الفائق في غريب الحديث - ج ١

جار الله محمود بن عمر الزمخشري

الفائق في غريب الحديث - ج ١

المؤلف:

جار الله محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٥

الدَّمَان والدّمَال بالفتح : فساده وَعفَنُه قبل إدراكه حتى يسوادّ ، من الدِّمْن والدَّمال وهما السِّرْقين.

القُشَام : انتفاضه قبل أن يصير بَلحاً ، وقيل هو أُكَالٌ يقع فيه ، من القَشْم وهو الأكْل ، ومن قول العرب : ما أصابت الإِبل مَقْشماً ؛ إذا لم تُصِبْ ما ترعاه.

[دمل] : سعد رضي الله تعالى عنه ـ كان يَدْمُل أرضَه بالعُرَّة ، وكان يقول : مِكْتل عُرَّة بمكتل بُرَّة.

دَمَل الأرضِ : تسميدُها ؛ لأنه يُصْلحها ، من دَمَل بين القوم إِذا أصلح ، واندمل الْجُرْح.

المِكْتَل : شبه الزِّنْبِيل ، من كَتَله إِذا جمعه ، ورجل مُكَتَّل الخلْق ؛ لأنه آلة لجمع ما يجمع فيه.

العُرَّة : العَذِرَة.

[دمق] : خالد ـ كتب إِلى عمر رضي الله عنهما : إِنّ الناس قد دمَقُوا في الخمر ، وتزاهدُوا في الحدّ.

هو من دَمَق على القوم ودَمَر إِذا هجم ؛ والمعنى : إِنهم تهافتوا في مُعاقرتِها تَهافُتاً.

[دمك] : وهب رحمه الله ـ في قصة إبراهيم أنه وابنه إسماعيل عليهما السلام كانا يبنيان البيتَ ، فيَرْفعان كلَّ يوم مِدْمَاكاً.

الصفّ من اللبِن والحجارة سافٌ عند أهل العراق ، وعند أهل الحجاز مِدْماك ، وهو من الدَّمْك وهو التَّوثيق. ورجل مَدْمُوك الخَلْق : معصوبه.

ومنه الحديث : كان بناء الكعبة في الجاهلية مِدْمَاك حجارة ، ومِدْمَاك عِيدانٍ من سفينة انكسرت.

[دمم] (*) : النخَعيّ رحمه الله تعالى ـ كان لا يرى بأساً بالصلاة في دِمَّة الغنَم.

قلب نون الدِّمنة لوقوعها بعد الميم ميماً ثم أدغمت الأولى في الثانية ، وذلك لتقاربهما واتفاقهما في الغُنّة والهواء. قال سيبويه : وتدغم النون مع الميم نحو : عمطر لأن صوتهما واحد ، ثم قال : حتى إنك تسمعُ الميم كالنون ، والنون كالميم حتى تبيِّن الموضع ؛ ولهذا جمعوا بينهما في القوافي في كثير من الشعر.

وقيل الدِّمَّة : مَرْبِض الغنم ؛ لأنه دُمَ بالبول والبعر ، من دَمَمْتُ الثوب إذا طليتَه بالصِّبغ ، وقِدْرٌ دَمِيم مَطلِية بالطِّحَال ، ودمَ البيت : طَيَّنه.

__________________

(*) [دمم] : ومنه حديث المتعة : وهو قريب من الدمامة. وحديث عمر : لا يزوجن أحدكم ابنته بدميم. النهاية ٢ / ١٣٤.

٣٨١

دُمْية ودَمِثاً في (شذ). دَمِثات في (اه) وفي (حم). دَمّيتها في (قت). الدِّماث في (بش).

الدال مع النون

[دندن] : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ سأل رجلاً : ما تدعو في صلاتك؟ فقال :

أدعو هكذا وكذا ، وأسأل ربي الجَنَّة ، وأتعوَّذُ به من النار ، فأمّا دَنْدَنَتُك ودَنْدَنَةُ مُعاذ فلا نُحْسِنُها. فقال له صلى الله عليه وآله وسلم : حولهما نُدَنْدِن ـ ورُوي : عنهما نُدَنْدِن.

هي كلامٌ أرْفَعُ من الهيْنَمة ، تُردِّده في صَدْرِك تسمع نَغَمته ولا يُفْهم.

ومنه : دَنْدَنَ الرجلُ : إذا اختلف في مكان واحد مجيئاً وذَهاباً.

ويجوز أن يكون في المعنى من الدَّنَن ، وهو التَّطَامن ، يقال : نَبْتٌ أدَنّ ، وفَرَس أدَنّ ؛ لأنه يخفِض صوتَه ويُطَأْمِنُه.

ووحَّد الضميرَ في قوله : «لا نُحسِنُها ؛ لأنه يُضمَر للأول كقوله :

*رماني بأمْرٍ كنتُ منه ووالدي بريًّا (١) *

الضمير في حولَهما للجنة والنار. والمعنى : ما تُدَنْدِنُ إِلا حول طَلَبِ الجنة ، والتعوّذ من النار ، ومن أجْلهما ، ولا مبايَنَة في الحقيقة بين ما نَدْعُو به نحن وبين دُعائك.

وأما عَنْهما نُدَنْدِن. فالمعنى أن دَنْدَنَتَنَا صادرةٌ عنهما ، وكائنة بسببهما.

[دنق] : الأوْزَاعِيّ رحمه الله ـ سئِل عن المسلم يُؤْسَر ، فَيُريدون قتلَه ، فيقال له : مُدَّ عنقك ؛ أيمدّ عُنُقَه ، وهو يخاف إنْ لم يَفْعَل أنْ يُمَثَّل به؟ فقال : ما أَرَى بأساً إذا خاف إن لم يَفْعل يُمَثَّل به أن يُدَنِّق في الموت.

أي يدنو منه ويدخل فيه ؛ من دَنَّقتِ الشمسُ إذا دنتْ من الغروب ، ودنَّقت عينه : غارت ؛ وتقديرهما : ما أرى به بأساً في أن يُدَنَّق ؛ فحذف الجار مع أنْ.

[دنو] (*) : في الحديث ـ سَمُّوا ، ودَنُّوا ، وسَمِّتُوا.

__________________

(١) تمامه :

رماني بأمر كنت منه ووالدي

بريئا ومن أجل الطوى رماني

والبيت من الطويل ، وهو لعمرو بن أحمر في ديوانه ص ١٨٧ ، والدرر ٢ / ٦٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٤٩ ، والكتاب ١ / ٧٥ ، وله أو للأزرق بن طرفة بن العمَّرد الفراصي في لسان العرب ١١ / ١٣٢ (جول).

(*) [دنو] : ومنه في حديث الحديبية : علام نعطي الدَّنيَّة في ديننا. وفي حديث الحج : الجمرة الدنيا. وفي حديث حبس الشمس : فادَّنى من القرية. النهاية ٢ / ١٣٧ ، ١٣٨.

٣٨٢

هذا في الطعام ، أي سَمُّوا الله ، وكلوا مِمَّا دنا منكم ، وادعوا للمُطْعِم بالبركة.

الدال مع الواو

[دوم] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ نهى أن يُبَال في الماء الدائم ، ثم يُتَوَضَّىَ منه.

هو السَّاكن ؛ دام الماء يَدُوم ، وأدَمْتُه أنا. ومنه تَدْوِيمُ الطائر ؛ وهو أن يتركَ الخَفَقَان بجَناحيه في الهواء. ودوامُ الشيء : مُكْثُه وسُكُونُه.

[دور] (*) : إنَّ الزمان قد اسْتَدَار كهيئته يومَ خَلَق الله السمواتِ والأرضَ ، السنة اثنا عشر شهراً ، (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) ، ثلاث متواليات : ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمحرَّم ؛ ورَجَب مُضَر الذي بين جُمَادى وشَعْبان.

استدار بمعنى دار. قال :

*كما يَسْتَدِير الحِمار النَّعِر (١) *

والمعنى : أَنّ أهل الجاهلية كانوا يقاتلون في المحرَّم ويَنْسئون تحريمه إلى صَفَر ، فإذا دخل صَفَر نَسَئوه أيضاً وهكذا ؛ إلى أنْ تَمْضِي السنة ، فلما جاء الإِسلام رجَع الأمر إلى نصابه ، ودارت السّنة بالهيئة الأولى.

قال : «ثلاث» ، ذَهاباً إلى المُدد ، كقوله : «ثلاث شخوص» (٢) ، لأنه ذهب إلى الأنفس.

أضاف رجَباً إلى مضر ، لأنهم كانوا يعظمونه.

[دوك] : في قصة خَيْبر : لأُعطينَّ الراية غداً رجلاً يَفْتح الله على يَدَيْه ؛ فبات الناس

__________________

(*) [دوم] : ومنه الحديث : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في ظل دومةٍ. وفي حديث قس والجارود : قد دوَّموا العمائم. ومنه حديث عائشة : عليكم السامُ الدامُ. النهاية ٢ / ١٤١ ، ١٤٢.

(*) [دور] : ومنه في الحديث : ما بقيت دارٌ إلا بني فيها مسجد. وقوله صلى الله عليه وسلم : وهل ترك لنا عقيل من دارٍ. وفي حديث الشفاعة : فاستأذن على ربي في داره. وفي حديث أهل النار : يحترقون فيها إلا دارات وجوههم. ومنه كلام علي : كأنه قِلْعٌ داريٌّ. النهاية ٢ / ١٣٩ ، ١٤٠.

(١) صدره :

فظل يرنح في غيطل

والبيت لامرىء القيس في ديوانه ص ١٦٢.

(٢) جزء من شطر بيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص ١٠٠ ، وتمام البيت :

٣٨٣

يَدُوكون ، فلما أصبحَ دعا علياً ، فأعطاه الرايةَ ، فخرج بها يَؤُجّ حتى ركَزها في رَضّمٍ من حجارة تحتَ الحِصْن.

أي يَخُوضون فيمن يَدْفَعُها إليه ، ومنه : وقعوا في دَوْكة ودُوكة.

يَؤُجُ : يُسْرع ويُهَرْوِل. قال :

*يَؤُجُّ كما أجَّ الظَّليمُ المُنَفَّر (١) *

الرَّضْم : صخور كالجزُور متراكمة ، يقال : بَنَى دَارَه فَرَضَم فيها الحجارة.

[دوج] : قال له صلى الله عليه وآله وسلم رجلٌ : يا رسول الله ؛ ما تركت من حاجَّة ولا داجَّة إلا أتيتُ ، قال : أليس تشهد أن لا إِله إلا الله وأن محمداً رسولُ الله؟ قال : بلى ، قال: فإنّ هذا بذاك.

وروي : إن أبا الطويل شَطْباً الممدود أتاه فقال : يا رسول الله ، أرأيت رجلاً عمِل الذنوبَ كلّها وهو في ذلك لا يترك حاجَّة ولا داجَّة إلا اقتطعها بيمِينه ، هل له من توبة؟ قال : هل أسلمت؟ قال : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، قال : نعم قد عمل الخيرات بترك الشهوات يجعلهنّ الله لك خيرات كلها.

الدَّاجَّة : إتباع ، وعَيْنُها مجهولة الشأن ، فحملتْ على الأغلب ، لأن بنات الواو من المعتل العين أكثر من بنات الياء. والمعنى : أنه لم يبق شيئاً من حاجات النفس أو شهواتها أو معاصيها إلا قضاه.

وأما الداجّة فقد مضى تفسيرها ؛ والمراد الجماعة الحاجّة والداجّة.

في «ألَيْس» ضمير الأمر والشأن.

[دور] : مَثَلُ الجليس الصالح مثل الدَّارِيّ إنْ لم يُحْذِك من عِطْره عَلِقَك من ريحه ، ومَثَلُ الجليس السَّوْء كمثل الكِير إن لم يُحْرقْك من شِرار ناره عَلِقَك من نَتْنه.

الدَّاريّ : العطار ، نسب إلى دَارين بلد يُنْسَب العِطْر إليها ، قال :

إذا التَّاجرُ الدَّارِيُ جاء بفأْرةٍ

من المِسْكِ راحَتْ في مَفَارِقِه تجري (٢)

الإِحْذاء : الإِعطاء ، والحَذِيَّة والحُذْيا : العَطِيَّة.

كِير الحداد : المبنيّ من الطين ، ويكون زِقّه أيضاً ، وقيل : الكِير الزِّق ، والكُور من الطين ، ويُوشك أن تكون الياء فيه عن الواو ، ويكون بابهما واحداً ، وفُرِّق بين البناءين بضمّ الفاء وكسرها ، واشتقاقهما من الكَوْر الذي هو ضد الحَوْر ؛ لأنّ الريح تزيد فيهما عند كل نَفْخة ، وتنقُص ؛ وكِلَا تفسيري الكِير له وجه هاهنا ، أما المبنيّ فظاهرٌ أمره ؛ وأما الزِّق فلأنّه

__________________

(١) البيت في لسان العرب (أجج).

(٢) البيت في لسان العرب (دور).

٣٨٤

سببُ حياة النار فجازت إضافتها وما يتعلق بها إليه.

السوْء : الرَّداءة والفساد ، فوصف به كما يوصف بالمصادر. وقال أبو زيد : سمعت بعض قيس يقول : هو رجل سوْء ورجلان سوْءان ورجال أسْواء ، وأكثر الاستعمال على الإِضافة ، تقول : رجلُ سوْءٍ ، وعملُ سوْءٍ. ومنه قوله تعالى : (ظَنَّ السَّوْءِ*) [الفتح : ٦].

ألا أنْبِئُكم بخير دُور الأنصار؟ دُورُ بني النَّجار ، ثم دُورُ بني الأشْهَل ، ثم دُورُ بني الحارِث ، ثم دُورُ بني ساعدة ، وفي كل دور الأنصار خير.

دُور القوم وديارُهم : منازل إقامتهم ، ومنه قولهم : ديار رَبيعة و[ديار] مُضر للبلادِ التي أَقاموا بها ، وأما قولهم : دُورُ بني فلان يريدون القبائلَ ، ومَرّت بنا دارُ بني فلان ؛ أيْ جماعتُهم ، وكذلك قولهم : بيوتُ العرب وبيوتاتُها والمراد أحياؤها ، وهي في الأصل الأخبية ، فعلَى أنّ أصلَه أَهلُ الدُّور وأهلُ البيوت فحذف المضاف واستمر على حَذْفه ، كقولهم : قُرَيش ومُضَر. ومنه الحديث : ما بقيت دارٌ إلا بني فيها مسجد ؛ أي قبيلة.

[دوأ] (*) : قال صلى الله عليه وآله وسلم : مَنْ سَيِّدُكم يا بَني سَلِمة؟ قالوا : الجَدّ بن قَيْس ، على أنا نُبَخِّلُه. فقال : وأيُ داءٍ أدْوَأ من البُخْل؟ بل سيِّدكم الجَعْد القَطَط عمرو بن الجَمُوح ، فقال بعض الأنصار :

وسُوِّد عَمْرو بن الجَمُوح لجُوده

وحَقَّ لعمرو ذي الندى أنْ يُسَوَّدَا

إذا جاءهُ السُّؤّالُ أَنْهَبَ مالَه

وقال خذوه إنه عائد غدَا

وليس بخاطٍ خَطْوَةً لدنيّةٍ

ولا باسطٍ يوماً إلى سوْءةٍ يَدا

فلو كنتَ يا جدّ بن قيس على التي

على مثلِها عمروٌ لكنتَ المسوَّدا.

دَاء الرجلُ يَدَاء داءً فهو داءٌ ، والمرأة داءَةٌ ، وتقديرهما فَعِل وفَعِلة.

وفي كلام بعض الأعراب : كحلني بما تُكحل به العيون الدّاءة ؛ فهو نظير شَاءَ في أن عينَه حرفُ عِلّة ، ولامُه همزة أصلية غير منقلبة ، وأما دَوِيَ يَدْوَى دوًى فهو دوٍ فتركيبٌ برأسه. وليس لقائل أن يقول : إنّ دَاءَ من دَوِيَ قلبت واوُه ألفاً ، وياؤه همزة ، وجمع بين إعْلالَيْن.

الجَعْد : الكريم الجواد ، وإذا ذُكِرَتِ اليدُ فقيل : جَعْد اليدين وجَعْد البَنَانِ وجَعْد الأصابِع فهو اللئيم البخيل ، ويقال في ضدّه : سَبْط البنان ، ويده سَبْطة. وقد جاء القَطط تأكيداً له في المعنيين جميعاً ؛ فقالوا : للكريم : جَعْد قَطَط ، وللّئيم جَعْد اليديْن قَطط ، قال :

سَمْح اليدين بما في رَحْل صاحبه

جَعْد اليدين بما في رَحْله قَطَطُ

__________________

(*) [درا] : ومنه في حديث أم زرع : كل داء له داء. ومنه حديث العلاء بن الحضرمي : لا داء ولا خبثة. النهاية ٢ / ١٤٢.

٣٨٥

والقول في ذلك أنّ اليد إذا وصفت بالجعودة فقد وصفت بالانقباض الذي هو ضد الانبساط وهذا ظاهر ، أما وصْفُ الرجل بذلك فلأنّ الغالبَ على العرب جُعُودة الشعر ، وعلى العجم سبُوطته. قال :

هل يُرْوِيَنْ ذَوْدَكَ نَزْعٌ مَعْدٌ

وساقيان سَبِطٌ وجَعْدُ (١)

قالوا : يعني بالسَّبْط العجميّ والجَعْد العربيّ ، لأنهما لا يتفاهمان كلامهما ، فلا يشتغلان بالكلام عن السقي ، فهذه في الأصل كناية عن خُلُوِّه من الهجنة وخُلوصِه عربيًّا ، ومتى أثْبت له أنه عربيّ تناوله المدح ، وردفه أن يكون كريماً جواداً.

الَّتي : أراد الصفة التي ، أو العاد الَّتي.

[دوم] : حُذَيْفَة رضي الله عنه ـ ذكر الفتن ، فقال : إنها لآتِيَتُكُمْ دِيماً دِيَماً.

الدِّيمةُ : المطر يَدُوم أياماً لا يُقْلِع ؛ فهي فِعْلة من الدَّوام ، وانقلاب واوها ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. وقولُهم في جمعها دِيَم ، وإن زال السكونُ لحمل الجمع على الواحد وإتْباعه إياه ؛ شبَّهها بهذه الأمطار وكرر ، أراد أنَّها تترادف وتمكث مع ترادفها.

ومنه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها : إنها سئلت : هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُفَضِّلُ بعضَ الأيام على بعض؟ فقالت : كان عمله دِيمَةً.

[دوح] : ابن عُمَر رضي الله عنهما ـ قَطَعَ رجلٌ دَوْحَةً من الحرم ، فأمره أن يعتق رَقَبَةً.

هي الشجرة العظيمة من أيّ شجر كانت. قال :

*يَكُبُّ على الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبُلِ (٢) *

وانْدَاحَتِ الشجرة. ومِظَلَّةٌ دَوْحَةٌ ؛ أي عظيمة.

[دوم] : عائشة رضي الله تعالى عنها ـ كانت تأمُرُ من الدُّوَام بسبع تَمَرات عَجْوة في سبع غَدَوات على الرِّيق.

الدُّوَام : الدُّوَار ، ودِيم به مثل دِير به ؛ ومنه الدُّوَّامة لدورانها.

العجوة : ضرب من أجود التمر.

[دول] (*) : الحجَّاج ـ يوشك أن تُدَالَ الأرض منّا ، فَلَنَسْكُنَنَّ بطنَها كما عَلَوْنا ظهرَها ،

__________________

(١) البيت لأحمد بن جندل السعدي في لسان العرب (معد) ، وبلا نسبة في أساس البلاغة (معد).

(٢) صدره :

فأضحى يسح الماء حول كتيفة

والبيت لامرىء القيس في ديوانه ص ٢٤.

(*) [دول] : ومنه في حديث أشراط الساعة : إذا كان المغنم دُوَلاً. وفي حديث وفد ثقيف : ندال عليهم ويدالون علينا. النهاية ٢ / ١٤٠ ، ١٤١.

٣٨٦

ولتأكلَنَّ من لحومنا كما أكلنا من ثمارها ، ولتشربَنّ من دمائنا كما شربنا من مائها ، ثم لَتُوجَدَنَّ جُرُزاً ، ثم ما هو إلا قولُ الله : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ). [يس : ٥١].

أي تُجْعَلُ للأرْض الكَرَّة علينا ؛ تقول : أدال الله زيداً من عمرو مجازاً : نزع الله الدَّوْلة من عمرو فآتاها زيداً. وفي أمثالهم : يُدَال من البِقاع كما يُدَال من الرجال. أي تُؤخذ منها الدُّوَل.

قال المبرِّد : أرض جُرُز وأرَضُون أجْراز : إذا كانت لا تُنْبِت شيئاً ، وتقدير ذلك أنها كأنها تَأْكل نبتَها فلا تُبْقِي منه شيئاً ، من الجَرْز وهو الاسْتِئْصال.

هو : ضمير الشأن ، أي ما الشأن إلا قول الله تعالى.

[دوح] : في الحديث ـ كم من عَذْقٍ دَوَّاح [في الجنة] لأبي الدَّحْدَاح.

قيل هو العَظِيم ، فَعَّال من الدَّوْحة.

ودَائِس في (غث). دَوْماء الجَنْدل في (ند). دَيْمُومة ودَوِيةً ودَوْهصها ودَوْفصها في (عب). مِنَ الدَّاويّ في (ين). دِيَماً في (حي). الدَّأم في (سأ).

الدال مع الهاء

[الدهر] (*) : النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا تَسُبُّوا الدَّهرَ فإن الدّهرَ هو الله ـ وروي : فإن الله هو الدهر.

الدَّهْر : الزَّمان الطويل ، وكانوا يعتقدون فيه أنه الطارق بالنوائب ، ولذلك اشتقوا من اسمه دَهَرَ فلاناً خطبٌ ؛ إذا دهاه ، وما زالوا يَشْكُونَه ويَذُمّونه. قال حُرَيْث :

*الدَّهْرُ أَيَّتمَا حالٍ دَهارِيرُ (١) *

__________________

(*) [دهر] : ومنه في حديث موت أبي طالب : لو لا أن قريشاً تقول دهره الجزع لفعلت. وفي حديث أم سليم : ما ذاك دَهْرُكِ. وفي حديث النجاشي : فلا دهورة اليوم على حرب إبراهيم. النهاية ٢ / ١٤٤.

(١) صدره :

حتى كأن لم يكن ألا تذكرة

والبيت من البسيط ، وهو لحريث بن جبلة العذري في شرح أبيات سيبويه ١ / ٣٦٠ ، وله أو لعثير بن لبيد العذري في لسان العرب ٤ / ٢٩٤ (دهر) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٣٩ ، وجمهرة اللغة ص ٦٤١ ، والخصائص ٢ / ١٧١ ، وسمط اللآلي ص ٨٠٠ ، والكتاب ١ / ٢٤٠ ، ومجالس ثعلب ١ / ٢٦٦.

٣٨٧

أي دواهٍ وخطوب مختلفة ، وهو بمنزلة عَبادِيد في أنه لم يستعمل واحده ، وقال رجل من كَلْب :

لَحا الله دهراً شرُّه قبل خيرِه

تَقاضى فلم يُحْسِنْ إليَّ التَّقَاضا

وقال الشَّنْفَرى :

*بَزّني الدهر وكان غشوماً*

وقال يحيى بن زِياد :

عذِيريَ من دهر كأني وترتُه

رهينٌ بحبلِ الوُدِّ أن يتقطَّعَا

فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذمِّه ، وبَيَّن لهما أن الطوارق التي تنزل بهم مُنْزِلُها الله عزّ سلطانه دونَ غيرِه ، وأنّهم متى اعتقدوا الدهر أنه هو المنْزِل ثم ذمّوه كان مرجِعُ المذمَّة إلى العزيز الحكيم ، تعالى عن ذلك عُلُوًّا كبيراً.

والذي يحقق هذا الموضع ، ويفصل بين الروايتين ، وهو أن قَوْلَهُ : «فإن الدهر هو الله». حقيقته : فإن جالبَ الدهر هو الله لا غيرُه ، فوضَع الدّهْرَ موضع جالب الحوادث ؛ كما تقول : إن أبا حنيفة أبو يوسف ، تريد أنّ النهاية في الفقه أبو يوسف لا غيره ، فتضع أبا حنيفة موضع ذلك لشهرته بالتَّناهي في علمه ، كما شهر الدَّهْرُ عندهم بجلْب الحوادث.

ومعنى الرواية الثانية : فإن الله هو الدهر.

فإنَّ الله هو الجالبُ للحوادث لا غير الجالب ، ردّاً لاعتقادهم أن الله ليس من جَلْبِها في شيء ، وأن جالبَها الدهر ؛ كما لو قلت : إن أبا يوسف أبو حنيفة ، كأن المعنى أنه النهاية في الفِقْه لا المتقاصر.

هو : فصل ، أو مبتدأ خبره اسم الله ، أو الدهر في الروايتين.

[دهس] (*) : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ـ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقبل من الحُدَيْبيَةِ فنزل دَهاساً من الأرض ، فقال : مَنْ يَكْلَؤُنا الليلة؟ فقال بلال : أنا ، ثم ذكر أنهم ناموا حتى طلعت الشمس ، فاسْتيقظَ ناس فقلنا : أَهْضِبُوا.

الدَّهْس والدَّهَاس : ما سَهُل ولَانَ من الأرض ، ولم يبلغْ أن يكونَ رمْلاً. قال :

*وفي الدَّهَاسِ مِضْبَرٌ مُواثِمُ (١) *

هضبوا ـ في الحديث : أفاضوا فيه بشدة ، من هَضَبَتِ السماءُ إذا وقع مطرُها وقْعاً شديداً ؛ كرهوا أن يُوقِظُوه ، فأرادوا أن يستيقظ بكلامهم.

__________________

(*) [دهس] : ومنه حديث دريد بن الصمة : لا حَزْنٌ ضَرِسٌ ولا سهلٌ دَهْسٌ. النهاية ٢ / ١٤٥.

(١) البيت في لسان العرب (دهس).

٣٨٨

[دهم] (*) : من أراد المدينةَ بِدَهْم أذابَه الله كما يذوبُ المِلْح في الماء.

قال المبرِّد : يقال للعامة الدَّهْماء ، يراد أنَّهم قد غطّوا الأرض ، كما يقال عليك بالسواد الأعظم ، وعلى ذلك يقال في كثرة جاءهم الدَّهْم ، قال :

جِئْنَا بِدَهْمٍ يَدْهَمُ الدُّهُوما

مَجْرٍ كأنَّ فوقَه النُّجُوما (١)

ومنه الحديث : إن أبا جهل لم يَشْعُر بعسكرِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومَ بدْر حتى تَصَايحَ الفريقان ، ففزع أبو الحكَم ، فقال : ما الخبر؟ فقيل : محمد في الدَّهْم بهذا القَوْز فأخذتْه خَوَّة فلا يَنْطِق.

القَوْز : الكثِيب المستدير. الخَوَّة : أصلها الفَتْرة التي تصيب ، من الخَوَى وهو الجوع فاستعيرت ، وفيها دليل على أن لامَ خوى واو ، وأَنه مثل قَوِي من القوَّة.

ومن الدَّهْم حديث بَشِير بن سعد رضي الله عنه :

إنه خرج في سَريَّة إلى فَدَك ، فأدركه الدَّهْم عند الليل فأصِيب أصحابه ، وولَّى منهم مَنْ وَلَّى ، وقاتل قتالاً شديداً حتى ضُرِبَ كعبُه ، وقيل : قد مات.

يُضرَب كعبُ الصَّرِيع في المعركة فإن لم يتحرك أوقِن بموته.

[دهمق] : عمر رضي الله تعالى عنه ـ لو شِئتُ أنْ يُدَهْمَقَ لِي لفَعَلْتُ ذلك ؛ ولكنَّ الله عاب قوماً فقال : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها). [الأحقاف : ٢٠].

الدَّهْمَقة في الطعام : التجويد والتلْيِين ، يقال : وتَرٌ مُدَهْمَق ، إذا جاء به قاتِلُه مُسْتَوِياً ، وقِدْح مُدَهْمَق : مستوِي المتْن ، نقيّ من العيوب ، وسُمِّيَ مُدْرِك الفَقْعسي مُدَهْمِقاً لتجويدِه شعره.

[دهق] : العباس رضي الله تعالى عنه ـ قال عبد الله : إنه ربّما سمعت العباس يقول : اسقُونِي دِهاقاً.

أي كأساً مُتْرَعَةً ، وكأنها التي تَدْهَقُ ما فيها ، أي تُفْرِغُ ؛ لشدة امتلائها ، يقال : دَهَق الماء دَهْقاً إذا أفْرغَه.

وإنما ذكَر هذا ابنُ عباس استشهاداً لقوله تعالى : (وَكَأْساً) دِهاقاً [النبأ : ٣٤].

[دهم] : حُذَيْفة رضي الله تعالى عنه ـ ذَكَرَ الفِتْنَةَ فقال : أتَتْكُم الدُّهَيْماء ترمي

__________________

(*) [دهم] : ومنه في حديث علي : لم يمنع ضوءَ نورها ادهامُ سجفِ الليل المظلم. وفي حديث قس : وروضة مدهامَّة. النهاية ٢ / ١٤٥ ، ١٤٦.

(١) البيت بلا نسبة في لسان العرب (دهم).

٣٨٩

بالنَّشَف ، ثمّ التي تليها ترمي بالرَّضف ، والذِي نَفْسِي بيده ما أعْرِف لي ولكم إلا أنْ تَخْرُجَ منها كما دخلْنا فيها!.

هي تصغير الدَّهْماء ؛ وهي الفتنة المُظْلمة ، وهو التصغير الذي يقصد به التعظيم.

النَّشَفُ : جمع نَشْفَة ؛ وهي الفِهْر (١) السَّوْداء كأنها مُحْرَقَة.

الرَّضَفُ : الحِجَارة المحمَاة ، الواحدة رَضْفَة.

ذكر تتابُعَ الفِتن ، وفظاعة شَأْنها ، وضرَب رميها بالحجارة مثلاً لما يصيبُ الناس من شرّها ، ثم قال : ليس الرأي إلا أن تنجلي عنا ونحن في عدم التباسنا بالدنيا كما دخلنا فيها.

دهِس في (به). الدُّهقان في (قر). المُدْهن في (صب). يدّهن بالعبير في (دي). دَهَارير في (رج). فتدَهْدَى في (ثل).

الدال مع الياء

[دين] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ خرج الأعشى ، واسمه عبد [الله] بن لَبيد الأعور الحِرْمَازِي في رَجَب ، يَمير أهلَه من هَجَر ، فهرَبت امرأتُه بعدَهُ ناشزاً عليه ، فعاذت برجل منهم يقال له : مُطَرِّف بن بهضل ، فجعلها خَلْف ظهره ، فلما قدِم أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فعاذ به ، وأَنْشأ يقول :

يا سَيِّد النَّاسِ وديَّانَ العربْ

إليكَ أشْكو ذِرْبَةً من الذِّرَبْ

كالذَّئْبَة الغَبْساءِ في ظلِّ السَّرَبْ

خَرجتُ أبْغيها الطعامَ في رَجَبْ

فَخَلَفَتْنِي بنزاعٍ وحَرَبْ

أَخْلَفَتِ الوَعْدَ ولطَّت بالذَّنَبْ

وقذفتْنِي بين عِيصٍ مُؤْتَشِبْ

وهُنَّ شَرُّ غالبٍ لمن غَلَبْ

فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتمثلها ويقول :

*وهو شَرُّ غالبٍ لمن غَلَبْ *

يُكَرِّر ذلك عليه. وكتب إلى مطرِّف : انظر امرأة هذا مَعاذةً فادفعها إليه.

الدَّيَّان : فَعَّال ، من دان الناسَ إذا قَهرَهم على الطاعة. يقال : دِنْتُهُمْ فَدَانُوا ، أيْ قهرتهم فأطاعوا.

__________________

(١) الفهر : هو حجر يملأ الكف ، وهو مؤنث.

(*) [دين] : ومنه الحديث : كان علي ديَّان هذه الأمة. وفي دعاء السفر : استودع الله دينك وأمانتك. وفي حديث عمر : إن فلاناً يدين ولا مال له. ومنه حديث عمر عن أسيفع جهينة : فادَّان معرضاً. ومنه الحديث : ثلاثة حق على الله عونهم ، منهم المديان الذي يريد الأداء. ومنه حديث مكحول : الدَّين بين يدي الذهب والفضة ، والعُشْرُ بين يدي الدَّين في الزرع والإبل والبقر والغنم. النهاية ٢ / ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٥٠.

٣٩٠

ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم : الكَيّس من دانَ نفسَه ، وعَمل لما بعد الموت ، والأحمق من أَتْبَع نفسَه هواها ثم تمنّى على الله.

الذِّرْبَة : فِعْلة منقولة من فَعِلة ؛ كما تقول في كَلِمة : كِلْمة ، وفي مَعِدة مِعْدة. يقال : ذَرِب الرجل ذَرَباً وذَرَابةً : إذا صار حادّ اللسان ، فهو ذَرِب ، وهي ذَرِبة ، وذَرِب لسانه ؛ وصفَها بالسَّلاطة. وقيل : ذَرَبُ اللسانِ : سرعته وفساد مَنْطقه ؛ من ذَرِبَتْ مَعِدتُه ، إذا فَسَدت. وعن أبي عُبَيْدة : هو سرعة اللسان حتى لا يثبت الكلام فيه ، كذَرَب المعدة وهو فسادُ المعدة حتى لا يثبت الطعام فيها. وقيل : الذِّرْبَة الفاسدة لمكرها وخيانتها.

الغُبْسَة : الغُبْرة إلى السواد.

بغاه الشيء : طلبَه له ، يقال : ابغِني كذا ، وأبغاه عليه : أعانه على بُغَائِه.

فخلَفتني : أيْ بقيت بعدي.

بنزاع وحرب ، أي مع خصومة وغضب ، يقال : حرِبَ حرباً إذا غضب ، وحَربه غيرُه ؛ يريد نُشوزَها عليه بعد حيلة ، وعياذَها بمطرِّف ؛ ولو روي : «فَخَلَّفتني» كان المعنى : فتركتْني خَلْفها بنزاع إليها وشدة حالٍ من الصَّبْوة إليها ، كأنه يدعُو بالويل والحَرب وراءها ، وهو من حُرِبَ الرَّجُل مالَه فهو حَرِب.

لطَّت الناقة بذَنبها ؛ إذا أَلْزقته بحَياها ، ومنه قيل للعِقْد لِلُصوقهِ بالنَّحر ، وهي تَفْعَل ذلك إذا أبَتْ على الفحل ؛ فهذه كناية عن النُّشوز ، وقيل : لما أقامت على أمرها ، ولزمت أخلافها وقعدت عنه كانت كالضارب بذنبه المُقْعِي على استه لا يبرح.

العيصُ : الشَّجَر الملتفّ الكثير.

والمؤتشِب : الملتف الملتبس ، ضربه مثلاً لالتباس أمره عليه.

اللام في قوله : «لمن غلب» متعلّق بشرّ ، كقولك : أنت شرٌّ لهذا منك لهذا ، وأراد لمن غلَبه ، فحذف الضمير الراجع من الصلة إلى الموصول.

فإن قيل : هلّا قال : وهن شر غالبات لمن غَلَبْنَه ، على ما هو حق الكلام؟

فالجواب أنه أراد أن يُبالغ فقصد إلى شيء من صفة ذلك الشيء ، أنه شر غالب لمن غلبه ، ثم جعلهن ذلك الشيء فأخبره به عنهن ، كما يقال : زيد نَخْلة ، إذا بولغ في صفته بالطول. يقال تمثلت حاتماً وتمثلت به.

انظر امرأته ، أي اطلبها ، يقال : انظر لي فلاناً نظراً حسناً وانظر الثوب أين هو؟ ف

ادَّان في (سف). دُيِّثَ في (سو). دينها في (وض). الدّيّوث في (شر). ودَيَّخَها في (زف). مِنْ دِين في (رب). يُدِين في (خب). وأداخ ودان في (حم). دِيَتهم في (رح).

[آخر الدال]

٣٩١

حرف الذال

الذال مع الهمزة

[ذئر] : النبي صلى الله عليه وسلم ـ قيل له لما نهى عن ضرب النساء : ذَئِر النساء على أَزْوَاجِهِنَّ.

أي نَشَزْنَ عليهم واجترأن ، وامرأة ذَئِر : ناشز ؛ ومنه المَذَائِر من النوق ، وهي التي لا تَرْأَم ولَدَها ، ولا تَدِرّ عليه.

[ذأل] : مرّ بجارية سَوْدَاء وهي تُرَقِّصُ صبيًّا لها وتقول :

ذُؤَالُ يا بْنَ القوم يا ذُؤَالَهْ

يَمْشِي الثَّطَا ويجس الْهَبَنْقَعَهْ

فقال : لا تَقُولي ذُؤال ، فإنّ ذؤال شرُّ السباع.

ذُؤالة : عَلمٌ للذئب كأسامة للأسد ، ولذلك رَخَّمَتْه ، وامتناعُه من الصرف لهذا وللتأنيث. وفي أمثالهم : خَشِ (١) ذُؤَالة ، بالحِبَالة ، وهو من ذَأَلَ ذَأَلَاناً ، إذا أسرع ، ألَا ترى إلى قولهم : أَعْدَى من الذِّئب ، وجمعه الذُّؤْلان كالذُّؤْبان.

القوم : الرجال خاصّة ، وقولهم : فلان من القوم في موضع المدح. معناه أنه من الرجال الذين حقّوا أن يطلق عليهم هذا الأمر لاستكمالهم شرائطَ الرُّجولية ، وكذلك يا ابن القوم ويا ابنة القوم.

الثَّطَى ، والثَّطَاة : إفراط الحمق ، ورجل ثَطٍ ، والمعنى تمشي مَشْيَ ذي الثّطَا ، فحذفت المضافَ والمضافَ إليه جميعاً أو جعلت المشي نفسه ثَطاً مبالغة.

الْهَبَنْقَعَة : أن يُقْعِيَ ويضمَّ فَخِذَيْه ويفتحَ رِجليه.

عن الزِّبْرِقان بن بدْر رضي الله عنه : أبغضُ كَنَائِني إليّ الطُّلَعة الخُبَأَة ، التي تمْشِي الدِّفِقَّى (٢) وتجلس الْهَبَنْقَعَة.

__________________

(١) خش فعل أمر من خشيته ، أي خوفته ومعناه قعقع ترهب.

(٢) الدفقَّى : المشي الواسع.

٣٩٢

جعلته ذئباً متفئِّلة فيه المَضاء والْجُرْأة ؛ ثم وصفت حالَ قُعوده ومشيِه في إبَّان الطُّفولة والغَرارة ولم تقصد الذَّمّ.

[ذأن] : حُذَيفة رضي الله عنه ـ قال لجُندُب بن عبد الله البَجَلِيّ : كيف تصنع إذا أتاك مثل الوَتِد أو مثل الذُّؤْنُون ، قد أُتي القرآن من قبل أن يؤتى الإيمان ، يَنْثُرُه نَثْرَ الدَّقَل فيقول : اتَّبِعْنِي ولا أَتَّبعِك.

الذُّؤْنُون : نَبْت ضعيف طويل له رأس مُدَوَّر ، وربما أكلَه الأعراب ؛ يقال : خرجوا يَتَذَءَنُون ، قال الفرزدق :

عشية وُلِّيتم كأنَّ سُيُوفَكُمْ

ذَآنينُ في أَعْنَاقِكُمْ لم تُسَلَّلِ (١)

وهو فُعْلُول ، من ذَأَنَه إذا حَقَّرَهُ وضَعَّف شأنَه.

الدَّقَل : تمْر رَدِيء لا يَتَلاصَقُ ، فإذا نُثِرَ تَفَرَّق وانفردتْ كلُّ تمرة عن أختها ؛ يريد أنه يَهُذُّ القرآن هذّاً (٢) ، والمعنى : ما تصنع إذا أتاك رجل ضالّ وهو في نحافة جسمه كالوَتِد أو الذُّؤْنُون لكدِّه نفسه بالعبادة ، يخدعك بذلك ويَسْتَتْبِعُك.

الذال مع الباء

[ذبح] (*) : النبيّ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن ذبائح الجنّ.

كانوا إذا اشتروْا داراً واستخرجوا عَيْناً ذبحوا ذبيحةً مخافة أنْ تُصِيبَهم الجنّ ؛ فأُضيفت الذَّبائح إلى الجنّ لذلك.

[ذبر] (*) : أهل الجنَّة خمسة أصناف ؛ منهم الذي لا ذَبْرَ له.

الذَّبْر : القراءة ، والزَّبْر : الكتابة في لغة هُذَيل ، ولم يفرِّق سائرُ العرب بينهما.

__________________

(١) البيت في لسان العرب (ذأن) ، وفيه «غداة توليتم» بدل «عشية وليتم».

(٢) الهذذ : سرعة القراءة.

(*) [ذبح] : ومنه في حديث القضاء : من ولِّي قاضياً فقد ذبح بغير سكين. وفي حديث أم زرع : وأعطاني من كل ذابحةٍ زوجاً. والحديث : كلُّ شيء في البحر مذبوحُ. وفي حديث أبي الدرداء : ذَبْح الملحُ والشمسُ والنينان. ومنه الحديث : أنه كوى أسعد بن زرارة في حلقه من الذُّبَحة. والحديث : أنه نهى عن التذبيح في الصلاة. النهاية ٢ / ١٥٣ ، ١٥٤.

(*) [ذبر] : ومنه حديث معاذ : أما سمعه كان يَذْبُره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي حديث النجاشي : ما أحب أن لي ذَبْراً من ذهب. وفي حديث ابن جدعان : أنا مُذَابِرٌ. النهاية ٢ / ١٥٥.

٣٩٣

ويقال : ذَبَرْتُ الكِتاب ، إذا قرأتَه قراءة سهلة خفيفة ، وكتاب ذَبْر : سهل القراءة. قال ذو الرُّمَّة :

أقولُ لنفسي واقفاً عند مُشْرِفٍ

على عَرَصَات كالذِّبَارِ النَّوَاطِق (١)

فالمراد : لا نُطْقَ له من ضَعْفه ، وقيل : لا لسانَ له يتكلم من ضعفه ، فتقديره على هذا : لا ذا ذَبْرَ له ، أي لا لسان له ذَا مَنْطِق ، فحذف المضاف الذي هو ذو. ويجوز أن يراد لا فَهْم له ، من ذَبَرْتُ الكتابَ إذا فهمته وأتقنته. قال ابن الأعرابيّ : الذابر : المُتْقِن.

[ذبح] : عاد البَراء بن مَعْرور وأخذته الذُّبْحة فأمر من لَعَطه بالنار.

الذُّبْحة والذُّبَحَة والذُّبَاح : أنْ يتورَّم الحلق حتى ينطبق ، ولا يسوغَ فيه شيء ، ويمنع من التنفُّس فيقتُل. وروى أبو حاتم عن أبي زيد أنه لم يعرفها بإسكان الباء.

اللَّعط : الكيّ النار في عَرْض العنق ؛ من الشاة اللّعطاء ؛ وهي التي بعرْض عنقها سواد ، ومنه لَعَطه بأبيات ، إذا وسمه بهجاء ، وقيل : لَعطه مقلوب من علطه ، وإذا استوى التصرّف سقط القول بالقلب.

[ذبب] (*) : في حديث أحد : لما قصّ رؤياه التي رأها قبل الحرب على أصحابه قال :

رأيت كأن ذُبَابَ سَيْفي كُسِر ، فأوَّلْت ذلك أنه يصابُ رجلٌ من أهْلي. فقُتِل حَمْزة عليه السلام في ذلك اليوم.

ذُبَاب السَّيْف : طَرَفه الذي يَضْرِب به ، من الذّب ، وهو الدَّفْع ، وذُبَابا أذني الفرس : هما ما حدّ من أطْرافِهِما.

صَلَب رجلاً على ذُبَاب (٢).

هو جبل بالمدينة.

قال وائل بن حجر : أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي شَعْر طويل ، فلما رآه قال : ذُبَاب ذُباب.

قال : فرجعت ، فجزرته ، ثم أتيته ، من الغد ، فقال : إني لم أعْنِك ، وهذا أحسن.

هو الشؤم والشرّ ؛ يقال : أصابك ذُبابٌ من هذا الأمر ، ورجل ذُبَابيّ : مَشْؤُوم ؛ فكأنه

__________________

(١) البيت في ديوان ذي الرمة ، ص ٤٠٤.

(*) [ذبب] : ومنه حديث المغيرة : شرها ذبابٌ. والحديث : عُمْرُ الذباب أربعون يوماً والذباب في النار. وفي حديث عمر : كتب إلى عامله بالطائف في خلايا العسل وحمايتها : إنْ أدَّى ما كان يؤديه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نحله فاحْم له ، فإنَّما هو ذباب غيثٍ يأكله مَن شاء. النهاية ٢ / ١٥٢.

(٢) ذباب جبل بالمدينة ، وضبطه ياقوت الحموي بكسر الذال. معجم البلدان (ذباب).

٣٩٤

مثل الشَّذَاة (١) في أنه استعارة ، قال أوس :

وليس بطارقِ الجاراتِ مِنِّي

ذُبابٌ لا يُنِيمُ ولا ينامُ (٢)

أي أذى وشرّ.

[ذبذب] (*) : جابر رضي الله عنه ـ سرتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غَزِاة فقام يصلِّي ، وكانت عليَّ بُرْدة ، فذهبت أخالف بين طَرَفَيْها فلم تَبْلُغ ، وكانت لها ذبَاذب فنكستُها ، وخالفت بين طَرَفيها ، ثم تواقَصتُ عليها لئلَّا تسقط ؛ فنهاني عن ذلك ، وقال : إنْ كان الثوبُ واسعاً فخالفْ بين طَرَفيه ، وإنْ كان ضَيِّقاً فاشْدُدْهُ على حَقْوِك.

أراد بالذَّباذب الأهداب ؛ لأنها تَنُوس وتتذبذب ، ومنه قيل لأسافل الثوب : ذَلَاذل وذباذب ، وقيل في واحدها : ذِبْذِب ، بالكسر.

التَّواقُص : التَّشَبُه بالأوْقَص ؛ وهو القصير العُنُق ، يريد أنه أمسك عليها بعُنقه لئلا تسقط.

ذهب يفعل ، بمنزلة طفِق يَفْعل ، وليس ثَمَّ ذَهَاب.

[ذبح] : مَرْوان ـ أُتي برجل ارتدّ عن الإسلام ، فقال كعب : أَدْخِلُوه المذابحَ ، وضعوا التَّوْراة وحَلِّفُوه بالله.

قال شمِر : المذابح : المقاصِير ، ويقال : هي المحاريب ، وذَبَّحَ : إذا طاطأ رأسه للركوع ، مثل دَبَّح.

يُذَبِّره في (دب). ذُباب في (زو). أذُبّ في (ذق). تَذَبْذَبان في (خد). ذُباب غَيْثٍ في (خل).

الذال مع الراء

[ذرب] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ في أَلْبانِ الإبل وأَبْوَالِها شفاءٌ للذَّرَبِ.

هو فَساد المَعِدَة.

[ذرر] (*) : قال حَنْظَلة الكاتب : كنا في غَزَاةٍ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى امرأة مَقْتُولة ،

__________________

(١) الشذاة : ذباب أزرق عظيم يقع على الدواب فيؤذيها.

(٢) البيت في ديوان أوس ، ص ١١٥.

(*) [ذبذب] : ومنه الحديث : من وُقِيَ شر ذبذبه دخل الجنة. والحديث : فكأني أنظر إلى يديه تَذَبْذَبان.

والحديث : تزوَّجَ وإلا فأنت من المذبذبين. النهاية ٢ / ١٥٤.

(*) [ذرب] : ومنه حديث حذيفة : قال يا رسول الله إني رجل ذرب اللسان. والحديث : ذرب النساءُ على أزواجهن. وفي حديث أبي بكر : ما الطاعون؟ قال : ذَرَبٌ كالدُّمَّلِ. النهاية ٢ / ١٥٦ ، ١٥٧.

(*) [ذرر] : ومنه في حديث جبير بن مطعم : رأيت يوم حنين شيئاً أسود ينزل من السماء ، فوقع لي إلى ـ

٣٩٥

فقال : هاه! ما كانت هذه تقاتل ، الْحَق خالداً فقل له : لا تقتلَنَ ذُرِّيَّةً ولا عَسِيفاً.

الذّرِّية من الذر بمعنى التَّفْريق ؛ لأن الله تعالى ذَرَّهم في الأرض ، ومن الذَّرْء بمعنى الخَلْق ، فهي من الأول فُعْليَّة أو فُعْلُولَة ذُرُّورَة ؛ فقلبت الراء الثالثة ياء كما في تَقَضَّيْت ومن الثاني فعلولة أو فُعِّيلَة ؛ وهي نَسْلُ الرجل ، وقد أوقعت على النساء كقولهم للمطر : سماء.

ومنه حديث عمر رضي الله عنه : حجّوا بالذّريّة ، لا تأكلوا أرزاقها ، وتَذَرُوا أرْبَاقها في أعناقها.

قيل : أراد النساء لا الصبيان ، ضَرَبَ الأرْبَاق (١) مثلاً لما قُلِّدت أعنَاقُها من وجوب الحجّ.

العَسِيف : الأجِير.

[ذرو] (*) : أمّا أول الثلاثة يدخلون النّار فأميرٌ مُسَلط جائر ، وذو ذَرْوَة من المال لا يُعطى حَقَّ الله من ماله ، وفقير فخور. وأما أوَّلُ الثلاثة يدخلون الجنَّة فالشهيد ، وعَبْد مملوك أحسنَ عبادةَ ربِّه ونصح لسيِّده ، وعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيالٍ.

قال أبو تراب : يقال : هو ذُو ذَرْوَة من المال ؛ أي ذو ثَرْوَة ؛ فإمَّا أن يكون من باب الاعْتِقاب ؛ وإما أن يكون من الذِّرْوة لما في الثَّرْوة من معنى العلوّ والزيادة.

عليّ عليه السلام ـ غاب عنه سُليمان بن صُرَد فبلغه عنه قولٌ ، فقال : بلغَني عن أمير المؤمنين ذرْوٌ من قول تَشَذَّرَ لي به من شَتْمٍ وإبعَاد ، فَسِرْت إليه جواداً.

الذِّرْوُ من الحديث : ما ارتفع إليك ، وترامى من حواشيه وأطرافه ، من قولهم : ذرا إليَّ فلان ؛ أي ارتفع وقصد ، وذرا الشيءُ وذروتُه أنا : إِذا طيّرته. قال صخر بن حَبْنَاء :

أتاني عن مُغيرةَ ذَرْوُ قَوْلٍ

وعن عيسى فَقُلْتُ له كَذَاكَا

التَّشَذُّر : التَّوَعُّد والتَغَضُّب ؛ قال لَبيد :

*غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالدُّخُولِ كأنَّها (٢) *

__________________

ـ الأرض ، فدبَّ مثل الذَّرِّ ، وهزم الله المشركين. وفي حديث عائشة : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه بذريرة. وفي حديث النخعي : يُنْثَر على قميص الميت الذريرة. وفي حديث عمر : ذُرِّي وأنا أحرُّ لك. النهاية ٢ / ١٥٧ ، ١٥٨.

(١) الأرباق : جمع ربقة ، وهي الحبل. (لسان العرب : ربق).

(*) [ذرو] : ومنه حديث علي : يذرو الرواية ذَرْوَ الريح الهشيم. وفي حديث أبي موسى : أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبل غُرِّ الذُّرَى. والحديث : على ذروة كل بعير شيطان. وفي حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم : ببئر ذَرْوانَ. النهاية ٢ / ١٥٩ ، ١٦٠.

(٢) عجزه :

جن البدي رواسيا أقدامها

٣٩٦

وحقيقته التميُّز من الغيظ ، من قولهم : تَشَذَّرُوا ؛ إذا تفرّقوا شَذَرَ مَذَرَ. وفي كلام بعضهم : غضب فطارت منه شِقّة في السماء وشِقَّة (١) في الأرض.

جواداً ، أي سريعاً كالفرس الجواد ، ويجوز أن يريد سيراً جواداً ، كما يقال : سرنا عُقْبَةً (٢) جواداً وعُقْبَتَيْن جوادين.

[ذرف] (*) : قال رضي الله عنه : ذَرَفْت على الخمسين.

يقال : ذَرَّف على الخمسين وذَرَفَ عليها : إذا زاد.

[ذرع] (*) : إن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن ابْنِ لي بيتاً ، فضاق إبراهيمُ بذلك ذرْعاً ؛ فأرسل الله إليه السَّكينة وهي ريح خَجُوج ، فَتَطَوَّتْ موضع البيت كالحَجَفَة.

الذِّراع : اسم الجارحة من المَرْفِق إلى الأنامل ، والذَّرْع : مَدُّها ؛ ومعنى ضيق الذّرع في قولهم : ضاق به ذرعاً قِصَرُها ؛ كما أن معنى سَعَتها وبسطتها طولها ؛ أَلا ترى إلى قولهم : هو قصير الذِّراع والباع واليد ، ومديدُها وطويلُها في موضع قولهم : ضيِّقها وواسعها. ووجه التمثيل بذلك أن القَصِير الذِّراع إذا مدَّها ليتناولَ الشيءَ الذي يتناوله مَنْ طالت ذِراعه تقاصر عنه ، وعَجَزَ عن تعاطيه ، فضُرِب مثلاً للذي سقطت طاقتُه دون بلوغ الأمر والاقتدار عليه.

الخَجُوج : السريعة المرّ.

تَطَوَّتْ : تَفَعَّلَتْ من الطيّ.

الحَجَفَة : الدَّرَقة ، وهي التُّرْس المعمول من جلود مُطَارَقة (٣).

انتصب «موضعَ» على الظرفية ؛ لأنه مُبْهَم.

[ذرو] : الزُّبير ـ سأل عائشة رضي الله عنهما الخروجَ إلى البَصْرَة فأبت عليه ، فما زال

__________________

ـ والبيت من الكامل ، وهو في ديوان لبيد ص ٣١٧ ، وأدب الكاتب ص ٥٢٠ ، والأزهية ص ٢٨٧ ، والأشباه والنظائر ٥ / ٢٥٥ ، والحيوان ٦ / ١٨٩ ، وخزانة الأدب ٩ / ٥١٥ ، ٥١٦ ، ٥١٩ ، وسر صناعة الإعراب ص ١٣ ، ولسان العرب ٤ / ٣٩٩. (شذر) ، ١٥ / ٤٤٣ (با) ، والمعاني الكبير ص ٨١٦.

(١) الشقة : القطعة المشقوقة من لوح أو غيره.

(٢) العقبة : قدر فرسخين.

(*) [ذرف] : ومنه في حديث العرباض : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذَرَفت منها العيون. النهاية ٢ / ١٥٩.

(*) [ذرع] : ومنه الحديث : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أذرع ذراعيه من أسفل الجبة. والحديث : وعليه جُمَّازة فأَذرع منها يده. وفي حديث ابن عوف : قلِّدوا أمركم رَحْب الذراع. والحديث : فَكَبُر في ذرعي. والحديث : فكسر ذلك من ذرعي. وفي صفته عليه الصلاة والسلام : كان ذريعَ المشي. ومنه الحديث : فأكل أكلاً ذريعاً. النهاية ٢ / ١٥٨.

(٣) جلود مطارقة : أي يطارق بعضها بعضاً.

٣٩٧

يَفْتِلُ في الذِّرْوَة والغَارِب حتى أجابته.

هي أعلى السَّنام ، من ذَرَا : إذا ارتفع.

والغارب : ما تحت الكتفين مما يلي السَّنام.

والفَتْل فيها : يفعله خاطُم الصَّعْب من الإبل يختِله بِذلك ، فجعله مثلاً للمخادعة والإزالة عن الرأي.

[ذرب] : حُذَيفة رضي الله عنه ـ قال : يا رسول الله ؛ إني رجل ذَرِب اللسان وعامّة ذلك على أهلي ، قال : فاستغفر الله.

هو حِدّةُ اللسان وبَذَاءَتُه.

[ذرع] : الحسن رحمة الله تعالى ـ سئل عن القَيْء يَذْرَع الصائمَ؟ فقال : هل راع منه شيء ، فقال له السائل : ما أدري ما تقول؟ فقال : هل عاد منه شيء؟.

ذَرَعه القيءُ : إذا غلبه وسبقه.

راع يريع ريعاً : إذا رجع قال :

*تَريع إليه هَوادِي الكلامِ *

ومنه : تَريَّع السَّراب إذا جاء وذهب ؛ والمعنى : هل عاد منه شيء إلى الجوف؟

[ذرى] : أبو الزِّناد رحمه الله ـ كان يقول لعبد الرحمن ابنه : كيف حديث كذا؟ يريد أن يُذَرِّيَ منه.

التّذرية من الرجل : الرّفع منه والتنويه به. قال رؤبة :

*عَمْداً أُذَرِّي حَسَبِي أَنْ يُشْتَما (١) *

أي مخافَة ذلك.

ذِرْبة في (ذي). ذَرِيع المِشْية في (شذ). الأذربيّ والأذرِيّ في (بر). ذَرْء النار في (دل). يَذْرو في (ذم). مِذْرَوَيْه في (بض). بِمذارع في (فت).

الذال مع العين

[ذعت] : النبي صلى الله عليه وسلم ـ صلّى صلاةً فقال : إن الشيطانَ عَرَض لِي يَقْطَعُ الصلاةَ عليَّ ، فأَمْكَنَني اللهُ مِنْه فَذَعَتُّه.

[ذعط] : الذَّعْت ، والذّأت ، والذَّعط ، والذَّأط : الخَنْق ؛ وقيل : الدَّعْت والذَّعت بالدال

__________________

(١) الرجز في لسان العرب (ذرا) ، وبعده :

لا ظالم الناس ولا مظلما

٣٩٨

والذال : الدّفع العنيف ، وقيل : ذَعَته : مَعَكه في التُّرَاب ، وذَعَطه : ذبحه.

يقطع : في محل النصب على الحال.

[ذعذع] : عليّ عليه السلام ـ أتاه غالبٌ ، فقال له : من أنت؟ فقال : غالب ، فقال : صاحب الإبل الكثيرة؟ فقال : نعم ، ثم قال : ما فَعَلْتَ بإبلِكِ؟ فقال : ذَعْذَعَتْهَا النوائب ، وفَرّقتها الحقوقُ. فقال : ذلك خير سُبُلها.

الذَّعْذَعة : التفريق ، يقال : ذَعْذَعَ مالَه ، وذَعْذَعَهُم الدهر.

ومنه حديث ابن الزُّبير رضي الله عنهما : إن نابغة بني جَعْدة مدحه مَدْحة فقال فيها :

لِتجْبُرَ منهُ جانباً ذَعْذَعَتْ بِهِ

صروفُ الليالِي والزمانُ المُصَمِّمُ (١).

زاد الباء للتأكيد.

لا تَذْعَرُوا في (لف).

الذال مع الفاء

[ذفف] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ سُلِّط عليهم آخرَ الزمان موتُ طاعونٍ ذفيف يُحَرِّف القلوبَ وروي : يحوّف.

الذَّفيف : الوحيّ المُجْهِز. التَّحرِيف والتَّحْويف من الحرْف والحافة ، وهما الجانب والمعنى : يغيّرها عن التوكل ، وينكِّبُها إياه ، ويدعوها إلى الانتقال والهرَب.

عليّ عليه السلام ـ أمرَ يوم الجمل فنودي : لا يُتْبَع مدبِر ، ولا يُذَفَّفُ على جريح ، ولا يُقْتَل أسِيرٌ ، ولا يُغْنَم لهم مال ، ولا تُسْبَى لهم ذرية.

التَّذْفِيف : الإجهاز. لا يُتْبع : يحتمل أن يكون من تَبِعه وأتْبَعه.

أنس رضي الله عنه ـ قال سهل بن أبي أُمامة : دخلت عليه فإذا هو يصلِّي الصلاة خفيفة ذَفيفةً ، كأنها صلاة مسافر.

هي السريعة. قال الأعشى :

يطوف بها ساقٍ علينا مُنَطَّفٌ

خفيفٌ ذفيفٌ لا يزال مقدَّما (٢)

وذِفْرَاهُ في (حو). وذَفّف عليه في (دف).

__________________

(١) البيت في ديوان النابغة الجعدي ص ٢٠٤.

(*) [ذفف] : ومنه الحديث : أنه قال لبلال : إني سمعت ذفَّ نعليك في الجنة. وفي حديث الحسن : وإن ذفَّفتْ بهم الهماليج. وحديث ابن مسعود : فذفَّفت على أبي جهل. النهاية ٢ / ١٦٢.

(٢) البيت في ديوان الأعشى ص ٢٩٣ ، وروايته في الديوان ، وروايتخ في الديوان «ساق علينا مقوم» بدل «ساق علينا منطف».

٣٩٩

الذال مع القاف

[ذقن] (*) : عمر رضي الله عنه ـ إن عمران بن سَوادة أخا بني لَيْثٍ قال له : أربعُ خصالٍ عاتَبَتْك عليها رَعِيَّتُك. فوضع عُود الدِّرة ، ثم ذَقَّن عليها ، وقال : هاتِ ، قال : ذكَروا أنك حَرَّمتَ العُمْرَة في أشهر الحَجّ. قال عمر : أجلْ ؛ إنكُم إن اعْتَمَرْتُمْ في أشْهر حَجِّكم رأيتموها مُجْزِئَةً عن حجِّكم. فقَرِع حَجُّكم ، فكانت قَائبةً من قُوبٍ عامَها ، والحجُّ بهاءٌ من بهاء الله. قال : وشكوْا منك عُنْفَ السِّياقِ ونَهْر الرَّعية. قال : فنزع الذِّرَّة ، ثم مَسَحها حتى أَتَى على سُيورها ، وقال : أنا زَميل محمد في غزوة قَرْقَرَة الكُدْر (١) ، ثم إنِّي والله لأرْتَع فأُشْبِع وأُسْقِي فأُرْوِي ، وأضربُ العَروضَ ، وأَزْجُر العَجُول ، وأذُبُّ قَدْري ، وأسوقُ خَطْوي ، وأرُدُّ اللَّفُوت ، وأضُمُّ العَنُود ، وأُكثِر الزَّجْر ، وأُقِلّ الضَّرب ، وأَشْهَر بالعصا ، وأدْفَعُ باليد ؛ ولو لا ذلك لأَغْدَرْتُ.

يقال : ذَقَّن على يده وعلى عصاه ـ بالتّشديد والتخفيف : إذا وضع ذَقَنه عليها.

أجل : تقع في جواب الخبر محققة له ، يقال لك : قد كان أو يكون كذا ، فتقول : أجل ، ولا يصلُح في جواب الاستفهام ، وأمّا نعم فمحقِّقة لكلّ كلامٍ.

قَرع حَجُّكم ، أي خَلا من القُوَّام به ، من قولهم : أعوذ بالله من قَرَع الفِنَاء ؛ وهو ألّا يكون عليه غاشية وزُوّار ، وأصلُه خُلُوُّ الرأس من الشَّعر.

القَائبة : البَيْضَة المُفْرِخة ؛ فاعلة بمعنى مَفْعولة ؛ من قُبْتُها : إذا فَلقتُها ، قَوْباً.

والقُوب : الفَرْخ ، ومنه المثل : تَبَرَّأَتْ قائبة من قُوب ، يعني أنْ مكة تخلُو من الحَجِيج خُلوَّ القائبة.

انتصاب عامَها إمّا بكانت ، وإمّا بما يُفهم من خبرها ؛ لأن المعنى : كانت خالية عامَها.

مِنْ في قوله : «مِنْ بهاءِ الله» للتبعيض أو للتبيين.

العُنْف : ضد الرّفق ؛ يقال : عَنُفَ به وعليه عُنْفاً وعَنافَةً ، وهو في هذه الإضافة لا يخلو إما أن يكون قد أضاف العُنْف إلى السِّياق إضافة المصدر إلى فاعله ، كقولهم : سَوْق عنيفٌ. وإما أنْ يريد عُنْفَه في السِّياق فيضيف على سبيل الاتساع ، كقوله عزَّ وعلا : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) [سبأ : ٣٣]. بمعنى بل مكركم فيهما.

__________________

(*) [ذقن] : ومنه في حديث عائشة : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حاقنتي وذاقنتي. النهاية ٢ / ١٦٢.

(١) القرقرة : الأرض الملساء ، والكدر جمع الكدرة ، من اللون ، وقرقرة الكدر : موضع ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان.

٤٠٠