موسوعة عشائر العراق - ج ٣

عباس العزاوي المحامي

موسوعة عشائر العراق - ج ٣

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٧

١
٢

٣
٤

بسم الله الرحمن الرحيم

(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ

ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً

وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ

عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

صدق الله العلي العظيم

٥
٦

المقدمة

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد فإن العشائر الريفية في هذا المجلد تناولت (الزبيدية والطائية) وما يتصل بهما من قحطانية وحميرية. وفي هذه المرة أذكر عشائر المنتفق وربيعة وما يمت اليهما أو يتصل بهما من عشائر كعب وقيس وتميم وعبادة. وهكذا عشائر بني هاشم وما إليها من عشائر عدنانية أخرى. وبهذا نكون قد استوعبنا (العشائر الريفية) ، بل ان هذه المطالب لا تحصى وربما تجر إلى ما لا حد له ولا استقصاء. وفي هذه الحالة لا نهمل (العشائر المتحيرة) مما لم نتمكن من ارجاعه إلى أحد الجذمين القحطاني والعدناني.

وليس في هذا ما يشم منه رائحة طعن أو نعرة. وإنما الانساب تعين الصلة بالماضين والتعريف بالحاضرين وعلاقاتهم. وليس في ذلك شائبة اثارة عداء كما توهم بعض من لم يدرك المهمة ، ولم يفهم الموضوع. فإن التذكير بالقربى تحقيق للمناصرة ، والتعاون في الشؤون الاجتماعية والخيرية وسائر المساعدات لما في ذلك من تحكيم قوة الاواصر ، وتوكيد التعارف.

ولا يكون ذلك سبب العداء ، ولا وسيلة اثارة البغضاء فإن الاسلام منع منعا باتا من الركون اليها. ولا تزال في كل الامم تراعي القربى والاواصر ويرجع ذلك إلى الماضي البعيد أو القريب.

سبق أن أوردت قسما من العشائر الريفية. والآن أدخل في مطالب

٧

القسم الآخر منها أعني العشائر العدنانية تحقيقا للاغراض العشائرية. ولكل مجموعة من الاوصاف ما تختلف بها عن الاخرى من عرف ، أو آداب ، أو خصال اجتماعية. ولا ينكر في هذه الحالة تأثر بعض هذه المجموعات أو كلها بمن تقدمها في السكنى ، ولا نجحد بوجه ما الاختلاط وأثره في اكتساب عوائد جديدة ، كما لا ننكر الميل إلى المدن واختيار المعيشة فيها بالنزوح إليها فتغلب العنصر العدناني وحل محل سابقه.

ولا شك أننا في هذا النوع من العشائر الريفية نتناول شيئا جديدا ، ونبحث في ما يتعارض وغيره من خصال ثابتة أو ما اكتسبته العشائر من المحيط ومن العشائر المتجانسة. بل أثر في من ساكن هؤلاء من العشائر في تغلبه وهذه حصلت على صفات نجدها دخيلة في العشائر الزبيدية أو القحطانية التي عاشت معها ففقدت أوصافا كثيرة مما عندها ، واقتبست مزايا جديدة لا تباين أوصاف الكثرة ولا تخالفها بل اكتست كسوتها وصارت مثلها. وان كانت لم تنس نسبها وإنما احتفظت به بالرغم من هذا الاختلاط هذا والله ولي الأمر.

عباس العزاوي

٨

نظرة عامة

في العشائر الريفية هذه نرى تخالفا عما في العشائر القحطانية من أوصاف وتعاملات ولها سياسات خاصة. تولدت منها إمارات قوية. وان عشائرها في هذه الحالة أقرب للطاعة لا من جهة أنها أكثر اذعانا بل من جراء تضييق السلطة عليها صارت أزيد تضامنا ، فلم يستطع رجالها ان يشمسوا على الإمارة أو يجمحوا عليها.

ومبنى التعاون المتقابل مصروف إلى أن الغرض التملص من السلطة العامة (الحكومة) وتكاليفها الشاقة. وعلى هذا نرى سياسة العشائر الطاعة بلا تلوم ، والرؤساء بيدهم الحل والعقد أو زمام الأمر بصورة لا تقبل الارتياب. والتوجيه الحق مطلوب من الرؤساء. والطاعة من العشائر.

ومن مسهلات (ثورات العشائر) أنها تابعة لأمر الرؤساء. وان بعدها عن العاصمة ، ووضعها الجغرافي في كثرة الاهوار والانهار ، وتشويش أمرها عند الحاجة وما يتعلق بذلك من أوضاع مساعدة على العصيان ... كل هذه أسباب مهمة ، وعوامل قطعية. فاذا أضيف إليها ضعف الدولة في تجهيز الجيوش ، واضطراب أمورها في ثورات أخرى علم ان ذلك كان من أكبر البواعث لتلك الثورات ونجاحها في أغلب الاوقات.

ولا تنجح الدولة في حالة من تلك الحالات إلا أن تتفق في الخفاء مع الرؤساء الآخرين الطالبين للرئاسة من مستغلي الاوضاع وحينئذ يصح أن تكون نجحت الدولة لما تشاهد من الميل نحو المتفق الجديد معها في

٩

السرّ ، أو الذي يتيسر جلبه مع قوة الحكومة التي تساعد مهمته. وربما يكون ذلك جعليا مصطنعا في هرب الرئيس وانهزام قوته وميل قسم كبير مع الرئيس المتفق مع الدولة فيربح الواقعة بسهولة في هذه الميلة فينقذ عشيرته من الدمار. وفي كل هذا لا يتم الغرض دون استخدام جيوش كثيرة تأتي من بلاد الترك للتسلط لمدة قصيرة ثم تعود الحالة اذ لا تقدر الدولة أو الحكومة أن تلتزم الجيش لمدة طويلة لا سيما في الغوائل الكبيرة ومراعاة أوضاعها. وفي تاريخ العراق من الوقائع ما يصلح أن يكون أمثلة موضحة.

نرى الاوضاع تدعو إلى الالتفات ، وتسهل المهمة كثيرا ، وانها في ذلك تؤدي الخدمة نحو عشيرتها ، وتقوم بأعمال غالبها مكلل بالنجاح فتكون كما يقولون (سمعة وسلامة). وقل أن تخذل قوة العشائر تجاه الجيش. وبهذا تستمر المشادات وتكون دائمة دائبة تعجز الحكومة عن اخمادها. وبعضا نرى الشيوخ يستكثرون الاعشار فيهيجون السواد العشائري ليشوشوا الحالة ويحرموا الحكومة من أخذ الرسوم الاميرية.

يوضح هذا ما مر في تاريخ العراق بين احتلالين من أمثلة ووقائع أو ما نتناول بعضها أو الكثير منها. وهذه تعد من أكبر أعمال الحكومة في السياسة العشائرية أو نراها في حاجة دائما إلى فكر عظيم ، وتنوع في الادارة أو ابداء القدرة ولا تقف عند حدّ وهكذا الشأن في العشائر نفسها. ولعل للموطن أكبر الاثر في تمشية هذه السياسة لاحباط وجهة نظر الدولة أو الحكومة. وان سياسة العشيرة نفسها أو امارتها وانقيادها أو جموحها على رئيسها واتباع غيره مما يمكّن الوضع أو يجعله مضطربا وحينئذ تستفيد الحكومة أو الدولة من الخلاف.

وفي كل هذا وما ماثله نرى اقتباس الحالة من حياة العشيرة نفسها ومن وقائعها. ففي ذلك ما يبصر ويعين وجهة النظر ، ويؤدي إلى المعرفة.

واذا كانت في هذه الايام تغيرت الاوضاع فإن السياسة لا تخلو من تعقد دائم ، وتغير مستمر. وفي هذا تتوقف السياسة العشائرية على حسن

١٠

ادارة ، ومواهب جمّة في ادراك أوضاع نفس العشائر واستغلالها لتلك الاوضاع فنرى التبصر من الطرفين سائرا باطّراد وبذل مجهود مشهود. ولكل حادث ما يحوطه من آمال وسياسة ظاهرة أو مكتومة.

وهذا اللون في العشائر العدنانية قد يشترك وما في المجلدات السابقة ولكنه يختلف كثيرا في ادراك (حالات العشائر) كلها. لا سيما وان سياساتها مقرونة (بسياسة الحكومة أو الدولة) وأوضاعها. وربما كانت هذه الادارة أعظم سياسة وأعقد موضوع. ولعل في الوقائع المدونة مما نتناول موضوعه كفاية وغنى. وهذا يوجه الانظار إلى اتجاهات مستمرة في ضروب السياسة العشائرية ، وتحولها الدائم.

ولا شك أنها أعظم وأجل سياسة فلا يستهان بها بوجه وان كل تهاون يؤدي إلى خلل كبير ، وتشوش لا حدود له. وحينئذ لا تكتسب الاوضاع حالتها الاعتيادية بسهولة.

وبعد عهد المماليك حاولت الدولة محاولات كثيرة في القضاء على إمارة المنتفق بإلقاء الشقاق بين أمرائها وباعطائها المنتفق بالالتزام بالمناوبة ، وقطع بعض أقسامها والحاقها بما جاورها ، وزيادة بدل الالتزام إلى أن وصلت إلى حالة لا تطاق. ومن ثم سهل القضاء عليها ولكن بعد عناء كبير وبذل لا يستهان به.

ومثل ذلك يقال في ربيعة وكعب ... وما حدث فيها من حالات وما نجم من وقائع ... وكل هذه تهم في معرفة ما جرت عليه هذه العشائر في مختلف العصور وما ألهمت من سياسة.

١١
١٢

المراجع

كنت قدمت في الكتب السابقة لا سيما المجلد الثالث بعض المراجع العامة. ويهمنا هنا أن نعين المراجع الخاصة بهذا المجلد مع ملاحظة ما في المجلدات الاخرى. وهذه أشهر المراجع الخاصة أو التي هي أقرب للاستفادة أو أنها ذات مساس نوعا.

١ ـ الخبر الصحيح. للاستاذ سليمان فائق ابن الحاج طالب الكهية. والد فخامة الاستاذ حكمت سليمان. وتوفي سليمان فائق في ٢٨ جمادى الآخرة سنة ١٣١٤ ه‍ ـ ١٨٩٦ م. وتتضمن هذه الرسالة أحوال المنتفق الخاصة بأيام الاستاذ. وهي مهمة من هذه الناحية.

٢ ـ رسالة في المنتفق. للاستاذ سليمان فائق أيضا. وهذه أوسع من سابقتها ، وكلتاهما بالتركية. والظاهر ان تلك مختصرة من هذه. وكان المؤلف في رسالتيه هاتين من أشخاص الوقائع أو الموجهين فيها ، العارفين بأحوالها. وكان رحمه الله ذا معرفة كاملة بالسياسة وما ترمي إليه آنئذ وبالاوضاع. لسانه بليغ ، وبيانه عظيم.

٣ ـ سياحتنامه حدود : وهذه ذات مساس بالموضوع مباشرة. ومؤلفها وافر المعرفة. هو خورشيد بك (خورشيد باشا) جعلها أشبه بالرحلة أو التقرير اجابة لطلب دولته. بين فيها ان النزاع كان قائما بين الدولة العثمانية والدولة الايرانية ولا يزال مستمرا ، وفي سنة ١٢٦٣ ه‍. مالت الرغبة بينهما إلى التفاهم لحل الخلاف. كان ذلك أيام السلطان عبد المجيد ابن السلطان

١٣

محمود فاختارت الدولة الفريق درويش باشا للمهمة ، وان خورشيدبك المكتوبي اختير أن يكون معه وأوعز إليه وزير الخارجية أن يدون عن كل ما يمر به مع لجنة الحدود وان ذلك مرغوب السلطان فبذل وسعه وكتب هذه الرحلة ، وقدمها بصورة تقرير. وهي كتاب جامع لاحوال القطر العراقي وما اتصل به من الحدود الايرانية إلى أن وصل إلى ارزن الروم (ارضروم). وفيها ذكر واسع لعشائر العراق لا سيما المنتفق والعشائر الاخرى المتصلة بها. وعندي نسخة منه مخطوطة ومجدولة ومذهبة. فهي نفيسة جدا. وبياناتها وافية. والمشاهدات صحيحة في غالب أمرها.

٤ ـ ذكرى السعدون : لمعالي الاستاذ الشيخ علي الشرقي. كتبها بمناسبة وفاة فخامة السيد عبد المحسن السعدون. وتعرض فيها للامارة. ولو كانت معززة بالمراجع لكانت من أجل الآثار ومع هذا فائدتها كبيرة. طبعت سنة ١٩٢٩ م في مطبعة الشابندر ببغداد.

٥ ـ مباحث عراقية : في مجلدين للاستاذ يعقوب سركيس. وهو من المراجع المهمة في امراء المنتفق. طبع المجلد الاول سنة ١٣٦٧ ه‍ ـ ١٩٤٨ م والمجلد الثاني سنة ١٣٧٤ ه‍ ـ ١٩٥٥ م.

٦ ـ تاريخ العراق بين احتلالين : في مجلداته وما يعتمده من مراجع.

٧ ـ المنتفك (المنتفق) : صحيفة اسبوعية ، صدر العدد الاول منها في يوم الاحد ٦ جمادى الآخرة سنة ١٣٥٨ ه‍ ـ ٢٣ تموز سنة ١٩٣٩ م صاحبها ورئيس تحريرها الاستاذ لفتة مراد. وفي أول عدد منها ذكر المنتفق وإمارة السعدون. وتوالى بحثه في الاعداد الاخرى بتفصيل. وأهمية هذه الإمارة أو اللواء في عشائره اذ إنها حياة البلدان. ومنها يتكون اللواء. وتعد هذه الجريدة من أهم المراجع. ومباحثها تستحق المراجعة من وجوه عديدة.

٨ ـ شجرة الزيتون في نسبة آل السعدون : مخطوطة. للاستاذ عبد الحميد عبادة. كتبها في تسلسل آل سعدون. ولكنه لم يؤيد قوله بنصوص

١٤

الشيخ سالم الخيون ـ بنو أسد

١٥

تاريخية. كتبها في ١٤ المحرم سنة ١٣٤٤ ه‍ وخير ما فيها انه دوّن السلسلة المحفوظة بصورة مشجر.

هذا. ورجعنا إلى مؤلفات كثيرة غير ما مر بيانه في المجلدات السابقة كما استطلعنا آراء جماعة من العارفين بالعشائر لما يخص العدنانية ومن ساكنها. ومع كل هذا نحتاج إلى ما يزيد في الايضاح ، أو يصحح ما كتبنا. والامل في القراء الافاضل أن يقوموا بالمعاونة في هذا الأمر العظيم لئلا يبقى خفاء أو غموض في عشائرنا. ونعيد القول بأن غالب عشائر الديوانية من المنتفق وقد أوضح عنها فخامة الاستاذ السيد مصطفى العمري فيما كتب من تقرير اداري (لم يطبع). فعولنا على ما جاء فيه وقابلناه بغيره.

وهنا لا أمضي دون ذكر فضل المرحومين الشيخ زامل المناع ، والشيخ محمد حسن حيدر وسائر من ساعدوا بإدلاء معلومات. فلهم الشكر على ما أسدوا. والموضوع التاريخي لا تكفي فيه النصوص وإنما يحتاج إلى بيان العلاقة بالحاضرين ليكمل البحث ولا يقتصر الأمر على المنتفق وحدهم. وإنما تكلمنا في عشائر كثيرة متصلة بالتاريخ مثل إمارة ربيعة وإمارة كعب وغيرها. والمراجع كثيرة إلا أنها خاصة فأشرنا إليها في حينها.

١٦

المباحث

لا تختلف مطالب هذا الكتاب عن سابقه. إلا أن ذاك في العشائر القحطانية وهذا يخص العشائر العدنانية. وهذه كثيرة في شعبها وفروعها. ونذكرها تبعا لمكان كل إمارة أو عشيرة. والعشائر الملحقة بها نسردها في محلها. ومن أهم ما هنالك :

امارة المنتفق ، وعشائرها ، وما يلحقها من عشائر ساكنتها. ويتكون منها لواء المنتفق. وتفرعت كثيرا وانتشرت.

ويليها (امارة ربيعة) وعشائرها. ومن هذه تكونت مجموعة كبيرة صار منها (لواء الكوت). وانتشرت فروعها وعشائرها خارج اللواء كالمنتفق.

وهكذا قبائل كعب وتميم وقيس وعبادة ... ومن أهم ما هنالك من إمارات لا تزال على البداوة مثل (عشائر عنزة) و (الضفير) وهذه تكلمنا فيها في المجلد الاول. ومنها من مال إلى الارياف فتكونت منه عشائر عديدة.

وكذا عندنا (عشائر هاشمية) و (قرشية) عديدة منتشرة في أنحاء كثيرة إلا أنها لا تكّون مجموعات كبيرة إلا قليلا. وغالبها مختلط بين الارياف.

وكل هذه يجمعها (عشائر عدنان) ويتكوّن منها موضوع هذا المجلد. وقلّ أن نذكر بينها من العشائر القحطانية إلا ما كان مختلطا معها أو مساكنا لها. وان كان معروف الانتساب ...

هذا. وغالب هذه العشائر في لواء المنتفق ، ولواء الكوت ، ولواء

١٧

الديوانية ، ولواء العمارة ولواء البصرة وقلّ ان يكون في غير هذه الالوية.

ونتبع ذلك بمطالب عامة تتعلق بالسكنى ، والمقتنيات ، والصيد ، والزراعة ، والارضين ، والخيل ، والعرف ، والآداب. وتهم معرفتها أكثر من التوغل في كل عشيرة من العشائر. والكل مهم ولازم المعرفة.

١٨

العشائر العدنانية

هذه سكناها قديمة في العراق من أيام العشائر (التنوخية). وقبل ذلك وبظهور الاسلام في العراق مالت عشائر كثيرة من العدنانية إلى العراق فوجدت عشائر عربية قد سبقتها فناصرت العشائر الفاتحة إلا أنها كانت عند الفتح الاسلامي أقل من القحطانية. وتكوّن منها مجموعة عظيمة ، فلم تنفرد إلا قليلا بل استفادت من القوة.

ومن الضروري البحث في هذه العشائر. واماراتها العامة في مجموعاتها وما ينطوي تحتها ، وما تتكوّن منه الامارة ، فنعرف أجزاءها ، ووسائل تكوّنها. وبذلك نكون قد أدركنا وضعها الصحيح. فاذا كان ذلك مقرونا بوقائعها التاريخية توضح أكثر. وهكذا كانت آدابها وسيلة معرفة نفسياتها. ومثل ذلك تاريخ عرفها.

وبهذا نكون قد استكملنا المعرفة ، واتصلنا بهذه العشائر اتصالا مباشرا. ولا يهمنا إلا التفصيل بذكر الافخاذ والفروع. ومع هذا ترى سعة المباحث لا تنفد وكثرتها لا تحصى. وان وراء هذا بسطا لا يسعه المجال. ولا نستطيع الكلام في كل ما عرفنا. أو حاولنا عرضه من المطالب.

والعشائر العدنانية كثيرة تدخل ضمنها عشائر تمت إليها أو قحطانية عاشت معها.

ومن بين هذه العشائر (عنزة). و (الضفير). و (حرب) وكلها عدنانية ، ولا شك ان هذه تتصل بعدنان أو مع عدنان بجد أعلى. ومنها العشائر

١٩

(القرشية) ، و (الهاشمية). وهي منتشرة هنا وهناك بقلة ، ومتكونة من أفراد في الاصل. ومجموعاتها صغيرة. ومن أقوى الإمارات العدنانية (امارة المنتفق).

وهناك عشائر منقرضة ذابت في المدن ، أو مالت إلى أصقاع أخرى أو خلفتها عشائر جديدة نجمت منها أو صارت ، بحيث لم تتكون منها مجموعة في الحاضر. وهذه لا تكون موضوع بحثنا إلا ما كان ذا اتصال بالعشائر الحاضرة مما لا يزال غير مقطوع الصلة أو تذكر للاشارة إلى التعريف بأصلها.

وفى هذا نراعي ما راعيناه في المجلد السابق ، فلا نتجاوز حدود نهجه وطريقة بحثه إلا لضرورة دعت ، أو وجهة تاريخية اقتضت أو خصائص لزم ذكرها.

٢٠