الشّفاء ـ طبيعيّات

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]

الشّفاء ـ طبيعيّات

المؤلف:

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]


المحقق: الدكتور عبدالحليم منتصر و سعيد زايد و عبدالله إسماعيل
الموضوع : العلوم الطبيعيّة
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٢

إليهما الماساريقا وهي ثابتة عند الباب. فلا (١) كثير بأس أن تكون الشرايين تنبعث من القلب إلى الكبد والدماغ فتفيدهما مزاجا ما قابلا (٢) للحياة ثم تنبعث منهما إليه أعضاء لاستفادة قوى إنما يتم حصولها به. ولا أيضا بمنكر أن يكون الشريان وما يجرى مجراه فى الخلاف ، كل يأتى العضو الآخر معا. وليس الغلظ يدل على أن جهة الغلظ هو المبدأ ، فإن العصبة التي بها البصر وما يركبها من (٣) الحجب إذا بعدت عن المبدأ ازدادت غلظا عند اتصالها بالجليدية. وليس الغلظ والدقة تابعين للسيلان ، بل لتصوير المصورة. فإن المصورة إذا استوجبت أن تغلّظ جزءا (٤) لمنفعة وغرض جذبت إليه من الغذاء الأول ما تغلظه به ، وتركت (٥) أصله (٦) بحاله. وهكذا حال العروق التي تنبت في الأرحام ، ومن (٧) فوهات العروق التي للأرحام (٨) آخذة نحو الجنين ، فإنها تغلظ كلما أمعنت. وكذلك حال كثير من ليف العصب الذي في الأحشاء ، فإنه إذا بعد (٩) عن مبدئه (١٠) صار (١١) أغلظ ، ولا مانع من (١٢) هذا بوجه من الوجوه.

وكذلك الأشجار فإنها قد تعود عند منبت الأغصان أغلظ ، ولا أيضا لين العصب عند الدماغ يدل على أنه مبتدئ منه ؛ بل يجوز أن يقول قائل : إن ذلك لأنه منته إليه صائر إلى أن ينبت منه الدماغ. فهو كلما بعد عن المبدأ صار أرطب استعدادا لأن يتكون عنه (١٣) جسم رطب. وفاعل هذا التغليظ والتدقيق والتصليب والتليين القوة المصورة لا المادة. وكذلك نجد الحال في الشجرة (١٤) ، فإنها (١٥) كلما بعدت عن المبدأ صارت أرطب عند ما تفرّع. وليس كونه عند الدماغ ألين أدل على تولده منه ، من (١٦) كونه عند القلب أصلب في أن يدل على تولده منه ؛ إذ القلب صلب والدماغ لين. والذي يظن أن الشىء عند مبدئه يكون أرطب ، وكلما أمعن يجف ، فذلك إذا كان مبدؤه رطبا. وأما (١٧) إذا كان (١٨)

__________________

(١) فلا : ولا د ، سا ، ط.

(٢) قابلا : قابلة ط.

(٣) من : ساقطة من م.

(٤) تغلظ جزءا : يغلظ جزء ط.

(٥) وتركت : وتترك م

(٦) أصله : أصل د

(٧) ومن : من سا ، ط.

(٨) ومن ... للأرحام : ساقطة من د.

(٩) بعد : بعدت د ، سا ، م

(١٠) مبدئه : مبدئها د ، سا

(١١) صار : صارت د ، سا.

(١٢) من : عن ب ، د ، م.

(١٣) عنه : عنده د ، سا ، ط ، م.

(١٤) الشجرة : الشجر د ، سا ، ط ، م

(١٥) فإنها : فإنه م. (١٦) من : فى ط.

(١٧) وأما : فأما م

(١٨) كان (الثانية) : ساقطة من د.

٤١

مبدؤه يابسا ، فالأمر بالضد. على أن هذه الأشياء تتبع الموافقة وفعل القوة المصورة لا المجاورات.

وليس يجب (١) إذا كان العصب أصلب من القلب (٢) أن لا يكون منبته منه ، فإنه قد ينبت من الأرض اللينة الرطبة شىء صلب ، مثل المرجان في قعر البحر ، فإنه لا يمتنع أن يكون الشىء الذي يندفع من المبدأ إلى ما ينبت عنه هو أصلب ما فيه أو ألين ما فيه ، فيكون النابت مخالفا للمنبوت عنه (٣). ولا أيضا أمر الفروع يدل على الجهة ، فالشيء ربما فرع في خلاف جهة المبدأ فروعا قد تكون إلى المبدأ ، وقد تكون عن المبدأ ، بحسب ما يوافق الغرض وتفعله القوة المصورة. وهذا كثير في الأشجار. وكثير من الشجر تكون فروعه متكثرة إلى جهة المبدأ ، حتى كأن المبدأ ليس من عروقه ، بل من فروعه. وليس هذا وأشباهه بمستنكر (٤) ، إذا جعل التصوير لا لقوة طبيعية صرفة ، بل إلى قوة نفسانية متفننة (٥) الأفعال (٦). والعصب الراجع ، الذي سنذكره (٧) بعد ، يدل على مثل ذلك ، وإن (٨) كان ليفه يأخذ أيضا إلى فوق عند مرجعه ، فلا ينبغى أن يشتغل بالليف والجهة. فإنه يجوز أن يكون العصب يجيء من القلب إلى الدماغ ، ثم ينحط عليه من الدماغ ليف عصبى يلزمه إلى مسافة ، ثم ترجع منه شعبة أخرى على تلك الصفة ، فتوهم أن الأصل كله من الدماغ ، إذ (٩) إحدى الشعبتين من (١٠) الدماغ.

وكذلك حديث التشقيق إلى باطن ، ليس مما يحتج به ، فإنه ليس يجوز أن يقال : إن هذا العرق قد بلغ من صلابته أن ينفذ (١١) في القلب نفوذ عاصر يدفع أولا حتى يحدث كسرا ، ثم ينفذ ويبقى معه ذلك. فإن هذا لا يكون في قوة العروق (١٢) أن تفعله وخصوصا ومثل هذا إنما يتصور ويتمثل في الذهن في نافذ ينفذ في القلب بعد ما قد (١٣) تكوّن القلب ،

__________________

(١) يجب : ساقطة من م

(٢) القلب : + ينبغى سا ، م ؛ + لزم ط.

(٣) عنه : منه د ، سا ، ط ؛ ساقطة من م.

(٤) بمستنكر : مستنكر ب.

(٥) متفننة : متعينة د

(٦) الأفعال : للأفعال م

(٧) سنذكره : نذكره ب.

(٨) وإن : فإن م.

(٩) إذ : أو ط

(١٠) من : إلى د ، ط ، م.

(١١) ينفذ : نفذ د ، سا ، ط.

(١٢) العروق : العرق د ، سا ، م.

(١٣) قد : ساقطة من ط.

٤٢

وتم له حجمه (١) ، ولبس غشاء ، وصلب قواما. والقلب قد كان (٢) يغتذى إلى ذلك الوقت ، فيكون (٣) القلب (٤) يغتذى إلى حين ، لا من الكبد ، فسوف لا يحتاج إليه من بعد أيضا ، وإن جاءه منها عرق ، فليس يبلغ من صلابته أن ينفذ فيها هذا النفوذ ويثقبه هذا النوع من الثقب. وما يدريك أن يكون هذا العرق نشأ منه ، وهو بعد لين جدا ، لكن مناطه منه أصلب جوهرا ، ليكون أحسن تعلقا بالجرم العصبى ، وليكون (٥) شفير المنفذ ، محتاطا فيه بتصليبه فلما أخذ ينمى ويغتذى أطاع الألين منه للانبساط ما لم يطع (٦) الأصلب ، فبقى هناك ككسر (٧) ولم يكن كذلك حال الكبد. وكذلك حال اتصال العصبة (٨) بالقلب ، فإنها (٩) هناك كالملصقة (١٠) ؛ فإنه يجوز أن يكون منبتها (١١) (١٢) عند القلب كذلك ، لأنها تنبت عن مادة في القلب (١٣) ليست مشاكلة (١٤) للحميته فخلقت (١٥) متبرئة عنه ، مع أنها (١٦) تنيت منه ، مثل الثآليل في الجلد فإنها (١٧) توجد ذات شعب متبرئة بالحقيقة ملاصقة ، وكالغدد أيضا التي تتولد في اللحم وإنما يكون منبتها اللحم. ويكون السبب في جميع ذلك أن النابت لم ينيت من نفس جوهر الشىء ، بل من بعض المواد المعدة فيه ، فلا يتصل بجوهره ، بل ينبت (١٨) وينبث منه انبثاثا كالرشح. ثم يتجوهر منه النابت ، فإذا بلغ موضعا من المواضع لان وتفشى وصار شيئا آخر ، هو (١٩) من جوهره ، إلا أنه ألين منه أو أصلب. فتكون مجاورته إياه على نحو الاتصال ، لأنه من جوهره ، لا لأن ذلك (٢٠) الشىء مبدؤه ، بل لأن هذا النابت مبدأ لذلك الشىء ، مشاكل لطبيعته ، حسن الامتزاج به.

ويجوز أن يكون حال النابت والمنبوت منه ، حال الكبد والعروق في مخالفة الجوهر. وإذ جميع هذا ممكن ، فليس شىء مما يقوله فاضل الأطباء بضرورى ، وإن كان يراهن

__________________

(١) حجمه : حجم د ، سا ، ط

(٢) والقلب قد كان : وكان القلب قد م.

(٣) فيكون : فسيكون د ، سا ، م

(٤) القلب : الوقت م. (٥) وليكون : ليكون م.

(٦) يطع : + منه د ، سا ، ط ، م

(٧) ككسر : ساقطة من سا.

(٨) العصبة : العصبية م (٩) فإنها : وإنها د ، سا ، ط.

(١٠) كالملصقة : كالملتصقة ط

(١١) منبتها : منتهى ط

(١٢) من : عن م. (١٣) ليست : ليس سا

(١٤) للحميته : للحمية ط

(١٥) فخلقت : فتختلف ط

(١٦) مع أنها تنبت منه : ساقطة من م.

(١٧) فإنها : + مع أنها تنبت قد سا ؛ + مع أنها تنبت فمنه قد م.

(١٨) بل ينبت : + عنه د ، سا ، م ؛ + منه ط.

(١٩) هو : ساقطة من د ، سا ، ط.

(٢٠) ذلك : ساقطة من م.

٤٣

ويضع الدنانير عند كاهن الهيكل ، بجعلها لمن يثبت عنده أن العصب من القلب. وقد (١) يمكن أن يأتيه من يثبت ذلك عليه من طريق جدلى يجوّز عنه منبته ، فكان (٢) يسلم (٣) أن مبدأ الآلة حيث مبدأ القوة ، فإذا تسلمت (٤) منه هذه المقدمة (٥) ، أمكن أن يبرهن عليه أن النفس في الإنسان ذات واحدة ، منها يفيض سائر القوى ، وأن أول تعلق تلك الذات الواحدة حيث أول عضو للحياة ؛ فحينئذ كان يقرب المسافة إلى أن يلزمه أن تكون العروق والعصب من القلب (٦) ، وكان يغرم دنانيره لا محالة. لكن هذا أيضا الذي سلمه غير واجب في ذات الأمور ، والعاقل لا يستحسن أن يثبت في هذا الباب حكما جزما بوجه من الوجوه ، فإنه يمكن أن تؤوّل في ذلك وجوه مختلفة ، إلى أن يصار إلى الحق الذي يوجبه. فإنه لا يبعد في بادئ النظر إلى وقت ما يشتغل بما (٧) يوجبه التشريح أن تكون القوة المصورة الأولى التي في المنى أول ما تميز ، بعد ، مواد في جهات لقبول صور الأعضاء الأولى ، ومواد لقبول صور العلائق بينها (٨) ، ثم تكون المادة القلبية مما يقبل الصورة عن المصورة قبولا أوليا من غير حاجة إلى قوة غير المولدة. إذ يشهد (٩) أصحاب التشريح المحصلون أن القلب أول متكون ، وأما سائر الأعضاء فإن المصورة من المولدة تحتاج فى تكميل تصويرها (١٠) إلى توسط القوة التي في القلب ، فتنفذ منها إلى تلك الأعضاء (١١) ، فتلبسها صورها ، وتتصور بعدها أو معها العلائق بينهما أيضا (١٢) دفعة ، لا أنها تنبت من شىء إلى شىء ، بل تكون المصورة الأولى كما ميزت مادة للدماغ ومادة للقلب فقد ميزت مادة للعصب (١٣) الواصل (١٤) بين الدماغ والقلب. وقد مدته ما بين مادتى القلب والدماغ ، ليس على أنها ميزت أولا المادة للدماغ ، ، ثم اختزلت منه (١٥) مادة جذبتها إلى جهة منشأ القلب. فإنها لا تحتاج إلى ذلك ، إذ يمكنها ، والله أعلم ، أن تقسط المادة تقسيطا تجعل بعضه

__________________

(١) وقد : سا (٢) فكان : وكان سا ، ط

(٣) يسلم : يتسلم د ، سا ، ط ، م.

(٤) تسلمت : سلمت سا

(٥) المقدمة : القوة د ، م.

(٦) من القلب : ساقطة من د.

(٧) بما : لما د.

(٨) بينها : بينهما سا.

(٩) يشهد : شهد ط.

(١٠) تصويرها : تصويراتها د ، ط ؛ تصوراتها سا ؛ تصوير لها م

(١١) الأعضاء : + قوى سا.

(١٢) أيضا : إذن م. (١٣) للعصب : العصب سا

(١٤) الواصل : ساقطة من ب ، د ، م.

(١٥) منه : ساقطة من سا.

٤٤

للدماغ وبعضه للقلب خارج الدماغ (١) ، وبعضه للنخاع ، لا أن (٢) تجمع (٣) أولا مادة الدماغ ، ثم تعود فتختطف منه طائفة تجعلها مادة معدة للنخاع.

فإذا (٤) تصور القلب ، نفذ (٥) إلى كل شىء قوة ، فيصور الدماغ ، ويصور معه أو بعده النخاع والعصب ، لا على سبيل نبات منه (٦) وفضول عنه ، ولا على سبيل نبات من القلب ، وفضول عن (٧) القلب ؛ إذ ليس القلب كل مادة المتولد في أول الأمر ، حتى يكون كل شىء إنما يتحلل منه ويخرج عنه (٨) ، بل هو جزء من مادة المتولد ، ويفضل خارجا عنه ما يتفق فى تكوينه ، فهذا أحد الممكنات. ويجوز (٩) أن تكون أيضا المادة التي للدماغ والعصب تتميز جملة ، ثم ترسل مادة الدماغ فضلا يتشعب عنه (١٠) إلى جهات. ويجوز أيضا أن يكون القلب إذا تكون تميز فيه فضول أتت حدودا من الحدود ، فأحالت ما هناك إلى مشاكلة ذلك الفضل ، حتى يكون الفضل البارد الطبع (١١) المنفصل عن القلب (١٢) يأخذ إلى جهة ما ، كلما بعد عن القلب انسلخ عن الجزء الغريب الذي أفاده القلب ، فإذا بلغ إلى حد يعتدل عنده مزاجه بحسب الاعتدال الذي للدماغ وقفته (١٣) هناك القوة المصورة ، واستمدت (١٤) إليه من القلب وجمعت (١٥) من ذلك مادة تصلح بالكم والكيف لصورة الدماغ ، فيخلق الدماغ نابتا عن القلب كذلك.

وأما الكبد فجوهره مخالف لجوهر العروق ، ولا يبعد أن يقال : إن مادته التي منها (١٦) ينفذ في دم الشريان ، نحو منشأ هذا النفوذ ، إن كان الحق هذا الرأى. ثم يكون الكبد فى الغذاء متوسطا بين القلب وبين (١٧) جميع البدن ، والدماغ في الحس والحركة متوسطا بين القلب وبين سائر البدن ، فتنبت (١٨) منهما (١٩) آلات الأفعال : أما من الكبد فآلات التغذية

__________________

(١) خارج الدماغ : ساقطة من د

(٢) لا أن : إلا أن سا ، م

(٣) تجمع : تجعل ب ، سا ، م.

(٤) فإذا : وإذا ط (٥) نفذ : أنفذ ط.

(٦) منه : عنه م. (٧) عن : من م.

(٨) عنه : منه م. (٩) ويجوز : + أيضا م.

(١٠) عنه : عنها ط.

(١١) الطبع : بالطبع د ، سا ، ط

(١٢) القلب : الطبع م.

(١٣) وقفته : وقفه د ، سا ، ط ، م

(١٤) واستمدت : واستمد د ، سا ، ط ، م.

(١٥) وجمعت : وجمع د ، سا ، ط ، م.

(١٦) منها : + تكون ط.

(١٧) وبين : ساقطة من د ، سا ، ط ، م.

(١٨) فتنبت : فنبت ب

(١٩) منهما : منها ط.

٤٥

وأما من الدماغ فآلات الحس والحركة ويجوز أن يكون على نحو آخر مما سنذكره (١) بعد وبذلك يترجح مذهب المعلم الأول.

وأما الكلام في تشريح العروق والعصب فسنؤخره (٢) إلى ذكر الأسباب.

قال المعلم الأول : الأسد لا مخ (٣) له ، إلا في الفخذين والعضدين ، وعظامه أصلب العظام. والخنزير أيضا يقل مخه ، والدلفين له عظام ولا شوك له. ما كان من حيوان البحر يلد حيوانا فهو غليظ الشوك مثل سلاسى ، وما يبيض (٤) فشوكه شبيه بالأضلاع ، وللسمك خاصة (٥) شوك منبث (٦) في لحمه ، وللحيات أيضا. وفي غضاريف فقار الحيوان البحرى المسمى سلاسى (٧) مخ.

__________________

(١) سنذكره : سنذكر سا ، م.

(٢) فسنؤخره : فنؤخره ط.

(٣) لا مخ : [المخ نقى العظم ، وفي التهذيب : نقى عظام القصب ؛ ابن دريد : المخ ما أخرج من عظم لسان العرب)].

(٤) وما يبيض : وأما ما يبيض ط.

(٥) خاصة : خاص د ، سا ، ط ، م

(٦) منبت : نبت سا.

(٧) سلاسى : بسلاسى سا ، ط.

٤٦

الفصل الثاني

(ب) فصل (١)

فيه كلام في القرون والعظام والشعر والريش

وما يشبهها (٢)

قال : والقرن عظمى ، ويتبع في الأكثر لون البدن ، وأظفار السودان (٣) دون أسنانهم سود ، وتعلق القرن (٤) بالجلد أشد من تعلقه بالعظم. ويذكر أن في بلدة (٥) أفروحية (٦) بقرا (٧) تحرك قرونها كتحريك الآذان (٨).

قال : والجلد (٩) لا حس له إلا أن يكون لحيما ، وخاصة جلد الرأس لا حس له البتة. والحق أن الجلد إذا خالطه اللحم والعصب كان حساسا ، ويشبه أن لا يكون سطحه الظاهر حساسا ، لأنه عرى عن العصب. وبالجملة الموضع من الجلد الذي إذا قطع عاد من غير ندب ، فذلك خال عن العصب لا حس له.

وقال : إن الجلد الغير الملتصق بلحم دونه لا يلتحم قطعه التحام الاتحاد ، مثل القلفة (١٠) ، والجفن ، والجلد الرقيق على الوجه ، وكذلك الأغشية كالمثانة (١١).

قال : ليس (١٢) قحف جميع الحيوان على هيئة واحدة ، فإن (١٣) قحف الكلب من عظم واحد. وأما الناس فلقحفهم شؤون :

__________________

(١) فصل : فصل ب ب ؛ الفصل الثاني د ، ط.

(٢) وما يشبهها : وما يشبهه ط.

(٣) السودان : (جمع أسود «لسان العرب»)

(٤) القرن : القرون ب.

(٥) بلدة : بلد ب ، م

(٦) أفروحية : أفروخية ط ؛ أمزوحية م

(٧) بقرا : حيوانات ط.

(٨) الآذان : الأذن م.

(٩) جلد : جلدة م.

(١٠) القلفة : الغلفة ط.

(١١) كالمثانة : ساقطة من م.

(١٢) ليس : وليس م

(١٣) فإن : قال ب.

٤٧

قال : وتلك الشؤون للنساء إلى الاستدارة ، وقد وجد رأس رجل لا شأن (١) له البتة.

وأما تشريح القحف وأعضاء الوجه والأسنان ، فسنذكره بعد ؛ وكذلك تشريح الرقبة والترقوتين وفقار الظهر والصدر.

وأما الشعر فيكون (٢) من البخار الدخانى المحتبس في المسام ، إذا نحن البخار ، واعتدل المسام (٣) بين المتخلخل الذي لا يحبس (٤) ، والمتكاثف الذي لا ينفذ. وقد يحلق (٥) للجمال وللزينة (٦) مثل اللحية ، وللمنفعة (٧) مثل الهدب التي (٨) على الأشفار ومثل الحاجبين. وقد يحلق لضرورة دفع الفضل مثل الشعر على العانة. ولا شعر على المشاء الذي لا يلد ، والذي يبيض (٩) فهو مفلس الجلد. ويتغير الشعر والوبر على الحيوان بتغير المراعى (١٠) ، فإنه إذا أخصب (١١) وفر (١٢) شعره ووبره. وشعر الحار المزاج إلى (١٣) الجعودة ، فإن أفرط تفلفل كالزنوج. وشوك القنافذ من جنس الشعر إلا أنه مفرط الغلظ والصلابة. والشيب ليس ليبس الشعر ، أى الشيب الطبيعى ، بل (١٤) ذلك (١٥) لون البلغم ، وهو لون التكرج (١٦) ، إذا خمد الحار الغريزى ، فلم يكن البخار الدخانى حارا جدا ، بل كان رطبا بلغميا. وقد يبيض الشعر لمرض (١٧) يعرض (١٨) ، ثم يسقط ، وينبت مكانه أسود. ويشبه أن يكون ذلك البياض لموت الحرارة الغريزية التي تخالط الشعر ، ولفقدانه الدهنية ، واستبداله المائية. وربما كان هذا لتحلل (١٩) الرطوبة ، وبقاء اليبوسة متخلخلة مبيضة ، كما يعرض للنبات (٢٠) الخضر وأغصانها.

فإذا كان أصل المزاج محفوظا بالسن ، والقوة مقتدرة على إعادة الصلاح عاد سبب السواد فاسود. وأول ما يبيض شعر الصدغين ، ومقدم الرأس لمجاورته رطوبة العضل (٢١)

__________________

(١) لا شأن : لا شئون ط.

(٢) فيكون : فيتكون د ، م.

(٣) المسام : (مسام الجسد : ثقبه ومسام الإنسان : تخلخل بشرته وجلده الذي يبرز عرقه وبخلو باطنه منها. «لسان العرب»)

(٤) لا يحبس : لا يحتبس م

(٥) بحلق : يلحق د. (٦) وللزينة : والزينة ط ، م

(٧) وللمنفعة : ومثل منفعة سا

(٨) التي : الذي ط. (٩) يبيض : لا يبيض ط

(١٠) المراعى : المرعى ط (١١) أخصب : خصب م.

(١٢) وفر : وفي د ، م (١٣) إلى : الذي م.

(١٤) بل : مثل ب (١٥) ذلك : + لكون م

(١٦) التكرج : (كرج الخبز وتكرج أى فسد وعلاه خضرة «لسان العرب»).

(١٧) لمرض بمرض ط (١٨) يعرض : ساقطة من ط.

(١٩) لتحلل : لتحليل ط. (٢٠) للنبات : لأشبان د ؛ لأفنان سا ، م.

(٢١) العضل : عضل د ، سا ، ط.

٤٨

ورقته (١) هناك. ويتأخر بياض شعر العانة ، وشعر الحاجب ، لحرارة مزاج الموضع كما فى العانة ، أو يبس الموضع كما في الحاجب. ومن خواص شعر الإنسان أن (٢) منه ما يولد معه ، ومنه ما ينبت بعد حين مثل شعر العانة ثم شعر الإبط. وأول الصلع في مقدم الرأس. أقول لأن ذلك الموضع من الدماغ يتبرأ من العظم أولا ، لأن ذلك الجزء من الدماغ ألطف ، والألطف أقبل للانفعال والتخلخل. والنساء لا يصلعن لكثرة رطوبتهن ، ولا الخصيان لأن مزاجهم في البرد يميل إلى مزاج النساء فلا تتحل منهم (٣) الرطوبة ، ويشبه أن تكون مادة اللحية تميل إلى رءوسهم. وأما النساء فربما ينبت (٤) لبعضهن لحية عند الكبر لتكاثف الجلد ، وربما كثر شعر الحاجبين عند الكبر لأن درز الحاجب يفترق عند الكبر لليبس ، فيجد (٥) البخار الدخانى سبيلا إلى فضل اندفاع نحو الحاجب.

والحيوانات التي تختلف ألوان شعورها فإنها أيضا تختلف ألوان جلدها ، فيكون كل لون (٦) شعر قريبا من لون منبته. والجماع يصلع بالتجفيف. ومن الناس من يكون أصلع فإذا جامع نبت (٧) شعره ، وأقول : هذا غريب ، ويشبه عندى (٨) أن يكون سبب صلعه سكونا من حرارته الغريزية مع معاصاة من الرطوبة تمنعها (٩) إياها ، فإذا أعانتها الحركة الجماعية اقتدرت على تحليل المادة بخارا دخانيا ، فتولد الشعر. وشعر المسن وإن قل فى عدده فإنه يزيد في حجمه وغلظه ، بسبب (١٠) كثافة المادة ؛ وكذلك قشور المسن (١١) من السمك. والشيب من خواص الناس ، لكن الغرانيق أيضا يتغير شعرها عند الكبر عن رماديتها إلى سوادها. ويشبه أن يكون السواد فيها سببه (١٢) إفراط غلظ المادة التي يتكون عنها. وهذا لا يكون في الناس ، فإن لحومهم وجلودهم لينة (١٣) رخصة. وقد يتغير

__________________

(١) ورقته : ورقه د ، سا ، ط ، م.

(٢) أن : ساقطة من ب.

(٣) منهم : فيهم د ، سا ، ط.

(٤) لبعضهن : لبعضهم سا.

(٥) فيجد : فيجمد ط.

(٦) لون (الأولى) : ساقطة من م.

(٧) نبت : ينبت ط

(٨) ويشبه عندى : عندى ويشبه ط.

(٩) تمنعها : معها د ، سا ، ط ، م.

(١٠) بسبب : لسبب ب ، د ، سا

(١١) المسن : المسان د ، سا ، ط ، م.

(١٢) سببه : سبب ط.

(١٣) لينة : لينية ط.

٤٩

لون الشعر من الغربان والخطاطيف ، مع شدة البرد ، إلى بياض ما ، لموت الحرارة الغريزية منها (١). ومنها ما يفرط فيها ذلك التغير ، مع تغير الفصول ، حتى ينكرها الإنسان ولا يثبتها.

أقول : والحيوان الشبيه بالفأر الذي تضاربه (٢) الطير عن أو كارها يبيض (٣) كل سنة (٤) بياضا شديدا ثم يعود إلى رمادية (٥). قال : والمياه أيضا ربما غيرت الوبر والشعر ، وربما شرب الغنم ماء مثل ماء النهر (٦) المسمى المارد ، فإذا سفدت أحبلت بسود. وفي بلد انطندريا (٧) نهر يفعل (٨) مثل ذلك ، ونهر آخر يفعل البياض. وأما نهر اسفندروس (٩) فيولد الشقرة في مثل ذلك.

ومن الحيوانات ما هو أزعر ، ومنها ما هو أزب. وعلى باطن شدق الأرنب وجلد أخمصه شعر والحيوان المسمى مسطقيطوس (١٠) له في فمه مكان الأسنان شبه شعر الخنزير. والحيوانات الزعر فإن (١١) مواخر (١٢) أطرافها أكثر شعرا من مقاديمها. ونبات الشعر المجزوز أو المقطوع ، فليس من المقطع (١٣) ، بل (١٤) من الأصل. فلهذا ليس هو كالنبات ، بل كالفضل. وأما الريش فإذا قطع (١٥) لم ينبت من تحت ، ولا من المقطوع (١٦) (١٧) ، بل ينبت تحته آخر ، ويسقط هو. وإذا سقط جناح النحلة (١٨) وما يجرى مجراه (١٩) لم ينبت ، كما أن إبرتها إذا نتفت (٢٠) ماتت ، ولم تنبت أخرى.

__________________

(١) منها : فيها د ، سا ، ط ، م.

(٢) تضار به : يضاد به ب ، م ؛ يصاد بها ط

(٣) يبيض : ساقطة من ط

(٤) سنة : + شيئا د ، سا ، م.

(٥) رمادية : زبدية د ، سا ، ط ، م.

(٦) النهر : نهر م.

(٧) أنطندريا : انطندربا د ، ط ؛ انطندرنا سا

(٨) انطندريا نهر يفعل : ابطئر فإنهن يفعلن م

(٩) اسفندروس : اسفندورس د ؛ سقندورس ط ؛ اسفيدورس م.

(١٠) مسطقيطوس : سطندس ب ؛ مسطيطرس د ، سا ؛ سطيدس م.

(١١) فإن : ساقطة من ط

(١٢) مواخر : مآخر م.

(١٣) المقطع : المقطوع ب ، م

(١٤) بل+ هو م. (١٥) قطع : انقطع ط

(١٦) من المقطوع : لمقطع ط

(١٧) المقطوع : المقطع د ، سا.

(١٨) النحلة : النحل ط

(١٩) مجراه : مجراها د ، سا ، ط

(٢٠) نتفت : انتفت ط.

٥٠

الفصل الثالث

(ج) فصل (١)

فى الدم واللبن وفيه شىء من أمر المنى

أما تحصيل الكلام في الأخلاط فسنؤخره إلى ذكر الأسباب ، ولكنا نذكر ما قال المعلم الأول. قال (٢) : إن دم كل حيوان يجمد ، ما خلا دم الأيل والأرنب. وكل دم أخرج (٣) منه الليف لم يجمد ؛ وذلك الليف شىء بين جوهر العصب والعروق. ودم الثور يجمد بسرعة. والدم في الأبدان المعتدلة معتدل (٤) المقدار ، لا كثير كدم الممتلىء شربا ، ولا قليل كدم أصحاب الشحم. ودم الإنسان معتدل القوام فرفيرى اللون. وأما دماء غيره من الحيوانات الكبيرة ، غليظة سود. والدم في الأعضاء السافلة أغلظ وأشد سوادا ، وأول عضو يتولد فيه الدم على حكم التشريح هو القلب ، وهذا (٥) مما توهمنا كون القلب مبدأ لدم جميع البدن بتوسط الكبد ، فيكون الكبد متوسطا ثانيا. قال : وربما عرق بعض الناس لشدة امتلائه ، أو لرقة دمه وغليانه ، عرقا دمويا. والدم يغور في النوم حتى أنه إن غرز بدن النائم بإبرة لم يخرج من دمه ما يخرج عند اليقظة. والنساء أكثر دما من سائر إناث الحيوان (٦) ، على حسب مشاكلة الأبدان ، ولذلك (٧) يحضن. ودمهن أميل إلى الباطن ، ودم الرجال إلى الظاهر (٨). وقلما يصيبهن أمراض الدم والرعاف. ودم المشايخ أسود غليظ قليل. وبعض الرطوبات تكون في أعضاء الحيوان منذ أول الخلقة ، وبعضها يتولد أخيرا ، مثل اللبن والمنى.

__________________

(١) فصل : فصل ج ب ؛ الفصل الثالث د ، ط.

(٢) قال (الثانية) : ساقطة من ط.

(٤) معتدل : معتدلة م ؛ ساقطة من د.

(٥) وهذا : + هو د ، ط.

(٣) أخرج : خرج ب.

(٦) الحيوان : الحيوانات د ، ط.

(٧) ولذلك : فلذلك ط.

(٨) الظاهر : ظاهر د. سا. م.

٥١

ومجمع اللبن الثديان ، ويستحيل إليه الدم الفضلى غير محتاج إلى أن ينضج غاية النضج ؛ وأن يبلغ الهضم الأخير.

وأما المنى فيتولد من أنضج الدم ، ولا يصلح له إلا الدم الذي يبلغ (١) الغاية من (٢) النضج. أقول : وغاية النضج هو الهضم الرابع ، فإن الغذاء له في المعدة هضم ما ، وفي الكبد هضم ما آخر يولد دما مشتركا ، ثم في العروق هضم ثالث ، ثم في كل عضو فإنه (٣) يحتاج إلى أن يهضم حتى يصير مشاكلا (٤) إياه. وهناك النضج التام ومن مثله يتولد المنى ، ولذلك (٥) ما يحدث كثرة استفراغ المنى إذا تكرر الجماع وأتعب من ذبول الجلد وتقشفه وتغير لونه ، ما لا يحدثه استفراغ دم يكون خمسين ضعفا له ، لأن الجماع إنما يستفرغ من الدم ما بلغ غاية النضج ، وكاد يتشبه بالأعضاء ، فكأن الأعضاء تسلب غريزتها ومادتها عند الجماع المتكلف ، أعنى الذي ليس عن اقتضاء منى حاصل فاضل عن جوهر الأعضاء. ولذلك ما قال الأطباء الأقدمون إن (٦) المنى هو من الرطوبة القريبة العهد بالجمود ، ولهذه الرطوبة أيضا فضل فمنه ما هو فضل في كيفيته ويندفع على نحو فيكون منه (٧) الشعر وما أشبهه ، ومنه ما هو فضل في كميته وذلك هو الذي يصلح أن يتولد منه المنى.

وأما اللبن فهو فضل من (٨) الدم الذي في العروق ، وله مائية وجبنية ودسومة (٩). وكل لبن أغلظ فهو أكثر جبنا. ولبن الحيوان الذي له قرن ، ولا سن في فكه الأعلى ، يجمد كشحمه دون لبن غيره من الحيوان. والبرد لا يجمد اللبن ، بل يميز أجزاءه. والحر يجمده أكثر. وألطف الألبان وأرقها لبن (١٠) اللّقاح (١١) ثم الرماك ثم الأتن ، وأغلظها لبن البقر والجواميس. ولا خير في لبن أول الحبل وآخره. وربما ملأ الإخصاب أثداء الإناث لبنا ، وإن كن حولا. وربما اجتمع في أثداء (١٢) العجائز لبن يرضعن به الصبى ،

__________________

(١) يبلغ : بلغ : ط

(٢) من : فى د.

(٣) فإنه : ساقطة من م

(٤) مشاكلا : متشاكلا ط.

(٥) ولذلك : وكذلك د ؛ فلذلك م.

(٦) إن : ساقطة من د ، م.

(٧) منه من م.

(٨) فضل من : ساقطة من ب.

(٩) ودسومة : ودسومية ط.

(١٠) لبن : اللبن ط

(١١) اللقاح : (اللقاح : ذوات الألبان من النوق واحدها لقوح ولقحه «اللسان»)

(١٢) أثداء : ثدى م.

٥٢

وذلك عند احتباس الحيض. وقد يؤخذ الغريض من أولاد الماعز قبل حملها فيدلك ثديها ويحلب دما (١) ، ثم قيحا ، ثم يدر لبن عذب ليس بدون لبن الحوامل ، ويكون غليه. وقد كان في بلدة تسمى طيوان تيس يحلب من ثندوتيه (٢) التي عند ذكره مقدار ما يكون منه جبنه (٣) ، ثم أنزى على عنز فأحبل (٤) بذكر يحلب أيضا. كذلك وربما أحلب بعض الرجال لبنا ، لو تعوهد لكان يدر منه شىء يعتد (٥) به. ولبن الإبل والخيل عديم الجبنية ، أو قليلها جدا. والجبن في لبن البقر أكثر منه في غيره. والإنفحة ولبن التين يجمد اللبن. ولا إنفحة إلا لما يجتر ، ما خلا الأرنب ، ونقول (٦) : قد يوجد للدب أيضا (٧) ، وعسى أن يكون لغيره.

وفي بلد تاسيس بقر صغار كثيرة الدر يبلغ (٨) من (٩) صغرها أن لا تحلب إلا بالتطأطؤ من الحالب. وأما بلدة أنفورس (١٠) فبقرها عظيمة (١١) جدا ، كثيرة الدر ، وكذلك كلابها ؛ وذوات الأربع فيها (١٢) ، ما خلا الحمار. ومن المراعى ما يولد لبنا كثيرا ، ومنها ما يقلل اللبن. ولبعض الحيوان في ذينك بعض المراعى ، دون بعض. والشاة تحلب ثمانية أشهر ، وليس ذلك لغيرها ، إلا ببلدة فروى (١٣) فيها بقر يحلب جميع السنة. وأصح لبن النساء لبن السمر (١٤).

وأما المنى فنستوفى الكلام فيه بعد. وكل حيوان ذى دم فله منى. وزرع ذى الشعر لزج ، وزرع (١٥) غيره غير لزج. والمنى يرق من خارج إذا بقى لتحلل الروح الهوائى عنه ، الذي إنما يبيضه ويخثره بتخضخضه فيه. وبالجملة فإن انعقاده وخثورته بالحرارة. ولما (١٦) كان المنى إنما تخثره (١٧) الحرارة ، وجب أن يرق بالبرودة. والمنى الموّلد يرسب في الماء ، والذي لا يولد يتحلل فيه. وكذب أرادوطوس (١٨) حين زعم أن منى الأسود أسود (١٩).

__________________

(١) دما : لبنا (هامش ب).

(٢) ثندوتيه : ثندوته سا ؛ ثديبه ط.

(٣) جبنه : جبنا ط

(٤) فأحبل : فأحول ط.

(٥) يعتد : معتد ط

(٦) ونقول : وأقول سا

(٧) أيضا : ساقطة من م.

(٨) يبلغ : فبلغ ط ، م

(٩) من : + ذلك م.

(١٠) أنفورس : أرفورس ب ؛ الموروس د ؛ أنقوروس سا ؛ القوروس ط

(١١) عظيمة : كثيرة سا.

(١٢) فيها : منها ب. (١٣) فروى : فووى د.

(١٤) السمر : السمرة سا. (١٥) وزرع : ساقطة من سا.

(١٦) ولما : وإذا د (١٧) تخثره : خثره ب ، سا ، م ؛ تخثر د.

(١٨) أرادوطوس : أراديطوس بخ ، م

(١٩) أسود : + تمت المقالة الثالثة من الفن الثامن من جملة الطبيعيات بحمد الله وحسن توفيقة د ؛ + تمت المقالة الثالثة من الفن الثامن من جملة الطبيعيات ط.

٥٣

المقالة الرابعة

من الفن (١) الثامن من (٢) جملة (٣) الطبيعيات (٤)

الفصل الأول

(ا) فصل (٥)

فى تشريح حيوان (٦) من حيوان الماء وفي حال أعضاء بعض المحززات (٧)

فأما (٨) الحيوان الذي لا دم له ، فمنه جنس يسمى ما لاقيا ، وخاصيته (٩) أن باطنه صلب ، وظاهره لحمى لين ؛ ومنه جنس باطنه شبيه باللحم ، وخارجه صلب يشبه الخزف (١٠) ، إلا أنه لا ينكسر ، بل ينفسخ بالضرب كالسراطين ؛ ومنه جنس باطنه يشبه اللحم ، وأما خارجه فخزفى وصلب (١١) ، ينكسر مثل الصدف ؛ ومنه جنس المحززات (١٢) ، إما في البطن (١٣) ، وإما في الظهر ، وإما في كليهما. وكلها لا لحم لها ولا عظم (١٤) ولكن لها أعضاء ، تشبه كل واحد منهما (١٥) وتناسبه فمنه ما تحززه (١٦) متكرر (١٧) في طول أعضائه ، كالذى يعرف بأربعة وأربعين. ومن المحزز (١٨) ما يطير حينا ويمشى حينا ، ومنه ما يطير في وقت ما كالنمل. أما (١٩) جنس ما لاقيا

__________________

(١) من الفن ... الطبيعيات : ساقطة من ب ؛ تشتمل على فصلين ط

(٢) من (الثانية) : ساقطة من د

(٣) جملة : ساقطة من م

(٤) الطبيعيات : + فصلان سا ؛ + وهي فصلان د (ثم تذكر هذه النسخة عنوانى الفصلين).

(٥) فصل : فصل ا ب ؛ الفصل الأول د ، ط.

(٦) حيوان (الأولى) : الحيوان سا ؛ حيوان حيوان ط

(٧) المحززات : المحززات د ، ط.

(٨) فأما : وأما د ، ط ؛ أما سا.

(٩) وخاصيته : وخاصية ط.

(١٠) يشبه الحزف : شبيه بالخزف د ، ط.

(١١) وصلب : صلب د ، ط

(١٢) المحززات : المحززات ط

(١٣) البطن : الباطن سا.

(١٤) عظم : + لها د.

(١٥) منهما : منها د

(١٦) تحززه : تحزيزه بخ ، د ، ط ، م ؛ هويزه سا

(١٧) متكرر : يتكرر ب.

(١٨) المحزز : المخرز ط

(١٩) أما : وأما ط.

٥٤

فله من الأعضاء رأس بين رجله (١) وبطنه ، وله ثمانى أرجل ، كل رجلين مفصول. ومنه ما هو كثير الأرجل كالسفانج (٢) ، ومنه أجناس تشبه السفانج (٣) ، لها خرطومان صلبا الأطراف ، وبهما (٤) ينال (٥) الغذاء ، وينقله إلى الفم كأنهما مخالب. ويلتصق بالصخر عند هيجان البحر والأمواج وغير ذلك مما يفزع ، مستعينا بخرطومه. ويستعمل (٦) الرجلين المقدمتين (٧) في أن يأخذ بهما الطعم ، إلى ما بين العينين. ورجلاها المؤخرتان يستعين بهما على السفاد. وفوق رجليها عضو أنبوبى يدفع منه الفضل الرطب إلى خارج ، وفيه تتلقى (٨) الإناث منى الذكران. وسباحتها على أرجلها ، وأعينها فوق رءوسها ، وأفواهها إلى خلف رءوسها ، وفي أفواهها قليل لحم ، ولا لسان لها ، وكأنما رءوسها متورمة ، وتأخذ ما تأخذه برجليها. والكثير الأرجل من بينها صغير الجثة ، طويل الرجلين. وسائر الأصناف عظام (٩) الجثث (١٠) ، قصار الأرجل ، ضعيفة المشي. وربما كان منها مثل ما يسمى ستينا إلى ذراعين في طوله ، ومثل طربيداس (١١) إلى خمسة أذرع ، وربما كان رجل الكثير (١٢) الأرجل إلى ذراعين وأكثر. ولطوبو (١٣) جناح يحيط بجنبه. وأما جناح طونيداس فمتفرق. ولما لاقيا جلود تستر (١٤) أجسادها ، ولها مرىء بعد أفواهها طويل دقيق يتصل بمثل الحوصلة ، لكنه ملتو منعرج ؛ ثم معاء دقيق أغلظ من المريء ، وليس في جوفها عضو محسوس غير ذلك إلا عضو للزرع يسمى باليونانية مسطيس (١٥) ، ومتى (١٦) فرغ مج زرعه وكدر (١٧) الماء ؛ وأكثر ذلك فعل الستينا. وهذا العضو له تحت الفم ، ومقذف زرعه وفضل غذائه واحد ، وعلى بدنه كالشعر ، وفي باطن جسد (١٨) ما ذكر من (١٩) هذا الجنس شىء صلب بين

__________________

(١) رجله : رجليه د ، سا ، م.

(٢) كالسفانج : كالبسفانج ب ، سا ، م

(٣) السفانج : البسفانج ب ، سا ، م.

(٤) وبهما : وبها ط

(٥) ينال : تناول ط.

(٦) ويستعمل : ويستعين م.

(٧) المقدمتين : المتقدمين ط ؛ المقدمين م

(٨) تتلقى : تلتقى م.

(٩) عظام : + لحم م د.

(١٠) الجثث : الجثة د.

(١١) طوبيداس : طربيداس د

(١٢) الكثير : كثير د ، م.

(١٣) ولطوبو : ولطوبراد ؛ ولطوبوا سا ؛ ولطول ط.

(١٤) تستر : تستغن ب ، م ؛ تستقر ط.

(١٥) مسطيس : مسطيلس سا ؛ قسطيس ط ؛ مسطير م

(١٦) ومتى : متى م

(١٧) وكدر : فكدرد ، سا ؛ فكذا ط.

(١٨) جسد : جسده بعض ب ، سا ، م.

(١٩) من : عن ب ، م.

٥٥

الشوك والعظم ، وهو في طوميداس غضروفى كالحلقة. وأما السفانج (١) فليس في باطنه شىء صلب وإنما يطيف برأسه كالغضروف ، يصلب إذا أسن. ولذكرانها مجرى تحت المعدة إلى الدماغ وإلى أسفل. وللإناث إلى الدماغ مجريان من تحتها أوعية حمر تعى البيض ، ويمتلئ ما يبلغ حجمه أعظم من حجم رأسه. لكن لستينا وعاءان للبيض يملآن بيضا كالبرد ، وذكوره في جميع ذلك أحسن شكلا ، وعليها تخطيط متشابه كالتفويف. ومقاديم (٢) الذكورة أشد سوادا. وأعظم أصناف السفانج (٣) ما يطفو ، ثم الذي يفارق القعر إلى قرب (٤) منه ، ثم القعرية ، وخصوصا ما لا مفصل لرجله. ومنه جنس في وسطه نقرة غائرة (٥) غير ملتئمة. وكثيرا ما يرعى بقرب الشط ، فيقذفه الموج إلى البر ، ويعجز عن العود ، فيهلك وهو (٦) صغير جدا. ومنه جنس محوط بخزف لا يخرج منه إلا رأسه وبعض رجليه ، وذلك لطلب الطعم. وأما اللين الخزف فأجناس (٧) كثيرة : فمنها السراطين ، وهي أجناس ، منه العظيم جدا ؛ ومنه ما يسمى الهرقلى ، وأجناس أخرى.

أقول : وبلغنا أن ببحر طبرستان سرطانا على (٨) جلده من الوشى والأصباغ الدقيقة العجيبة ما يتحير فيه الإنسان. قال : ومن السراطين الصغار جنس يسمونه فرسانا لشدة جريها ، ولا يوجد في بطونها لحم ، ولا فضل رطوبة غليظة ، فإنها لا ترعى شيئا له قوام يعتد به. وللسرطانات عشر أرجل مع الزبانيين (٩). وأما العفارين فله اثنتا عشرة (١٠) رجلا ، والرجل التي (١١) تلى الرأس حادة جدا ، وسائرها عريضة (١٢). ولفنجوا (١٣) من كل جانب أربع أرجل غلاظ متقدمة ، وثلاث دقاق متأخرة ؛ وأرجل جميع ذلك تنثنى إلى داخل. وللعفارين ذنب ؛ وجثة فارابوا (١٤) مستطيلة ، وجثة السراطين (١٥) مستديرة. والرجل المقدمة (١٦) من فارابوا (١٧)

__________________

(١) السفانج : البسفانج ب ، سا ، م.

(٢) ومقاديم : ومقادم ط

(٣) السفانج : البسفانج ب ، د ، سا ، م.

(٤) قرب : أقرب سا (٥) غائرة : غامرة ط.

(٦) وهو : فهو ط. (٧) فأجناس : فأصناف م.

(٨) على : مع ط.

(٩) الزبانيين : الزبانيتين ط ؛ الزبانين م

(١٠) اثنتا عشرة : اثنا عشر ب ، د ، سا ، م.

(١١) التي : الذي م (١٢) عريضة : عريض م

(١٣) ولفنجوا : ولفيحو ب ، د ، سا ، م.

(١٤) فارابوا : فارابو ط ، م

(١٥) السراطين : السرطان ط

(١٦) المقدمة : المقدم م

(١٧) فارابوا (الثانية) : فارابو ب ، ط ، م.

٥٦

الاثنى مشقوقة ومن الذكر غير مشقوقة ؛ وأجنحة الاثنى عند الظهر أكبر ، وغير ذلك أصغر ، خصوصا (١) ما عند العنق. وأطراف الأرجل المؤخرة من الذكران عظيمة حادة ، وللذكر منها عند عينيها نقط ناقشة وقرون صغار تحت تلك النقط ، وعيناها جاسئتان متحركتان إلى الجوانب ، وكذلك عينا كثير من السرطان. وهي (٢) إلى (٣) البياض (٤) ، وفيها نقط سود ؛ ولها أسنان حادة صغيرة منطبق بعضها على بعض وخصوصا في اليمين ، وأما اليسار فطرفه يخالف وسطه فإن في طرفه أسنانا حادة مختلفة ، وفي وسطه كالأضراس ، وعدد ما تحت أربعة ، وعدد ما فوق ثلاثة ، وتحرك الفوقانية إلى السفلانية للضبط ، وفوق هذا الصف سنان آخران حادان ، وتحت الأسنان أعضاء الآذان (٥) ، تحركها (٦) دائما ، وهي شوكية (٧) الأطراف ، وعلى بطون السراطين أبواب تنفتح وتنغلق ، وبيض (٨) إناثها في أمعائها ، وأما فارابوا (٩) فله في العمق من فمه سنان عظيمان رطبان وبينهما لحم كاللسان ، وثلاث أسنان أخر ، اثنتان (١٠) في صف ، وواحدة (١١) من تحت ، ثم مرىء قصير ومعدة صفاقية ، ثم معاء إلى الدبر ، ومجرى من البطن إلى الدبر خاص (١٢) للمنى تحت ماء الثفل والزبانية اليمنى من السراطين تكون أعظم ؛ والعضو الذي عليه عيناها ربما كان بعيدا من (١٣) نظره (١٤) ، وربما كان قريبا كما في السراطين الهرقلية. وجميعها يتنفس أيضا بالماء فيقبله بفيه ويمجه منه (١٥).

وأما الحيوانات البحرية التي عليها خزف صلب مثل الأصداف والقنفذ البحرى ، فمنه ما ليس داخل خزفه لحم مثل القنفذ البحرى ، ومنه ما في خزفه لحم مثل السلحفاة. ورءوس الخزفيات في الأكثر مستبطنة (١٦) غير ظاهرة ؛ وبعضها يحيط به خزف واحد ؛

__________________

(١) خصوصا : وخصوصا سا.

(٢) وهي إلى البياض : ساقطة من سا

(٣) إلى : ساقطة من ب

(٤) البياض : الباصر ب.

(٥) الآذان : كالآذان د ، سا.

(٦) تحركها : تحرك د ، سا ، ط

(٧) شوكية : شوكة ط.

(٨) وبيض : وتبيض ب

(٩) فارابوا : فوابو ب ؛ قرابو ط ؛ قرابوا م.

(١٠) اثنتان : ثنتان ب ، ط

(١١) وواحدة : وواحد ب ، د ؛ واحد ط ؛ + يلى د ، سا.

(١٢) خاص : حاضر م.

(١٣) من : عن سا

(١٤) نظره : نظرها ط.

(١٥) منه : عنه سا ؛ ساقطة من د.

(١٦) مستبطنة : مستطيلة ط.

٥٧

وبعضها خزفان ركب أحدهما على الآخر ؛ وبعضها ينفتح خزفه وينطبق ، وبعضها ليس كذلك ، وربما كان ذلك من جانبين ، وربما كان من جانب ؛ وبعضها أملس الخزف ، وبعضها خشن الخزف ، وبعضها منقوش الخزف ، وبعضها متشابه قوام الخزف ، وبعضها مختلفه (١) حتى يكون ما يلى شقيه أرق. وبعض الصدف متحرك في مكانه ، وبعضه غير متحرك. ومن المتحرك جنس سريع الانزجاج حتى أنه ليرتمى من الإناء الذي يجعل فيه إلى مكان بعيد كأنه يطير ، ومنه ما هو ملتصق بالخزف ، ومنه ما هو متبرئ الجسم من الخزف ولجميع ما يخرج (٢) من الصدف ويدخل فيه لحم صلب ، وفي وسطه رأس وقرنان ، ولبعضها (٣) أسنان ، ولبعضها خراطيم بها ترعى كالألسنة ، وربما كان خرطومها (٤) صلبا ثقابا حتى يثقب صدف غيرها (٥). ويكون لكافتها فم وبعده مجرى يؤدى إلى بطنه كالحوصلة ، وتحته عضوان كحلمتين صلبتين ، وتتصل معدته (٦) بمعاء مستو إلى الدبر ، ويوجد في اختلاف أنواعها اختلاف أعضاء أيضا بعد المعاء كزوائد سود وخشن ومجار صفاقية. ولذى النابين أيضا رأس (٧) وقرون وفم ولسان ، لا يستبين ذلك إلا في الكبار ، والعضو الحلمى المذكور. وللذى لا يتحرك منها ثقب في خزفه هو مدفع ثفله.

ومن السراطين جنس يشبه العناكب ، وذكر في التعليم الأول صفات وتشريح لأصناف من هذه الحيوانات أحببنا اختصاره.

والقنفذ البحرى له في باطنه مكان اللحم أجزاء سود ، ومنها جنس يوجد في باطنه شىء كبيض كثير ويؤكل ، ويوجد ذلك البيض في كبيره وصغيره ؛ ومنها جنسان لحميان وجنس عظيم الجثة وجنس صغير (٨) كثير الشوك صلبه لحمى (٩) ، ومنه (١٠) جنس يكون ببلد طروى أبيض الخزف (١١) والشوك ، ويكون أطول جثة من غيره ، وشوكه صغير إلى اللين ، وتكثر فيه الأجزاء السود التي (١٢) بعد فمه. وجميع القنافذ البحرية تبيض ولجميعها رءوس

__________________

(١) مختلفه : مختلف م.

(٢) ما يخرج : ما يجرى سا.

(٣) ولبعضها : ولبعضه ط

(٤) خرطومها : خرطومه ط.

(٥) غيرها : غيره ط.

(٦) معدته : بمعدته م.

(٧) رأس : ناب م.

(٨) صغير : + الجثة وجنس ط

(٩) لحمى : لحميه ط

(١٠) ومنه : منها ط.

(١١) الخزف ... صغير : ساقطة من م.

(١٢) التي : الذي ب ؛ والذي د.

٥٨

وأفواه إلى أسفل ، وأدبار إلى فوق. وله خمس أسنان في العمق فيما بينها (١) كاللحم وكاللسان (٢) ، ثم مرىء ثم معدة مجزأة بخمسة أجزاء مملوءة رطوبة. ويتصل كل جزء بصفاق يؤدى إلى المخرج ، وهو يستعمل شوكه مكان الرجل ، فيتحرك متكئا عليه.

ومن الحيوان الصدفى ما يلتصق بموضعه من الصخر برجلين له ويسمى (٣) باليقى (٤) ويخطف ما يمر به من السمك الصغار وغيره. ومن هذه الأنواع جنس يأكل القنافذ البحرية. وأما الحيوان المسمى مسطوا (٥) لحمه صلب ، ولا يوجد في جسده رطوبة ، وكأنه من جنس الشجر ؛ ومنه صنف (٦) صغيرا الجثة يأكله بعض الناس ، وصنف كبير يصلب لحمه شتاء فيؤكل ، ويضعف في الحر فينفسخ (٧) من كل ماس. وأما الحيوان المحزز الذي جناحه في غلاف كالجعلان ، والذي ليس جناحه في غلاف كالنحل فله رأس وما يليه ، وبطن وتحزيز ، وجميعه يعيش بعد القطع حينا إن لم يكن بارد المزاج جدا ، أو لم (٨) يصبه (٩) في الوقت برد منهك. وربما قطعت النحل (١٠) نحلة (١١) منها بنصفين ، وعاشت بعد ذلك حينا ، وذلك إذا قطع الرأس مع الصدر ، وأما إذا قطع الرأس عن الصدر مات في الحين. والمستطيل (١٢) الجثة (١٣) مثل أربعة وأربعين فإنه إذا (١٤) قطع بنصفين تحرك كل نصف منه ، ويمشى (١٥). ولا يظهر لهذا الصنف من الأعضاء الحساسة إلا العينان ، فهو لجميعها. ولبعضها عضو كاللسان ، ولبعضها عضو به يذوق ويحتلب (١٦) الطعم ، لين أو صلب ، وذلك فيما لا إبرة له (١٧) ولا حمة. والذباب يدمى الجلود بهذا العضو ، وبه يلسع البعوض ويمتص (١٨) الدم. وبعض المحزز (١٩) إبرته غائرة كالنحل ، وبعضه إبرته ظاهرة كالعقرب (٢٠). وللطائر من المحزز جناحان كالذباب ،

__________________

(١) بينها : بينهما د ، سا ، م (٢) وكاللسان : واللسان م.

(٣) ويسمى : فيسمى ط

(٤) باليقى : فالقى سا ؛ فاليقى ط ؛ فاليقى م.

(٥) مسطوا : مسطو سا ، ط ، م.

(٦) صنف (الأولى والثانية) : جنس ط.

(٧) فينفسخ : فينفسه ب ، د ، سا ، م.

(٨) أو لم : ولم ب ، د ، ط

(٩) يصبه : يضرّ به ب ، د ، ط ، م.

(١٠) النحل : النحلة سا ، م

(١١) نحلة : ساقطة من ط. (١٢) والمستطيل : فمستطيل ط

(١٣) الجثة : + منه د ، سا ، ط.

(١٤) فإنه إذا : فإذا ب (١٥) ويمشى : ومشى ب.

(١٦) ويحتلب : ويحلب د ، ط

(١٧) له : فيه ط.

(١٨) ويمتص : ويمص ط

(١٩) المحزز : المحززات سا ، م.

(٢٠) كالعقرب : مثل العقرب د ، سا ، ط.

٥٩

أو أربعة كالنحل. وبعضها يمشى دبيبا ، وبعضها قد ينزو (١) كالجراد ، فتكون رجلاه المؤخرتان أطول من سائر أرجله المتقدمة. ولا يكون خزفيا ، ولا شاكا (٢) ، ولا ذا عظم ؛ يحيط به جلد صلب ، وإن كان جلد بعضه رقيقا (٣) ؛ وما يكتنف صدره إلى الغلظ والصلابة ، كأن فيه خزفية ما. وله بعد الفم معاء منبسط مستقيم ، إنما يلتوى قليله ويؤدى إلى الدبر ؛ ولبعضها معدة. وأما الصّرّار (٤) بالليل ، فليس له فم ، بل عضو طويل كاللسان ، نابت من رأسه ، لا شق (٥) فيه ولا فضلة في أحشائه. وفي وسط جسده (٦) صفاق ظاهر. وفي البحر حيوانات تشكل نسبتها إلى جنس من الأجناس ، فقد عوين حيوان كأنه قطع خشب ، وحيوان كأنه ذكر إنسان وبدل خصيتيه له جناحان ، وحيوانات كأنها أفاع حمر.

__________________

(١) ينزو : [النزو : الوثبان. (لسان العرب)].

(٢) شاكا : شائكا د ، سا.

(٣) رقيقا : دقيقا ط.

(٤) الصرار : الصراصر م.

(٥) لا شق : ولا شوك م

(٦) جسده : جسدها ب ، د ، سا ؛ جلدها م.

٦٠