موسوعة عشائر العراق - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة عشائر العراق - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٨

وعارضه آخر :

العز بوروك النسا

واللي عريب ساسها (١)

تطلع منه كطم الاخشوم عنابر

عنابر تسجي العدوّ امرارها

هذا وتعد من نوع اهانة الفرس وانتهاك حرمة رسنها أن يحرث عليها ، أو يجعلها دابة حمل ونقل أثقال ... وعلى هذا يترتب (الحشم) عندهم ، اعتزازا بأصلها ، وزيادة اهتمام به.

٣ ـ شياتها وأسنانها :

في البدو أرباب معرفة في أوصاف الخيل وبيان جمالها وحسن شكلها وتناسب أعضائها ومنها المقبولة ، والمشؤومة. فإذا كانت فيها سيالة (غرة في جبينها) ، ومثلها محجلة الرجلين ، وتسمى (المرسولة) ، واذا كانت فيها غرة فهي مبروكة. وكذا يقال في محجلة اليسرى ، وتسمى (المرجبة) ، وهناك (المخوضة) وهي التي كل ايديها وارجلها بيضاء ، واذا كانت اليد اليسرى والرجل اليسرى مخوضة ، أو محجلة قيل لها (الزنية) وصاحبها يركب على بياض ، وينزل على بياض ...

وهذه كلها مقبولة.

ومما يتشاءمون به من الخيول وتظهر المقدرة في تعيينها (الشعرة) تكون في الجبهة ، أو في الصدر ، أو في الرقبة ، أو البطن ... ومن ثم يدركون بركتها أو شؤمها وعندهم تجارب عديدة ، ومعارف موروثة .. وغالبها ملازمة لما يفسرون به فالذي يسقط من فرسه فيموت ، أو يدخل الغزو فيصاب ، أو يكون تكلع أو ما ماثل يقولون انه ما ناله ما ناله لشؤم في فرسه ، ولا يرغبون ان ينفروا من حرب ... ولعل هذا هو السبب في توليد هذه الخرافة ...

__________________

(١) اصلها.

٣٨١

وعندهم محجلة الايدي رزقها محدود ، والشؤم عندهم في محجلة اليد اليسرى ويقال لها (كفن) فكأنها بمثابة كفن لراكبها .. وهكذا الشقراء الخالصة مشؤومة ...

والفرس اذا ذرعنا مؤخرها من الحافر إلى القطاة وكان أطول مما بين حافر اليد إلى الحارك تكون سريعة الجري ، واذا كانت صدور الخيل عريضة ، ومناخرها واسعة ، وعيونها كبيرة ، وجبهتها مربعة فهي مرغوب فيها ...

وقد نعت بدوي فرسه فقال :

فيها من صفات الأرنب : نومه ، وسرع كومه. ومن صفات الظبي : فزه ، وكبر وزه (١).

من خيول الحويجة بالأصل جلعة ماتت عند سيد صبار في تموز ١٩٣٥

__________________

(١) الوز القطاة من الظهر.

٣٨٢

ومن الثور : كصر جين (١) ، ووسع عين.

ومن الجاموسة : وسع حجب (٢) ، وقوة عصب.

ومن البعير : وسع جوف ، وبعد شوف.

وفي (كتاب الخيل) للأصمعي بيان عن أوصاف الخيل وتفصيل اعضائها ، والاستشهاد بأبيات قديمة لشعراء كثيرين. وعندي نسخة مخطوطة منه ، ورسالة مخطوطة في (فضائل الخيل) لم أقف على اسم مؤلفها تبين جياد الخيل ، وترتيب سبقها ... ورسالة أخرى منسوبة لامرئ القيس في الفراسة ومعرفة الخيل ، والعلامات الحسنة وغيرها ، و (إسبال الذيل في ذكر جياد الخيل) ، لنجم الدين بن خير الدين الرملي ...

وأسنان الخيل أو أعمارها في الحاضر :

١ ـ الطريح. اذا كان قد سقط لمدة ستة أشهر

٢ ـ الحولي. اذا ولد لمدة سنة واحدة

٣ ـ الجذعة. التي تبلغ من العمر سنتين. وتشبى في هذا السن.

٤ ـ الثنية. لها من العمر ثلاث سنوات.

٥ ـ الرباع لها من العمر اربع سنوات

٦ ـ الخماس. لها من العمر خمس سنوات وتسمى كرحة (قرحاء).

٤ ـ التجفيل ـ التجبيش : (السباق)

تعويد الفرس ، وتنفيرها باجراء تمارين وممارسات عديدة لها يعرف ب (التجفيل) أو (التجبيش) ... وهذا من خير الطرق لنجاح الفرس في السباق أو في الغزو أو الحرب ... ولتربيتها أصول ، وطرق اعتناء ، ومراعاة الحالة

__________________

(١) الجين الرسغ.

(٢) الحجب وسعة ما بين الفخذين.

٣٨٣

التي يجب ان يجريها ، والعناية ضرورية ، ونعلم ان البدوي يهتم بفرسه ، ويلاحظها اكثر من نفسه ، ولكن السباق يحتاج إلى وصايا صحية ، وأوضاع خاصة في أكلها وشربها ... وركضها وتمرينها ولا يقوم بهذا عندهم سوى مالكها.

والبدوي على حالة غير حالة الريفي فانه يجفل فرسه دائما ، ويطارد عليها فتكون في وضع تأهب على الغارة ، وتابعة لأدنى اشارة .. بخلاف الريفي فانه لا يراعي هذه إلا في اوقات خاصة ولا مجال له ان يطارد في اراض محدودة ، فالخيل لا ترى ميدانا فسيحا ، وتحتاج إلى تمرين لتنال مكانة في الركض ، وغالب الخيل القوية النشيطة هي التي تعيش في مكان عذي (هواؤه عذب ونشيط) ومن ثم يكون النجاح كفيلها ... والألعاب ، والسباق على ظهور الخيل من ألذّ ما يجري بين العربان في أيام افراحهم ، أو ابان التمرن على الحروب ... والتأهب للغزو.

وهنا يظهر المجلي من الخيول ، وهذه تابعة لتقدير قوة الأعصاب للعدو ... ونفس الركض وميدانه حتى ان بعض الخيل قد لا تسبق اذا لم يطل ميدانها ، وتنال السبق على الكل اذا طال المدى ... فاذا لم تقدر هذه النواحي وأمثالها فلا أمل في نجاح غيرها ، ويضرب العرب الأمثال في المدى وطوله ... وعلى كل حال هناك أمور يجب الانتباه اليها وتحتاج إلى خبرة وفكرة قويمة ، وغالب من يقوم بهذه المهمة متمرن عارف ...

وفي هذه الأيام راج سوق الخيل في السباق ، وتولدت بينهم مصطلحات كثيرة لما رأينا من عناية الأجانب بها ، واستفادتهم منها ، وتعيين درجات السبق ، والرهان عليه ... ومن ثم رجحت من نالت السبق لمرات ، وصاروا يتغالون في أثمانها بالنظر لما تربحه ، واشتهرت كثيرات قد لا تكون علاقة للرسن بهن ، وانما انحصر ذلك في خيل معينة ، وبهذا حصل انتقاء في السوابق ، وطوي ذكر الخيل الأخرى ، وان كن من الخيل العراب ... وفي المثل (عند الرهان تعرف السوابق).

٣٨٤

وهذا من ضروب المقامرة بل من اعظم المقامرات ، ومن أشد الاضرار على الخيل والاجحاف بحقوقها بل التجاوز عليها ، ويجب ان لا يشيع بكثرة وانهماك في أمة حريصة على اوضاعها الحربية ، والانتفاع من نشاط خيلها ، وقيمتها الحربية ... وقد مر الكلام على السباق المرغوب فيه ... ومن المؤسف أن يروج سوق الخيل من طريق سباق المقامرة ، وتزيد العناية بها من أجله ...

٥ ـ أسماء الخيل :

وأسماء الخيل المعروفة قديما وحديثا كثيرة عندنا ، ولها في هذه الأيام اسماء جديدة ، واشتهر من الخيل القسم الكبير لما كان لها من مواقف بارزة في الحروب كما اشتهر شجعانها فحافظت من جراء ذلك على أرسانها ، واليوم يعوزنا احصاء اسماء الخيول المعروفة ... وتعداد كل ما عرف واشتهر في السباق وغيره يطول كثيرا. وهذه بعض المشهورات :

١) عسيلة.

٢) تاج عطية.

٣) ردحة.

٤) حمية.

٥) فضيلة الهوى.

هذا ويضيق المقام عن التعداد. وللأسف كل هذه الخيول العراقية لم تشتهر بوقائعها وانما عرفت بسباقها ...!!

٦ ـ سرقة الخيول :

من ابدع ما يجلب الاسماع ، ويدعو للانتباه واللذة معا ما يورده البدو عن سرقة الخيول من اناس تعودوا على ذلك وتمرنوا .. وكل ما يوردونه من حكايات وقصص يدل على عزة الخيل ومنزلتها عندهم ؛ فهي

٣٨٥

من أعز ما عندهم ، ولذا يبالغون في اطرائها ، يذكرون شطارة السراق وحسن مهارتهم ، وما يقدم لهم من فداء أملا في استعادة الفرس المسروقة ، والتهالك وبذل الجهود في استعادتها ، وما عاناه صاحبها ، أو ذكر خيبته ... والسراق منهم (الحايف) وهو الذي يسرق ليلا وخلسة ، و (البطاح) هو الذي يركب الفرس ويفر بها على مرأى منهم ...

و (ربيط البدو) في الغالب من كان متعودا على سرقة الخيول وهو الذي يبطح على الفرس. وهذا يحبس ويحدد بحديد الفرس ، ويبقى حتى يسلم المسروق أو يفك نفسه بمبلغ يتقاضونه منه أو من كفيله والربيط قد يكون مطلوبا سابقا بأموال أخرى أو (وسكة) ، ويحتاج إلى أن يفك نفسه.

٧ ـ شركة الخيل ـ بيوعاتها :

يعتز البدوي بفرسه كثيرا ، ولا يهون عليه ان يعطيها ، أو يملكها لغيره ببيع وسائر التمليكات الا لضرورة ، او لحاجة تعرض له ... وقد يكتفي ببيع حصة شائعة كأن يبيع (عدالة) ، أو نصفا شائعا ، أو رجلا ، أو نصف رجل. وهذه شاع البيع بها حتى عند غير البدو ، وحافظوا على ارسانها ، والبيع في مثل هذه الحالة لا تظهر غرابته في بيع الكل وقطع العلاقة كما هو المعتاد في سائر البيوعات والامتعة وتداولها .. وكل الخيل ليست كرائم ، وانما هناك خيول تباع وتشترى على المعتاد كالضأن والبقر ... الا ان البدوي في الخيل خاصة لا يريد ان يقطع علاقته بفرسه. وهذه أشهر بيوعاتهم :

١) بيع مثاني. وذلك بأن تكون أول بطن للبائع ، وبعدها للمشتري والثالثة للبائع ، ومن ثم تنقطع العلاقة بها ... واذا كان المولود (فلوا) فلا عبرة به ، وتجري القسمة على ما عداه ...

٢) بيع النصف. وفي هذا تكون القسمة على البائع ، والخيار للمشتري لأنه هو الجاني (المربي) للفرس. وقد تبقى الشركة لمدة طويلة ..

٣) بيع العدالة. وفي هذا يكون البطن الأول اذا كان انثى للبائع

٣٨٦

وتفك على ان يكون للمشتري منها البطن الأول أيضا وتنقطع العلاقة.

٤) بيع الرجل. وهي الربع على الشيوع.

ومن هذه كلها اذا كانت الخيل مشتركة قسم الشريك وكان الخيار لصاحب الرسن وهو القائم بتربية الخيل ، وينقطع الخيار لمرتين وفي الثالثة ليس له ان يرجع عن اختياره وذلك انه يختار فاذا وافق الطرف الآخر فله ان ينكل عن الخيار ، ثم يقسم الشريك مرة أخرى وله أيضا ان ينكل ، وفي الاثلثة ليس له ان يرجع عما اختاره ، ويكون هذا قطعيا ...

٣٨٧

ـ ٢ ـ الإبل

اذا كانت الخيل وسائط نجاة مهمة لحياة البدوي فلا شك ان الإبل قوام هذه الحياة ووسيلة بقائها وطريقة سد حاجياتها .. فمنها لبنه ، ومنها وبره ومنها لحمه ، وجلدها نافع له ... وهي واسطة نقله من مكان إلى آخر ، وحمل اثقاله فهي في نظره (سفن البر) ... ولولاها لكانت حياته منغصة ، وعيشته مرة ، وآماله ضيقة ... وهذه فيها غناه وثراؤه بل من اعظم ثروة له ، ومن أهم تجارته ، وأكبر واسطة لنماء أمواله ...

لا تعيش للبدوي أنعام وهو في حالة غزو ، وتنقل سريع من مكان إلى مكان الا اذا كانت كهذه الابل تتحمل المشاق ، وتتكبد الصعوبات والاراضي الوعرة ، والفيافي البعيدة عن العمران ... فهي بحق تعدّ أعظم نعمة ناسبت اوضاعه فكأنها خلقت لأجله ، وقدرت له في أصل الخلقة ...

وفي آية (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) دليل الامتنان بهذه النعمة ، ولو لا الابل لما تمكن البدوي ان يبلغ المكان الذي يريده الا بشق الانفس وصعوبتها ، وهكذا المشاهد والمنتفع به أكبر دليل وأعظم نعمة ...

والعرب في آثارهم الكثيرة من كتب الأدب واللغة تعرضوا للكلام عليها ، واوسعوا المباحث ومن اقدم من كتب ، وخص الإبل بمباحث خاصة الأصمعي فقد نشرت له في الأيام الأخيرة رسالتان في الإبل وردتا في (الكنز اللغوي) للدكتور أوغست هفنر استاذ اللغات السامية في كلية فينا. طبعت هذه المجموعة في بيروت سنة ١٩٠٣ والرسالتان احداهما

٣٨٨

جاءت في صحيفة ٦٦ والأخرى في صحيفة ١٣٧.

وعلى كل حال يهمنا ان ننظر إلى ثروة البدوي ، ونقدر قيمتها ومكانتها ونعين طريق معيشته من وراء هذه الثروات لنتخذ له التدابير الملائمة للانتاج ، والطرق الصالحة للتكثير ، ومخارج للبيع والصرف في المواطن الأخرى للاستفادة من نواح عديدة منها. ، فنكون قد ساعدناه وجعلنا حالته في رفاه وربحنا منه في تجارتنا ، وضرائبنا ، وسهلنا له مهماته ...

والابل في العراق كثيرة ، وكانت لها فائدتها قبل شيوع السيارات ؛ فهي من أرخص وسائط النقل ، وإن كانت بطيئة ... اهمال هذه الثروة دون عناية في امرها غير صحيح ، ومن اهم ما يعرض للبدوي قلة المراعي لها ، ومن الوسائل الفعالة افساح المجال له للسرح في مواطن لا يستفيد منها سواه ، وفي هذا تخيف لويلاته ومصائبه مما قد يؤدي إلى ضياع كافة ابله ...

والابل انواع كثيرة ، وبينها ما هو معروف قديما ، ويعد من نجائب الابل لما فيه من المزايا المختارة من سرعة ، وتحمل مشاق ، أو ما ماثل ...

أنواع الابل :

وأشهر المعروف منها مما ينتفع به للحليب والحمل : ويسمى (البعير) ويقال له (الرحول):

١ ـ الخواوير. وواحدها خوار ، وهي اباعر عنزة وشمر وغالب البدو بصورة عامة ، وهذه ابل بادية الشام ، تصبر على العطش ، وتستخدم للغزو ، تعيش خارج المياه في البادية الجرداء. وهذه لا تعيش في العراق في الأرياف من جهة القارص (الزريجي) والمعروف منها (بنات وضيحان) ، و (بنات عبجلي) ، و (النجبانيات) ، و (الشراريات).

٢ ـ الجوادة. واحدها الجودي وهذه في الغالب عند المنتفق وغزية والصمدة من الضفير وسائر القبائل الريفية كالزكاريط (الزقاريط) وغيرها.

٣٨٩

ولا تصبر هذه على الظمأ ، ولا تتحمل المشاق التي تصيب البدو ... وإبل شمر طوقه كلها (جواده).

وهناك قسم آخر يستفاد منه للركوب غالبا ويقال له (الذلول) ومن أنواعه :

١ ـ التيهية. وهذه صغيرة ، ولها رسن ، تفيد للسرعة وللمغازي ، وتقطع مسافات بعيدة. وهي عند الشرارات من الصلبة ، والحويطات منهم.

وهذه تطرح النعام ، والغزال ، وهي للركوب خاصة ، ويقال ان اضلاعها سبعة في كل جانب.

٢ ـ الحرّه. تعيش في البادية ، وتصبر على الماء ، وهي عند شمر وعنزة ، وعند الشرارات. وبها يتمكنون من اللحاق بالخيول ...

٣ ـ العمانية. من نوع الجودي ، وهي جميلة ووافية ، وغالب ما تكون عند المنتفق ويحتفظون بها ، وقليلة في سائر الأنحاء ، ومواطنها على ساحل خليج فارس.

٤ ـ الباطنية. وهذه قليلة في العراق.

قال صلبي يخاطب عشيقته : (للسيلان منهم)

يا نديبي شد لي كور مهذالي

من ضراب التيه وامه شرارية

لشنطته بالرسل صابه حفالي

مثل دانوك حدته الشماليه

نحره يم الغضى طيب الغالي

عين خشف مرتعه له بوسميه

ألوان الإبل :

١ ـ الوضحة. بيضاء

٢ ـ الصفرة. دبسة ، غامقة.

٣ ـ شعلة. أقل انكشافا ، والجواده القسم الأعظم منها هذا لونه.

٤ ـ الملحة. سوداء.

٣٩٠

٥ ـ الزركه. عشمه.

٦ ـ الشكحة. بين البيضاء والشعلة.

وهذه كلها في الخواوير.

٧ ـ حمرة. على احمرار وفيها غمق.

والبيض منها كلها تدعى (المغاتير) ، وما كان فيه سواد ، أو ملح يقال لها (السحمية) ، أو (السحمة).

ومن أوصافها : (الصجرية) ، و (ابكع ظهر) ...

شواذيب وعذاريب الإبل :

من العيوب في الإبل ما يسمى الشاذب ، أو الشاذوب والضبطه فيقال ليس فيه (ضبطه وشاذب) ، والعذوربه أو العذاريب وقد يطلق الواحد على الآخر كلفظ مترادف ويقال (سالم العذاريب). وهذه أشهر ما هو معروف :

١ ـ الطير. سكتة دماغية

٢ ـ الخراش. نوع جنون

٣ ـ الضلع.

٤ ـ الجرب.

٥ ـ الجدري. وهذا يكون في صغره

٦ ـ الورك. مرض في الابط.

وأصل الشاذب عظم زائد في صفحة زور البعير. وهناك عيوب لا عن مرض وانما هي عيوب في الخلقة ، أو نقص في الأعضاء :

١ ـ الجدعه. مقطوعة الاذن.

٢ ـ العصلة. مقطوعة الذنب

٣٩١

٣ ـ الحرده. تضرب بيدها على الأرض ؛ وهو نوع فالج.

٤ ـ الخطلة. مرتخية أعصاب الرجل عكس الحرده.

٥ ـ جنفه. فيها لحمة كبيرة تحت أبطها

٦ ـ النجبه. مخلوعة الزند (مفسوخته).

أسنان الأبل :

١ ـ المخلول. عمره (١) سنة

٢ ـ المفرود. عمره (٢) سنة

٣ ـ اللجي. عمره (٣) سنة

٤ ـ الجذع. عمره (٤) سنة وهذه يبتدئ فيها اللقاح وهو الضراب.

٥ ـ الثني. عمره (٥) سنة

٦ ـ الرباع. عمره (٦) سنة

٧ ـ الخماس. عمره (٧) سنة

٨ ـ الجالس. عمره (٨) سنة

ومدة الحمل ١٢ شهرا ومن النوادر أن يكون ١٣ أو ١٤ شهرا.

الوسم والشاهد للإبل :

وللإبل عند كل قبيلة ، أو فرع من فروعها علامة يسمونها بها لتعرف وهذه تختلف اشكالها بالنظر لما تتخذه القبائل ولا نجد تقاربا في الوسم الا قليلا ، وكذا يقال للشاهد وهو نوع الوسم الا انه لا يعول عليه في التفريق ، وإنما هو أشبه بالاشارة الخاصة ...

والوسم يكون على اليمين أو على اليسار ، أو على الرقبة ... والشاهد يكون على يمين الوسم ، أو يساره ، وقد يكون الوسم على اليد اليمنى ، أو

٣٩٢

اليسرى ... والشاهد على الرقبة ، أو يكون قريب الخشم ويصير محاذيا للعين ، أو نازلا إلى الفك وعلى كل لا يعول على الشاهد.

وسم شمر طوقة كاشارة+ على يمين الناقة ، والصلتة منهم يجعلون الشاهد قدامه ، والغرير منهم في يساره ، والزقاريط عندهم الوسم اشبه بحرف T اللاتينية ويكون في اليسرى وشاهدهم في الوجه على الجانب الأيسر في منحدر الرسن والنصر لله (فرقة منهم) على الفك ... ولا يكاد يحصى الوسم لكل قبيلة وشاهده ، ولقبائل عنزة لكل منها وسم خاص ، كما لقبائل شمر كذلك ...

شركة الابل :

وشركة الابل للانتفاع منها تكون بأمور عديدة ولكن هذه لا تظهر إلا في القضايا الجزئية والمطالب الصغيرة مما يجرى بين الطبقة الضعيفة ، أو بين ضعيف وغني ... ومن هذه :

١) شركة عظم. وذلك أن يشتري الموسر الابل ، ويشغلهن عند آخر حتى تفك اثمانهن من النماء والربح ، وحينئذ يشترك معه مناصفة ... ولكن هذه الشركة يصح ان تفك عند الطلب ، ولا تكون مقيدة بشرط ، ومع هذا اذا وجد شرط لزم مراعاته ... وفي هذه الحالة اذا طلبها صاحبها قبل ان تفك فحينئذ تباع وما زاد عن قيمتها يقسم بينهما ... فالتعب الذي بذله العامل لا يهمل بوجه ، ولا يضيع ...

٢) شركة العدالة. وتكون في الغالب في الغنم ، وتقل في الابل وذلك بأن تعطى الشياه او الابل إلى آخر ويشارك في النماء ، ولا يكون شريكا في العظم الأصلي بل في الصوف والدهن ...

٣) ان تودع الابل. على ان تكون الاجرة مثالثة ، ثلث للجاني وهو الذي قام باعارتها ... ويتسلمها المكاري كاملة الحدايج والثاية ... واذا كانت كثيرة فيصح ان يشترط على صاحب الابل اكثر ، وان يستخدم معه آخر

٣٩٣

فيكون نصيبه النصف ...

ويطول بنا تعداد كل ما هو معروف ، وانما الغرض الفات الأنظار إلى هذه النواحي ، وعند الاختلاف يرجعون إلى العارفة ، والضعيف يلجأ وان كانت القضايا تافهة.

بيوعات :

في الابل قد يكون البيع صفقة واحدة وتنقطع العلاقة وقد لا يكون كذلك وتبقى العلاقة لمدة بأن يشتري المخلول والغركان ، والمخلول منهما تراه ، ويكون مولودا ، ويؤخذ وقت طلوع سهيل ، أو أن يسلم صيفا ... وإن المشتري في هذه الحالة يسمى (شراي حبل) والمفرود ويقال له الغرقان ، كأن يشترى في بطن أمه ثم يأخذه المشتري بعد أن يفطم من أمه وذلك بأن يحول عليه الحول أو أزيد واذا مات المبيع في هذه الحالة فهو مضمون .. ويسمى (المجفوت).

هذا ما يعين البيوعات عندهم ، وان الضمان يترتب لأنه لم يسلم إلى المشتري في الوقت المضروب ، وغالب هذه يجريها الضعفاء والفقراء فيما بينهم ، وهي التي توضح بقايا بيوعهم .. والغرض من هذه البيوعات الشراء سلفا ، وان يكون تحت ادارة البائع لمدة ...

الرعي :

اذا أراد أن يسرح في الابل يعطى مخلولا ومبلغا معينا يقدر بدينار أو أكثر ، أو مفرده وحده ، أو مبلغ وحده وذلك حسب قلة الابل وكثرتها ...

الدخيل :

تعطى الابل إلى آخر فيذهب بها إلى نجد أو إلى مكان آخر ، وذلك الراعي أو آخذ الابل ضامن ويجعل الابل مرخوصا من قبله يقال له (الدخيل) والوصي وهذا هو الذي وكله ... فاذا رفض وكالته فحينئذ يصرح

٣٩٤

بذلك ويشهد ثم يخلط الأموال (الابل) بما عنده ، ولا يضمن المقدرات أي لا يتوجه عليه ضمان الدرك ، فاذا مات بعير يثبت الشهود على موته وحينئذ لا يبقى حق. اما لو طالب المالك ببعيره فامتنع من اعطائه إلى الوصي ضمن أي انقلبت يده إلى يد ضمان.

وداعة البدو للبدو :

وهذه امانة لا تفرق عن سائر الامانات الا انه يتصرف بها وينميها ، أو يبقيها امانة على حالتها دون تصرف ... والبدوي في أحوال عديدة يريد أن يسير إلى أهله ، وليس في امكانه الا ان يكون مجردا ، وتكون هذه محترمة ومحتفظ بها للأمرين المذكورين ، وللأمين الحق في اختيار احداهما ، ولا يفترق المودع بين ان يكون بدويا أو غير بدوي ، ولكن يصرح غير البدوي بغرضه فيقول هذه (وداعة البدو للبدو) أي أنها الوديعة المصطلح عليها عندهم. وللامين الحق في حفظ عينها ، او التصرف بها. فاذا كانت الوديعة شاة مثلا تكاثرت عنده ، أو حوارا ، أو بعيرا كان الأمر كذلك ، واذا باعها اشترى بثمنها ما ينمو ، كأن كانت بعيرا فحلا كرى عليه ما عنده ونمّى الحاصل ، أو باع البعير واشترى به ناقة ، فاستولدها ...

والحاصل لا يسوغ له بوجه ان يخون هذه الأمانة ، وإنما يستثمرها لصالح المودع ، واذا كانت مبالغ اشترى بها ما فيه فائدة إلى آخر ما هنالك ، وقد يعين المالك الذي ائتمنه ان يتقاضى أجرا عوض العناية ، وهذا غير ما يعطى للراعي أجرة رعيه وسرحه ...

٣٩٥

ـ ٦ ـ

الشيم والأخلاق

ضيق المعيشة ، وضنك الرزق ، وقلة الموارد قد تجعل المرء في لبس من تصديق ان البدوي لا يكذب ، وانه صريح القول ، ينفذ ما عزم على فعله وما قطع في امره ... وهو في هذه الحالة لا يشهد كذبا ، ولا يحابي ... وفيه من الشمم والإباء والعفة بمعناها الصحيح ، واكرام الضيف ، وحمى الجار والنزيل ما لا يوصف.

شاهدنا وقائع اعترف فيها البدوي انه قتل ، أو أنكر القتل فلم يحلف ، ولم يخن أمانة ، ووفى بعهده وهكذا .. وكم أخذتنا الحيرة في وقت لا نراه يقدم على الكذب وهو في أشد المواطن خطرا ، وأعظمها حرجا ...

نرى أوصافا كثيرة عند البدو ولا نجدها عند غالب اخوانهم من الحضر فكأن البداوة ملازمة للصدق ، والانفة من الخديعة والكذب ، وكأن الحضر غير منفكين من الأوصاف الرديئة الا من عصم الله تعالى ... ذلك ما دعا ان يأمن الحضري معاملته مع البدو ، ويتخوف البدوي من أهل المدن وحيلهم والطرق التي يتخذونها لسلب ما عنده ، فهو في حذر وخوف حتى انه اذا اشترى بضاعة يشترط أن تكون (سالمة ، مسلمة للمناخ) وهكذا ...

ونخشى في هذه الحالة أن تتطرق اليهم بعض صفات أهل المدن الرديئة ، وتنتقل عدواها وان القائمين بأمر اصلاح المجتمع يحتم عليهم الواجب ان يلاحظوا هذه المهمة ، وان يتذرعوا بوسائل مانعة من التسرب إلى هؤلاء ، وأن يسيروا بهم إلى التربية الحقة ...!

٣٩٦

عبيان وله من العمر خمس سنوات

٣٩٧

مرت أمثلة كثيرة تبين صراحة البدوي وصدق لهجته ، وصفاء سريرته ... ونحن في حاجة كبرى إلى أن نتعلم منه المهم من الأخلاق الفاضلة ، والسجايا النبيلة ... وان لا نتهاون في أمرها ، لا أن نفسده وهو سهل الخديعة ، فيتذرع بالوسائل الرذيلة ... ونتمنى ان لا يدخله الاصلاح قبل ان ننال قسطا منه والا سقناه إلى ما نحن فيه ، وبهذا انتهكنا حرمة أخلاقه وعلوها وسموّ سجاياه وفضائلها ... وهل من الصلاح ان نتولى امر الاصلاح ونحن لم نتسلح بما عنده من سجايا ، ونتطلب منه ما هو مفقود وقد قيل (فاقد الشيء لا يعطيه) ..

جلّ آمالنا ان يحتفظ هذا البدوي بحسن سلوكه ، وطيب اخلاقه ، وصفاء نيته إلى ان تتبدل حالة التربية العامة بخير منها ، وتكون اولى مما هي فيه ...

ـ نعم قد تكون في البدوي بعض الصفات التي اكتسبها من حاجته ومحيطه ، ويهزأ بمن يذمها ، أو يلومه من أجلها أمثال الغزو ... ولكن هذه بالنظر إلى منع حوادث الغزو ، والاتفاق والتكاتف بين الدول المجاورة على منعه تغيرت هذه الحالة ، وماتت من نفسها ، وصار يشعر بأن ماله ما اقتناه من طريق مشروع ... وستقوى هذه الخصيصة ويتعود مغزاها في حين انه قبل هذا اذا قيل له :

ـ الله يحرمك من غارة الضحى!

كان يجيب :

ـ وهل (١) وجه ، وهل وجه ...!

يريد بل أنت تحرم منها!! وكانوا يؤدون من غارة الضحى بعض الصدقات عن موتاهم ..!! وغرضهم من غارة الضحى أنها على وجه نهار ، ولم تكن خفية ، أو خلسة ...!

__________________

(١) هل مخفف (هذا ال) يريد وهذا الوجه!

٣٩٨

ومهما كان الأمر فالبدوي يغزو وينهب ، ويقتل ولكنه لا يكذب ، ولا يخدع ، ولا يخون الامانة ، ولا يقبل بذلّ ، ولا يرضخ لقوة ..!! يعيش بعزّ ، ولا يرضى ان يهان ، حر الضمير ، صريح القول ، وعفيف الذيل في غالب أحواله .. وهو أيضا كريم بطبيعته ، شريف في نفسه ، أبي ، لا يتردد عن معونة ، ولا يحجم عن مساعدة ... والقلم يعجز ان يجري في بيان كل خصاله الحميدة المقبولة ... والمرء ينجذب بل يكون مغرما بأوصافه هذه وأتمنى أن تكون هذه بصورة عامة عندنا ... وأن نمضي على كثير منها ...

سجايا قوية ، عالية ، لا تفترق بوجه عن أوصاف العرب القدماء ؛ ولا تقل عنها ، ويعوزها ما أعوز تلك من اصلاح حقيقي ، وتهذيب اجتماعي ، لا يشبه ما نحن عليه اليوم ، ولا يأتلف وما نحن فيه ... ولم أكن في قولي هذا ساخطا على المجتمع أو غاضبا عليه الا أني أرغب أن يتحلى بأكمل صفات الرجولة ، وأن ينال حظه من الحضارة مقرونة بتلك السجايا الفاضلة ...

وهم كما نعتوا انفسهم :

حنّا جما صافي الذهب

وانظف من الخام الجديد

ولا نريد أن يزيف هذا الذهب ، أو تنال ذلك الخام نكتة تكدر لونه او تودي بصفائه وجميل رونقه ... فاذا كان :

حسن الحضارة مجلوب بتطرية

وفي البداوة حسن غير مجلوب

فالأخلاق فاضلة ، وعزيزة ، لم تدخلها التطرية ، حسنها طبيعي ، وسالم من العذاريب الكثيرة كما يصطلحون عليها ...

وهنا نذكر بعض أوصافهم العامة :

١ ـ النخوة :

وهذه من أكبر وسائل التكاتف ، ويقال لها (العزوة) أيضا ، وفيها

٣٩٩

تتشارك القبائل التي تمت إلى نجار واحد ، وغالب القبائل تعرف القربى بينها بسبب هذه النخوة ... وقد مرّ بنا ما ينتخى به القوم ، وهي دليل الأخوة ، وشارة التكاتف والظاهر ان اصلها (انا اخوة) ومنه اشتقت (النخوة) ومثلها العزوة ويراد بها الانتساب إلى نجار واحد ...

قال الشاعر :

لا يسألون أخاهم حين يندبهم

في النائبات على ما قال برهانا

وهذه هي النخوة ، والندبة مثلها ... واذا صرفت النخوة إلى ناحية التكاتف على اتباع الحق ، ونصرة المظلوم ، ومقاومة الشر فما أحلاها. والتلقين إلى هذه الناحية قد يؤدي إلى نتائج مرضية ...

٢ ـ الدخيل ، الدخالة :

في القتل يدفع عن القاتل لمدة ثلاثة أيام على ان لا يسارى ولا يبارى ... وفي المطالب الأخرى غير قتل النفس يكون الوجه لمدة سنة ، فلا يتعرض له أحد. الا أن (فورة الدم) لا يصد احد فيها ، والوجه لا يمنع غالبا الا أن يكون قويا ويتمكن من زبن الهاجمين ...

٣ ـ الوداعة :

وهم أحفظ للأمانة ، وأحرص على الوديعة ، وقد مرّ بيان بعض حوادثها الخاصة ، ويتفادى البدوي في صيانة الوديعة ...

وعلى كل حال تظهر أوضاعهم العامة وأخلاقهم الاجتماعية ، وكذا الفردية من طريق تثبيت الوقائع الاعتيادية ، وفي مواطن الحروب واوقات الغزو وقد اشير إلى ذلك فيما مرّ ، وسيأتي من الأمثلة في خصوماتهم مما يعين أخلاقهم في بعض الأوصاف والأقوال التي يعابون من أجلها ، ويحق لهم أن يطالبوا بالحشم ، أو يعقروا من جراء ما نالهم من اهانة ، أو يلتمس منهم العفو أو التعويض ... وليس لهم حكومة يلجأون إليها ، وإنما يستعينون بقوتهم.

٤٠٠