موسوعة عشائر العراق - ج ٣

عباس العزاوي المحامي

موسوعة عشائر العراق - ج ٣

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٧

بتلول ام الحنطة ، والابيض والسبل المتشعب من أبي حلانه (١). وتلول المربع والعويلي.

٢ ـ العساكرة. من الشرق الجنوبي ، وهم تابعون لقضاء سوق الشيوخ.

ويجاورهم في الشامية :

١ ـ عشائر الغزي (ينتسبون إلى الفضول) من الغرب.

٢ ـ الحوّاس وآل محينة (وهؤلاء في كوت معمر) من الجنوب.

والحسينيات في لواء ديالى :

فى حد مكسر والعبارة وفي زاغنية. نخوتهم (جيس) وفروعهم :

١ ـ ألبو حمد. رئيسهم احمد السعيّد.

٢ ـ ألبو سالم. رئيسهم ابراهيم الاحمد.

٣ ـ ألبو سلامة. رئيسهم ابراهيم الاحمد.

لم نجد صلة لهؤلاء بالحسينات في المنتفق. والمقصود معرفة ذلك وهل هم عشيرة اخرى؟

٧ ـ عبودة

من العشائر الكبيرة والمهمة. أصلها من ربيعة. وهذا متفق عليه وتعد من عشائر الاجود أهل الثلث من المنتفق وكانت قد نازعت المنتفق في بادىء أمرها ثم اذعنت وصارت تؤدي جميع الضرائب والرسوم لولاة بغداد كسائر عشائر المنتفق حتى الضرائب المعروفة باسم الحصان (٢) وكان

__________________

(١) أبو حلانة. نهر منشعب من نهر قديم معمور الى الآن في ناحية السديناوية ـ التابع لمركز الناصرية ـ و (كرمة أم العظام) في البرس في ذنائب أبي حلانة.

(٢) لغة العرب ج ٢ ص ١٩ وما بعدها.

١٢١

السيد عبد اللطيف السيد حبيب ـ السادة المحانية

١٢٢

السعدون يسامحونهم في كثير منها ويسمونهم (حبال الصيوان) كانت في العصر السابق والى أواخر أيام العثمانيين صاحبة المكانة والنفوذ ولها أهمية لا تقل عن العشائر الكبيرة في وقائعها وحروبها وكانت لا تعتمد إلا على نفسها ولا تراعي إلا قوة ساعدها ولا يعوزها في نشاطها وقدرتها أمر إلا أن ناظم أمر العشائر اضطرب بالقضاء على وحدة السعدون وبالتعبير الاصح ان هؤلاء كغيرهم عادوا لا يذعنون اذعانا تاما وصارت كل عشيرة لا تنظر إلا إلى مصلحتها ولكن الروح لم تمت والقدرة لم تعدم والفرق بين الماضي والحاضر أن القوة كانت مجموعة موحدة واليوم موزعة.

ولا ينكر نشاط الرؤساء وحسن ادارتهم لعشائرهم بحيث يتفادون دونهم في مهماتهم ومطالبهم الكبيرة. والشيخ خيون من الرجال البارزين الذين يعرفون كيف يدبرون أمرهم ويتولون القيام بالزعامة. ومنه تحققت الكثير عن عشيرته وصححت ما عندي من مذكرات في ٦ مايس ١٩٣٨ م وهو ذو مكانة عظيمة ومهارة في البيان وحوادثه تنبئ عن مهارة وكلامه يشير إلى قدرة. وهو خيون بن عبيد بن جبير بن عباس ، وأولاد عمه عبد الحسين ومحول آل حميدي آل جبير ، واخوته سعدون وسعيد وهاشم وكاظم ووارد وهو الذي أخذ علم الشيخ سعدون المسمى ب (الوارد).

كانت الرئاسة للشيخ حسن السنجري وكان عالما مجتهدا وهو الذي أسس الشطرة القديمة ثم صارت لابنه الشيخ طاهر. وكان مجتهدا أيضا ثم لابن أخي الشيخ حسن وهو الشيخ موسى آل عطي فلم يحسن الادارة وتولاها أحد أبناء عمه المعروف ب (راضي آل عكن). وكان عنيفا سفاكا للدماء وهو ذو مواهب حربية وقد تآمرت عليه العشيرة بأجمعها فقتلته ، فثار جد الشيخ خيون وهو جبير لطلب دمه وقاتل العشيرة فترأس. ثم قتل في حرب وكان شجاعا فخلفه ابنه عبيد ، وكان ذا سياسة قويمة. ثم تولاها الشيخ خيون.

ولي الرئاسة العامة على العشيرة وعمره نحو ١٣ سنة ولا زال محافظا

١٢٣

عليها بما قدمه من خدمات ولم يخذل في حروبه. بل نجح في غالب وقائعه. وفي أيام جده جبير كان ينازعه في الرئاسة الشيخ موسى آل عطي من (بيت الشيخ) وساعده (الصيراخب) وكان رئيسهم آنئذ الشيخ محسن ولكن تمت الرئاسة إلى جبير وبعده انتقلت إلى عبيد ثم صارت الرئاسة إلى ابنه الشيخ خيون. ولما ذكر لي ما جرى بين الشيخ موسى وجده جبير قال : والعرب لا ترضى ان تنزع الرئاسة منها ولا أن يتولاها غير زعيمها الذي سلمت له ولآبائه بالرئاسة. وأهل المدن لا يبالون بذلك. ونحن ننظر إلى العرب ولا نبخسهم حقوقهم ، ثم قال : ولكنك لو جردت نفسك ونظرت إلى عشيرة العزة نظرة صحيحة لما قبلت أن يتولى رئاستها من غير بيت الزعامة. والحق ما قاله. فلبيت الرئاسة مكانته. وعبودة أقل من بني ركاب ومن خفاجة وآل حميد عددا ولكن مكانتهم معروفة.

وتتفرع الى :

١ ـ السناجر :

فرقة الرؤساء ونخوتهم (اخوة دلمة) و (اخوة فلوة) والنخوة العامة (اولاد صالح). وسبب تسميتها بالسناجر انها كانت لها حروب مع المجاورين وهم عبادة وربيعة فجلوا إلى جبل سنجار. فكان ذلك أيام أن مالت ربيعة إلى شادي فبقوا مدة ، ثم حدث خلاف بين ربيعة وعبادة فاستنجدت ربيعة بعبودة وجاؤوا إليها عونا فانتصروا على عدوهم. وبقيت نسبة سنجري ملازمة لهم وهذا ما يحفظونه وفي الغالب كان يطلق على كل عبودة. ثم اختص بفرقة الرؤساء .. وكان قد استصرخهم المياح مرة وهوّسوا قائلين :

(كد ما كد جدّك لعبادة)

فكانوا عند ندبتهم وتدخلوا في الصلح وجعلوا العلك (الهدنة) سنة. ويراد بهذه الهوسة ان جدك الاول قد نكل بعبادة. وهذا اليوم كذاك وطلبوا

١٢٤

أن يكون النصر على يدهم في هذه كالانتصار في تلك.

ويسكنون الحلوي والصديفة وام التمن رئيسهم العام الشيخ خيون العبيد عضو مجلس الاعيان. وفروعهم :

(١) الملحان : رئيسهم الشيخ خيون العبيد.

(٢) آل منجل : رئيسهم دنيف آل عوفي. توفي وخلفه ابنه عبد الحسن من السناجر.

(٣) بيت الشيخ : نسبة إلى الشيخ حسن السنجري. وهو فرع الرؤساء.

(٤) آل ازابج : رئيسهم فيصل بن عناد. ويسكنون الصديفة ومنهم في أنحاء العمارة. ومنهم في لواء الديوانية رئيسهم الحاج حسن آل زغيرون ومنهم ألبو صالح ، وآل شمال.

ويتبع السناجر :

١ ـ الهلالية. وهم من ربيعة. ويرأسهم نزال آل صليبي وعجيل آل جبر. ومنهم من يعدهم من عبادة.

٢ ـ آل حسين. ويقال لهم (آل زيادة).

٣ ـ المساليم. أصلهم صابئة فاسلموا. ويسكنون الشطرة.

٤ ـ العميرات. وهم غير الفخذ من ألبو سعد. أصلهم من ربيعة من بطون اخرى. رئيسهم زبيل آل دافر وتوفي.

٢ ـ ألبو شمخي :

يسكنون مقاطعة الشطرة. وهم من السناجر إلا أنهم صاروا فرعا مستقلا. وفروعهم :

(١) الصراخب. رئيسهم حسين آل علي آل مطير. ومنهم في لواء الديوانية.

١٢٥

(٢) ألبو شمخي. ومنهم :

١ ـ الرهلية.

٢ ـ الفيادة. رئيسهم نعيمة آل زويّر. توفي وكان شجاعا ويرجعون إلى الفتلة.

٣ ـ آل جاسم. يرأسهم عليوي آل حسن ، وسعود آل سلمان. ويرأس هذه الفروع (آل راهي) ومنهم عبد الهادي بن عطية آل راهي.

٣ ـ آل جهل :

يسكنون في (تل كرحة). رئيسهم مهدي السويلم الهواش :

(١) ألبو خليف.

(٢) بيت محمود.

(٣) بيت عيسى.

(٤) الجراونة.

ومنهم في لواء الديوانية رئيسهم كاظم آل حمود وفروعهم ألبو بديوي ، وألبو الحاج محمد ، وألبو صويح.

٤ ـ عبودة العرب :

رئيسهم حسن الشمخي في مقاطعة الخروفية لمعالي السيد عبد المهدي وأم التمن. وهم:

(١) آل بطوش. رئيسهم خلف بن جبر الخليف آل بطوش في ناحية السديناوية ومنهم آل بارز

وآل خلف وآل بطوش. ومنهم في قضاء الشطرة.

(٢) ألبو عليان. رؤساؤهم عبد الحسن الدوخي ومراد بن مشخول وعبد الله بن عبس منهم آل موسى ، وألبو عياش ، وبيت فياض ، وبيت غانم ، والمسيليل.

١٢٦

(٣) ألبو لامي. رئيسهم جايد.

٥ ـ آل حسن :

يسكنون أم التمن والصديفة. رئيسهم كوتي الناصر.

٦ ـ ألبو شوحي :

رئيسهم بندر آل شوحي وتوفي فخلفه ابنه.

٧ ـ آل عمر :

رئيسهم جابر.

٨ ـ ألبو نجيم :

رئيسهم مهنا آل برغش آل مري. يسكنون مقاطعة الكصة ويرجعون إلى شمر. وفروعهم :

(١) آل مغامس. الرؤساء.

(٢) الجرابة. رئيسهم عريبي آل وانس. توفي فخلفه أولاده.

٩ ـ آل عمار :

يسكنون في مقاطعة الحوسة. ومن فروعهم :

(١) آل مرار. رئيسهم معارج آل مرار العويد.

(٢) ألبو شويطة. رئيسهم عجيل ألبو شويطة وتوفي فخلفه أخوه محمد.

(٣) آل حاجي.

١٠ ـ آل عواد :

رئيسهم الحاج عزيز آل عليوي. يسكنون في البدعة وأم التمن. ويقال انهم عزة. منهم آل عليوي ، وآل خافور ، وآل دخيل ، وآل محيسن ، وآل جار الله.

١٢٧

١١ ـ الدبات :

رؤساؤهم شخص آل غافل وفارس آل علك وعلي التعيبان ويسكنون مقاطعة السيدية. ومنهم في سوق الشيوخ مع آل حسن. يدعون أنهم من طيىء من سنبس. ومنهم مع مياح.

١٢ ـ السادة :

رئيسهم السيد عبد الواحد السيد عبد الحسن السيد راضي. وهم خلف المجتهد الشهير السيد احمد هلالة.

١٣ ـ آل علي : رئيسهم حميد الجعفر. ومنهم بيت جعفر ، وبيت ثويني.

١٤ ـ آل رمضان : رئيسهم مرجان الروضان. ومنهم الدورك وبيت باز ، وآل مطلك

ومن عبودة قسم كبير في لواء الديوانية ، ومنهم في لواء كربلاء وفي قضاء الناصرية.

ويساكن عبودة :

عبادة. وهم في قلة.

ويجاورهم : خفاجة ، وبنو زيد ، وآل حاتم ، والقراغول ، وبنو سعيد ، وألبو هلالة. ورئيسهم السيد هليل ابن السيد جعفر في السيدية والحجية وهم سادة ، وآل مسافر ورئيسهم السيد محمد آل السيد حسين في أراضي أبي العجول. وهم سادة.

ومن مراجعة هذه العشائر وتداخلها نعلم درجة الاختلاط وتجمع هؤلاء لا سبب له إلا الحروب المتوالية والاراضي التي يزرعونها. وتناوب الفلاحين عليها. وقيامهم بها أو استخدامهم في غيرها. ومن ثم ولد ذلك ألفة بحيث لا يفرق بين فخذ وآخر. ولما كانت رابطة النسب أقوى الروابط حافظ على

١٢٨

فخذه كل بمن ينتمي إليه وهذا سهل ان يراعى في كل فرع وما اشتق منه. وهذه الاوصاف أو الحالات عامة في كثير من العشائر ومشهودة فيها هذه الاوضاع مما دعا ان نشاهد الاختلاط في الاراضى الكثيرة (والمورد العذب كثير الزحام).

ومما يؤيد أنهم كانوا في أنحاء الحلة هوس بعضهم بقوله : (مريت انظر دار جدودي) حينما جاء إلى المجرية في الحلة.

٨ ـ العصوم

رئيسهم طه آل محروت. صار رئيس بلدية الناصرية. وتوفي وعادت الرئاسة لا تعرف لأولاده. وهؤلاء يسكنون في أنحاء الناصرية ، غنامة متجولون ونخوتهم (عصوم).

٩ ـ المارد

من قبائل الاجود ، ونخوتهم (أولاد حمد) ، رحل ، وبينهم زراع ، والاكثر أهل بداوة ، وهم بين سوق الشيوخ والناصرية ، ورئيسهم مصيخ الغانم. وورد ذكرهم في (سياحتنامهء حدود).

ومن عشائر الاجود :

آل غزي ، والجوارين ، وبنو زيد ، والجشعم ، وبنو رجاب (بنو ركاب) ، وآل ازيرج ، وآل حميد ومنهم الشويلات والطوكية ، والصريفيون والعتاب (ومنهم من يقول أصلهم ربيعة) ، وآل عكيل (عقيل) والمعروف أنهم من أصل الاجود منهم ألبو عمار وألبو شهيب. وآل مشلب ، والخويلد ، والقراغول منهم الروضان وهم الجنعان ، والثلاثة ، والسهيل ، والكاظم. ومنهم الخلاوى وهم ألبو خلف وألبو عويد. ورئيسهم الحاج فشاخ الشبكان. ذكروا في المجلد الثالث ، وكذا الضفير في المجلد الاول.

١٢٩

وبنو تميم وجنانة سنذكرهما ، وحجام مروا ... كل هؤلاء يعتبرون في عداد الاجود.

الخلاصة

ان عشائر المنتفق مجموعات كبيرة. ولم تكن جميعها متألفة من بني المنتفق. وإنما نرى بينها العدنانية والقحطانية جمعتها الحروب المتوالية والمنافع المشتركة وأثلاث إمارة السعدون. وفي هذه الايام صارت كل عشيرة تتولى أمرها بنفسها دون ارتباط إلا في أمور محدودة فلا تعرف لها سلطة عامة سوى الحكومة وسوى الألفة بين المجاورين.

وفى هذه الحالة نرى الاتصال بالحكومة وادارتها المحلية في حل النزاع للشؤون الاجتماعية أو الجوارية. وفي سنة ١٩٤٧ م سجل (احصاء النفوس) لكل وحدة ادارية ببيان عشائرها ومواطنها. واذا كان لم يلتفت إلى الروابط الاجتماعية والعلاقات القومية ، فقد توسعنا في ذلك توكيدا للصلة والتعاون. فانصرف التوجيه إلى هذه الناحية في المجموعات العشائرية ليتم المراد.

وقائع المنتفق

لا تنفك الإمارة عن العشائر ، ولا العشائر عنها فالوحدة كاملة. وان انحلال هذه الوحدة أدى إلى انقراض الإمارة والرئاسة العامة للعشائر. والوقائع التاريخية متصلة بالامارة والعشائر معا. كنا نفكر في ذكر الحوادث بتوال ، أو بالنظر للرؤساء وما جرى في أيامهم. والموضوع واحد ، لا يختلف في ماهيته.

وبعد التلوّم رجّحنا أن نذكر الوقائع مقرونة بأيام الرؤساء. وبهذا نعلم تسلسل هؤلاء وعلاقتهم بعمود نسبهم ، وتوالي ظهورهم ، وبيان حوادث أيامهم ، واعتقد ان ذلك أقرب للتفهم ، وأكثر اتصالا بالعشائر. ولما كانت

١٣٠

الوقائع مدونة في (تاريخ العراق بين احتلالين) رجحنا أن نبين ذلك بلمحة سريعة.

١ ـ الحوادث الاولى :

أشرنا إليها فيما سبق. وعيّنا تاريخ ورود الامراء بوجه التقريب مما اعتقدنا أنه الجدير بالاخذ ، أوردنا النصوص بأن هؤلاء من الشريف أحمد وأولاده أو أولاد عمه (١).

رجحنا أن يكون مانع وابنه راشد وآباؤهما وأجدادهما متحدرين ممن سلف من آبائهم وأجدادهم. انتزعت الدولة العثمانية البصرة منهم ، فكانت تحارب المنتفق فتنتصر مرة ، وتخذل أخرى. دام الجدال أمدا طويلا.

٢ ـ الشيخ راشد بن مغامس :

أول وقائعه تبدأ من تاريخ الاستيلاء على بغداد من العثمانيين سنة ٩٤١ ه‍ ـ ١٥٣١ م فأبدى راشد الطاعة للعثمانيين. وفي سنة ٩٤٥ ه‍ ـ ١٥٣٨ م قدم الطاعة والإذعان وأظهر الانقياد ، فأرسل ابنه مانعا يصحبه وزيره المسمى محمدا لتقديم فروض الطاعة للدولة (٢).

وفى سنة ٩٥٣ ه‍ ـ ١٥٤٦ م استولى العثمانيون على البصرة. وجدوا هؤلاء حجر عثرة في طريق آمالهم نحو الهند ، ونحو الاتصال بمصر فقضوا على هذه الامارة. والمسموع ان هؤلاء من الراشد من شمر اخوان الرشيد امراء حائل في نجد. وليس لدينا ما يؤيد ذلك بل قامت الادلة على بطلان هذا الرأي واستبعاده للشقة الفاصلة ، وتفاوت الزمن. وان وجود عشيرة ضياغم في التاريخ لا يعين ان هؤلاء منهم (٣).

__________________

(١) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٤.

(٢) كلشن خلفا ص ٦١ ـ ٢.

(٣) مطرفة الاصحاب في معرفة الانساب.

١٣١

رأينا في حوادث الاحساء ان راشد بن مغامس رئيس آل شبيب كان سنة ١٠٨٠ ه‍ ـ ١٦٦٩ م في حالة حرب وقعت بينه وبين بني خالد الذين استولوا على الاحساء. ومن هذا علمنا انهم شبيبيون ولم يكونوا ضياغم وقتل راشد في أنحاء الاحساء (١). ومنه تكون فخذ الراشد. ونرى قبل هذا التاريخ حروب الجلايرية واستيلاءهم على البصرة. واعتقد انها انتزعت منهم ، فلم تنفك الحروب ، ولا انتهى النزاع على البصرة وهكذا استمروا حين رأوا ضعف هذه الإمارة (الجلايرية) وانقراضها فعادوا إلى البصرة حتى انتزعها العثمانيون منهم.

وفى حوادث سنة ١٠٧٨ ه‍ كان لآل شبيب رئيس آخر اسمه عثمان ابن اخي محمد بن راشد بن مغامس المذكور وعرف بعمه الآنف الذكر. جاء عثمان لمناصرة الدولة العثمانية طالبا الامان. وكذا ورد ابن عمه (عبيد) مزاحما له في الرئاسة ، فتقاتلوا ببغداد ، فخر (عبيد) صريعا ، وهرب أعوانه الذين جاؤوا معه (٢). ومن عثمان تكوّن فخذ (العثمان).

وفي (كلشن خلفا) ان الجيش سار من بغداد ، فوصل إلى العرجاء (العرجة). ومن ثم وافى إليه شيخ المنتفق عثمان ومعه نحو ألف من الفرسان والمشاة لمساعدة الوالي. ذلك ما دعا ان يلطفه الوزير وينعم عليه ، ويكبر ما قام به (٣).

والشيخ عثمان ورد في عمود آل شبيب. وان عم عثمان هو محمد بن راشد بن مغامس ين مانع بن راشد بن مغامس. ومن ثم نعلم تكوّن فخذ الراشد وفخذ العثمان والمحفوظ ان عثمان بن شبيب. وقولهم ان شبيب يراد به النسبة الأصلية إلى جد أعلى. ومن هنا نشاهد الغلط في المحفوظ كما نقول ابن سعود فلا يراد به الأب المباشر بل جد أعلى. ومثله ابن

__________________

(١) عنوان المجد في تاريخ نجد ص ٦٥.

(٢) منظومة الشهابي.

(٣) كلشن خلفا ص ٩٧ ـ ٢.

١٣٢

حسان. والمسموع ان راشدا هو ابن مغامس بن راشد بن بدر المعروف ب (أبي صرعة) لشجاعته.

والملحوظ اننا نعلم يقينا أن الشرفاء كانوا حاولوا اخضاع نجد لجهتهم ، فلا علاقة لهؤلاء بأمراء المدينة ، وان الشريف حسن بن نمي الذي ينتسبون إليه جاء اسمه في تاريخ (عنوان المجد) (١). وهل هؤلاء من ذريته وانهم ممن جاء العراق؟

ومن هذا علمنا تكون بعض الافخاذ من الشبيبيين من العثمان ، والراشد ، والعلي ، والنجرس ، والصكر (الصقر).

٣ ـ الشيخ مانع بن راشد :

وهذا أخو عثمان. وتفرعت منه فروع كثيرة. وفي أيامه نال المنتفق قدرة وعظمة. والقصة مع الموالي تعزى إليه في ابداء المولى أمير الحويزة ما عنده من مال ، وابداء هذا رجاله. ومنهم من ينسبها إلى شبيب مع أمير الحويزة.

وأعقب مانع محمدا ومنه تكونت فروع عديدة توالت في الرئاسة. ومن فروعه (الروضان). و (السعدون) ومن ثم صار يعرف أمراء المنتفق ب (السعدون). واستمروا في الرئاسة إلى آخر أيامهم ولا يزالون. و (آل محمد) عرفوا مدة بهذا الفخذ.

ومانع استولى على البصرة سنة ١١٠٦ ه‍. استفاد من خلل الادارة. وممن ساعده في الفتح أمير الحويزة المشعشع. ثم ان أمير الحويزة حسن له أن يقوم هو بامارة البصرة على ان يعطيه نصف خراجها. فوافق إلا أن الشاه لم يرض بفعلة أمير الحويزة. وبعد مخابرات اضطر إلى تسليمها إلى العثمانيين سنة ١١١٢ ه‍.

وتوفي الشيخ مانع سنة ١١١٥ ه‍.

__________________

(١) عنوان المجد في تاريخ نجد ج ١ ص ٢٣ في حوادث سنة ٩٨٦ ه‍.

١٣٣

٤ ـ الشيخ مغامس بن مانع :

ثم ولي إمارة المنتفق. ونعته صاحب (قويم الفرج بعد الشدة) بأنه كان مثل أبيه في شجاعته واقدامه ، ولكنه زاد عليه بخدعته ومكره. يكاد بسحره ينزل قوس السماء إلى الارض. وكان والي البصرة نصبه شيخا مكان والده وألبسه الخلعة ، ففى سنة ١١١٥ ه‍ ضبط البصرة ، وبقيت بيده إلى سنة ١١٢٠ ه‍.

وفى خلال حكمه البصرة في ٧ تشرين الثاني سنة ١٧٠٥ م (١١١٧ ه‍) كانت سفن هولاندة راسية في شط العرب ، فحضر إليه ربانها وهو بطرس (بتر) مع الاب يوحنا فالتمس الربان منه عقد اتفاق بينهم وبين العرب ، فانعم عليه بما أراد مما يتعلق بشؤون الشركة التجارية. واغتنم الأب الفرصة فالتمس أن يصدر له الأمر بحماية الكنيسة وداره التي يقيم فيها. وفي ٩ منه قدم هؤلاء مذكرتيهما بواسطة عبد اللطيف إلى الامير مغامس ، فعهد إلى قاضيه الشيخ سلمان بتصديقهما تصديقا شرعيا. وفي ١٢ منه أرسل بالبراءتين اليهما(١).

وفى أيام الوزير حسن باشا جرت حروب طاحنة توالت فيها النجدات. وبين العشائر التي انتصرت للشيخ مغامس السراج ، وزبيد ، وميّاح ، وبنو خالد ، وغزية وشمر ... دامت الحرب إلى ١٩ شهر رمضان سنة ١١٢٠ ه‍. وفي أثناء المعركة قتل الشيخ (تركي) شيخ الاجود وكان عضد الشيخ مغامس. فتأثر عليه. ذلك مما أدى إلى انسحابه. لأن الشيخ تركيا كان شوكتهم ، وبموته انكسروا. وفخذ المغامس يتصل به.

٥ ـ الشيخ سعدون

كان أعقب مانع ولدا آخر اسمه محمد. وهذا أعقب ابنه سعدونا

__________________

(١) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٥.

١٣٤

فتكون السعدون ومن ابنه الآخر (عبد الله) تكوّن (آل محمد) ، ومن ابنه الثالث عبد المنعم تولد (الروضان) من روضان بن عبد المنعم.

تولى الإمارة بعد مغامس الشيخ سعدون وأولاده ، وبعض (آل محمد). وجاء في حديقة الزوراء في أخبار الوزراء : أنه قتل سنة ١١٥١ ه‍ وقيل في تاريخ وفاته غير ذلك (١). فكانوا إلى أيام المماليك بين قوة فائقة وضعف بل لم تتمكن الدولة منهم إلا أيام الوزير حسن باشا.

٦ ـ الشيخ بندر :

ولي مشيخة المنتفق الشيخ بندر. وهذا من فرقة (العزيز) ، ودامت امارته على المنتفق إلى سنة ١١٦٤ ه‍.

٧ ـ الشيخ عبد الله :

هو ابن محمد بن مانع. وفي سنة ١١٨٢ ه‍ كان لشيخ المنتفق واقعة ذكرت في تاريخ العراق بين احتلالين أيام عمر باشا. وبسببها قتل عبد الله بك الشاوي (٢).

٨ ـ الشيخ ثامر :

جرت له حوادث سنة ١١٨٨ ه‍ ، وقتل في واقعة الخزاعل سنة ١١٩٣ ه‍. وهو ابن الشيخ سعدون.

٩ ـ ثويني شيخ المنتفق :

فى سنة ١٢٠١ ه‍ ذهب سليمان بك الشاوي لعقد اتفاق مع الشيخ ثويني بن عبد الله ، وحمد الحمود شيخ الخزاعل ، فضبطوا البصرة. وفي

__________________

(١) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٥.

(٢) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٦.

١٣٥

(لغة العرب) ان ثويني استولى على البصرة في أيار سنة ١٧٨٧ م (سنة ١٢٠٢ ه‍). وفي رحلة (توماس هويل) البريطاني ان الشيخ ثويني احتل البصرة بدون مقاومة ولم يتجاوز على مال أحد ولا أضر بأحد من الاهلين. ولا أخذ منهم غرامة حربية. فبعد ان احتلها بنحو نصف ساعة عادت الامور إلى مجراها الطبيعي.

١٠ ـ الشيخ حمود بن ثامر السعدون :

مال إلى الوزير سليمان باشا ، فذهب الوزير بنفسه وحارب الشيخ ثويني العبد الله ومن معه ، فانتصر واستعاد الوالي البصرة في آب سنة ١٧٨٧ م. اتخذ الخلاف فرصة ، فربح المعركة ومنح الوزير الشيخ حمودا إمارة المنتفق ، وأبدل شيخ الخزاعل بمحسن الحمد. فتم له الامر. ثم اضطرت الدولة إلى اعادة ثويني سنة ١٢٠٥ ه‍. وهكذا تناوبوا الرئاسة. وفي سنة ١٢١١ ه‍ بأمل حرب ابن سعود عزل حمود أيضا وأعيد ثويني.

١١ ـ الشيخ ثويني :

عادت المشيخة إليه بسبب حوادث ابن سعود سنة ١٢١١ ه‍. وفي سنة ١٢١٢ ه‍ توفي قتيلا في حربه لابن سعود.

١٢ ـ الشيخ حمود الثامر :

عاد للمشيخة بعد وفاة ثويني وهو حمود بن ثامر السعدون. وفي سنة ١٢٤٢ ه‍ عزل الشيخ حمود ونصب مكانه الشيخ عجيل (عقيل) بن محمد ابن ثامر.

١٣ ـ الشيخ عجيل :

وهو اخو سعدة. ولي الإمارة سنة ١٢٤٢ ه‍ وبعد معركة ألقي القبض على حمود الثامر. وبعد خمس سنوات أي سنة ١٢٤٧ ه‍ توفي في بغداد.

١٣٦

وعجيل هذا ابن اخي الشيخ حمود. وتبدلت أحوال بغداد ، فانقرضت ادارة المماليك.

والملحوظ انه في عهد المماليك كانت في الاغلب الرئاسة على المنتفق في السعدون. وان أمراءهم لم يذعنوا للسلطة من كل وجه. وإنما كانوا يغتنمون الفرص للقيام بين حين وآخر إلا أنه لم يتم لهم الاستيلاء على البصرة طويلا. وفي أيام صادق خان الزند أبلوا البلاء الحسن ، ودمروا جيش الخان. وعلى ما بينه الاستاذ سليمان فائق انهم لم يذعنوا لدولة المماليك إلا أيام سليمان باشا الكبير. ولعل شواغل الحكومة ، أو ارتباك أمرها مما دعا أن يتحاشوا عن مقارعة المنتفق. وربما مالوا اليهم ميلة عظيمة في حرب ابن سعود وفي غيرها.

وكان الشيخ حمود يلقب ب (سلطان البر). وفي أيامه توسعت سلطة المنتفق كثيرا إلا أن داود باشا تمكن أن يجلب لجهته الشيخ عجيلا فقضى على إمارة الشيخ حمود ، ولكن حدثت غوائل أخرى صدته من التدخل أكثر (١).

وفى ٨ ربيع الآخر سنة ١٢٤٧ ه‍ ـ ١٨٣١ م انقرضت حكومة المماليك فتنفس أمراء المنتفق الصعداء. وكذا أيام علي رضا باشا اللاز.

وإمارة المنتفق دامت في هدوء إلى سنة ١٢٦٥ ه‍ ـ ١٨٤٩ م آخر أيام الوزير محمد نجيب باشا بل إلى أيام (عبدي باشا). راعوا سياسة الهدوء.

وفي خلال هذه المدة قضى الوزراء على بعض الإمارات مثل العمادية وإمارة رواندز وبابان والجليليين.

أمراء المنتفق الآخرون :

كان أمير المنتفق عجيل السعدون ، فخلفه صالح العيسى من السعدون

__________________

(١) التفصيل في تاريخ العراق بين احتلالين ج ٦.

١٣٧

السيد محسن أبو طبيخ ـ السادة ـ

السيد كامل أبو طبيخ

١٣٨

أيضا وكان باني (قلعة صالح) سنة ١٢٦٩ ه‍ ـ ١٨٥٢ م وكان أمير المنتفق أيام نامق باشا. وهو ابن عيسى الحريق. وعيسى هذا توفي حرقا سنة ١٢٥٩ ه‍ ـ ١٨٤٣ م وهو ابن محمد بن ثامر السعدون وبعده ولي ناصر باشا ابن راشد بن ثامر السعدون.

ثم ان الدولة أرادت إلقاء بذور الفتن ، وتشويش الحالة للتدخل ، فصارت تتساهل مع بعضهم مرة ، وتلتزم الشدة أخرى. وراعت في الضرائب طريق الالتزام واتخذته وسيلة. وفي كل مرة تنزع قسما من المنتفق ، وتوسعه أخرى. وهكذا أخرجت من نطاقها قطعات عديدة بأمل أن تقلل النفوذ والسلطة فانتزعت منها عشائر كثيرة.

وفى كل هذه عزمت الدولة على القضاء على هذه الإمارة مهما كلفها الأمر إلا أنها متى شعرت بالخطر بدلت الوزير أو ركنت إلى سياسة أخرى ونسبت الحادث إلى خرق الوالي الذي لم يتحرك من تلقاء نفسه. وذلك خشية الغائلة أو توقع نتائج غير مرضية. أرادت الدولة أن تكون ديارهم خالصة لها. وكاد ينجح الوالي رشيد باشا الكوزلكلي في مهمته التي أشبعها درسا لو لا انه عاجلته المنية وحالت دون تحقق آماله.

كان قرب المعارضين ، واستغل المناوئين ، وتعرف للحالة منهم ، وسلطهم. كما انه لم يفاجىء في تغيير الوضع. وإنما فصل قضاء السماوة وتوابعه بعشائره ، عن سلطة المنتفق ، وألحقه بالحلة في الالتزام الذي أجراه بأمل فل القوة. ولم يخف هذا على أحد. فاتفق الشيخ ناصر مع الرؤساء الآخرين فحارب مرات عديدة ، وانتصر انتصارا باهرا ، فكاد يتغلب.

وفى الحرب الاخرى انتصر الجيش وبقي مرابطا في سوق الشيوخ. ورفع ما كان يستوفيه أمراء المنتفق باسم (جيوشية). وهي أشبه برسوم الكمرك إلا أنها ليست لها حدود معينة أو مقاييس ثابتة. ولم تتحقق آماله ، فعاجلته المنية ، ولم تعرف نواياه إلا أن الغرض القضاء على السلطة العشائرية فحبطت مساعيه. ومن حين استولى على سوق الشيوخ في ١٤

١٣٩

شعبان سنة ١٢٧٢ ه‍ ـ ١٨٥٦ م عينت الحكومة قائممقاما (متصرفا) حسين باشا من أمراء الجيش ، ومدرسا ومفتيا السيد داود السعدي (١) وكان عزمها أن تجعل تشكيلاته تشكيلات لواء.

وبعد وفاته كانت الدولة في اضطراب داخلا وخارجا ، فلم تستطع أن تمضي على خطة ثابتة. وإنما تعمل بما يوحي إليها وضعها. فجاء السردار الاكرم عمر باشا. لإكمال ما قام به سابقه من أعمال. فلم تظهر الاوضاع إلا متخالفة في طريق السياسة. فلم يستطع أن يحصل على ما أراد لضيق في ماليته ، أو انشغال بال دولته بأمور أهم.

جاء الوالي السردار الاكرم عمر باشا في ٥ رجب سنة ١٢٧٤ ه‍ ـ ١٨٥٧ م. ومن حين وروده نقض ما ابرمه سابقه لتبدل رأي الدولة فعوّل على شجاعته ، وقوة سلاح دولته ، فاستهان بالمنتفق ، وعد نفسه قادرا على اخضاعها متى شاء ، فألغى سوق الشيوخ ، فلم يتخذه مقرا للجيوش. ولا شك ان السياسة المكتومة لم تظهر لرجال الدولة في بغداد ما عدا الوزير. فأعاد لشيوخ المنتفق سلطتهم وسحب جيشه. ولا ريب ان لضعف الدولة دخلا فلا تريد أن تعرض نفسها إلى الخطر ، عهد بقائممقامية اللواء إلى الشيخ منصور السعدون سنة ١٢٧٦ ه‍ ـ ١٨٥٩ م بطريق الالتزام من جراء انها كانت تستفيد من الالتزام أكثر مما لو كانت تدير رأسا هذه المواطن (٢).

وفى سنة ١٢٧٧ ه‍ ـ ١٨٦٠ م ولي توفيق باشا بغداد. فجرت في أيامه المزايدة بين الراغبين في المشيخة وهم الشيخ منصور ، والشيخ بندر الناصر الثامر ، فأسندت إلى الاخير منهما في ٢٠ شوال سنة ١٢٧٧ ه‍ ـ ١٨٦١ م ببدل سنوي قدره (٤٩٠٠) كيس. والكيس ٥٠٠ قرش.

وفى وزارة نامق باشا للمرة الثانية كان يظن إنه قد حان الوقت لالغاء

__________________

(١) هو جد المحامي : الاستاذ داود السعدي.

(٢) رسالة المنتفق ، ومجلة لغة العرب وتاريخ العراق بين احتلالين ج ٧.

١٤٠