الفائق في غريب الحديث - ج ١

جار الله محمود بن عمر الزمخشري

الفائق في غريب الحديث - ج ١

المؤلف:

جار الله محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٥

غيرَه ، وأحسِبني [أني] سأنحر ناقتي! فسمعه عمر فأَقبل عليه بالدرّة ، وقال : أَتَغْمِص الفُتْيَا وتَقْتُلُ الصَّيد وأنتَ مُحْرِم؟ قال الله تبارك وتعالى : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) [المائدة : ٩٥]. فأنا عُمَر وهذا عبد الرحمن!.

الخُشَشَاء : العظم النَّاتِىء خَلْفَ الأُذُن ، وهمزتُها منقلبة عن ألف التأنيث ، وأما همزة الخُشَّاء ووزنها فُعْلاء كقُوبَاء ، وهذا الوزن قليل فيما قال سيبويه ـ فمنقلبةٌ عن ياءٍ للإِلْحاق ، ونظيرُ هذه الهمزة في كونها تارةً للتأنيث وأخرى للإِلحاق ألفُ عَلْقَى ، وهي مِنْ خَشّ لأنها عَظْمٌ مركوز في اليافوخ مركّب فيه.

الرّدْع : التضميخ بالزّعفران ، وثوب مَرْدُوع : مُزَعْفَر ، وكَثُر حتى قيل للزعفران نفسه : رَدْع ، وهو في قولهم : رَكِب رَدْعه اسمٌ للدم على سبيل التشبيه ، ومثله الجسَد هو الزَّعْفَران والدّم ، ومعنى ركوبه دَمه أنه جُرح فسال دَمُه فوقه مُتَشَحِّطاً فيه.

وعن المبرد أنه مِنَ ارْتَدَع السهم : إذا رجع النَّصل في السِّنْخِ متجاوزاً ، وأن معناه سقط ، فدخلت عُنقه في جوفه.

وفيه وجهان : أحدهما أن يكون الرَّدع بمعنى الارْتِداع على تقدير حذف الزوائد.

والثاني أن يكون من رَدَع الرامي السَّهْمَ : إذا فعل به ذلك ، ومنه رَدَع السهم : إذا ضرب نَصْله بالأرض ليثبت في الرُّعْظ ، والتقدير ركب ذات رَدْعه ؛ أي عنقه ، فحذف المضاف ، أو سمي العُنق رَدْعاً على الاتِّساع.

أَسِنَ : دِير بهِ ، من أسنَ المائحُ.

الغَمْص : التسخّط والاستحقار.

[خشى] (*) : إن ابنَ عباس رضي الله تعالى عنهما قال له : أكثرتَ من الدعاء بالمَوْت حتى خشيتُ أن يكونَ ذلك أسهلَ لك عند أَوَان نُزُوله ، فإذا مَلِلْتَ من أُمَّتك ؛ أما تُعينُ صالحاً أو تُقَوّم فاسداً؟ فقال : يا بنَ عباس ؛ إني قائل قولاً وهو إليك. قال : قلت لن يَعْدُوَني. قال : كيف لا أحبُّ فراقَهم وفيهم ناسٌ كلّهم فاتح فاه للَهْوة من الدنيا إمَّا بحقٍّ لا ينوءُ به أو بباطل لا يناله ، ولولا أن أُسأل عنكم لهربت منكم ، فأصبحت الأرض مني بَلَاقع ، فمضيتُ لشأني وما قلتُ ما فعل الغالبون.

خشيت : رَجَوْت.

وهو إليك : أي مُسَرٌّ إليك.

اللهْوَة : ما ألقى من الحبّ في فم الرَّحَى ، فاستُعِيرت للعطيّة والمنالة.

ناء بالحمل : إذا نهض.

__________________

(*) [خشى] : ومنه في حديث خالد : أنه لما أخذ الراية يوم مؤته دافع الناس وخاش بهم. النهاية ٢ / ٣٥.

٣٢١

البَلَاقِع : جمع بَلْقع وهو الخالي. وصف بالجمع مُبَالَغة كقوله :

[كأَن قتود رَحْلي حين ضَمَّتْ

حَوَالِبَ غُرَّزاً] وَمِعاً جِيَاعا (١)

[خشب] : سلمان رضي الله عنه ـ ذكره أبو عثمان ، فقال : كان لا يكادُ يُفْقَه كلامُه من شدَّة عُجْمته ، وكان يُسَمِّي الخَشَبَ خُشْبَان.

قد أُنكر هذا الحديث ؛ لأنَّ كلامه يُضَارع كلامَ الفصحاء. والخُشْبَان في جمع الخَشَب صحيح مرويّ ، ونظيره سَلَق (٢) وسُلْقان وحَمَل وحُمْلان. وقال :

*كأنهم بجنوب الْقَاع خُشْبَان *

ولا مَزِيد على ما يتعاونُ على ثُبُوتِه القياسُ والرِّوَاية.

[خشف] : معاوية رضي الله عنه ـ كان سَهْمُ بن غالب من رءُوس الخَوارج خرج بالبَصْرَة عند الجسْر ، فآمنَه عبدُ الله بن عامر ، فكتب إلى معاوية : قد جعلت لهم ذِمَّتك.

فكتب إليه معاوية : لو كُنْتَ قتلتَه كانت ذِمَّةً خَاشَفْتَ فيها.

فلما قدم زِيَادٌ صلَبه على باب داره.

أي سارعْتَ إلى إخفارها. يقال : خاشَفَ فلانٌ في الشرّ ، وخاشفَ الإِبل لَيْلَتَه : إذا سايرها ؛ يريد لم يكن في قَتْلك له إلا أن يُقال : قد أَخْفَر ذِمَّته ، يعني أنّ قَتْلَه كان الرَّأي.

[خشر] : في الحديث : إذا ذهب الخِيَارُ وبقيت خُشَارة كخُشَارة الشَّعِير لا يبالي بهم الله بَالة.

هي من كل شيء رَدِيّه ونُفَايته ، وقيل : هو من الشعير ما لا لُبَّ له.

البَالة : أصلها بالية كعافية بمعنى المُبَالاة.

[خشرم] : لتركبُنَّ سَنَن مَنْ كان قبلكم ذِرَاعاً بذراع حتى لو سَلَكُوا خَشْرَم دَبْرٍ لسلكتُموه.

قيل : هو بيت النخل ذو التَّخَاريب ، ويقال لجماعة النحل : خَشْرَم.

والدَّبْر : النَّحْل ، ويمكن أن يجعل اشتقاقه من التَّدبير ؛ لما في عمله من النِّيقَة.

__________________

(١) البيت من الوافر ، وهو للقطامي في ديوانه ص ٤١ ، والأشباه والنظائر ٤ / ١٩٨ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٢٩ ، ولسان العرب ٥ / ٣٨٦ (غرز) ، ١٥ / ٢٨٧ (معى). ويُروى «كأن نسوع» بدل «كأن قتود».

(٢) السلق : القاع المطمئن المستوي لا شجر فيه.

٣٢٢

أَخَاشَب في (عب). المَخْشُوش في (مد). خشمه في (سل). واخشَوْشِنُوا في (فر). من أَخْشَن في (نش). خُشْناً في (نب). خُشَاش المرأة في (سح). خَاشى بهم في (دف). خُشْعَة في (حش). خَشّ في (فق). من خشاشة في (جم).

الخاء مع الصاد

[خصف] (*) : النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ـ كان يُصَلِّي فأقبل رجلٌ في بَصَره سُوءٌ ، فمرَّ ببئر عليها خَصَفة ؛ فوقع فيها ؛ فضحك بَعْضُ مَنْ كان خَلْفَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فأمرهم بإعَادة الوضوء والصلاة.

الخَصَفة : واحدة الخَصَف ، وهي جِلال نَجْرَانية يُكْنَزُ فيها التمر ، وكأنه فَعَل بمعنى مَفْعول ، من الْخَصْف ؛ وهو ضمُّ الشيء إلى الشيء ، لأنه شيء مَرْمول (١) من خُوص ، ومنه خَصْف النعل ، وشُبِّه به ضربٌ من الثياب الغِلاظ جداً ، فقيل له : خَصَف.

ومنه الحديث : إنَّ تُبَّعاً كَسَا البيتَ المُسُوح ، فانتفض البيتُ منه ، ومَزَّقَه عن نفسه ثم كساه الخَصَف فلم يَقْبَلْه ، ثم كَسَاه الأَنْطَاع [فقبلها].

[خصر] (*) : جاء صلى الله عليه وآله وسلم إلى البَقِيع ومعه مِخْصَرَة له ، فجلس ونَكَت بها في الأَرْض ، ثم رفع رأسَه وقال : ما من مَنْفُوسَةٍ إلا وقد كُتِب مكانها في الجنة والنار.

المُخْصرة : قضيبٌ يشيرُ به الخطيب والملك إذا خَاطَب. قال :

يكادُ يُزيل الأَرضَ وَقْعُ خِطَابهِمْ

إذا وَصَلُوا أيمانهمْ بالمَخَاصِرِ (٢)

ويقال : اخْتَصَرتَها وتَخَصَّرت بها : إذا أَمْسَكتها بيدك. قال أبو الفتح الهَمداني النحوي : هي من الخنصر ، لأنها إما أن تكون بعلاقة فيعتلقها صَاحِبها بخِنْصَره ، وإما ألَّا تكون بعلاقة فيجعلها بين خِنْصره وبِنْصَره. ووزن خِنْصر فنْعل من الاختصار لصِغَرها.

__________________

(*) [خصف] : ومنه الحديث : كان له خَصَفَةٌ يحجرها ويصلي عليها. ومنه الحديث في ذكر علي : خاصف النعل. النهاية ٢ / ٣٨.

(١) المرمول : المرقق ، ورمل النسج : رققه.

(*) [خصر] : ومنه حديث علي وذكر عمر فقال : واختصر عنزته. ومنه حديث أبي سعيد ، وذكر صلاة العيد : فخرج مخاصراً مروان. ومنه الحديث : فأصابني خاصرة. النهاية ٢ / ٣٦ ، ٣٧.

(٢) البيت لحسان بن ثابت في أساس البلاغة (خصر) ، وروايته للصدر :

صبون فصل القول ف کل خطبة

٣٢٣

النَّكْت في الأرض. أن يَضْرِبها ويخطّ فيها ، وهذه من صفة المفكّر المهموم ، كما قال ذو الرمة :

عَشِيَّةَ ما لِي حيلةٌ غيرَ أنَّني

بلَقْطِ الحَصَى والخطِّ في الدَّارِ مُولَعُ (١)

المَنْفُوسة : المولودة ، نُفِسَت المرأة [نفاساً] : إذا ولدت فهي نَافِس ، والولد منفوس.

قال :

*كما سقط المَنْفُوس بين القَوَابِل (٢) *

[خصر] : نهى صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ يُصَلِّي الرجلُ مُخْتَصِراً ـ وروي : مُتَخَصِّراً.

هما بمعنى الواضع يدَه على خاصِرَته.

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : الاختصار في الصلاة راحةُ أهلِ النار.

قيل معناه أنّ هذا فِعْلُ اليهودِ في صلاتهم وهم أهلُ النار ، لا أنّ لأَهل جهنم راحةً ، لقوله تعالى : (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) [الزخرف : ٧٥].

وقيل : هو أن يَأْخذ بيده مِخْصرة يتَّكِىء عليها. وقيل الاختصار : أن يقرأ آية أو آيتين من آخرِ السورَةِ ولا يقرأها بكمالها في فَرْضِه.

ومنه : إنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن اخْتِصار السجدة.

وهو أن يقرأ آيةَ السَّجدة ، فإذا انْتَهى إلى موضعها تخطَّاه.

وأما الحديث ـ المُخْتَصِرُون يوم القيامة على وجُوههم النور.

فهم الذين يتَهجَّدون ، فإذا تَعِبوا وضَعُوا أَيديهم على خواصِرهم ، وقيل : هم المتكِئُون على أَعمالهم يوم القيامة.

[خصم] : قالت له أمُّ سَلَمة رضي الله تعالى عنها : يا رسولَ الله ؛ أراك كَساهِم الوَجْه ؛ أمِنْ عِلَّة؟ قال : ولكنه السبعة الدَّنانير التي أُتِينا بها أَمسِ نسيتُها في خُصْمِ الفِراش فبتّ ولم أَقسمها.

هو الجانب ، وجمعه خُصُوم وأَخْصَام.

ومنه قول سَهْل بن حُنَيْف رحمه الله يوم صِفّين لما حُكِّم الحَكَمان : إن هذا الأَمْرَ لا يُسَدُّ منه والله خُصْمٌ إلا انفتح علينا خُصْم آخر.

والمخاصمة : من الخُصْم ، كما أن المشاقَّة من الشقِّ ، لأن المتجاذَبين كلاهما مُنْحاز إلى جانب.

__________________

(١) البيت في ديوان ذي الرمة ص ٣٤٢.

(٢) البيت في أساس البلاغة (نفس).

٣٢٤

روي : الدنانير السَّبْعة ، وهي الرواية الصحيحة ، لأن إضافة ما فيه لام التعريف في غير أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة لا وَجْه لها.

[خصص] (*) : بادِرُوا بالأَعمال سِتّاً : طلوعَ الشمس من مغربها ، والدّجال ، والدّخان ، ودابَّة الأرض ، وخُوَيْصّةَ أحدكم ، وأمر العامّة.

الخوَيْصّة : تصغير الخصّة بسكون الياء ، لأن ياء التصغير لا تكون إلا ساكنة ، ومثله أُصَيْمّ ومُذَيقّ ، في تصغير أصمّ ومُذقّ ، والذي جوَّز فيها وفي نظائرها التقاء الساكنين ، أن الأول حرفُ لين ، والثاني مُدّغم ، والمراد حادثة المَوت التي تَخُصّ المرء ، وصُغِّرت لاستصغارها في جَنْب سائر الحوادث العِظَام من البَعْثِ والحساب وغير ذلك.

العامَّة : القيامة لأنها تعُمّ الخلائق. ومعنى مُبَادرة الستّ بالأَعمال الانكماش في الأعمال الصالحة قبل وقوعها ، وتأنيث الست ، لأنَّها خُطَط ودَوَاهٍ.

[خصل] : ابن عمر رَضِي الله عنهما ـ كان يَرْمِي فإذا أصاب خَصْلة قال : أَنَا بِهَا ، أَنَا بِهَا.

الخَصْلة : المرَّة من الخَصْل ، وهو الغَلَبة في النضال ، يقال : خَصَلْتُهم خَصْلاً وخِصَالاً كأنه على خَاصَلْتُهم ، فَخَصَلتهم ، [كناضَلْتُهم] فنضلتهم. والتخاصل : الترَاهن في النضال ، وأصلُ الخَصْل : القطع. ومنه : سيفٌ مِخْصَل ، لأن المُتَراهِنين يتقاطعون أَمْرهم على شيء معلوم.

أَنا بها : أي أنا جئت بها وخصلْتُها (١) فحذف.

ومثله قول عمر رضي الله عنه ـ وقد أتي بامرأة قد فجرت : مَنْ بك؟

أي من فَعَل بِك؟.

يخصف الوَرق في (فض). متخَصّراً في (قر). إذا تخصّروا في (زخ). خصبة في (زو). مُخَصَّرة في (عق). الخَصيلة في (صد). الخُصفتين في (خر). ولا يَخْصِف في (نش).

__________________

(*) [خصص] : ومنه حديث أم سليم : وخويَّصتك أنس. ومنه الحديث : أن أعرابياً أتى باب النبي صلى الله عليه وسلم فألقم عينه خصاصة الباب. النهاية ٢ / ٣٧.

(١) المخصل من السيوف : القطاع.

٣٢٥

الخاء مع الضاد

[خضرم] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ خطب الناسَ يوم النَّحْر ، وهو على ناقةٍ مُخَضرَمة.

الخَضْرَمَة : أن يُجْعل الشيء بَيْنَ بَيْنَ ، فالناقة المُخَضْرَمة : هي التي قُطِع شيءٌ يسيرٌ من طرَف أُذُنِها ؛ لأنها حينئذ بين الوَافِرة الأُذُن والنَّاقِصتِها ، وقولهم للخَفْضِ (١) : خَضْرَمة تشبيهٌ بذلك ؛ لأن ما يحذف يسيرٌ ، وقيل : هي المَنْتُوجة بين النَّجائب والعُكاظِيَّات ، ويقال للَّحْم الذي لا يُدرَى أَمِن ذَكرٍ هو أَمْ من أُنثى مُخضْرَم ، ومنه المُخَضْرَم من الشعراء : الذي أدَرْكَ الجاهليَّة والإِسْلَام.

[خضر] (*) : نهى صلى الله عليه وسلم عن المُخَاضرة.

وهي بَيْعُ الثِّمار خُضْراً لمَّا يَبْدُ صَلَاحُها.

قال أبو سفيان رضي الله عنه يومَ فتح مَكة : يا رسول الله ؛ قد أُبِيحَت خَضْراء قُريش ، لا قُرَيْش بعد اليوم.

هي جماعتهم وكَثْرَتُهم ؛ سُمِّيت بذلك من الخُضْرَة التي بمعنى السَّواد ، كما قيل لها سَوَاد ودَهْماء ، ومثلها تسميتُهم اللَّبَن المخلوطَ بالماء خَضَاراً ، كما سموه سَمَاراً ؛ شبَّهُوها في تكاثُفِها وتَرادُفِها بالليل المظلم ، وقد صرَّحوا بذلك فقالوا : أَقْبَلوا كاللَّيل المظلم. وقال :

*ونحنُ كاللّيل جاشَ في قتمه *

ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم في فتح مكة : إنه أمر العبَّاس أن يَحْبِس أبا سفيان بمَضِيقِ الوَادِي حيث تمرُّ به الكتائب ، فحبَسه حتى مرَّ المسلمون ، ومرَّ رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في كتيبته الخَضْرَاء.

هي التي غلبها سَوَاد الحديد كما قيل الجَأْوَاء.

ومنه حديث زَيْد بن ثابت رضي الله عنه : إن الحارث بن حَكِيم تزوَّج امرأةً أَعْرابية ، فدَخل عليها ، فإذا هي خَضْرَاء ؛ فكرهها ولم يَكْشِفها ، فطلَّقها ، فأرسل مروانُ في ذلك إلى زَيد فجعل لها صَدَاقاً كامِلاً.

الصِّدَاقَ بالكسر أفصح عند أصحابنا البَصْريين.

__________________

(*) [خضرم] : ومنه الحديث : إن قوماً بيتوا ليلاً وسيقت نعمهم فادَّعوا أنهم مسلمون ، وأنهم خضرموا خضرمة الإسلام. النهاية ٢ / ٤٣.

(١) الخفض للجارية : كالختان للغلام.

(*) [خضر] : ومنه الحديث : إن الدنيا حلوة خضرة. ومنه حديث القبر : يُملأ عليه خَضِراً. النهاية ٢ / ٤١.

٣٢٦

[خضب] : قال صلى الله عليه وآله وسلم في مَرَضه الذي مات فيه : أجْلِسُوني في المِخْضَب فاغْسِلوني.

هو المِرْكن ، سُمِّي بذلك ؛ لأنه يُجْعل فيه ما يُخْضَبُ به.

[خضر] : إياكم وخَضْرَاء الدِّمن. قيل : وما ذاك يا رسولَ الله؟ قال : المرأةُ الحسناء في مَنْبت السُّوء.

ضربَ الشَّجَرةَ التي تنبتُ في مَلْقى الزِّبْل فتجيء مُخْضَرَّة ناضِرة ، ولكنَّ منبتها خَبيث قَذِر ، مثلاً للمرأةِ الجميلة الوجه اللَّئيمة المَنْصِب.

[خضل] (*) : قال صلى الله عليه وآله وسلم لأمّ سليم : خَضِّلي قَنَازِعَك.

الخَضِل : النَّدِيّ ، وخَضِلَ واخْضَلَ : إذا نَدِي ، والتخضيل : التّندية.

القَنازع : شَعْرٌ متفرقٌ في الرأس في مواضع شتَّى بعد الحَلْق أو النّتْف ، الواحدةُ قُنْزُعة ، يقال : لم يبق من شَعْرِه إِلا قُنْزعة ، ونونها زائدة من الرأس المُقزّع.

أمرَها بإزالةِ الشّعث وتطاير الشَّعر والتندية بالماء أو الدُّهن.

[خضع] (*) : عمر رضي الله عنه ـ مرَّ رجل برجل وامرأة قد خَضَعا بينهما حديثاً ، فضرب الرجلَ حتى شَجَّهُ ، فرُفع إلى عمر رضي الله عنه فأَهْدره.

خضعَ يكون متعدياً ولازماً. قال جرير :

أعدَّ اللهُ للشُّعَراءِ منِّي

صَوَاعِق يَخْضَعُون لها الرِّقَابا (١)

والمرادُ خَفْض الحديث وتَلْيينه.

[خضر] : كان يقولُ : اغْزُوا والغَزْوُ حُلْوٌ خضِر قبل أن يكون ثُمَاماً ، ثم رُماماً ، ثم يكون حُطَاماً.

وكان يقول : إذا انتاطت المَغَازي ، واشتدَّت العزائم ، ومُنعت الغنائم فخيرُ غَزْوِكم الرّباط.

الخَضِر : الأخضر ، والمراد الطريّ.

والثُّمام : شجرٌ ضعيف.

__________________

(*) [خضل] : ومنه حديث النجاشي : بكى حتى أخضل لحيته. وفي حديث قس : مخضوضلة أغصانها. النهاية ٢ / ٤٣.

(*) [خضع] : ومنه الحديث : أنه نهى أن يخضع الرجل لغير امرأته. وفي حديث استراق السمع : خضعاناً لقوله. النهاية ٢ / ٤٣.

(١) البيت في ديوان جرير ص ٧١.

٣٢٧

والرُّمَام : الهشيم من النَّبت.

وقيل : هو حين تَنْبت رءُوسه فتُرَمّ ، أي تُؤْكل.

وحُطَام كل شيء : كُسَارته.

والمعنى : عليكم بالغَزْو ، وهو لِعَدْلِ وُلاة الأمر في قسمةِ الفَيءِ ، ولمَا ينزل الله من النَّصر ويُيَسّر من الفَتْح ببركة الصالحين كالثمرة في وَقْتِ طراوتها وحَلَاوتها وخُلُوِّها من الآفات قبل أن يتدرَّج في الوهن إلى أَنْ يشبه حُطَام اليَبِيس ودُقَاقه.

انتاطت : بَعُدت ؛ افتعلت من نِيَاط المَفازة ؛ وهو بُعْدُها ؛ كأنها نيطت بأَخْرى.

المَغَازِي : مَوَاضعُ الغَزْو ومتوجهات الغُزَاة.

العزائم : عَزمات الأُمراء على الناس في الغَزْو إلى الأَقْطار البعيدة وأخذهم به.

الرِّباط : المُرَابطة ، وهي الإِقامة في الثَّغْر.

[خضع] : الزُّبير رضي الله عنه ـ عن عُرْوة ابنه : كان الزبير طويلاً أَزْرَق ، أَخْضع أَشْعر ، ربما أَخَذْتُ وأنا غلامٌ بشَعْر كَتِفَيْهِ حتى أقوم. يخطّ رجلاه إذا ركب الدابة ، نُفُجَ الحَقِيبة.

الأَخْضَع : الذي فيه جَنَأ.

الأَشْعر : الكثير الشعر.

النُّفُج : صفة كالسُّرُح والسُّجح (١) ، بمعنى المنتفج ، وهو الرّابي المرتفع.

والحَقيبة : كل ما يجعَلُه الراكب وراءَ رَحْلِه ، فاستُعِيرَت للعَجُز.

والمعنى : أنه لم يكنْ بأَزَلّ (٢).

[خضر] : أبو ذَرّ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : ما أَظلَّتِ الخَضْرَاء ولا أَقلَّت الغَبْراء أَصْدَق لَهْجَةً من أَبي ذَرّ.

هي السماء ، وتسمى الجَرْبَاء والرَّقِيع والرَّقْع.

وروي في اللهجة سكون الهاء وفتحها ، وأن الفتح أفصح. وقال أبو حاتم عن الأصْمَعي : اللهْجة الهاء ساكنة ، ولم يعرف اللهَجة ، وقيل : لهجة اللسان ما يَنْطِقِ به من الكلام ، وإنها من لَهج بالشيء ، ونظيرُها قول بعضهم في اللغة : إنها من لَغِيَ بالشيء إذا أُغْرِي به.

[خضم] (*) : أبو هُرَيْرَة رضي الله عنه ـ مرَّ بمروان هو يَبْنِي بُنْيَاناً له ، فقال : ابْنُوا شَدِيداً ، وأمِّلُوا بَعِيداً ، واخُضَمُوا فسنَقْضَم.

__________________

(١) السجح : اللين السهل ، والسرح : السريع.

(٢) الأزلّ : السريع ، والخفيف الوركين.

(*) [خضم] : ومنه حديث أبي ذر : تأكلون خضماً ونأكل قضماً. النهاية ٢ / ٤٤.

٣٢٨

الخَضْم : المضْغُ بأقصى الأضراس ، وهو من الكَثْرة ، ومنه الرجل الخِضَمّ الكثير العطيّة.

والقَضْم : بأدْنَى الأَسْنَان ، ومنه القَضِيم (١) ، وما ذُقْت قَضَاماً (٢).

والمعنى : استكثرُوا من الدنيا فإنَّا سنَقْنَع منها بالدُّون.

[خضض] : ابن عباس رضي الله عنهما ـ سُئل عن الخَضْخَضَة ، فقال : هو خيرٌ من الزِّنا ، ونِكَاحُ الأَمَةِ خيرٌ منه.

هي الاستمناء ، وهو اسْتِنزال المنيّ في غيرِ الفَرْج ، وأصلُ الخَضْخَضَة : التحريك ، يقال : خضخض الماءَ في الإِناء ، والسكِّين في بَطْنه.

[خضد] (*) : معاوية رضي الله عنه ـ رأى رجلاً يُجِيد الأَكلَ ، فقال : إنه لَمِخْضَد.

هو الشدِيدُ الأكل يقال : الفرس يَخْضِد خَضْداً. قال امرؤ القيس :

ويَخْضِدُ في الآرِيّ حتى كأَنما

به عُرَّةٌ أو طائِفٌ غَيْرُ مُعْقِبِ (٣)

وهو من الخَضْد ، وهو قَطْع الشيء الرّطب. وقيل لأعرابي كان مُعْجبً بالقِثّاء : ما يُعْجِبك منه؟ فقال : خَضْدُه.

ومنه حديث مَسْلَمة بن مُخَلَّد : إنه قال لعَمْرو بن العاص : إنَّ ابنَ عمِّك هذا لَمِخْضَد.

[خضل] : الحجاج ـ جاءته امرأةٌ برجلٍ فقالت : تزوّجني على أَنْ يعطيني خَضْلاً نبيلاً.

هو الدرّ الصَّافي ذو الماء ، الواحد خَضْلَة ، وهي مِنَ الخَضْل بمعنى النَّدى.

[خضر] : مجاهد رحمه الله ـ ليس في الخَضْراوَاتِ صَدَقة.

قيل هي الفَوَاكه مثل التفاح والكمثرى وغيرهما ، وقيل : البُقُول ، وإنما جاز جمع فَعْلاء هذه بالألف والتاءِ ، ولا يُقَال نساء حمراوات ، لاخْتِلاطِها بالأَسماء.

وفي الحديث : تجنّبوا من خَضْرَائكم ذَوَاتِ الريح.

أراد الثّوم والبَصَل والكرَّاث.

في الحديث : من خُضِّرَ له في شيء فلْيَلزمه.

__________________

(١) القضيم : الصحيفة البيضاء ، والفضة ، والجلد الأبيض.

(٢) القضام : نبت إذا جف ابيض ، وله وريقة صغيرة.

(*) [خضد] : ومنه حديث الدعاء : تقطع به دابرهم وتخضد به شوكتهم. ومنه حديث ظبيان : يرشحون خضيدها. النهاية ٢ / ٣٩.

(٣) البيت في ديوان امرىء القيس ص ٤٩.

٣٢٩

أي من بُورِك له في صناعةٍ أو حِرْفة أو تجارةٍ فَلْيُقْبِل عليها ؛ وتحقيقُه : جعلت له الحال فيها خضْرَاء.

مخضبة خضِرة ، وآكلة الخضر في (زه). أخضلوا في (لع). أَخضر الشَّمَط في(مغ).

يَخْضَلّ في (طي). خضمة في (زو). لم تخْضَد في (حد). فيه خضرات في (بد). خَضْرمنا النعم في (دج). خضرتها في (قر). خضراؤهم في (قو). وخضده في (رب).

الخاء مع الطاء

[خطم] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ وعدَ رجلاً أَنْ يَخْرُج إليه فأَبْطأ عليه ، فلما خرج قال له : شَغَلِني عنك خَطْمٌ.

قال ابنُ الأعرابي : هو الخَطْبُ الجليل ، فميمُه على هذا بدلٌ من الباء ، ونظيره قولهم : بنات مَخْرٍ في بنات بَخْر ، ورأيته من كَثَمٍ وكَثَبٍ ، وما زِلْتُ رَاتِماً على هذا ورَاتِباً ؛ ويحتمل أن يُرَاد بالخَطْم أمرٌ خَطَمه ؛ أي مَنعه من الخروج.

[خطف] (*) : نهى صلى الله عليه وسلم عن الخَطْفَة.

هي المرّة من الخَطْفِ ، سُمّي بها العُضْو الذي يَخْطِفُه السبُع ، أو يقطعُه الإِنسان من أعضاءِ البَهيمة الحيّة ، وهو ميْتة لا تحلّ ، وأصلُ هذا أنه حين قَدِم المدينةَ رأى الناسَ يَجُبّون أَسْنمة الإِبل وأَلْياتِ الغَنَم فيأْكلُونها.

[خطط] (*) : سأله صلى الله عليه وآله وسلم معاوية بن الحكم عن الخَطِّ. فقال : كان نبيٌّ من الأنبياء يخُطُّ ، فمن صادَفَ مثلَ خَطِّه عَلِم مِثْلَ عِلْمه.

قال ابن الأَعرابيّ : كان يأتي صاحبُ الحاجة إلى الحازِي فيعطيه حُلْوَاناً فيقولُ له : اقْعُد حتى أخطَّ لك ، وبين يديه غلامٌ معه مِيل ، ثم يأتي إلى أرْضٍ رخْوة فيخُطّ خطوطاً كثيرة بالعَجَلة لئلا يَلْحَقها العدد ، ثم يرجِع فيمحُو على مَهله خَطَّين خطَّين ، فإن بقي منها خطّان فهما علامةُ النجاح ، فيقول الحازي : ابْنَي عِيَان. أسْرِعَا البَيَان. وإن بقي خطٌّ واحد فهو علامة الخيْبَة ، والعرب تسميه الأسْحم.

__________________

(*) [خطم] : ومنه في حديث الزكاة : فخطم له أخرى دونها. وفي حديث الدجال : خبأت لكم خطم شاة. النهاية ٢ / ٥٠ ، ٥١.

(*) [خطف] : ومنه حديث الجن : يختطفون السمع. وفي حديث الرضاعة : لا تحرم الخطفة والخطفتان.

وفي حديث علي : نفقتك رياء وسمعة للخطاف. ومنه حديث القيامة : فيه خطاطيف ركلاليب. النهاية ٢ / ٤٩.

(*) [خطط] : ومنه في حديث قيلة : أيلام اين هذه أن يفصل الخطة. ومنه الحديث : أنه ورث النساء خطعهن دون الرجال. وفي حديث أم زرع : وأخذ خطيا. النهاية ٢ / ٤٨.

٣٣٠

[خطم] : تخرج الدَّابَّة ومعها عصَا مُوسى وخاتَم سليمان عليهما السلام ، فتُحَلِّي وَجْهَ المؤمن بالعصا ، وتَخْطِم أنْفَ الكافر بالخاتَم ، حتى إن أهل الإِخْوَان ليجتمعون فيقول هذا : يا مؤمنُ ، ويقول هذا : يا كافر.

أي تُؤثر على أنفه ، من خَطَمت البعير : إذا وسمتَه بالكيّ بخطٍّ من الأَنْفِ إلى أحدِ خَدَّيه ، وتسمى تلك السِّمَة : الخِطَام.

الإِخْوَان : الخِوَان ، ومثاله الإِسوار والسّوار. وقال :

ومَنْحَر مِئْنَاثٍ تَجُرُّ حُوارَها

ومَوْضِع إخْوَانٍ إلى جَنْبِ إخْوَانِ (١)

[خطط] : أبو ذرّ رضي الله عنه ـ نَرْعَى الخطَائِط ، ونَرِدُ المَطَائط ، وتأكلون خَضْماء ، ونأكل قَضْماً ، والموعدُ الله.

الخطيطة : الأرض التي لم تمطر بين ممطُورتين.

المطيطة : الماء المختلط بالطين الذي يتمطَّط ، أي يتمدّد بِخُثُورَته.

الخضم والقضم : قد مضى تفسيرهما آنفاً.

[خطأ] (*) : ابن عباس رضي الله عنهما ـ سُئِل عن رجلٍ جعل أمرَ امْرَأتِه بيدها ، فقالت : فأنتَ طالق ثلاثاً. فقال ابنُ عباس : خَطَّأَ الله نَوْءَها! أَلَا طلقت نفسها ثلاثاً.

أي جعله مُخْطِئاً لها لا يصيبُها مَطَرُه ، ويقال لرجل إذا طلب حاجتَه فلم يَنْجح : أَخطأ نوؤك ـ وروي : خطّي ؛ وهو يحتمل أن يكون من الخطيطة ، وهي الأرض غيرُ المُمْطَرة وأصله خطَّط ، فقُلبت الطاء الثالثة حرف لين ، كقولهم : تَقَضِّي البازي والتَّظَنِّي ولا أملاه.

وروي بهذا المعنى خطّ بغير ألف ، وما أظنّه صحيحاً ، وأن يكون من خَطَّى الله عنك السوء ؛ أي جعله يتخطَّاها ولا يُمطرها.

[خطف] : أَنَس رضي الله تعالى عنه ـ كان عند أم سليم شَعِير فجشَّته ، فجعلت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خَطِيفة وأَرْسَلَتْني أَدْعوه.

[هي] لبن يُطبخ بدَقيق ويُخْتطف بالملاعق.

[خطر] (*) : ابن مُقَرِّن رضي الله عنه ـ قام خطيباً في غزوة نَهاوَنْد ، فقال : أيها الناسُ ، إن هذه الأعاجم قد أَخْطَروا لكم وأَخطرتُم لهم إخطاراً ؛ أخطروا رِثَّةً وأخطرتُم الإِسلام ؛

__________________

(١) البيت في لسان العرب (خون).

(*) [خطأ] : ومنه حديث الدجال : إنه تلده أمه فيحملن النساء بالخطائين. النهاية ٢ / ٤٤.

(*) [خطر] : ومنه في حديث الاستسقاء : والله ما يخطر لنا جمل. ومنه حديث مرحب : فخرج يخطر بسيفه. ومنه الحديث : ألا هل مشمِّرٌ للجنة؟ فإن الجنة لا خطر لها. النهاية ٢ / ٤٦.

٣٣١

فنافِحوا عن دِينكم ؛ ألا وإنكم بابٌ بين المسلمين والمشركين إن كُسر ذلك البابُ دُخل عليهم منه. ألَا وإني هَازٌّ لكم الرَّايةَ ، فإذا هَزَزْتها فلْيَثب الرِّجال إلى أَكِمَّةِ خُيولها فيُقَرِّطُوها أَعِنَّتها ؛ ألا وإني هازٌّ لكم الراية الثانية فلْتَثب الرجالُ فتشد هَمَايِينَها على أحقائها ، ثم ذُكِر أن النعمان طعن برايته رجلاً ثم رفع رايته مختضبَة دَماً ، كأنها جناح عُقَاب كاسر ؛ وجُمِعت الرِّثَاث كأنها الإِكام ـ بعد قَتْل النعمان ـ إلى السائب.

يقال : أخْطَر لي فُلانُ وأخطرت له ، إذا تَرَاهَنا. والخَطَر : ما وضَعَاه على يدي عَدْل ، فمن فاز أخذه ، وهو من الخَطر بمعنى الغَرَر ؛ لأن ذلك المال على شَفَا أن يُفَازَ به ويُؤْخذ.

الرِّثّة واحدة الرِّثَاث : الأَمتعة الرَّدِية ، أراد الغنائم ؛ فصغّر شأنها كما قالت أخت عمرو بن معديكرب :

ولا تأخذوا منهم إفَالاً وأَبْكراً

[وأُتْرك في بيت بصَعْدَة مُظْلِم]

أراد أنهم لم يُعَرِّضوا للاستهلاك إلا متاعاً يَهُونُ قَدْرُه ؛ وأنتم عَرّضْتُم له ما هو أفخم الأشياء شأناً وأعظمها قَدْراً ، وهو دِينُ الإِسلام ؛ فضرب لذلك فِعْلَ المتخاطرَين مثلاً.

المُنَافحة : المدافعة ، من نفحه بالسّيف ، وقَوْس نَفُوح : بعيدة الدَّفع للسهم ، ونَفْح الرائحة : انتشارُها واندفاعها.

الأَكِمَّة : جمع كِمام وهو المِخلاة التي تعلّق بأعلى رأس الدابة ، وكِمام البعير : هو ما تكمُّ به فُوه لئلا يعضّ.

التقريط : أن يجعلوا الأعِنّة وراء آذانِها عند طرح اللّجم في رءوسها ، أُخِذ من تقريط المرأة.

والمعنى : الأمرُ بنزع المخالي وإِلجام الخيل.

الثانية : صفة للمصدر المحذوف ، تقديره الهزَّة الثانية.

الهِمْيَان : الذي يُجعل فيه الدَّرَاهم ويشدّ على الْحِقْو ، فِعْلَان من هَمى ، لأنه إذا أُفرِغ همى بما فيه ، وسميت به المِنطقة ؛ لأنها تُشَدّ مشدَّه ، والمراد هاهنا المَناطِق.

الكاسر : التي تَكْسِرُ جَنَاحَيْها إذا انحطَّت.

[خطم] : عائشة رضي الله عنها ـ وصَّى أبو بكر رضي الله عنه أن يُكَفَّنَ في ثوبين كانَا علَيْهِ ، وأن يُجعلَ معهما ثوبٌ آخر ؛ فأرادت عائشة أن تبتاعَ له أثواباً جُدُداً ، فقال عُمَر : لا يكفَّن إلا فيما أَوْصَى به. فقالت عائشة : يا عمر ؛ واللهِ ما وُضعت الخُطُم على آنُفِنا. فبكى عُمَر وقال : كفِّني أباك فيما شئت.

كُنِي عن الولاية والملك بوَضْع الخُطم ؛ لأن البعير إذا مُلِكَ وُضع عليه الخطام.

والمعنى : ما ملَكْتَ علينا أمورَنا فتنهانا أن نصنع ما نريدُ فيها.

٣٣٢

وما يخطر في (سن). خطيطه في (ضف). فتَخْطِمه في (هض). وخطيفة في (خر).

كالخطائط في (سل). المخاطب في (رس). خَطر في (أر). عن خَطْمه في (حت). خَطّارة في (جن). واسوق خَطْوِي في (ذق).

الخاء مع الفاء

[خفق] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ أيُّما سَرِيَّةٍ غَزَتْ فأَخْفَقَت كان لها أَجْرُها مرَّتين.

أي لم تغنَم ، وحقيقتُه صادفت الغنيمة خافِقَةً غيرَ ثابتة مستقرَّة ؛ فهو من باب أَجْنَبته وأَنحلته وأَقْحمته.

[خفض] (*) : قال صلى الله عليه وآله وسلم : يا أم عطية ؛ إذا خَفَضْت فأَشِمّي ، ولا تَنْهَكي ؛ فإنه أَسْرَى للوجه وأَحْظَى عِنْد الزَّوْج.

الخَفْض : خَتْن المرأةِ خاصّة ، شَبَّه القطع اليسير بإشمام الرَّائحة.

والنَّهْك : المبالغة فيه.

أَسْرى : من سَرَوْتُ عنه الثوب : إذا كشفتَه ، أي أَجْلَى للوَجْهِ ، وأَصفى للونه ؛ والضمير في فإنه للإِشْمَام.

[خفر] (*) : أبو بكر رضي الله تعالى عنه ـ ذكَر المسلمين فقال : فمن ظَلَم منهم أحداً فقد أَخْفَر الله ، ومن وَلِي من أَمْرِ الناس شيئاً فلم يُعْطِهم كتاب الله فعليه بَهُلَة الله ، ومن صلّى الصبح فهو في خُفْرَة الله.

خفرتُ الرجل أَجَرْتُه ، وحفِظْتُ عَهْدَه وأخفرته : نَقَضْتُ عهده ، الهمزة فيه مثلها في أشكَيْتُه ، كأن المعنى : أزلت خُفْرته.

كتاب الله ، أي مَرَاسِمه في العدل والإِنصاف.

البَهْلة ـ بالفتح والضم : اللعنة.

__________________

(*) [خفق] : ومنه الحديث : كانوا ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم. النهاية ٢ / ٥٦.

(*) [خفض] : ومنه حديث الدجال : فرفع فيه وخفض. وفي حديث الإفك : ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خفضهم. النهاة ٢ / ٥٣ ، ٥٤.

(*) [خفر] : ومنه الحديث : من صلى الغداة فإنه في ذمة الله فلا تخفرن الله في ذمته. والحديث : من صلى الصبح فهو في خفرة الله. والحديث : الدموع خفر العيون. وفي حديث لقمان بن عاد : حيي خفرّ. النهاية ٢ / ٥٢ ، ٥٣.

٣٣٣

[خفا] (*) : أبو ذَرّ رضي الله عنه ـ قَدِم مكة عند إسلامه ، فذكَر أَنه كان يمشي نَهاره ، فإذا كان الليلُ سَقَطْتُ كأني خِفَاء.

هو الكِساء الذي يُلْبَس وَطْبَ اللبن ، من خَفِيَ ، قال ذو الرمة :

*عليه زَادٌ وأَهْدَام وأَخْفِية (١) *

كان هي التّامة المُسْتَغْنية عن الخَبر.

[خفت] : أبو هريرة رضي الله عنه ـ مثل المؤمن الضعيف كمثل خَافِت الزَّرع ، يميل مرة ويعتدلُ أُخرى ـ وروي : خافتة الزرع ، وخافَةِ الزرع.

الخافت والخافتة : ما لَانَ وضَعُف ، ولحوق التاء على تأويل السّنبلة ، وأما الخافة فهي فَعَلَة من باب خَوْف ، وهي وِعاءُ الحبّ ؛ سُمِّيت بذلك لأنها وقايةٌ له. ويقال للعَيْبة والخريطة التي يُشْتَار فيها العسل : خَافَة مِنْ هذا ، والخوف هو الاتّقاء.

والمعنى إنه مَمْنُوٌّ بأحداث الزمان مُرَزّأٌ لا يستقيم في أَمر دنياه استقامةَ غيره.

[خفق] : ابن أَسِيد رضي الله عنه ـ ذكر الدّجال فقال : يخرجُ في قلَّةٍ من الناس ، وخَفْقَة من الدّين ، وإدبار من العلم.

هي من خفق إذا اضطرب ، أو خفق الليل : إذا ذهب أكثره ، أو خَفَق النجم إذا انحطّ في المغرب ، أو من خفق خَفْقة ، إذا نعس نَعْسة ، والمعنى فَتْرَةُ أمره.

عبيدة السَّلمانيّ رحمه الله تعالى ـ سُئل عن مُوجب الجَنَابةِ ، فقال : الخَفْق والخِلَاط ـ وروي : الدّفْق.

هو الإِيلاج ، وأصله الضَّرب ، يقال : خَفَقَه بالدِّرة.

والخِلاط : مُخَالطة الرجل المرأة.

[خفف] (*) : مجاهد رحمه الله ـ سأله حبيب بن أَبي ثابت ، فقال : إني أَخافُ أن يُؤَثِّر السجودُ في جَبْهَتي. فقال : إذا سجدتَ فتَخافَ.

__________________

(*) [خفا] : ومنه الحديث : إن الحزاءة تشتريها أكايس النساء للخافية والإقلات. ومنه الحديث : خير الذكر الخفيُّ. النهاية ٢ / ٥٦ ، ٥٧.

(١) عجزه :

قد كان يستلها عن ظهره الحقب

والبيت في ديوان ذي الرمة ص ٣١.

(*) [خفف] : ومنه الحديث : إن بين أيدينا عقبة كؤوداً لا يجوزها إلا المخفُّ. ومنه الحديث : نجا المخفون. وفي حديث خطبته في مرضه : أيها الناس إنه قد دنا مني خفوف من بين أظهركم. ومنه حديث ابن عمر : قد كان مني خفوفٌ. وفي حديث عطاء : خففوا على الأرض. النهاية ٢ / ٥٤ ، ٥٥.

٣٣٤

أي ضَعْ جبهتكَ على الأَرْض وضْعاً خَفِيفاً من غير اعتمادٍ.

ومنه حديث عطاء : خِفّوا على الأرض ـ وروي : فتَجافَّ.

تَخْتَفُوا في (حف). أَخَفْواً في (قع). خَفَر في (بج). خافجة في (لب).

الخاء مع القاف

[خقق] (*) : عبد الملك ـ كتب إلى الحجاج : أما بعد فلا تَدَع خَقًّا من الأَرض ، ولا لَقًّا إلا زَرَعته.

الخَقُ : الخَدّ في الأرض ، يقال : خقّ فيها وخدَّ.

واللَّق : الصّدع ـ وروي عن يوسف بن عمر أنه قال : إنّ عاملاً من عمّالي كتب إليّ يذكر أنه زرع كل حُقّ ولُقِّ. بالحاء والضم ، وفسر الحُقّ بالأرض المطمئنة ، واللُّقُ بالمرتفعة.

أَخاقيق في (وق).

الخاء مع اللام

[خلف] (*) : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ إن الله تعالى جعل حسناتِ ابن آدم بعَشْرِ أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وقال جل ثناؤه : إلّا الصوم ؛ فإن الصوم لي ، وأنا أَجْزِي به ، ولَخُلُوف فَمِ الصائم أَطْيبُ عند الله من رِيح المسك.

خَلَف فوه خُلُوفة وخُلُوفاً ، وأَخلف إخلافاً : إذا تغيّر. قال ابن الأحمر :

بانَ الشبابُ وأَخْلَف العَمْرُ

وتنكّر الإِخوانُ والدَّهْر (١)

أراد بالعَمْرِ : اللحم الذي بين الأَسنان ، قال المبرِّد في فَسْره : خَلف : حدثَتْ له رائحة بعدُ ما عُهِدَتْ منه ، ولا يقال : خُلوف لمن لم يزَلْ ذلك منه. ومنه اللحم الخَالِف ، وهو الذي تجِد منه رُوَيحةً.

__________________

(*) [خقق] : ومنه الحديث : فوقصت به ناقته في أخاقيق جرذان فمات. النهاية ٢ / ٥٧.

(*) [خلف] : ومنه الحديث : يحمل هذا العلم من كل خَلَفٍ عُدُولُه. ومنه الحديث : سيكون بعد ستين سنة (خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ). وفي حديث الدعاء : اللهم أعط كلَّ منفق خَلَفاً. وحديث أبي الدرداء في الدعاء للميت : أخْلُفْه في عقبه. ومنه الحديث : فدخل ابن الزبير خلافه. وفي حديث الدجال : قد خلفهم في ذرياتهم. ومنه حديث خزيمة السلمي : حتى آل السُّلامَى وأخلف الخزامى. والحديث : سوُّوا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم. النهاية ٢ / ٦٥ ، ٦٦ ، ٦٧.

(١) البيت في لسان العرب (عمر).

٣٣٥

ومنه حديث عليّ عليه السلام ـ حين سُئِل عن القُبْلَة للصائم ، فقال : وما أَربُك إلى خُلُوفِ فيها؟.

[خلج] (*) : ليَرِدَنّ عَليَّ الحوضَ أقوامٌ ثم لَيُخْتَلَجُنّ دُوني.

أي ليجتَذَبنّ ، ويقتطعُنّ عَنِّي.

صَلّى صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه صلاةً جَهَر فيها بالقراءة ، وقرأ قارىءٌ خلفه فجهر فلما سلّم قال : لقد ظننت أن بعضكم خَالَجَنِيها.

أي جاذبني القِرَاءة ونازَعنيها.

وفي حديث آخر : ما لي أُنَازع القرآن!.

[خلل] (*) : بعث صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً على الصَّدَقة ، فجاء بفَصِيل مَخْلول ، أو محلول ، فقال : هذا من صَدَقَة فلان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا باركَ الله له في إبِله ؛ فبلغ الرجلَ دعاؤه فجاء بناقةٍ كَوْماء ، فتلّها إليه ، فدعا له في إبله بالبركة.

المَخْلُول : الذي خُلّ لسانُه لئلا يَرْضع عند الفِطام فهُزِل.

والمحلول : الذي كأنما حُلَّ عن أوصاله اللحمُ وخُلِع لفَرْط هُزَاله.

تلّها : أناخها ، من تَلَلْتُ الرجل : إذا صرعتَه.

الكَوْمَاء : المرتفعة السنام ، من كوّمت الشيء : إذا ركمته.

[خلب] (*) : قال أبو رفاعة رضي الله عنه : أتيتُه صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخطب ، فقلت : إني رجل جاهل غريب لا يَعْلَم دينه ، فترك الناسَ ونزل ، فقعد على كرسيّ خُلْبٍ ، قَوَائِمُه من حَدِيد.

هو لِيف النّخل. قال :

ومُطَّرداً كرِشَاءِ الجَرُو

رِ مِنْ خُلُب النَّخْل لم يَنْأَدِ

__________________

(*) [خلج] : ومنه الحديث يختلجونه على باب الجنة. ومنه حديث عمار وأم سلمة : فاختلجها من جحرها. ومنه حديث علي في ذكر الحياة : ان الله تعالى جعل الموت خالجا لأشطائها. وفي حديث عائشة وسئك عن لحم الصيد للمحرم فقالت : ان تخنج في نفسك شيء فدعه. ومنه الحديث : ما اختلج عرق إلا ويكفر الله به. والحديث : أن فلانا ساق خليجا. النهاية ٢ / ٥٩ ، ٦٠ ، ٦١.

(*) [خلل] : ومنه الحديث : أني أبرأ إلى كل ذي خلة من خلته. والحديث : اللهم ساه الخلة. ومنه حديث بدر وقتل أمية بن خلف : فتخللوه بالسيوف من تحتي. والحديث : التخلل من السنة. وفي حديث الدجال : يخرج من خلة بين الشام والعراق. النهاية ٢ / ٧٢ ، ٧٣.

(*) [خلب] : ومنه الحديث بليف خلبة. ومنه حديث ابن عباس : كان أسرع من برق الخلب. والحديث : أذا بعت فقل لا خلابة. والحديث : أذا لم تغلب فاخلب. والحديث : أن كان خلبها. النهاية ٢ / ٥٨ ، ٥٩.

٣٣٦

وهو من الخَلْب بمعنى الانتزاع ، يُقال : خَلَب السبعُ الفريسة ، ومنه الخُلْب لأنه يُنتزع من النخل ، وسُمّي لِيفاً ، لأنه يُلاف منه أي يُؤخذ منه ، من لَافَ المالُ الكلأ يلوفه.

ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم : إنه كان له وسادة حَشْوُها خُلْب ـ وروي : سَلَب.

وهو قشور الشجر ـ وروي : فأُتي بكُرْسي من خُلْبٍ قوائمه حديد فقعد عليه.

قال حُميد بن هلال : أُراه خشباً أسود ، حسب أنه حديد.

[خلص] (*) : لا تقومُ الساعة حتى تضطرب أليَاتُ نساء دَوْس على ذي الْخَلَصَة.

هو بيت أصنام كان لدوْس وخَثْعم وبَجِيلة ومَنْ كان ببلادهم من العرب بتَبالة ؛ أو صنم لهم.

وقيل : كان عَمْرو بن لُحيّ بن قَمْعَة نصبه بأسفل مكة حين نصب الأصنام في مواضع شتى ، فكانوا يُلْبِسونه القلائدَ ، ويُعَلّقون عليه بَيْض النعام ، ويذبحون عنده ، وكأنّ مَعْناهم في تسميته بذلك أن عُبَّاده والطائفين به خَلَصة.

وقيل : هو الكعبة اليمانيَّة.

وفي قول مَنْ زعم أنه بيت كان فيه صنم يسمى الخَلَصة نظر ؛ لأن ذو لا يُضَاف إلا إلى أسماءِ الأجناس.

والمعنى أنهم يرتدُّون ويعودون إلى جاهليتهم في عبادة الأوثان فترمُل نساءُ بني دوْس طائفاتٍ حولَ ذي الخَلَصة ، فترتجُّ أكفالُهنّ.

ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم لجرير بن عبد الله : تهيَّأ حتى تسيرَ إلى بيت قومك خَثْعم وذي الخَلَصة ، فتدعوَهم إلى الإسلام وتكسر صَنَمهم. فقال : يا رسولَ الله إِني رَجُلُ قِلْع ، فقال : اللهم ثَبِّته واجعله هادِياً مهديًّا.

القِلْع : الذي لا يَثْبُت في السَّرْج.

ومنه الحديث : تكون رِدّةٌ قَبْل يوم القيامة ، حتى يرجعَ ناسٌ من العرب كفّاراً يعبدون الأصنام بذي الخَلَصة.

وفيه دليل على أنه بيت أصنام.

[خلى] (*) : عن معاوية بن حَيْدة القُشَيْري رضي الله عنه : قلت : يا رسول الله ؛ ما آيات

__________________

(*) [خلص] : ومنه حديث الاستسقاء : فليخص هو وولده ليتميز من الناس. وفي حديث الإسراء : فلما خلصت بمستوى. النهاية ٢ / ٦١.

(*) [خلي] : ومنه في حديث الرؤيا : أنيس كلكم يرى القمر مخليا به. ومنه حديث أم حبيبة : قاله له : لست لك بمخلية. ومنه حديث أنس : أنت خلو من مصيبتي. ومنه الحديث : أذا كنت أماماً أو خلوا. ومنه حديث ابن عمر : كان يختني لفرسه. ومنه الحديث : فاستخلاء البكاء. النهاية ٢ / ٧٤ ، ٧٥ ، ٧٦.

٣٣٧

الإِسلام؟ قال : أن تقولَ أسلمتُ وجهي إلى الله وتخلَّيتُ ، وتقيمَ الصلاة وتُؤتي الزكاة ، كلُّ مسلم عن مسلم مُحْرِم ، أَخَوان نصيران.

فقلتُ : يا نبي الله ؛ هذا ديننا؟ قال : هذا دينكم وأينما تحسِنْ يكفِك.

التخلّي : التفرّغ. يقال : تخلى من الدنيا وتخلَّى للعبادة ، وهو تَفَعُّل من الخُلُوّ ، والمراد التبرّؤ من الشرك ، وعَقْدُ القلب على شرائع الإِسلام.

كل مَنْ دخل في حرمة لا يسوغُ هَتْكُها فهو مُحْرِم. ؛ يعني أنّ حقَّ كل مسلم أن يكون آمناً أَذَى مسلم مِثْلِه متباعداً عن استطالتِه عليه ، ونكايتِه فيه ، لكونه داخلاً في حُرمة الإِسلام ومَأْمَنِه.

أخوان : خبر مبتدأ محذوف ، معناه : هما أخَوَان ؛ أي المسلمان حَتْمٌ عليهما التناصر والتعاون ؛ لا ينبغي لهما أن يتخاذلا.

ما في أينما زائدة ؛ ليست مثلها في حيثما وإذ ما ، ألا ترى أن أين جازمة للفعلين بدونها ، ولكنها أفادت تأكيداً وضَرْباً من الشّيَاع الزائد.

والمعنى : هذا دينكم وأنتم كما قلت في المحافظة على هذه الحدود وإقامةِ هذه الفرائض ، وعلى أن الأمرَ كذلك ؛ ففي أي مقامة من مقامات الخير أوقعت إحساناً وبِرّاً على سبيل التبرع أجدى عليك ونَفَعَك عند الله فلا تعجَز أن تفعل.

[خلف] : ثلاث آيات يَقْرُؤهن أحدكم في صلاته خيرٌ له من ثلاث خَلِفاتٍ سِمَان عِظام.

الخِلَفة : الناقة الحامل.

[خلج] : كانت له صلى الله عليه وآله وسلم خَشَبة يقوم عندها إذا خَطَب ، فقالوا : لو جعلنا لك شيئاً تقومُ عليه حتى تُسْمِعَ الناس؟ فحنَّت الخشبة حَنِينَ الناقة الخَلُوج ، فأتاها فضمّها إليه.

هي التي اخْتُلج عنها ولدها ، أي انتُزِع.

لو : بمعنى ليت ، وقد سبق مِثْلها مع الشرح.

[خلى] : قال صلى الله عليه وآله وسلم في مكة : لا يُخْتَلى خَلَاها ، ولا تَحِلُّ لُقَطَتها إلا لمُنْشِدٍ.

الخَلَى : الرَّطب من الخَلَى ، كما أن الفَصِيل من الفَصْل وهما القَطْع ؛ يقال : خَلَى الخَلَى يَخْليه واخْتَلاه : إذا جَزَّه ، وحقه أن يكتب بالياء ، ويثنّى خَلَيان.

اللُّقَطة ـ يفتح القاف ، والعامّةُ تسكنها : ما يُلْتَقط.

٣٣٨

المنْشِد : المعَرِّف.

[خلف] : أبو بكر رضي الله تعالى عنه ـ جاءه أعرابيٌّ فقال : أنت خليفة رسول الله؟

قال : لا ، قال : فما أنْتَ؟ قال : أنا الخالِفة بعده.

الخالف والخالِفة : الذي لا غَناءَ عنده ولا خَيْرَ فيه ، [وهو بَيِّن الخَلافة بالفتح]. يقال: هو خالِفةُ أهلِ بيته. وهو خالفةٌ من الخوالف ، وما أدري أيُ خالفةٍ هو؟ أراد تصغير شَأْن نفسِه وتوضيعها.

لما كان سؤاله عن الصفة دون الذات. قال : فما أنتَ؟ ولم يقل : فمن أنت؟

عُمَر رضي الله عنه ـ لو أُطِيقُ الأَذانَ مع الخِلِّيفى لأَذَّنتُ.

هذا النوع من المصادر يدل على معنى الكثرة.

قال سيبويه : يقول : كان بينهم رمِّيَّا ؛ فليس يريد قوله رَمى رَمْياً ، ولكنه يريد ما كان بينهم من الترَامِي وكثرة الرَّمْي ، وأما الدِّلِّيلَى فإنما يريد كثرة علمه بالدّلالة ورسوخه فيها ؛ فكأنه أراد بالخِلِّيفى كثرةَ جَهْده في ضبط أمور الخلافة ، وتصريف أعِنّتها.

[خلى] : رفع إليه رضي الله عنه رجلٌ قالَت له امرأتُه : شَبِّهني ، فقال : [كأنَّك ظبية] ، كأنَّك حمامَة. فقالت : لا أرضى حتى تقول : خَلِيَّةٌ طالق ، فقال ذلك ، فقال عمر رضي الله عنه : خُذْ بيدها فهي امرأتُك.

الخلية : الناقة التي تُخَلَّى عن عِقالها ، وطَلَقتْ من العِقَال تَطْلُق طلْقاً فهي طالق ، وقيل الخَليّة : الغزيرة يؤخذ وَلَدُها فيُعْطَف عليه غيرُها وتُخَلّى هي لِلْحَيّ يشربون لبنها. قال خالد بن جعفر الكلابي [يصف فرساً] :

وأوصى الحالبَيْن ليُؤْثرَاها

لهَا لَبَنُ الخلِيّة والصُّعُود (١)

والطالق : الناقة التي لا خِطَام عليها ، أرادت مخادَعتَه عن التطليق بإرادتها له على أن يقول : كأنك خليّةٌ طالق ، فتطلق ، وإنما ذهب هو إلى الناقة فلم يقع الطَّلاق.

[خلق] (*) : [قال عمر رضي الله عنه] : ليس الفقير الذي لا مال له ، إنما الفقير الأَخْلَقُ الكَسْبِ.

هو الأمْلس المُصْمَت الذي لا يُؤَثّر فيه شيء ؛ من قولهم : حَجَرٌ أَخْلَق ، وصخرة خَلْقاء.

__________________

(١) البيت في لسان العرب (خلا) و (صعد) ، ورواية صدر البيت في لسان العرب :

أموت بها الرعاء ليكرموها

(*) [خلق] : ومنه في حديث الخوارج : هم شر الخلق والخليقة. وفي حديث أبي طالب : (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ). وفي حديث فاطمة بنت قيس : وأمَّا معاوية فرجل أخلق من المال. النهاية ٢ / ٧٠ ، ٧١.

٣٣٩

ومعنى وَصْف الكسب بذلك أنه وافر منتظم ، لا يقع فيه وَكْس ولا يتحيَّفُه نُقْصَان. أراد أنّ عادة اللهِ في المؤمن أَنْ تُلمَّ به المرازىء فيما يملكه ، فيثابَ على صبره فيها ؛ فإذا لم يزَلْ مُعَافًى منها موفوراً كان فقيراً من الثواب ، وهو الفَقْر الأَعظم.

[خلى] : إن عاملاً له رضي الله عنه على الطائف كتب إليه : إن رجالاً من فَهْم كَلَّموني في خَلَايا لهم أسْلَموا عليها ، وسألوني أنْ أحميَها لهم.

فكتب إليه عمر : إنما هو ذُبَابُ غَيْث ، فإن أدَّوْا زَكاته فاحْمه عليهم.

الخلايا عَسَّالات النحل ، وهي أشباه الرَّوَاقيد (١) ، الواحدة خلِيّة ، كأنها المواضع التي تُخْلِي فيها أجْوافها.

ومنه الحديث في خلايا النحل ، أن فيها العشر.

هو : ضمير العَسَل. يعني أنه يعيش بالغيث ويرعى ما ينبته ، فشبّهه بالنعم السائم الذي فيه الزكاة.

[خلع] (*) : عثمان رضي الله عنه ـ كان إذا أُتِيَ بالرجل قد تَخَلَّع في الشراب المُسْكِر جَلَده ثمانين.

أي انهمك في مُعَاقرته ، وخلع رَسَنَه فيها ، وبلغ به الثَّمَل إلى أن استرخت مفاصِلُه استرخاءً يشبه التَّخَلُّع والتفكك ، كما قال الأخطل :

صَرِيعُ مُدَام يَرْفَعُ الشَّرْبُ رأسَه

ليحيا وقد مَاتَتْ عِظَامٌ ومَفْصِلُ

إِذا رفعوا عَظْماً تحامل صَدْرُه

وآخرُ مما نال منها مُخَبَّلُ

[خلف] : ابن عمرو بن نُفَيل ـ لما خالفَ دِين قومه قال له الخَطَّاب بن نُفَيل : إني لأحسَبك خالِفةَ بني عديّ ؛ هل ترى أحداً يصنع مِنْ قومك ما تصنع؟.

الخالفة : الكثير الخِلاف ، قال :

*يأيها الْخَالِفة اللَّجُوج *

ويجوز أن يريد الذي لا خيرَ عنده ، وقد مرَّ آنفاً.

[خلل] : ابن مسعود رضي الله عنه ـ عليكم بالعلم فإنّ أحدكم لا يَدْرِي متى يُخْتَلُ إليه.

__________________

(١) الراقود : دن كبير أو طويل الأسفل.

(*) [خلع] : ومنه الحديث : من خلع يداً من طاعة الله لقي الله تعالى لا حجة له. ومنه الحديث : وقد كانت.

(١) هذيل خلعوا خليعاً لهم في الجاهلية. وفي حديث ابن الصبغاء : فكان رجل منهم خليع. ومنه الحديث : المختلعات هن المنافقات. النهاية ٢ / ٦٤ ، ٦٥.

٣٤٠