الفائق في غريب الحديث - ج ١

جار الله محمود بن عمر الزمخشري

الفائق في غريب الحديث - ج ١

المؤلف:

جار الله محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٥

عمر رضي الله عنه ـ سمعه النبيّ صلى الله عليه وسلم يحلف بأبِيه ، فنهاه ، قال : فما حلفتُ بها ذَاكِراً ولا آثراً.

مِنْ آثرَ الحديثَ إذا رواه ، أي ما تلفَّظْتُ بالكلمة التي هي «بأبي» لا ذَاكِراً لها بلساني ذِكْراً مجرَّداً من عزيمة القلب ولا مُخَبِّراً عن غيري بأنه تكلَّم بها ؛ مبالغة في تصوّني وتحفّظي منها. وإنما قال حلفت ، وليس الذكرُ المجرد ولا الإخبار بحلف حلفاً ؛ لأنه لافظٌ بما يلفظ به الحالف.

[إثم] : الحسن رحمه الله ـ ما علمنا أحداً منهم ترك الصلاةَ على أحد من أهل القِبلة تَأَثُّماً.

أي تجنباً للإثم ؛ ومثله : التحوّب والتحرّج [والتهجّد].

مِنَ الأَثَام في (شب). وأَثَرَتَه في (كل). فجلد بأُثْكُولِ النَّخْل في (حب). لآثِيَنَّ بك في (تب). الأَثْلَ في (زخ).

الهمزة مع الجيم

[إجار] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ مَنْ بَاتَ عَلَى إجَّارٍ ليس عليه ما يَرُدُّ قدمَيْهِ فقد بَرِئَتْ منه الذِّمَّةُ ، ومَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ إذا الْتَجَّ ـ وروى ارْتَجَّ ـ فقد بَرئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ. أو قال : فلا يلومنَّ إلَّا نفسه.

الإجَّار : السَّطْحُ (١).

ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ظهرتُ على إجَّارٍ لحفصة فرأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جالساً على حاجته مستقبلاً بيت المقدس مستدبراً الكَعْبَة. وكذلك الإنْجَار. وجاء في حديث الهجرة : فتلقَّى الناسُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في السُّوقِ وعلى الأناجِير.

ما يردُّ قدميه : أي لم يحوَّط بما يَمْنَعُ من الزلِيل والسقوط.

الذمّة : العهد كأن لكل أحد من الله ذمة بالكِلاءة ، فإذا ألقى بيده إلى التهلكة فقد خذلته ذمةُ الله وتبرأت منه.

__________________

(*) [إجار] : ومنه حديث الزكاة : ومن أعطاها مؤتجراً بها. ومنه حديث أم سلمة : آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها. ومنه حديث دية الترقوة : إذا كسرت بعيران ، فإن كان فيها أجورٌ فأربعة أبعرة. ومنه حديث محمد بن مسلم : فإذا جارية من الأنصار على إجَّار لهم. النهاية ١ / ٢٥ ، ٢٦.

(١) السطح : أي الذي ليس حوله ما يرد الساقط عنه (لسان العرب : سطح).

٢١

الْتَجَ : من اللجة ، وارْتَجّ : من الرَّجَّةِ وهي الصوت والحركة. وارتجَ : زخر وأَطْبق بأمواجه ، قال :

* في ظُلْمَةٍ من بعيدِ القَعْرِ مِرْتَاجِ *

[أجم] (*) : أَرَاد أن يصلي على جنازة رجل فجاءت امرأة معها مِجْمَر ، فما زال يصِيح بها حتى تَوَارَتْ بآجَامِ المَدِينةِ.

هي الحصون ، الواحد أُجُم ، سمي بذلك لمنعه المتحصِّن به من تسلّط العدو. ومنه الأَجَمَة لكونها مُمَنَّنة. وأَجَمَ الطعام : امتنع منه كراهية. وكذلك الأطُم لقولهم : بِه إطام (١) ، وهو احْتِبَاسُ البَطْن ، ولالتقائهما قالوا : تأطَّم عليه وتأجَّم إذا قوِيَ غضبُه.

[أجر] : قال له رجل : إني أعمل العمل أُسِرُّه فإذا اطُّلِع عليه سرَّني. فقال : لك أجران : أَجْر السِّر وأَجر العلانية.

عرف منه أنّ مَسَرَّته بالاطلاع على سرِّه لأجل أن يُقتدى به ؛ فلهذا بشّره بالأجْرَين.

أُسرّه في محل النصب على الحال أي مِسِرًّا له.

[أجل] (*) : مكحول رحمه الله ـ كنّا مُرَابطين بالسّاحل فَتأَجَّلَ مُتَأَجِّلٌ ، وذلك في شهر رمضان ، وقد أَصابَ الناسَ طَاعونٌ فلما صلَّينا المغرب ، ووضعت الجَفْنَة قَعد الرّجل وهم يأكلون فَخَرِق.

أي سأَل أن يُضْرَب له أجل ويُؤْذَن له في الرجوع إلى أهله ؛ فهو بمعنى استأجل ، كما قيل تعجّل بمعنى استعجل.

خَرِق : سقط ميتاً ، وأصل الخَرَق أن يبهت لمفاجأَة الفزَع.

[أجر] : في الحديث في الأضاحي : كلُوا وادَّخِروا وأتجِروا.

أي اتخذُوا الأجْرَ لأنفسكم بالصّدقة منها ، وهو من باب الاشتواء والاذِّباح. واتّجروا على الإدْغام خطَأٌ ؛ لأنّ الهمزَةَ لا تُدْغَم في التاءِ ، وقد غُلّط من قَرأَ : الذي اتُّمن ، وقولهم : اتَّزَر عاميّ ، والفصحاء على ائْتزَر.

__________________

(*) [أجم] : ومنه حديث معاوية : قال له عمرو بن مسعود : ما تسأل عمن سُحلَت مريرته وأجَم النساءَ.

النهاية ١ / ٢٦.

(١) بكسر الهمزة وضمها.

(*) [أجل] : ومنه في حديث قراءة القرآن : يتعجلونه ولا يتأجلونه. وفي حديث المناجاة : أجْلَ أن يحزنه. ومنه الحديث ؛ أن تقتل ولدك إجْل أن يأكل معك. النهاية ١ / ٢٦.

٢٢

وأمّا ما رُوي أن رجلاً دخل المسجدَ وقد قضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاته فقال : مَنْ يتَّجِر فيقوم فيصلّي معه.

فوجهه ـ إن صحَّتْ الرِّوَاية ـ أن يكونَ من التجارة ؛ لأَنه يشتري بعمله المَثُوبَة ، وهذا المعنى يعضده مواضعُ في التنزيل والأثر ، وكلام العرب.

فخرج بها يَؤُجُّ في (دو). ارْتَوَى مِنْ آجِن في (ذم). أَجِم النساء في (ثم). تَرْمَضُ فيه الآجالُ في (ر ص). أَجِنّك في (جَل). أَجَل في (ذق).

الهمزة مع الحاء

[أحد] : النبي صلى الله عليه وسلم ـ قال لسَعْدِ بن أبي وقَّاص ورآه يُومىء بأصْبَعَيْه : أَحِّدْ أَحِّدْ.

أراد وَحِّد ، فقلب الواو بهمزة ، كما قيل أَحد وأُحاد وإِحدى ، فقد تلعَّب بها القَلْبُ مضمومة ومكسورة ومفتوحة. والمعنى أَشِرْ بإصْبع وَاحدة.

ابن عباس رضي الله عنهما ـ سُئِلَ عن رَجُلٍ تَتَابَع عليه رَمَضَانَانِ فسكَتَ ، ثم سأله آخر ، فقال : إحْدى من سَبْع ، يصوم شهرين ويُطْعم مسكيناً.

أرَاد أن هذه المسألة في صعوبتها واعتياصها داهية ، فجعلها كواحدة من ليالي عاد السَّبْع التي ضُربت مثلاً في الشدَّة. تقول العرب في الأمر المتفاقم : إحْدَى الإحَدِ وإِحْدَى مِنْ سَبْع.

[أحن] (*) : في الحديث : في صدره إِحْنَةٌ على أخيه.

هي الحقد ، قال :

متى يَكُ في صَدْرِ أبْن عَمِّكَ إحْنَةٌ

فلا تَسْتَثِرْها سوف يَبْدُو دَفِينُها (١)

وَأَحَنَ عَلَيْه يَأْحَن ، ولعل همزتها عن واو ؛ فقد جاء وَحَنَ بمعنى ضَغِن. قال أبو تراب : قال الفراء : وَحَنَ عليه ، وأَحِن ؛ أي حقِد. وعن اللِّحيَاني وَحِنَ عليه وحْنَة ؛ أي أحن إحْنَة ، وأما ما حكي عن الأصمعي أنه قال : كنا نظنّ أن الطرماح شيء حتى قال :

وأَكره أن يعيبَ عليّ قومي

هجائي الأَرْذَلين ذوي الحِنَاتِ

فاسترذالٌ منه لِوَحَن وقضاء على الهمز بالإصالة ، أو بِرَفْضِ الواو في الاستعمال.

أَحَد أَحَد في (شب).

__________________

(*) [أحن] : ومنه حديث مازن : وفي قلوبكم البغضاء والإحن. النهاية ١ / ٢٧.

(١) البيت للأقيبل القيني كما في لسان العرب (أحن).

٢٣

الهمزة مع الخاء

[أخ] : عمر رضي الله عنه ـ كان يكلّم النبيّ عليه الصلاة والسلام كأَخِي السِّرَار ، لا يَسْمعه حتى يستفهِمَه.

أي كلاماً كمثل المسارّة وشِبْهِها لخفض صوته. قال امرؤ القيس :

عَشِيَّة جَاوَزْنَا حَمَاةَ وسَيْرُنا

أَخُو الْجَهدِ لا نلوي عَلَى مَنْ تَعَذَّرَا (١)

ويجوز في غير هذا الموضع أن يُرَاد بأخِي السِّرار الجهار ، كما تقول العرب : عرفت فلاناً بأَخِي الشر ، يعنون بالخير ؛ وبأخي الخير يريدون بالشر. ولو أريد بأخي السرار المُسَارّ كان وجهاً ، والكاف على هذا في محل النصب على الحال. وعلى الأول هي صفة المصدر المحذوف ، والضمير في لا يَسْمعه يرجع إلى الكاف إذا جُعلت صفة للمصدر. ولا يسمعه منصوب المحل بمنزلة الكاف على الوصفية ، وإذا جُعلت حالاً كان الضمير لها أيضاً إلا أنه قُدِّر مضاف محذوف ، كقولك يسمعُ صوتَه ، فحذف الصوتَ وأقيم الضميرُ مقامَه ، ولا يجوز أن يجعلَ لا يسمعه حالاً من النبي صلى الله عليه وسلم لأن المعنى يصير خَلْفاً.

[أخذ] (*) : عائشة رضي الله عنها ـ جاءتها امرأة فقالت : أُؤخِّذُ جَمَلي؟ فلم تَفْطُنْ لها حتَّى فُطِّنَتْ فأَمرتْ بإخراجها ـ وروي أنها قالت : أأُقَيِّدُ جَمَلِي؟ فقالت : نعم. فقالت : أأقيد جملي؟ فلما علمت ما تريد قالت : وَجْهِي من وَجْهِك حرام.

جعلت تَأْخِيذ الجمل وهو المبالغة في أخذه وضبطه مجازاً عن الاختيال لزَوْجِها بِحِيَل من السِّحر تمنعه بها عن غَيْرِها ، ويقال : لفلانة أُخْذَةٌ تُؤَخِّذُ بها الرجالَ عن النساء.

حرام : أي ممنوع من لِقائه ، تعني أني لا ألقاكِ أبداً.

مَسْروق رحمه الله ـ ما شبَّهْتُ أصحاب محمد إلا الإخَاذ ؛ تكفي الإِخَاذَةُ الرَّاكِب وتكفي الإخَاذَةُ الرَّاكِبَيْنِ ، وتكفي الإخاذة الفِئَامَ من الناسِ.

هي المستَنْقَع الذي يأخذ ماءَ السماء. وسمي مَسَاكة (٢) لأنها تُمْسِكه ، وتَنْهِية ونِهْياً لأنها تنهاه ، أي تحبسه وتمنعه من الْجَرْي ، وحَاجراً لأنه يَحْجُره ، وحَائراً لأنه يحار فيه فلا يدري كيف يَجْري. قال عديّ :

فاضَ فيه مِثْل العُهُونِ من الرَّوْ

ضِ وما ضَنَ بالإخَاذِ غُدُرْ (٣).

__________________

(١) البيت في ديوان امرىء القيس ص ٦٢.

(*) [أخذ] : ومنه الحديث : أنه أخذ السيف وقال : من يمنعك مني؟ فقال : كن خير آخذٍ. ومنه الحديث: من أصاب من ذلك شيئاً أُخِذَ به. ومنه الحديث : وإن أُخذوا على أيديهم نجوا. النهاية ١ / ٢٨.

(٢) المساك : الموضع الذي يمسك الماء (لسان العرب : مسك).

(٣) في لسان العرب بالإخاذة بدل بالإخاذِ.

٢٤

وفي بعض الحديث : وكان فيها إخَاذَات أَمْسكتِ الماء. يقال : شبهت الشيء بالشيء ، ويُعَدّى أيضاً إلى مفعولين فيقال : شبهته كذا ؛ وعليه وردَ الحديث.

الفِئام : الجماعة التي فيها كثرة وسَعة ، من قولهم للهَوْدَج الذي فُئِّم أسفله ، أي وُسّع ، وللأرض الواسعة : الفِئَام. والمُفَأّم من الرِّحال : الواسعُ المزِيد فيه بَنِيقَتان (١) ، ومن الرجال : الواسع الجوف. أراد تفاضلهم في العلوم والمنَاقِب.

[أخا] (*) : في الحديث : لا تَجْعَلُوا ظُهُورَكم كأَخَايا الدَّوَابّ.

هي جمع آخِيّة ، وهي قطعةُ حَبْل تُدْفن طَرَفاها في الأَرْض فتظهر مثل العُروة فتشدّ إليها الدابّة ، وتسمى الآريَ والإِدْرَوْن ، وهذا الجمع على خلاف بنائها ، كقولهم في جمع ليلة : لَيَال. وجمعها القياسي أَوَاخِي كأَوَاري. وقياس واحد الأَخَايا أَخِيّة كأَلِيّة وأَلَايا ، كما أن قياسَ واحدة الليالي لَيْلَاة.

أراد لا تقوِّسوها في الصلاة حتى تصيرَ كهذه العُرى.

جَوْف اللَّيْل الآخر في (سم).

الهمزة مع الدال

[الأدم] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ قال للمُغيرة بن شُعْبَة رضي الله عنه ـ وخطب امرأةً ـ لو نَظرتَ إليها ، فإنه أَحْرَى أن يُؤْدَمَ بينكما.

الأَدْم والإيدام : الإصلاح والتوفيق من أَدْم الطعام وهو إصلاحُه بالإدام وجعلُه موافقاً للطعام.

لو هذه : في معنى ليت ، والذي لاقى بينهما أنّ كل واحدة منهما في معنى التقدير.

ومن ثم أجيبت بالفاء ، كأنه قيل ليتك نظرت إليها فإنه ، والغرض الحثُّ على النظر.

ومثله قولهم : لو تأتيني فتحدثني ، على معنى ليتك تأنيني فتحدثني.

والهاء في قوله : فإنه راجعة إلى مصدر نظرتَ ، كقولهم : من أَحسن كان خيراً له.

وقوله : أن يؤْدَم : أصله بأن يُؤْدم ، فحذفت الباء ، وحَذْفُها مع أنْ وأنّ كثير. والمعنى

__________________

(١) البنيقة : هي رقعة تزاد في ثوب يتسع.

(*) [أخا] : ومنه الحديث : مثل المؤمن والإيمان كمثل الفرس في آخيته. النهاية ١ / ٢٩.

(*) [أدم] : ومنه الحديث : سيد إدام أهل الدنيا والآخرة اللحم. ومنه حديث أم معبد : أنا رأيت الشاة وإنها لتأدمها وتأدم صرمتها. ومنه حديث أنس : وعصرت عليه أم سليم عكة لها فأدَمَتْه. ومنه الحديث : أنه مر بقوم فقال : إنكم تأتدمون على أصحابكم. ومنه حديث نجية : ابنتك المؤْدِمة المبشرة. ومنه حديث عمر : قال لرجل : ما لك؟ فقال : أقرن وآدمة في المنيئة. النهاية ١ / ٣١ ، ٣٢.

٢٥

فإن النظر أولى بالإصلاح وإيقاع الأُلْفة والوِفاق بينكما ، ويجوز أن تكونَ الهاء ضمير الشأن. وأحرى أن يؤدم جملة في موضع خبر أن.

نعم الإدَامُ الخلّ.

هو اسمٌ لكلِّ ما يُؤْتَدَم به ويُصْطَبغ ، وحقيقته ما يؤَدم به الطعام أي يُصْلَح ، وهذا البناء يجيء لما يُفْعَل به كثيراً ، كقولك : الرِّكاب لما يركَبُ به ، والحِزام لما يحزم به ؛ ونظائره جمَّة.

لمَّا خرج إلى مكة عرض له رجلٌ فقال : إن كنتَ تريدُ النِّساء البِيضَ والنُّوقَ الأُدْمَ فعلَيْكَ ببَنِي مُدْلج. فقال : إن الله مَنَع من بني مُدْلج لِصلَتها الرَّحِم ، وطعْنهم في ألْبَاب الإبل ـ وروى لَبَّات.

الأُدْمَة في الإبل : البياض مع سواد المقلتين.

عليك : من أسماء الفعل ، يقال : عليك زيداً أي ألزمَه ، وعليك به : أي خُذْ به ، والمراد هاهنا أَوْقعْ ببني مُدلج.

الألباب : جمع لبَب ، وهو المَنْحَر ، واللَّبَّة مثله ، وقيل : جمع لُبّ ، وهو الخالص ؛ يعني أنهم ينحرون خالصة إبلهم وكرائمها. ويجوز أن يكون جمع لَبّة (١) على تقدير حذف التاء ، كقولهم في جمع بَدْرَةِ بِدَر (٢) وشدّة أشدّ. وصَفَهم بالكرم وصلة الرحم وأنهم بهاتين الخصلتين استوجبوا الإمساك عن الإيقاع بهم.

[إدد ـ أود] : أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ـ سنح لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام ، فقلت : يا رسول الله ؛ ما لقيتُ بعدك من الإِدَدِ والأَوَدِ ـ وروى من اللَّدد!.

والإِدَّة : الداهية ، ومنها قوله تعالى : (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) [مريم : ٨٩]. والأوَد : العِوَج. واللَّدد : الخصومة.

ما لقيت بعدك : يريد أي شيء لقيتُ! على معنى التعجب ، كقوله :

* يا جارتَا ما أنتِ جارهْ * (٣)

__________________

(١) اللبة : هي اللهزمة التي فوق الصدر وفيها تنحر الإبل.

(٢) البدرة : هي جلدة السخلة ، وجمعها بدور وبدر (القاموس المحيط : بدر).

(٣) صدره :

باتت لنحزننا عفاره

والبيت من مجزوء الكامل ، وهو للأعشى في ديوانه ص ٢٠٣ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٠٨ ، ٣١٠ ، ٥ / ٤٨٦ ، ٧ / ٢٥٠ ، ٩ / ٢٤٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٩٣ ، ولسان العرب ٤ / ٦٣ (بشر) ، ١٥٤ (جور) ، ٥٨٩ (عفر) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٦٣٨ ، والمقرب ١ / ١٦٥ ، وبلا نسبة في رصف المباني ص ٤٥٢ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٥٢ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٣٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٤٧ ، وشرح عمدة الحافظ ٤٣٥ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٧١.

٢٦

[أدب] (*) : ابن مسعود رضي الله عنه ـ إنَّ هذا الْقُرْآنَ مَأدَبة اللهِ فتعلَّمُوا من مأْدَبَته ـ وروي مأدُبة الله فمن دخل فيها فهو آمِن.

المأدُبة : مصدر بمنزلة الأدَب ، وهو الدعاء إلى الطعام كالمَعْتبَة بمعنى العتب. وأما المأدُبة فاسمٌ للصَّنِيع نفسه كالوَكِيرة (١) والوَليمة. وشبَّهها سيبويه بالمَسْرُبة (٢) ، وغرَضُه أنها ليست كمَفْعَلة ومَفْعلة في كونهما بناءين للمصادر والظروف.

وفي حديث كَعْب رحمه الله : إنه ذكر مَلْحَمة للرُّوم ، فقال : ولِلّهِ مَأْدُبَةٌ من لحومِ الرُّومِ بِمرُوجِ عَكَّاء.

أي ضيافة للسباع.

وعكاء : موضع.

[أدلم] : في الحديث : يوشك أن يخرج جيش من قِبَل المشرق آدَى شيءٍ وأَعَدَّه ، أميرُهم رجلٌ طُوال أَدْلم أبرج.

آدى وأعدّ : من الأداة والعُدَّة ، أي أكمل شيءٍ أداة ، وأتمّه عدَّة ، وهما مبنيّان من فِعْلٍ على تقدير فَعُل ، وإن كان غير مستعمل (٣) ، كما قال سيبويه في قولهم : ما أشهاها! بمعنى ما أفضلها في كونها مشتهاة : إنه على تقدير فَعُل وإن لم يُستعمل. ويجوز أن يكون من قولك : رجل مُؤْد : أي كامل الأدوات. أو من استعد على حذف الزوائد كقولهم : هو أعطاهم للدينار والدرهم. وهو آداهم للأمانة. ويجوز أن يكون الأصلُ آيدُ شيءٍ وأَعْتَدُه فقيل : آدى على القلب ، كقولهم : شاكٍ في شَائِك. وأعَدُّ على الإدغام ، كقولهم وَدّ في وَتِد.

الطُّوَال : البليغ في الطول ، والطُّوَّال أبلغ منه.

الأَدْلم الأَسود ، ومنه سمي الأَرَنْدَج بالأَدلم.

الأبْرَج : الواسع العين الذي أَحْدَق بياضُ مُقْلَتِهِ بسوادِها كلّه لا يغيبُ منه شيء ، ومنه التبرّج وهو إظهار المرأةِ محاسِنَها. وسفينة بارجة لا غِطاءَ عليها.

[أدف] : في الأُدَاف الدِّيَة كاملة.

هو الذّكَر. فُعال من وَدَف إذا قطر ، وقلبُ الواو المضمومةِ همزة قياس مطّرد. قال :

أولجْتُ في كَعْثَبِهَا الأُدَافَا

مِثْلَ الذِّرَاعِ يَمْتَري النِّطَافَا

__________________

(*) [أدب] : ومنه حديث علي : أمّا إخواننا بنو أمية فقادة أدَبَة. النهاية ١ / ٣٠.

(١) الوكيرة : طعام يتخذ عند الفراغ من البنيان.

(٢) هي اسم للشعَر بفتح العين.

(٣) أي الثلاثي غير مستعمل.

٢٧

ويروى الأُذاف ـ بالذال المعجمة ـ من وذَفَ ، بمعنى قطر أيضاً.

كاملة نصب على الحال ، والعامل فيها ما في الظرف من معنى الفعل والظرف مستقر ، ويجوز أن تُرفع على أنها خبر ويبقى الظرف لَغْواً.

آدِمَة في (قر). أَدَبَه في (نج). فاسْتَأَلَها في (سو). مُؤْدون في (قو) (آدَم) في (هب) و (زه).

الهمزة مع الذال

[أذن] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ ما أَذِنَ اللهُ لشيء كإذْنِه لنبيٍّ يتغنَّى بالقُرْآن.

والأَذَنَ : الاستماع. ومنه قوله تعالى : (وَ) أَذِنَتْ (لِرَبِّها وَحُقَّتْ) [الانشقاق : ٢] وقال عدي :

في سَمَاعٍ يَأْذَنُ الشَيْخُ لَهُ

وحَدِيثٍ مثْلِ ماذِيٍ (١) مُشَار

المراد بالتغني : تحزين القراءة وترقيقها. ومنه الحديث : زيِّنوا القرآنَ بأَصْوَاتكم.

وعن عبد الله بن المُغَفّل رضي الله عنه ـ أنه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ سورةَ الفتح. فقال : لولا أنْ يجتمع الناسُ لحكيتُ تلك القراءة وقد رجَّع. والمعنيّ بهذا الاستماع الاعتدادُ بقراءة النبي وإبَانة مزيَّتها وشرفها عنده. ومنه قولهم : الأمير يسمع كلام فلان ؛ يعنون أن له عنده وزناً ومَوْقعاً حسناً.

[أذى] (*). في الحديث : كلّ مُؤْذٍ في النَّار.

يريد أن كلَّ ما يُؤْذِي من الحشراتِ والسِّبَاع وغيرِها يكونُ في نارِ جهنَّمَ عقوبةً لأَهْلها.

وقيل : هو وَعِيدٌ لمن يُؤْذِي الناس.

وأما الأذى في قوله : الإيمان نيف وسبعون درجة أدناها إماطة الأَذى عن الطَّرِيق. ؛ فهو الشوك والحجَر وكل ما يُؤذي المسالك.

وفي قوله في الصبيِ : أَمِيطُوا الأذَى عنه. ؛ هو العَقيقة تُحْلَقُ عنه بعد أُسْبوع.

بَيْنَ الأَذَانَيْنِ في (قر). الأَذْرَبِيّ في (بر).

__________________

(*) [أذن] : ومنه الحديث : بين كل أذانين صلاة. ومنه حديث زيد بن ثابت : هذا الذي أوفى الله بإذنه. ومنه حديث أنس : أنه قال له : يا ذا الأُذانين. النهاية ١ / ٣٤.

(١) الماذي : هو العسل.

(*) [أذى] : ومنه خطبة علي : تلتطم أواذيّ أمواجها. النهاية ١ / ٣٦.

٢٨

الهمزة مع الراء

[أرب] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ أُتِي بكَتِف مُؤَرَّبة فأَكلَها وصَلَّى ولم يتوَضَّأ.

هي الموفَّرَة التي لم يُؤْخذ شيءٌ من لحْمِها ، فهي متلبِّسة بما عليها من اللحم متعقِّدة به ؛ من أرَّبْتُ العقدة إذا أَحكمت شدَّها.

من الناس من يُوجب الوضوء بأَكْلِ ما مَسَّته النار ، وعن أهل المدينة أنهم كانوا يرون هذا الرأيَ ، وهذا الحديث وأشباهه ردٌّ عليهم.

[أرز] (*) : إن الإسلام لَيأْرِزُ إلى المَدِينةِ كما تأرِزُ الحيَّةُ إلى جُحْرِها.

أي تنضوي إليه وتنضم ، ومنه الأَرُوز للبخيل المُنْقِبِض.

وعن أَبي الأَسْوَدِ الدؤلي : إن فلاناً إذا سُئِل أَرَزَ ، وإذا دُعِي انتهز ـ وروي اهْتَزّ.

[أرث] : قال يزيد بن شيبان : أتانا ابن مِرْبَع الأَنْصاري ونحن وقوف بالموقف بمكانٍ فباعده عمرو ، فقال : أنا رسولُ رسولِ الله إليكم ، اثبتوا على مشاعركم هذه ، فإنكم على إرثٍ من إرْثِ إبراهيم.

هو الميراث ، وهمزته عن واو ، كإشاح وإسَادَة (١) ، وهذا قياسٌ عند المازني.

من للتبيين ، مثلها في قوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) [الحج : ٣].

المَشَاعر : مواضع النسك ؛ لأَنَّها مَعالِم للحجّ.

[أرك] (*) : أُتِي بلَبَنِ إِبلٍ أَوَارِك وهو بعَرَفَة فشرِبَ منه ـ أتاه به العباس.

أَرَكَت الإِبلُ تَأْرِك وتَأْرُك : أقامت في الأَرَاك ؛ فُعِل ذلك ليُعْلم أصائم هو أم مفطر.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما : حججتُ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يَصُمْه ، ومع عثمان فلم يَصُمْه ، وأنا لا أصومه ولا آمر بصيامه ولا أَنْهَى عنه.

__________________

(*) [أرب] : ومنه حديث الصلاة : كان يسجد على سبعة آراب. ومنه حديث المخنث : كانوا يعدونه من غير أولي الإربة. وفي حديث عمرو بن العاص : قال : فأرِبْتُ بأبي هريرة. ومنه حديث سعيد بن العاص : قال لابنه عمرو : لا تتأرَّب على بناتي. وفي حديث جندب ؛ خرج برجل آرابٌ. النهاية ١ / ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧.

(*) [أرز] : ومنه كلام علي بن أبي طالب : حتى يأرز الأمر إلى غيركم. وفي حديث صعصعة بن صوحان : ولم ينظر في أرْز الكلام. النهاية ١ / ٣٧ ، ٣٨.

(١) الإشاح : الوشاح ، والإسادة : الوسادة.

(*) [أرك] : ومنه حديث الزهري عن بني إسرائيل : وعنبهم الأراك. النهاية ١ / ٤٠.

٢٩

[أرّى] : اشتكى إليه رجلٌ امرأَته ، فقال : اللهم أرِّ بينهما ـ وروي أنه دعا بهذا الدعاء لعليٍّ وفاطمة عليهما السلام.

التَّأْرِية : التَّثْبِيت والتمكين. ومنه الآرِيّ (١). وتقول العرب : أَرِّ لفرسك وأَوْكد له ؛ أي أشدد له آرِيّا في الأرض ؛ وهو المَحْبِس من وَتد أو قطعة حبل مدفونة. والمعنى الدعاء بثبات الود بينهما.

[أرب] : قال له أبو أيوب رضي الله عنه : يا رسولَ الله ؛ دُلَّني على عمل يدخلني الجنة. فقال : أَربَ ما لَهُ؟ تعبد الله ، لا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتُؤْتي الزكاةَ ، وتَصِلُ الرحِم ـ وروي أَرِبٌ ما لَه!.

.. قيل في أَرِب : هو دعاء بالافتقار من الأَرَب ، وهو الحاجة ، وقيل : هو دعاء بتساقط الآراب ؛ وهي الأعضاء.

وما لَه : بمعنى ما خَطْبُه؟ وفيه وَجْه آخر لطيف ؛ وهو أن يكونَ أَرِب مما حكاه أبو زيد من قولهم : أَرِب الرجل إذا تشدَّد وتحَكَّر ؛ من تَأْرِيب العُقْدة ، ثم يُتَأَول بمَنَع ؛ لأنَّ البخلَ مَنْعٌ ، فيعدّي تعديته ، فيصير المعنى منع.

ما له : دعاء عليه بلُصوق عار البخلاء به ودخولهم له في غِمَار اللئام على طريقة طباع العرب ، كقول الأشتر :

بَقَّيت وَفْري وانحرفتُ عن العُلَا

ولقِيتُ أضيافي بوجْهِ عَبُوس

وكذلك حديث عمر رضي الله عنه : إن الحارث بن أوس سأَله عن المرأَة تطوفُ بالبيت ، ثم تنفِرُ من غير أن أَزِف (٢) طواف الصَّدَر إذا كانت حائضاً. فأفتاه أن يفعل ذلك ، فقال الحارث : كذلك أفتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عمر : أَرِبْتَ عَنْ ذي يَدَيْكَ.

ورُوِي : أَرِبْتَ من [ذي] يديك (٣) ؛ أتسأَلني وقد سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كي أخالفه؟. ومعناه مُنِعت عما يصحب يديك وهو مالُه.

ومعنى أَرِبْتَ من يديك : نشأَ بُخْلك من يديك ، والأصلُ فيما جاء في كلامهم من هذه الأدعية التي هي : قاتلك الله ، وأخزاك الله ، ولا دَرَّ درّك ، وتَرِبت يداك وأشباهها. وهم يريدون المدح المفرط والتعجب للإشعار بأنّ فعلَ الرجل أو قوله بالغٌ من الندرة والغرابة المبلغ الذي لسامعه أن يحسده وينافسه حتى يدعوَ عليه تضجراً أو تحسراً ، ثم كثُر ذلك حتى استُعْمل في كل موضع استعجاب ؛ وما نحن فيه متمحّض للتعجب فقط. ولتغيُّر معنى قاتله

__________________

(١) الآري : هو حبل تشد به الدابة في محبسها (لسان العرب : أرى).

(٢) أزف : أي أقترب.

(٣) أي ذهب ما في يدك حتى تحتاج.

٣٠

الله عن أصل موضوعه غيّروا لَفْظه ، فقالوا : قاتَعه الله وكاتعه (١).

ويجوز أن يكون على قول مَنْ فسر أَرِب بافتقر وأن يجري مجرى عدم فيعدّى إلى المال.

وأما أَرِبٌ فهو الرجل ذو الخِبرة والفطنة. قال :

يَلُفُّ طَوائِفَ الفرسا

ن وَهْوَ بِلَفِّهِمْ أَرِبُ (٢)

وهو خبر مبتدأ محذوف ، تقديره هو أَرِب ؛ والمعنى أنه تعجَّبَ منه أو أَخْبَر عنه بالفِطْنَة أوَّلاً ثم قال : ما لَه؟ أي لِمَ يستفتي فيما هو ظاهر لكل فَطِن ، ثم التفت إليه فقال : تعبدُ الله ؛ فعدَّد عليه الأشياء التي كانت معلومةً له تبكيتاً.

وروي أن رجلاً اعترضَه ليسأله فصاح به الناس فقال عليه السلام : دَعُوا الرجل أرِبَ ما لَه؟.

قيل معناه احتاج فسأل. ثم قال : ما له؟ أي ما خطبُه يُصَاحُ به ـ وروي دعوه فأَرَبٌ مّا لَه : أي فحاجةٌ مّا له. وما إبهامية ، كمثلها في قولك : أريد شيئاً مّا.

ذكر الحيَّات فقال : مَنْ خَشِي إرْبَهُنَ فليس منَّا.

أي دَهْيَهُنّ (٣) وخبْثَهن ، ومنه المواربة (٤) ؛ والمعنى ليس من جملتنا من يهابُ الإقدامَ عليهن ويتوقى قتلهنّ كما كان أهل الجاهلية يَدِينونه.

[أرض] (*) : لا صيام لمن لم يُؤَرِّضْه من الليل.

أي لم يهيئه بالنية ، من أَرَّضتُ المكان : إذا سوّيته ، وهو من الأرض.

[أرس] (*) : عن أبي سُفيان بن حرب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل : من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم : سلام (عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى). أما بعد فإني أدعوك بدِعاية الإسلام ، أَسْلم تسلمِ ، وأسلم يُوَفِّكَ الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك الأَرِيسيّين ، و (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) [آل عمران : ٦٤] .. الآية.

__________________

(١) قاتعه وكاتعه الله : أي قاتله (القاموس المحيط : قتع وكتع).

(٢) البيت لأبي العيال الهندي ، ورواية صدره في لسان العرب :

يلف طوائف الأعداء

(٣) الدهي والدهاء بمعنى.

(٤) المواربة : المخادعة.

(*) [أرض] : ومنه حديث أم معبد : فشربوا حتى أراضوا. وفي حديث الجنازة : من أهل الأرض أم من أهل الذمة. النهاية ١ / ٣٩.

(*) [أرس] : وفي الحديث : فسقطت من يد عثمان في بئر أريس. النهاية ١ / ٣٨.

٣١

قال أبو سفيان : فلما قال ما قال ، وفرغ من قراءة الكتاب كَثُر عنده اللَّجب ، وارتفعت الأصوات.

الأَرِيس والأَرِيسي (١) : الأكّار. قال ابن الأعرابي : وقد أَرسَ يأْرِس أَرْسَا وأَرَّس.

والمعنى أن أهل السواد وما صاقَبه (٢) كانوا أهلَ فلاحة وهم رعيّة كسرى ودينهم المجوسية ، فأعلمه أنه إن لم يُؤْمن ـ وهو من أهل الكتاب ـ كان عليه إثمُ المجوس الذين لا كتابَ لهم.

فلما قال : يعني الرسول الذي أوصل الكتاب إليهم وقرأه على هرقل.

اللَّجب : اختلاط الأصوات ، وأصله من لَجَبِ البحر ، وهو صوتِ الْتِطام أمواجه.

[أرف] (*) : إذا وقعت الأُرَف (٣) فلا شفْعَة.

هي الحدُود.

ومنه حديث عُمر رضي الله عنه : إنه خرج إلى وَادِي القرى ، وخرج بالقُسَّام ، فقَسَمُوا على عددِ السِّهام ، وأَعْلَمُوا أُرَفَها ، وجعلوا السهام تجري ؛ فكان لعثمان خَطَر ، ولعبد الرحمن بن عوف خَطَر ، ولفلان خَطَر ، ولفلان نصف خَطَر.

الخطر : النصيب ، ولا يُستعمل إلا فيما له قدرٌ ومزية ، يقال فلان خطير فلان ، أي مُعَادِلُه في المنزلة.

وفي الحديث : أيُّ مالٍ اقتُسِم وأُرّفَ (٤) عليه فلا شُفْعة فيه.

أي أديرت عليه أُرَف.

[أرث] : عمر رضي الله عنه ـ قال أسلم مولاه : خرجتُ معه حتى إذا كنَّا بحَرَّة وَاقِم فإذَا نارٌ تؤَرَّث بصِرَار ، فخرجنا حتى أَتينا صِرَاراً فقال عمَر : السلامُ عليكم يا أَهْلَ الضوءِ ، وكره أن يقولَ : يا أَهْل النار ؛ أَأَدْنو؟ فقيل : ادنُ بخيرٍ أو دَعْ ، قال : وإذا هم رَكْبٌ قد قَصَر بهم الليل والبرد والجوع ، وإذا امرأة وصبيان ، فنكص على عِقبيه ، وأدبر يهرول حتى أَتى دارَ

__________________

(١) الأريسي والأريس (كجليس وسكيت) : الأكار وجمعه أريسون وإرِّيسون وأرارسة وأراريس وأرارس (القاموس المحيط : أرس).

(٢) صاقبه : أي قاربه.

(*) [أرف] : ومنه حديث عثمان ؛ الأُرف تقطع الشفعة. ومنه حديث عبد الله بن سلام : ما أجد لهذه الأمة من أُرْفة أجلِ بعد السبعين. النهاية ١ / ٤٠.

(٣) الأُرف : جمع أرفة ، وهي الحدود والمعالم.

(٤) أُرِّفَ : أي حُدِّد وأعلم.

٣٢

الدقيق ، فاستخرج عِدْلاً من دقيق ، وجعل فيه كُبَّةً من شَحْم ، ثم حمله حتى أتاهم ، ثم قال للمرأة : ذرّي وأنا أحُرُّ لَك.

تَأْرِيث النار : إِيقادها.

صِرَار : بئر قديمة على ثلاثة أميال من المدينة (١) على طريق العراق.

أَوْدع : يريد أَوْدَع الدنوَّ إن لم يكن بخير.

وإذا هم : هي إذا المفاجَأة. وهي اسم [أي ظرف] مكان ، كأنه قال : وبحضرته هم ركب ، والمعنى أنهم فجئوه عند دُنُوّه.

قَصَر بهم : حبسهم عن السير.

الهَرْوَلة : سرعة المشي.

الكُبَّة : الجَرَوْهَق.

الذرُّ : التفريق ، يقال : ذرَّ الحبَّ في الأرض ، وذرَّ الدواءَ في العين.

والمراد ذُرِّي الدقيق في القِدْر.

أحُرُّ ـ بالضم : أَتَّخِذ حَريرة ، وهي حَسَاءٌ من دقيق ودَسَم.

[أرض] : ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ـ أَزلْزِلت الأرض أَم بي أَرْض.

هي الرعدة. قال ذو الرمة :

إذَا تَوَجَّسَ رِكْزاً مِنْ سَنَابكها

أَوْ كانَ صاحبَ أرْض أَوْ بِهِ مُومُ

[أرب] : عائشة رضي الله عنها ـ كان النبي صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ ويُبَاشِر وهو صائم ، ولكنه كان أَمْلَكَكُم لإرْبِه.

والإرْب : الحاجة. وقيل هو العُضو ، أرادت بملكه حاجَته أو عضوه قَمْعَه لشَهْوَته.

عبد الرحمن بن يزيد رضي الله عنه ـ قال محمد ابنه : قلت له في إِمرة الحجاج : يا أَبَهْ ؛ أنغزو! فقال : يا بني لو كان رأْي الناس مثلَ رأيك ما أُدِّيَ الارْيَانُ.

هو الخراج. قال الْحَيْقُطَان :

وقلتم لَقَاحٌ لا تؤدِّي إتاوةً

وإعطاءُ أَرْيَان من الضُّر أَيْسَر

وكأنه فَعْلَان من التَّأْرِية ؛ لأَنه شيء أكِّد على الناس وأُلْزِموه. وقيل الأشبه بكلام العرب أن يكون الأُرْبَان بالباء وهو الزيادة على الحق. يقال : أُرْبَان وعُرْبَان.

[أرن] (*) : الشَّعبي رحمه الله ـ اجتمع جَوَارٍ فأَرِنّ وأَشِرْنَ ولَعِبْنَ الْحُزُقَّة.

__________________

(١) في لسان العرب (صرر) : من طريق العراق.

(*) [أرن] : وفي حديث استسقاء عمر : حتى رأيت الأرنية تأكل صغار الإبل. النهاية ١ / ٤١.

الفائق في غريب الحديث / ج ١ / م ٣.

٣٣

الأَرَن : النّشاط ، ومُهْر أَرِن. ومنه قول زيد بن عدي للنعمان : لقد عقدتُ لكَ آخِيَّة لا يحلّها المهر الأَرن.

الْحُزقَّة : لُعْبةٌ ، من التَّحَزُّق وهو التقبّض.

[أروى] (*) : عون رحمه الله ـ ذكر رجلاً فقال : تكلم فجمع بين الأَرْوَى (١) والنَّعام.

أي بين كلامين مُتَبَاعدين ؛ لأن الأَرْوَى جَبَلية والنَّعام سَهْلية.

وفي أمثالهم :

ما يجمع بين الأَرْوَى والنَّعَام؟

[أرب] : في الحديث : مُؤَارَبة الأَرِيبِ جَهْلٌ وعَنَاءٌ.

وهي المُدَاهاةُ والمُخَاتلة ، من الإِرْب وهو الدَّهاء والنكر. يريد أن العاقل لا يُخْدَع.

كيف تَبْلُغك صَلَاتنا وقد أَرِمْت.

قيل : معناه بَلِيت (٢).

كمثل الأَرَزة في (خو). جعلْتُ عليه آرَاماً في (سر). ذِي أَرْوَان في (طب). مسّ أَرْنَب في (غث). كما تَتَوَقَّلُ الأرْوِية في (وق). والأُرَف تقطع في (فح). إرْبَة أَرِبْتُها في (حو). أَرَزَ في (هي). الأَرْنَبَة والأَرِينة في (قل). أَرِنْ في (ري). أَرْزَ الكلام في (جد).

الهمزة مع الزاي

[أزز] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان يُصَلّي وَلجوْفه أَزِيز كأَزيز المِرْجل من البكاء.

هو الغليان.

المرجل ، عن الأصمعي : كل قدر يطبخِ فيها من حجارة أو خزَف أو حديد. وقيل : إنما سمي بذلك لأنه إذا نُصب فكأنه أقيم على أَرجل.

في حديث كسوف الشمس ـ قال : فدفعنا إلى المسجد ، فإذا هو بأَزَز ـ ورُوي : يتأَزَّز.

__________________

(*) [أروى] : ومنه الحديث : أنه أُهدي له أروى وهو محرم فردها. النهاية ١ / ٤٣.

(١) الأروية والإروية بضم الهمزة وكسرها : الأنثى من الوعول ، وثلاث أراوي على أفاعيل إلى العشر فإذا كثرت فهي الأروى على أفعل (لسان العرب : روى).

(٢) من أرم المال : إذا فنى.

(*) [أزز] : ومنه حديث جمل جابر : فنخسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضيب فإذا تحتي له أزيز. ومنه الحديث : فإذا المسجد يتأزز. وفي حديث الأشتر كان الذي أزَّ أم المؤمنين على الخروج ابن الزبير. النهاية ١ / ٤٥.

٣٤

وذكر صلاةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه خطب وذكر خروجَ الدجال ، وأنه يُحْصِر المسلمين في بيت المَقْدِس ، قال : فَيُؤْزَلُونَ أَزْلاً شَديداً.

الأَزَزُ : الامتلاء والتضامّ.

وعن أبي الْجَزْلِ الأَعْرابي : أَتيتُ السُّوقَ فرأيت النساءَ أَزَزاً. قيل : مَا الأَزَز؟ قال : كأَزَز الرُّمَّانة المُحْتَشِيَة.

يَتَأَزَّزُ : يتفعل من الأَزيز ، وهو الغليان ؛ أي يغلي بالقوم لكثرتهم.

الإحصار : الحبس.

يُؤْزَلُون : يُضيَّق عليهم. يقال : أَزَلْتُ الماشيةَ والقومَ : حبستُهم وضيَّقْتُ عليهم.

وأَزَلُوا : قحطوا.

[أزر] (*) : في حديث المبعث ـ قال له وَرَقة بن نوفل : إنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُك أَنْصُرْكَ نَصْراً مُؤَزَّراً.

أي قويًّا ، من الأَزْرِ وهو القُوَّة والشِّدَّة ، ومنه الإِزَار ؛ لأن المُؤْتَزِر يشدّ به وسَطَه ، ويُحْكِىءُ صُلْبَهُ ، من قوله :

*فَوْقَ مَنْ أَحْكَأَ صُلْباً بإزَار* (١)

وأزَّرت الرجل : شددتُ عليه الإزار. فكأنّ المُؤَزَّرَ مستعار من هذا ، ومعناه المشدد المقوّى. قال جوّاس :

وأيامَ صدق كلَّها قد علمتم

نصرنا ويوم المَرْج نصراً مُؤَزّرا

قال للأنصار ليلة العَقبة : أُبايعكم على أن تمنَعوني مما تمنعون منه نساءَكم وأبناءكم.

فأخذ البَرَاء بن مَعْرورٍ بيده ثم قال : نعم ، والذي بعثك بالحق لنمنعنَّك مما نمْنَعُ مِنه أُزُرَنا.

كنَى عن النساء بالأُزر كما كُنِيَ عنهنّ باللباس والفُرش. وقيل : أراد نفوسهم من قوله:

__________________

(*) [أزر] : وفي الحديث : قال الله تبارك وتعالى : العظمة إزاري والكبرياء ردائي. ومنه الحديث : إزرة المؤمن إلى نصف الساق. وفي الحديث : كان يباشر بعض نسائه وهي مؤتزرة في حالة الحيض. النهاية ١ / ٤٤ ، ٤٥.

(١) صدره :

اجل أن الله قد فضلكم

والبيت من الرمل ، وهو لعدي بن زيد في ديوانه ص ٩٤ ، وجمهرة اللغة ص ١٠٥١ ، ولسان العرب ١ / ٥٨ (حكأ) ، ٥٣١ (صلب) ، ٤ / ١٧ (أزر) ، ١١ / ١٢ (أجل) ، ١٤ / ١٩٧ (حكى) ، وبلا نسبة في مجالس ثعلب ١ / ٢٤٠.

٣٥

[أَلَا أَبْلِغ أبا حَفْصٍ رَسُولاً]

فِدًى لكَ من أَخِي ثِقَةٍ إزَارِي (١)

وهذا كما قيل في قول ليلى :

رَمَوْها بأَثوابٍ خفاف [فلَنْ تَرَى

لها شبهاً إلا النَّعامَ المنفَّرا]

أَرَادت النفوس.

كان إذا دخل العَشْرُ الأَواخر أيقظ أهلَه وشَدَّ المِئزَر ـ ورُوي : ورفع المِئزَر.

أي أيقظهم للصلاة واعتزل النساءَ ، فجعل شدُّ الإِزار كنايةً عن الاعتزال كما يُجعل حَلُّه كناية عن ضدِّ ذلك. قال الأخطل :

قومٌ إذا حاربُوا شَدُّوا مَآزرهم

دون النساءِ ولو باتت بأطْهَار (٢)

ويجوز أَن يُرَاد تشميره للعِبادة ، ومن شأن المشمّر المنكمش أن يقلّص إزاره ويرفع أطرافَه ويشدها. وقد كثر هذا في كلامهم حتى قال الراجز في وصف حمار وحشٍ ورَدَ ماءً :

شَدَّ على أَمْرِ الورُودِ مِئزَرَهْ

[لَيْلاً وما نَادَى أَذِينُ المَدَرَهْ](٣)

[آزاه] : اخْتَلف مَن كان قبلنا على ثنتين وسبعين فرقة نجا منها ثلاثٌ وهلك سائرُها ؛ فرقة آزَتِ الملوكَ وقاتلتهم على دينِ الله ودينِ عيسى حتى قُتِلوا. وفرقة لم تكن لهم طاقةٌ بمؤازاة الملوك ، فأقاموا بين ظَهْرَانَي قومِهم فدعَوْهم إلى دينِ الله ودين عيسى ؛ فأَخذتهم الملوك فقتلتهم وقطعتْهم بالمنَاشِير. وفرقة لم تكن لهم طاقة بمؤازاة الملوك ولا بأَنْ يقيموا بين ظَهْرَاني قومهم فيَدْعوهم إلى دين الله ودين عيسى فساحُوا في الجبال وترهَّبوا ، وهم الذين قال الله تعالى [فيهم] : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) [الحديد : ٢٧].

المُؤازَاة : المُقَاومة ، من قولك : هو إزَاء مال ، أي قائم به.

سائرها : باقيها ، اسم فاعل من سأَر إذا بقي ، ومنه السؤر. وهذا مما تغلط فيه الخاصة فتضعُه موضعَ الجميع.

__________________

(١) البيت من الوافر ، وهو لبقيلة الأكبر الأشجعي وكنيته أبو المنهال ، في لسان العرب ٤ / ١٧ (أزر) ، والمؤتلف والمختلف ص ٦٣ ، وعجزه في لسان العرب منسوباً إلى جعدة بن عبد الله السلمي ؛ وبلا نسبة في شرح اختيارات المفضَّل ص ٢٥٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٦٢ ، ولسان العرب ٧ / ٨١ (قلص).

(٢) البيت من البسيط ، وهو للأخطل في ديوانه ص ٨٤ ، وحماسة البحتري ص ٣٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٤٦ ، ونوادر أبي زيد ص ١٥٠ ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٢٨٥ ، ورصف المباني ص ٢٩١ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٠١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٨٣ ، ٥٨٤ ، ومغني اللبيب ١ / ٢٦٤ ، والمقرب ١ / ٩٠.

(٣) الأذين : هو المؤذن ، والمدرة : القرية (لسان العرب : مدر).

٣٦

أقام فلان بين أظهر قومه وظَهْرانيهم : أي أقام بينهم.

وإقحام الأظْهُر : وهو جمع ظَهْر ـ على معنى أَنَّ إقامته فيهم على سبيل الاسْتِظْهارِ بهم والاستنادِ إليهم. وأما ظَهْرَانيهم فقد زِيدت فيه الألف والنون على ظَهْرِ عند النسبة للتأكيد ، كقولهم : في الرجل العَيُون نَفْساني وهو نسبة إلى النَّفس بمعنى العَيْن ، والصّيدلاني والصيدناني منسوبان إلى الصيدل والصَّيْدَن ، وهما أصولُ الأشياءِ وجواهرُها. فألحقوا الأَلِف والنونَ عند النسبة للمبالغة ، وكأن معنى التثنية أَن ظَهْراً منهم قدّامه وآخر وراءه ، فهو مكنُوف من جانبيه ، هذا أصله ، ثم كثُر حتى استُعْمِل في الإقامة بين القوم مطلقاً وإن لم يكن مكنوفاً.

[أزر] : أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ قال للأنْصَار يومَ سقيفة بني ساعدة : لقد نَصَرْتُم وآزرتم وآسيتُم.

أي عاونتم وقوّيتم.

آسيتم : وافقتم وتابعتم ؛ من الأُسْوة وهي القدوة.

[أزم] (*) : نظرت يوم أُحُد إلى حَلْقَة دِرْع قد نَشِبَتْ في جَبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكَبَبْتُ لأَنزِعَها ، فأقْسَم عليَّ أبو عبيدة فأزَم بها بثَنِيَّتِه فجذَبها جَذْباً رفيقاً.

الأَزْم والأرم : العضّ. ويقال للأسنان : الأُزَّم والأُرّم.

عمر ـ رضي الله عنه ـ سأل الحارث بن كَلَدة : ما الدَّواء؟ فقال : الأَزْمُ.

هو الحِمْيَة. ومنه الأَزْمَة (١) مِن المجاعة والإِمساك عن الطعام.

فأَزَم القَوْمُ في (حف). عام أَزْبَة في (صف). مُؤْزِلة في (صب). أَزَبّ في (ول). أَزْلِكم في (ال). مُتَّزِر في (كس). بإزَاء الحَوْض في (شب). إزْرَ صاحبنا في (حش). فأَزَم عليها في (هت).

الهمزة مع السين

[أسف] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ سُئل عن مَوْتِ الفُجَاءة. فقال : رَاحَةٌ للمُؤمِن وأَخْذَةُ أَسَفٍ للكافر.

__________________

(*) [أزم] : في حديث الصلاة : أنه قال : أيكم المتكلم؟ فأزَمَ القوم. ومنه حديث السواك : يستعمله عند تغير الفم من الأزم. وفي الحديث : اشتدي أزمة تنفرجي. ومنه حديث مجاهد : إن قريشاً أصابتهم أزمة شديدة. النهاية ١ / ٤٦ ، ٤٧.

(١) الأزمة : القحط.

(*) [أسف] : ومنه الحديث : لا تقتلوا عسيفاً ولا أسيفاً. ومنه الحديث : آسَفُ كما يأسفون. ومنه حديث معاوية بن الحكم : فأسفت عليه. النهاية ١ / ٤٩.

٣٧

أي أخذة سُخْط ، من قوله تعالى : (فَلَمَّا) آسَفُونا (انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) [الزخرف : ٥٥]. وذلك لأنَّ الغضبان لا يخلو من حُزن ولهف ، فقيل له أَسِف. ثم كثر حتى استعمل في موضع لا مجالَ للحزن فيه.

وهذه الإضافة بمعنى مِنْ كخاتم فضة ؛ أَلا ترى أن اسم السخط يقع على أَخْذَة وقوعَ اسم الفضة على خاتم. وتكون بمعنى اللام نحو قوله : قولُ صدقٍ ووعدُ حقٍّ.

ومنه حديث النَّخَعي رحمه الله : إنْ كانُوا لَيَكْرَهُونَ أَخْذَةً كأَخْذَةِ الأَسَفِ.

إنْ هذه هي المخففة من الثقيلة ، والسلامُ للفَرْق بينها وبين إن النافية. والمعنى إنه كانوا يكرهون ؛ أي إن الشأن والحديث هذا.

[أسى] (*) : أَيغلب أحدكم أن يُصاحب صُوَيحبه في الدنيا معروفاً ، فإذا حال بينه وبينه ما هو أَوْلى به استرجع ثم قال : ربِ آسِني لما أَمْضيْتَ ، وأَعِنِّي على ما أَبقيت ـ وروي أُسْنِي مما أمضيت ـ ورُوِي أَثِبْنِي على ما أَمْضيت.

التَّأسية : التعزية ، وهي تحريض المُصَاب على الأُسى والصبر. والمعنى امنحني الصبرَ لأجل من أمضيتَه. وإنما قال «ما» ذهاباً إلى الصفة.

أُسْنِي من الأَوْسِ وهو العِوَض. قال رؤبة :

[يا قائد الجيش وزيد المجلس]

أُسْنِي فقد قلّت رفَادُ الأَوْسِ

على ما أبقيت : أي على شكره ، فحذف. استمنحه الصبر على الماضي أو الخلَف عنه ، واستوزعه الشكر على الباقي.

أيغلب : من غُلب فلان عن كذا إذا سُلِبه وأخذ منه.

والأصل على أن يصاحب فحُذف ، وحَذْفُ حرف الجر مع أن شائِع كثير ، ومعناه أتؤخذ منه استطاعةُ ذلك حتى لا يفعله.

التصغير في الصُّوَيْحب بمعنى التقريب وتلطيف المحل.

معروفاً : أي صحاباً مَرْضِيّاً تتقبّله النفوسُ فلا تنكره ولا تَنْفِر عنه.

ما هو أولى به : أي أَخْلَقُ به من صحبته ، وهو الانتقال إلى جوار ربّه.

[أسد] (*) : كتب : من محمد رسول الله لعِبَاد الله الأَسْدِيين ؛ ملوك عُمَان وأَسْد عُمَان ،

__________________

(*) [أسى [ومنه حديث الحدبية : ان المشركين واسرنا الصلح. ومنه حديث علي : أس بينهم في اللحظة والنظرة. وفي حديث أبي بن كعب : والله ما عليهم اسى ، ولكن اسى على من أضلوت. وفي حديث ابن مسعود : يوشك أن ترمي الأرض بأفلاذ كبدها أمثال الأواسي. النهاية ١ / ٥٠.

(*) [أسد [ومنه حديث أم زرع : إن خرج أسد. ومنه حديث لقمان بن عاد : خذي منى أخى ذا الأسد. النهاية ١ / ٤٨.

٣٨

من كان منهم بالبحرين ـ وروى الأَسْبَذِين.

أهلُ العلم بالنَّسب يقولون في القبيلة التي من اليمن التي تسميها العامة الأَزْد : الأَسْد. والأَسْبَذون (١) : كلمة أعجمية معناها عَبَدَة الفَرَس. وكانوا يعبدون فرساً ، والفَرَس بالفارسية أَسْب.

[أسر] (*) : عمر رضي الله عنه ـ إن رجلاً أتاه فذكر أن شهادة الزّور قد كثُرت في أرضهم ، فقال : لا يُؤْسَر أحدٌ في الإسْلَام بشهداء السّوءِ ، فإنا لا نقبلُ إلا العدولَ.

أي لا يُسْجَن ، وفسّر قوله تعالى : (وَيَتِيماً وَ) أَسِيراً [الإنسان : ٨] ؛ بالمسجون.

[أسل] (*) : علي رضي الله عنه ـ لا قَودَ إلّا بالأَسَل.

هو كل حديدٍ رَهيف من سنان وسَيْف وسكين. والأَسَل في الأَصل الشوك الطويل فَشُبِّهَ به ، والمؤسل المحدَّد. قال مُزَاحِم :

تُبَاري سَدِيسَاها إذا ما تَلَمَّجَتْ

شباً مِثْل إبْزِيم (٢) السِّلَاحِ المُؤَسَّلِ

[أسف] : عائشة رضي الله عنها ـ قالت حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلِّي بالنَّاسِ في مَرَضِه الذي مات فيه : إنَّ أبا بكرٍ رجل أسِيف ، ومتى يَقمْ مَقَامَك لا يقدر على القِراءة.

هو السريع الحُزْن والبكاء ، فعيل بمعنى فاعل من أَسِف ، كحزين من حَزِن ، ويقال : أسُوف أيضاً.

[أسى] : خالد الرَّبعي رحمه الله ـ إن رجلاً من عُبّادِ بني إسرائيل أذنب ذَنْباً ثم تاب ، فثقب تَرْقُوَته فجعل فيها سِلْسلة ، ثم أوثقها إلى آسِيَةٍ من أواسِي المسجد.

هي السارية ، قال النابغة :

فإنْ تَكُ قَدْ وَدَّعْتَ غَيْرَ مُذَمَّمٍ

أوَاسِيَ مُلْكٍ أثْبَتَتْها الأَوَائِلُ

سميت آسِيَة لأنها تُصْلح السقفَ وتُقيمه بعَمْدِها إياه ، من أسَوْتُ بَيْنَ القومِ : إذا أصلحت بينهم.

__________________

(١) الواحد أسبذى ، وأسبذ اسم قائد من قواد كسرى على البحرين (لسان العرب : أسبذ).

(*) [أسر] : ومنه حديث الدعاء : فاصبح طليق عفوك من إسار غضبك. وفي حديث أبي الدرداء : أن رجلاً قال له إن أبي أخذه الأُسْرُ. وفي الحديث : زَنَى رجل في أُسرَة من الناس. النهاية ١ / ٤٨.

(*) [أسل] : في صفته صلى الله عليه وسلم : كان أسِيلَ الخد. ومنه حديث مجاهد : إن قطعت الأسَلَة فبيّن بعض الحروف ولم يبين بعضاً. النهاية ١ / ٤٩.

(٢) الإبزيم : هي حديدة تكون في طرف السرج يسرج بها.

٣٩

[أسر] : ثابت البُنَاني رحمه الله ـ كان داودُ عليه السلام إذا ذَكَر عِقاب الله تخلَّعتْ أوصاله ، فلا يشدّها إلا الأَسْر.

أي العَصْب.

إنْ خرج أَسِد في (غث). ذا الأَسَد في (بج). فأَسنَ في (خش). يَأسن في (نه). إسَافا في (ري). الأُسَامات في (حو). هذه الأَوَاسِي في (قل). والأُسَفَاء في (عس). وآسيْتُم في (أز).

الهمزة مع الشين

[أشب] (*) : النبي صلى الله عليه وسلم ـ كان في سفرٍ فرفَع بهاتين الآيتين صَوْتَه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) [الحج : ١]. فتأَشَّبَ أصحابُه حَوْله وأبْلَسُوا حتى ما أوْضَحُوا بضَاحِكةٍ.

أي التفّوا عليه ، من أشَبِ الشجرِ وهو التفافُه.

ومنه حديث : إن ابن أمّ مَكْتُوم قال له : إني رجلٌ ضريرٌ ، وبيني وبينك أشَبٌ فرخِّصْ لي في العِشَاء والفَجْر. قال : هل تسمعُ النداء؟ قال : نعم ، فلم يرخِّص له.

أراد التفافَ النَّخل.

أبلسوا : سكنوا ، ومنه الناقة المِبْلَاس ، وهي التي لا تَرْغو من شدة الضَّبعَة. وإنما قيل لليائس عن الشيء مُبْلِس ؛ لأنّ نفسه لا تحدّثه بعقد الرجاء به.

حكي عن الزجاج أوضح : بمعنى وَضح ، ويقال للمُقْبِل : من أين أَوْضحْتَ؟ أي من أين طلعت؟

والمعنى ما طَلعوا بضَاحِكة ؛ وهي واحدة الضواحك من الأسنان ؛ أي ما أَطلعوا ضاحكة ، والضّاحك أَشْيَع.

[أشش] : كان إذا رأى من أصحابه بَعْضَ الأشَاش مما يَعِظهم.

هَمْزَتُه مبدلة من هاء الهَشَاش ؛ كما قيل في ماهٍ : ماء. وتلحقه التاء كما يقال : الهشاشة.

«ما» في مِمّا يعظهم : مصدرية ، وقبلها مضافٌ محذوف ؛ أي كان من أهل موعظتهم إذا رآهم نشيطين لها ، ويجوز أن تكون موصولة مقامة مقام مَنْ إرادةً لمعنى الوصفية.

الأشاءَتَيْن في (بر). مُؤْتَشِب في (دي). تأَشَّبُوا في (صو).

__________________

(*) [أشش] : ومنه حديث العباس حنين : حتى تاشبوا حول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. النهاية ١ / ٥٠.

٤٠