحلّي
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: بنياد پژوهشهاى اسلامى آستان قدس رضوى
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-971-683-1
الصفحات: ٤٥٧

فَضايِحي عُيُونَ الْعِبادِ ، وَاَمَرْتَ بي اِلَى النّارِ ، وَحُلْتَ بَيْني وَبَيْنَ الْاَبْرارِ ، ما قَطَعْتُ رَجائي مِنْكَ ، وَما صَرَفْتُ تَأميلي لِلْعَفْوِ عَنْكَ ، وَلا خَرَجَ حُبُّكَ مِنْ قَلْبي.

اَنَا لا اَنْسى اَيادِيَكَ عِنْدي ، وَسِتْرَكَ عَلَيَّ في دارِ الدُّنْيا ، سَيِّدي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاَخْرِجْ حُبَّ الدُّنْيا مِنْ قَلْبي ، وَاجْمَعْ بَيْني وَبَيْنَ الْمُصْطَفى وَآلِهِ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، [وَ : خ] خاتَمِ النَّبِيّينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَانْقُلْني اِلى دَرَجَةِ الَّتوْبَةِ اِلَيْكَ ، وَاَعِنّي بِالْبُكاءِ عَلى نَفْسي ، فَقَدْ اَفْنَيْتُ بِالتَّسْويفِ وَالاْمالِ عُمْري ، وَقَدْ نَزَلْتُ مَنْزِلَةَ الاْيِسينَ مِنْ خَيْري ، فَمَنْ يَكُونُ اَسْوَأ حالاً مِنّي إنْ اَنَا نُقِلْتُ عَلى مِثْلِ حالي اِلى قَبْري ، لَمْ اُمَهِّدْهُ لِرَقْدَتي ، وَلَمْ اَفْرُشْهُ بِالْعَمَلِ الصّالِحِ لِضَجْعَتي؟! وَمالي لا اَبْكي وَلا اَدْري اِلى ما يَكُونُ مَصيري ، وَاَرى نَفْسي تُخادِعُني ، وَاَيّامي تُخاتِلُني ، وَقَدْ خَفَقَتْ عِنْدَ رَأسي اَجْنِحَةُ الْمَوْتِ ، فَمالي لا اَبْكي؟! اَبْكي لِخُرُوجِ نَفْسي ، اَبْكي لِظُلْمَةِ قَبْري ، اَبْكي لِضيقِ لَحدي ، اَبْكي لِسُؤالِ مُنْكَر وَنَكير اِيّايَ ، اَبْكي لِخُرُوجِ مِنْ قَبْري عُرْياناً ذَليلاً حامِلاً ثِقْلي عَلى ظَهْري ، اَنْظُرُ مَرَّةً عَنْ يَميني وَاُخْرى عَنْ شِمالي ، اِذِ الْخَلائِقِ في شَأن غَيْرِ شَأني ، (لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ) (١) وَذِلَّةٌ.

سَيِّدي عَلَيْكَ مُعَوَّلي ، وَمُعْتَمَدي وَرَجائي وَتَوَكُّلي ، وَبِرَحْمَتِكَ تَعَلُّقي ، تُصيبُ بِرَحْمَتِكَ مَنْ تَشاءُ ، وَتَهْدي بِكَرامَتِكَ مَنْ تُحِبُّ ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما نَقَّيْتَ مِنَ الشِّرْكِ قَلْبي ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى بَسْطِ لِساني ، اَفَبِلِساني هذَا الْكالِّ اَشْكُرُكَ ، اَمْ بِغايَةِ جُهْدي في عَمَلي اُرْضيكَ؟! وَما قَدْرُ لِساني يا رَبِّ في جَنْبِ شُكْرِكَ ، وَما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ عبس : ٣٧ ـ ٤١.

٢١

قَدْرُ عَمَلي في جَنْبِ نِعَمِكَ وَاِحْسانِكَ اِليّ؟! إلّا اِنَّ جُودَكَ بَسَطَ اَمَلي ، وَشُكْرَكَ قَبِلَ عَمَلي. سَيِّدي اِلَيْكَ رَغْبَتي ، وَاِلَيْكَ رَهْبَتي ، وَاِلَيْكَ تَأميلي ، وَقَدْ ساقَني اِلَيْكَ اَمَلي ، وَعَلَيْكَ يا واحِدي عَكَفَتْ هِمَّتي ، وَفيـما عِنْدَكَ انْبَسَطَتْ رَغْبَتي ، وَلَكَ خالِصُ رَجائي وَخَوْفي ، وَبِكَ أَنِسَتْ مَحَبَّتي ، وَاِلَيْكَ اَلْقَيْتُ بِيَدي ، وَبِحَبْلِ طاعَتِكَ مَدَدْتُ رَغْبَتي.

يا مَوْلايَ ، بِذِكْرِكَ عاشَ قَلْبي ، وَبِمُناجاتِكَ بَرَّدْتُ اَلَمَ الْخَوْفِ عَنّي ، فَيا مَوْلايَ وَيا مُؤَمَّلي ، وَيا مُنْتَهى سُؤْلي ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَفَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَ ذَنْبِيَ الْمانِعِ لي مِنْ لُزُومِ طاعَتِكَ ، فَاِنَّما اَسْاَلُكَ لِقَديمِ الرَّجاءِ فيكَ ، وَعَظيمِ الطَّمَعِ مِنْكَ ، الَّذي اَوْجَبْتَهُ عَلى نَفْسِكَ مِنَ الرَّأفَةِ وَالرَّحْمَةِ ، فَالْاَمْرُ لَكَ ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ ، وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيالُكَ وَفي قَبْضَتِكَ ، وَكُلُّ شَيْي خاضِعٌ لَكَ ، تَبارَكْتَ يا رَبَّ الْعالَمينَ.

اَللّهمَّ فارْحَمْني اِذَا انْقَطَعَتْ حُجَّتي ، وَكَلَّ عَنْ جَوابِكَ لِساني ، وَطاشَ عِنْدَ سُؤالِكَ اِيّايَ لُبّي ، فَيا عَظيمَ يُرجى لِكُلِّ عَظيمٍ ، أنْتَ رَجائي فلا تُخَيِّبْني اِذَا اشْتَدَّتْ فاقَتي ، وَلا تَرُدَّني لِجَهْلي ، وَلا تَمْنَعْني لِقِلَّةِ صَبْري. اَعْطِني لِفَقْري ، وَارْحَمْني لِضَعْفي. سَيِّدي عَلَيْكَ مُعْتَمَدي وَمُعَوَّلي ، وَرَجائي وَتَوَكُّلي ، وَبِرَحْمَتِكَ تَعَلُّقي ، وَبِفَنائِكَ اَحُطُّ رَحْلي ، وَبِجُودِكَ اَقْصِدُ طَلِبَتي ، وَبِكَرَمِكَ اَيْ رَبِّ اسْتَفْتِحُ دُعائي ، وَلَدَيْكَ اَرْجُو فاقَتي [ضِيافَتِي خ ل] ، وَبِغِناكَ اَجْبُرُ عَيْلَتي ، وَتَحْتَ ظِلِّ عَفْوِكَ قِيامي ، وَاِلى جُودِكَ وَكَرَمِكَ اَرْفَعُ بَصَري ، وَاِلى مَعْرُوفِكَ اُديمُ نَظَري ، فَلا تُحْرِقْني بِالنّارِ وَاَنْتَ مَوْضِعُ اَمَلي ، وَلا تُسْكِنِّىِ الْهاوِيَةَ فَاِنَّكَ قُرَّةُ عَيْني. يا سَيِّدي ، لا تُكَذِّبْ ظَنّي بِاِحْسانِكَ وَمَعْرُوفِكَ فَاِنَّكَ ثِقَتي وَرَجائي ، وَلا تَحْرِمْني ثَوابَكَ فَاِنَّكَ الْعارِفُ بِفَقْري.

٢٢

اِلهي ، اِنْ كانَ قَدْ دَنا اَجَلي وَلَمْ يُقَرِّبْني مِنْكَ عَمَلي ، فَقَدْ جَعَلْتُ الاْعْتِرافَ اِلَيْكَ بِذَنْبي وَسائِلَ عِلَلي. اِلهي اِنْ عَفَوْتَ فَمَنْ اَوْلى مِنْكَ بِالْعَفْوِ ، وَاِنْ عَذَّبْتَ فَمَنْ اَعْدَلُ مِنْكَ فِي الْحُكْمِ؟! اَللّهمَّ فَارْحَمْ في هذِهِ الدُّنْيا غُرْبَتي ، وَعِنْدَ الْمَوْتِ كُرْبَتي ، وَفِي الْقَبْرِ وَحْدَتي ، وَفِي اللَّحْدِ وَحْشَتي ، وَاِذا نُشِرْتُ لِلْحِسابِ بَيْنَ يَدَيْكَ ذُلَّ مَوْقِفي ، وَاغْفِرْ لي ما خَفِيَ عَلَى الاْدَمِيّينَ مِنْ عَمَلي ، وَاَدِمْ لي ما بِهِ سَتَرْتَني ، وَارْحَمْني صَريعاً عَلَى الْفِراشِ تُقَلِّبُني اَيْدي اَحِبَّتي ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ مَمْدُوداً عَلَى الْمُغْتَسَلِ يُقَلِّبُني صالِحُ جيرَتي ، وَتَحَنَّنْ عَلَيَّ مَحْموُلاً قَدْ تَناوَلَ الْاَقْرِباءُ اَطْرافَ جِنازَتي ، وَجُدْ عَلَيَّ مَنْقُولاً قَدْ نَزَلْتُ بِكَ وَحيداً في حُفْرَتي ، وَارْحَمْ في ذلِكَ الْبَيْتِ الْجَديدِ غُرْبَتي ، حَتّى لا اَسْتَاْنِسَ بِغَيْرِكَ. يا سَيِّدي ، اِنْ وَكَلْتَني اِلى نَفْسي هَلَكْتُ ، فَبِمَنْ اَسْتَغيثُ اِنْ لَمْ تُقِلْني عَثَرْتي ، فَاِلى مَنْ اَفْزَعُ اِنْ فَقَدْتُ عِنايَتَكَ في ضَجْعَتي ، وَاِلى مَنْ اَلْتَجِئُ اِنْ لَمْ تُنَفِّسْ كُرْبَتي؟! سَيِّدي مَنْ لي وَمَنْ يَرْحَمُني اِنْ لَمْ تَرْحَمْني؟! وَفَضْلَ مَنْ اُؤَمِّلُ اِنْ عَدِمْتُ فَضْلَكَ يَوْمَ فاقَتي؟! وَاِلى مَنِ الْفِرارُ مِنَ الذُّنُوبِ اِذَا انْقَضى اَجَلي؟! سَيِّدي لا تُعَذِّبْني وَاَنَا اَرْجُوكَ ، اِلهي حَقِّقْ رَجائي ، وَآمِنْ خَوْفي ، فَاِنَّ كَثْرَةَ ذُنُوبي لا اَرْجُو لها إلاّ عَفْوُكَ.

سَيِّدي اَنَا اَسْاَلُكَ ما لا اَسْتَحِقُّ وَاَنْتَ اَهْلُ التَّقْوى وَاَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، فَاغْفِرْ لي وَاَلْبِسْني مِنْ نَظَرِكَ ثَوْباً يُغَطّي عَلَيَّ التَّبِعاتِ ، وَتَغْفِرُها لي وَلا اُطالَبُ بِها ، اِنَّكَ ذُو مَنٍّ قَديم ، وَصَفْح عَظيم ، وَتَجاوُز كَريم.

اِلهي اَنْتَ الَّذي تُفيضُ سَيْبَكَ عَلى مَنْ لا يَسْأَلُكَ وَعَلَى الْجاحِدينَ بِرُبُوبِيَّتِكَ ، فَكَيْفَ سَيِّدي بِمَنْ سَأَلَكَ وَاَيْقَنَ اَنَّ الْخَلْقَ لَكَ ، وَالْاَمْرَ اِلَيْكَ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ يا رَبَّ الْعالَمينَ.

سَيِّدي عَبْدُكَ بِبابِكَ أقامَتْهُ الْخَصاصَةُ بَيْنَ يَدَيْكَ ، يَقْرَعُ بابَ اِحْسانِكَ

٢٣

بِدُعائِهِ ، وَيَسْتَعْطِفُ جَميلَ نَظَرِكَ بِمَكْنُونِ رَجائِهِ ، فَلا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ عَنّي ، وَاَقْبَلْ مِنّي ما اَقُولُ ، فَقَدْ دَعَوْتُ بِهذَا الدُّعاءِ وَاَنا اَرْجُو اَنْ لا تَرُدَّني ؛ مَعْرِفَةً مِنّي بِرَأفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ.

اِلهي اَنْتَ الَّذي لا يُحْفيكَ سائِلٌ ، وَلا يَنْقُصُكَ نائِلٌ ، اَنْتَ كَما تَقُولُ وَفَوْقَ ما يَقُولُ القائِلون [وَفَوْقَ ما نَقُولُ خ ل].

اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ صَبْراً جَميلاً ، وَفَرَجاً قَريباً ، وَقَولاً صادِقاً ، وَاَجْراً عَظيماً ، اَسْاَلُكَ يا رَبِّ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَما لَمْ اَعْلَمْ ، اَسْاَلُكَ اللّهُمَّ مِنْ خَيْرِ ما سَأَلَكَ مِنْهُ عِبادُكَ الصّالِحُونَ. يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ ، وَاَجْوَدَ مَنْ اَعْطى ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاَعْطِني سُؤْلي في نَفْسي وَاَهْلي وَوالِديَّ وَوَلَدي وَاَهْلِ حُزانَتي وَاِخْواني فيكَ ، وَاَرْغِدْ عَيْشي ، وَاَظْهِرْ مُرُوَّتي ، وَاَصْلِحْ جَميعَ اَحْوالي ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ اَطَلْتَ عُمْرَهُ ، وَحَسَّنْتَ عَمَلَهُ ، وَاَتْمَمْتَ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ ، وَرَضيتَ عَنْهُ ، وَاَحْيَيْتَهُ حَياةً طَيِّبَةً في اَدْوَمِ السُّرُورِ ، وَاَسْبَغِ الْكَرامَةِ ، وَاَتَمِّ الْعَيْشِ ، اِنَّكَ تَفْعَلُ ما تَشاءُ وَلا تَفْعَلُ ما يَشاءُ غَيْرُكَ.

اَللّـهُمَّ خُصَّني مِنْكَ بِخاصَّةِ ذِكْرِكَ ، وَلا تَجْعَلْ شَيْئاً مِمّا اَتَقَرَّبُ بِهِ في آناءِ اللَّيْلِ وَاَطْرافِ النَّهارِ رِياءً وَلا سُمْعَةً ، وَلا اَشَراً وَلا بَطَراً ، وَاجْعَلْني لَكَ مِنَ الْخاشِعينَ.

اَللّـهُمَّ أعْطِنِى السِّعَةَ فِي الرِّزْقِ ، وَالْاَمْنَ فِي الْوَطَنِ ، وَقُرَّةَ الْعَيْنِ فِي الْاَهْلِ وَالْمالِ وَالْوَلَدِ ، وَالْمُقامَ في نِعَمِكَ عِنْدي ، وَالصِّحَّةَ فِى الْجِسْمِ ، وَالْقُوَّةَ فِي الْبَدَنِ ، وَالسَّلامَةَ فِى الدّينِ ، وَاسْتَعْمِلْني بِطاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّد وَأهلِ بَيتِهِ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وَآلِهِ اَبَداً مَا اسْتَعْمَرَتْني ، وَاجْعَلْني مِنْ اَوْفَرِ عِبادِكَ عِنْدَكَ نَصيباً في كُلِّ خَيْر اَنْزَلْتَهُ وَتُنْزِلُهُ في شَهْرِ رَمَضانَ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَما اَنْتَ مُنْزِلُهُ في كُلِّ سَنَة ، مِنْ رَحْمَة تَنْشُرُها ، وَعافِيَة تُلْبِسُها ، وَبَلِيَّة تَدْفَعُها ، وَحَسَنات تَتَقَبَّلُها ، وَسَيِّئات تَتَجاوَزُ عَنْها.

٢٤

وَارْزُقْني حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ في عامِنا هذا وَفي كُلِّ عام ، وَارْزُقْني رِزْقاً واسِعاً مِنْ فَضْلِكَ الْواسِعِ ، وَاصْرِفْ عَنّي يا سَيِّدي الْاَسْواءَ ، وَاقْضِ عَنِّيَ الدَّيْنَ وَالظُّلاماتِ ، حَتّى لا اَتَاَذّى بِشَي مِنْهُ ، وَخُذْ عَنّي بِاَسْماعِ وَاَبْصارِ اَعْدائي وَحُسّادي وَالْباغينَ عَلَيَّ ، وَانْصُرْني عَلَيْهِمْ ، وَاَقِرَّ عَيْني ، وَفَرِّحْ قَلْبي ، وَاجْعَلْ لي مِنْ هَمّي وَكَرْبي فَرَجاً وَمَخْرَجاً ، وَاجْعَلْ مَنْ اَرادَني بِسُوء مِنْ جَميعِ خَلْقِكَ تَحْتَ قَدَمَيَّ ، وَاكْفِني شَرَّ الشَّيْطانِ ، وَشَرَّ السُّلْطانِ ، وَسَيِّئاتِ عَمَلي ، وَطَهِّرْني مِنَ الذُّنُوبِ كُلِّها ، وَاَجِرْني مِنَ النّارِ بِعَفْوِكَ ، وَاَدْخِلْنِى الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ ، وَزَوِّجْني مِنَ الْحُورِ الْعينِ بِفَضْلِكَ ، وَاَلْحِقْني بِاَوْلِيائِكَ الصّالِحينَ مُحَمَّد وَآلِهِ الْاَبْرارِ ، الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ الْاَخْيارِ صَلَواتُكَ عَلَيهِ عَلَيْهِمْ وَعَلى اَرْواحِهِمْ وَاَجسادِهِمْ ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اِلهي وَسَيِّدي ، وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ ، لَئِنْ طالَبَتْني بِذُنُوبي لَاُطالِبَنَّكَ بِعَفْوِكَ ، وَلَئِنْ طالَبَتْني بِلُؤْمي لَاُطالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ ، وَلَئِنْ اَدْخَلْتَنِى النّارَ لَاُخْبِرَنَّ اَهْلَ النّارِ بِحُبّي لَكَ.

اِلهي وَسَيِّدي اِنْ كُنْتَ لا تَغْفِرُ إلاّ لِاَوْلِيائِكَ وَاَهْلِ طاعَتِكَ فَاِلى مَنْ يَفْزَعُ الْمُذْنِبُونَ؟! وَاِنْ كُنْتَ لا تُكْرِمُ إلاّ اَهْلَ الْوَفاءِ بِكَ فَبِمَنْ يَسْتَغيثُ الْمُسْيؤُنَ؟!

اِلهي اِنْ اَدْخَلْتَنِى النّارَ فَفي ذلِكَ سُرُورُ عَدُوِّكَ ، وَاِنْ اَدْخَلْتَنِى الْجَنَّةَ فَفي ذلِكَ سُرُورُ نَبِيِّكَ ، وَاَنَا وَاللهِ اَعْلَمُ اَنَّ سُرُورَ نَبِيِّكَ اَحَبُّ اِلَيْكَ مِنْ سُرُورِ عَدُوِّكَ.

اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ اَنْ تَمْلَأَ قَلْبي حُبّاً لَكَ ، وَخَشْيَةً مِنْكَ ، وَتَصْديقاً بِكِتابِكَ وَايماناً بِكَ ، وَفَرَقاً مِنْكَ ، وَشَوْقاً اِلَيْكَ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْاِكْرامِ حَبِّبْ اِلَىَّ لِقاءِكَ ، وَاَحْبِبْ لِقائي ، وَاجْعَلْ لي في لِقائِكَ الرّاحَةَ وَالْفَرَجَ وَالْكَرامَةَ.

اَللّـهُمَّ اَلْحِقْني بِصالِحِ مِنْ مَضى ، وَاجْعَلْني مِنْ صالِحِ مَنْ بَقي وَخُذْ بي سَبيلَ الصّالِحينَ ، وَاَعِنّي عَلى نَفْسي بِما تُعينُ بِهِ الصّالِحينَ عَلى اَنْفُسِهِمْ ، وَلا تَرُدَّني في

٢٥

سُوءٍ استَنقَذْتَنِي مِنهُ أبَداً ، وَاخْتِمْ عَمَلي بِاَحْسَنِهِ ، وَاجْعَلْ ثَوابي مِنْهُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الراحِمِينَ ، [وَاَعِنّي عَلى صالِحِ ما اَعْطَيْتَني ، وَثَبِّتْني يا رَبِّ ، وَلا تَرُدَّني في سُوء اسْتَنْقَذْتَني مِنْهُ يا رَبِّ الْعالَمينَ].

اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ ايماناً لا اَجَلَ لَهُ دُونَ لِقائِكَ ، اَحْيِني ما اَحْيَيْتَني عَلَيْهِ وَتَوَفَّني اِذا تَوَفَّيْتَني عَلَيْهِ ، وَابْعَثْني اِذا بَعَثْتَني عَلَيْهِ وَاَبْرِىءْ قَلْبي مِنَ الرِّياءِ وَالشَّكِّ وَالسُّمْعَةِ في دينِكَ ، حَتّى يَكُونَ عَمَلي خالِصاً لَكَ.

اَللّـهُمَّ اَعْطِني بَصيرَةً في دينِكَ ، وَفَهْماً في حُكْمِكَ ، وَفِقْهاً في عِلْمِكَ ، وَكِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَوَرَعاً يَحْجُزُني عَنْ مَعاصيكَ ، وَبَيِّضْ وَجْهي بِنُورِكَ ، وَاجْعَلْ رَغْبَتي فيـما عِنْدَكَ ، وَتَوَفَّني في سَبيلِكَ ، وَعَلى مِلَّةَ رَسُولِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

اَللّـهُمَّ اِنّي اَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْفَشَلِ وَالْهَمِّ وَالحُزْنِ ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالْغَفْلَةِ ، وَالْقَسْوَةِ وَالذِلّةِ وَالْمَسْكَنَةِ ، وَالْفَقْرِ ، وَالْفاقَةِ ، وَكُلِّ بَلِيَّة ، وَالْفَواحِشِ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ، وَاَعُوذُ بِكَ مِنْ نَفْس لا تَقْنَعُ ، وَبَطْن لا يَشْبَعُ ، وَقَلْب لا يَخْشَعُ ، وَدُعاء لا يُسْمَعُ ، وَعَمَل لا يَنْفَعُ ، وَاَعُوذُ بِكَ يا رَبِّ عَلى نَفْسي وَديني وَمالي ، وَعَلى جَميعِ ما رَزَقْتَني ، مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمَ ، اِنَّكَ اَنْتَ السَّميعُ الْعَليمُ.

اَللّـهُمَّ اِنَّهُ لا يُجيرُني مِنْكَ اَحَدٌ وَلا اَجِدُ مِنْ دُونِكَ مُلْتَحَداً ، فَلا تَجْعَلْ نَفْسي في شَي مِنْ عَذابِكَ ، وَلا تَرُدَّني بِهَلَكَة ، وَلا تَرُدَّني بِعَذاب اَليم. اَللّـهُمَّ وَتَقَبَّلْ مِنّي ، وَاَعْلِ ذِكْري ، وَارْفَعْ دَرَجَتي ، وَحُطَّ وِزْري ، وَلا تَذْكُرْني بِخَطيئَتي ، وَاجْعَلْ ثَوابَ مَجْلِسي وَثَوابَ مَنْطِقي وَثَوابَ دُعائي رِضاكَ عَنّي وَالْجَنَّةَ ، وَاَعْطِني يا رَبِّ جَميعَ ما سَاَلْتُكَ ، وَزِدْني مِنْ فَضْلِكَ ، اِنّي اِلَيْكَ راغِبٌ يا رَبَّ الْعالَمينَ.

اَللّـهُمَّ اِنَّكَ اَنْزَلْتَ في كِتابِكَ اَنْ نَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمْنا ، وَقَدْ ظَلَمَنا اَنْفُسَنا فَاعْفُ عَنّا ، فَاِنَّكَ اَوْلى بِذلِكَ مِنّاوَمِنَ المأمُورينَ ، وَاَمَرْتَنا اَنْ لا نَرُدَّ سائِلاً عَنْ اَبْوابِنا ، وَقَدْ

٢٦

جِئْتناكَ سُؤْالاً ، فَلا تَرُدَّنا إلاّ بِقَضاءِ حَوائِجَنا ، وَاَمَرْتَنا بِالْاِحْسانِ اِلى ما مَلَكَتْ اَيْمانُنا ، وَنَحْنُ اَرِقّاؤكَ فَاَعْتِقْ رِقابَنا مِنَ النّارِ.

يا مَفْزَعي عِنْدَ كُرْبَتي ، وَيا غَوْثي عِنْدَ شِدَّتي ، اِلَيْكَ فَزِعْتُ ، وَبِكَ اسْتَغَثْتُ وَلُذْتُ ، وَلا اَلُوذُ بِسِواكَ ، وَلا اَطْلُبُ الْفَرَجَ إلاّ بِكَ وَمِنْكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحمّدٍ وَآلِ مُحمَّدٍ وَاَغِثْني ، وَفَرِّجْ عَنّي ، يا مَنْ يَفُكُّ الْيَسيرَ ، وَيَعْفُو عَنِي الْكَثيرَ ، اِنَّكَ اَنْتَ الرَّحيمُ الْغَفُورُ.

اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ ايماناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبي ، وَيَقيناً حَتّى اَعْلَمُ اَنَّهُ لَنْ يُصيبَني إلا ما كَتَبْتَ لي ، وَرَضِّني مِنَ الْعَيْشِ بِما قَسَمْتَ لي ، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ (١).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ إقبال الأعمال ١ : ١٥٦ ـ ١٨٥.

٢٧

المبحث الأوّل : في راوي الدعاء

دعاء أبي حمزة الثماليّ من أهمّ الأدعية التي منّ الله سبحانه وتعالى بها على المذهب الحقّ ، وهو دعاء سيّدنا ومولانا عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، رابع الأئمّة المعصومين من آل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

وقد لُقّب عليه السلام بـ : زين العابدين ، وسيّد الساجدين ، وذي الثَّفِنات ، لأنّ مواضع سجوده كانت كثَفِنة البعير من كثرة السجود عليها ، وكانت مدّة إمامته المباركة بعد الحسين عليه السلام أربعاً وثلاثين سنة ، فقد عاصر عليه السلام خلفاء الجور والطغيان : يزيد بن معاوية ، ومعاية بن يزيد ، ومروان بن الحكم ، وعبد الملك بن مروان ، واستُشهد عليه السلام في مُلك الوليد بن عبد الملك.

وأمّا سيد هذا الدعاء فقد قال السيّد ابن طاووس في «إقبال الأعمال» : فمِن الدعاء في سَحَر كلِّ ليلة من شهر رمضان ما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمّد هارون ابن موسى التَّلْعكبريّ رضي الله تعالى عنه ، بإسناده إلى الحسن بن محبوب الزرّاد ، عن أبي حمزة الثماليّ أنّه قال : كان علي ّ بن الحسين سيّد العابدين صلوات الله عليه يصلّي عامّةَ ليله في شهر رمضان ، فإذا كان السَّحَر دعا بهذا الدعاء : «اِلهي لا

٢٨

تُؤَدِّبْني بِعُقُوبَتِكَ ، وَلا تَمْكُرْ بي في حيلَتِكَ ، مِنْ اَيْنَ لِيَ الْخَيْرُ يا رَبِّ وَلا يُوجَدُ إلاّ مِنْ عِنْدِكَ ...» إلى آخر الدعاء الشريف (١).

أمّا راوي هذا الدعاء المبارك فهو أبو حمزة الثُّماليّ ، وهو : ثابت بن دينار ، يُكنّى أبا حمزة الثماليّ ، لقيَ عليَّ بن الحسين ، وأبا جعفر الباقر ، وأبا عبد الله الصادق ، وأبا الحسن الكاظم عليهم السلام ، وروى عنهم ، وكان من خيار أصحابنا وثقاتهم ومُعتمَديهم.

رُوي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنّه قال : أبو حمزة الثماليّ في زمانه مِثلُ سلمان في زمانه (٢).

وروي عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال : أبو حمزة الثماليّ في زمانه كلقمان [كسلمان خ ل] في زمانه ، وذلك أنّه خدَمَ أربعةً منّا (٣).

وعن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد الله الصادق عليه السلام فقال : ما فعل أبو حمزة الثماليّ؟ قلت : خلّفتُه عليلاً. قال عليه السلام : إذا رجعتَ فاقرأه منّي السلام ، وأعلِمْه أنّه يموت في شهر كذا في يوم كذا. قال أبو بصير : قلت : جُعلتُ فداك ، واللهِ لقد كان لكم فيه أُنس ، وكان لكم شيعة. قال عليه السلام : صدقت ، ما عندنا خيرُ له ، قلت : شيعتكم معكم؟ قال عليه السلام : نعم ، إن هو خاف اللهَ وراقب نبيَّه ، وتوقّى الذنوب ، فإذا هو فعل كان معنا في درجتنا.

قال لي بن أبي حمزة : فرجعنا تلك السنة (أي سنة ١٥٠ هجرية) ، فما لَبِث أبو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ إقبال الأعمال ١ : ١٥٦.

٢ ـ رجال النجاشي : ١١٥ / الترجمة ٢٩٦.

٣ ـ اختيار معرفة الرجال ٢ : ٤٥٨.

٢٩

حمزة إلّا يسيراً حتّى تُوفّي (١).

وقال السيّد الخوئي قدس سره : وروى عنه العامّة ، وله تفسير القرآن ، وكان أبو حمزة مستجاب الدعاء ، فعن هشام بن الحكم عن أبي حمزة الثماليّ قال : كانت صبيّة لي سقطت فانكسرت يدها ، فأتيت بها التيمي ، فأخذها فنظر إلى يدها فقال : منكسرة ، فدخل يُخرج الجبائر ، وأنا على الباب ، فدخلتني رقّة على الصبيّة ، فبكيت ودعوت ، فخرج بالجبائر ، فتناول يد الصبية فلم يَرَ بها شيئاً ، ثم نظر إلى الأُخرى فقال : ما بها شيء.

قال : فذكرت ذلك لأبي عبد الله الصادق عليه السلام فقال : يا أبا حمزة ، وافق الدعاء الرضى فاستُجيب لك في أسرع من طَرفة عين (٢).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ اختيار معرفة الرجال ٢ : ٤٥٨ / الرقم ٣٥٦.

٢ ـ معجم رجال الحديث ٤ : ٢٩٣ / الترجمة (١)٩٦٠.

٣٠

المبحث الثاني : في رجحان الدعاء وآدابه

الدعاء الذي هو مدار البحث ، المراد منه السؤال والرغبة إلى الله سبحانه والاستغاثة والفزع إليه سبحانه ، قال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّـهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّـهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ) (١).

وقال تعالى : (خَوْفًا وَطَمَعًا) (٢).

ويدلّ على رجحان الدعاء الأدلّة الأربعة ، وهي : الكتاب والسنّة الشريفة والإجماع والعقل ، وقال تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (٣).

وورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله قوله : ما مِن شيءٍ أكرم على الله تعالى من الدعاء (٤) ، وقال صلى الله عليه وآله : لا يَردّ القضاءَ إلّا الدعاء (٥).

وقال صلى الله عليه وآله : الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ، ونور السماوات والأرض (٦).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ الأنعام ٤٠ ـ ٤١.

٢ ـ الأعراف : ٥٦.

٣ ـ غافر : ٦٠.

٤ ـ الدعوات للراوندي : ٢٠ / ح ٢٠.

٥ ـ نفسه : ٢٠ / ح ٢٢.

٦ ـ الكافي ٢ : ٤٦٨ / ح ١.

٣١

وقال الإمام عليّ عليه السلام : أَحبُّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ في الأرض الدعاء ، وأفضلُ العبادة العفاف (١) ، وورد في الآثار المعتبرة أنَّ الدعاء مخّ العبادة (٢).

وورد أنَّ للدعاء شرائط وآداباً ينبغي للداعي مراعاتها ، مثل : مراعاة الأوقات المباركة ، والأماكن المقدّسة ، والأحوال الشريفة التي هي منازل حلول الرحمات ونزول الفيوضات ، فقد ورد الحثّ على الدعاء عند هبوب الرياح وزوال الأفياء (٣) ، ونزول القطر ، وأوّل قطرة من دم الشهيد ، فإنّ أبواب السماء تفتح عند هذه الأشياء (٤).

وورد الترغيب في الدعاء : عند السَّحَر وعند الزوال ، وليلة الجمعة ويومها ، وعندما يرقّ القلب وتخشع الجوارح ، وتسيل المدامع خشية من الله سبحانه وتعالى (٥).

وكثيراً ما نسمع أنّ الناس يَدْعون فلا يستجاب لهم ، ونقول : ليس أحد يدعو الله سبحانه على ما توجبه الحكمة إلّا أجابه الله ، فلربّما سأل الداعي اللهَ ما فيه هلاك دِينه ودنياه ، أو ما فيه مفسدة له وللآخرين ، وربّما تكون المصلحة في تأخير الإجابة وفق مقتضيات الحكمة الإلهيّة ، ولمّا كان الدعاء بذاته عبادة كانت دعوة العبد راجحة على كلّ حال ، سواء استُجيب له أم لا.

قال النبي صلى الله عليه وآله : ما من مسلم دعا الله سبحانه بدعوة ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم إلّا أعطاه الله بها أحدى ثلاث خصال : إمّا أن يُعجَّلَ دعوتُه ، وإمّا أن يُؤخَّر له في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ نفسه ٢ : ٤٦٧ / ح ٨.

٢ ـ الدعوات للراونديّ : ١٨ / ح ٨.

٣ ـ فاءَ الظَلُّ يَفيءُ فَيئاً ، أي رجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق. والجمع فُيوء وأفياء ، لسان العرب (فيأ).

٤ ـ الكافي ٢ : ٤٧٧ / ح ١.

٥ ـ ينظر : الكافي ٢ : ٤٧٦ ـ باب الأوقات والحالات التي تُرجى فيها الإجابة.

٣٢

الآخرة ، وإمّا أن يُدفَع عنه من السوء مِثلُه ، قالوا : يا رسول الله ، إذن نُكثر ، قال صلى الله عليه وآله : الله أكثر (١).

وقال صلى الله عليه وآله : إنّ العبد لّيدعو الله وهو يحبّه ، فيقول : يا جبرائيلُ لا تقضِ لعبدي هذا حاجته وأخِّرها ، فإنّي أحبّ أن لا أزال أسمع صوته. وإنّ العبد لَيدعو الله وهو يُبغضه فيقول : يا جبرائيلُ اقضِ لعبدي هذا حاجتَه بإخلاصه وعجّلها ، فإنّي أكره أن أسمع صوته! (٢)

وروي عن الإمام عليّ عليه السلام قوله : ربّما أُخِّرت عن العبد إجابة الدعاء لكيون أعظمَ لأجر السائل ، وأجزلَ لإعطاء الآمل (٣).

وعندما يخالف الداعي آداب وشرائط الإجابة فقد لا يُستجاب له.

ونِعم ما ورد عن إبراهيم بن أدهم لمّا سُئل : ما بالنا ندعو الله سبحانه فلا يستجيب لنا؟ فقال : لأنّكم عرفتم الله فلم تطيعوه ، وعرفتم الرسول فلم تتّبعوا سنّته ، وعرفتم القرآن فلم تعملوا بما فيه ، وأكلتم نعمة الله فلم تؤدّوا شكرها ، وعرفتم الجنّة فلم تطلبوها ، وعرفتم النار فلم تهربوا منها ، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه ، وعرفتم الموت فلم تستعدّوا له ، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا بهم ، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس (٤).

وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : إنّي دعوتُ الله فلم أرَ الإجابة! فقال عليه السلام : لقد وصفتَ الله بغير صفاته ، وإنّ للدعاء أربع خصال : إخلاص السريرة ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ عدّة الداعي : ٢٤.

٢ ـ نفسه ٢٥.

٣ ـ نفسه.

٤ ـ تفسير مجمع البيان ٢ : ١٩ ، تفسير الثعلبيّ ٢ : ٧٦ ، تفسير القرطبيّ ٢: ٣١٢.

٣٣

وإحضار النيّة ، ومعرفة الوسيلة ، والإتصاف في المسألة ، فهل دعوتَ وأنت عارف بهذه الأربعة؟ قال : لا ، قال : فاعرِفْهنّ (١).

وفي الحقيقة أنّ أكثر الداعين لا يصدرون عن فطرة ويقين ، بل عن قلوب لاهية ، وإذا سألوا فبلسان المقال لا بلسان الحال والافتقار ، ولربّما سأل داعٍ وهو متعلّق بالأسباب الظاهرية التي يرى أنّها علل تامّة مستقلة في أروقة الكون ومجالات الحياة ، فهو إمّا قد جعل الأسباب شريكاً لله ، أو جعلها إلهاً مستقلّاً لا يُشارَك في الربوبيّة.

ونحن لا نريد أن نقول : إنَّ السنن والأسباب لا أثر لها ، بل نقول : إنَّ السبب الحقيقي هو الله ، وهو سبحانه مسبّب الأسباب بقدرته وإرادته ، وإنّ هذه الأسباب ليس لها استقلاليّة عن الله سبحانه وتعالى أبداً.

وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله : أُدعوا اللهَ وأنتم موقنون بالإجابة (٢).

وفي الحديث القدسيّ : أنا عند ظنّ عبدي المؤمن بي ، إن خيراً فخيراً ، وإن شرّاً فشرّاً (٣).

وورد عن علي عليه السلام : لا يقبل الله دعاء قلب لاهٍ (٤).

ولربّما كان الداعي يدعو على نفسه وهو غافل ، فعندما يدعو على ظالمه وهو يرجو من ربّه الانتقام من ذلك الظالم ، فهذا يعني رضاه بانتقام الله من كلّ ظالم ، فلو كان ذلك الداعي ظالماً لغيره ، فإنّه سيكون داعياً على نفسه ، ويكون تأخير

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ مجموعة ورّام : ٨٨٥.

٢ ـ الدعوات للراونديّ : ٣٠ / ح ٦١ ، عدّة الداعي : ١٣٢.

٣ ـ الكافي ٢ : ٧٢ / ح ٣.

٤ ـ بحار الأنوار ٩٣ : ٣١٤ / ح ١٩ ـ عن : عدّة الداعي.

٣٤

الإجابة من المصلحة له.

وقد ورد في التوراة ، يقول الله عزّ وجلّ للعبد ، إنّك متى ظَللتَ تدعوني على عبدٍ من عبيدي من أجل أنّه ظلمك ، فلك من عبيدي من يدعو عليك من أجل أنّك ظلمته ، فإن شئت أجبتُك فيك ، وإنْ شئت أخّرتكما إلى يوم القيامة (١) ، وورد عن الصادق عليه السلام : الدعاء يردّ القضاء بعدما أُبرم إبراماً (٢).

وورد أنّ من آداب استجابة الدعاء الصلاة على محمّد وآل محمّد ، ففي صحيح أبان عن الصادق عليه السلام قوله : إذا دعا أحدكم فلْيبدأْ بالصلاة على محمّد النبيّ صلى الله عليه وآله ، فإنّ الصلاة على النبيّ مقبولة ، ولم يكن الله تعالى ليقبل بعض الدعاء ويردّ بعضاً (٣).

وعن صفوان الجمّال عنه عليه السلام أيضاً : كلّ دعاء يُدعى الله عزّ وجلّ به محجوب عن السماء حتّى يُصلّى على محمّد وآل محمّد (٤).

وقال صلى الله عليه وآله : اجعلوني في أوّل الدعاء وفي آخره وفي وسطه (٥) ، وورد أنّ الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله لابدّ يجب أن تكون مقرونة بالصلاة على آله الكرام ، قال صلى الله عليه وآله : من صلّى عَلَيَّ ولم يُصلِّ على آلي لم يجد ريح الجنّة ، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة سنة (٦).

وقال صلى الله عليه وآله : لا تصلّوا عَلَيَّ صلاةً مبتورة ، بل صلّوا على أهل بيتي ولا تقطعوهم ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ الدعوات للراونديّ : ٢٥ / ح ٣٨.

٢ ـ نفسه ١٧ / ح ١.

٣ ـ الأمالي للطوسيّ : ١٧٢.

٤ ـ الكافي ٢ : ٤٩٣ / ح ١٠.

٥ ـ همان ٢ : ٤٩٢ / ح ٥.

٦ ـ الأمالي للصدوق : ١٦٧ / ح ٩ ـ المجلس ٣٦.

٣٥

فإنّ كلّ نسب وسبب يوم القيامة منقطعٌ إلّا نسبي (١).

وقد ورد في الأثر المعتبر أنّ الدعاء أفضل من قراءة القرآن ، ففي صحيح حمّاد ، قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام : رجلانِ افتتحا الصلاة في ساعة واحدة ، فتلا هذا القرآن فكانت تلاوته أكثر من دعائه ، ودعا هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته ، ثمّ انصرفا في ساعة واحدة ، أيّهما أفضل؟ قال عليه السلام : كلٌّ فيه فضل ، كلّ حَسَن ، فقلت : إنّي قد علمت أنّ كلّاً حسن ، وأنّ كلّاً فيه فضل ، فقال عليه السلام : الدعاء أفضل (٢).

وورد استحباب الدعاء حال السجود وتسمية الحاجات فإنّه أقرب إلى الإجابة ، فقد جاء في الخبر أنّ الإمام الصادق عليه السلام قال لعبد الله بن هلال ، عليك بالدعاء وأنت ساجد ، فإنّ أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد ، قلت : فأدعو في الفريضة وأُسمّي حاجتي؟ فقال عليه السلام : نعم ، قد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله (٣).

والدعاء نوع من أنواع الارتباطات الغيبية القدسيّة بالله سبحانه ، وبه يستعين الإنسان الضعيف بالمَلك القدير على قضاء حوائجه وتيسير أموره ، وكشف ضرّه وبلائه ، وعلى نجاته من كلّ مكروه ، وفيه جلاء للقلوب ، وصفاء للنفوس ، وبقاء للفطرة ، ونيلٌ لأعظم المقامات الروحانية.

وممارسة الدعاء والتوجّه إلى الله بالرهبة والرغبة وبالخشوع والخضوع تجعل الداعي محلَّ العناية والرعاية والألطاف الإلهيّة ، فكلّما تواضع الإنسان لربّه وخضع واستسلم للإرادة الإلهية كلّما رجحت كفّة إيمانه ، وكان أرفع مقاماً وأعلى شأناً ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ المحكم والمتشابه : ١٩ ، وعنه في وسائل الشيعة ٧ : ٢٠٧ / ح ١٧.

٢ ـ فلاح السائل : ٣٠ ، وعنه في مستدرك الوسائل ٥ : ٣٣ / ح ٣.

٣ ـ الكافي ٣ : ٣٢٣ / ح ١١.

٣٦

وأقربَ إلى ساحة الربوبية المقدّسة.

والدعاء مسألة فطرية وغريزية حيث إنّ المحتاج لابدّ أن يتوجّه إلى الطلق القدير لسدّ نقصه وقضاء حوائجه ، ولمّا كان الإنسان محتاجاً حُدوثاً وبقاءً كان عليه أن يتوجّه إلى ربّه بالدعاء على كل حال ، وفي كلّ وقت.

في «عدّة الداعي» : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي ذرّ : يا أبا ذر ، ألا أُعلّمك كلماتٍ ينفعك الله عزّ وجلّ بعنّ؟

قلت : بلى يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وآله : إحفَظِ اللهَ يَحْفَظْك الله ، واحفَظِ اللهَ تَجدْه أمامك ، تعرّف إلى الله في الرخاء يَعرفْك في الشدّة ، وإذا سألت فاسألِ الله ، وإذا استعنتَ فاستعن بالله ، فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، ولو أنّ الخلق كلَّهم جَهِدوا على أن ينفعوك بما لم يكتبه الله لك ما قَدِروا عليه (١).

وممارسة الدعاء تخلق الأجواء التربوية التي تصقل مواهب الفرد ، وتنمّي معارفه بالله ، وتزرع مبادئ الأخلاق في نفسه ، وتقوده من عالم الكِبْر والجبروت والطغيان إلى رحاب الهدوء النفسي والطمأنينة ، والشعور بالذلّ والافتقار إلى رَبِّ الأرباب ومَلك الملوك ، وهذا له كبير الأثر على مسيرته وتعامله مع الكون والحياة والناس.

والدعاء المستجاب له تأثير في مجريات الأحداث والتقديرات الإلهيّة وفق سنن الأسباب المرسومة مِن قِبله تعالى ، وهذه التغيّرات في القضايا المقدّرة من قبله سبحانه لا تتمّ إلّا بإذنه وإرادته سبحانه وتعالى ، فقد ورد عن أبي الحسن عليه السلام أنّه قال : كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول : إنّ الدعاء يدفع البلاءَ النازلَ وما لم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ عدّة الداعي : ١٢١ و١٦٨.

٣٧

ينزل (١).

يقول سماحة المرجع السيّد عبد الأعلى الموسويّ السبزواري قدس سره في «مهذّب الأحكام» ما نصّه : والدعاء تصرّفٌ غيبيّ في سلسلة علل الأشياء بأنواعها ، ولذا ترى الأنبياء والقائمين مَمامَهم لا يسلكون سبيلاً في قضاء حوائجهم ، جزئيّةً وكليّة ، إلّا بالدعاء ، فسبحان مَن أظهر في عالم الشهادة أموراً من عالم الغيب ليستكمل إيمان عباده ليسوقهم إلى الجنّة زُمَراً وأفواجاً. قال نبيّنا الأعظم صلى الله عليه وآله : ألا أدلُّكم على سلاحٍ يُنْجيكم من أعدائكم ، ويُدرُّ أرزاقكم؟ قالوا : بلى ، قال صلى الله عليه وآله ، تدعون ربّكم بالليل والنهار ، فإنّ سلاح المؤمن الدعاء ، انتهى (٢).

وقال الإمام عليّ عليه السلام : إذا اشتدّ الفَزَع ، فإلى الله المَفزع (٣).

وقال الإمام الرضا عليه السلام : عليكم بسلاح الأنبياء ، فقيل : ما سلاح الأنبياء؟ قال عليه السلام : الدعاء (٤).

وورد في «نهج البلاغة» : من أعطي أربعاً لم يُحرم أربعاً : مَن أُعطي الدعاءَ لم يُحرَم الإجابة ، ومن أُعطي التوبة لم يُحرَم القبول ، ومن اُعطي الاستغفار لم يُحَرم المغفرة ، ومن اُعطي الشكر لم يُحرَم الزيادة (٥). قال الشريعة الرضيّ وتصديق ذلك كتاب الله تعالى ، قال الله عزّ وجلّ في الدعاء : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (٦).

وقال في الاستغفار : (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّـهَ يَجِدِ اللَّـهَ غَفُورًا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ الكافي ٢ : ٤٦٩ / ح ٥ ، عدّة الداعي : ١٣.

٢ ـ مهذّب الأحكام ٧ : ١٤٣ ، والحديث الشريف في : الكافي ٢ : ٤٦٨ / ح ٣.

٣ ـ الكافي ٢ : ٤٦٨ / ح ٢ ، عدة الداعي : ١٦٤.

٤ ـ الكافي ٢ : ٤٦٨ / ح ٥.

٥ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٣٥.

٦ ـ غافر : ٦٠.

٣٨

رَّحِيمًا) (١).

وقال في الشكر : (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) (٢).

وقال في التوبة : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّـهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَـٰئِكَ يَتُوبُ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّـهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (٣).

والدعاء المستجاب هو نحو ولايةٍ جعلها الله سبحانه للمؤمن ليتصرّف في مفردات ومفاصل الكون والتقديرات ، حيث ورد عنه صلى الله عليه وآله : لو عَرَفتمُ الله حقّ معرفته لَزالت لدعائِكمُ الجبال (٤).

وقال الإمام الباقر عليه السلام لزيد الشحّام : أُدعُ في طلب الرزق في المكتوبة «أي الفريضة» وأنت ساجد : يا خير المسؤولين ، ويا خيرَ المُعْطين ، ارزُقْني وارزق عيالي من فضلك ، فإنّك ذو الفضل العظيم (٥).

ومن آداب الدعاء حسن الظنّ بالله تعالى ، فقد ورد عن الصادق عليه السلام قال : إذا دعوتَ فأقبِلْ بقلبك وظُنَّ حاجتك بالباب (٦).

وورد في الحديث القدسيّ : من سألني وهو يعلم أنّي أضرّ وأنفع استَجَبتُ له (٧).

ولابدّ للداعي من مراعاة القضايا اللغويّة والإعرابية وتجنّب الأخطاء واللحن ليصعد الدعاء إلى الله وتتحقّق الإجابة حيث قال الإمام الجواد عليه السلام : الدعاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ النساء : ١١٠.

٢ ـ إبراهيم : ٧.

٣ ـ النساء : ١٧.

٤ ـ الجامع الصغير للسيوطيّ ٢ : ٤٣٢ / ح ٧٤٤٨.

٥ ـ الكافي ٢ : ٥٥١ / ح ٤.

٦ ـ الدعوات : ١٨ / ح ٣ ، الكافي ٢ : ٤٧٢ / ح ١.

٧ ـ ثواب الأعمال : ١٥٣ ، عدّة الداعي : ١٣١.

٣٩

الملحون لا يصعد إلى الله عزّ وجلّ (١).

وورد أنّ الدعاء سرّاً أفضل من الدعاء علانية ، وذلك لمكان الإخلاص ، فقد ورد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام : دعوة العبد سرّاً دعوةً واحدةً تَعدِل سبعين دعوةً علانية (٢).

وقد نَدَبَنا الشرع الحنيف لتوقِّي دعوة المظلوم وذلك بترك الظلم ، ودعوة الوالدين بترك عقوقهما ، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إيّاكم ودعوةَ المظلوم ؛ فإنّها تُرفَع وإيّاكم ودعوةَ الوالد فإنّها أحَدُّ من السيف (٣).

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : اكن أبي عليه السلام يقول : اتّقوا الظلم ، فإنّ دعوة المظلوم تصعد إلى السماء (٤).

ووقت الأسحار من منازل الرحمة الالهية المعهودة ، فقد ورد في تفسير قوله تعالى على لسان نبيّه يعقوب مثلاً : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أخَّرَهم إلى السَّحَر (٥).

وقال الإمام الباقر عليه السلام لأبي الصبّاح الكنانيّ : إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ من عباده المؤمنين كلَّ [عبدٍ] دعّاء ، فعليكم بالدعاء في السَّحَر إلى طلوع الشمس ، فإنّها ساعةٌ تُفتَح فيها أبواب السماء ، وتُقسَّم فيها الأرزاق ، وتُقضى فيها الحوائج

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ عدّة الداعي : ١٨ ـ وعنه في : الفصول المهمّة ١ : ٦٧٩ / ح ٢.

٢ ـ الكافي ٢ : ٤٧٦ / ح ١.

٣ ـ نفسه ٢ : ٥٠٩ / ح ٣ ، وكأنَّ السحاب كناية عن موانع إجابة الدعاء أو الحُجُب المعنوية الحائلة بينه وبين استجابة الله.

٤ ـ نفسه ٢ : ٥٠٩ / ح ٤.

٥ ـ نفسه ٢ : ٤٧٧ / ح ٦ ، والآية في سورة يوسف : ٩٨.

٤٠