موسوعة عشائر العراق - ج ٤

عباس العزاوي المحامي

موسوعة عشائر العراق - ج ٤

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٠

قبائل الحدود

ما جاور العراق من قبائل الكرد لا يحصى عدا ، والتوسع خارج عن البحث ، فمن الضروري الاجمال وإلا فالموضوع واسع جدا ، وقد بسطنا القول فيه (تاريخ العلاقات بين إيران والعراق) وفي الدرجة الأولى تهمنا (عشائر إيران) ، فلن نر من كتب في موضوعها وإن الأدباء المؤرخين من الإيرانيين تعرضوا لذكر بعضها (١).

وفي تركية ظهرت كتب عديدة فيها بيان عن القبائل هناك إلا أن هذه المباحث لم تكن موسعة ولا ذات اتصال بنفس القبائل وتاريخها ، وفي بلاد الشام عقد الأستاذ الصديق أحمد وصفي زكريا فصولا عنها في كتابه (عشائر الشام) (٢) ، فالمهم ذكر عشائر إيران وبعض العشائر الكردية المهمة في تركية ولا تتجاوز ذلك.

__________________

(١) راجع مجلة (يادكار) الإيرانية للأستاذ عباس اقبال المؤرخ المعروف.

(٢) مرت الاشارة اليه.

٢٤١

(١)

قبائل كلهر

هذه القبائل يقال لها (كلهور) ، وكلور وهي متفرقة في أنحاء عديدة من أودية السليمانية وكركوك ، وديالى ، ومجاورة في الأصل لقضاء مندلي ومواطنها الاصلية هناك في (الايوان) وما جاوره ... وتقع على الحدود ، تقيم في ايران مما يجاور العراق.

وفي الشرفنامة أن قبائلهم يقال لها (كوران). وأما الأمراء فيدعون أنهم يتصلون بنسب كودرز بن كيو في أيام الكيانيين وهو الذي سماه المؤرخون (بخت نصر) ، بقي الحكم بيد أولاده مدة وهذه الامارة تقسم الى ثلاث شعب : (١) حكام بلنكان و (٢) أمراء درتنك (حلوان) و (٣) أمراء ماهي دشت.

وهذه القبائل في الحاضر متولدة من أخوين :

١ ـ منصور. ومنه حصل فرع «منصوري».

٢ ـ شهباز. ومنه تشعب فرع «شهبازي».

١ ـ قبيلة منصوري :

وهذه توطنت (الأيوان) المجاور لمندلي (بندنيجين) وهي طوائف عديدة :

١) بان سيري. ومن هؤلاء من يعيش بصورة مبعثرة.

٢٤٢

٢) كاوسوار. وبين فروع قره أولوس من تسمى بهذا الاسم.

٣) جولك.

٤) هلشي.

٥) نركسي. تسكن في أنحاء كرمانشاه ، ومنهم من يعيش مع السنجاوية.

٦) بهلو خور.

٧) سرتنكي.

٨) زرنه يي.

٩) كوتكتي.

١٠) كلهرها. ومن هؤلاء من يقيم في جرداول. والأغلب في الإيوان.

١١) كوله سوند. في آسمان آباد من الايوان.

١٢) سليم. تقيم في هرسم.

ومن هؤلاء في أطراف خانقين وبينكدره ، وآخرون في كرند وزهاو.

٢ ـ قبيلة شهبازي :

وهذه في أطراف كرمانشاه وهم :

١) عمربل.

٢) كاربندي.

٣) سياه بيدي.

٤) شياني.

٥) بداغ بكي.

٦) شله.

٧) كبنك شري.

٨) نوري.

٢٤٣

٩) جيفا كبودي.

١٠) ولو.

١١) حزكاه.

١٢) دولة شوني.

وهؤلاء تابعون ماهي دشت.

١٣) بياني.

١٤) باقر آبادي. وهؤلاء تابعون زويري من كرمانشاه.

١٥) جولك.

١٦) باسكلي.

١٧) خالدي.

وهؤلاء تبع كواور في شرقي جبل قلّاجه.

١٨) منيشي في كفر آور.

١٩) شهرك. في ديره.

٢٠) كيلاني. في كيلان.

٢١) جله يي. في جله.

٢٢) كمره يي. في مواطن متفرقة.

٢٣) شاهيني. في مواطن متفرقة.

٢٤) شوهان. منهم في العراق وهم كثيرون ، منتشرون في مختلف مواطنه.

٢٥) قلعة شاهيني.

٢٦) مله سري. في روان ، رحالة.

٢٧) كله با. في روان.

٢٨) قوجمي. في روان ، رحالة أيضا.

٢٤٤

٢٩) سياسيا. في روان ، رحالة أيضا.

٣٠) كله جويي. في روان ، رحالة أيضا.

٣١) ده رويكه. تسكن القرى.

٣٢) بدره يي. تسكن القرى.

٣٣) هارون آبادي. تسكن القرى.

٣٤) برف آبادي. تسكن القرى.

٣٥) كوركه يي. تسكن القرى.

وهذه العشائر من القبائل الكردية الأصلية ، وهي تابعة لكرمانشاه ، انتشر الكثير منها في أنحاء عديدة من العراق. وطوائف منصوري منها ممتدة على الحدود ، ويبدأون من حيث انتهى الفيلية وتقيم كلهر في الايوان المجاور (ده بالا) من أراضي الفيلية وتتصل بقضاء مندلي ولا يخلون من زعازع وفتن على الحدود خصوصا أيام قلة المياه ، ويتعرضون لنهر (سومار) وهذه الفرقة أكثر تعرضا. وغالب المنازعات متأتية منها ، فتشغل العراق وإيران معا.

ومنذ نحو مائتي سنة أو أكثر كان الايوان خاليا ، وإن قبائل منصوري جاؤوا من فارس الى هنا ، تابعوا أميرا يسمى (منصور خان) ، وفي أيام كريم خان الزند كان أميرهم علي خان وهو والد شير خان وكانت له أخت يقال لها (شاه بسند) جميلة فزوجها الى كريم خان. ومن ثم وجه هذا إمارة ذلك المكان إليه ، ثم خلفه ابنه شيرخان.

وأما قبيلة شهبازي فإنها تابعة لحكومة كرمانشاه قسم في الإيوان وزهاب ، وقسم على الحدود. وآخرون في أنحاء كرمانشاه في الحدود. يتجولون صيفا وشتاء في أنحاء سرميل ، وبندنيجين وزهاب في صحاري (كواور) ، و (كفراور) ، و (كيلان) ، و (ديره) ، و (قلعة شاهين) وغيرها من المواطن والصحاري القريبة منها ، يصيفون ويشتون فيها وذلك أن طوائف (خالدي) ، وكله با من قبائل شهباز ، يقيمون في الصحراء بين شوراب وهو

٢٤٥

نهر صغير في الحد الشمالي من صحراء (سومار) ، وبين (كلال دام) وهو نهر صغير معروف أيضا يقيمون في يساره ، وكذا طوائف أخرى تقيم فيه ، وتؤدي البيتية (الكودة) الى قضاء مندلي ، رأسا واحدا عن كل قطيع من الغنم ربيعا وفي الشتاء عن كل قطيع عشرة قرانات (٥٠ قرشا) (١).

وفي أحوالهم كلها لا يخلون من تعرض بالمارة من نهب وسلب ... وإن هذه الرسوم تؤخذ من الشهبازيين والسنجابيين على السواء ، كما هو معتاد أخذها منهم دائما. وفي الغالب لا يؤدون للدولة العثمانية رسوما من حين أن استولت إيران على لواء زهاب.

وعلى كل حال هذه القبائل لا تفترق عن سائر الأكراد ، توطنوا هذه الأماكن من أمد بعيد لا في الوقت الذي بينه صاحب سياحتنامهء حدود ، وإنما كانت سكناهم من أزمان متباعدة إلا أنهم لم يكن لهم ذكر الا أيام كريم خان الزند ، فالطوائف ظهرت قوتها في عهود انحلال إيران واضطراب أمور العراق ، والملحوظ أنهم سكنوا الإيوان في عهد المغول وربما كانوا سكانه الأصليين.

وهؤلاء لا يختلفون عن البدو في الغزو ... إلا أنهم لم تتفش بينهم الأمية وإنما يقرأون بفخر وحماس (فرهاد وشيرين) ، و (رستم زال وبهرام كور) وأمثال ذلك من القصص ... يتسلون بها أيام راحتهم.

قص ذلك صاحب السياحة بسبب أنهم كانوا على الحدود بين إيران والعراق ، في أنحاء مندلي فعلمنا هذا كله منه ، والكتب الإيرانية أيضا تتعرض لإمارة هؤلاء ، وتتكلم عليها بسعة في مختلف الآثار. إلا أن القبائل التي ذكرناها هي قرى ائتلفت فكونت مجموعة نالت هذا الاسم أما تبعا للمكان الذي اقامت فيه مدة ، أو الى الرئيس الذي حكمها في وقت واشتهر اسمه ولكن الرياسة قسمت بالوجه المشروح ، ولا تمثل أصل قبائلهم ، ولا تشير الى اسم الفرع الذي التحق الأمير. فكانوا قد توزعوها من قديم

__________________

(١) هنا قد عين قيمة القران في ذلك العهد.

٢٤٦

الزمان ولا يشترط أن يكونوا أجداد هذه القبائل ، وإنما هم رؤساؤها وحكامها أو المتحكمون بها. بل جاء في الشرفنامة أنها كانت تابعة للدولة العثمانية ، وإن الأمير منصور قتل أخاه شهباز في سنة ١٠٠٢ ه‍ وإن الضريبة التي كانت تأخذها الدولة العثمانية منها في كل سنة أربعون ألف رأس من الغنم فلا شك أنها قديمة السكنى في مواطنها. (١)

وإن أصل تكون الرياسة قد تعين ، فاستولى هؤلاء على قبائل كلهر.

ومن أهم فروع هذه القبيلة (الداوده) وقد سبق ذكرها. ومن كلهور فروع عديدة توطنت العراق ، وماعت بين أفرادها ، فلا تعرف لها مجموعة كبيرة وإن كان لا يزال بعض الأفراد يحفظون انهم من هذه القبيلة. وحالة الأفراد مما لا يقام له وزن. والمطلوب بيان المجموعات. والتعريف بها في مختلف عصورها المعروفة.

ونعلم يقينا أن (الإيوان) كان يحوي قديما قبائل تركمانية ، ورياستها كانت لابن برجم ولهم الإمارة على هذه القبائل والمنازعات بين المغول والتركمان دفعتهم الى نواح أخرى أو مالوا الى المدن والقرى بل الملحوظ أن إمارة آل برجم كانت إمارة على الكرد. ولا يبعد أن يكون معه ترك وهذا هو الذي أرجحه فلما ذهبت هذه الإمارة ظهرت إمارة حلت محلها على قبائل كلهر وآخر من وليهم منصوري وشهبازي. بل إننا لم نستطع أن نعين إمارتهم بعد سليمان شاه الإيواني.

ومن الضروري أن نتحرى النصوص الموضحة لما كان خلال المدة بين قتلة سليمان شاه وظهور إمارة منصور وحدوثهم في هذه الأنحاء وسكناهم هذه المقاطعات لم يكن كما بين صاحب سياحتنامهء حدود بل أقدم بكثير.

وكل ما نقول هنا إن المسعودي ، وابن الأثير ، والسمعاني والبدليسي

__________________

(١) الشرفنامة ص ٤١٣.

٢٤٧

قد عرفونا ببعض القبائل القديمة ، ومن بينها (قبيلة كلهر) أو كلهور ، فهي قديمة إلا أن سكناها في هذه الأنحاء القريبة من مندلي تدعو للالتفات ، فهي محل نظر. ويفسر بأنهم مجاورون فتجاوزوا.

وكان صاحب نزهة الجليس قد مر بهم من العراق مجتازا الى تلك الأنحاء وصل الى بلاد الروز (بلد روز المعروفة قديما براز الروز) ، ثم رحل منها الى بندر علي وكل هذه كانت من أنحاء بغداد ، ثم جاء الى قرية سومار ، ويسكنها أكراد كلهور وهي أول حد العجم يسكنها الأكراد ثم رحل الى قرية جمنسورت ويسكنها كلهور أيضا وقال : «أقمنا بها باعزاز وإكرام ثلاثة أيام في بيت حاكم الأكراد الأمير محمد علي خان ، وفي كل يوم يخرج بنا بين تلك المياه والزهور والآكام والربا لصيد الأرانب والظبي ... وأسلوب هؤلاء الأكراد كالعرب البوادي ، تراهم في كل جبل وواد ، متفرقين كالجراد (الى أن قال) ثم رحلنا من جمنسورت فأتينا قرية كيلانك. ثم رحلنا فأتينا الى قرية تسمى جشمه قنبر. ورحلنا ، فأتينا (هارون آبا) ، وهي قرية لطيفة. ورجعنا فأتينا إلى ماهي دشت وكل هذه القرى عامرة. ورحلنا فأتينا مدينة كرمان شاه انتهى». (١)

وهذه القرى كلها ـ ما عدا كرمان شاه ـ من قرى كلهور ...

ومن أهم مواطنهم (الإيوان) ، وهذا يقع في شمال (ده بالا) وشمالها الغربي وإن مياهه تروي قضاء مندلي ، وتدخل حدود العراق. وتقرير الحدود لا يختلف في بيانه عن سياحتنامهء حدود. وهذه المياه أي مياه سومار وما يتصل بها وهو كنكر كانت تأتي من الأراضي بين الإيوان ، وده بالا من مانشت الجبل المعروف من أقصى نقطة منهم ، وهو من سلسة شيره زول ، فتسقي مندلي وما يتصل به كقرية (دوشيخ) ، و (قزانية) ... فإذا قطع حرمت مندلي وقراها من المياه ، وتهددت حياة بساتينهم الأمر الذي يؤدي الى توتر العلاقات دائما ، ولا سبب لذلك سوى هذه القبيلة ... مما أدى الى النزاع

__________________

(١) نزهة الجليس ج ١ ص ١٣٢.

٢٤٨

على هذه الأراضي ، وتجديد فتنها في كل سنة.

هذا مع العلم بأن زراع هذه الأنحاء من كلهور أيضا ، ولكن هذا لا يمنع من إيجاد النزاع. وقد يضطر أحيانا أن يؤدي أرباب المزارع العقر لأمراء كلهور بلا وجه حق ... سواء كانوا منهم ، أو من قبيلة قره أولوس ممن يزرع تلك الأراضي. وأمراؤهم آنئذ شيرخان ، والفت خان ...

وقد وجد فرمان لدى متصرف زهاب مؤرخ في سنة ١١٢٠ ه‍ يعين مقدار ما يؤديه أمراء قره أولوس ، واللك ، وكلهور ... مما يعين وجودهم في التاريخ المذكور في تلك المواطن (١) ... وكل ما علمناه أن الإيوان كان بيد أمراء التركمان أيام الخلافة العباسية وهم آل برجم وقد قضى هولاكو على أميرهم سليمان شاه بن برجم الايواني ، وقد أوضحنا ذلك في تاريخ العراق إلا أننا هنا نقطع في صحة النسبة الى هذا الإيوان ، وأن الموما إليه كان من التركمان الإيوانية أمراء تلك الأنحاء ، وقد اضطربت النصوص في تحقيقها ، فظهر الصواب بصورة لا تقبل الارتياب. (٢)

وبعد كل ذلك خمل ذكر قبائل كلهر وإمارتهم ، ولم يتعين لنا أمراؤهم إلا في الشرفنامة وهم متأخرون. ولا يعرفون ما جرى خلال المدة بين سليمان شاه وبين الأمراء منصور وشهباز.

وهؤلاء كلهم شيعة في إيران ، وسنة في العراق.

__________________

(١) تقرير الحدود ص ٣٧ وما قبلها.

(٢) راجع تاريخ العراق وجهانكشاي جويني ، وملحق تاريخ العراق. وهناك اختلاف النسخ من أناس لم يعرفوا وجه الصواب فاضطربت آراؤهم. والآن زال كل لبس.

فليصحح اللفظ.

٢٤٩

(٢)

قبيلة اللك

من قبائل إيران التي توسعت وانتشرت في العراق شمالا وجنوبا. مالت الى العراق وتغلغلت بين قبائله. وهذه مما يجاور كلهور. وكانت تابعة قبيلة قره أولوس في أنحاء مندلي كما ذكر في تقرير الحدود (١) وفروعها :

١ ـ زركوش. في العراق ، وفي إيران بين خرم آباد ووركوه أو بيشكوه حتى صيمرة ، والأكثر منها اليوم في العراق ، ومع الفيلية في بشتكوه. ويعدون اليوم من قبائلهم ، وهم ليسوا منهم ، وإنما هم من اللك.

٢ ـ سوره مري. مع الفيلية ، وفي أنحاء خانقين ، وبنكدره وشهربان (المقدادية) وأماكن أخرى متفرقون أفرادا وجماعات ...

٣ ـ روزبهان.

٤ ـ شيخ بزيني.

وقد أكد كثيرون أن شيخ بزيني منهم. (٢)

وفرقهم الأخرى بين خرم آباد وشيراز في الممالك الإيرانية ، وفيما يجاور الفيلية. ويغلب عليهم الغلو ، وكثير منهم اليوم (عليّ اللهية). ومنهم الذين نزحوا الى أنحاء العراق في هذه الأيام. وأما الذين جاؤوا العراق من

__________________

(١) تقرير الحدود ص ٣٥.

(٢) مر سابقا في هذا الكتاب.

٢٥٠

أمد بعيد فلا يعرفون هذه العقيدة ، فقد رأيت في أنحاء إربل جماعة باسم (لك) ، وهم منهم ، ولكنهم توطنوا في أنحاء إربل من أمد بعيد ... ومن غريب ما صادفته أنني سألت أحدهم هل أنتم علي اللهية فأجاب استغفر الله أنا مسلم ...!

ومن قراهم هناك :

١ ـ قاشقا.

٢ ـ خرخر.

٣ ـ درمان آوه العليا.

٤ ـ درمان آوه السفلى.

٥ ـ كاني سليمان كا (أي عين سليمان).

٦ ـ برد سبي (الحجر الأبيض).

٧ ـ بنكانه (ورق الشجر).

٨ ـ منارا.

٩ ـ جديده.

١٠ ـ بنجينه.

ولهم عدة قرى في قضاء كفري مسماة بأسماء بعض رؤسائهم ...

هذا. وفي نفس بغداد عدد كبير من اللك ، وهم لا يزالون على الغلو.

٢٥١

(٣)

قبيلة زرزا

من عشائر الحدود في اشنة ، تساكن قبيلة بلباس في إيران ، وأصلها من عشائر (كيلي) من قبائل بهدينان ، انفصلت من هناك ومالت الى حكاري وفي اشنة منها ما يسمى ب (عمر شابي). وكانت رياسة هذه القبيلة موزعة بين أربعة أخوة في حكاري وكان أحدهم (دري اغا) ، أقام بفرعه في محل (كور) ولا يزال يعرف هذا الفرع ب (دري).

والأخ الثاني (زرين اغا) ، ذهب الى شمدينان ، وكان حاكمها شمس الدين. فسكن بفرعه في تلك الأنحاء ، ويقال لهم (زر زاد).

والثالث من الأخوة (شاب اغا) قد انحاز بقسمه الى (اشنة) (١). وكان مير سيد بك أمير قبيلة (مير باساك) هناك ، فنزل بجواره.

والرابع منهم سكن (التون كوبري) فاتخذها دار اقامته.

ولا تزال فروع هذه القبيلة في تلك المواطن ، وكانت العلاقات بينهم مشهودة إلا أن قبيلة (مير باساك) قد شوشت ما بينهم ، فتباعدوا وانقطعت الصلة ، فدخل بعضهم في إمارة مكري وآخرون تبعوا الأفشارية في أورمية. أما زرزا شاب اغا فقد اتفق رئيسهم شاب اغا مع حاكم حرير (حاكم سوران) ، فترك لهم (اشنة) ، وبعد وفاته تملكها ابنه (مير عمر). وهذا توفي

__________________

(١) جاء الكلام على اشنة في سياحتنامهء حدود ص ٢٨٩.

٢٥٢

فخلفه ابنه (مير حاجي شيخ بك) ، ثم صار ابنه (اغا بك) ، فولي بعده ابنه (ذو الفقار بك).

وفي أيام هذا الأخير خذلت عشائر الحدود بخذلان (أمراء سوران) من البلباس ، فتفرقوا وصارت لاهيجان في تسلطهم ، وإن أولاد شاب اغا قد بقوا في اشنة ، فانقادوا للدولة العثمانية ، فتوفي ذو الفقار بك فصار مكانه ابنه ابو القاسم بك. وكان هذا في أيام نادر شاه. وفي أيامه مال ابنه جعفر بك ابن ابي القاسم بك الى نادر شاه ولما قتل نادر شاه عاد جعفر خان الى اصل عشيرته.

ولما ولي الأفغان إيران لم يتعرضوا باشنة لانحرافها وبعدها ، فبقيت بنجوة حتى ملك كريم خان الزند فلم يتسلط على اشنة أيضا. وفي سنة ١١٩٥ ه‍ أو سنة ١١٩٦ ه‍ توفي جعفر خان فخلفه ابنه افراسياب ، وكانت له شوكة هناك ، فخلفه أخوه محمد سليم بك. وهذا مدة إمارته لم يتصل بإيران ، فآلت الإمارة الى افراسياب بن قاسم بك.

ثم إن جعفر بك ابن محمد سليم بك أحدث زعازع ، فانتصر على سابقه وصار يسمى جعفر سلطان ، وبعده ولي ابنه صمد خان فصار حاكما وكانوا يؤدون الخراج لإيران من أيام جعفر سلطان لمدة ٥٠ سنة كما عرف من استشهاد قدم الى الفريق درويش باشا سنة ١٢٦٨ ه‍.

هذا ما أمكن تلخيصه من تقرير الحدود عن (قبيلة زرزا) وطريق انتشارها ، وأوضاعها منذ مائة سنة وقد مر الكلام في بلباس وهناك علاقات بها ، كما أن سوران ذات علاقة بها (١) ... ولم يصرح في معاهدة السلطان مراد بشيء عن هذه القبيلة ولكننا عرفنا علاقتها بقبائل بلباس ومير باساك. وجاء ذكرها في الشرفنامة ولم يتعرض للتفصيل عنها بل أن الفصل الخاص بها مفقود (٢) ولم يسبق للمؤرخين أن بحثوا فيها إلا أننا رأينا النقل من

__________________

(١) في تاريخ العراق ، وتاريخ اربل تفصيل.

(٢) مقدمة الشرفنامة ص ١٦.

٢٥٣

صبح الأعشى عنها في حين إني رأيت في كتاب المسالك الذي يعتمده صبح الأعشى قد ذكر أنها زراري ، وأن النسخة قديمة ، وأعتقد أنها نسخة المؤلف. ولعل النسخ الأخرى جاءت مغلوطة دخلها غلط النسخ ولا شك أن المسالك هو المرجع الوحيد ، فمن الضروري تحقيق نسخة ، ومراعاة الصواب فيها ، وهاتان القبيلتان متقاربتان في الاسم وفي السكنى ولا تزالان. والأمل أن يحقق هذا الأمر فيرفع اللبس عن طريق تحري النسخ ، ثم ما يدعمها من تحليل ألفاظ اللغة الكردية وما هو أصل اسم الذئب أو ابن الذئب عندهم؟

هذا. واعتقد أن نسخة أياصوفيا هي الأصلية. لأن المؤلف يذكر أن أحد الخطاطين هو الذي كتب له عناوين الكتاب ، والحق أن خط العنوان يشعر بأنه خط خطاط بارع ، ولعله الذي كتب لنفس المؤلف. ولا شك أن البحث يجلو العلماء ، ويعين الخطأ في أي النسخ ، ونشير هنا الى أن قبيلة زرزا قديمة أقدم مما ذكره صاحب تقرير الحدود وصاحب المسالك ، فقد جاء ذكر الزرزائية في المسعودي على ما نقل العلامة محمد أفندي الكردي ، قاله في تاج العروس. (١) والأمل أن تظهر الوثائق فتجلو المبهم عن المقصود من نص المسالك.

__________________

(١) ومن هنا علمنا أن محمد افندي المذكور في ص ١٢ غير محمد فيضي الزهاوي كما فهم من نقل تاج العروس منه ج ٢ ص ٤١٤ والظاهر انه محمد بن سليمان الكردي المذكور في سلك الدرر ج ٤ ص ١١١ المتوفى سنة ١١٩٤ في ١٤ ربيع الأول (١٧٨٠ م).

٢٥٤

كيله شين ـ أثر تاريخي

ومما يتصل بقبيلة زراري أو زرزا بالنظر لاختلاف النسخ وهما متقاربان في المكان الأثر المعروف اليوم ب (كيله شين) وهذا على جبل معروف بهذا الاسم ، أول من عرفه من الغربيين ، فكتب عنه (الميجر رولينسون) العالم الإنكليزي في رحلته. وهذا الجبل يفصل بين اوشنة والعراق ، وله فروع.

قال صاحب مسالك الأبصار :

«والزرارية مسكنهم من مرت الى جبل جنجرين (جبل كيله شين) المشرف على اشنة من ذات اليمين ، وهو جبل عال ، مشرف بمكانه على جميع الجبال ، كان بهواه الزمهرير ، وكأنه للسحب مغناطيس يجذبها لخاصه ، وقد نصب عليه للتحذير ثلاثة أحجار طول كل حجر عشرة أمتار ، وعرضه ربع هذا المقدار ، ثخانته نحو ثلثي ذراع ، منحوت من جميع الأضلاع ، مركب في حجر مربع ثخانته تزيد على ذراع في التقدير ، على كل من الثلاثة كتابة قديمة لم يبق منها سوى المعالم وهي من الحجر الانع الأخضر ، الذي لا يغيره البرد ولا الحر ، ولا تتأثر إلا بألوف السنين ، تأثيرا لا يكاد يبين ، فالوسط منها على بسطة رأس الجبل ، والآخران في ثلث عقبته لمن صعد أو نزل يقال انها نصبت لمعنى الانذار ، وإن المكتوب عليها أخبار من اهلكه البرد والثلج في الصيف ، وهم يأخذون الخفارة

٢٥٥

تحته ، ويدركون أو يوارون من هلك ببرده.» اه.

وهذا الأثر التاريخي المعروف اليوم بكيله شين يعد حدا فاصلا بين إيران والعراق كما كان كذلك من أيام صاحب سياحتنامهء حدود.

٢٥٦

(٤)

قبيلة شقاقي

من قبائل الحدود في تركية ، وفي إيران. وهي كبيرة ، ومنتشرة في الأنحاء العراقية ، متفرقة أفرادا ، وجماعات صغيرة ، وتجاور القبائل العراقية ، واتصالها بقبيلة هركي. ورئيسها اسماعيل سيمكو. وفي

تركية في أنحاء حكاري على ما جاء في سياحتنامهء حدود.

وفروعها كثيرة :

١ ـ عودويي ، أو عبدويي. ورئيسهم في إيران عيسى خان.

٢ ـ هناره يي. رئيسهم حسن اغا.

٣ ـ كاردار. رئيسهم في إيران سرتيب خان.

٤ ـ شرا ، أو شرراه. ومنهم في إيران.

٥ ـ بوتا ، أو بوتي. مشتركة في إيران والجمهورية التركية.

٦ ـ كركي.

٧ ـ كاوانا.

٨ ـ فنكا. رئيسهم عباس خان.

٩ ـ دلان. رئيسهم عمر خان.

١٠ ـ عماني. رئيسهم في إيران محيي الدين خان.

١١ ـ مامدي. منهم في إيران ورئيسهم قرطاس خان.

٢٥٧

يسكنون القرى شتاء في صوما وبرادوست وجاري من إيران وصيفا زوزان من إيران. ولم يكن لهذه القبيلة موطن في العراق. ويعرفون من أمد بعيد عندنا ب (الشقاقية). هذا ما علمته من العارفين بهم (١). وذكر أوليا جلبي هذه القبيلة في مبحث اليزيدية.

__________________

(١) سياحتنامهء حدود ص ٣٣٤ والتفصيل هناك ، وكذا في غيرها.

٢٥٨

(٥) قبائل أخرى

ومن القبائل الكردية في الحدود مريوان ، ومكري ، ومير باساك ، وحيدرانلو وسبيكي أو سبيكانلو ، وزبلانلو ، وجلالي ... ولكل من هذه فروع كثيرة ، وبين بعضها يزيدية. والمشترك بين العراق والأقطار المجاورة كثير. والتفصيل في (تاريخ العراق) ، وفي (تاريخ العلاقات بين العراق وإيران). فأكتفي بالاشارة.

٢٥٩

(١)

الأوضاع الاجتماعية

العقائد

لا يؤمل من هؤلاء باعتبارهم قبائل إلا البساطة في العقيدة ، والإسلام لا يحتاج في التعريف بعقيدته الى جهود عظيمة ، أو مطالب كبيرة وإنما هو توحيد خالص وإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر. وهم إسلام ثم داخلهم التصوف ، وصار للشخصيات أثر كبير في التوجيه ، بحيث عادوا لا يعرفون من أمور دينهم إلا حب الشيخ ، وامتثال أمره ومراعاة توجيهه ولا نأمن في هذه الحالة أن تدخلهم (عبادة الأشخاص) ، وأن يذعن لهم القوم باستهوائهم ، وأن يميلوا ميلا زائدا في الحب لهم. ومن ثم يحدث ما يتجاوز حدود الحب.

وأثر العقائد الإسلامية ظاهر بما يقومون به من الأعمال الدينية كالصلاة والصوم وسائر الفروض الدينية. ومعرفة أوليات العقيدة وأركانها مما يتكرر في كل صلاة. وعند أداء الفرائض المطلوبة.

وهؤلاء لا يكادون يفهمون من الدين إلا الأعمال مجردة دون تفهم الاعتقاد أو بالتعبير الأصح انصرفوا للعمل دون فهم المقصود فبقيت العبادة تجري على الاطراد المعتاد ... وأمور العبادة ظاهرة فيهم وأركان الإسلام مرعية إلا أن اتصال العلماء في بعض قبائلهم قليل.

٢٦٠