موسوعة عشائر العراق - ج ٢

عباس العزاوي المحامي

موسوعة عشائر العراق - ج ٢

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٨

الفارس ابن حسن بن مصطفى بن احيمد بن حسين. واحيمد رأس الفخذ وان أخاه سليمان رأس الفخذ السابق.

٣ ـ ألبو جلّو. رئيسهم الحاج محمد الابراهيم بن محمد بن ابراهيم ابن خليل بن أحمد بن جلّو بن جميل بن خلف. وخلف هذا وحسين الخلف أخوة.

٤ ـ ألبو خضير. رئيسهم منصور بن حسين الحمادي.

٥ ـ المخالبة. رئيسهم محمد الصالح. وهؤلاء أولاد أخت وأصلهم من ربيعة.

١٠ ـ عشيرة بني سبعة :

هؤلاء من طيىء إلا ان بعض البيوت منهم تدعي انها سادة. وهي في قلة ، والمشهور انهم من طيىء ويؤكدون أنهم من العزة ومنهم في دير الزور وفي تركيا. وفرقهم :

١ ـ ألبو خضر : في تركيا. رئيسهم محمد السليمان الغنام. ولم يتعرض البسام لاصلها وإنما ذكر منها الخضر فقال :

" ومنهم الخضر ذوو العيش النضر ، والجيش المضر ، القامعين المعادين. مسكنهم بين نصيبين وماردين. لم يبق لغيرهم مطمعة إلا من خيرهم ، ولم تعارضهم السحب الروائح إلا بتكرار حمدهم والمدائح. فاقوا من قبلهم ، فاشتاق أهل زمانهم بعض فضلهم ، ولم تدرك لهم غاية ، ولا وقف على نهاية. واما الحرب فهم ولدها ، والبالغو أشدها ، والمعجلي قراها ، اذا التقت قراها ، بيض قواضب ، وجرد سلاهب. وأما خيلهم فما تجاريها الرياح ، ولا تباريها خطوات البارق ان لاح. عددها ٧٠٠ سابق ، وألف من الرماة الحواذق." اه (١)

__________________

(١) عشائر العرب للبسام ـ الدار العربية للموسوعات ـ بيروت.

٣٠١

٢ ـ الشللة : ونخوتهم (العمرو). ولعل هذا السبب في عدهم من العزة. يسكنون المسطاح في لواء كركوك وفي تل الشعير مع اللهيب دون الزاب الكبير في شمامك. وجدهم محمد الخضر أعقب موسى وعامرا. وهم من بني سبعة. كما أكد لي الشيخ أحمد الصالح. ويرأسهم احمد الجاسم ومحمد بن عامر العبد اللطيف بن خضر ومر البحث عنهم.

وفروعهم :

(١) الموسى. يرأسهم محمد الموسى ومحمد العامر. ومنهم : العمران والدروبي والحيادرة والجاسم الشاعر والموسى المحمد.

(٢) المحمد العامر. رئيسهم محمد الصالح ومنهم : الجاسم والسوادي والحمد الجبر واللجي والكردي والحمد الظاهر والجنعان والحمزة والسلامة والسمان وألبو شارد والجليب وألبو دنون والمفتاح.

(٣) الكرعان. ويرأسهم محمد الغنام وجلّو قرب العكيدات في دير الزور.

(٤) ألبو دلوه. رئيسهم صنيف العبد الرحمن.

(٥) الحسين العامر. رئيسهم حميد النايف.

(٦) العلي العامر.

(٧) العرار. وهؤلاء في الموصل. رئيسهم محمد صالح بن عبد العال في الجديدة والطواحية.

ومن قراهم في كركوك : الفاخرة والمسطاح في تل علي.

وقراهم في مخمور : الحلوه ، وسيدوة ، وكديلة ، والصلاحية ، والخالدية ، وخريدان ، ومهانة ، وهيهاو.

١١ ـ الموالي :

وهؤلاء من طيىء من بيت الامارة على ما هو المسموع. ويقال لهم

٣٠٢

(الصبيحات). وهم في لواء الدليم. رئيسهم أحمد المناور. يسكنون الكرمة في أبي غريب ونخوتهم (صبحي). وتجاورهم عشيرة الجميلة وزوبع. وفروعهم :

(١) ألبو حماي.

(٢) ألبو ساير.

(٣) ألبو حمود. الرؤساء.

(٤) الجواهنة. رئيسهم عويد بن علّص. يسكنون مع ألبو عيثة من الدليم. هذا. (والشورتان) يدعون أنهم من الموالي. يرأسهم فرحان بن ابراهيم السبع ، ونايل الكعيد. والمعروف أنهم تبع الموالي. وغالب ما علمته كان من رئيسهم احمد المناور في ١٨ تموز سنة ١٩٤٣ م.

١٢ ـ ألبو مفرج :

أصلهم من طيىء من الموالي كذا قالوا يسكنون الحويجة من لواء كركوك مع العبيد ، وبين الحويجة والعظيم. رئيسهم عبد الرحمن الطيار. وهو شيخ طريقة. والآن ابنه سلمان العبد الرحمن نخوتهم (اخوة فرجة). وهم متجولون. وليس بصحيح عدهم من العبيد ومنهم في أراضي دحيلة والحركاوي وما جاور من أنحاء اليوسفية. يرأسهم صالح المحمد العمر وملا علي المحمد العمر. وفروعهم :

١ ـ ألبو صالح. رئيسهم مجيد.

٢ ـ ألبو زركة. رئيسهم سلمان بن عبد الرحمن.

٣ ـ الخشافنة.

٤ ـ الجكاكات. رئيسهم حميد الذابل.

٥ ـ ألبو عابر. رئيسهم جاكة بن بتسين. وهؤلاء أخوال صاحب الفخامة الاستاذ جميل المدفعي (رئيس وزراء العراق السابق).

٣٠٣

٦ ـ ألبو حيد. منهم بيت الطيار.

٧ ـ ألبو جامل. رئيسهم اسماعيل العباس.

٨ ـ ألبو رزوقي. رئيسهم مطر الحسن. يسكنون سامراء مع ألبو باز.

٩ ـ ألبو عليوي.

١٠ ـ الطوابنة. في أنحاء الموصل.

١١ ـ ألبو ظاهر. رئيسهم صالح المحمد العمر.

١٢ ـ العلاونة. رئيسهم سهيل المصيبح.

١٣ ـ المداهنة. يعدون تبعا. رئيسهم كامل العفون.

١٣ ـ ألبو حمدان :

هؤلاء يعدون من الغرير والشهوان. تشتتوا كثيرا وقد تكلمنا على الغرير في المجلد الاول من هذه الموسوعة. ومنهم من يعدهم من طيىء رأسا. تفرقوا في أنحاء مختلفة. ويتفرعون الى :

١ ـ ألبو سلمان. في الزاب الاعلى. ومن قراهم (تل حميّد).

و (الكهنش) على الزاب تماما.

٢ ـ ألبو حسين. يسكنون قرية (قبر العبد) بأرض الحاوي المتصل بقرية حمام علي. ومنهم في عدة قرى من ناحية حمام علي (ناحية الشورة). رئيسهم علي بن داود الصالح. ولهم قربى بالغرير.

٣ ـ الشهوان. في ناحية شوان. والآن كلهم يتكلمون الكردية. ذكرتهم في المجلد الثاني من هذه الموسوعة.

٤ ـ ألبو صباح. رئيسهم حافظ بن جناز. ويسكنون الحويجة قرب الزاب. ويعدون إخوة ألبو حمدان. ومنهم من يجعلهم في عداد شمر. وقديما يقال لهم (الغرير والشوان). وكان يتكون منهم (لواء ألبو صباح) ،

٣٠٤

فبعثرتهم الحوادث. وغالبهم مال إلى الغرير. ومنهم في الصخريجة وشيشبار. رئيسهم الحاج حسين العبد الله الحمد الحسين الراشد. وهؤلاء من الغرير من ألبو جنديل. ويقال لهم (ألبو جنّاد). ومنهم ألبو حسن ، والمظالمة ، وألبو حسين ، وألبو عيادة ، والمراشدة ، وألبو سيد ، وألبو ياسين.

٥ ـ الساجد. في طوز خورماتو. في أراضي الحليوة مع ألبو جنديل. ويقال لهم (ألبو سيد). ويسكنون مع الغرير.

٦ ـ اللطيف. في أراضي الحليوة.

٧ ـ ألبو حمدون. في أراضي الحليوة.

٨ ـ ألبو حيّاص. في بلد روز (براز الروز) مع بني تميم.

٩ ـ ألبو جنديل. في الزاب. ومنهم في اليوسفية. وألبو جناد منهم مع الغرير. ويسكنون في قرية صابونجي ودروم في القنطرة والكبية التابعة لناحية حمام علي.

١٠ ـ ألبو اسحاك (اسحق). ومنهم (ألبو شرف) قرب القنطرة (آلتون كوبري).

١١ ـ ألبو دولة. قرب الزاب الاسفل.

١٢ ـ البكر.

١٣ ـ الشكر.

١٤ ـ ألبو حمد المحمد.

١٥ ـ البكعان. في أراضي الحلوة.

١٦ ـ ألبو سيود. في أراضي الحلوة.

١٧ ـ ألبو حادث. في أراضي الحلوة.

١٨ ـ الغرير. في قرية صابونجي وما جاورها.

٣٠٥
٣٠٦

(١)

الاحوال العامة

سياسة العشائر

العشائر لم يكونوا كأهل المدن يرضخون للاوامر رغبة أو رهبة. فليس من السهل حكمهم أو التحكم فيهم. وما ذلك إلا لقلة السلطة أو ضعف الادارة في التسلط عليهم ... وكيف تستطيع السلطة أدامة السيطرة والعشائر الكبيرة تعتمد قوتها ، فلا ترضى بالانقياد لكل أمر. وربما كان هذا مما يمنع الدولة أن تتدخل في الصغيرة والكبيرة. ويصعب أمر الادارة.

فتكتفي تارة بالطاعة الاسمية أو بالضرائب النزرة ... وتظهر حوادث الدول في العشائر الضخمة وفي عشائر الحدود وما ماثل بخذلان ذريع في حين أو أحيان.

وكانت عشائر زبيد ذات قوة وسلطة. ويتكون منها غالب العشائر التي اشتركت في الفتوح ، واستمرت في المحافظة على قوتها مدة طويلة. ومثلها العشائر القحطانية ، فتتركها الدول وشأنها في غالب الازمان. وفي الحكم العثماني شغلت الدولة كثيرا بهؤلاء أو لم تجد وقتا للالتفات اليها.

وامارة طيىء جرت لها من الحوادث المهمة ما يبصر بحالتها السياسية وبقدرتها ، ولا نريد أن نعيد ما جاء في التاريخ. وانما نشير إلى بعض الامثلة للوقوف على الوضع. ومن ذلك ما كان أيام (قراسنقر) حينما التجأ

٣٠٧

إلى العراق ومعه (أمير طيىء) (١) ومن هذا القبيل أن بعض أمراء الجيش قال لسلطان مصر بعد عزل أمير طيىء ونصب غيره ان الفرصة سانحة ان نوقع بالامير المعزول فقال له اياك ثم اياك ان تعيد مثل هذا القول او تفوه به. وظهر الجواب في التجاء الامير المعزول الذي رأى نفرة من دولته ما رأى فمال إلى العراق.

ومن ذلك ما وقع لشيخ الاسلام ابن تيمية حينما غضبت عليه الدولة المصرية لمسائل دينية سخط بها بعض العلماء عليه ، فجاء أمير طيىء ملتمسا العفو عنه فأجيب طلبه مع أن السلطان كان في حذر من مخالفة العلماء مع الرغبة في أن يكون بنجوة من التضييق عليه. خاف أن يميل الامراء مع أحد فيعلن سلطنته ، ومن ثم تكون الوقيعة به. ففي هذه المرة رأى الخوف من أمير طيىء اكبر فيما لو خالفه. واعتقد ان خطر مخالفته صار أشد ضررا من مخالفة العلماء الذين هم تحت مراقبته والاتصال به.

ومن الامثلة ان دولة مصر أدخلت أمر العشائر في الصلح المعقود بينها وبين المغول. وان لا يتدخل بشؤونها للغاية نفسها والخشية من اثارة القلاقل من طريقها كما وقع ذلك فعلا في حوادث سابقة ...

ولعل هذا اول اتفاق دولي لمنع العشائر من التدخل في أمور الدول في الحدود لايجاد قلاقل أو أحداث نزاع قد يؤدي إلى حرب بين دولتين متجاورتين.

وهكذا تجري الامثلة في الحوادث العديدة التي لا تحصى ... ولا شك ان تاريخ الامارة يشعر بسياستها الداخلية والخارجية. وفي تاريخ الجلائرية والتركمان ما يعين الاوضاع أمثال هذه.

وفي العهد العثماني استخدمت الدولة عشائر الكرد ، وعشائر العرب لحروبها ، أو للقيام بأمر بسط سيطرتها في الوقائع. وهذا كثير في التاريخ

__________________

(١) تاريخ العراق بين احتلالين ج ١.

٣٠٨

العثماني وظهر في اليزيدية والمنتفق وزبيد والغرير والشهوان وآل بابان ، وأمراء العمادية. ويهمنا هنا (عشائر العرب) ومن أكبرها عشائر طيىء. فقد كانت الرئاسة فيها بدت في أمرائهم (آل أبي ريشة) ظهروا في حصار بغداد أثناء الحروب الايرانية ، ومما يعين سياسة الدولة مرة في أستخدامها ، وأخرى في أمر القضاء عليها.

وتظهر قيمة العشائر في العلاقات الدولية. أو في الحاجة الملحة للعشيرة أيام القحط وقلة الامطار ، أو الالتجاء عند ما تتدافع العشائر أو عند ما يقع النزاع بين العشيرة والدولة أو في حالة التجول لطلب الكلأ في أراضي دولة مجاورة ، إلى آخر ما لا يحصى من الاسباب. وفي هذه الحالة يحتاج الاداري إلى مهارة ، وان يكون مزودا بوقائع القطر لا سيما العشائر والا وقع في أخطاء ضارة بالعشائر والدولة معا. وان هذه الادارة من أعظم ما يتطلب في عشائر الحدود.

ومن حوادث الحدود ما أوقع السردار الاكرم عمر باشا بعشيرة الهماوند الكردية مما دعا إلى غضب دولته عليه من جراء هذه الفعلة المغلوطة في وقيعته بعشيرة من عشائر الحدود. وكانت قبل ذلك جربت في البلباس غلطها وأملها ان لا ترتكب مثل ذلك.

ولا يقل الامر أهمية فيما يقع بين العشائر المتجاورة في المملكة الواحدة. فإن النزاع البسيط قد يؤدي إلى حروب طاحنة ومتوالية. والاداري الحازم من أعظم واجب عليه أن يشعر بما يتوقع حدوثه فيتدارك أمره ، أو إنه اذا سبقه الحادث تمكن من السيطرة عليه ليحدد النزاع ويقطع دابره بين عشيرتين أو عشائر. وفي حوادث التاريخ الشيء الكثير من ذلك. ومنها يعرف الخرق او الحزم. فهو محك. ومن جهة اخرى ان رؤساء العشائر قد يظهرون القدرة والموهبة في وضع اليد على الحادث فلا يدعون مجالا للتوسع فيقمع في الحال. وقد يفرط الامر في النزاع بين العشائر المتجاورة فيحاولون تحديده وتضييق نطاقه.

٣٠٩

ولا شك ان هذا الاجمال يعين الحالة. وهناك الاتفاقات بين العشائر لحفظ كيانها تجاه ما تشعر بقوة من ندّها (ضدها). ويطول استعراض ذلك مما يحتاج إلى حنكة ومهارة ونفوذ نظر من الرؤساء أو الادارة. والضرورة تدعو إلى التوسع في الامثلة ونقدها وتحرير ما فيها بسعة إلا اننا لا نزال في حاجة إلى بيان مذكرات في وقائع خاصة أو استعراض الوقائع وما ارتكب فيها من أخطاء. وفي التجارب عبرة ودروس عظيمة لمن يتأهب لادارة مثل هذه المجموعات.

والامثلة على الغلط وسوء التدبير كثيرة لا تحصى. وهي مشاهدة في وقائع كثيرة جدا.

وليس من ببعيد ما كان بين عشائر شمر وبين عشائر الحدود في الشام في أيامنا كما وقع بين شمر والعكيدات أو البكارة أو ما حدث بين عشائر العراق بين شمر وألبو متيوت. وبين العزة والعبيد وعشائر أخرى. وحوادث الحدود لا تحصى وتدعو دائما إلى التفاهم بين الحكومتين لتلافي الخطر ، والتقليل من الضائعات أو ما يخشى أن تؤدي إليه الحالة. مما كان يودع في الحال إلى (مجلس التحكيم). وكان العقل رائدا ، والحكمة من خير ما يتذرع به. والغرض أماتة الضغائن أو الغضاضة بأي وجه كان والا فأن الدول قد تستفيد أحيانا من ذلك لاثارة الفتن وتوليد الخصام أو الشحناء. وحدود العراق كثيرة. ومن الضروري التيقظ في أمر أدارة العشائر حذر حدوث ما يكدر الصفو بين المتجاورين وهكذا بين عشائرنا في الحدود أو بين هؤلاء وبين المجاورين. وقدرة الادارة تتجلى في حسن التوفيق بينها وبين هذه العشائر. والسلطة القوية لا يفيد وحدها ما لم تكن مقرونة بحكمة وعدل. وحوادث بني لام وكعب لا تحصى كما أن حوادث الضفير وشمر ، وعنزة كثيرة. وهكذا سائر العشائر حتى الضعيفة تنضم إلى القوية. أو تهرب من وجه الدولة فتكلفها العناء.

وفي الداخل يحتاج الامر إلى التعقّل والبصيرة اكثر والا أدى الحادث إلى ما يجر إليه من مصائب تدمير وقتل. والسياسة القويمة لا تهمل وسيلة ،

٣١٠

ولا تغفل معرفة بل تكون على بصيرة تامة. وفي هذا لا تخسر الدولة بل ربحها في ان لا تخسر ما يتوقع حدوثه من جراء حركة طائشة أو خرق من موظف فتؤثر فيها وفي العشيرة أو العشائر. ولا نقطع بأهمال الوقائع أو وهنها. وليس كل الوقائع مما يصح أن ينتفع به. ولا يقال في الاهمال والاغفال إلا لما كان تافها لا يستحق الالتفات.

والامر المهم ان لا تعد من المصلحة اذلال هذه العشائر بالنظر لما وقع أو يقع. وانما المطلوب التفاهم من طريقه وان لا ترضى بوجه ان تتحكم هذه وامثالها بالعشائر الصغيرة بل يجب الاحتفاظ بالموازنة ، ومراعاة العدل ، فلا تقبل الدولة بالاعتداء بامل كسر نشاط عشيرة واذلالها لتنقاد للموظف الطائش واتخاذ الذرائع للوقيعة بها لا ان تفسح المجال بل تمنع من الاعتداء في مراعاة الهدوء والراحة. وفي هذا ربح. والطيش مذموم في كل الاحوال.

وفي آب سنة ١٩٤٦ م من شهر رمضان سنة ١٣٦٥ ه‍ جرى حادث مؤلم بين شمر وبين ألبو متيوت والجحيش في أنحاء الموصل ، فوقعت مذابح طاحنة بين الفريقين تضاربت الآراء في أصل وقائعها ، والسبب الداعي لها. ومن مراجعة حوادث سنين نرى وقائع عديدة بين شمر والعكيدات ، وبينهم وبين عشائر أخرى. والسبب ان هذه العشيرة لها مكانتها من أيام العثمانيين ، وحوادثها معروفة في أنحاء سنجار. وهي شغل الحكومة الشاغل. ولكنها اليوم صارت في (الحدود) من العراق فلا تنكر مكانتها من حيث السياسة ومن نواحي عديدة لا يهمل شأنها ، ولا يصح أن تترك ...

ومن أخرى قوة لا يخشى منها المجاورون ، وربما تتحكم بهم ولا تلين لهم ، وعلى كثرتها ليس لها مواطن رزق ، ولا مدار معيشة فتضطر أن تأخذ (الخاوة) أو (الخوة) ، وان تشتغل بالتهريب ، وان تتولى بعض الالتزامات من الدولة ، والعقود معها وتستدعي ما أدى إلى سخط المجاورين ، وغضب بعض التجار في الموصل بوضع اليد على مثل هذه الامور ، فزاد التذمر منهم ، وكان هؤلاء أي شمر يملكون قرى في سنجار ،

٣١١

فأدى ذلك إلى نفرة أصحاب القرى مثل ألبو متيوت فتجمعت النفرة واتفق الكل على معارضة هذه العشيرة ، والتنديد بها في كل حادث يصدر منها ... ومن أكبرها نفرة أولئك التجار من أهل الموصل من اجل انهم لم يكونوا أحرارا في تصرفاتهم مع الخارج وهو مورد رزق الكثيرين ، فسلب منهم ، واستولى على مرافقهم رجال هذه العشيرة فحرموا الفائدة ولم يتفاهموا معهم.

كل هذا أدى إلى التشنيع عليهم ، وسبب أن ينطق جماعات بأقلامهم ، ويتشكوا بلسانهم ، ويتظلموا منهم الامر الذي جعل صوتهم عاليا في الصحف ، والتنديدات عظيمة منهم ، ولكنها من جهة واحدة ولا مناضل أو مدافع عن رجال شمر. وقد صدق سعد الشيرازي في قوله ما معناه ان القلم بيد الاعداء يكتبون ما أوحاه لهم من حنق ، وما دعا من تنديد ، فاتخذ وسيلة على خلاف حقيقة الوضع أو اكباره وعلى ما هو مؤثر في الرأي العام باظهار ان شمر من الجناة العتاة في وقت نرى الرزق عندهم محدودا ، ولا طريق للتعيش ، بل ضاق كثيرا. يراد منهم أن يموتوا جوعا دون أن يعملوا لبقائهم ، وان يتحرروا موارد رزقهم ، فصاروا يتاجرون أيضا. ولم يتفاهموا معهم في التجارة. والحاجة الاقتصادية تؤدي إلى اكبر من ذلك دون التفاهم من طريقه. فما العمل تجاه ذلك؟ فهل نكتفي بالتسكين للحوادث بالقوة فلم نتخذ للامر تدابير ناجعة بحيث تذل لحد ان تتبعثر حالتها وان تدمر ، ولا نفتح لها باب رزق يؤدي إلى اعاشتها ، فندعها تتدهور فتحرم الاستفادة منها في مواطن الحاجة الملحوظة لا سيما بعد منع الغزو. فلم نتخذ ما يلزم؟!

ان هذه (السياسة) في مثل هذه وغيرها تحتاج إلى عقل فعال جوال ، وان الحكمة تدعو إلى محافظة الموازنة ، وأن تنال الامة الطمأنينة لا بالفتك والتدمير بل من طريق التوجيه الاجتماعي والاقتصادي ، والحالة لا تداوى مع بقاء العوامل الحاكمة أو المتحكمة دون ان يؤخذ من زمامها لتصد غوائل عديدة.

٣١٢

الشيخ مهاوش الجاسم ـ البو محمد في اليوسفية

٣١٣

ولا تفترق هذه عن ادارة (عشائر الحدود). والحادث بين عشائرنا. وهكذا يقال في الوجهة الاخرى بأن تعالج من طريق ألبو متيوت. والاسباب الداعية لتحسين السياسة لا يتم بقبول عيثها وافسادها بل مراعاة ما يساعد على حياتها ، ويقوي شأنها في معيشتها بأفساح المجال للعمل المؤدي إلى الحياة ، والانتعاش والنشاط بحيث يكون الارتباط من طريقه وان تشعر بالنفع ، وتتأكد المصلحة ، فتكون حارسا أمينا ، وقوة مكينة مرتبطة بالدولة وعينا ساهرة لا تنام ، وان لم تكن هناك حراسة من الدولة بل نجد الارتباط قويا والصلة متينة ، والثقة متبادلة. وهكذا يقال في عشيرة ألبو متيوت بالاصغاء إلى مطاليبها المشروعة المقبولة بإيجاد حل لا يخل بحقوق الآخرين وهكذا يقال في العشائر الكبيرة الاخرى ، ولزوم توجيهها توجيها صالحا وان تنال مكانتها القوية ، ووضعها اللائق.

ولا يصح ان توضع قواعد للاعاشة ، وطرائق للادارة. وانما هناك الحكمة ، وحسن الثقة ، والاعتماد ورعاية المصلحة فلا يعد أي عمل منها مضرا ، ولا ان تسخط الدولة دائما لتؤدي الحاجة المنشودة. والحادث الموضوع البحث لم يتدارك بل ما هو إلا سلسلة من الصلات التاريخية ، لا يغيرها الوضع من جراء حادث بعينه. والحزم ان يتعقب الموضوع من طريق التاريخ ، ويجتث من اصله ... وان لا يتحرك الاداري حركة طائشة ، أو يقوم بأمر مغلوط بل يراقب الامور خشية ان يفرط ما لا تحمد عقباه. وليس القصد اذلال أحد المتنازعين بل رفع الخلاف بوجه صحيح.

هذا. وان حلول الفصل ، ومذاكرات المنازعات ، والاختلاف الحاصل من اتجاه النظر المتباين ، والاتصال بآمال كل طرف استدلالا بالظواهر مما يسهل هذه المعرفة ذات العلاقة بالعرف العام ، كما ان الاتصال بالاوضاع الاخرى بين العشائر التي لا علاقة لها بهؤلاء من صور الحل أمثال الضفير ، وعنزة وسائر العشائر ممن هم بدوي ، وأقرب للعرف والعادات المألوفة بين الكل. مما يجلو عن العرض ، ويكشف عن الآمال ، ويبصر بالحل.

٣١٤

وهكذا يقال في العشائر المتجاورة وما يحدث بينها غالبا من وقائع. وأمر تلافيها سهل بالتفاهم. ونرى وضع شمر اليوم أشبه بوضع طيىء في العهود السابقة وحسن الادارة في الجوار ضرورة لازمة وتدل على حنكة.

والى الآن لم نر تدبيرا سديدا ، في تسهيل أمر هذه المعرفة ولم تتخذ الوسائل العلمية للاتصال بأمر العشائر وتنظيم مطالبها تنظيما علميا بحيث تدخل المطالب في دراسة اجتماعية وحقوقية وتوجه توجيها صالحا ، أو أن تراعي الاوضاع ويتدرب عليها للدخول في أمر الادارة او ما يمسها ... ومثل ذلك أفساح المجال للمباحث الموسعة.

وفي هذا نرى لزوم تكوين المعرفة الحقوقية والتاريخية لصلاح الادارة وتمكين أعمالها مقرونة بالسياسة السليمة. واذا كانت تشكيلاتنا في أمر الحدود والمنازعات العشائرية الكبيرة نافعة ولم تتكون ادارة موسعة بالوجه المطلوب فلا ريب ان الحاجة تقضي بأستخدام اداريين حازمين باختيارهم لالوية الحدود والالوية المتكونة من أغلبية العشائر لئلا تقع أغلاط تكلف الدولة سوء السمعة في الخارج ، وخرق الادارة والاضرار الكبيرة في الداخل.

والى الآن لم نشاهد مذكرات من رجال الادارة في هذا الشأن ممن عمل في الحدود ، أو ممن قام بأعمال تتعلق بعشائر الداخل مما يعين نهجا ، أو تدبيرا ناجحا في نظر أولئك ليمهد التفكير في الادارة الصالحة ، ولا رأينا من قام بنشر بعض قرارات التحكيم مما يهم نشره لما فيه من مطالب.

ومن الضروري أن نشير إلى ان الصلات قوية بين سياسة العشائر وبين العرف المتكون بين عشيرة وعشيرة دون روابط أفراد عشيرة بآخرين من نفس تلك العشيرة.

٣١٥

(٢)

الخصومات والعرف

و (العلاقات بين العشائر)

تاريخ النزاع بين العشائر قديم. وهذه تركن في الغالب إلى قوتها. ثم إلى (الحكم) أو العارفة وليس لهم عرف عام. وانما لكل عشيرة عرف نتيجة أزمان متطاولة أو اثرة وتحكم. وفي العشائر الزبيدية والطائية العرف مشترك تقريبا ولا يختلف أو يتباين كثيرا. وكانت على هذا دون استعانة بسلطة.

وكنت تكلمت في العرف البدوي وخصوماته (١) في المجلد الأول من هذه الموسوعة. والبداوة محدودة في قضاياها. وفي هذا يشترك أهل الأرياف في الغالب ولكن الأرياف اكتسبت عوائد جديدة لا ينكر وجودها فيمن حلت محله.

ولا شك ان اللجوء إلى الحكم ، أو العارفة انما كان للخشية مما يجر إليه النزاع من حروب طاحنة ومستمرة. ولذا يستهدف الحسم تطييب الخواطر في الدرجة الاولى باعادة الالفة. ولا يتخلى العارفة من مراعاة الحكمة وتعيين وجه الحق في الحل لقطع دابر النزاع بان ينفذ إلى اعماق القضية. ثم صار الاداري يقوم بما يقوم به بالاشتراك مع المحكمين.

__________________

(١) عشائر العراق ج ١.

٣١٦

وحل أصل النزاع من أسهل الامور أو أنه في درجة متأخرة. وأنما الغاية التقريب ومراعاة الحل المرضي لاجتثاث ما هو سبب التخاصم.

وان الأرياف أحدثت مشكلات جديدة كالانتفاع من الارضين لا الغزو ولا أيجاد عداء لاستغلال الحروب ، والاستفادة من المقارعات نفسها وانما هي في الاكثر ذات علاقة بالبدو ، وبأهل الأرياف بعضهم مع بعض مما دعا ان تنشأ أوضاع لم تكن مألوفة. ومن ثم يستدعي الامر الحل في هذه المشكلات. وربما كان خطرها أعظم لما تؤدي إليه من حروب دائمة ، ومنازعات أو معارك طاحنة بين المتجاورين فتسلب راحتهم وقل ان كانت تتدخل الدولة فتقضي على النزاع وتقف بكل عشيرة عند حدها اما لتهاون او غفلة او ما ماثل.

واذا تدخلت فإنما كان بأمل ان تتمكن سلطتها أو أن تستوفي حقوقها أو تستغل النزاع للقضاء على أحد المتنازعين فيكون وسيلة سانحة. وهكذا قلّ ان يرى الحق ظاهرا في جهة ومن ثم يختار (الحكم) وربما تكسب الحكومة قوة بمساعدة الضعيف لتقضي بعض مصالحها المعلقة أو تقوية سلطتها استعانة بالفريق المناوئ ، وتظهر سياستها في هذا التدخل لأمر غير ما وقع عليه النزاع. والحوادث التأريخية مثل هذه تعين ضعف سياسة الدولة العثمانية واستغلالها للاوضاع.

ومن المهم ذكره ان الحكومة قد تكون سلطتها قوية وقدرتها ظاهرة فتدرك أصل النزاع وبواعثه ، فتسعى للقضاء عليه دون الركون إلى الاستغلال. فتمضي في الحل على طريقة مستقيمة. وهذا قليل في العهود السابقة. ومن السخف ان تلجأ إلى القوي فتساعده. وفي هذا ضياع السياسة الرشيدة والحق والعدل معا فالامر لم يكن بالسهل لا سيما عند تعادل القوى أو اختلافها. وتعند القوي في مطالبه الجائرة ، ومن الواجب ان يحتمي الضعيف بقوة الحكومة فيجد له ناصرا قويا.

والوقائع اليومية ، والحوادث التأريخية مما يسترشد به دائما اذا كان

٣١٧

ذلك مقرونا بتدقيق الحادث ، وادراك صور الحل بمعرفة كنه الوقائع وما ينطوي ضمنها من آمال كل فريق. فالحذق يميط اللثام ويسهل أمر الحل. والمصاعب التي تعترض في هذا السبيل كثيرة جدا بل قد تكون بعيدة أو مبتعدة عن الغرض ، فتحتاج إلى سيطرة وتغلب. وهذه توضحها الحالات المشهودة والاوضاع ، فتكون أقرب إلى التفهم.

ولا نقول كل الوقائع بمثابة واحدة من التعقيد ، أو ما يخشى أمرها ويتوقع خطرها. ولكن الاولى ان نتدبر الموضوع من جميع وجوهه ليتيسر الوصول إلى حل صريح وصحيح أو نمضي في طريقة سالمة ناجحة في حسم النزاع.

ويلاحظ ان حياة العشائر الريفية تعين ما انفردوا به مثل المنازعات على الاراضي أو الاعتداء على المزروعات ، أو على الماشية ، أو غير ذلك من حقوق شرب أو حدود ... والاعتداء على الاشخاص أو على العرض ... فمن الضروري الاطلاع على أوجه الخلاف وبواعثه وحينئذ لا يصعب الحل بان ندرك ما وراء ظاهره من حاجات مدنية أو اقتصادية دعت للخلاف.

وبهذا تتفاضل قدرة (الحكم) أو (العارفة) ومهارة الاداري ونفوذ نظره. ولا ينكر ان بعض الحوادث تضطرب فيها الآراء فيخفي الغرض أو يتصلب المتنازعون فيعسر الحل ، أو ان الطرفين يحاولان الحسم الاداري بأي وجه كان ليعودوا إلى نضالهما ... أو أن يكون ذلك ممثلا رغبة أحدهما في الحل.

ومثل هذه يجب أن تعرف. فيوجه الهدف. وكل ما تباعد الطرفان فلا يدع الحازم تدبيره وإلا وذهب عمله هباء. وفي هذه الحالة يجب ادراك الحق وان لا يفلته الاداري ولا يهمل ما خفى ، أو ما كتم القوم ابداءه.

ذلك ما يعين حقيقة الاوضاع. وحينئذ نخشى أن نميل إلى أمر لا يعد صوابا. وكل واحد من المتنازعين في أدلته يستهدف غرضا. والرأي

٣١٨

الحقيقي يظهر البواطن ويعين مكان الحل.

اننا في هذه الحالة نحتاج إلى قدرة سياسية وقضائية معا. وقد يعرض للمرء بأن مثل هذه لا توجد في الغالب. والخطل سائد في كثير من رأينا. ولا يزال وجه النزاع باديا. وهنا لا يهمنا الطعن بالادارة. وانما تدعو الحاجة إلى التوجيه. ولا نلتفت إلى أقوال مثل هذه.

تولدت عندتا مشاكل عديدة ولا شك ان هذه كغيرها تحسم بوجه مهما كان نوعها بيد الجاهل والعالم ... ولم يكن المقصود الحسم المطلق والا فبوسع كل أحد ان يقطع النزاع ظاهرا استنادا إلى السلطة. ولكنه لم يعمل شيئا اذا لم يكن زاد في المصيبة. ويعنينا بيان المشاكل بالنظر لقانون العشائر في الأرياف.

فإن الغاء الغزو مما حرم العشائر من فوائد ، أو منافع كانوا يظنونها الوسيلة المهمة لبقاء حياتهم فلم يطرأ على هذه الحياة خطر وزالت بما فيها من عرف. فلا شك ان المسؤولية يجب أن تكون محدودة وخاصة بالمسؤول إلا ان تكون اجماعية ، فنسأل الجميع كما في (القسامة) المعروفة في الشريعة الاسلامية. فاذا لم يعرف القاتل في قرية أو قبيلة فلا ينبغي ان نتهاون في الحل بأن نسأل الكل. أوضحت ذلك في المجلد الاول من هذه الموسوعة. وعندنا في وقائع عديدة الزمت الادارة المتهم الذي لم تتحقق الجريمة عليه دون مراعاة مسؤولية القرية أو العشيرة التي وقع بالقرب منها الحادث مما يستدعي مسؤوليتها. ولعل بقاء المسؤولية لغير الجاني اعتراف من الادارة بضعف تشكيلاتها وبعجزها عن تطبيق الحق. واذا كان هذا تدبيرا مقبولا في حق البدو الرحل لضرورة قاهرة ، فلا ينبغي أن يسوغ في الأرياف فهم أهل قرى اولا يختلفون عنهم. ولم نر قانونا في أمة يلزم بالمسؤولية غير المسؤول حقيقة.

كانت الادارة غير متسلطة ، وان الجاني كان معتزا بعشيرته. وفي هذا حماية له لفقدان القدرة في مطاردته. ومن ثم تركن العشائر إلى مراعاة

٣١٩

العرف ولكننا نرى الاجحاف مع وجود السلطة والاولى مراعاة القانون العام. وان تصلب الادارة واصرارها في الدوام على تطبيقه مع اثارة قضيته في المجالس النيابية المتوالية مما يدعو إلى الاستغراب ويبعث الامل على لزوم الغاء هذا القانون في القريب العاجل. ولذا لم اتعرض لتفصيل مسؤوليات أفراد العشيرة بالنظر للجاني وبيان العرف الخاص بها.

والامل ان تزول الوصمة عن العراق في انه يحكم على الجاني وعلى أقاربه بسبب ما أحدث من جريرة ، فالضرورة تدعو إلى الرضوخ إلى القانون العام كما اضطرت الادارة إلى فصل منازعات الاراضي بعد اكمال تسويتها بايداعها إلى المحاكم. ومثلها الاحوال الشخصية اودعت إلى المحاكم الشرعية كما كانت.

وعلى كل حال لا يأتلف تطبيق (قانون العشائر) على الأرياف بعد ان كان الشرع سائدا في البلاد مدة أكثر من الف سنة ، والقانون العام بعده ، وبعد أن كان وضعنا الحقوقي تابعا لذلك القانون. كما لا يصح تطبيقه على أهل الأرياف وهم أهل القرى الصغيرة. أو أهل المزارع المحدودة التي هي أشبه بالقرى أو جزء منها ولا شك ان زوال قسم منه وخروجه عن دائرة التطبيق مما يسهل الغاءه تماما أو أبقاءه محصورا فيما يحدث بين العشائر بعضها مع بعض في الداخل والخارج في حين أن التحكيم في قوانيننا مقرر ومن السهل مراجعة أحكامه وتطبيقه عليهم.

كان وضع هذا القانون قبل تشكيل (المجالس النيابية). والآن تشترك الامة في وضع قوانينها. فالعشائر نواب في مجالسنا. وهم يشرعون القوانين علينا ولكنهم لم يقبلوا أن تكون شاملة للجميع بل على أهل المدن دونهم. وهذا من أغرب ما رأينا.

٣٢٠