رحلة العالم الألماني : ج. أو. هابنسترايت إلى الجزائر وتونس وطرابلس

رحلة العالم الألماني : ج. أو. هابنسترايت إلى الجزائر وتونس وطرابلس

المؤلف:


المترجم: أ. د. ناصر الدين سعيدوني
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ تونس
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٨

أنقاضها تمكننا من أخذ فكرة عن الهندسة المعمارية للقرطاجيين. وهذه الصهاريج تتكون من ستة عشر تجويفا تحت الأرض تتجمع فيها المياه التي تحملها إليها قنوات عديدة ، وقد لاحظنا أن هناك مكانا في هذه البناءات الموجودة تحت الأرض يصدر منه صدى أكثر مما هو متوقع ، فطلقة البندقية تحدث به صدى كدوي الرعد لكون المنطقة المجاورة له مجوفة ولكون باطنها محفور كله تقريبا. هذا وقد أبقى الزمن على أعمدة وقباب ومخازن أسفل الأرض لمتانة بنيانها بحيث قاومت كل أعمال التخريب التي كانت البلاد نهبا لها. وقد انتفع سكان البلاد من هذه المعالم الماثلة ، فاتخذوها مساكن لهم تحت الأرض كالفئران. أما النواحي المجاورة لهذه الآثار فقد بدت لنا وكأنها زرعت بحجارة صغيرة من مختلف الألوان كانت تشكل في الماضي جزءا من فسيفساء بلاطات المنازل ؛ كما يوجد في هذا الموقع بعض الجرار الجميلة المصنوعة من الرخام السماقي (Porphyre) والتي استعملت بلا شك في تزيينها بعض العلامات المميزة ، وكذلك بعض الأعمدة المهشمة أو المحطمة والتي رأينا أحدها وهومن الرخام ملقى على الأرض بالقرب من قناة حلق الوادي ، فشد انتباهنا لصناعته المتقنة والدقيقة وألوانه العجيبة. ولم يكن من السهل علينا ونحن وسط هذه الأنقاض أن نحدد مكان ميناء قرطاج القديم لأن ساحل البحر كله أصبح مغطى بالحجارة.

بعد أن عاينا القليل مما تبقى من معالم قرطاج وجمعنا بعض النباتات والبذور ، ركبنا السفينة التي كانت في انتظارنا وبقينا نترقب ريحا تساعدنا على الإبحار ومغادرة خليج تونس الذي يمتد أمامنا على مسافة عشرين ميلا حتى رأس الطيب. وفي الأخير حاول ربان السفينة استغلال ريح جنوبية شرقية ومع كونها غير ملائمة كثيرا للإبحار إلا أنها دفعت السفينة خارج الميناء ، وذلك لأن قبطان السفينة وكان فرنسيا لم يكن يرغب في انتظار ريح أكثر ملاءمة خشية أن يتأخر إقلاع السفينة ، لأنه في هذه الحالة يضطر إلى إرجاء سفره إذا صادف إقلاعه خروج أحد القراصنة ؛ فقد جرت العادة أن يفرض القراصنة

١٢١

حصارا على كل السفن الأجنبية فتمنع من الإبحار حتى لا يتسرب الخبر وتتمكن الغليوطات المالطية من إحباط هجماتهم. وفي تلك الأثناء ظلت الريح معاكسة لا تجاه السفينة ، فتوقفنا في ١٧ سبتمبر على مرأى من جزر سامبر (Cimbres) وهما جزيرتان صغيرتان غير مأهولتين (١) ، وقد انتظرنا يومين كاملين هبوب ريح ملائمة للابحار ، وأثناء ذلك حاولنا أن نتسلى بصيد السمك ، ومن الأنواع التي اصطدناها أسماك الفرخ البحرية (La Perche marine) ذات الألوان الجميلة ، ولما كان أملنا أن نحصل على كمية كبيرة من السمك ، فقد ألقينا في البحر شباكا كبيرا ربطناه في مرساة السفينة لكن العاصفة التي فاجأتنا في الليل ذهبت بالشباك ومعه مرساة السفينة وقضت على أملنا في الحصول على صيد وفير.

وفي ٢٠ سبتمبر تجاوزنا الرأس الطيب وتراءت لنا على بعد مسافة من الشاطئ نواحي مدينة أوتيكا العتيقة المشهورة في التاريخ بنهاية كاتون (Caton) والتي يظن أنها هي اليوم بورتوفارينا. وبعدها شاهدنا غاليبولي وهي موقع حصين يقع على جبل عال (٢) ، ومع هبوب ريح غريبة مواتية ابتعدنا في سيرنا عن الشاطئ. وفي ٢١ سبتمبر تعرفنا على جزيرة بانتالاريا (Pantelleria) التابعة لمملكة نابولي والتي يقال بأنها ذات تربة خصبة وآهلة بالسكان (٣) ،

__________________

(١) جزر سامبر (Cimbres) يقصد بها جزيرة زمبرا (Zembra) التي تقع بخليج تونس على بعد حوالي ١٥ كلم من الساحل ، وهي عبارة عن جبل صخري منتصب في البحر يبلغ علوه ٤٣٢ متر ، لا تتوفر على مكان صالح لرسو السفن باستثناء انحناء صغير في الجهة الجنوبية حيث توجد بقايا جسر قديم عفا عليه الزمن.

(٢) يعرف اليوم بجبل الناظر (٣٢٥ م) الذي يعلو موقع بورتو فارينا أو غار الملح غير بعيد عن أوتيكا التي ارتبطت بها نهاية كاتون منافس قيصر على حكم رومة (راجع هامش رقم ١٢٢).

(٣) باتالاريا وتعرف بالإيطالية ببانتالاريا (Pantelleria) ، جزيرة بركانية تقدر مساحتها ب ٨٣ كلم مربع ، ويبلغ أقصى ارتفاعها عند فوهة بركان مونتانيا (Momtagna) (٨٣٦) متر ، تقع في منتصف المسافة بين تونس وصقلية (١١٠ كلم عن صقلية) ، وقد

١٢٢

وبعد أن تركناها إلى الشمال هي وجزيرة لينوزا (Linosa) ) التي بدت لنا هي الأخرى منتصبة بجبليها المرتفعين ، وصلنا في ٢٢ سبتمبر إلى جزيرة لامبودوزا (Lampedouse) ) التي اضطررنا إلى التوقف فيها بسبب تسرب الماء إلى سفينتنا.

ولم تثننا هذه المغامرة عن رغبتنا في رؤية الأب كليمان (Le Pe؟re Cle؟ment) وهو راهب ظل يقيم في هذه الجزيرة لمدة أربع وعشرين سنة ، ولم يحالفنا الحظ لرؤيته ، فقد اغتنم فرصة مرور سفينة فرنسية لينتقل إلى نابولي على أمل أن يعود يوما ما عندما تصادفه رياح ملائمة ، وكان قد ترك بالجزيرة خادمه الذي سره أن يعرفنا على الدير ، فلاحظنا أن هذا الدير لا ينقصه أي شيء من متطلبات الحياة ، بفعل العناية التي أولاها له أحد الرهبان الإغريق ، وبعد موت هذا الأخير عمل الأب كليمان الإيطالي الأصل

__________________

اكتسبت أهميتها لموقعها ولتوفرها على موارد تساعد على العيش كالصيد البحري وزراعة الكروم التي يصنع منها الخمر ويحضر الزبيب ؛ وهذا ما حافظ على تواجد السكان بها والذين يقدرون الآن بخمسة آلاف نسمة. خضعت باتالاريا للقرطاجيين الذين اتخذوا منها محطة بحرية ، ثم استقر بها الرومان (٢١٧) ، وعندما فتح العرب صقلية نزلوا بها (٧٠٠) ، وظلت مأهولة طيلة تاريخها ، خاصة الجهات المتاخمة لساحلها الغربي حيث يوجد مركز" باتالاريا" الذي اشتهر بالحصن الذي يعلوه.

(١) لينوزا (Linosa) ، جزيرة صغيرة لا تزيد مساحتها عن ٥ كلم مربع ، وهي عبارة عن جبل بركاني خامد يبلغ ارتفاعه ١٩٥ متر ، يبعد عن صقلية ب ١٦١ كلم وعن لامبودوزا ب ٤٢ كلم ، تغطي سطحه الأعشاب والشجيرات الخضراء. يتركز السكان على ساحله الجنوبي حيث يمكنهم ممارسة الزراعة والصيد.

(٢) جزيرة لامبودوزا (Lampedouse) مساحتها ٢٠ كلم ، تقع بين صقلية وتونس (٢٠٥ كلم عن صقلية و ١١٣ كلم عن السواحل التونسية). يعود استقرار البشر بها إلى العصر البرونزي ، لكنها ظلت مهجورة لشح مواردها وانعدام الأمن في البحر المتوسط ، ولم يستقر بها بعض الإيطاليين إلا في منتصف القرن التاسع عشر (١٨٤٣) ، حيث أنشؤوا بإحدى انحناءات شاطئها الصخري ميناء يحمل اسمها.

١٢٣

على توسيع وتحصين عمارة الدير فأصبح يضم العديد من الغرف بالإضافة إلى الكنيسة المنحوتة في مغارات طبيعية سمحت بإقامة هذه الكنيسة داخل صخور الجبل.

لقد كانت هذه الجزيرة فيما مضى مأهولة ، ولكنها أصبحت مهجورة منذ حروب القرصان بربروسة مع الإمبراطور شرلكان ، وظل البحارة المسلمون والمسيحيون وخاصة منهم المالطيون القريبون منها يلتجئون إلى مرسى هذه الجزيرة ليحتمون من العواصف وللتزود بالماء والحطب. ومع مرور الوقت عمل المالطيون بدافع التقوى على جعل هذا المكان صالحا للإقامة ، فساعدوا الراهب المنعزل بالجزيرة على إنشاء حديقة جميلة ووفروا له الأثاث الذي كان في حاجة إليه في خلوته وكذلك جلبوا له الأدوات الضرورية لفلاحة الأرض ، فضلا عن تهيئتهم مسلكا عبر الشجيرات والحشائش. ومما يلاحظ أن هذه الجزيرة تتوفر على العديد من الأبقار والخنازير والأرانب التي تكاثر عددها وأصبحت تقريبا متوحشة ، وهي تشكل صيدا جيدا للأجانب الذين ينزلون الجزيرة. أما الراهب فيستعمل في فلاحة الأرض الحمير التي له منها ما يفوق حاجته ، ولا تكلفه فلاحة الأرض سوى حرق الحشائش ليزرع القمح مكانها ، فيتوفر على محصول وافر ، وهذا ما سمح له بمبادلة ما يزيد عن حاجته ليحصل على الأشياء التي يحتاج إليها.

يوجد بالمغارة التي بني عليها الدير رحى لطحن الحبوب تدار بواسطة حمار ، كما تتوفر المغارة على فرن هيئ لطهي الخبز. وغير بعيد عن الدير تشاهد مغارة أخرى حيث يوجد معلم مقدس عند المسلمين الذين يطلقون عليه اسم محمد (١) ، يأتيه بحارة السفن الأتراك للتبرك به وصنع الخبز دون أن يأتوا بأي شيء قد يزعج أو ينفر الناسك في خلوته ، ويقدمون له بين الحين

__________________

(١) كناية على أنه قبر رجل مسلم من الراجح أن يكون وليا صالحا اتخذ من هذه الجزيرة رباطا يتعبد فيه.

١٢٤

والآخر الزيت والشموع وكل أنواع المئونة. وسفن النصارى هي بدورها تحمل إليه الخمر والمشروبات الروحية والملابس.

لقد تجولنا في هذه الجزيرة الصغيرة التي لا يتجاوز طولها ثلاثة أميال ، وتسلينا أثناء ذلك بصيد الأرانب ، كما تمكنا من جمع عدة نباتات وبذور ، وهذا ما جعلنا نعتبر أن وجود الراهب بهذه الجزيرة لا يخلو من كل متعة وسرور ، وقد اتفقنا مع قبطان السفينة أن يحضر لتناول العشاء معنا في الدير حيث نتواجد في ساعة محددة ، ولكن عوض أن يلبي دعوتنا للعشاء أعلمنا بأن السفينة قد تهيأت للإقلاع ولحسن الحظ أن القبطان المساعد والكاتب كانا معنا ، وهذا ما جعلني مطمئنا ولم يساورني القلق من أن يقدم القبطان على تركنا وحيدين في هذه الجزيرة المعزولة ، ومع ذلك أطلق القبطان طلقة مدفع ورفع العلم يستحثنا على الالتحاق به لكننا لم نتمكن من سماع إعلانه الأول ولا من رؤية إشارته الثانية ، التي رأى ربان السفينة بعدها أنه لم يعد ملزما أن ينتظرنا وقتا أطول ، فأسرعنا نحو الميناء حيث أتى أحد القوارب لأخذنا إلى السفينة ، ولعل الأمر الذي أزعجني أكثر في كل هذا هو أنني لم أستطع أن أفي بوعدي لخادم الدير بأن أعطيه شيئا من الخمر الذي كان بحوزتي ، فاضطررت أن أسلم هذا الرجل الفقير وهو يودعنا متأثرا بعض النقود حتى يتمكن في أول فرصة تتاح له من شراء الخمر الذي وعدته به.

تابعنا طريقنا مع ريح شمالية غربية ، ومن الغد غابت عن أنظارنا جزيرة لامبادوزا وتوارت الصخور التي كانت بالقرب منها ، وصادف في هذا اليوم أن تحولت الريح نحو الجنوب وهو عكس اتجاهنا الأمر الذي اضطر السفينة أن تأخذ مسارا ملتويا ومذبذبا حتى يمكنها أن تتهرب من اتجاه الريح المعاكسة لسيرها ، ولم تلبث تلك الريح أن اشتدت فتعاظم موج البحر. وأصبح هبوب الرياح ملائما لإبحار السفينة في ٢٥ سبتمبر ولكنها ظلت قوية بحيث لم يكن في استطاعتنا أن نبقي فوق السفينة سوى شراعا واحدا.

١٢٥

وفي ٢٦ سبتمبر أبصرنا مدينة طرابلس ، وسررنا بدخول مينائها (١) ، وعند نزولنا من السفينة عرض علينا القنصل الإمبراطوري خدماته عن طريق مترجمه ، ولكن قنصل فرنسا السيد رايموندي (M.Raimondis) كانت له الكلمة الأخيرة في هذا التسابق على الضيافة ، فأنزلنا في مكان لائق بالبيت الذي يقيم به وحظينا باستقبال القناصل الآخرين ، فقد كان حلولنا بينهم مناسبة غير عادية لقلة تردد الأوربيين على طرابلس.

أشعرنا الباشا أوباي البلد (٢) الذي حملنا له رسائل توصية من داي

__________________

(١) مدينة طرابلس أسسها القرطاجيون في القرن الخامس قبل الميلاد عند خط الصخور المحاذية للساحل والتي تشكل نتوء داخل البحر ، وجعلوا منها محطة تجارية عرفت باسم أويت (Uiat). موقعها الآن يحتل الطرف الشمالي لمدينة طرابلس شمال قوس نصر مارك أورليوس. أحتل الرومان مدينة طرابلس في القرن الأول قبل الميلاد ، وعرفت في القرن الثاني الميلادي توسعا عمرانيا وازدهارا اقتصاديا ، لم يلبث أن تراجع مع نهاية القرن الثالث الميلادي لتتعرض مدينة طرابلس بعد ذلك للتخريب بفعل الزلالزل (٣٠٦ و ٣٦٥) واجتياح الوندال ، ولم تسترجع مكانتها عندما خضعت للحكم البيزنطي ، وعند ما فتحها المسلمون (٦٤٣) ، جعلوا منها محطة رئيسية تربط إفريقيا بمصر ، فظلت مركزا عمرانيا مهما حتى احتلها الإسبان سنة ١٥١٠ ، وعندما استرجعها العثمانيون سنة ١٥٥١ ، أصبحت تتمتع باستقلال فعلي على عهد الباشوات القرامانليين (١٧١١ ـ ١٨٣٥) ، ثم ألحقتها الدولة العثمانية بمركز السلطة ، فظلت طرابلس الغرب قاعدة ولاية عثمانية حتى استولى عليها الإيطاليون سنة ١٩١١.

(٢) هو الباشا أحمد بن يوسف بن محمد القرامانلي نسبة إلى موطن أجداده قرمان بالأناضول ، نشأ بطرابلس وتولى وظيف آغا فرسان منطقة الساحل وقائد المنشية القريبة من مدينة طرابلس. تولى حكم طرابلس الغرب بتأييد من الديوان ومساندة من الأهالي ، مما اضطر السلطان العثماني إلى قبول الأمر الواقع ، فمنحه مرتبة بكلر بك محافظة على سلطته الشرعية على ولاية طرابلس الغرب.

استمر حكم الباشا أحمد القرامانلي لطرابلس الغرب مدة ناهزت خمسا وثلاثين سنة (١١٢٣ ـ ١١٥٨ ه‍ / ١٧١١ ـ ١٧٤٥ م) ، أقر أثناءها الأمن وأخمد حركات التمرد ومد سلطته نحو إقليمي برقة وفزان ، وشجع التجارة مع السودان ، واعتنى بالأسطول للحصول على المزيد من الغنائم ولإرغام الدول الأوربية على دفع الإتاوات.

١٢٦

الجزائر ، بأنه سوف يستقبلنا في الغد وهو ٢٧ سبتمبر ، فاصطحبنا لمقابلته قنصل فرنسا ، وقد سبقتنا إشاعة توحي بأن هناك بعض الأشخاص يتجولون في البلاد لاستكشافها بحجة البحث عن النباتات ، ولحسن الحظ أن هذه الإشاعة لم تجد قبولا لدى الباي.

وبعد أن قدمنا للباي رسائلنا ، لم يكتف بأخذ فكرة طيبة عنا وإنما أكد لنا بأنه يرغب أن يكون في بلاده ما هو جدير باهتمامنا ، ووعدنا بحمايتنا أثناء سفرنا ، فكان هذا الأمير بهذا السلوك أكثر حكام إيالات المغرب أدبا وكياسة ، وقد تحادث معنا بدون الاستعانة بمترجم واستفسر عن مشاريعنا وطلب منا أن نمده بوصف عن بلادنا ، وقد كانت لغته الإيطالية التي حادثنا بها راقية جدا.

كنت أتمنى أن أعثر بطرابلس على بعض القطع المعدنية والعينات الأثرية بإجراء عمليات حفر ؛ وقد تابعت سفري فذهبت إلى لبيدة (Lebida) ) وبون كاسان (Bon Cassin) القريب من موقع إيه القديمة (Aea) ) ، لكن الظروف لم

__________________

لم تحل إدارة أحمد القرامانلي الحازمة دون تعرض نفوذه للتراجع مع تقدمه في السن ، فوضع حدا لحياته بعد أن ولى ابنه محمد مقاليد الحكم ، وبذلك استمرت سلالته (القرامانلية) في حكم طرابلس الغرب حتى سنة ١٨٣٥.

(١) لبيدة (Lebida) أو لبدة أو لبتيس ماغنا (Leptis Magna)) Lepcis Magna (، تقع على الساحل الليبي إلى الشرق من مدينة مخمس بين طرابلس وسرت (١٢٥ كلم إلى الشرق من طرابلس). اتخذها القرطاجيون مركزا تجاريا منذ القرن الخامس قبل الميلاد ، لتحكمها في الطريق الصحراوي الرابط بين إقليمي طرابلس وبرقة.

وتحولت إلى مدينة مستقلة بشؤونها منذ سنة ٢٠٢ ق. م. ، بعدها خضعت للحكم الروماني (٢٧ ق. م.) ، واتخذ منها الأباطرة الرومان من الأسرة السيفيرية في القرن الثالث الميلادي عاصمة لإفريقيا. تضررت لبدة بفعل الزلازل المدمرة في القرن الرابع (٣٠٦ ـ ٣١٠ و ٣٦٥) ، وتعرضت لتخريب الوندال (٤٣٥) ، ولم تسترجع مكانتها مع البيزنطيين ، قبل أن تتحول إلى أنقاض قبيل الفتح العربي لإقليم طرابلس (سنة ٦٤٢).

(٢) إيه (Aea) يقصد بها (Oea) وهي تحريف لكلمة (Uiat) الاسم القرطاجي لمدينة طرابلس (أنظر ترجمة مدينة طرابلس ، هامش رقم ١٤٦).

١٢٧

تسمح لي ولمرافقي بالتوغل أكثر في البلاد ، فانعدام الماء وشدة الحرارة غير المحتملة والجبال الرملية المتحركة التي رأينا نموذجا منها في هذه النواحي كلها كانت السبب في عدم قيامنا بذلك ، فكان علينا في مثل هذا الوضع أن نكون ضمن قوافل تضم عددا كبيرا من المسافرين ، مما يتوجب علينا انتظار الفرصة السانحة لمثل هذا السفر الذي ينظر إليه السكان هنا بأنه مهمة خطيرة بل عمل متهور ، ومع ذلك فإنه لم يكن ينقصني والتصميم على القيام بهذه المغامرة ، وإنما حال دون ذلك أن المجموعة التي ترافقني لم تكن بالعدد الكافي الذي يمكننا من القيام بذلك.

وكما سبق لي أن جبت تخوم بلاد المغرب أثناء هذه الرحلة ، فسوف أعود إلى تونس حالما تسمح الظروف بذلك ، حيث بقي علي أخذ بعض الملاحظات ، ومنها سوف أبذل ما في وسعي للوصول إلى أحد موانئ المحيط الأطلسي للقيام برحلة إلى منطقة السنغال (١).

__________________

(١) لم يتمكن هابنسترايت من متابعة رحلته ، ولم يستطع الرجوع إلى تونس أو الانتقال إلى منطقة إفريقيا الغربية بسبب موت الملك البولوني أغسطس الثاني سنة ١٧٣٣ الذي وجد عنده الرعاية ، ولتوتر الأوضاع في أوربا نتيجة السياسة التوسعية للملك الفرنسي لويس الرابع عشر والتي تسببت في حرب سبع سنوات (١٧٥٦ ـ ١٧٦٣) التي قضى فيها هابنسترايت نحبه بالطاعون أثناء قيامه بمعالجة الجنود في الجبهة في شتاء عام ١٧٥٧.

١٢٨

المراجع المعتمدة في التعليق على رحلة

هابنسترايت (مرتبة أبجديا):

(١) المراجع العربية :

ـ ابن أبي الضياف (أحمد) ، إتحاف أهل الزمان بأخبار تونس وملوك عهد الأمان ، تونس ، الدار التونسية للنشر ، ١٩٨٤ (الأجزاء ٢ ـ ٣ ـ ٤).

ـ ابن أبي دينار (أبو عبد الله محمد) ، المؤنس في أخبار إفريقيا وتونس ، تحقيق محمد شمام ، تونس ، ١٩٦٧.

ـ ابن غلبون (محمد بن خليل) ، التذكار فيمن ملك طرابلس وما كان بها من الأنصار ، نشر الطاهر أحمد الزاوي ، ط. ٢ ، طرابلس ، ١٩٦٧.

ـ ابن يوسف (محمد الصغير) ، المشرع الملكي في سلطنة أولاد علي تركي ، الحوليات التونسية (١٧٠٥ ـ ١٧٦٥) مخطوط بالمكتبة الوطنية التونسية ، رقم ١٨٦٨٨ ..

ـ الشريف الزهار (أحمد ، نقيب الأشراف) ، مذكرات ، تحوير وتعليق أحمد توفيق المدني ، الجزائر ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، ١٩٧٤.

ـ سعيدوني (ناصر الدين) ، النظام المالي للجزائر أواخر العهد العثماني (١٧٩٢ ـ ١٨٣٠) ، ط. ٢ ، الجزائر المؤسسة الوطنية الكتاب ، ١٩٨٥.

ـ سعيدوني (ناصر الدين) ، ورقات جزائرية ، دراسات وأبحاث في تاريخ الجزائر في العهد العثماني ، بيروت دار الغرب الإسلامي ، ٢٠٠٠.

ـ عبد القادر (نور الدين) ، صفحات في تاريخ مدينة الجزائر ، منشورات كلية الآداب ، جامعة الجزائر ، قسنطينة ، مطبعة البعث ، ١٩٦٣.

ـ ميكاكي (رودلفو) ، طرابلس الغرب تحت حكم أسرة القرمانلي ، ترجمة طه فوزي ، القاهرة ، ١٩٦١.

١٢٩

(٢) المراجع الأجنبية :

١٣٠

ملحق رقم (١)

محطات رحلة ج. أو. هابنسترايت

(فبراير ـ سبتمبر ١٧٣٢)

 ـ مدينة الجزائر : ١٦ فبراير ـ ٢٣ أبريل

ـ البليدة : ٢٤ أبريل

ـ موزاية ـ وادي جر : ٢٧ ـ ٢٩ أبريل

ـ مليانة : ٣٠ أبريل

ـ قبيلة جندل : ٢ مايو

ـ قبيلة وامري : ٤ مايو

ـ المدية : ٥ مايو

ـ أولاد إبراهيم : ١٢ مايو

ـ حمزة (البويرة) : ١٥ مايو

ـ سور الغزلان ، عين القطران ، أولاد سالم : ١٦ مايو

ـ بني هارون الكراغلة : ١٩ مايو

ـ مدينة الجزائر : ٢٦ مايو ـ ٦ يونيه (جوان)

ـ عنابة : ١٢ يونيه

ـ بني صالح ـ تيفاش ـ خميسة : أواخر شهر يونيه

 ـ قسنطينة : ٢ ـ ١٢ يوليه (جويلية)

ـ حمام المسخوطين ـ قالمة : ١٣ يوليه ـ عنابة : ١٤ يوليه

ـ حصن فرنسا ـ القالة : ١٥ يوليه

ـ طبرقة : الأسبوع الثالث من شهر يوليه ـ رأس نيغرو : ٢٥ يوليه

ـ باجة : أواخر يوليه

ـ رأس نيغرو ـ بنزرت : أثناء شهر أغسطس

ـ حنايا قرطاج ـ زغوان : ٢ سبتمبر

ـ حلق الوادي ـ قرطاج : ١٣ سبتمبر

ـ زامبرة ـ رأس الطيب : ١٧ سبتمبر

ـ بانتالاريا ـ لينوزا : ٢١ سبتمبر

ـ لامبادوزا : ٢٢ سبتمبر

ـ طرابلس الغرب : ٢٦ سبتمبر

١٣١

ملحق رقم (٢)

قائمة بأهم الكتابات الغربية المتعلقة بولايات المغرب العثمانية

مرتبة حسب تاريخ تأليفها أو إصدارها

١٣٢

١٣٣

١٣٤

١٣٥

١٣٦

١٣٧

١٣٨

١. منظر مدينة الجزائر من البحر أثناء العهد العثماني

١٣٩

٢. مدينة البليدة في العهد العثماني ـ مدخل المدينة ـ (باب الجزائر) : عن فيلان (Villain

١٤٠