الفائق في غريب الحديث - ج ١

جار الله محمود بن عمر الزمخشري

الفائق في غريب الحديث - ج ١

المؤلف:

جار الله محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٥

الهمزة مع الصاد

[أصر] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ قال له عمر : يا رسولَ الله ؛ أَخْبِرْني عن هذا السلطان الذي ذلَّتْ له الرِّقاب ، وخضعت له الأجساد ؛ ما هو؟ قال : ظلُّ اللهِ في الأَرْض ، فإذا أَحْسَن فله الأَجْر وعليكم الشُّكر ، وإذا أساء فعليه الإصْر وعليكم الصَّبر.

هو الثّقل الذي يأصر حاملَه ؛ أي يحبسه في مكانه لفَرْط ثِقله ، والمراد الوِزر العظيم.

ومنه حديث ابن عمر : مَنْ حلف على يمينٍ فيها إصْر فلا كفَّارة لها.

قيل : هو أن يحلف بطَلَاق أو عِتَاقٍ أَوْ مَشْيٍ أو نَذْر. وكلُّ واحدة من هذه فيه ثِقَلٌ فادح على الحالف ؛ لأنه لا يتفصّى عنه بكفارة كما يتفصَّى بها عن القسم بالله تعالى. وإنما قيل للعهد إصْر ؛ لأنه شيء أُصِرَ : أي عُقِد.

[إصطفل] : معاوية رضي الله عنه ـ بلغه أن صاحبَ الروم يريد أن يَغْزو بِلادَ الشام أيام فتنة صِفِّين ، فكتب إليه يحلف بالله لئن تَمَمْتَ على ما بلغني من عزمك لأُصَالحنَّ صاحبي ، ولأكوننَّ مقدّمته إليك ؛ فلأجعلنَّ القُسْطَنْطِينيَّة البَخْرَاء (١) حُمَمَةً سَوْدَاء ، ولأنتزِعَنَّك من المُلْكِ انتزاعَ الإصْطَفْلينَةِ ، ولأَرُدَّنَّكَ إِرِّيساً مِن الأَرَارِسَة تَرْعَى الدَّوَابِل.

هي الجَزَرة شامية ، والجمع بحذف التاء.

ومنه حديث القاسم بن مُخَيْمرة رحمه الله تعالى : إنّ الواليَ ليَنْحِت أقاربَه أَمانته كما تنحِتُ القَدوم الإِصْطَفِلينة ، حتى تَخْلُصَ إلى قلبها.

مرّ الإِرّيس في (أر).

الدَّوَابل : جمع دَوْبل ، وهو الخنزير ، وقيل الجحش.

تَمَ على الأمر : إذا استمرّ عليه وتمّمه ، كما يقال : مضى على ما عزم إذا أمضاه.

اللام في لَئِن هي الموطئة للقسم ، وقد لفَّ القسمَ والشرط ثم جاء بقوله : لأُصَالحن ؛ فوقع جواباً للقسم وجزاءً للشرط دفعةً.

المُقَدِّمة : الجماعة التي تتقدَّم الجيش ؛ من قدَّم بمعنى تقدَّم ، وقد استعيرت لأول كلّ شيء فقيل منه : مقدِّمة الكتاب ومقدِّمة الكلام ؛ وفتح الدال خَلف.

أَصَلة في (زه). بالأُصْطُبَّة في (عل). الإِصْر في (وص).

__________________

(*) [أصر] : ومنه في حديث الجمعة : ومن تأخر ولغا كان له كفلان من الإصر. ومنه الحديث : من كسب مالاً من حرام فأعتق منه كان ذلك عليه إصراً. النهاية ١ / ٥٢.

(١) في لسان العرب : الحمراء بدل البخراء.

٤١

الهمزة مع الضاد

[أضا] : النبي صلى الله عليه وسلم ـ أتاه جبريل وهو عند أَضَاةِ بَنِي غِفَار ، فقال : إن الله تعالى يأْمُرك أن تُقْرِىء أُمَّتَك على سَبْعَةِ أَحْرُف.

هي الغدير.

الأحرف : الوجوه والأَنحاء التي ينحوها القراء ، يقال : في حَرْفِ ابن مسعود كذا ؛ أي في وَجْهِه الذي يَنْحَرِفُ إليه من وُجُوه القِراءة.

ومنه حديثه الآخر : نزل القرآن على سبعة أحرف كلّها كَافٍ شَافٍ فاقْرَءُوا كما عُلِّمتم.

الهمزة مع الطاء

[أطر] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ ذكر المظالم التي وقعت فيها بنو إسرائيل والمعاصي ، فقال : لا ، والذي نفسي بيده حتى تَأْخُذُوا على يَدَيِ الظالم وتَأْطِرُوه على الحقّ أَطْراً.

الأَطْر : العَطْفُ ، ومنه إطار المُنْخُل. قال طرفة :

[كأنَّ كِنَاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنُفَانِها]

وأَطْرَقِسيٍّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدِ (١)

حتى متعلقة بلا ، كأن قائلاً قال له عند ذكره مظالمَ بني إسرائيل : هل نُعْذَر في تخلية الظالمين وشأنهم؟ فقال : لا حتى تأخذوا. أي لا تعذرون حتى تَجْبُروا الظالم على الإذْعان للحق ، وإعْطَاء النَّصَفة للمظلوم ؛ واليمينُ معترضةٌ بين لا وحتى ، وليست لا هذه بتلك التي يجيء بها المُقْسم تأكيداً لِقَسمه.

[أطم ـ أطل] : لما خرج صلى الله عليه وسلم إلى أُحُد جعل نساءَه في أُطُم ، قالت صفيَّة بنت عبد المطلب : فأَطَلَّ علينا يَهُودِيٌّ فقمتُ فضربتُ رأْسَه بالسَّيْفِ ، ثم رميتُ به عليهم ؛ فتَقَضْقَضُوا وقالوا : قد علمنا أن محمداً لم يتركْ أهلَه خُلوفاً.

الأُطُم : الْحِصن. ومنه حديثه : إنه انطلقَ في رهْطٍ من أصحابه قِبَل ابن صَيَّاد ، فوجده يلعَب مع الصِّبيان عند أُطُم بني مَغَالَة ، وقد قارب ابنُ صيّاد يومئذ الحلم ، فلم يشعر حتى ضربَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ظَهْرَه بيده ، ثمَّ قال : أتشهدُ أني رسولُ الله؟ فنظر إليه ابنُ صيّاد فقال : أشهدُ أنك رسولُ الأميين ، ثم قال ابنُ صيَّاد له : أتشهد أني رسول الله؟ فرصَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : آمنت بالله ورسوله.

__________________

(*) [أطر] : ومنه في صفة آدم عليه السلام : أنه كان طوالاً فأطَرَ الله منه. وفي حديث ابن مسعود : أتاه زياد بن عدي فأطره إلى الأرض. وفي حديث علي : فأطَرْتُها بين نسائي. النهاية ١ / ٥٣ ، ٥٤.

(١) قاله طرفة بن العبد في وصف ناقة وضلوعها ، وفي لسان العرب مؤبَّدِ بدل مؤيَّدِ.

٤٢

ومنه حديث بلال : إنه كان يُؤَذِّنُ على أُطُمٍ في دار حَفْصَة يرقى على ظَلِفات أَقْتَابٍ مُغَرَّزَة في الجدار.

أَطَلَ : أَشْرَفَ ، وحقيقتُه أوفى بِطلَله وهو شَخْصُه ، وأَمّا أَظَلَّه فمعناه أَلْقَى عليه ظِلَّه ، يقال : أَظَلَّتهم السَّحَابَةُ والشَّجَرة. ثم اتُّسِع فيه فقيل : أَظَلَّه أَمْرٌ ، وأظَلَّلنا شهرُ كَذَا ؛ والفرق بينهما أن أظَلَّ متعد بنفسه ، وأطل يُعَدَّى بعَلى.

تقضقضوا : تفرَّقوا ، وهو من معنى القضّ لا من لفظه.

خُلوفاً : أي خالين من حَامٍ. يقال : القوم خُلوف إذا غابوا عن أهاليهم لرَعْي وسَقْي ، كأنه جمع خالف وهو المستقِي. ويقال لمن تُركوا من الأهالي : خلوف أيضاً ؛ لأنهم خَلَفوهم في الديار ؛ أي بَقُوا بعدهم.

رصّه : ضَغَطه وضمّ بعضه إلى بعض.

الظَّلِفات : الخشبات الأربع التي تقَعُ على جَنْبي البعير.

[أطط] (*) : أَنس ـ رضي الله عنه ـ قال ابنُ سيرين : كنتُ معَه في يوم مَطِير حتى إذا كنَّا بأَطَط (١) والأرْضُ فَضْفَاضٌ صَلّى بنا على حمارٍ صلاةَ العصر ، يومىء برأسه إيماء ، ويجعلُ السجود أَخفضَ من الركوع.

هو موضعٌ بين البصرة والكوفة.

فَضْفَاض : من قولهم : الحوضُ ملآن يتفضفض ؛ أي يفيض من نواحيه امتلاء ، أراد كثرةَ المطر ، وإنما ذَكَّره لأنه أراد وَاد أو أَبطح فَضْفَاض ، أَو تأوَّل الأرض بالمكان كقوله :

*ولا أرضَ أَبْقَلَ إبْقَالها * (٢)

__________________

(*) [أطط] : ومنه حديث أم زرع : فجعلني في أهل أطيط وصهيل. ومنه حديث الاستسقاء : لقد آتيناك وما لنا بعير يئطُّ. النهاية ١ / ٥٤.

(١) في لسان العرب (أطط) بأطيط قال : وهو موضع بين البصرة والكوفة.

(٢) صدره :

فلا مزنة ودقت ودقها

والبيت من المتقارب ، وهو لعامر بن جوين في تخليص الشواهد ص ٤٨٣ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٥ ، ٤٩ ، ٥٠ ، والدرر ٦ / ٢٦٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٧٨ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٣٩ ، ٤٦٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٤٣ ، والكتاب ٢ / ٤٦ ، ولسان العرب ٧ / ١١١ (أرض) ، ١١ / ٦٠ (بقل) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٦٤ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١ / ٣٥٢ ، وأوضح المسالك ٢ / ١٠٨ ؛ وجواهر الأدب ص ١١٣ ، والخصائص ٢ / ٤١١ ، وشرح الأشموني ١ / ١٧٤ ، والرد على النحاة ص ٩١ ، ورصف المباني ص ١٦٦ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٥٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٤٤ ، وشرح المفصل ٥ / ٩٤ ، ولسان العرب ١ / ٣٥٧ (خضب) ، والمحتسب ٢ / ١١٢ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٥٦ ، والمقرب ١ / ٣٠٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٧١.

٤٣

وقد سهّل أمرَه أنه وإن كان صفة فليس له فعل كأسماء الفاعلين والصفات المشبهة ، فضرب له هذا سَهْماً في شبهِ الأسماء الجامدة.

مَطير : فعيل بمعنى فاعل ، لقولهم : ليلة مطيرة ، كأنه مَطرُ فهو مطير ، كقولهم : رفيع وفقير من رَفُع وفَقُر المتروك استعمالُهما.

[أطر] : عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ سئل عن السنّة في قصِّ الشارب ، فقال : أنْ تَقُصَّه حتى يَبْدُو الإطارَ.

هو حرف الشّفَة المحيطُ بها.

[أطّ] : في الحديث : أَطَّتِ السماءُ ، وحَقَّ لها أَنْ تَئِطّ ؛ فما فيها موضعُ شِبرٍ إلا وفيه مَلَك قائم أو راكع أو ساجد.

الأطيط : الحَنَين والنقيض (١) ، والمعنى أن كثرة ما فيها من الملائكة أثقلتها حتى أنقضتها ، وهذا مثلٌ وإيذان بكثرة الملائكة وإن لم يكن ثمَّة أَطِيط.

أهل أَطِيط في (غث). فأَطَره في (وط). وأْتَطَى العِشَاء في (وط).

الهمزة مع الفاء

[أفك] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال لبشير ابن الخَصاصِيَة : ممن أَنْت؟ قال : مِنْ رَبيعة. قال : أنتم تزعمون لو لا ربيعة لَائْتَفَكَتِ الأرْضُ بمَنْ عَليها.

أي لانقَلَبتْ بأَهْلِها ، من أفكه فَائْتَفَكَ. ومنه الإفك : وهو الكذب ؛ لأنه مقلوبٌ عن وجهه ، والمعنى : لولاهُمْ لهَلك الناس.

تزعمون بمعنى تقولون ، ومفعولها الجملة بأسْرِها.

[أفف] : أبو الدرداء رضي الله عنه ـ نعم الفارس عُويْمِرٌ غيرُ أُفَّةٍ.

أي غيرُ جبانٍ ، وهو من قولهم : أفّ له أي نتْناً ودَفْراً ، يقوله المتضجر من الشيء ، فكأنّ أصله غير ذي أفةٍ ؛ أي غير متأفف من القتال. وقولهم للجبان : يَأْفُوف من هذا أيضاً ، وغير خبر مبتدأ محذوف تقديره هو غير أُفّة.

وأما حديث : فأَلْقَى طَرَف ثوْبِه على أَنْفِه ثم قال : أُفّ أفّ. ـ فهو اسم للفعل الذي هو أتضجر أو أتكره مبني على الكسر.

__________________

(١) النقيض : الصوت.

(*) [أفك] : ومنه في حديث عائشة : حين قال لها أهل الإفك ما قالوا. النهاية ١ / ٥٦.

٤٤

[أفد] : الأحنف ـ رضي الله عنه ـ خرجنا حُجَّاجاً ، فمررنا بالمدينة أيام قَتْل عثمان ، فقلت لصاحبي : قد أَفِدَ الحجُّ ، وإني لا أرى الناس إلا قد نَشِبوا في قَتْل عثمان ، ولا أراهم إلا قاتليه.

أَفِد : حان وقته. قال النابغة :

أَفِد الترحُّل غيرَ أنّ رِكابنا

لمَّا تَزُل برحالنا وكأنْ قَدِ (١)

نشِبوا : أي وقعوا فيه وقوعاً لا منزع لهم عنه.

أفَّاق في (بج). والأَفْن في (سأ). المؤتفكات في (رس). أَفِيقة في (دب). أَفِيق في (سف).

الهمزة مع القاف

[أقط] : في (ثو). أقِطاً أَمْ تمراً في (شع).

الهمزة مع الكاف

[أكل] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ قال بعضُ بني عُذرة : أتيته بتَبوك ، فأخرج إلينا ثلاث أُكَلٍ من وَطِيئة.

جمع أُكْلة وهي القُرْص.

الوطيئة : القعيدة. وهي الغِرَارة التي يكون فيها الكَعْك والقَدِيد ؛ سميت بذلك لأنها لا تُفَارق المسافر ، فكأنها تواطِئه وتقاعده.

__________________

(١) البيت من الكامل ، وهو في ديوان النابغة ص ٨٩ ، والأزهية ص ٢١١ ، والأغاني ١١ / ٨ ، والجنى الداني ص ١٤٦ ، ٢٦٠ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٩٧ ، ١٩٨ ، ١٠ / ٤٠٧ ، والدرر اللوامع ٢ / ٢٠٢ ، ٥ / ١٧٨ ، وشرح التصريح ١ / ٣٦ ، وشرح شواهد المغني ص ٤٩٠ ، ٧٦٤ ، وشرح المفصل ٨ / ١٤٨ ، ٩ / ١٨ ، ٥٢ ، ولسان العرب ٣ / ٣٤٦ (قدد) ، ومغني اللبيب ص ١٧١ ، والمقاصد النحوية ١ / ٨٠ ، ٢ / ٣١٤ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٥٦ ، ٣٥٦ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٤٥٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٨ ، ١١ / ٢٦٠ ، ورصف المباني ص ٧٢ ، ١٢٥ ، ٤٤٨ ، وسر صناعة الإعراب ص ٣٣٤ ، ٤٩٠ ، ٧٧٧ ، وشرح الأشموني ١ / ١٢ ، وشرح ابن عقيل ص ١٨ ، وشرح قطر الندى ص ١٦٠ ، وشرح المفصل ١٠ / ١١٠ ، ومغني اللبيب ص ٣٤٢ ، والمقتضب ١ / ٤٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٣ ، ٢ / ٨٠.

(*) [أكل] : ومنه الحديث : من أكل بأخيه أكلة. وفي حديث عائشة تصف عمر رضي الله عنهما : وبَعَج الأرض فقاءت أُكلها. وفي حديث عمر : دَع الرُّبَّى والماخض والأَكولة. وفي حديث النهي عن المنكر : فلا يمنعه أن يكون أكيلة وشريبة. النهاية ١ / ٥٧ ، ٥٨.

٤٥

[النبي صلى الله عليه وسلم] ـ ما زالت أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَادُّني ، فهذا أَوَانَ قَطَعتْ أبهَرِي.

هي اللّقمة.

المعادّة : مُعَاودة الوجع لوقت معلوم. وحقيقتها أنه كان يحاسب صاحبه أيام الإفاقة ، فإذا تم العدد أصابه ، والمراد عادَّته أُكلة خَيْبَر فحذف.

الأَبهر : عرق مُسْتَبْطن [في] الصلبِ والقلبُ متصل به ، فإذا انقطع مات صاحبه. قال :

ولِلْفُؤَادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبْهَرِهِ

لَدْمَ الغُلامِ وَرَاءَ الغَيْبِ بالحَجَرِ

أوانَ : يجوز فيه البناء على الفتح ، كقوله :

*على حينَ عاتبتُ المشيبَ على الصّبا (١) *

نهى عن المُؤَاكَلَةِ.

هي أن يتحف الرجل غَريمه فيسكت عن مطالبته ؛ لأن هذا يأكل المال وذلك يأكل التحفة فهما يتآكلان.

أُمِرْتُ بقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَى ، يقولون يثرب.

أي يفتح أهلُها القرى ويغنمون أموالها ؛ فجعل ذلك أَكلاً منها للقرى على سبيل التمثيل ، ويجوز أن يكون هذا تفضيلاً لها على القرى ، كقولهم : هذا حديث يَأْكُل الأحاديث. وأسند تسميتها يثرب إلى الناس تحاشياً من معنى التثريب. وكان يسميها طَيْبة وطَابَة.

يقولون : صفة للقرية ، والراجع منه إليها محذوف والأصل يقولون لها.

عمر رضي الله عنه ـ ألله ليضربنَّ أحدُكم أَخَاه بمِثْلِ آكِلَةِ اللحم ، ثم يَرى أني لا أُقيدُهُ منه ، والله لأقِيدَنَّهُ منه.

__________________

(١) عجزه :

وقلت الما أصح والشيب وازع

والبيت من الطويل ، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٣٢ ، والأضداد ص ١٥١ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٥ ، وخزانة الأدب ٢ / ٤٥٦ ، ٣ / ٤٠٧ ، ٦ / ٥٥٠ ، ٥٥٣ ، والدرر ٣ / ١٤٤ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٠٦ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٥٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٤٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨١٦ ، ٨٨٣ ، والكتاب ٢ / ٣٣٠ ، ولسان العرب ٨ / ٣٩٠ (وزع) ، ٩ / ٧٠ (خسف) ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٤٠٦ ، ٤ / ٣٥٧ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١١١ ، والإنصاف ١ / ٢٩٢ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٣٣ ، ورصف المباني ص ٣٤٩ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣١٥ ، ٣ / ٥٧٨ ، وشرح شذور الذهب ص ١٠٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٨٧ ، وشرح المفصل ٣ / ١٦ ، ٤ / ٥٩١ ، ٨ / ١٣٧ ، ومغني اللبيب ص ٥٧١ ، والمقرب ١ / ٢٩٠ ، ٢ / ٥١٦ ، والمنصف ١ / ٥٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٨.

٤٦

قيل : هي السكِّين ، وأكْلُها اللَّحْم : قَطْعها له ، ومثلها العصا المحددة أو غيرها. وقيل : هي النار ، ومثلها السِّياط ؛ لإحراقها الجلد.

ألله : أصله أبا الله ، فأضمر الباء ، ولا تُضْمر في الغالب إلا مع الاستفهام.

يرى : يظنّ.

في الحديث : لُعِنَ آكِلُ الرِّبا ومُؤْكلُه.

أي مُعْطِيه.

[أكأ] : لا تَشْرَبُوا إلّا مِنْ ذِي إكَاء.

أي من سقاء له إكَاء ، وهو الوِكَاء.

الأَكُولة في (غذ). الأُكْرَة في (زق) المَأْكَمَة في (زو). أُكْلَها في (زف). أَكْلةً أَو أَكْلتين في (شف). مَأْكُول في (هب).

الهمزة مع اللام

[أل] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ عجب رَبُّكم مِن أَلِّكُمْ (١) وقُنُوطِكم وسُرْعَةِ إجابته إياكم.

ورُوِي : مِنْ أَزْلِكم.

الأَلّ والأَلَل والأَلِيل : الأنين ورَفْع الصوت بالبكاء.

والمعنى أن إفراطكم في الجُؤَار والنَّحِيب ، فعلَ القانطين من رحمة الله ، مُستغربٌ مع ما تَرَوْن من آثار الرَّأْفة عليكم ، ووَشْك الاستجابةِ لأدِعيتكم.

والأَزْلُ : شدَّةُ اليأْس.

ويلٌ للمتأَلِّين من أُمتي.

قيل : هم الذين يحلفون بالله متحكّمين عليه فيقولون : والله إن فلاناً في الجنة وإن فلاناً في النار.

ومنه حديث ابن مسعود : إن أبا جهل قال له : يا بنَ مسعود لأقْتلنّك. فقال : من يتألّ على الله يكذِّبه. والله لقد رأيتُ في النوم أني أخذت حَدَجَة حَنْظل فوضعتها بين كتفيك ،

__________________

(*) [أل] : ومنه في حديث الصديق لما عُرض عليه كلام مسيلمة قال : إن هذا لم يخرج من إلّ. ومنه حديث لقيط : أنبئك بمثل ذلك ، في إلّ الله. ومنه حديث أم زرع : وفيُّ الإلِّ كريم الخل. ومنه حديث علي : يخون العهد ويقطع الإل. النهاية ١ / ٦١.

(١) قال في لسان العرب (ألل) : قال أبو عبيد : المحدثون رووه من إلكم ، بكسر الهمزة ، والمحفوظ عندنا من ألكم ، وهو أشبه بالمصادر ، كأنه أراد من شدة قنوطكم.

٤٧

ورأَيتني أضرب كَتِفَيْك بنَعل ، ولئن صَدَقَتِ الرؤيا لأَطأَنّ على رقبتك ، ولأَذبحنّك ذبح الشاة.

لأقْتُلنَّك : جواب قسم محذوف ، معناه واللهِ لأَقتلنَّك ، ولهذا قال : من يتألَ على الله يكذِّبْه ؛ أي من يُقسم به متحكماً عليه لم يصدّقه الله فيما تحكَّم به عليه ، فخيّب مَأْمُوله.

الحَدَجَة : ما صَلُب واشتد ولمّا يستحكم إدراكه من الحنظل أو البِطيخ.

[ألب] (*) : إن الناسَ كانوا علينا أَلْباً وَاحِداً.

فيه وجهان : أحدهما أن يكون مصدراً ، من أَلَب إلينا المالُ إذا اجتمع ، أو من أَلَبْناه نحن إذا جمعناه ، أي اجتماعاً واحداً أو جمعاً واحداً. وانتصابُه إما على أنه خبر كان على معنى ذوي اجتماع أوْ ذَوِي جَمْع ، وإمَّا على أنه مصدر أَلَّبُوا الدَّال عليه : كانوا علينا ؛ لأن كونهم عليهم في معنى التألّب عليهم والتعاون على مُنَاصَبتهم. والثاني : أن يكون معناه يداً واحدة ، من الإِلْب وهو الفِتْرُ. قال حسّان :

والنَّاسُ إلْب علينا فيك ليس لنَا

إلا السُّيوف وأَطْرَاف القَنَا وَزَرُ (١)

تَفَل في عَيْنِ علي ، ومسحها بأَلْيَةِ إبهامه.

هي اللحمة التي في أصلها ، كالضَّرَّة في أَصل الخنصر.

[ألت] (*) : عمر رضي الله عنه ـ قال له رجلٌ : اتَّق الله يا أميرَ المؤمنين. فسمعها رجل فقال : أَتَأْلِتُ على أميرِ المؤمنين؟ فقال عمر رضي الله عنه : دَعْهُ فلن يَزَالوا بخير ما قالوها لنَا.

يقال : أَلَتَه يميناً إذا أَحْلَفَه ، وتقول العرب : ألتُّكَ باللهِ لمَا فَعَلتَ. وإذا لم يعطك حقَّك فقيِّدْه بالأَلْتِ. وهو من أَلته حقَّه إذا نَقَصه ؛ لأن من أحلفك فهو بمنزلة مَنْ أخذ منك شيئاً ونقصك إياه. ولما كان من شأن المُحْلِف الجسارةُ على المحرَج إلى اليمين والتشنيعُ عليه قال : أَتَأْلِتُ على أميرِ المؤمنين؟ بمعنى أَتجسر وتشنِّع عليه فِعْل الآلت ؛ والضمير في «فسمعها ، وقالوها» للمقالة التي هي : اتَّقِ الله.

__________________

(*) [ألب] : ومنه حديث عبد الله بن عمرو حين ذكر البصرة فقال : أما إنه لا يخرج منها أهلها إلا الألبة.

النهاية ١ / ٥٩.

(١) البيت من البسيط ، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص ٢٠٦ ، وتذكرة النحاة ص ٧٣٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٧٥ ، ولكعب بن مالك في ديوانه ص ٢٠٩ ، وشرح المفصل ٢ / ٧٩ ، والكتاب ٢ / ٣٣٦ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٢٧٦ ، والمقتضب ٤ / ٣٩٧.

(*) [ألت] : ومنه في حديث عبد الرحمن بن عوف يوم الشورى : ولا تغمدوا سيُوفكم عن أعدائكم فتؤْلِتوا أعمالكم. النهاية ١ / ٥٩.

٤٨

[ألف] (*) : ابن عباس رضي الله عنهما ـ لقد عَلِمَتْ قريشٌ أن أوَّل من أخذَ لها الإِيلافَ وأَجازَ لها العِيَرات لَهَاشم.

الإيلاف : الحبل ؛ أي العَهد الذي أخذه هاشم بن عبد مناف من قيصر وأشرافِ أحياء العرب لقومه بأَلّا يُتَعرض لهم في مُجتازاتهم ومسالكهم في رحلتهم. وهو مصدر من آلفه بمعنى ألِفَه ؛ لأن في العهد ألفةً واجتماعَ كلمة ، ويقال له أيضاً : إلْف وإلَاف. قال :

زَعَمْتم أنّ إخْوَتَكم قُرَيْشٌ

لهمْ إلْف ولَيْسَ لَكم إلَافُ

العِيَرات : جمع عِيْر. قال الكميت :

عِيرات الفِعال والحسَب العَوْ

دِ إليهم مَحْطُوطةُ الأعْكَامِ (١)

قال سيبويه : أجمعوا فيها على لغة هذيل ، يعني تحريك الياء في مثل قوله :

* أَخُو بَيَضَاتٍ رائحٌ مُتَأَوِّبُ *

وكان القياسُ التسكين ، وأن يقال عِيْرات كما يقال بَيْضات.

[ألي] : ابن عمر رضي الله عنهما ـ كان يقوم له الرَّجُلُ من إلْيَتِه ـ ورُوي من لِيَةِ نفسه ـ وروي من لِيَّتِه ، فما يجلسُ في مجلسه لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا يقيمنّ أحدُكم أخاه فيجلس في مكانه.

الإلية واللِّيَة : كلتاهما فِعْلة من ولي ، فقلبت الواو همزة أو حُذِفت.

والمعنى : كان يلي القيام طيّبة به نفسه من غير أن يُغْصَب عليه ، ويُجبَر على الانزعاج من مجلسه.

وأما اللِّيَّة فالأَقْرِباء الأَدْنون من اللَّيّ ؛ لأنَّ الرجالَ يُنْتَطَقُ بهم ، فكأنه يَلْوِيهم على نفسه.

ومعناه : كان يقوم له الرجل الواحد من أَقاربه. ويقال في الاقارب أيضاً : لِيَة بالتخفيف من الوَلْي وهو القُرْب.

[ألب] : ابن عمر رضي الله عنهما ـ ذكر البصرة فقال : أَمَا إنّه لا يُخْرِجُ أَهْلَهَا مِنْها إلّا الأُلْبَةُ.

هي المجاعة ، من التأَلُّب وهو التجمّع ؛ لأنهم في القَحْط يخرجون جماعة إلى الامتيار.

__________________

(*) [ألف] : ومنه في حديث حنين : إني أُعطي رجالاً حديثي عهد بكفر أتألفهم. ومنه حديث الزكاة : سهم للمؤلفة قلوبهم. النهاية ١ / ٦٠.

(١) البيت من الكامل ، وهو للكميت في شرح المفصل ٥ / ٣١ ، ٣٣ ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١ / ٣٤٦.

٤٩

البراء رضي الله عنه ـ السجود على أَلْيَتيِ الكفِّ.

أَرَادَ أَلْيَة الْإبْهام وضَرَّةَ الْخِنْصَر ، فغلَّبَ ؛ كقولهم : العُمَران والقَمَران.

[أله] : وُهيب رضي الله عنه ـ إذا وقع العَبْدُ في أُلْهَانِيَّةِ الرَّبِّ ، ومُهَيْمِنِيّةِ الصدِّيقين ، ورَهْبَانِيَّةِ الأَبْرَار لم يجدْ أحداً يأْخُذ بقَلْبه ولا تلحقه عينه.

هذه نسبة إلى اسم الله تعالى ، إلا أنه وقع فيها تغيير من تغييرات النسب ، واقتضابُ صيغةٍ ، ونظيرها الرُّجولية في النسبة إلى الرجل ؛ والقياس إلهية ورَجُلِية كالمهيمنيّة والرَّهْبَانية في النسبة إلى المهيمن والرَّهبان ؛ والرَّهْبَان : وهو الرَّاهب فَعلان مِنْ رَهِب ، كغَضْبان من غضب.

والمهيمن : أصله مُؤَيْمِن ، مُفَيْعِل من الأمانة. والمراد الصفات الإِلهية والمعاني المهيمنية والرَّهبانية ؛ أي إذا علّق العبدُ أفكاره بها وصرف وَهْمهُ إليها أَبْغَضَ الناسَ ، حتى لا يميل قلبُه إلى أحد ولا يطمح طرْفُه نحوه.

[ألس] [ألق] (*) : في الحديث : اللهم إنَّا نَعُوذُ بك من الألْسِ والأَلْقِ والكِبْر والسَّخِيمة.

الأَلْس : اختلاط العقل ، قال المتلمس :

* إني إذن لضعيفُ الرأي مَأْلُوس (١) *

وقيل : الخيانة ، قال الأعشى :

*هُمُ السَّمنُ بالسَّنُّوت لَا أَلْسَ فيهمُ (٢) *

الأَلْق : الجنون ، أُلِقَ فهو مأْلُوق. وقيل : الكذب ، أَلَقَ يأْلِق فهو آلِق : إذ انبسط لسانُه بالكذب.

السخيمة : الحِقْد.

إلّ الله الأرض في (هض). وهو إليك في (خش). اللهمّ إليك في (ور). تُؤْلِتُوا أعمالَكم في (حب). وَفِيّ الأَلّ في (غث). لم يخرج من إلّ في (نق). المآلي في (أب).

__________________

(١) صدر البيت :

لئن تبدلت من قومي حديثكم

(٢) عجزه :

وهم يمنعون جارهم أن يقردا

والبيت ليس في ديوان الأعشى ، وهو للحصين بن القعقاع في لسان العرب (سنت).

والسنوت : العسل.

(*) [ألق] : ومنه الحديث : اللهم إنا نعوذ بك من الألق. النهاية ١ / ٦٠.

٥٠

آل ، وأَلّى في (أو). لم آلُه في (ثم). إيلاء في (حد). الأُلوّة في (لو). علمي إلى علمه في (قر).

الهمزة مع الميم

[أم] : النبي صلى الله عليه وسلم ـ إن الله تعالى أَوْحَى إلى شَعيا أني أبعث أَعْمَى في عُميان وأُميًّا في أميين ؛ أُنَزل عليه السكينة وأُؤيده بالحكمة ، لو يَمُرُّ إلى جنب السراج لم يطفئه ، ولو يمرّ على القَصَبِ الرَّعْراع لم يُسْمَع صَوْتُه.

نسب الأُميّ إلى أمة العرب حين كانوا لا يُحسنون الخطّ ويخطّ غيرُهم من سائر الأمم ، ثم بقي الاسم وإن استفادوه بَعْدُ. وقيل : نسب إلى الأُمّ ؛ أي هو كما ولدته أمُّه.

السكينة : الوقار والطُّمَأْنينة. فعيلة من سكَن كالغَفِيرة من غفَر. وقيل لآية بني إسرائيل سكينة ؛ لسكونهم إليها.

الرَّعْرَاع : الطويل المهتزّ ، من تَرَعْرُع الصَّبيِّ وهو تحرّكه وإيقاعه ، ومن تَرَعْرُع السرابِ وهو اضطرابه. وُصِف بأنه بلغ من توقّرِه وسكون طائره أنه لا يُطْفِىء السراجَ مرورُه به مُلاصِقاً له ، ولا يحرك القصبَ الطويل الذي يكاد يتحرك بنفسه حتى يسمعَ صوتُ تحركه.

[أمم] : كان يحبُّ بِلالاً ويُمَازِحُه ، فرآه يوماً وقد خَرَج بطنُه فقال : أمّ حُبَينٍ.

هي عِظَاية لها بَطْن بارز ؛ من الحبَن وهو عِظَم البطن.

[أمر] (*) : إن أميري من الملائكة جبريل.

هو فَعيل من المُؤَامرة وهي المشاورة ، قال زهير :

وقال أميري هل ترى رأْيَ ما نَرَى

أَنختله عن نَفْسِه أم نُصَاوِله (١)

ومثله العَشِير والنَّزِيل ، بمعنى المعاشر والمنازل ، وهو من الأَمْر ؛ لأن كل واحدٍ منهما يُبَاثُّ صاحبه أمره ، أو يصدر عن رَأْيه وما يأمرُ به. والمراد وَليِّي وصَاحِبي الَّذي أَفزَع إليه.

[أمع] : ابن مسعود رضي الله عنه ـ لا يَكُونَنَّ أَحَدُكُمْ إمَّعَةً (٢). قِيل : وما اْلإمَّعَةُ؟ قال : الذي يقول : أَنَا مع الناس.

وعنه : اغْدُ عالِماً أوْ مُتَعَلِّماً ولا تَغْدُ إمَّعَة.

__________________

(*) [أمر] : ومنه الحديث : خير المال مهرة مأمورة. ومنه حديث أبي سفيان : لقد أمِرَ أمْرُ ابن أبي كبشة. ومنه حديث ابن مسعود : كنا نقول في الجاهلية قد أمِر بنو فلان. النهاية ١ / ٦٥ ، ٦٦.

(١) البيت في ديوان زهير بن أبي سلمى ص ٢٧.

(٢) في لسان العرب (أمع) : ولا تكن إمعة.

٥١

وعنه كنا نَعُدُّ الإمَّعَة في الجاهلية الذي يتْبَعُ الناسَ إلى الطَّعَامِ من غيرِ أَنْ يُدْعَى ؛ وإنَ الإمَّعَة فِيكم اليومَ المُحْقِبُ النَّاسَ دينَه.

الإِمَّعَة : الذي يَتْبَع كلَّ ناعقٍ ، ويقول لكل أحد : أنا مَعك ؛ لأنه لا رَأْيَ له يرجع إليه.

ووَزْنه فِعَّلة كدِنَّمَة (١) ، ولا يجوز الحكم عليه بزيادة الهمزة ؛ لأنه ليست في الصفات إفْعَلة ، وهي في الأسماء أيضاً قليلة.

المُحُقِب : المُرْدِف ، من الحقيبة ، وهي كل ما يجعله الراكب خَلْف رحله.

ومعناه المقلّد الذي جعل دينه تابعاً لدينِ غيره بلا رَوِيَّة ولا تحصيل بُرْهان.

[أمم] : حُذيفة رضي الله عنه ـ مَا مِنَّا إلَّا رجلٌ به آمَّة يُبَجِّسُها الظُّفْر (٢).

هي الشجَّة التي تبلغ أُمَ الرأس ، والمَأْمُومة مثلها. يقال : أَمَمْتُ الرجلَ بالعصا إذا ضربتَ أمَ رأسه ؛ وهي الجلدة التي تجمَعُ الدِّماغ ، كقولك : رأَسْتُه وصَدَرْتُه وظهَرْتُه : إذا ضربتَ منه هذه المَوَاضع ؛ فالآمّ : الضَّارب ، والمأمومة : أم الرأس. وإنما قيل للشجة آمَّة ومأمومة بمعنى ذاتُ أَم ، كقولهم : رَاضية ، وسيل مُفْعم.

وفي الحديث : في الآمَّة ثُلث الدِّيَة ـ وروي في المأْمُومة.

يُبَجِّسُها : يُفَجِّرها. أراد ليس منا أحد إلا به عَيب فاحش. وضربَ الشجّة الممتلئةَ من القَيْح البالغةَ من النُّضْجِ غايتَه التي لا يعجز عنها الظّفر فيُحتاج إلى بَطِّها (٣) بالمِبْضَع مثلاً لذلك.

[أمت] : الخُدْرِيّ رضي الله عنه ـ إن الله حرَّم الخمر فلا أَمْتَ فيه.

أي لا نَقْصَ في تحريمها.

يعني أنه تحريم بليغ ، من قولهم : ملأ مَزادتَه حتى لا أَمْتَ فيها ؛ أو لا شكّ ، من قولهم : بيننا وبين الماء ثلاثة أميال على الأَمْت ؛ أي على الْحَزْر والتَّقْدِير ؛ لأن الحَزْر ظنٌّ وشكّ. أو لَا لينَ ولا هَوَادة ، من قولهم : سار سيراً لا أَمْتَ فيه.

ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لا يزالُ أَمرُ هذه الأمة مُؤَامًّا ما لم يَنْظُرُوا في الوِلْدَانِ والقَدَرِ.

المُؤَامّ : المُقَارِب ؛ مُفَاعل من الأَمِّ وهو القَصْد ؛ لأن الوسطَ مشارف للتناهي مُقَارِب له ، قاصدٌ نحوَه ، وقولهم : شيء قَصْد ، والاقتصاد يشهد لذلك.

ومنه الحديث : لا تزالُ الفِتْنَة مُؤَامًّا بها ما لم تَبْدأْ من الشَّام.

__________________

(١) الدنمة ، بكسر الدال وشد النون : القصيرة (القاموس المحيط : دنم).

(٢) يبجسها الظفر : يفجرها الظفر ، والظفر بضمة وضمتين.

(٣) بط الجرح : شقه.

٥٢

ومُؤَامّ ههنا تقديره مُفَاعَل بالفتح ؛ لأَن معناه مقارَباً بها. والباءُ للتّعدية.

الوِلْدانِ : أطفال المشركين ، أراد ما لم يتنازعوا الكلام فيهم وفي القَدَر.

[أمه] : الزهري رحمه الله ـ مَن امْتُحِن في حدٍّ فأَمِهَ ، ثم تَبَرَّأَ فليْسَتْ عليه عقوبة ، وإن عُوقب فأَمِهَ فليس عليه حَدٌّ إلا أن يَأْمَه من غَيْر عُقُوبةٍ.

الأَمَه : النِّسيان. وفي قراءة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمةٍ [يوسف : ٤٥]. ولما كان في نسيان الشيء تَرْكُه وإغفاله ؛ ولهذا فُسِّر قوله تعالى : (فَنَسِيتَها) [طه : ١٢٦] بالترك ، قال : فأَمِه ؛ أي ترك ما كان عليه من التبرؤ والجحود تَرْكَ الناسي له ، ومعناه يؤول إلى الاعتراف.

[أمد] : الحجاج ـ قال للحسن : ما أَمَدُك يا حَسن؟ قال : سنتان من خلافة عمر رضي الله عنه. فقال : والله لعَيْنُك أكبرُ من أَمَدك.

أراد بالأمَد مبلغ سنّه والغاية التي ارتقى عليها عددُ سنِّه ، قال الطرمَّاح :

كلُّ حيٍّ مستكمِلٌ عدةَ العُمْ

رِ ومُودٍ إذا انْقَضَى أَمَدُه

سنتان : أي صدر ذلك وأوله سنتان ؛ فحذف المبتدأ ؛ لأنه مفهوم. ومعناه : ولدت وقد بقيت سنتان من خلافة عمر.

[أمم] : في الحديث ـ كانوا يتأَمَّمُونَ شِرَارَ ثِمَارهم في الصّدَقة.

أي يقصِدون ، وفي قراءة عبد الله : ولا تَأَمَّمُوا الخَبِيث [البقرة : ٢٦٧].

[أمر] : إن آدم لما زَيَّنَتْ له حَوَّاءُ الأكْلَ من الشجرَةِ ، فأكل منها فعاقبه الله قال : من يُطِعْ إمَّرَةً لا يأكلْ ثمرَة.

هي تأنيث الإمَّر : وهو الأَحمق الضعيف الرأي الذي يقولُ لغيره : مُرْني بأَمْرِك.

والمعنى : من عمل على مشورة امرأةٍ حمقاء حُرِم الخير.

ويجوز أن تكون الإمّرة ـ وهي الأنثى من أولاد الضَّأْن ؛ كناية عن المرأة ، كما يكنون عنها بالشاةِ.

[أمن] (*) : الأَمَانةُ غِنى.

__________________

(*) [أمن] : ومنه الحديث : تهران مؤمنان وتهران كافران. ومنه الحديث : لا يزني وهو مؤمن. وفي الحديث : النجوم أمته السماه. وفي حديث نزول المسيح عليه السلام : وتقع الأمنة في الأرض. وفي الحديث : المؤذن مؤتمن. وحديث : المجالس بالأمانة. وفي حديث أشراط الساعة : والأمانة مغنماً وحديث : الزرع أمانة والتاجر فاجر. وحديث : أستودع الله دينك وأمانتك. وحديث : من حلف بالأمانة فليس منا. النهاية : ١ / ٦٩ ، ٧٠ ، ٧١

٥٣

أي من شُهر بها كثر مُعَامِلوه فاستَغْنَى.

مأْمُورة في (سك). الإِمَاق في (صب). ويُؤْتَمَنُ الخائن في (تح). تقع الأَمَنَة في (هر). لا يَأْتَمِر رَشَداً في (هي). بإمَّرة في (ضر). يوم أَمَار في (حص). في تَامُورَته في (حب). أُمّ القُرَى في (بك). وأَمْر العامّة في (خص). أُمَّة في (رب) أَمِير أَو مَأْمُور في (قص). وأَمِيناً في (خي).

الهمزة مع النون

[أنى] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ إن رجلاً جاء يوم الجمعة ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فجعل يتخَطّى رقابَ الناسِ حتى صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فلما فرَغ من صلاته قال : أمَا جَمَّعْتَ يا فلان؟ فقال : يا رسول الله ؛ أما رأيتني جمّعتُ معك؟ فقال : رَأَيتك آنَيْتَ وآذَيْتَ.

أي أخَّرت المجيء ، قال الحطيئة :

وآنَيْتُ العَشاءَ إلَى سُهَيلٍ

أو الشِّعْرَى فَطَال بي الأَنَاءُ (١)

وهو من التأني.

حُكْمُ جعل في مثل هذا الموضع حكم كاد في اقتضائه اسماً وخبراً هو فعلٌ مضارع في تأويل اسم فاعل. وبينهما من طريق المعنى مسافةٌ قصيرة ؛ وهي أنّ كاد لمقاربة الفعل ومُشَارفته ، وجعل لابتدائه والخوض فيه.

التجميع : إتيان الجمعة وأداءُ ما عليه فيها.

والمعنى أنه جعل تجميعه في فَقْد الفضيلة لإيذائه الناس بالتخطي وتأخيره المجيء كَلَا تجْميع ؛ ونظيره لا صلاةَ لجار المسجد إلا في المسجد.

[آنك] : من استمع إلى حديثِ قومٍ وهُمْ له كارِهون صُبَّ في أُذُنيه الآنُكُ يَوْمَ القِيامة ـ وروي : ملأ الله مسامعه من البَرَم ـ وروي : ملأ الله سَمْعَه من البَيْرَم.

الآنُك : الأُسْرُبّ أعجمية.

ومنه حديثه : مَنْ جَلَس إلى قَيْنَةٍ لِيَسْتَمِعَ منها صُبَّ في أُذُنَيه الآنُكُ يَوْمَ القِيامة.

البَرَم والبَيْرَم : الكُحْل المُذَاب.

__________________

(*) [أنى] : ومنه في حديث غزوة حنين : اختاروا إحدى الطائفتين إما المال وإما السبي ، وقد كنت استأنيت بكم. وفي حديث الحجاب : (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ). وفي حديث الهجرة : هل أنى الرحيل. النهاية ١ / ٧٨.

(١) البيت في لسان العرب (أنى).

٥٤

القوم : الرجال خاصة. قال الله تعالى : (لا يَسْخَرْ) قَوْمٌ (مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ) [الحجرات : ١١]. وقال زهير :

* أقومٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ (١) *

وهذه صفة غالبة. جمع قائم كصاحب وصَحْب ، ومعنى القيام فيها ما في قوله تعالى:(الرِّجالُ) قَوَّامُونَ (عَلَى النِّساءِ) [النساء : ٣٤].

الواو في وهم : واو الحال ، وهي مع الجملة التي بعدها منصوبة المحل ، وذو الحال فاعل استمع المستترُ فيه ، والذي سوَّغ كينونتها حالاً عنه تضمُّنها ضميره. ويجوز أن تكون الجملة صفةً للقوم ، والواوُ لتأكيد لصوق الصِّفة بالموصوف ، وأن الكراهةَ حاصلةٌ لهم لا محالة. ونظيره قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٢].

المَسَامِع : جمع مِسْمَع ، وهو آلة السمع ، أو جَمْع سَمْع على غير قياس ، كمَشابِه ومَلَامح في جمع شَبَه ولَمْحة ، وإنما جُمِع ولم يثنّ لإرَادته المِسْمَعَينِ وما حولهما مبالغة وتغليظاً.

القَيْنَة عند العرب : الأمَة. والقَيْن : العبد. ولإن الغناء أكثر ما كان يتولاه الإماء دون الحَرَائر سميت المغنية قَيْنة.

[أنف] (*) : في قصة خروجه إلى المدينة وطلب المشركين إيّاه ـ قال سُراقةُ بن مالك : فبينا أنا جالس أقْبَل جالس أقْبَل رجل فقال : إني رأيت آنِفاً أَسْوِدَةً بالساحل أَراهم محمداً وأصحابَه. قال : فقلتُ : ليسوا بهم ، ولكن رأيتُ فلاناً وفلاناً وفلاناً انطلقوا بُغْيَاناً.

آنفاً : أي الساعة ، من ائْتِنَاف الشيء وهو ابتداؤُه ، وحقيقتُه في أول الوقت الذي يقرب منّا.

ومنه : إنه قيل له : مات فلان ، فقال : أليس كان عندنا آنِفاً؟ قالوا : بلى! قال : سبحان الله! كأنها أَخْذَة على غَضَب. المحروم : من حُرم وصيته.

الأَسْوِدَة : جمع سَوَاد ، وهو الشّخص.

__________________

(١) صدره :

وما اىري وسوف اخال ادري

والبيت من الوافر وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٧٣ ، والاشتقاق ص ٤٦ ، وجمهرة اللغة ص ٩٧٨ ، والدرر ٢ / ٢٦١ ، ٤ / ٢٨ ، ٥ / ١٢٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٥٠٩ ، وشرح شواهد المغني ص ١٣٠ ، ٤١٢ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٨٩ ، ومغني اللبيب ص ٤١ ، ١٣٩ ، ٣٩٣ ، ٣٩٨ ، وبلا نسبة في همع الهوامع ١ / ١٥٣ ، ٢٤٨ ، ٢ / ٧٢.

(*) [أنف] : ومنه في حديث سبق الحدث في الصلاة : فليأخذ بأنفه ويخرج. وفي حديث ابن عمر : إنما الأمر أُنُفٌ. النهاية ١ / ٧٥.

٥٥

البُغْيان : الناشدون ، جمع باغٍ ، كرَاعٍ ورُعيان.

المؤمنون هَيْنُون لَيْنُون كالجمل الأَنِف ، إن قِيدَ انقاد ، وإن أُنيخ على صخرة استناخ.

أَنِف البعير : إذا اشتكى عَقْرَ الخِشَاش أَنْفَه ، فهو أَنِف. وقيل : هو الذّلول الذي كأنه يأْنَف من الزَّجْرِ فيُعْطِي ما عنده ويسلس لقائِده. وقال أبو سعيد الضرير : رواه أبو عبيد : كالجمل الآنِف ، بوزن فاعل ، وهو الذي عَقَره الخِشَاش ؛ والصحيح الأَنِف على فَعِل ، كالفَقِر والظَّهِر.

والمحذوفة من ياءي هين ولين الأولى. وقيل الثانية.

الكاف مرفوعة المحلّ على أنها خبر ثالث ، والمعنى : أَن كل واحد منهم كالجمل الأَنِف.

ويجوز أن ينتصب محلها على أنها صفةٌ لمصدر محذوف تقديره لَيْنُون ليناً مِثْلَ لين الجمل الأنِف.

[أنس] : قال لرافع حين مسح بطنَه فألقى شحمة خضراء : إنه كان فيه سبعة أناسيّ.

جمع إنسان ، يعني سبْعَ أعين.

إنَّ المهاجرين قالوا : يا رسولَ الله ؛ إن الأَنصارَ قد فَضَلوا ؛ إنهم آوَونا وفعلوا بنا وفعلوا. فقال : ألستُم تعرفون ذلك لهم؟ قالوا : بلى! قال : فإنّ ذاك.

ذاك : إشارة إلى مَصْدر تعرِفون ، وهو اسم إن ، وخبرها محذوف ، أي فإن عرفانكم المطلوبُ منكم والمستحقُّ عليكم. ومعناه أن اعترافَكم بإيوائهم ونَصْرِهم ومعرفتكم حقَّ ذلك ـ ما أنتم به مطالَبُون ، فإذا فعلتموه فقد أدّيتم ما عليكم.

ومثله : قول عُمر بن عبد العزيز لقرشيّ مَتَّ إليه بقرابةٍ : فإنّ ذَاك. ثم ذكر حاجَتَهُ فقال : لعلَّ ذاك.

أي فإن ذاك مُصدَّق ، ولعل مطلوبك حاصل.

[أنح] : عمر رضي الله عنه ـ رأَى رجلاً يَأْنحُ (١) ببَطْنِه ، فقال : ما هذا؟ فقال : بركةٌ من الله. فقال : بل هو عذابٌ يعذّبك الله به.

الأُنُوح : صَوْتٌ من الجوف معه بُهْر يعتري السمين والحاملَ حِمْلاً ثقيلاً. قال يصف مَنْجَنِيقاً :

ترى الفِئَام قياماً يأْنَحُونَ لها

دأْبَ المُعَضّل (٢) إذ ضاقت مَلَاقيها

__________________

(١) أي يقله مثقلاً به ، من الأنوح.

(٢) عضلت الحامل وأعضلت : إذا صعب خروجها.

٥٦

[أنكليس] : علي رضي الله عنه ـ بعث عماراً إلى السوق فقال : لا تَأْكلُوا الأَنْكَلِيسْ من السمك.

قيل : هو الشَّلق ، وقيل : سمك شبيه بالحيَّات ، وتزعم الأطباء أنه رديء الغذاء وكرهه لهذا لا لأَنِه محرم. وفيه لغتان الأنكليس والأنقليس بفتح الهمزة واللام ، ومنهم من يكسرهما.

[أندرورد] : أقبل وعليه أَنْدَرْوَرْدِيَّةٌ.

الأَنْدَرْوَرْد : نوع من السراويل مشمَّر فوق التُّبّان (١) يُغَطّي الركبة.

ومنه حديث سَلمان قالت أم الدرداء : زارنا سلمان من المدائن إلى الشام ماشياً ، وعليه كساء وأَنْدَرْوَرْد.

والأَنْدَرْوَرْدية منسوبة إليه ؛ أي سراويل من هذا النوع.

[أنن] : ابن مسعود رضي الله عنه ـ إنَّ طُولَ الصَّلَاةِ وقِصَر الْخُطْبَةِ مَئِنَّةٌ من فِقْه الرجل المسلم.

قال أبو زيد : إنه لَمِئَنّةٌ من ذاك ، وإنهن لمَئِنّة : أي مَخْلَقة. وكل شيء دلّك على شيء فهو مئِنة له. وأنشد!

ومَنْزِلٍ مِنْ هَوَى جُمْلٍ نَزَلْتُ بِهِ

مَئِنَّة مِنْ مَرَاصيدِ المَنِيَّات (٢)

وأنشد غيره :

نَسْقي على دَرَّاجَةٍ خَرُوس

[مَعْصُوبَةٍ بين رَكايا شُوسِ]

مَئِنَّةٍ من قَلَتِ (٣) النفوسِ (٤)

ويقال : إن هذا المسجد مَئِنّة للفقهاء. وأنت عمدتنا ومَئِنّتنا.

وحقيقتها أنها مَفعِلة من معنى إنّ التأكيدية غير مشتقة من لفظها ؛ لأَنَّ الحروف لا يُشتق منها. وإنما ضمنت حروفَ تركيبها لإيضاح الدلالة على أن معناها فيها. كقولهم : سأَلتُكَ حاجة ، فلَا لَيْتَ فيها. إذ قال : لا ، لا. وأَنْعَمَ لي فلان إذا قال : نعم. والمعنى : مكان قول القائل : إنه كذا. ولو قيل : اشتُقَّتْ من لَفْظِها بعدما جُعلت اسماً ، كما أعربت ليت ولو ونُوِّئَتَا في قوله :

*إن لَوًّا وإنَ لَيْتاً عَنَاءَ*

كانَ قَوْلاً.

__________________

(١) التبان : هو سروال صغير.

(٢) البيت في اللسان (أن).

(٣) القلت : الهلاك.

(٤) الرجز لدكين في اللسان (أن).

٥٧

[أنث] (*) : النَّخَعي كانوا يكرهون المُؤَنَّثَ من الطِّيبِ ، ولا يرون بذُكُورَتِه بأْساً.

هو ما يتطيَّب به النساء من الزَّعْفَران والخَلُوق وما له رَدْع.

والذكورة : طِيب الرجال الذي ليس له رَدْع ، كالكافور والمِسْك والعود وغيرها.

التاء في الذكورة لتأنيث الجمع ، مثلها في الحزُونة والسّهولة.

[أنف] : وفي الحديث ـ لكلِّ شيء أَنْفَةٌ ، وأَنْفَة الصَّلَاةِ التَّكبيرَةُ الأُولى.

أي ابتداءٌ وأَوّل. كأنَّ التاء زِيدت على أَنف ، كقولهم في الذَّنَب ذَنَبة.

جاء في أمثالهم : إذا أخذت بذَنَبة الضب أعضبته وعن الكسائي آنِفَة الصّبا : مَيْعته وأوليته. وأنشد :

عذرتكَ في سَلْمَى بآنِفة الصّبا

ومَيْعَته إذ تَزْدَهيك ظِلالُها

مُونِقاً في (حي). وإنّه في (هض). الأَمْر أُنُف في (قف). أطول أَنَفاً في (عش). ورم أَنْفُه في (بر). أَتأنَّق في (اه). لجعلت أَنْفَك في قَفَاك في (بر). إنّه وإنه في (غو). أَنْف في السماء في (مخ). الأَنقَليس في (صل). آنِيَتكم في (خم). آنَسَهُم في (نف). أَنابِهَا في (خص). أُنُف في (رد).

الهمزة مع الواو

[أوى] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ لا يأْوِي الضَّالَّة إلا ضَالٌّ.

أوَيْتُه بمعنى آوَيْتُه. قال الأزهري : سمعت أعرابياً فصيحاً من بني نُمَير يَرْعَى إبلاً جُرْباً ، فلما أراحها بالعشيِّ نحَّاها عن مأوَى الصِّحاح ، ونادى عَريفَ الحيِّ ، فقال : [أَلَا ،] إلى أين آوِي بهذه المُوَقَّسةَ (١)؟

ومنه قوله عليه الصلاة والسلام للأنصار : أُبايعكم على أن تَأْوُوني وتَنْصُرُوني.

الضالّة : صفة في الأصل للبهيمة فغلبت. والمعنى أن مَنْ يضمُّها إلى نفسه متملكاً لها ولا ينشدُها فهو ضالٌّ.

[أول] (*) : قال فيمن صامَ الدهرَ : لا صامَ ولا آلَ ـ وروي : ألَا ـ وروي : ألَّى.

__________________

(*) [أنث] : ومنه في حديث المغيرة : فُضُلٌ مئناث. النهاية ١ / ٧٣.

(*) [أوى] : ومنه الحديث : كان عليه السلام يخوِّي في سجوده حتى كنا نأوي له. وحديث : كان يصلي حتى كنت آوي إليه. ومنه حديث المغيرة : لا تأوي من قلّة. ومنه قول : لأقطع في ثمر حتى يأويه الجرين. وفي حديث وهب : إن الله تعالى قال : إني أويت على نفسي أن أذكر من ذكرني. وفي حديث الرؤيا : فاستأى لها. وفي حديث جرير : بين نخلة وضالة وسدرة وآءة. النهاية ١ / ٨٢ ، ٨٣.

(١) الموقسة : الجرب.

(*) [أول] : ومنه في الحديث : الرؤيا لأوّل عابر. وفي حديث الإفك : وأمرُنا أمر العرب الأَوّل. وفي ـ

٥٨

آل : رجع. وهذا دعاءٌ عليه ؛ أي لا صام هذا الصوم ولا رجع إليه.

وأَلَا : قصّر ، وترك الجَهْدَ.

وألَّى : أفرط في ذلك. قال الربيع بن ضَبُع الفَزَاري :

وإنَّ كنائني لَنِساءُ صِدْقٍ

ومَا أَلَّى بَنيَّ ولا أَسَاءُوا (١)

ولا في هذا الوجه نافية بمنزلتها في قوله : فَلا صَدَّقَ ولا صَلَّى. والمعنى : لم يصم ؛ على أَنَّهُ لم يَتْرُك جهداً.

[أود] : عمر رضي الله عنه ـ إنّ نَادِبَتَهُ قالت : وَا عُمَراه! أقام الأَوَد ، وشَفَى الْعَمَد. فقال علي رضي الله عنه : ما قالَتْه ولكن قُوِّلته.

الأَوَد : العِوَج. يقال : أُدْتُه فأوِد ، كعجته فعوِج.

العَمد أَنْ يَدْبَر ظَهْرُ البعير ويَرِم ، وهو متفرع على العَمِيد ؛ وهو المريض الذي لا يتمالكُ أن يجلس حتى يُعْمَد بالوسائد لأنه مريض.

قوَّلته الشيء وأوقلته : إذا لقّنته إياه وألقيتُه على لسانه.

والمعنى أن الله أَجْرَاه على لسانها. أراد بذلك تصديقَها في قولها والثناء على عمر. لا بد للندبة من إحدى علامتين : إما يا وإما وا ؛ لأن النُّدْبَةَ لإظْهار التفجع ؛ ومدّ الصوت وإلْحاق الألف في آخرها لفصلها من النداء وزيادة الهاء في الوقف إرادةَ بيانِ الألف لأنها خفية ، وتحذف عند الوصل كقولهم : وا عمرا أمير المؤمنين.

[أوى] : مُعاذ رضي الله عنه ـ لا تأوَوْا لهم ؛ فإن الله قد ضربهم بذلٍّ مُفْدَم ، وأنهم سَبُّوا الله سبًّا لم يسبّه أحد من خَلْقِه ؛ دَعوا اللهَ ثالث ثلاثة.

أي لا ترِقّوا للنَّصارى ولا ترحموهم. قال :

*ولو أَنّني اسْتَأْوَيْتُه ما أَوَى لِيَا (٢)

* وهو من الإِيواء ؛ لأن المؤوِي لا يخلو من رِقَّةٍ وشَفَقَةٍ على المؤوَى.

__________________

ـ حديث أبي بكر وأضيافه : بسم الله الأولى للشيطان. وفي حديث ابن عباس : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل. ومنه حديث خزيمة السلمي : حتى آل السُّلَامى. وفي حديث قس بن ساعدة : قطعت مَهمَهاً وآلاً فآلاً. النهاية ١ / ٨٠ ، ٨١.

(١) البيت في لسان العرب (ألى).

(٢) صدره :

على امر من لم يشوني ضر امره

والبيت لذي الرمة في ديوانه ص ٦٥١.

٥٩

ومنه الحديث : كان يصلي حتى نأوي له.

المُفْدَم : من الصِّبْغ المُفْدَم ، وهو المُشْبَع الخاثر. والمعنى : بذُلّ شديد محكم مُبَالغ فيه.

[أوب] (*) : ابن عمر رضي الله عنهما ـ صَلَاةُ الأَوَّابينَ ما بين أن يَنْكَفِتَ أهْلُ المَغْرِبِ إلى أن يَثُوبَ أهل العِشاء.

هم التَّوَّابون الرَّاجعون عن المعاصي. والأَوْبُ والتَّوب والثَّوْب أخوات.

انْكفاتهم : انكفاؤهم إلى منازلهم. وهو مطاوع كَفَت الشيء : إذا ضمّه ؛ لأن المنكفئ إلى منزله منضمّ إليه.

وتؤوبُهم : عودهم إلى المسجد لصلاة العشاء. والمعنى : الإيذان بفضل الصلاة فيما بين العشاءين.

[أوه] : معاوية رضي الله عنه ـ قال يوم صِفّين : آهاً أبا حفص!.

قد كان بَعدك أَنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ

لو كنتَ شاهِدَهَا لم تكثر الْخُطَبُ.

هي كلمة تأسف ، وانتصابُها على إجرائها مُجْرى المصادر. كقولهم : ويحاً له! وتقدير فعل ينصبها ، كأنه قال تأسفاً : على تقدير أتأسَّف تأسّفاً.

الهنبثة : إثارة الفتنة ، وهي من النبث ، والهاءُ زائدة. ويقال للأمور الشداد هَنَابِث. يريد ما وقع الناس فيه من الفتن بعد عُمر رضي الله عنه. وهذا البيت يعزى إلى فاطمة.

[أول] : الأحنف ـ كتب إليه الحسين رضي الله عنه ، فقال للرسول : قد بَلَوْنَا فلاناً وآل أَبي فلان فلم نجد عندهم إيَالة للملك ولا مَكِيدة في الحرب.

آل الرعية يَؤُولها أوْلاً وإيالاً وإيالة : أَحْسن سياستها. وفي أمثالهم : قَدْ ألنَا وَإيلَ عَلَيْنَا. وإنما قلبت الواو ياء في الإيالة لِكَسْر ما قبلها وإعلال الفعل كالقيام والصيام.

لا تَأْوِي في (زو). من كل أُوْب في (حس). أُسْنى في (أس).

الهمزة مع الهاء

[أهب] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ لو جُعِل القُرْآنُ في إهَابٍ ، ثم أُلْقِيَ في النار ما احْترق.

__________________

(*) [اوب] : ومنه حديث السفر : ثوبا توبا اوبا. ومنه حديث أنس : فاب اليه ناس. ومنه الحديث. شغلونا عن الصلاة حتى آبت الشمس. النهاة ١ / ٧٩.

[اهب] : ومنه في حديث عمر : وفي البيت أهب عطنة. ومنه الحديث : أيما إهاب ديغ فقط طهر ، ومنه قول عائشة في صفة أبيها : وحقن الدماء في أهبها. النهاية ١ / ٨٣.

٦٠