الشّفاء ـ طبيعيّات

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]

الشّفاء ـ طبيعيّات

المؤلف:

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]


المحقق: الدكتور عبدالحليم منتصر و سعيد زايد و عبدالله إسماعيل
الموضوع : العلوم الطبيعيّة
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٢

ولا صفراوية ولا بلغم ولا بلغمية ، ولا سوداء ولا سوداوية ، بل هي من فضل الدم اتفاقا. وفضل الدم (١) إما دم مطلق ، وإما دم متغير. ومن عادة الدم الذي يتغير في الرحم إلى (٢) أى كيفية كانت أن (٣) يسمى دم طمث. والطبيب الفاضل يعترف بجميع هذه (٤) الأحوال وإن كان (٥) ما يسميه منى المرأة هو من دم الطمث على هذه الصورة.

فهذه الرطوبة التي للنساء يجب أن تسمى دما. وإذا سمى (٦) منيا فهو ضرب من التوسع ، ولندل على مفارقته لدم الطمث الذي لم ينضج هذا النضج ، ولم يستحل هذه الاستحالة. ثم من المعلوم أن هذه الرطوبة أولى من دم الطمث لأن تعين في تكوين الجنين. ولو لا ذلك لما كانت (٧) المرأة تنزلها ، وتحتلم بها ، وتلتذ بسيلانها فيها دون سيلان دم الطمث الصرف. وإذا كانت نافعة في تكوين الجنين لم تخل إما أن تنفع منفعة المادة ، وإما أن تنفع منفعة الحركة (٨) ، إذ لا يرجى لها منفعة أخرى ؛ وإما أن تنفع منفعة الأمرين جميعا ، فتكون فيه قوة مصورة ومادة أيضا ، كما في البذور. لكنه إذا كان في شىء من الأشياء قوة فعالة (٩) تلاقى القوة الانفعالية ، يجب عنها الفعل. فإن كانت ضعيفة ، فيجب عنها (١٠) فعل ضعيف. وإما ألا يجب عنها الفعل البتة ، فهو لأنها ليست قوة البتة. فإذن يجب أن يكون هذا الشىء الذي نسميه الآن منيا باشتراك الاسم ، إذا سال إلى رحم المرأة عند جماع قضت المرأة فيه شهوتها ولم يقض الرجل ، وحصل المنى في معدن التوليد (١١) ـ وهو الرحم ـ أن تكون القوة المصورة تفعل في المادة ما في طبعها أن تفعل كانت قوية ، ففعلا قويا ، وإن كانت ضعيفة ففعلا ضعيفا رديا. ولا نجد ذلك مما يكون البتة ولا يفعل فعلا البتة. والذي لا يفعل فعلا البتة ولا يؤثر تأثيرا البتة ، فليس هو بقوة. فلا يكون إذن فى نطفة الأنثى قوة مولدة ، فإن كانت قوة فلا فعل لها البتة ، وإنما تحتاج إلى شىء آخر ، إذا جاء ذلك الشىء أفادها قوة كاملة تسرى فيه.

__________________

(١) اتفاقا وفضل الدم : ساقطة من د.

(٢) إلى : ساقطة من م

(٣) أن : ساقطة من م.

(٤) هذه : ساقطة من ب ، م.

(٥) كان : يكون ب ، د ، م ؛ يكن سا.

(٦) سمى : سميت ط.

(٧) لما كانت : لكانت م.

(٨) الحركة : المحركة د ، ط ، م ؛ المحرك سا.

(٩) فعالة : + ثم م.

(١٠) عنها : ساقطة من م.

(١١) التوليد : التولد سا ، ط ، م.

١٦١

فلنضع أولا أن في منى المرأة قوة ما ، لكن إنما يصدر الفعل عن ازديادها ، فتكون القوة الفاعلة بالحقيقة هي (١) الجملة الحاصلة عند الزيادة ، ويكون الشىء الموجود لهذه الجملة هو مبدأ هذه القوة ، فيكون منى الرجل هو الذي يفيد القوة التي يصدر عنها الفعل ، وكلامنا في مثل (٢) هذه القوة. ويكون في منى المرأة مثلا شىء هو جزء قوة (٣) ، وهذا بعيد أن يكون ، فإنه إذا لم يصدر فعل لم تكن قوة البتة. فإنا لا نعقل القوة إلا مبدأ التحريك من آخر في آخر بأنه آخر ؛ وإذا لم يكن للشىء في نفسه مبدأ تحريك ، فليس بنفسه قوة ، بل عسى أن تكون في نطفة المرأة قوة التوليد بالقوة ، وإنما تخرج بالفعل (٤) بكأس يكسو (٥). فواضح من هذا أن نطفة المرأة ليست حاملة للقوتين ، فهى إذن حاملة لقوة التصور (٦). ولسنا نمنع أن تكون فيه وفي (٧) منى الرجل (٨) قوة التمدد (٩) والتخطيط (١٠) ، فإنه يحتاج إلى أن تكون فيه تلك القوة ليحسن (١١) موافقتها (١٢) للمادة في أنحاء امتداداتها ليكون الفاعل مع المنفعل. لكنا نقول : إن منى الرجل يتحلل ويتفرق في أجزاء المتكون ، فإن تلك الأجزاء إنما تنمى وتكثر وتعظم بمادة المرأة ، وإن كان في النامى المتكون أجزاء متحللة مداخلة (١٣) من منى الرجل ، فلا يبلغ أن يصير عضوا متصلا ، بل إنما يكون منتشرا في خلل العضو. وإذا (١٤) كان أول انعقاد الجنين من هذين المنيين ، فبالحرى أن تكون المادة الواردة تتشبه بالمنعقد منهما ، حتى تصير غذاء. فيجب إذن أن يكون (١٥) دم الطمث إذا انجذب إلى النطفة العالقة استحال أولا إلى طبيعة النطفة مادة مشتركة ، ثم تتوزع وتكتسب الاختلاف (١٦) بعد ذلك اكتساب المنى نفسه. ولا يكون (١٧) اندفاع دم الطمث إلى الرحم في إقراء كما كان قبل ؛ بل على اتصال ، لجذب الرحم واقتضائه (١٨) وتدبير القوة الأنوثية ، فإنها

__________________

(١) هى : هو ب ، د ، سا ، ط.

(٢) مثل : مثال ط (٣) جزء قوة : جزء وقوة د ، م.

(٤) بالفعل : إلى الفعل ب (٥) يكسو : يكسوه د ، سا.

(٦) التصور : التصوبر د ، سا ، م.

(٧) فيه وفى : فى د ، سا ، ط ، م

(٨) الرجل : الرجال د ، سا ، ط

(٩) التمدد : التمديد ب (١٠) التخطيط : التخطط د ، سا ، م.

(١١) ليحسن : للحس د (١٢) موافقتها : مرافقتها د ، م.

(١٣) مداخلة : متداخلة ط.

(١٤) وإذا : فإذا م. (١٥) المادة الواردة ... إذن أن يكون : ساقطة من م.

(١٦) الاختلاف : الأخلاق ط

(١٧) ولا يكون : ويكون ب ، د ، م.

(١٨) واقتضائه واقتضابه ط ؛ وامتصاصه طا.

١٦٢

إذا صادفت في الرحم علوقا لم يزل ينفذ إليه الدم ويصرف آخر (١) إلى الثدى. كأن القوة التي في المنى والقوة التي في أعضاء الأم تتعاونان (٢) إذ كانت القوة الدافعة إذا لم يقابلها جاذب ومتقاض ، لم تنهض إلى أن تجتمع جملة لا تحتمل ، فدفعت دفعة ؛ فإن جاء جاذب نسب (٣) إليه قليلا قليلا. وكما أن الغذاء يصير دما أولا ومادة مشتركة ، ثم تكتسب الاختلاف بعد ذلك (٤) ؛ كذلك الدم الذي يتكون فيها من الغذاء. فإنها بالحقيقة تستحيل آخر الأمر إلى مشاكلة منى الإناث من حيث تغذو. ولذلك ما يكون المنى من فضل هذا الهضم الرابع ومن (٥) الرطوبة القريبة العهد بالانعقاد ، ولذلك ينقل الشبه ، لأن الذكورى منه (٦) يكون (٧) قد استصحب القوة المصورة فيه قوة غاذية مما (٨) يتصل به من مادة الإناث على النحو الذي كان يغذو به البدن ؛ والأنوثى بإزائه ، وبدل الإعداد (٩) فيها الاستعداد (١٠). ولذلك (١١) فإن المنى المتحلل (١٢) إذا علق وكان قويا ، فأولى (١٣) بالتشبيه ، لأنه (١٤) أقرب انفصالا من الأعضاء ، ولا يكون من الفضل الذي دفعته الطبيعة قديما ، وأعدته للدفق ، وانمحى عن القوة فيها رسم الحركة التي كانت قبل. لكن القوة المصورة المولدة إنما تتم فى الأنثيين ، وهناك يصير هذا الفضل منيا ذكوريا مصورا ، فتكون القوة المصورة إنما تتم (١٥) فيه من الأنثيين (١٦). والقوة الغاذية في منى الذكور (١٧) ربما (١٨) جاءت من قبل الأطراف ، فى صحبة الروح الغاذى الجارى في المنى الذي كان هو السبب في إحالة الدم إلى مقاربة (١٩) التشبيه (٢٠) بالعضو المنفوض عنه (٢١). ولأن ذلك الدم قد استحال إلى مزاج العضو استحالة ما وقبل قواه (٢٢) الغريزية (٢٣) ، وإن لم يتم لقصوره في قوامه.

__________________

(١) آخر : أخيرا ب ؛ أجزاء سا. (٢) تتعاونان : يفارقان د ؛ تتعارفان سا ، ط ؛ تتفارقان م.

(٣) نسب : نسبت ط. (٤) ذلك : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.

(٥) ومن : من م. (٦) مئه : عنه ط

(٧) منه يكون : ساقطة من د

(٨) مما : كما م. (٩) الإعداد : الاستعداد د ، سا ، م.

(١٠) الاستعداد : لاستعداد م

(١١) ولذلك : وكذلك د ، سا ، م ؛ فلذلك ط

(١٢) المتحلل : المتمحل د ، سا ، طا

(١٣) فأولى : أولى د ، سا

(١٤) لأنه : + يكون د ، سا ؛ + يكون المتحلل ط ؛ + يكون المتمحل م.

(١٥) تتم : تمت د ، سا ، ط ، م

(١٦) الأنثيين : أنثيين د

(١٧) الذكور : الذكر د ، سا ، ط ، م

(١٨) ربما : إنما ب.

(١٩) مقاربة : مقارفة سا.

(٢٠) : التشبيه : التشبه سا

(٢١) عنه : ساقطة من ط.

(٢٢) قواه : قوة م

(٢٣) الغريزية : الغريزى د.

١٦٣

ولا ينبغى أن يستنكر اندفاع هذه الفضول إلى البيضة ، فلا يمنع أن تكون (١) البيضة بخاصيتها تجذب من الأعضاء كلها هذا النوع من الفضل ، إما بقهر (٢) وإما بمساعدة الدفع من الأعضاء. كما لا يستنكر من جذب أعضاء أخرى (٣) لفضول أخرى ، أو من جذب الدواء المشروب ، وهو غريب عن البدن ، لفضول كثيرة. وأما في الأنثى فإن المادة أضعف من (٤) أن تستصحب قوة ، بل إنما تستصحب أكثر ما يفعل استعدادا (٥) وخاص (٦) مزاج وقوام إفادته القوة. ولو استصحبت (٧) القوى ، لكان الأمر على ما سلف من (٨) القول هذا ، وأما إذا اندفعت في الأعضاء المادة (٩) إلى الأنثيين بعد أن تصحب (١٠) هناك ، استفادت (١١) القوة المصورة من هناك ، وتكون الغاذية لا محالة تصحب (١٢) المصورة فتكون معها حيث تكون هى ، فيكون هناك تشبه (١٣) جيد ، لأن (١٤) القوة المصورة التي في المنى هي (١٥) أثر من القوة المصورة التي في ذلك الشخص بعينه. فهو يروم مثل ذلك التصوير الذي كان يصوره المبدأ الذي هو فاض منه ، وكأنه (١٦) قد استصحب التأثير من القوة الغاذية من الأطراف أيضا ، فهو بذلك أولى (١٧). ويتمددان معا ، ويتكون منهما الجنين ، لكن أحدهما غناؤه ليس في حجم الأعضاء بأن (١٨) خالط (١٩) في تصويرها (٢٠) والثاني غناؤه في تصويرها ؛ وإن كان (٢١) مقدارهما أنقص من مقدار الكفاية في تكون ما يتكون ؛ فيأتيهما (٢٢) من دم الطمث ما يستحيل إلى طباع المادى منهما ، فيكون له غذاء ، ولا يبعد أن يكون الأقوى منهما يصير مادة للروح ، والأضعف الأنوثى مادة للأعضاء.

__________________

(١) تكون : ساقطة من ط. (٢) بقهر : قهرا د ، سا ؛ قهر م.

(٣) أعضاء أخرى : أجزاء أخر ط.

(٤) من : ساقطة من ب (٥) استعدادا : استعداد د ، سا

(٦) وخاص : خاص د ، سا ؛ أو خاص ط.

(٧) استصحبت : استصحب ب ، ط ، م

(٨) من : منه ط. (٩) المادة : ساقطة من د ، سا ، ط ، م

(١٠) تصحب : يصح م.

(١١) استفادت : واستفادت ط

(١٢) تصحب : فتصحب م.

(١٣) تشبه : تشبيه د ، سا ، ط ، م

(١٤) لأن : ولأن م

(١٥) هى (الثانية) : + إما د ، سا ، م.

(١٦) وكأنه : وكان د ؛ كأنه ط ؛ ولكنه كأنه م.

(١٧) أولى : أيضا سا. (١٨) بان : + وإن د

(١٩) خالط : + بل د ، ط ، م ؛ + بل هو سا

(٢٠) تصويرها : تصورها ط

(٢١) كان : ساقطة من د ، سا ، م.

(٢٢) فيأتيهما : فيما بينهما ب ، ط ؛ فيأتيها م.

١٦٤

الفصل الرابع

(د) فصل (١)

فى كيفية تكون الأعضاء الرئيسة من المنيين

فإذا اجتمع المنى من الرجل والمرأة في الرحم ، استدار على نفسه منحصرا إلى ذاته بفعل القوة التي فيه ، ويتحرك الرحم إلى الاشتمال عليه. وبعضهم يقول : إنه يشتمل عليه قليلا قليلا وينتسج من مادة منى المرأة ما يصله بأطراف الرحم السافلة. وهذا تحكم ، بل يشبه أن تكون حركة الرحم إلى الاشتمال عليه أمرا سريعا ، لكن الاشتمال التام إنما يتم أيضا بحركة المادة إلى جهة الرحم بازدياد نمو يقع فيه ، فحينئذ يستمر به الاشتمال. ومن شأن المنى أن يثخنه الحر فيثخن لذلك ، وبالحرى أن خلق المنى من مادة تثخن بالحر إذ (٢) كان الغرض فيه تكون الحيوان واستحصاف (٣) أجزائه. ويعرض عند الاشتمال احتباس الطمث ، ليغذو الجنين ، وانضمام فم (٤) الرحم للاشتمال ، وجفوف الفرج لشدة النشف ، وغثيان وشهوات (٥) رديئة لاحتباس (٦) الطمث ؛ وهو أولا فاضل على (٧) حاجة غذاء الجنين. ويعرض أيضا تغير (٨) لون العين ولون عروق اللسان إلى الخضرة لذلك ، وألم عند العانة لشدة اجتماع فم الفرج ، ولكنه ألم خفى.

وهذه العوارض ربما (٩) عرضت في أول اشتمال ، وربما تأخرت عشرة أيام ، وفوق ذلك. ويشتد الغثيان عند نبات الشعر على رءوس الأجنة ، فأول ما يتكون هو الصفاق

__________________

(١) فصل : فصل د ب ؛ الفصل الرابع د ، ط.

(٢) إذ : إذا د

(٣) واستحصاف : واستصحاف سا ، ط.

(٤) فم : ساقطة من ب. م.

(٥) وشهوات : وشهوة ب ؛ شهوات م

(٦) لاحتباس : للاحتباس ط

(٧) على : عن م.

(٨) ويعرض أيضا تغير : ويغير ب ، م ؛ ويعرض أيضا د.

(٩) ربما (الأولى) : إنما ط ، م.

١٦٥

المطيف به (١) ، كما يطيف بالبيضة ، ليكون وقاية وماسكا (٢) لأجزاء المنى ، وحافظا إياه عن التشتت ، وحاصرا للحار الغريزى فيه. ثم إن المادة تأخذ في النمو والزيادة ، أما أولا فبما يتولد فيها من جوهر الروح الذي هو مركب من القوى النفسانية ، فإنه يجب أن يكون أول متكون هو الشىء الذي يجتمع فيه أمران : السهولة والحاجة ، وتكون الروح أسهل من تكون العضو ، والحاجة إلى نمو الروح لانبعاث القوة واشتدادها أمس من الحاجة إلى (٣) تكون الأعضاء ؛ أعنى التامة ؛ ولأن أصل هذا (٤) الروح هو عما (٥) انقذف (٦) فى (٧) المنى إلى الرحم مخالطا (٨) له ، فلا يخلو إما أن يكون المنى كله كالمكان الأول له ، أو يكون هناك مجمع خاص عنه يتفرق. ويستحيل أن تكون الطبيعة تهمل أمر هذا (٩) الروح حتى تجعله (١٠) ينمو حيث اتفق وكيف اتفق (١١) ، ويتحرك من حيث اتفق ؛ بل يجب أول شىء أن يتميز الجوهر الروحى وينفرد ويجتمع ، وأن يتميز الجوهر (١٢) الآخر الذي يريد الروح أن ينفذ فيه ويمده (١٣) ويثقبه ، وأن يكون للروح مبدأ عنه ، يتحرك إلى جهات شتى ، فيكون ذلك المبدأ هو الجزء (١٤) من المنى الذي إذا استحكم مضغة كان قلبا. فيجب إذن (١٥) أن يكون أول وعاء يتكون هو وعاء الروح ، ويكون في أول الخلقة غير محسوس ، وإذا كان الروح بعد ذلك يثقب الثقب على ما يعترف به الأطباء من قولهم : إن الريح تنفذ وتخلق ثقبا أمام فوهات العروق ، فتكون تلك المنافذ أيضا هي التي إذا تخلقت (١٦) محسوسة كانت عروقا ، ويكون فاعلها حركة هذه الروح من مبدأ (١٧) ، فيكون لا محالة المبدأ لها هو القلب.

وبالجملة فإنه لا بد من أن تنحصر القوة المصورة ، حيث ينحصر فيه الروح ، الذي

__________________

(١) به : ساقطة من سا

(٢) وماسكا : وممسكا ط ، م.

(٣) إلى : التي م

(٤) هذا : هذه ط ، م

(٥) عما : مما د ، سا ، ط

(٦) انقذف : انفذ م.

(٧) فى : من د ، سا ، ط

(٨) مخالطا : محافظا د.

(٩) هذا : هذه ط ، م.

(١٠) تجعله : جعله د

(١١) حيث اتفق وكيف اتفق : حيث اتفق د ، سا ؛ من حيث اتفق ط ؛ من حيث كان اتفق م.

(١٢) الروحى ... الجوهر : ساقطة من م.

(١٣) ويمده : ويمدده د ، سا.

(١٤) الجزء : الجوهر ط

(١٥) إذن : ساقطة من ط.

(١٦) تخلقت : خلقت ط ، م.

(١٧) مبدأ : مبدئه د ، سا ، ط.

١٦٦

إنما يحسن تفرقه بعد اجتماعه عن تفرقه حتى يكون على حساب ، وليس هملا. ولأن الروح شبيه بالريح يعرض أن يكون أول ما يظهر في النطفة انتفاخ ما زبدى ، ينمو به (١). ثم إن ذلك الجوهر الروحى الذي قد قوى فيه وكثر واغتذى من جوهره ، يحدث فيه الثقب المحتاج إليها ، لا على ما يظن الأطباء ومن (٢) يجرى مجراهم ، أن النطفة لما كانت رطوبة ، وكل رطوبة يفعل فيها الحار ، فإنها لا تخلو عن ريح تحدث فيه (٣) ، فإن الريح تطلب المخلص ، وأنه يرتقى إلى فوق ، وأنه ينفذ ، وأنه يثقب من فوق ، وأنه يذر ثقبا فوقانية في ظاهر النطفة (٤) يصلح لأن يصل منها بعينها الى باطن النطفة نسيم صالح ، فإنه ليس الأمر كذلك. وليس ذلك المتولد ريحا فضليا ، بل هو أمر مقصود من الطبيعة ، ومطلوب حصره لا تصعيده ، ومحرك على الجهة المطلوبة للنفس لا على الجهة التي توجبها (٥) الطبيعة الريحية (٦). ولو لا أن موضع اتصال السرة بالرحم من فوق أوفق ، لكانت (٧) حركته تكون إلى جهة أخرى حيث (٨) تحركه النفس ، لا حيث تقتضيه حركته التي له (٩) بالطبع. وهذه أشياء (١٠) قد (١١) حققناها في فنون لنا (١٢) أخرى. فإذا تكون هذا (١٣) الريح الروحى ، بسط النطفة في أقطاره ، وأحدث في الغشاء ثقبة موازية لثقب العروق التي في الرحم التي تنفتح (١٤) عند الحيض ، وتجعل لجميعها مجارى في الغشاء المذكور (١٥) يؤدى إلى مجرى واحد نافذ إلى عمق النطفة ، يكون ذلك المجرى مؤديا إلى باطنه للدم (١٦) والنفس. أما الدم ففى عرقين أو عرق واحد ، وأما النفس ففى عرقين. وإذا تخلقت هذه المجارى ، امتصت النطفة حينئذ الغذاء من فوهات تلك العروق ، فنفذ (١٧) في الصفاق دم يستحيل عن قريب إلى مشاكلة جوهر المنى ، وحدثت خطوط لها مباد دموية لأن الدم يمر فيها وهو دم ،

__________________

(١) به : ساقطة من ب.

(٢) ومن : وما د ؛ من سا.

(٣) فيه : فيها ط.

(٤) النطفة : ساقطة من ب.

(٥) توجبها : توجبه د ، سا ، ط ، م.

(٦) الريحية : الروحية د ، م ؛ ساقطة من سا

(٧) لكانت : لكان ب ، د ، سا.

(٨) حيث (الأولى) : بحيث م

(٩) له : ساقطة من ط ، م.

(١٠) أشياء : الأشياء ط ، م

(١١) إلى ...... قد : ساقطة من سا.

(١٢) لنا : لها د

(١٣) هذا : هذه ب ، ط ، م.

(١٤) تنفتح : تفتتح ط

(١٥) المذكور : المذكورة ط ، م.

(١٦) للدم : الدم سا.

(١٧) فنفذ : فينفذ ط.

١٦٧

وأوساط (١) صديدية لأنها تستحيل هناك إلى طبيعة المنى ، ونقطة (٢) أولى هي القلب (٣). ولا ترى (٤) أواخرها (٥) ، إذ المادة تكون قد استحالت هناك ؛ وليس (٦) لذلك مدة واحدة فى جميع الأجنة.

ثم إن الدموية تزداد في النطفة وتفشو (٧) فيها ، حتى تصير علقة ، ويكون مبدأ ذلك من (٨) داخل. وتزداد الثخونة (٩) والانعقاد حتى تتم مضغة في مدد مختلفة. وإذا تمت اللحمية والانعقاد وغلظت ، كان الاغتذاء كله من السرة. وبعد ذلك فإن الغليظ من الدم يتجه إلى مبدأ ، واللطيف منه يتجه (١٠) إلى مبدأ من مسلك حاله تلك الحال. فيكون المبدأ الذي يصير إليه اللطيف حارا جدا. واللطيف يغذو الشىء المميز ، لأن يكون قلبا ، وهو الذي كان خزانة لاجتماع الروح كله إلى مبدأ. والغليظ تستعمله القوة المصورة ، التي انحصرت لا محالة إلى حيث انحصر إليه الروح ، إذ كان الروح هو مركب القوى النفسانية. والنفس واحدة (١١) ، فيكون منها الكبد كأنه فضلة غذاء للقلب ، فيكون مبدأ تكون الكبد. أما الفاعلى (١٢) فالقلب بقوته ، وأما المادى فالجزء الأثقل من المنى مع الدم الأغلظ ، وأما الدماغ فإنه لا محالة يتوجه إليه روح (١٣) وينحصر فيه أيضا ويتخلق أيضا جوهره ، وليس يحتاج تخلقه إلى أن يأتيه دم بالحقيقة دموى ، بل دم رطب كأنه بلغمى ، فحينئذ يتخلق بالتمام.

ولما لم يكن جائزا أن يتكون الدماغ أين اتفق وكيف اتفق ، والكبد أين (١٤) اتفق وكيف اتفق (١٥) ، والقلب كذلك ، فخلق جميع ذلك على ما ينبغى بحركة الروح فيه وتفتيحه الوعاء المطلوب له (١٦). ولم يكن الروح النفسانى والطبيعى والحيوانى (١٧) متفرقا في المنى ، بل

__________________

(١) وأوساط : اوساط سا

(٢) ونقطة : من نطفة د

(٣) ونقطة ... القلب : ساقطة من سا.

(٤) ولا ترى : ولا يزلق د ، ط ؛ ولم ير سا

(٥) أواخرها : آخرها د

(٦) وليس : ليس ط.

(٧) وتفشو : وتنشو ب ؛ وتغشو ط ؛ وتنمو م.

(٨) من : + ذلك م

(٩) الثخونة : الشحونة ط.

(١٠) يتجه : ساقطة من ط.

(١١) واحدة : واحد د ، م.

(١٢) الفاعلى : الفاعل د ، سا ، م.

(١٣) روح : بروح م.

(١٤) أين الثانية : أن م.

(١٥) والكبد أين اتفق وكيف اتفق : ساقطة من سا.

(١٦) له : ساقطة من سا

(١٧) والحيوانى : الحيوانى م ؛ + منه ط.

١٦٨

المنى متخصص (١) متشابه الأجزاء. وليس حركة تفاريق الأرواح في جسم متشابه إلى نقطة واحدة بعينها أولى منها إلى نقطة أخرى ، حتى يمكن أن يقال إن الأرواح بأنفسها تتحرك ؛ أما الروحانية فإلى حيز ، وأما الطبيعية فإلى حيز ، وأما النفسانية فإلى حيز ؛ ولا القوة المصورة تحركها (٢) إلى أحياز لم يميز بعضها من (٣) بعض ، ولا تحركها إلى أحياز وليس لها تميز إلا بفعل هذه ، أو (٤) القوى (٥) التي في الروح. فإن (٦) القوة إنما تفعل فعلا أوليا في الروح ، بعد اجتماعها ، بأن تحركه إلى جهات ؛ وتفعل فعلا ثانيا في الأعضاء بتوسط الروح ، بأن تحرك الروح إليها. فإن هذا أولى ما تتميز به الجهات في الحجم الجسمانى. فالتمييز الذي يحصل من القوة ، لا يحصل إلا بفعل. فيكون هذا التمييز ليس قبل حركة الروح عن المبدأ الأولى (٧) ، بل بعد حركة الروح عنه ؛ وكلامنا في التمييز (٨) الذي قبل حركة الروح حتى تتحرك إليه الروح. فينبغى إذن أن يكون الروح كله يتحرك أول حركته إلى ما يميز لا بتمييز (٩) الروح إياه من الجهات. والجهة الحاصلة في الكرة (١٠) ، لا من قبل فعل شىء فيها (١١) بعد كريتها ، هى (١٢) القعر والظاهر ، أعنى (١٣) الوسط والمحيط ، وقد علمت أن المحيط مضيعة ومفرقة للقوة ومعسرة (١٤) لها في النفوذ في استعمال المادة ، فيجب أن تكون أول حركة الروح إلى الاجتماع المستعد للتمييز الثاني الواقع بحساب هو إلى القعر وإلى الوسط بالحقيقة من الكرة ، فيكون أول شىء هناك مجمعه (١٥) ومعدنه ، ثم يتميز له فوق ويمين ويسار وغير ذلك ، فيتفرق (١٦) إليه ، فتتحرك (١٧) قوة الحس فيه (١٨) إلى جهة فوق ، لما سنذكر من المنفعة. لكنه يكون مماسا للمبدإ حركة واحدة ، وتتحرك قوة الغذاء إلى جهة أخرى ومماسة (١٩) له. وأقوى جانبى (٢٠) عرض الحيوان اليمين ، فيجب أن يتكون فيه

__________________

(١) متخصص : مخضخض ط.

(٢) تحركها : بحركتها م (٣) من : عن سا.

(٤) أو : ساقطة من د ، سا ، ط (٥) القوى : القوة د ، سا ، ط ، م

(٦) فإن : وإن د ، سا.

(٧) الأولى : المذكور د ، سا ؛ ساقطة من ط ، م

(٨) التمييز : التميز د ، ط.

(٩) لا بتمييز : لا بتميز ط

(١٠) الكرة : الكثرة م. (١١) فيها : منها د ، سا ، ط ، م.

(١٢) هى : ساقطة من د ، سا ، ط ، م

(١٣) أعنى : أغنى عن م.

(١٤) ومعسرة : ومغيرة ط ؛ وبعيدة م.

(١٥) مجمعه : مجتمعه م.

(١٦) فيتفرق : فيتفوق د ؛ فتفرق سا ، ط

(١٧) فتتحرك : ويتحرك سا ؛ فتحرك ط ؛ فيكون م

(١٨) فيه : منه د ، سا ، ط ، م.

(١٩) ومماسة : مماسة ط ، م (٢٠) جانبى عرض الحيوان اليمين : جانبى الحيوان عرضا اليمين م.

١٦٩

العضو الذي لا صواب في إصعاده إلى فوق ، ولا إلى أسفل ، لما تعرفه بعد. فيعرض من ذلك أن يصير للأجزاء اختلاف ، وذلك بعد أن يحصل للمادة غور وظاهر يفترق به استحقاق جهات الحركات ، كما في العالم الأكبر. فتتميز حينئذ الأرواح ، وتخلق لها أوعية تجتمع فيها مثل النفاخات ، ويستعمل (١) كل وعاء بما يغتذى.

وقد وجد القلب والكبد والدماغ في أول (٢) الخلقة مماسة (٣) بعضها لبعض ؛ ووجد (٤) الكبد في أول الأمر أكبرها ، إذ كان مكان تمييز (٥) الدم الذي الحاجة إلى كثرته شديدة. وأما الروح فالحاجة إلى قوته شديدة. وأصغرها في أول الأمر الدماغ ، لأنه للحس والحركة ، ولا وقت له بعد ، ثم يعظم الرأس جدا لكثرة ما يحتاج إلى أن ينبت منه بعد تقومه (٦) وغلظه. فلا يلتفت إلى ما يقال إن الشىء خرج من ذى (٧) إلى ذاك (٨) ومن (٩) ذاك (١٠) إلى هذا ، فإنها إنما خلقت هذه الأعضاء في أول الأمر متماسة (١١) ـ أعنى التجاويف ـ ليكون (١٢) فيها الروح ، إذ هي أولا ثقب ، وإنما تتكون تلك الثقب من حركة الروح. ومجمع (١٣) الروح واحد ، ويتوجه من ذلك المبدأ إلى كل واحد من (١٤) المبدأين الآخرين روحان (١٥) ، أو يتوجه (١٦) إلى مبدأ روح ، وإلى آخر روحان ، ويتفرق (١٧) فيتوجه (١٨) إلى هذا روح وإلى ذاك (١٩) آخر (٢٠). وهذان (٢١) الروحان موجودان في المنى ، ليس إنما فيه روح حيوانى فقط أو طبيعى فقط ، فإنه ينصب فيه روح من الدماغ ومن الكبد ومن القلب ؛ فلا يحتاج إلى أن يأتى من العضو القلبى روح حيوانى ثم يستحيل مثلا في الوعاء الذي هو الكبد طبيعيا ،

__________________

(١) ويستعمل : ويستحكم سا ، ط.

(٢) أول : ساقطة من د ، سا

(٣) مماسة : مماسا د ، سا ، ط ، م

(٤) ووجد : + فى سا. (٥) تمييز : تميز د ، سا ، ط ، م.

(٦) تقومه : تقويه د ، سا ؛ قوته ط ، م

(٧) ذى : ذا د ، ط ، م (٨) ذاك : ذلك د ، سا ، ط ، م

(٩) ومن : أو من د ، سا ، ط ، م.

(١٠) ذاك : ذلك د ، سا ، ط ، م

(١١) منماسه : + وهذه د ، سا ، ط.

(١٢) ليكون : يكون د ، سا ، ط ، م.

(١٣) ومجمع : ويجمع د

(١٤) كل واحد من : ساقطة من سا.

(١٥) ويتوجه ...... روحان : ساقطة من د

(١٦) أو يتوجه : ويتوجه د ، م

(١٧) ويتفرق : أو يتفرق د ، سا ، ط

(١٨) فيتوجه : ويتوجه ط ، م

(١٩) ذاك : ذلك د ، سا ، ط.

(٢٠) آخر : أخرى ب ، د ، سا ؛ روح آخر ط.

(٢١) وهذان : فهذان ب.

١٧٠

ثم يأتى القلب طبيعيا ، بل إنما يتجه إلى الكبد الروح وهو طبيعى ومصور وغاذ وقد (١) بقى منه في القلب كفاية للقلب. فإنه لو لا روح مصور يتجه إلى الكبد عن المبدأ المذكور لما تصور (٢) الكبد. وإذا كان كذلك ، جاز أن تميز القوة المصورة روحا عن روح في المبدأ الأول ، ويرسل كل واحد في ثقبة خاصة ، فيعمل كل واحد منهما ثقبا خاصة ومجارى خاصة ، إذا استحكمت تميزت عروقا وشرايين. وكذلك الحال فى الروحين اللذين للدماغ. فما دامت هذه الأوعية متماسة ، يحب أن تكون المنافذ ثقبا فقط ، ليست (٣) في أوعية ، كالأنابيب. ثم إذا أخذت تتبرأ ، لم يبعد أن يكون الأنبوب أو الوعاء الذي يمتدان فيه ، إحدى الثقبتين ، يأخذ مادته من القلب ؛ وأما الآخر فيأخذ مادته من العضو الآخر. كأن منفذ الروح الحيوانى من القلب إلى الدماغ ؛ إذا أخذ ينفذ (٤) أحدهما من الآخر إنما (٥) يتكون من القلب ، والمنفذ الآخر الذي للروح الحساس المحرك النافذ من القلب إلى الدماغ انما يتكون من الدماغ بعد أن وجد القلب والدماغ متميزى الجوهر قبل حصول هذين العضوين الواصلين (٦). فيجوز أن يحدث (٧) كل واحد منهما من كل واحد منهما (٨) ، وليس من أحد الأقسام مانع.

وأما المنفذ الأول فالثقب الذي نفذ فيه الروح ، فهو من المبدأ لا محالة. وليس ببعيد ، كما قلنا فيما سلف ، أن تكون القوة تنبعث من عضو ، والآلة الحاملة (٩) تأتى من العضو الآخر القابل له. وليس أيضا ذلك بواجب ، ولا ما أخذوه من التشريح يوجبه ؛ وقد سلف الكلام فيه. فإذا تكونت هذه الأعضاء ، تبعتها الأعضاء الأخرى ، ونزل من الدماغ النخاع في الفقار ، وانتسجت (١٠) العروق والأعصاب ، وتميزت (١١) مواد العظام على ما ينبغى ، وتميزت الأطراف ، وتمت الخلقة في مدة.

__________________

(١) وقد : قد سا ، ط ، م.

(٢) تصور : + ذلك م.

(٣) ليست : ليس ط.

(٤) ينفذ : يبعد ب ، د ، سا

(٥) إنما : ساقطة من د ، سا.

(٦) الواصلين : الحاصلين سا.

(٧) يحدث : يجذب ط ، م

(٨) من كل واحد منهما : ساقطة من د.

(٩) والآلة الحاملة : والحاملة د ؛ والآلة الحاصلة م.

(١٠) وانتسجت : وانفتحت م

(١١) وتميزت : وميزت سا.

١٧١

الفصل الخامس

(ه) فصل (١)

فى تفصيل استحالات (٢) مادة الجنين إلى أن يتم

فأول الأحوال زبدية (٣) المنى ، وهو من فعل القوة المصورة. والحال الأخرى ظهور النقطة (٤) الدموية في الصفاق ، وامتدادها في الصفاق امتدادا ما. وثالث الأحوال استحالة المنى إلى العلقة ، وبعدها استحالته (٥) إلى المضغة ، وبعدها (٦) استحالته إلى تكون القلب والأعضاء الأولى وأوعيتها ، وبعدها تكون الأطراف. ولكل (٧) استحالة أو استحالتين معا مدة موقوف عليها. وليس ذلك مما لا يختلف ، ومع ذلك فإنها تختلف في الذكران والإناث. وهي في الإناث أبطأ. ولأهل التجربة والامتحان في ذلك آراء (٨) ليس بينها (٩) بالحقيقة خلاف ، فإن كل واحد منهم إنما حكم بما صادف الأمر عليه بحسب (١٠) امتحانه (١١) وليس (١٢) يمتنع (١٣) أن يكون الذي امتحنه (١٤) الآخر واقعا على ما يخالفه. ومع ذلك فإن في جميع ذلك ما هو أكثرى لا محالة. والأكثرى (١٥) فيمن تولد في الأكثر. أما مدة الرغوة فستة (١٦) أيام ، وابتداء الخطوط الحمر (١٧) والنقط (١٨) بعد ثلاثة أيام أخرى. يكون ذلك تسعة أيام من (١٩) الابتداء ، وقد تتقدم يوما أو تتأخر (٢٠) يوما. ثم بعد ستة أيام أخرى ، وهو الخامس عشر من العلوق ، تنفذ الدموية

__________________

(١) فصل : فصل ه ب ؛ الفصل الخامس د ، ط.

(٢) استحالات : استحالة سا.

(٣) زبدية : زبذبة سا.

(٤) النقطة : ساقطة من ساقطة من سا.

(٥) استحالته إلى (الأولى) : استحالة م.

(٦) وبعدها (الثانية) : وبعدهما ط.

(٧) ولكل : فلكل ط ، م. (٨) آراء : أن م

(٩) بينها : بينهما م. (١٠) بحسب : ساقطة من م

(١١) امتحانه : + ومع م

(١٢) وليس : ليس م (١٣) يمتنع : بممتنع ط.

(١٤) امتحنه : امتحنها د ، سا ، ط.

(١٥) والأكثرى.

فالأكثرى د ، سا

(١٦) فستة : بستة د ، سا

(١٧) الخطوط الحمر : الخطوط الحمرة ط ؛ خطوط الحمرة م.

(١٨) والنقطة : والنقطة ط

(١٩) من : فى م.

(٢٠) أو تتأخر : وتتأخر م.

١٧٢

فى الجميع ، فتصير علقة. وربما تقدم يوما أو يومين أو تتأخر (١) يومين ، وبعد ذلك باثني عشر يوما يصير لحما. وقد تميزت قطع لحم ، وتميزت (٢) الأعضاء الثلاثة فامتدت (٣) رطوبة النخاع ، وربما تأخر أو تقدم (٤) يومين أو ثلاثا (٥). ثم بعد تسعة أيام ينفصل الرأس عن المنكبين ، والأطراف عن الضلوع والبطن ، تميزا (٦) يحس في بعضهم ويخفى في بعضهم ، حتى يحس (٧) بعد ذلك بأربعة أيام ، تكملة الأربعين. ويتأخر في النادر إلى خمسة وأربعين يوما. والأقل (٨) في ذلك ثلاثون (٩) يوما.

وذكر (١٠) في التعليم الأول أن السقط بعد الأربعين إذا شق عنه السلاء (١١) ، ووضع فى الماء البارد ، ظهر (١٢) شيئا صغيرا متميز الأطراف. والذكر أسرع في ذلك كله من الأنثى ويشبه أن يكون أقل مدة تصور الذّكران (١٣) ثلاثون يوما.

وأما تحديد حال الذكر والأنثى في تفاصيل المدد ، فأمر تحكم به طائفة من الأطباء بالتهور والمجازفة ، وأول ما يجد المنى متنفسا يتنفس ، وأول ما تعمل المصورة إنما يعمل مجمع الحار الغريزى ، ثم المخارج والمنافذ ، ثم بعد ذلك تأخذ الغازية في العمل. وعند بعضهم أن الجنين قد يتنفس من الفم ، بل يتنفس به أكثر التنفس إذا أدرك في الرحم ؛ وليس عليه دليل. وعند بعضهم أن الجنين إذا أتى على تصوره ضعف ما تصور (١٤) فيه ، تحرك ؛ وإذا أتى على تحركه ضعف ما تحرك فيه ، ولد. واللبن يحدث مع تحرك الجنين. وقد قيل : إن الزمان الوسط العدل خمسة وثلاثون يوما ، فيتحرك في سبعين يوما ، ويولد فى مائتين وعشرة أيام ، وذلك سبعة أشهر. وإذا كان الأكبر فخمسة (١٥) وأربعون يوما فيتحرك في تسعين يوما ، ويولد في مائتين وسبعين (١٦) يوما ، وذلك لتسعة أشهر ؛ وهذا شىء لا يثبت فيه المحصل حكما.

__________________

(١) تتأخر : تأخر د ، م.

(٢) وتميزت : وتميز ط

(٣) فامتدت : وامتدت د ، سا ، ط ، م.

(٤) أو تقدم : وتقدم ط

(٥) أو ثلاثا : وثلاثا ب ، د ، سا ، ط.

(٦) تميزا : تمييزا م.

(٧) يحس : حس ط.

(٨) والأقل : فالأقل ط ؛ فالأول م

(٩) ثلاثون : ثلاثين ب ، د ، سا.

(١٠) وذكر : + ذلك ط ، م

(١١) السلاء : السلى سا.

(١٢) ظهر : وظهر ط.

(١٣) الذكران : الذكر ط.

(١٤) ما تصور : ما يتصور ط ، م.

(١٥) فخمسة : لخمسة د ، سا ، م ؛ بخمسة ط.

(١٦) وسبعين : وتسعين سا.

١٧٣

واعلم أن دم الطمث ينقسم ثلاثة أقسام : قسم ينصرف في الغذاء ، وقسم يصعد إلى الثدى ، وقسم هو فضل يتوقف إلى وقت النفاس (١) فينتفض (٢). والجنين تحيط به أغشية ثلاثة : المشيمة وهو الغشاء المحيط ، وفيه تنتسج العروق المتأدية ضواربها إلى عرقين وسواكنها إلى عرق (٣). والثاني يسمى بلاين (٤) ، وهو اللفائفى ، وينصب إليه بول الجنين. والثالث يقال له أنيس (٥) وهو مغيض العرق. فأقرب الأغشية منه الغشاء الثالث ، وهو أرقها ليكون مجمع (٦) الرطوبة الراشحة من الجنين (٧). وفي جمع (٨) تلك الرطوبة فائدة في إقلاله ، كى لا يثقل على نفسه وعلى الرحم ، وفي تبعيد ما بين بشرته (٩) والرحم. فإن الغشاء الصلب يؤلمه بمماسته (١٠) ، كما يؤلم المماسات ما كان من الجلد قريب العهد من النبات على القروح ولم يستوكع بعد ، وأما الغشاء الذي يلى هذا إلى خارج فهو اللفائفى لأنه يشبه اللفائف ، وينفذ إليه (١١) من السرة مصب للبول (١٢) ، ليس من الإحليل ، لأن مجرى الإحليل ضيق وتحيط به عضلة موكلة تطلق بالإرادة وإلى آخره تعاريج ، وأما هذا فهو واسع مستقيم المأخذ. وجعل للبول مغيض (١٣) خاص (١٤) ، لأنه لو لا في البدن لم يحتمله البدن (١٥) لحرافته وجدته ، وذلك ظاهر فيه. والفرق بينه وبين رطوبة العرق فى الرائحه وحمرة اللون بيّن. ولو لاقى أيضا المشيمة لكان ربما أفسد (١٦) ما تحتوى عليه العروق. والمشيمة هي (١٧) ذات صفاقين رقيقين ، تنتسج فيما بينهما العروق. ويتأدى كل جنس منها إلى عرقين أعنى الشرايين والأوردة ، فأما (١٨) عرقا (١٩) الأوردة فإذا دخلا استقصرا (٢٠) المسافة إلى الكبد (٢١) فتأحّدا عرقا واحدا ، ليكون أسلم ، ونفذا (٢٢) إلى تحديب الكبد لئلا يزاحما (٢٣)

__________________

(١) النفاس : النفوس م (٢) فينفض : فينفض ط.

(٣) عرق : عرقين : ب

(٤) بلاين : بلاس ب ، م.

(٥) أنيس : أنفس ب ؛ أبيس ط.

(٦) مجمع : مجتمع ط (٧) الجنين : الجميع ط

(٨) جمع : جميع د ، سا ، ط ، م.

(٩) بشرته : سرته م.

(١٠) يؤلمه بمماسته : مؤلمة بمماسة ط.

(١١) إليه : إلى هذا د ، سا ، ط ، م

(١٢) للبول : البول ب. (١٣) مغيض : مغيط م

(١٤) خاص : + به ط ، م.

(١٥) يحتمله البدن : يحتمله ب ؛ يحتمل البدن م.

(١٦) أفسد : + على م. (١٧) هى : وهي ط.

(١٨) فأما : وأما ط ، م

(١٩) عرقا : عرق (٢٠) استقصرا : استقصر د ، ط ، م.

(٢١) الكبد : كبد ط (٢٢) ونفذا : ونفذ ب ، د ، ط ، م

(٢٣) يزاحما : يزاحمها ب ، ط.

١٧٤

مفرغة المرارة من تقعيرها (١). وبالحقيقة فإن هذا العرق إنما ينبت من الكبد ، ويتجه إلى السرة ، إلى (٢) المشيمة ، ويتفرق هناك ، فيصير عرقين ، ويخرج ويتحرك فى المشيمة إلى فوهات العروق التي في الرحم. على أنا (٣) كثيرا ما نتوسع في هذه الأبواب ونبنى الكلام على مذهب (٤) الأطباء بعد أن يكون المعتمد الأصل الذي أعطينا المتعلمين.

وهذه العروق يعرض لها شيئان : أحدهما أنها عند فوهات التلاقى أدق ، فكأنها أطراف الفروع ؛ وأيضا فإنها أولا تحمر من هناك ، فيظن أنها (٥) تنبت من هناك ، لكنها إنما تحمر هناك لأنها تأخذ الدم من هناك. فإن اعتبرت سعة الثقب أوهم أن الأصل من الكبد ، وإن اعتبرت الاستحالة إلى الدموية أوهم أن الأصل من المشيمة. لكن الاعتبار (٦) الأولى هو اعتبار الثقب والمنافذ. وأما الاستحالات فهى كمالات للسطوح المحيطة بالثقب ، ولذلك (٧) فإن الشرايين تجتمع (٨) إلى شريانين (٩) إن أخذت الابتداء من المشيمة وجدتهما ينفذان من السرة إلى الشريان الكبير الذي على الصلب متوكئين على المثانة ، فإنها أقرب الأعضاء التي يمكن أن يستند إليه هناك مشدودين بها بأغشية للسلامة ، ثم ينفذان في الشريان الدائم الذي لا ينفسخ في الحيوان إلى آخر حياته ؛ فهذا هو ظاهر قول الأطباء. وأما في الحقيقة فهما شعبتان منبتهما الحقيقى من الشريان ، وعلى القياس المذكور. ويقول الأطباء : إنهما لم يصلح لهما أن يتحدا ويمتدا إلى القلب لطول المسافة واستقبال الحواجز ، ولما قرب مسافتهما من المتصل به لم يحتاجا إلى الاتحاد. ويذكرون أن الشريان والوريد النافذين من القلب إلى الرئة لما كان لا ينتفع بهما في ذلك الوقت في التنفس منفعة عظيمة ، صرف نفعهما (١٠) إلى الغذاء ، فجعل لأحدهما إلى الآخر منفذ ينسد عند الولاد (١١). وإن الرئة إنما تكون حمراء في الأجنة ، لأنها لا تتنفس هناك ، بل تغتذى بدم أحمر لطيف وإنما يبيضها مخالطة الهوائية.

__________________

(١) تقعيرها : تقعرها د.

(٢) إلى (الثانية) : من ب.

(٣) أنا : أن ط.

(٤) مذهب : مذاهب د ، سا.

(٥) أنها : أنهما م ؛ ساقطة من ط.

(٦) اعتبار : ساقطة من م.

(٧) ولذلك : وكذلك د ، سا ، ط

(٨) تجتمع : مجتمع ط

(٩) شريانين : شرايين م.

(١٠) نفعهما : نفعها د ، سا.

(١١) الولاد : الولادة ط.

١٧٥

ويقول الأطباء إن الغشاء اللفائفى خلق من منى (١) الأنثى ، وهو قليل ، وأقل من من منى الرجل ، فلم يمكن أن يكون واسعا ، فجعل طويلا ليصل الجنين بأسافل الرحم ، وضاق عن الرطوبات كلها فلم يكن بد من أن يفرد (٢) للعرق مصب أوسع ؛ وهذا من متكلفاتهم. والجنين إذا سبق إلى قلبه مزاج ذكورى ، فاض في جميع الأعضاء. وهو بالذكورة (٣) ينزع إلى أبيه. وربما كان سبب ذكورته غير مزاج أبيه ، بل حال من (٤) الرحم أو مزاج (٥) عرض (٦) للمنى خاصة. فلذلك لا يجب إذا أشبه الأب في أنه ذكر أن يشبهه فى سائر الأعضاء ، بل ربما يشبه الأم. والشبه الشخصى يتبع الشكل ؛ والذكورة لا تتبع الشكل ، بل المزاج. وربما يعرض للقلب وحده مزاج كمزاج الأب ، يفيض فى الأعضاء. وأما من جهة الاستعداد الشكلى فيكون القبول من المادة في الأطراف مائلا إلى شكل الأم ، وربما قدرت المصورة على أن تقلب (٧) شكل (٨) المنى وتشكله من جهة التخطيط بشكل الأب ، لكن تعجز من جهة المزاج أن تجعله مثله في المزاج. والسبب في التوأم كثرة المنى حتى (٩) يفيض إلى بطن (١٠) الرحم فيضا يملأ كلا على حدة. وربما اتفق لاختلاف (١١) الذرقتين إذا وافى ذلك اختلاف حركة من الرحم في الجذب ؛ فان الرحم عند الجذب يعرض لها حركات متتابعة ، كمن يلتقم لقمة بعد لقمة ، وكما تتنفس السمكة نفسا بعد نفس ، لأنه أيضا يدفع (١٢) منيه (١٣) إلى باطن الرحم دفعات ، كل دفعة تكون مع (١٤) جذبة للمنى من خارج طلبا من الرحم للجمع بين المنيين. وذلك شىء يخسه المتفقد (١٥) من المتجامعين ، ويعترفن هن أيضا أنفسهن. وتلك الدفعات والجذبات الأفراد لا تكون صرفة ، بل اختلاجية ، كأن كل واحدة (١٦) منها (١٧) مركبة من حركات ؛ لكنها لا تتم إلا عند عدة اختلاجات ، بل يحس بعد كل جملة اختلاجات سكون ما ، ثم يعود

__________________

(١) منى : المنى د.

(٢) يفرد : يعرف د ؛ ينفرد ط.

(٣) بالذكورة : الذكورة م

(٤) من : ساقطة من ب.

(٥) أو مزاج : ومزاج ب

(٦) عرض : عرضى د ، سا ، م.

(٧) تقلب : ينقلب د

(٨) شكل (الثانية) : ساقطة من ب.

(٩) حتى : حين د ، م

(١٠) بطن : بطنى ب.

(١١) لاختلاف : + مدفع ب ، سا ، ط ، م.

(١٢) يدفع : يندفع سا (١٣) منيه : منه ط.

(١٤) مع : مثل ط (١٥) المتفقد : المنعقد د.

(١٦) واحدة : واحد د ، سا (١٧) منها : منهما د ، م ؛ ساقطة من سا.

١٧٦

فى مثل السكون الذي بين ذرقات القضيب للمنى. وتكون كل مرة ثانية أضعف قوة وأقل عدد اختلاجات (١). وربما كان المرات (٢) فوق ثلاث أو أربع ، فبذلك تتضاعف لذتهن ، لأنهن يلتذذن (٣) من حركة المنى الذي لهن ، ويلتذذن (٤) من حركة منى الرجل (٥) في فم رحمهن إلى باطن بالجذب ، بل يلتذذن (٦) بنفس الحركة التي تعرض للرحم. وربما وافق ذرقة ذكرية صبة أنثوية (٧) فاختلطا ، وتلاها ذرقات (٨) مثل ذلك مرة بعد مرة ، فحبلت المرأة ببطون عدة إذا (٩) كان (١٠) كل (١١) اختلاط ينحاز بنفسه (١٢). وربما اختلط المنيان معا ، ثم تقطعا ، أو تقطعا عن وحدة سابقة بسبب ريحى أو اختلاجى (١٣) ، أو غير ذلك من الأسباب المعروفة (١٤) ، فينحاز كل على حدة. وربما كان ذلك (١٥) بعد انتساج الغشاء ، فتكون كثيرة في شىء واحد ، وهذا مما لا يتم تكونه ولا تبلغ الحياة. وربما كان قبل ذلك ، وما جرى هذا المجرى فيشبه أن يكون قليل الإفلاح ، وإنما المفلح هو الذي وقع في الأصل متميزا. وأما الولادة فإنما (١٦) تكون إذا لم يكف الجنين (١٧) ما تؤديه إليه المشيمة من الدم وما يتأدى (١٨) إليه من النسيم وتكون (١٩) قد صارت أعضاؤه تامة ، فيتحرك حينئذ عند السابع إلى الخروج ، كما تتم فيه القوة. فإذا عجز أصابه ضعف ما ، لا تثوب إليه معه القوة إلى التاسع ؛ فإن خرج فى الثامن ، خرج وهو ضعيف.

وخروج الجنين إنما يكون بانشقاق المشيمة والأغشية الرطبة وانصباب رطوبتها وإزلاقها. وقد انقلب على رأسه في الولادة الطبيعية ، لتكون أسهل للانفصال. أما الولادة على الرجلين فهو لضعف الولد فلا يقدر (٢٠) على الانقلاب ، وهو خطر ، ولا يفلح في الأكثر.

__________________

(١) اختلاجات : اختلافات ب ، د ، م

(٢) المرات : المرار م.

(٣) يلتذذن : يلتذون ط

(٤) ويلتذذن : ويلتذون ط

(٥) منى الرجل : المنى الداخل م.

(٦) يلتذذن : يلتذون ط.

(٧) أنثوية : أنثاوية ب ، سا ؛ أنوثية ط ، م

(٨) ذرقات+ فى ط (٩) إذا : إذ د ، سا ، م.

(١٠) كان : ساقطة من م ، سا

(١١) كل : ساقطة من ب

(١٢) بنفسه : لنفسه سا.

(١٣) اختلاجى : اختلافى م

(١٤) المعروفة : المفرقة د ، سا ، م ؛ المتفرقة ط.

(١٥) ذلك : ساقطة من ب ، سا.

(١٦) فإنما : فإنها م (١٧) الجنين : للجنين د ، سا ، ط ، م

(١٨) يتأدى : يتأتى م. (١٩) وتكون : فيكون د.

(٢٠) فلا يقدر : ولا يقدر ب ، ط ؛ لا يقدر م.

١٧٧

والجنين قبل حركته إلى الخروج قد (١) يكون معتمدا بوجهه على رجليه ، وبراحتيه على على ركبتيه ، وأنفه بين الركبتين ، والعينان عليهما ، وقد ضمهما إلى قدامه ، وهو راكب على (٢) عقبيه ، ووجهه إلى ظهر أمه حماية للقلب. وهذه النصبة (٣) أوفق للانقلاب. ويعين على الانقلاب ثقل الأعالى في الجنين ، وعظم الرأس منه خاصة. وإذا انفصل انفتح الرحم الانفتاح الذي لا يقدر في مثله مثله (٤). ولا بد من انفصال يعرض للمفاصل العظمية (٥) ، ومدد (٦) وعناية من الله تعالى معدة لذلك برد (٧) عن (٨) قريب إلى الاتصال الطبيعى ، ويكون ذلك فعلا من أفعال القوة الطبيعية والمصورة بخاص (٩) أثر يتصل من الخالق لاستعداد لا يزال (١٠) يحصل مع نمو الجنين لا يشعر (١١) به. وهذا (١٢) من سر (١٣) الله تعالى (١٤) الملك (١٥) الحق فتبارك (١٦) الله أحسن الخالقين.

__________________

(١) قد : فقد ب ، د ، سا.

(٢) على : ساقطة من د ، سا ، ط ، م

(٣) النصبة : النسبة د.

(٤) مثله مثله : مثله م

(٥) العظمية : العظيمة ب ، م ؛ العظمة د ، سا.

(٦) ومدد : ومده م

(٧) برد : يرد د ، ط ؛ ترده سا

(٨) عن : من سا.

(٩) بخاص : تحلص م.

(١٠) لا يزال : ولا يزال د

(١١) لا يشعر : ولا يشعر ط

(١٢) وهذا : وذلك ط

(١٣) سر : أسرار ط

(١٤) تعالى : فتعالى د ، سا ؛ + الله د ، سا ، ط ، م

(١٥) الملك : والملك ط

(١٦) فتبارك : وتبارك سا ، ط ، م.

١٧٨

الفصل السادس

(و) فصل (١)

فى أحوال الولد والوالدة (٢)

الإناث تتكون في النشأة الأولى في مدة أطول لضعف القوة المصورة ولو قويت لذكرت. وأما إذا تصورن (٣) فإنهن يراهقن ويشبن (٤) ويعجزن أسرع لرطوبتهن ، مثل الأشجار الرطبة ، كالخروع والخلاف فإنها تنمو بسرعة ، وذلك لأن الطبيعة لا تقصد فى تدبيرهن الإحكام ، فذلك مما لا يمكن فيها. وإذا لم يقصد وكانت المادة والمنة غزيرة (٥) ، وقعت عجلة. فإن التأخير (٦) إنما يقع من الفاعل الذي ليس بمؤوف ، إما للإحكام وإما لعوز المادة. والنساء وإن قصرت قواهن عن (٧) الرجال ، فليس يبلغ أن تكن مؤوفات الأفعال الطبيعية في صحتهن ، وإن قصرت طبائعهن عن طبائع الرجال ، فإن نسبة طاعة مادتهن وكثرتها وسيلانها إلى متانة مادة الرجال هي نسبة الحاجة في إحكام خلقة الرجال إلى مثلها من النساء. بل (٨) تلك النسبة أعظم من نسبة زيادة (٩) قوة الرجال إلى قواهن. والحبلى بالذكر أحسن حالا في جميع الوجوه (١٠) ، حتى في سهولة الولادة من الحبلى بالأنثى ، لعجز قوة الأنثى عن تدبير ما ينصب إلى الرحم. وربما قرحت سوقهن. وربما كان الحبل (١١) من بعضهن سببا لسمنة وصلاح (١٢) حالة ، كأن الاحتباس يصير سببا لاستيفاء أعضائها الغذاء ، وخصوصا إذا كانت عادتها في حيضها الإفراط ، أو كانت في الجبلة

__________________

(١) فصل : فصل وب ؛ الفصل د ، ط.

(٢) فى ... والوالدة : فى أحوال من الولد والوالدة ب ؛ فى أحوال من أحوال الولد والوالدة د ، سا.

(٣) تصورن : تصورت د ، م

(٤) ويشبن : ويشببن د ، سا ؛ ويشهن م.

(٥) غريزة : غريزية ط

(٦) التأخير : التأخر ط.

(٧) عن : من ط.

(٨) بل : فإن م

(٩) زيادة : الزيادة م ؛ ساقطة من سا.

(١٠) الوجوه : الوجود م.

(١١) الحبل : الحبلى ط

(١٢) وصلاح : وسلاح ط.

١٧٩

لا تحتمل الاستفراغ وهذه هي التي تكون فضولها قليلة المقدار صالحة الكيفية. والقوة الدافعة قوية ، والمسام في الخلقة واسعة. وربما كانت لأخلاطها حدة يسيرة ، فبذلك تتسع لها المسام ، وسعة المسام سبب لسهولة الاندفاع ، وسهولة الاندفاع سبب لانجذاب الرطوبات إلى جهة الاستفراغ. فإذا احتبس طمثها أمكن أن تقبل الطبيعة على تعديل الخلط وإنفاق الذي كان يستفرغ فاضلا عن المحتاج إليه إلى أن يستفرغ إنفاقا في إصلاح الأعضاء. فقد مكنت تلك المادة من التدبير فيها لاحتباسها ، وقد كانت حركتها الاندفاعية تعجل (١) عن ذلك.

قال : وجل الحيوانات (٢) محدودة أزمنة الولادة خلا الإنسان ، فربما (٣) وضعت الحبلى لسبعة (٤) أشهر (٥) ، وربما وضعت في الثامن ، وقلما يعيش المولود في الثامن إلا في بلاد محدودة مثل مصر. والغالب هو الولادة بعد التاسع ، وربما عاش المولود في الثامن ، وربما لم يكن ذلك مولودا بالحقيقة في الثامن ، بل يكون الغلط واقعا في الحساب بحيضة تخللت (٦). وكذلك الولادة في العاشر ، ربما سلم في الأقل ، أو يكون قد وقع في حسابه غلط لاتفاق أعراض الحبل قبل الحبل بشهر ، لأسباب غير الحبل وخصوصا إذا احتبس دم (٧) الطمث.

أقول : وقد بلغنى من حديث (٨) وثقت به كل الثقة أن امرأة وضعت بعد الرابع من سنى الحبل ولدا لها (٩) ، قد نبتت (١٠) أسنانه وعاش. وحدثت عن ثقة أنه شاهد مولودا بعد ستة أشهر ، وقد عاش.

قال المعلم الأول : وقد يعيش للنساء خمسة أولاد في بطن واحد ، وحكى عن امرأة قديمة الزمان أنها وضعت عن أربعة بطون عشرين ولدا ، وأن امرأة أسقطت خمس عشرة صورة.

__________________

(١) تعجل : تعجز د ، سا ، طا ، م.

(٢) الحيوانات : الحيوان ط ، م

(٣) فربما : وربما ط ، م.

(٤) لسبعة : بسبعة ط

(٥) أشهر : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.

(٦) تخللت : تخلل م.

(٧) دم : ساقطة من د ، سا ، ط ، م.

(٨) حديث : حيث ب ، د ، سا ، ط.

(٩) لها : كما ب

(١٠) نبتت : نبت ب.

١٨٠