موسوعة عشائر العراق - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة عشائر العراق - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٨

يدفع لبنت هذا القدر من المال ، وعنده أن كل ناقة تساوي امرأة ، أو عشرة من النساء.!

رجع الولد دون ان يظهر غرضه .. وسأله ابوه فكان جوابه ان اباها لم يوافق على اعطائها له ، فاستنكر والده ذلك ، وغضب على ابنه وقال له : طلب منك ما استكثرته ، ولامه على فعلته ، ثم حثه على العودة مرة اخرى ، وفي السنة التالية بين انه يقدم العشرة المطلوبة ، فاجابه ابو البنت انها ليست بضاعة يساوم عليها فإن شئت ان تعطي عشرين ناقة من الغتر تقدم ، فلا اوافق على أقل ..!

وفي هذه المرة استعظم المقدار ، وعزم ان لا يتزوجها وعاد بصفقة المغبون فلقي من والده لائمة اكبر ، وأمره ان يأخذها بما كلفه الامر ، وان يقدم له ما يطلب منه وان لا يتردد في القبول ، أو يتأخر في أنهاء القضية ذاكرا أنه إذا حصل منها ولد فإنه النعمة التي لا يعد لها ثمن ، ولا يقدر بإبل وشاء وان اباها لا يردك إن رأى منك رغبة صادقة مراعاة لجاه ابيك ..!

وفي هذه المرة نزل ضيفا عند الاب ، وكان قد خرج إلى البر لقضاء حاجته ، فوجد بنتا جميلة جدا خرجت من البيت ذاهبة للاحتطاب فاعجبته فسألها عن البنت المطلوبة فمدحتها واثنت على جميل خصالها ، وقالت : انا لست بشيء بالنظر اليها ، ولامته بل عنفته على تأخره عن الاخذ ، وان والدها ليس له امل في اخذ المال ...!

طلب الاب منه هذه المرة ثلاثين ناقة ، وأبدى أنه لا يعدل عن واحدة فلم يتردد الولد وأعطى المطلوب. اما الاب فانه اثر ذلك وبعد تمام العقد اعاد الابل جميعها واعطى ناقة للبنت من ماله واخرى لخادمتها ، وسيّرها بالوجه اللائق والاتم .. وبيّن انه اراد ان يبرهن للولد بان البنت عزيزة عنده ولم تكن ذليلة ، ولا غرضه ان يساوم ، أو يربح ربحا منها.! وبعد ثلاث سنوات ولدت له ابنا ثم آخر ...!

٣٤١

مضت مدة على زواجه ، وفي يوم من الايام صادف ليلا نارا موقدة في بيت من بيوت البدو فوجد عندها بنتا تصطلي على النار (تتشلهب) ، فاعجبه بياض ساقيها ، ونعومة بشرتها وفي تلك الليلة طلبها من ابيها فتزوجها ، وعلقت منه وصار له منها ولد.

كبر الاولاد ، وكانوا قد بلغوا مبلغ الرجال ، ويؤمل منهم ما يؤمل من امثالهم للحروب والغزو ، أو حفظ المال والاهل والنضال عنهما عند الملمات ...!! وكانت قد حصلت منافرة في هذه الايام بينهم وبين قبيلة عنزة المشهورة ، فمال عليهم بعض غزاتها فنهبوا ابلهم ، وكان من رأي ابن (أم شهلبة) ان لا قدرة لهم على الحرب ، والاولى ان يعودوا ويفروا بانفسهم فاعترضه ابنا (بنت رغيلان) بانهما كيف وبأي وجه يرجعان إلى جدهما وقد اخذت ابلهم ونهبت من بين ايديهم فاجاب ابن ام شلهبة نعوض له إبلا اخرى تعود لنا ... فلم يوافقوا على هذا ، ولم يرجعوا وانما تحاربوا مع العدو وانتزعوا الابل المنهوبة ومعها بعض (الكلايع) (١) ورجعوا غانمين ، ظافرين ... وكان قد سبقهم ابن ام شلهبة فاخبر جده بما خاطر به الاولاد الآخرون ، وما جازفوا ، فبقي صامتا ساكتا ، لا ينبس ببنت شفة وآثار التألم بادية عليه ، ولا طريق له في هذا الليل ان يعمل عملا ما وصار لا يهجع وكان يعبث بالنار ، في عصا بيده ويزيد في الوقود .. وهو مضطرب ..

وعلى كل كان احر من الجمر ، وبينما هو كذلك جاء احد الولدين وكان قد سبق صاحبه راكبا فرسه ليبشر جده ، وبقي الآخر مع الابل يمشي على مهل ... فبشره بالنجاح واستعادة الابل ، وما جرى من انتصار ، وانه سارع لاخباره .. ففرح الجد ، ولقب الفارّ بابن (ام شلهبة) وبقي هذا النبز ملازما له وخاطب المنتصر قائلا :

ان جدت انا جاذبك من مجاذبك

وان برت هو اولاد الصكور تبور

__________________

(١) القلايع ما يغنمه الغزاة من خيل العدو بعد قتل فارسها ومفرده قلاعة (كلاعه) ...

٣٤٢

وهكذا يقصون الحكايات الكثيرة من هذا الموضوع وكلها لا تخلو من دقة وعناية ادبية ... وعندنا ايضا (العرق دساس) ، و (اياكم وخضراء الدمن) والاشعار في هذا الباب كثيرة ...!

والبدو يتلاعبون في البيان ويراعون كل وضع ادبي ، تصدر هذه ممن يعرف كيف يستهويهم بلفظه ، وإشاراته ، وتزويق رأيه مما يزيد في الحكايات رشاقة ، وفي الكلمات رقة وحلاوة ، وفي السبك طلاوة ...

ولا يتيسر هذا لكل بدوي فما كل من نطق خطيب ، ولا كل من كتب بليغ ، ولا من زاول النظم شاعر ... وانما هناك مواهب قرنت بممارسة وتمرين. وكل فتور ، أو ظهور حوادث جديدة يتخذونها موضوعا لتقوية فكرتهم المعتادة من لزوم اختيار الزوجة من نسب عريق ، وأخلاقهم العامة تأبى أن يتناولوا كل مأكل ... وهم كما قيل :

ولو كتموا أنسابهم لعزتهم

وجوه وفعل شاهد كل مشهد

أو نراهم يقولون :

خواله ما هم من عمامه

دور الاصل والمغني الله

ابن ابنك ابنك وابن بنتك لا

ولا يراعون دائما الحب والعشق او الحسن في الدرجة الأولى ، وانما يلتزمون الأصل الصريح ... ويقولون (مضرّبا) لمن أخواله ليس من اعمامه ، أو من أصل رديء وهو المعروف ب (الهجين) ... وهكذا الأمر معتبر عند العرب القدماء ، وفي كتب الأدب مباحث خاصة في الخؤولة عند العرب (١).

__________________

(١) الخؤولة عند العرب ـ سمط اللآلي ج ٢ ص ٧٩٤ ـ ٧٩٥.

٣٤٣

٤ ـ اختيار النسب ـ الحب :

عوائد القوم في الزواج مقرونة بتقاليد لم يكن اساسها الجمال وحده كما أن الاختلاط واتصال الجنسين معروف في البدو ، ويراعى اختيار الوالدين في انتخاب الزوجة ... وللتودد دخل ، وأصله الرغبة الخالصة ومثل هذا ليس بالقليل ، وقد يجتمع الأمران ...

إن الضرورة أو الحاجة تدعو إلى الاتصال الدائم والاختلاط المستمر سواء في حلهم وترحالهم ... وفي الأفراح والأعراس يختلط القوم ويشتركون جميعا وهم في هذه الحالة بمنزلة عائلة واحدة ... وكذا الأمور التي تجلب السخط ، والزرايا العامة ، والمصائب الطارئة ... اثناء الغزو وهجوم الأعداء ، أو موت عزيز أو قتله ...

ومن ثم نرى التكاتف ، والتأثر بما يحدث مما يؤدي إلى هذا الاختلاط نوعا ومثله الجيرة ، والقربى ، والمجالس المعروفة بالدواوين ، بل وسكنى الخيام ...

كل هذه من دواعي التحابب والتقرب في الزواج ، ولكن ذلك كله محاط بسياجات قوية من عفاف ، وخوف هما نتيجة تقاليد موروثة مثل النهوة من الأقارب مما لم يبق أملا في العشق والحب أو الرغبة وإلا عرض المرء نفسه لأخطار قد تشترك فيها جميع افراد القبيلة بالتناطح والتطاحن وتحول دون الرغبة في الزواج. وفي هذا يراعى رغبة الزوجة فاذا قالت انا باغيته ، أو أنا ما باغيته فلا يخالفون ذلك ، وغالبا ما تلاحظ الزوجة الشجاعة وحسن السمعة والكرم وسائر الصفات المرغوب فيها ...

كل هذا لا يمنع أن ينتقى النسب الصالح ويغالى فيه والتحوطات لها مكانتها مما تجب مراعاته في الغالب ؛ والمرأة إذا لم تقبل بواحد ورفضته فلا يتقدم عليها أو يأنف قربها بعد أن تعلن أنها راغبة عنه ... وكذلك هو لا يتصل بها وان ملكت جمال العالم وكان في نسبها خلل ، أو في أصلها عذروبة (علة) كما يقولون ...

٣٤٤

٥ ـ بنت الذلول ذلول :

هذا المثل يعين ناحية مهمة في اختيار الأصل والنسب المقبول بطريقة ان من لم يراع حكم هذا المثل يناله ما نال الرجل الذي كان مضرب هذا المثل فيقع بما لا يرضى ولا يحمد ... وذلك أنهم يحكون أن رجلا أحب امرأة ، وأراد أن يشاور آخر في أمر زواجها ، وكان يأمل أن يشاركه في التشجيع على الأخذ في حين انه يعرف أن أصلها رديء ، وكانت أمها مشتبها في عفافها ...

نهاه صاحبه أن يتصل بها نظرا لسوء جرثومتها ، وان لا يختار هذا المركب فلم يوافق على رأي المستشار وقال له ليس من المعلوم أن تتابع أمها ، بل تتجنب ذلك السلوك الرديء ولا تعلم عنه ... ولما كان عازما على التزوج نهاه صاحبه ولامه من جراء استشارته فقال مضطرا على مراعاة فكرتك ..!!

انتهى الحديث بينه وبين رفيقه وتزوجها ... وفي أحد الأيام أراد أن يعبر من مكان فيه نهر وقد امتنعت عليه الابل من العبور ، وتعسر عليه ذلك استطلع رأي زوجته في الأمر فقالت له :

ـ عندنا بكرة أمها ذلول ، وهذه تعبر ، وتتبعها الابل. فقال لها انها ليست ذلولا ولم تركب بعد. فقالت له :

ـ ضع زمام امها في رأسها وهي تعبر فاعترضها فقالت : انها

ـ (بنت ذلول) على كل تكون ذلولا. وحينئذ وضع الزمام في رأسها فانقادت وعبرت الابل.!

ـ ومن ثم تيقن الرجل صحة قول رفيقه من ان (بنت الذلول ذلول) وقطع في هذه التجربة التي أجراها على يد زوجته ، وعلى هذا اخبر زوجته بأنه سوف لا يرضاها ، وأنه يخشى أن تكون ذلولا كأمها فطلقها ، ولم يسمع منها دليلا أو كلاما آخر بعد أن وضح له الأمر عيانا في المثل المضروب ...

٣٤٥

ثم تبين للزوج انها كانت قد خانته ولكنه لم يستطع ان يعلم ذلك وانما عرف الحقيقة بعد أن تزوجت بآخر فظهر عليها ما كانت تكتمه خفية ..

وهكذا تضرب الأمثال في رداءة النسب وما يجرّ إليه ، وصلاح النسب وقيمته الأدبية ..! وفي الخؤولة لا تراعى القاعدة دائما ، وانما يتزوجون من القبائل الأخرى المماثلة ومن أكفاء القبائل ، ولا يشترط ان يكون من نفس القبيلة ، وانما يقصدون بالمخول الرديء ... وقد مرّ ان بعض القبائل تزوج رؤساؤها بنساء من قبائل أخرى لا تمت اليها بصلة ..

٦ ـ المهر ـ الحداد :

يلاحظ في الزواج انه تابع للرضى ، ومقدار المهر مختلف جدا ، والزوجة لها مهر يقال له (هفيان) ، أو (الهافي) وهذا تستحقه بالزواج ، ومهر آخر يقال له (النميان) وهذا عند النزاع والتفاخت (الطلاق) يعاد إلى الزوج وأكثر ما يتوضح في قضايا صليب ...

وهناك شيء شبيه بالنهوة وهو أن الزوجة إذا لم تأتلف مع زوجها ، ناصرها أقاربها في تقوية هذا الخلاف وتفاختوا (تطالقوا) ، ولكنه في الأثناء قد يشعر الزوج بأن في ذلك تدخلا ، وأن هناك من يرغب في التزوج بها بعد طلاقها ... وحينئذ يستعمل الزوج حق (الحداد). وهذا الحق هو أن ينهى الزوج أولئك المشتبه بهم فيهم في التزوج بها بعده ، ينذر أولياء الزوجة فينهاهم بمحضر شهود وينهى المشتبه فيهم ، ومن ثم تكون له المطالبة بهذا الحق عند حصول الزواج بعد الفراق وهذا محدد في التزوج بمن عينهم خاصة ...

٧ ـ جمال البادية :

وصف الشعراء في الجاهلية المتجردة وغيرها فأبدعوا ، والمتنبي (ظباء الفلاة) ورجحهن على الحضريات فأجاد كل الاجادة ... ولكن لا يقل عنه في الابداع والاجادة ما نسمعه من شعراء البدو من نعوت بنات اليوم ،

٣٤٦

وقد يزيدون في كثير من الخصال والجمال الطبيعي ... فاذا تعشق البدوي ينطق ويستنطق ، وليس هناك ريبة ، ولا ارتياب ، بل قد يكون واسطة تحريك النفوس ، ولا يتجاوزون في الوصف الا اذا كان بطريق التعمية دون ذكر الاسم ، أو بيان ما يدفع الشبهة كأن يقول حبيبته في موطن بعيد يصعب الوصول اليه ، ويبدي حيرته في عظم الشقة .. ليبعد سامعيه عن مراميه ...

يحكون أشبه ما هو معروف بالروايات ، وتصوير حوادث أشبه بحادث المتجردة ، أو يصف ما جرى بينه وبين محبوبته كأنه واقعي ، وهناك الاستجواب والحوار ولا يستطيع أحد أن يصرح باسم وانما يعد هذا عيبا كبيرا ويؤدي إلى نتائج وخيمة ... فهذا سالم بن عبيد الرشيد يصف وصفا لا يقل عن شعر عمر بن ابي ربيعة قال :

البارحة (١) يوم الكبابيل نعوسي

وخليف ساهر والمخاليج غافين

لكيت غرو (٢) دالع باللبوسي

كالت لغيري ، كلت انتي تسدين

كالت اصيحن كلت منتي عروسي

والله لصيحن لو بغيتي تصيحين

كالت يجونك كلت ماني نسوسي (٣)

أله يحكم ابليس وانتي تشوفين

كالت تعلمّ كلت ماني بلوسي (٤)

وعلى العلم يا بنت ما حدني شين

ومثل هذا حكاية أخرى لشمري يصف بها امرأة ، ولا تعدو التصوير قال :

غاب الحليل وشفت بالترف ميلاح

وجيت اتخطى جن أهلها نسابه

كالت تهلع لا رهج النزل بصياح

ماني من اللي بالردى ينهكى به (٥)

كمت اتبطح له واديره بالمزاح

لان الحبيب وكام يضحك بنابه

__________________

(١) بتسكين تاء التانيث في غالب الاسماء.

(٢) كاعب حسناء.

(٣) نسوسي ـ خائف ، وأله ـ الا. ان

(٤) بلوسي صاحب نميمة.

(٥) تكلع ـ ول ، ارهج ـ اعيط ، ينهكى ـ يؤمل.

٣٤٧

ثار الحبيب وطبك البيب بسياح

وكشفت عن نابي الردايف ثيابه

غطيت بالثوب الحمر زين الملاح

لمّا (١) شعاع الصبح بيّن سرابه

كالت تنكل هذا الصبح باح

ووداعتك عرضنا ، والحزابه (٢)

كلت ماني ولد عفن على السر بياح

اللي ليا كفّى رفيجه حجابه (٣)

وأراد أن يبعد المرمى ، ويزيل الشبهة فقال :

علمي بهم بغنيم يوم المطر طاح

واليوم مدري وين ربي دوابه (٤)

مدري مع اللي سندوا يم السياح

والا وياللي فيضوا يم طابه (٥)

وهكذا يقول آخر :

يضحك لي بحجاج العين كله رضى لي

مخفى كلامه ، خايف من دناياه

والعارض المنكاد من دون خلي

والوشم وسدير مع جملة كراياه

ما ياصل المجمول كود فاطرلي

متكمت المرباع والصيف ترعاه

يريد ان عشيقته تضحك له بحجاج عينها ، ولم تطق أن تظهر نفسها ، ولا تبدي كلامها خوفا من أقاربها الأدنين .. ولما رأى أن قد أوجسوا منه ، وشعروا أنه وهو لا يستطيع الوصول اليها ، فشوش الغرض ، وغير القصد ، وأعلن حبه كما يريد وأبلغها ذلك ..!!

ولابن رشيد :

يحمود انا عارضي شابي

وطرد الهوى جزت انامنّه

كود وضّاح الانياب

هذاك مني وانا منّه

الزين لو هو ورا الباب

لزم عيوني يراعنّه

__________________

(١) لما ان.

(٢) احزب على نفسك ، تأهب.

(٣) اللي ـ الذي ، اليا ـ اذا.

(٤) دوا به ـ رمى به.

(٥) ويا ـ مع ، يم ـ عند.

٣٤٨

نبنوبة حشو الثياب

ونهود للثوب زمنّه

ويا محلا جدع الاثياب

واركاي سني على سنّه

فاجابه حمود :

ـ وصلت خيرا يا محفوظ!

ويطول بنا ايراد ما هنالك مما يصور نفسياتهم المختلفة من حب وخلاعة واعلان أغراض متنوعة ...!

ولهم في الوصف وابداء الحب تلاعب وتنوع ، كل يحكي نفسيته وينطق بما خالج ضميره ، وهم اقدر على البيان ، وأسرع في ادراك الدقة والملاحظة وما تأثر به من الجمال وهذا كثير لا يحصى حتى أن بعضهم قال لي لو اردت أن تكتب حمل بعير كتبت ... وقد يتهالك القوم ، ويقع التزاحم على المورد العذب ، فيكون ذلك من اسباب اهمالهن أو تأخرهن مدة خوف الفتنة ، ومن جراء كثرة الرغبات. وقد تطالب المرأة بشعر وتبدي رغبتها من جراء ما ترى من تزاحم وان لا يتمكن الواحد من الاقدام عليها ...

وهذه البدوية وهي مويضي المطيرية تقول :

يا عم جيتك باتشكي

دوك الركايب بروكي

يا لعن ابو عمر ما تزكى

تر زكاة العمر هزّ الوروكي

وأحيانا تؤدي المنازعات إلى قتال عنيف ...

وبعض جميلات البادية طلبهن رؤساء كثيرون فلم يوافقن الا على من كان شهيرا في عراقة نسبه ، وله الذكر الجميل في الشجاعة والحرب. ويطول بنا ذكر من اشتهر بالجمال ..

والحاصل بعض عوائد القوم في الزواج مقبولة ، وبعضها مثل (النهوة) مدخولة ، ولا تلاحظ فيها الكفاءة وحدها وانما هناك المنع عن التزويج بمن تحبه لمجرد ان الناهي ابن عم ، أو ما ماثل. والزواج عندهم جار على

٣٤٩

قانون الشرع ، وعلى العقد الصحيح ، بل اختيار النسب هو المقبول المعتبر ... وكل هذا لا يجعل ريبا في ان الامومة لا أصل لها ، وأصول الزواج قديمة جدا ، لا تفترق في أحكامها اليوم عن تلك ...

٣٥٠

ـ ٢ ـ

الأفراح والأعياد

البدو يظهرون أفراحهم في أيام الاعياد والاعراس ، واوقات الختان ، وفي مواسم الربيع ، وحينما يعود رجالهم من الغزو ظافرين ... واني ذاكر بعض ما يقومون به لاظهار شعورهم ...

١ ـ الدحة :

ليس للبدوي من الوسائل والوسائط التي يستخدمها الحضري لاظهار سروره وابداء فرحه ... وإنما عنده الألعاب كثيرة ، والسباق معروف ، والنشيد او القصيد في الأحوال الداعية للفرح والسرور مما هو متداول ومشتهر ويتغنى به ، ومثله في الاكدار وبيان الأحزان ... وكل ما يعبرون به في اوضاع وحالات خاصة لا يكاد يحصر أو يحد ، وكله يشير إلى اظهار الشعور والاحساس مهما كان ...

ومن أشهر ما يجريه البدو في أفراحهم ، وفي الختان خاصة (الدحّة) المعروفة ، ولا تقتصر على الختان وان كانت خاصة به ، وانما تراعى في الزواج ، وفي أيام الربيع واوقات الراحة ... وهذه رقص بأوضاع خاصة ، وأصول مألوفة تقوم بها بنات القبيلة ، تتقدم الواحدة تلو الأخرى ، وتلعب دورها ، فتمسك سيفا في الغالب ، والمتفرجون في الجانبين ... ويقال لهذه اللاعبة (الحاشي) ، وتوصف بأوصاف جميلة ، فتتقدم ، وهناك يجري اللعب بكل سكينة وهدوء ...

٣٥١

يجتمع القوم كحلقة طولانية ، وتكون هي في الوسط ... وهناك كصاد (قصاد) ، ودحاحة ... وقبل ان تشرع اللاعبة ، أو تعرف من هي التي تدخل الدحة يقال في معرض التشويق والترغيب ما نصه :

يا نعما لك بالطيب.

ان جبت الحاشي تكوده.

يجاب من آخرين :

قول وفعل يا ولد!

تستاهل حب النشمية!

يا هلابه يا هلابه! (اهلا به).

وقد تردد بأشكال اخرى مثل :

يا من عين لي (فلان).

صلاة محمد مثنيه.

يسمع حسك يولد.

تستاهل حب النشمية.

ومثله :

اطلع (يفلان) اطلب راسك الكصاد.

ابشر بالحاشي.

ابشر بالحاشي!

العب والعب!

ابشر بالخير ابشر!

٣٥٢

دحيّ ، دحيّ!

فاذا جاءت البنت ودخلت الدحه ، قابلها الكصاد موجها كلامه نحو الدحاحين ونادى قائلا :

يا حاشينا يا بو بشيت!

على صيتك تعنيت!

فك روحك يا بالحوش!

اكلوا بالحويش اكلوه!

ويخاطبها :

كومي العبي لي والعب لج!

وكلب الجاهل يطرب لج!

العبي لي يا زينه ...

ويقول أحيانا :

كوم العب لي يا بالحوش!

وحبك بالبراطم نوش!

وهكذا يمضي في أقواله ، ومن ثم يحاول الدحاح الواحد ، أو الدحاحة الكثيرون أن يختلس الفرصة للتقرب ، أو لمس ناحية منها وهم على تباعد ، وبيدها السيف تهارفهم ، وتبدي انها عازمة على الضرب به فهي في حالة الرقص واتقانه والحذر أن تدع فرصة للدحاحة ... ولكنها قد تتهاون نوعا مع من تحب ، وتغفر له خصوصا اذا كان خطيبها.!

وفي هذه الحالة لا يقدر بوجه أن يقوم أحد بما يخالف الآداب ، ولا تتردد هي أن تضرب ؛ ويباح لها اثناء اللعب ... وأقارب البنت بالمرصاد ، والخلاعة لا محل لها ، ولا تسمع هناك كلمات بذيئة ، او اقوال رديئة ..!

٣٥٣

ويقال للدحه هذه (سامري) أيضا ، ويقصدون فيها قصيدا يرددونه ، والدحاح غير القوال او الكصاد (القصاد) ...

لا نرى في هذه اللعب الا مراعاة الأوضاع المألوفة ، ولا نجد خلاعة ، او ما هو معروف في دور الرقص ... بل نرى انه لا تدخله ريبة ، وانما هناك الحب الحقيقي ، ومعرض الجمال واللعب القومي ، وغالب ما ينتهي الرقص البدوي غالبا بزواج. وبنات القبيلة لا يفرق بينهن في اللعب ، وليس هناك لا عبات يزاولن هذا الرقص ، وهي عامة في كافة البدو ، وآل محمد لا تدخل نساؤهم الدحة ...

والملحوظ ان هذا يجري بين افراد اسرة ، أو مجاوريها مما بينهم الفة ، أو أفراد عشيرة ، أو قبيلة واحدة ...

والمرأة في وضعها هذا اذا كانت حاشيا تتعب كثيرا ، وينالها عناء كبير ، فهي في احتراس دائم ، وحذر من ان يتمكن احد من لمس شيء منها ...

ولا تفترق في الاحساس عما يسمى ب (الجوبي) الا ان هذا تقوم به واحدة ثم تتلوها أخرى وهكذا. وليس فيه ما هو معروف عند أهل المدن والقرى من وسائل مساعدة كالدفوف والطبول ، ولكنه لا يخلو من غناء وتغني بالقصيد بنغمة خاصة وحالة معتادة من التغني ببعض المقطوعات.

وتغلب فيه ذكر (دح ، دح ...) من الدحاحة وتتكرر مرارا ، ومن ثم سميت بالدحة اظهارا للوضع وحكاية للصوت الجاري الغالب تكرره فيها ..

ولكل قوم وسائل لإظهار الفرح والسرور ، وأوقات طرب وأنس ..!

٢ ـ العراضة :

وهذه تجري أيام الأفراح الأخرى ، والأعراس ، أو الحروب والنفير الذي يحدث أحيانا ... والعراضة ان تجتمع الخيل مستعرضة تلعب ، ونساء القبيلة امامهن ... وفي هذه يكثر القصيد حسب الموضوع الذي لأجله

٣٥٤

احتفلوا ... واذا كانت لفرح كثر فيها القصيد الذي فيه تشويق للشبان على الزواج ، ونعتوت البنات الجميلات ...

والعراضة وان كانت اجتماعا عاما إلا أنها ليس فيها أوضاع الدحة ... وإنما تكون النساء بجانب ، والخيول مستعرضة ، والغناء ، أو القصيد يجري بالوجه المرغوب فيه ...

٣ ـ العاب واحتفالات اخرى :

وهناك ألعاب أخرى منها ما يجري بين صبيان القبيلة مثل (الزاب) المعروف عندنا ب (الحاح) أو (البلبل) ، وكذا (عظيم ضاح) ، و (كبة) ، و (كورة) و (ربعه) ويقال لها (البية)، أو مجالس الفرح وفيها يغني ب (الربابة). وكلها ملاهي يتعاطاها الصغار ، أو الكبار في أوقات الفراغ والراحة وليست عامة في الكل وإنما يقوم بها سائر الناس دون أهل الوجاهة والمكانة ..

ويلاحظ انه في أوقات الحزن والألم لا نرى مراسم تجري ، ولا مهرجانات ولا ما هو معروف عندنا ب (المعادة ، والعياط) ، وإنما يغلب ان يكتفى بالبكاء البسيط ، وذكر (واويلي ، واويلي) أو ما شابه مما يردده الرجال والنساء ولا يشكل وضعا خاصا ، أو مراسم معينة ...

٣٥٥

ـ ٣ ـ

الغزو

أسبابه ـ حكاياته

أصل الغزو تابع للأخذ بالثأر ، والحرب المتقابل وهو الشغل البدوي الشاغل بل هو أكبر مشغلة له وأعظم مورد من موارد رزقه ... لا يقف عند العداء ، وقد يكون سببه وأكثر آدابهم المنقولة ووقائعهم المعروفة إنما تتعلق بذكرياته ... قال الأول :

ولو ان قوما غزوني غزوتهم

فهل انا في ذا يا لهمدان ظالم

متى تصحب القلب الذكي وصارما

وأنفا حميا تجتنبك المظالم

وهناك حالات أخرى تدعو للغزو كعداء فجائي ، وتجاوز آني ، أو أن يكون على قوم ليس بينهم عهد ؛ أو على الكلأ والمراعي ، أو الآبار ... والأساس ان تعتبر الحالة حربية بين القبائل ، والغزو دائب ... وأسباب العداء كثيرة ، وفي الغالب تحترم العهود والوقائع السابقة ، أو تكون العامل في اثارة البغضاء .. والقصص التي ينقلونها لا تكاد تحصى ، والقصائد المهمة كثيرة ...

ومن البواعث عندهم ما لا علاقة له بأحد المتخاصمين كأن يقوم بالحرب والغزو ارضاء لزوجته التي تنفر ممن لا تشيع اخباره في الشجاعة والكرم ... كما ينقل عن أحد رؤساء بني لام الذي كانت له زوجة وتوفي عنها فتزوجها أخوه ، وكان يضارعه في رسومه وأشكاله ، إلا أنه بعيد عن

٣٥٦

الحروب والغزو على خلاف ما كان عليه زوجها الأول ، فلم يرق لها الزوج الجديد ، وقالت قصيدة. منها :

الزول زوله والحلايا حلاياه

والفعل ما هو فعل ضافي الخصائل

تريد انه كزوجها الأول في شكله وحلاياه ولكنه لم يكن ضافي الخصائل مثله ... علم الخبر ، واطلع على مكنون سرها ، ومن ثم هاجت همته ، وزاد حنقه ، وعد ذلك اهانة منها له ... فعزم أن يظهر بما ترضاه ، ويقوم بما كانت تأمله فذهب للغزو وصار إلى محل ابعد ، فغنم غنائم وافرة ، وقام بأعمال جليلة بغرض أن تكون له مكانة مرغوبة عندها ، ويعمر ما قامت به من اهانة ...!

عاد من غزوته ظافرا ، فاستقبلته بقصيد مدحته بها ليرضى عنها ، ففتر غيظه ، وزال غضبه ، وعفا عنها ، وعرفت له منزلته ، وذهبت منها الفكرة الأولى ...!

والبدوي لا يغزو قريبه ، أو يسرقه ... الا أن يكون قد حصل عداء بين الفرق أو القبائل التي بينها قربى والا يجل ، ويضاعف عليه بدل المسروق غالبا وكذا لا يسوغ له أن يمد يده على الجار أو الحليف ، والغزو انما يكون على العدو او من جوز القوم نهب امواله ، او اعتباره محاربا ..

واذا قبل هذا الأساس نجد الاتفاقات تجري بين الأفراد ، أو العشائر ، أو أصحاب الغزو للوقيعة بالعدو ، والحرب معه ، أو بقصد الحصول على غنائم ... وهذه الاتفاقات قد تعود بالويل والخيبة ، (الف تعبة على البدوي بلاش) ...! أو يكون العكس بأن يغنم الهاجم ، ويربح الغازي ... ومن ثم يقابل بالفرح والابتهاج ويرحب به الترحيب الزائد ...

٣٥٧

الصلح والحرب

إن الصلح والحرب من أعظم المسائل الاجتماعية عند البدو ، ولهم حلول قد تخفى على الكثيرين ، أو أن ادراكها بعيد عمن لم يكن ملتفتا إلى حقيقة ما عندهم ...

وإذا أردنا أن نتوغل في هذه الناحية وجب علينا ان ننظرها كحالات دولية ، أو مناسبات سياسية ، تابعة إلى حقوق واسعة النطاق ، وبعيدة الغور في دقتها وأصلها ولكن بصورة مصغرة ...

وهذه الحقوق متعامل عليها ، ومعروفة من قديم الزمان ، ومضى القوم عليها وان لم تدون ، أو تسجل في شريعة ، أو قانون ... والإسلام في اوائل ظهوره دوّن بعض الوقائع المخالفة ، وسجل العلماء الشائع ... وهكذا استمر ، بل ان الإسلام تأسست فيه الحقوق الصحيحة ، والوقائع المتعارفة ... وقد قبل ما يصلح ان يكون تشريعا عاما ... ولم توافق الشريعة الغراء على الحرب والغزو بلا سبب صحيح ، أو اعتداء ظاهر ...

وفي سعة هذه العلاقات وكثرة وقائعها لا نستغني عنها اليوم لمعرفة الحقوق القديمة عندنا ، وخاصة في جزيرة العرب ، وفيها ما لم ينتبه إلى صور حله ، وطريق حسمه ، ولا يقلل من قيمة هذه الحقوق انها غير مكتوبة ... ولكننا نقول ان العربي احفظ لعهوده ، واقرب لسياسته الحقة والصريحة ، لا ينكث عهده الا ان يرى من مقابله ما يدل على العداء او التحرش او الاجحاف .. وهذا لا يقع دوما ، وإنما هو قليل جدا ...

٣٥٨

وفي الوقت نفسه نرى البدوي يثأر فلا ينسى ما أصابه من حيف ، أو ناله من ظلم ... ولهم أشعار كثيرة في الثأر والترة ، مدوّنة في غالب كتب الأدب مثل ديوان الحماسة لأبي تمام ، وللبحتري وسائر الكتب الأدبية ... وهذه حالتهم حتى اليوم. وعندهم المحالف ، أو الجار لا تنتهك حقوقه بوجه وانما هو محل رعاية ، وكذا النزيل فان رعايته اكبر ، واحترامه أزيد.

وهم في كافة أحوالهم يتجنبون الحرب ووقائعه المؤلمة بكل ما يستطيعون من قدرة وقوة ، وعقلاء القوم دائما يكبحون شر المتهورين الجامحين ، ويحذرون الفتن ... ومع هذا اذا وقع العداء وتمكن لا تكون الحرب حاسمة ، يتفقون مع المجاورين ، ومن لهم صلة قربى ... بل يجري الغزو بين آونة وأخرى ، وينتهب الواحد ما تصل اليه يده ... وفي الغالب لا يهاجمون على وجه نهار ، ولا دون مبالاة ، وانما يأتون على حين غرة وبنتيجة حساب للأمر وافتكار فيه ؛ والغالب ان القتل في الغزو غير مقصود ، وانما المقصود المال ، وقد يكتفون بالتهويل ... وهكذا ...!

وفي هذه الأيام مات الغزو تقريبا. والفضل في منعه راجع إلى وسائط النقل الحاضرة ، وسهولة استخدامها ، وتكاتف الحكومات المجاورة لقطع دابره ، وتفوق الأسلحة والعدد التي لا تستطيع القبائل مقاومتها كالمدرعات والرشاشات ...

والملحوظ ان الغزو اذا قام من البين ، وان (البدو) حرموا منه ، ومنعوا وجب ان نساعدهم في مراعيهم ، وفي تجولاتهم ، وتسهيل مهمتهم ليكونوا مثمرين لا أن يكونوا عاطلين ..!

وهذا كل ما يتطلبه البدوي ، يريد ان يسير على البسيطة بسكينة وينتفع من المراعي ... وفي هذا ترفيه لحالته وتحسين لها ... وهو أول عمل يجب مراعاته وتقديمه على كل عمل ، ثم تراعى طرق اصلاحه الأخرى ...

٣٥٩

وقائع الغزو المشهورة

مرّ بنا ذكر بعض الحوادث ، ولكن هذه كثيرة لا تحصى ، ولها شواهد وقصائد مقولة ومحفوظة ليست بالقليلة .. وهذه في العراق غالبا. ولا يعوزنا تدوينها الا أن الصعوبة كل الصعوبة في معرفة تاريخ حدوثها. ولا تعد الوقائع مدونة فيما بين نفس قبائل شمر بعضها مع بعض ، أو بين عنزة ، أو ما يقوم بها بعض هذه القبائل نحو الأخرى ... ومنها يتكوّن سمر القوم ، وحديث مجالسهم ... ومحفوظ كل قبيلة لا يعتبر عاما ، وان كان يلهج به القوم ، ويتناقلونه ... الا انه لا تعطف له أهمية عظيمة ، ولا تكاد تعد وقائع مثل هذه ، وما يتحدث به القوم من حوادث شجاعة ، وما يتغنى به القوم ... وللصائح ولزوبع وللسبعة ولغيرها وقائع كثيرة وقد تكون فيها من الغرابة ما لا يوجد في الوقائع المهمة بين القبائل العظيمة واني اشير إلى بعض الحوادث التي نالت شهرة وصارت حديث المجالس ...

لعيون حصة :

حصة هذه بنت الحميدي وأخت عبد المحسن جد الشيخ محروت ، وهذه شاع فيها المثل (لعيون حصة). وتفصيل الواقعة ان قوم ابن هذال من عنزة اصابتهم سنة فأمحلت ارضهم ، فاقتضى ان يعبروا إلى الجزيرة ، وكان يسكنها قبائل شمر. وكان الذي عبر هو الحميدي ابن هذال ، وعبرت عنزة معه ، وهذه لا تفكر الا في قبائل شمر وتعدها عدوها ، أو ضدها. ومن مألوف البدو أن يبعثوا ركبا يدعون الضديد (الضد) إلى المسالمة. ويطلبون

٣٦٠