موسوعة عشائر العراق - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة عشائر العراق - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٨

ـ ١٤ ـ

قبيلة صليب أو الصلبة

هذه القبائل نستطيع ان نعدها من (القبائل المتحيرة) ، والمشهود أنها من (آل) أي القحطانية وتلفظ (صليب). وهم بدو يترددون إلى انحاء العراق في كل سنة ولا يفترقون عن سائر البدو الا من جهة انهم يتعاطون امورا في نظر العرب سيئة كبيع ادوية نباتية يصنعونها ، ونساؤهم يطرقن بالحصا ويقال له عندهم (الطشة). فيرتزقون منها في المدن ولا يأتيهم مريض إلا ويقولون له عندنا الشفاء وانه يكون بكذا وكذا بصورة مقطوع بها لا يتردد الواحد منهم. ولا يحملون السلاح للحرب والمناجزة أو الغزو والنهب .. وهم منتشرون في انحاء مختلفة فلا يستطيعون أن يعيشوا كتلة كبيرة.

وأصلهم بدو قد قضت عليهم الحروب في أبعد الأزمان فانقرضوا وبقوا متفرقين فهم بقاياهم المنتشرة. وهم أعرف بالقيعان وأدرى بمواطن الماء (الآبار) والمياه الأخرى. فكم أنقذوا من الهلاك تائها كاد يقضي عليه العطش والجوع في صحراء بعيدة المدى ، لا يدرك لها ساحل ولا يعرف لها نهاية طبعا بالنظر لوسائط النقل المعروفة ...

ونرى العرب يعدون من أظلم الظلم التجاوز عليهم ولا يتصور أن يغدروا بتائه ضل الطريق. والعرب لا تعترف بسمو نسبهم. ولكنهم أنفسهم يعتقدون أنهم (صبة ، صليبة) أي من العريقين في النسب ولكنهم نسي أصلهم أو أخفوه لأمر سياسي أو حربي لحقهم وكتموا نسبهم حتى عن أولادهم فبقي مجهولا ...

٣٢١

وما قاله بعض الكتاب من أنهم من الصليبيين فهذا من أبعد الأمور وأغربها ... فلا علاقة لهم بالصليبيين ولا باليونان ، أو الرومان ... فهم منقطعون عن الأمم الأخرى ولا نجد في لغتهم ما يؤيد فكرة الصليبيين. ومعرفتهم بالحيوانات الوحشية والنباتات للأدوية ما يمنع عدهم من الصليبيين ...

وإذا كانوا اقتبسوا بعض الألفاظ من أهل المدن مع أننا لا نرى منها شيئا بسبب المراجعة فهذا لا يدل على صلة سابقة أو قرابة بعيدة ... والصحيح أنهم أنفسهم لا يعرفون أصلهم فقد نسي بادئ بدء وأخفي عن الأولاد وعاشوا بمعزل عن العشائر ضاربين في البراري ... وكل فرع من فروعها ينتسب إلى قبيلة معروفة وهذا يؤول في أنهم تحت رعايتهم وحمايتهم في ترددهم إلى موطن ما.

وقد جاء ذكرهم في دائرة المعارف للبستاني في مادة (صليبية) ، وفي المقتطف في المجلد الثاني عشر وفي مجلة المشرق ج ١ ص ٦٧٥ وفيها بيان لبعض أوصافهم إلا أن الجميع لم يعينوا أصلهم بوجه الصحة وغاية ما ضربوا عليه وتر الصليب ووجود علاقة بينه وبينهم ولم يدعموا ذلك بأي دليل سوى مشابهة اللفظ وموافقة حروفه لا غير ...

والاستدلال بأنهم ليسوا من العرب باستنطاق ملامحهم وبعض خصائصهم البدنية ونحافة جسمهم مما لا يدعمه برهان ولا يؤيده أثر خارجي ... في حين أنني رأيت نظمهم بدوية لا تفترق عن عوائد البدو من شمر وعنزة وسائر عشائر الشامية ، ومن عوائدهم المخالفة ما يعين أنها ناشئة من عدم اتصالهم بالعشائر الأخرى إلا معاشرة طفيفة ومؤقتة. ومثل هؤلاء ما ينقل عن سكان جبل عكاد الذين لا يختلطون بقوم كما نقل العرب عنهم في بداية تدوين اللغة ونقل كلام العرب من نفس المتكلمين باللغة العربية.

وأما ما يقال من أن العرب يعتبرونهم غير عرب فهذا غير صحيح.

٣٢٢

عبود الخصيلي المعروف بالحاج سليمان طبيب البادية من الصلبة

٣٢٣

وإنما يقولون إنهم يتعاطون أخس الأمور ولم يناوئوا قبيلة ولا يخفرون ذمة لضعفهم ، ومن جهة أنهم ليس لهم نسب معروف ... وان لاختيار النسب علاقة في نبذهم كما نبذ العرب باهلة لصفات اختصوا بها. ومنهم من يعدهم من باهلة. والظاهر ان هذا ليس بصواب.

أما ديانتهم فلا يسع المرء انكار انهم مسلمون. وان التقولات عن أصلهم عبارة عن اذاعات من النصارى وفي طبعهم ألفة لكل أحد فلم ينفروا من أحد ولم يخالفوا امرءا ولكنهم على وضعهم البدوي. وهنا أمر جدير بالانتباه وهو أنهم لم يقوموا بالوجائب الدينية والمراسم والتقاليد الشرعية تماما فهذا غالب في أكثر البدو مما عدا اتباع ابن سعود.

وعلى كل حال هم بدو ولكن عيشتهم عيشة سيئة فلا يزاحمهم فيها أحد. يطاردون الغزلان والحيوانات الوحشية ومن جلودها يتخذون لباسهم وبيوتهم ويقتنون الحمر الوحشية وسائر الحمر التي لا يقتنيها البدو ... وأكلهم بسيط جدا فهم قنوعون أكثر من كل العرب.

ولا صحة للقول بأنهم يتخذون المكيار. ولكنهم يتخذون البارودات في أقدم أشكالها مثل تفكه شيشخان والكرطة وهي معروفة. واليوم أسلحتهم لا تفترق عن سائر البدو.

وهم أعرف بمواقع الأمطار ومن أخلاقهم ألا يسرقوا ولا يخادعوا ولا يمكروا ، يؤدون الدين. ولكن الكدية غالبة في طباعهم. لا يحرم في نظرهم طعام إلا المحرمات الشرعية المعروفة. العفة والطهارة غالبان فيهم.

وللزوجة علاقة واتصال بزوجها تسير معه حيثما سار ، وتعينه في مشاق حياته.

ويسكنون خيام الجلد ـ جلد الغزال ـ ولا يستقرون في مكان يرتادون الكلأ البعيد عن ممر الطريق أو ملاجئ العشائر ، فلا يزاحمون أحدا ...

وليس فيهم خلاعة ولا سوء أخلاق ولا ما يجلب الأنظار أو يخل بالآداب. وطبّهم نباتي صرف أي أدوية معمولة من النباتات. ولهم حذاقة في

٣٢٤

صنعها وتكاد تمثل أقدم أزمان الطب عند الأمم العريقة في البداوة. ويقولون (هذا دواء الكهر) أي دواء القهر أي المياسير. ويقومون بأنواع الكيّ. وهذه صنائع قديمة محفوظة لهم ولسائر العرب والناس يركنون اليهم في اكثر الأحيان مع وجود أطباء العرب وأطباء المدن ...

فكم رأينا من أهل المدن والبادية عندنا من يميلون إلى تجاربهم في الطب ويرجحونها على الطب الحديث ويعتقدون ان مبناها التجارب ويرون ان فيها فائدة.

ومن أدوية صليب : الفتيل وأدوية أخرى للدود ...

ولا يختلفون عن سائر البدو في الأمور الأخرى. والمهم ملاحظته ان الباحثين لم ينظروا إلى قبائلهم ، وفروعهم ، ولا إلى جماعاتهم مما يعين لدراستهم من جهاتهم البدوية ولا الاطلاع على حالاتهم الروحية ، ولا أوردوا اشعارهم ، ولا عينوا آدابهم ودرجة علاقتها بآداب البدو ...

ولا نرى اتصالا بين هذه القبائل لنعد التفريع حقيقيا فنرجع فيه كل فريق إلى من يمت اليه وفي الغالب نجد نخوتهم (أولاد صلبي) أو (أولاد غانم) الا أنهم يعدّون من (آل) فهم ينزعون إلى القحطانية أو ما ماثلها ، وهي على كل حال تعتبر من (القبائل المتحيرة) التي نسي ماضيها .... ولا تزال قبائل قد جهلت ماضيها فلا تحفظ أنها قحطانية أو عدنانية على ان هذا لا يخرجها عن عروبتها ... وقد تحققت من الكثيرون منهم انهم لا يقطعون في معرفة جذمهم وفي الغالب يرجعون إلى فروع من قبائل أخرى ... والملحوظ أن بعضهم شتيت من قبائل منقرضة ، ومن قبائل لا تزال باقية والحوادث دعت بعض أفرادها فعاشوا معهم وصاروا منهم ...

وهذه أشهر فروعهم أو مجموعاتهم :

١ ـ نفس صليب :

وهؤلاء نخوتهم (عيال الصليبي) ورئيسهم ابن حليس. وهم لبة الصلبة كما يقولون. يتفرعون إلى فروع منها :

٣٢٥

١. ـ الجميل. وهؤلاء في الشامية غالبهم مع ابن سعود. ورئيسهم غنيم ابن سريعة ونخوتهم (أخوة سلمة). ويقولون ترجع إلى الجميل من بني حسن ومن جراء الاشتراك في النخوة صار يطعن القوم وينبزون الصمدة من الضفير في حين ان الاشتراك في النخوة لا يعني دائما القربى. وهناك نخوات كثيرة تتشابه وبين قبائلها تباعد كبير.

وهم :

١. مضيان. يدعون انهم من السلقة من عنزة.

٢. جميل. نخوتهم اخوة سلمة.

٢. ـ آل ماجد في العراق وفي أنحاء الكويت. ورئيسهم حمود الشنوف ونخوتهم عيال غانم ويرجعون إلى غانم بن صليب. وفروعهم :

١) الغوازي. قوم الغوزي. في انحاء سنجار. رئيسهم عابد الغوزي ومطير أخوه.

٢) الحريج. رئيسهم ابن خلده.

٣) الغنمي. نخوتهم أولاد غانم.

٤) الضبيب. ويدعون انهم من الجواسم من الضفير.

٥) الكبان.

٦) الرويعي. نملان بن حمود العضب.

٣. ـ البذاذلة. قوم سعران بن حاني ونخوتهم (الهديب). يسكنون في انحاء الجربا في سنجار. وفروعهم :

١) الهديب. سعران بن حاني.

٢) المضحى.

٣) الهرشان.

٣٢٦

٤. ـ الهزيم. رئيسهم فرج الفريخات وكانوص بن هذال. وهم خلفة بلادان ومن اولاده كودر بن بلادان وهؤلاء يجمعون الكل. وهم في أنحاء شفاثة (عين التمر) في محل أبعد. وفروعهم :

١. البيّات.

٢. الهزيم. منهم من أولاد غانم.

٥. ـ آل مسيلم. ونخوتهم (عيال مسلم) ، يرجعون إلى رشايده من ذوي رشيد. ومنهم من يقول يرجعون إلى هتيم. ورئيسهم مطلك بن طمهور والآن أخوه علي بن طمهور وهلال بن كطن والآن أخوه هيجل بن حمدان ابن كطن. في الطكطكانه والحدود من أنحاء كربلاء والنجف الأشرف.

وفروعهم :

١) العويويد. رئيسهم مطير السعود. ومنازلهم حول الرحبة ، واللصفه ، والشبجه ...

٢) الكطن. رئيسهم هيجل بن حمدان.

٣) العليان. رئيسهم رواك بن رجعان :

١. الهويمل.

٢. الصغير.

٣. نفس العليان.

٤. الجمعه (عيال جمعه). رئيسهم حبيّب بن عمر :

١. الصبيخان. رئيسهم ماجد بن محسن.

٢. الدهام. رئيسهم عايد بن روضان.

٣. الحديب. هم الرؤساء.

٤. الوعلان.

٣٢٧

٦. ـ العناترة. رئيسهم خليف الخليوي (بتفخيم اللام) ، في أنحاء السماوة نخوتهم (أولاد عنتر) ودياحين على نخوة بعض فرق مطير.

وفروعهم :

١) المخاشبه. رئيسهم سعدون بن ناصر.

٢) الخليوي. فرقة الرؤساء.

٣) المحارفة. بريم بن بريّم.

٤) العسابلة.

٥) الصبح.

٧. ـ البناك. يرجعون إلى أولاد غانم وهؤلاء اقرب إلى الجوف في حدود لواء كربلاء. ورئيسهم فرحان بن كرموش ويتصلون مع الماجد بغانم.

وفروعهم :

١) الكرموش.

٢) الحصاة.

٣) الفرحان.

٨. ـ السعد. نخوتهم اخوة سلمة. ويقال انهم أصل كل الصلبة وينتسبون إلى سعد العشيرة من قحطان ، ويقال لهم السعدات ، وهم خلفة غانم عيال صليب. وفروعهم :

١) السيالان. في أنحاء قضاء سامراء وسنجار. رئيسهم ضبيعان الحنيان.

٢) الحماد. رئيسهم مطر الصايد.

٣) المعيبي. في نجد.

٤) العرمان. في نجد.

٣٢٨

٥) النويشي. في نجد.

٦) الطرفه.

٧) العراكيه.

٨) الحسن. في الجزيرة. رئيسهم ابن جراد.

٩) الهدلان. خلفة جاسم.

٩. ـ الخصيلات :

وهؤلاء يرجعون إلى العجمان إلى الجبعر. يتفرعون الى :

١) المزايدة. ونخوتهم عيال مزيد :

١. الكنيصات.

٢. المبارك.

٣. البريجان. رئيسهم عبود الخصيلي ويعرف في العراق باسم سليمان.

٤. السميان.

٥. الننه.

٦. الظهران.

٢) السليمان. ونخوتهم أولاد سليمان وأصلهم والمزايدة أولاد جد واحد :

١. الفرح.

٢. الجبّور.

٣. الخميس.

١٠. ـ الصبيحات.

٣٢٩

١١. ـ المالج.

١٢. ـ الهريريات.

١٣. ـ الصريرات.

٣ ـ هتيم :

قبيلة أخرى من الصلبه وكثير من قبائلهم ترجع اليها. وقد أورد في قلب جزيرة العرب بطونهم ، وهي :

١) الذيبة.

٢) الجلدة.

٣) آل براك.

٤) الدوامش.

٥) الفجاوين.

والمعروف منهم عندنا :

١) الشرارات. وهم (عيال العود). ولهؤلاء فروع عديدة أشهرها :

١. الحلسة.

٢. الفليحان.

٣. العزام.

ولكل من هذه فروع ...

٢) الحازم. رئيسهم معيذف بن خلف. وهم عشائر عديدة :

١. آل عيسى.

٢. آل موسى.

٣) العوازم. وهؤلاء يراجعون الكويت.

٣٣٠

٣ ـ السبوت. الآن قليلون.

٤ ـ الهليّل. رئيسهم سارع بن المريخي.

٥ ـ الشيخات. ذكرهم في قلب جزيرة العرب.

٦ ـ آل رويعي. (ورد في قلب جزيرة العرب آل رويع). وهؤلاء تبع الماجد. وهم يرجعون إلى عبس.

٧ ـ الصليلات. هذه من القبائل المتحيرة وتعد من الصلبة وتعزى إلى عبس ونخوتها (أولاد عبس). ومواطنها في أنحاء الكويت والزبير وجهات نجد ، ولما كانت بعيدة عن العراق لم نتمكن من تحقيق صحة عزوتها وانتسابها.

وهذه أفخاذها :

١ ـ الغافل. رئيسهم علي بن غافل.

٢ ـ الشعبان. رئيسهم معتك بن شعبان.

٣ ـ الهنادسة. رئيسهم الهنيدسي.

٤ ـ الرضيلات. رئيسهم عبدي الرضيلة.

٥ ـ الكواميخ. رئيسهم حمود الكاموخه.

٦ ـ المعيتك. رئيسهم حنيد المعيتك.

٧ ـ المغامس. رئيسهم جويعد.

٨ ـ الطواثيب. رئيسهم عبد الله.

وعلى كل حال ان الصليب معروفون بمخايلة البرق ، وفي التطبيب باستخدام بعض العقاقير النباتية ، وعيشتهم بسيطة جدا ، ولم يتطلبوا ما هو معروف عند البدو من الغزو والنهب والمفاخرة نظرا لضعف حالهم وقوة عصبيتهم. والآن اعتزوا في نجد بقبولهم مذهب السلف وصاروا قوة لا يستهان بها. وقد عدد صاحب قلب الجزيرة الرؤساء الذين قبلوا العقيدة

٣٣١

السلفية. وهم الوحيدون الذين يعيشون على البداوة الأولى ، ويتمكنون أن يحصلوا على رزقهم منها ... ويستغنون بها.

ولا يختلفون في الغالب عن سائر البدو إلا في بعض الخصال التي يأنف منها العربي ... ويقال لهم (ولد الخلا) ...

وعندهم لا تكره المرأة على الزواج ، وإنما يؤخذ رضاها. والمهر عندهم تابع للرضا وهو متفاوت جدا. وعند المسيلم منهم المهر بعيران أحدهما يقال له (هفيان) وهو الذي يأخذه أهل الزوجة ، والآخر يسمى (نميان) وهو الذي تأخذه ويمنو لها. وإذ تفاختوا (تطالقوا) كان ذلك بناء على موافقة. أما إذا تزوجها غريب وعلم بذلك ابن عمها ونهى لزمه ان يؤدي ما صرف ولو دخل بها .. وبهذا لا يختلفون عن كثير من القبائل.

وممن اشتهر من نسائهم :

١ ـ دكيس. وهي مزيدية من الخصيلات. قالت قصيدة في ماجد الدويش كان قد تزوجها ، ويحفظها كثيرون. وهذه بعض أبياتها :

يا الله يا عايد على كل ديره

يرب يا منشيب مزن مصادير

يا الله ما تكره النفس خيره

يا والي الدنيا عليك التدابر

وجدي على اللي جدم (١) بيته

حجيره اللي تمناه العجاف المعايير (٢)

وليه يماجد تبتن بجبيره

وزود على تلطيخكم بالمعايير

صلبية يا شيخ ماني نحيره

وانتم ذبايحكم ركاب المناعير (٣)

وماجد ليارجب الجواد الظهيره

تكطعت حيرانها والمخاليل

خيال مال يردد نشيره

وغاد على روس النوازي (٤) دعاثير

__________________

(١) قدم الرجل.

(٢) الابل.

(٣) الشجعان.

(٤) الأماكن العالية.

٣٣٢

زبن الحصان اللي كطاته جبيره

وفكاك بالضيجات زمل الغنادير (١)

وعلى هذه القصيدة أمر أن لا يؤلمها أحد بقول وأسكنها ...

ولهذا كانت تتغزل به :

برك مجنب عنك لو كان له نور

لا تستخيله ولو ربيعة شفاكه

ومن لا يشورك لا تراجيه بالشور

ومن لا يودك نور عينك فراكه

انا بشفى واحد من هل الكور (٢)

وهو عشكني من ناجلين التفاكه

لعب بكلبي لعبة الغوش (٣) بالكور

واوما بي أوماي العصا بالعلاكه

هو صار لي عوك وانا صرت عوك

والكل منا صار شوفه شفاكه

عوك الظليم الياتحدر مع الخور

مخ الكرى يدرج على عظم ساكه

خليتني لحدي ولبدي ولا ثور

جني خلويّ عاجلينه وساكه

وهذه قصيدة طويلة لم أتمكن من تدوينها كلها ... وهذه تعدّ من أديبات البادية ، شعرها رقيق ، وشعورها حي ...

كان لها ابن عم طلب أن يتزوجها ودعا الحليس ابو رثيعة رئيس الطرفة من السعد في قصيدة ليتدخل في أمره ويسعى في زواجها قال :

يا حليس يا للي للطراريش تومي

يا حاط فوك العصيب (٤) الادامي

يفدونك اللي ما بهم غير زومي

تخدمت وجيها بالأخدامي

أبيك تكصر لي عنان العزومي

تاخذ بنا بحليس اجر وثامي

خلاف ذا يا راجب فوك كومي (٥)

وملكطات من روك الجهامي (٦)

__________________

(١) البنات الحسان.

(٢) تلول.

(٣) الأوطان.

(٤) الشحم.

(٥) الابل السمينة للركوب.

(٦) آصل الجلال والمال.

٣٣٣

دافي الحشا ودّك براسه تعومي

وعكب العشا ودّك بحضنه تنامي

وبريم (١) يذبح ببطن هضومي

ومشرع فوك الثنايا الزمام

البارحة جني على الداب (٢) نومي

وأجالب الجنبين مدري علامي

من واحد حكمه جما حكم رومي

حكمه وزير ووالي له نظامي

من واحد يبجي وانا له ملوم

ومن جادل (٣) تسوى ثلاث الهجامي (٤)

يحليس ما بي وارمات الجضومي (٥)

كبار العتارى (٦) وافيات الخصامي (٧)

ومن جامع تجمع عليّ الهموم

ومهي لمثلي يا عشيرك ولامي

وليندهته بالغرض ما تكومي

وما تنتهض لو تضربه بالمكامي

٢ ـ ربده. وهذه أيضا جمعت لجمالها أدبا غزيرا ...

ومما قاله فدغم في ربده الصلبية :

وشيب عيني جان صليب حوال (٨)

اكفوا بربده سيد كل البنات

شدوا لها شهرية (٩) بنت هروال (١٠)

مضراب كينة بالدعث بينات

والله لو لا لابه تلحجن عار

لا لبس جديد الفرو وارمي العباة

ويطول بنا ذكر ما قيل والغرض الفات النظر والا فلا حد للاستقصاء ..

__________________

(١) السبتة.

(٢) الحية.

(٣) بنت جميلة مزيونة.

(٤) قطيع ابل.

(٥) الخدود.

(٦) سمينة.

(٧) ليس لها خصر.

(٨) ضعنوا ، وقطعوا حوله وهي مرحلة بعبده.

(٩) شهرية هي الحمار الحساوي.

(١٠) الهروال ما يسمى بالرهوان وهذه اللفظة فارسية أصلها رهروان وتعني الهرولة.

٣٣٤

٣ ـ منحه. وهذه من جميلات صليب.

قال رميح (١) الخمشى من الدهامشة فيها :

يا ليت ابوي ابن عم هلال

من شان منحه واحيرها

وانزل برس شعيبه سال

من مزنة تو ما طرها

واشد شدادي على الهروال

واخذ حميري ودشرها

٤ ـ اللبيبة.

٥ ـ فتيخة.

وهاتان من العناترة ومما قيل فيهن :

عانكتني فتيخة واللبيبة

حصتين على كل المعاني

واللبيبة جما بكره حبيبه

وزامين شطها على الرجاب

ومما قيل في صليب :

يا باالخلا يا باالزنانيح

حطيت بالكلب ونّه

يا من حريمه بالكرايا مشاويح

يا من حميره مركب عالي ركنه

تنبيه :

الخصيلات قبيلة مستقلة ، وكذا السليمان ومن هذه الأخيرة يتفرع المزايدة. وسائر الفروع.

__________________

(١) شاعر بدوي مشهور.

٣٣٥

ـ ١٥ ـ

استعراض

من مجرى المباحث والحوادث المارة أن البدو في تنقل ، وعداء أو صلح مع المجاورين ، أو الحكومة وأساس هذا مراعاة المصالح ، وما يرافق الحالة الراهنة. وهذه العلاقات يتكوّن منها حقوق ضافية ... والبدوي لا يقف عند حالة أو وضع ، ولكنه يراعي الوفاء بالعهد ولا يخرق الذمام ... لا يطيق الذل أو الضعف ، وإنما يميل إلى الأنفع ، فلا يرضخ لقوة ، ولا يستكين ...

وأقرب طريق لإدراك أوضاعهم إنما يكون بالرجوع إلى وقائعهم المدونة ، وأن نلاحظ مغازيها ، فهي تميل تارة لواحدة أو تقارع أخرى في أوقات مختلفة ؛ وعند حدوث حالات متجددة ... وفي كل هذه ليس للبدوي منهج معين ، أو خطة ثابتة ، فإذا كانت قبائل شمر مالت إلى الحكومة العثمانية لغرض تقوية نفوذها فقد ثبتت وضعها ، وكذا الحكومة كانت راغبة في كسر قوة العبيد واستخدام شمر على ابن السعود وهذا كان لمنافع متقابلة. ومثله يقال في الضفير ، وفي عنزة ، وآل الرشيد وبني خالد .. وهكذا ما كان يجري بينهم ...

وفي التاريخ أمثلة كثيرة هي خير وسيلة للمعرفة. وفيها كفاية للاطلاع مجملا على سير القبائل بالاستفادة من الحالات الواقعية ... وللقربى دخل في تقوية أواصر الضعيف واعتزازه ، وللقوي سلطة زائدة ...

٣٣٦

ـ ١٦ ـ

عرف البدو

١ ـ الزواج ـ النسب

١ ـ الحالة العامة :

مرّ البحث عن تكون القبائل وتفرعها ، وحوادث انتشارها ، والاشارة إلى بعض وقائعها ، وهناك تنقل مستمر ، وتحول دائم وراء الغزو ، أو رعي الابل .. ولا نريد أن نتبسط في هذه الحياة ، وإنما نحاول هنا أن ندوّن بعض الظواهر ، والأمثلة الواقعة نشرح بها علاقاتها الاجتماعية المألوفة .. وهذه لا يتذوق بها إلا من عرف أهليها ، وشاركهم في أوضاعهم لتظهر الخفايا بجلاء ، لا تشوبها الرسميات ولا تدخلها الحالات المصطنعة ...

يستغرب الحضري ، ويعجب كل العجب من عيشة البدوي ، ووضعه ومحيطه وأغرب ما يدعو لانتباهه أن يراه يقطع البيد ، ويجتاز الفيافي ، يشاهد مقتنياته مثله ، موافقة لحاجته ، ولا تختلف عن حياته ، أقوى منه وأصبر على المشاق ، وهكذا ابنه وعشيره ، وتأخذه الدهشة حينما يرى الخريت لا يضل في أرض منقطعة ، وبعيدة عن المياه يقدر مسافاتها ، ويعين درجة تحمل مشاقها لحد في العطش ، ويعلم مواطن مياهها وآبارها ، والطاقة والصبر لها مدى ..

الحياة البدوية خشنة جافة ، ما أصعبها وأقواها ، وأقسى مصابها ،

٣٣٧

وأسوأ حالتها ، وأنكى آلامها حينما تنقطع السبل في البدوي ، حياة شظف ، وعيشة عناء ومخاطر ..! وهذه لم تكن كذلك دائما ، وإنما هناك أيام الربيع ، وأيام الراحة ، والطرب ، ومجالس الأنس ، وأوقات الغنائم ... يتجول البدوي بين خمائل الأزهار ، ويتحول من نفح وطيب ، إلى تضوع وروائح ...

ويتمنى أن لو دام ، وبقي هو وعشيره يرعيان البهم يردد معنى ما يقوله الشاعر :

فيا ليت كل اثنين بينهما هوى

من الناس والأنعام يلتقيان

فيقضي حبيب من حبيب لبانة

ويرعاهما ربي فلا يريان

ربيع جميل ، وخير متدفق ، زائد عن الحاجة ، ورخاء ونعيم ، لا يعوزه الا الدوام ، والغنى الوافر ، والأمن الدائب ، والقوة المنيعة ... وهناك الحياة الطيبة ، والعيشة الراضية ، والأمل الكبير ، والعمر الطويل ...

وكذا الحضري لو رآها تمنى أن يبعد عن غوغاء الحضارة ؛ وضوضاء المدن ، وعفونة الهواء ، وضيق العطن ، والانهماك في ملاذ لا حد وراءها ، نغض في العيش ، وسهر دائم ، وعلل متوالية ، وأمراض فتاكة ، وإذا أضيف إليها قسوة المجتمع وظلمه ، فهناك الويل والثبور ... ورغب في هذه الحياة الهادئة المطمئنة ...! والحياة لا تبقى على حالة ، وهذا النعيم لا يطول ، قصير عمره ، مستأهل تخليده ، لو أن حيا خالد ... مشوبة بغزو وقتل ، ونهب وسلب ، ومنغصات كثيرة ، ومزعجات عديدة ...

هذه البادية في أقاصي المعمورة ، وأبعد المنقطعات لا يرغب فيها المتنعمون ، ولا أهل الثراء ، منغصة دائما ، ومكدرة دوما ، ما أحلاها أيام الربيع وأصعب مركبها ، وما ألطفها في سني الخير وألذ حياتها لو لا ما فيها من تلك المنغصات .. مشوبة أفراحها بأتراح وصحتها بعلل ، وشبابها بشيخوخة ، فإذا قال الأول :

لا طيب للعيش ما دامت منغصة

لذاته بادّكار الموت والهرم

٣٣٨

فكيف اذا كانت الحياة في بيداء جرداء ، وعادية عوادي ، وهجوم ضواري وحرارة قيظ ، وبرد وقر .. لا يهدأ البدوي من قلق وتوقع اخطار ... فهو دائما في بصيرة نافذة ، والتفاتات جميلة ، ودقة فكرة ... يصدق عليه انه «ثعلب البادية» او «جن الارض» ، ومضرب المثل في الذكاء (العربان غربان) : علمته البادية ما نحن بحاجة إلى الاخذ ببعضه ، ومدرسته الصحراء ، وكتبه الحوادث ، وعلمه حب الحياة ، بل هو (شيطان الفلاة) ، او (عفريت الموامي).

يهزأ من علمنا ، ويسخر من فكرنا ، بل يقطع في جهلنا ، ويرى ان حياتنا مطردة وعلمنا مكرر ، ومثله عملنا هو كل يوم على رزق جديد ، وفي ابتكار عميق ، ودقة فائقة ، ولا تخلو حياته من افراح ، ومن مجالس أنس ، وطيب عيشة ، ويرى ان مزعجاته قليلة ، ويعد عناءه راحة ، ولا يشعر بخطر ... اعتاد هذه الحياة ، والف الحالات المفاجئة ، بل قد يخطر باختياره ، ويناضل برغبته ...

وكل ما نقوله عنه انه :

ينام بإحدى مقلتيه ويتقي

باخرى المنايا فهو يقظان هاجع

حياة رياضية بطبيعتها ، في سباقها وصيدها ، وفي غزوها وافراحها والعابها ، حياة النضال ، والجيش المدرب المعود ، يقومون بهذه لا للتمرن وحده ، بل للاستفادة.

وفي بيان بعض عوائدهم منتزعة من امور واقعية تبصرة لما هم فيه ، وهي ذات مساس بالآداب او لا تنفك عنها ... ولا تقتصر على فصل القضايا المصطلح عليها بالعرف القبائلي ، وانما هي بعض هذه المطالب ، نريد بها ان نعين الحالة التي هم عليها موضحة بأمثلة ترغيبا في تتبع زائد ، واتصال مكين ، وتدوين صحيح ...

٣٣٩

٢ ـ الزواج ـ النسب :

من سمر البادية ، ومن اكثر ما يلهج به البدوي اختيار الزوجة ، ومراعاة أصلها ، وطيب نجارها ، وعراقة نسبها ، وهي عونه في حياته ، أو شقاؤه ومذلته ، ويلهج العربي بقوله (العرق دساس) ، و (ثلثا الولد لخاله) ، و (دور على المنسب ترى الخال جرّار) ، و (بنت الذلول ذلول) ... وكلها تدعو إلى لزوم التحري عن الزوجة اللائقة ... وأساسا ان الزوجة ليست بضاعة تشترى أو تباع ، وتتداولها الايدي ... والقوم اذا رأوا أدنى عيب في القبيلة يتوقون من الاتصال بها ، ويتباعدون خشية ان يدس العرق ، واذا كان المخول رديئا نراهم يتباعدون حذر ان يتورث عرق الخؤولة ... وهكذا الوراثة مرعية عندهم في الخيل والابل ...

وفي الوقت نفسه يحضون على اخذ النساء والاكثار منهن ليكون للمرء اولاد يكيد بهم اعداءه ، ويقهر منافسيه ... فيقولون : خوذ من النسا وجيد العدا (خذ من النساء وكد الاعداء) ... ولا يحصى القول في هذا الموضوع. واني ذاكر بعض الحكايات في النسب ، واختيار الزوجة ، ولا يختلف فيها البدو والمثال لا يقتصر على من قيل فيهم ... وانما الامر مشترك في الكل ، ومعتبر بين الجميع ... ولا يستثنى الا الصلبة فانهم يعدون غير اكفاء لسائر العرب في الاختيار ...

٣ ـ بنت رغيلان ـ ام شهلبة :

يحكون ان احد رجال شمر المعروفين ، فهيد بن الفوري من العمود دعا ابنه ان يتزوج ابنة صالح بن رغيلان من قبيلة اليحيا من شمر وهم اخوال صفوك وفارس آل محمد. ولما كانت هذه الأسرة معتبرة عند البدو حض ابنه أن يتزوج ببنت صالح ، وهو يعلم ان والد البنت لا يمنعها لما لعشيرته وأبيه من المنزلة النبيلة والمكانة المعتبرة عندهم ...

ذهب الولد فرحب به والد البنت ، وبعد المفاوضة طلب مهرا (سياقا) عشرة من النوق الغتر (البيض) فلم يبد الابن موافقة واستكثر الطلب ، وان

٣٤٠