الفائق في غريب الحديث - ج ١

جار الله محمود بن عمر الزمخشري

الفائق في غريب الحديث - ج ١

المؤلف:

جار الله محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٥

هو الجلد ؛ قيل لأنه أُهْبَةٌ للحيّ ، وبناء للحماية له على جسده ، كما قيل له المَسْك ؛ لإمْسَاكِه ما ورَاءَه ؛ وهذا كلام قد سُلِك به طريقُ التمثيل ، والمراد أنَّ حملة القرآن والعالمين به مَوْقيّون من النار.

[أهل] (*) : كان يُدْعى إلى خُبْزِ الشعير والإهالَة السَّنِخَة فيجيب.

هي الودك. وعن أبي زيد : كل دُهْن يؤْتَدم به.

السَّنِخة والزنخة : المتغيّرة لطول المُكْث.

ابن مسعود رضي الله عنه ـ إذا وَقَعْتُ في آل حم وَقَعْتُ في رَوْضَاتٍ دَمِثَاتٍ ، أتأنّق فيهن.

أصل آل أَهْل ، فأُبدلت الهاء همزة ثم أَلِفاً ؛ يدل عليه تصغيره على أُهيل. ويختص بالأشْهَر الأشرف ، كقولهم : القراء آل الله وآل محمد صلى الله عليه وسلم ؛ ولا يقال : آل الخياط والإسكاف ، ولكن أهل. والمراد السّوَر التي في أوائلها (حم).

الدّمث : المكان السَّهْل ذُو الرمل.

التأنق : تطلّب الأنيق المُعْجِب وتتّبعه.

فيه أُهُب في (سف). مَتْنُ إهالة في (بص). أهُب في (سف). خير أهلك في (بر).

آل داود في (زم). إلى أهلها في (فر). فأهريقوا في (عق).

الهمزة مع الياء

[أيض] : النبي صلى الله عليه وسلم ـ في حديث كسوف الشمس على عَهْده ، وذلك حين ارتفعت الشمس قِيدَ رُمْحين أو ثلاثة : اسودَّت حتى آضَتْ كأنها تَنُّومة.

أي صارت ، قال زهير :

قَطَعْت إذا ما الآلُ آضَ كأنَّه

سيوفٌ تَنحَّى تارةً ثم تَلْتَقِي (١)

وأصل الأَيْض : العود إلى الشيء ، تقول : فعل ذلك أيضاً إذا فعله مُعَاوِداً ؛ فاستُعير لمعنى الصيرورة ؛ لالتقائهما في معنى الانتقال. تقول : صار الفقير غَنيّاً وعاد غنياً. ومثله استعارتهم النسيان للترك والرجاء للخوف ؛ لما في النسيان من معنى الترك ، وفي الرجاءِ من

__________________

(*) [أهل] : ومنه الحديث : أهل القرآن هم أهل الله وخاصته. وفي حديث أم سلمة : ليس بك على أهلك هوان. ومنه الحديث : لقد أمست نيران بني كعب آهلةً. ومنه حديث كعب في صفة النار : كأنها متنٌ إهالة. النهاية ١ / ٨٣ ، ٨٤.

(١) البيت من الطويل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٢٤٨ ، وشرح المفصل ٧ / ٩٠ ، ولكعب بن زهير في لسان العرب ٧ / ١١٦ (أيض) ، وليس في ديوان كعب.

٦١

معنى التوقّع. وبابُ الاستعارة أوسعُ من أن يحاط به.

التَّنُّوم : نَبْت فيه سواد ، وزنه فَعّول ، ويوشك أن تكون تاؤه منقلبة عن واو ، فيكون من بابَ ونَم.

أصل قِيد : قِوْد ، واشتقاقه من القَوَدِ وهو القِصاص ؛ لما فيه من معنى المماثلة والمقايسة ، يدلُّ عليه قولهم : قِيسُ رُمح ، وانتصابه على أنه صفة مصدر محذوف تقديره : ارتفعت ارتفاعاً مقدار رُمْحين.

[أير] : علي رضي الله عنه ـ من يَطُلْ أَيْر أبيه يَنْتَطِقْ به.

ضَرب طُولَ الأَير مثلاً لكَثْرةِ الولد ، قال :

فلو شَاءَ ربِّي كان أَيْرُ أَبيكُم

طويلاً كأيْرِ الحارثِ بن سَدُوس

قال الأصمعي : كان للحارث أحدٌ وعشرون ذَكراً.

والانتطاق مثلٌ للتقوّي والاعتضاد. والمعنى : مَنْ كثر إخوته كان منهم في عزٍّ ومَنَعة.

[أيه] (*) : معاوية رضي الله عنه ـ قال عطاء : رأيتُه إذا رفع رأسه من السَّجْدَة الأخيرة كانت إيَّاها.

اسمُ كان وخبرها ضميراً السجدة. والمعنى : هي هي ، لم يقترن بها قَعدةٌ بعدها ؛ أي كان يرفع رأسه منها ، وينهض للقيام إلى الركعة من غير أن يقعد قَعْدَة خفيفة.

[أيب] : عِكْرمة رحمه الله ـ كان طالوت أَيّاباً.

أي سَقَّاء ، وهي فارسية.

[أيه] : أبو قَيْس الأوْدِيّ ـ سُئِل ملك الموت عن قَبْض الأرْوَاح. فقال : أُؤَيَّه بها كما يُؤَيَّهُ بالخَيْلِ ، فتُجِيبني.

التأيِيهُ : أن يدعوه ويقول له : إيه ؛ ونظيره التَّأْفيف في قوله : أفّ ، قال طرفة :

فَعَدَا فأيَّهَهُنَّ فاستعرضنه

فثَنى لهنَّ بحدّ رَوْقٍ مِدْعَس

مثل الأيْم في (جه). الأَيْمَة في (عي). نفاق أيّمه في (حظ). بقَتْل الأَيم في (جن). إيه والاله في (نط). إياي في (مج). إي في (حل).

هذا آخر كتاب الهمزة

__________________

(*) [إيه] : ومنه الحديث : أنه أنشد شعر أمية بن أبي الصلت فقال عند كل بيت : إيه. ومنه حديث أصيل الخزاعي : حين قدم عليه المدينة قال له : كيف تركت مكة؟ قال : تركتها وقد أحجن ثمامها واأعذق إذخرها ، وأمشر سلمها ، فقال : أيها أصيل! دع القلوب تقر. وفي الحديث أبي قيس الأودي : إن ملك الموت عليه السلام قال : أني أأية بها كما يويه بالخيل فتجيبني. النهاية ١ / ٨٧.

٦٢

حرف الباء

الباء مع الهمزة

[بأس] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ الصلاة مثْنى وتشهُّد في كل ركعتين وتَبْأَسُ ـ وروي :

وتَبَاءَسُ وتَمَسْكَن وتُقْنِعُ يديك ـ وروي : وتُقْنع رأْسَك ، فتقول : اللهم اللهم ؛ فمن لم يَفْعَل ذلك فهي خِدَاج.

تَبْأَسُ : أي تذل وتخْضَعُ ذلَ البائس وخضوعه.

والتباؤس : التفاقر وأن يُرِي من نفسه تخشَّع الفقراء إخْبَاتاً وتضرعاً.

تمسكَنُ : من المِسْكِين ، وهو مِفْعيل من السكون ؛ لأنه يسكن إلى الناس كثيراً. وزيادة الميم في الفعل شاذة لم يَرْوِها سيبويه إلا في هذا وفي تَمَدْرَع [وتَمَنْدَل] ، وكان القياس تَسَكَّن وتَدَرَّع. ونظيره شذوذاً اسْتَحْوذ عن القياس دون الاستعمال.

إقْنَاع اليدين : أن ترفعهما مستقبلاً ببطونهما وجهك. وإقناع الرأس : أن ترفعه وتُقبل بطرْفك على ما بين يديك.

الخِداج : مصدر خَدَجت الحامل : إذا أَلْقت ولدَها قبل وقت النتاج ، فاستُعير.

والمعنى ذات خِدَاج ؛ أي ذات نقصان ؛ فحذف المضاف.

الضمير الراجع من الجزاء إلى الاسم المضمَّن معنى الشرط محذوف لظهوره ؛ والتقدير : فهي منه خِدَاج ، ومثله قوله تعالى : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [آل عمران : ١٨٩] ؛ أي إن ذلك منه.

[بأر] : إن رجلاً آتاه اللهُ مالاً فلم يَبْتَئِرْ خَيْراً.

أي لم يدَّخر ؛ من البؤْرَة وهي الحُفْرة ، أو من البِئْرَة ، والبَئيرة : الذخيرة.

__________________

(*) [بأس] : ومنه حديث عمار : بؤس ابن سمية. ومنه الحديث: كان يكره البؤس والتباؤس. ومنه في صفة أهل الجنة: إن لكم أن تنعوا فلا تبؤسوا. ومنه حديث علي : كنا إذا اشتد بنا البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ومنه الحديث : نهي عن كسر السكة الجائزة بين المسلمين إلا من بأس. وفي حديث عائشة : بئس أخو العشيرة. وفي حديث عمر : عسى الغوير أبؤسا. النهاية ١ / ٨٩ ، ٩٠.

٦٣

[باء] : علي رضي الله عنه ـ سلّم عليه رجل فرد عليه رَدَّ السنَّة. وكان في الرجل باء ، فقال له : ما أَحسبُك عرفتني ، قال : بلى ، وإني لأجد بَنَّة الغَزْل منك. فقام الرجل ، وكان له فِي نفسه قَدْر. فقيل له : يا أمير المؤمنين ؛ ما كان هذا؟ قال : كان أبوه ينسج الشِّمال باليَمَنِ.

الباء : الكِبر والعجب.

البَنَّة : الرائحة ، من الإبْنان وهو اللزوم ؛ لأنها تَعْبَقُ وتلزم.

الشِّمال : جمع شَمْلة وهي كِساء يُشْتَمَل به.

أريد السؤال عن الصفة ، فقيل : ما كان هذا؟ ولم يُقَلْ : مَنْ كان؟ ومَوْضِعُ ما نَصْبٌ ، تقديره أيّ شيء كان هذا؟

لولا بَأْو فيه في (كل). من أفْوَاهِ البِئَار في (هب). فبَأَوْتُ بنفسي في (حو). باءَتْ في (بو). أَبْؤُساً في (غو).

الباء مع الباء

[ببان] : عمر رضي الله عنه ـ لئن عِشْتُ إلى قابِل لأُلحقنّ آخِرَ الناس بأولهم ، حتى يكونوا بَبّاناً.

أي ضرباً واحداً في العطاء. قال أبو علي الفارسي : هو فَعَّال من باب كَوْكَب ، ولا يكون فَعْلَان ؛ لأن الثلاثَ لا تكون من موضع واحد. وأما بَبَّة فصوت لا عِبْرَة به.

وعن بعضهم بَيّاناً ؛ وليس بثَبَت.

[ببة] : ابن عمر رضي الله عنهما ـ كان يقول إذا أقبل عبد الله بن الحارث : جاء بَبَّة.

هذا صوت كان يُصَوِّت به في طفوليته ، فلُقِّب به. وكانت أُمُّه. تقول في تَرْقِيصه :

لأُنْكِحَنَ بَبَّهْ

جَارِيَةً خِدَبَّهْ (١).

[بابوس] : كعب رحمه الله ـ قال في قصة جُرَيْج الزاهد [الرّاهب] : لَمَّا رُمي بتلك المرأة فجاءوا بمَهْد الصبي قال : يا بَابُوس ؛ من أَبوْك؟ ففتح الصبيُّ حَلْقه وقال : فلان الرَّاعي. ثم سكت.

هو الصبي الرضيع ، قال ابن أحمر :

حَنَّتْ قَلُوصِي إلى بَابُوسِها جَزَعاً

فما حَنِينُكِ أَمْ ما أَنتِ والذِّكَرُ

__________________

(١) الرجز لهند بنت أبي سفيان والدة عبد الله بن الحارث في سر صناعة الإعراب ٢ / ٥٩٩ ، والدرر ١ / ٢٢٦ ، وشرح المفصل ١ / ٣٢ ، ولسان العرب ١ / ٢٢١ (ببب) ، ٣٤٦ (خدب) ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٠٣ ، ولامرأة من قريش في جمهرة اللغة ص ٦٣ ، وبلا نسبة في الأشياء والنظائر ٢ / ٤٠٥ ، والخصائص ٢ / ٢١٧ ، والمنصف ٢ / ١٨٢.

٦٤

الباء مع التاء

[بتع] : النبي صلى الله عليه وسلم ـ سئل عن البِتْع ؛ فقال : كلُّ شرابٍ أَسْكَر فهو حرام.

هو نبيذُ العَسَل ؛ سمي بذلك لشدَّةٍ فيه ، من البَتَع وهو شدَّة العُنُق.

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه خطب فقال : خَمْرُ المدينة من البُسْر والتمر ، وخمرُ أهل فارس من العنب ، وخَمْرُ أهل اليمن البِتْع وهو من العسل ، وخمر الحبش السُّكُرْكَة.

[بتت] (*) : لا صيام لمن لم يُبَيِّت الصيام من الليل ـ وروي يَبُتَ.

أي لم يَقْطَعْه على نفسه بالنيَّة.

[بتر] (*) : علي رضي الله عنه ـ قال عبدُ خير : قلت له : أَأُصلي الضُّحَى إذا بزغت الشمس؟ قال : لا ، حتى تَبْهَر البُتَيْرَاء الأرضَ.

هي اسم للشمس في أول النهار قبل أن يَقْوَى ضوؤها ويَغْلب ؛ كأنها سُميت بالبُتَيْرَاء التي لم نكُنْ نعرِفُها على عَهْد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

[بتل] (*) : سعد رضي الله عنه ـ لقد ردّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم التبَتُّلَ على عثمان بن مظعون ، ولو أَذِن له لاختصَيْنا.

هو أن يتكلف بَتْلَ نفسه عن التزوج ؛ أي قَطْعَها.

حُذَيفة رضي الله عنه ـ أُقيمت الصلاة فتدافعوا فصلّى بهم ، ثم قال : لتَبْتِلُنّ لها إماماً غيري أوْ لَتُصَلُّنَّ وُحْداناً.

__________________

(*) [بتت] : ومنه حديث دار الندوة وتشاؤرهم في أمر النبي صلى الله عليه وآل وسلم فاعترضهم ابلس ف صوردئ شخ جلل عله بت. ومنه حديث علي! أن طائفة جاءت إليه فقال لقنبر : بتتهم. ومنه الحديث : أبتوا نكاح هذه النساء. ومنه الحديث : أدخله الله الجنىة البتة. ومنه الحديث : لا تبيت المبثوتة إلا في بيتها. النهاية ١ / ٩٢ ، ٩٣.

(*) [بتر] : ومنه الحديث : كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بمحمد الله فهو أبتر. ومنه حديث ابن عباس : أن قريشا قالت : الذي نحن عليه أحق مما هو عليه هذا الصنبور المنيتر. ومنه الحديث : أن العاص بن وائل داخل على النبي. وصلى الله عليه وآله وسلم درع يقال لها البتراء. ومنه : أنه نهى عن البتراء. النهاية ١ / ٩٣.

(*) [بتل] : ومنه الحديث : بتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العمرى. ومنه الحديث : لا رهبانية ولا تبتل في الإسلام. النهاية ١ / ٩٤.

٦٥

أي لتَنْصِبُنَّ إماماً ، ولتقطعن الأمرَ بإمامته.

الوُحدان : جمع واحد ، كرَاكب ورُكْبان.

عَلَيْهِ بَتّ في (جل). ولا تَبَتُّل في (زم). عُشْر البَتَات في (ضح). والأبتر في (طف). المُنْبَتّ في (وغ). أبتر في (صع). الباتّ في (دف).

الباء مع الثاء

[بثبث] : ابن مسعود رضي الله عنه ـ ذكر بني إسرائيل وتحريفهم ، وذكر عالماً كان فيهم عرضوا عليه كتاباً اختلقُوه على الله ، فأخذ ورقةً فيها كتابُ الله ، ثم جعلها في قرَن ، ثم علّقه في عُنقه ، ثم لَبِس عليه الثياب. فقالوا : أتؤمن بها؟ فأومأ إلى صدره وقال : آمنت بهذا الكتاب ، يعني الكتاب الذي في القَرَن. فلما حضره الموت بَثْبَثُوه فوجدوا القَرن والكتاب فقالُوا : إنما عنى هذا.

وَتَبْثِيثاً في (غث). وصار بَثَنِيَة في (بن).

الباء مع الجيم

[بجل] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ أَتى القبورَ ، فقال : السلامُ عليكم ، أصَبْتُم خيراً بَجيلاً ، وسبقتم شرًّا طويلاً.

أي عظيماً ، من قولهم : رجل بَجَال وبَجِيل ، وهو الضَّخْم الجليل ، عن الأصمعي ؛ ومنه التبجيل.

[بجر] (*) : ما أخاف على قريش إلا أَنْفسها. ثم وصفهم وقال : أَشِحَّة بَجَرة ، يَفْتِنُون الناس حتى تراهم بينهم كالغنم بين الحوضين ، إلى هذا مرَّةً وإلى هذا مرةً.

البَجَرة من الأَبْجر ، وهو النَّاتىء السرَّة ، كالصَّلَعة من الأصْلع ، والنَّزَعة من الأنزع.

والمعنى ذوو بَجَرة فحُذِف المضاف. أو وُصِفوا بها كأنهم عين البَجَرة مبالغة في وصفهم بالبطَانة ونُتُوء السُّرَر.

ويجوز أن يكون هذا كناية عن كنزهم الأموال ، واقتنائهم لها وتركهم التسمّح بها.

[بجل] : إن لُقْمان بن عادٍ خطب امرأة قد خطبها إخوته قبلَه ، فقالوا : بِئْسَ ما صنعتَ!

__________________

(*) [بجل] : ومنه حديث سعد بن معاذ : أنه رمي بوم الأحزاب فقطعوا أبجله. النهاية ١ / ٩٨٠.

(*) [بجر] : ومنه الحديث : أنه بعث بعثاً فأصبحوا بأرض بجراه. ومنه حديث علي : أشكو إلى الله عجري وبجري. ومنه حديث علي : لم آت لا أبا لكم بجرا. النهاية ١ / ٩٦ ، ٩٧.

٦٦

خطبتَ امرأةً قد خطبناها قبلك ، وكانوا سبعةً وهو ثامنهم! فصالحهم على أن يَنْعَتَ لها نفسَه وإخوتَه بصِدْق ، وتختار هي أيَّهم شاءت.

فقال : خُذِي منِّي أخي ذا الْبَجَل. إذا رَعَى القومُ غَفَل. وإذا سعى القومُ نَسَل. وإذا كان الشأن اتَّكَل. قريبٌ مِنْ نَضِيج. بَعيدٌ من نِيءٍ. فَلَحْياً لِصاحِبنا لَحْياً.

فقالت : عِيال لا أريدُه.

ثم قال : خُذِي مني أَخي ذا البَجَلة. يَحْمِلُ ثِقْلي وثِقْلَه. يخصف نَعْلي ونعْله. وإذا جاء يومُه قُدِّمْتُ قَبْلَه.

فقالت : خادم لا أريده.

ثم قال : خُذي مني أخي ذا العِفَاق. صَفّاق أفَّاق. يُعْمِل النَّاقة والسَّاق.

فقالت : فَيْجٌ (١) لا أُرِيده.

ثم قال : خذِي مني أَخي ذا الأسَد. جوّابُ ليل سَرْمَد. وبَحر ذُو زَبد.

فقالت : سارق لا أريده.

ثم قال : خذي مني أخي ذا النَّمر. حييّ خَفِر. شجاع ظفِر. أعجبني وهو خيرٌ من ذاك إذا سكر.

فقالت : يشرب الخمر فلا أريده.

ثم قال : خذي مني أَخي ذا الْحمَمة. يَهَبُ البَكْرَة السَّنِمة ، والمائة البقرةِ العَمَمَة. والمائة الضائنة الزَّنِمَةَ. وإذا أتت على عادٍ ليلةٌ مظلمة ، رتَب رُتوبَ الكَعْب وولَّاهم شُزُنَة. وقال : اكفُوني المَيْمَنة. سأَكفيكم المَشْأَمَة. وليست فيه لَعْثَمة. إلّا أنه ابنُ أَمَة.

فقالت : مُسْرِفٌ لا أريده.

ثم قال : خُذي مني أخي حُزَيْنا. أَوَّلنا إذا غَدَوْنا. وآخِرُنا إذا استنجينا. وعصمة أَبْنَائِنَا إذا شَتَوْنا. وفاصِلُ خُطَّة أعيت علينا. ولا يَعُدّ فضلَه لدينا.

ثم قال : أَنا لقمان بن عاد. لعَاديةٍ وعَاد. إذا انضجَعْتُ لا أَجْلَنْظِىء. ولا تملأ رئتي جَنْبي. إن أَرَ مَطْمَعِي فَحِدَأٌ تَلمّع. وإلّا أر مطمعي فوقَّاعٌ بصُلَّع. فتزوَجت حُزَيناً.

فُسِّر ذو البَجَل : بذي الضخامة. وقيل : هو من قولك بَجَلي هذا ؛ أَيْ حسْبي.

ومنه الحديث : فألقى تمرات كنّ في يده ، وقال : بَجَلي من الدنيا.

والمعنى أنه قصير الهمة ، مُقْتَصر على الأَدْنى. فإذا ظفر به قال : بَجَلي.

__________________

(١) الفيج : المسرع في مشيه الذي يحمل الأخبار من بلد إلى بلد.

٦٧

والوجهُ أن يكون هذا وسائر ما ابتدأ به ذكر إخوته أساميَهم أو ألقابَهم.

إذا رَعَى القومُ غَفل : أي إذا اهتمّوا برعاية بعضِهم بعضاً ، أو برعاية ما معهم ، أو برَعْي الإبل لم يهتم بشيءٍ من ذلك وكان غافلاً عنه.

وإذا سعى القومُ نَسَل : أي إذا بذَلوا السعْيَ وتناهضوا فيما يُفيء عليهم خيراً أو يُنجيهم من بَليَّة نَسَل هو من بينهم ؛ أي خرج وكان بمَعْزِلٍ من السعي معهم.

اتَّكَل : أي اعتمد على غيره في كفاية الشأن ، ولم يتولَّه بنفسه عجزاً.

النّيء : غير النضيج ؛ يريد أنه لازمُ بيتٍ جَثّامةٌ ، لا يصيد ولا يغزو فيأكل اللحم المُلَهْوَج(١).

ويُحتمل أنه ليس بجَلد يخدم أصحابه في السفر ويطبح لهم كالموصوف بقوله :

رُبَّ ابنِ عمٍّ لسُلَيمى مُشْمَعِلْ

طباخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الْكَسَلْ (٢)

ولكنه يتكاسل عن ذلك ، وعن معاونتهم أيضاً إذا باشروا الطبخ. فإذا قَدّموا أكل ؛ فهو بعيد عن النّيء وطبخه ، قريبٌ من النضيج وأكله.

فلَحْيا : من لَحَيْتُ العُودَ بمعنى لَحَوْتُه ؛ وهو دعاء عليه بالهلاك ، والتكرير للتأْكيد.

قيل في ذي البَجْلَة : هو ذو الشارة الحسنة ، كأنه الذي له من الرّواء ما يُبَجَّل لأجله.

وإذا جاءَ يومُه : أي وقت وفاته وأجَلِه. حمده لإعانتهِ له وحَمْله عنه ، ودعا له.

ذو العِفَاق : من عَفَق يعفِق إذا أَسْرَع في الذَّهاب. والعِفَاق : الحَلَب أيضاً. قال :

عَلَيْكَ الشّاءَ شَاءَ بَنِي تميمٍ

فعافِقْها فإنّكَ ذُو عِفاقِ (٣)

صَفّاق من الصُّفْق ، وهو الجانب. يقال : جاء أَهل ذلك الصُّفْق.

وأفّاق : من الأفق ، أراد أنه مِسْفَار مُنَقِّب في النواحي والآفاق.

يُعْمِل الناقةَ والساقَ : أَيْ يركب تارة ويترجّل أخرى لِجَلادَتِه.

ذو الأسَد : أي ذو القوة الأسَدية. والأَسَد : مصدر أَسِد ، بمعنى اسْتَأْسَد.

ليل سَرْمد : أي دائم غير منقطع لفَرْط طوله.

__________________

(١) اللحم الملهوج : الذي لم ينعم شيه.

(٢) الرجز للشماخ في ديوانه ص ٣٨٩ ، والكتاب ١ / ١٧٧ ، ولجبار بن جزء في خزانة الأدب ٤ / ٢٣٣ ، ٢٣٥ ، ٢٣٧ ، ٢٣٩ ، ٨ / ٢١٢ ، ٢١٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٣ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٦٧ ، وبلا نسبة في شرح المفصل ٢ / ٤٦ ، ولسان العرب ١١ / ٤٤٧ (عسل) ، ومجالس ثعلب ١ / ١٥٢.

(٣) البيت لذي الخرق الطهوي في لسان العرب (عفق).

٦٨

والسَّنِمة : العظيمة السَّنام.

العَممة : التامة.

قوله : والمائة البقرة والمائة الضائنة بإدخال لام التعريف على المائة المضافةِ مما لا يُجيزه البصريون ؛ ويقولون : أخذتُ مائةَ الدّرهم لا غير. وكذلك ثلاثة الأثواب ؛ والثلاثة الأثواب خَلْف عندهم ؛ لأن الإضافة مُعرِّفَة ، فإذا عرِّف الاسم باللام لم يعرّف ثانية بالإضافة. ويستشهدون بمثل قول الفرزدق :

*وسما وأدرك خَمْسَة الأَشبارِ (١) *

وقول ذي الرمة :

*ثلاثُ الأثافي والدِّيارُ البَلَاقعُ (٢) *

ويخطِّئون من رَوَى مثل هذا. ويقولون : الصواب ومائة البقرة ومائة الضائنة ؛ وبُرهانُهم القياسُ الصحيح ، واستعمال الفصحاء.

الزَّنِمَة : ذات الزَّنَمة ، وهي شيءٌ يقطع من أُذنها ويترك معلَّقاً ـ وروي الزَّلمة ـ بمعناها.

الرُّتوب : الثبوت.

__________________

(١) صدره :

ما زال مذ عفدت يداه ازاره

والبيت من الكامل ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ٣٠٥ ، والأشباه والنظائر ٥ / ١٢٣ ، والجنى الداني ص ٥٠٤ ، وجواهر الأدب ص ٣١٧ ، وخزانة الأدب ١ / ٢١٢ ، والدرر ٣ / ١٤٠ ، وشرح التصريح ٢ / ٢١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣١٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٥٥ ، وشرح المفصل ٢ / ١٢١ ، ٦ / ٣٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٢١ ، والمقتضب ٢ / ١٧٦ ، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص ٣٠٣ ، وأوضح المسالك ٣ / ٦١ ، والدرر ٦ / ٢٠٣ ، وشرح الأشموني ١ / ٨٧ ، ولسان العرب ٦ / ٦٧ (خمس) ، ومغني اللبيب ١ / ٣٣٦ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٦ ، ٢ / ١٥٠.

ويُروى عجز البيت :

ودنا فأدرك خمسة الأشبار

(٢) صدره :

وهل يرجع التسليم أو يدفع البكا

والبيت من الطويل ، وهو لذي الرمة في ديوانه ص ١٢٧٤ ، والأشباه والنظائر ٥ / ١٢٢ ، ٢٨٠ ، وإصلاح المنطق ص ٣٠٣ ، وجواهر الأدب ص ٣١٧ ، وخزانة الأدب ١ / ٢١٣ ، والدرر ٦ / ٢٠١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٠٨ ، وشرح المفصل ٢ / ١٢٢ ، ولسان العرب ٦ / ٧٦ (خمس) ؛ ومجالس ثعلب ص ٢٧٥ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١ / ٣٥٨ ، وتذكرة النحاة ص ٣٤٤ ، وشرح الأشموني ١ / ٨٧ ، والمقتضب ٢ / ١٧٦ ، ٤ / ١٤٤ ، والمنصف ١ / ٦٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٠.

٦٩

وَلّاهم شُزُنَه ؛ أي ولّاهم عُرْضه ، فخاطبهم بنفسه. يقال : ولَّيته ظهري ، إذا جعله وراءه وأخذ يذبُّ عنه. ومعناه جعلت ظَهْري يليه ـ وروي : شَزَنَه ؛ أي شِدّته وغلظته. ومعناه : دافع عنهم ببأسه.

اللَّعْثَمة : التَّوَقُّف ؛ أي ليس في صفاته التي توجب تقديمه توقّف.

إلا أنه ابنُ أمة : أي هذا عيبُه فقط.

استنجينا : من النَّجاء وهو الفِرار. يريد إذا خرجنا إلى الغَزْوِ تقدَّمَنا وبادَرَنا. وإذا انْهَزَمْنا تأخّرَ عنا ، ليحامي علينا ممن يتْبعنا.

العَادِية : خيل تعدو ، أو رَجْلٌ يَعْدُون. والعادي الواحد ؛ أي أنا لجماعة ولواحد ، يعني أن مقاومته للجماعة والواحد واحدَةٌ لا تتفاوت لشدَّةِ بأسه وقوة بطشه.

نظير أَضْجَعه فانْضَجَع في مجيء الفعل مطاوعاً لأفعل أزعجه فانزعج ، وأطلقه فانطلق ؛ وحقُّ الفعل أن يطاوع فَعَلَ لا غير ؛ وإنما فُعِل هذا على سبيل إنابة أَفعل مناب فَعَلَ.

الاجلِنْظَاء. الاستلقاء ورفع الرجلين ؛ يعني أنه ينام على جنبه مستوفزاً ؛ كما قيل في تأبط شراً :

ما إن يمسُّ الأرضَ إلا جانبٌ

منه وحرفُ الساق طيَّ المحمل (١)

ولا تملأ رئتي جَنْبِي : أي لست بجبان فينتفخ سَحْرِي حتى يملأَ جَنْبي بانتفاخه.

يَلْمَع : يخفِق بجناحيه ـ وروي فَحِدَوٌّ تَلمّع. والتَّلَمُّع : تفعّل منه.

والحِدَوُّ : الحِدَأُ بلغة أَهْل مكة.

الصُّلّع : الحجَر الأَمْلَس. وقيل : الموضع الذي لا ينبت من صلِع الرأس. أراد أن عيشَه عيشُ الصعاليك ؛ إنْ ظفر بشيء أَلْمَأَ عليه (٢). وإلا فهو موطّن نفسه على معاناة خشونةِ الحال ، وشظَف العيش ؛ كالحدأ الذي إن أبصر طَعْمته انقضّ عليها فاختطفها ، وإن لم ير شيئاً لم يبرح واقِعاً على الصّلَّع.

[البجباج] : عثمان رضي الله عنه ـ تكلَّم عنده صعصعة بن صُوحان فأكثر ؛ فقال : أيها

__________________

(١) البيت من الكامل ، وهو لأبي كبير الهذلي في خزانة الأدب ٨ / ١٩٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٢٤ ، وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٠٧٣ ، وشرح التصريح ١ / ٣٣٤ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٩٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٤٧ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٢٧ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٧٦ ، والكتاب ١ / ٣٥٩ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٤ ، وللهذلي في الخصائص ٢ / ٣٠٩ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٢٤٦ ، والإنصاف ١ / ٢٣٠ ، وأوضح المسالك ٢ / ٢٢٤ ، والمقتضب ٣ / ٢٠٣ ، ٢٣٢.

(٢) ألمأ عليه : ذهب به خفية (القاموس المحيط : لمأ).

٧٠

الناس ؛ إنَّ هذا البَجْبَاجَ النَّفَّاجَ لا يَدْري ما اللهُ ولا أَيْنَ اللهُ.

البَجْبَاج : الذي يَهْمِزُ الكلام ، ولَيسَ لِكلامه جِهَة ـ وروي : الفَجْفَاج ؛ وهو الصّياح المِكْثَار ، وقيل : المأفون المختال.

والنَّفَّاج : الشديد الصَّلَف.

لا يَدْرِي ما اللهُ ولا أَينَ الله : معناه أن حالَه في وضْع لسانه ـ من إكثار الخطلَ وما لا ينبغي أن يقال ـ كلَّ موضع كحال من لا يدري أنّ الله سميعٌ لكل كلام ، عالمٌ بما يجري في كل مكان.

ولم ينسبه إلى الكُفْر ؛ وقد شهد صَعْصَعة مع علي رضي الله عنه يوم الجمل ، وكان من أَخطب الناس ؛ وأخوهُ زيد الذي قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام : زيد الخير الأجذمُ من الخِيار الأَبرار.

[بجل] : أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ـ لما الْتَقَى الفرِيقان يوم الجَملِ صاح أَهْلُ البَصْرَةِ :

*ردُّوا علَيْنَا شيخنا ثم بَجَلْ (١) *

فقالوا :

*كيف نردُّ شيخَكم وقد قَحَل *

ثم اقتتلوا.

قال الراوي : فما شبهتُ وقعَ السيوف على الهام إلا بضرب البَيَازِر على المَوَاجِن.

بَجَل : بمعنى حَسْب ، وسبب بنائهما أن الإضافة منويّة فيهما. وإنما بني بجلْ على السكون دون حَسْب ؛ لأنه لم يتمكن بالإعراب في موضع تمكّنه.

قَحل : مات فجفّ جلده على عظمه. يقال : قَحَل قحولاً وهو الفصيح ، وقَحِل قَحَلاً.

البَيَازِر : جمع بَيْزَر ؛ وهو الخشبة التي يدُقّ بها القصّار. والبيزرة : العَصَا وبزَره بها ، إذا ضربه.

المَواجِن : جمع مِيجَنَة ؛ وهي خَشَبَته التي يدقّ عليها.

[البجاد] : جُبَير رضي الله عنه ـ نظرتُ والناسُ يقتتلون يومَ حُنَين إلى مِثْلِ البِجَاد الأَسْوَد يَهْوِي من السماء ، حتى وقع ؛ فإذا نملٌ مبثوث قد ملأ الوادي ؛ فلم يكن إلا هزيمةُ القوم ؛ فلم نشك في أنها الملائكة.

__________________

(١) الرجز للأعرج المعني في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٢٩١ ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٢٦٩ ، وخزانة الأدب ٩ / ٥٢٢ ، وشرح المفصل ٤ / ٨٩ ، ولسان العرب ١١ / ٤٦ (بجل).

٧١

البجاد : الكساء المخطّط ؛ سُمِّي بذلك لتَدَاخُل ألوانه من قولهم : هو عالم ببُجْدَة أمره. أي بدِخْلَتِهِ.

والأسود من البُجُد : هو المنسوج على خطوط سُود يُفَصِّلُ بينها بيضٌ دِقاق ؛ فالمعنى أن النمل كان يَهْوِي متساطراً كخطوط البِجاد الأسود. ومنه : قيل لعبد الله بن عَبْدنُهْم : ذو البِجَادين ؛ لأَنه حين أَرَاد المصيرَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعت أمُّه بِجاداً لها باثنين فائْتَزر بأحدهما وارْتَدى بالثاني.

ومنه حديث معاوية : إنه مازَح الأَحْنَف بن قيس فما رُئي مَازِحان أوقرَ منهما ؛ قال له : يا أَحنف ؛ ما الشيء الملفَّف في البِجَاد؟ فقال : هو السخِينةُ يا أمير المؤمنين!.

ذهب معاوية إلى قول الشاعر :

بخُبْزٍ أَوْ بتمر أو بسَمْن

أو الشيء الملفَّفِ في البجَاد (١)

والأحنف إلى السخينة التي تُعيَّر بها قريش ، وهي شيء يعمل من دقيق وسمن ؛ لأنهم كانوا يولعون به حتى جرى مجرى النبز لهم قال كعب بن مالك :

زَعَمَتْ سَخِينَةُ أَنْ ستَغْلِبُ رَبَّها

وليُغْلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلَّابِ (٢)

البَجّة في (جب). بَجْرَاء في (عز). وبجَّحَنِي في (غث). البَجْر في (بر). يُبجِّسها في (أم). بُجَرِي في (جد).

الباء مع الحاء

[بحر] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ شكا عبدُ الله بن أبيّ إلى سَعْد بن عُبادة ، فقال : يا رسول الله ؛ اعفُ عنه ، فو الذي أَنزل عليكَ الكتاب ، لقد جاء اللهُ بالحق ، ولقد اصطلَح أهلُ البَحْرَة على أن يُعَصِّبُوه بالعِصَابَةِ ، فلما ردَّ الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرِق بذلك.

أراد بالبَحْرة : المدينة. يقولون : هذه بَحْرتنا ؛ أي أرضنا وبلدتنا. وأصل البَحْرَة : فَجوة من الأرض تستبحر ؛ أي تنبسط وتتّسع. قال يصف رسم الدار :

كأنّ بقاياه ببَحْرة مالك

بقيَّةُ سَحْقٍ (٣) من رِدَاءٍ مُحبّرِ

__________________

(١) البيت لعنبسة بن نهم في لسان العرب (بجد).

(٢) البيت في لسان العرب (سخن).

(*) [بحر] : ومنه الحيث : أنه ركب فرساً لأبي طلحة فقال : إن وجدنا بحراً. ومنه حديث عبد المطلب وحفر بئر زمزم : ثم بحرها. ومنه حديث ابن عباس : حتى ترى الدم البحراني. ومنه الحديث : وكتب لهم ببحرهم. وفي حديث مازن : كان لهم صنم يقال له باحَر. النهاية ١ / ٩٩ ، ١٠٠.

(٣) السحق : الثوب الخلق البالي.

٧٢

العصابة : العمامة ؛ لأنه يُعْصب الرأس بها ، وعصَّبه : عمَّمه. قال :

فتاةٌ أَبُوها ذُو العِمَامة [وابنُه

أَخُوها فما أَكْفَاؤُها بكَثير]

وروي : ذو العصابة ، ثم جُعل التعصيب بالعصابة كنايةً عن التسويد ؛ لأن العمائم تيجان العرب.

وقيل للسيد : المعمّم والمعصَّب ، كما قيل له : المتوّج والمسوّد.

شرِق بذلك : أي لم يقدر على إساغته والصَّبْرِ عليه لتَعَاظُمِه إياه ؛ فكأنّه اعترض في حَلْقه فغصَّ به كما يَغصّ الشارب بالماء.

[بحبوحة] (*) : مَنْ سرَّه أَن يسكنَ بُحْبوحة الجنة فلْيَلْزَم الجماعة ؛ فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أَبْعد.

هي من كل شيء وسَطه وخياره ، قال جرير :

قَوْمِي تميمٌ همُ القومُ الذين هُمُ

يَنْفُونَ تَغْلِب عَنْ بُحْبُوحَةِ الدَّارِ (١)

[البحراني] : ابن عباس رضي الله عنهما ـ قال أنس بن سيرين : استُحيضت امرأَةٌ من آل أَنَس بن مالك فأَمروني فسألت ابن عباس عن ذلك فقال : إذا رأت الدَّمَ البَحْرَانيّ فلتدع الصَّلاة ؛ فإذا رأت الطُّهْرَ ولو ساعةً من النهار فلتغتسل ولتُصَلّ.

البَحْرَانيّ : الشديد الحُمرة الضارب إلى السواد. منسوب إلى البَحْرِ ، وهو عُمْقُ الرحم ، قال:

*وَرْدٌ من الجَوْفِ وبَحْرَانِيُ (٢) *

[بحنانة] : في الحديث ـ تخرج بَحْنَانَةٌ من جهنَّمَ فتَلْقُطُ المُنافقين لَقْطَ الحَمَامَةِ القُرْطَم.

هي الشرارةُ الضخمةُ العظيمة ، من قولهم : رجل بَحْوَن : عظيم البطن ، ودَلو بَحْوَنة ، وجُلَّة (٣) بَحْونة إذا كانتا واسعَتَيْنِ.

القُرْطم : حبُّ العصفر.

[بحثة] : إن غلامين كانا يلعبان البَحْثةَ.

هي لَعِبٌ بالتراب.

__________________

(*) [بحبح] : ومنه حديث غناء الأنصارية : أهدى لها أكْبشاً تبحبح في المربد. وفي حديث خزيمة : تفطَّر اللِّحاء وتبحبح الحياء. النهاية ١ / ٩٨.

(١) البيت في ديوان جرير ص ٣١١.

(٢) الرجز للعجاج في لسان العرب.

(٣) الجلة : قفة كبيرة للتمر.

٧٣

بَحِيرة في (صر). بَحْراً في (قر). بَحْرِيَّة في (نش). بحَرَها في (حل). سورة البَحُوث في (عذ). بُحَيْرة في (رج).

الباء مع الخاء

[بخس] : النبي صلى الله عليه وسلم ـ يَأْتِي على الناس زَمان يُسْتَحَلُّ فيه الربا بالبيع ، والخمرُ بالنبيذ ، والبَخْس بالزّكاة ، والسُّحْتُ بالهدية ، والقَتْل بالموعظة.

المراد بالبَخْس المَكْس ؛ لأن معنى كلّ واحد منهما النُّقْصان ، يقال : بخسني حَقّي ومكَسَنيه ؛ وقد روي في قوله :

*وفي كل ما باعَ امرؤ مَكْسُ درهم (١) *

بَخْس درهم. والمعنى : أنه يؤخذ المكس باسم العُشْر يتأَول فيه معنى الزكاة ، وهو ظُلْم.

والسُّحْت : أي الرّشْوَة في الحكم والشهادات والشفاعات وغيرها باسم الهديّة ، ويقتل من لا تحل الشريعة قَتْله ليَتَّعظ به العامة.

[البخاع] (*) : أتاكم أهل اليمن هم أَرَقُّ قُلُوباً وَأَلْيَنُ أَفْئِدَةً وأَبْخَعُ طَاعَةً.

أي أبلغ طاعة. من بَخَع الذبيحة : إذا بالغ في ذَبْحِها ؛ وهو أن يَقْطَعَ عَظْم رقَبتها ويبلغ بالذبح البِخَاع.

والبِخاع ـ بالباء : العِرْق الذي في الصُّلْب.

والنَّخْعُ دون ذلك ؛ وهو أن يبلغ بالذبح النُّخَاع ، وهو الخَيْط الأَبْيَض الذي يجري في الرَّقبة.

هذا أصله ثم كثُر حتى استُعْمِل في كلِّ مبالغةٍ ، فقيل : بخعت له نُصْحي وجَهْدي وطاعتي. والفعل ههنا مجعول لِلطَّاعة ، كأنها هي التي بخعت ؛ أي بالغت ، وهذا من باب :

نَهارُك صائم ، ونام ليلُ الهَوْجل (٢).

__________________

(١) صدره :

أفي كل أسواق العراق إنارة

والبيت لجابر بن جني الثعلبي في لسان العرب (مكس).

(*) [البخاع] : ومنه حديث عمر : فأصبحت يجنبني الناس ومن لم يكن يبخع لنا بطاعة. ومنه حديث عائشة في صفة عمر : بخع الأرض فقاءت أُكُلها. النهاية ١ / ١٠٢.

(٢) الهوجل : الرجل الأهوج.

٧٤

الفؤاد : وسط القلب ، سمي بذلك لتفُّؤدِه أي لتوقده.

[بخق] : زيد بن ثابت ـ في العين القائمة إذا بُخِقتْ مائةُ دينار.

أي فقئت ، يعني أنها إذا كانت عَوْراء لا يُبْصِرُ بها إلا أنها غير منخسفة ، فعلى فاقئها كذا.

[البخص] (*) : القُرَظيّ ـ قال في قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ) [الإخلاص : ١ ، ٢]. لو سَكتَ عنها لتَبَخَّصَ بها رجالٌ فقالوا : ما صَمَدٌ؟ فأخبرهم أن الصمد الذي (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).

أُخِذ من البَخَص ، وهو لَحْمٌ عند الجفن الأَسْفل يظهر من الناظر عند التَّحْديق إذا أنكر شيئاً أو تعجَّب منه.

يريد لولا أَن البيان اقترن بهذا الاسم لتحيَّروا فيه حتى تَنْقَلب أجفانهم ، وتَشخص أبصارهم.

[بختري] : الحجاج ـ أُتي بيزيد بن المُهَلَّب يَرْسِف في حديد ، فأقبل يخطر بيده ، فغاظ ذلك الحجاج فقال :

*جَمِيلُ المُحَيَّا بَخْتَرِيٌ (١) إذا مشى*

وقد ولى عنه فالتفت إليه فقال :

*وفي الدِّرْع ضَخْمُ المَنْكِبَيْنِ شِنَاقُ *

فقال الحجاج : قاتله الله! ما أَمْضَى جَنانَه ، وأحْلَفَ لسانه!.

البَخْتَرِي : المُتَبَخْتِر.

الشِّنَاق : الطويل.

رجل حَليف اللسان : أي ذَرِبُه.

والبَخْقَاء في (صف). مَبْخُوص الكَعْبَيْن في (نه). بَخٍ بَخٍ في (نس). يَبْخَعُ لنا في (ضج). وبَخَعَها في (زفّ). باخق العين في (صع). مُبْخِرَة في (زو). بخ في (بر) وتُبَخَّلُون في (جب).

__________________

(*) [البخص] : ومنه في صفته صلى الله عليه وسلم : أنه كان مبخوص العقبين. النهاية ١ / ١٠٢.

(١) البختري : هي مشية المتكبر المعجب بنفسه (لسان العرب : بختر).

٧٥

الباء مع الدال

[بدع] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ إن رَجُلاً أَتاهُ فقال : يا رسولَ الله ؛ إني أُبْدِعَ بي فاحْمِلْني.

أَبْدَعَتِ الرَّاحِلةُ : إذا انقطعت عن السَّيْرِ بِكَلَال أو ظَلَعَ.

جعل انقطاعها عما كانت مستمرةً عليه من عادة السير إبداعاً منها ؛ أي إنشاء أمرٍ خارج عما اعتيدَ منها وأُلِف ، واتّسِع فيه حتى قيل : أُبْدِعَتْ حُجَّة فلان. وأَبْدَعَ بِرُّه بشُكْرِي : إذا لم يَفِ شكرُه ببرّه.

ومعنى أُبْدع بالرجل انقُطِع به ؛ أي انقطعت به رَاحِلَتُه ، كقولك : سار زيد بعمرٍو ؛ فإذا بنيتَ الفعل للمفعول به وحذفتَ الفاعل قلتَ سِير بعمرو ؛ فأقمت الجار والمجرور مقامَ الفاعل. وكما أن المعنى في سِير بعمرو : سُيِّر عَمْرو ، كذلك المعنى في انْقُطِعْ بالرجل ؛ قُطِع الرَّجُل. أي قُطع عن السير.

[البدأة] : نَفَّلَ في البَدْأَةِ الرُّبُع ، وفي الرَّجْعَةِ الثُّلث.

بَدْأَة الأَمر : أَوّله ومُبْتَدَؤُه ، يقال : أما بادىء بَدْأَةٍ فإني أحمد الله.

وهي في الأصل المرَّةُ من البدء ، مصدرُ بدأ ؛ والمرادُ ابتداء الغَزْو.

يعني أنه كان إذا نهضت سَرِية من جُمْلة العسكر المقبل على العدو فأوقعت نَقَّلها الربع ممَّا غنمت ، وإذا فعلت ذلك عند قُفُول العسكر نفَّلها الثلث ؛ لأنّ الكرّةَ الثانية أشقُّ والخطّةَ فيها أعظم.

[البدن] : لا تُبَادِرُوني بالركوع والسجود ، فإنه مهما أَسْبِقْكُم به إذا ركعتُ تدركوني إذا رَفَعْتُ ، ومهما أسْبِقْكم به إذا سجدتُ تدركوني إذا رفعتُ ؛ إني قد بَدَّنْتُ.

أي صرت بَدَناً ، والبَدَن : المسِنّ ، ونظيره عجَّزَت (١) المرأة ، وعوَّد (٢) الجمل ، ونَيَّبَت (٣) الناقة.

وروي بَدُنتُ : أي ثَقُلت علي الحركة ثقلها على الرَّجُل البادن وهو الضخم البدَن ، يقال : بَدَن بُدْناً ، وبَدُنَ بُدْناً وبَدَانة ؛ ولا يصح ؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يُوصف بالبَدَانة.

__________________

(*) [بدع] : ومنه في حديث عمر في قيام رمضان : نعمت البدعة هذه. وفي حديث الهدي : فأزحفت عليه بالطريق فعيَّ بشأنها إن هي أبدعت. ومنه الحديث : كيف أصنع بما أُبدع عليَّ منها. النهاية ١ / ١٠٦ ، ١٠٧.

(١) عجزت المرأة : صارت عجوزاً.

(٢) عود الجمل تعويداً : صار عَوْداً ، والعود : المسن من الإبل.

(٣) نيبت الناقة : هرمت.

٧٦

تدركوني ، أي تدركوني به ، فحذِف لأنه مفهوم ، كحذفهم «منه» في قولهم : السمن مَنَوان بدِرْهم.

والمعنى أي شيء من الركوع أو السجود سبقتكم به عند خَفْض الرأس فإنكم مُدْرِكوه عند رفعه لثقل حَرَكتِي.

[الإبداء] : قال سلمة بن الأَكْوَع رضي الله عنه : قدِمتُ المدينةَ من الحُدَيْبية مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فخرجتُ أَنا ورَبَاحٌ [ومعي فرسُ أبي طلحة] أُبْدِيه مع الإِبل ، فلما كان بغَلَس أغار عبدُ الرحمن بن عُيينة على إبلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتل رَاعِيَها ، ثم ذكر لحوقَه به ورَمْيه المشركين. قال : فإذا كنتُ في الشَّجْرَاء خَزَقْتُهم بالنّبل. فإذا تضايقت الثنايا عَلَوْتُ الجَبل فرَدَيتُهم بالحجارة (١). ثم ذكر مجيئَه إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال : وهو على الماء الذي حَلأْتُهم (٢) عنه بذِي قَرَد (٣) ، فقلت : خلِّني فانتخِبْ من أصحابك مائةَ رجل فآخُذ على الكفار بالعَشْوَة ؛ فلا يَبْقى منهم مخبر إلا قتلتُه.

أُبْدِيه : أُبْرِزه إلى المَرْعَى.

الشَّجْرَاء : الأشجار الكثيرة المُتكاثفة. وهي اسم جمع للشجرة كالقَصْبَاء والطَّرفاء والأشاء.

الخَزْق : الإِصابة ، يقال : سهم خَازِق وخَاسِق ؛ أي مُقَرْطِس نافذ.

الرَّدْي : الرَّمْي بالحجر ، وهو المِرْداة.

التَّحْلئة : المنع والطرد ، ومنها التَّحْلِئَة التي يَقْشرها الدبَّاغ عن الجِلْد ؛ لأنها تمنع الدباغ.

العُشْوَة ـ بالحركات الثلاث : ظُلْمة الليل ، وقالوا في المثل : أَوْطأتَه العَشْوة ؛ إذا سامه أمراً ملتبساً يَغْترُّه به ، لأن من وَطِىء الظلمة يَطَأُ ما لا يُبْصره فربما تردَّى في هُوَّة أو وضع قدمه على هامَّة ، ثم كثُرَ ذلك حتى استُعْمِلت العشوة في معنى الغِرّة ، فقيل : أخذتُ فلاناً على عَشْوَة ، وسمتُه عشوة.

[البديع] : إن تِهَامة كبَدِيع الْعَسَل حُلْوٌ أوله وآخره.

البديع : الزِّقُّ الجديد ، وهي صفةٌ غالبة كالحية والعَجُوز.

والمعنى استطابةُ أرض تهامة كلِّها ، أولها وآخرها ، كما يْستحلى زِقّ العسل من حيث يُبْتَدَأ فيه إلى أن ينتهي.

__________________

(١) رداه بحجر : رماه به.

(٢) حلّاه عن الماء : طرده ومنعه.

(٣) ذو قرد : موضع قرب المدينة.

٧٧

وقيل : معناه أنها في أول الزمان وآخره على حالٍ صالحةٍ.

وقيل : لا يتغيّر طِيبها ؛ كما أن العسل حلوٌ أولَ ما يُشتار ويجعل في الزق ، وبعد ما تمضي عليه مدةٌ طويلة.

[بدد] (*) : لما كان انْكِشَاف المُسْلمين يوم حُنَين أَبَدَّ يدَه إلى الأَرْضِ ، فأَخذ منها قُبْضَة من تراب ، فَحذا بها في وُجُوهِهم ؛ فما زال حدُّهُمْ كَليلاً.

أي مَدَّها ، يقال : أَبِدَّ السائلَ رغيفاً ؛ أي مُدَّ يدك به إليه.

ومنه حديث عمر بن عبد العزيز : إنه لما حضرتْهُ الوفاةُ قال : أجلسوني فأَجْلَسوه ، فقال : أنا الذي أمرتَني فقصَّرت ، ونهيتني فعصيت ، ولكن لا إله إلا الله. ثم رفع رأسه فأبَدَّ النَّظر ، وقال : إني لا. ؛ أي إني لا أشرك ، أو إني لا أعيش.

القُبْضة : بمعنى المقبوض ، كالغُرفة بمعنى المغروف.

حَذَا وحَثا : واحد ، كجذَا وجَثَا.

[بدو] : من بَدَا جَفَا ، ومن اتَّبَع الصيدَ غَفَل ، ومن اقترب من أبواب السلطان افْتَتَنَ.

بَدَوْت أَبْدُو : إذا أتيت البَدْوَ ، ومنه قيل لأَهلِ البادية : بادِية ، كما قيل لحاضِري الأَمْصَار : حاضرة.

جَفَا : أي صار فيه جفاءُ الأَعراب لتوحّشه وانفراده عن الناس.

غَفَل : أي شَغَل الصيدُ قلبَه وأَلهاه حتى صارت فيه غَفْلة.

وليس الغرضُ ما يزعمه جهلةُ الناس أن الوحش نَعَم الجنّ فمن تعرّض لها خبَّلَتْه وغفلته.

الخيل مُبَدَّأَةٌ يوم الوِرْد.

أي مقدَّمة على غيرها يُبْدَأُ بها في السَّقْي.

[بدر] (*) : أُتي بِبَدْرٍ فيه خَضِرَات من البُقُول.

هو الطَّبَق ، سُمِّي بدراً لاستدارته ، كما يسمَّى القَمر حين يَسْتَدِير بَدْراً.

خَضِرات : غَضّات ، يقال : بقلة خَضِرَة وورق خَضِر ، قال الله تعالى : (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً) [الأنعام : ٩٩].

__________________

(*) [بده] : ومنه الحديث : أنه كان يبد ضبعيه في السجود. ومنه حديث وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فأبد بصره إلى السواك. ومنه حديث : اللهم أحصهم عددا ، وقاتلهم بددا. النهاية ١ / ١٠٥.

(*) [بدر] : ومنه في حديث المبعث : فرجع بها ترجف بوادره. وفي حديث اعتزال النبي صلى الله عليه وآله وسلم نساءه : قال عمر : فابتدرت عيناي. وفي حديث جابر : كنا لا نبيع التمر حتى يبدر. النهاية ١ / ١٠٦.

٧٨

[الأبدال] : عليّ عليه السلام ـ الأَبْدَال بالشّام ، والنُّجَباء بمصر ، والعَصائب بالعرَاق.

هم خيارٌ بدل من خيار ، جمع بَدَل وبِدْل.

العَصائب : جمع عِصابة. يريد طوائف يجتمعون فيكونُ بينهم حَرْب.

[بدن] (*) : لما خطب فاطمة عليهما السلام قيل له : ما عِندك؟ قال : فَرَسِي وبَدَني.

هي الدِّرع القصيرة ؛ سُمِّيَت بذلك لأنها مِجْول للبدن ليست بسابغةٍ تعمّ الأَطْرَاف.

[الباد] : الزبير ـ كان حسن البَادِّ على السرج إذا رَكب.

البادَّان : أَصْلَا الفخذين ؛ سُمِّيا بذلك لانفراجهما. وقيل لامرأة من العرب : علَامَ تمنعين زوجك القِضَّة (١) فإنه يعتلُّ بك؟ قالت : كذب! والله إني لأطَأْطىء الوِساد ، وأُرْخِي البَادَّ (٢).

والمعنى أنه كان حَسَن الركبة.

[بدج] : حملَ يوم الخندق على نَوْفَل بن عبد الله بن المغيرة بالسيف حتى شَقَّه باثنين ، وقَطَع أُبْدُوجَ سَرْجِه ، ويقال : خلَص إلى كاهل الفرس ، فقيل : يا أبا عبد الله ؛ ما رأينا مثلَ سَيْفِك! فيقول : والله ما هو السيف ، ولكنها الساعد أكرهْتُها.

هو اللِّبْد ، كأنَّها كلمة أعجمية.

[بدى] : سعد رضي الله عنه ـ قال يومَ الشُّورى ، بعد ما تكلَّم عبدُ الرحمن بن عوف رضي الله عنه : الحمد لله بَدِيًّا كان وآخراً يعود. أحمده كما أَنجَاني من الضَّلَالة ، وبصَّرَني من الجهالة ؛ بمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم استقامت الطُّرق ، واستنارت السُّبُل ، وظهر كلُّ حق ، ومات كلُّ باطل ، إني نكَبْتُ (٣) قَرَني ، فأَخذتُ السَّهم الفالِجَ ، وأَخَذْتُ لطلحة بن عبيد الله ما أخذتُ لنفسي في حضوري ، فأَنَا بِه زعيم ، وبما أَعْطَيتُ عنه كفيل ، والأَمرُ إليك يا بنَ عوف.

البَدِيّ : الأول ، ومنه : أفعل هذا بادِىء بَدِيٍ ؛ أي كان الله عز وجل أولاً قبلَ كل شيء ، ويكون حين تَفْنَى الأشياء كلُّها ، ويبقى وجهه آخراً كما كان أوَّلاً ؛ ف (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ).

ومعنى يعود : يصير ، وقد مضى شرحه.

القَرَن : جَعْبَة صغيرة تُقْرَن إلى الكبيرة.

__________________

(*) [بدن] : ومنه الحديث : لا تبادروني بالركوع والسجود فإني قد بدنت. النهاية ١ / ١٠٧.

(١) القضة : عذرة المرأة.

(٢) أي لا تضم فخذيها.

(٣) نكب : كبّ ونثر.

٧٩

الفَالج : السَّهم الفائز في النِّضال.

والمعنى : إني نظرتُ في الآراء وقلَّبتها فاخترتُ الرأيَ الصائبَ منها ، وهو الرضاء بحكم عبد الرحمن بن عوف ، وأجزت على طلحة مثل ما أَجزتُه على نَفْسِي ، وأَنَا زعيم بذلك : أي ضامن.

[التبديد] : أم سلمة ـ إن مساكين سألوها فقالت : يا جارية أَبِدِّيهم تمْرةً تمرة.

أي فرِّقِي فيهم ، من التبديد ، يقال : أبدَدْتُهم العطاء : إذا لم تجمع بين اثنين.

قال أبو ذؤيب :

فأَبدَّهُنَ حُتُوفَهُنَّ فَهَاربٌ

بِذَمَائِه أو بارِكٌ مُتَجَعْجِعُ

[البديّ] : ابن المسيَّب ـ في حَرِيم البِئْر البَدِيّ خمسٌ وعشرون ذِراعاً ، وفي القليب خمسون ذراعاً.

هي التي بُدِئت فحُفِرت في الأرض المَوات ، وليست بعاديَّة ، فليس لأَحد أنْ يحفر حولها خمساً وعشرين ذراعاً.

والقَلِيب : العاديَّة ، فليس لأَحدٍ أن ينزلَ على خمسين ذراعاً منها ويتَّخذها داراً ؛ فإنها لعامَّة الناس.

[بدد] : عِكْرمة ـ إن رجلاً باع من التَّمَّارين سبعةَ أصْوُع بدرهم ، فتبدَّدُوه بينهم ، فصار على كل رجل حِصّة من الوَرِق ، فاشترى من رجل منهم تمراً أربعة أَصْوُع بدرهم ، فسأل عكرمة ، فقال : لا بأس أَخذتَ أنقصَ مما بعْتَ.

تَبَدَّدُوه : أي اقْتَسَمُوه بِدَداً : أي حصصاً على السواء.

[بدح] (*) : بكر بن عبد الله ـ كان أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمازَحُون حتى يتَبَادَحُون بالبِطِّيخ ، فإذا حزَبهم أَمر كانوا هم الرجالَ أصحابَ الأمر.

أي يترَامَوْن.

والبَدْح : رَمْيُك بكل شيء فيه رَخَاوة.

حتى هذه هي التي يبتدأ بعدها الكلام. كالتي في قوله :

*وحتَّى الجِيادُ ما يقدْن بأَرْسَانِ (١)*

__________________

(*) [بدح] : ومنه في حديث أم سلمة : قالت لعائشة : قد جمع القرآن ذيلك فلا تبدحيه. النهاية ١ / ١٠٤.

(١) صدره :

سربت بهم حتى تكل مطيهم

والبيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ٩٣ ، والدرر ٦ / ١٤١ ، وشرح أبيات ـ

٨٠